Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore قنبلة وبرتقالة - مجموعة قصصية

قنبلة وبرتقالة - مجموعة قصصية

Published by hamza.elbuhaisi, 2019-10-24 18:58:29

Description: قنبلة وبرتقالة - مجموعة قصصية

Search

Read the Text Version

‫على شفا الجرف‬ ‫لم يكن لأبو نعيم إلا صديقاً واحداً لأكثر من ثلاثين عاماً‪ ،‬له ابتسامة‬ ‫تشق الأسفلت‪ ،‬وأسنان صفراء يتحدث عنها الناس‪ ،‬فهو مدخن شره‪،‬‬ ‫يشعل سيجارته الثانية من نار الأولى‪ ،‬وكلما انتهى من أزمة حاصرته‬ ‫أخرى‪ ،‬ولكنه لا يستطيع التعبير عنها‪.‬‬ ‫يزور كل الأماكن وتظل همومه خاصة‪ ،‬وكلما ضاقت به الحياة‬ ‫يذهب إلي مكانه المف ّضل‪ ،‬محل لبيع الكاسيتات في وسط السوق‪.‬‬ ‫كان سعيد صاحب المحل أفقر من الفقر نفسه‪ ،‬دخل عليه أبو النعيم‬ ‫قبل أن يقفل محله بدقائق وقال‪:‬‬ ‫أتمنى في يوم من الأيام تكبر معك وما نزورك‪.‬‬ ‫قال‪ :‬لا بدي تكبر ولا تصغر‪ ،‬مرة كبرت معي خلعت واحد كف‬ ‫نزلت أسنانه‪ ،‬يعني خليني ساكت وآكل رمل بالمعلقة‪.‬‬ ‫قال أبو النعيم‪:‬‬ ‫لازم تحكي‪ ،‬الشعب ما بيموت‪.‬‬ ‫مشى سعيد لإغلاق المحل وهو يقول‪:‬‬ ‫ابعدني عن السياسة‪ ،‬ممكن تكبر معي وأفتحلك قرآن‪ ،‬والناس‬ ‫تقول‪ ،‬بيّاع الأغاني صار شيخ‪ ،‬مش ناقصني حكي فوق!‬ ‫لحقه أبو نعيم على باب المحل‪ ،‬فكانت رحاب بقميصها‬ ‫الأورجواني عابسة تمشي بانفعال على مقربة من المحل في ذات‬ ‫الشارع‪ ،‬فوقع إحساس غريب لمس قلبه‪..‬‬ ‫‪100‬‬

‫استأذن وأسرع في المشي حتى وصل إلى بيته‪ ،‬غيّر ملابسه‬ ‫وتع ّطر ولبس حذاء اشتراه قبل يومين ونزل إلى الشارع م ّرة أخرى‬ ‫لانتظار عودتها‪ ،‬فوجد حسن أمامه فاستاء‪ ،‬ولكنه تظاهر بمزاج جيد‬ ‫وأناقة روتينية وبادر بالقول‪:‬‬ ‫قميصك حلو واللون أحلى‪.‬‬ ‫نظر إليه حسن دون أي رد فعل‪ ،‬لكن أبو نعيم مازحه‪:‬‬ ‫الكشرة زي العشرة والعشرة كابتن حسن‪.‬‬ ‫كان حسن يغلي في داخله‪ :‬مزاجك رايق ومزاجي سيء‪.‬‬ ‫شو السبب؟ ومشى معه حتى نهاية الشارع‪.‬‬ ‫قال حسن‪:‬‬ ‫بعض الكذب فيه نفاق في بعض الأحيان ومواجهته فيها إحراج‪،‬‬ ‫وخاصة إذا تعرض الإنسان لأشخاص تربّوا على الباطل‪.‬‬ ‫قال أبو النعيم‪ :‬يبدو فيه موضوع كبير!‬ ‫رد حسن وهو يغادر المكان‪:‬‬ ‫لا كبير ولا نص نص‪ ،‬أي شيء بيشغلني ما بيشغلك‪.‬‬ ‫أبو نعيم‪ :‬ه ّمك كبير وه ّمي أتجوز رحاب‪ ،‬ثم رجع إلى بيته محبطاً‪،‬‬ ‫فدخل غرفته وخلع ملابسه واستلقى على السرير‪ ،‬وصار ينظر إلى‬ ‫السقف ويستدعي ذكرى ويطويها‪ ،‬وأخرى فيغمض عينيه ثم يفتحها‪،‬‬ ‫وهكذا ظل حوالي ساعتين يتململ وتتلاطم أفكاره حتى دق باب البيت‪.‬‬ ‫عاد حسن ومعه يحيى‪ ،‬وكانت الساعة تشير إلى التاسعة مسا ًء‪.‬‬ ‫‪101‬‬

‫جلبا معهما بعض الأغراض‪ ،‬كان من بينها زجاجة عصير ظهر‬ ‫عنقها من بين الأكياس التي م ّدها يحيى وقال‪:‬‬ ‫بدنا نتعشى وبعدين أغادر لأنه عندي لقاء مهم الليلة‪.‬‬ ‫أبو النعيم‪ :‬وأنا عندي موضوع لازم تعرفه‪.‬‬ ‫حسن‪ :‬رحاب أكيد‪.‬‬ ‫هذا صحيح‪ ،‬قال أبو نعيم مبتسماً‪ ،‬وأمسك بحبات البيض‪ ،‬يقلي‬ ‫واحدة تلو الأخرى‪.‬‬ ‫وصعد يحيى واستلقى على فرشة فوق سطح المنزل‪ ،‬ثم وضع‬ ‫جهاز لاسلكي يحذر من الطيران الحربي في سماء المدينة‪ ،‬ويتمنى‬ ‫السلامة للجميع‪.‬‬ ‫أحضر أبو نعيم العشاء وسمع صوت في الخارج‪ ،‬فأطل من فوق‬ ‫السور‪.‬‬ ‫سأله يحيى‪ :‬هل رأيت أحد؟‬ ‫كأني لمحت شخصاً يدخل في الشارع ولكن المكان عتمة‪.‬‬ ‫اقترح يحيى إطفاء الضوء‪ ،‬ثم غرق في صحن الحمص وتناول‬ ‫حبات الزيتون وهو يقول‪ :‬جارتك أم ياسر بتعرف رحاب وممكن‬ ‫تساعدك‪.‬‬ ‫أم ياسر بتكرهني‪ ،‬لكن لو حسن يطلب لبن العصفور‪ ،‬يوصل ثاني‬ ‫يوم‪ ،‬لكن أنا مش ممكن‪.‬‬ ‫قال يحيى‪ :‬لو كلمتها ما بتخسر‪ ،‬لكن فيه جديد؟‬ ‫الجديد ابتسامة رحاب‪ ،‬ممكن ينجح الموضوع؟‬ ‫‪102‬‬

‫قال يحيى وهو يهز كتفيه‪:‬‬ ‫قوم اعمل قهوة‪.‬‬ ‫رفع حسن وأبو نعيم الصحون ونزل كلاهما إلى الطابق السفلي‪،‬‬ ‫وبعد دقائق سمعا انفجاراً هائلاً‪ ،‬ك ّسر زجاج المنزل وقطع الكهرباء‬ ‫وتناثر الأكل في المطبخ‪.‬‬ ‫قصف الطيران الإسرائيلي سطح المنزل بصاروخ موجه واشتعلت‬ ‫النيران‪ ،‬وخرج حسن وأبو نعيم من البيت مصابين بجروح وامتلأت‬ ‫وجوههم بالغبار والدماء وتعالت صرخات الجيران ومناشداتهم‪.‬‬ ‫نُقل يحيى إلى المستشفى جثة هامدة‪ ،‬وتم إسعاف باقي أفراد العائلة‬ ‫وانقطعت الكهرباء حتى الصباح وسط حالة صدمة‪.‬‬ ‫م ّر الأسبوع الأول بحزن وهدوء في المنطقة‪ ،‬وصارت الناس‬ ‫تراقب حسن وأبو النعيم حتى قررا الاختفاء في أي مكان بعيداً عن‬ ‫ملاحقات الناس‪.‬‬ ‫كان الجو هادئاً في المساء‪ ،‬فعاد أبو النعيم إلى بيته بصحبة حسن‪،‬‬ ‫كانت الشوارع فارغة‪ ،‬وفي طريقهم إلي البيت م ّر الاثنان عن النصب‬ ‫التذكاري ليحيى‪ ،‬فاسترق أبو نعيم نظرة مصحوبة باشتياق وانهالت‬ ‫صور يحيى عليهما في الطريق‪ ،‬وأكملا المشى حتى وصلا إلى البيت‬ ‫وطلب من حسن الانتظار وصعد إلى السطح‪ ،‬ثم أطل من الشبّاك‬ ‫وطلب منه الدخول‪ ،‬ولكن حسن أشار بيده رافضاً وغادر المكان‪،‬‬ ‫فنزل أبو النعيم يجري‪ ،‬ولكن دون جدوى‪.‬‬ ‫استمر الغياب لأسابيع‪ ،‬ثم أطل حسن في الشارع يحمل في يده‬ ‫قطف عنب أعطاه لطفل في الشارع ودخل إلى الزواريب المجاورة‬ ‫‪103‬‬

‫لبيته‪ ،‬فكانت أم ياسر تغط في صحن البرغل مع جاراتها على باب‬ ‫منزلها‪ ،‬ولكنها لمحته‪ ،‬وقالت بعال الصوت‪:‬‬ ‫شو مخبي على جنبك؟ يا ويلك إذا بتشيل سلاح‪ ،‬خلص واحد مات‬ ‫من العيلة بكفي‪ ،‬خلي الناس الثانية تستشهد‪.‬‬ ‫تغتاظ أم نعيم التي كانت تحب يحيى فتقول‪:‬‬ ‫يا خيبتي عليا‪ ،‬كيف لو يعرف يحيى إنه حسن قاعد في الدار بدون‬ ‫مقاومة ولا ما يحزنون؟ اسكتي خليه يشيل سلاح‪ ،‬صدق فيهم أبو‬ ‫المؤمن‪ ،‬وما هزمنا غير إنتي وأولادك وجوزك الخاين أبو الكبونات‪،‬‬ ‫ولا حسن روح طخ الأرانب‪ ،‬خليني أشوف كيف حالها بدو يصير‪.‬‬ ‫لم يعر حسن اهتماماً للحديث كله‪ ،‬فقد كان مقتل يحيى إصابة بالغة‬ ‫في عقله وجرحاً غائراً يغذيه بابتسامة كلما شعر بوهن‪ ،‬فرجع إلى‬ ‫البيت‪ ،‬ولما دخل كانت دراجة ج ّده إسماعيل قد أغلقت الباب‪ ،‬فأزاحها‬ ‫وفتحه ثم جلس على عتبة الدرج يتفقدها‪.‬‬ ‫دار الوقت في رأسه وأحاطت به الأسئلة‪:‬‬ ‫كيف كان ج ّدي يلف المخيم ويبيع الصحف؟ ولماذا ظل يقود‬ ‫الدراجة حتى بلغ الستين من عمره؟ ويهتم أن تقرأ الناس الصحف؟‬ ‫ت ّذكر حسن يوم موت جده إسماعيل بجلطة دماغية في نفس اليوم‬ ‫الذي منعت فيه إسرائيل من دخول الصحف إلى قطاع غزة‪ ،‬وبقيت‬ ‫الدراجة في حالة انكسار تام عند مدخل البيت‪ ،‬أتى الصدأ على ترسها‪،‬‬ ‫وتراكم الكدر على هيكلها‪ ،‬حتى أن يحيى طلب منه تصليحها قبل نحو‬ ‫شهر والحفاظ عليها من الصدأ‪ ،‬لكن حسن تكاسل عن طلبه‪.‬‬ ‫ظل جالساً على الدرج‪ ،‬يتأمل فصوص الثوم التي علّقت في‬ ‫مقبضي الدراجة‪ ،‬ثم مد يده إلي الصندوق الخشبي في مؤخرة الدراجة‪،‬‬ ‫‪104‬‬

‫وكان نصيبه شوالاً من الأرز ونسخ قديمة من الصحف المهترئة في‬ ‫قاع الصندوق‪ ،‬بينما تك ّدست ص ّرة من الأكياس بجانب الدراجة‬ ‫وانتصبت علبتي زيت زيتون في الزاوية‪.‬‬ ‫وصل أبو نعيم وناداه‪ ،‬فقام وفتح له‪:‬‬ ‫بهذه السرعة؟ ماذا تفعل خلف الباب؟‬ ‫طالع برة البيت‬ ‫اقترح أبو نعيم‪ :‬ممكن نزور محل سعيد في السوق!‬ ‫لأ‪ ..‬الجو لطيف‪ ،‬ممكن نزور البحر‪.‬‬ ‫وافق أبو نعيم على مضض واستأذن لتغيير ملابسه وطلب منه‬ ‫الالتقاء عند الشاطئ‪.‬‬ ‫صعد حسن وغيّر ملابسه ثم نزل إلى الشارع يلاعب القطط‪ ،‬ويشم‬ ‫الورد على باب محل أبو عوني دون أن يشتريه‪ ،‬ويمر عن صور‬ ‫يحيى المعلقة على الجدران‪ ،‬حتى وصل إلى البحر وهو يحمل على‬ ‫ظهره كلاشينكوف ويلبس فوقه سترة‪.‬‬ ‫جلس على الجرف ينتظر أبو نعيم وهو ينظر إلى الشاطئ ويحاول‬ ‫التع ّرف على بعض الناس على امتداد بصره‪.‬‬ ‫هناك تجلس جارته أم ياسر مع عائلتها‪ ،‬عرفته من لباسه ول ّوحت‬ ‫بيدها!‬ ‫تحبّه وتسأل عنه باستمرار‪ ،‬ويرى هو أنها تغرف من شقاء التاريخ‬ ‫الذي يتق ّطع على باب كل ضحكة من ضحكاتها‪.‬‬ ‫ظلّت تل ّوح له‪ ،‬ثم أشارت إلى السلاح المخفي وراء ظهره وهي‬ ‫تقول من بعيد‪:‬‬ ‫‪105‬‬

‫لا لا‪ ..‬وتمرجح يدها يميناً ويساراً‪ ،‬وفي اليد الأخرى ترفع له‬ ‫شقحة بطيخ‪.‬‬ ‫ينظر حسن إلى عرض البحر‪ ،‬كأنه يتخيّل سمكة قرش تغزو‬ ‫الشاطئ وتلتهم أم ياسر وشقحة البطيخ معاً‪ ،‬وتنظر هي الأخرى إلى‬ ‫عرض البحر كحسن‪..‬‬ ‫يتذكر مشهد هدى غالية وهي تصرخ على الشاطئ بعد مقتل‬ ‫عائلتها بقذائف الزوارق الإسرائيلية‪ ،‬وبعد لحظة صمت‪ ،‬تشير له م ّرة‬ ‫أخرى بيدها‪:‬‬ ‫مفش إسرائيل‪ ،‬تعال خذ بطيخ‪..‬‬ ‫يا حزين تعال خذ بطيخ‪..‬‬ ‫مدفون في الرمل من ساعتين‪ ،‬بيشهي مثل البوظة‪ ،‬لكن أنت عنيد!‬ ‫لا يسمع حسن شيء‪ ،‬ولكنه يفهم لغة أم ياسر جيداً ويقول في س ّره‪:‬‬ ‫يلعن أميركا لأجلك يا أم ياسر‪.‬‬ ‫تعود وترفع يدها وتل ّوح بشقحة البطيخ‪:‬‬ ‫تعال فرشي أسنانك‪ ،‬ثم تلتهم الشقحة أمام عينيه‪.‬‬ ‫ينظر حسن إلى اللون الأحمر وهو يغيب في بطنها‪ ،‬ويعود بنظره‬ ‫إلى البحر مرة أخرى‪ ،‬يدقق جيداً في الحيز بين الأزرقين‪ ،‬ويقول في‬ ‫ذهنه‪:‬‬ ‫ع ّجل الفرج أيها الأزرق‪ ،‬ويعود ببصره إلى أم ياسر وهي تلتهم‬ ‫آخر شقحة بطيخ وترفع بيدها الأخرى براد الشاي الذي يحبه حسن‪:‬‬ ‫تعال اشرب شاي‪ ،‬شو بدك نعمل؟ أعطيني الإشارة!‬ ‫‪106‬‬

‫يفهم حسن لغة أم ياسر وفطنتها ومرحها الذي لا ينقطع‪ ،‬فيبتسم‬ ‫مع نفسه من بعيد وهو يعاين مجموعة صغار يلعبون شد الحبل خلفها‪،‬‬ ‫وتهيمن على رأسه الذكريات‪ ،‬ويستجد إحساس هادئ مفعم بروح‬ ‫النصر ولا يهتدي إلى بر فيغادر مبتسماً ويتوارى عن الأنظار‪.‬‬ ‫‪107‬‬

‫سينما النصر‬ ‫لم يكن مازن متحمساً للسينما‪ ،‬فقط يش ّده إليها اسمها‪ ،‬تروق له كلمة‬ ‫\"سينما\" وير ّددها دائماً‪ ،‬ولها في خياله لوحات‪ ،‬مثلاً‪:‬‬ ‫فتى يحاول اكتشاف ما يمكن أن يثيره مشهد إباحي في جمهور‬ ‫غارق في العتمة‪ ،‬وما يمكن أن يسبّبه لامرأة في الستينات‪ ،‬أو انعكاس‬ ‫الضوء على وجه أحدهم‪ ،‬مج ّرباً استغلال الظلام‪ ،‬لاستراق قبلة‪.‬‬ ‫ولد مازن في حي الشجاعية‪ ،‬شرق مدينة غزة وعاش فيه أكثر من‬ ‫خمسة وعشرين عاماً‪ ،‬لكنه لم يكن يتجاوز الـ ‪ 17‬عاماً‪ ،‬حين اقترب‬ ‫من السينما لأول م ّرة‪ ،‬وقف وتب ّول على أحد جدرانها‪ ،‬فتنبه أنه يبول‬ ‫على حائط ُكتب عليه كثير من الشعارات والأغاني‪ ،‬شعر بحياء وتلفت‬ ‫حوله فلم يجد أحداً‪ ،‬مسح يديه وأكمل الطريق حتى وصل إلى إشارة‬ ‫مرور‪ ،‬وهناك سأله شاب‪:‬‬ ‫لو سمحت‪ ،‬هل تعرف محل للخياطة؟‬ ‫صحيح فيه محل خلف السينما‪ ،‬امشي حتى توصل المبنى البعيد‪،‬‬ ‫هذا الذي تراه أمامك‪ ،‬وهناك سيقابلك شارعين‪ ،‬وفي بداية أحد‬ ‫الشوارع‪ ،‬سترى جداراً ُكتب عليه “وين الملايين الشعب العربي‬ ‫وين”‪ ،‬ادخل في الشارع‪ ،‬وفي أوله ستشم رائحة نتنة في المكان‪ ،‬لا‬ ‫أعرف سببها‪ ،‬ولكن يبدو أنها جيفة في آخر السينما‪ ،‬حاول أن تغلق‬ ‫أنفك ثم افتحه بعد عشرة أمتار‪ ،‬وبعدها سترى طريقاً خاصاً فيه يقع‬ ‫محل الخياطة يلتصق به محل مط ّرزات‪ ،‬ستجده في وجهك‪ ،‬بجواره‬ ‫مكتبة قديمة‪ ،‬ومحل لطباعة المفاتيح وتصليح الأحذية‪ ،‬كلها في نفس‬ ‫المكان‪.‬‬ ‫‪108‬‬

‫وبعدين وين أروح؟‬ ‫خلص وصلت‪ ،‬هو محل متواضع‪ ،‬ممكن تقرأ لوحته باللون‬ ‫الأسود‪ ،‬فيه هناك أثواب‪ ،‬امسك واحد شغل يدوي حرفي وص ّدقني‬ ‫ستشعر بالانبساط‪ ،‬وانتبه حتى لا يقع منك صحن الحمص‪.‬‬ ‫كانت “سينما النصر\" لا غيرها‪ ،‬يراها مازن في طريقه خلال‬ ‫مشواره اليومي لشراء عصير الخ ّروب‪ ،‬كان يحبه وتذ ّكره السينما‬ ‫بكثير من الأفلام القديمة‪ ،‬وتحديداً ذاك الفيلم الذي احترقت فيه بارجة‬ ‫حربيّة وأضاء اللهب وجوه المتفرجين وخرجوا يومها في حالة ذهول‬ ‫وانبساط من حلاوة الفيلم‪.‬‬ ‫كانت سينما النصر تقف بجدران شاحبة في وسط غزة‪ ،‬تساعد كل‬ ‫المتبولين الما ّرة‪ ،‬وهي المكان الوحيد الذي يتذكره مازن حين يأتي‬ ‫أحد على ذكر اللون الأبيض‪ ،‬وتتصارع الأسئلة في ذهنه‪ ،‬ويخطر‬ ‫بباله ع ّشاق السينما الذين لم يدخلونها ولو م ّرة في حياتهم‪ ،‬ويتساءل‪:‬‬ ‫هم حالمون أم كاذبون؟ حالمون بماذا؟ بوزير ثقافة على بسكليت أبو‬ ‫جحشين؟ أو ببائع شعر البنات أمام مدرسة ذكور الأونروا؟ أو غزة‬ ‫وهي تفتقر لموسيقار يعيد الدماء لشهدائها ويض ّمد جراح مصابيها؟ أو‬ ‫لعازف كونتراباص ثخين ومتوتر؟ أو لأغا ٍن أقل من الوطنية بقليل‪،‬‬ ‫وكلام آخر غير الهتافات؟ أو غزة وهي تعثر على امرأة تجيد التمثيل‬ ‫ولا تنتصر في الزغاريد؟ أو شاب يستأذن موظف البلدية كي يشاركه‬ ‫في قطع الكهرباء عن المخيم‪ ،‬ويضحكان ثم يعزمه على كاسة شاي‬ ‫على عتبة باب البيت‪.‬‬ ‫كان يبدو أن وقوع مازن في حب السينما سيأتي على مهل‪ ،‬في أي‬ ‫مكان آخر في العالم‪ ،‬أي مدينة تكترث للسينما ولديها وقت لحكايات‬ ‫البشر!‬ ‫‪109‬‬

‫كان يريد لهذا الحب أن يأتي بخفة على شكل إعلانات في الشوارع‬ ‫ولوحات في القطارات والباصات‪ ،‬لكن مازن كان يحضر كل الأفلام‬ ‫في البيت ويظل يفكر في الساعات التي سيتقيد فيها بالظلام‪ ،‬ويدور‬ ‫إعلان سينمائي في ذهنه‪:‬‬ ‫قطاع غزة كسينما كبيرة يعلن استقباله أي فيلم عربي وهو لم‬ ‫يج ّرب الصمت الجماعي ولا حتى قطع التذاكر‪.‬‬ ‫كان حلماً بالنسبة لمازن أن يسمع قطاع غزة وهو يضحك في‬ ‫سينما النصر أو أي سينما أخرى‪ ،‬كالسامر أو الحمراء‪.‬‬ ‫لم يتحقق حلمه وسافر‪ ،‬وفي أول أسبوع وجد نفسه أمام عنوان‬ ‫يخرج من الأرض إلى السماء “هذا العالم الذي ليس لنا”‪.‬‬ ‫جلس في قاعة السينما‪ ،‬حيث يعرض مخرج الفيلم لقطته وهو يقول‬ ‫جملة تركت مازن في حالة شرود ذهني‪:‬‬ ‫\"كنا نذهب إلى السينما نشاهد أفلام الـ \"الكونغ فو\"‪ ،‬ليس تماماً‬ ‫كونغ فو!‬ ‫انتبه مازن وفرط ضحكة استف ّزت ظلام القاعة وتحسس أعضاءه‬ ‫وهو ير ّدد كونغ فو والله جميل الكونغ فو‪.‬‬ ‫التفت بعض المشاهدين إليه وبدا الأمر غريباً‪ ،‬لكن الفيلم والكونغ‬ ‫فو كانا الشرارة التي فكفكت ذاكرته وعاد بها إلى مسلسل “أسكمو‬ ‫لمون” الإسرائيلي ذائع الصيت‪ ،‬يتذكره جيل السبعين ومطلع الثمانين‬ ‫جيداً‪ ،‬كان يتابعه آلاف الشباب‪ ،‬آملين مجرد لقطة إباحية من شاشة‬ ‫تلفزيون فيليبس القديم‪.‬‬ ‫تذ ّكر مازن كل التفاصيل وفي ذروتها سلام الشجعان وهو يقول‪،‬‬ ‫أخ من “زمن الأسكمو لمون”‪ ،‬ومضى يهمس لصديقه‪:‬‬ ‫‪110‬‬

‫بتعرف كان يوم السبت يستحق نسميه يوم الشبق العالمي‪ ،‬وقتها‬ ‫كانت سنوات أوسلو الأولى وانفتحنا على إسرائيل‪ ،‬فتحة عاطلة‪ ،‬لكن‬ ‫ما بعرف كيف ضلت صالات السينما مغلقة‪ ،‬ورحنا بخفّة تجاه‬ ‫إسرائيل‪ ،‬كان المشهد سينمائي فعلاً‪.‬‬ ‫وقع مازن في حب السينما‪ ،‬مخيم عين الحلوة كان السبب واتصال‬ ‫محمود المتح ّمس للفيلم‪ ،‬أراد أن يتابعه بدقة‪ ،‬حتى فتحت شابة “كيس‬ ‫شيبسي” في القاعة‪ ،‬واستدار أبو الريم نحو مازن هامساً في أذنه بكل‬ ‫حيرة‪ :‬بتعرف‪ ،‬نسينا نشتري كابوكي!‬ ‫تركه الفيلم تحت إلحاح الأسئلة‪ ،‬لكنه بلع لسانه وغرق في سكوته‬ ‫وهو يمشي في الشارع وازدحمت ذاكرته بالصور التي حملها لأكثر‬ ‫من خمسة وعشرين عاماً‪ ،‬أحدها لبائع فجل على باب مسجد‪ ،‬وآخر‬ ‫يبيع الأقفال أمام محل صرافة‪ ،‬وقناة طيور الجنة في محل اسكافي‬ ‫بشارع عمر المختار‪ ،‬وقيادي بارز في قيلولة يستقبل جيرانه ويطبطب‬ ‫عليهم‪ ،‬وسعيد يظهر في الفيلم كرجل صالح لا يملك إلا الدجاج يربيه‬ ‫ويدعم جيرانه بالبيض‪ ،‬ويوفّر الكهرباء للديك حتى لا يهيج‪ ،‬ويشاهد‬ ‫التلفاز وينتظر فيلماً هندياً ويأكل الموز والترمس مع الأغنية!‬ ‫لقد انزعج مازن من فصل الشتاء في مخيم عين الحلوة لكن صور‬ ‫الفيلم صارت تخفف ثقل اللاجئين وهم يقتحمون الذاكرة‪ ،‬بعض‬ ‫الصور كانت تثير أفكاره وتقلّب مزاجه‪ ،‬كصورة عرفات تجري في‬ ‫مزراب المياه بعد مطر شديد في يوم عاصف وهي تلخص كل‬ ‫المسائل‪ ،‬وصوت أبو إياد‪ ،‬عضو في حركة فتح‪ ،‬يُمعن في الغل‪،‬‬ ‫فيشتم‪ ،‬ثورتنا صارت سينما‪ ،‬فيها خونة وحراميّة‪ ،‬عادي‪ ،‬كل العالم‬ ‫يشوف الفيلم‪ ،‬هذه حقيقة‪.‬‬ ‫‪111‬‬

‫ليلة في كراج‬ ‫تأتي إلى بيت فادي‪ ،‬ويعرف اسمها فقط ولكنه لا يفهم ما حدث‬ ‫معها‪ ،‬كلما دخلت عفاف البيت لا يتجرأ أن ينظر في عينيها‪..‬‬ ‫عندما رآها أول مرة كانت ملابسها باهتة اللون‪ ،‬وتحمل سلة مليئة‬ ‫بحاجيات غير معروف ما هي بالضبط‪.‬‬ ‫وقف فادي في يوم عادي كباقي أيامه الروتينية‪ ،‬ينتظر تلك الساعة‬ ‫التي تزور فيها عفاف بيتهم‪.‬‬ ‫وصلت على الموعد ولكنها رفضت الدخول وطلبت من أحد‬ ‫الصغار أن ينادي أم فادي التي خرجت تتحدث معها‪.‬‬ ‫تفضلي ادخلي؟‬ ‫لا‪ ،‬خلص‪ ،‬يكفي ما حصلنا عليه‪ ،‬أنا وبناتي نثقل عليكم بشكل‬ ‫يومي‪.‬‬ ‫كان فادي يسترق السمع ويراقب حركاتها وأسلوبها في الكلام‪ ،‬ثم‬ ‫غادرت‪ ،‬ونزل بسرعة يسأل أمه‪:‬‬ ‫لماذا رفضت الدخول؟ وما هي قصتها؟‬ ‫لا أعرف‪ ،‬ولا تتدخل في أمر لا يعنيك‪.‬‬ ‫ظل فادي ينتظر زيارتها حتى الأسبوع التالي‪ ،‬في ذاك اليوم‪ ،‬ق ّرر‬ ‫الاختباء في المطبخ‪ ،‬حيث النافذة على مقربة من باب المنزل‪ ،‬ما‬ ‫يجعله أكثر قرباً من الصوت‪.‬‬ ‫‪112‬‬

‫انتظر ساعة‪ ..‬ساعتين‪ ..‬ثلاثة‪ ..‬حتى فتحت أمه باب المطبخ‬ ‫ودخلت‪:‬‬ ‫آه‪ ،‬هذا أنت‪ ،‬ماذا تفعل على الشباك؟‬ ‫فادي‪ :‬أبحث عن مكان لزراعة شتلة نعناع في قوارة صغيرة‪.‬‬ ‫انزل عن الشباك وازرعه في حديقة البيت‪.‬‬ ‫غادر فادي وهو يتحسس ضربات قلبه حتى هدأ وهو يردد‪:‬‬ ‫توقعت تمسكني‪ ،‬والله توقعت‬ ‫في المساء صار يفكر في طريقة كي يعرف من خلالها أي شيء‬ ‫عن عفاف‪.‬‬ ‫قام وصعد إلى الطابق العلوي بح ّجة الدراسة مع أبناء ع ّمه ويسألهم‬ ‫عنها‪.‬‬ ‫كانت الساعة التاسعة ليلاً حين دق باب المنزل‪ ،‬فتحت أم فادي‬ ‫الباب‪ ،‬فكانت عفاف تحمل الحطب‪:‬‬ ‫ثقيل عليكي‪ ،‬الموت أهون من وجع الظهر‪.‬‬ ‫يلا بسيطة‪ ،‬أكل العيش صار تعاسة‪ :‬تشتري الحطب؟‬ ‫قالت أم فادي وهي تضع يدها على خدها‪:‬‬ ‫ولو ما ب ّدي اشتريه‪ ،‬ب ّدك تلفي في الشوارع بهذا الوزن الثقيل؟‬ ‫كان فادي يقتحم المطبخ ويسمع الحوار‪:‬‬ ‫بنتي تتمنى الموت كل يوم بدل المعيشة المتعبة‪ ،‬كلها فقر على فقر‪.‬‬ ‫شقّق فتحة النافذة وصار يراقبها وهي تقول‪:‬‬ ‫‪113‬‬

‫حياتنا مثل الجيبة فاضية والحرمان فيها زي جفاف الأرض‪ ،‬ممكن‬ ‫أشرب كاسة مي؟‬ ‫أم فادي‪ :‬ممكن وأمانة عليكي تدخلي البيت‪.‬‬ ‫لا بدي أشرب وأروح‬ ‫فتحت باب المطبخ فكان فادي يمشي باتجاهها يحمل كاسة ماء!‬ ‫أخذت منه الكاسة وصفعته‪.‬‬ ‫ليش تضربي؟ يعني حرام أشرب؟‬ ‫عيب تكذب وتتصنت على المرأة‪ ،‬روح على غرفتك‪.‬‬ ‫ارتوت عفاف ثم استأذنت وغادرت‪.‬‬ ‫كانت أم فادي تعمل في التدريس‪ ،‬وفي الصباح تج ّهزت وحملت‬ ‫الشنطة والكتب وذهبت إلى المدرسة‪.‬‬ ‫دخلت إلى ح ّصتها الوحيدة في ذاك اليوم بكامل نشاطها وحيوية‬ ‫الدرس الذي ستشرحه‪:‬‬ ‫يلا افتحوا صفحة جديدة وجهزوا أقلام الرسم‪ ،‬ثم أشارت بإصبعها‬ ‫إلى إحدى الطالبات في آخر الفصل‪ ،‬وطلبت منها أن ترفع رأسها عن‬ ‫المقعد‪.‬‬ ‫رفعت رأسها والدموع تتساقط على الدفتر‪ ،‬كان بكاءها قاتماً فنادت‬ ‫عليها‪:‬‬ ‫تعالي غسلي وجهك في الخارج وارجعي بسرعة‪.‬‬ ‫خرجت من مقعدها تمشي ببطء وهي تبربر وتمسح دموعها‬ ‫بأكمامها‪ ،‬فأحم ّر وجهها وغرق في الحزن‪.‬‬ ‫‪114‬‬

‫ظلت الطالبات يراقبن مشيتها بحسرة وشعرها الذي تبعثر وسقط‬ ‫منه الطوق وانفك حزام المريول عن وسطها حتى وصلت عند‬ ‫المعلمة‪ ،‬تحمل مظروفاً أزرقاً‪ ،‬أثار انتباه أم فادي‪:‬‬ ‫ما هذا؟‬ ‫ظلت ساكتة‬ ‫سألتك‪ ،‬ما هذا؟‬ ‫زاد نحيبها‪ ،‬فطلبت أم فادي من الطالبات التزام الصمت وأخذتها‬ ‫خارج الفصل‪:‬‬ ‫لماذا كل هذا البكاء يا حبيبتي؟‬ ‫لم تتمالك الطفلة نفسها‪ ،‬وناحت البراءة في ثنايا صوتها الباكي‬ ‫وهي تقول‪ :‬جمعت هذه الأوراق ولكن ما قدرت أبيعها‪ ،‬وبعدين ما‬ ‫قدرت أشتري قلم الرسم‪.‬‬ ‫أخذت أم فادي الكيس وفتحته‪:‬‬ ‫آآه هذه أوراق خبيزة‪ ،‬لونها جميل‪ ،‬بحبها كثير‪ ،‬بتحبيها؟‬ ‫لا لا‬ ‫ليش؟‬ ‫أمي بتطبخها كل يوم‪.‬‬ ‫ليش كل يوم؟‬ ‫ما فيه غيرها‪ ،‬نجمعها من الأراضي الزراعية‪.‬‬ ‫شو اسم أمك؟‬ ‫عفاف‬ ‫‪115‬‬

‫شو؟‬ ‫قالت بصوت مرتفع‪ :‬عفااف‪.‬‬ ‫بلعت أم فادي ريقها‪ :‬أمك تجمع الحطب؟‬ ‫آه كل يوم‪ ..‬وبكت‪..‬‬ ‫صار قلب أم فادي يغلي وتتلفت حولها‪ :‬لا تبكي‪ ،‬ليش تبكي؟‬ ‫إذا ما اشتروا منّي الخبيزة بدي أرجع على البيت مشي‪.‬‬ ‫وين بيتكم؟‬ ‫بعيد ساعتين مشي‪ ،‬والطريق ما فيها ناس‪.‬‬ ‫أخذت منها الخبيزة وأعطتها ما يكفي حتى تعود بالمواصلات‬ ‫العامة‪ ،‬وتك ّرر الأمر لأكثر من أسبوعين‪.‬‬ ‫لم تهدأ المعلمة وخرجت إلى ساحة المدرسة خلال فسحة منتصف‬ ‫الدوام‪ ،‬ونادتها وأخذتها إلى قاعة المعلمات‪ :‬قولي لي عن المعيشة مع‬ ‫أمك وأخواتك؟‬ ‫نسكن في كراج صغير تحت عمارة من طابقين‪ ،‬ويسكن فوقنا‬ ‫عمي وأولاده‪.‬‬ ‫هل الكراج صالح للسكن؟‬ ‫عمي يضع البضاعة في الكراج ولا نجد مكاناً للنوم‪ ،‬وكل يوم في‬ ‫الليل نجمع كل الكتب ونصففها فوق بعضها البعض حتى تصعد أختي‬ ‫وأخي للنوم فوق البضاعة‪.‬‬ ‫وهل ترتاح أختك وأخيك فوق البضاعة؟‬ ‫‪116‬‬

‫لا أعرف‪ ،‬ولكن أختي سقطت عن الكتب مرتين وتمزق كتابي‬ ‫وضربتني المعلمة اليوم الصبح في الدرس الأول‪ ،‬وقبل يومين‬ ‫ضربتني وضربت أختي لأنها تأخرت عن الدرس‪.‬‬ ‫شو سبب التأخير؟‬ ‫كانت تو ّزع الكتب على الشنط في الصباح بعد ما صففناها مثل‬ ‫السلّم حتى تصعد أختي للنوم فوق البضاعة‪ ،‬وقبل أسبوع وقعت من‬ ‫فوق خلال النوم وانكسرت إيدها‪.‬‬ ‫كيف تدفعون الإيجار؟‬ ‫كان أبي يعمل في مصنع ويدفع الإيجار إلى ع ّمي كل شهر‪ ،‬ولكن‬ ‫تعطل عن العمل وتوقف عن الدفع ودخل ع ّمي على الكراج وصرخ‬ ‫عليه ورمى الأغراض في الشارع وصارت مشكلة‪.‬‬ ‫وبعدين؟‬ ‫بعد أسبوعين نزل ع ّمي م ّرة ثانية وطلب من أبي تسديد شهرين‬ ‫من الإيجار‪ ،‬وهد ّده بالطرد من الكراج!‬ ‫وبعدين؟‬ ‫ترك الكراج قبل سنة وما رجع حتى الآن‪..‬‬ ‫‪117‬‬

E-KUTUB Publisher of publishers Amazon & Google Books Partner No 1 in the Arab world Registered with Companies House in England under Number: 07513024 Email: [email protected] Website: www.e-kutub.com ,Germany Office: In der Gass 10 ,Niederwörresbach 55758 Rhineland-Palatinate :UK Registered Office ,Lings Coppice 28 London, SE21 8SY Tel: (0044)(0)2081334132 118


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook