الأسئلة -1علل ما ي�أتي: �أ ُ� -سمي �شعر المدائح النبوية مد ًحا ولي�س رثا ًء. ب -تع ّد ق�صيدة البردة للبو�صيري من �أ�شهر ق�صائد المدائح النبوية. جـ -تمتاز ق�صائد المدائح النبوية بطولها. -2اذكر ثلاثة من الكتب التي �ألفت في المديح النبوي وم�ؤلفيها. ِ -3ل َم ازدهر �شعر المدائح النبوية في الع�صرين الأيوبي والمملوكي؟ -4اذكر مو�ضوعين من مو�ضوعات �شعر المدائح ،وم ّث ْل عليهما ببع�ض ال�شواهد ال�شعرية. -5م ِّثل على خ�صي�صة �شيوع المعار�ضات ال�شعرية في �شعر المديح النبوي. -6في ر�أيك ،لم أ�كثر �شعراء المدائح النبوية من معار�ضة ق�صيدة كعب بن زهير في مدح الر�سول . -7ا�ستنتج الخ�صائ�ص الفنية ل�شعر المدائح النبوية في ال�شواهد ال�شعرية ا آلتية: َو ِلل�َّشـهـا َد ِة َتـ ْجـريـ ٌح َو َتـ ْعـــدي ُل �أ ُ -ه َو ال َب�شي ُر ال َّنذي ُر ال َع ْد ُل �شا ِهــ ُد ُ ه َي ْرمي ِب َم ْو ٍج ِم َن ا َلأ ْبطا ِل ُم ْل َت ِط ِم بَ -ي ُج ُّر َب ْح َر َخمي� ٍس َفو َق �سا ِب َحــ ٍة َأ� ْق�صى ال َم�سا ِج ِد َل ْي� َس ِبال ْو�ْسنا ِن جـَ� -أ�ْسرى ِم َن ال َب ْي ِت ال َحـرا ِم ِبـ ِه ِ�إلى النشاط وازن بين «البردة» للبو�صيري و«نهج البردة» لأحمد �شوقي ،مبي ًنا بع�ض أ�وجه الت�شابه والاختلاف. 51
ق�ضايا من النثر في الع�صرين :الأيوبي والمملوكي �شهد الع�صران الأيوب ّي والمملوك ّي ازدها ًرا في فنون النثر المختلفة ،فانت�شرت �إلى جانب الفنون النثر ّية المعروفة ،كال َّر�سائل والخطابة ،فنو ٌن نثر َّي ٌة أ�خرى؛ مثل �أدب ال ِّرحلات ،والت�أليف المو�سوع ِّي .وفي ما ي�أتي تناو ٌل لبع�ض هذه الفنون. �أو ًال� :أدب الرحلات يعد أ�دب الرحلات الذي راج وانت�شر في الع�صرين :ا أليوبي والمملوك ّي من �أبرز الفنون الأدبية النثرية و أ�متعها و�أقربها إ�لى الق َّراء؛ لالت�صاق هذا الفن بواقع ال ّنا�س وحياتهم ،وامتزاجه بفنون �أخرى كالق�ص�ص ،والمذكرات ،والتراث ال�شعبي ،واليوميات. وقد تو َّلى كتابة هذا النوع من ا ألدب ر َّحال ٌة متنوعون في ثقافاتهم وعلومهم ،ممن ا�ستهوتهم المغامرة وال�سفر والترحال؛ ما أ� ّدى �إلى اختلاف اهتماماتهم في ما ينقلون من م�شاهداتهم في البلاد التي جابوها؛ فبع�ضهم نقل عادات من تح ّدث عنهم ،وتقاليدهم ،وثقافاتهم ،ولغاتهم، وطرق عي�شهم ،ومعتقداتهم الفكرية والمذهبية ،وبع�ضهم اعتنى بنقل جغرافية البلاد التي ارتحل إ�ليها ،و آ�ثارها ،و ُمناخها ،وتوزيع �س ّكانها وطبيعتهم ،ومعالم ح�ضارتها. وبذلك ف�أدب ال ّرحلات ذو قيمة علمية كبيرة كونه وثائق تاريخية وجغرافية واجتماعية وثقافية يعتمد عليها لمعرفة �أحوال البلاد المكانية وال�سكانية.ويعد ابن جبير وابن بطوطة من أ��شهر الر ّحالة في الع�صرين ا أليوبي والمملوكي. -1ابن جبير (ت 614هـ) هو محمد بن �أحمد من بني �ضمرة من كنانة الم�ضرية العدنانية .در�س علوم الدين و�شغف بها ،وبرزت ميوله في علم الح�ساب والعلوم اللغو ّية والأدبية ،و�أظهر مواهب �شعرية ونثرية م ّكنته من العمل كات ًبا. د ّون ابن جبير خلال رحلته في القرن ال�ساد�س الهجري م�شاهداته وملاحظاته في يوميات �سميت با�سم «تذكرة با ألخبار عن اتفاقات ا أل�سفار» .و�صف فيها البيت الحرام والم�سجد 52
النبوي ،ودم�شق ،والعراق ،وغيرها من البلدان والمدن ،كما و�صف ا أل�سواق وا أل�سوار والح�صون والم�شافي ،والأحوال الاقت�صادية وال�سيا�سية والاجتماعية ل�ساكني البلدان التي م ّر بها ،ودرجة الا�ستقرار فيها. ي�صف ابن جبير رحلته البحرية �إلى �صقلية ،فيقول: « و�أ�صبحنا يوم ا ألحد المذكور والهول يزيد ،والبح ُر قد هاج هائجه ،وماج مائجه ( ،)1فرمى بمو ٍج كالجبال ي�صدم المرك َب َ�ص َدمات يتق َّلب لها على ِع َظ ِم ِه تق ُّلب الغ�صن ال َّرطيب ،وكان كال�سور عل ًّوا فيرتفع له الموج ارتفا ًعا يرمي في و�سطه ب�ش آ�بيب ( )2كالوابل المن�سكب .فل ّما َج َّن اللي ُل ا�شت َّد تلاطمه ،و�ص َّكت ا آلذا َن غماغمه ( ،)3وا�ست�شرى ُع�صو ُف الريح .ف ُح َُّط ِت ال�ُّشر ُع ...ووقع الي أ��س من ال ُّدنيا ،وودعنا الحياة ب�سلام ،وجاءنا الموج من ك ِّل مكان ،وظننا أ� َّنا قد أُ�حيط بنا ...،فا�ست�سلمنا للقدر ،وتجرعنا ُغ�ص�ص هذا ال َكدر ،وقلنا: «َ�س َيكو ُن ا َّلذي ُق�ض ْي َ�س ِخ َط ال َع ْب ُد َ�أ ْو َر�ض ْي» -2ابن ب ُّطو َطة (ت 779هـ) هو محمد بن عبد الله الطنجي ،لقب بـ�أمير الرحالة الم�سلمين .خرج من طنجة �سنة (725هـ) فطاف قارتي آ��سيا و�أفريقيا وبع�ض بلدان قارة �أوروبا .ا�ستغرقت رحلته ما يقارب الثلاثين عا ًما. د ّون أ�خبار رحلته في كتابه «تحفة النظار في غرائب ا ألم�صار وعجائب ا أل�سفار» فو�صف فيه البلدان التي زارها ومواقعها والم�سافات بينها ومظاهر العمران فيها ،وحكامها وعادات أ�هلها و�ألب�ستهم و أ�لوانها و أ��شكالها وحيويتها ودلالتها ،كما و�صف الأطعمة و�أنواعها وطريقة �صناعتها. وفي ما ذكر ابن ب ُّطوطة عن جزيرة �سيلان (� )4أنه: «يوجد الياقوت في جميع موا�ضعها ،وهي متم َّل َكة .في�شتري ا إلن�سان القطعة( )5منها، ( )1ماج مائجه :ا�ضطرب ما�ؤه وارتفع. (� )2ش�آبيب :مفرها �ش ؤ�بوب وهي ال ّدفعة من المطر. ( )3الغماغم :الأ�صوات غير الم َّبينة . ( )4جزيرة �سيلان هو الا�سم القديم لجمهورية �سيريلانكا حال ًّيا . ( )5المق�صود القطعة من ا ألر�ض . 53
ويحفر عن الياقوت ،فيجد أ�حجا ًرا بي�ضاء م�شعبة ،وهي التي يتك ّون الياقوت في أ�جوافها، فيعطيها الحكاكين ،فيح ّكونها ح ّتى تنفلق عن �أحجار الياقوت ،فمنه الأحمر ومنه الأ�صفر ومنه ا ألزرق ....وجميع ال ِّن�ساء بجزيرة �سيلان له َّن القلائد من الياقوت المل َّون ،ويجعلنه في �أيديه َّن و أ�رجله ّن عو ً�ضا من ا أل�س ِو َر ِة والخلاخيل ...ولقد ر�أيت على جبهة الفيل ا ألبي�ض �سبع َة �أحجار منه ،ك ُّل حجر �أعظم من بي�ضة ال َّدجاج». وو�صف ابن بطوطة نهر ال ّنيل فقال: «ونيل م�صر يف�ضل �أنهار الأر�ض عذوبة مذاق وا ّت�ساع قطر وعظم منفعة .والمدن والقرى ب�ضفتيه منتظمة ،لي�س في المعمور مثلها .ولا يعلم نهر يزرع عليه ما يزرع على ال ّنيل .ولي�س ) ( )1ف�س ّماه في ا ألر�ض نهر ي�س ّمى بح ًرا غيره .قال الله تعالى (: ي ًّما وهو البحر». الخ�صائ�ص الفنيّة لأدب ال ّرحلات من أ�ه ّم الخ�صائ�ص الفن ّية ألدب ال ّرحلات أ� ّنه: -1يقتب�س من الآيات القر�آن ّية �أو الأحاديث النبو ّية ال�شريفة �أو ا أل�شعار ،مثل ما رود في ن�ص ابن جبير «:وجاءنا الموج من ك ِّل مكان ،وظننا �أ َّنا قد �أُحيط بنا» ،وفي ن�ص ابن بطوطة (« :ف إ�ذا خفت عليه ف�ألقيه في الي ّم) . -2يعتني بالو�صف وبذكر التفا�صيل ،ومثال ذلك و�صف ابن بطوطة الياقوت في جزيرة �سيلان، وفي و�صف ابن جبير رحلته إ�لى �صقلية عن طريق البحر. -3يميل إ�لى العبارات الق�صيرة المتناغمة ذات ا إليقاع المو�سيق ّي .ومثال ذلك« :فل ّما َج َّن اللي ُل ا�شت َّد تلاطمه ،و�ص َّكت ا آلذا َن غماغمه ،وا�ست�شرى ُع�صو ُف الريح». (� )1سورة الق�ص�ص ،ا آلية (.)7 54
الأسئلة -1ان�سب الكتابين ا آلتييين إ�لى م ؤ�لفيهما: �أ -تحفة ال ّنظار في غرائب ا ألم�صار وعجائب ا أل�سفار. ب -تذكرة با ألخبار عن ا ّتفاقات ا أل�سفار. -2علل ما ي�أتي: �أ -يعد �أدب الرحلات واح ًدا من �أمتع الفنون النثرية. ب -اختلاف اهتمامات الرحالة في رحلاتهم. جـ -ألدب الرحلات قيمة علمية كبيرة. -3في ر أ�يكِ ،ل َم ل ّقب ابن بطوطة أ�مير الرحالة الم�سلمين؟ -4اقر�أ الن�صين الآتيين ث ّم أ�جب عما يليهما: مما جاء في و�صف ابن جبير لدم�شق: «دم�شق ج ّنة ال َم�ْش ِر ِق ،ومطل ُع ُح�سن ِه ال ُم�ْش ِر ِق ،وهي خاتمة بلاد الإ�سلام التي ا�ستقريناها ،وعرو�س المدن التي اجتليناها ( ،)1قد تح ّلت ب�أزاهير الرياحين ،وتج ّلت في حلل �سند�سية من الب�ساتين ...منها ربو ٌة ذا ُت قرا ٍر ومعي ٍن ،وما ٍء �سل�سبيل ،تن�ساب مذان ُب ُه ان�سياب ا ألراقم بك ّل �سبيل ...،قد �َس َم ْت أ�ر َ�ضها كثر ُة الما ِء ح ّتى ا�شتاقت ال ِّظما َء، فتكاد تناديك بها لا ِ�ص ُم ال ِّ�صلا ِب (.»)3() ( :)2 وي�صف البغدادي ( )4المجاعة التي ح َّلت بم�صر �سنة (597هـ) ،فيقول: «ودخلت �سن ُة �سب ٍع مفتر�ًسة أ��سبا َب الحياة ،وقد يئ�س ال َّنا� ُس من زيادة ال ِّنيل، وارتفعت الأ�سعار ،و�أقحطت البلا ُد ،و أ��شعر أ�هلها ال ِبلا ( ...،)5وان�ضوى �أهل ال�َّسواد وال ّريف �إلى �أمهات البلاد ،وانجلى كثير منهم إ�لى ال�َّشام والمغرب والحجاز ( )1اجتليناها :ر�أيناها . ( )2لا�صم ال ّ�صلاب :ال�صخور ال�صلبة . (� )3سورة �ص� ،آية.42 : ( )4عبد اللطيف بن يو�سف البغدادي ،الملقب بنوفق الدين� ،أحد الرحالة الم�سلمين ،له كتاب \" الإفادة والاعتبار في الأمور الم�شا َهدة والحوادث المعاينة في م�صر \"( ،ت 629هـ). (� )5أ�شعر �أهل ال ِبلا� :أ�صابتهم الم�صيبة ولازمتهم. 55
واليمن ،وتف َّرقوا في البلاد...،و ُم ِّزقوا ك َّل ُمم َّزق ،ودخل �إلى القاهرة وم�صر منهم خل ٌق عظي ٌم ...،ووقع المر�ض وال َموتا ُن ،وا�شت َّد بالفقراء الجو ُع ح َّتى �أكلوا الميتات وال ِجي َف». أ� -وازن بين الن�صين من حيث :العناية بالو�صف ،واللغة ،والمح�سنات البديعية. ب -من خلال النماذج التي در�ست ،لمن تف�ضل القراءة :لابن بطوطة أ�م لابن جبير �أم للبغدادي؟ بين �سبب إ�عجابك. النشاط ارجع �إلى ال�شبكة العنكبوتية للمعلومات (الإنترنت) واكتب تقريرا عن عبد اللطيف البغدادي وكتابه «الإفادة» ،ث ّم اعر�ض ذلك �أمام زملائك. ثانيًا :فن الر�سائل في الع�صرين :ا أليوبي والمملوكي ازدهر فن الر�سائل في الع�صرين :الأيوبي والمملوكي ازدها ًرا ملحو ًظا ،ب�سبب عوامل: �سيا�سية ،واجتماعية ،وعلمية. من العوامل ال�سيا�سية -كثرة دواوين ال ّدولة التي اقت�ضت الحاجة �إلى ك ّتاب الر�سائل لت�سيير أ�مورها. -حاجة الحياة ال�سيا�سية الر�سمية التي عا�شها ال�سلاطين وا ألمراء والجند من �سلم وحرب إ�لى ا�ستخدام الر�سائل لإ�صدار �أوامر التعيين �أو العزل �أو توطيد العلاقات مع البلدان الأخرى وتح�سين ال�سيا�سة الخارجية ...إ�لخ. من العوامل الاجتماعية -عل ّو منزلة ُك ّتاب الر�سائل عند ال�سلاطين والملوك ،حيث قاربت منزلتهم منزلة الوزراء وكبار الق�ضاة. -اتخاذ الر�سائل و�سيلة توا�صل اجتماعي فكانت ت�ستخدم في التهنئة والمدح والتعزية والموا�ساة وال�شكر وغير ذلك. 56
من العوامل العلمية -ديوان ا إلن�شاء وما و�ضع من �شروط على من يريد أ�ن يتخذ الكتابة �صنعة له ،مع كثرة المكاتبات التي كانت تخرج منه �أو تعود �إليه من مبايعات وعهود ،وغير ذلك. -رغبة ال ُك ّتاب في إ�ظهار ثقافتهم وبراعتهم في الكتابة في فنون النثر المختلفة ومنها ال ّر�سائل. ومن �أ�شهر كتاب الر�سائل في هذين الع�صرين :القا�ضي الفا�ضل ،والعماد ا أل�صفهاني()1 �صاحب كتاب «خريدة الق�صر وجريدة الع�صر في ذكر �شعراء الع�صر» ،ومحيي الدين بن عبد الظاهر ،وعلاء الدين بن غانم .ونتناول في ما ي�أتي اثنين ممن يمثلون الع�صرين. -1القا�ضي الفا�ضل (ت 596هـ) هو �أبو علي عبد الرحيم بن علي البي�ساني .أ�طلقت عليه �ألقاب عدة منها« :محيي الدين» و«مجير الدين» و«القا�ضي الفا�ضل» .در�س العلوم ال�شرع ّية وديوان الحما�سة ،وتع ّلم ف ّن الكتابة ،وعمل في ديوان الإن�شاء زمن �صلاح ال ّدين ا أليوب ّي. �سار ك ّتاب الر�سائل في ع�صره على طريقته في الكتابة بو�صفه �أحد أ�هم أ�عمدة ُك ّتاب هذا الف ّن؛ فكانت ر�سائله وطريقته في الكتابة نهج الهداية ل ُك ّتاب الع�صرين :الأيوبي والمملوكي، ومحفزة لهم على ا إلبداع. وفي ما ي�أتي نموذج على ر�سائله الديوانية التي كتبها في فتح بيت المقد�س على ل�سان �صلاح ال ّدين الأيوبي موجهة �إلى الخليفة العبا�س ّي ال ّنا�صر لدين الله: «ول ّما لم يب َق إ�لا القد� ُس ،وقد اجتمع إ�ليها ك ُّل �شري ٍد منهم وطريد ،واعت�صم بمنعتها ك ُّل قري ٍب منهم وبعيد؛ ظ ّنوا �أ ّنها من الل ِه مانع ُتهم ...،فل ّما نازلها الخادم ( )2ر�أى بل ًدا كبلاد ،وجم ًعا كيوم التناد ،وعزائ َم قد ت أ� َّلبت على الموت فنزلت ب َع ْر َ�ص ِت ِه ...،فزاول ( )3البلد من جان ٍب ف�إذا أ�ودي ٌة عميق ٌة ،و ُل َج ٌج (َ )4و ِع َر ٌة غريق ٌة ،و�سو ٌر قد انعطف َع ْط َف ال�ِّسوا ِر ،و أ� ْب ِر َج ٌة قد نزلت (� )1أبو عبدالله بن �أبي الفرج ا أل�صفهاني ،عمل في ديوان الإن�شاء ل�صلاح الدين ا أليوبي ،كان ذك ًّيا و ّقاد الخاطر ،بليغ الكتابة، كثير القول( ،ت597هـ) . ( )2المق�صود �صلاح الدين ا أليوبي. ( )3زاول :با�شر وق�صد. ( )4لجلج :معظم الماء حيث لا يدرك قعره. 57
مكا َن الوا ِ�س َط ِة من ِعق ِد ال َّدا ِر ،ف َعد َل إ�لى جه ٍة أ�خرى كان للمطام ِع عليها ُم َع َّر ٌج ( ،)1وللخي ِل فيها متو َّل ٌج ( ،)2فنزل عليها ،و�أحاط بها ،و َق ُر َب منها ،و ُ�ض ِر َبت خيم ُته بحيث ينا ُله ال�ِّسلا ُح ب�أطرا ِفه ،ويزاح ُمه ال�ّسو ُر ب�أكنافه ( ،)3وقابلها ،ث َّم قاتلها ،ونزلها وبرز �إليها ث َّم بارزها، وحاجزها ث ّم ناجزها ( ،)4ف�ض َّمها �ض َّم ًة ارتقب بعدها الفت َح ،و�صد َع �أه َلها ف إ�ذا هم لا ي�صبرون على عبودي ِة ال ِج ِّد عن ِع ْت ِق ال َّ�صف ِح ،فرا�س ُلوه ببذ ِل قطيع ٍة إ�لى م َّد ٍة ،وق�صدوا ن ِظ َر ًة من ِ�ش َّد ٍة ،وانتظا ًرا ل َن ْج َد ٍة ،فعرفهم في لح ِن القو ِل ،و�أجابهم بل�سا ِن ال َطو ِل ،وق َّد َم ال َم ْنجنيقا ِت التي تتو ّلى عقوبات الح�صو ِن ِع ِ�ص ّي َها و ِحبا ُلها ،و أ�وت َر لهم ِق ِ�سيها التي ت�ض ِر ُب فلا تفارقها �سها ُمها ،ولا يفار ُق �سها َم َها ن�صا ُل َها ،ف�صا َف َح ِت ال�ُّسور ف�إذا �سه ُمها في ثنايا �شرفاتها �سوا ٌك، وق َّدم ال َّن�ص ُر َن�ْس ًرا من ال َم ْن َج ِني ِق ُي ْخ ِل ُد �إخلا َده إ�لى الأر�ِض ،ويعلو ُع ُل َّوه �إلى ال�ِّسماك ،ف َ�ش َّج َمرا ِد َع أَ� ْب ُر ِجها ( ،)5و�أ�سم َع �صو َت عجيجها ،ورفع �ستا َر َعجا ِجها( ،)6ف أ�خلى ال�ُّسو َر من ال�َّسيار ِة ،والحر َب من ال َّن َّظارة ،ف�أمكن ال َّنقا ُب أ�ن ي�سف َر للحر ِب ال ِّنقا َب ،و أ�ن ُيعي َد الحج َر �إلى �سيرته من ال ُّترا ِب» . -2محيي الدين بن عبد الظاهر (ت 692هـ) هو القا�ضي محيي الدين أ�بو الف�ضل ،ولد في بيت علم ودين .در�س التاريخ وال�سير والأدب. برع في الكتابة النثرية ،وكثرت م ؤ�لفاته ،منها« :الرو�ض الزاهر في �سيرة الملك الظاهر»، و« ت�شريف الأيام والع�صور في �سيرة الملك المن�صور». تولى ديوان ا إلن�شاء في عهد ال ّظاهر بيبر�س وقلاوون وابنه ا أل�شرف خليل .ومن ر�سائله ر�سالته التي كتبها في فتح المظفر قطز لل�شقيف (� )7سنة (666هـ) ي�صف فيها ق ّوة جي�ش العدو بالب�سالة لت�أكيد قيمة ال ّن�صر الذي أ�حرزه الم�سلمون ،يقول: ( )1مع َّرج :مق ِ�صد. ( )2متو َّلج :مدخل. ( )3الكنف :الجانب. ( )4حاجزها :طالبها بالامتناع عن المخا�صمة ،ناجزها :قاتلها. ( )5مرداع �أبرجها :ا ألبراج التي ف�شلت غي توفير الحماية للمحتمين بها. ( )6العجيج :ال�صوت المرتفع وال�صياح ،العجاج :الغبار. ( )7ال�شقيف :ح�صن مرتفع في لبنان ُي�صعد إ�ليه من قرية �أرنون. 58
«و�صاروا مع عدم ذكر الله ب�أفواههم وقلوبهم ،يقاتلون قيا ًما وقعو ًدا وعلى ُجنو ِبهم ،فك ْم من �شجا ٍع �أل�ص َق ظه َره إ�لى ظه ِر �صا ِح ِب ِه وحامى ،ونا َ�ض َل ورامى ،وكم فيهم من �شه ٍم ما �س َّلم قو�سه ح َّتى لم يب َق في ِكنانته �سه ٌم ،وذي �س ٍّن ( )2طار َح به فما طرحه ح ّتى تث َّلم ،وذي �سيف حادثه بال ِّ�صقال ( )2فما جلى محادث ًة ح َّتى تك َّلم ،و�أبانوا عن نفو� ٍس في الحر ِب �أبي ٍة، وقلو ٍب كافر ٍة ونخو ٍة عربي ٍة». الخ�صائ�ص الفنية للر�سائل ظهرت في الن ّ�صين ال�سابقين الخ�صائ�ص الفنية ا آلتية: -1تت�أثر بالقر�آن الكريم ،كما ورد في ر�سالة القا�ضي الفا�ضل« :فعرفهم في لح ِن القو ِل» ،وفي ر�سالة ابن عبد الظاهر «:يقاتلون قيا ًما وقعو ًدا وعلى ُجنو ِبهم». -2ت ؤ�رخ الر�سالة ألحداث الع�صرَ ،فت ُّعد �سجلاًّ تاريخ ًّيا كما في ر�سالة القا�ضي الفا�ضل في فتح بيت المقد�س. -3تكثر في الر�سالتين المح�سنات البديعية ،كال�سجع ( فرا�س ُلوه ببذ ِل قطيع ٍة إ�لى م َّد ٍة،وق�صدوا ن ِظ َر ًة من ِ�ش َّد ٍة ،و�أبانوا عن نفو� ٍس في الحر ِب �أبي ٍة ،وقلو ٍب كافر ٍة ونخو ٍة عربي ٍة) ،والطباق (واعت�صم بمنعتها ك ُّل قري ٍب منهم وبعيد ،يقاتلون قيا ًما وقعو ًدا). -4تمتاز ر�سالة القا�ضي الفا�ضل بغرابة بع�ض الألفاظ مثل (ال�ِّسماك ،مرادع ،متو َّلج ،وغيرها)، و�أما ابن عبد ال ّظاهر فقد مال إ�لى ا�ستخدام ا أللفاظ ال�سهلة في ر�سالته (فك ْم من �شجا ٍع �أل�ص َق ظه َره �إلى ظه ِر �صا ِح ِب ِه وحامى ،ونا َ�ض َل ورامى). ( )1من ال�ِّسنان ،ن�صل الرمح . ( )2ال ّ�صقال :ال�صقل ،من �صقل ال�شيء �إذا جلاه و�أظهره ول ّمعه. 59
الأسئلة -1و ّ�ضح العوامل العلمية التي �أ�سهمت في ازدهار فن ال ّر�سائل في الع�صرين :ا أليوبي والمملوكي. -2لم ُع َّد القا�ضي الفا�ضل �أهم �أعمدة ك ّتاب الر�سائل في الع�صرين :الأيوبي والمملوكي؟ -3وازن بين الر�سالتين ا آلتيين من حيث الخ�صائ�ص الفنية للر�سالة في الع�صرين الأيوبي والمملوكي: و�صف علاء ال ّدين بن غانم ( )1في ر�سالة له �إحدى القلاع: «ذا ُت �أودي ٍة ومحاجر ( )2لا تراها العيون لبعد مرماها �إلا �شز ًرا ،ولا ينظ ُر�ساكنها العدد الكثير �إلانز ًرا ،ولا يظ ُّن ناظرها إ�لا �أ ّنها طالع ٌة بين ال ُّنجوم بما لها من الأبراج ،ولها من ) (.»)3 الفرات خند ٌق يح ُّفها كالبحر� ،إلا أ� ّن ( ور َّد النا�صر قلاوون على محمود غازان الذي طلب منه ال�صلح بر�سالة منها: «من �س َّل �سيف البغي قتل به ،ولا يحيق المكر ال�سيء �إلا ب�أهله ،فير�َسل ُ إ�لينا من خوا�ص دولتك رجل يكون عندكم ممن إ�ذا قطع ب�أمر وقفتم عنده». ( )1علي بن محمد بن غانم الملقب بعلاء الدين( ،ت 737هـ). ( )2محاجر :مفردها محجر ،وهو المكان في الجبل يقطع منه الحجارة. (� )3سورة الفرقان� :آيه . 53 60
ثالثًا :الخطابة ( )1في الع�صرين :ا أليوبي والمملوكي ُيع ُّد ف ُّن الخطابة في الع�صرين الأيوبي والمملوكي من �أه ِّم الفنون الأدبية؛ فقد أ��سهم في عملية ال ّدفاع عن القيم الفا�ضلة ،و إ�قناع الجماهير ب�آراء و�أفكار �سيا�سية .كما �أ�سهمت الحروب ال�صليبية والمغولية في تن�شيط هذا الف ِّن ،ووفرت للخطباء مخزو ًنا كبي ًرا من المعاني وا ألفكار .ومن عوامل ازدهار الخطابة في هذين الع�صرين: -1ن�شاط حركة بناء الم�ساجد والزوايا وال ُّر َبط (.)2 -2تقريب ال�سلاطين للخطباء ورفع منزلتهم. -3توافر دواعي الخطابة ومحفزاتها كالغزو ال�صليبي والغزو المغولي والظروف ال�سيا�سية والع�سكرية التي عملت على ازدهار الخطابة ولا �سيما الخطابة ال�سيا�سية والدينية .ويعد ابن الزكي أ��شهر خطباء الع�صرين . محيي ال ِّدين بن الزكي (ت 558هـ) هو أ�بو المعالي محمد القر�شي ،الملقب بمحيي الدين ،المعروف بابن زكي ال ّدين ،فقيه خطيب أ�ديب ،ح�سن الإن�شاء ،كانت له منزلة رفيعة عند ال�سلطان �صلاح الدين الأيوبي. �شهد فتح بيت المقد�س فكان �أ ّول من خطب بالم�سجد ا ألق�صى في الجمعة الأولى بعد تحريره ،وتع ّد هذه الخطبة �أنموذ ًجا على ال ُخطب ال ِّدين ّية .وفي ما ي أ�تي بع�ض منها: «�أيها ال ّنا�س �أب�شروا بر�ضوان الله الذي هو الغاية الق�صوى ،وال َّدرج ُة العليا؛ لما ي�َّسر ُه الل ُه على �أيديكم من ا�ستردا ِد هذه ال َّ�ضال َة من ا أل َّمة ال�ضال ِة ،ور ِّدها إ�لى مق ِّرها من الإ�سلام ،بعد ابتذالها في �أيدي الم�شركين قري ًبا من مئة عا ٍم ،وتطهير هذا البيت الذي �أذن الله �أن ُيرف َع ويذك َر فيه ا�سمه...، فهو موطن �أبيكم �إبراهيم ،ومعراج نبيكم مح ّمد عليه ال�صلاة وال�َّسلام ،وقبلتكم التي كنتم ت�ص ُّلون إ�ليها في ابتداء الإ�سلام ،وهو مق ُّر الأنبياء ،و َمق ِ�صد ا ألولياء ،و َم ْدف ُن ال ُّر�سل ،و َمه ِبط الوحي ،ومن ِزل به ينز ُل الأمر وال ّنهي ،وهو في أ�ر�ض المح�شر و�صعيد المن�شر ،وهو في ا ألر�ض المقد�سة التي ذكرها الله في كتابه المبين ،وهو الم�سجد ا ألق�صى الذي �ص َّلى فيه ر�سول الله بالملائكة ( )1لمعرفة مفهوم الخطابة عد إ�لى كتاب \" ق�ضايا �أدبية\" لل�صف الحادي ع�شر� ،ص .18 ( )2ملاجىء الفقراء من ال�صوفية. 61
المق َّربين ،وهو البلد الذي بعث الله �إليه عبده ور�سوله وكلمته التي �ألقاها إ�لى مريم ،وروحه عي�سى الذي ك َّرمه بر�سالته و�ش َّرفه بنب َّوته ،ولم يزحزحه عن ُرت َب ِة عبوديته ،فقال تعالى: )(.»)1 ( الخ�صائ�ص الفنية أل�سلوب ابن الزكي من خلال درا�سة الخطبة ال�ّسابقة يظهر ا ِّت�صاف الخطابة الدين ّية بما ي أ�تي: -1تبرز العاطفة الدينية فيها خا�صة عند التمثل بالقر�آن الكريم. -2تت�أنق في اختيار الألفاظ الوا�ضحة ذات المعاني ال�سهلة. -3توظف ال�صور البيانية والمح�سنات البديعية كال�سجع والجنا�س ما ي�ضفي على الخطبة جر�ًسا مو�سيق ًّيا ،ومثال ال�سجع ما ورد في العبارات« :وهو مق ُّر ا ألنبياء ،و َمق ِ�صد الأولياء ،و َمه ِبط الوحي ،ومن ِزل به ينز ُل الأمر وال ّنهي»� .أما الجنا�س فمثل (ا�ستردا ِد هذه ال َّ�ضال َة من الأ َّمة ال�ضال ِة). الأسئلة -1بين �أثر الحروب في الخطابة في الع�صرين ا أليوبي والمملوكي. -2ع ّلل ما ي�أتي: أ� -تع ّد الخطابة من اه ّم الفنون الأدبية في الع�صر المملوكي. ب -ازدهار الخطب ال�سيا�سية والدينية في الع�صرين :الأيوبي والمملوكي. -3اقر�أ الن�ص ا آلتي من خطبة لل�شهاب محمود الحلبي ي�صف فيها �سه ًما في �إحدى المعارك ،ثم ا�ستخرج ثلاث خ�صائ�ص فنية للخطبة: « ومن خ�صائ�ص ال�َّسهم �أ ّنه ذو خطوة في الهواء وحك ٍم ناف ٍذ في الماء ،وت�ص ُّر ٍف ح َّتى في الوح�ش ال�سانح( )2في الأر�ض ،وال َّطي ِر المح ِّلق في ال�َّسما ِء؛ يك ِّلم بل�سا ٍن من حديد ،ويبط�ش عن با ٍع مديد؛ �إ ْن را َم غر ً�ضا طار �إليه ب�أجنحة ال ُّن�سو ِر ،و إ� ْن حمى َم ْعل ًما �أ�صاب الحد َق و�صا َن ال ُّثغو َر ...،و إ�ذا انف�صل عن �أ ِّمه لم ي�سر من كب ٍد إ�لا إ�لى كب ٍد ...ومن خ�صائ�ص القو�س �أ َّنها عقيم ذا ُت بنين� ،صامت ٌة وهي ظاهر ُة ا ألنين.»... (� )1سورة الن�ساء� ،آية.173 : ()2 62
راب ًعا :الت�أليف المو�سوعي في الع�صرين ا أليوبي والمملوكي المو�سوعة كتاب يجمع معلومات �ش ّتى من العلوم والمعارف في مختلف ميادين المعرفة ،أ�و ميدان منها ،مرتبة ترتي ًبا هجائيا .وتجدر الإ�شارة إ�لى أ� ّن بداية الت�أليف المو�سوعي ظهر في الع�صر العبا�س ّي في القرن الثالث الهجري فظهرت بع�ض الم�ص ّنفات ذات الا ّتجاه المو�سوعي مثل كتاب «الحيوان» للجاحظ ،و«ا ألغاني» لأبي فرج ا أل�صفهاني ،وغيرهما. ت�ضافرت مجموعة من العوامل كان لها ت�أثير في ن�شاط الت�أليف المو�سوعي في هذين الع�صرين، منها: -1الغزو ال�صليبي والغزو المغولي وما �أحدثاه من تدمير ثقافي وفكري لمقدرات ا ألمة ا إل�سلامية في العراق وال�شام ،الأمر الذي �ألهب غيرة علماء ا ألمة على ح�ضارتها وتاريخها وتراثها، فحثت الخطى و�ألفت المو�سوعات لتعوي�ض ما ُخ ِ�سر. -2ديوان الإن�شاء وما يتطلبه من مو�سوعية المعرفة لدى كل من يعمل فيه .فقد وجب على العاملين فيه �أن يكونوا على دراية بالعلوم ال�شرعية والتاريخ والأدب ...إ�لخ ،ولا عجب �أ ّن �أ�شهر كتاب المو�سوعات كانوا ر�ؤ�ساء لهذا ال ّديوان أ�و ُك ّتا ًبا فيه كالقلق�شندي ،و�صلاح ال ّدين ال�صفدي ،والمقريزي وغيرهم. -3انت�شار المكتبات ال�ضخمة التي أُ�و ِقفت لخدمة طلبة العلم وحوت نفائ�س الكتب والمخطوطات؛ الأمر الذي �أتاح المجال لتن ّوع المعارف وكثرتها ،ومن ث ّم الت أ�ليف المو�سوعي. -4ا�ستقطاب م�صر وال�ّشام للعلماء المهاجرين من �أقطار �أخرى كا ألندل�س والهند والعراق وغيرها .ومن �أمثلتهم ابن خلدون م�ؤ�س�س علم الاجتماع ،وابن البيطار المالكي أ��شهر علماء العرب في ال�صيدلة...وغيرهما .وقد كان لهذا ال ّتمازج كبير الأثر في قيام نه�ضة علمية و أ�دبية متميزة في م�صر وال�شام على وجه الخ�صو�ص. من أ��شهر المو�سوعات في الع�صرين :الأيوبي والمملوكي كان للمو�سوعات محل وا�سع في هذين الع�صرين ،وقد أ�ك َّب على هذا ال َّنوع من الكتابة كثيرون 63
نقف على بع�ض المو�سوعات وقفة إ�يجاز ت�شير إ�لى تلك الكنوز ا ألدبية والعلمية والمعرفية التي ان�صرف الأدباء والعلماء إ�لى جمعها في كثير من ال�صبر والتت ّبع والجهد: �أ -الوافي بالوفيات ل�صلاح الدين ال�صفدي ( ت 764هـ) :وهو من أ�و�سع كتب التراجم يقع في نحو ثلاثين مجل ًدا. ب -غرر الخ�صائ�ص الوا�ضحة و ُعرر النقائ�ص الفا�ضحة لجمال ال ّدين الوطواط (ت718هـ): وهو كتاب يقع في �ستة ع�شر با ًبا ي�شتمل ك ّل باب منها على �س ّتة ف�صول �ض َّمنها مختارات من النثر وال�ّشعر. جـ -نهاية ا ألرب في فنون الأدب ل�شهاب ال ّدين النويري (ت 733هـ) :وهي مو�سوعة تقع في ثلاثين مجل ًدا ُق�سمت �إلى خم�سة �أق�سام :ال�َّسماء والآثار العلوية والأر�ض والمعالم ال�سفلية، وا إلن�سان وما يتع ّلق به ،والحيوان ال�صامت ،والنبات ،والتاريخ من بدء الخليقة �إلى ع�صره. د -م�سالك ا ألب�صار في ممالك الأم�صار لابن ف�ضل العمري (ت 749هـ) :وهو كتاب يقع في أ�كثر من ع�شرين جز ًءا حافلة بالفوائد القيمة والمعلومات الوا�سعة في ال ّتراجم وال ّتاريخ والجغرافية. هـ � -سيَر �أعلام النبلاء لل َّذهبي (ت 748هـ) :وهو كتاب �ضخم يقع في ثلاثين مجل ًدا في تراجم ال ّرجال والأعلام. و � -صبح ا ألع�شى في �صناعة الإن�شا ألبي العبا�س القلق�شندي (ت821:هـ) :وهو كتاب �ضخم يحتوي مقدمة وع�شر مقالات في ف�ضل الكتابة و�صفات الك ّتاب ،والتعريف بديوان الإن�شاء وقوانينه ،وتاريخ الكتابة وتطوراتها ،و أ�نواع المنا�صب من رجال ال�ّسيف والقلم...وغير ذلك. ز -ن�سيم ال َّ�صبا لبدر ال ّدين الحلب ّي ( ت 779هـ) :وهو كتاب يقع في نحو ثلاثين ف�صلاً في و�صف الطبيعة والأخلاق وا ألدب وغيرها. 64
الأسئلة -1ع ّرف المو�سوعة. -2بين دور كل مما ي�أتي في ازدهار المو�سوعات في الع�صر المملوكي: � أ -ديوان ا إلن�شاء. ب -الغزو ال�صليبي والمغولي. جـ -هجرة العلماء. -3ان�سب الكتب الآتية إ�لى م�ؤلفيها: �صبح ا ألع�شى في �صناعة ا إلن�شا� ،سير �أعلام النبلاء ،الوافي بالوفيات. � -4ص ّنف المو�سوعات التي در�ستها إ�لى: �أ -مو�سوعات التراجم. ب -مو�سوعات الأدب. جـ -مو�سوعات الطبيعة والجغرافيا والتاريخ. 65
الأدب في الع�صر العثماني حكمت الدولة العثمانية البلاد العربية نحو أ�ربعة قرونُ� ،شغل فيها ح ّكامها ب�إر�ساء دعائم ا ألمن ،و إ�حكام �سيطرة الدولة ،وقمع حركات التمرد ،وفتح �أوروبا ال�شرقية ،وكان ذلك على ح�ساب المرافق العامة والم�شروعات ا إل�صلاحية ،وبدا وا�ض ًحا �ضعف ا ألدب العربي في الع�صر العثماني ،وثمة عوامل تقف وراء هذا ال�ضعف من أ�برزها: -1عدم معرفة كثير من ال�سلاطين العثمانيين باللغة العربية وعدم تذوقهم ألدبها ،و إ�لغا ؤ�هم ديوان الإن�شاء؛ فتراجعت مكانة ال�شعراء والك ّتاب لديهم ،ما �أدى �إلى جمود قرائحهم وانحطاط �أ�ساليبهم. -2إ�غلاق المدار�س في البلاد العربية ،وا�ستقطاب معظم العلماء إ�لى العا�صمة الجديدة (الأ�ستانة)؛ ف�أهمل التعليم وع ّم الجهل والأ ّم ّية معظم البلاد العربية ،و�شاعت الخرافات فيها على ح�ساب الثقافة العربية ا إل�سلامية. -3فر�ض اللغة التركية على البلاد العربية حين �أ�صبحت هي اللغة الر�سمية للدولة؛ فانت�شرت اللهجة العامية ،فذهب �إبداع النا�س في اللغة العربية ونراجع ح�ضورها. وكان من نتائج ذلك في ال�شعر ف�ساد ملكة الل�سان؛ ف أ��صبح ال�شعر ركيك ا أل�سلوب ،وب�سيط المعاني ،و�ضعيف العاطفة والخيال ،وفقير الأغرا�ض يميل إ�لى التقليد ،ويغلب عليه ال�سطحية، وغدا ال�شعراء ينظمون في الألغاز وا ألحاجي ،كقول ال�شاعر ح�سين بن �أحمد الز ّيات: ما ا�سم �شي ٍء من النبا ِت �إذا ما زا َل َحر ٌف منه غدا حيوانا وبت ْ�صحي ِف بعــ ِ�ضـه فهـو نـا ٌر و ُت َر َّوى من بع�ضه ال َّظم�آنا؟ ويمكن القول ب�أن هذا الع�صر -على طوله -كان �أ�ضعف ع�صور الأدب العربي؛ غلب فيه الجمود على العقول ،والتقليد على ا إلبداع ،وال�صنعة اللفظية على الملكة الأدبية ،والابتذال على ا أل�ساليب الرفيعة. و�أما النثر فقد �ضعف أ�ي ً�ضا وانح ّط �أ�سلوبه؛ نتيجة العوامل ال�سابقة ،ف أ��صبح ما يكتب من نثر فقير المعاني ،وكثير اللحن ،وركيك الأ�سلوب ،ويدنو من العامية. ولكن في �أواخر القرن الثامن ع�شر �شهدت م�صر نه�ضة علمية على يد محمد علي با�شا الذي أ�ن�ش أ� 66
المدار�س وجلب العلماء للتدري�س في م�صر ،و أ��س�س مدر�سة طبية ،و أ�وفد ع�شرات الطلاب �إلى أ�وروبا ،و�أن�ش أ� مطبعة بولاق ،وفي عهده �صدرت جريدة الوقائع الم�صرية .وفي بلاد ال�شام ن�شطت الإر�ساليات التب�شيرية التي أ��سهمت في بناء بع�ض المدار�س والجامعات ،و�أ�س�ست الجمعيات، و�أ�صدرت ال�صحف والمجلات� .أ�سهم كل ذلك في النه�ضة الحديثة وظهور عدد من الرواد والأدباء الذين أ�ر�سوا دعائم تلك النه�ضة مثل رفاعة الطهطاوي وعلي مبارك وقا�سم أ�مين وعبد الرحمن الكواكبي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمود �سامي البارودي و أ�حمد �شوقي وحافظ إ�براهيم في م�صر ،و أ�حمد فار�س ال�شدياق و�سليم الب�ستاني ومارون النقا�ش وفرن�سي�س م ّرا�ش وجبران خليل جبران في �سورية ولبنان. 67
68
الف�صل الدرا�س ّي الثاني 69
الوحدة الثالثة ق�ضايا من ال�شعر في الع�صر الحديث 3 النتاجات الخا�صة بالوحدة يتوقع من الطالب بعد درا�سة الوحدة أ�ن: يتبين اتجاهات ال�شعر العربي في الع�صر الحديث. يتعرف �أ�شهر �شعراء الع�صر الحديث ،وي�سمي دواوينهم ،ويقر أ� نماذج من �أ�شعارهم. يف�سر المفاهيم ا آلتية :عمود ال�شعر ،المعار�ضات ،الوحدة الع�ضوية� ،شعر التفعيلة ،الانزياح الدلالي ،ال�شعر الم�سرحي. يوازن بين الاتجاهات ال�شعرية الحديثة ،ويبين �أوجه ال�شبه والاختلاف بينها. يقر�أ ن�صو ً�صا من الاتجاهات ال�شعرية الحديثة ،ويتعرف م�ضامينها ،وي�ستنتج خ�صائ�صها الفنية. يف�سر العلاقة بين الاتجاه ال�شعري والم ؤ�ثرات الاجتماعية وال�سيا�سية. يمتلك قي ًما واتجاهات إ�يجاب ّية؛ مثل :تقدير ال�شعراء واحترامهم ،والحرية والتحرر ،والوحدة العربية ،وكره الظلم ،والت�سامح الديني. يو�ضح مظاهر الاتجاه الكلا�سيكي ،وخ�صائ�صه الفنية ،وي�سمي أ�برز رواده. يبين ملامح ال�شعر عند جماعة الديوان ،وي�سمي �أعلامها. يعدد مو�ضوعات ال�شعر عند جماعة �أبولو ،وخ�صائ�صها الفنية ،وي�سمي أ�برز �شعرائها. يذكر مو�ضوعات �شعر المهجر ،وي�سمي �أعلامه. يبين مو�ضوعات �شعر الثورة العربية ،وي�سمي عد ًدا من �شعرائها. ي�ستخل�ص مبادئ الثورة العربية الكبرى ،ويمثل عليها من ال�شعر. يتعرف مفهوم �شعر التفعيلة وق�ضاياه و�سماته الفنية ور ّواده. يتعرف مو�ضوعات �شعر المقاومة العربية ،ويذكر بع�ض �شعرائها ويقر أ� نماذج من �أ�شعارهم. يتبين مراحل �شعر المقاومة الفل�سطينية ،ويذكر أ�برز �شعرائها. يقدر دور ال�شعر وال�شعراء في ت�صوير الواقع وت�أريخ ا ألحداث. 70
مقدمة حول الأدب في الع�صر الحديث ت�أثر الوطن العربي في بداية الع�صر الحديث بعوامل �سيا�سية وثقافية واجتماعية تركت آ�ثا ًرا وا�ضحة في الأدب ،إ�ذ خ�ضعت معظم البلاد العربية للا�ستعمار؛ ما أ�دى �إلى ظهور حركات التحرر الوطنية ،مثل ثورة �أحمد عرابي في م�صر ،والثورة العربية الكبرى التي كانت بداية النه�ضة العربية الحديثة ،و�شهدت الحركة الثقافية ن�شا ًطا ملحو ًظا نتيجة الانفتاح على الح�ضارة الغربية ،وزيادة حركة الترجمة ب�صفتها و�سيلة ات�صال بين ال�شرق والغرب ،و�إر�سال البعثات العلمية إ�لى �أوروبا، والت�أثر با آلداب العالمية ،وظهور ال�صحافة التي كانت متنف�ًسا لكثير من ا ألدباء والمفكرين في م�صر والبلاد العربية ا ألخرى. ق�ضايا من ال�شعر في الع�صر الحديث نقف في هذا ال�سياق على �أبرز الق�ضايا في حركة ال�شعر العربي الحديث وهي :من اتجاهات ال�شعر في الع�صر الحديث (الاتجاه الكلا�سيكي (مدر�سة ا إلحياء والنه�ضة) ،والاتجاه الرومان�سي ممثلاً بروافده ( جماعة الديوان ،وجماعة أ�بولو ،وال�شعر المهجري) ،و�شعر الثورة العربية الكبرى� ،شعر التفعيلة ،و�شعر المقاومة. أ�و ًال :من اتجاهات ال�شعر في الع�صر الحديث -1الاتجاه الكلا�سيكي (مدر�سة ا إلحياء والنه�ضة) يطلق هذا الا�سم على الحركة ال�شعرية التي ظهرت في أ�وائل الع�صر الحديث� ،إذ التزم �شعرا ؤ�ها النظم على نهج ال�شعر العربي في ع�صور ازدهاره ،بالمحافظة على بنية الق�صيدة العربية واتخاذها مثلاً ُيحتذى في �أوزانها وقوافيها ،ومتانة أ��سلوبها ،وجزالة �ألفاظها ،وجمال بيانها. ويمثل هذا الاتجاه جيلان :الجيل ا ألول ومن �شعرائه :محمود �سامي البارودي الذي يع ّد رائد الاتجاه الكلا�سيكي ،و�أحمد �شوقي ،وحافظ إ�براهيم .والجيل الثاني ومن �أ�شهر �شعرائه: معروف الر�صافي ،ومح ّمد َمهدي الجواهر ّي ،وعمر �أبو ري�شة. 71
وقد تمثل �إحياء ال�شعر العربي لدى هذا الاتجاه في عدد من المظاهر� ،أبرزها: �أ -احتذاء نهج ال�شعراء القدامى في بناء الق�صيدة من حيث :قوة �أ�سلوبها وجمال معانيها ،والتزام عمود ال�شعر العربي؛ �أي وحدة الوزن والقافية والروي .يقول محمود �سامي البارودي في رثاء زوجته ،عندما جاءه نب�أ وفاتها وهو في منفاه في جزيرة �سيلان: �َأ َي َد ال َمنو ِن َق َد ْحــــــــــ ِت �أَ َّي ِزنـا ِد َو أ�َ َطـــــ ْر ِت أ�َ َّي َة �ُش ْعـ َلة ٍ ِب ُفــــــــ�ؤادي �أَ ْم َ�س ْي ُت َب ْع َد ِك ِع ْب َر ًة ِل َذوي ا أَل�ســى فـــــــي َي ْو ِم ُك ِّل ُم�ـصي َب ٍة َو ِحــــــدا ِد َق ْد �أَ ْظ َل َم ْت ِم ْن ُه ال ُعيو ُن َك َ�أ َّنمـــــــــا َك َح َل ال ُبكـا ُء ُجفــــــــو َنها ِب َقتــــا ِد()1 َتالل ِه ما َج َّف ْت ُدموعي َب ْع َدمـــــــــا َذ َه َب ال َّردى ِب ِك يا ْب َن َة الَأ ْمجــــــا ِد لا َت ْح َ�سبيني ِم ْل ُت َع ْن ِك َم َع ال َهوى َه ْيها َت مـــــا َت ْر ُك ا ْل َوفا ِء ِبعـــــادي َق ْد ِك ْد ُت َأ� ْق�ضي َح�ْس َر ًة َل ْو َل ْم �أَ ُكـ ْن ُمـ َتـ َو ِّقـعـ ًا ُلـ ْقـيـا ِك ي َـــــ ْو َم َمــعــادي َفـ َعـ َل ْيـ ِك ِمــ ْن َقـ ْلـبي ال َّتـ ِحـ َّي ُة ُك َّلمـا نـا َحـ ْت ُمـ َطـ َّو َقــ ٌة َعلـــى ا ألَ ْعـــوا ِد()2 َل ْو كا َن هذا ال َّد ْهـــــــــ ُر َي ْق َب ُل ِف ْد َي ًة ِبالـ َّنـ ْف�ِس َعـ ْنـ ِك َلـ ُكـ ْنــ ُت �أَ َّو َل فــا ِد َ�أ ْو كا َن َي ْر َه ُب َ�ص ْو َل ًة ِمــــــ ْن فا ِت ٍك َل َف َع ْل ُت ِف ْع َل الحا ِر ِث ْبــــــــ ِن ُعبا ِد()3 ب -انت�شار �شعر المعار�ضات الذي يعد إ�حياء حقيق ًّيا لعيون ال�شعر العرب ّي القديم .والمعار�ضات ق�صائد ن�سجها قائلوها على نمط ق�صائد �سابقة م�شهورة ،ت�شترك معها في الوزن والقافية ومو�ضوعها العام وحرف الروي وحركته. يع ّد �شوقي إ�مام المعار�ضات ال�شعرية في الع�صر الحديث ،فقد عار�ض بائية أ�بي تمام ،و�سينية البحتري ،ونونية ابن زيدون ،ودالية الح�صري ،وهمزية البو�صيري .يقول في ق�صيدة م�صو ًرا �ألم الغربة والمنفى: يــا نـا ِئ َح ال َّط ْلــــ ِح أَ��ْشـبا ٌه َعوادينـا َن�ْشـجى ِلـوادي َك َ�أم َن أْ��سى ِلوادينــا وقد عار�ض بها نونية ابن زيدون التي مطلعها: َ�أ ْ�ضحى ال َّتنائي َبديل ًا َع ْن َتدانينـــــا َونا َب َعـــــ ْن طي ِب ُل ْقيانا َتجافينــــا ( )1القتاد :نبات �شوكي. ( )2المطوقة :الحمامة. ( )3الحارث بن عباد :من �سادات الع�صر الجاهلي و�شعرائه و�شجعانه ،ومن ذوي الر أ�ي في قومه ،كان ممن اعتزل حرب الب�سو�س بين بكر وتغلب ،ولم يعد �إليها بعد �أن ق�ضى ابنه بجير على يد المهلهل. 72
ومن �شعر المعار�ضات قول البارودي: يا را ِئـــــــــ َد ال َب ْر ِق َي ِّم ْم دا َر َة ال َع َل ِم َوا ْح ُد ال َغما َم إ�ِلـــى َح ٍّي ِبذي �َس َل ِم معار ً�ضا ميمية البو�صيري الم�شهورة في مدح النبي �صلى الله عليه و�سلم: أَ� ِمــــــــــ ْن ت َذ ُّك ِر جيرا ٍن ِبذي �َس َلـ ِم َم َز ْج َت َد ْم ًعا َجرى ِمـ ْن ُم ْق َل ٍة ِب َد ِم جـ -التفاعل مع الأحداث ال�سيا�سية والاجتماعية؛ ما �أدى إ�لى ظهور أ�غرا�ض �شعرية جديدة مثل: ال�شعر الوطني ،والدعوة �إلى التعليم ومواكبة النه�ضة الحديثة .يقول �شوقي ماد ًحا المع ّلم وداع ًيا إ�لى احترامه وتقديره ،و ُم�شي ًدا بدوره في بناء الح�ضارة ،وغر�س قيم الف�ضيلة وتعليم النا�شئة ،وتبدو النزعة الخطابية في هذا القول: ُقـــ ْم ِلـلـ ُمـ َعـ ِّلـ ِم َو ِّفــ ِه الـ َّتـ ْبــجــيــلا كـا َد ال ُم َع ِّل ُم �َأ ْن َيكـــــو َن َر�سولا َأ� َع ِلم َت َ�أ�ْشر َف أ�َ ْو أ� َج َّل ِمـ َن ا َّلـــذي َي ْبنــــــي َو ُي ْن ِ�ش ُئ َأ� ْن ُفـ�ًسا َو ُعـقولا َف ُه َو ا َّلـذي َي ْبنــــــي ال ِّطبـا َع َقـويـم ًة َو ُه َو ا َّلذي َي ْبـنـي ال ُّنفـو� َس ُعدولا َو�إِذا ال ُم َع ِّل ُم َلـــــ ْم َي ُكـ ْن َع ْدل ًا َم�شى رو ُح ال َعدال ِة في ال�َّشبا ِب َ�ضـئيلا َو�ِإذا ُأ��صيـ َب ال َقو ُم فـــــي �َأ ْخلا ِقـه ْم َف َ�أق ِــ ْم َعـ َلـ ْيـ ِهـ ْم َمـ ْأ� َتـ ًمـا َو َعـويلا د -تطويع ال�شعر العربي لفن الم�سرح على يد �أحمد �شوقي الذي نظم كثي ًرا من الم�سرحيات ال�شعرية منها :م�صرع كليوباترا ،ومجنون ليلى ،وعنترة .كما ُط ّوع ال�شعر العربي للق�ص�ص التاريخي الملحمي فكتب أ�حمد محرم «ا إللياذة الإ�سلامية» التي تحدث فيها عن �سيرة النبي فنظمها في ثلاثة �آلاف بيت �ص ّور فيها حياة النبي الكريم ،منذ ولادته حتى وفاته، ملتز ًما الت�سل�سل الزمني في عر�ض الأحداث .ومما جاء في م�سرحية مجنون ليلى: لا ِع َج ال�َّش ْو ِق فا�ْس َت َع َر()1 قي�س( :مخاط ًبا ليلى) َت ْأ� ُك ُل ال ِج ْل َد َوال�َّش َع َر �َأ ْن ِت أَ� َّج ْج ِت في ال َح�شى ث َّم َت ْخ َ�ش ْي َن َج ْمـــــــــــ َر ًة (تظهر على قي�س بوادر ا إلغماء) ليلى: ِفدا َك �َأبيَ ،ق ْي� ُس ،ماذا َدها َك؟ َت َك َّل ْم ،أَ� ِب ْن َق ْي� ُس ،ماذا َت ِج ْد ؟ ( )1الاعج :حرقة القلب من الحب .ا�ستعرك توقد وا�شتعل. 73
قي�س: أ�ُ ِح� ُّس َب َع ْي َن َّي َق ْد غا َمتا َو�سا َق َّي لا َت ْح ِملا ِن ال َج َ�س ْد ليلى: يا َ أَلبي ِللجا ِرَ ،ق ْي� ٌس َ�صري ُع ال ّنا ِرُ ،م ْل ًقى ِب َ�ص ْح ِن ال َّدا ِر الخ�صائ�ص الفنية للاتجاه الكلا�سيكي من النماذج ال�شعرية ال�سابقة يظهر �أن الاتجاه الكلا�سيكي: -1يجاري ال�شعراء القدامى في تقاليد الق�صيدة العربية من حيث :وحدة الوزن والقافية ،وقوة المعاني واختيار الألفاظ من المعجم ال�شعري القديم ( لاعج ال�شوق ،نائح الطلح ،مطوقة على الأعواد). -2يجدد في �أغرا�ضه ال�شعرية ومو�ضوعاته ،فظهر ال�شعر الوطني والق�ص�صي والم�سرحي. -3تغلب على �أ�شعاره النبرة الخطابية ،كما في قول �شوقي: كا َد ا ْل ُم َع ِّل ُم أَ� ْن َيكو َن َر�سولا ُق ْم ِل ْل ُم َع ِّل ِم َو ِّف ِه ال َّت ْبجيلا 74
الأسئلة -1و�ضح المق�صود بكل من: المعار�ضات ال�شعرية ،عمود ال�شعر العربي،الإلياذة الإ�سلامية. -2بين مظاهر إ�حياء ال�شعر العربي القديم عند مدر�سة ا إلحياء مع التمثيل. -3بين �أوجه الت�شابه بين مطلع ق�صيدة محمود �سامي البارودي: ِ�سوا َي ِب َت ْحنا ِن ا َألغاريـــــ ِد َي ْط َر ُب َو َغ ْير َي ِبال َّل َّذا ِت َي ْلهـــو َو ُي ْع َج ُب ومطلع بائية ال�ّشريف ال ّر�ضي: ِل َغ ْي ِر ال ُعلا ِم ّني ال ِقلا َوال َّت َج ُّن ُب َو َل ْولا ال ُعلا ما ُك ْن ُت في ال ُح ِّب أَ� ْر َغ ُب -4اقر�أ الن�ص ا آلتي ،ثم �أجب عن ا أل�سئلة التي تليه: قال أ�حمد �شوقي بمنا�سبة افتتاح الجامعة الم�صرية في مطلع القرن الع�شرين: تـا َج الـ ِبـلا ِدَ ،تـ ِحـ َّيــــــــــــ ٌة َو�َسلا ُم َر َّد ْتك ِم ْ�ص ُرَ ،و َ�ص َّح ِت الَأ ْحلا ُم َأ� َرَأ� ْي َت ُر ْك َن ال ِعـلـ ِم َك ْيـــــــ َف ُيـقـا ُم َأ� َر أَ� ْي َت الا�ْس ِت ْقلا َل َك ْيــــــ َف ُيرا ُم ال ِع ْل ُم فــي �ُس ُب ِل الـ َح�ـضا َرة ِ َوالـ ُعـلا حـا ٍد ِلـ ُكـ ِّل َجـمـا َعــــ ٍةَ ،و ِزمـا ُم باني ال َم َما ِل ِك حيــ َن َت ْنـ ُ�شـ ُد بـانـ ِـ ًيـا َو َمثـا َبـ ُة ا أَل ْوطـا ِن حـيـــ َن ُتـ�ضا ُم قا َم ْت ُربو ُع ال ِع ْل ِم في الواديَ ،ف َه ْل ِلـلـ َعـ ْبـ َقـ ِر َّيــــــ ِة َوالـ ُّنـبــو ِغ ِقيـا ُم َف ُهما ال َحيـا ُةَ ،و ُكـ ُّل دو ِر َثـقـا َفــــــ ٍة أ�َ ْو دو ِر َتـ ْعـليـ ٍم ِهــــ َي ا َلأ ْج�سـا ُم �أ -ما المو�ضوع الذي تناوله �أحمد �شوقي؟ ب -مثل من الن�ص ال�سابق على الخ�صائ�ص الفنية الآتية: ــ اختيار الألفاظ من المعجم ال�شعري القديم. ــ المحافظة على وحدة الوزن والقافية. ــ ال ّنبرة الخطابية. جـّ -بين �أثر العلم في الحياة ،كما يرى ال�شاعر. 75
-2الاتجاه الرومان�س ّي ظهر الاتجاه الرومان�سي في ا ألدب العربي الحديث نتيجة تطورات �سيا�سية واجتماعية وثقافية في العالم العربي ،ونتيجة الانفتاح على الآداب الغربية ب�شكل مبا�شر �أو عن طريق الترجمة. وتم ّثل الاتجاه الرومان�سي في ال�شعر العربي الحديث في :جماعة الديوان ،وجماعة �أبولو ،و�شعر المهجر. أ� -جماعة الديوان هي حركة تجديدية في ال�شعر العربي الحديث ظهرت في الن�صف الأول من القرن الع�شرين إ�ثر �صلات فكرية قامت بين �أعلامها :عبا�س محمود العقاد ،و إ�براهيم عبد القادر المازني ،وعبد الرحمن �شكري .و�سميت بهذا الا�سم ن�سبة �إلى كتاب (الديوان في الأدب والنقد) ،وهو كتاب نقد ّي �أ ّلفه العقاد والمازني وو�ضعا فيه مبادئ جماعتهم ا ألدبية ،و ُر ؤ�اهم النقدية في ال�شعر. ت أ�ثرت جماعة الديوان بالثقافة ا ألدبية ا إلنجليزية خا ّ�صة ،ولا �س ّيما روادها الذين ت�أثروا بالأدباء ا إلنجليز الرومان�سيين ،مثل�« :شيلي» ( )1و«هازلت»( ،)2ودعوا إ�لى توخي ال�صدق الفني في ال�شعر؛ لأن ال�شعر لديهم تعبير �صادق عن وجدان ال�شاعر وتجاربه العاطفية وت�أملاته النف�سية، لذا هاجموا �شعر المنا�سبات الذي كان �سائ ًدا آ�نذاك ،واهتموا بذاتية ال�شاعر الفردية ،وقدموا إ�لى الأدب العربي ع�شرات الدواوين ال�شعرية منها�« :ضوء الفجر» لعبد الرحمن �شكري ،و«هدية الكروان» و« عابر �سبيل» للعقاد ،وديوان المازني. ومن �أبرز الملامح التي تناولها �شعر جماعة الديوان: .1التعبير عن النف�س ا إلن�سانية وما يت�صل بها من ت�أملات فكرية ونظرات فل�سفية نا�شئة عن تجارب نف�سية ذاتية ير�صد فيها ال�شاعر انفعالاته وت�أملاته و�أفكاره ،ف أ�كثروا من الحديث عن حقائق الكون و�أ�سرار الوجود ،وعالم المجهول .يقول عبد الرحمن �شكري في ق�صيدة بعنوان «�إلى المجهول»: َيحو ُطني ِم ْن َك َب ْحــــــ ٌر َل�ْس ُت َ�أ ْع ِر ُفــ ُه َو َم ْهـ َم ٌه َل�ْســـ ُت �َأ ْدري مـا أ�َقا�صي ِه()3 ( )1بير�سي �شيلي� :شاعر �إنجليزي رومان�سي ،من �أبرز أ�عماله \" انت�صار الحياة\"( ،ت 1822م). ( )2وليم هازلت� :شاعر �إنجليزي ،من �أبرز �أعماله \"حديث المائدة\"( ،ت 1830م). ( )3مهمة� :صحراء وا�سعة. 76
َو َح ْو ِل َي ال َكـ ْو ُن َل ْم ُت ْد َر ْك َمجاليــ ِه أ�َ ْق�ضي َحياتي ِب َن ْف�س ٍ َل�ْس ُت َ أ� ْع ِر ُفهـــــا َولا ال�ُّس ُم ُّو �ِإلى َح ٍّق ِب َم ْكــــــــرو ِه َل ْي� َس ال ُّطمو ُح إِ�لى ال َم ْجهول ِم ْن �َس َف ٍه .2التفاعل مع مو�ضوعات الطبيعة الح�سية ،فال�شاعر يفي�ض عليها من ت�أملاته وخواطره. فقد خاطب العقاد طائر الكروان المغ ّرد حين وجد نف�سه فيه ،فهو �صوته الذي ي�شدو به ،و�ضميره الذي يبوح ب أ��سراره ،وقلبه ال�صغير الذي يباري خفق الربيع بخفقاته ،وعينه التي تمنح النعا�س وتبخل عليه بالأحزان ،إ�نه يتحد بطائر الكروان اتحا ًدا تا ًّما ،وتبدو النزعة الذاتية جل ّية بتوظيف �ضمير المتكلم ،يقول: َأ�نا في َجنا ِح َك َحي ُث غاب َم َع ال ُّدجى َو�ِإ ِن ا�ْست َق َّر َعلــى ال َّثـرى ُج ْثمـــاني �َأنا فـــي ِل�سا ِن َك َح ْي ُثَ �أ ْط َل َقـ ُه ال َهـــوى َم ِر ًحا َو ِإ� ْن َغ َلـ َب ال�ُّســرو ُر ِل�ســاني َأ�نا فــــي َ�ضمي ِر َك َح ْي ُث با َح َفمــا �أرى �س ًّرا ِب َغ ْي َبـ ِتـه َ�ضمـــــــي ُر َزمـانــــــي َ�أنا ِم ْن َك فــــي ال َق ْل ِب ال َّ�صغي ِر ُم�سا ِجـ ٌل َخ َفـــــــــ َق ال َّربي ُع ِبذ ِل َك ال َخ َفـقـا ِن �َأنا ِم ْن َك فــــي ال َع ْي ِن ا َّلتي َت َه ُب ال َكرى َو َت ُ�ض ُّن ِبال َّ�ص َحــــوا ِت َوا َأل�ْشجــا ِن .3الحديث عن ال�شكوى والألم ،والإح�سا�س بال�ضيق وال�س�أم؛ لذلك جاءت بع�ض أ��شعارهم ت�صوي ًرا لتلك المعاناة .يقول المازني في ق�صيدة طويلة مطلعها: َق ْد َو َج ْد ُت ال�ُّس ْه َد �أَ ْهــدى ِللأَ�سى َو َو َجـ ْد ُت الـ َّنـ ْو َم َ�أ�ْشـجــى ِلـ ْلـ َح�ـــشى()1 �َشـــــــ َّد ما َي ْظ ِل ُمنا ال َّد ْه ُر ،أَ�فـــــي َيـ َقـ َظــ ٍة ُد ْنـيـا َو أُ� ْخـرى فـــي ال َكـــرى()2 َو ْيـ ُل َهـذا ال َق ْلـــ ُب ِم ْن َ�ص ْر ِفهمــا لا الـ َكـرى �َأ ْمـ ٌن َولا الـ�ُّسـ ْهـ ُد ِحـمـــى ال َّردى �ِإ ْن كا َن لا َم ْنجى الــــ َّردى ِ�إ َّنـــ ُه ِلــلــ َّنـــ ْفــ�ِس َغــــــ ْو ٌث َو َنــجـــــا .4التجديد في الأوزان والقوافي ،ومن ذلك ظهور ال�شعر المر�سل الذي يتقيد بالوزن ويتحرر من القافية ،مت أ�ثرين بالثقافة الرومان�س ّية التي تح ّطم كل ال�سدود التي تقف أ�مام ال�شاعر في ال�صياغة وا ألوزان والقوافي؛ كي يتاح لل�ّشاعر الحرية الكاملة في التعبير عن تجربته الذاتية ،وت�صوير خوالجه النف�سية .يقول عبد الرحمن �شكري في ق�صيدته «كلمات العواطف»: ( )1ال�سهد :ا ألرق وامتناع النوم. ( )2الكرى :النوم. 77
�إِذا َل ْم ُي ْغـ ِذ ِه ال�َّشـ ْو ُق ال َّ�صحيــــ ُح َخـلـيـ َل ْي َوا إِلخــا ُء �إلـــى َجـفـا ٍء َو َقـــــ ْد َن ْبلو ال َمرار َة في ال ِّثمـــا ِر َيقولو َن ال ِّ�صحا ُب ِثما ُر ِ�صــ ْد ٍق َفجـا َء ِبـ َك ال َّزمــــا ُن كمــا أ�ُري ُد �َش َك ْو ُت ِإ�لى ال َّزمان َبني إ�ِخـائي �إذ يظهر هنا تنويع ال�شاعر في القافية والروي. .5المحافظة على الوحدة الع�ضوية في الق�صيدة ،حيث تكون الق�صيدة ج�س ًدا واح ًدا ،فلا بد �أن يلتحم كل بيت بما قبله وبما بعده ،وي�ستلزم ذلك وحدة المو�ضوع ،ووحدة الم�شاعر التي يثيرها المو�ضوع ،وما يترتب على ذلك من ترتيب ال�صور والأفكار ،وبذلك تكون الق�صيدة كالكائن الحي ،لكل ع�ضو وظيفته ،ومن الأمثلة على ذلك ق�صيدة «�آه من التراب » التي قالها العقاد في رثاء الأديبة مي زيادة ،ومطلعها: أ�َ ْي َن في ال َم ْح َف ِل « َم ٌّي» يا ِ�صحا ْب؟ َع َّو َد ْتنا ها ُهنا َف ْ�ص َل ال ِخطا ْب الخ�صائ�ص الفنية ل�شعر جماعة الديوان من �أهم خ�صائ�ص �شعر جماعة الديوان ما ي�أتي: -1ينحو �إلى التجديد في المعاني ال�شعرية بالتركيز على الذات والهيام بالطبيعة ومعالجة المو�ضوعات النف�سية والان�صراف عن �شعر المنا�سبات .ويبدو ذلك مثلاً في مخاطبة العقاد طائر الكروان المغ ّرد. -2يهت ّم بتحقيق الوحدة الع�ضوية للق�صيدة. -3يطغى على بع�ض م�ضامينه الجانب الفكري الفل�سفي كما في قول عبد الرحمن �شكري: َيـحـو ُطـني ِم ْنـ َك َب ْحــــ ٌر َل�ْس ُت أ�َ ْعـ ِر ُفـ ُه َو َم ْهـ َم ٌه َل�ْســـ ُت �َأ ْدري مـا �أَقا�صي ِه �َأ ْقـ�ضي َحـيـاتي ِبـ َنـ ْف�س ٍ َل�ْس ُت َ أ� ْع ِر ُفهـــا َو َح ْو ِل َي ال َكـ ْو ُن َل ْم ُت ْد َر ْك َمجاليـ ِه 78
الأسئلة � -1س ِّم ا ألعلام الثلاثة لجماعة الديوان. -2و�ضح المق�صود بكل من :ال�شعر المر�سل ،والوحدة الع�ضوية. -3بين بع�ض المو ّثرات الثقافية في �شعر جماعة الديوان. -4اذكر ثلاثة ملامح تناولها �شعراء مدر�سة الديوان ،ومثل عليها. -5علل ما ي�أتي: أ� -ت�سمية جماعة الديوان بهذا الا�سم. ب -ابتعاد جماعة الديوان عن �شعر المنا�سبات والمجاملات. جـ -ا�ستخدام جماعة الديوان لغة الع�صر الوا�ضحة. د -دعوة جماعة الديوان إ�لى توخي ال�صدق الفني في ال�شعر. هـ -ميل جماعة الديوان �إلى التجديد في ال�شعر العربي. و -يغلب على �شعر جماعة الديوان العمق والغمو�ض. -6وازن بين جماعة الديوان والاتجاه المحافظ من حيث :اللغة ،والم�ؤثرات الخارجية، والالتزام بعمود ال�شعر العربي. -7يقول عبا�س العقاد: َق ْد �شا َب َو ْه َي َ�صغي َر ٌة َت َت َز َّيــ ُن َوال َع ْق ُل ِمــــــــ ْن َن�ْس ِل ال َحيا ِة َوِ�إ َّنما ُل ٌّب ُي�صا ِح ُب َن ْف َ�ســـــ ُه َو ُيل َّقـ ُن َوال ِّط ْف ُل َت ْ�ص َح ُب ُه ال َحيا ُة َوما َلــــــــ ُه ِم ْنها َدلي ٌل لا َتــــرا ُه ا ألَ ْع ُيــــ ُن ِ�إ َّن ال َعوا ِطـــــ َف َكال ِّزمــــا ِم َيقو ُدنـا �أ -م ّثل من الن�ص على طغيان الجانب الفكري الفل�سفي على الم�ضمون. ب -أ�َ ْب ِد َرْأ� َيك في ال ّن�ّص من حيث ا أللفاظ والمعاني. 79
النشاط اقر أ� الن�ص ا آلتي من كتاب الديوان ،وا�ستخل�ص منه �صفات ال�شاعر المبدع من وجهة نظر جماعة الديوان ،ثم اقر�أها على زملائك. «اعلم �أيها ال�شاعر العظيم �أن ال�شاعر من ي�شعر بجوهر الأ�شياء لا من يعددها ويح�صي �أ�شكالها و�ألوانها ،و�أن لي�ست مزية ال�شاعر أ�ن يقول لك عن ال�شيء ماذا ي�شبه ،و إ�نما مزيته أ�ن يقول ما هو ،ويك�شف لك عن ُلبابه و�صلة الحياة به ،ولي�س َه ّم النا�س من الق�صيد أ�ن يت�سابقوا في �أ�شواط الب�صر وال�سمع ،و إ�نما همهم �أن يتعاطفوا ،ويودع �أح�ُّسهم و�أطب ُعهم في نف�س إ�خوانه زبد َة ما ر�آه و�سمعه وخلا�صة ما ا�ستطابه �أو كرهه ،وما اب ُتدع الت�شبيه لر�سم ا أل�شكال والألوان ف إ�ن النا�س جمي ًعا يرون الأ�شكال وا أللوان مح�سو�سة بذاتها كما تراها و إ�نما اب ُتدع لنقل ال�شعور بهذه الأ�شكال وا أللوان من نف�س �إلى نف�س ،وبقوة ال�شعور وتيقظه وعمقه وات�ساع مداه ونفاذه إ�لى �صميم ا أل�شياء يمتاز ال�شاعر على �سواه » (.)1 ( )1كتاب الديوان� :ص .4 80
ب -جماعة �أبولو هي إ�حدىالمدار�سالأدبيةفيا ألدبالعربيالحديث�،ضمتبع�ض�شعراءالاتجاهالرومان�س ّي في م�صر والعالم العربي ،و�سميت بذلك ن�سبة �إلى �إله المو�سيقا وال�شعر عند الإغريق. وثمة عوامل �أ�سهمت في ظهورها وت�أ�سي�سها من �أهمها :الجدل الذي احتدم بين الاتجاه المحافظ وجماعة الديوان ،وتراجع الإنتاج ال�شعري لجماعة الديوان ،وزيادة الانفتاح على ا آلداب الغربية ،والت�أثر ب أ�دب المهجر. ومن �أ�شهر رواد جماعة �أبولو وبع�ض دواوينهم :م�ؤ�س�سها �أحمد زكي أ�بو �شادي «ال�شفق الباكي» ،و�إبراهيم ناجي «وراء الغمام» ،وعلي محمود طه «الملاح التائه» ،و�أبو القا�سم ال�شابي «�أغاني الحياة» ،ومحمود ح�سن إ��سماعيل «تائهون». وقد بعث �أ�صحاب هذه الجماعة ج ًّوا �شعر ّيًا جدي ًدا يمزج بين تراث ال�شعر العربي القديم وا ألدب الأوروبي الحديث ،فدعوا إ�لى الوحدة الع�ضوية للق�صيدة ،وابتعدوا عن �شعر المجاملات والمنا�سبات؛ فال�شعر عندهم تجربة ذاتية تنبع من الأعماق ،ودعوا �إلى َط ْرق مو�ضوعات جديدة ،وتناولوا ا أل�شياء الب�سيطة الم�ألوفة بروح �إن�سانية وت أ� ّمل فكري ،ولم يدخلوا في معارك جدلية مع �شعراء الاتجاهات ال�شعرية ا ألخرى ،ونظروا �إليها نظرة احترام وتقدير ،فاختاروا أ�حمد �شوقي رئي�ًسا لجماعتهم تكري ًما له ،وا�ستكتبوا العقاد للكتابة في مجلتهم. من �أبرز المو�ضوعات التي تناولها �شعراء جماعة �أبولو: .1الانغما�س في الطبيعة ،والتعلق بجمالها ،وت�شخي�صها ومناجاتها ،فهي ملاذهم الآمن الذي بثوا إ�ليه م�شاعرهم ،وجعلوها ت�شاركهم أ�حا�سي�سهم ،وابتعدوا عن و�صفها التقليدي، و�أكثروا من التعبير عن معانيهم بال�صورة ال�شعرية ،يقول علي محمود طه: �أُ ُف ُق ا َلأ ْر�ِض َل ْم َي َز ْل في َحوا�شيـــ ِه َ�صــــ ًدى حـا ِئـ ٌر ِب َأ� ْلـحـا ِن َط ْي ِر َو َعلـــى �شــا ِطـى ِء الـ َغـديـ ِر ُورو ٌد�َ أ ْغ َم َ�ض ْت َع ْي َنها ِل َم ْط َل ِع َفـ ْجــ ِر َو�َسرى الـمـا ُء هـا ِد ًئـا فــــي حـوا فيه ُي َغ ّني ما بي َن �َشـو ٍك َو َ�ص ْخ ِر َو َكــ�أَ ّن الـ ُّنـجــــو َم َتـ�ْسـ َبـ ُح فــيـه ُ قـ ُبـلا ٌت َهـ َفـــ ْت ِبحال ِم َث ْغـــ ِر و َك�أَ َّن الـ ُوجـو َد َبـ ْحـ ٌر ِمـن الـ ّنـو ِر َعلــــى ُ�أ ْفـ ِقـ ِه ال َملا ِئـ ُك َت�ْسري 81
.2الاهتمام بالح ّب ،والحديث عن المر�أة ،وعلاقة العا�شق بالمع�شوق ،وال�شعور بالألم والحرمان ،وا إلح�سا�س بالغربة �إذا غاب الحبيب .يقول �إبراهيم ناجي في ق�صيدة «الغريب» معب ًرا عن تجربته ال�شعرية الذاتية التي تنبع من الأعماق: يا قا ِ�س َي ال َق ْل ِب َك ْيـــــــ َف َت ْب َت ِع ُد ِإ� ّني َغري ُب ال ُف�ؤا ِد ُم ْن َفــــــ ِر ُد إ�ِ ْن خا َنني ال َي ْو َم في َك ُق ْلــ ُت َغ ًدا َو أ�َ ْي َن ِم ّني َو ِم ْن ُلقا َك َغــــــ ُد ِم ْل َء ُ�ضلوعـــــــي َل ًظى و أَ� ْع َج ُب ُه �أَ ّنـــي ِبـهـذا الـ َّلـهـيـ ِب َأ� ْب َت ِر ُد يا تا ِركي َح ْيــــ ُث كا َن َم ْج ِل�ُسنا و َح ْيــــــ ُث َغ ّنا َك َق ْل ِب َي ال ِغر ُد إ�ِ ّنـي َغـريـ ٌب تـعـا َل يا �َســ َكـنـي َف َل ْي� َس لي في زحا ِم ِه ْم أَ� َحــ ُد .3الا�ستمتاع بحياة الريف وب�ساطتها وطيب أ�هلها ،والحديث عن الرعاة ومظاهر الحياة في الريف ،والدعوة �إلى الان�صراف عن حياة المدينة ،فال�ّشابي في ق�صيدة « من �أغاني الرعاة» يمزج بين عنا�صر اللون وال�صوت والرائحة والحركة ،ويوظف الألفاظ الموحية ،وي�ضفي عليها دلالات �أخرى؛ فال�ضباب م�ستنير ،ومعروف أ� ّن ال�ضباب يكون كثي ًفا قات ًما يحجب الر�ؤية ،لكن ال�شاعر أ�راد له دلالة �أخرى تتنا�سب مع جو الق�صيدة ،يقول: َفــ�أَفــيــقــي يـا ِخـــرافــي و َهـــ ُلــ ّمــي يــا ِ�شـــيـــــا ْه َوا ْتـ َبــعـيــنــي يـا ِ�شـياهــي َبــ ْيـ َن َأ��ْســرا ِب الـ ُّطــيــو ْر َوا ْمـ َلـئــي الــوادي ُثـغـــا ًء َو ِمـــرا ًحــــا َو ُحــــبـــــو ْر َوا�ْس َمعي َه ْم� َس ال�َّسـواقـي وا ْنـ�ُشـقـي ِعـ ْطـ َر الـ ُّزهـو ْر َوا ْن ُظري الوادي ُي َغ�ّشــ ْيـــ ـ ِه ال ّ�ض َـبــا ُب ال ُم�ْس َتنيـــــ ْر .4الحنين وال�شوق إ�لى الوطن والذكريات الجميلة ،يقول أ�حمد زكي �أبو �شادي في ق�صيدة «المناجاة» التي قالها في �أثناء وجوده في الولايات المتحدة ا ألمريكية م�شتا ًقا إ�لى وطنه: َو َ�ص َح ْت�َ ص َح ْو ُتِ ل َل ْو َع ِة الـ َب ْيـ ِن َط َر َف ْتَ ،ف َل ّما ا ْغ َر ْو َر َق ْتَ ع ْينــي ِبـ َأ� َعــ ِّز مـاَ� ســــ َّم ْيـ ُتـ ُهَ و َطنــــــي َخ ْم� ٌسِ م َن ال�َّسنوا ِتَ ق ْدَ ذ َه َب ْت َغـ ْيـــــــ ُر الـ َّربيــــ ِعِ ب َد ْم ِع ِه ال َه ِت ِن ()1 َمـــــن ذاُ يح� ُّسُ� شعو َرُ م ْغ َتر ٍب َ -1ه َت َن الدمع يعني ق َط َر. 82
الخ�صائ�ص الفنية لجماعة �أبولو با�ستعرا�ض النماذج ال�شعرية ال�سابقة نجد �أن �شعر جماعة �أبولو -1يميل �إلى الت�شخي�ص والتج�سيم ،من خلال ا�ستخدام ال�صورة ال�شعرية ،فعندما تقر أ� مقطوعة �شعرية تتخيلها مر�سومة �أمامك ،مثال ذلك قول علي محمود طه: َو َعلــــى �شـا ِطـى ِء الـ َغـديـ ِر ُورو ٌد� أَ ْغ َم َ�ض ْت َع ْي َنها ِل َم ْط َل ِع َف ْجــ ِر َو�َسرى الما ُء ها ِد ًئا فـي َحوافـيــه ُي َغ ّني ما َب ْي َن �َش ْو ٍك َو َ�ص ْخـــــ ِر -2ي�ستخدم ا أللفاظ الموحية ،فتنقل ا أللفاظ الب�سيطة الم أ�لوفة �إلى معا ٍن بعيد ٍة .مثل قول إ�براهيم ناجي: ِمـ ْل َء ُ�ضـلوعــي َلـ ًظـى َوَ�أ ْعـ َجـ ُبـ ُه َأ� ّنــــي ِبـهذا ال َّلـهـيـ ِبَ أ� ْب َت ِر ُد ينطوي هذا البيت على مفارقة ،فكيف ُيبت َرد باللهيب؟ لكن ال�شاعر وظف هذا اللفظ بما يتنا�سب مع جو الق�صيدة ،وكذلك حين وظف ال�شا ّبي ال�ضباب الذي يحجب الر ؤ�ية فجعله ـ ِه ال َّ�ضبــا ُب ال ُم�ْس َتنيــــ ْر م�ستني ًرا في قوله: َوا ْن ُظـري الوادي ُي َغ�ّشــ ْيـ -3يهتم بالتجربة ال�شعرية ،فالق�صيدة تنبع من أ�عماق ال�شاعر حين يت أ�ثر ب�شيء وي�ستجيب له ا�ستجابة انفعالية؛ كما في ق�صيدة الغريب إلبراهيم ناجي. 83
الأسئلة -1اذكر العوامل التي �أ�سهمت في ن�ش�أة جماعة أ�بولو. –2كيف نظرت جماعة �أبولو �إلى الاتجاهات ال�شعرية الأخرى؟ -3اذكر اثنين من المو�ضوعات ال�شعرية التي تناولتها جماعة �أبولو ،مع التمثيل. -4علل ما ي�أتي: أ� -ت�سمية جماعة �أبولو بهذا الا�سم. ب -ابتعدت جماعة �أبولو عن �شعر المنا�سبات والمجاملات. جـ� -أكثروا من �شعر مناجاة الطبيعة. -5ا�ستنتج �أوجه ال�شبه والاختلاف بين جماعة الديوان وجماعة أ�بولو من حيث المو�ضوعات التي تناولها �شعراء كل جماعة. -6اقر�أ الن�ص الآتي لل�شاعر �أبي القا�سم ال�شاب ّي ،ثم �أجب عن الأ�سئلة التي تليه: �َســ ْو َف أَ� ْتلو َعـلــى ال ُّطــيــو ِر أ�َنا�ـــشيـ ـدي َو�ُأ ْف�ــضي َلها ِب َأ��ْشــوا ِق َنـ ْف�سي َف ْهي َت ْدري َم ْعنـــى ال َحـيـا ِةَ ،و َتـ ْدري أَ� َّن َم ْجـــــ َد ال ُّنفــــو� ِس َي ْق َظـ ُة ِحـ� ِّس ُث َّم �أَ ْق�ضي ُهناك ،فـــــــي ُظ ْل َمـ ِة ال َّلـ ْيـــ ــ ِل َو�أُلـْقـي إ�ِلـى الـ ُوجـو ِد ِبــ َيـ ْأ��سـي ُث َّم َت ْحــ َت ال َّ�ص َن ْو َبر ،ال ّنا ِ�ض ِر ،الـ ُحـ ْلـــ ــ ِو َت ُخ ُّط ال�ُّسيو ُل ُح ْفـــ َر َة َر ْم�ســي َو َت َظ ُّل ال ُّطيو ُر َت ْلغو َعلــــــى َق ْبــــــري َو َي�ْشــــــدو ال َّن�سي ُم َف ْوقــي ِب َه ْمـ�ِس �أ -ما المو�ضوع الذي تناولته الق�صيدة ال�سابقة؟ ب -م ّثل من الق�صيدة ال�سابقة على الخ�صائ�ص الفنية الآتية: -الت�شخي�ص والتج�سيم. -ا�ستخدام ا أللفاظ الموحية. -التعبير بال�صورة ال�شعرية. 84
جـ� -شعر ال َم ْهجر يطلق �شعر المهجر على ال�شعر الذي نظمه ال�شعراء العرب الذين هاجروا من بلاد ال�شام إ�لى �أمريكا ال�شمالية والجنوبية في أ�واخر القرن ال ّتا�سع ع�شر ،وكونوا روابط �أدبية و أ��صدروا �صح ًفا ومجلات �أدب ّية تهتم ب�ش�ؤونهم. وقد ت�أثر العالم العربي بظروف �سيا�سية واجتماعية واقت�صادية �ُأ�شير إ�ليها في فاتحة هذا الع�صر، كما �شهدت بع�ض البلاد العربية ِف َت ًنا داخلية ،وحرو ًبا �أهلية �أدت إ�لى هجرة بع�ض العائلات العربية �إلى الأمريكيتين ،وهناك ن�شطت الجاليات العربية في الحفاظ على هويتها ولغتها؛ ف أ��س�ست روابط �أدبية ،و�أ�صدرت مجلات ثقافية ،وم ّثل �شعراء المهجر الرومان�سية العربية خارج الوطن .وقد ظهر الن�شاط ا ألدبي ل�شعراء المهجر في رابطتين �أدبيتين هما: .1الرابطة القلمية في المهجر ال�شمالي التي �ُأ�س�ست في نيويورك �سنة (1920م) ،وتر أ��سها ُجبران خليل ُجبران �صاحب ديوان « المواكب» .ومن روادها وبع�ض دواوينهمِ� :إيل ّيا �أبو ما�ضي «الجداول» ،وميخائيل ُن َعيمة « هم�س الجفون» ،و َن�سيب َعري َ�ضة «ا ألرواح الحائرة» وغيرهم .وقد برزت لدى �شعراء هذه الرابطة عنا�صر التجديد في الر�ؤيا واللغة وا إليقاع برو ًزا وا�ض ًحا ،ا ألمر الذي كان له �صداه الوا�سع في تطور حركة ال�شعر العربي الحديث في المهجر والعالم العربي على �سواء. .2الع�صبة الأندل�سية في المهجر الجنوبي :أُ��س�ست في البرازيل �سنة (1932م) ،وتر�أ�سها ال�شاعر القرو ّي َر�شيد خوري �صاحب ديوان « لكل زهرة عبير» ،ومن روادها :فوزي ال َم ْعلوف، و إ�ليا�س فرحات وغيرهما. وقد عا�ش �شعراء المهجر �أجواء الحرية والانفتاح في البلاد الجديدة ،واختلطوا بال�سكان ا أل�صليين وت�أثروا با ألدب ا ألمريكي ،واكتووا بنار الغربة والبعد عن الأهل وا ألوطان؛ فجاء �شعرهم �سل�ًسا رقي ًقا �صاد ًقا ،ولغتهم �سهلة وا�ضحة ،ومالوا إ�لى التجديد في ال�شعر. 85
ومن أ�برز مو�ضوعات �شعر المهجر .1الحنين �إلى الوطن :ع ّبر �شعراء المهجر عما يختلج في نفو�سهم من حنين و�شوق �إلى أ�وطانهم، وح�سرتهم على فراق �أهلهم و�أوطانهم بم�شاعر �صادقة و�ألفاظ ب�سيطة رقيقة ،يقول ر�شيد أ�يوب م�شتا ًقا إ�لى �أهله: و إ�ذا ما َذ َك ْر ُت ا أَله َل فيه ف إ� ّنني لدى ذ ْك ِرهم �أَ�ستم ِط ُر ال ّدم َع ُمن َ�ص ّبا أ�ع ّل ُل َن ْف�سي �إ ْن ي ِئ�ْس ُت ِبــ َعـو َد ٍة َو َلك ّنهــا ا أليـّــــا ُم تـــ ًّبا لــهــا تـــ ّبا .2التّفا�ؤل والأمل :دعا �شعراء المهجر �إلى التفا ؤ�ل والنظر �إلى الحياة ب إ�يجابية ،فا إلن�سان ُين ِّغ�ص عي�شه بيده ،ف�إذا كانت نف�سه جميلة يرى الحياة جميلة بهيجة ،و�إذا كانت نف�سه مري�ضة ،يرى الحياة ثقيلة ،يقول إ�يليا �أبو ما�ضي مخاط ًبا الإن�سان ال ُم َتذمر ال�شاكي: �أَ ُّيهذا ال�ّشاكي َوما ِبــ َك دا ٌء َك ْي َف َت ْغ ُدو إ�ذا َغ َد ْو َت َعلــيــلا َوا َّلذي َن ْف ُ�سـ ُه ِب َغ ْي ِر َجـمــا ٍل لا َيرى في ال ُوجو ِد �َش ْي ًئا َجميلا ُه َو ِع ْب ٌء َعلى الـ َحيا ِة َثقي ٌل َم َن َي ُظ ُّن ال َحـيـا َة ِعبـ ًئا َثقـــيـــلا �أَ ُّيهذا ال�ّشاكي َوما ِبــ َك دا ٌء ُك ْن َجميلاً ت َر ال ُوجو َد َجمـــيلا .3الت�سامح الدين ّي :عا�ش العرب في المهجر حياة تقوم على التعاي�ش ،والاحترام المتبادل، والت�سامح الديني ونبذ التع�صب ،فنجدهم ي�شاركون بع�ضهم بع ً�ضا في منا�سباتهم الاجتماعية والدينية ،يقول إ�ليا�س فرحات مفتخ ًرا با إل�سلام وممج ًدا هذا الدين العظيم: �َسلا ٌم َعلى ا إِل�ْسلام أَ� ّيـــام َم ْجـــ ِد ِه َطوي ٌل َعري� ٌض َي ْع ُم ُر الأَ ْر�َض َوال�َّسمـا َنما َف َن َم ْت في ِظ ِّلـــــ ِه َخ ْيــ ُر �أُ َّمـــ ٍة َأ� َع َّد ْت ِلن ْ�ص ِر ال َح ِّق �َس ْي ًفا َو ِم ْر َقمــــا ()1 َفكا َن ْت َلها ال ُّدنيا َوكان َلها ال ُعلى َوكان َبنوها في ال َّديـاجيـ ِر َأ� ْن ُجمـــا ()2 ويقول ر�شيد �سليم الخوري في ذكرى المولد النبو ّي: عي ُد ال َب ِر َّي ِة عي ُد ال َم ْو ِلـ ِد ال َّن َبـــــوي في ال َم�ْشـ ِر َق ْيـ ِن َلـ ُه َوال َم ْغ ِر َبي ِن َدوي عي ُد ال َّن ِب ِّي ا ْب ِن َع ْبـ ِد الل ِه َم ْن َط َل َع ْت �َش ْم� ُس ال ِهـدا َيــ ِة ِم ْن ُق ْر آ� ِنـ ِه الـ ُعـ ُلوي َفـ ِ�إ ْنَ ذ َكـ ْر ُتـ ْم َر�ُسـو َل الل ِه َتـ ْكـ ِر َم ًةَ فـ َبـ ِّلـ ُغـو ُهَ� سـلا َم الـ َ�ّشـا ِع ِر الـ َقـ َروي ( )1المرقم :القلم. ( )2الدياجير :الظلمات ،مفردها الديجور. 86
.4النزعة ا إلن�سانية :ر�أى �شعراء المهجر �أن ال�شعر تعبير عن موقف إ�ن�ساني ،وله ر�سالة �سامية ينقلها ال�شاعر إ�لى النا�س بلغة �سهلة وا�ضحة ،تدعو إ�لى القيم العليا :الحق والخير والجمال والحرية والعدل والح ّب ،ويهتف َن�سيب َعري�ضة في ق�صيدته (يا أ�خي) داع ًيا �إلى الح ّق والتعاون و�إيقاد �شعلة ا ألمل ومقابلة ا إل�ساءة بالمعروف: َف ْل َن ِ�س ْر أَ� ْع َزلي ِن ِ�إ َّال ِم َن الـ َحـ ِّق ِ�سلا ًحا َوال ِف ْكــــــ ُر حا ٍد َوقا ِئ ْد َو�إذا ا�ْش َت َّد ِت ال ِّذئــا ُب ُعـوا ًء َف ْل ُنقا ِب ْل ُعوا َءهــا ِبال َّن�شا ِئـــــــ ْد َو إ�ذا ا ْح َل ْو َل َك ال َّظـلا ُم َ�أ َ� ْض أ�نا ِم�ْش َع َل ال َق ْل ِب ِم ْث َل نا ِر ال َموا ِق ْد وقد كرهوا القيم ال�سلبية كالظلم وا ألنانية والبخل وال�ش ّر ،ووظفوا الرمز للتعبير عن القيم ال�سلبية كما في ق�صيدة « التينة الحمقاء» إليليا �أبي ما�ضي رمزاً ل إلن�سان ا ألناني الذي يبخل بخيره على النا�س ،يقول: َو َظ َّل ِت ال ّتي َن ُة ال َحــــ ْمقا ُء عــــــــا ِر َي ًة َك أ�َ َّنها َو َتـ ٌد في ا أَل ْر�ِض �َأ ْو َحـ َجـ ُر َو َل ْم ُي ِط ْق �ـصا ِح ُب ال ُب�ْســتا ِن ُر ْؤ� َي َتها َفا ْج َت َّثها َف َه َو ْت في ال ّنـا ِر َت�ْسـ َت ِع ُر َم ْن َل ْي� َس َي�ْسخو ِبما َت�ْسخو ال َحيا ُة ِب ِه َف�إِ َّن ُه �أَ ْحـــ َم ٌق ِبال ِحــــ ْر�ِص َي ْن َت ِح ُر .5الاتجاه إ�لى الطبيعة :ا ّتجه �شعراء المهجر � -ش أ�ن �شعراء الرومان�سية -إ�لى الطبيعة يت�أملونها، ويندمجون فيها ،وي�ضفون عليها الحياة حتى ج�سدوها وجعلوها ت�شاركهم همومهم ،ومالوا �إلى الت�شخي�ص والتج�سيم والنظرة الت أ�ملية ،يقول ميخائيل ُنعيمة في ق�صيدة « النهر المتجمد» مخاط ًبا نه ًرا متجم ًدا ،ويرى فيه رم ًزا لقلبه الذي جمدت �أمانيه ،ويلحظ تحرر ال�شاعر من القافية الموحدة: يا َن ْه ُر َه ْل َن َ�ض َب ْت ِميا ُه َك َفا ْن َق َط ْع َت َع ِن ال َخريـ ْر؟ �أَ ْم َقـ ْد َه ِر ْم َت َوخا َر َع ْز ُم َك َفا ْن َث َن ْي َت َع ِن ال َم�سي ْر؟ ِبا َأل ْمـ�ِس ُكـ ْنـ َت ُم َر َّن ًما َب ْي َن الـ َحـدا ِئــ ِق َوال ُّزهــو ْر َت ْتـلو َعـلى ال ُّد ْنـيـا َومـا فـيـهـا أَ�حـاديـ َث الـ ُّدهـو ْر ِبا أَل ْم�ِس ُك ْن َت َت�سي ُر لا َت ْخ�شى ال َموا ِن َع في ال َّطري ْق 87
َوال َي ْو َم َقـ ْد َه َب َط ْت َع َل ْي َك �َسكي َن ُة ال َّل ْحـ ِد ال َعمي ْق َق ْد كا َن لي يا َنـ ْه ُر َق ْل ٌب �ضا ِح ٌك ِم ْث َل ال ُمــرو ْج ُح ٌّر َك َق ْلـ ِبــ َك فيـــــــ ِه َأ� ْهـوا ٌء َو�آمـا ٌل َتـمــــــو ْج يا َنـ ْهــــ ُر! ذا َق ْلبــي �أَرا ُه َكمــا أَ�را َك ُم َكـ َّبــــــلا َوال َف ْر ُق �أَ َّن َك �َس ْو َف َت ْن َ�شـ ُط ِم ْن ِعقا ِل َكَ ،و ْه َو لا .6الدعوة إ�لى القومية العربية ،فهذه القومية تمجد الل�سان العربي وتنادي ب إ�قامة الدولة العربية التي ت�ؤمن بالتراث العربي الخالد ،والم�صير الم�شترك .يقول ال�شاعر �أبو الف�ضل الوليد داع ًيا �إلى الوحدة العربية: إ�لى َد ْو َل ٍة َت ْم َت ُّد في ال�َّش ْر ِق َوال َغ ْر ِب َف�أ ْع ِظ ْم َو أ�َ ْك ِر ْم ِبا ِّتحا ٍد َو ِن�ْسب ٍة َد ًما َو ِل�سا ًنا َل ْي� َس ُت ْف َ�صــــ ُل ِبال ّت ُـ ْر ِب َومـا ِهـ َي إ�ِ ّال ُأ� َّمــ ٌة َعـــ َر ِبــ َّيــ ٌة الخ�صائ�ص الفنية ل�شعر المهجر من النماذج ال�سابقة نجمل أ�ه ّم الخ�صائ�ص الفنية ل�شعر المهجر بما ي�أتي: -1يوظف الرمز للتعبير عن بع�ض المعاني الت�أملية والإن�سانية ،فقد ر أ�ى إ�يليا أ�بو ما�ضي في التينة الحمقاء رم ًزا ل إلن�سان الأناني. -2يميل إ�لى التجديد في المو�ضوعات والتركز على القيم ا إلن�سانية كالت�سامح والتعاي�ش والتعاون، وتجلى ذلك في �شعر إ�ليا�س فرحات ور�شيد الخوري. -3ينظم على ا ألوزان الق�صيرة والمجزوءة ،وي�شيع فيه التحرر من القافية الموحدة ،كما في ق�صيدة النهر المتجمد لميخائيل نعيمة. 88
الأسئلة -1اذكر الرابطتين الأدبيتين اللتين �أ�س�سهما �شعراء المهجر. -2ا�ستخل�ص من خلال ما در�ست العوامل التي �أثرت في ال�شعراء المهجريين. -3ان�سب الدواوين ال�شعرية ا آلتية �إلى �شعرائها: لكل زهرة عبير ،هم�س الجفون ،المواكب ،الجداول. –4علل ما ي�أتي: �أ -من أ�برز مو�ضوعات �شعر المهجر الحنين إ�لى الوطن. ب� -ساد الت�سامح الديني بين المهجريين. جـ -عبر �شعراء المهجر عن القيم ا إلن�سانية في �شعرهم. د -غلب على �شعر المهجر ال�صدق وال�سلا�سة والو�ضوح. -5وازن بين �شعر المهجر وجماعة �أبولو من حيث: الاتجاه إ�لى الطبيعة ،اللغة ،التجديد في ال�شعر. -6ا�ستنتج المو�ضوع الذي يمثله كل بيت مما ي�أتي: مـا�َ أنـاَ فـ ْحـ َمـ ٌةَ ولا َ�أ ْنـ َتَ فـ ْر َقـ ْد �أ -يقول إ�يليا �أبو ما�ضي: ُهـ َو ِل َألعـا ِر ِب �أَ ْجـ َمـعـيـ َن إ�ِمـا ُم َويا َحب َّـذا ِت ْل َك ال ُّربو ُع ال َّزوا ِهيا يا َأ�خي ال َ ت ِمـ ْلِ بـ َو ْج ِهـ َك َع ّني ب -يقول محبوب الخوري: َو ُم َح َّم ٌد َب َط ُل ال َبـــــ ِر َّي ِة ُكـــ ِّلهــا جـ -يقول نعمة الحا ّج: َت َذ َّك ْر ُت هاتي َك الـ ُّربو َع َو َأ� ْه َلها د -يقول �إليا�س فرحات ِإ� ّنــا َوِ�إ ْن َتـ ُكــ ِن ال�َّشـــ�آ ُم ِديـا َرنا َفـ ُقـلو ُبـنـا ِللـ ُعـ ْر ِب ِبـا إِل ْجـمـا ِل 89
-7اقر�أ الن�ص ا آلتي من ق�صيدة « ابتهالات» لل�شاعر ميخائيل نعيمة ،ثم �أجب عن ا أل�سئلة التي تليه: َوا ْج َع ِل ال َّلـ ُه َّم َق ْلبي وا َح ًة َت�ْسقـي ال َقريـــ ْب َوال َغـريـــ ْب َفال َّرجا َوالــــ ُح ُّب َوال َّ�ص ْب ُر ال َّطويــــ ْل ما ؤُ�هــــا ا إليمــا ُن�َ ،أ ّمـا َغ ْر�ُسهـا َفالــ َوفا َوال ِّ�صــ ْد ُق َوال ُح ْل ُم ال َجميــ ْل َج ُّوها ا إِل ْخلا�ُصَ ،أ� ّمــا �َش ْم ُ�سها َفـ ِإ�ذا ما را َح فـ ْكـــــري َعــ َبــ ًثـا في َ�صحاري ال�َّش ِّك َي�ْس َت ْجلي ال َبقــا ْء َمـ َّر َم ْنـهـو ًكا ِب َقـ ْلبــــــي َفـ َجـثـا تـا ِئبـًـا َيـ ْمـ َتـ�ُّص ِمــن َق ْلـبـي الـ َّرجـــا ْء أ� -بين المو�ضوع الذي تحدث عنه ال�شاعر. ب -م ّثل من الن�ص ال�سابق على ما ي�أتي: .1التركيز على القيم الإن�سانية. .2التحرر من القافية الموحدة. جـ -بين ر�أيك في ال�صور ال�شعرية الم�ضمنة في الن�ص. النشاط عد إ�لى كتاب «اللغة العربية» لل�صف الحادي ع�شر ،واقر أ� ق�صيدة « وطن النجوم» لل�شاعر �إيليا �أبي ما�ضي ،وبين مو�ضوعها ،وخ�صائ�صها الفنية ،واعر�ضها على زملائك. 90
ثانيًا� :شعر الثورة العربية الكبرى انطلقت الثورة العربية الكبرى عام (1916م) ا�ستجابة طبيع ّية لظاهرة التح ِّدي التي فر�ضتها ال�سيطرة العثمان ّية على الوطن العربي ،وقد بلغ هذا ال َّتحدي �أوجه حين حاول العثمانيون تغريب العرب عن ثقافتهم وح�ضارتهم وتراثهم وتتريك لغتهم. واكب ال ِ�ّشعر �أحداث الثورة ،ومن �أبرز ال�ُّشعراء الذين ظهروا في هذه المرحلة :ف ؤ�اد الخطيب، وجميل العظم ،و�إليا�س فرحات ،ومحمد العدناني ،ومحمد مهدي الجواهري ...وغيرهم .ومن مو�ضوعات �شعر الثورة العربية الكبرى ما ي�أتي: -1الاعتزاز بالقوميّة العربيّة. فال�شعوب العربية تجمعها عوامل م�شتركة من لغة وثقافة وتاريخ ،وقد دعا ال�شعراء إ�لى الاعتزازا بهذه القومية العربية ،وفي ذلك يقول ال�شاعر جميل العظم: َل َق ْد دا َل ِت ا َأل َّيام َوا ْن َق َل َب الـ َّد ْه ُر َف ُق ْل ِل َبني َج ْنكي َز َق ْد ُق ِ�ض َي الأَ ْمـــــ ُر ()1 َو َق ْد عا َد أَ� ْم ُر ال ُم�ْس ِلميـ َن ِ َلأ ْهـ ِلـ ِه َو َه ْل َ أ� ْه ُل ُه �إِل ّا ِكنا َن ُة َوال َّن ْ�صــــــــــــ ُر أ�ول ِئــ َك َق ْومي با َر َك الل ُه في ِهــــ ُم أُ�باهي ال َورى َف ْخ ًرا ِب ِه ْم َو ِل َي ال َف ْخ ُر -2الا�ستياء من �سيا�سة العثمانيين ،وو ْ�ص ُف ظلمهم تناول ال�شعر مظاهر الظلم الذي تع ّر�ض له العرب من العثمانيين ،و�أ�شكاله .ومما قيل في هذا المو�ضوع ق�صيدة لل�شاعر الفل�سطيني محمد العدناني جاء فيها: َظ َّن ال ِعدى َأ� َّن َنا َن ْعنو ِل ُظ ْل ِمـ ِه ُم َولا ُن ِح� ُّس ِبما ِلل ّنيــــــ ِر ِم ْن �َأ َلــ ِم ()2 َو َ�أ َّن َب�ْس َم َتنا فيهـا ِر ً�ضى ِبـ ِهـ ُم َوما َت َح َّلوا ِب ِه ِم ْن را ِئع ال�ِّش َيـــــ ِم َوما َد َروا َأ� َّن َب ْر َق ال ُم ْز ِن َي ْت َب ُع ُه َب ْع َد ا ْب ِت�سا َم ِت ِهَ ،ق ْ�ص ٌف ِم َن ال ُّر ُج ِم()3 وي�صف جميل الزهاوي �إعدام جمال با�شا ال�سفاح أ�حرار العرب ،فيقول: ( )1جنكيز خان م�ؤ�س�س و�إمبراطور المغولبة ،كان قائ ًدا ع�سكريًا �شديد الب أ��س �سفا ًكا للدماء� ،سيطر على قبائل المغول والترك وال�سلاجقة وغيرهم (ت 624هـ). ( )2نعنو :نخ�ضع .ال َّني ُر :الخ�شب ُة المعتر�ض ُة فوق ُعنق ال َثور �أو عنقي الثورين المقرونين ،لجر المحراث أ�و غيره ،والمق�صود هنا ا ألحتلال. ( )3ال ّرجم :ال�شهب ،وهي ما يظهر في ال�سماء ك�أنها نجوم تت�ساقط. 91
َعلى ُك ِّل عو ٍد �صا ِح ٌب َو َخـليـــ ٌل َوفــــي ُك ِّل ِب ْي ٍت َر َّن ٌة َو َعـويـ ُل َك َ�أ َّن ُوجو َه ال َق ْو ِم َف ْو َق ُجذو ِع ِه ْم ُنجو ُم �َسما ٍء في ال َّ�صبا ِح أُ�فو ُل -3مدح ال�شريف الح�سين بن علي و أ�بنائه ،وت أ�كيد �أحقيتهم في الملك �صدح العديد من ال�شعراء وهتفوا مهللين للثورة وقائدها بق�صائد من عيون ال�ّشعر القوم ّي، وكان من أ�برزهم ال�شيخ ف ؤ�اد الخطيب الذي أ�لقى ق�صيدته الم�شهورة «تح ّية النه�ضة» بين يد ّي ال�شريف الح�سين بعد �إعلان الثورة مبا�شر ًة ،فكانت �سب ًبا في منحه لقب �شاعر الثورة العرب ّية الكبرى ،و�شاعر النه�ضة العرب َّية ،ومنها: َح ِّي ال�َّشري َفَ ،و َح ِّي ال َب ْي َت َوال َح َرما َوا ْن َه�ْض َف ِم ْث ُل َك َي ْرعى ال َع ْه َد َوال ِّذ َمما يا �صا ِح َب الـ ِه َّمـ ِة ال�َّش ّمـا ِء أ�َ ْنت َلـهـا ِ�إ ْن كا َن َغ ْي ُر َك َي ْر�ضى ا َلأ ْي َن َوال�َّس�أَمـا()1 إِ�يـ ٍه َبـنــي ال َع َر ِب ا أَل ْحـرار �إِ َّن َلـ ُكــ ْم َف ْجــ ًرا َ�أ َطـ َّل َعلــى الأَ ْكــوا ِن ُم ْب َت ِ�سما يا ْب َن الــ َّنـ ِبـ ِّي َو َ�أ ْنـ َت ال َيــ ْو َم وا ِر ُثـ ُهـ ْم َقـــ ْد عــــا َد ُم َّت ِ�صــلاً ما كا َن ُم ْن َف ِ�صلا ويم ّج ُد ال�شاعر الجزائر ّي عبد الله بافقيه الأمير عبد الله ا أل ّول بن الح�سين ،فيقول: َأ�يـــا َمـــ ْن ِلل َعلا ِء �َسعــى َو َج ّدا َو َمــــــ ْن �ســا َد الَأنا َم َ�أ ًبا َو َجــ ّدا َف َد ْي ُت َك فا ِر� َس ال َه ْيجا ِبروحــي َو ِم ْث ُل َك فــــــي ال َب ِر َّي ِة َم ْن ُي َفــ ّدا �إِلــــى َعـ ْليـا َك ( َع ْبـ َد الل ِه) ِ�إ ّنـي َن َظ ْم ُت ِم َن ال َمدا ِئ ِح في َك ِع ْقدا �َش ُر ْف ُت ِب َم ْد ِح َك ال�ّسامي ِ َلأ ّني َر َق ْي ُت ُعلاً َو ِن ْلــ ُت ِبذا َك َم ْجـدا وفي مبايعة ال�شريف الح�سين بن علي وت�أكيد �أحقيته في الملك يقول ال�شاعر اللبناني م�صطفى الغلاييني: أ�َ ْنــــــ َت الِإما ُم ِب َح ِّق ال�َّش ْر ِع لا ال َغ َلـ ِب يا أَ� ُّيها ال َم ِل ُك ال َم ْيمـــــو ُن طا ِل ُعــ ُه َر ْغ َم ال َع ُد ِّو َو َر ْغ َم ا ألَ ْح َم ِق ال�َّش ِغــــــب ()2 َل َك ال ِخلا َف ُة ،ما فـي أَ� ْم ِرها َر ْيــ ٌب َأ�با ال ُملو ِك ِإ� َل ْي َك ال ُعـــ ْر ُب نا ِظــ َر ٌة ِب َط ْر ِف َو ْلها َن َ�ص ِّب ال َق ْلــــ ِب ُم ْل َت ِهــ ِب َفا ْم ُد ْد ُنبا ِي ْع َك يا ْب َن ا َأل ْك َرمين َيـ ًدا َتفي�ُض َخ ْي ًرا َعلـــــى الِإ�ْسلا ِم َوال َعــ َر ِب -1ا ألين :التعب .ال�س�أم :الملل وال�ضجر. -2ال�شغب :الكثير ال�شغب ،يعني من يحاول تهييج ال�شر و�إثارة الفتن والا�ضطراب. 92
-4و�صف تجاوب ا أل ّمة العربية مع الثَّورة. تجاوبت ا ألمة العربية مع الثورة من �شتى الأقطار لما أ�ملوه في الوحدة والتحرر ،وهي لي�ست مق�صورة على قطر دون �آخر ،ف�شارك فيها من كل حدب و�صوب الكبير وال�صغير بعزيمة وب�سالة كبيرتين في �سبيل التحرر والق�ضاء على الطغيان ،يقول ال�ّشاعر ف�ؤاد الخطيب وا�ص ًفا تحرك الجيو�ش العربية: َريّا ال ِّرحــا ِب َت َغــ�ُّص ِبالــ ُو ّرا ِد ِل َم ِن ال َم�ضا ِر ُب في ِظلا ِل الوادي َن َف َر ْت ِمـــ َن ا أَل ْغوا ِر َوا َأل ْنجا ِد الل ُه َأ� ْك َبـــــــ ُر ِت ْلـــــ َك ُ�أ َّم ُة َي ْعــ ُر ٍب َوال ِبي�ُض ُم ْت َل َعـ ٌة ِم َن ا َلأ ْغمــــــا ِد()1 َطــ َو ِت ال َمرا ِح َل َوا أَل ِ�س َّن ُة �ُشــ َّر ٌع ِبالل ِهَ ،وال ّتـاريـــ ِخَ ،وا ألَ ْجـــدا ِد َو َم َ�ش ْت َت ُد ُّك ال َب ْغ َيِ ،م�ْش َي َة وا ِثـــ ٍق ِلل َمــ ْو ِت َغ ْيــ َر ُم َ�س َّخـــ ٍر ِب ِقيـا ِد َعــ َر ٌب َت َط َّو َع َك ْه ُل ُه ْم َو ُغلا ُم ُهــ ْم ِه َمـــ ُم ال ُغـــزا ِة َو ِع َّفـــ ُة ال ُّز ّها ِد ()2 َو َث َب ْت ِب ِه ْم فــي َن ْق ِع ُك ِّل َكري َهــــ ٍة -5رثاء ال�شريف الح�سين بن علي كان لوفاة ال�شريف الح�سين بن علي �ص ًدى كبي ًرا في وجدان ال�شعراء في �شتى بقاع العالم العربي لما له من مكانة دينية وقومية ،.يقول أ�حمد �شوقي: قا َم فيها �أَبــــــو ال َملا ِئ ِك ها ِ�شــــــ ْم َل َك فـــي ا َلأ ْر�ِض َوال�َّسما ِء َم�آ ِتــ ْم آ�با َء َك ال ُّز ْه َر َه ْل ِم َن ال َم ْو ِت عا ِ�صـ ْم يـــا أَ�با ال ِع ْل َي ِة ال َبهالي ِل �َســـــــــــ ْل ُن َورا َء ال�َّســــــــــوا ِد َوال�ّشا ُم وا ِجـ ْم ِت ْل َك َب ْغدا ُد فــــي ال ُّدمو ِع َو َع ّمــا ُن �َسكو ُب ال ُعيــــو ِن باكي ال َحما ِئـ ْم َوا�ْش َت َر ْكنــــا َف ِم ْ�ص ُر َع ْبرى َو ُل ْبنـــا -6التغنّي بذكرى الثورة العربيَّة الكبرى تحتفل المملكة ا ألردن ّية الها�شمية �سنويًّا بذكرى الثورة العرب ّية الكبرى ،وقد كان للعام (2016م) �سمة تميزه عن الأعوام ال�سابقة؛ إ�ذ احتفلت المملكة بمرور مئة عام على انطلاقة -1الأ�سنة :الرماح .البي�ض متلعة :ال�سيوف مخرجة. -2نقع الكريهة :الغبار الذي يت�صاعد حين ا�شتداد الحرب. 93
الثورة العرب ّية الكبرى ،وفي هذه المنا�سبة نظم ال�شاعر حيدر محمود ق�صيدة بعنوان« �س ّيد ال�شهداء» ،ومنها: في ُعيو ِن الأَ ْبنـا ِء َوا َلأ ْحـفـا ِد َوال�َّشري ُف ال ُح َ�س ْي ُن ُي�ْش ِر ُق �َش ْم�ًسا ُكـ َّل ُحـ ٍّر �َشهـا َد َة الـمــيــلا ِد ِه َي �ُأ ُّم ال ّرايا ِت�َ ،أ ْع َط ْتَ ،و ُتعـطي ِم ْن َظلا ِم ال ُقيو ِدَ ،وا َأل ْ�صفا ِد َو َعلى َخ ْف ِقهـا ا�ْس َتفا َقـ ْت �ُشعـو ٌب ـ َر َو ُك ُّل ال ّنيرا ِن َم ْح�ُض َرما ِد َج ْم ُرها َو ْح َد ُه ا َّلذي يو ِق ُد ال َج ْمـ الخ�صائ�ص الفنيّة ل�شعر الثورة العربيّة الكبرى ث ّمة خ�صائ�ص عا ّمة ات�سم بها �شعر الثورة العرب ّية الكبرى ،منها �أنه: -1ي�ستخدم النبرة الخطاب ّية والتعبير المبا�شر عن المعاني ،مثل قول ف�ؤاد الخطيب: يا ْب َن ال َّن ِب ِّي َو�َأ ْن َت ال َي ْو َم وا ِر ُث ُه ْم َق ْد عا َد ُم َّت ِ�صلاً ما كا َن ُم ْن َف ِ�صلا وقول ال�شاعر اللبناني م�صطفى الغلاييني: يا �َأ ُّيها ال َم ِل ُك ال َم ْيمــــــو ُن طا ِل ُع ُه أ�َ ْن َت ا ِإلما ُم ِب َح ِّق ال�َّش ْر ِع لا ال َغ َل ِب -2يت�صف ب�سم ّو العاطفة وحرارتها من خلال الاعتزاز بالقومية العربية وو�صف الظلم الذي وقع على ال�شعوب العربية والتطلع �إلى التحرر.. -3يلتزم بعمود ال ِ�ّشعر العرب ّي. 94
الأسئلة -1من درا�ستك للنماذج ال�شعر ّية ل�شعر الثورة العرب َّية الكبرى، �أ -ما الذي ُيد ِل ُل على أ� َّنها ثور ُة ك ِّل العر ِب؟ ب -ا�ستنتج المبادئ التي نادت بها الثورة العربية الكبرى. - 2علل ما ي�أتي: �أ -الحديث عن البعد الديني في �شخ�صية ال�شريف الح�سين بن علي. بُ -ل ّقب ف ؤ�اد الخطيب ب�شاعر الثورة العربية الكبرى. -3اقر�أ ال َّن�صين ا آلتيين ث ّم �أجب ع ّما يليهما: يقول ال�شاعر ف�ؤاد الخطيب في ق�صيدته \" إ�لى جزيرة العرب\": ال ُم ْلـــ ُك فيـ َك َوفـــــي َبني َك َو ِإ� َّن ُه َحـــ ٌّق ِمــــ َن الآبـــا ِء ِل َلأ ْحفـــــا ِد َو�َأما َنــــ ُة ال ّتاريــ ِخ فـــي َ�أ ْعنا ِق ِهــ ْم ِم ْن َع ْه ِد \"با ِب َل\" َي ْو َم َن ْه َ�ض ِة \"عا ِد\" َو ِم َن ا ألَ�شا ِو� ِس ِم ْن َبني َق ْحطا َن َ�أ ْو َع ْدنــا َن ِمـــــ ْن ُم َت َح ِّ�ض ٍر أَ� ْو بــا ِد َف ِإ�ذا ا ْن َبــ َروا ِلل َم ْج ِد َف ْهــ َو �َسبي ُل ُه ْم َي ْم�شو َن فيـ ِه َعلـى ُه ًدى َو�َسـدا ِد ويقول ال�شاعر إ�ليا�س فرحات في ق�صيدته «تحر�سك عين عناية ال َّرحمن»: ال َع ْر� ُش َع ْر�ُش َك يا َفتــــــــى َع ْدنا ِن أ�َ ْب َط ْأ� َت َ�أ ْم أ�َ�ْس َر ْع َت في ا ِلإ ْعـــلا ِن ُت ْهــــدي ال�َّشــ�آ ُم ِ�إلى ُعلا َك َ�أري َك ًة َم ْيمو َنـــــــ ًة َم ْحرو�َســـ َة الَأ ْركا ِن َف َر�شوا ال َّنفا ِئ� َس في َطري ِق َك ِع ْن َدما َع ِلموا ِب َي ْو ِم ُقدو ِمــــ َك ال ِم ْح�سا ِن َو َلو ا َّن ُه ْم َف َر�شوا ال ُقلـو َب َلما َو َف ْوا َد ْيـ ًنـا َت َ�سـ َّجـ َل ِبال َّنقيــــ ِع الـقـاني()1 �أ -ما المو�ضوعات التي تمثلها الأبيات ال�ّسابقة؟ ب -ا�ستخرج الأبيات التي تحمل الأفكار ا آلتية: .1الاعتراف بف�ضل الح�سين بن علي و�أنجاله على العرب. .2التذكير بالما�ضي المجيد. جـ -ا�ستنتج ثلا ًثا من الخ�صائ�ص الفنية الم�شتركة بين الن�صين ال�سابقين. (� )1سهلت همزة (�أنهم) لل�ضرورة ال�شعرية ،المق�صود بالنقيع القاني هي الدماء. 95
ُ -4يعد �شعر الثورة �سج اًّل تاريخ ًّيا للأحداث ال�سيا�سية ،و ِّ�ضح ذلك من خلال ما در�ست. -5ل َم يتميز �شعر الثورة بالنبرة الخطابية؟ -6ا�ستنتج المو�ضوع الذي يمثله ك ّل بيت في ما ي�أتي: �أ -قال ال�شاعر الفل�سطيني �سعيد الكرمي: َوعا َد ْت ُق َر ْي� ٌش في م َن َّ�ص ِة ِع ِّزها ُتقي ُم ِلوا َء ال َم ْج ِد َف ْل َي ْف َر ِح ال َّن ْ�ص ُر ب -قال ال�ّشاعر العراقي محمد الها�شمي: َبنــــي َج ْنكيــــ َز �ِإ َّن ال ُّظ ْل َم عا ُر َو�َأ ْمـــــ ٌر لا ُيــ ِقـــ ُّر ِبــــ ِه َقــــرا ُر جـ -قال ال�شاعر ف�ؤاد الخطيب: �َسلا ٌم َعلى �َش ْي ِخ ال َجزي َر ِة ُك ِّلها �َســــلا ٌم َعلـى تاري ِخـ ِه ال ُم َت�َألِّ ِق النشاط عد �إلى كتاب تاريخ ا ألرد ّن لل�صف الحادي ع�شر ،الف�صل الخام�س ،واكتب تقري ًرا عن الثورة العربية الكبرى ،واعر�ضه على زملائك. 96
ثالثًا� :شعر التفعيلة ()1 يع ّد �شعر التفعيلة ثورة حقيقية في عالم ال�شعر العربي ،و أ�هم حلقة في تطوره ،فهو �شعر موزون تحرر من وحدة القافية والبحر العرو�ضي ،والتزم نظام التفعيلة� ،إذ تتكرر التفعيلة الواحدة في الق�صيدة ك ّلها ،ولا يتقيد بعدد معين من التفعيلات في كل �سطر. ويمكن القول �إن البداية الحقيقية ل�شعر التفعيلة كانت عام 1947م حين ن�شرت نازك الملائكة ق�صيدة في �شعر التفعيلة بعنوان(الكوليرا) ،وفي العام نف�سه ن�شر بدر �شاكر ال�سياب ديوانه (�أزهار ذابلة) وفيه ق�صيدة من �شعر التفعيلة بعنوان (هل كان ح َّبا). ومن أ�علام �شعر التفعيلة كذلك� :صلاح عبد ال�صبور ،وفدوى طوقان ،ومحمود دروي�ش، و�أدوني�س ،ونزار ق ّباني .ومن رواده في ا ألرد ّن :حيدر محمود ،وعبدالله ر�ضوان ،وحبيب الزيودي. ومن �أبرز ق�ضايا �شعر التفعيلة ومو�ضوعاته ما ي�أتي: -1الإيقاع المو�سيقي عرفت �أن �شعر التفعيلة يتحرر من نظام البحر العرو�ضي والقافية الموحدة ،ويلتزم نظام التفعيلة التي تتكرر في ال�سطر ال�شعري ح�سب التدفق ال�شعوري لل�شاعر التي تتطلب الإطالة تارة ،والق�صر تارة أ�خرى .ومن �أدوات ال�شاعر لتحقيق الإيقاع المو�سيقي التكرار ب أ�نواعه، مثل تكرار ا ألحرف أ�و الكلمات �أو العبارات أ�و ا أل�سطر ،واختيار ا أللفاظ الر�شيقة المتناغمة. ففي المقطع ا آلتي من ق�صيدة « �أغنية ل ألر�ض» لل�شاعر حيدر محمود نجد �أن تكرار ا ألحرف والكلمات قد �أ�ضفى على الق�صيدة �إيقا ًعا مو�سيق ًّيا غنائ ًّيا ،يقول: يا ِبلادي ِم ْث َلما َي ْك ُب ُر في ِك ال�َّش َج ُر ال َّط ِّي ُب َن ْك ُب ْر َفا ْز َرعينا َف ْو َق َأ� ْهدا ِب ِك َز ْيتو ًنا َو َز ْع َت ْر ( )1وي�سمى �أي ً�ضا بال�شعر الحر ،وال�شعر الجديد ،و�شعر الحداثة ،وال�شعر المعا�صر. 97
َوا ْح ِملينا أَ� َملاً ِ ،م ْث َل َ�صبا ِح العي ِدَ ،أ� ْخ َ�ض ْر َوا ْك ُتبي َأ��ْسما َءنا في َد ْف َت ِر ال ُح ِّبَ :ن�شامى َي ْع َ�شقو َن \" ال َو ْر َد \" ،ل ِك ْن َي ْع َ�شقو َن \"ا ألَ ْر�َض\" �َأ ْك َث ْر َق ْد َر�َس ْمنا ِك َعلى ال ُّد ْفلى َوقاما ِت ال�َّسنا ِب ْل غا َب ًة ِللَأ ْع ُي ِن ال�ّسو ِد َو َح ْقلاً ِم ْن َجدا ِئ ْل -2ال�صورة ال�شعرية ترتبط ال ّ�صورة ال�شعرية ارتبا ًطا وثي ًقا بال ّتجربة ال�ّشعرية ،وهي طريقة لل ّتعبير عن ق�ضاياه في �صورة ف ّنية تتوافق وحالاته ال ّنف�سية ،فقد تخل�ص ال�شاعر في �شعر التفعيلة من القافية الموحدة الّتي تق ّيد �أحيا ًنا ُ�صوره وم�شاعره و�أطلق العنان لل ّ�صورة ال�ّشعرية .فجاءت عميقة مكثفة، وخرجت من مجرد العلاقة بين الم�ش ّبه والم�ش ّبه به إ�لى نوع من ال َم�شاهد أ�و ال ّلقطات الموحية المتتالية تنقل لنا �صو ًرا متلاحقة مرئية وم�سموعة ،تقول نازك الملائكة في ق�صيدة «النهر العا�شق»: أَ� ْي َن َن ْم�ضي؟ ِ�إ َّن ُه َي ْعدو ِإ� َل ْينا را ِك ً�ضا َع ْب َر ُحقو ِل ال َق ْم ِح لا َي ْلوي ُخطا ُه با ِ�س ًطا ،في َل ْم َع ِة ال َف ْج ِرِ ،ذرا َع ْي ِه إِ� َل ْينا طا ِف ًراَ ،كال ّري ِحَ ،ن�ْشوا َن يدا ُه()1 �َس ْوف َت ْلقانا َو َت ْطوي ُر ْع َبنا َأ� َّنى َم َ�ش ْينا ( )1طاف ًرا :وا�ش ًبا. 98
-3الرمز وا أل�سطورة يلحظ �أن �شعر التفعيلة كثي ًرا ما يوظف الرمز للتلميح بالمحتوى عو ً�ضا عن الت�صريح ،فالمطر رمز الخير ،والفجر رمز الحرية ،ومن الطبيعي �أن تظل هذه الرموز مفتوحة على �آفاق وا�سعة قادرة على توليد المعاني والإيحاءات المتجددة ،كما يوظف ا أل�سطورة وهذا يزيد المعنى عم ًقا ،ويرتقي بالم�ستوى الفني للق�صيدة. ويوظف بدر �شاكر ال�سياب في ق�صيدته (رحل النهار) الرمز والأ�سطورة ،فرمز بالنهار �إلى الحرية التي فقدها ،ووظف ا أل�سطورتين :ال�سندباد و�آلهة البحار للتعبير عن الحالة التي يعي�شها من ُب ْع ٍد عن الوطن ،وظل ٍم وقع عليه ،يقول: َر َح َل ال َّنها ْر ها إ�ِ َّن ُه ا ْن َط َف�َأ ْت ُذبا َل ُت ُه َعلى �أُ ْف ٍق َت َو َّه َج دو َن نا ْر َو َجل�ْس ِت َت ْن َتظري َن َع ْو َد َة ِ�س ْن ِدبا َد ِم َن ال ِ�ّسفا ْر َوال َب ْح ُر َي ْ�ص ُر ُخ ِم ْن َورا ِئ ِك ِبال َعوا ِ�ص ِف َوال ُّرعو ْد ُه َو َل ْن َيعو ْد �َأ َو ما َع ِل ْم ِت ِب َأ� َّن ُه أَ��َس َر ْت ُه آ� ِل َه ُة ال ِبحا ْر في َق ْل َع ٍة �َس ْودا َء في ُج ُز ٍر ِم َن ال َّد ِم َوال َمحا ْر ُه َو َل ْن َيعو ْد - 4الانزياح الدلالي وهو العدول باللغة عن المعنى المعهود ،والخروج عن المعنى الم أ�لوف ،وتوظيف ا أللفاظ في غير ما و�ضعت له ،وهذا يميز لغة ال�شعر ،ويعطي اللفظ دلالة مجازية ،ويزيد �شعر التفعيلة غمو ً�ضا وتعقي ًدا ،ويجد القارئ �صعوبة في فهم مراد ال�شاعر ،يقول بدر �شاكر ال�سياب في ق�صيدة \" �أن�شودة المطر\" عند الحديث عن الحاجة �إلى المطر ،فيغدو بمثابة الواهب والدافع للعمل: �أكا ُد �أَ�ْس َم ُع ال َّنخي َل َي�ْش َر ُب ال َم َط ْر 99
َو أَ��ْس َم ُع ال ُقرى َت ِئ ُّن َ ،وال ُمها ِجرين ُي�صا ِرعو َن ِبال َمجاذي ِف َو ِبال ُقلوع، َعوا ِ�ص َف ال َخلي ِجَ ،وال ُّرعو َدُ ،م ْن ِ�شدين: َم َط ْر... َم َط ْر... َم َط ْر... – 5 التنا� ّص()1 يكثر في �شعر التفعيلة التنا�ص ،فال�شاعر يوظف أ�لفا ًظا تحيل القارئ إ�لى الق�ص�ص القر آ�ني والحكايات التراثية ،ويلج�أ إ�لى التنا�ص لتقديم معا ٍن يريدها ،وت أ�كيد مواقف م�شابهة ،وقد ي أ�تي التنا�ص في عنوان الق�صيدة ،ومثال ذلك ق�صيدة حبيب الزيودي «على ماء مدين»: َعلى ما ِء َم ْد َي َن َي ْر َت ِف ُع ال ُح ُّب َ�ص ْر ًحا َو َي ْد ُم ُل ُك َّل ال ِجرا ْح َو َي ْ�أتي ال ُّرعاة... َو َت�ْسقي َلنا �َأ ُّيهذا ال َق ِو ُّي الأَمين َعلى ما ِء َم ْد َي َن َي ْم َت ُّد ُع ْم ُر ال َّ�صباح َوفي ُك ِّل َي ْوم... �َس َن ْز َر ُع ِع�ْش ًقا َولي ًدا َو َن ْر َف ُع َ�ص ْر ًحا َجدي ًدا َف إِ� ْن َه َّز ِت العا ِتيا ُت َبرا ِع َمنا �َس ُن َغ ّني: َعلى ما ِء َم ْد َي َن لا ِع�ْشق دو َن ِرياح - 6المر أ�ة لا يكاد يخلو ديوان �شاعر من ذكر المر�أة أ�و التغزل بها ،أ�و ت�صوير م�شاعره نحوها ،وربما -1التنا�ص :م�صطلح نقدي يق�صد به وجود تداخل بين ن�ص و آ�خر ،مما يجعل الن�ص في علاقة ظاهرة أ�و خفية مع ن�صو�ص أ�خرى. 100
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146