Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore Kids 2012

Kids 2012

Published by theSADvoice, 2015-09-07 04:43:10

Description: Kids 2012

Search

Read the Text Version

‫الكتـــــــــــــــــاب ‪�:‬سل�سلة « ن�صو�ص م�سرحية »‬‫الن�صو�ص الفائزة في م�سابقة ت�أليف الن�ص الم�سـرحي الموجه للطفل ‪، 2012 .‬التي تنظمها الهيئة العربية للم�سرح في ال�شارقة ‪:‬‬ ‫‪ -‬م�سرحية « براءة بحـــــار »‪ ،‬ت�أليف ‪� .‬ضاهر عيطة ‪� .‬سورية ‪/‬الفائزة بالجائزة ا ألولى‬ ‫‪ -‬م�سرحية « مدينة الأحلام »‪ ،‬ت�أليف ‪ .‬د‪� .‬أحمد نبيل أ�حمد ‪ .‬م�صر ‪/‬الفائزة بالجائزة الثانية‬ ‫‪ -‬م�سرحية « قناديــل البحر »‪ ،‬ت أ�ليف ‪ .‬خليل الن�صيرات ‪ .‬الأردن ‪/‬الفائزة بالجائزة الثالثة‬ ‫مقــــــــــــا�س ‪� 24x14 :‬ســـــم‬ ‫عدد ال�صفحات ‪� 128 :‬صفحـة‬ ‫عدد الن�ســــــخ ‪ 1000 :‬ن�سخــة‬ ‫حقوق الطبع والن�شر محفوظة لـ ‪ :‬الهيئة العربية للم�سرح‪/‬الأمانة العامة‪/‬ال�شارقة‪/‬دولة الإمارات العربية المتحدة‬ ‫�صـــندوق بريـــد ‪ 71222 :‬ال�شارقــــة‬ ‫هات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـف ‪+971 6 52 40 800 :‬‬ ‫بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـراق ‪+971 6 52 40 770 :‬‬ ‫البريد الالكتروني ‪[email protected] :‬‬ ‫الموقع الالكترونـ ـي ‪www.atitheatre.ae :‬‬ ‫الترقيم الدولـ ـ ـ ـي ‪ISBN 978-9948-16-995-6 :‬‬ ‫ ‬ ‫�سنـة الطبـــع ‪ 1434 :‬هـ ‪ 2013 /‬م‬ ‫�إذن طباعة المجل�س الوطني ل إلعلام ‪ -‬أ�بو ظبي ‪ -‬ا إلمارات العربية المتحدة‬ ‫رقـــــــــــــم ‪ :‬رق ‪ / 2012 / 0000 /‬بتاريخ ‪ 2012 / 10 / 19‬م‬ ‫رقم المطبـــوع ‪1 / 100122 / 00000 :‬‬ ‫الطبعة الأولـى ‪ 1434 :‬هـ ‪ 2013 /‬م ‪ /‬ال�شارقة ( إ�‪.‬ع‪.‬م‪) .‬‬ ‫الإخراج الفني ‪ :‬عا�صم النجار‬ ‫« الآراء الواردة في هذا الكتاب تعبر عن ر�أي كاتبها ولا تعبر بال�ضرورة عن ر أ�ي الهيئة العربية للم�سرح »‬ ‫‪2‬‬

‫م�سـرحية‬‫براءة بحار‬‫ت أ�ليــــف‬‫�ضـاهر عيطـة‬‫�سـوريا‬‫‪1‬‬ ‫الم�سـرحية الفائزة بالجـائزة ا ألولى‬ ‫‪3‬‬ ‫في م�سابقة ت�أليف الن�ص الم�سـرحي الموجه للطفل ‪2012 .‬‬ ‫التي تنظمها الهيئة العربية للم�سـرح ‪ -‬ال�شارقة‬

‫‪� -‬ضاهر �أحمد عيطة‪.‬‬‫‪ -‬إ�ج��ازة في الفن��ون الم�سرحية ‪ ،‬ق�سم الدرا�سات الم�سرحية‪ ،‬من المعه��د العالي للفنون الم�سرحية‬ ‫في دم�شق ‪ 1994‬ـ ‪.1995‬‬ ‫‪ُ -‬معيد في المعهد العالي للفنون الم�سرحية منذ عام ‪. 2003‬‬ ‫‪4‬‬

‫�شخ�صيات الم�سرحية‬‫‪ -‬رامـــــــــــــــــــا ‪:‬طفلة في التا�سعة من عمرها‪ ،‬حالمة‪ ،‬تتمتع بح�س‬ ‫فائق‪ ،‬وطموح كبير‪.‬‬‫‪ -‬ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬صديقها ‪ ،‬عمره قريب من عمرها‪ .‬حالم مثلها‬ ‫وطموح‪.‬‬ ‫‪ -‬والد ملهـــــــــوف‪.‬‬ ‫‪ -‬ابن ماجــــــــــــد ‪:‬بحار وعالم ‪ ،‬له عدة م ؤ�لفات‪.‬‬ ‫‪ -‬ظـــــــل الزمــــان ‪�:‬شخ�صية افترا�ضية ‪ ،‬تج�سد الزمن‪.‬‬ ‫‪ -‬عــــرو�س المـــــوج‪.‬‬ ‫‪ -‬الموجة ال�صغــــيرة‪.‬‬ ‫‪ -‬الموجة الكــــــبيرة‪.‬‬ ‫‪ -‬ال�سفينة الزرقـــاء‪.‬‬ ‫‪ -‬ال�سفينة البرتقالية‪.‬‬ ‫‪ -‬ال�سفينة الخ�ضـراء‪.‬‬ ‫‪ -‬ال�سفينة ال�صغــيرة‪.‬‬ ‫‪ -‬خ ـ ـ ـ ـازن الك ـ ـ ـ ـ ـتب‪.‬‬‫‪5‬‬

‫الم�شهد ا ألول‬ ‫الوقت‪ :‬نهاراً‪ .‬منطقة �شبه �صحراوية‪.‬‬‫( نلمح من بعيد مخلوقاً �شفافاً‪ ،‬ناعماً وجميل ًا‪ ،‬تمتزج على وجهه ملامح‬‫الطفولة والكهولة معاً‪ ،‬وتلت�صق ب أ�طرافه خيوط عديدة‪ ،‬لها �ألوان قزحية‪،‬‬‫إ�نه “ظل الزمان” وهو �سيبقى حا�ضراً في معظم الم�شاهد‪ ،‬دون أ�ن يتنبه‬‫�أحد إ�لى وجوده‪� ،‬إلا في م�شاهد معينة‪ .‬يتطلع “ظل الزمان” �إلى البعيد‪،‬‬ ‫فيرى الطفلة “راما” ت�سير وحيدة‪ ،‬يبدي ارتياحه مغنياً )‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬تراني راما ولا تراني‪..‬‬ ‫ تخافني وتهواني‬ ‫ تعرفني وتن�ساني‬ ‫ ا�سمي ظل الزمان‬ ‫ أ�حل في كل مكان‬ ‫ في كل زمان‬ ‫ أ�حر�س درب ا إلن�سان‬ ‫ �أينما حل ‪� ،‬أينما كان‬‫( تقترب “راما” �أكثر‪ ،‬مرتدية ثوباً ف�ضفا�ضاً مزرك�شاً بالورود‪� ،‬شبيهاً‬‫بثياب �سكان المناطق ال�صحراوية‪ .‬ت�سير و�سط عا�صفة هوائية‪ ،‬معلقة على‬‫كتفها حقيبة �صغيرة م�صنوعة من �أعواد الق�صب‪ ،‬تخبئ بها كتاباً �صغيراً ‪،‬‬‫وتجر خلفها وعاء زجاجياً �شفافاً مملوءاً بالمياه‪ ،‬تت�أرجح على �سطح مياهه‬‫عدة �سفن م�صنوعة من ورق ملون‪ .‬ت�ست أ�نف �سيرها‪ ،‬وقد راحت تغني بنبرة‬ ‫عذبة‪ ،‬و” ظل الزمان” يتتبع خطواتها‪ ،‬لكنها لا ت�ستدرك وجوده)‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أ�سير وحدي أ��سير‬ ‫ �أجر خلفي �سفني‬ ‫ وهذا البحر ال�صغير‬ ‫ ترق�ص فيه أ�مواج‬ ‫ لها �صوت الخرير‬ ‫ طريقي حر و رمل‬ ‫ طويل وع�سير‬ ‫‪6‬‬

‫ لكن كتابي يحيل دربي ب�ساط حرير‬‫( هنا يظهر”ملهوف” وقد راح يقفز فوق الح�صى والرمال‪ ،‬فيبادر‬ ‫م�ستوقفاً راما قاطعاً عليها أ�غنيتها)‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�لم تتعبي من جر وعاء الماء خلفك يا راما ؟!‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬مبدية احتجاجها) هذا لي�س وعاء ماء يا ملهوف‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬إ�ذ ًا ماذا؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬إنه بحر‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ (:‬ي�ضحك �ساخرا ويعلق ) هه‪ ..‬هه‪ ..‬بحر‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�جل بحر‪� ..‬ألم تر بحر ًا في حياتك؟‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ال‪ ،‬لم �أ َر‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬إ�ذ ًا كيف ت�سخر من بحري وت�سميه وعاء؟‪.‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬ألنه فعل ًا وعاء‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬وما أ�دراك طالما �أنك لم ت َر بحر ًا ؟‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬أبي حدثني مرار ًا عن البحار‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬ب�شغف ولهفة ) ماذا قال لك عنها؟‪..‬هه! �أخبرني!‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬علمت منه �أنها وا�سعة جد ًا‪ ،‬ولها أ�مواج عظيمة تطفو‬ ‫عليها �سفن كبيرة‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬تقاطعه وهي ت�شير إ�لى كتابها ) أ�عرف ذلك‪ ،‬فكل هذه‬‫التفا�صيل موجودة هنا في كتابي‪ ..‬ثم �ألا ترى؟!‪ ..‬ها‬ ‫هي ال�سفن تطفو فوق �أمواج بحري‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬و�ضعت فيه �سفن ًا أ�ي�ض ًا؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�جل‪ ،‬انظر!‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ (:‬ي�ضحك �ساخر ًا ) ها �أنا أ�نظر‪..‬لـِ َم ت�ضحك هكذا؟‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬قلت لك‪� ،‬سفن كبيرة و�أمواج عظيمة‪ ..‬ف�أين هي‬ ‫أ�مواجك‪ ،‬و�أين هو �صوت تلاطمها؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ ( :‬وهي تحاول تحريك وعاء الماء ) ا�سمع‪� ..‬أ�سمعت؟‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ال لم �أ�سمع �شيئ ًا‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬كيف لا ت�سمع؟‪ ..‬هيا حاول من جديد!‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬يكفي‪ ..‬يكفي راما‪..‬لا �أريد �سماع أ�مواج بحرك هذا‪..‬‬ ‫قريب ًا �س أ��ستمع لهدير أ�مواج بحر حقيقي‪..‬‬‫‪7‬‬

‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬كيف؟‪ ..‬وفي هذه ال�صحراء لا يوجد �أي بحر‪ (..‬بخجل‬ ‫وحياء ) �سوى بحري هذا‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪ (:‬وقد هم بالرحيل ) بل يوجد‪ ..‬يوجد‪ ( ..‬ينطلق‬ ‫ما�ضي ًا في طريقه )‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬ت�س�أل بلهفة ) �أين؟‪� ..‬أين؟‪ (..‬تتناول كتابها من �سلتها‬‫الق�صبية وتطالع فيه‪،‬وهي تعلق بحيرة وده�شة) هناك‬‫بحر في هذه ال�صحراء!‪ ..‬أ�ين؟‪� ..‬أين يقع هذا البحر؟‪..‬‬ ‫أ�ين؟‪..‬‬‫( تتلفت في نواحي المكان‪ ،‬بينما ظل الزمان يلوح بخيوطه من بعيد‪ ،‬تاركاً‬ ‫أ�لوانها القزحية تبرق وتلمع في أ�رجاء المكان )‬ ‫�إعتام تدريجي‬ ‫‪8‬‬

‫الم�شهد الثاني‬ ‫�سطح مياه البحر‪.‬‬‫( نلمح “ظل الزمان” في المدى البعيد للبحر‪ ،‬وخيوطه القزحية تتناثر‬‫فوق المياه‪ ،‬مما �أحال ا ألمواج �أ�شبه ب�سماء مر�صعة بال�شهب والنجوم‪ ،‬ن�سمع‬ ‫�صدى �صوت غنائه خافتاً عذباً )‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬تراني عرو�س الموج ولا تراني‪..‬‬ ‫ تعرفني وتن�ساني‬ ‫ تخافني وتهواني ‪..‬‬‫( في هذه ا ألثناء تن�سل من بين أ�مواج البحر‪ ،‬عرو�س الموج‪ ،‬ناثرة �أمواجها‬‫الف�ضفا�ضة في عدة جهات‪ .‬تجمع بين الحين والآخر قدراً من المياه بين‬‫راحتيها‪ ،‬فتت أ�لم من �شدة �سخونتها‪ ،‬وتبدي ده�شتها‪ ،‬و�إح�سا�سها بالألم ‪.‬‬‫تنفخ في قطرات المياه بق�صد تبريدها‪،‬وهي تغني تعبيراً عما ينتابها من‬ ‫أ�لم وحزن )‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬عجب ًا‪..‬عجب ًا‬ ‫ الماء حار كوهج النار‪.‬‬‫( من بين أ�مواج البحر تن�سل موجتان حزينتان‪ ،‬تعانيان من �أوجاع و آ�لام لا‬‫تقل عن �أوجاع عرو�س الموج ‪ ،‬ترددان معها عبارات الأغنية على نحو ي�شبه‬ ‫أ�داء الجوقة )‬ ‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬عجب ًا ‪ ..‬عجب ًا‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬الماء حار‬ ‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬حار كوهج النار‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ترى ما ال�سبب؟‪..‬‬ ‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬ما ال�سبب؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬لو كنت أ�دري لبطل العجب ‪..‬‬ ‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬قالوا ‪ :‬هناك طفلة ت�سكن خلف الرمال‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�عرف ‪ ..‬أ�عرف‪..‬‬ ‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬لديها كثير من الحب والآمال‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬أعرف ‪ ..‬أ�عرف‪..‬‬ ‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬تجر خلفها بحر ًا �صغير ًا فيه �سفن و�شراع منير‬‫‪9‬‬

‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ليتني أ�زورها‬‫ و�أروي لها حكاية حظنا الع�سير‬‫ع�ساها تحل لنا‬ ‫ ‬ ‫لغز ًا خطير ًا‬ ‫ ‬‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬لغز الماء الحار‬‫ حار كوهج النار‬‫ ترى ما ال�سبب؟‪..‬‬‫الموجات الثلاث معاً لو كنا ندري لبطل العجب‪..‬‬‫(يبادر ظل الزمان‪ ،‬تعبيراً عن �سروره‪ ،‬لكن دون �أن ت�صل كلماته �إلى م�سمع‬ ‫الموجات )‬‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬قريبا �سيعرف ال�سبب‬‫ تذكروا قول ظل الزمان‪.‬‬‫ فهذا ما �أنب أ�ت به الكتب‪.‬‬‫�إعتام تدريجي‬ ‫‪10‬‬

‫الم�شهد الثالث‬‫( بالقرب من �شاطئ البحر‪ ،‬يقف رجل عجوز له لحية كثة‪ ،‬يتكئ على‬‫ع�صاه‪ ،‬وقد ارتدى ثياب البحارة‪ .‬وراح ينظر �إلى البعيد‪ ،‬وهو لا يكف عن‬‫البكاء‪ .‬تاركاً دموعه تت�ساقط من عينيه‪ ،‬م�شكلة جدول ًا مائياً ي�صب في‬‫البحر‪ .‬إ�نه البحار “�شهاب الدين بن ماجد” الملقب ب” �أ�سد البحر” ومع‬‫ظهوره‪ ،‬يطل من المدى البعيد “ظل الزمان” كما تن�سل من �أعماق المياه‬‫�أربع �سفن ‪ ،‬ذوات �أحجام و أ�لوان مختلفة‪ .‬تتقافز في عدة جهات تعبيراً عن‬ ‫فرحها و�سرورها لر ؤ�ية “ابن ماجد” تبادر ال�سفينة البرتقالية )‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬هيه!‪ ..‬تعالوا انظروا يا �صديقاتي من يقف على �شاطئ‬ ‫البحر!‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬من ؟!‪ ..‬من !؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪�:‬إنه رباننا وقائد أ��سطولنا في بحر الخليج‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪ :‬أ�و تق�صدين �شهاب الدين بن ماجد؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬ابن ماجد الملقب ب�أ�سد البحر؟!‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬نعم‪ ..‬هو انظروا إ�ليه هناك!‪....‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪ (:‬وقد اقتربن من �شاطئ البحر) أ�كاد لا �أ�صدق!‪..‬نعم‬ ‫هو!!‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬لكنه يبكي‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬ماذا تقولين؟‪ ..‬يبكي!‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬نعم‪..‬انظروا إ�لى دموعه كيف تهطل من عينيه م�شكلة‬ ‫جدول ًا غزير ًا‪.‬‬‫( تدنو ال�سفينة ال�صغيرة من جدول دموع ابن ماجد وتتح�س�س قطرات‬ ‫الدمع بيديها ثم تبادر بنبرة تنم عن ذعرها و أ�لمها )‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬يا إ�لهي!‪..‬ما أ�حر جدول دموعه‪ ،‬فقد أ�حرق �أطراف‬ ‫أ��صابعي‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬ال أ��صدق أ�ن �أ�سد البحر �شهاب الدين بن ماجد يبكي‬ ‫كل هذا البكاء‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬ترى ما الذي أ�حزنه وجعله يبكي على هذا النحو !؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬لعله يريد حلوى‪..‬‬‫‪11‬‬

‫ال�سفينة البرتقالية ‪�:‬أو تظنين �أنه طفل �صغير حتى يبكي لأجل قطعة حلوى؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪�:‬إذ ًا ما ال�سبب؟!‪..‬‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬تعالوا ند ُن منه �أكثر‪ ،‬لنتحدث إ�ليه‪ (..‬تقترب ال�سفن‬ ‫ا ألربع من ابن ماجد)‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬مرحب ًا �سيدي ورباني يا بن ماجد‪..‬‬‫( يلتفت ابن ماجد إ�لى م�صدر ال�صوت ويبدي ده�شته ‪ ،‬محاول ًا إ�خفاء آ�ثار‬ ‫دموعه)‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬من؟‪ ..‬من يحدثني؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬نحن �سفنك نتحدث إ�ليك يا بن ماجد‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪�:‬سفني‪� ..‬سفني تتحدث إ�ل ّي‪�..‬أيعقل أ�ن �سفني التي‬‫ركبتها في عر�ض البحر منذ �أكثر من خم�سمئة عام‬ ‫مازالت حية؟!!‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬ال ‪ ،‬الأمر لي�س كذلك‪..‬فنحن أ�ي�ض ًا طوانا البحر‬‫في �أعماقه منذ زمن بعيد‪،‬كما طوت التربة ج�سدك‬‫الطاهر‪ ..‬وما نحن �إلا أ�رواح �سفنك جاءت تتحدث إ�لى‬ ‫روحك المعذبة‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬يا لروحي كم تتعذب وتت�ألم‪..‬‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪ِ :‬مـ َم �سيدي ؟‪ ،‬ولمِ َ تهطل من عينيك كل هذه الدموع‬ ‫الحارة؟!!‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪ (:‬وهو يحاول مداراة دموعه و�إ�شاحة وجهه بعيد ًا ) لا‬ ‫‪..‬لا‪..‬انظروا لم تعد تهطل‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬بل تهطل‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬قل!‪..‬تكلم لا تخجل منا‪ ..‬ما الذي يحزنك؟‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬ماذا �أقول لكم؟‪..‬جراحي كبيرة وعميقة‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬ومن �سبب لك كل هذا الجرح؟!‪ ..‬من؟!‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪�:‬أل�سنة أ�بناء قومي‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪ :‬أ�ل�سنة أ�بناء قومك‪ ..‬وهل الأل�سنة تجرح؟‪...‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪ :‬إ�ذا ما انحرفت الأل�سن عن ال�صدق‪ ،‬جروحها تكون‬‫أ�ق�سى من حد ال�سيوف‪..‬لأن ما تقوله ا ألل�سن تدونه‬‫الكتب وهكذا ي�صعب محوها‪ ..‬وها �أنا ما زلت حتى‬ ‫‪12‬‬

‫اللحظة أ�تلقى طعنات دونت في الكتب‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬ماذا قيل عنك حتى بات جرحك عميق ًا ‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬تخيلن يا �صديقاتي ال�سفن �أن كثيرين من �أبناء قومي‬‫يتهمونني ب أ�ني �ساعدت البحار “فا�سكو دي غاما “‬‫وجي�شه البرتغالي على غزو �شط آ�ن بلادي ‪ ،‬بلادي التي‬ ‫�أفنيت عمري في �سبيل رفعة عزها ومجدها‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪�:‬أنت!‪ ..‬أ�نت أ��سد البحر �شهاب الدين بن ماجد ت�ساعد‬‫جيو�ش �أعدائك على غزو بحارك وبلادك؟!‪ ..‬لا‬ ‫م�ستحيل‪ ..‬م�ستحيل‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬يا لها من تهمة باطلة‪..‬فنحن كنا قد رافقناك و�شهدنا‬ ‫كل �إنجازاتك ‪ ،‬البحرية والبرية‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬نعم �شهدنا كل ذلك‪ ،‬ولم ي�سبق لنا أ�ن ر أ�يناك يوم ًا تلتقي‬‫مع هذا المدعو “فا�سكو دي غاما” أ�و مع أ�ي من جنوده‬ ‫طوال حياتك‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬عجب ًا‪ ،‬كيف خيل لهم أ�ن عالم ًا عظيم ًا مثلك ي�ساعد‬ ‫جيو�ش أ�عدائه على غزو بلاده؟‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪ :‬أ�ن�َس ْوا أ�نك أ�ول من اخترع �أدق القيا�سات الفلكية‬‫لمطالع النجوم ومغاربها و أ�نك أ�ول من ر�سم الخرائط‬ ‫البحرية؟‪..‬‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪ :‬أ�م ن�سوا أ�نك �أول من اكت�شف التقاء المحيط الهندي‬ ‫بالمحيط الهادي في جنوب القارة الأفريقية؟‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪ :‬أ�م لعلهم تجاهلوا �أنك أ�نت من اقترح على �صانعي ال�سفن‬‫إ��ضافة تعديلات ومبتكرات تجعلها أ�كثر �سرعة وقدرة‬‫على الإبحار با�ستخدام الأ�شرعة المثلثة ولي�ست المربعة‪،‬‬‫وها هي ذي �أ�شرعتنا الثلاثية دليل على ذلك(ت�شير �إلى‬ ‫�أ�شرعتها )‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪ :‬أ�م هل ن�سوا �أنك �أنت من طور و�سائل قيا�س الأعماق‬‫البحرية‪ ،‬والبو�صلة المائية ‪ ،‬وطور مر آ�ة قيا�س ارتفاع‬ ‫النجوم؟‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬و أ�نك من �أوائل الذين و�ضعوا و�صف ًا وا�ضح ًا للغيوم‬‫‪13‬‬

‫الجنوبية‪ ،‬الكبيرة وال�صغيرة‪ ،‬و�سبقت بذلك” ماجلان‬ ‫“ الملاح البرتغالي‪..‬‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬نعم �أنت من فعل كل ذلك‪ ،‬فكيف يتهمون عالم ًا مثلك‬ ‫تهمة �شنيعة كهذه؟‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬ها نحن نقول لهم بملء �أ�صواتنا أ�حمد �شهاب الدين بن‬ ‫ماجد بريء من تهمكم‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪ :‬أ��سد البحر‪ ..‬لم يخن بحركم وبحره‪ ،‬لم يخن أ�ر�ضكم‬ ‫و�أر�ضه‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬لن يجدي �صياحكن �شيئ ًا‪ ..‬فما من أ�حد ي�سمعكن‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬كيف لا �أحد ي�سمعهن‪..‬فها هن ي�صحن ملء أ��صواتهن‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬يا للأ�سف �صوتي و�أ�صواتكن تتلا�شى في عر�ض البحر‪..‬‬‫وقد بتنا من الأموات‪ ..‬ومن ال�صعب على الأموات �إ�سماع‬‫أ��صواتهم ل ألحياء‪ ..‬ولهذا لم ينقطع �سيل دموعي ولم‬ ‫يتوقف بكائي منذ أ�ن �سمعت روحي اتهامهم لي‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬انظروا لقد عاد مجرى دموعه الحار ي�صب في البحر‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬ال‪ ،‬انتظر يا �سيدي ورباني‪ ..‬كفكف دموعك �أرجوك‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬حر دمعك ي�ؤلمني‪ ..‬ويمحو أ�لواني‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬و أ�نا أ�ي�ض ًا �أت أ�لم ب�شدة‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬كفكف دموعك أ�رجوك‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬من أ�جلي أ�نا ال�سفينة ال�صغيرة‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬من �أجل حوافنا الخ�شبية‪.‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬كفكفها من أ�جل أ�لواننا الزاهية و�أ�شرعتنا المثلثة!‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬جراحي و�آلامي ترغم دموعي على الهطول‪..‬ولا حيلة‬‫لي في ذلك‪ ،‬ابتعدن من هنا أ�رجوكن‪..‬عد َن �إلى �أعماق‬ ‫البحر‪ ..‬لئلا تحرقكن دموعي‪..‬هيا ابتعدن‪..‬‬‫( تبد�أ ال�سفن ا ألربع بالابتعاد عن ابن ماجد مرغمة‪ ،‬وهن يعانين من �آلام‬ ‫�شديدة‪ ،‬يبتعدن رويداً‪ ،‬رويداً‪ ،‬وهن يرددن )‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬ما �أ�شد عذابك يا بن ماجد‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬من يوقف �شلال دمعك؟‪..‬من؟!!‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬من يبرئك؟‪..‬‬ ‫‪14‬‬

‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬من يعيد أ�مجادك؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬و يعترف ب إ�نجازاتك؟‪..‬‬ ‫ال�سفن الأربع معـــ ًا ‪ :‬ا�سمعينا يا أ�مواج!‪ ..‬يا �أ�شرعة!‪..‬‬ ‫ يا نجوم!‪..‬‬ ‫ يا رمال!‪..‬يا جبال!‪..‬‬ ‫ ابن ماجد لم يخن‪..‬‬ ‫ لم يخن �أر�ضه‪..‬‬ ‫ لم يخن بحره‬ ‫ لم يخن قومه‬ ‫ فمن ين�صف ابن ماجد؟‪..‬من؟!!‪..‬‬‫( يبادر ظل الزمان بنبرة تنم عن �صدق و�إ�صرار‪ ،‬وقد أ��ضحى واقفاً �ضمن‬ ‫الم�سافة الفا�صلة بين ال�سفن التي راحت تبتعد‪ ،‬وبين ابن ماجد )‬‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬ال تقلقي يا �سفن البحار‪ ..‬ثقي ب�أني �س أ��شبك ظلال‬‫خيوط الما�ضي بخيوط الحا�ضر حتى تنجلي الحقيقة‪..‬‬ ‫إ�لى �أن يكفكف ابن ماجد جدول دموعه‪..‬‬ ‫( ي�ستمر �شهيق بكاء ابن ماجد‪ ،‬م�شكل ًا جدول ًا ي�صب في مياه البحر)‬ ‫إ�عتام تدريجي‬‫‪15‬‬

‫الم�شهد الرابع‬‫( نلمح ظل الزمان‪ ،‬وقد تناثرت خيوطه على �سطح مياه البحر‪ ،‬وهو‬ ‫ينادي ب�صوت عذب رقيق )‬‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬يا عرو�س الموج!‪..‬يا من حوت أ�عماقها أ��سرار الكون‪..‬‬‫هلا أ�تيت؟‪ ..‬هلا أ�تيت؟‪.‬‬‫( من بين �أمواج البحر تن�سل عرو�س الموج وهي تتلفت في نواحي المكان‬‫ك�أنها م�سحورة من عذوبة ال�صوت )‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬من يناديني؟!‪ ..‬من يناديني؟!‪..‬‬‫ظـــــــل الزمــــان ‪ :‬أ�نا‪ ..‬أ�نا يا عرو�س الموج‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�نت يا �سيدي ظل الزمان؟!!‪..‬‬‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬نعم أ�نا‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪ (:‬تغني ) �أراك ولا أ�راك‪..‬‬‫ �صامت �أنت وم�سموع نداك‪..‬‬‫ �ساكن �أنت وفيك كل حراك‬‫ُمـرني ف�ألبي مبتغاك‪..‬‬ ‫ ‬‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬حملت مرادي لقطرات الماء‪..‬فا�صغي لهم�سها يا عرو�س‬ ‫الموج‪..‬‬‫( ت�سود لحظات من ال�صمت ‪ ،‬حيث راحت عرو�س الموج ت�صغي ل�صوت هم�س‬‫قطرات الماء‪ ،‬في هذه الأثناء تن�سل من �أعماق البحر الموجتان الحزينتان‪،‬‬‫تحيطان بعرو�س الموج وهما في حالة من القلق والترقب‪ ،‬تبادران )‬‫موجــــــــتا البحر ‪ :‬ما بك يا عرو�س الموج؟!‪ ..‬ماذا يجري؟!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪ (:‬ب إ��صرار وعزيمة ) عزمت على ال�سفر‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪ :‬أ�ت�سعين للقاء بالطفلة ال�صغيرة؟!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪ (:‬بده�شة وحيرة ) أ�جل !‪ ..‬ولكن من أ�خبركما ؟‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬قطرات الماء‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬تذهبين وتتركيننا وحدنا؟‪..‬‬‫عــــرو�س البحـــر ‪:‬ما من خيار آ�خر‪.‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬ولكنها مغامرة خطيرة‪..‬‬‫عــــرو�س البحـــر ‪:‬ال بد منها‪ ..‬و�إلا متنا جميع ًا‪..‬‬ ‫‪16‬‬

‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ولكن هل ت�ستطيع طفلة �صغيرة أ�ن ت�ساعدنا؟‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬ال أ�ظن‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬بل ت�ستطيع‪ ،‬و �أنا واثقة من ذلك‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬ما الذي يجعلك واثقة إ�لى هذا الحد �سيدتي؟‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬لمعرفتي أ�نه لم ي�سبق لطفلة �صغيرة‪ ،‬أ�ن أ�حبت البحر‬ ‫كحب راما له ‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ا�سمها راما؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�جل‪ ،‬راما‪..‬راما عا�شقة للبحر‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪ :‬أ�ي �أنها تع�شق البحر مثلي‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬علمت أ�نها تجر خلفها عربة �صغيرة‪ ،‬ت�ضع فيها بحر ًا‬ ‫�صغير ًا‪ ،‬و�سفن ًا ملونة‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬يا إ�لهي كم �أحب أ�ن يكون لي �سفن مثلها‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬قد ي أ�تي يوم تعود فيه ال�سفن إ�لى مياهنا‪..‬وعندها‬ ‫�سيكون لك �سفينة �صغيرة ك�سفن راما‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬وتكون أ�لوانها زاهية ك�ألوان �سفنها؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�جل‪� ..‬أجل‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬عذر ًا يا عرو�س الموج‪ ..‬لم ي�سبق لراما �أن ر�أت البحر‬‫فكيف �سيكون لها قدرة على حل م�شكلة كبيرة بهذا‬ ‫الحجم؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪�:‬صحيح ‪ ..‬كيف؟‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ع�سى ع�شقها للبحر يدفعها للبحث عن حل‪ ..‬ففي �سفن‬ ‫الحب والع�شق تكمن �أ�شرعة المعجزات‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬و هل �ستطول رحلتك؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ال لن أ�ت�أخر‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪�:‬سيدتي أ�نا قلقة وخائفة عليك من هذه الرحلة‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ال داعي للخوف ‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬كيف؟‪ ،‬فخروجك من البحر وعبورك ال�صحراء ي�شكل‬ ‫خطر ًا حقيقي ًا عليك‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬و نخ�شى أ�ن تجف قطرات مائك وتبتلعك الرمال‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬لن أ��سمح للرمال بابتلاعي ‪..‬‬‫‪17‬‬

‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬كيف‪ ،‬و�أنت �ستطئينها بقدميك؟!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬س�أبحث عن طريقة تمكنني من زيارة راما دون �أن أ�ط�أ‬ ‫الرمال‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬هل �ستحلقين في ال�سماء كما الطيور؟‪ ..‬لا هذا‬ ‫م�ستحيل!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ال تعقدي الأمور يا �صغيرتي‪ ..‬و إ�لا أ�حبطت عزيمتي‬ ‫وجعلتنا نموت هنا ي أ��س ًا‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ال‪ ..‬لا لم �أق�صد ذلك ‪ ،‬ف�أنا �أكره الي�أ�س و الموت‪� ..‬أريد‬ ‫�أن أ�عي�ش كل حياتي‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬إذ ًا علينا �إيجاد حل يمكنني من اللقاء براما دون أ�ن‬ ‫تبتلعني حبات الرمل‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪�:‬أي حل هذا يا عرو�س الموج؟!‪..‬‬‫( ت�ستغرق عرو�س الموج في �شرودها‪ ،‬ي�ستغل ظل الزمان لحظات ال�صمت‬‫ويبادر بنبرة عذبة وقد راح يلوح بظلال خيوطه في محيط ف�ضاء البحر)‬‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬الأحلام‪ ..‬ا ألحلام‪ ..‬تحلق بنا فوق ال�سطوح ‪ ..‬فوق‬ ‫الغمام‪ ..‬ك�أجنحة الحمام‪..‬‬‫(تتطلععرو�سالموج�إلىالأعلىويبدو أ�نها�سمعت�أ�صداء�صوتظلالزمان‪،‬‬ ‫فترت�سم ملامح ال�سرور على �شفتيها‪ ،‬تنتبه الموجة الكبيرة لذلك وت�س�أل )‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬ما الذي أ�دخل الفرحة �إلى أ�عماقك يا عرو�س الموج!؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬للتو وجدت حل ًا‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬قولي‪ ،‬ما هو؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬س أ�زور راما في الحلم‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬في الحلم‪ ..‬كيف؟ لم �أفهم‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬ألا تعلمين أ�ن الأطفال يحلمون؟‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬كيف يحلمون؟‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬عندما ي�ستغرقون في نومهم‪ ..‬يحلمون �أحلام ًا كثيرة‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬يحلمون بماذا؟‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ��شياء جميلة‪ ..‬يلعبون‪ ..‬ي�سافرون‪ ..‬يرق�صون‪ ..‬يغنون‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬لكنها تظل �أحلام ًا‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬قد تكون الأحلام أ�جمل و�أ�صدق من الحقائق‪..‬‬ ‫‪18‬‬

‫الموجة ال�صغــــيرة ‪�:‬أيحلمون بي أ�نا الموجة ال�صغيرة مثل ًا ؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ربما‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬وبماذا يحلمون أ�ي�ض ًا ؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ويحلمون بموجة لم يروها من قبل‪ ..‬موجة مثلك‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬مثلي �أنا؟!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬أجل‪ ..‬كذلك يحلمون ببلدان وبحار لم ي�سبق لهم �أن‬ ‫تعرفوا عليها من قبل‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬الآن فهمت‪ ..‬تريدين زيارة راما بالحلم‪ ..‬وتق�صين‬ ‫عليها حكايتنا‪ ،‬ح�ضنا العاثر‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬هذا تمام ًا ما �سوف �أفعله‪ ..‬وبذلك �أنجو من خطر‬ ‫حبات الرمل‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬يا لها من فكرة رائعة‪ ..‬ومتى �ستزورينها ؟‪ ..‬متى ؟!!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ليل ًا‪..‬نعم ليل ًا حينما ت�ستغرق في نومها‪� ..‬س أ�مثل داخل‬‫أ�حلامها بهدوء‪ ..‬دون �أن أ��سبب لها أ�ي �إزعاج‪ ..‬وهناك‬‫�سوف �أخبرها عن الم�شكلة التي نعاني منها‪ ،‬و أ�دعوها‬ ‫لزيارتنا‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬هيا!‪ ..‬هيا ا�ستعدي يا عرو�س الموج لبدء رحلتك‬ ‫ال�شائقة‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪ (:‬تتطلع إ�لى ال�سماء وتبادر �سائلة ) هل اقترب موعد‬ ‫حلول الليل؟‪..‬‬‫( تتطلع الموجتان ال�صغيرة والكبيرة إ�لى ال�سماء‪ .‬تبادر الموجة ال�صغيرة )‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪�:‬أرى ري�شات من جوانح الليل ت�سبح في �آفاق ال�سماء‬ ‫البعيدة‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬إذا فعما قريب �ستغطي وجه ال�سماء كله‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪�:‬أي �آن لك يا عرو�س الموج أ�ن تبا�شري رحلة الأحلام‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬خذيني معك كي أ�لتقي بها‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬اطمئني‪�..‬ستلتقين بها عما قريب‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬وتلاعبني بيديها الناعمتين؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬بالت أ�كيد‪ ..‬و�سوف تح�ضن كل منكما ا ألخرى‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬ما �أروع هذا‪..‬هيا ا�ستعدي يا �سيدتي ونحن �سننتظر‬‫‪19‬‬

‫عودتك من رحلة الأحلام بفارغ ال�صبر‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬هيا ‪ ..‬هيا‪ ( ..‬ت�ستعد عرو�س الموج لبدء رحلة ا ألحلام‪،‬‬‫فيبدي ظل الزمان �سروره وقد راح يتوارى عن ا ألنظار‬‫في عتمة الليل ‪ ،‬تارك ًا خيوطه القزحية ت�ضم عرو�س‬‫الموج وتم�ضي بها في رحلة �شائقة عبر الف�ضاء البعيد‪،‬‬ ‫فن�سمع �صدى �صوته يبتعد �أكثر ف�أكثر )‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬تراني عرو�س الموج‬ ‫ ولا تراني‪..‬‬ ‫ تعرفني وتن�ساني‪...‬‬ ‫إ�عتام تدريجي‬ ‫‪20‬‬

‫الم�شهد الخام�س‬ ‫غرفة راما‪ ،‬والبحر‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬م�ستلقية على �سريرها‪،‬تطالع في كتابها‪ .‬تبادر تعبير ًا‬‫عن إ�عجابها بما تقر�أ ) ا�سمع يا كتابي‪� ،‬س�أجعل �سفني‬‫ت�سافر �إلى تلك البلدان ال�ساحرة التي حدثتني عنها‪،‬‬‫ما ر أ�يك؟‪ ..‬طبع ًا �أ�ستطيع‪�..‬س�أريك ما �س أ�فعل ا آلن‪..‬‬‫( تطوي الكتاب وت�ضعه على ال�سرير‪ ،‬وتبد�أ بمخاطبة‬‫�سفنها الورقية في وعاء الماء ) هيا يا �سفينتي ا�ستعدي‬‫للإقلاع !‪..‬لا تخافي! ا ألمواج هادئة هذه الليلة‪..‬وها‬‫قد �صعد إ�ليك الركاب‪..‬كي تحمليهم إ�لى أ�وطانهم‬‫وبلدانهم‪ ..‬هيا‪ ...‬طوت‪ ..‬طوت‪ ( ..‬تدفع بيدها واحدة‬‫من �سفنها في وعاء الماء‪ ،‬فتتحرك ال�سفينة وتلف‬‫محيط الوعاء المائي ال�شفاف‪ ،‬وراما تخاطب �سفينة‬‫ثانية) و�أنت يا �سفينة الرحمة‪ ..‬هيا ا�ستعدي ل إلبحار‪..‬‬‫�س أ�حملك تمر ًا وحبوب ًا تنقلينها �إلى بلدان يعي�ش فيها‬‫�أطفال مرحون‪�..‬إلا أ�نه لي�س في مزارعهم حبوب‬‫وتمور‪..‬هيا!‪ ..‬طوت‪ ..‬طوت‪ (..‬ت�ضع فوق ال�سفينة ب�ضع‬‫حبات من التمر والحبوب‪ ،‬وتدفع بها‪ ،‬فتتحرك ال�سفينة‬‫الورقية داخل الوعاء‪ ،‬ثم تخاطب �سفينة ثالثة ) و�أنت‬‫يا �سفينة ال�سلام‪ ..‬جوبي �أنحاء البحر‪ ،‬طوفي على كل‬‫البلدان‪ ،‬قولي ل�ساكنيها‪ :‬راما و�أهل راما ‪ ،‬و أ��صدقاء‬‫راما‪ ..‬ي�سلمون عليكم ويهدونكم �أغ�صان الزيتون‬‫والحب‪ ..‬هيا‪ ..‬طوت‪ ..‬طوت‪ (..‬ت�ضع على ال�سفينة‬‫الورقية حبات من نبات الزيتون ) تتحرك ال�سفن داخل‬‫وعاء الماء‪ ،‬وراما تتبعها بعينيها ال�شغوفتين �إلى أ�ن تغط‬‫في نوم عميق‪ ،‬وب�سمة ناعمة تحط على �شفتيها‪ .‬ال�سفن‬‫ت�ستمر في حركتها و�صفيرها‪ ،‬في هذه ا ألثناء ي�سمع‬‫�صوت هدير أ�مواج البحر آ�تي ًا من بعيد‪ ،‬ال�صوت يقترب‬‫�أكثر ف�أكثر‪ ،‬و�شيئ ًا ف�شيئ ًا تتغير معالم الإ�ضاءة‪ ،‬ويغدو‬‫‪21‬‬

‫حو�ض الماء ال�صغير بحر ًا حقيقي ًا‪ ،‬وكذلك حال ال�سفن‪،‬‬‫ومن بين �أمواج البحر تن�سل خيوط ظل الزمان في العمق‬‫البعيد‪ ،‬كذلك تظهر من بين ا ألمواج عرو�س الموج‪ ،‬وهي‬‫تت�أمل الطفلة راما‪ ،‬تتمتم عرو�س البحر ب�صوت عذب‬ ‫�شفاف )‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬هيه‪ ..‬هيه‪ ..‬راما!‪ ..‬ابقي نائمة يا راما‪ ..‬تعالي!‪..‬‬‫اقتربي مني‪ ..‬افتحي لي باب أ�حلامك‪ ..‬أ�ت�سمحين لي‬‫بالدخول؟‪ (..‬ي�سمع �صوت راما رغم أ�نها تغط في نوم‬ ‫عميق )‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬من أ�نت؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�نا عرو�س الموج‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ما أ�عذبك و�أرقك يا عرو�س الموج‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬هيا تعالي‪ ..‬تعالي‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬تعالي �أنت‪ ..‬اقتربي مني‪..‬‬‫( تبت�سم راما منت�شية بحلمها الجميل‪ ،‬و�شيئاً ف�شيئاً نرى راما تقف مع‬ ‫عرو�س الموج و�سط البحر تلعبان في مياهه وك�أنهما �صديقتان )‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬سمعت أ�ن لديك بحر ًا و�سفن ًا كثيرة‪ ..‬فهل هذا‬ ‫�صحيح؟‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�جل‪ ..‬ولكن بعد �أن ر أ�يتك ور أ�يت البحر‪ ،‬بت أ�خجل من‬ ‫بحري و�سفني‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬لماذا؟‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لأن بحري يكاد يكون أ��صغر من راحة يديك يا عرو�س‬ ‫الموج‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬وكيف ت�سير فيه ال�سفن وهو بهذا الحجم ال�صغير؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬سفني �أي�ض ًا �صغيرة جد ًا‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�ين عثرت عليها؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لم �أعثر عليها‪�..‬صنعتها بيدي‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬كيف ت�ستطيع يدان �صغيرتان �صناعة �سفن؟‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬إ�ذا كانت ورقية ‪ ،‬فالأمر �سهل جد ًا‪..‬كنت دائم ًا أ�تمنى‬‫الخو�ض في مياه البحر‪ ،‬ومداعبة �أمواجه‪ ،‬أ�غت�سل بها‪..‬‬ ‫‪22‬‬

‫�أ�سبح على �سطحها‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬إ�ذ ًا �أنت الآن �سعيدة طالما تحققت أ�منيتك؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لم ي�سبق لي أ�ن ع�شت �سعادة كهذه يا عرو�س الموج‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬إ�لى هذا الحد تع�شقين البحر و�أمواجه؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬هو و أ�مواجه لا يفارقون خيالي‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬بينما �أنا و�صديقاتي الموجات ع�شنا طوال حياتنا و�سط‬‫البحر ب�سعادة و�سرور‪� ،‬إلى أ�ن حدث أ�مر عكر علينا‬‫حياتنا‪ ،‬و أ�حال مياهه إ�لى مياه �شديدة الحرارة‪ ،‬تحرق‬‫�أبداننا‪ ،‬وبذلك لم يعد البحر م�صدر �سعادة لنا‪ ،‬بل‬ ‫أ��ضحى م�صدر عذاب و�شقاء‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لماذا؟‪ ..‬ما الذي حدث؟‪ ..‬دعيني �أتح�س�س بيدي!‪..‬‬‫(تلام�س راما مياه البحر‪ ،‬فت�شعر ب أ�لم �شديد‪ ،‬ولكن‬‫دون أ�ن تعرف ال�سبب‪ ،‬فتبادر) يا �إلهي!‪ ..‬حرارته‬‫تحرق جلدي و�أطراف أ��صابعي‪ (..‬في هذه ا ألثناء‬‫تكون عرو�س الموج قد تلا�شت و اختفت‪ ،‬فتنادي راما)‬‫يا عرو�س الموج‪ ..‬يا عرو�س الموج!‪ ..‬أ�ين رحلتي‪ ..‬أ�ين‬‫�أنت؟‪( ..‬خلال ت�سا ؤ�ل راما ي�شتد بريق ولمعان خيوط‬ ‫ظل الزمان‪ ،‬وي�سمع �صدى �صوت غنائه)‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬تراني راما ولا تراني‪..‬‬ ‫ تخافني وتهواني‬ ‫ تعرفني وتن�ساني‬ ‫ ا�سمي ظل الزمان‪...‬‬ ‫إ�عتام تدريجي‬‫‪23‬‬

‫الم�شهد ال�ساد�س‬ ‫�صباح باكر ‪ .‬غرفة راما‬‫( راما م�ستغرقة في نومها‪ ،‬فج أ�ة ت�ستيقظ متحررة من حلمها‪.‬تبدي‬ ‫ده�شتها‪ ،‬وتبادر مت�سائلة )‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أين �أنا؟!‪�..‬أين كنت؟‪�..‬أ كنت �أحلم؟!‪�..‬أي حلم غريب‬‫هذا؟‪..‬عرو�س الموج؟!‪ ..‬من هي عرو�س الموج؟‪ ..‬وما‬‫الذي جرى لها؟‪�..‬سمعتها تهم�س‪ :‬راما! �أ�ضحت مياه‬‫البحر م�صدر عذاب ألمواجه و�سفنه‪ ..‬لماذا؟‪..‬ما الذي‬‫يجري يا عرو�س الموج؟‪..‬ما الذي حدث؟‪ (..‬تتناول‬‫كتابها وتقلب �صفحاته )�أخبرني يا كتابي ‪..‬ما الذي‬‫جرى للبحر‪ ..‬لماذا أ�مواجه ت�شقى وتتعذب؟‪ (..‬تتطلع‬‫�إلى �سفنها الورقية) و�أنت يا �سفني ال�صغيرة‪ ..‬قولي لي‬‫لماذا �سفن البحر الكبيرة تحترق �أخ�شابها و�أ�شرعتها‪،‬‬‫لـِ َم؟‪ .‬لـِ َم؟‪ (..‬تهب واقفة وقد خطرت لها فكرة للتو ) لا‬‫بد من ر ؤ�ية ملهوف‪ ..‬أ�جل يجب �أن أ�راه حال ًا‪�..‬س أ�ذهب‬‫معه إ�لى البحر مهما كلف الأمر‪ (..‬تخاطب كتابها وقد‬‫راحت تقلب �صفحاته ) و�أنت �سوف تدلنا على موقع‬‫البحر‪ ..‬أ�لي�س كذلك؟‪ (..‬تهم بالخروج من غرفتها وهي‬‫تجر خلفها وعاء الماء منادية ) ملهوف!‪..‬انتظرني‪..‬‬‫�أريد الذهاب معك إ�لى البحر‪..‬انتظرني يا ملهوف‪..‬‬ ‫انتظرني!‪..‬‬ ‫إ�عتام تدريجي‬ ‫‪24‬‬

‫الم�شهد ال�سابع‬ ‫أ�مام بيت ملهوف‬‫( ملهوف مع والده يهيئان أ�غرا�ض رحلتهما �إلى البحر‪ ،‬وي�ضعانها داخل‬ ‫عربة �صغيرة )‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬هل ن�سينا �شيئ ًا يا بني؟‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬إطار ال�سباحة‪ ..‬نعم ن�سيت إ�طار ال�سباحة يا والدي‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬وما حاجتك إ�ليه طالما تزعم �أنك تجيد العوم على �سطح‬ ‫المياه؟‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬أحتاج �إليه في البداية فقط‪ ،‬ريثما تعلمني كيفية العوم‪..‬‬ ‫انتظرني �أبي‪..‬‬‫( ي�ضحك والد ملهوف‪ ،‬ويتناول إ�طار ال�سباحة من بين الأغرا�ض ويلوح به )‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬هيه ‪ ..‬ملهوف!‪..‬ها هو‪ ..‬لا تقلق‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬شكر ًا أ�بي!‪ ..‬ظننت أ�ني أ��ضعته‪..‬‬ ‫( فج�أة ي�سمع �صوت راما تنادي )‬ ‫�صوت رامـــــــــــا ‪:‬ملهوف!‪ ..‬ملهوف!‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬من يناديك؟‪..‬‬ ‫�صوت رامـــــــــــا ‪:‬ملهوف!‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬أظن �صديقتي راما‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬تلك الطفلة التي تجر خلفها وعاء الماء‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�جل‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬وماذا تريد؟‪ (..‬وهنا تظهر راما مندفعة الخطى )‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬حمد ًا لله أ�ني لحقت بك قبل �أن تم�ضي برحلتك‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬خير‪ ..‬ماذا هناك يا راما؟‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬في الحقيقة أ�رغب في الذهاب معك �إلى البحر‪..‬طبع ًا‬ ‫�إن أ�ذن لي والدك؟‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬حتى �إن �أذن أ�بي‪ ،‬ف�أنا لن �أ�أذن لك بذلك‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ِ :‬لـ َم يا ملهوف؟‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬أخ�شى عليك من الغرق‪..‬ف أ�نت لا تجيدين ال�سباحة‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ال‪ ،‬فقد �سبق لي �أن تعلمت ال�سباحة‪..‬‬‫‪25‬‬

‫ملهـــــــــــــــوف ‪ (:‬وهو يقهقه �ضاحك ًا ) ههه‪ ..‬ههه‪ ..‬تعلمت ال�سباحة في‬ ‫مياه عربتك ال�صغيرة هذه‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ال‪..‬لا يا ملهوف‪ ..‬أ�ق�صد في مياه بحر حقيقي‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬أنت �سبح ِت في مياه بحر حقيقي‪..‬كيف و أ�نت لم تذهبي‬ ‫يوم ًا إ�لى البحر؟؟‬ ‫( تم�سك بيده وتتنحى به جانباً وهي تهم�س قائلة )‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬بل ذهبت يا ملهوف‪..‬نعم ذهبت �إلى البحر‪ ..‬و�سبحت‬ ‫مع �أمواجه‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬متى؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ليلة الأم�س‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ليلة الأم�س؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أجل‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬كيف؟‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬الحلم‪ ..‬أ�جل عن طريق الحلم‪..‬وكم كان حلم ًا جميل ًا‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪ (:‬يقهقه �ضاحك ًا من جديد ) إ�ذ ًا لا داعي للذهاب معنا‬ ‫طالما زرت البحر في حلمك‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬بالعك�س تمام ًا ‪ ،‬فبعد حلمي هذا أ��ضحى ذهابي �إلى‬ ‫البحر م�س�ألة �ضرورية‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬م�س أ�لة �ضرورية!‪ ..‬ولماذا؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬هناك م�شكلة تعاني منها أ�مواج البحر يا ملهوف‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ� ألمواج البحر م�شكلات ومعاناة؟!‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�جل يا ملهوف‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬وما هي يا ترى؟!‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬عندما ن�صل �إلى هناك �سوف �أخبرك‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬لن أ�دعك تذهبين معنا قبل �أن تخبريني‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬هيا يا ملهوف‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬والدك يناديك‪..‬هيا بنا‪� ..‬سوف أ�خبرك في الطريق‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�نا قادم أ�بي‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬وقد دنت من والد ملهوف) عم أ�بو ملهوف‪�..‬أ توافق‬‫على ا�صطحابي معكما ؟‪ ..‬خ�صو�ص ًا و أ�ن لد ّي كتاب ًا‬ ‫‪26‬‬

‫يتحدث عن البحار و أ��سرارها‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ي�سرني جد ًا ا�صطحاب طفلة �صغيرة بحوزتها كتاب‬ ‫جميل كهذا‪..‬ما ر أ�يك يا ملهوف؟‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�نا موافق أ�بي‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬شكر ًا‪� ..‬شكر ًا لك يا ملهوف‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪�:‬إذ ًا هيا ا�صعدا إ�لى العربة لنبد�أ رحلتنا‪..‬‬‫( ت�صعد راما وملهوف �إلى العربة وهما يتبادلان حواراً هام�ساً‪ .‬يبا�شر‬‫والد ملهوف بدفع العربة معلناً انطلاق الرحلة ‪ .‬في هذه الأثناء نلمح‬‫من بعيد ظل الزمان‪ ،‬وقد راح يتتبع خطواتهم ‪ ،‬ناثراً خيوطه البراقة في‬ ‫محيط الطريق )‬ ‫إ�عتام تدريجي‬‫‪27‬‬

‫الم�شهد الثامن‬ ‫�شاطئ البحر‪.‬‬‫( في مدى البحر البعيد‪ ،‬يظهر ظل الزمان‪ ،‬و تبدو خيوطه البراقة‬‫وك�أنها تهفو �إلى التقرب من ابن ماجد الذي ي�شغل المكان جيئة وذهاباً ‪،‬‬‫متكئاً على ع�صاه‪ ،‬مخاطباً البحر بنبرة تنم على �أ�سفه وحزنه‪ ،‬دون �أن يكف‬ ‫عن ذرف دموعه )‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪�:‬أهلك ونا�سك يا بحر ظلموني‪...‬عذبوني بعد موتي‬‫و�أبكوني‪..‬اخرج عن �صمتك يا بحر!‪ ..‬قل لهم‪ :‬ابن‬‫ماجد بريء!‪..‬ابن ماجد لم يخن وطنه‪..‬لم يخن بحره‪،‬‬‫لم يخن أ�ر�ضه‪ ،‬ولا قومه‪ (..‬تختنق العبارات في �صدره‪،‬‬‫ويت�ضاعف �شهيق بكائه‪ .‬ي�سمع �صدى �صوت غناء ظل‬ ‫الزمان)‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬كفكف دمعك‬ ‫ ام�سح حزنك‪..‬‬ ‫ ففي الكتب يكمن �سرك‬ ‫ يا بن ماجد‪..‬يكمن �سرك‪..‬‬‫( أ�ثناء ذلك تمتد خيوط الزمن إ�لى جهة ما وت�ستح�ضر‪“ ،‬خازن الكتب”‬‫وهو رجل كهل يجر عربة تحوي مكتبة عظيمة‪ ،‬دون أ�ن يبذل جهداً كبيراً‪،‬‬‫وقد راح يردد عبارات م�شابهة لعبارات ظل الزمن‪ ،‬وهو يتطلع ناحية ابن‬ ‫ماجد )‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬كفكف دمعك‬ ‫ ام�سح حزنك‪..‬‬ ‫ ففي كتبي يكمن �سرك‬ ‫ يكمن �سرك‬‫( ينتبه ابن ماجد وي�سارع م�ستوقفاً خازن الكتب‪ ،‬دون أ�ن يكف عن البكاء‬ ‫وذرف الدموع )‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬توقف لحظة �أرجوك‪..‬من �أنت؟‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪ :‬أ�هل ًا يابن ماجد!‪ ..‬أ�نا خازن الكتب‪..‬وفي جعبتي �أربعون‬‫كتاب ًا لك‪..‬خطتها �أ�صابع يدك يوم كنت حي ًا ترزق‪..‬‬ ‫‪28‬‬

‫(يقلب بين الكتب) هذا كتاب ق�صيدة تائية في القيا�س‬‫الأ�صلي‪ ،‬وهذا كتاب �أرجوزة قيا�س المربعين الأو�سطين‪..‬‬ ‫وهذا كتاب‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪ (:‬مقاطع ًا ) عذر ًا منك‪..‬فقط أ�ريد �أن �أ�س�ألك �س ؤ�ال ًا‬ ‫واحد ًا‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪�:‬سل يا بن ماجد‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬هل ا ّطلعت على م�ضامين كتبي يا خازن الكتب؟‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪�:‬أجل بالت�أكيد‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬وهل ورد في �أي من كتبي ذكر �شخ�ص يدعى” فا�سكو‬ ‫داي غاما”؟‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬تق�صد ذاك البحار الذي جاء بجيو�ش البرتغال إ�لى‬‫أ�ر�ض الخليج‪ .‬والذي ي�شاع ب�أنك �أنت من كنت دليله في‬ ‫اكت�شاف طريق ر أ��س الرجاء ال�صالح‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬لم �أفعل‪�..‬أق�سم �إني لم �أفعل‪ ..‬هل ت�صدق ما �أ�شيع عني‬ ‫يا خازن الكتب؟‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪�:‬أبد ًا‪ ..‬أ�بد ًا يا بن ماجد‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬ولكن كثيرين من أ�بناء قومي ي�صدقون هذا الادعاء‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪ :‬أ�عرف ذلك‪ ..‬وداع ًا‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬لحظة‪� ..‬أنت لم تجبني عن �س ؤ�الي‪ ..‬هل ورد في �أي‬‫من كتبي ما ي�شير �إلى معرفتي بالمدعو “ فا�سكو دي‬ ‫غاما”‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬على الإطلاق‪ .‬حتى الغزاة الذين جا�ؤوا معه لم ي�أتوا‬ ‫على ذكر ا�سمك في كتبهم ‪..‬‬ ‫ وداع ًا‪..‬‬ ‫ كفكف دمعك‬ ‫ ام�سح حزنك‬ ‫ ففي كتبي يكمن �سرك‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬لحظة ‪ ..‬لحظة ‪ ..‬فقط أ�جبني �أرجوك ‪� ..‬أما زال‬ ‫البرتغاليون يحتلون أ�جزاء من �أر�ضي؟‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬ال‪ ..‬لا يا بن ماجد‪ ..‬جميع الغزاة رحلوا‪..‬‬‫‪29‬‬

‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬الغزاة رحلوا والتهم مازالت عالقة بي‪ ..‬ويح حظي‬ ‫وقلبي!‪..‬‬‫( ي�ست أ�نف خازن الكتب طريقه ‪ ،‬وقد راح �صوته يمتزج ب�صوت ظل الزمن‬ ‫وهما يغنيان معاً )‬ ‫ظل الزمن و خازن الكتب ‪:‬‬ ‫ كفكف دمعك‬ ‫ ام�سح حزنك‬ ‫ ففي كتب راما يكمن �سرك‬ ‫ يكمن �سرك‪..‬‬ ‫�إعتام تدريجي‬ ‫‪30‬‬

‫الم�شهد التا�سع‬ ‫مياه البحر ‪ .‬قرب ال�شاطئ‬‫( تت�أرجح عرو�س الموج‪ ،‬مع الموجة ال�صغيرة والكبيرة‪ ،‬على �سطح المياه وهن‬‫يتطلعن ب�شغف وقلق ناحية �شاطئ البحر‪ .‬تبادر الموجة ال�صغيرة �سائلة‬ ‫عرو�س الموج )‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪ :‬أ� أ�نت واثقة من مجيئها؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�جل‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬ولكن هاقد اكتمل �سطوع ال�شم�س وما من �أحد حط‬ ‫رحاله على �شاطئ البحر‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ربما يعود ذلك �إلى بعد الم�سافة‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬وهل بيت راما يبعد كثير ًا عن �شاطئ البحر؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬قرابة ثلاثة أ�و �أربعة أ�حلام ‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪�:‬أحلام �صغيرة أ�م كبيرة؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ال في الحقيقة أ�حلام كبيرة‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬معنى ذلك أ�ن و�صولها �سي�ستغرق زمن ًا طويل ًا‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬لي�س طويل ًا جد ًا‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪�:‬أتتوقعين و�صولها قبل غروب ال�شم�س‪� ،‬أم بعد الغروب‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬قلبي يحدثني �أنها �سوف ت�صل مع ال�شروق‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ها قد أ��شرقت ال�شم�س ولم ت أ� ِت!‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬انظرا‪ ..‬انظرا‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ماذا؟‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪�:‬أرى ظلال �أحدهم يقترب من ال�شاطئ‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬دعيني �أرى‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬يا إ�لهي‪ ..‬لقد تحقق ما كنا نتمناه‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ماذا؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬لقد �أتت‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬من؟‪ ..‬راما!؟‪..‬‬ ‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬نعم راما في طريقها �إلينا‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬راما‪ ..‬راما‪..‬‬‫‪31‬‬

‫( وهنا تظهر راما ب�صحبة ملهوف ووالده‪ .‬كما يظهر ظل الزمان في‬‫مدى البحر البعيد‪ ،‬تاركاً خيوطه القزحية تتراق�ص طرباً وفرحاً‪.‬تنتبه‬‫راما إ�لى مياه البحر‪ ،‬فتقفز من داخل العربة‪ ،‬وتهلل تعبيراً عن �سرورها‬ ‫وغبطتها )‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬البحر‪..‬ها هو البحر‪(..‬تقفز من داخل العربة ) نعم‬‫هو‪..‬بحر حقيقي‪..‬يا �إلهي!‪..‬ملهوف �أتراه‪ ..‬بحر ًا‬ ‫حقيقي ًا‪ ..‬انظر!‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪ (:‬بدوره يقفز من العربة ويندفع باتجاه مياه البحر‬‫بق�صد ال�سباحة) أ�جل‪ ..‬إ�نه البحر يا راما‪ ..‬هيا تعالي‬ ‫ن�ستحم في مياهه‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬انظر يا عم إ�لى عظمته وجماله؟‪..‬لا أ�كاد �أ�صدق �أنني‬‫أ�خير ًا أ�قف أ�مام بحر حقيقي‪..‬لا �أ�صدق‪�..‬أريد أ�ن‬ ‫�أحت�ضنه‪ ..‬أ�ن أ�غو�ص بين أ�مواجه‪..‬‬‫( يعاين والد ملهوف محيط المكان‪ ،‬فيبدي قلقه وتوج�سه‪ ،‬نظراً لخلو‬ ‫المكان من الرواد وال�سباحين‪ ،‬فيبادر م�ستوقفاً راما و ملهوف )‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬تمهلا‪..‬لا تقتربا من البحر‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬لـِ َم يا أ�بي؟!‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪�:‬أ�شعر وك أ�ن هناك �أمر ًا مريب ًا‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ماذا تعني يا�أبي؟‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ما �أعرفه عن �شواطئ البحار �أنها عادة تمتلئ بالرواد‪..‬‬ ‫أ�م ّا هنا فما من أ�حد �سوانا‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬و ما �ش�أننا نحن بالرواد يا �أبي؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪�:‬أخ�شى أ�ن يكون هناك خطر ما‪ ،‬ونحن نجهله‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أي خطر تعني يا عم أ�بو ملهوف؟‪�..‬أرجوك دعنا‬ ‫ن�ستطلع‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬تعالا لنرى‪..‬‬‫( يقتربون من مياه البحر‪ ،‬و�سرعان ما تلام�س قدم ملهوف المياه‪ ،‬ي�صرخ‬ ‫مت�ألماً )‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�خ‪ ..‬أ�خ قدمي!‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ما بك‪..‬ما الذي جرى لقدمك؟‪..‬‬ ‫‪32‬‬

‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬تحرقني ب�شدة يا أ�بي‪ ..‬المياه �ساخنة جد ًا‪..‬خذني �إلى‬ ‫العربة �أرجوك‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪ (:‬يحمله �إلى العربة ‪ ،‬وهو يبدي ا�ستغرابه ) مياه البحر‬ ‫�ساخنة!؟‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪(:‬لنف�سها) �أ�إلى هذا الحد �ساخنة؟‪ (..‬تدنو من المياه‬‫وتلام�س �سطحها ب أ�طراف �أ�صابعها فت�شعر ب أ�لم‬‫�شديد)�آه أ��صابعي‪ ..‬يا إ�لهي كم هي حارة!‪ (..‬في هذه‬‫الأثناء‪ ،‬وفي عر�ض البحر‪ ،‬تبادر عرو�س الموج مخاطبة‬ ‫�صديقتيها الموجتين )‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬هيا �سارعا و أ�لب�ساني ثوب الحماية‪ (..‬ترتدي ثوب‬‫الحماية وتدنو من راما وت�ضمها بين راحتيها‪ ،‬وقد‬‫راحت تهم�س في أ�ذنها ) لا تخافي!‪�..‬سوف �أحميك‪،‬‬ ‫و أ�حمي �أ�صابعك الناعمة‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪(:‬ت�شهق تعبير ًا عن خوفها) ماذا يجري‪�..‬سيبتلعني موج‬ ‫البحر؟‪..‬كتابي‪�..‬أخ�شى أ�ن يبتل كتابي!‪..‬‬‫عــــرو�س البحـــر ‪:‬ال تقلقي على كتابك‪ ..‬فلن ي�صيبه البلل‪ ..‬هه! هل‬ ‫عرفتني؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬من؟!‪ ..‬من يتحدث �إلي؟!!‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ال تخافي‪� ..‬أنا‪�..‬أنا عرو�س الموج‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪(:‬وقد أ�ح�ست ببع�ض الطم أ�نينة) عرو�س الموج ‪ ..‬تلك‬ ‫التي حلمت بها ليلة الأم�س؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬نعم �أنا هي‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬حلمي!‪ ..‬تحقق حلمي‪..‬لا‪ ،‬لا �أ�صدق‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬بل�صدقيياراما‪..‬وها أ�نتكماترينتقفينو�سطالبحر‬ ‫الذي تحبينه‪ ،‬وعرو�س الموج تحت�ضنك بين يديها‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬نعم هذه حقيقة‪ ..‬ما �أغرب ذلك‪ ..‬يا �إلهي كم تبدين‬ ‫أ�نت وبحرك رائعين‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬عيناك الجميلتان هما من أ��ضفى علينا هذه الروعة‪..‬‬ ‫وما وجودك بيننا إ�لا ليريحنا من عذاب مرير‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬آ�ه‪ ..‬نعم تذكرت‪..‬عندما زرتني في الحلم �ألمحت إ�لى‬‫‪33‬‬

‫م�شكلة تعانين منها أ�نت و�صديقاتك الموجات‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬أجل‪..‬ولهذا غامرت في رحلتي كي أ�دعوك لزيارتنا‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ها أ�نا بينكم‪�..‬أين هن �صديقاتك الموجات‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪ (:‬م�شيرة ناحية الموجتين) انظري تتطلعان إ�ليك ب�شغف‬ ‫و�شوق‪ ..‬تعالا اقتربا‪..‬‬‫( تدنو الموجة ال�صغيرة والكبيرة من راما‪ .‬تبادر الموجة ال�صغيرة متلهفة)‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬دعيني يا عرو�س الموج �أجعلها ت�سبح في مياهي‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬ال �إياك‪ ..‬و إ�لا جعلتها تت أ�لم من حر مائك‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪ :‬أ�لم تعديني ب أ�ني �سوف �ألعب معها حالما ت�أتي �إلى‬ ‫زيارتنا‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬أجل وعدتك بذلك‪ ،‬ولكن لي�س الآن‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬متى إ�ذ ًا ؟‪ ..‬متى؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬عندما يزول الخطر ‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ولكن بعد زوال الخطر قد تمتنع راما عن زيارتنا‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ال أ�عدك أ�نني �سوف أ�زوركن مرار ًا‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪ (:‬بغبطة و�سعادة ) أ��سمعتما؟‪..‬راما تتحدث �إلي ‪..‬‬ ‫�أتتحدثين �إل ّي أ�نا الموجة ال�صغيرة يا راما؟!‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬نعم‪� ..‬أتحدث إ�ليك‪ ..‬وقلت إ�نني �سوف �أزوركم مرار ًا‪..‬‬ ‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬ونلعب مع ًا ؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬بالت�أكيد‪ ..‬نلعب ونمرح مع ًا ‪..‬‬‫الموجة الكــــــبيرة ‪:‬ما أ�عذب �صوتك يا راما ‪..‬ليته كان لد ّي ا آلن ثياب‬‫حماية كعرو�س الموج‪ ،‬لحملتك وجعلتك تعومين فوق‬ ‫�سطح المياه‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪� (:‬سائلة عرو�س الموج بده�شة ) وهل أ�نت ترتدين ثوب ًا‬ ‫للحماية؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬أجل‪ ..‬و�إلا لما ت�سنى لي حملك‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لماذا؟!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬انظري إ�لى �صديقك الطفل ما زالت قدمه ت�ؤلمه نتيجة‬ ‫المياه الحارة‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬صحيح ِلـ َم هي حارة جد ًا ؟!!‪..‬‬ ‫‪34‬‬

‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬هذه هي م أ��ساتنا‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬م�أ�ساتكن؟!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬أجل‪ ..‬م أ��ساة وعذاب مرير‪�..‬ألا ترين خلو المكان من‬‫الزوارق والبواخر‪ ،‬وا أل�سماك‪ ..‬حتى الرواد ما عادوا‬ ‫يجر ؤ�ون على زيارة بحرنا‪.‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لماذا؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬حزن ابن ماجد ودموعه الحارة هما ال�سبب‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لم �أفهم!‪ ..‬من ابن ماجد؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪ :‬أ�لا تعرفين ابن ماجد؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ال‪ ..‬فلم يرد هذا الا�سم في كتابي‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪�:‬سوف �أخبرك عنه‪ ..‬إ�نه من �أهم و�أعظم علماء البحر‪..‬‬‫ق�ضى عمره يجوب البحار وي�ستك�شف أ��سرارها‪..‬كان‬‫لديه �أ�سطول كبير‪..‬لكنه ا آلن لا يمتلك �سوى دموعه‬ ‫و�أحزانه‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬دموعه و �أحزانه ؟!!‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬نعم هذا كل ما بقي له‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أهو كائ ٌن من موج مثلكن؟‪..‬‬ ‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬بل هو كائن ب�شري مثلك �أنت‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬وكيف عرفتن �أنه حزين ودامع العينين؟‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬دموعه الغزيرة الملتاعة هي من جعلت مياهنا على هذه‬‫الدرجة من الحرارة‪..‬وهكذا هجرتنا ال�سفن والزوارق‬ ‫وا أل�سماك‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لكن كتابي لم يخبرني عن �أمر كهذا‪ ..‬كيف؟‪..‬كيف‬ ‫تترك دموعه كل هذا ا ألثر على مياهكن‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬هي دموع حارة جد ًا لان�سكابها من عيني ابن ماجد‬ ‫الحزينتين‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬عيناه حزينتان!‪ِ ..‬لـ َم ؟‪ ..‬و�أين ي�سكن ابن ماجد هذا؟‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬مات منذ �سنين طويلة ‪ ،‬لكن أ�حزانه ودموعه مازالت‬ ‫تفي�ض بغزارة‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لماذا ؟‪..‬‬‫‪35‬‬

‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬يتهمه البع�ض من أ�بناء قومه بالخيانة‪ ،‬وهذا ما جعله‬‫يوا�صل نزيف �شلال دموعه تارك ًا �إياه ي�صب في مياه‬‫البحر منذ عدة قرون‪ ،‬مما �أدى �إلى ارتفاع درجة‬‫حرارة مياه بحرنا‪ ..‬راما أ�ق�سم ل ِك إ�نه بريء من تهمة‬‫الخيانة‪..‬ولذلك نرجوك �أن ت�سعي جاهدة لتبرئته‬ ‫ع�سى يتوقف �سيل دموعه‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�نا؟!‪..‬كيف �أفعل ذلك؟!‪..‬كيف؟!‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬نعم أ�نت ‪..‬فكري في ا ألمر‪ ،‬وبالت أ�كيد �ستعثرين على‬‫حل‪ ..‬هيا �أو�شك ثوب الحماية الذي �أرتدي أ�ن يت�آكل من‬‫حر المياه‪ ..‬عليك الذهاب إ�لى ال�شاطئ قبل �أن ي�صيبك‬ ‫مكروه‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬لحظة!‪ ..‬لحظة ف أ�نت لم تخبريني �شيئ ًا عن التهمة التي‬ ‫تعذب ابن ماجد وتبكيه‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬لم يعد ثمة وقت لل�شرح هنا‪ ..‬ا�سعي �إلى ذلك هناك على‬ ‫ظهر الياب�سة‪ ..‬هيا انجي بنف�سك‪..‬‬‫الموجة ال�صغــــيرة ‪:‬راما أ�رجوك لا تن�سي أ�ننا ب أ�م�س الحاجة لم�ساعدتك‪..‬‬ ‫و أ�نني م�شتاقة جد ًا للعب معك‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬و�أنا كذلك‪ ..‬ولكن لم �أفهم جيد ًا‪..‬‬‫عــــرو�س المـــــوج ‪:‬هيا ب�سرعة!‪� ..‬ستت�ضح لك جميع الأمور هناك على‬‫الياب�سة‪ (..‬ت�ضعها عرو�س الموج على �شاطئ البحر‪،‬‬‫فتبدي راما حيرتها وده�شتها ‪ .‬ينتبه والد ملهوف‬ ‫وي�س�أل)‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ما بك يا راما؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ما �أغرب ما حدث معي‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ما الذي حدث؟‪..‬لا تقلقي‪..‬لحظات و�سوف تتعافى قدم‬ ‫ملهوف‪ ،‬و�سيعود للعب معك في مياه البحر‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬هذا غير ممكن يا عم‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬لماذا؟‪..‬فها أ�نت كنت تلعبين ولم ي�صبك �أي مكروه‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ثوب عرو�س الموج هو الذي حماني‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪(:‬يقهقه�ضاحك ًا)ماذاقلتثوبعرو�سالموجحماك؟!‪..‬‬ ‫‪36‬‬

‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�جل!‪ ( ..‬تتمتم راما لنف�سها ) بالت�أكيد لن ي�صدقني‬‫والد ملهوف‪ ..‬ولكن لا �شك أ�ن ملهوف �سوف ي�صدقني‪..‬‬‫خ�صو�ص ًا �أنه ت أ�لم من �شدة حر المياه‪ ( ..‬تقترب من‬ ‫ملهوف) هيه ملهوف‪� ..‬أمازلت ت�شعر با أللم؟‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬ألم �شديد يا راما‪ ..‬لم �أكن �أعرف �أن مياه البحر تحرق‬ ‫القدمين‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬هي لا تحرق‪ ..‬ولكن هناك �أمر ًا ما جعلها هكذا‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�مر ما!‪�..‬أي �أمر؟!‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬حزن ابن ماجد‪ ،‬و�شلال دموعه‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ماذا؟!‪ ..‬ماذا قلت؟!‪ ..‬حزن من‪ ،‬و�شلال من؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬دموع ابن ماجد‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ومن يكون ابن ماجد هذا؟!‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬تهم�س له �شارحة ا ألمر‪ .‬في هذه الأثناء يكون والد‬‫ملهوف قد لام�س بقدميه المياه‪ ،‬مما جعله يرتد عنها‬ ‫مذعور ًا وقد أ��صابه أ�لم �شديد)‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪ :‬أ�ه يا قدم ّي‪ ..‬يا قدم ّي‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ِ :‬لـ َم لام�ست المياه يا عم‪� ..‬ألم أ�نبهك إ�لى خطورة ذلك؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ولكن أ�نت نزلت إ�لى المياه ولم ي�صبك أ�ذى!‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬قلت لك ‪...‬عرو�س الموج حمتني بثوبها‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ماذا قلت؟!‪..‬عرو�س الموج حمتك بثوبها؟!‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�جل‪ ..‬ولولا ذلك لكنت قد ت أ�لمت كثير ًا‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬فعل ًا ا ألمر عجيب!‪ ..‬ف�أنت لم ت�صابي ب أ�ي �أذى رغم أ�ني‬ ‫ر أ�يتك تغو�صين في مياه البحر‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬عم‪�..‬أجبني �أرجوك‪ ..‬أ��سبق لك أ�ن �سمعت ب�شخ�ص‬ ‫يدعى ابن ماجد؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ابن ماجد‪ ..‬تق�صدين البحار العظيم ابن ماجد‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬نعم هو من ق�صدت‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬كيف عرفت به؟‪ ..‬من �أين؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬من الكتب‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬الكتب‪ ..‬وهل في الدنيا كتب تتحدث عن البحار غير‬‫‪37‬‬

‫كتابي هذا؟!‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪ :‬أ�وه‪ ..‬طبع ًا‪ ..‬هناك مئات‪ ..‬بل �آلاف الكتب‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬متحدثة �إلى كتابها بذهول وحيرة ) مئات و آ�لاف‬ ‫الكتب غيرك �أنت؟!‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪�:‬أبي هل ت�صدق أ�ن �أحزان ابن ماجد‪ ،‬ودموعه جعلت‬ ‫مياه البحر حارة وحارقة إ�لى هذه الدرجة؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪ :‬أ�حزانه ودموعه؟‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أجل‪ ..‬بالله عليك يا عم أ� تعرف �سبب ما يمكن أ�ن يجعل‬‫بحار ًا عظيم ًا كابن ماجد حزينا ودامع العينين ل�سنين‬ ‫طويلة؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ولكن الربان ابن ماجد توفي منذ قرون عديدة‪..‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬نعرف ذلك‪ ..‬ولكن ما لا نعرفه أ�ي �سبب هو الذي يمكن‬‫أ�ن يجعل ميت ًا يحزن كل هذا الحزن ويذرف هذا الكم‬ ‫من الدموع‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪�:‬آ‪ ..‬نعم‪ ..‬نعم تذكرت!‪ ..‬هناك �سبب أ�ظنه كافي ًا لتعذيب‬ ‫أ�رواح حتى من غدوا في عداد الأموات ‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬قل لنا ما هذا ال�سبب؟‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬للأ�سف البع�ض من النا�س اتهموا ابن ماجد ب�أنه هو من‬ ‫دل جيو�ش البرتغال على طريق �سواحل الخليج‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ومن أ�ين عرفت هذا ا ألمر يا والدي؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪�:‬أي�ض ًا من الكتب‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬من الكتب؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪�:‬أجل‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬معنى ذلك أ�نه علينا قراءة �آلاف الكتب حتى ن�ستطيع‬ ‫تبرئة ابن ماجد ‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ولكن يا راما إ�ذا كان كتابك ال�صغير هذا لا ي�أتي على‬ ‫ذكر ابن ماجد فمن أ�ين عرفت به أ�نت؟!‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬عرو�س البحر هي التي �أخبرتني‪ ..‬هيا‪ ..‬هيا لنعود‬ ‫ونبا�شر عملية البحث عن الكتب يا ملهوف‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬هيا راما‪..‬‬ ‫‪38‬‬

‫والد ملهـــــــــوف ‪ (:‬يتمتم تعبير ًا عن حيرته ) من هي عرو�س الموج؟‪..‬‬‫معنى هذا �أن الأمر حقيقي‪ ..‬انتظرا ‪ ..‬خذاني معكما‪..‬‬‫( يظهر ظل الزمان في المدى البعيد وقد راح يغني بنبرة رقيقة متفائلة‪،‬‬ ‫وب�صوت خافت )‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬كفكف دمعك‪..‬‬ ‫ ام�سح حزنك‬ ‫ ففي كتب راما يكمن �سرك‬ ‫ يكمن �سرك‪..‬‬ ‫�إعتام تدريجي‬‫‪39‬‬

‫الم�شهد العا�شـر‬ ‫البحر‬‫( عند �شاطئ البحر نلمح ابن ماجد وحيداً‪ ،‬وهو يذرف دموعاً غزيرة‬‫ي�صب جدولها في مياه البحر‪ ،‬كذلك نلمح ظل الزمان في العمق البعيد‪،‬‬‫وقد �أحاطت به خيوطه البراقة‪ ،‬مت�أمل ًا ما يجري‪.‬كما تظهر ال�سفينة‬‫البرتقالية وال�سفينة الخ�ضراء والزرقاء‪ ،‬يت أ�رجحن على �سطح المياه‬‫يترقبن أ�مراً ما‪ .‬فج أ�ة ت أ�تي ال�سفينة ال�صغيرة قادمة من مكان بعيد ‪،‬‬‫وهي تعوم على �سطح المياه ب�سرعة ولهفة‪ ،‬وقد راحت تنادي تعبيراً عن‬ ‫�سرورها )‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪�:‬أين أ�نتن يا �صديقاتي؟‪ ..‬أ�ين أ�نتن؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬ها نحن هنا‪ ..‬ما بك؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬منذ لحظات حدث �أمر �سي�سركن جد ًا‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬ما الذي حدث؟!‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪ :‬أ�مر لا يمكن حدوثه حتى في الأحلام‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬هيا قولي ما هو‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬عرو�س الموج و�صديقتاها الموجتان التقين مع طفلة‬ ‫�صغيرة لم ي�سبق لي أ�ن ر�أيت مثلها من قبل‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬التقين مع طفلة �صغيرة!‪..‬وماذا جاءت تفعل هناك طفلة‬ ‫�صغيرة؟‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬في الحقيقة لا �أدري‪ ..‬ولكن مجيئها ترك أ�ثر ًا مفرح ًا‬ ‫لدى عرو�س الموج‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬غريب!‪ ..‬كيف ا�ستطاعت طفلة �صغيرة �أن تدخل الفرح‬‫وال�سرور �إلى �أعماق عرو�س الموج و�صديقتيها رغم �أنهن‬ ‫جد حزينات‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬يا له من أ�مر غريب حق ًا ؟‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪ :‬أ�ظن أ�ن الطفلة ال�صغيرة كان معها �سلة بها كم كبير من‬‫الفرح ووزعت بع�ض ًا منه على عرو�س الموج و�صديقتيها‬ ‫الموجتين دون أ�ن �ألمح ذلك‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪�:‬سلة من الفرح‪ ..‬وكيف تكون هذه ال�سلة؟‪ ..‬لو �أنها �أهدت‬ ‫‪40‬‬

‫محتوياتها لابن ماجد‪ ،‬فربما تلا�شى حزنه وتوقف‬ ‫دمعه‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬ومن يعرف‪ ..‬ع�ساها تكون فعلت ذلك‪..‬‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬هيا‪ ..‬هيا تعالوا نذهب لنرى ابن ماجد‪..‬ونت أ�كد فيما‬ ‫�إذا كان نال من �سلة الطفلة بع�ض ًا من الفرح‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬هيا ‪ ..‬ع�سى نراه ي�ضحك مرة‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬وبذلك أ�كون �أنا أ�ول من تنب أ� بخبر �سار كهذا‪..‬‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬لو �صدق حد�سك هذا‪ ،‬لجعلناك منارة دربنا رغم �أنك‬ ‫أ��صغرنا‪ ..‬هيا‪..‬‬‫( يهممن بالتحرك والتوجه إ�لى ابن ماجد‪ ،‬فت�ستوقفهن ال�سفينة‬ ‫ال�صغيرة وقد برقت فكرة في ر أ��سها )‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬لحظة‪ ..‬لحظة‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬ماذا هناك؟‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬دعوني بدء ًا من هذه اللحظة �أ�سير في المقدمة‪..‬‬ ‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬ك أ�نك واثقة جد ًا من حد�سك‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬هيا اتبعوني‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬طوع أ�مرك!‪ (..‬ت�سير ال�سفينة ال�صغيرة في المقدمة ‪،‬‬‫بينما تتبعها ال�سفن الثلاث‪.‬لحظات و ي�صلن قريب ًا من‬ ‫ابن ماجد‪ ،‬فتبادر ال�سفينة الزرقاء )‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬مرحب ًا بك يا قبطاني ورباني يا بن ماجد!‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪ (:‬يبدي ده�شته ويبادر دون أ�ن ينقطع �سيل دموعه )‬‫�ألم نتفق على �أن تبقين بعيدات عن مجرى دموعي كي‬ ‫لا تحترقن‪..‬‬‫ال�سفينة البرتقالية ‪:‬تمهل قليل ًا أ�رجوك‪ ..‬فقط جئنا ن�س�ألك إ�ن كنت قد‬ ‫التقيت بطفلة �صغيرة‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬ال لم �ألت ِق ب�أحد‪..‬ثم إ�ن ا ألطفال لا يحبون اللقاء بحزين‪،‬‬ ‫ودامع عينين مثلي‪..‬‬‫ال�سفينة الخ�ضـراء ‪:‬ولكن اللقاء ب أ�طفال �صغار يزيل حزن الكبار ويوقف‬ ‫�سيل دموعهم‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪ (:‬تبادر ملمحة �إلى راما )خ�صو�ص ًا إ�ذا حمل أ�حدهم‬‫‪41‬‬

‫�إليك �سلة مليئة ب أ�خبار الفرح‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬ما من خبر يفرحني‪ ،‬ويكفكف دمعي �سوى براءتي‪..‬‬ ‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬براءتك هي �أي�ض ًا �سعادتنا و�سرورنا يا رباني‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪�:‬أعرف ذلك‪ ..‬فحالكن كحالي يا �سفني‪� ..‬إلا أ�نكن لا‬ ‫ت�ستطعن فعل �شيء‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬ولكني قبل برهة ر�أيت طفلة �صغيرة التقت مع عرو�س‬‫الموج و�صديقتيها الحزينتين‪ ،‬ف�أعطتهن كمية من‬ ‫الفرح‪ ..‬و�سرعان ما تحررن من �أحزانهن و آ�لامهن‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬طفلة �صغيرة‪ ..‬وماذا بمقدور الأطفال �أن يفعلوا أ�مام‬ ‫دموع و أ�حزان كدموعنا و�أحزاننا؟‪..‬‬‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪�:‬أق�سم يا �سيدي ورباني إ�ني ر�أيت الطفلة تمحو الحزن‬ ‫عن �شفاه الأمواج وتزرع ال�سرور محله‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪�:‬أيعقل هذا؟!‪ ..‬كيف حدث ذلك؟!‪..‬كيف؟!‪..‬‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪:‬ليتناظللناعلىقيدالحياةكحالعرو�سالموجو�صديقتيها‬‫‪ ..‬لذهبن وتحدثن معهن وعرفنا كيف ا�ستطاعت طفلة‬ ‫�صغيرة ر�سم الفرح على �شفاههن!‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪(:‬وقد ت�ضاعف �شهيق بكائه) كفوا عن الكلام‪ ....‬أ�جيال‬‫عديدة مرت‪ ،‬ولم ت�ستطع �إدخال البهجة والفرح إ�لى‬‫قلبي‪ ،‬فكيف لطفلة �صغيرة �أن تفعل ما عجزت عن فعله‬ ‫�أجيال و أ�جيال‪..‬‬ ‫ال�سفينة البرتقالية ‪�:‬صحيح كيف؟‪..‬‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬هيا ابتعدن عن مجرى دموعي‪ ..‬هيا!‪..‬‬‫( ت�سارع ال�سفن مبتعدات‪ ،‬تاركات ابن ماجد م�ستغرقاً في بكائه‪ ،‬وقد خاب‬‫�أملهن‪ ،‬ومع ذلك ت�صر ال�سفينة ال�صغيرة على ال�سير في المقدمة‪ ،‬فت�س�أل‬ ‫ال�سفينة الزرقاء مبدية ده�شتها )‬‫ال�سفينة الزرقـــاء ‪ِ :‬لـ َم ت�صرين على ال�سير في المقدمة وقد خاب ظنك يا‬ ‫�صغيرتنا‪..‬‬ ‫ال�سفينة ال�صغــيرة ‪:‬لكن أ�ملي لم يخب بعد‪..‬‬‫( ي�سمع �صدى �صوت �ضحكة ناعمة �صادرة عن ظل الزمان‪ ،‬وقد راح ينثر‬ ‫خيوطه البراقة في �أرجاء المكان‪ ،‬وهو يغني بنبرة تنم عن �أمل �أكيد )‬ ‫‪42‬‬

‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬كفكف دمعك‬ ‫ام�سح حزنك‬ ‫ففي كتب راما يكمن �سرك‬ ‫يا بن ماجد ‪ ..‬يكمن �سرك‬ ‫�إعتام تدريجي‬‫‪43‬‬

‫الم�شهد الحادي ع�شـر‬‫( راما ت�سير وحيدة وهي تقلب في �صفحات كتابها على نحو ينم عن‬‫حيرتها و�أ�سفها فنلمح من بعيد ظل الزمان يتتبع خطواتها‪ ،‬بينما انهمك‬‫والد ملهوف بجر العربة وقد ا�ستقر عليها ملهوف‪ .‬تردد راما بين الحين‬ ‫وا آلخر تعبيراً عن هواج�سها )‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬كتب‪..‬كتب‪ ..‬مئات الكتب‪� ..‬آلاف الكتب‪ ..‬أ�ين نعثر على‬ ‫هذه الكتب؟‪ ..‬مئات الكتب‪� ..‬آلاف الكتب‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪(:‬ي�س�ألوقدتنبهلحيرةراما‪،‬رغمانهماكهبجرالعربة)‬ ‫ما بك يا راما؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أين �سنعثر على مئات و آ�لاف الكتب يا عم‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬علينا البحث عنها في المكتبات‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬هاه قلت في المكتبات!‪..‬ح�سن ًا !‪ ..‬ولكن إ�ذا عثرنا‬‫على الكتب التي نحتاج �إليها‪ ،‬فكم نحتاج من زمن‬ ‫لقراءتها؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ربما نحتاج لفترة طويلة‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬و أ�ين هذه المكتبات يا أ�بي؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬في المدن‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬وهنا‪� ..‬ألا يوجد كتب ومكتبات؟‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ال‪ ،‬لا يوجد‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬تكف عن ال�سير و تتمتم لنف�سها تعبير ًا عن حيرتها)‬‫ِلـ َم لا توجد مكتبات هنا‪ِ ..‬لـ َم ؟‪ ( .‬في هذه ا ألثناء ينثر‬‫ظل الزمن خيوطه البراقة في �أرجاء المكان‪ ،‬ويجعل‬ ‫بع�ضها يقترب من راما رويد ًا‪ ،‬رويد ًا ويغني )‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪ :‬تراني راما ولا تراني‪..‬‬ ‫ تخافني وتهواني‬ ‫ تعرفني وتن�ساني‬ ‫ ا�سمي ظل الزمن‬ ‫ �أحل في كال مكان‬ ‫ في كل ع�صر و�أوان‬ ‫‪44‬‬

‫( تعلق راما وقد �سحرها هذه ال�صوت العذب)‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ك أ�ني أ��سمع �صوت غناء عذب‪�..‬أت�سمع يا ملهوف؟!‪..‬‬‫(�إلا أ�ن ملهوف ووالده راحا يبتعدان عن راما ويتواريان‬‫عن �أب�صارها‪ .‬في هذه ا ألثناء يحرك ظل الزمن بع�ض ًا‬‫من خيوطه‪ ،‬فيظهر خازن الكتب وهو يجر عربة كبيرة‪،‬‬ ‫مليئة بالكتب‪ ،‬يردد مغني ًا مع ظل الزمن )‬ ‫خازن الكتب وظل الزمان ‪:‬‬ ‫ كفكف دمعك‬ ‫ ام�سح حزنك‬ ‫ ففي كتب راما يكمن �سرك‬ ‫ يابن ماجد‪ ..‬يكمن �سرك‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪ (:‬مناديا ب�صوت خافت ) راما‪ ..‬راما‪..‬‬‫رامــــــــــــــــــــا ‪:‬من يناديني؟‪ (..‬تتلفت بحث ًا عن م�صدر النداء) من‬ ‫يناديني؟‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪ :‬أ�نا‪� ..‬أنا يا راما‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ (:‬تنتبه �إلى خازن الكتب ) أ�نت!! من �أنت؟‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪�:‬أنا خازن كتب التاريخ‪..‬انظري جئت إ�ليك بكل هذه‬ ‫الكتب‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬خازن كتب التاريخ؟!‪ (..‬تبادر وهي تتطلع �إلى الكتب‬‫بده�شة و�شغف)كتب!‪..‬من أ�خبرك �أننا بحاجة ما�سة‬ ‫للكتب‪..‬من؟!‪..‬‬ ‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬خيوط الزمان هدتني �إليك‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬خيوط الزمان؟!‪ ..‬كيف؟!‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪�:‬ألا ت�سعين لم�سح �أحزان ابن ماجد‪ ،‬و إ�يقاف �سيل‬ ‫دموعه؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬بلى‪ ،‬هل تعرفه؟‪ ..‬أ�رجوك احك لي عنه؟‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪�:‬ستحكي لك هذه الكتب جميع الحكايات المتعلقة به‪..‬‬‫أ�ما أ�نا ف�س�أكتفي بقراءة بع�ض ال�سطور‪ ( ..‬يتناول‬‫كتاب ًا ويقر أ� ب�صوت جهوري) تقول حروف هذا الكتاب‪:‬‬‫ولد �شهاب الدين بن ماجد في الجزيرة العربية‪ ،‬في‬‫‪45‬‬

‫جلفار‪..‬ر�أ�س الخيمة حالي ًا‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أي هنا‪..‬بدولة الإمارات العربية المتحدة ؟!!‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬نعم‪ ،‬ومولده كان نحو ‪ 840‬هجرية من �أ�سرة ا�شتهر‬‫�أفرادها بريادة البحر وحب ا أل�سفار ‪ ،‬فتعلق قلبه‬‫بالبحر منذ ال�صغر‪.‬ووفاته كانت �سنة �ست وثلاثين‬ ‫وت�سعمئة هجرية‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�حب البحر وجابه منذ ال�صغر؟!‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪ :‬أ�جل !‪..‬عا�ش ما يقارب ثمانين عام ًا �أم�ضاها في ال�سفر‬ ‫والترحال واكت�شاف العلوم و ا أل�سرار‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬ولكن لماذا هو دائم الحزن و البكاء؟‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬بع�ضهم اتهمه بالخيانة‪ ،‬وطبع ًا هو لي�س كذلك‪ ..‬وها‬‫هي كتبه ونظرياته موجودة هنا‪�..‬سوف ت�ؤكد لك حقيقة‬ ‫ذلك‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أعطني هذه الكتب يا خازن الكتب‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬هي لك‪ ..‬اقرئيها بعين بي�ضاء‪ ..‬عين منفتحة‪..‬لا ت�شوبها‬ ‫�شائبة‪ ،‬وعندها �ستت�ضح لك الحقيقة‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬وهل يمكن لهذه الكتب �أن تبرئه ؟‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬في خزانتي ما ينوف عن أ�ربعين كتاب ًا‪ ..‬كتبها ابن ماجد‬‫بخط يده‪..‬وهناك كتب كثيرة كتبت عنه‪� ،‬أ�شهرها‬‫كتاب” بيان الم ؤ�رخين ا ألماجاد في براءة ابن ماجد”‬ ‫وهو خير دليل على براءته‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬هو بريء!‪ ..‬فعرو�س الموج �أكدت لي ذلك‪..‬‬‫خــــازن الكـــــتب ‪:‬اقرئي هذا الكتاب‪ ،‬وغيره من الكتب و�ستكت�شفين‬ ‫الحقيقة بنف�سك‪�..‬أما �أنا ف�أقول لك وداع ًا يا راما!‪..‬‬‫( تمتد خيوط ظل الزمن‪ ،‬وتحمل خازن الكتب إ�لى البعيد‪ ،‬حتى يتوارى‬ ‫تاركاً خزانة الكتب لراما‪ ،‬تتلفت راما بحثاً عنه مبدية ده�شتها )‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪ :‬أ�ين رحلت يا خازن الكتب؟‪ ..‬أ�ين �أنت؟‪ (..‬ي�سمع �صدى‬ ‫�صوت ظل الزمان يغني)‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬كفكف دمعك‬ ‫ ام�سح حزنك ‪..‬‬ ‫‪46‬‬

‫ ففي كتب راما‬ ‫ يكمن �سرك‬ ‫( تنتبه راما لخزانة الكتب‪ ،‬فتبادر تعبيراً عن �سرورها وده�شتها )‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬كتبي‪ ..‬أ�جل هذه �أ�ضحت كتبي‪ ..‬أ�ين �أنت يا ملهوف‪..‬عم‬‫�أبو ملهوف‪ ..‬أ�ين أ�نتما؟‪ ..‬تعالا �ساعداني في جر هذه‬‫الخزانة ال�ضخمة‪ ..‬لا أ��ستطيع دفعها وحدي‪ (..‬تحاول‬‫�أن تجرها‪ ،‬فتكت�شف كم يبدو وزنها خفيف ًا ‪ ،‬حيث تمتد‬‫خيوط الزمن وت�ساعدها بدفع الخزانة ‪ ،‬فتبدي راما‬‫ده�شتها ) يا إ�لهي أ� �أنا قوية إ�لى هذا الحد‪ ،‬و أ��ستطيع‬ ‫جر خزانة بهذا الحجم الكبير؟!‪..‬‬‫(في هذه ا ألثناء يظهر ملهوف ووالده وقد بدا عليهما القلق والده�شة )‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬راما �أين كنت؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬انظرا ( ت�شير إ�لى خزانة الكتب)‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ما هذه الخزانة التي تجرينها؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬خزانة مليئة بالكنوز‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�رى كتب ًا لا كنوز ًا‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪:‬الكتب �أثمن من الكنوز يا ملهوف‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬كيف؟‪..‬‬‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬راما معها حق يا ملهوف‪..‬فالكتب تخبئ في �أعماقها‬‫تاريخ ا إلن�سانية‪،‬م�ستقبلها‪،‬حا�ضرها‪ ،‬رجالها ون�ساءها‬ ‫و أ�طفالها‪ ،‬علماءها و أ�بطالها‪..،‬‬‫ملهـــــــــــــــوف ‪ (:‬يبادر مقاطع ًا )كيف‪..‬كيف يا أ�بي‪ ..‬هيا أ� ِرني هذه‬ ‫الكنوز‪..‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬سوف نعود بكل هذه الكتب �إلى البيت وهناك �سنكت�شف‬‫ذلك ب أ�نف�سنا‪..‬ثم لا تن�س يا ملهوف‪ ،‬أ�ننا قد نعثر داخلها‬ ‫على براءة ابن ماجد‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�حق ًا ما تقولين يا راما ؟‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أجل‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ولكن أ�ين عثرت على هذه الخزانة يا راما؟!‪..‬‬ ‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬س�أروي لكما حكاية عثوري عليها في طريق عودتنا‪..‬‬‫‪47‬‬

‫( تجر العربة‪ ،‬فيبدي ملهوف حيرته وا�ستغرابه )‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪ :‬أ�بي انظر راما ت�ستطيع جرها بيديها ال�صغيرتين‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬ما �أغرب هذا!‪..‬كيف ت�ستطيعين فعل ذلك يا راما؟!!‪.‬‬‫رامـــــــــــــــــــا ‪�:‬أظن أ�ن جوانح الفرا�شات والع�صافير ت�ساعدني في‬ ‫ذلك‪..‬‬ ‫ملهـــــــــــــــوف ‪:‬ولكن ما من فرا�شات ولا ع�صافير هنا‪..‬‬ ‫والد ملهـــــــــوف ‪:‬بل يوجد‪ ..‬أ�نت وراما‪..‬‬ ‫( ي�ضحكون ويوا�صلون الم�سير وهم يتعاونون على دفع العربة)‬ ‫�إعتام تدريجي‬ ‫‪48‬‬

‫الم�شهد الثاني ع�شـر‬ ‫�شاطئ البحر‬‫( يرنو ابن ماجد إ�لى البعيد‪ ،‬حيث �ضوء القمر ينبثق في العمق‪ ،‬وي�ستقر‬‫بين �سطح الياب�سة وموج البحر ‪ ،‬مما يجعل أ�حزانه تمتزج مع أ�فراح لم‬‫ي�شعر بها من قبل‪ ،‬كذلك حال دموعه تختلط مع ابت�سامته‪ ،‬فيبادر تعبيراً‬ ‫عن �شعوره باللهفة والغبطة )‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪�:‬أ�شم رائحة ن�سيم عليل آ�ت من بعيد‪ ..‬من هناك‪ ..‬أ�ي‬‫عبق هذا الذي يثلج �صدري‪ ،‬ويريح ف�ؤادي‪ ،‬ما الذي‬‫يجري هناك ؟‪ ..‬ما الذي يجري!؟‪ ( ..‬يظهر ظل‬‫الزمان في امتداد البحر العميق‪ ،‬ناثر ًا خيوطه البراقة‬ ‫على �سطح الأمواج‪ ،‬مغني ًا بنبرة جد رقيقة وعذبة )‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪:‬كفكف دمعك‪..‬‬ ‫ ام�سح حزنك‬ ‫ ففي كتب راما‬ ‫ يكمن �سرك‬ ‫ يكمن �سرك‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪ (:‬يت�ساءل وقد تناهى �إلى �سمعه الغناء‪ ،‬مما �ضاعف من‬ ‫غبطته) أ�ي �صوت ناعم هذا‪..‬من يغني لي؟‪..‬من؟‪..‬‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪� :‬أنا ظل الزمان‪..‬‬ ‫ أ�حر�س طريق ا إلن�سان‬ ‫ أ�ينما حل أ�ينما كان‬ ‫ابن ماجــــــــــــد ‪:‬من أ�نت؟‪ ..‬من �أنت؟!!‪..‬‬ ‫ظـــــــل الزمــــان ‪ :‬كفكف دمعك‬ ‫ ام�سح حزنك‬ ‫ ففي كتب راما يكمن �سرك‪..‬‬‫ابن ماجــــــــــــد ‪ (:‬ي�س�أل بلهفة وهو يم�ضي م�سرع ًا باتجاه ال�صوت ) من‬ ‫راما هذه؟!!‪..‬من؟!!‪..‬‬‫( يتوارى ابن ماجد رويداً‪ ،‬رويداً عن ا ألنظار‪ .‬في �أثناء ذلك يطل �ضوء‬‫القمر �ساطعاً في ا ألفق البعيد‪ ،‬عاك�ساً �أنواره على �سطح مياه البحر‪،‬‬‫‪49‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook