مدرسة ال ّشمال الابتدائية للبنات ق ـ ـ ـصة مفتاح جـــدتـــــي الطالبة :عائشة بلال
قصة قصيرة واقعية يعيش مأساتها المهجرون إلى الشتات مقدمة الكاتبة الوطن هو القلب النابض والحب الدائم ال ُمترامي في كل أنحاء عروقي وأطرافي المستوطن في القلب والمستعمر من قبل الاحتلال الغاشم غادرتُك قهراً بلا وداع لم أدرك أن الغياب يطول مــــفاتحي فـــي جيــــبي أُقبـله كلما اشتد الحنين متأهبة لأفتح به فلسطين
عندما كنت طفلة صغيرة ،كانت جدتي تحكي لنا عن وط ٍن غائب ،سلبه الاحتلال ،ولم أكن أفهم ما هو الوطن ،اعتقدت أنه شي ٌء محسوس ضاع من جدتي ،فكانت تنتابُني حيرة كبيرة ،ماذا تعني هذه الكلمة لجدتي الحزينة ، فتجرأت يوماً فسألتها :ما هـــــو الوطـــن ؟ فقالت لي هي فلسطين ،هي المكان الذي تربينا وعشنا على أرضه وامتلكنا بيتاً وهذا مفتاحه ،لعلك إذا رأيته طننت أنه مفتاح قلعة أثرية لكبر حجمه ووجود الصدأ عليه فكانت جدتي تنظفه وتقلبه في كل مرة وتلفه في خرقة بيضاء معطرة وتقول لي :ســـنرجع يوماً إلى وطننا لنفتح بيتنا بعد سنين غياب .ونسقي أشجار الزيتون والرمان ..
كانت جدتي تحكي لنا عن ذكرياتها فيه ،وينابيع السعادة تتفجر في عيونها ومشاعرها ،فكنت أحس أنها أميرة المكان وعروسه ،حيث غادرته في السنة الثانية من زواجها حيث أنجبت فيه طفلاً جميلاً كالقمر ،عرفت لاحقاً أنه أبي ،فكانت تحكي لنا قصة حبها لهذا البيت الصغير ،وذاك الوطن الكبير بيتها الذي بنته مع جدي ،حيث شبابيكه الخشبية ،وبابه الحديدي ،الذي لا يقدر متربص على فتحه سوى متربص الغدر والاحتلال ،فتواصل جدتي الكلام وتقول :أنني أعيش لأرى ذلك اليوم وتلك اللحظة التي أرجع فيها إلى وطني . فـأنا أحلم أننا راجعون لوطننا المسلوب ،رافعين راية العز والعروبة بإذن الله ، ولكن متى يكون الحلم حقيقة
كانت جدتي متابعة لأخبار الوطن وانتفاضاته وانتصار الأبطال والشهداء وهي فخورة بإنجازاتهم متمنية لو أنها هناك لفعلت الكثير. إن الآهات والانتظار أعيت جدتي وطرحتها بالفراش سنين عديدة وهي تحمل مفتاح بيتها وتتمنى الرجوع إليه لكن الأجل سارعها ليخطف فرحة الحلم منها ولم تتحقق أمنيتها ولم يأت صلاح الدين بعد ليحرر الأقصى. ماتت جدتي وهي توصيني بالحفاظ على مفتاح بيتها ،لأعود أنا إليه فاتحة بابه الحديدي . وجدت نفسي في غربة بعد وفاة جدتي ،وأخذت أبكي عليها وعلى وطني ،فمنها تعلمت معنى الوطن وحبه ،فلا يسعني يا جدتي شوقي وحنيني إلي قصتك الجميلة . ولكن اطمئني يا جدتي فأنا مــــــــــــــا زال المفتاح معي
Search
Read the Text Version
- 1 - 7
Pages: