اتخذها ال�شاعر رم ًزا لكثير من معانيه .يقول عبد الوهاب البياتي متحد ًثا عن محبوبته، م�صو ًرا عينيها و�شعرها ووجهها و�صوتها ،وي�ص ّور ُح ّبه لها كحب الفرا�شات ل ألزهار: ُ�أ ِح ُّبها� ،أُ ِح ُّب َع ْي َن ْيها �ُأ ِح ُّب �َش ْع َرها ال ِم ْعطار أ�ُ ِح ُّب َو ْج َهها ال َّ�صغي َر ُك َّلما ا�ْس َتدار �أُ ِح ُّب َ�ص ْو َتها ال َحزي َن ال ّدا ِف َئ ال ُم ْنهار َي ْف َت ُح في ال ُّظ ْل َم ِة �ُش ّبا ًكا َو َي ْهمي في ال ُّ�ضحى �أَ ْمطارا �أُ ِح ُّبها ُح َّب ال َفرا�شا ِت ِل َح ْق ِل ال َو ْر ِد َوا َأل ْنوار �ُأ ِح ُّبها يا َف ْج َر َ�أ ّيامي َويا َعرا ِئ� َس ال ِبحار الخ�صائ�ص الفنية ل�شعر التفعيلة من النماذج ال�سابقة يمكن ن�ستخل�ص �أن �شعر التفعيلة: -1يهت ّم بالوزن ال�شعري الذي يقوم على وحدة التفعيلة في الق�صيدة ،ويتحرر من القافية المو ّحدة. -2يعتمد التكوين المو�سيقي للق�صيدة على التفعيلة تب ًعا للدفقات ال�شعرية لل�شاعر فلا يتقيد بعدد التفعيلات في كل �سطر. -3يعنى بعمق ال�صورة ال�شعرية ويكثر منها ويجدد فيها ،كما في ق�صيدة النهر العا�شق لنازك الملائكة مثلاً . -4يكثر من توظيف الرموز والأ�ساطير للتعبير عن المعاني ،حيث رمز بدر �شاكر ال�سياب في ق�صيدته (رحل النهار) بالنهار إ�لى الحرية التي فقدها ،ووظف ا أل�سطورتين :ال�سندباد و�آلهة البحار للتعبير عن الحالة التي يعي�شها من ُب ْع ٍد عن الوطن ،وظل ٍم وقع عليه. 101
الأسئلة -1و�ضح �سبب ت�سمية �شعر التفعيلة بهذا الا�سم. -2متى كانت البداية الحقيقية ل�شعر التفعيلة؟ ومن أ��شهر رواده؟ -3ان�سب الق�صائد ا آلتية �إلى قائليها: النهر العا�شق� ،أن�شودة المطر ،على ماء مدين. -4و�ضح المق�صود بكل مما ي�أتي :التنا�ص ،الانزياح الدلالي. - 5علل ما ي�أتي: �أ -يكثر في �شعر التفعيلة ا�ستخدام الرمز والأ�سطورة. ب -يميل �شعر التفعيلة �إلى الغمو�ض أ�حيا ًنا. -6اقر�أ الن�ص ا آلتي من ق�صيدة (الكوكب الأر�ضي) لل�شاعرة فدوى طوقان ،ثم �أجب عن الأ�سئلة التي تليه: َل ْو ِب َيدي َأ� ْن َأ� ْح ِم َي هذا ال َك ْو َك ْب ِم ْن �َش ِّر ِخيا ٍر َ�ص ْع ْب َل ْو َ�أ ّني أ�َ ْم ِل ُك َل ْو ِب َيدي َأ� ْن �َأ ْر َف َع َع ْن هذا ال َك ْو َك ْب كابو� َس ال َح ْر ْب َأ� ْن �ُأ ْف ِر َغ ُه ِم ْن ُك ِّل �ُشرو ِر ا ألَ ْر�ْض �َأ ْن َأ� ْق َت ِل َع ُجذو َر ال ُب ْغ�ْض ُأ� ْق�صي ِه ِ�إلى َأ� ْب َع ِد َك ْو َك ْب �َأ ْن �أَ ْغ ِ�س َل ِبالما ِء ال ّ�صافي �ِإ ْخ َو َة يو�ُس ْف َو�أُ َط ِّه َر �أَ ْعما َق ا ِإل ْخ َوة ِم ْن َد َن�ِس ال�َّش ْر َل ْو ِب َيدي 102
أ�َ ْن �َأ ْج َت َّث �ُشرو� َش ال ُّظ ْل ْم َو ُأ� َج ِّف َف في هذا ال َك ْو َك ْب أ�َ ْنها َر ال َّد ْم �أ -ما المو�ضوع الذي تمثله الق�صيدة؟ ب� -أين تجد التنا�ص في الق�صيدة؟ جـ -ع ّبر بلغتك الخا�صة عن النزعة ا إلن�سانية التي تمثلها الق�صيدة. د -مثل من الق�صيدة ال�سابقة على الخ�صائ�ص الفنية ا آلتية: .1توظيف الرمز للتعبير عن المعاني. .2الاهتمام بالوزن ال�شعري الذي يقوم على وحدة التفعيلة في الق�صيدة ،ويتحرر من القافية المو ّحدة. 103
راب ًعا� :شعر المقاومة عا�ش العالم العربي منذ �أواخر القرن التا�سع ع�شر أ�حدا ًثا و�صراعات ج�سا ًما ا َّت�سعت في القرن الع�شرين ج ّراء �سيطرة الا�ستعمار الأجنب ّي :البريطاني ،والفرن�سي ،والإيطالي على الوطن العربي ومق َّدراته؛ فظهر على �إثر ذلك فري ٌق من ال�ُّشعراء قاوم الا�ستعمار ،وعك�س الواقع بك ِّل تفا�صيله؛ ولهذا ال�سبب برزت في كل مرحلة �أ�صوات �شعرية �شكلت رمو ًزا لحالات إ�بداعية ُيلم�س فيها جمال ال ّت�صوير والخيال المبدع وال�صور الفن ّية واللغة ال�صافية ال�صادقة والنبرة الم�ؤثرة. وفي ما ي أ�تي نعر�ض �شعر المقاومة في الأقطار العرب ّية ب�شكل عام ،في حين نفرد جز ًءا من هذا المو�ضوع للحديث عن �شعر المقاومة الفل�سطينية بو�صف فل�سطين هي الجرح النازف �إلى يومنا هذا. � - 1شعر المقاومة في الأقطار العربيّة تناول �شعر المقاومة عد ًدا من الم�ضامين ،منها: أ� -ا�ستنها�ض الهمم و�إثارتها لمقاومة الم�ستعمر حمل ال�شعراء في ا ألقطار العربية كافة مهمة ا�ستنها�ض همم ال�شعوب من �أجل الوقوف في وجه الم�ستعمرين والخلا�ص من طغيانهم وا�ستبدادهم ،و أ� ّن الأمة �ستبعث من جديد. وتع ِّبر عن هذا المعنى �أبيات ال�شاعر التون�سي �أبي القا�سم ال�شابي ،إ�ذ يقول: إ�ِذا ال�َّش ْع ُب َي ْو ًما َ�أرا َد ال َحيا َة َفلا ُب َّد أَ� ْن َي�ْس َتجي َب ال َق َد ْر()1 َولا ُبـــــ َّد ِل َّل ْي ِل أَ� ْن َي ْن َجلــــي َولا ُبـ َّد ِلل َق ْيـ ِد َأ� ْن َي ْن َك ِ�سـ ْـر َكذ ِل َك قا َل ْت ِلــ َي الكا ِئنا ُت َو َح َّد َثني رو ُحها ال ُم�ْس َتت ِـ ْر ويقول �سليمان العي�سى في ثورة الجزائر: ال َّربي ُع ال ِب ْك ُر �أَ ْن َي ْنها َر َل ْي ٌل أ�َ ْن َيدو� َس ال َق ْي َد ثا ِئ ْر ال َّربي ُع ال ِب ْك ُر أ�َ ْن ُي�ْس َح َق َجلاّ ٌد َو َأ� ْن َت ْحيا َجزا ِئ ْر ( )1المق�صود �أ ّن الله ي�ستجيب لمن ي�سعى إ�لى طلب الحريّة بج ِّد وهو م ؤ�من بق�ضيته وبح ِّقه. 104
ب -إ�براز أ�همية الت�ضحيات التي قدمها �شهداء المقاومة يقا�س مدى تم�سك ا ألمم بحريتها وتطلعها إ�لى الحياة الكريمة بمقدار الت�ضحيات التي تقدمها في �سبيل ذلك الهدف ،فقد كانت الت�ضحيات حاف ًزا لا�ستكمال الطريق الذي يبد�أ به �أهل ال�سبق في ال�سعي لنيل الحرية لل�شعوب.يقول �أحمد �شوقي في رثاء عمر المختار زعيم المقاومة الليبية �ضد الا�ستعمار ا إليطالي: َر َكــــزوا ُرفا َت َك فـــي ال ِّرما ِل ِلــــــوا ًء َي�ْس َت ْن ِهــ�ُض الـوادي َ�صبـــا َح َم�سا َء يــا َ�أ ُّيها ال�َّس ْيـــ ُف ال ُم َجـــــــ َّر ُد ِبال َفـلا َي ْك�سو ال�ُّسيو َف َعلى ال َّزما ِن َم�ضا َء ِتلــ َك ال َّ�صحــاري ِغ ْمـــ ُد ُك ِّل ُم َه َّنـــ ٍد أ�َ ْبلـى َف أَ� ْح َ�سـ َن فــــي ال َعــ ُد ِّو َبـــلا َء ُخ ِّي ْر َت َفا ْخ َت ْر َت ال َمبي َت َعلى ال ُّطوى َلــ ْم َتـ ْبــــ ِن جـا ًهـــا أ�َ ْو َت ُلـ َّم َثــــرا َء �أَ ْفري ِقيـــــا َم ْه ُد ا ْلأ�ســــو ِد َو َل ْحـــــ ُدها َ�ضـ َّجـ ْت َع َل ْيــ َكَ �أرا ِجــلاً َو ِن�ســا َء وي�ص ّور فوزي عطوي ت�ضحيات ال�شعب الم�صري في الخلا�ص من العدوان ال ّثلاثي على م�صر فيقول: يا �شا ِه ًدا َم ْأ��سا َة ِم ْ�ص َر الــ ّدا ِم َي ْة َح ِّد ْث َفتا َك َع ِن ال ُوحو� ِش ال ّ�ضــــــا ِر َي ْة َك ْيــ َف ا ْف َت َد ْوها ِبال ِّدما ِء الفا ِن َي ْة َح ِّد ْث َعـــــــ ِن الَأ ْطفـــا ِل َي ْو َم َت َم َّردوا َذ َر َف ْت ُعيو ُن ُه ُم ال ُّدمو َع القا ِن َي ْة َو َعـــــــ ِن ا أَليــــامى َوال َيتامى حي َنمـــا َع ْيـــــ ٌن ُمـ َؤ� َّر َق ٌة َو َع ْيــ ٌن با ِك َيــ ْة َو َت َ�س َّه َد ْت أَ� ْجفا ُن ُهـــــ ْم َف َبـــ َد ْت َل ُهـــ ْم جـ -و�صف م�شاهد المقاومة لم تكن النكبات لتوقف ح�س الاندفاع نحو المقاومة ،فكان ال�شعراء يتبارون في نظم ق�صائدهم عند النكبات الكبيرة؛ لتكون باع ًثا على المقاومة .ونلم�س ذلك في ق�صيدة �أمير ال�شعراء �أحمد �شوقي في نكبة دم�شق على يد الم�ستعمر الفرن�سي� ،إذ يقول: ِب َل ْيــــ ٍل ِلل َقــذا ِئــــــ ِف َوال َمنايــــــا َورا َء �َسما ِئ ِه َخ ْط ٌف َو َ�ص ْعـ ُق ِإ�ذا َع َ�ص َف ال َحدي ُد ا ْح َمـــــــ َّر أ�ُ ْف ٌق َعلــــى َج َنبا ِتــ ِه َوا�ْس َو َّد ُأ� ْفـ ُق َد ُم ال ُّثــــــــــــ ّوا ِرَ ت ْعــــ ِر ُف ُهَ ف َر ْن�ســا َو َت ْع َلــــــ ُم أَ� َّنــ ُه نـو ٌرَ و َحـــ ُّق ِبــــلا ٌد مـــا َتِ ف ْت َي ُتهــــــاِ ل َت ْحيــــاَ وزالـوا دو َنَ ق ْو ِم ِهـ ُمِ ل َي ْبـقـوا َو ِلـلـ ُحـ ِّر َّيـــــــ ِة الـ َحـ ْمــرا ِء بـــا ٌب ِب ُك ِّل َيـــ ٍد ُم َ�ض َّر َجـــ ٍة ُيـــ َد ُّق 105
د -ت�أكيد مفهوم القومية العربية ي�شير محمد مهدي الجواهري في ق�صيدته (ثورة العراق) �إلى وحدة �صفوف المقاومة َفلا َع ْي� َش �ِإ ْن َلــ ْم َتبـْ َق إِ�ل ّا ال َمطا ِم ُع في الوطن العربي عا ّم ًة ،فيقول: ُتـ َر ِّد ُدهــــا أ�َ�ْسوا ُقــــ ُه َوال�َّشــوا ِر ُع َل َع َّل ا َّلذي َو ّلى ِمـــــ َن ال َّد ْه ِر را ِج ٌع َكنا ِئ�ُســــ ُه َت ْدعــو َف َت ْبكي ال َجوا ِم ُع ُت َح ِّد ُث �أَ ْو�ـــــضا ُع ال ِعـرا ِق ِب َن ْه َ�ض ٍة َب�شا ِئ ُر َقـــ ْد لا َح ْت َلهـــا َو َطلا ِئــ ُع َو َق ْد َخ َّبروني �أَ َّن في ال�َّش ْر ِق َو ْح َد ًة \" َفلا ُبــ َّد َي ْو ًما �أَ ْن ُتــــــــ َر َّد ال َودا ِئ ُع\" ()1 َو َق ْد َخ َّبروني �أَ َّن ِلل ُعـ ْر ِب َن ْهــــ َ�ض ًة َهبوا �َأ َّن هذا ال�َّش ْر َق كا َن َوديــــ َع ًة � -2شعر المقاومة الفل�سطينية تبو�أ �شعر المقاومة الفل�سطينية حي ًزا وا�س ًعا في �شعر المقاومة العربي لأ�سباب� ،أهمها: -1مكانة فل�سطين الدينية. -2معاناة فل�سطين من الاحتلال ال�صهيوني حتى يومنا هذا. ا�ستطاع ال�شعر أ�ن يعبر عن التجربة الفل�سطينية بك ّل ما فيها ،وبرزت �أ�سماء �شعراء �أ�صبحوا رموزاً ل�شعر المقاومة مثل� :إبراهيم طوقان ،و أ�خته فدوى طوقان ،ومحمود دروي�ش ،و�سميح القا�سم ،وتوفيق زياد ،وعبد الكريم الكرمي .ويمكن �أن نميز فيه مرحلتين متداخلتين: أ� -مرحلة البحث عن الذات عبر ال�شعر في هذه المرحلة عن �شخ�صية الفل�سطيني اللاجئ المنتزع من �أر�ضه بعد أ�ن �ش ّرده المحتل ،و�أ�شعرته الم أ��ساة ب�أهمية البحث عن هويته .تناول مو�ضوعات �شتى مثل: الحنين إ�لى الوطن ،وو�صف المذابح التي تعر�ض لها الفل�سطينيون ،والأمل بالعودة، والدعوة �إلى ال ّن�ضال .وقد ات�سم �شعر هذه المرحلة بالنبرة الخطابية ،والحزن ر ًّدا على الواقع المر. يقول محمود دروي�ش م�صو ًرا عذاب ال�شعب الفل�سطيني بعد النكبة: ماذا َج َن ْينا َن ْح َُن يا أُ� ّما ُه؟ -1اقتب�س ال�شاعر عجز البيت ال�شعري من ق�صيدة لبيد بن ربيعة العامري. 106
َح ّتى َنمو َت َم َّر َت ْين َف َم َّر ًة َنمو ُت في ال َحيا ْة َو َم َّر ًة َنمو ُت ِع ْن َد ال َم ْو ْت! يا غا َب َة ال َّ�ص ْف�صا ِف َه ْل �َس َت ْذ ُكري ْن َ�أ َّن ا َّلذي َر َم ْو ُه َت ْح َت ِظ ِّل ِك ال َحزي ْن َك َ�أ ِّي �َش ْي ٍء َم ِّي ٍت _ إ�ِ ْن�سا ْن ؟ َه ْل َت ْذ ُكري َن أَ� َّنني �إِ ْن�سا ْن َو َت ْح َفظي َن ُج َّثتي ِم ْن �َس ْط َو ِة ال ِغ ْربا ْن؟ َو أَ� ْن ِت يا ُ�أ َّماه َووالدي َو إِ� ْخ َوتي َوا ألَ ْه ُل َوال ِّرفا ْق َل َع َّل ُك ْم �أَ ْحيا ْء َل َع َّل ُك ْم �أَ ْموا ْت َل َع َّل ُك ْم ِم ْثلي ِبلا ُع ْنوا ْن ما قي َم ُة ا إِل ْن�سا ْن ِبلا َو َط ْن ِبلا َع َل ْم َودو َنما ُع ْنوا ْن ؟ ما قي َم ُة الإِ ْن�سا ْن؟ ب -مرحلة اكت�شاف الذات وت�أكيد الهوية وذلك منذ انطلاقة الثورة الفل�سطينية ،فقد أ�دت التجربة الم َّر ُة �إلى ن�ضج الوعي وو�ضوح الر�ؤية ،واليقين ب�ضرورة تجاوز الواقع ل�صنع الم�ستقبل وتحرير ا ألر�ض والإن�سان. ومن ذلك �أبيات ال�شاعر عبد الرحيم محمود التي يقول فيها: �َسَ أ� ْح ِمــــ ُل روحــي َعلــى را َحتــي َو أُ� ْلقي ِبها فـــي َمهاوي الـ َّردى َف ِ�إ ّمـــــــا َحيـــــا ٌة َت�ُســـ ُّر ال َّ�صديــ َق َوِ�إ ّمـــــا َممــا ٌت َيغيــــ ُظ ال ِعدى 107
َو َن ْفـــــ� ُس ال�َّشريــــ ِف َلهــا غا َيتــا ِن ُورو ُد ال َمنايــــا َو َن ْيــــ ُل ال ُمنــى َوما ال َع ْي� ُش؟ لا ِع�ْشـــــ ُت ِ�إ ْن َل ْم َ�أ ُك ْن َمخو َف ال َجنا ِب َحرا َم ال ِحمى ولم يكن �شعر المقاومة الفل�سطينية حك ًرا على �شعراء فل�سطين �أنف�سهم ،فقد ه َّب �شعراء العرب يدافعون في ق�صائدهم عن فل�سطين و�شعبها ،ويحيون ا أل ّمة العربية التي هبت للدفاع عن فل�سطين ،ومن ذلك ما قاله ال�شاعر اللبناني ب�شارة الخوري (الأخطل ال�صغير): َل ِب� َس الغا ُر َع َل ْي ِه الأُ ْر ُجوانــــــــا يا ِجها ًدا َ�ص َّف َق ال َم ْجـــــ ُد َلــــ ُه َو ِبنـــــــا ٌء ِلل َمعالــي لا ُيدانــــى �َش َر ٌف با َهــــــ ْت ِف َل�ْسطي ُن ِبــــ ِه َل َث َم ْتـــــــ ُه ِب ُخ�ــشو ٍع �َش َفتانــــا إِ� َّن ُج ْر ًحا �سا َل ِم ْن َج ْب َه ِتهـــــــا َع َر ِب ًّيــــــا َر�َش َف ْتــــــ ُه ُم ْق َلتانــــا َو َ�أني ًنا با َحـــــ ِت ال َّن ْجـــــوى ِب ِه الخ�صائ�ص الفنية ل�شعر المقاومة يت�صف �شعر المقاومة في ال�شعر العربي الحديث بما ي�أتي: -1تتجلى فيه النبرة الخطابية ،ولا �س ّيما عند الحديث عن ا�ستنها�ض الهمم و�إبراز الت�ضحيات والحث على المقاومة. -2الو�ضوح في المعاني وا ألفكار ،مثل الحديث عن ت�أكيد ال�شعراء على القومية العربية وو�صف م�شاهد المقاومة. -3يت�سم بحرارة العاطفة الوطنية والقوم ّية وق ّوتها .يظهر ذلك في ق�صيدة محمود دروي�ش التي يتحدث فيها عن معاناة ال�شعب الفل�سطيني من ت�شرد وقتل وعذاب وتطلع إ�لى الحرية. 108
الأسئلة -1وازن بين �سمات �شعر المقاومة الفل�سطينية في مرحلتيه :البحث عن الذات ،واكت�شاف الذات وت�أكيد الهوية من حيث المو�ضوعات ،والعاطفة. -2اقر�أ ال ّن�ص ا آلتي من ق�صيدة \"�س ّجل �أنا عربي\" لل�شاعر محمود دروي�شُ ،ث ّم م ِّثل على الخ�صائ�ص الفنية المت�ض ّمنة فيه: �َس ِّج ْل َ�أنا َع َربي �َس َل ْب َت ُكرو َم �أَ ْجدادي َو أَ� ْر ً�ضا ُك ْن ُتَ أ� ْف َل ُحها �أَنا َو َجمي ُع َأ� ْولادي َو َل ْم َت ْت ُر ْك َلناَ ...و ِل ُك ِّل َأ� ْحفادي ِ�سوى هذي ال ُّ�صخو ِر َف َه ْل �َس َت ْأ� ُخ ُذها ُحكو َم ُت ُك ْم َكما قيل؟ �إِ َذ ْن �َس ِّج ْل ِب َر ْأ�� ِس ال َّ�ص ْف َح ِة ا ألولى �َأنا لا أ�َ ْك َر ُه ال ّنا� َس َولا َ�أ�ْسطو َعلى َأ� َح ٍد َول ِك ّني ِإ�ذا ما ُج ْع ُت �آ ُك ُل َل ْح َم ُم ْغ َت ِ�صبي َحذا ِرَ ..حذا ِرِ ..م ْن جوعي َو ِم ْن َغ َ�ضبي -3ناق�ش العبارة ا آلتية \" :ال�ّشعر مر�آة الواقع\" ،مط ِّب ًقا �إياها على �شعر المقاومة. -4لم يكن �شعر المقاومة الفل�سطينية حك ًرا على �شعراء فل�سطين ،ف�ّسر هذه العبارة. 109
-5اقر�أ الن�صين الآتيين ،ثم أ�جب عما يليهما: يقول �أبو القا�سم ال�شابي: �إِذا َن َه�َض ال ُم�ْس َت ْ�ض َعفو َنَ ،و َ�ص َّمموا َل َك ال َو ْي ُل يا َ�ص ْر َح ال َمظا ِل ِم ِمـ ْن َغ ٍد َو َ�ص ّبــوا َحمي َم ال�ُّس ْخــ ِط َ أ� ّيا َن َت ْع َل ُم ِ�إذا َح َّطــ َم ال ُم�ْس َت ْع َبــدو َن ُقيـــو َد ُه ْم َف َي ْهـــ ِد ُم مـا �شـا َد ال َّظلا ُم َو َي ْح ِطـــ ُم ُهـــ َو ال َح ُّق ُي ْغفي ُث َّم َي ْن َه�ُض �سا ِخ ًطا و يقول البياتي: َل ْن َيمو َت ال�ُّش َهداء َف ُه ُم ال ِب ْذ َر ُة َوال َّز ْه َر ُة في �َأ ْر�ِض ال ِفداء َو ُه ُم ال�ّسا ِح ُل َوال َب ْح ُر َو ِ�ش ْع ُر ال�ُّش َعراء �أ -ما الم�ضمون الذي يمثله كل ن�ص من الن�صين ال�سابقين؟ ب -ا�ستخل�ص خ�صي�صتين من خ�صائ�ص �شعر المقاومة في كلا الن�صين. -6د ّلل من ال�شواهد ال�شعرية التي در�ستها في ما �سبق على حرارة العاطفة الوطنية وقوتها في �شعر المقاومة. -7وازن بين �شعر الثورة العربية الكبرى و�شعر المقاومة ذاك ًرا �أوجه ال�شبه والاختلاف. النشاط عد �إلى ديوان محمود دروي�ش « عا�شق من فل�سطين» وا�ستخرج ق�صيدة «عا�شق من فل�سطين» ،ثم ناق�ش زملاءك ومعلمك كيف جمع ال�ّشاع ُر بين لغة الح ِّب والمقاومة عند توظيفه ال َّرم َز في ق�صيدته. 110
الـوحـدة الـرابـعـة الـنـثـر في الـعـ�صر الـحـديث 4 النتاجات الخا�صة بالوحدة يتوقع من الطالب بعد درا�سة الوحدة �أن يتعرف فنون النثر الحديث :المقالة ،والخاطرة ،والق�صة الق�صيرة ،وال�سيرة ،والرواية، والم�سرح ّية. يقر أ� نماذج من المقالة والخاطرة والق�صة الق�صيرة وال�سيرة ويبين عنا�صرها ومكوناتها. ي�سمي عد ًدا من الأعلام الذين كتبوا في هذه الفنون. يذكر الخ�صائ�ص الفنية لفنون المقالة والخاطرة وال�سيرة. يتتبع تطور الق�صة الق�صيرة في الأردن ،وي�سمي أ��شهر أ�علامها وبع ً�ضا من �أعمالهم. يم ّيز ال�ّسيرة الذات ّية من ال�ّسيرة الغير ّية. يبين �شروط كتابة ال�سيرة و�شروط كاتبها. يتتبع تط ّور ال ّرواية ا ألردن ّية ،وي�س ّمي أ��شهر �أعلامها ،وبع ً�ضا من �أعمالهم. يتعرف مفهوم الم�سرح ّية ،ون�ش أ�تها ،وعنا�صرها. يتتبع تطور الم�سرحية ا ألردنية ،وي�سمي أ��شهر �أعلامها ،وبع ً�ضا من �أعمالهم. 111
مقدمة نقف في هذا ال�سياق على �أبرز ق�ضايا النثر في الع�صر الحديث التي كان للأحداث ال�سيا�سية والاجتماعية والثقافية �أبرز الأثر في ن�ش�أتها وتطورها �شكلاً وم�ضمو ًنا ،و�أ�سهمت في تعرف ا ألدباء العرب كثي ًرا من أ��ساليب التعبير في الفنون النثرية ،وهي :المقالة ،والخاطرة ،والق�صة الق�صيرة، والرواية ،وال�سيرة ،والم�سرحية. �أو ًال:المقالة فن �أدبي نثري ،يتناول مو�ضو ًعا معي ًنا بهدف إ�قناع قارئه بتقبل فكرة ما �أو �إثارة عاطفة تجاهها، وقد تظهر فيه �شخ�صية الكاتب. ظهرت ملامح المقالة في �أدبنا العربي منذ القرن الثاني للهجرة ،وتمثلت في أ�ح�سن �صورها في ر�سائل الجاحظ ،التي �أ�شبهت من بع�ض الوجوه المقالة العربية الحديثة. ثم اتخذ �شكل المقالة حدي ًثا من ًحى �آخر من حيث مو�ضوعها و�أ�سلوبها ،ف أ��صبحت ُتع َنى بتحليل مظاهر الحياة المعا�صرة وتتناولها بالنقد والتحليل ،حتى ن�ستطيع القول �إنها ُع ّدت ف ًّنا �أدب ًّيا جدي ًدا .فقد كان لظهور بع�ض ال�صحف ك�صحيفة «الوقائع الم�صرية» والمجلات كمجلة «الم�شرق» �سنة (1898م) �أث ٌر كبي ٌر في انت�شار المقالة في ا ألدب العربي الحديث وظهورها بقالبها الجديد .ويع ُّد كل من �إبراهيم المازني و أ�حمد ح�سن الزيات وعبا�س محمود العقاد من أ��شهر ك ّتاب المقالة في ال�صحافة العربية المبكرة. ات�سمت المقالة الحديثة بقربها من النا�س ومعالجة م�شكلاتهم العامة والخا�صة ،والميل إ�لى بث الثقافة العامة لتربية �أذواق النا�س وعقولهم ،وات�صفت بالو�ضوح في التعبير ،والدقة في الو�صف، والإيجاز في العر�ض .وما زالت هذه ال�سمات هي ال�سمات الفنية العامة للمقالة الحديثة. تعتمد المقالة على عنا�صر ثلاثة :لغة موجزة يراعى فيها اختيار الكلمات المنا�سبة ذات الدلالات الوا�ضحة بعي ًدا عن التكرار والزيادة ،وفكرة المو�ضوع التي تعبر عن وجهة نظر كاتب المقالة في مو�ضوع ما ،وعاطفة ت�سهم في تقديم فكرة المقالة بفعالية وت�أثير كبيرين ،وغالبا ما تظهر العاطفة في المو�ضوعات الإن�سانية. 112
-1نوعا المقالة المقالة الحديثة نوعان : ،المقالة الذاتية ،والمقالة المو�ضوعية .فالمقالة الذاتية حرة في طريقة عر�ضها ،لا ي�ضبطها �ضابط ،ويندر فيها الجدل والنقا�ش وهي ُتعنى ب�إبراز �شخ�صية الكاتب ،وتعبر عن تجربة حيوية تمر�س بها الكاتب� .أما المقالة المو�ضوعية فتحر�ص على التقيد بما يتطلبه المو�ضوع من منطق في العر�ض والجدل وتقديم المقدمات وا�ستخراج النتائج ،فهي تعر�ضه ب�شكل مب�سط ووا�ضح خا ٍل من ال�شوائب التي قد ت ؤ�دي �إلى الغمو�ض واللب�س ،ولا تكون �شخ�صية الكاتب جلية فيها� ،إنما نراها ما بين ال�سطور. والمقالة المو�ضوعية قد تكون علمية� ،أونقدية� ،أو�سيا�سية ،أ�و اجتماعية .ويتحدد حجم المقالة بتعدد فكرة مو�ضوعها فقد ت�أخذ �صفحة �أو �أكثر على �ألا تكون �صفحاتها كثيرة. -2المقالة في الأردن لم يعرف ا ألردن المقالة إ�لا في القرن الع�شرين إ�ثر انت�شار التعليم وظهور ال�صحافة� .إذ كان لإ�صدار المجلات ،مثل مجلة \"القلم الجديد\" التي أ��صدرها عي�سى الناعوري في عمان �سنة (1952م) ومجلة \"المنار\" في القد�س ،ومجلة \"الأفق الجديد\" تلتها مجلة \"�أفكار\"� ،أث ٌر ب ّي ٌن في تطوير المقالة الأدبية ا ألردنية ،فقد حر�ص كتابها على عر�ض ما يقدمون ب أ��سلوب جذاب، م�ستفيدين من �أ�ساليب الكتابة التي ي�ستخدمها ُك ّتاب عرب في مجلات �أكثر عراقة .ومن أ��شهر ُك ّتاب المقالة الأردنيون :عي�سى الناعوري ،وح�سني فريز ،وعبد الحليم عبا�س ،وخالد الكركي، و إ�براهيم العجلوني ،وطارق م�صاروة ،وح�سين جمعة. ونمثل بمقالة للكاتب الأردني الدكتور ح�سين جمعة بعنوان \" �أفكار والزمن\": \" ن�صف قرن ومجلة �أفكار تتحرك وتخطو بعناد ودون توقف يذكر ،لم يخفت �صوتها �أو ينل الزمن من فتوتها وعز �صباها ،وك�أنها �سارية خفاقة تنب�ض بهبات الع�صر وعبق التبدلات الحادة، وجدية الا�ستمرار ومحاورة الخلود ،وعدم الان�صياع لح�شرجات الزوال والفناء ،ثمة انطباع و�شبه اتفاق على اعتدال مزاجها وتوجهها ،وقبول �سيرتها وم�سيرتها ،وتقبل ما تن�سجه وتحوكه من مواد ومو�ضوعات ت�ساير مدركات الأغلبية ،وت�ستحوذ على اهتمام القارئ متعدد الميول والرغبات وا ألذواق ،وتنفتح على المواهب النا�شئة ،ولا تتوقف على جيل دون آ�خر� ،أو ت�سير في خط �ضيق يتبنى تيا ًرا معي ًنا ويقت�صر عليه. 113
�إنها ملك الجميع ت�سعى دائ ًما �إلى تجاوز عر�ض الق�ضايا وا إل�شكاليات من منظور مغلق ا�ستبعادي لطرف على ح�ساب ر�أي طرف معين ،ت�أخذ بالو�سطية في الطرح والتناول وا أل�سلوب. وهذا التوجه ح ّ�صن ا أل�س�س و�أ�شاد الأعمدة ل�صمود البناء ،ولم يترك مجال ًا لم�س ؤ�ول أ�ن يهدم الجدران ليقيم ُبنيانه الفردي �أو يخ�ضعها لت�صوره الخا�ص ،ناهيك عن الم� ّس بجوهرها و�صلب نواتها؛ فاحتفظت �أفكار بلباقتها الفكرية وملامحها الثقافية العامة ،وظلت ملك معظم المثقفين والهواة من �شتى المذاهب والاتجاهات ،ولم ن�شهد أ�ح ًدا تن ّكر جا ًّدا لم�شروعية خطها العام وان�سيابية حراكها والوثوق من م�صداقية خطوها وم�سيرتها؛ فكان لها ا ألثر البليغ في الحياة الثقافية وا ألدبية والحراك ا إلبداعي في الأردن ،و�صمدت بثبات في وجه أ�ي ترا ٍخ في الا�ستمرار أ�و التباط�ؤ في أ�وقات ال�صدور. هذا لا يعني �أن درب �أفكار كان ممه ًدا وعري ً�ضا ،ولم تتعر�ض لخ�ضات و�أوقات ع�صيبة، حيث أ��صابتها أ�وجاع المنطقة و أ�جبرها العدوان ال�صهيوني الغادر عام (1967م) على التوقف الإجباري عدة �سنوات ،لتعود إ�لى الظهور كدورية ف�صلية لأكثر من عقد من الزمان ،وتتحول بعد ذلك �إلى مجلة �شهرية كعهدها ا ألول ،لكن في �شكل جديد وتنظيم �شديد ما تزال تحافظ عليه حتى ا آلن؛ مع أ�ن ف�صولها وم�ضامينها لم ت�شهد انتقالات جذرية وا�سعة ،في ظل تتابع هيئات التحرير المتكررة ،التي يجري تغييرها وفق �إرادة الم�س ؤ�ولين الكبار ،وح�سب منظورهم ال�شخ�صي وتقديراتهم الذاتية وعلاقاتهم بالحراك الثقافي ...هذه هي المرة الثالثة التي �أ�سجل فيها انطباعاتي عن مجلة أ�فكار ودورها في الحراك الثقافي والفكري .و�أ�شهد ب إ�خلا�ص ،بغ�ض النظر عن بع�ض المتاعب التي تواجه المجلة ومحرريها� ،أن النية في الدفع بم�سيرتها والا�ستظلال باندفاعاتها تراود الجميع� ،سواء �أكانوا قرا ًء �أم م�س ؤ�ولين كبا ًرا.\". 114
الأسئلة -1علل ما ي�أتي: �أ -تمتاز المقالة بقربها من واقع النا�س. ب -المقالة وليدة ال�صحافة. جـ -تطورت المقالة الأدبية الأردنية في الن�صف الثاني من القرن الع�شرين. -2وازن بين المقالة الذاتية والمقالة المو�ضوعية من حيث: �أ -طريقة العر�ض ب– الحجم جـ� -شخ�صية الكاتب. -3عد إ�لى المقالة التي در�ستها ثم �أجب عن ا أل�سئلة ا آلتية: �أ -حدد فكرة المو�ضوع في المقالة. ب -ما العاطفة التي تغلب على المقالة؟ جـ -تبين عنا�صر المقالة فيها. د -هات ثلاث خ�صائ�ص من خ�صائ�ص تلك المقالة. -4اذكر ثلاث مجلات ثقافية �أردنية م�شهورة ،وثلاث مجلات ثقافية عربية متداولة. -5في ر�أيك ،بم ت�صنف المقالة التي در�ستها؟ أ�يد �إجابتك يما يدعم ر�أيك. 115
ثانيًا :الخاطرة فن نثري حديث ،ارتبط في ن�ش�أته بال�صحافة في مختلف مناحيها الأدبية والثقافية والاجتماعية وال�سيا�سية ،والخاطرة ق�صيرة ن�سب ًّيا وتعبر عن فكرة عار�ضة طارئة ك�أنها وم�ضة ذهنية �أو �شعورية، وهي تندرج تحت عنوان ثابت في ال�صحيفة أ�و المجلة ،وتكون عادة بلا عنوان. ولعل كلمة \"خاطرة\" م�أخوذة من عبارة \"م ّر بالخاطر\" �أي جال بالنف�س �أو القلب وهو ما يم ّر بالذهن من الأمور والآراء .وقد وردت كلمة خاطر في كتاب \"�صيد الخاطر\" لابن الجوزي، الذي أ�ورد فيه مجموعة من الخواطر التي ُتعنى بالقيم ا إلن�سانية. وقد ظهرت مجموعة من ال ُك ّتاب العرب ممن ا�ش ُتهروا في كتابة الخاطرة ،نذكر منهم :أ�حمد �أمين ،وخليل ال�سكاكيني ،وجبران خليل جبران .ومن ال ُك ّتاب ا ألردنيين� :صلاح جرار ،ولانا مامكغ ،و�أحمد ح�سن الزعبي. يغلب على الخاطرة الجانب الوجداني المليء بالإح�سا�س ال�صادق والعواطف الجيا�شة، فلذلك يمكن �أن يتطرق كاتب الخاطرة إ�لى جوانب لي�س لها حدود في ما يخطر في باله ،وتتلاءم مع متطلبات القراءة ال�سريعة. تختلف الخاطرة عن المقالة ب�شكل عام من حيث: -1الحجم ،فالخاطرة عادة تكون ق�صيرة لا تتجاوز ال�صفحة� ،أما المقالة فقد تبلغ عدة �صفحات. -2لا تعتمد الخاطرة على إ�يراد الأدلة والبراهين لإثبات ر�أي �أو قناعة ما ،بينما نجد ذلك وا�ض ًحا في المقالة ،خا�صة المقالة المو�ضوعية. -3تعتبر الفكرة في الخاطرة وليدة لحظتها وطارئة� ،أما فكرة المقالة فهي مدرو�سة ومنتقاة. -4تكتب الخاطرة بتلقائية كفقرة واحدة متوا�صلة ،بينما للمقالة �شكل خا�ص وعنا�صر محددة. الخ�صائ�ص الفنية للخاطرة من ال�سمات الأ�سلوبية الفنية للخاطرة الجيدة أ�ن تكون قوية التعبير تعبر عما في نف�س كاتبها، و�أن تكون فكرتها وا�ضحة ،وجملها متوازنة ،تتلاءم مع م�ستوى إ�دراك القارئ ،وتعتمد أ�حيا ًنا بح�سب مو�ضوعها ونوعه على ال�صور الفنية والت�شبيهات المجازية والا�ستعارات ما يجعل لها ت أ�ثي ًرا في نف�س القارئ. 116
ونمثل بخاطرة للكاتب ا ألردني إ�براهيم العجلوني: « نذكر من مجتمع القرية الذي �أدركناه �صغا ًرا �أن ثمة �شخ�صيات كانت تم ّثل مجموعة من القيم ذات الح�ضور في ذلك المجتمع الب�سيط المحدود .كان «فلان» رمزاً للقوة البدنية التي قد تنعقد حولها ا أل�ساطير ..وكان «عل ّان» رمزاً للتقوى البالغة درجة الولاية ذات الكرامات ،وكان في القرية من يبلغ في الذكاء مرتبة لا مزيد وراءها ومن يبلغ في النخوة أ�و في الكرم مبلغ ًا يذ ّكر بعنترة العب�سي �أو بحاتم الطائي .وفي الجملة يمكن القول إ�نه كان لكل قيمة عليا من القيم التي تعطي للحياة معنى من يمثلها �أو يقدم �أنموذ ًجا م�شهو ًدا لها .حتى في مجتمع المدينة ال�صغيرة ألول ت�ش ّكله كان ثمة من هو مثال في البطولة �أو في الغنى (القوة الخيرة والمال المحترم) �أو في الذكاء والدهاء (الإدارة وال�سيا�سة) �أو في غير ذلك من مناحي الحياة وتجلياتها. الآن ..وبعد تطاول العقود وتراخي ال�سنين وتفاقم الازدحام �صرنا نبحث عن أ�نموذجات ملمو�سة للقيم بحث الظم�آن في البيداء عن �شربة ماء ،ولم يتمخ�ض العدد الكبي ُر التماو ِج عن كيفيات ُي�ستهدى بها إ�لا أ�ن يكون ذلك َف ْبركة أ�و �صناعة إ�علامية أ�و دعوى داح�ضة بغير دليل .لقد تقدمنا على الم�ستوى المادي الا�ستهلاكي وتخ ّلفنا تخ ّل ًفا معج ًبا على م�ستوى «القيمة» فامتلكنا ظاهر الغنى وواقع الفقر في لحظة حرجة لا بد أ�ن تتظاهر ا إلرادات م ّنا على تجاوزها ،لقد �شغفنا �شغ ًفا مر�ض ًّيا بالتنمية التي لا َت ْزكية للقلوب فيها ،و�صار « التراكم الك ّمي» هو غايتنا الق�صوى ومبتغانا الرئي�س ،وغفلنا عن الجانب ا ألخلاقي من حياتنا حتى �إن «العقل» وهو الن�صير الظهير ل ألخلاق �صار عندنا «عقلاً �أدات ًّيا» يمار�س مهاراته في نق�ض القيم التي تمنح الحياة معناها ويمتثل �صاغ ًرا في خدمة «اللا �أخلاقية» التي تلقي بظلالها الكئيبة على واقع الب�شرية البئي�س .حال تقت�ضي – لدى العقلاء – التما�س �سبل النجاة منها ..فالتم�سوا لأنف�سكم �إن كنتم تعقلون». با�ستعرا�ض النموذج ال�سابق نلاحظ ب أ�ن الكاتب يقارن بين مجتمعين تطاولت بينهما العقود تبدلت فيهما القيم ،و�أ�صبح الك ُّم مقد ًما على النوع ،وقد عبر عما يجول في نف�سه بو�ضوح وبجمل متوازنة تلائم م�ستوى �إدراك القارئ �أ ًّيا كانت ثقافته بعيدة عن التعقيد والتكلف ،ومرك ًزا على الجانب الوجداني حين يطلب التما�س �سبل النجاة من الحال التي انتهينا �إليها. 117
الأسئلة -1عرف الخاطرة لغة وا�صطلا ًحا. -2وازن بين الخاطرة والمقالة من حيث :الحجم ،والفكرة ،والعنوان. -3علل ما ي�أتي: �أ -تطرق كاتب الخاطرة �إلى جوانب لي�س لها حدود. ب -توظيف ال�صور الفنية الجمالية في كتابة الخاطرة. جـ -تكون الخاطرة عادة بلا عنوان. د -ت�سمية ابن القيم الجوزية كتابه \" �صيد الخاطر\". -4اقر�أ الخاطرة الآتية للكاتب (�أحمد �أمين) ،ثم �أجب عن ا أل�سئلة التي تليها: يلاحظ ا إلن�سان في �أعماق نف�سه قوة تحذره من فعل ال�شر �إذا ُ�أغ ِر َي به وتحاول �أن تمنعه من فعله ،ف�إذا هو �أ�صر على عمله �أح�س بانقبا�ض نف�سه أ�ثناء العمل لع�صيانه تلك القوة ،حتى �إذا �أتم العمل أ�خذت هذه القوة توبخه على الإتيان به وبد أ� يندم على ما فعل. كالطالب يحاول الغ�ش في الامتحان فيح�س �صو ًتا باطن ًّيا يناديه �ألا يفعل ،ف�إذا لم ي�سمع لهذا ال�صوت وبد�أ يغ�ش �أح�س أ�ن هذه القوة تثبطه ف إ�ذا ا�ستمر في عمله �أ ّن َب ْته وندم وعزم �ألا يعود .كذلك يح�س �أن هذه القوة ت أ�مره بفعل الواجب ف�إذا بد أ� في عمله �شجعته على الا�ستمرار فيه ،ف إ�ذا انتهى منه �شعر بارتياح و�سرور ،وبرفعة نف�سه وعظمتها؛ كالطالب يرى �آخر م�شر ًفا على الغرق فينقذه ،فحين إ�نقاذه ي�شعر بت�شجيع نف�سه على ال ُم�ض ّي في عمله؛ ف إ�ذا أ�تم ذلك �شعر بغبطة و�سعادة ،هذه القوة ا آلمرة الناهية ت�سمى « ال�ضمير» -كما ر�أيت – ت�سبق العمل وتقارنه و َتل َحقه ،فت�سبقه با إلر�شاد �إلى عمل الواجب، والنهي عن الرذيلة ،وتقارنه بالت�شجيع على الخير ،والتثبيط عن ال�شر ،وتلحقه بالارتياح وال�سرور عند الطاعة ،وال�شعور بالألم والوخز عند الن�سيان. أ� -ما الفكرة التي عالجتها الخاطرة؟ ب -مثل من الخاطرة على خ�صي�صتين من الخ�صائ�ص الفنية للخاطرة. 118
جـ -وازن بين خاطرتي إ�براهيم العجلوني و أ�حمد أ�مين من حيث: الحجم ،مراعاة الجانب الوجداني ،و�ضوح الفكرة ،الت�شبيهات والمجازات. النشاط تخيل �أنك جال�س ليلاً تنظر في ال�سماء ،متفك ًرا ببديع خلق الله .اكتب خاطرتك واعر�ضها على معلمك ،ثم اقر�أها على زملائك في ال�صف. 119
ثالثًا :الق�صة الق�صيرة فن أ�دبي نثري يتناول حكاية ما تعالج ق�ضايا الإن�سان وم�شكلاته وتطلعاته و�آماله. لا يمكن لباحث �أن يقر بالموطن الذي ن�ش�أت فيه الق�صة الق�صيرة على وجه التحديد ،ويرى كثير من الباحثين أ�ن الق�ص�ص الأوروبية في ع�صر نه�ضة �أوروبا ت أ�ثرت با ألدب الفار�سي المتمثل في كتاب «كليلة ودمنة» الذي ترجمه ابن المقفع إ�لى العربية وكانت فكرته ا أل�سا�سية الق�ص�ص التي تقال على �أل�سن الحيوان. وللق�صة ح�ضور في الأدب العربي متمث ٌل في الأمثال العربية التي هي ق�ص� ٌص في إ�طار محكم، وتذكر الم�صادر بع�ض الق�ص�ص العاطفية القديمة بو�صفها مثا اًل على البداية المبكرة لظهور الق�صة الق�صيرة في التراث العربي ،مثل ق�صة «زنوبيا» ،وق�صة «ال ُم َر ِّق�ش الأكبر» مع �أ�سماء بنت عوف، كما كان للعرب ق�ص�ص تاريخية ا�س ُتقيت من أ�يامهم وبطولاتهم و أ�ُعمل فيه مخيلات كاتبيها. ظهرت الق�صة الق�صيرة ف ًّنا �أدب ًّيا عرب ًّيا في الع�صر الحديث في بدايات القرن الع�شرين ،وتذهب بع�ض ا آلراء إ�لى �أن �أول ق�صة ق�صيرة عربية بال�شكل المتعارف عليه كانت ق�صة «في القطار» لمحمد تيمور .ومن �أ�شهر كتاب الق�صة الق�صيرة زكريا تامر ،ويو�سف �إدري�س ،ومحمود �سيف الدين ا إليراني. -1الق�صة الق�صيرة في الأردن تتحدد بدايات الق�صة الق�صيرة الأردنية بظهور مجموعة «�أغاني الليل» (1922م) الق�ص�صية لمحمد �صبحي �أبو غنيمة .أ�ما مجموعة « أ�ول ال�شوط» (1937م) لمحمود �سيف الدين ا إليراني فتع ّد بداية �شوط ق�ص�صي طويل لكاتب تمكن من متابعة تجربته وتطويرها طوال العقود المتتالية .و�أ�سهم عن طريق �شخ�صيته وثقافته و�إنتاجه المت�صل في ت�أكيد مكانة الق�صة الق�صيرة بين الفنون الأدبية. وثمة عوامل �ساعدت على تطور فن الق�صة الق�صيرة في الأردن ،أ�همها عاملان� :سيا�سي، وثقافي. 120
�أو ًال :العامل ال�سيا�سي :كان لتغير البنية ال�سيا�سية للأردن من إ�مارة �إلى مملكة عام (1946م) إ��سهام كبير �ساعد على تطور الق�صة الق�صيرة وباقي مناحي الحياة ا ألدبية ولا �سيما �أن الملك عبدالله ا ألول –رحمه الله– كان ممن �شاركوا في إ�ر�ساء قواعد هذه النه�ضة وهذا التطور. ثانيًا :العامل الثقافي :تم ّثل بالتو�سع في التعليم نو ًعا وك ًّما بمراحله المختلفة ،وانت�شار و�سائل الثقافة وتعدد الم�ؤ�س�سات المعنية بها والداعمة لحركة الن�شر ،علاوة على �أن معظم ال�صحف ا ألردنية خ�ص�صت ملاحق ثقافية احتفت بن�شر الإنتاج الق�ص�صي ،كما ظهرت الاتحادات والروابط الأدبية والثقافية ،مثل :نادي �أ�سرة القلم ،ورابطة الكتاب ا ألردنيين ،واتحاد الك ّتاب والأدباء الأردنيين. اهتمت الق�صة الق�صيرة في هذه الحقبة بالر ؤ�ية الداخلية ،بحيث أ��صبحت تك�شف عن أ�عماق ال�شخ�صية ونب�ضها وحركتها الانفعالية ،دون �أن يكون هناك كبير عناية بالعالم الخارجي� ،إلا من حيث كونه مثي ًرا لانفعالات ال�شخ�صية وحركتها الداخلية ،ويتبع ذلك كثرة الاعتماد على الراوي المتكلم الذي يروي ق�صته بنف�سه. و�شهدت ا أللفية الجديدة أ��صوا ًتا جديدة في كتابة الق�صة الق�صيرة و إ��صدار المجموعات الق�ص�صية مثل :جمال ناجي ،وجمال �أبو حمدان ،وعقلة حداد ،و�سناء ال�شعلان ،و�سعود قبيلات ،ونايف النواي�سة ،ومفلح العدوان. -2عنا�صر الق�صة الق�صيرة �أ -الحدث :هو �أو�ضح العنا�صر في الق�صة و�أكثرها �شيو ًعا ،وهو مجموعة من الوقائع والأفعال التي ترتبط بع�ضها ببع�ضها ويتبع بع�ضها بع ً�ضا ،وعليه تقوم الق�صة الق�صيرة؛ لأنه يت�صف بالوحدة لا التعدد ،وي�ستقطب انتباه القارئ .ولكي يحقق الكاتب هذا الهدف يعمد إ�لى طريقة �سهلة مب�سطة ،فهو ير�سم ال َم�شاهد وي�صف المواقع التي تدور فيها الأحداث بحيث ت�صبح ك�أنها �ستارة من �ستائر الم�سرح الخلفية. ب -ال�شخو�ص :هي التي يقع لها الحدث �أو يحدث معها الفعل المرتبط به وتتفاعل معه .وتعد ال�شخ�صية الإن�سانية م�صدر إ�متاع وت�شويق في الق�صة ،لعوامل كثيرة؛ منها أ�ن هناك ميلاً طبيع ًّيا عند كل إ�ن�سان �إلى التحليل النف�سي ،ودرا�سة ال�شخ�صية. 121
جـ -البيئة (الزمان والمكان) :بيئة الق�صة هي حقيقتها الزمانية والمكانية؛ �أي كل ما يت�صل بو�سطها الطبيعي. د -الحوار :هو كل كلام يجري بين �شخ�صين أ�و �أكثر من �شخو�ص الق�صة .وهو من �أهم الو�سائل التي يعتمدها الكاتب في ر�سم ال�شخو�ص وبناء حبكته الق�ص�صية ،وبوا�سطته تت�صل �شخو�ص الق�صة في ما بينها ات�صا اًل �صري ًحا مبا�ش ًرا. والحوار في الق�صة نوعان : .1الحوار الداخلي (المونولوج) :وهو حديث ال�شخ�صية مع ذاتها في الق�صة. .2الحوار الخارجي (الديالوج) :وهو ما يدور بين �شخو�ص الق�صة من حديث. هـ -الحبكة (العقدة) :هي �سل�سلة الحوادث التي تجري فيها الق�صة ،حيث تت�أزم و�صول ًا إ�لى الذروة ،مرتبطة عادة برابط ال�سببية .وهي لا تنف�صل عن ال�شخو�ص وبداية ال�صراع في الق�صة هو بداية الحبكة ،والحادث المبدئي هو المرحلة الأولى في ال�صراع ،ونهاية ال�صراع هي نهاية الحبكة. و -الحل (النهاية) :تنتهي الق�صة الق�صيرة ب�إحدى النهايتين الآتيتين: .1النهايات المفتوحة :يترك الكاتب في نهاية ق�صته مجا اًل للتفكير ك�أن يختم ق�صته با�ستفهام في ختام ال�صفحة ا ألخيرة ،فتكون النهاية �أكثر إ�ثارة للقارئ ودف ًعا لف�ضوله، وح ًّثا لمخيلته كي تن�شط وتجهد ،فيبقى الن�ص معل ًقا مت�أرج ًحا لاحتمالات متعددة. .2النهايات المغلقة :يكون الكاتب قد أ�وجد الحل في نهاية ق�صته .فهي لا تترك وراءها �س�ؤا ًال �أو ا�ستفها ًما ،بل ترد في �صيغة إ�خبارية تقريرية. وفي ما ي�أتي نموذج ق�صة ق�صيرة للكاتب ا ألردني عقلة حداد بعنوان \" القهوة والخريف\" « أ�فق ُت مبك ًرا� ،أ�شعلت النور ونظرت �إلى ال�ساعة ،ف إ�ذا بها قد تجاوزت الثالثة والن�صف بقليل.. تركت ال�سرير واتجهت إ�لى النافذة لأم أل �صدري ببع�ض الهواء ..داهمتني العتمة ،فلم أ�ميز �شي ًئا بادئ الأمر ،غير �أني لمحت خيوط النور ال�ضعيفة تنت�شر في دوائر �ضيقة.. ال�صمت يطبق على كل �شيء ..ومن بعيد ت�أتي خ�شخ�شة ال�سماعات ،لعله الم ؤ�ذن ي�ستعد ويتحفز ليدعو النا�س للعبادة.. 122
أَ�ح� َّس الظلا ُم بدبيب الحياة ،ونفذ الخوف �إليه حينما تململ الفجر ،فبد�أ ي�سحب �أطراف و�شاحه ،ويلملم ثنايا ردائه ،ويتجه نحو بحر الظلمات ..في اللحظات تلك ترك ُت النافذة.. وتجول ُت في �أطراف البيت .كانت نغمات التنف�س هي ال�شيء الوحيد المميز ..فكر ُت �أن �أبعث الحركة فيهم لي�ستمتع الجميع معي بروعة اليقظة المبكرة ،لكن �صو ًتا من خلفي فاج أ�ني وهو يقول� :صباح الخير يا �أبي.. -التف ّت إ�لى الخلفَ :من؟ ِ -ب�ْشر! -ابت�سمت له قائلاً � :أخف َتني يا ولدي و�أف�سد َت عل ّي خ ّطتي.. � -أحبب ُت �أن �أ�سيطر على برنامج الدرا�سة الذي و�ضع ُت.. -و ّفقك الله.. تركني وفي وجهه الت�صميم ،وفي عينيه الإرادة والعزم ..رح ُت �أفكر فيه ..ف ًتى في مقتبل العمر قوي ا إلرادة ،تع ّدى ال�ساد�سة ع�شرة بب�ضعة أ��شهر.. ما هذا ال�صوت؟!� ..إنه �صوت تنف�س ال�صغيرة «رانية» .ح ّرك ُتها قليلاً إ�لى أ�ن عاد التنف�س طبيع ًيا ..رتبت الغطاء على ج�سمها ،نظرت �إليها ،فر�أيت ملامح الطفولة على وجهها و�صور البراءة على محياها .يا لها من طفلة �شقية ،كثيرة الحركة ..حتى في نومها هي كذلك. آ�ه؛ لقد ن�سيت القهوة ..ربما «فارت» و�أنا أ�فكر بهذه ال�صغيرة ..أ��سرعت ،لكني و�صلت مت أ�خ ًرا فقد انطف�أ الغاز وان�سكبت القهوة. �س�أل « ِب�ْشر» :هل هناك �شيء على «الغاز» يا �أبي؟ فابت�سم ُت.. و�ضعت ا إلبريق من جديد على «الغاز» ،واتجهت للنافذة ..وحينما اقترب ُت فاج أ�ني هزيم الرعد القوي ،وومي�ض البرق ال�شديد ،وانهمر المطر بعنف ،والزخات ُت�صدر مو�سيقا خا�صة وهي ت�سقط على �أوراق الخريف وفوق �أغ�صان ال�شجر� ..أهي عا�صفة؟ كيف ت�أتي ونحن نعاني من موجة َح ّر وخمول! ربما هي عا�صفة عابرة .ما أ�جمل المطر وهو يد ُّق النوافذ! وما �أروع ر�شقاته وهي ت�ضرب ال�شارع في مو�سم غير متو َّقع! ا�شتدي �أيتها العا�صفة ون ّظفي ال�شوارع.. �س�أوقظ زوجتي لت�شاهد المطر معي والعا�صفة ..ولكنها تخ�شى البرق والرعد .ربما هي 123
م�ستيقظة ..لا..لا ..إ�نها متعب ٌة ج ًدا هذه الزوجة الرائعة ..كم هي جا ّدة في عملها ،حما�ستها هي هي ،داخل البيت وخارجه مخل�ص ٌة وف ّي ٌة ،كانت معي طوال �سنوات الرحلة ،بالم�ستوى نف�سه من الحما�سة والقوة والاندفاع .تقف بجانبي .دو ًما تناق�شني ،تريدني �ألا أ�تراجع ،و أ�ن �أتقدم دو ًما وبا�ستمرار ،لم تتذمر يو ًما وفي أ�حلك الظروف كانت معي ،فهل أ�بخل عليها في هذا الفجر الخريفي العا�صف بفنجان من القهوة نحت�سيه م ًعا ونحن ن�سمع المطر يعزف على نوافذ الواجهة الزجاجية؟! أ�يقظ ُتها وقلت لها« :انه�ضي لقد جاء �ضيف لمدينتنا ..جاء ر�سول ال�شتاء في وقت مبكر هذا العام ..إ�نه المطر ..انظري �إليه وهو ينهمر بقوة ،ور�شقاته ت�ضرب الأر�ض بعنف ،والبرق ي�شرع �سيفه ،والرعد ي�ضرب طبوله ..هيا انه�ضي». فتح ْت عينيها على ومي�ض البرق ،ثم �سمعت ق�صف الرعد :ما هذا؟! �أهي عا�صفة؟ �أجل يا زوجتي ..انه�ضي لن�شرب فنجا ًنا من القهوة �أمام هذه اللوحة العنيفة. و�أ�سرع ُت �إلى المطبخ من جديد عندما تذكر ُت القهوة .لحق ْت بي ا أل�سرة عندما ند ْت عني �صرخة لا إ�رادية و�أنا �أ�شاهد الإبريق بلا ماء ،ولونه رمادي ك�أوراق الخريف� ..أح�ّست ا أل�سرة بالحزن الخريفي المتف�شي في �أعماقي ،اقتربوا جمي ًعا مني ..الت ّفوا حولي ،و أ�خذوا بيدي �إلى الغرفة المطلة على العا�صفة ..ودون �أن يقولوا �شي ًئا ،كانت القهوة على موقد الغاز ُت ْ�ص َنع من جديد». با�ستعرا�ض النموذج ال�سابق للق�صة الق�صيرة نجد أ�ن �شخ�صية البطل اهتمت ب�سرد الأحداث والوقائع التي جرت في مكان معين وهو المنزل الذي ي�سكن فيه مع �أ�سرته زوجته وولديه :ب�شر ورانية ،وفي زمن معين هو وقت ما قبل الفجر .وبالرغم من �أن البطل روى بل�سان المتكلم إ�لا أ�ن الحوار قد ظهر -و إ�ن كان مقت�ض ًبا -بين الأب وابنه ب�شر في المرة ا ألولى ،وبينه وبين زوجته حين �أيقظها من النوم لت�شاركه فنجان القهوة ،وهو ما ي�سمى الحوار الخارجي� ،أما الحوار الداخلي فقد ظهر في موا�ضع من الق�صة ( :ما هذا ال�صوت؟ �إنه �صوت تنف�س ال�صغيرة رانية ،آ�ه لقد ن�سيت القهوة) .ويلحظ اهتمام الق�صة بالر ؤ�ية الداخلية ل�شخ�صية البطل وك�شفها عن أ�عماق �شخ�صيته وحركاته الانفعالية وت�أثره بالعالم الخارجي المثير للانفعالات ال�شخ�صية ،كما يبدو 124
ال�صراع فيها جل ًّيا عند ن�سيان القهوة وهي تفور وكون ذلك دليلاً على الحزن الذي يتف�شى في �أعماقه .وقد أ�بدع الكاتب في توظيف ال�صور البيانية التي أ��ضفت على الن�ص جما ًال وحيوية، ومن ذلك مداهمة العتمة له ،و�إح�سا�س الظلام بدبيب الحياة ،و�سماعه عزف المطر على واجهة الزجاج الأمامية. 125
الأسئلة -1عرف ما ي�أتي: الق�صة الق�صيرة ،الحوار الداخلي ،الحبكة ،ال�صراع. -2للق�صة الق�صيرة ح�ضور في ا ألدب العربي القديم ،و�ضح ذلك. -3علل ما ي�أتي: �أ -يعد عن�صر الحدث من �أبرز عنا�صر الق�صة. ب -ال�شخو�ص في الق�صة من م�صادر الت�شويق والإمتاع. جـ -تعد المجموعة الق�ص�صية\" �أول ال�شوط\" لمحمود �سيف الدين ا إليراني البداية الحقيقية للق�صة في ا ألردن. -4و�ضح �أثر الحركة الثقافية في تطور الق�صة الق�صيرة في الأردن. -5ان�سب الق�ص�ص الآتية �إلى م�ؤلفيها : �أغاني الليل � ،أول ال�شوط ،في القطار -6بين �أهم عوامل ازدهار الق�صة الق�صيرة في ا ألردن. -7أ� � -أيهما تف�ضل النهايات المغلقة أ�م النهايات المفتوحة في الق�صة الق�صيرة؟ بين �سبب تف�ضيلك لإحداهما. ب -ما ر�أيك في النهاية التي انتهت إ�ليها الق�صة الق�صرة \"القهوة والخريف\"؟ النشاط عد �إلى المكتبة ،واختر ق�صة ألحد الك ّتاب ا آلتية �أ�سما ؤ�هم ،ولخ�صها محاف ًظا على عنا�صرها الرئي�سة :جمال �أبو حمدان ،و�سناء ال�شعلان ،و�سعود قبيلات. 126
راب ًعا :ال�سيرة فن نثري �أدبي يتناول حياة �شخ�صية إ�ن�سانية ذات تم ّيز وافتراقُ .تعتمد فيها الروح الق�ص�ص ّية؛ ولكنها ق�ص�ص ّية غير ح ّرة؛ فهي مرتبطة بالتاريخ الحقيقي ل�صاحب ال�شخ�صية ،ويمكن �أن يكون فيها قدر من الخيال الذي لا ُيخ ّل بالتاريخ. ولا تعني كتابة ال�سيرة �أن يق�صر الكاتب حديثه على حياة �صاحب ال�سيرة الخا�صة ،فقد يتحدث عن ق�ضايا المجتمع وعلاقة �صاحب ال�سيرة بها ،لكون �صاحب ال�سيرة فر ًدا من المجتمع ي ؤ�ثر فيه ويت�أثر به. -1نوعا ال�سيرة أ� -ال�سيرة الذاتية :يحكي فيها الكاتب عن حياته � -أو جزء منها -وغال ًبا ما يقدم الكاتب ميثا ًقا ل�سيرته الذاتية يعد فيه القارئ �أن يقول الحقيقة ع ّما عا�شه فعلاً .فال�سيرة تو ّ�ضح مواقفه من المجتمع وتك�شف فل�سفته و آ�راءه وتف�سر اتجاهاته ،وقد يعترف بالأخطاء التي ارتكبها في مرحلة ما من حياته. وتكتب ال�سيرة الذاتية غال ًبا ب�ضمير المتكلم ،إ�لا �أ ّن بع�ض ال ُك ّتاب ا�ستخدموا �ضمير الغائب مثل طه ح�سين في كتابه «ا أليام». ب -ال�سيرة الغيرية :يكتب فيها الم�ؤلف عن �شخ�صية ما ،وهو في هذه الحالة يتحدث عن ال�شخ�صية في بيئتها وزمانها ،معتم ًدا على النقل والذاكرة أ�و الم�شاهدة ،مع توخي الدقة والمو�ضوعية والحياد في نقل الأحداث والوقائع ،وتحليل الظروف التي أ�حاطت بها: مول ًدا ون�ش أ� ًة وتعلي ًما ،وك�شف �أثرها في �شخ�صية �صاحبها وخبراته و آ�رائه .كما أ�ن كاتبها ملزم بتنوع م�صادره التي يعتمدها في ما يكتبه عن ال�شخ�صية التي ي�سرد �سيرتها. والأ�صل أ�ن يتناول حياة �شخ�ص جدير بالاهتمام له مكانة في المجتمع� ،أو حقق إ�نجازات �سيا�سية �أو ثقافية �أو فكرية �أو اجتماعية أ�و اقت�صادية؛ مثل عبقريات العقاد. والمنهج ال�شائع في كتابة ال�سيرة �أن يتت ّبع الكاتب حياة �صاحب ال�سيرة بالت�سل�سل الزمني؛ أ�ي أ�ن يتحدث عن مراحل حياته بالتوالي ،حتى يختمها بالموت .والكاتب 127
�إذ يحافظ على الت�سل�سل الزمني ينتقي من حياة �صاحب ال�سيرة مواقف دالة ،ويعر�ضها لل ُقراء ب�أ�سلوب منهجي علمي ،وب�صورة م ؤ�ثرة .وقد يترجم له من غير الت�سل�سل الزمني. مثل كتاب «حياة الرافعي» للعريان(.)1 -2مراحل ظهور ال�سيرة في ا ألدب العربي مرت كتابة ال�سيرة بمرحلتين: أ� -المرحلة التاريخية التي ركزت على الجانب التاريخي ومنها «�سيرة ابن ا�سحاق» التي ه ّذبها ابن ه�شام ا ألن�صاري و�صارت تعرف ب�سيرة ابن ه�شام وتحدث فيها عن �سيرة الر�سول ،وكتاب «المغازي » للواقدي. ب -المرحلة ا ألدبية وهي ذات طابع أ�دبي ،ظهرت في القرن الخام�س الهجري و أ��شهرها: كتاب «الاعتبار» لأ�سامة بن منقذ( ،)2الذي تحدث فيه عن حياته وفرو�سيته ومجتمعه زمن الحروب ال�صليبية. أ�ما في الأدب الحديث فلع ّل أ� ّول �سيرة ذاتية ظهرت �سيرة �أحمد فار�س ال ِ�ّشدياق التي دو ّنها في كتابه «ال�ساق على ال�ساق في ما هو الفارياق» المطبوع في منت�صف القرن التا�سع ع�شر ،وقد حاز الكتاب �شهرة وا�سعة في الأدب العربي لما ات�سم به من �سلامة اللغة ،وقوة العبارة ،وروح ال�سخرية ،والا�ستطرادات والان�سياق وراء الترادف اللغوي ،واللعب با أللفاظ والحوار الم�صنوع. وفي ع�شرين ّيات القرن الما�ضي ظهر كتاب «ا أليام» لطه ح�سين الذي توافرت فيه مجموعة من العوامل جعلت منه �سيرة ذاتية رفيعة ،أ�همها :الأ�سلوب الق�ص�صي ،واللغة ال�شاعرية الجميلة، مع ال�سلا�سة والعذوبة في طرح الأفكار وا آلراء ،والقدرة على الت�صوير والتلوين ،وال�صراحة، والجر�أة في ك�شف الواقع ،وروح النقد وال�سخرية اللاذعة ،لا تزال له �شهرة وا�سعة في العالم العربي. ( )1محمد �سعيد العريان (� )1964-1905أحد كبار كتاب م�صر ،ا�شتغل بالتدري�س� ،شارك في تحرير عدد كبير من المجلات وفي ق�ص�ص الأطفال وفي تحقيق الكتب المخطوطة .تعتمد �شهرته على ما أ��صدر من روايات تاريخية. (� )2أ�سا َمة بن مر�شد بن َعل ّي بن منقذ ،ولد ب�شيراز َعام (488هـ) َو�سكن دم�شق ،وانتقل �إلى م�صر وقاد ع َّدة حملات على ال�صليبيين في فل�سطين من الأمراء ومن العلماء ال�شجعان ،له ت�صانيف في ا أل َدب والتاريخ ،توفي في دم�شق عام 584هـ. 128
ومن أ�بين المحاولات ذات الطابع ا ألدبي في ال�سيرة الحديثة« ،حياة الرافعي» للعريان، وعبقريات العقاد ،و«جبران» لميخائيل نعيمه ،و«رحلة جبل ّية رحلة �صعبة» لفدوى طوقان، و«غربة الراعي» إلح�سان عبا�س ،و«ال�شريط الأ�سود» لعي�سى الناعوري ،و« إ�يقاع المدى» لمحمود ال�ّسمرة. � -3شروط كتابة ال�سيرة (الذاتيّة والغيريّة) لا بد من توافر �شرو ٍط في ال�سيرة وفي كاتبها حتى تكون �سيرة ناجحة منها: �أ :-في ال�سيرة .1التركيز على حياة ال�شخ�ص �صاحب ال�سيرة ،دون التو�سع بالحديث عن حياة من لهم �صلة به من ا أل�شخا�ص. .2و�ضع المعلومات المتعلقة ب�صاحب ال�سيرة مو�ضعها الواقعي والحقيقي. .3المو�ضوعية في تناول �شخ�صية �صاحبها ،والابتعاد عن العاطفة الزائدة التي يمكن �أن تحرف ال�سيرة عن و�ضعها الطبيعي. .4ا�ستخدام الخيال من غير إ�غراق فيه ،لأن طغيان الخيال يخرج ال�سيرة عن نطاقها. .5مراعاة النمو والتطور في �سلوك �شخ�صية �صاحبها ،بما يتنا�سب والتقدم في �س ّنه وغنى خبراته. .6ا�ستخدام ا أل�سلوب المع ّبر عن الحقائق المو�ضوعية؛ بحيث يكون �شائ ًقا وقاد ًرا على �ش ّد انتباه القارئ. .7يمكن �أن ي�ستطرد الكاتب وي�سهب ويطول في و�صف �شخ�صية �صاحب ال�سيرة. ب -ثانيًا :في كاتبها .1أ�ن يكون لدى الكاتب القدرة على اختيار المعلومات التي ت�ستحق الت�سجيل في ال�سيرة، وهذه القدرة تتطلب ذو ًقا أ�دب ًّيا رفي ًعا ودقة ملاحظة ،وقدرة على المقارنة والموازنة. .2أ�ن يتو ّخى الكاتب الحقيقة وال�صدق والدقة والمو�ضوعية .فهو �أديب ف ّنان كال�شاعر والقا�ّص في طريقة العر�ض ،ولكنه لا يخلق ال�شخ�صيات من خياله ،بل ير�سمها ب�صورة بارعة معتم ًدا على الواقع وما توافر لديه من معلومات. 129
� .3أن يتمتع ب�سعة الثقافة وكثرة الا ّطلاع على ما يحيط بع�صر �صاحب ال�سيرة. وفي ما ي�أتي نموذج لل�سيرة الذاتية لطه ح�سين من كتابه \" الأيام\": \" عرفته في الثالثة ع�شرة من عمره حين �ُأ ْر�سل �إلى القاهرة ليختلف �إلى درو�س العلم في الأزهر ...كان نحي ًفا �شاحب اللون مهمل الزي أ�قرب إ�لى الفقر منه �إلى الغنى ،تقتحمه العين اقتحا ًما في عباءته القذرة وطاقيته التي ا�ستحال بيا�ضها إ�لى �سواد قاتم ،وفي هذا القمي�ص الذي يبين أ�ثناء عباءته وقد اتخذ �ألوا ًنا مختلفة من كثرة ما �سقط عليه من الطعام ،وفي نعليه الباليتين المرقعتين .تقتحمه العين في هذا كله ،ولكنها تبت�سم له حين تراه ،على ما هو عليه من حال رثة وب�صر مكفوف ،وا�ضح الجبين ،مبت�سم الثغر ،م�سر ًعا مع قائده �إلى الأزهر ،لا تختلف خطاه ،ولا يتر ّدد في م�شيته ،ولا تظهر على وجهه هذه الظلمة التي تغ�شى عادة وجوه المكفوفين .تقتحمه العين ولكنها تبت�سم له ،وتلحظه في �شيء من الرفق ،حين تراه في حلقة الدر�س ،م�صغ ًيا كله �إلى ال�شيخ يلتهم كلامه التها ًما ،مبت�س ًما مع ذلك لا مت أ�ل ًما ولا متبر ًما ،ولا مظه ًرا ميلاً إ�لى لهو ،على حين يلهو ال�صبيان من حوله �أو ي�شرئبون �إلى اللهو .عرفته يا ابنتي في هذا الطور ،وكم أ�حب لو تعرفينه كما عرفته ،إ�ذن تق ّدرين ما بينك وبينه من فرق .ولكن أ� ّنى ل ِك هذا و أ�ن ِت في التا�سعة من عمر ِك ترين الحياة كلها نعي ًما و�صف ًوا. عرفته ينفق اليوم والأ�سبوع وال�شهر وال�سنة لا ي�أكل إ�لا لو ًنا واح ًدا ،ي أ�خذ منه حظه في ال�صباح وي أ�خذ منه حظه في الم�ساء ،لا �شاك ًيا ولا متبر ًما ولا متجل ًدا ولا مفك ًرا في �أن حاله خليقة بال�شكوى .ولو أ�خذت يا ابنتي من هذا اللون ح ًّظا قليلاً في يوم واحد لأ�شفق ْت �أ ّمك ،ولقدمت �إليك قد ًحا من الماء المعدني ،ولانتظرت �أن تدعو الطبيب. لقد كان �أبو ِك ينفق الأ�سبوع وال�شهر لا يعي�ش إ�لا على خبز الأزهر ...وكان ينفق ا أل�سبوع وال�شهر وا أل�شهر لا يغم�س هذا الخبز إ�لا في الع�سل ا أل�سود ،و�أن ِت لا تعرفين الع�سل ا أل�سود، وخير ل ِك �أن لا تعرفيه\". يتحدث طه ح�سين في الن�ص الذي قر أ�ته عن طفولته بما تحمل من معاناة ،ونلحظ أ�ن طه ح�سين كان �صري ًحا �إلى ح ٍد كبي ٍر ،وكان واقع ًّيا في ت�سجيل �سيرة حياته ،وفي حديثه عن النا�س الذين تعامل معهم� ،أو در�س على �أيديهم ،فقد ك�شف علاقات النا�س و�سلوكهم ،ونقدهم وبيان 130
الحالة الاجتماعية في ذلك الوقت ،وو�صف حياته في جامع الأزهر ونقده ،و�صور ال�صراع بين الإن�سان وبيئته ،فهو ي�صف مراحل حياته ويتدرج بها ،معتم ًدا على �أنها خير مثال للانت�صار على واقعه المرير. 131
الأسئلة -1ما مفهوم ال�ّسيرة ال ّذاتية في ا ألدب العربي الحديث؟ -2ميز ال�سيرة الذاتية من الغيرية مما ي�أتي: ب -غربة الراعي جـ -رحلة جبلية رحلة �صعبة �أ -جبران د � -إيقاع المدى هـ -حياة الرافعي ِ -3ل َم نالت �سيرة �أحمد فار�س ال ِ�ّشدياق التي دو ّنها في كتابه \"ال�ساق على ال�ساق في ما هو الفارياق\" �شهرة وا�سعة في ا ألدب العربي؟ -4بين العوامل التي جعلت كتاب \"ا أليام\" لطه ح�سين �سيرة ذاتية رفيعة؟ -5ما الذي يغري ا ألدباء بكتابة ال�سيرة؟ -6كيف تق ّيم الن�ص المختار من �سيرة طه ح�سين (ا أليام) في �ضوء فهمك ل�شروط كتابة ال�سيرة؟ -7علل ما ي�أتي: �أ -لا تقت�صر كتابة ال�سيرة الذاتية على حياة الفرد الخا�صة. ب -من �شروط كاتب ال�سيرة الدقة والمو�ضوعية. جـ -عدم الاعتماد على الخيال وحده في كتابة ال�سيرة ،مع �أ ّنها عمل �أدبي. -8في ر�أيك ،لم يجب �أن يتمتع كاتب ال�سيرة ب�سعة الثقافة وكثرة الاطلاع على ما يحيط بع�صر �صاحب ال�سيرة؟ النشاط تذكر م�سيرتك ال ّدرا�سية في المرحلة الثانوية وحاول أ�ن تكتب ف�صلاً من �سيرتك الذاتية ب�أ�سلوب �أدب ّي ،ثم اعر�ضها على معلمك. 132
خام�سً ا :ال ّرواية فن أ�دبي نثري ،يعتمد ال�سرد في و�صف �شخ�صيات و أ�حداث على �شكل ق�صة مت�سل�سلة طويلة. وتجتمع في الرواية مجموعة عنا�صر متداخلة؛ �أهمها ال�شخ�صيات والأحداث والزمان والمكان والحوار وال�سرد .وهي الآن من �أكثر الفنون ا ألدبية انت�شا ًرا و�شهرة .وتت�صف الرواية بالت�شويق وتتنوع أ��ساليب �سردها؛ �إذ لا قانون للكتابات الروائية فهي تمنح الكاتب حرية ا إلبداع ،فيبني عالمه الروائي من �سرد الأحداث وعر�ضه للزمان والمكان والأ�شخا�ص وانتقائه اللغة المنا�سبة بطريقة خا�صة تج�سد ميوله ا إلبداعية والثقافية و�أفكاره وخ�صو�صية المجتمع الذي يمثله. وللرواية أ��صو ٌل في التراث العربي القديم .فقد كان التراث حافلاً ب إ�رها�صات ق�ص�صية ،تمثلت في فن المقامات وحكايات ال�ُس ّمار وال�سير ال�شعبية وق�ص�ص ال�صعاليك و�أ�ضرابهم ،فق�صة «حي بن يقظان» لابن طفيل ،وق�ص�ص «�ألف ليلة وليلة» ..،وغيرهما أ�مثلة على وجود فن الرواية في أ�دبنا العربي القديم. وقد تركت المقامات ب�صمات وا�ضحة في م�ؤلف محمد المويلحي(« )1حديث عي�سى بن ه�شام» وفي م�ؤلفات غيره من الذين اتخذوا من أ��سلوب المقامة �شكلاً فن ًّيا لهم .فقد �أراد المويلحي أ�ن ي�ستخدم القالب الروائي لت�صوير التناق�ضات في المجتمع الم�صري آ�نذاك ،بلغة ال�سرد الروائية التقليدية التي تقوم على التتابع الزمني وربط المقدمات بالنتائج .وهناك �إجماع في الأو�ساط النقدية على أ�ن رواية «زينب» التي كتبها محمد ح�سين هيكل ون�شرها �سنة ( 1912م) هي �أول رواية عربية نا�ضجة . وبعد ذلك ظهر جيل من ال ُك ّتاب �أ ّلفوا كثي ًرا من الروايات ،منها« :يوميات نائب في ا ألرياف» لتوفيق الحكيم ،ورواية «�سارة» لعبا�س محمود العقاد ،و«دعاء الكروان» لطه ح�سين ،و«�أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ التي كانت �أحد �أ�سباب نيله جائزة نوبل العالمية في الأدب عام ( 1988م). وفي �سوريا ظهرت الرواية التاريخية «�سيد قري�ش» لمعروف ا ألرنا ؤ�وط ،وغيرها من الروايات. تطورت الرواية العربية في القرن الع�شرين تطو ًرا ملحو ًظا وا�ستقطبت اهتمام ال ُق ّراء والنقاد على -1محمد المويلحي (1930-1858م) ن�ش�أ في بيت ثراء و�أدب� ،سمحت له الفر�صة أ�ن ينتقل �إلى فرن�سا و�إيطاليا فيتقن الفرن�سية والإيطالية .وفي عام ( ) 1907ن�شر ق�صته \"حديث عي�سى بن ه�شام\". 133
اختلاف م�شاربهم واتجاهاتهم .كما تنوعت �أ�ساليب كتابتها واختلفت �أ�شكالها وتعددت أ�نواعها وتياراتها و�صيغ تقديمها .فظهر جيل آ�خر من الروائيين العرب� ،سمي بالحداثيين ،خرجوا على ر ؤ�ية الرواية التقليدية وتقنياتها .وعلى أ�يدي ه ؤ�لاء ال ُك ّتاب مثل�ُ :صنع الله إ�براهيم ،وحنا مينا، وجمال الغيطاني ،والطيب �صالح ،و إ�ميل حبيبي ،وعبد الرحمن منيف ،وغيرهم ،ظهرت ر ؤ�ية روائية تحمل اتجاهات معا�صرة وحداثية مختلفة ،من �أهم �سماتها �أن الخطاب الروائي تجاوز المفاهيم التقليدية حول الرواية في ع�صورها الكلا�سيكية والرومان�سية والواقعية؛ وتداخلت أ��ساليبها مع تداخلات العالم الخيالي والواقعي والتاريخي؛ ما جعلها � -سواء في حبكتها أ�و �شخو�صها � -أكثر تعقي ًدا و�أعمق تركي ًبا .وو�صلت الرواية بذلك إ�لى دنيا الن�ص المفتوح الذي يف�ضي إ�لى قراءات متعددة لا ت�صل �إلى تف�سير نهائي للخطاب الروائي. -1عنا�صر الرواية يختلف فن الرواية عن غيره من الفنون ال�سردية بطوله وت�شابك �أحداثه ،وكذلك بتعدد ال�شخ�صيات وا ألماكن وا ألزمنة فيه .ومع هذا هناك عنا�صر م�شتركة بينها وبين الق�صة الق�صيرة التي مرت بك ،ومن العنا�صر التي تتمايز بها الرواية من غيرها: ال�سرد :وهو الوعاء اللغوي ،الذي يحتوي كل عنا�صر الرواية ،وينقل الأحداث والمواقف من �صورتها الواقعية �إلى �صورة لغوية تجعل القارئ يتخيلها وك�أنه يراها بالعين .فلغة ال�ّسرد ال ّروائ ّية التقليد ّية تقوم على التتابع الزمني وربط المقدمات بالنتائج ،و أ�ما �أ�سلوب تقطيع الم�شهد �أو الحادثة على مواقع مختلفة ،ف إ�نه يجعل القارئ المتلقي يعي�ش حالة من التوتر والت�شويق لمتابعة الأحداث وم�صائر ال�شخو�ص. وهناك طرق ثلاث ل�سرد �أحداث الرواية ،هي: �أ -الطريقة المبا�شرة :تعد �أكثر الطرق �شيو ًعا ،فيها يقف الم�ؤلف خارج الأحداث ويروي ما يحدث ل�شخو�ص روايته. ب -طريقة ال�سرد الذاتي :تروى الأحداث على ل�سان المتكلم ،وهو غال ًبا ما يكون بطل الق�صة ويبدو الم ؤ�لف وك�أنه هو البطل. 134
جـ -طريقة الوثائق :يعتمد الم�ؤلف على الخطابات والمذكرات واليوميات ،ويتخذ منها �أدوات لبناء ق�صة مترابطة ا ألجزاء. وقد يلج أ� الكاتب ال ّروائي إ�لى طريقة من هذه الطرق ويترك أ�خرى ،ولهذه الطرق ال�ّسردية وظيفة عامة �شاملة تتمثل في تحقيق توازن البناء ال ّروائي .وتتداخل ا أل�ساليب التعبيرية الفنية في الرواية لت�شكل في النهاية الحبكة الفنية التي ت�شكل البناء الق�ص�صي للرواية. -2لمحة عن م�سيرة الرواية الأردنية ن�ش�أت الرواية في الأردن في �أعقاب ظهورها في بع�ض ا ألقطار العربية ولا �سيما م�صر والعراق وبلاد ال�شام ،وهي جزء من م�سيرة الرواية العربية الحديثة تخ�ضع لما تخ�ضع له هذه الرواية من م�ؤثرات ،وتت�أثر �إلى ح ٍّد كبير بمحيطها الثقافي ،والتيارات والاتجاهات ال�سائدة ،وتكت�سب هويتها من خلاله. لم ت�ستطع الرواية ا ألردنية في بدايات القرن الما�ضي �أن تتعامل مع البناء الروائي ب�صورة فنية، �إذ كان ال ُك ّتاب يظهرون قدراتهم البلاغية في الإن�شاء ا ألدبي في �إطار تقليدي دون اهتمام بالبناء الفني الروائي. ظهرت محاولات روائية مثل\" :فتاة من فل�سطين\" لعبد الحليم عبا�س ،و\"مار�س يحرق معداته\" لعي�سى الناعوري ،و\"فتاة النكبة\" لمريم م�شعل .ثم ظهرت رواية تي�سير �سبول \" أ�نت منذ اليوم\" عام ( 1968م) وهي الرواية الوحيدة له ،وتمتاز ب�أ ّنها أ�نموذج للرواية الأردنية المتنا�سقة ف ًّنا وم�ضمو ًنا؛ فقد تجاوزت الو�صف المبا�شر لل�شخو�ص إ�لى التحليل النف�سي الداخلي ،معتمدة الحوار الداخلي .و َع ّد النقاد هذه الرواية علامة على مرحلة مهمة في ت�أ�سي�س الرواية الحديثة في الأردن ،فهي رواية جديدة في بنائها و أ��سلوبها ولغتها وهدفها ،إ�ذ امتازت ب�أمرين: ا ألول :ت�صوير �أزمة من �أزمات وجودنا المعا�صر ،والثاني� :أنها ت�ضيف جدي ًدا على �صعيد البنية ال�سردية يتمثل في ك�شف العلاقات الخفية بين الظواهر والأ�شياء التي قد تبدو في الظاهر والواقع المعي�ش متباعدة �أو متنافرة أ�و م�ألوفة. وممن حققوا �شهرة وا�سعة في ال ّرواية الأردنية :غالب هل�سا ،الذي أ��صدر روايته \"ال�ضحك\" عام (1970م) ،وجمال ناجي \"الطريق �إلى بلحارث\" ،وم ؤ�ن�س ال ّرزاز \" أ�حياء في البحر 135
الميت\" ،وطاهر العدوان \"وجه الزمان\" ،و�إبراهيم ن�صر الله \"مجرد اثنين فقط\" ،و�سميحة خري�س \"�شجرة الفهود\" ،وها�شم غرايبة \"ال�شهبندر\" ،ومحمود الريماوي \"حلم حقيقي\"، وجلال برج�س \" �أفاعي النار\" ،وغيرهم. 136
الأسئلة - 1وازن بين الق�صة الق�صيرة والرواية من حيث ال�شخو�ص والزمان والمكان. َ - 2من م ؤ�لف الروايات الآتية: فتاة من فل�سطين ،ال�ضحك ،حلم حقيقي. - 3علل ما ي�أتي: �أ -تت�صف الرواية بالت�شويق وتنوع الأ�ساليب. ب -ميل الرواية الحداثية �إلى العمق والتعقيد. جـ -يعد عن�صر ال�سرد من أ�برز عنا�صر الرواية. د -بلغ نجيب محفوظ بفن الرواية ذروة ا إلبداع. - 4ما وظائف الطرق ال�ّسردية في الرواية؟ - 5للرواية أ��صو ٌل في التراث العربي القديم ،بين ذلك. -6ما الرواية الرائدة بالمفهوم الفني الحديث للرواية في الأدب العربي الحديث؟ -7تع ّد رواية تي�سير �سبول \" أ�نت منذ اليوم\" بداية مرحلة مهمة في ت أ��سي�س الرواية الحديثة في ا ألردن ،لماذا؟ -8ما دلالة اعتبار الرواية من �أكثر الفنون ا ألدبية انت�شا ًرا و�شهرة؟ -9بين دور الروائيين الحداثيين في تطور الرواية العربية. النشاط عد �إلى ال�شبكة العالمية للمعلومات ،وام أل الجدول الذي �أمامك بذكر رواية واحدة لكل كاتب في ما ي�أتي: الرواية الكاتب الكات ب الرواي ة � 2سالم الن ّحا�س � 1أيمن العتوم 4ليلى الأطر�ش � 3سحر مل�ص 6يو�سف �ضمرة 5هزاع البراري 137
�ساد�سً ا :الم�سرحية فن �أدبي يقوم على فكرة ال ّ�صراع بين متناق�ضين ،تنجزها �شخو�ص تحيا وتروي ق�صتها �أو تعر�ض ق�ضيتها عن طريق الحوار ،وهي بهذا تختلف عن الق�صة ،فالق�صة يروي �أحداثها كاتبها، والم�سرحية ق�صة حوارية قابلة للتمثيل الم�سرحي وي�صاحب تمثيلها مناظر وم ؤ�ثرات مختلفة، ولذلك يراعى فيها جانبان :ت�أليف الن�ص الم�سرحي ،والتمثيل الذي يج�سم الم�سرحية أ�مام الم�شاهدين تج�سي ًما ح ًّيا . ،وقد نقر أ� الم�سرحية مطبوعة في كتاب دون �أن ن�شاهدها ممثلة على الم�سرح ،ولكنها مع ذلك تظل محتفظة بمقوماتها الخا�صة. وتقوم الم�سرحية على مو�ضوع رئي�س واحد تتمحور حوله منذ البداية حتى النهاية ،دون ت�شتيت الانتباه بمو�ضوعات ثانوية �أو تف�صيلات زائدة .كما ينبغي �ألا تغرق في الو�صف والتعليق؛ لأن ذلك ي�ضعف البناء الدرامي ويفقد القارئ �أو الم�شاهد �صلته بالن�ص. -1ن�ش أ�تها الم�سرح فن يوناني من �أعرق الفنون و�أقدمها ،ن�ش�أ ن�ش�أة دينية ،فقد كانت الم�سرحية تتناول ال�شخ�صيات العظيمة ،بد�أت بالآلهة عند الإغريق ،ثم ب�أبطال من الب�شر ت�صورهم أ�نهم أ�ن�صاف �آلهة ،ثم �صار ا إلن�سان المميز – ك�شخ�صيات الملوك وا ألمراء -هو البطل ،وتطور هذا الفن لي�صبح �أكثر الفنون تعبي ًرا عن ا إلن�سان. ت�أثرت الم�سرحية بالتطور الذي لحق بفنون ا ألدب الأخرى ،فظهرت تيارات مختلفة في الم�سرح الأوروبي في القرنين التا�سع ع�شر والع�شرين ،بعد �أن بد�أ الفكر ا إلن�ساني ي�ستقل في مواقفه ويتحرر من �سيطرة التراث القديم. و�أول من �أدخل الفن الم�سرحي �إلى البلاد العربية هو اللبناني مارون ن ّقا�ش( )1الذي اقتب�س هذا الف ّن من إ�يطاليا حين �سافر إ�ليها ،وابتد�أ تمثيله باللغة العربية الدارجة ،وكانت �أولى الم�سرحيات التي قدمها لجمهوره العربي في بيروت هي رواية \"البخيل\" المع َّربة عن (موليير) وذلك بعد منت�صف،العقد الرابع من القرن التا�سع ع�شر الميلادي ،فنالت �إعجاب ( )1مارون بن إ�ليا�س النقا�ش ( )1855 -1817ولد في �صيدا بلبنان ،كان �أول من مهد الطريق لت�شخي�ص الروايات على الم�سرح العربي ،بعد �أن �ساح في �أنحاء �أوروبا ورجع مغر ًما بفن التمثيل ،فع َّرب عدة روايات. 138
كل من ح�ضرها ،ثم �أتبعها بعر�ض م�سرحية أ�خرى هي «�أبو الح�سن المغفل». بعد ذلك ظهر �أبو خليل القباني( )1فخطا بالفن الم�سرحي خطوة إ�لى ا ألمام ،وقربه �إلى الجماهير باختياره الم�سرحيات ال�شعبية مثل \" أ�لف ليلة وليلة\" ،واتخذ من الف�صحى لغة للحوار ،ومزج فيها بين ال�شعر والنثر ،مع العناية بال�سجع أ�حيا ًنا .وظل يقدم م�سرحياته في دم�شق في ا ألعوام (1884 -1878م) ،ثم هاجر إ�لى م�صر ،وتابع تقديم م�سرحياته فيها، وقد لقي َّفنه هوى في نفو�س الم�صريين واعترفوا له بالف�ضل في تثبيته. ثم ظهر دور توفيق الحكيم الذي بد�أ ن�شاطه الم�سرحي النثري بم�سرحية\" ال�ضيف الثقيل\" �سنة (1918م) م�ستخد ًما أ��سلوب الرمز ،حيث رمز بال�ضيف الثقيل إ�لى الاحتلال الإنجليزي ،ثم �ألف م�سرحية \"المر أ�ة الجديدة\" ،ثم الم�سرحية الرمزية الذهنية \"�أهل الكهف\" ،والم�سرحية الاجتماعية \"الأيدي الناعمة\" ،والتحليلية النف�سية \"نهر الجنون\" والم�سرحية الوطنية \"ميلاد بطل\". وقد أ��صبح فن الم�سرح من الفنون القيمة ،التي تقام لها المهرجانات ،ويمنح م�ؤلفوها ومخرجوها وممثلوها الجوائز ،لتفوقهم ا إلبداعي ،ولقدرتهم في الفن الم�سرحي على تقديم �صورة �صادقة عن المجتمع العربي المعا�صر. -2نوعا الم�سرحية �شاع نوعان للم�سرحية من أ�يام ا إلغريق ،هما: أ� -الم أ��ساة :وهي ترجمة للكلمة اليونانية \"التراجيديا\" التي تنتهي �أحداثها بفاجعة ،وهي عادة ت�ؤكد قيمة إ�ن�سانية كبرى ،وكانت بدايات الت�أليف فيها مق�صورة على ت�صوير حياة العظماء ،ثم �أ�صبحت تتناول عامة النا�س ،وتتميز بالجدية ،وح ّدة العواطف ،و�صعوبة الاختيار في المواقف ،و�سلامة اللغة في ال�صياغة. ب -الملهاة :وهي \"الكوميديا\" ،ومو�ضوعاتها تتناول الم�شكلات اليومية الواقعية ،ويغلب عليها الطابع المحلي ،ويعد عن�صر الفكاهة عن�ص ًرا رئي�ًسا فيها .ونهايتها غال ًبا ما تكون �سعيدة. -1يعتبر رائد الم�سرح العربي ،ولد في دم�شق �سنة 1833وتوفي �سنة 1903م . 139
ولم يعد هذا التق�سيم قائ ًما في الم�سرح المعا�صر ،إ�ذ قد تختلط فيه الم أ��ساة بالملهاة، فالحياة مزيج منهما. -3عنا�صر الم�سرحية لا بد �أن تتوافر في كل عمل م�سرحي العنا�صر الآتية: أ� -الحدث الم�سرحي :تعتمد الم�سرحية مثل الق�صة على الحدث الذي يتناول ق�ضية من ق�ضايا الحياة بحيث يظهر هذا الحدث من خلال الحوار بين �شخو�صها. ب -ال�شخو�ص ،وهي نوعان: � .1شخو�ص رئي�سة محورية :تدور حولها معظم ا ألحداث .ومن بينهم تبرز �شخ�صية أ�و أ�كثر يطلق عليها ا�سم البطل ،وهي ال�شخ�صية المحورية ،وتعلق بها ا ألحداث منذ البداية حتى النهاية ،ويجب �أن تكون نامية متطورة (.)1 � .2شخو�ص ثانوية :لها �أدوار محددة تدفع الم�سرحية �إلى النمو با�ستمرار .تكون أ�دوارهم مكملة للدور الرئي�س الذي يقوم به ا ألبطال. والكاتب في الق�صة ينبغي �أن ير�سم لنا �صورة لل�شخ�صية من جانبيها الظاهري والباطني، حتى نتعرف �أبعادها� ،أما في الم�سرحية ف�إن ال�شخ�صية تظهر �أمامنا ونحن نتعرف عليها عن طريق حركتها وكلامها ،وتقا�س مهارة الكاتب الم�سرحي بمدى نجاحه في تحريك �شخو�صه �أمامنا، و�إنتاج مجالات لها يبرز فيها �سلوكها� .أما �إذا قدم لنا ال�شخو�ص في �صورة ثابتة غير نامية ،فهذا عيب يجعل من ال�شخ�صية \"�شخ�صية م�سطحة\" ( )2لا عمق فيها. جـ -الفكرة :وهي الم�ضمون الذي تعالجه الم�سرحية ، :وما يهدف الكاتب �إلى إ�برازه من خلالها ،وذلك بعر�ض �صور من الحياة والعادات التقاليد ،ما ي�ساعد على تر�سيخ قيم �أخلاقية ،و ُمثل فا�ضلة. د -الزمانوالمكان :هما ا إلطار الذي تجري فيه أ�حداث الم�سرحية ،وتحديدهما ي�ساعد على فهم ا ألحداث ،وت�صور الجو النف�سي والاجتماعي الم�سيطر على �سلوك ال�شخو�ص. ( )1ال�شخ�صية النامية المتطورة هي ال�شخ�صية التي يتم تكوينها بتمام الق�صة �أو الم�سرحية ،فتتطور من موقف لموقف ،ويظهر لها في كل موقف ت�صرف جديد يك�شف عن جانب منها. ( )2ال�شخ�صية الم�سطحة هي ال�شخ�صية التي لا تتطور ولا تتغير ولا تتبدل مهما كانت الم ؤ�ثرات والمتغيرات في الق�صة، ويتذكرها القارئ ب�سهولة. 140
و -الحوار :يت�شكل منه ن�سيج الم�سرحية وتتنامى بف�ضله ا ألحداث لتبلغ منتهاها ،وعلى الكاتب �أن يلائم ببراعة بين �أ�سلوب الحوار وال�شخو�ص ،بحيث يجعله ح ًّيا معب ًرا عن طبيعة ال�شخو�ص ،كما �أنه يحدد مجالها ،وي�صور ملامحها النف�سية .إ�ن لغة الحوار الم�سرحي لو ف�صلت عن التمثيل وقرئت مكتوبة لاحتاجت إ�لى حر�ص وعناية لفهم المق�صود منها .فالحركة والإ�شارة وتتابع الحوادث ،وم�شاهدة ال�شخو�ص ،و إ�دراك ال�سياق ،كل ذلك يعين على فهم المق�صود من الكلام حين تمثل الم�سرحية على خ�شبة الم�سرح. وحتى يكون الحوار جي ًدا فلا بد من أ�ن تكون (الجمل الحوارية) منا�سبة لم�ستوى ال�شخ�صية ،وقادرة على إ�ي�صال الفكرة التي تعبر عنها ،و�أن يكون الحوار متدف ًقا وحا ًّرا، ومع ّب ًرا عن ال�صراع وطبائع الأ�شخا�ص وا ألفكار. ز -ال�صراع :هو العن�صر ا أل�سا�سي في الم�سرحية ،يقوم بين طرفين متناق�ضين ،وي�شكل عقدة الم�سرحية .و�صورته ال�شائعة في الم�سرحيات �صراع بين الخير وال�شر ،ويبد أ� طبيع ًّيا ب�سي ًطا ،ثم ينمو وي�شتد ،حتى يبلغ الذروة ،ثم ي أ�تي الحل في نهاية الم�سرحية. -4الم�سرحية في ا ألردن عرف الم�سرح في الأردن في مطلع القرن الع�شرين عن طريق بع�ض الم�سرحيات التاريخية والدينية والاجتماعية وعدد من الم�سرحيات المترجمة ،ف�ضلاً عن بع�ض المحاولات في الت أ�ليف المحلي التي قام بها بع�ض الهواة في الأردن ،وكانت هذه ا ألعمال الم�سرحية تقدم في الأندية والمدار�س والكنائ�س والجمعيات الخيرية ،وذلك للتعبير عن الم�شاعر الوطنية والقومية و�إ�شاعة روح الت�صدي للغزو الفكري والثقافي الذي تعر�ض له وطننا العربي ،إ��ضافة إ�لى توظيفها ألغرا�ض تربوية تعليمية. ومن أ�هم الأعمال الم�سرحية ا ألردنية المحلية \"الم�ضبوعون\" لمحمود الزيودي ،و\"الم أ�زق\" لب�شير هواري ،و\"دولة الع�صافير\" لفخري قعوار ،و\"تغريبة ظريف الطول\" لجبريل ال�شيخ، و\" أ�لف حكاية وحكاية من �سوق عكاظ\" للدكتور وليد �سيف ،و\"كوكب الوهم\" لعاطف الفراية. 141
الأسئلة -1و�ضح المق�صود بكل من :الملهاة ،والم�أ�ساة ،وال�شخ�صية المحورية. -2علل ما ي�أتي: أ� -يع ّد ال�صراع العن�صر الأهم في الم�سرحية. ب -تقا�س مهارة الكاتب الم�سرحي بمدى نجاحه في تحريك ال�شخو�ص. جـ -لجوء توفيق الحكيم �إلى ا�ستخدام الرمز في م�سرحياته. د -الكاتب الم�سرحي يلائم بين الحوار وطبيعة ال�شخو�ص. -3بين دور كل من مارون نقا�ش والقباني في ن�ش أ�ة الم�سرح العربي. -4الحوار هو المظهر الح�سي للم�سرحية: أ� -و�ضح المق�صود بالحوار الم�سرحي. ب -ما �شروط جودة الحوار؟ جـ -اذكر ثلاثة من الأمور التي ت�ساعد على فهم الحوار الم�سرحي. -5وازن بين الرواية والم�سرحية من حيث :الحوار ،وال�شخو�ص. -6من رائد الم�سرحية في ا ألدب العربي؟ وما ا آلفاق المتعددة لم�سرحياته؟ -7و�ضح المق�صود بال�صراع الم�سرحي ،واذكر نوعيه. -8ما علاقة ا ألدب الم�سرحي بالتمثيل؟ 142
قائمة المراجع - 1إ�براهيم ال�سعافين و آ�خرون ،الرواية الأردنية وموقعها من خريطة الرواية العربية ،من�شورات وزارة الثقافة ،عمان. � - 2إبراهيم الفيومي ،درا�سات في الرواية والق�صة الق�صيرة ،من�شورات وزارة الثقافة ،عمان. � - 3إبراهيم خليل ،مدخل لدرا�سة ال�شعر العربي الحديث ،ط ( ،)5دار الم�سيرة ،عمان.2014 ، � - 4إبراهيم عو�ض ،في ال�شعر العربي الحديث :تحليل وتذوق ،المنار للطباعة.2006 ، - 5ابن �سناء الملك ،دار الطراز في عمل المو�شحات ،تحقيق جودت الركابي ،ط ،3دم�شق، .1982 � - 6إح�سان عبا�س ،اتجاهات ال�شعر العربي المعا�صر ،عالم المعرفة ،العدد ( ،)2الكويت.1978 ، � - 7إح�سان عبا�س ،تاريخ الأدب الأندل�سي ع�صر �سيادة قرطبة ،ط( ،)1دار الثقافة ،بيروت.1960 ، - 8إ�حمد بدوي ،الحياة الأدبية في ع�صر الحروب ال�صليبية بم�صر وال�شام ،ط ( ،)3دار النه�ضة، م�صر. - 9أ�حمد ق ِّب�ش ،تاريخ ال�شعر العربي الحديث ،دار الجيل ،بيروت.1971 ، -10أ�حمد هيكل ،ا ألدب الأندل�سي من الفتح �إلى �سقوط غرناطة ،ط ( ،)10دار المعارف، القاهرة.1986 ، -11أ�حمد هيكل ،الأدب الق�ص�صي والم�سرحي في م�صر ،ط( ،)3دار المعارف.1979 ، -12امتنان ال�صمادي� ،شعر ف�ؤاد الخطيب في الثورة العربية الكبرى ،مطبعة الجامعة الأردنية ،عمان، .2010 � -13أمين �سعيد ،الثورة العربية الكبرى :تاريخ مف َّ�صل جامع للق�ضية العربية في ربع قرن ،مكتبة مدبولي. -14تركي العزاوي ،معجم �شاعرات الأندل�س مع رقائق م�ستعذبة من �شعرهن الرائع ،دار النوادر، دم�شق.2011 ، -15جعفر العقيلي ومحمود الريماوي ويو�سف �ضمرة الق�صة في الأردن من الريادة إ�لى التجديـد، ط ( ،)1رابـطـة الكتـاب ا ألردنـيين ،وال�صالـون الثقـافي الأنـدل�سي ،ودار ف�ـضاءات للن�شر والتوزيع.2013 ، 143
-16ح�سن جاد ح�سن ،الأدب العربي في المهجر ،دار قطري بن الفجاءة ،الدوحة.1985 ، -17ح�سين القباني ،فن كتابة الق�صة ،مكتبة المحت�سب للن�شر والتوزيع ،عمان – ا ألردن. -18ح�سين محمد فهيم ،أ�دب الرحلات ،المجل�س الوطني للثقافة والفنون والآداب ،الكويت، .1978 -19ح ّنا الفاخوري ،الجامع في تاريخ ا ألدب العربي /ا ألدب القديم ،دار الجيل ،بيروت.1986 ، -20رقية ر�ستم ،ملامح المقاومة في �شعر �أبي القا�سم ال�شابي ،مجلة درا�سات في اللغة العربية و آ�دابها، ع.2011 ،4 -21زكي مبارك ،المدائح النبوية ،مكتبة م�صطفى الباني الحلبي ،م�صر.1935 ، � -22سعد أ�بو دية وعبد المجيد مهدي ،الثورة العربية الكبرى ق�صائد و�أنا�شيد ،دار الفكر ،عمان، .1988 � -23سليمان الازرعي ،الرواية الجديدة في الأردن ،وزارة الثقافة ،عمان.1997 ، � -24شوقي �ضيف ،ا ألدب العربي المعا�صر في م�صر ،ط ( ،)10دار المعارف. � -25شوقي �ضيف ،درا�سات في ال�شعر العربي المعا�صر ،ط ( ،)6دار المعارف ،القاهرة. � -26شوقي �ضيف ،ع�صر الدول وا إلمارات ( الأندل�س) ،دار المعارف ،القاهرة. � -27صابر عبدالدايم ،وح�سين علي محمد ،فن المقالة درا�سة نظرية ونماذج تطبيقية ،دار الكتاب الحديث.2011 ، -28عامر فتحي ،فنالخطابةفيالع�صرينا أليوبيوالمملوكيا ألول /درا�سة تحليل ّية ،ر�سالة ماج�ستير، جامعة ال�شرق الو�سط.2015 ، -29عاهد �سلمان ،الر�سائل الو�صفية في الع�صر المملوكي الأول ،ر�سالة ماج�ستير ،جامـعـة مـ ؤ�تـة، .2007 -30عبد الرحمن ياغي ،البحث عن إ�يقاع جديد في الرواية العربية ،ط ( ،)1دار الفارابي.1999 ، -31عبد الرحمن ياغي ،الق�صةالق�صيرةفيالأردن� ،سل�سة الكتاب الأم في تاريخ ا ألردن ،من�شورات لجنة تاريخ ا ألردن ،عمان – الأردن. -32عبد الرحمن ياغي ،في الجهود الم�سرحية العربية من مارون النقا�ش �إلـى تـوفيـق الـحـكيم ،وزارة الثقافة ،عمان.2014 ، 144
-33عدنان �ساري الزبن ،ال�سيف والبيان في تحرير قد�س الرحمن ،المكتبة الوطنية ،عمان.1996 ، -34علي محمد �سلامة ،ا ألدب العربي في الأندل�س :تطوره ومو�ضوعاته و�أ�شهر أ�علامه ،ط،)1 الدار العربية للمو�سوعات ،بيروت ،لبنان.1989 ، -35علي محمد ال�صلابي ،ال�سلطان ال�شهيد عماد الدين زنكي �شخ�صيته وع�صره ،ط ( ،)1م�ؤ�س�سة اقر�أ للن�شر والتوزيع والترجمة ،القاهرة ،م�صر.2007 ، -36عمر ال َّد ّقاق ،الاتجاه القومي في ال�شعر العربي الحديث ،دار ال�شرق العربي ،بيروت.1985 ، -37فادية حلواني ،تجليات ثقافة المقاومة في ال�شعر العربي المعا�صر ،مجلة العلوم الإن�سانية ،جامعة ب�سكرة ،ع.2005 ،8 -38مارون ع ّبود ،أ�دب العرب :مخت�صر تاريخ ن�ش�أته وتطوره و�سير م�اشهير رجاله وخطوط �أولى من �صورهم ،م�صر ،م ؤ��س�سة هنداوي للتعليم والثقافة.2012 ، -39محمد العطيات ،الق�صة الطويلة في الأدب ا ألردني ،وزارة الثقافة ،عمان.2011 ، -40محمد زغلول �سلام ،الأدب في الع�صر ا أليوب ّي ،الا�سكندر ّية ،من�ش أ�ة المعارف.1990 ، -41محمد عبد المنعم خفاجي ،درا�سات في ا ألدب العربي الحديث ومدار�سه ،دار الجيل ،بيروت. -42محمد عبدالغني ح�سن ،التراجم وال�سير ،دار المعارف ،م�صر. -43محمد يو�سف نجم ،فن الق�صة ،ط ( ،)4دار الثقافة ،بيروت ،لبنان. -44محمد يو�سف نجم ،فن المقالة ،ط ( ،)3دار الثقافة ،بيروت ،لبنان. -45م�صطفى محمود يون�س ،من �أدبنا المعا�صر ،مطبعة الفجر الجديد.1980 ، -46معالي عبد ال�سلام ،ر�سائـل الـقـا�ضي الـفا�ضـل الـ�سيا�سية في ع�صر �صـلاح الدين ا أليـوبـي ،ر�سـالة ماج�ستير ،الجامعة ا إل�سلامية ،غ ّزة.2013 ، -47مفيد قمحية ،الاتجاه ا إلن�ساني في ال�شعر العربي المعا�صر ،دار الآفاق ،بيروت.1981 ، -48منجد م�صطفى بـهـجـت ،الأدب الأنـدلـ�سي من الفتـح حتى �سقوط غرناطة 92هـ 897 -هـ، ط ( ،)2دار الياقوت ،عمان ،الأردن.2006 ، -49يو�سف ح�سن نوفل ،بناء الم�سرحية العربية ،ط ( ،)1دار المعارف.1995 ، 145
تم الكتاب بحمد الله تعالى
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146