Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الصراع الإيديولوجي في الحركة الوطنية التونسية

الصراع الإيديولوجي في الحركة الوطنية التونسية

Published by نزار يعرب المرزوقي, 2022-08-11 04:24:25

Description: الصراع الإيديولوجي في الحركة الوطنية التونسية

Search

Read the Text Version

‫اتصمورية اتصزائرية الدتنقراطية الشعبية‬ ‫وزارة التعليم العالر والبحث العلمي‬ ‫جامعة العقيد أتزد دراية‪-‬أدرار‪-‬‬ ‫كلية العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية‬ ‫قسم العلوم الإنسانية‬ ‫الصراع الإيديولوجي في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الجذور ‪ -‬تداعيات (من سنة ‪ 4391‬إلى غاية سنة ‪4391‬م)‬ ‫مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في تخصص المغرب العربي المعاصر‬ ‫إشراف الأستاذ ‪:‬‬ ‫إعداد الطالب‪:‬‬ ‫الصافي ختير‬ ‫عبد الرحمان جرادي‬ ‫الصفة‬ ‫أعضاء لجنة المناقشة ‪:‬‬ ‫رئيسا‬ ‫الاسم و اللقب الرتبة‬ ‫مشرفا ومقررا‬ ‫د‪ /‬خي عبد الله أستاذ‬ ‫ممتحنا‬ ‫أ‪/‬ختير الصافي أستاذ‬ ‫د‪ /‬بن سويسي محمد أستاذ‬ ‫السنة الجامعية ‪1439‬ىـ‪1440-‬ىـ ‪2018/‬م‪2019-‬م‬





‫الإهــداء‬ ‫إلى من تحملت عناء إنجابي وكابدت آلام السنين لأجل تربيتي‪.....‬‬ ‫جوهرة حياتي أمي الغالية‬ ‫إلى الهرم الذي جعل العزم غاية‪ ،‬والإصرار هواية‪،‬والثبات في الأمور جميعها أنبل آية‬ ‫إلى\"أبي\" سندي وفخري واعتزازي ‪.‬‬ ‫إلى القـلوب التي تطير بدون جناحين \"إخوتي\" و\"أخواتي‬ ‫إلى زوجتي الغالية وأم البنين‬ ‫إلى فـلذات كبدي ورياحين حياتي ‪ ......‬مصطفى ومحمد ويوسف‬ ‫لهم جميعا أهدي ثمرة جهدي عربون محبة وعرفـان‬ ‫عبد الرحمان‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫شكر وعرفـان‬ ‫مصداقـا لقوله تعالى‪﴿ :‬وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي‬ ‫لشديد﴾ سورةإبراهيم آية‪71‬‬ ‫وانطلاقـا من الأثر القـائل (( من لايشكر الناس لايشكر ا﵀))‬ ‫أولا أحمد الله وأشكره على مارزقني من نعم وعلى توفيقو لي لإتمام ىذا العمل المتواضع‬ ‫أشكر الشكر الجزيل أستاذي الدكتور الفاضل الصافي ختير الذي تفضل بمهمة‬ ‫الإشراف على الرسالة و تابع خطوات ىذا العمل وأمدني بتوجيهاتو ونصائحو‬ ‫القيمة التي دللت لي الكثير من الصعوبات‪.‬‬ ‫أتقدم بالشكر الجزيل لجميع أساتذتي بقسم العلوم الإنسانية بجامعة أدرار‬ ‫الذين تلقيت عنهم أبجديات المنهجية والبحث العلمي وأخص بالذكر كل من‬ ‫الدكتور خي عبد الله و الدكتور مرغيت محمد والدكتور رموم محفوظ والدكتور‬ ‫حمادي بن موسى والدكتور بوعريوة‬ ‫كما لا يسعني أن أتوجو بأسمى عبارات الشكر والامتنان لأعضاء لجنة‬ ‫المناقشة الذين شرفوني بقبول مناقشة الرسالة وإثرائها‬ ‫الشكر الجزيل لكل من وقف معي وساندني خلال مشقة البحث وأخص بالذكر‬ ‫السيد كحلاوي الطيب‪.‬‬

‫مقدمــــة‬

‫مقدمة‬ ‫يعد تاريخ تونس اتضديث واتظعاصر مادة دتشة للبحث‪ ،‬وتربة خصبة للقراءات التارتمية‪،‬‬ ‫لتظهر بذلك مدرسة تارتمية تهتم اىتماما كبَتا بتطور الفعل التارتمي – الإنسان‪ ،‬الزمان‪ ،‬اتظكان‪-‬‬ ‫ليشكل ذلك الفعل البشري داخل ا﵀يط اتصغرافي لتونس خلال الفًتة اتضديثة واتظعاصرة‪ ،‬عامل‬ ‫جذب لكثَت من الباحثُت واتظؤرخُت‪ ،‬وعلى رأسهم عبد اتصليل التميمي الذي أنشأ مدرسة خاصة‬ ‫تحاول إعادة كتابة تاريخ تونس برؤية جديدة‪ -‬مؤسسة التميمي للبحث العلمي واتظعلومات‪ -‬ىذا‬ ‫على صعيد تونس‪ ،‬أما بالنسبة للمؤرخُت الذين اىتموا بتاريخ تونس تؾد يوسف مناصرية الذي‬ ‫كانت جل كتاباتو حول موضوع اتضركة الوطنية التونسية منها كتاب دور النخبة اتصزائرية في اتضركة‬ ‫الوطنية التونسية بُت اتضربُت العاتظيتُت‪ ،‬وكتاب الصراع الإيديولوجي في اتضركة الوطنية التونسية‬ ‫‪ 1937-1934‬ىذا الأخَت طرح فيو مشكلة الصراع بُت تيارات اتضركة الوطنية‪.‬‬ ‫حاول مناصرية في كتابتو للحركة الوطنية في تونس ‪ -‬من خلال كتابو الصراع الإيديولوجي‬ ‫في اتضركة الوطنية التونسية‪ -‬الًتكيز على البعد الإيديولوجي للحركة والبنية الفكرية للأحداث التي‬ ‫عاشتها تونس بكل مشاربها ومرجعياتها خلال تلك الفًتة‪ ،‬ىذا التنوع ىو الذي سيطبع معالد‬ ‫تونس اتضديثة وطرق معاتصتها للواقع بُت التنظَت والتطبيق‪.‬‬ ‫إن البنية الفكرية كانت وليدة موجة اتضداثة التي شهدتها تونس قبل اتضماية‪ ،‬قد اقًتنت‬ ‫بضرورة التماشي مع روح العصر‪ ،‬وضرورة إصلاح الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية‬ ‫للنهوض بالدولة والمجتمع‪ ،‬وبهذا جعل الفكر الإصلاحي من الفكر اتضداثي تيارا أخر يصب في‬ ‫الوعي الوطٍت و بناء الوعي الاجتماعي‪.‬‬ ‫إشكالية البحث ‪:‬‬ ‫بعد فرض اتضماية الفرنسية خضعت تونس لنظام استعماري قائم على أساس إلغاء اتضقوق‬ ‫الوطنية إذ جرد بايات تونس من سيادتهم ووضعت تونس تحت تصرف اتظقيم العام الفرنسي‪ ،‬ولد‬ ‫يقف مشروع النظام الفرنسي في تونس عند حدود الاستلاب السياسي والاقتصادي فحسب بل‬ ‫ب‬

‫مقدمة‬ ‫تعداه إلذ استهداف مقومات المجتمع التونسي وكرد فعل على ىذه الإجراءات ظهرت تـبة مثقفة‬ ‫رفعت لواء النضال السياسي ضد اتظستعمر الغاشم غَت أن ىذه النخبة كانت قد تغذت أفكارىا‬ ‫من مشارب متعددة أنتجت اتجاىات فكرية وأحزاب سياسية كان تعا توجهات تؼتلفة ومتناقضة‬ ‫أحيانا أحدثت صراعا فكريا ومن ىنا جاءت إشكالية البحثكما يلي‪:‬‬ ‫ما ىي أىم المرجعيات الفكرية التي رسمت ملامح الحركة الوطنية التونسية والتي‬ ‫دار بينها الصراع الإيديولوجي؟‬ ‫ويتفرع عن ىذه الإشكالية تغموعة تساؤلات أخرى أبرزىا‪:‬‬ ‫‪ -‬ما ىي أبرز القوى السياسية التي استطاعت إثبات نفسها على الساحة السياسية؟‬ ‫‪ -‬ما ىي أبرز تشات الاختلاف الفكري التيكانت سببا في نشوب ىذا الصراع؟‬ ‫‪-‬كيفكانت طبيعة ىذا الصراع الذي انعكس على الواقع التونسي ؟‬ ‫‪-‬كيف أثر ىذا الصراع في رسم معالد الدولة اتضديثة؟‬ ‫الإطار الزمني والجغرافي للدراسة‪:‬‬ ‫ركزت الدراسة على الفترة الممتدة من ‪ 1934‬إلى غاية‪ 1957‬لأنها شهدت‬ ‫تبلور ونضج اتجاىات الحركة الوطنية خاصة الحزب الحر الدستوري الذي يمثل الركيزة‬ ‫الأساسية للحركة الوطنية كما اندمجت فيو كل المرجعيات الفكرية بداخلو‪ ،‬واحتوى الكثير‬ ‫من الشخصيات الفاعلة على الساحة السياسية‪.‬‬ ‫دوافع اختيار الموضوع ‪:‬‬ ‫لعل من أىم العوامل التي دفعتٍت لاختيار ىذا اتظوضوع كان من خلال‪:‬‬ ‫ج‬

‫مقدمة‬ ‫‪ -1‬إطلاعي لكتاب يوسف مناصرية ‪ :‬الصراع الاديولوجي في اتضركة الوطنية التونسية‬ ‫‪ 1937-1934‬الذي أعطاني نظرة على الواقع الفكري و السياسي في تونس فتولد لدي رغبة‬ ‫ملحة في التوسع في ىذا اتظوضوع ومناقشتو في ىذه اتظذكرة و معرفة التطور الذي شهده ىذا الصراع‬ ‫من خلال معرفة البنية الفكرية التي كونت اتضركة الوطنية ومعرفة التحديات التي واجهتها الأطراف‬ ‫اتظتصارعة‪ ،‬بالإضافة إلذ اتظيول الشخصية تعذه اتظواضيع السياسية الفكرية وكذا ‪:‬‬ ‫‪ -2‬تػاولة إماطة اللثام عن بعض اتصوانب التي شهدتها تونس في تلك الفًتة‪.‬‬ ‫‪ -3‬الرغبة الشخصية في التعمق في دارسة تاريخ اتضركة الوطنية في تونس والصراع الإيديولوجي‬ ‫القائم آنذاك خاصة بعد دراستنا لو في مقياس تاريخ تونس في السداسي الثاني‪.‬‬ ‫‪ -4‬عدم تطرق الدراسات السابقة للموضوع على مستوى جامعتنا كان من أبرز الأسباب‬ ‫التي دفعتٍت إلذ تقديم موضوع جديد التناول‪.‬‬ ‫خطة البحث‪:‬‬ ‫بغية الإجابة عن التساؤلات اتظطروحة في الإشكالية قسمت اتظوضوع إلذ فصلُت بعد‬ ‫اتظقدمة و اتظدخل‪ ،‬ثم خاتدة وملاحق وفهارس‪.‬‬ ‫تعرضت في اتظقدمة إلذ التعريف باتظوضوع وتحديد الأىداف اتظنشودة من الدراسة وطرح‬ ‫الإشكالية مع ذكر الصعوبات التي واجهتٍت ثم شرح اتططة‪.‬‬ ‫أبرزت في اتظدخل الواقع العام لتونس خلال تلك الفًتة موضحا العوامل اتظساتقة في نشوء‬ ‫اتضركة الوطنية‬ ‫أما الفصل الأول عنونتو بـ اتظرجعيات الفكرية للحركة الوطنية‪ .‬من خلالو حاولنا إبراز أىم‬ ‫التشكيلات السياسية أو في الأصل أىم منابع التي تغذى منها الأحزاب السياسية في تونس‬ ‫وقسمتو إلذ أربع مباحث تناولت فاتظبحث الأول التيار الإسلامي وكيف نشأ‪ ،‬وفي اتظبحث الثاني‬ ‫تعرضت لتاريخ التيار الليبرالر‪ ،‬أما في اتظبحث الثالث تطرقنا لدراسة التيار الشيوعي‪ ،‬وفي اتظبحث‬ ‫الأخَت تم تقديم عرض عن مسار التيار القومي‬ ‫د‬

‫مقدمة‬ ‫وتناول الفصل الثاني إشكالية الصراع في اتضركة الوطنية خاصة خلال الفًتة اتظمتدة من سنة‬ ‫‪ 1957-1934‬وتم دراستو في ثلاث مباحث فالأول اىتم بدراسة واقع الصراع الإيديولوجي‪،‬‬ ‫وركزت الدراسة على التنافس القائم مابُت الثعالبي وبورقيبة وبُت فكرة الوحدة العربية الإسلامية‬ ‫وفكرة الإتحاد اتظتوسطي كمرحلة أولذ تم تطور التنافس بُت اتظاطري و بورقيبة و ختمنا الصراع‬ ‫حول اتطلاف اليوسفي البورقيبي‪ ،‬وقد امتد الصراع إلذ ما بعد الاستقلال وقد حاولنا مناقشة ذلك‬ ‫في اتظبحث الثاني حيث اختص بدراسة إشكالية الاستقلال و اتظقاومة‪ ،‬فيما تناول اتظبحث‬ ‫الثالث إشكالية النظام واتعوية‬ ‫أما خاتدة البحث فقد حاولت تلخيص أىم النتائج التي توصلت إليها‪.‬‬ ‫وأُرفق ىذا العمل بمجموعة من اتظلاحق اتظتمثلة في صور و وثائق تعا علاقة باتظتن ا﵀رر‬ ‫بهدف إثرائو وتطعيمو أكثر‪ ،‬يُضاف لذلك فهارس للأعلام والأماكن والبلدان تسهل للقارئ‬ ‫تصفح ىذا البحث‪.‬‬ ‫منهج الدراسة‪:‬‬ ‫اقتضت طبيعة الدراسة استخدام اتظنهج التارتمي الوصفي الذي يعتمد على سرد الوقائع‬ ‫ووصفها كما جرت حيث سردنا تاريخ نشوء تيارات اتضركة الوطنية وعوامل و بوادر نشأتها‪،‬‬ ‫وتحليلها مع التعليل والاستنتاج لاسيما ما تعلق بتأثَتات الصراع على مسار اتضركة‪.‬‬ ‫كما اعتمدنا على اتظنهج التارتمي التحليلي لأتقيتو في فهم اتظادة التارتمية وطبيعتها ومن‬ ‫ثم نقدىا وتحليلها بحثا عن حقيقة مظاىر تطور اتضركة الوطنية من خلال تسليط الضوء على الشق‬ ‫الفكري والتارتمي‬ ‫ه‬

‫مقدمة‬ ‫الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫تتطلب الضرورة العلمية الإطلاع على البحوث السابقة التي تناولت تغال البحث‪،‬‬ ‫وعلى الباحث أن تلسن توظيفها وىذا يعٍت أن يبدأ بحثو من حيث انتهى الآخرون لأن البحث‬ ‫العلمي تراكمي‪ ،‬وتعتبر البحوث السابقة أرضية صلبة يبٍت عليها الدارس بحثو دون اجًتار تظا سبق‬ ‫عملو‪ ،‬ومن الدراسات السابقة التي تناولت اتظوضوع‪ :‬وركزت على إشكالية الصراع الإيديولوجي‬ ‫كتاب ليوسف مناصرية حيث ركز على فًتة الدراسة وأبرز معالد الصراع فكان داعما أساسيا‬ ‫بالنسبة لر في بناء ترلة من الأفكار حول ىذا اتظوضوع‪ .‬كما مثل كتاب جذور اتضركة الوطنية‬ ‫التونسية ‪ 1934-1904‬للمحجوبي علي دراسة ىامة أبرزت عوامل و بوادر نشوء اتضركة‬ ‫الوطنية‪ .‬وكتاب الطاىر عبد ا﵁ اتضركة الوطنية التونسية رؤية شعبية قومية جديدة‬ ‫وتعتبر ىذه الدراسات ذات قيمة علمية أفادتنا كثَتا في إعداد اتظذكرة خاصة أنها تناولت‬ ‫جزءا ىاما من الفًتة التارتمية اتظشار تعا آنفا‪.‬‬ ‫مصادر ومراجع البحث‪:‬‬ ‫لتحرير ىذا البحث اعتمدنا على تغموعة من اتظصادر واتظراجع ساتقت في إثراء ىذه‬ ‫الدراسة‪ ،‬ومن اتظصادر اتظهمة التي ركزت على تناول اتظوضوع مصدر بعنوان تونس الشهيدة للثعالبي‬ ‫يعد ىذا الأخَت مؤسسا للحزب الدستوري التونسي فكان مصدره ىاما في الدراسة كما تم‬ ‫الاعتماد على مصدر ىذه تونس للحبيب تامر‪ ،‬و كذا اتصزء الأول من كتاب حياة كفاح لأتزد‬ ‫توفيق اتظدني‪ ،‬وبالنسبة لأىم اتظراجع اتظعتمدة عليها في تحرير ىذا البحث كتاب اتضركة الوطنية‬ ‫التونسية رؤية شعبية قومية جديدة للطاىر عبد ا﵁ ومن أىم الدراسات الأكادتنية التي تم الاعتماد‬ ‫عليها كتاب ليوسف مناصرية كما استعنا ببعض الدراسات والكتب التارتمية والفكرية لإثراء‬ ‫وتوضيح الشق الفكري للموضوع‪.‬‬ ‫و‬

‫مقدمة‬ ‫– الصعوبات ‪:‬‬ ‫لا تملو بحث علمي من الصعوبات فكـون اتظوضوع فيو شقُت فكري تارتمي و شق‬ ‫سياسي تارتمي‪ ،‬حيث أن الازدواجية بُت الفكر والسياسة في إطار تارتمي تكعل اتظوضوع متشعب‬ ‫بُت أيهما أولا الشق الفكري أم الشق السياسي أم الشق التارتمي غَت أن كلا الاتجاىات تصب في‬ ‫إطار معرفي واحد‪ .‬ىذا من جانب ومن جانب آخر‪ ،‬أن الدراسات التارتمية تركز بالأساس على‬ ‫اتصانب السياسي وتطور التارتمي للوعي الوطٍت و اتضركة الوطنية وتطور اتضدث التارتمي‬ ‫‪ -‬صعوبة حصر اتظوضوع خصوصا أن اتظوضوع بو ازدواجية بُت الفكر والسياسة‬ ‫‪ -‬صعوبة الوصول إلذ مادة أرشيفية والانتقال تظكان الدراسة ‪ ،‬لكٍت حاولت تذليلها قدر اتظستطاع‬ ‫وتجاوز العقبات‪.‬‬ ‫وفي الأخَت نتمٌت أن نكون قد وفقنا في إتؾاز ىذا البحث‪ ،‬وإعطاء ىذا اتظوضوع حقو من‬ ‫الدراسة‪ ،‬ونتقدم بالشكر اتصزيل للمشرف على ما قدمو لر من توجيهات سديدة أنارت لر سبيل‬ ‫البحث ويبقى بحثي تغرد تػاولة فإن أخطأت فأسألو الغفران‪ ،‬وإن أصبت فذلك توفيق من اتظولذ‬ ‫عز وجل نعم اتظولذ ونعم النصَت‪ ،‬وىو ولر التوفيق والسداد‬ ‫ز‬

‫الفصـل الأول‪:‬‬ ‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية‬ ‫التونسية‬ ‫المبحث الأول‪ :‬التيار الإسلامي‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬التيار الليبرالي‬ ‫المبحث الثالث‪:‬التيار الشيوعي‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬التيار القومي‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫إن نشأة اتضركة الوطنية التونسية بمختلف تشكيلاتها يرجع بالأساس إلذ اتظرجعية أو‬ ‫الإطار الفكري الذي تلكم سياق اتظواقف واتظسالك والآراء داخل اتضركة حيث يبٌت على أساسو‬ ‫منظومة تصورات واختلافات متمثلة في الصراع الفكري والإديولوجي ‪ ،‬وفي ىذا السياق يقول عبد ا﵁‬ ‫العروي‪ :1‬إن الاديولوجية العربية ىي كلام ذو بنية ومتلاحم وإنو يلعب دورا بصفتو مرشدا للنشاط‬ ‫العملي‪ ،‬لكن تػاولتنا تظهر أيضا أن ىذا الكلام يستعيد حركة الوعي العربي وإنو في الواقع مستقل‬ ‫عن حركة المجتمع الذي يتحدث عنو واتظتمثل بُت اديولوجيتُت العربية والغربية‪.2‬‬ ‫فالساحة التونسية تظهر لنا منبع التيارات بُت ما ىو شرقي وما ىو غربي وبُت ما ىو إسلامي‬ ‫وما ىو علماني‪ ،‬ىذا التباين يرسم لنا صورة اتضقيقة للحركة الوطنية ويبُت لنا توجهات الوعي الوطٍت‪.‬‬ ‫حيث يشكل الصراع الاديولوجي في العالد الإسلامي والعربي تحديدا واحدة من أبرز الأزمات‬ ‫خصوصا في شقها السياسي والاجتماعي تنحو تؿو نفي الآخر وإلغائو من اتضاضرة الاجتماعية‬ ‫والسياسية لأي بلاد‪ ،‬حيث تلقي بظلاتعا على مشاريع النهضوية والإصلاحية والاستقلالية‪ ،‬وفي الفًتة‬ ‫الاستعمارية بُت إصلاح واقع ووعي في بناء ىوية وطن وتنوعا في فهم القضايا واختلاف في مناىج‬ ‫وطرق اتضل‪.‬‬ ‫لقد نشأت الصحوة الفكرية في اتظساجد واتصوامع حيث كان جامع الزيتونة منارة العلم في‬ ‫تونس وحلقة الوصل بُت اتظشرق العربي واتظغرب فكان تنثل مدخلا طبيعيا للثقافة العربية الإسلامية‪،‬‬ ‫فلم يقتصر دوره على أداء العبادات ولكن تخطى ذلك إلذ الدور الاجتماعي والتنموي الفاعل‪ ،‬حيث‬ ‫بقي اتصامع طيلة القرون اتظاضية تمرج العلماء والفقهاء الذين استطاعوا أن يثبتوا الوجود الإسلامي في‬ ‫إفريقيا ومنو تخرج رجالات الدولة‪ ،‬ففي عهد اتضسينيُت‪1957-1705‬م قام البايات بإحياء التعليم‬ ‫في جامع الزيتونة وأصبح التعليم تحت رقابة الباي نفسو‪ ،3‬وفي عهد خَت الدين باشا تم استحداث‬ ‫‪ -1‬عبذ الله انعرًي مؤرخ وروائي مغربي ولد بأزمور سنة‪ ،1933‬تلقى تعليمو في العاصمة اتظغربية الرباط وتابع تعليمو العالر في فرنسا في جامعة السوربون وفي معهد الدراسات‬ ‫السياسية بالعاصمة الفرنسية باريس ‪.‬حصل سنة ‪ 1956‬على شهادة العلوم السياسية وعلى شهادة الدراسات العليا في التاريخ سنة ‪ 1958‬ثم على شهادة التبريز في الإسلاميات‬ ‫عام ‪. 1963‬وفي سنة ‪ 1976‬قدم أطروحة بعنوان \"الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية اتظغربية‪ \"1912-1830 :‬وذلك لنيل دكتوراه الدولة من السوربون‪ ،‬لو العديد من اتظؤلفات‬ ‫الفكرية منها‪ :‬كتاب يفيٌو الإٌذٌٌنٌجٍا‪ ،‬وكتاب مفهوم اتضرية وكذا كتاب بعنوان تغمل تاريخ اتظغرب‪ ،‬مفهوم التاريخ‪...‬إلخ‬ ‫‪ - 2‬عبد ا﵁ العروي‪ ،‬الاديولوجية العربية المعاصرة‪ ،‬ط‪ ،01‬دار اتضقيقة للطباعة والنشر‪ ،‬بَتوت ‪ ،1970،‬ص‪277‬‬ ‫‪ -3‬خَت الدين شًتة ‪ ،‬الطلبة الجزائريون بجامع الزيتونة ‪ ،1956 -1900‬ج‪ ،01‬ط خ‪ ،‬دار البصائر ‪ ،‬اتصزائر‪،‬‬ ‫‪،2009‬ص ‪701-698‬‬ ‫‪61‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫مدرسة الصادقية من أجل أن تواكب التطور‪ ،‬وذلك بإدخال العلوم اتظعاصرة كاللغات الأجنبية‪ 1‬أتقها‬ ‫فرع مدينة صفاقس وبو توجد مكتبة عامرة من حسنات ولر أتزد باشا وفرع جامع عقبة بن نافع‬ ‫بالقَتوان وفرع مدن سوسة و قفصة وتوزر وىناك فروع أخرى لتعليم الفرنسية ومبادئ العلوم‪2‬‬ ‫لقد تخرج من جامع الزيتونة تـبة مثقفة ذات توجو إسلامي إصلاحي من أبرزىم تػمد الطاىر‬ ‫بن عاشور وتػمد اتطضر حسُت وتػمد العزيز وعبد العزيز الثعالبي‪ 3‬وتـبة من اتظفكرين ورجال العلم‬ ‫سواء في تونس أو اتصزائر أمثال عبد اتضميد بن باديس‪.‬‬ ‫إن إصلاحات خَت الدين أمكن للزيتونة أن تخرج علماء حقيقُت في علوم الفلك واتعندسة‬ ‫والطبيعيات والتاريخ واتصغرافياكما تم فتح فروع للجامع في أغلب مدن تونس‪4‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬التيار الإسلامي‬ ‫لد تغفل السياسة في تونس قبل الاستقلال أو بعده بقليل عن دور العامل الديٍت في تسيَت‬ ‫المجتمع و توجيو تؿو استيعاب ما يطرحو السياسي من اختيارات كبرى‪ ،‬ولا شك في أن اقًتان‬ ‫السياسة بالدين مظهر من مظاىر الثقافة العربية الإسلامية التقليدية لد تشذ عنو تونس في مرحلة‬ ‫اتضماية أولا‪ ،‬ثم بداية من تأسيس الدولة اتضديثة ثانيا‪.5‬‬ ‫إن الثقافة الإسلامية ىي اتظخزون الفكري وا﵀توى للوعي واللاوعي اتظرتكز على القرآن الكريم‬ ‫الذي يعتبره اتظؤمن منهج حياة ودستورا للوجود ونظام تغتمع وحث على النظر في خلق الإنسان‬ ‫‪ -1‬تػمد شاذلر بن القاضي‪ ،‬الجامعة الزيتونة‪ ،‬المجلة الزيتونية‪ ،‬ىيئة مدرسي جامع الزيتونة اتظعمور‪ ،‬العدد‪ ،57‬مج‪،9‬ج‪،06‬‬ ‫‪ ،1955‬ص‪291‬‬ ‫‪ -2‬تػمد بن خوجة‪ ،‬صفحات من تاريخ تونس‪ ،‬ط‪ ،01‬دار الغرب الإسلامي‪ ،‬بَتوت‪ ،1986 ،‬ص‪294‬‬ ‫‪ -3‬عبد العزيز الثعالبي ابن ابراىيم بن عبد الرتزان الثعالبي من أصل جزائري ولد بتونس‪ ،‬أصدر جريدة التونسي وانتسب إلذ‬ ‫حزب تونس الفتاة‪ ،‬سجنو الفرنسيون ثم أطلق سراحو‪ ،‬فسافر إلذ باريس واسطنبول واتعند‪ ،...‬وبعدىا رجع إلذ تونس ليباشر في‬ ‫الأعمال السياسية‪ ،‬حيث قام بتقديم مذكرة في مؤتدر الصلح سنة‪،1919‬أنظر تػمود شاكر‪ ،‬التاريخ الإسلامي التاريخ المعاصر‬ ‫بلاد المغرب‪،‬ط‪،02‬ج‪ ،18‬اتظكتب الإسلامي‪ ،‬بَتوت‪،1996،‬ص‪130‬‬ ‫‪4 -‬صالح اتطرفي‪ ،‬عبد العزيز الثعالبي من آثاره وأخباره في المشرق والمغرب‪ ،‬ط‪ ،01‬دار الغرب الإسلامي ‪ ،‬بَتوت‪،‬‬ ‫‪ ،1995‬ص‪154‬‬ ‫‪ - 5‬عبد الرزاق اتضمامي‪ ،‬الفكر الإسلامي في تونس(‪ ،)1987-1956‬مركز النشر اتصامعي‪ ،‬كلية الأداب والفنون‬ ‫والانسانيات بتونس‪،2005،‬ص‪116‬‬ ‫‪61‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫والكون ونعمة اتضياة والوجود ومن خلال ىذه الثقافة ينظر إلذ الإنتاج الفكري والأدبي والفٍت ويرفض‬ ‫تريع أشكال العنف والعدوان والتبعية‪1‬‬ ‫بدأ خَت الدين التونسي مشروعو لبناء الدولة الإسلامية اتضديثة بإرساء مفهوم راسخ للعدل وينبو‬ ‫إلذ أن مركز الشريعة ليس الإتنان فحسب بل الإتنان والأمان والشريعة الإسلامية كافلة بمصالح الدارين‬ ‫ومع ذلك فإن التنظيم الدنيوي أساس متُت لاستقامة أمور الدين تعذا عمل خَت الدين على تقدم‬ ‫الدولة ونفع الأمة‪ ،‬وبناء الدولة اتضديثة وذلك بنقل نظم اتضرية الأوربية إلذ اتظواطن اتظسلم اتضاكم‬ ‫وا﵀كوم‪.2‬‬ ‫إن فهم خَت الدين للحرية بإدانة الاستبداد بالسلطة وحكم الفرد والدعوة في كتابو إلذ إحياء أىل‬ ‫اتضل والعقد الاسلامي‪.‬‬ ‫لقد كانت ىذه الصحوة والنهضة اتضديثة في فكر خَت الدين التونسي تدثل نوع من التحرر الفكري‬ ‫والوعي التحرري وتلذر من خطر الاستعمار الأوروبي‪.3‬‬ ‫إن العامل الديٍت في تكوين اتظرجعيات الفكرية للحركة الوطنية التونسية تنثل إحدى ا﵀ركات‬ ‫التي يقوم عليها الوعي الوطٍت‪ ،‬فمشايخ الطرق كان تعم دورا فاعلا في تهدئة اتطصومات بُت أتباعهم‬ ‫بالإضافة إلذ خلق مرجعية تػكمة منظمة تستند في الأساس على مصادر التشريع والأعراف القبلية‬ ‫حيث استطاعت تكوين روابط قوية بُت السكان‪.4‬‬ ‫لذا ساتقت الطرق الصوفية في بعث الوعي الوطٍت رغم ولاء بعضها للسلطات الاستعمارية‪5.‬‬ ‫أخذت اتظقاومة للاستعمار الغربي طابعا عسكريا وسياسيا‪ ،‬ولكن قامت على توجيو إسلامي‬ ‫وعلى فكرة إسلامية أصيلة وما نسميو بالاتجاه الفكري الإسلامي اتظقاوم للاستعمار الغربي وىذا ما‬ ‫‪ -1‬تػمد شيخاني‪ ،‬التيارات الفكرية المعاصرة والحملة على الإسلام‪ ،‬ط‪ ،01‬دار قتيبة للطباعة والنشر‪ ،‬دمشق‪،2008 ،‬‬ ‫ص‪133-132‬‬ ‫‪ -2‬صلاح زكي أتزد‪ ،‬أعلام النهضة العربية الإسلامية في العصر الحديث‪ ،‬ط‪ ،01‬مركز اتضضارة العربية‪ ،‬القاىرة‪،2001 ،‬‬ ‫ص‪33‬‬ ‫‪ -3‬صلاح زكي أتزد‪ ،‬اتظرجع نفسو‪ ،‬ص‪34‬‬ ‫‪ 4‬علي تػجوبي‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪118‬‬ ‫‪ 5‬التليلي العجيلي‪ ،‬الطرق الصوفية والاستعمار الفرنسي بالبلاد التونسية ‪ ،1939-1881‬منشورات كلية الأداب بمئوية‪،‬‬ ‫تونس‪ ،1992 ،‬ص‪116‬‬ ‫‪61‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫يظهر جليا في الإصلاح الديٍت الذي دعا إليو الأفغاني وتػمد عبده حيث ارتكز في الأساس على‬ ‫تحديد اتظفاىيم الدينية وتطوير النظم الأوتوقراطية السائدة في الدول الإسلامية إلذ نظام دتنقراطي على‬ ‫تفط أوروبي فإن النخبة التونسية كانت مطلعة على تػاولات الإصلاح التي تشهدىا اتظنطقة العربية‬ ‫سواء على مستوى مصر أو الدولة العثمانية في عهد السلطان عبد المجيد خصوصا كون تونس ولاية‬ ‫عثمانية‪. 1‬‬ ‫وفي ىذا الإطار ظهرت علاقة وطيدة بُت اتظوجة الإصلاحية في اتظشرق واتضركة الإصلاحية في‬ ‫تونس‪ ،‬حيث وجدوا في شخصية ترال الدين الأفغاني اتظصلح الكبَت القائد اتظخلص وفي حركتو العروة‬ ‫الوثقى الأمل حيث انظموا لو وعملوا على توطيد الصلة بينو وبُت عصبية الإصلاح التونسية‪.‬‬ ‫وقد برز نشاط ىذه اتضركة بصورة جلية على يد الشيخ تػمد السنوسي‪ 2‬زعيم اتضركة‬ ‫الإصلاحية التونسية بعد فرض اتضماية‪ ،‬خصوصا أن الواقع الإسلامي كانت مشاكلو مشًتكة وتكاد‬ ‫تكون وحدة إسلامية‪ ،‬ولذا لابد من تعاون اتضركات الإسلامية فيما بينها‪ ،‬بل امتزاجها والتحامها‬ ‫ببعضها حتى تتمكن من تحرير الشعوب الإسلامية من الاستعمار حيث وجدت ضالتها في العروة‬ ‫الوثقى‪ ،‬تظا أقام تـبة اتضركة الإصلاحية التونسية علاقات وطيدة مع الأفغاني وتػمد عبده حيث زار‬ ‫ىذا الأخَت تونس في ‪06‬ديسمبر ‪ 1884‬لتدعيم الروابط بُت اتصمعية وأعضاء النخبة التونسية‪.‬‬ ‫كانت اتضالة الفكرية في تونس أثناء ىذه الزيارة مضطربة أشد الاضطراب حيث ترع الأذىان إلذ‬ ‫روح التجديد الديٍت وطريقة استغلاتعا في الأعمال السياسية‪ ،‬ومن أبرز الوجوه الإصلاحية في تونس‬ ‫التي لازمت الشيخ تػمد عبده الشيخ تػمد السنوسي‪3‬والشيخ سالد اتضاجب‪.4‬‬ ‫‪ 1‬فتحي حسن ملكاوي‪ ،‬الشيخ محمد الطاىر بن عاشور وقضايا الإصلاح والتجديد في الفكر الإسلامي المعاصر‪ ،‬رؤية‬ ‫معرفية منهجية ‪ ،‬اتظعهد العاتظي للفكر الإسلامي‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ط‪ ،2011 ،01‬ص‪116‬‬ ‫‪ -2‬تػمد السنوسي(‪ )1900-1850‬أديب ومؤرخ وصحفي تونسي‪ ،‬درس بجامع الزيتونة‪ ،‬امتهن التدريس فكان الناصرباي من‬ ‫تلامذتو عام‪ 1882‬سافر إلذ إيطاليا ومنها الأستانة‪ ،‬وتظا عاد أسس اتصمعية السرية للعروة الوثقى ‪ ،‬وبعد زيارة تػمد عبده لتونس‬ ‫‪ 1885-1884‬تأثر بو وعارض سياسة اتضماية فنفتو إلذ اتصنوب التونسي‪ ،‬أنظر يوسف مناصرية‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪335‬‬ ‫‪3‬صالح اتطرفي‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪138‬‬ ‫‪ 4‬الشيخ سالد بوحاجب (‪ )1924-1827‬من رجال الدين والفكر والإصلاح والتعليم في تونس وأحد مساعدي الوزير خَت‬ ‫الدين‬ ‫‪61‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫كما استطاعت العروة الوثقى إقامة علاقات تعاون وتحالف بُت اتظنظمات الاجتماعية والثورية‬ ‫وترعية العروة الوثقى السرية التي تكونت في الشرق كي تكافح اتظستعمر وتدعو إلذ التضامن‬ ‫الإسلامي واتصامعة الإسلامية وتبشر بالتجديد والإصلاح‪.‬‬ ‫إن العروة الوثقى لد تكن جريدة فحسب بل كانت تعبر عن سياسة ونهج سياسي لذا عمل‬ ‫الاستعمار على توقيفها تططورتها عليو وكونها تسعى إلذ إنارة العقول وتحسُت الأوضاع‪.‬‬ ‫إن تأسيس ترعية اتظنار بقيادة رشيد رضا أعطى نفسا جديدا وامتدادا تضركة العروة الوثقى في‬ ‫منهجها وأىدافها وتنظَت للجامعة الإسلامية‪1‬‬ ‫فاتصامعة الإسلامية تعٍت في الأساس ذلك التيار الفكري والسياسي‪ ،‬الذي أبصر قادتو‬ ‫وأنصاره أن ىناك عددا من التحديات التي تواجو الفكر الإسلامي والشعوب والأمم الإسلامية‬ ‫كالتخلف الفكري والروحي والإتؿدار اتضضاري والسياسي في شكل اتظد الإستعماري والامبريالر إلذ‬ ‫اختيار اتصامعة الإسلامية كان ىدفو العودة بالشعوب الإسلامية إلذ دائرة التأثَت الإنساني والعطاء‬ ‫اتضضاري‪2.‬‬ ‫لقد ظهر تيار اتصامعة الإسلامية كنتيجة لعجز الدول الإسلامية عن رد الغزو العسكري‬ ‫والثقافي وقد تيقن عدد من اتظفكرين والإصلاحيُت أن النضال ا﵀لي في كل قطر إسلامي ضد الغرب‬ ‫لن تكون لو جدوى مادام الغرب متفوقا لذا على اتصميع السعي إلذ وحدة عامة بُت الأقطار‬ ‫الإسلامية يكون الإسلام منطلقها للإصلاح والنهضة‪3.‬‬ ‫كتب علي باشاحانبو في جريدة التونسي عام ‪ 1910‬يؤيد فكرة اتصامعة الإسلامية‪ (( :‬إن‬ ‫كل مسلم ىو من أنصار فكرة الإتحاد الإسلامي‪ ،‬وأن التونسيُت قاطبة أنصار تعذه السياسة‬ ‫ومتعلقون بالرابطة العثمانية التي معي نتيجة تلك الفكرة ومظهرىا الباىر‪ ،‬وإذا كانت ثقافتنا العصرية‬ ‫‪- 1‬فتحي حسن ملكاوي‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪64‬‬ ‫‪ 2‬تػمد عمارة‪ ،‬الجامعة الإسلامية والفكرة القومية نموذج مصطفىكامل‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬ط‪ ،1994 ،01‬ص‪.50‬‬ ‫‪ 3‬تػمد قناش‪ ،‬المواقف السياسية بين الإصلاح والوطنية في فجر النهضة الحديثة‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬ص‪13‬‬ ‫‪02‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫قد أكسبتنا عقلية جديدة‪ ،‬فإننا بصفة كوننا مسلمُت قد احتفظنا بولائنا اتطالص اتظتُت لإخواننا في‬ ‫تريع الأقطار‪1))...‬‬ ‫وطدت ىذه الرابطة حسب تعبَت علي باشا حانبو العلاقة اتظتينة بُت الأقطار الإسلامية وىي‬ ‫القوة اتظوحدة‪ ،‬فالوحدة الإسلامية ىي الطريق الوحيد تظقاومة الغزو الغربي‪ ،‬فالعالد الإسلامي تكب أن‬ ‫يتحد اتحادا دفاعيا عاما‪ ،‬مستمسك الأطراف‪ ،‬وثيق العرى من أجل البقاء‪.‬‬ ‫إن ىذا اتضس الإسلامي تطور بعد قيام اتضماية الفرنسية إلذ شكل من الانتماء العربي‬ ‫الإسلامي لتونس‪ ،‬في تػاولة لتحصُت البلاد من عمليات اتظسخ التي تستهدف الشخصية ا﵀لية‪ ،‬لقد‬ ‫عبر عن ىذا الاتجاه شيوخ الزيتونة وطلبتها ومنهم الشيخ تػمد الفاضل بن عاشور الذي أشار إلذ أن‬ ‫الزيتونة قد مثلت مركز الضمَت اتصمعي ورمز اتعوية اتضضارية العربية الإسلامية‪ ،‬كما أن ىذه اتظؤسسة‬ ‫لعبت دورا في تأطَت تؼتلف شرائح المجتمع‪ ،‬ومن تذة الدفاع عن ىويتو التي استهدفتها الإدارة‬ ‫الاستعمارية‪.2‬‬ ‫فالوعي الديٍت في اتضركة الوطنية التونسية أيقظ روح الإصلاح والتجديد لتتفاعل موجة‬ ‫اتضداثة التي تزعمها خَت الدين باشا في تونس من أجل بناء دولة حديثة والأفكار القادمة من الشرق‬ ‫‪ -‬العروة الوثقى واتصامعة الإسلامية – لدفع بالوعي الإنساني واتضركة الفكرية في تونس‪ ،‬فالعروة‬ ‫الوثقىكانت تحمل دوي اتظعركة الفكرية في النهضة الإسلامية‪.3‬‬ ‫إن التيار الإسلامي في تونس كان إصلاحيا يرتكز بالأساس على اتظشاتمة‪ ،‬ومثل جامع‬ ‫الزيتونة منبر علم سعى للمحافظة على مقومات اتعوية العربية الإسلامية‪ ،‬ولد يظهر بشكل حزب‬ ‫سياسي في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫إن موجة الإصلاح وموجة الأفكار اتظشرقية أنارت درب النخبة اتظثقفة في تونس وتزلت على‬ ‫عاتقها بناء اتضركة الوطنية اتضزبية وكون طلبة الزيتونة أقلامها ومناضليها‪ ،‬وفي طليعة الفكر التحرري‪.‬‬ ‫‪ 1‬علي ا﵀افظة‪ ،‬الاتجاىات الفكرية عند العرب في عصر النهضة ‪ 1914-1798‬الاتجاىات الدينية والسياسية‬ ‫والاجتماعية والعلمية‪ ،‬الأىلية للنشر والتوزيع ‪ ،‬بَتوت‪ ،1983 ،‬ص‪111‬‬ ‫‪ -2 .‬تػمد الفاضل بن عاشور‪ ،‬الحركة الأدبية والفكرية في تونس‪ ،‬الدار التونسية للنشر‪ ،‬تونس‪ ،1983 ،‬ص‪213‬‬ ‫‪ -3‬مالك بن نبي‪ ،‬الصراع الفكري في البلاد المستعمرة‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط ‪ ،2000 ،03‬ص‪.53‬‬ ‫‪06‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫فاتظسلم يعلم أن العقيدة إيديولوجية اتظستقبل تتلخص في كلمة واحدة‪ ،‬ىي بذل اتصهود إلذ‬ ‫أقصى حد تؽكن في العلم و اتطَت و اتصمال و القوة اتظادية و اتظعنوية لازدىار اتصسم في عالد الاقتصاد‬ ‫اتظستنَت بالعقيدة وازدىار النفس في ميدان الًتبية والتفكَت صدقا وأصالة وازدىار الروح في تغالات‬ ‫اتظعرفة النظرية والعلمية من العلوم النفسانية و اتصمالية الذ ترقي اتظشرق في علم العقل وىذا بعينو ىو‬ ‫معٌت اتصهاد‪ ،‬والتحرر من القيود‪.1‬‬ ‫إن التيار الإسلامي يستند في فهمو للفكر إلذ عقيدتو التي ترمي إلذ اتصمع بُت التفكَت‬ ‫والتنوير و التطهَت و التحرر‪.‬‬ ‫إن التيار الإسلامي في تونس لد يظهر بشكل ما ىو عليو اليوم من ناحية التنظيم والتحزب‬ ‫والتكتل بل جاء نتاج الفكر الإصلاحي الوليد من الفكر الإسلامي وتـبة اتظثقفة الزيتونية اتظتأثرة باتظد‬ ‫اتظشرقي في إطار النهضة العربية الإسلامية ضد اتظد الاستعماري‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬التيار الليبرالي‪:‬‬ ‫تعود جذور الفكر الليبرالر‪ 2‬التحرري في تونس إلذ نهاية القرن التاسع عشر ومع بداية‬ ‫التدخل الأوروبي في شؤون البلاد حيث تزل لواء ىذا الفكر تغموعة من اتظفكرين الليبرليُت الذين‬ ‫أسهموا في بلورة ىذا التيار ونقل مبادئ وأسس الفكر الليبرالر عن مفكري عصر النهضة الأوروبية ‪.‬‬ ‫إذ مثلت اتضرية اتظطلب الأساسي واتضيوي للمجتمع التونسي والعربي عموما ‪1‬وقد تجلت‬ ‫واضحة في كتابات رواد الإصلاح عبر كتبهم الأدبية أو بياناتهم أو خطب زعماء الأحزاب السياسية‬ ‫‪ -1‬اتظهدي بن عبود ‪ ،‬اديولوجية الاسلام ‪ ،‬تػاضرات اتظلتقى ‪ 6‬للتعرف على الفكر الاسلامي ‪ ،‬منشورات وزارة التعليم الأصلي‬ ‫و الشؤون الدينية ‪،‬م‪ ، 4‬اتصزائر ‪، 1974‬ص ‪332‬‬ ‫‪ 2‬إن اتضرية ىي مركز الفكر الليبرالر‪ ،‬ويأتي مصطلح ليبرالر من الكلمة اللاتينية‪ LIBRE‬واتضرية ىي أبرز نظرية وأىم مطالبات‬ ‫الليبرالية التي تسبق كل اتظطالبات الأخرى مثل دولة القانون أو الدتنقراطية ‪.‬تعٍت الليبرالية اتضرية الفردية التي ىي قاعدة كل تغتمع‬ ‫حر‪ ،‬فالإنسان اتضر مع قدراتو وإبداعو ىو الذي يستطيع أن تكعل تغتمعو متقدما وراقيا والليبرالية كمصطلح مذىب فلسفي‬ ‫سياسي ونسق تغتمعي لو شرط صَتورة وتطور فهو مذىب يقوم على احًتام حرية الفرد واستقلالو ومنحو أكبر قدر تؽكن من‬ ‫الضمانات ضد أي تعسف ويعرفها لالاند في موسوعتو الفلسفية‪/‬الاستقلال عن اتظؤثرات اتطارجية وىي أنواع الليبرالية اتظادية‬ ‫والليبرالية السياسية والليبرالية اتظدنية‪...‬إلخ وقد عرفها جان جاك روسو‪ :‬بأنها اتضرية اتضقيقية‪.‬للمزيد أنظر طلال حامد خليل‪،‬‬ ‫المرتكزات الفكرية الليبرالية‪-‬دراسة نقدية) دفاتر السياسة والقانون‪ ،‬العدد‪ 15‬جوان‪،2016‬ص‪، 156‬أنظر كليمانز ريكر‪،‬‬ ‫الليبرالية في تاريخ الفكر العربي‪ ،‬ط‪ ،2010 ،01‬ص‪18‬‬ ‫‪00‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫الذين روجوا تظقولات اتضرية السياسية وحق الشعب في اختيار حكامو وصياغة دساتَت تضمن منظومة‬ ‫اتضقوق واتضريات‪ ،‬فكان شعار اتضرية الليبرالية مرفوعا لأن اتضاجة تدعو إليو وبصورة ملحة في ظل‬ ‫خضوع المجتمع التونسي تعيمنة مزدوجة تجمع بُت استبداد اتضكام وتعسف الاحتلال الوافد من الضفة‬ ‫الغربية للمتوسط غَت أن ما تنيز ىذه الليبرالية بصورتها الناشئة استنادىا للمرجعية الإسلامية بصورة لا‬ ‫تنكن إنكارىا وىي مواقف نراىا لدى مصلحُت أمثال خَت الدين التونسي (‪1810‬م‪1899-‬م)‬ ‫حيث دعا إلذ الاستفادة من الفكر الغربي اتضديث وضرورة تحقيق العدل واتظساواة في اتضكم وعدم‬ ‫الانفراد والاستبداد في السلطة‪،‬كما طالب بضرورة التجديد والاجتهاد في الشريعة‪.‬‬ ‫بعد انتهاء اتضرب العاتظية الأولذ انطلقت حركة التحرر الوطٍت للشعب التونسي مستمدة من‬ ‫بيانات اتضلفاء الذائعة الصيت حول حق الشعوب في تقرير اتظصَت‪ ،‬ومن بينها مبادئ الرئيس ولسن‪،‬‬ ‫إذ حاول بعض الوطنيُت التونسيُت وفي مقدمتهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي عرض قضية بلاده في‬ ‫مؤتدر الصلح الذي عقد في باريس عام‪ ،1919‬وقدم مذكرة يطالب فيها باستقلال تونس‪ ،‬ولكن‬ ‫اتظؤتدر رفض الاستماع إلذ وجهة نظر الشعب التونسي تؽا دفع الثعالبي إلذ نشر كتاب باللغة الفرنسية‬ ‫في باريس بعنوان ((تونس الشهيدة)) فضح فيو دسائس الاستعمار وجرائمو في حق الشعب التونسي‪.‬‬ ‫رغم أن اتظذكرة التي قدمها الشيخ الثعالبي‪ ،‬رفض اتضلفاء تطبيقها وفقا تظا جاء في مبادئ‬ ‫ويلسن‪ ، 14‬إلا أنها مثلت تػطة بارزة حولت الوعي الوطٍت من مرحلة رد الفعل إلذ مرحلة اتظبادرة‪.‬‬ ‫لذا تبلورت أفكار التونسيُت التحررية أكثر وأسسوا حزبا حرا دستوريا في ‪03‬جوان ‪1920‬‬ ‫برئاسة عبد العزيز الثعالبي‪ ،‬وكانت قيادة اتضركة الوطنية التحررية في أيدي البرجوازية الوطنية التونسية‬ ‫وتدت صياغة برنامج سياسيا للحزب‪ 2‬ضم تغموعة من اتظطالب تدثلت في تشكيل تغلس استشاري‬ ‫وتأسيس حكومة مسؤولة أمام ىذا المجلس‪ ،‬كما طالب بالفصل بُت السلطات واتظساواة للجميع أمام‬ ‫القانون ودعي إلذ تأسيس جيش وطٍت‪3‬‬ ‫وتظطالب اتضزب التحررية لقت اتضركة تأييدا من كافة طبقات الشعب التي كانت تشعر‬ ‫بحاجاتها إلذ حركة وطنية منظمة‪ ،‬وإن كانت ترمي لاستقلال البلاد عمل رجال الدين للتفاىم مع‬ ‫‪ 1‬تزدي تشَت‪ ،‬ىل لدينا أحزاب ليبرالية في تونس؟‪ ،‬صحيفة الزيتونة‪ ،‬العدد ‪،14‬تاريخ‪،2013/09/01‬‬ ‫‪ 2‬تػمد اتعادي الشريف‪ ،‬تاريخ تونس من عصور ماقبل التاريخ إلى الاستقلال‪ ،‬تعريب تػمد الشاوش‪ ،‬ط‪ ،03‬دار‬ ‫سراس‪،1993،‬ص‪115‬‬ ‫‪3‬تشَت تزدي‪ ،‬الأحزاب الليبرالية في تونس‪ ،‬الضعف والعجز والفاعلية‪،‬‬ ‫‪02‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫فرنسا واقناعها بوجوب إرضاء غايات الشعب التونسي‪ ،‬إذ أن ىذه الرغبات كانت تتعارض مع بنود‬ ‫اتضماية‪1‬‬ ‫سافر عبد العزيز الثعالبي إلذ فرنسا يوم‪22‬ديسمبر‪1920‬م في وفد كان أكثر تدثيلا من الوفد‬ ‫الأول وانضم إليو أطراف معتدلة من بينهم(حسن القلاني‪ ،‬الشاذلر القسطلي)‪ ،‬ركزت في براتغها على‬ ‫عدم تعارض مطالبها مع اتظطالب الفرنسية بتونس وتدكن الوفد من مقابلة رئيس اتضكومة الفرنسية‬ ‫الذي وعدىم بإصلاحات‪ ،‬ولكن سان لوسيان‪ 2‬رفض مباشرة بعد تنصيبو لبرنامج إصلاحي بإنشاء‬ ‫تغلس استشاري وحكومة مسؤولة وقال أن ىذا يتناقض مع برنامج اتضماية‪ ،‬ولد تكد الوطنيون اتضل إلا‬ ‫في التعبَت عن حقهم من خلال الصحافة‪.‬‬ ‫وفي سنة‪ 1923‬ضغطت السلطات الاستعمارية على تػمد باي بسبب مواقفو الوطنية‬ ‫وحوصر قصره‪ ،‬فهب الشعب إلذ مساندتو وأجبر القيم الفرنسي (سان لوسيان) على فك اتضصار‬ ‫والتوعد بتحقيق اتظطالب التونسية لكنو سرعان ماعاد اتظلك إلذ فرنسا‪ ،‬وأعاد الوضع من جديد‪،‬‬ ‫وصودرت اتضريات وأغلقت اتصمعيات والنوادي‪ ،‬وإثر ىذه الأحداث توفي تػمد الناصري‪ ،‬وفقدت‬ ‫اتضركة الوطنية بذلك أكبر مسانديها إضافة إلذ نفي الثعالبي إلذ اتطارج حيث عاش متنقلا بُت مصر‬ ‫وبغداد وفلسطُت‪ ،‬وىكذا ضعفت اتضركة الوطنية التونسية داخل البلاد‪3‬‬ ‫ولكن مافتئت مع مطلع الثلاثينات من القرن العشرين عادت اتضركة الوطنية تكرر مطالبها من‬ ‫جديد ولكن بطرق سلمية بعد فًتة اتصمود التي كانت بسبب الاضطهاد والقمع الاستعماري‪ ،‬حيث‬ ‫قامت حركة قادىا الشباب اتظثقف بعد عودتهم من فرنسا‪ ،‬وقد التقوا مع بقية الشباب التونسي‬ ‫اتظثقف حول جريدة الصوت التونسي فحدثت في تونس حادثتان ساتقت في انتشار الوعي الوطٍت‬ ‫من جديد الأولذ ىي انعقاد اتظؤتدر الأفخارستي‪1920‬م‪ 4‬بعاصمة تونس حيث أن التونسيُت رأوا في‬ ‫انعقاد اتظؤتدر بتونس مساس بكرامتهم وإىانة لدينهم‪ ،5‬أما اتضادثة الثانية فهي ماعمدت لو السلطات‬ ‫‪ 1‬خليفة الشاطر وآخرون‪ ،‬مرجع السابق‪ ،‬ص‪85‬‬ ‫‪ 2‬سان لوسيان‪ :‬ولد عام‪ 1867‬عُت مقيم عام في تونس في غرة جانفي‪ 1921‬وبعد ذلك انتقل إلذ اتظغرب‪ ،‬وبدأ مشواره‬ ‫تػافظا لغارون العليا‪ ،‬وانتخب سيناتور‪ ،1932‬توفي سنة‪1938‬م‬ ‫‪3‬الطاىر عبد ا﵁‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪57‬‬ ‫‪ 4‬أتزد قصاب‪ ،‬تاريخ تونس المعاصر ‪ ،1956-1881‬تع‪ :‬تزادي الساحلي‪،‬ط‪ ،01‬الشركة التونسية للتوزيع‪ ،‬تونس‪،‬‬ ‫‪ ،1986‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪532‬‬ ‫‪ 5‬تغلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية المجلد‪ ،32‬العدد‪ ،04‬نيسان‪،2016‬ص‪10‬‬ ‫‪02‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫الفرنسية من إعداد العدة لإقامة احتفال من أجل مرور‪50‬سنة من الاحتلال وإزاء ىذا الوضع‬ ‫اجتمعت طبقة مثقفة في مؤتدر‪30‬أكتوبر‪ 1930‬قررت فيها مضاعفة نشاطها وكان من أبرز قادتها‬ ‫اتضبيب بورقيبة والتف حول ىذه اتضركة ورأوا فيها أمل التخلص من الاستعمار‬ ‫وفي سنة ‪ 1932‬عقد اتضزب اتضر الدستوري التونسي مؤتدرا استثنائيا وانتخب أسرة تحرير‬ ‫العمل التونسي في اللجنة التنفيذية للحزب الدستوري وىم الدكتور تػمود اتظاطري‪ ،1‬وا﵀امي الطاىر‬ ‫صفر وا﵀امي قيقة‪ 2‬وا﵀امي تػمد بورقيبة وشقيقو الأصغر اتضبيب بورقيبة‪ .‬وقد مثلت قضية التجنيس‬ ‫من أىم القضايا الوطنية منذ مطلع الثلاثينات إذ شنت جريدة العمل التونسي تزلة شعواء على ىذا‬ ‫القانون‪ ،‬تظا تنثلو من خطر يهدد اتعوية التونسية العربية الإسلامية‪ ،‬ودعت إلذ منع دفن اتظتجنسُت‬ ‫باتصنسية الفرنسية في اتظقابر الإسلامية‪ ،‬فكثرت اتظصادمات بُت اتصماعات الشعبية وقوات الأمن في‬ ‫عديد من اتظدن التونسية مثل تونس العاصمة‪ ،‬واضطرت في آخر الأمر إلذ تخصيص أماكن لدفن‬ ‫اتظتجنسُت خارج مقابر اتظسلمُت‪ ،‬فكان انتصار كبَت أحرزتو اتضركة الوطنية التونسية بوجو عام‪،3‬‬ ‫وتراعة جريدة العمل التونسي بوجو خاص‬ ‫ومن ىنا برز اتضبيب بورقيبة رافعا شعار الليبرالية‪ ،‬وىكذا انبعث التيار الليبرالر من جديد‬ ‫جامعا مابُت تـبتُت إحداتقا مثقفة ثقافة إسلامية عربية خرتكة جامع الزيتونة والنخبة الثانية مثقفة‬ ‫ثقافة فرانكفونية متخرجة من اتصامعات واتظعاىد الفرنسية‬ ‫وفي ماي‪ 1933‬تم تنظيم مؤتدر نهج اتصبل الذي افتتحو اتضبيب بورقيبة‪ ،‬وألقى خطابا في‬ ‫مقال صدر بجريدة العمل التونسي ‪15‬ماي‪ 41933‬ومن أىم النتائج التي خرج بها ىي التمسك‬ ‫بمبدأ اتضرية كما ضبط برنامج عمل اتضزب على أساس اسًتجاع سيادة الشعب وإقامة برتظان تونسي‬ ‫‪ 1‬تػمود اتظاطري(‪ :)1972-1897‬مناضل تونسي‪ ،‬ولد في مدينة تونس‪ ،‬ودرس في اتظدرسة الصادقية وتخرج فيها وعمل معلما في مدينة اتظرسى عام‪ ،1916‬والتحق فيكلية العلوم الطبية في‬ ‫مدينة دتكون الفرنسية عام‪ 1919‬وفي عام‪1923‬انتقل إلذكلية العلوم الطبية في باريس‪ ،‬انضم إلذ اتضزب الشيوعي الفرنسي‪ ،‬وشارك في الأتؽية الثالثة‪ ،‬امتهن الطب في تونس وفي عام‬ ‫‪1933‬انضم إلذ ىيئة تحرير جريدة العمل التونسي واتـرط للحزب اتضر الدستوري اتصديد‪ ،‬وفي ‪ 1938‬استقال من اتضزب‪ /‬أنظر‪:‬‬ ‫بوذينة‪ ،‬المشاىير التونسيين‪ ،‬تونس‪ ،‬مطبعة فنون الرسوم للنشر‪ ،1988،‬ص‪455-454‬‬ ‫‪ 2‬البحري قيقة ‪ :‬مناضل تونسي‪ ،‬ولد عام ‪ 1904‬في تونس‪ ،‬درس القانون في فرنسا وتحصل على شهادة الدكتوراه عام‪،1928‬‬ ‫وخلال مساره اتصامعي التقى ببورقيبة والطاىر صفر‪ ،‬وبعد عودتو لتونس انضم تصريدة العمل التونسي وفي عام ‪ 1933‬انضم‬ ‫للحزب الدستوري اتصديد‬ ‫‪3‬حسن حسٍت عبد الوىاب‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪167‬‬ ‫‪ 4‬قدادرة شايب‪ ،‬الحزب الدستوري التونسي وحزب الشعب الجزائري‪ ،‬أطروحة دكتوراه دولة‪ ،‬تخصص تاريخ حديث‬ ‫ومعاصر‪ ،‬قسم التاريخ وعلم الآثار ‪ ،‬جامعة قسنطينة‪ ،2007 ،‬ص‪135‬‬ ‫‪02‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫منتخب بالاقًتاع العام وتفريق السلطة وإعادة اتضريات العمومية وإجبارية التعليم‪ ،‬ونتيجة تعذه‬ ‫اتظطالب تم قمع اتضزب الدستوري‪.‬‬ ‫رغم السياسة الاستعمارية القمعية إلا أن الوطنيُت الأحرار ازدادو إصرارا وتدسكا بمطالبهم لذا‬ ‫تم اللقاء في قصر اتعلال‪ 1‬يوم‪02‬مارس‪ 1934‬واتفقوا على تسمية اتضزب باسم اتضزب اتضر‬ ‫الدستوري اتصديد ويتزعمو تضبيب بورقيبة‪ ،‬حتى لاتتعرض تعم سلطة اتضماية‪.‬‬ ‫إن ميلاد اتضزب الدستوري اتصديد‪ ،‬كان امتدادا للحزب الدستوري القديم ولد يكن إنقطاعا لو‬ ‫وبالتالر وجد اتضزب أرضية إرتكز عليها ووجهها تظرحلة تارتمية جديدة حيث أصبح القوة الفاعلة في‬ ‫التيار الليبرالر‪ ،‬حيث دعا ىذا اتضزب إلذ سلسلة من الإضرابات والتظاىرات ثم دعا إلذ العصيان‬ ‫اتظدني وذلك لإجبار سلطة اتضماية على التفاىم مع اتضزب الدستوري اتصديد وتحقيق مطالبو اتظتمثلة‬ ‫بالدرجة الأولذ في وضع دستور يضمن للشعب التونسي حكمو الذاتي ويسَت شؤونو بنفسو‪ ،2‬مطالبا‬ ‫بفصل السلطات وحرية الاجتماع والتعبَت والنشر لكل التونسيُت‪.‬‬ ‫َاومَترنضُوسزوبلُبورُوابَعواللْطُمىْتؤاِمولننُانوتَنسمااَتوظءغَسإاتُـلَربرُذّيدةاولَنعوالرإِوعلَبذرةبيةَعواا‪4‬للِإدسالْلغَاْيم‪ِ،‬بوجَواعل َلّشَهماَندِةالفَـآيُـينَةِبّئُالُكقمرآنبِيمَاة‪ُ :‬كنت﴿َُْومقُِتَـلْعاَمْعلَُوملَُنواْ﴾فَ‪َ 3‬سيَـشَاررىة‬ ‫أكد‬ ‫الَلّوُ َع َملَ ُك ْم‬ ‫تضزبو وشعورا‬ ‫أمام ىذه اتظطالب التحررية للحزب كون قاعدة شعبية وتكون تعم مركز تؽتاز بُت قادة الرأي‬ ‫العام وأصبح الشعب يعقد عليهم آمالاكبَتة في السَت تؿو اتطلاص وإنقاذه من براثن الاستعمار‬ ‫وما تـلص لو أنكانت ثقافة قيادات اتضركة الوطنية في أغلبها مستمدة من اتظبادئ التحررية‬ ‫والأفكار الليبرالية ومتشبعة بتاريخ تونس لاسيما ما خلفتو أثار التعسف والتسلط الذي عاشو‬ ‫التونسيون زمن البايات‪ ،‬لذا انتشرت الفكرة الليبرالية انتشارا واسعا وطغت على اتضياة الفكرية في‬ ‫البلاد‪ ،‬منافسة التيارات الإيديولوجية الأخرى‪.‬‬ ‫‪ 1‬قصر اتعلال ‪ :‬مدينة تونسية تقع في منطقة الساحل وملحقة إدارية بولاية اتظستنَت‪ ،‬احتضنت ىذه اتظدينة مؤتدر البعث أو‬ ‫مايسمى بمؤتدر اتعلال ‪،‬أنظر‪ :‬آمنة إبراىيم أبو حجر‪ ،‬موسوعة المدن العربية‪ ،‬دار أسامة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،2002 ،‬‬ ‫ص‪107-108‬‬ ‫‪2‬عز الدين معرة‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪180‬‬ ‫‪ 3‬سورة التوبة الآية‪105‬‬ ‫‪ 4‬سالد لبيض‪ ،‬الهوية‪ ،‬الإسلام‪ ،‬العروبة‪ ،‬التونسة‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬طـ‪ ،01‬بَتوت‪ ،2009،‬ص‪03‬‬ ‫‪01‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫لقد مثل كل من ابن أبي الضياف و الطاىر اتضداد صاحب كتاب امرأتنا في الشريعة و المجتمع‬ ‫و على بلهوان و اتضبيب ثامر و الفاضل بن عاشور و اتضبيب بورقيبة والقائمة تطول النخبة التونسية‬ ‫تؽثلة الاتجاه التحديثي الليبرالر فهي متشبعة بفلسفة الأنوار الأوروبية و بالفلسفة الوضعية ‪ ،‬وقد‬ ‫كانت ىذه القيادات بمختلف مواقعها تتفاعل مع حاضرىا آنذاك وتتطلع إلذ اتظستقبل و كانت‬ ‫تطلعاتها تستند إلذ وضع نظام يأخذ بمبدأ الفصل بُت السلطات و انتخاب برتظان عن طريق الاقًتاع‬ ‫العام وقد كانت ىذه القيادات على بصَتة ثاقبة وفطنة وواعية بتحديات اتظرحلة و صعوباتها‪ ،‬فمن‬ ‫جهة نظام اتضماية الفرنسية و من جهة ثانية النظام الاجتماعي العام ‪.‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬التيار الشيوعي‪1‬‬ ‫شهدت تونس أولذ جذور اتضركة الشيوعية مطلع القرن العشرين وذلك قبل قيام الثورة البلشفية‬ ‫نفسها‪ ،‬حيث أسس الشيوعيون الفرنسيون عام‪(1908‬اتصامعة الاشًتاكية) وكان تونسيُت أعضاء‬ ‫وصدرت للجامعة التي أصبحت تسمى عام ‪1919‬اتصامعة الشيوعية بيانات تؤكد ىذا التوجو‬ ‫وانضمت اتصامعة عام‪1919‬إلذ اتظنظمة الأتؽية الاشًتاكية‪2‬‬ ‫فتأسس اتضزب الشيوعي التونسي‪-‬اتظرتبط عضويا باتضزب الشيوعي الفرنسي‪-‬‬ ‫في‪18‬ديسمبر‪ 1921‬خلال عقد أول مؤتدر بحلق الوادي ولكن باعتبارىا جناحا لفرع فرنسي للأتؽية‬ ‫الشيوعية ضمت تـبة من اتظثقفُت ثقافة غربية معادية للثقافة ا﵀لية التي تطغى عليها اتظسحة الدينية‪،‬‬ ‫لعب اتضزب دورا بارزا حيث أيد مطالب اتضزب اتضر الدستوري وطالبوا تغتمعُت بدستور وحكومة‬ ‫أفض ُل‬ ‫ِمك‪َ1‬نلمالفآشهخويمٍرء‪،‬الففياشتايظُتوضجعيتيّاةمة‪ُ،‬عىفتيكهومعُعبيارفبرةٌُتُضعأافنلرتاِقدحيّهِرَدكتٍةحبالسقتياواِمعسظيّدلٍّةٍةالتهودايدنحيُّةدفةإو‪.‬اللذاوتُاتجعظتُرمسااُفعواياّةِلة باشليُتتويعايّتلةنأفأظيراُمدضالافًمجيبتأاتنمّظهُاعج‪،‬تمبمذِلعىيالٌعبتوامفحُدكدر؛عٌّليبحيىي اسِلثعاىلىتاإميلاِذمكتبوقَدندوأيِرمّاياتتظظافاّدرّدٍدةة‬ ‫على‬ ‫في‬ ‫اااإللنلبتالاّشتّحعجشاوفدايّلمةاجبلت‪،‬فمسيتؽوعّافا‪،‬يلأأتّّيدوراالتفىعضذإكّيهلرذاالاتالرلضإونقركسةيسّضاةاانل‪،‬ءيّف اوعلكتلقطريّاىدة ااقلّاصسمكتبثااَتملظِتنُّّرافمّْتكسنرب‪.‬ااتليمظُااعنرجتوكتُدشمااسلعِرابظّبوهتوش‪،‬ضُرِكعاولالظألهأُوكبولسَرتتظت‪ُ،‬سغتصاوتمطخطعلااصحّصوتةوفصباًشهكيار‪،‬وةضعايّومالةلنتشقيياالئوانّدعمتيٍّةوةشلإعرالللْذتتىيباعلاتبشأمنّفككٍْ‪7‬تلارا‪1‬لساأت‪9‬ظفريا‪ٍ1‬عدكمياّبةرأُثاانتلاتبَاطءلاحاعتنّةصددي‪،‬ةلدابوهبامعع‪،‬اندلثّوتلبورٍكةّتن‬ ‫للميلاد‬ ‫العشرين‬ ‫القرن‬ ‫الموسقوعفياتلّيكًفتيونتيسعينيات‬ ‫انتهى وجود الشيوعيّة مع انتهاء وجود الاتّحاد‬ ‫‪2‬الأحزاب الشيوعية العربية ج‪ 01‬قناة اتصزيرة‬ ‫‪01‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫مسؤولة أمام برتظان منتخب واتظساواة اتصميع أمام القانون واتضريات‪ ، 1‬وبرزت مواقف اتضزب من‬ ‫خلال الصحف التي أصدرىا أبرزىا‪ :‬حبيب الأمة صدرت في ‪23‬أكتوبر‪ ،1921‬حبيب الشعب‪.‬‬ ‫وتظواقفو تم قمع اتضزب الشيوعي وحلو من قبل اتظستعمر الفرنسي(‪ )1925-1924‬لكن‬ ‫رغم قصر مدة عملو فإنو يبقى النواة الأولذ للفكر اليساري التونسي وأول من نادى بالتحرر الوطٍت‪.‬‬ ‫واصل الشيوعيون التونسيون نشاطهم بوصفهم تؽثلُت عن الفرع التونسي للحزب الشيوعي‬ ‫الفرنسي‪ ،‬منسجمُت كل الانسجام مع اتطط الوطٍت العام‪ ،‬لكن تعرضوا للقمع والاضطهاد من جانب‬ ‫السلطات الفرنسية على تؿو خاص في جوان ‪ ،1934‬حُت قامت ىذه الأخَتة باعتقال ونفي‬ ‫قيادات اتضزب الدستوري اتصديد إلذ جنوبي البلاد‪ ،‬إلذ جانب قيادات اتضركة الشيوعية التونسية أمثال‬ ‫تػمد وعلي جراد وحسن السعداوي‬ ‫ومع تولر اتصبهة الشعبية اتضكم في فرنسا عقب الانتخابات التي جرت في شهر ماي‬ ‫‪ ،1936‬ولدت آمال عريضة في تونس اغتنمها الشيوعيون لكي يدخلوا معًتك النشاط في الأوساط‬ ‫النقابية واتصماىَتية وتلدثوا فروعاً جديدة في البلاد‪ ،‬كما طالبوا بتحقيق إصلاحات دتنقراطية من بينها‬ ‫تدثيل التونسيُت في صلب تغلس منتخب وحكومة مسؤولة‪ ،‬والنظر في إصلاح النظام الإداري‬ ‫والقضائي تظصلحة التونسيُت‪ ،‬وأخَتاً إصلاحات اقتصادية واجتماعية مثل إقرار تذاني ساعات عمل في‬ ‫اليوم‪ ،‬والعطلة الأسبوعية‪ ،‬وتبنوا في الوقت عينو \"اتظسالة الوطنية\" كما طرحتها حكومة اتصبهة الشعبية‬ ‫تضل مسألة اتظستعمرات‪.‬‬ ‫وتظا اقتنع الشيوعيون بأن النضال من أجل اتضرية يستوجب تشكيل حزب سياسي تونسي‬ ‫يدافع عن حقوق التونسيُت وفق أدبيات اتضركة الشيوعية اتظرتبطة عضويا آنذاك بالاتحاد السوفييتي‬ ‫واتظعادية للامبريالية الأمَتكية لذلك عقدوا مؤتدر في ‪22-21‬ماي ‪ 1939‬أقروا بتأسيس حزب‬ ‫شيوعي مستقل ومنفصل عن اتضزب الشيوعي الفرنسي‪2‬‬ ‫وبهذا كان اتضزب الشيوعي التونسي من ناحية التكوين والأفكار فرعا تونسيا للحزب‬ ‫الشيوعي الفرنسي وكان من نتائج اتظؤتدر‪:‬‬ ‫‪1‬تػمد لطفي الشايبي‪ ،‬ملاحظات حول بروز الوعي الوطني التونسي( ‪ )1939 -1881‬في الثقافات و الوعي الوطني‬ ‫مؤسسة التميمي للبحث العلمي و اتظعلومات ‪ ،‬تونس ‪ ، 1999‬ص ‪175‬‬ ‫‪ - 2‬تػمد لطفي الشايبي ‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص ‪177‬‬ ‫‪01‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫‪ -‬إقرار استقلالية اتضزب وتسميتو اتضزب الشيوعي بالقطر التونسي‪.‬‬ ‫‪ -‬تولر التونسيُت قيادة اتضزب وانتخاب علي جراد أمينا عاما‬ ‫وكان موقف اتضزب الشيوعي مضادا لأتظانيا وكان ىذا اتظوقف يعٍت من الناحية السياسية العملية‪،‬‬ ‫مهادنة اتضزب الشيوعي التونسي الاستعمار الفرنسي‪ ،‬والوقوف ضد استمرار الكفاح التحرري الذي‬ ‫تموضو الشعب ضد سيطرتو‪.‬‬ ‫وىذا ما جعل اتضزب الشيوعي التونسي يرتكب خطأً كبَتاً‪ ،‬حُت اعتبر اتضزب الدستوري‬ ‫اتصديد الذي كان على رأس اتضركة الوطنية عميلاً للفاشية‪ ،‬لأنو لد تكمد نضالو السياسي ضد فرنسا‪،‬‬ ‫كما كانت تريد ذلك اتصبهة الشعبية اتضاكمة في فرنسا‪ ،‬ومصلحة الاتحاد السوفياتي‪ .‬لقد أثرت ىذه‬ ‫اتظواقف سلبياً في قوة اتضزب الشيوعي التونسي وتطوره في ساحة العمل الوطٍت‪ ،‬وفي صراعو مع اتضزب‬ ‫الدستوري‪ ،‬وأقامت انفصالاً بينو وبُت اتضركة الوطنية التونسية التي نهجت اتظواجهة مع الاستعمار‬ ‫الفرنسي بطرق متعددة‪ .‬وكانت اسًتاتيجية اتضزب لد تعر أتقية للتناقض اتضاصل بُت الشعب التونسي‬ ‫والإمبريالية الفرنسية‪ ،‬رغم ما يكسبو ىذا التناقض من طابع عدائي‪ ،‬حُت أكدت ضرورة التحالف مع‬ ‫\"الدتنقراطيات الغربية\" ضد الفاشية والنازية‪.‬‬ ‫وبداية من أوت ‪1943‬غَت الشيوعيون التونسيون اسم اتضزب‪ ،‬فأصبح يسمى \"اتضزب‬ ‫الشيوعي التونسي \" بدلاً من الاسم السابق‪ ،‬وىو\"اتضزب الشيوعي بالقطر التونسي \"‪ .‬ويعود تغيَت‬ ‫اسم اتضزب لسببُت رئيسيُت‪ :‬أوتعما‪ ،‬رغبة اتضزب الشيوعي التونسي في الاستقلال عن ىيمنة اتضزب‬ ‫الشيوعي الفرنسي‪ ،‬وثانيهما‪« :‬عودة الوعي» إلذ الشيوعيُت‪ ،‬وتبنيهم من جديد لشعار الاستقلال‬ ‫السياسي لتونس‪.1‬‬ ‫وقف اتضزب الشيوعي ضد أتظانيا النازية في اتضرب العاتظية الثانية في إطار اتضركات الشيوعية‬ ‫في العالد (الفاشية ىي اتطط الأكبر تؽا أزم علاقتو باتضركة الوطنية التي يتزعمها اتضزب اتصديد خاصة‬ ‫مع تأجيل مطلب الاستقلال واتظوقف اتظعادي للمنصف باي سنة ‪1943‬م‬ ‫على رغم اتـراط العديد من العناصر التونسية اتظسلمة بداية من فًتة ما بُت اتضربُت‪ ،‬واستمر‬ ‫ىذا الوجو اتظختلط من مسلمُت ومسيحيُت إلذ ما قبل الاستقلال بقليل تقريباً‪ .‬وكان لذلك تأثَته‬ ‫‪ -1‬اتعادي البكوش ‪ ،‬شهادات على الاستعمار و المقاومة في تونس و الجزائر و المغرب‪ ،‬اتظؤسسة الوطنية للفنون اتظطبعية‪،‬‬ ‫اتصزائر ‪، 2013 ،‬ص‪203‬‬ ‫‪01‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫اتظباشر في مكانة اتضزب‪ ،‬لان السلوك السياسي للحزب كان كما لو كان فرعاً تابعاً للحزب الشيوعي‬ ‫الفرنسي‪ ،‬حيث تؾد اتضزب الشيوعي التونسي يرد الاعتبار للنشيد الوطٍت لامارسياز‪ ،‬حيث أنشدىا‬ ‫مناضلوه تراعيا في التجمع الذي أحيوا فيو مشاركة اتضزب الشيوعي الفرنسي في اللجنة الفرنسية‬ ‫للتحرير الوطٍت في ‪17‬أفريل ‪ ،1944‬وبهذا وقع اتضزب الشيوعي التونسي في أخطاء قاتلة أثرت سلبا‬ ‫في ساحة العمل الوطٍت‪ ،‬بسبب صراعو مع اتضزب الدستوري‪ ،‬وانفصالو عن اتضركة الوطنية التونسية‬ ‫التيكانت تخوض معركة التحرر الوطٍت ضد الاستعمار الفرنسي بأشكال متعددة‪.‬‬ ‫أدى ذلك إلذ ضياع العديد من اتظواقف الصحيحة في زتزة اتظواقف اتطاطئة واللاوطنية التي‬ ‫اتخذىا‪ ،‬وضاعت تضحيات كثَتة للشيوعيُت التونسيُت في فًتة الأربعينيات ضد الفاشية وضد رموزىا‬ ‫من الفرنسيُت أنصار حكومة فيشي‪.‬‬ ‫وقد ازداد نفوذ اتضزب الشيوعي في تونس غداة اتضرب العاتظية الثانية وىو نفوذ ناجم عن‬ ‫اتظكانة السياسية الكبَتة التي أصبح اتضزب الشيوعي الفرنسي يتمتع بها في اتضياة السياسية لفرنسا‬ ‫ومستعمراتها و مستعمراتها‪ ،‬وتجسدت سيطرة اتضزب الشيوعي عن طريق اتظنظمات النقابية التي كانت‬ ‫تدور في فلكو مثل الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي وجامعة الصنايعية وصغار التجار في القطر‬ ‫التونسي كما كان نشاطو آنئذ علنيا‪ ،‬بينما كان نشاط بقية الأحزاب الوطنية الأخرى تػظورا بحجة‬ ‫اتهامها من قبل سلطات الاحتلال الفرنسية بالتواطؤ مع النازية في الفًتة التي استولذ فيها الأتظان على‬ ‫تونس بُت نوفمبر‪ 1942‬و ماي ‪ 1943‬وكانت علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل‪1‬باتضزب‬ ‫الشيوعي التونسي يسودىا اتظد واتصزر‪.‬‬ ‫‪ 1‬الاتحاد العام التونسي للشغل وىو منظمة نقابية تأسس في العشرين منكانون الثاني عام ‪ ،1946‬وانتخب فرحات حشاد أمينا‬ ‫عاما لو‪ ،‬وقد قدم مساندتو للحزب الدستوري اتصديد في الضغط على فرنسا‪ ،‬فضلا عن دوره الاجتماعي من خلال الإضرابات‬ ‫واتظصادمات مع سلطات الاحتلال الفرنسي‪ ،‬وموقف قادتو من تؼتلف القضايا اتظطروحة على الساحة التونسية‪ ،‬وبعد اغتيال‬ ‫فرحات حشاد عام‪ 1952‬انتخب أتزد بن صالح أمينا عاما لو(‪ ،)1956-1954‬وبذلك مهد الإتحاد العام التونسي للشغل‬ ‫بزعامة أتزد بن صالح واتضبيب بوقيبة لاستلام مقاليد الأمور‪ ،‬فأعلنت اتعيئة الإدارية للاتحاد عن موافقتها على اتظعاىدة التونسية‬ ‫الفرنسية عام‪ ،1955‬وكان السبب في ظهور ىذا الإتحاد ىو بسبب الظلم الذي كانت تدارسو النقابات الفرنسية على العمال‬ ‫التونسيُت من خلال سلب حقوقهم‪،‬أنظر عبد اتضميد الأرقش‪ ،‬الحركة العمالية التونسية‪ ،1957-1920‬بَتوت‪،1999،‬‬ ‫وكذلك أنظر سعد توفيق عزيز البزاز‪ ،‬العلاقات الخارجية للاتحاد العام التونسي للشغل‪ ،1956-1946‬تغلة كلية الًتبية‬ ‫الأساسية‪ ،‬العدد‪ ،12‬جامعة بابل‪،2013،‬ص‪20‬‬ ‫‪22‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫ففي سنة ‪ 1948‬شارك الإتحاد في تصنة اتضرية والسلام التونسية إلذ جانب مناضلُت‬ ‫شيوعيُت قبل اتـراطو باتصامعة النقابية العاتظية التي يسيطر عليها الشيوعيون ‪.‬‬ ‫و استمر نشاط اتضزب الشيوعي حتى ما بعد الاستقلال ‪ 1956‬وشكل قوة يسارية معارضة‬ ‫للدولة حيث انتقد منذ البداية استفراد البرجوازية بالسلطة وغياب التعددية السياسية وتهميش‬ ‫الطبقات الشعبية وبرزت معارضة علنية في اتظشاركة بالانتخابات التأسيسية للمجلس النيابي في ماي‬ ‫‪ ،1956‬كما شارك في عدة انتخابات بلدية بالرغم من تعرضو تظضايقات متعددة من قبل أجهزة‬ ‫السلطة‪.1‬‬ ‫و بهذا نلاحظ أن نشاط اتضزب ظل تػدودا ولد يتمكن من اخًتاق النسيج الاجتماعي‬ ‫والثقافي للمجتمع التونسي وظل عبارة عن تغموعة من “اتظنبوذين” الذين يب ّشرون بثورة البروليتاريا في‬ ‫تغتمع لد يتبلور بعد طبقيا ولا توجد بو بروليتاريا أصلا باتظعٌت اتظاركسي وكل ما يوجد بو طبقة‬ ‫أرستقراطية مدنية متكّونة منكبار اتظزارعُت والتجار ورجال الدين وطبقة من الفقراء بلا وعي طبقي‪.‬‬ ‫ومن العوامل التي ساتقت في عدم تأثَت اتضزب على المجتمع التونسي وعدم التمكن من إقامة‬ ‫قاعدة شعبية وما زاد في عزلة اتضزب الشيوعي التونسي موقفو من الاستقلال بعد اتضرب العاتظية الثانية‬ ‫حيث رفض تبٍت مطلب الاستقلال بل تبٌت الائتلاف والاتحاد بُت تونس وفرنسا بقيادة اتضزب‬ ‫الشيوعي الفرنسي في وقت كان فيو غالبية التونسيُت يناصرون اتضركة الوطنية بقيادة اتضزب اتضر‬ ‫الدستوري ويرون فيو قوة سياسية تعمل على تحقيق مطالبهم وفي مق ّدمتها استقلال تونس‪.2‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬التيار القومي‪3‬‬ ‫إن انتصار الغرب على العرب ساىم بشكل أو بآخر على تراجع دور اتظثقف والنخب اتظثقفة‬ ‫في المجتمع العربي واتظتمثل في بلورة الوعي الاجتماعي الذي يشكل عاملا حاتشا في تغيَت اتصماىَت‬ ‫وتأثَتىا في الوعي اتصماىَتي لأن الثقافة عنصر ىام من عناصر اتعوية والقومية‪.‬‬ ‫‪ 1‬تػمد اتظناعي‪ ،‬الحزب الشيوعي التونسي(حركة التجديد حاليا)‪ ،‬لمحة تاريخية‪ ،‬ج‪27 ،01‬فيفري ‪mani ،2011‬‬ ‫‪over-blog-com‬‬ ‫‪2‬تػمد علي اتظاوي‪ ،‬حقيقة حزب العمال الشيوعي في تونس‪ ،‬اتضوار اتظتمدن‪،‬ع‪ ،3282‬صدرت في ‪200/2/19‬‬ ‫‪ 3‬مفهوم القومية تعٍت الشعور اتظشًتك بُت تراعة معينة تنتمي إلذ حضارة واحدة‪ ،‬وتعا حدود جغرافية معينة‪،‬كما تعا تاريخ ومصَت‬ ‫مشًتك‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫فالثقافة القومية ىي تػصلة أفكار المجتمع العربي معارفو وفلسفتو وما تكمعهم من تقاليد‬ ‫ويربطهم من قيم عربية إسلامية والتي من خلاتعا تنكنو بناء نهضة عربية تؤكد حقوق الشعوب وتقرر‬ ‫مصَتىا‪.‬‬ ‫وتنكن أن نقف في ىذا الشأن مع موقف العلامة ابن خلدون الذي ركز على مسألة‬ ‫(النعرة)أو العصبية وىذه نزعة طبيعة البشر وىي لا تكون بُت قريب في النسب فقط بل بُت أبناء‬ ‫الأمة الواحدة طاتظا تجمعهم قواسم مشًتكة بينهم وىي اللغة والدين‪.1‬‬ ‫ومن ىذا اتظنطلق يتباذر للذىنكيف تأسس ىذا التيار في تونس خلال اتضقبة الاستعمارية؟‬ ‫« وتؽا يزعمو اتظتفوقون في تزلاتهم على اتضركة القومية التونسية أن ىاتو اتضركة لا ترمي منذ‬ ‫ظهورىا لتحقيق مطامع قادتها بطريقة التمويو والدعاية السلبية إلا على جعل الشعب وميلو الطبيعي‬ ‫إلذ اتعيجان وخرق القانون‪ ،‬ويدعى ىؤلاء أن دعائم تلك اتضركة تنحصر في استغلال نفسية‬ ‫اتصمهور‪ »...2‬إضافة إلذ ما ذكر تؾد من يقدم تفسَتا سياسيا للقومية على أساس أنها عقيدة سياسية‬ ‫قوامها إتنان اتصماعة البشرية بأن تعا خصائص مشًتكة تجعل تعا ذاتية معينة تديزىا عن البقية وتعا كيانها‬ ‫اتظستقل وتطلعاتها القومية وتنظيم في وحدة سياسية تنظيما اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا بما تلقق تعا‬ ‫شخصيتها القومية‪ 3‬فعلى حسب يوسف بن عاشور أن اتضركة القومية التونسية اتؿصر استغلاتعا في‬ ‫تفعيل نفسية اتصماىَت بمعٌت ايقاظ الوعي الاجتماعي‪ ،‬ومن اتظلاحظ أنو في مطلع العشرينيات من‬ ‫القرن العشرين كانت النخبة السياسية تحث التونسيون إلذ انتماء أوسع ىو الانتماء العربي‬ ‫والإسلامي‪ ،‬متجاوزة بذلك سياسة اتضصار التي رتشتها الإدارة الاستعمارية الفرنسية‪ ،‬لقد جادت‬ ‫ذلك الوعي متأثرا بأفكار عبد العزيز الثعالبي‪ ،‬أحد أبرز مؤسسي اتضزب الدستوري‪ ،‬ولد يكن تمفي‬ ‫اىتمامو بالقضايا العربية أولا وبالقضايا الإسلامية ثانيا‪ ،‬بل كان الاىتمام يضاىي اىتمامو بالقضايا‬ ‫‪ 1‬ابن خلدون عبد الرتزان‪ ،‬تاريخ ابن خلدون المسمى بالعبر وديوان المبتدأ أو الخبر في تاريخ العرب والبربر ومن‬ ‫عاصرىم من ذوي الشأن الأكبر ‪،‬مر‪:‬سهيل زكار‪ ،‬دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬لبنان ‪2000،‬‬ ‫‪ 2‬يوسف بن عاشور‪ ،‬الحركة الوطنية التونسية تونس الفتاة‪ ،‬جريدة أسبوعية‪ ،‬السنة‪ ،2‬ع‪ ،12‬ص‪05‬‬ ‫‪3‬ىشام تػمد الأقداحي‪ ،‬معالم الدولة القومية الحديثة(رؤية معاصرة)‪،‬مؤسسة شباب اتصامعة‪ ،‬الاسكندرية‪ ،‬مصر‪،2008،‬‬ ‫ص‪30‬‬ ‫‪20‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫الوطنية التونسية‪ ،‬بدأ الرجل حياتو مناضلا في اتصامعة الإسلامية والرابطة العثمانية وانتهى مناضلا في‬ ‫اتضركة القومية العربية‪.1‬‬ ‫إن الفكر القومي تم توظيفو كسلاح إيديولوجي من أجل اتظقاومة وتأكيد الذات وا﵀افظة‬ ‫على الشخصية‪ ،‬تؽا جعلو يتحول إلذ ىدف في ذاتو فازداد ثقل حضوره في الوعي العربي بتزايد‬ ‫التحدي اتطارجي‪.2‬‬ ‫لقد حاول الدكتور اتعادي التيمومي في كتابو‪ :‬كيف صار التونسيون تونسيُت أن يوضح تلك‬ ‫الصورة اتضقيقة إلذ البطش والاستبداد‪.‬‬ ‫وأول تيار قومي حقيقي ظهر في تونس ىو حركة الأمانة العامة بقيادة الصالح بن يوسف‪3‬‬ ‫الذي انسلخ عن اتضزب اتضر الدستوري اتصديد وأسس تلك اتضركة التي تتبٌت العروبة بعد الاحتكاك‬ ‫بجمال عبد الناصر نفسو نصَت تلك اتضركة وتؽولا تعا بالسلاح واتظال في إطار اتضفاظ على النهج‬ ‫الثوري والثورة اتظسلحة التي انطلقت ‪1952‬بقيادة جيش التحرير الشعبي والطاىر الأسود على أرضية‬ ‫رفض الاستقلال الداخلي التي وقعها بورقيبة مع فرنسا‪4.‬‬ ‫وقد امتزج في تكوين اتضركة الوطنية التونسية مفهومان للوعي الوطٍت القومي تقا‪:‬‬ ‫مفهوم الأمة التونسية بمعناه ا﵀دود ‪ ،‬ومفهوم الأمة الإسلامية بمعناه الشامل الأوسع ‪ ،‬فمفهوم الأمة‬ ‫التونسية كان واضحا وفاعلا في عقول النخبة اتظثقفة أو الاجتماعية اتظتصلة بالعالد العصري اتظتجدد ‪،‬‬ ‫أما مفهوم الأمة العربية الإسلامية فكان في أذىان اتصماىَت الشعبية و اتظتعلمُت التقليديُت ‪ ،‬وبذلك‬ ‫تجد أن النضال السياسي كثَتا ما يسند اتصهاد الديٍت أو العكس ‪ ،‬وىي إحدى عوامل تؾاح الشعب‬ ‫التونسي في طرد الاحتلال و الاستقلال الكامل في نهاية اتظطاف‪5.‬‬ ‫‪1‬سالد لبيض‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪64‬‬ ‫‪2‬تػمد عابد اتصابري‪ ،‬إشكاليات الفكر العربي المعاصر‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬طـ‪ ،2‬بَتوت‪،1990 ،‬ص‪46‬‬ ‫‪ 3‬صالح بن يوسف‪ ،‬يعد أبرز قادة اتضركة الوطنية التونسية ولد بجربة في‪ 11‬أكتوبر‪ ،1907‬وتعلم مبادئ القراءة والكتابة فيكتاب القرية‪ ،‬جامع حاضر باش‪ ،‬وتظا‬ ‫بلغ الثامنة من عمره‪ ،‬أرسل ليتعلم في اتظدارس العصرية‪ ،‬ثم التحق بمعهدكارنو‪ ،‬ثم ىاجر إلذ فرنسا لإتدام دراستو‪ ،‬فحصل على الإجازة في اتضقوق سنة ‪ 1933‬تولذ‬ ‫الأمانة العامة للحزب الدستوري اتضر اتصديد‪،‬كما تقلد مناصب ىامة ‪ ،‬دبرت عملية اغتيالو في أتظانيا عام ‪ ،1961‬أنظر‪ :‬عروسية الًتكي‪ ،‬الحركة‬ ‫اليوسفية في تونس ‪، 1956-1955‬ط‪، 1‬مكتبة علاء الدين ‪ ،‬تونس ‪ ،2011،‬ص ص ‪318-312‬‬ ‫‪ 4‬خالد الكريشي‪ ،‬القوميون في تونس ىل يشفع لهم تاريخهم؟ جريدة الضباح‪ ،‬نشرت ‪2011/03/14‬‬ ‫‪ - 5‬عبد العزيز بم تزد اتضسن ‪ ،‬مختصر تاريخ البلاد التونسية الإنسان و الأرض‪ ،‬من عصور ماقبل التاريخ حتى الاستقلال‪،‬‬ ‫مكتبة اتظلك فهد الوطنية‪ ،‬الرياض‪ 1434 ،‬ىـ‪ ،‬ص ‪306‬‬ ‫‪22‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫خلاصة الفصل الأول‬ ‫إن الصراع بُت التجديد والتقليد على صعيد الفكر والإيديولوجيا ىو بصورة ما انعكاس‬ ‫للصراع الطبقي على الصعيد الاجتماعي‪ ،‬غَت أن وضعية النهضة في الوطن العربي اتضديث واتظعاصر‬ ‫تختلف عن وضعية النهضة الأوربية اتضديثة واتظعاصر في مسألة أساسية‪ ،‬وىي أنها لد تكن تػكومة‬ ‫بمعطياتها الداخلية وتطوراتها الذاتية وحدىا‪ ،‬بل كانت ولا تزال واقعة تحت وطأة عامل خارجي ثقيل‬ ‫الوزن مزدوج الشخصية ‪:‬إنو الغرب‬ ‫إن التيارات الفكرية في اتضركة الوطنية التونسية متشعبة وتعا امتدادات داخل المجتمع لذا كونت‬ ‫قاعدة شعبية تظواصلة النضال واتظقاومة غَت إن ىذه التيارات تبقى قوتها في ا﵀رك الأساسي الفكرة أو‬ ‫الزعيم فكلما كانت الفكرة قوية استطاعت إثبات نفسها في ميدان الصراع و كلما كان الزعيم أقوى‬ ‫كلما استطاعت التوجو أفضل‪ ،‬إن بقاء ىذه الأفكار مربوط بالأساس على مدى تأقلمها وتفاعلها‬ ‫مع الواقع الاجتماعي و مقدرتها على التعبَت عنو ‪.‬‬ ‫ليس بالضرورة أن ىذه اتظرجعيات التي كونت الوعي الوطٍت استطاعت إنشاء قوى سياسية في‬ ‫اتظيدان بل إن بعضها ظل مرتبط بشخصيات فقط أو رموز وطنية‬ ‫وأمام ىذه الإيديولوجيات اتظتنوعة سوف يكون كسب ولاء الشعوب اتظقهورة ىو قوة أي‬ ‫تيار و التعبَت عنو ىو طريق النجاح واتضرية‪.‬‬ ‫إن التيار الإسلامي كان إصلاحيا ذا بعد عربي إسلامي وحدوي يشبو ا﵀افظُت الدين تقهم‬ ‫الوحيد ىو البقاء في دائرة الإرث و اتظعتقد السائد والسعي لرفض كل ما فيو تقليد للغرب‪ ،‬إن‬ ‫التيار الإسلامي لد يظهر كما ىو عليو اليوم إلا في السبعينات في تكتل قوي منظم يعبر على الروح‬ ‫الإسلامية‪.‬أما في عهد اتضماية كان تيارا يركب موجة الصحوة و النهضة العربية الإسلامية ذو نسق‬ ‫مغاربي و روح مشرقية إن ىذا التيار نتاج اتظوجة اتضداثية التي ظهرت قبل اتضماية بسنُت ‪.‬‬ ‫أما التيار الشيوعي و الليبرالر فهما نتاج احتكاك النخبة التونسية بالأفكار الغربية و اتظوجة‬ ‫اتضداثية التي كانت منبهرة بالغرب فالشيوعيُت كانوا مع السياق العاتظي للتيار الأفكار التي تعتمد في‬ ‫الأساس على تحرك القوى العمالية والطبقات الاجتماعية وكأنها تسعى إلذ تغيَت الواقع الاجتماعي‬ ‫غَت أنها كانت تدور في فلك اتظد اتضزب الشيوعي الفرنسي بُت علاقة تأثَت و تأثر لكن ظلت حبيسة‬ ‫طبقة معينة من المجتمع ‪،‬غَت أن التيار الليبرالر الذي سَتكب اتظوجة التحررية و يؤطر اتضركة الوطنية‬ ‫‪22‬‬

‫المرجعية الفكرية للحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الأول‬ ‫التونسية غَت أنو سيكون لو نظرة إسًتاتجية في تفعيل الواقع السياسي والاجتماعي وتلرك القوى‬ ‫السياسية في تونس ‪.‬‬ ‫غَت إن التيار القومي تيار يتشبث بالوحدة العربية اتظغاربية في التنسيق في العمل التحرري‬ ‫و اتظقاومة ‪.‬‬ ‫إن اتضركة الوطنية التونسية كانت عبارة عن تدازج بُت الأفكار القادمة من الشرق و أخرى من‬ ‫أوروبا ليكون المجال اتضيوي لتونس تغاتعا الفكري التحرري بُت صدام و تجاوب وحوار بهدف التعبَت‬ ‫عن القضية اتصوىرة ‪ ...‬قضية تونس اتضرة ‪....‬‬ ‫إن ىذا التباين والاختلاف خلق نظرة متباينة في حل القضايا التي واجهتها اتضركة الوطنية‬ ‫منذ نشأتها إلذ الاستقلال وما بعده ليخلق ىوية وطن جديد ‪................‬‬ ‫‪22‬‬

‫الفصـل الثاني‪:‬‬ ‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية‬ ‫المبحث الأول‪ :‬واقع الصراع الإيديولوجي‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬إشكالية الصراع في الحركة الوطنية‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬إشكالية الهوية والنظام‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫إن الوقوف على إشكالية الصراع الإيديولوجي في اتضركة الوطنية التونسية لابد من الوقوف‬ ‫على البنية الفكرية التي اتسمت بها تونس في تلك الفًتة ومعرفة أىم الأفكار‬ ‫فالبنية الفكرية ىي حقل الأفكار الذي تلدد فيو فكر الفرد وتطوره ومنبتو‪ ،‬فالًتبة التي تنبت‬ ‫عليها أفكار متعددة قد يبلغ الاختلاف بينها حد التناقض إلا أن جذورىا تدتد من تربة واحدة وىذه‬ ‫الأخَتة ىي التي تحدد تعا طبيعة نشأتها وتغال تطورىا‪ ،‬ووجود التناقض بُت ىذه الأفكار لا ينفي‬ ‫وجودىا بل يكرس مبدأ التنافس والصراع‪ ،‬إن ىذه البنية تعا طابعا اجتماعيا وتارتميا تلددىا ويعها في‬ ‫منظومة اجتماعية شاملة‪.‬‬ ‫تعتبر الصراعات الفكرية ىي أقوى الصراعات التي تواجو الفرد والمجتمع لأنها واسعة النطاق‬ ‫ويصعب إيقافها وتتعدد أسلحتها وطرق كفاحها ولا تقتصر على الفكر في حد ذاتو بل تتجاوزه‬ ‫لًتمي بثقلها على المجتمع لتكون السياسة تغال التنافس والصراع‪.‬‬ ‫إن الصراع الإيديولوجي في العالد الإسلامي والعربي تحديدا واحدة من أبرز الأزمات التي‬ ‫يشهدىا العالد العربي وخصوصا تونس تغال دراستنا التي تعيش صراعا في شقو السياسي والاجتماعي‬ ‫تنحو تؿو نفي الآخر وإلغائو من اتطريطة الاجتماعية والفكرية لأي تغتمع‪ ،‬حيث أن ىذا الصراع‬ ‫يلقي بظلالو على كل اتظشاريع التنموية والإصلاحية والتحررية في بعدىا الأوسع‪ ،‬فإن الوعي‬ ‫الإيديولوجي اتطاص بأي فئة أو تـبة ما‪ ،‬ىو فكر طبقة اجتماعية ولاشك في أن الفرد ينمو فكره‬ ‫ووعيو داخل ىذا الإطار‪ ،‬كما أن ىذا التطور لايبقى تػصور في فئة ما فهناك ايديولوجيات أخرى‬ ‫إنتاج أفكار وتـب بمستوى الوعي ذاتو‪ ،‬ليظهر بذلك صراع بُت ايديولوجيات التي أنتجها لنا المجتمع‬ ‫من خلال مستوى فهمها للقضايا التي يعيشها أو مستوى التكوين الذي وصلت إليو‪.‬‬ ‫إن الصراع في تونس في فًتة اتضماية و ما بعدىا في الأساس بُت إصلاح واقع ووعي في بناء‬ ‫ىوية وطن‪ ،‬تنوع في فهم القضايا اتظطروحة واختلاف في مناىج وطرق اتضل‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫المبحث الأول‪ :‬واقع الصراع الإيديولوجي‬ ‫لقد كانت موجة اتضداثة التي عاشتها تونس بمثابة الانفتاح الفكري على العالد اتطاجي ودافعا‬ ‫كبَتا في تكوين النخبة اتظثقفة‪ ،‬فالأفكار الواردة من الشرق ومن أروبا لاقت صدى لدى اتظثقفُت‪ ،‬إن‬ ‫ىذه الأفكار سيكون تعا دور كبَت في خلق جو مشحون داخل الإطار السياسي و الاجتماعي في‬ ‫تونس‪.‬‬ ‫فما حقيقة ىذا الصراع بُت التيارات الوطنية في اتضركة التونسية؟‬ ‫في سنة‪1907‬استطاع علي باشا حامبو تأسيس أول حركة سياسية تظقاومة الاستعمار في‬ ‫تونس‪ ،‬واتظتمثلة في اتضزب التقدمي من أجل الدفاع على مصالح الأىالر‪ ،1‬والذي كان يدعو إلذ‬ ‫اتظشاركة الفعالة للمواطنُت في حكم البلاد مع بقاء نظام اتضماية‪ ،‬تغَت ىذا اتضزب إلذ حزب تونس‬ ‫الفتاة سنة‪1908‬م‪ ،‬بسبب اتضماية نفسها وذلك حُت قررت السلطات الفرنسية تجنيس اليهود في‬ ‫تونس‪ ،‬وكان ىذا اتضزب متمسكا بفكرة الاستقلال مع ربط تونس بدولة اتطلافة وقد اتخذ من‬ ‫الإضرابات وسيلة للتعبَت عن سخطو السياسي‪ ،2‬كما حاول تنظيم اتصماىَت في إطار حزبي ووضع‬ ‫برنامج سياسي واجتماعي واقتصادي‪ ،‬إلا أنو على إثر حوادث الزلاج مسح مقابر اتظسلمُت‬ ‫سنة‪ 1911‬فقامت السلطات الفرنسية بحل اتضزب واضطر من بقي من أعضائو إلذ العمل سرا إلذ‬ ‫نهاية اتضرب العاتظية الأولذ‪.‬‬ ‫وفي ‪14‬مارس‪ 1920‬أسس عبد العزيز الثعالبي اتضزب الدستوري اتضر وقام بتأسيس الفروع‬ ‫وتعبئة الشعب في تريع أتؿاء البلاد وطالب ىذا اتضزب بنظام دستوري لتونس وتأليف حكومة وطنية‬ ‫‪ 1‬شارل أندري جوليان‪ ،‬إفرقيا الشمالية‪ ،‬تسيَت‪ :‬القوميات الإسلامية والسيادة الفرنسية‪ ،‬ترترة اتظنجي سليم وآخرون‪ ،‬تونس‪،‬‬ ‫دار تونسية للنشر ‪،1976‬ص‪367‬‬ ‫‪ 2‬صلاح العقاد‪ ،‬المغرب العربي في التاريخ الحديث والمعاصر ‪ ،‬اتصزائر‪ ،‬تونس‪،‬اتظغرب الأقصى‪ ،‬اتظكتبة الأتؾلو مصرية‪،‬‬ ‫مصر‪،1993‬ص‪324‬‬ ‫‪21‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫مسؤولة أمام الشعب باعتبار تونس أول بلد عربي أعلن دستورا في سنة‪ ،1865‬تننح بموجبو نواب‬ ‫الشعب حق اتظشاركة في اتضكم وخلع الباي‪1‬‬ ‫غَت أن السلطات الاستعمارية مارست ضغوطا على اتضزب ونفت زعيمو إلذ اتطارج وقد أثار‬ ‫اتصمود الذي أصاب اتضزب تغموعة من الشباب التونسي العائد من فرنسا وحاولوا تنشيط اتضزب من‬ ‫جديد غَت أن الصراع القائم بُت اتصيل القادم واتصيل اتصديد جناح موالر للتقاليد وجناح موالر لتغيَت‬ ‫النظام السياسي‪.2‬‬ ‫لقد استطاع الثعالبي من خلال نشاطاتو بعد اتضرب العاتظية الأولذ إلذ عرض القضية التونسية‬ ‫في مؤتدر الصلح في باريس عام‪ 1919‬لكسب التأييد الدولر غَت أن عدم تجاوب اتظنظمُت اتظؤتدر‬ ‫بالقضية الوطنية حول إنشاء تيار إصلاحي سياسي اجتماعي ديٍت تلاول تأطَت المجتمع التونسي‬ ‫والتعبَت عن إرادتو وأفكاره وقضاياه‪.3‬‬ ‫لقد كان كتاب تونس الشهيدة للثعالبي الذي نشره في أوائل ‪19204‬بباريس البرنامج‬ ‫السياسي لتونس ومطالب اتضزب التي تنادي باستقلال التام‪ ،‬وعرض الواقع الاستعمار الذي يعيشو‬ ‫الشعب التونسي‪ ،‬والأساليب اتظاكرة التي يلجأ إليها الاستعمار تصذب عواطف اتظستعمرين وتطبيق‬ ‫خططو الاستغلالية لقد عرض كتاب تونس الشهيدة فلسفة ونهج استقلالر لتونس أن ىذا التوجو‬ ‫يشكل خطر كبَت على مصالح الإدارة الفرنسية‪ ،‬لقد أثار الكتاب ضجة ودويا كبَتا في الصحف‬ ‫الفرنسية‪ ،‬حيث نشرت الصحف اتضرة بعض اتظقاطع منو حيث ألقي القبض على صاحبو في باريس‬ ‫في‪28‬جويلية‪ 1920‬وجيء بو إلذ تونس بتهمة التآمر على أمن الدولة التونسية‪.5‬‬ ‫‪1‬البشَت بن اتضاج عثمان الشريف‪ ،‬أضواء على تاريخ تونس الحديث ‪،1924-1881‬دار بوسلامة للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫تونس‪،‬ط‪،1981 ،01‬صص‪200-197‬‬ ‫‪Jacqueklein , LaTunisie ,PvF :Paris,1ere EDITION,1949,P107 2‬‬ ‫‪3‬غيلان تشَت طو التكريٍت‪ ،‬الحركة الوطنية التونسية في سنوات مابين الحربين‪ ،1939-1918‬تغلة آداب الفراىيدي‪،‬‬ ‫العدد‪ ،13‬جانفي‪ ،2012‬ص‪187‬‬ ‫‪4‬تػمد اتعادي الشريف‪ ،‬اتظرجع السابق‪،‬ص‪116‬‬ ‫‪5‬تػمد تػفوظ‪ ،‬تراجم المؤلفين التونسيين‪،‬ج‪ ،01‬دار الغرب الإسلامي‪،‬ط‪،02‬بَتوت‪،1994،‬ص‪216‬‬ ‫‪21‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫لقد وجدت اتضركة الوطنية التونسية نفسها تدر بمراحل وتػطات رغم النشاط اتظكثف الذي قام‬ ‫بو رجال اتضزب اتضر الدستوري التونسي لتمكُت ىياكل اتضزب والتعريف بمطالبو عن طريق اتططب‬ ‫وا﵀اضرات‪ ،‬بواسطة اتظقالات اتظنشورة في الصحف‪ ،‬وقد حظيت اتضركة الدستورية من أول وىلة‬ ‫بتأييد كافة الفئات الاجتماعية ومساندة الأمَت تػمد الناصر باي وأفراد عائلتو وحاشيتو وفي مقدمتهم‬ ‫ابنو تػمد اتظنصف باي ولكن لد تدض مدة طويلة حتى ظهرت خلافات بُت الشق اتظلتف حول‬ ‫الثعالبي واتظتمسك باتظطالب الواردة في كتاب تونس الشهيدة والشق اتظعتدل الذي يتزعمو حسن قلاتي‬ ‫الذي يدعو إلذ قبول الإصلاحات اتعزيلة التي أعلنها اتظقيم العام لوسيان سان‪.‬‬ ‫ومن ىنا بدأ اتطلاف يظهر داخل اتضزب حيث اجتمع الأعضاء النافذين للحزب التونسي‬ ‫في‪20‬شباط‪ 11920‬كي يضعوا حدا للخلافات لينتج عند ذلك شقُت‪ ،‬لقد كان اختلاف على‬ ‫الطرق التي يسَت عليها العمل فالطبقة اتظيسورة وأصحاب اتظصالح اتظادية في البلاد وكبار اتظوظفُت يرون‬ ‫عن عقيدة‪ ،‬أن إحرج اتضكومة ومقاومتها لايؤديان إلذ النتيجة اتظرجوة بل قد يناقض مصلحة البلاد‬ ‫ويؤدي قضيتها وىم يؤثرون على اتظقاومة فسعوا للتفاىم واللجوء إلذ الأساليب اتعينة والاعتماد على‬ ‫اتضقائق والأرقام في الدفاع عن حق الوطن‪ ،‬وفي رأي ىذا الفريق أن تفو البلاد سياسيا واجتماعيا‬ ‫لايأتي دفعة واحدة‪ ،‬بل مرحلة تداشيا مع سنن التدرج الطبيعي‪ 2‬أما عامة الشعب فكانت عقيدتها‬ ‫تضل القضية ىو مواصلة الكفاح بالطرق السلمية اتظشروعة‪ ،‬وىكذا تولد في البلاد مذىبان سياسيان‬ ‫اشتد الأخذ والرد بينهما‪.‬‬ ‫لقد استطاع حسن قلاتي في أواخر ‪ 1921‬تكوين اتضزب الإصلاحي الذي لد يستطع‬ ‫استقطاب اتصماىَت الشعبية وسرعان ما أصبح حر بلا روح وبقي على ىذا اتضال حتى اتؿل من تلقاء‬ ‫نفسو عام‪1928‬م‪.‬‬ ‫‪1‬يوسف مناصرية‪ ،‬الصراع الإديولجي في الحركة الوطنية التونسية ‪،1937-1934‬دار اتظعارف‪ ،‬تونس‪،2002،‬ص‪08‬‬ ‫‪2‬صالح اتطرفي‪ ،‬عبد العزيز الثعالبي من آثاره وأخباره في المشرق والمغرب‪،‬ط‪ ،01‬دار الغرب الإسلامي ‪ ،‬بَتت‪،1995 ،‬‬ ‫ص‪171-170‬‬ ‫‪22‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫وأمام ىذا الضعف والإنشقاق وجدت الإدارة الفرنسية الطريق مفتوح أمامها ﵀اربة ىذه‬ ‫الأحزاب وحلها‪ ،‬حيث تدخل اتظقيم العام لوسيان سان بكل ثقة لقمع ىذه الأحزاب مستعملا‬ ‫أسلوب الًتغيب والًتىيب‪.‬‬ ‫كما اغتنم اتظقيم العام الفرصة واستغل وفاة الناصر باي يوم‪10‬جويلية‪ 1922‬وقام بإصدار‬ ‫تغموعة من الأوامر القمعية بمنح اتصنسية الفرنسية للراغبُت فيها من التونسيُت كما أدى ىذا الوضع‬ ‫إلذ مغادرة العديد من زعماء اتضركة النقابية التي كانت تسعى لتحسُت الأوضاع وظروف العمل والتي‬ ‫عملت على ترسيخ الروح الوطنية في صفوف الطبقة العاملة‪.1‬‬ ‫اتظلاحظ في ىذه اتظرحلة أن اتضزب الدستوري لد يتأسس باتظفهوم التنظيمي للحزب وإتفا كان‬ ‫عبارة عن تراعة تؤيد اتظنهج الإصلاحي اتظرحلي بالإضافة إلذ التنوع في الًتكيبة الفكرية للنخبة‬ ‫نفسها‪ ،‬كما أنو كلما ارتفع صوت الفكرة الاستقلالية التي تطالب باستقلال البلاد وجلاء القوات‬ ‫الأجنبية عنها إلا وقاومتها السياسة الاستعمارية بالقوة والعنف تارة وبمصادمتها بجماعة من اتظواطنُت‬ ‫أنفسهم يسفهون فكرة الاستقلال وتلبذون بقاء الاحتلال ويطالبون باصلاحات سطحية وتغيَتات‬ ‫جزئية يزعمون أنها تسَت بهم إلذ الاستقلال الذاتي لا الاستقلال الكامل على مراحل‪ ،‬فتشتد اتطصومة‬ ‫بُت ىؤلاء وبُت اتظطالبُت بالاستقلال واتصلاء فيتعطل سَت الكفاح وتعتل نفسية الأمة ويسًتيح‬ ‫الاستعمار‪.2‬‬ ‫لقد عرفت اتضركة الوطنية التونسية في العشرينات تشكيلة سياسية متنوعة ذات توجهات‬ ‫فكرية تؼتلفة‪ ،‬فاتضزب اتضر الدستوري التونسي حزبا سياسي إصلاحي اجتماعي ديٍت معارضا لسلطة‬ ‫اتضماية والاستعمار الفرنسي يهدف إلذ استقلال تونس مرتبط بفكرة الوحدة العربية الإسلامية‬ ‫أساسها الدين الإسلامي واللغة العربية ذات امتداد حضاري عربي إسلامي‪.3‬‬ ‫‪1‬قدادرة شايب‪ ،‬اتظرجع السابق‪،‬ص‪101‬‬ ‫‪2‬يونس درمون‪ ،‬تونس بين الاتجاىات‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬مصر‪ ،‬ص‪43‬‬ ‫‪3‬يوسف مناصرية‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪07‬‬ ‫‪26‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫أما اتضزب الإصلاحي بزعامة حسن قلاتي‪ 1921‬كان يطالب بالالتزام بنصوص اتضماية‪،‬‬ ‫ومنح التونسيُت إصلاحات في إطارىا وربط تونس بفرنسا ربط كلي‪ ،‬ىذا التيار كان تلاول دمج‬ ‫تونس في إطار اتظستعمرات الفرنسية واتطضوع إلذ معاىدة اتضماية‪ ،‬غَت أن التوجو الثالث حزب‬ ‫اتظستقل الذي تزعمو فرحات بن عياد سنة‪ 1922‬كان سائرا في إطار اتضماية‪ ،‬ولا يعارض اتؿرافاتها‪.‬‬ ‫لقد استطاع اتضزب اتضر الدستوري تكوين قاعدة شعبية وتراىَتية حيث أعطى للحركة‬ ‫الوطنية بعدا جديدا حيث ركز على مطلبُت أساسيُت تقا الاستقلال الداخلي وإجراء إصلاحات في‬ ‫نطاق اتضماية‪.1‬‬ ‫وفي تلك الأثناء لقي اتضزب دعما واسعا على اتظستويُت الداخلي واتطارجي بفضل نشاطو‬ ‫اتظتمثل في تشكيل الوفود الدستورية لدى الباي أو اتضكومة الفرنسية‪ ،‬فاتسعت خطواتو وكسب‬ ‫تعاطفا في الأوساط الليبرالية‪ ،‬ما أقلق السلطات الفرنسية‪ ،‬ودفعها ﵀اربة اتضزب وإضعافو‪ ،‬وقامت‬ ‫باتهام الشيخ الثعالبي بالتآمر ضد أمن الدولة بالإضافة إلذ اتطلافات التي دبت بُت الثعالبي وأعضاء‬ ‫حزب الدستوري بسبب الدسائس الفرنسية‪ ،‬كما قامت بتعطيل الصحف وإغلاق النوادي‬ ‫واتصمعيات‪ ،‬تؽا كان سببا في رحيل الثعالبي إلذ اتظشرق العربي حيث عاش متنقلا بُت القاىرة وبغداد‬ ‫وفلسطُت‪ ،‬وفي غيابو قام ا﵀امي أتزد الصافي بالتصدي لقيادة اتضركة الوطنية في تونس مابُت عامي‬ ‫‪ 1922‬و‪ ،1931‬وفي ىذه الفًتة التي غاب فيها الثعالبي ظهرت وجوه جديدة في اتضزب كان تعا‬ ‫الأثر الكبَت في إدارة الصراع داخل اتضزب وتأطَت اتضركة الوطنية التونسية فيما بعد وأثر ىذا اتصمود‬ ‫الذي أصاب اتضزب الدستوري بعد نفي زعيمو الثعالبي ثائرة نفر من شباب اتضزب الذين عادوا من‬ ‫فرنسا فقاموا بتأسيس جريدة صوت التونسي في سنة‪ 1928‬وكان يديرىا الشاذلر خَت ا﵁ بن‬ ‫مصطفى حيث استطاعت أن تدتاز ىذه اتصريدة بالصراحة واتصر داخل اتضزب وتأطَت اتضركة الوطنية‬ ‫التونسية فيما بعد وأثر ىذا اتصمود الذي أصاب اتضزب الدستوري بعد نفي زعيمو الثعالبي ثائرة نفر‬ ‫من شباب اتضزب الذين عادوا من فرنسا فقاموا بتأسيس جريدة صوت التونسي في سنة‪ 1928‬وكان‬ ‫‪1‬علي ا﵀جوبي‪ ،‬اتظرجع السابق‪،‬ص ص ‪244-239‬‬ ‫‪20‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫يديرىا الشاذلر خَت ا﵁ بن مصطفى حيث استطاعت أن تدتاز ىذه اتصريدة بالصراحة واتصرأة‬ ‫والصلابة أن تخلق تيارا واسعا أدى إلذ تنشيط اتضزب وإعادة اتضياة إلذ صفوفو‪.1‬‬ ‫في ىذه الفًتة نشطت الصحف( صوت التونسي‪-‬العمل التونسي) التي كانت تعبَت على‬ ‫موقف النخبة من القضايا التيكان يعيشها المجتمع‪-‬قضية التجنيس‪-2‬اتظؤتدر الأفخارستي‪.3‬‬ ‫لد يكن اتضزب الدستوري القديم حزب شعبي‪ ،‬وإتفا يعتبر ركيزة اتضركة الوطنية التونسية‪ ،‬لقد‬ ‫كانت اتضركة الوطنية قبل نشأة حزب الثعالبي حركة تـبوية شملت ترعيات تعا بعد ثقافي وأكثر منو‬ ‫سياسي‪ ،‬غَت أن الثعالبي استطاع تأطَت الشعب ودتغو في حركة الوعي الوطٍت‪ ،‬وأن فًتة غياب الثعالبي‬ ‫فتحت المجال لظهور جيل جديد لعمل السياسي بتوجو جديد أكثر انفتاحا وأكثر نشاطا‪.‬‬ ‫استغل اتصيل اتصديد غياب الثعالبي للقيام بانقلاب جهوي ضد سيطرة رجال العاصمة على‬ ‫اتضزب حيث كان بورقيبة على رأس ىذا الانقلاب حيث كان تقهم سحب البساط من أبناء العاصمة‬ ‫ليتحول اتضزب إلذ أبناء الساحل واستطاع بورقيبة إحداث انشقاق جهوي في اتضزب لقد كانت ردة‬ ‫أصحاب اتضزب قوية واعتبروا ىذا العمل خيانة للثعالبي في ىذه الفًتة استحوذ بورقيبة على اتضزب‪.‬‬ ‫إن الصراع في اتضزب اتضر بُت الثعالبي وبورقيبة كان على أشده وتدركز خاصة حول مسألة‬ ‫مفهوم الاستقلال وطرق الكفاح وكانت طرق العمل واتطلافات الشخصية ىي العناصر اتعامة التي‬ ‫حددت تطور العلاقة بُت الفريقُت‪.‬‬ ‫لقد ركز اتضزب الدستوري على الانتماء إلذ المجتمع الإسلامي وحافظ على وجهو الوطٍت‬ ‫اتظتصلب في منظومة الوحدة الإسلامية‪ ،‬أما تراعة الديوان السياسي بقيادة بورقيبة رفضوا مبدأ‬ ‫الاستقلال بمفهوم اتضزب اتضر اتصناح القديم معتبرا أن سياسة اتظطالب بالكل أو لاشيء سياسة غَت‬ ‫‪1‬عبد ا﵁ الطاىر‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪57‬‬ ‫‪2‬عبد ا﵁ الطاىر‪ ،‬اتظرجع نفسو‪ ،‬ص‪58‬‬ ‫‪3‬اتظؤتدر الأفخاريستي‪ :‬مؤتدر مسيحي كاثوليكي انعقد بتونس مابُت‪07‬و‪13‬ماي‪1930‬م‪ ،‬ضم اتظؤتدر وجوه تونسية تقلدت‬ ‫وظائف دينية وسياسية عالية كمحمد ببرم والطاىر بن عاشور‪ ،‬وتػمد شنيق‪ ،‬اعتبر التونسيون ىذا اتظؤتدر تحديا تظشاعرىم‬ ‫الإسلامية خاصة وقد تم خلالو توزيع مناشَت بالعربية تدعوا التونسيُت الذ اعتناق اتظسيحية‪ ،‬أتزد قصاب‪ ،‬اتظرجع السابق‪،‬‬ ‫ص‪532‬‬ ‫‪22‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫معقولة لأنها غَت ناجعة وينبغي مقاطعة اتظصريُت على انتهاج ىذا اتطط ويرى بورقيبة أن مفهوم‬ ‫الاستقلال لديو ىو أمر خاضع بلا شك إلذ شروط تتمثل في العمل على توثيق الروابط مع فرنسا‪،‬‬ ‫ولابد أن يكون مفهوم التحرر والاستقلال بأن يتحققا بموافقة فرنسا‪.1‬‬ ‫تقوم إيديولوجية الإصلاح عند الثعالبي على أن مصدر التشريع اتظلائمة للبلاد العربية ىو‬ ‫تراثها العربي الإسلامي فدعا إلذ الوحدة العربية حيث قال( الوحدة العربية كيان عظيم ثابت غَت قابل‬ ‫للتجزئة والانفصال‪ )2‬فاتصماىَت الشعبية واتظتعلمُت ذوو التكوين التقليدي فإن فكرة الأمة العربية‬ ‫الإسلامية بقيت حية وكان الكفاح سياسي ذا صبغة دينية جهادية‪.3‬‬ ‫إن التطور التارتمي للحزب اتضر التونسي شهد تفو كبَت في مستوى الفكر من خلال النخب‬ ‫اتظكونة لو في الفًتة الأولذ سيطر التيار ا﵀افظُت تراعة الثعالبي والذين يكونون اللجنة التنفيذية حيث‬ ‫تشددوا في ا﵀افظة على الدين ورفضهم فصل الدين على السياسة واعتبروا أن الإسلام دين ودولة‪،‬‬ ‫حيث كان فكرىم قائم بالأساس على اتضفاظ على الوطن قوي بالاعتماد على فكرة اتصامعة‬ ‫الإسلامية وا﵀افظة على العادات والتقاليد وإحياء الوحدة العربية الإسلامية وانتهاج سياسة ذات فكر‬ ‫تحرري استقلالر بنبذ فكرة التبعية والتجنيس ولا لإدماج في تغتمع غربي‪.‬لذا كان الوطنيُت التونسيُت‬ ‫في ىذا الاتجاه تؿو فكرة الوحدة واتصامعة الإسلامية لايستطيعون الانفلات منها فاتضماسة الوطنية‬ ‫تبددت باتضماسة الدينية حيث بقي الاتجاه الأول تقليديا يتجو بأنظاره إلذ الشرق الإسلامي ويهتف‬ ‫بأفكار شكيب أرسلان رائد اتضركة اليقظة الإسلامية‪.4‬‬ ‫إن فًتة غياب الثعالبي من أوت ‪ 1929‬إلذ ‪08‬جويلية‪ 1937‬أججت الصراع بُت شقي‬ ‫اتضزب اللجنة التنفيذية والديوان السياسي لينقسم المجتمع التونسي على نفسو بُت قسمُت‪.‬‬ ‫ففي‪02‬مارس‪ 1934‬بقصر اتعلال تأسس الديوان السياسي –اتضزب اتضر الدستوري‬ ‫اتصديد‪ -‬مبٍت على توجو إصلاحي واضعا برناتغا يشبو برنامج اتضزب الإصلاحي الذي أسسو حسن‬ ‫‪1‬يوسف مناصرية‪ ،‬مرجع السابق ‪ ،‬ص ص ‪23.24‬‬ ‫‪2‬الطاىر عبد ا﵁ ‪ ،‬اتظرجع السابق ‪ ،‬ص‪55‬‬ ‫‪3‬تػمد اتعادي الشريف ‪ ،‬اتظرجع السابق ‪ ،‬ص ‪121‬‬ ‫‪4‬يوسف درمونة‪ ،‬اتظرجع السابق ‪،‬ص ص ‪79 .77‬‬ ‫‪22‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫قلاتي‪ ،1921‬غَت أن ىذا اتضزب يتناقض مع ماجاء في نهج اتصبل‪ 1933‬وىذا التغيَت الكبَت راجع‬ ‫إلذ الصراع داخل اللجنة التنفيذية ونظرتها حول تدسكها بفكرة الاستقلال الكامل‪.‬‬ ‫إن التيار اتصديد كان يرى اتضزب الدستوري كأنو طريقة صوفية أو توجو ديٍت لاحزب سياسي‬ ‫وإن تراعة الثعالبي متشددين في ا﵀افظة على الدين ويرفضون فصلو عن السياسة باعتبار إن الإسلام‬ ‫دين ودولة وىذا مايعتبر إغراق القضية التونسية في الوحل وتدزيقها بُت السلطة الروحية والسلطة‬ ‫التنفيذية جعلت اتضزب بمثابة طريقة صوفية رجعية‪.1‬‬ ‫لقد كانت تراعة العمل التونسي عربية الثقافة وعلمانية اتظنهج وكثَتا مايؤخذ على اتضزب‬ ‫اتصديد وجهو الإزدواجية بُت ماىو غربي دتنقراطي أمام الغربيُت وإسلاموي كاره للأجانب عندما‬ ‫يتوجو إلذ أنصاره وإن مفكري اتضزب تؼلصون حقا في اعتناقهم الأفكار الغربية‪.2‬‬ ‫لقد ارتكز اتضزب اتصديد على توثيق الروابط مع فرنسا واتباع سياسة التدريج واتظراحل والدعوة‬ ‫إلذ تأسيس تغموعة متوسطية تكون تونس جزء منها بمعٌت أخر رفض مبدأ الاستقلال بمفهوم اتضزب‬ ‫القديم واتظطالبة بالسيادة اتظزدوجة واتظتمسكة باتضقوق اتظكتسبة من خلال النضال‪.‬‬ ‫أن الًتكيبة الفكرية للحزب الدستوري اتصديد خلقت نوع جديد فهيكلت اتضزب وصراع حول‬ ‫الزعامة وقيادة اتضزب وىذا مايظهر من خلاف ناتج بُت اتظاطري وبورقيبة‪ ،‬حيث قرر قادة اتضزب‬ ‫الدستوري اتصديد إعادة النظر في السياسة اتظنتهج وطريقة التعامل مع الإدارة الفرنسية حيث رأوا‬ ‫ضرورة عقد مؤتدر للبحث عن إسًتاتيجية جديدة تظواجهة اتظستجدات وذلك‬ ‫في‪31‬أكتوبر‪1937‬بشارع الًتيبونال حيث كان تػمود اتظاطري على رئاسة اتضزب‪ ،‬وقد تخلل أشغال‬ ‫اتظؤتدر مناقشات حادة لاسيما داخل تصنة السياسة العامة وتصان اتظالية حيث انتقد عدد كبَت من‬ ‫‪1‬سالد لبيض‪ ،‬اتظرجع السابق ‪،‬ض‪66‬‬ ‫‪2‬يوسف درمونو‪ ،‬اتظرجع السابق ‪ ،‬ص‪79‬‬ ‫‪22‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫النواب ىاتُت اللجنتُت بحدة وضع ميزانية اتضزب التي صارت منذ رجوع اتظبعدين تحت تصرف بورقيبة‬ ‫وحده رغم وجود أمُت مال لأن ىذا الأخَت أصبح منصب صوري‪.1‬‬ ‫لقد اشتد النقاش حول العديد من اتظسائل خصوصا مسألة الاستقلال‪ ،‬فاتظاطري يرى ضرورة‬ ‫التمسك بعبارة التحرير الواسعة اتظعٌت لأن استعمال كلمة الاستقلال حسب رأيو من شأنو أن تغلق‬ ‫تريع أبواب النقاش مع السياسيُت الفرنسيُت ‪ ،‬ومع ىذا التصعيد بدأت موجة إضرابات تزعمها‬ ‫بورقيبة وصالح بن يوسف وسليمان بن سليمان غَت أنها لد تجد تأييد من اتظاطري‪ ،‬حيث اندلعت‬ ‫بعض اتضوادث واعتقال عدد من الوطنيُت‪.‬‬ ‫في حقيقة الأمر فاتطلاف بُت اتضبيب بورقيبة واتظاطري بسبب اختلاف وجهات النظر‬ ‫فلأخَت تنيل إلذ التهدئة ومراعاة الظروف التي تدر بها البلاد بينما بورقيبة عمل على تصعيد الأمر الذي‬ ‫لد يطقو اتظاطري ليقدم استقالتو من رئاسة اتضزب‪.2‬‬ ‫واتظلاحظ أن اتضبيب بورقيبة كان عنده شغف الزعامة وريادة اتضزب الدستوري وإدارة دواليب‬ ‫السياسة في تونس ليكون بذلك المجاىد الأكبر واتظناضل القوي لقد برز كخطيب مولع بالسياسة‬ ‫والفن والتاريخ ويتمتع بذكاء حاد وامتاز بالقدرة على التحليل اتظواقف واتظواضيع قولا وتحريرا مكنو من‬ ‫كسب قاعدة شعبية عند العامة‪.‬‬ ‫لقد أثار اتظفاوضات التونسية الفرنسية في ‪03‬جوان ‪ 1955‬التي نصت على احتفاظ فرنسا‬ ‫بالشؤون اتطارجية والدفاع عن تونس وضمان مصاتضها وامتيازاتها في تونس وإقامة إتحاد ترركي بُت‬ ‫البلدين مع الاحتفاظ بقاعدة العسكرية في بنزرت خلافا كبَت داخل اتضزب اتضر الدستوري بُت بورقيبة‬ ‫وصالح بن يوسف الذي عارضها مؤكدا أن الاتفاقية تعطي لفرنسا وحدىا حق التصرف في المجالُت‬ ‫اتطارجي والدفاعي –استقلال ناقص في وجهة نظره‪ -‬ورفضو مبدأ الاستقلال الداخلي ووصف بأن‬ ‫اتظعاىدة مثلت تراجع خطوة إلذ الوراء‪ ،‬في حُت اعتبرىا بورقيبة مرحلة من مراحل الاستقلال الفعلي‬ ‫‪1‬تػمود اتظاطري‪ ،‬مذكرات مناضل‪ ،‬تقديم عز الدين قلوز‪ ،‬تعريب تزادى الساحلي ‪،‬ط‪، 1‬دار الشروق ‪ ،‬القاىرة ‪،‬‬ ‫مصر‪ ، 2005،‬ص‪120. 119‬‬ ‫‪2‬تػمود اتظاطري ‪ ،‬اتظصدر نفسو ‪ ،‬ص ‪124. 122‬‬ ‫‪21‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫ولد يقبلها إلا على أساس ضرورة تغيَتىا معتمدا على إسًتاتيجيتو خذ وطالب‪ 1‬علما أن العديد من‬ ‫التونسيُت من أمثال صالح بن يوسف ويوسف الرويسي‪ ،‬وحسُت الًتيكي لد يرضيهم ماحققو بورقيبة‬ ‫واعتبروه ىذا استسلام للمستعمر‪ ،‬وخرقا للحق الوطٍت الكامل‪.‬‬ ‫لقد شكل الصراع البورقيبي واليوسفي صراعا داميا واتخذ طابعا دينيا وثقافيا وحضاريا وىي‬ ‫إفراز تطلاف فكري‪ ،‬وطرح سياسي‪ ،2‬إذ لد يكن تغرد صراع سياسي فقط‪ ،‬خصوصا إن صالح بن‬ ‫يوسف كان يدافع على اتعوية العربية اتظرتبطة باتضركة القومية العربية واتظد التحرري العاتظي‪ ،‬بالإضافة‬ ‫إلذ ذلك تحالفو مع اتظؤسسة الدينية حيث جعل من جامع الزيتونة مقرا لتنظيم أول لقاء تراىَتي‬ ‫ضد بورقيبة‪ ،‬وأعطوا تظعارضتهم طابعا دينيا مستغلُت القيمة الًتاثية للجامع حيث ألقى منو خطابا بُت‬ ‫فيو‪ :‬أن الاستقلال الذي يضع أمن البلاد وقضائها في أيدي أجنبية إن ىو إلا استقلال زائف‬ ‫وخدعة استعمارية‪ .3‬لقد كان ىذا اتططاب بمنزلة الشرارة التي أتعبت نَتان اتطلاف‪ ،‬وحولتو من تغرد‬ ‫اختلاف في الرأي حول مسألة مصَتية من قضايا الأمة ألا وىي استقلال الوطن وتخليصو من‬ ‫الاستعمار إلذ مواجهة حقيقية بُت قطبُت متضادين من أقطاب اتضركة الوطنية التونسية‪.‬‬ ‫لقد حرص صالح بن يوسف على دعم وتأييد مكتب اتظغرب العربي وترال عبد الناصر في‬ ‫مواجهة بورقيبة وتقوية اتصيش التحرير التونسي الذي كان يتلقى الدعم والتأييد من ىذا اتظكتب‪ ،‬وفي‬ ‫خطاب ألقاه ابراىيم طوبال اتظمثل الرتشي للحزب اتضر الدستوري في تصنة تحرير اتظغرب العربي في‬ ‫أكتوبر‪ 1955‬خطابا أعلن رفض الشعب التونسي للاتفاقية التونسية الفرنسية التي يراد بها وضع قيود‬ ‫على تونس قائلا‪ :‬سيحطم الشعب الأغلال على رؤوس من وقعوا ىذه الاتفاقية التي ترمي إلذ تحويل‬ ‫تونس من الوجهة العربية إلذ الغرب الإستعماري‪4‬‬ ‫‪1‬أتزد مهابة‪ ،‬قضايا المغرب العربي خلال ‪ 30‬عاما ‪ ،‬تغلة السياسية الدولية ‪ ،‬العدد ‪ ، 121‬القاىرة ‪ ،‬جوان ‪ ، 1995‬ص‬ ‫‪139‬‬ ‫‪2‬عمارالسوفي ‪ ،‬بني خداش و جيرانها عبر الحركة النضالية – من الحركة التمردية إلى المقاومة اليوسفية – ط‪2001 ، 1‬‬ ‫‪ ،‬ص ‪149‬‬ ‫‪3‬الطاىر عبد ا﵁ ‪ ،‬اتظصدر السابق ‪ ،‬ص ‪137‬‬ ‫‪4‬الطاىر عبد ا﵁ ‪ ،‬نفس اتظصدر‪ ،‬ص‪140‬‬ ‫‪21‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫إن الوقوف على تطور الصراع داخل اتضزب الدستوري لابد الوقوف على اتظؤتدر الوطٍت‬ ‫اتطامس بمديتة بصفاقس الذي يعتبر منعرج في مسار اتضزب‪ ،‬الذي أطلق عليو تسمية مؤتدر البعث‪،‬‬ ‫لكن سرعان ماتم تعديل ىذه التسمية لسبب إيديولوجي واضح وتفاديا للخلط بُت فكر اتضزب اتضر‬ ‫الدستوري وفكر اتضزب البعث القومي العربي‬ ‫جاء مؤتدر صفاقس ليحسم الصراع حول الزعامة بُت بورقيبة وصالح بن يوسف‪ ،‬ىو صراع‬ ‫تعود جذوره إلذ تبعات استقالة تػمود اتظاطري من رئاسة اتضزب‪13‬جانفي‪ 1938‬التي بقيت شاغرة‪،‬‬ ‫وآلت النيابة إلذ اتضبيب ثامر‪.‬‬ ‫إن اتظتأمل في الإطار التارتمي الذي حف بنشأة الصراع اليوسفي البورقيبي على الزعامة‬ ‫وتطوراتو يتبُت أن ىجرة بورقيبة إلذ الشرق في مارس‪ 1945‬لتدويل القضية التونسية في جامعة الدول‬ ‫العربية‪ ،‬وفي اتصمعية العامة للأمم اتظتحدة سنة‪ 1947‬ومانتج عنو من خيبة أمل شكل دافع للصالح‬ ‫بن يوسف ليشرع في عملية تجاوز بورقيبة ‪ ،‬إن توجو الصالح بن يوسف القومي التحرري وتطور‬ ‫الأحداث على الساحة العربية والعاتظية جعل منو توحيد العمل الثوري مع ترال عبد الناصر وأتزد بن‬ ‫بلة لإعداد للثورة وتصفية الاستعمار من شمال افريقيا حيث انضم إلذ خطة عبد الناصر الداعية إلذ‬ ‫توسيع رقعة اتضرب فيكل شمال افريقيا‪.1‬‬ ‫أدى الدعم اتظصري لصالح بن يوسف إلذ تحويل النزاع بُت الزعيمُت إلذ نزاع مسلح وحدوث‬ ‫عدة اغتيالات‪ ،‬وفي الوقت نفسو مثلا اتطلاف بينهما خطرا شديدا على فرنسا لأنها تعد بورقيبة رجلا‬ ‫معتدلا‪ ،‬بينما صالح بن يوسف متشددا‪ ،‬ولأن ىذا اتطلاف سيلقي بظلالو على العلاقات التونسية‬ ‫الفرنسية‪ ،‬لذا طالبت اتضكومة الفرنسية بأن تكف مصر عن تأييد ودعم الثوار‪ ،‬لأن فرنسا لاتريد أن‬ ‫يلتحم العمل الثوري بُت اتصزائر وتونس‪ ،‬وكما أنها لاتريد أن تصبح تونس مركزا للأفكار القومية‬ ‫الناصرية‪.2‬‬ ‫‪1‬اتعادي البكوش ‪ ،‬شهادات على الاستعمار و المقاومة في تونس و الجزائر و المغرب ‪ ،‬اتظؤسسة الوطنية للفنون اتظطبعية ‪،‬‬ ‫اتصزائر ‪ ،2013 ،‬ص‪195‬‬ ‫‪2‬رضا الزواري‪ ،‬الصراع الطبقي في تونس ‪،‬اتظطبعة اتظغاربية للنشر و التوزيع ‪ ،‬صفاقس ‪ ، 2009،‬ص ‪20‬‬ ‫‪21‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫لقد عملت فرنسا على توطيد العلاقات مع بورقيبة الذي كان يرى أن إقامة علاقات متينة‬ ‫معها أفضل بكثَت لتونس‪ ،‬وأن مايربط الأخَتة بالعرب ليس إلا من قبيل الذكريات التارتمية وأن من‬ ‫مصلحتها في نظره أن ترتبط بالغرب وبفرنسا بصورة خاصة قائلا‪ :‬إن مرسيليا أقرب إلذ تونس من‬ ‫دمشق أو القاىرة‪ ،‬وإن اجتياز البحر اتظتوسط لأسهل اجتياز الصحراء الليبية‪.1‬‬ ‫لقد ترتب على الصراع اليوسفي البورقيبي نتائج وخيمة على الصعيد الداخلي حيث كانت‬ ‫ىناك العديد من اتطسائر البشرية‪ ،‬إذ أسفرت الاشتباكات التي اندلعت في أواخر أكتوبر‪ 1955‬إلذ‬ ‫‪ 1956‬عن مقتل أكثر من ألف شخص أي ضعف ما قتل من التونسيُت خلال الثورة‬ ‫الأولذ‪.1954-1952‬‬ ‫إن الصراع أدى إلذ انشقاق في اتضزب الدستوري إلذ صفُت كل واحد يسعى لإزاحة الآخر‪،‬‬ ‫فالأزمة ىذه أفرغت اتضزب من قواعده لتكون اتضركة اليوسفية أول نواة للمعارضة تظا بعد الاستقلال‪.‬‬ ‫وىكذا نصل أن صالح بن يوسف وبورقيبة وجهان لعملة واحدة‪ ،‬اتضزب اتضر الدستوري‬ ‫اتصديد‪ ،‬والوجهان يعملان لنفس الغاية خدمة للقضية التونسية أساسا وجو باتجاه الغرب يغزل فرنسا‬ ‫واتضلف الأطلسي‪ ،‬ووجو آخر باتجاه الشرق يغازل تغموعة باندونغ مناديا بالانضمام إلذ جامعة‬ ‫الدول العربية‪.2‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬إشكالية الاستقلال واتظقاومة‬ ‫إن مقاومة اتظد الاستعماري‪ ،‬عمل شرعي يتماشى مع مبادئ حق الشعوب في تقرير‬ ‫مصَتىا وىذا ما طرحو الوطنيُت العرب في مؤتدر الصلح‪ 1919‬على اتعيئة الأتؽية بعد اتضرب العاتظية‬ ‫الأولذ‪ ،‬فكل شعب لو اتضق في اتضرية والاستقلال والسيادة وتقرير اتظصَت ومقاومة اتظعتدي‪.‬لقد تعلق‬ ‫التونسيون بمبدأ الاستقلال تعلقا شديدا وانعكس ذلك على فكر وعمل اتضركة الوطنية التي عرفت‬ ‫صراعات داخلية ىامة في ذلك الشأن كما عرفت تحولات كبرى مصدرىا تشابك التحولات التي‬ ‫‪1‬الطاىر عبد ا﵁ ‪ ،‬اتظصدر السابق ‪ ،‬ص ‪130‬‬ ‫‪2‬عروسية الًتكي ‪ ،‬اتظرجع السابق‪ ،‬ص‪436‬‬ ‫‪21‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫عرفتها البنية الاجتماعية والاقتصادية والفكرية في المجتمع التونسي بتأثَت تنامي دائرة الاقتصاد الرأتشالر‬ ‫والاستعماري وبروز قوى اجتماعية جديدة ودخوتعا معًتك الصراعات من أجل حقوقها ومصاتضها‪.‬‬ ‫لقد عمل عبد العزيز الثعالبي في أوت‪ 1919‬في باريس أثناء مؤتدر الصلح بالتعريف بالقضية‬ ‫التونسية في الأوساط السياسي‪ ،‬فقاد الثعالبي الوفد التونسي اتظكن من أعيان تونس إلذ اتظؤتدر‪ ،‬وقدم‬ ‫مذكرة شفوية شرح فيها الوضعية السياسية التي آلت إليها تونس بعد فرض اتضماية الفرنسية عليها‬ ‫وأشار إلذ تدىور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتذكَت بالمجهود التونسي خلال اتضرب العاتظية‬ ‫والتضحيات التي قاموا بها‪.1‬‬ ‫وكان من أبرز اتظطالب في اتظؤتدر قائمة على إصلاح الأوضاع وإنشاء تغلس تفاوضي يتكون‬ ‫من التونسيُت والفرنسيُت منتخبُت وضرورة التفريق بُت السلطات التشريعية و التنفيذية والقضائية‪،2‬‬ ‫وارتقاء التونسيُت إل كافة اتظناصب الإدارية‪ ،‬وقد طالبوا بضرورة اتظساواة بينهم وبُت اتظوظفُت الذين‬ ‫تعم نفس الكفاءة ويشغلون نفس الوظائف بالإضافة إلذ تنظيم البلديات منتخبة بالاقًتاع‪.‬‬ ‫لقد كان توجو الثعالبي إصلاحيا رغم أنو كان يعلم أن مطالبو لن تتحقق حيث جاء على‬ ‫لسان حسن القلاتي في آخر مقابلة بينو وبُت الثعالبي في جويلية‪ (( 1919‬فيقول جاء يزوروني‬ ‫الثعالبي قبل سفره بأيام إلذ باريس فتحدثنا طويلا‪ ،‬وتناول ىو بصورة خاصة أفكار ويلسون‪ ،‬فألقيت‬ ‫عليو ىذا السؤال‪ :‬ىل تظن أن بنود ويلسن تؽكنة التطبيق على اتظستعمرات الفرنسية في شمال إفريقيا؟‬ ‫فأجاب لست طفلا‪ ،‬ولكنٍت أعتزم الاعتماد على تلك اتظبادئ لعرض وضعيتنا ومطالبنا على‬ ‫السياسيُت الفرنسيُت‪ ،‬فقلت لو‪ :‬في ىذه اتضالة لا يسعٍت إلا أن أوافقك على ذلك‪.‬‬ ‫لقد استطاع الثعالبي عرض القضية التونسية والتعريف بها من خلال كتاب تونس الشهيدة‬ ‫ىذا الكتاب كان عبارة عن عمل تراعي ساىم في إتؾازه تـبة من الوطنيُت التونسيُت حيث احتوى‬ ‫‪1‬غيلان تشَت طو التكريتي‪ ،‬اتظرجع السابق‪،‬ص‪186‬‬ ‫‪2‬عبد العزيز الثعالبي‪ ،‬تونس الشهيدة ‪ ،‬ترتزادي الساحلي‪،‬دط‪ ،‬دار الغرب الاسلامي‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪،1984،‬ص‪143‬‬ ‫‪22‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫على أفكار وملاحظات العديد منهم كانوا خرتكي الزيتونة‪ ،‬وتشبعوا بالثقافة العربية والإسلامية‬ ‫وتفاعلوا مع اتضركة الإصلاحية في اتظشرق العربي‪.1‬‬ ‫لقد كان كتاب تونس الشهيدة رغم مطالبو الإصلاحية إلا أنو عرض فكرة جديدة ذات بعد‬ ‫استقلالر رغم أن ىذه اتظطالب كانت تقتصر على إرساء الاستقلال الداخلي والًتكيز على اتظطالبة‬ ‫بدستور يضمن حقوق التونسيُت وتنكنهم من تسيَت شؤون بلادىم باستثناء السياسة اتطارجية التي‬ ‫بالنظر بمقتضى معاىدة اتضماية اتظمضاة بقصر باردو إلذ اتضكومة الفرنسية‪.‬‬ ‫لقد حدث تباين في الأفكار بعد فشل النخبة التونسية وفقدان الأمل لتنقسم بُت أعضائها‬ ‫توجو ثوري سيطر عليو أصحاب فكرة اتصامعة الإسلامية فدعوا إلذ الاستقلال الكامل ومعادة‬ ‫الفرنسيُت وكان بقيادة تػمد باشا حانبو‪ ،‬أما الإصلاحيُت كانوا ينادوننا باتظساواة في إطار اتصمهورية‬ ‫الفرنسية بقيادة حسن القلاتي وتيار معتدل يسعى إلذ النهوض بالتونسيُت ومشاركتهم في إدارة شؤون‬ ‫البلاد في ظل اتضماية وتنثلو فرحات بن عياد وعلي كاىية والشاذلر القسطلي‪ ،2‬ليتجو الثعالبي إلذ‬ ‫أخذ موقف وسطي بُت الاعتدال والتطرف بعدما كان يطالب بالاستقلال التام‪ ،‬لكنو عدل عن ىذه‬ ‫السياسة لعدم جدواىا فسلك بدلا من ذلك منهج الإصلاح‪.3‬‬ ‫لقد استطاع عبد العزيز الثعالبي تأسيس حزب اتضر الدستوري والذي يعد امتدادا تضلقة تونس‬ ‫الفتاة‪ ،‬حيث ركز البرنامج الذي دعا إليو حول تأسيس تغلس تشريعي وتأليف حكومة مسؤولة أمام‬ ‫ىذا المجلس‪ ،‬بالإضافة إلذ ذلك دعا إلذ تكوين جيش وطٍت واستعادة الأراضي اتظصادرة من قبل‬ ‫السلطات الفرنسية‪.‬‬ ‫إن الفكرة الاستقلالية عند الثعالبي كانت ذات بعد وحدوي في إطار الوحدة العربية‬ ‫الإسلامية‪ ،‬لقد كان الثعالبي تلمل في نفسو عداء تارتميا للاستعمار الفرنسي ولد يفتأ يندد بسياسة‬ ‫الاستبداد الفرنسية اتظطبقة في تونس ووصل إلذ الاقتناع بأنو لا تنكن تصور سلامة تونس بعدما بلغ‬ ‫‪1‬زىَت الداودي‪ ،‬الوطنية وىاجس التاريخ في فكر الشيخ عبد العزيز الثعالبي‪،‬د‪-‬ط‪ ،‬دار نقوش عربية‪ ،‬تونس‪،2014،‬ص‪80‬‬ ‫‪2‬خليفة الشاطر‪ ،‬اتظرجع السابق‪،‬ص ص‪87-85‬‬ ‫‪3‬يوسف مناصرية ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪79-78‬‬ ‫‪26‬‬

‫إشكالية الصراع في الحركة الوطنية التونسية‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫الاستبداد الاستعماري ذروتو إلا في إطار توحيد مصَتىا بمصَت أشقائها في اتصزائر واتظغرب الأقصى‬ ‫وليبيا وموريتانيا وتوحيد اتظغرب العربي من ا﵀يط إلذ اتضدود اتظصرية من البحر اتظتوسط إلذ أعماق‬ ‫الصحراء‪.1‬‬ ‫إن البعد الاستقلالر التونسي كان وحدوي نظرا للمصَت اتظشًتك للدول العربية الأخرى‬ ‫وخصوصا أن الثعالبي خلال اتظدة التي قضاىا خارج تونس استطاع التعرف على العالد من تونس حتى‬ ‫اتعند ومشاركتو في اتظؤتدر الإسلامي بالقدس‪ 1933‬كان لو تأثَت على النظرة الاستقلالية والبعد‬ ‫الوحدوي الاتحاد في منظومة تجمع بينها اللغة والدين ومصَت مشًتك‪.‬‬ ‫إن نظرة الثعالبي سوف تستمر في نهج جديد وجيل جديد يكون الصالح بن يوسف زعيما لو‬ ‫كان الوطنيون التونسيون قد عقدوا العزم على التصدي للقمع الاستعماري اتظتزايد‪ ،‬وانطلاقا من ىذا‬ ‫الأساس شرع فريق من الوطنيُت بعضهم يناضل في صفوف الإتحاد العام التونسي للشغل وبعضهم في‬ ‫صفوف اتضزب الدستوري اتضر التونسي في تنظيم العمل اتظسلح‪2‬‬ ‫وقد وجدت اتظقاومة عقلها اتظدبر عندما رجع اتضبيب ثامر‪ 3‬من فرنسا‪ ،‬فأخذ قيادتها ونظم‬ ‫اتضركة الوطنية خفية وشكل شعبا سرية للحزب‪ ،‬واقتنع اتضبيب بورقيبة بأن قضية تونس لن تعرف ولن‬ ‫يعتٍت بها مالد يضطرب الأمن بصفة واضحة فاتظعركة تحتاج إلذ سند الكفاح بمختلف أشكالو وىكذا‬ ‫استعد اتضزب الدستوري اتضر التونسي اتصديد إلذ الكفاح‪ ،‬وىكذا نظم الشعب حركة مقاومتو بجانب‬ ‫اتضزب وتكونت اتصمعيات السرية التي بدأت تدعو إلذ اتظقاومة العنيفة‪ ،‬وقد أعد الزعيم اتضبيب‬ ‫بورقيبة بالتشاور مع مناضلي اتضزب بالقاىرة(الطبيب سليم والرشيد إدريس ومراد بوخريص والناصر‬ ‫بلوزة) اتططة التحريرية قبيل رجوعو إلذ تونس سنة ‪1949‬م‪ ،‬وكانت خطة الدفاع تقتضي الاستفادة‬ ‫‪1‬يوسف مناصرية‪ ،‬مرجع نفسو‪،‬ص‪28‬‬ ‫‪2‬الطاىر عبد ا﵁‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪103‬‬ ‫‪3‬اتضبيب ثامر(‪ )1941-1909‬زعيم سياسي ومناضل ولد بتونس‪ ،‬زاول تعليمو الثانوي باتظدرسة الصادقية ثم سافر إلذ باريس‬ ‫والتحق بكلية الطب وتخرج منها متحصلا على شهادة الدكتوراه في الطب‪ ،‬انتخب بباريس رئيسا بجمعية طلبة شمال افريقيا‪ /‬عاد‬ ‫إلذ تونس عام‪ ،1938‬وإثر اعتقال السلطات الفرنسية لقادة اتضركة الوطنية عمل على تنظيم حركة الكفاح السري‪ ،‬ألقي عليو‬ ‫القبض يوم‪18‬فبراير‪1942‬بتهمة التآمر على أمن الدولة‪ ....‬توفي يوم‪13‬ديسمبر‪ ،1949‬أنظر تػمد تػفوظ‪ ،‬اتظرجع السابق‪،‬‬ ‫ص‪213‬‬ ‫‪20‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook