Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore مجلة محابر

مجلة محابر

Published by letsread9999, 2020-10-14 23:48:03

Description: (Mahaabir Magazine)
مجلة دورية تصدر كل ثلاثة أشهر منبثقة من مبادرة
@lets_read32
، للتواصل وإرسال المشاركات: [email protected]

Search

Read the Text Version

‫قالوا عن العدد الأول ‪:‬‬ ‫\"مجلة تلوح دائمًا في سماءنا بنجوم لا يخفت‬ ‫بريقها ع ّنا‪ ،‬نترقب إضاءتها بقلوب متلهفة‪،‬‬ ‫ونسعد بلمعانها في سماءنا مع كل عدد وكل‬ ‫إنجاز‪ ،‬وبهذه المناسبة الق ّيمة تهنئكم مؤسسة‬ ‫وقف أمة بكل فخر على ماقدمتموه وتشكر‬ ‫لكم هذا العطاء الدائم فقد كنتم أهل إبداع‬ ‫ونجاح وسعيتم وكان سعيكم مشكو ًرا‪ ،‬سائلين‬ ‫الله لكم مزي ًدا من التقدم والعطاء\"‬ ‫مؤسسة وقف شباب خير أمة‬

‫فريق التحرير‬ ‫ديباجة التحرير‬ ‫رئيسة التحرير‪:‬‬ ‫كلمة رئيسة التحرير‬ ‫أثير العمري‬ ‫الحمدللـه رب العالمـن والصـاة والسـام عـى نبينـا محمـد وعـى آلـه‬ ‫نائبة رئيسة التحرير‪:‬‬ ‫وصحبـه أجمعـن‪ ،‬أمـا بعـد‪:‬‬ ‫جميلة آل شعلان‬ ‫«الكتـــب ســـعادة الحضـــارة بدونهـــا يصمـــت التاريـــخ ويخـــرس الأدب‬ ‫لجنة المحتوى‪:‬‬ ‫ويتوقـــف العلـــم ويتجمـــد الفكـــر و التأمـــل››‬ ‫د‪/‬خلود الحارثي‬ ‫د‪/‬غالية الجدعاني‬ ‫ولأن القراءة هي أساس الحضارة ؛ حملت (مجلة محابر )‬ ‫أ‪/‬غادة الجحدلي‬ ‫على عاتقها مسؤولية نشر ثقافة القراءة وتعزيزها في المجتمع‪.‬‬ ‫عددنــا هــذا يتميــز بتقديمــه لمواضيــع متنوعــة في مختلــف المجــالات‪،‬‬ ‫تهاني سعيد‬ ‫وبــذل الجهــد لتقديــم مــادة تليــق بقرائهــا الكــرام ونأمــل أن تحــوز‬ ‫دعاء فيصل‬ ‫عــى رضاكــم كــا نتــوق إلى أن يجــد القــارئ العــربي بــن طياتهــا مــا‬ ‫سميحة الشنقيطي‬ ‫لجين سمير‬ ‫يدفعــه للقــراءة بالشــغف ‪.‬‬ ‫وعد العمري‬ ‫جمانة ثروت‬ ‫ختا ًمـــا ‪ :‬ندعـــو المتخصصـــن والأكاديميـــن والمثقفـــن ومعـــر القـــراء‬ ‫أصالة كنبيجه‬ ‫للمســاهمة في رفــع مســتوى المجلــة مــن خــال مقترحاتهــم وآرائهــم‪،‬‬ ‫مها الحجوري‬ ‫كـا نُقـ ّدم جزيـل الشـكر لفريـق التحريـر المعطـاء ولـكل مـن سـاهم‬ ‫ف ّي الغامدي‬ ‫عبير الشهدي‬ ‫في إخـراج وإعـداد هـذا العـدد‪.‬‬ ‫لجنة التصميم‪:‬‬ ‫رئيسة التحرير‪ :‬أثير العمري‬ ‫أروى فلاتة‬ ‫بهجة علي‬ ‫حنين الحربي‬ ‫رزان زياد‬ ‫سارة السلمي‬ ‫نورة الشهري‬ ‫فاطمة بابلغوم‬ ‫تدقيق لغوي‪:‬‬ ‫خلود السلمي‬ ‫لجنة العلاقات العامة‪:‬‬ ‫هياء آل ظافر‬ ‫ضيفة العدد‪:‬‬ ‫د‪ /‬صلوح السريحي‬

‫العدد الثاني‬ ‫صفر ‪ 1442‬هـ | أكتوبر ‪2020‬‬

‫الفهرس‬ ‫انحناءة قلم ‪7‬‬ ‫قواعد من الكتاب والحكمة ‪8‬‬ ‫لماذا في الليل ؟ ‪10‬‬ ‫استبصر جميل ًا ‪11‬‬ ‫بريد العدد ‪12‬‬ ‫الثلاثية في مصادف الأدب ‪13‬‬ ‫ليلة فان غوخ ‪14‬‬ ‫اعترافات قارئ في الأدب ‪15‬‬ ‫الأحرف التي انقذتني ‪16‬‬ ‫مكتبة آشور بانيبال ‪17‬‬ ‫هل بنيت مكتبك ؟! ‪18‬‬ ‫هل ستنقرض الكتب ؟ ‪20‬‬ ‫البيئة والاستدامة ‪21‬‬ ‫لقاء العدد ‪22‬‬ ‫قراءة في حكاية (حي بن يقظان) ‪24‬‬

‫انحناءة قلم‬ ‫عند ذكره يتجلى أمام أعيننا أسمى صفة ‪ ،‬وحينما يواجهنا أي إبتلاء مهما بلغ عظمته لدينا نتذكر قصة‬ ‫أيوب عليه السلام الذي فاق صبره صبر الخلائق ولكن رزقه الله مال ًا وفي ًرا وخيرا ٍت كثيرة وزوج ًة صالح ًة‬ ‫وخدم وعوضه بأربعة عشر ذكو ًرا وإناثًا‪ ،‬بعد أن ابتلاه الله ببلاء عظيم بدأ بمرض أقعده الفراش تلاه فقد‬ ‫أبناءه وخسارة ثروتة حتى كاد ألا يبقى له شيء من الدنيا ونفر منه أهله وأهل قريته ‪،‬نعم هو نبي‬ ‫ولكن الله إذا أحب عب ًدا ابتلاه‪.‬‬ ‫إنه أيوب الرجل الصالح الذاكر ربه حم ًدا وشك ًرا على ما ابتلاه به ثمانية عشر سنة فبشره الله بتخليد ذكره‬ ‫في كتابه {نعم العبد إنه أواب}‪.‬‬ ‫لو عدنا إلى زماننا هذا نجد أننا ابتلينا بالعجب ورأينا الأعجب ‪ ،‬الفايروس المنتشر وما أدراك ما كورونا !‬ ‫لكن رب ضارة نافعة تعلمنا بأن لنا رب رحيم أشتاق لعباده الغافلين حين غفلنا على النعم التي أمامنا‬ ‫وركضنا نبحث لاهثين عن أمور لاتغني ولا تسمن من جوع‪.‬‬ ‫فكورونا هذبتني نعم هذبتني ‪ ،‬علمت وفطنت بأن نعمة الصحة والسكن والعائلة عندما رأينا وجودها‬ ‫أمامنا عادة لم نشكر الله عليها ‪ ،‬فقدنا سماع التراويح في رمضان لكن اجتهدنا وجعلنا من بيوتنا مساجد‬ ‫وتلذذنا بالعبادة ‪،‬فقدنا حضور صلاة العيد جماعة لكن رأيت الشوق في الأعين وصليناها في بيوتنا جماعة‪.‬‬ ‫اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام ولك الحمد على نعمك كلها أدقها وأجلها ‪.‬‬ ‫هكذا أنت يا ابن آدم غاف ًل وتحتاج لوكزة حتى تستيقظ‪.‬‬ ‫بقلم ‪ :‬أ‪/‬غادة عثمان الجحدلي‬ ‫‪7‬‬

‫قواعد من‬ ‫الكتاب والحكمة‬ ‫يحصل أن يكون قري ًبا من متناول يدي المر ِء ما يسعى إليه‪ ،‬لكنه كثيرُ التلف ِت والسعي في اتجاها ٍت ش ّتى؛ مول ًيا‬ ‫وجهه شطر مواضع أخرى‪ ،‬يبحث فيها عن بضاع ٍة رديئة الجودة لا تقارن بما كان قري ًبا منه! فقد يتناول القارئ منا‬ ‫كت ًبا يبغي من ثناياها الحكمة والرفعة‪ ،‬ولم يدر بخلده أن يبتدئ أو ًل بما هو قري ٌب منه موض ًعا‪ ،‬وأسهل له فه ًم‪،‬‬ ‫وأنف ُس معن ًى له من كل ما خطّت عقول الناس‪.‬‬ ‫من الضروري أن ندرك جمي ًعا أن كل الكتابات البشرية مصبوغ ٌة بالثقافة التي ينتمي إليها كاتبها‪ ،‬سوا ًء ت ّقصد‬ ‫إظهارها أو نوى إضمارها بل وحتى لو لم يكترث لها! ومن الضروري أن يعي المسلم المعاصر المنكب على ه ِّم نفسه‬ ‫وجمع قُوته وتطوير ذاته‪ ،‬أنه لا توجد منظومة دينية أو فلسفية أولت (الذات البشرية) عناي ًة كبيرة كما فعل‬ ‫الإسلام! بل وتم ّيز عن غيره في تطويره للذات بخصائص‪ :‬الاتزان‪ ،‬والإحسان‪ ،‬والإيجابية‪ ،‬والشمولية‪ ،‬دون الانفكاك‬ ‫عن العبودية لله تعالى‪ ) (،‬والتي كثيرًا ما تتنصل منها أو ته ّون من شأنها منظومات التطوير الأخرى ‪-‬تصري ًحا‬ ‫أو تلمي ًحا‪ ،-‬فمنابر تطوير الذات تخضع ‪-‬كأي منتج بشري‪ -‬لأصول فلسفية مختلفة المشارب‪ ،‬كثيرٌ منها ُيتح ّصل‬ ‫في نهايته على تضخيم الذات وشدة التعظيم لقدراتها؛ مما قد يترتب عليه آثار سلوكية وعقدية خطيرة كَ َتب‬ ‫المختصون فيها‪.‬‬ ‫تعجب كثيرًا من ُزهد كثيرٍ من القراء في كنوز الِحكم الموجودة في الكتاب والسنة‪ ،‬في مقابل تهاف ٍت شديد الانبهار‬ ‫على كتب التنمية الذاتية والفلسفة الغربية؛ لأصطلح بيني وبين نفسي على تسمية هذا بـ(الزهد المذموم)‪ .‬ففي‬ ‫حين يمكنك فهم العربية وتناول تفاسير القرآن وشروح الحديث؛ اللذان شملت موضوعاتهما جوانب حياتك؛ وما‬ ‫ستحتاجه بعد مماتك‪ ،‬فالحال أن البعض غاف ٌل عن ذلك أو زاه ٌد فيه! لا أعني بهذا أن تُعرض عن تنمية ذاتك من‬ ‫غيرهما وبما لا يتعارض مع أصولك‪ ،‬ولا أعني أن تعزل نفسك عن ثقافات الآخرين المتنوعة‪ ،‬وإنما أنقر بس ّبباتي على‬ ‫كتفك ‪-‬وأنت القارئ الواعي‪ ،‬الثابت على أصوله والمرن فيما سواها‪-‬؛ لأخبرك أنك أغفلت التأمل في جمال دا ِرك‬ ‫وغناها بالمعاني والقيم‪ ،‬بينما تنظر مشدو ًها مدهو ًشا بـ(الزخرف الخارجي) لدار جيرانك!‬ ‫على أن تعلم ‪-‬يقي ًنا مبره ًنا‪ -‬أن دارك ال ِق َي ِمية والتشريعية ح ًقا أعظم وأكمل؛ وليس الأمر نسب ًيا‪.‬‬ ‫إذا اتضحت الفكرة؛ فأريد الآن تسليط أعين القراء على كتا َبين لَطيفين‪ ،‬أقترحهما كمدخل للولوج إلى كنوز الحكمة‬ ‫والتزكية في وحينا‪ ،‬واعتبارهما تمهي ًدا لمقروءا ٍت أخرى أكثر تخص ًصا‪ .‬هما‪( :‬قواعد قرآنية) و (قواعد نبوية) للدكتور‬ ‫عمر المقبل‪ .‬إذ تجد كل كتا ٍب منهما معنون ٌة موضوعاتُه برقم القاعدة‪ ،‬من القاعدة الأولى حتى الخمسين‪ ،‬فكانت‬ ‫مح ّصلة الكتا َبين‪ )100( :‬قاعدة في النفس والحياة والعلم والأخلاق والسلوك‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫ثمة قواعد تعالج علاقة الإنسان بالله تعالى‪ ،‬وأخرى تهتم بسيرِه إلى الحياة الآخرة‪ ،‬وغيرها ُيسلط الضوء على‬ ‫السلوك مع الناس كافة‪ ،‬أو مع بعضهم خاصة كالأهل والحكام‪ ،‬أو أخص من ذلك كقواعد لسياسة الإنسان لذاته‪.‬‬ ‫فأما استخراج قواعد من القرآن؛ فلأنه بلا شك الكتاب المعجزة‪ ،‬لبلاغة بيانه‪ ،‬ولما حواه من عقائد فطرية قويمة‪،‬‬ ‫وتشريعات شاملة حكيمة‪ ،‬وأخبار ماضية ومستقبلية سليمة‪ ،‬وغيرها من أوجه الإعجاز‪ .‬وأما القواعد النبوية فهي‬ ‫لِما آتاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم من خصيصة (جوامع ال َكلِم)‪ ،‬ف ُتختصر على لسانه المعاني العظيمة في‬ ‫كلمات قليلة‪.‬‬ ‫ولعل أعظم ثمرات قراءة هذه القواعد هو تسهيل استحضارها الذهني وقت الحاج ِة العملية! فإذا أقبل يتحدث‬ ‫أو يكتب تذكر‪{ :‬وقُولوا للنا ِس ُحس ًنا} وإذا أراد أن يتعلم استحضر‪« :‬احرص على ما ينفعك‪ ،‬واستعن بالله ولا‬ ‫تعجز»‪ ،‬وإذا غضب من أحدهم انتبه إلى‪« :‬ليس الشديد بالصرعة» و «ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا»‪ ،‬وإذا ت ّفرق‬ ‫سبيله عن رفيق عمل بـ{ولا تَن َسوا الفض َل َبي َنكم}‪ ،‬وإذا كان في موض ِع مقارن ٍة أو حكم ف ّز قلبه لـ{إ ّن الل َه يأم ُر‬ ‫بالعدل} و»الظلم ظلمات يوم القيامة»‪ ،‬وإذا خلا بنفسه يتأمل وضعها ويعاتبها فيحاكمها إلى‪{ :‬فاتقوا الل َه ما‬ ‫استطَع ُتم} و «لا تحقرن من المعروف شي ًئا» و {و َمن تز ّك فإنما يتز ّك لِنف ِسه} وهكذا في شأنه كله‪.‬‬ ‫إن المأمول ههنا تسهيل التطبيق العملي للوحي؛ ل ُيزكي المسلم نفسه‪ ،‬منطل ًقا من إيمانه العميق بـ{إ َّن هذا القرآ َن‬ ‫يهدي للتي ِه َي أق َوم} مدر ًكا أن هدايته تتجاوز المكان والزمان‪ ،‬ومستحض ًرا لخطاب الله لنبيه صلى الله عليه‬ ‫وسلم‪{ :‬وأنز َل الل ُه علي َك الكتا َب والحكم َة وعلّم َك ما لم تكن تعلم وكا َن فض ُل الل ِه علي َك عظي ًم}‪ ،‬إذ محصل تفسير‬ ‫أكثر المفسرين هو تفسير الحكمة بالسنة؛ ( ) ولَكم ندندن بأن نستفيد من الحكمة أ ًيا كان قائلها! ولَكم نزهد في‬ ‫ذخائر السنة النبوية التي وصفها الله بالحكمة! فـ((هل يليق بنا أن نفرط في تلك الكنوز التي وهبنا الله إياها‬ ‫دون عناء أو تعب؟ وقد وصلت إلينا محفوظة مصونة منقحة))؟ ( )‬ ‫((إن الوسيلة الأولى لإصلاح النفس وتزكية القلب والوقاية من المشكلات وعلاجها هو العلم‪ .‬ووسيلته الأولى‬ ‫القراءة والكتاب؛ لذلك نجد أن الله سبحانه وتعالى لما أراد هداية الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور أنزل‬ ‫إليهم كتا ًبا ُيقرأ‪ ) ( ))..‬فبين يدي َك (الكتاب والسنة)‪ ،‬ف ُخذ الكتاب بقوة‪ ،‬و ُعض على السنة بالنواجذ‪ ،‬بل وافرح‬ ‫بهما؛ فمنهما ننهل ما ت ُتحصل به التزكية الحقيقية والسعادة الأبدية‪.‬‬ ‫جمانة ثروت‬ ‫‪9‬‬

‫لماذا في الليل ؟‬ ‫حتــى الصبــاح ليخبــز منهــا رغيفــاً شــهياً‪ ،‬وهــو يحــر‬ ‫لطالمــا ســألت نفــي كلــا رأيــت غــاف كتــاب «‬ ‫هــذه العجينــة في «الليــل حــن توقــد مصابيــح المكتبــة‬ ‫ألبرتــو مانغويــل «(المكتبــة في الليــل ) لمــاذا في الليــل ؟‪.‬‬ ‫‪،‬ويحتفــي العــالم الخارجــي ولا يبقــى في الوجــود ســوى‬ ‫مــاذا عــن النهــار ؟أغلــب الباحثــن يرتــادون المكتبــات‬ ‫فضــاء الكتــب ‪...‬في الظــام والنوافــذ مضــاءة وصفــوف‬ ‫العامـــة والجامعيـــة والتجاريـــة نهـــاراً وأغلبهـــا لا تفتـــح‬ ‫الكتــب تتألــق ‪،‬تغــدو المكتبــة فضــا ًء مغلقــاً « ‪.‬‬ ‫ليــاً ‪ ،‬فلــاذا يخــص مانغويــل الليــل ؟‬ ‫أمـــا «النهـــار فالمكتبـــة هـــي مملكـــة النظـــام ‪...‬توحـــي‬ ‫بـــدأت في البحـــث عـــن إجابـــة ترضينـــي مـــن خـــال‬ ‫بصــدى نظــام واقعــي بســيط ومعتــدل للعــالم ‪ ،‬أمــا في‬ ‫قـــراءة الكتـــاب وهـــو لكاتـــب ارجنتينـــي ‪/‬كنـــدي‬ ‫الليـل تبـدو منتشـية وسـعيدة بفـوضى العـالم « ‪،‬لذلـك‬ ‫‪،‬ومترجــم لعــدة لغــات ‪،‬وقــد عمــل في مراهقتــه قــارئ‬ ‫هـــو يقـــرأ في الليـــل بفكـــر خـــال مـــن الهمـــوم يـــكاد‬ ‫للكاتــب والشــاعر والناقــد بورخيــس الــذي كان يعــاني‬ ‫مـــن مشـــكلة في النظـــر ‪،‬فأكســـبه ذلـــك ثقافـــة عاليـــة‬ ‫يكـــون لا مباليـــاً كـــا يقـــول ‪.‬‬ ‫لذلـــك هـــو اختـــار لكتابـــه زمـــن الليـــل ‪(،‬المكتبـــة في‬ ‫وغنيـــة ومنوعـــة ‪.‬‬ ‫الليــل )كتــاب ممتــع ومحتشــد بالمعلومــات عــن تاريــخ‬ ‫قـد كنـت أظننـي أحـب الكتـب حتـى قـرأت (المكتبـة‬ ‫المكتبـــات والكتـــب والـــورق ‪،‬والمقارنـــة بـــن الكتـــب‬ ‫في الليـل ) فعرفـت كيـف يحـب الإنسـان الكتـب فيراهـا‬ ‫الورقيـــة والالكترونيـــة ‪ ،‬يســـتحضر مانغويـــل تلـــك‬ ‫المعلومـــات مـــن ذاكـــرة غنيـــة تقســـم الكتـــاب بحـــب‬ ‫كل شيء ‪،‬ويـرى مـن خلالهـا كل شيء ‪.‬‬ ‫فتكــون المكتبــة مــرة أســطورة ومــرة هويــة وســلطة و‬ ‫ونعــود للســؤال لمــاذا في الليــل ؟عندمــا تكــون القــراءة‬ ‫شـــغفاً « لا تكـــون المكتبـــة في الليـــل لأي قـــارئ « كـــا‬ ‫وطنـــاً و وســـيلة بقـــاء وأكـــر مـــن ذلـــك ‪.‬‬ ‫يقـول مانغويـل ‪،‬فالكتـب بقصصهـا «موجـودة عـى حـد‬ ‫د‪/‬خلود سفر الحارثي‬ ‫ســواء أثنــاء النهــار‪ ،‬لكــن‪ ،‬ربمــا بســبب حضــور أشــباح‬ ‫الليــل والأحــام الملهمــة ‪،‬يغــدو وجودهــا أكــر إشراقــاً‬ ‫بعـد غـروب الشـمس « ‪،‬ويـرح مانغويـل طريقتـه في‬ ‫القــراءة ليــاً ‪،‬فيقــول « طريقتــي في القــراءة تبــدو أنهــا‬ ‫تخــرق كل عضلــة مــن جسـمي ‪،‬ولهـذا عندمــا أقــرر في‬ ‫نهايـة اليـوم أن أطفـي ضـوء المكتبـة ‪،‬فأنـا أحمـل معـي‬ ‫إلى النـوم أصـوات وحـركات الكتـاب الـذي كنـت أغلقتـه‬ ‫للتـو ‪.‬لقـد تعلمـت مـن الخـرة الطويلـة بـأني إذا أردت‬ ‫أن اكتـب في الصبـاح حـول موضـوع معـن ‪،‬فـإن قـراءتي‬ ‫عـــن هـــذا الموضـــوع في الليـــل ســـوف تمـــ ّون أحلامـــي‬ ‫ليـــس بالحجـــج فحســـب بـــل بالأحـــداث الحقيقيـــة‬ ‫للقصــة أيضــاً» ‪ ،‬إذن هــو يشــحن عقلــه الباطــن قبــل‬ ‫النــوم بمــا يقــ ّوت بــه عملــه القــادم ‪،‬ويــرك لللاوعــي‬ ‫مهمــة ربــط المعلومــات والأحــداث والأشــخاص ببعضهــا‬ ‫عــى نحــو حــر ومترابــط ‪ ،‬وكأنــه يــرك عجينــة لتتخمــر‬ ‫‪10‬‬

‫استبصر جميل ًا‬ ‫المشــارق والمغــارب‪ .‬وعــن شــالك راوي يقــص القصــص‬ ‫اســتبصر الجميــل في الخالــق و مــا خلــق و مــا أودعــه‬ ‫لقــوم يتفكــرون في أثيرهــا ويســتبصرون جميلهــا‪ ،‬ومــن‬ ‫في النــاس مــن ُملــكات تكتــب عــى ورق‪ .‬مــن رحمــ ِة‬ ‫فوقــك نــوادر مــن أزمنــة بادئــة وحيــوات زائلــة نقلــت‬ ‫اللـــه بهـــم أن وهبهـــم قلـــ ًا يخطـــون بـــه مـــا اعتـــى‬ ‫إلينـــا بمواكـــب الحقـــب والأجيـــال‪ .‬واســـتعذ باللـــه أن‬ ‫عــرش فكرهــم وفؤادهــم‪ .‬يصفــون بــه مكنــون لِبابهــم‬ ‫يباغتــك مــن تحتــك مهــازل ادعــت أنهــا أدبًــا وماهــي‬ ‫ويشـــيعون في الآفـــاق ترانيـــم أطيـــار ماضـــن بهـــا إلى‬ ‫في الأدب إلا هوامـــش‪ .‬وإن طفـــت بـــن تلـــك المســـاعي‬ ‫الأبـد‪ .‬فأنتجـوا ذكـ ًرا جميـ ًا اسـموه الأدب ليعـروا عـن‬ ‫لوجــدت في الأدب بدائــع شــتى‪ .‬ففيــه مــا يعــي قيمــة‬ ‫شـعور اختلـج الـروح والبـدن‪ .‬ويـرك مـن الأثـر مايبهـج‬ ‫المـرء ويعلمـه المبـادئ‪ ،‬وفيـه مـا يـزرع القيـم ويجعلهـا‬ ‫أو مــا يدعــو إلى الشــجن‪ .‬فــراح كل كاتــب يكتــب مــا‬ ‫راســـخات كالبواســـق‪ ،‬وفيـــه مـــا يصـــدح طال ًبـــا مـــن‬ ‫يمــأ بــه إنــاءه لينضــح آمالــه وغاياتــه‪ .‬ويرشــق الحــر‬ ‫النفـــوس إظهـــار ســـموها الراقـــي؛ لتُنهـــض بـــه مجـــد‬ ‫رشـــ ًقا؛ ليحـــرر مـــا تقبضـــه روحـــه مـــا علـــم وعـــرف‪.‬‬ ‫البشريــة الباقــي‪ ،‬وفيــه مــا دون ذلــك‪ .‬ولــأدب القــدرة‬ ‫وبهـــذا صـــار لـــأدب ألـــوان وأشـــكال عـــده تتـــوارى في‬ ‫عـى تدويـن الجـال وإضفـاء لمسـة حانيـة عـى أفئـدة‬ ‫الوجــود كي لا يراهــا إلا قاصدهــا أو باحــث عــن جــذ ٍل‬ ‫مرتاديــه‪ .‬فأستســ ِق مــن فيوضــه نميردافــق يــروي ضــأ‬ ‫ُيلــئ صــدره حبــو ًرا فــأبى النعيــم إلا بــن حــواني الأدب‪.‬‬ ‫ذاتــك التواقــة لبديعــه وحســن تراكيبــه‪ .‬واقتبــس منــه‬ ‫فـــا بـــن يديـــك نـــر خاطـــر ُكتـــب إمتنانًـــا ليُســـدد‬ ‫قب ًسـا جميـ ًا يُنـر خلـدك إذا جنـت عليـه الحـرة فيـا‬ ‫ويقــارب مــا أدركــه مــن فضائــل الأدب‪ .‬ومــن خلفــك‬ ‫يقــرأ‪ .‬وامــرح بدنيــا الجــال و تعجــب! فــا أثمــن مــن‬ ‫ديـوان شـاعر و معلقـات كالسـتائر حفظـت بـن دفـات‬ ‫الكتــب بمــا فيهــا مــن سرائــر‪ .‬وعــن يمينــك صحائــف‬ ‫التلــذذ ببديــع البيــان و ســحر الــكلام‪.‬‬ ‫ألصقـــت ببعضهـــا تحـــي صروف حيـــاة مرتحـــل بـــن‬ ‫تهاني سعيد‬ ‫‪11‬‬

‫بريد العدد‬ ‫بهـذه الآيـة ( َوالل ُه يَ ُعلَـ ُم َو أَنْتُـ ْم لاَ تَ ْعلَ ُمـو َن )لاتنـى أنـك كنـت مـع‬ ‫في فـــرة مـــن فـــرات حياتـــك ستشـــعر بالعجـــز و أن‬ ‫الله في بدايـة الأمـر لـذا سـيكون الله معـك و سـرفعك في كل سـقوط ‪.‬‬ ‫هنـــاك شيء مـــا يضغـــط عـــى مابـــن صـــدرك ليحـــاصرك‪،‬‬ ‫صديقـي القـوي تذكـر أن بعـض الدعـوات لا تُسـتجاب في لحظتهـا‬ ‫حينهـا ستشـعر أن جميـع الطـرق مغلقـة و يطغـى عليـك الجانـب‬ ‫لأنهـــا ليســـت اللحظـــة المناســـبة بـــل ستُســـتجاب في لحظـــات‬ ‫السـوداوي لـرى أن مـا مـن أمـل حتـى لـو سـلكت الطريق المسـتقيم‪.‬‬ ‫مميـــزة لتجعلـــك تتـــذوق حـــاوة اللحظـــة فـــالله يختـــار أوقـــات‬ ‫في هـذه اللحظـات أريـدك أن تتذكـر بأنـك لسـت إلا في مرحلـة عنـق‬ ‫الإجابــة في تلــك اللحظــات ليخــرك بأنــه معــك مادمــت تســعى ‪..‬‬ ‫الزجاجـة قـد تضيـق بـك السـبل و تحـاصرك المسـاوىء وربمـا تصبـح‬ ‫تخيـــل بـــأن ملـــك مـــا كان بصحبتـــك و عشـــت‬ ‫لا تملـك شـيئًا سـوى إيمانـك بذاتـك الـذي بـدأ يتـاشى رويـ ًدا رويـ ًدا‬ ‫هـــذه اللحظـــات معـــه فقـــدم لـــك كل مـــا تحتـــاج في‬ ‫ثـــم تتفاجـــئ بـــأن الحيـــاة قـــد أصبحـــت مختلفـــة فـــا‬ ‫نفـــس اللحظـــة هـــل ستشـــعر حينهـــا بـــأي ضيـــق !!‬ ‫ســـبيل لـــأسى ســـتجد أنـــك خرجـــت مـــن عنـــق الزجاجـــة !‬ ‫حتـــ ًا لـــن تشـــعر ‪ ..‬و لكـــن أريـــد أن أصرف نظـــرك لـــيء مـــا‬ ‫هـــل تعلـــم مـــا الـــر حينهـــا أو ماهـــو طـــوق‬ ‫‪:‬حينـــا نســـقط نحـــن نتعلـــم فـــا يوجـــد هنـــاك شـــخص منـــا لم‬ ‫النجـــاة الـــذي ســـاعدك للتخلـــص مـــا تشـــعر؟‬ ‫يســقط و لكــن العــرة هنــا بالنظــر للطــرف الجيــد مــن كل ســوء‬ ‫إنـــه الإيمـــان بـــالله فبينـــا أنـــت حائـــر لا تعلـــم مـــاذا يحـــدث و‬ ‫لأننــا حينــا نســقط نركــز عــى مــا ســيزيد مــن بأســنا ليقنعنــا‬ ‫بينـــا لســـانك يلهـــج طيلـــة تلـــك الأشـــهر بالدعـــاء تتيقـــن أن‬ ‫بالرضـــوخ فهـــل ســـنكون ممـــن يســـقط ليوقـــع بنفســـه أكـــر أم‬ ‫لــكل شيء ســب ًبا خفــي ‪ ،‬فلــاذا حينهــا كنــت تعتبرهــا النهايــة!!‬ ‫ســنكون ممــن يســقط ليصعــد بطــوق نجاتــه مــع ملــك الملــوك؟‬ ‫لـــي نقـــول أن هـــذه هـــي النهايـــة فأنـــت عندهـــا تكـــون عـــى‬ ‫وشـــك الاستســـام وكأنـــك عـــى حافـــة بـــرج مـــا لتثبـــت بـــأن‬ ‫ضعفـــك قـــد غلبـــك و لكـــن هـــل تعلـــم مـــاذا ســـيحدث حينهـــا؟‬ ‫لن تلبث إلا قليلاً في سـقوطك ثم سـرفعك طائر الأمل و يذكرك‬ ‫كتبته الاخصائية النفسية المساعدة ‪:‬‬ ‫دعاء فيصل‬ ‫‪12‬‬

‫الثلاثية في مصادف الأدب‬ ‫َصـ َّو َر لنـا حـال الطبقـة الوسـطى والشـارع بأحرفـه في ثلاثيـة يجــول بقــراءة الثلاثيــة « أنهــا في غايــة البســاطة وفي غايــة مســرته‪ ،‬فقــدم الكثــر مــن الأعــال الســينمائية مــن خــال‬ ‫القاهــرة بأجزاءهــا الثــاث « بــن القصريــن‪ ،‬قــر الــرق‪ ،‬التعقيـد أيضـاً ولهـذا تسـتطيع “بـن القصريـن” أن تهـز القـارئ معرفتــه بالمخـرج صـاح أبـو سـيف والـذي شــجعه و اقـرح‬ ‫الســكرية « فقـال لـه النقـاد أيـن كنـت يـا محفـوظ عنـا‪ .‬لأنهـا عـالم رحـب شـامل عميـق ضمـن مسـار روائي مقسـم إلى عليـه الدخـول بعـالم السـينما وكتابـة السـيناريوهات وكانـت‬ ‫عـاش الـروائي الكبـر نجيـب محفـوظ عبـد العزيـز إبراهيـم مجموعـة مـن اللوحـات مجموعهـا ‪ 71‬لوحـة تمثـل كل منهـا أول أعمالـه التـي تأخـر إصـداره حتـى عـام ‪ « 1948‬مغامـرات‬ ‫أحمـد باشـا حيـاة علميـة وأدبيـة في كنـف والـده عبدالعزيـز لحظــة زمنيــة نابضــة بالحيــاة «‪ ،‬وتحــدث محمــود الشــنواني عنــر وعبلــة «‪ ،‬فــكان في بعــض الأحيــان المخــرج أبــو ســيف‬ ‫باشــا ووالدتــه فاطمــة مصطفــى قشيشــة الــذي كان والدهــا عـن رفقـة نجيـب بكتـاب قـام بتأليفـه عنـه وسـ ّاه «ثلاثـون يشـاركه بكتابـة السـيناريو‪ ،‬واسـتمر بالتأليـف في عـالم السـينما‬ ‫أحـد علـاء الأزهـر‪ ،‬و ُولـد محفـوظ في حـي الجماليـة بمدينـة عامـاً في صحبـة نجيـب محفـوظ» وحـى بـأن رحلتهـا م ًعـا حتـى عـام ‪ 1959‬ومـن بعدهـا ُكلـف مـن قبـل الوزيـر بـأن‬ ‫القاهــرة في الحــادي عــر مــن ديســمبر عــام ‪ ،1911‬وكان بـدأت بالكليـة عـام ‪ ،1976‬مضي ًفـا سرده أبـرز سـات نجيـب يشــغل منصــب مديــر عــام للرقابــة عــى المصنفــات الفنيــة‪،‬‬ ‫هنالــك فــار ٌق بالســن بينــه وبــن إخوتــه لــذا والــداه كانــا الشــخصية ومنهــا التزامــه بالمواعيــد غــر حديثــه عــن عالمــه فنجيــب محفــوظ لم يكــن فقــط أدي ًبــا؛ فقــد تــولى العديــد‬ ‫يعاملانـه كطفـ ٍل وحيـد‪ ،‬وأخـرج لنـا مـن ذاك الحـي الـذي كان بالتأليـف وعائلتـه‪ ،‬و رصـد الشـنواني جلسـات نجيـب محفـوظ مـن المناصـب الأخـرى‪ ،‬و ُعـرف محفـوظ بانعـدام الرغبـة لديـه‬ ‫يسـتلهم منـه الجمـل بمسـرته الكتابيـة العديـد مـن الأعـال بالمقاهــي مــع الأصدقــاء مشــ ًرا إلى كتَّــاب وشــخصيات لم بالسـفر لشـدة حبـه وانتـاءه لوطنـه؛ حتـى أنـه أرسـل ابنتـه‬ ‫الأدبيـة الفـذة ومنهـا حصـد عـى عـدة جوائـز في مجـال الأدب‪ ،‬تحظـى بالشـهرة‪ ،‬وأن مـا يميـز نجيـب محفـوظ قدرتـه عـى عو ًضـا عنـه لتسـتلم جائـزة نوبـل في الأدب التـي حـاز عليهـا‬ ‫ومــن هنــا أســتطيع قــول أن قلمــه الــذي حــى لنــا حــال إيجـاد نقطـة إيجابيـة مشـركة بينـه وبـن كل شـخص يتعامـل عـام ‪ 1988‬ليكـون أول أديـب عـربي يتـوج بجائـزة نوبـل‪.‬‬ ‫الشـوارع الشـعبية أسـتحق أن ُينـح نوبـل‪ ،‬نعـم إنهـا الثلاثيـة معـه‪ ،‬إلى جانـب فراسـته في فهـم مفاتيـح شـخصية مـن هـم غادرنــا أديــب نوبــل عــام ‪ 2006‬راحــ ًا تــار ًكا فرا ًغــا كبــ ًرا في‬ ‫أحــد أهــم رواياتــه التــي نالــت عــى جائــزة نوبــل العالميــة حولـه‪ ،‬بحيـث أنـه يقـدم لمسـات شـخصية مـع كل مـن يحظـى مجـال الأدب العـربي وحيـاة أصدقـاءه ومحبيـه وجمهـوره مـن‬ ‫في الأدب‪ ،‬وعـ َّرف مـن خلالهـا العـالم أجمـع عـى مـن يكـون بصحبته‪.‬بـدأ نجيـب دراسـته عنـد دخولـه «ال ُكتّـاب»‪ ،‬وأكمـل القـراء‪ ،‬ولكـن بقيـت بحوزتنـا مؤلفاتـه التـي حتـى يومنـا هـذا‬ ‫نجيـب محفـوظ‪ ،‬ويعتـر محفـوظ الـذي أوصـل الأدب العـربي تعليمـه ومـن هنـا أخـذ اهتمامـه يـزداد نحـو الأدب العـربي تُقـرأ وتتـوارث جيـ ًا بعـد جيـل‪ ،‬ومـن الصعـب حـر سـرة‬ ‫إلى العالميــة مــن قامــة الكتّــاب والمؤلفــن عــى مــر العصــور وكان صاحـب الفضـل التأثـر الأكـر عليـه هـو الكاتـب حافـظ أديـب قامـة مثـل نجيـب محفـوظ بهـذه الأحـرف القليلـة فقـد‬ ‫وتشـهد لـه أحرفـه بمؤلفاتـه عـى رصانـة الكلمـة وتفـرده بهـا نجيــب‪ ،‬وبعــد انتهــاءه مــن دراســته في ال ُكتَّــاب‪ ،‬التحــق أبـدع برسـم الكلمـة وتفـرد بصياغـة سـحر الجمـل التـي تجذب‬ ‫عـن بقيـة الـرواء‪ ،‬فقـد كانـت مؤلفاتـه لا تخلـو مـن وصـف محفــوظ بالجامعــة المصريــة في عــام ‪ ،1930‬ودرس الفلســفة‪ ،‬قارئهـا‪ ،‬وأجمــل مـا خــط قلـم محفـوظ لنــا قائـ ًا ‪« :‬الحيـاة‬ ‫الحيــاة الاجتماعيــة في زحمــة الشــوارع‪ ،‬فقــد منحنــا قلــم وأخـذ يحـ َّر بعدهـا لرسـالة الماجسـتير في الفلسـفة التـي كان والمــوت‪ ،‬الحلــم واليقظــة‪ ،‬محطــات للــروح الحائــر‪ ،‬يقطعهــا‬ ‫نجيـب أربـع وثلاثـون روايـة وعـرات القصـص وصنفـت أحـد عنوانهــا « الجــال في الفلســفة الإســامية «‪ ،‬ثــم قــرر فيــا مرحلـة بعـد مرحلـة‪ ،‬متلقيًـا مـن الأشـياء إشـارات وغمـزات‪،‬‬ ‫أهـم رواياتـه مـن أفضـل مئـة روايـة عربيـة مـن قبـل « اتحـاد بعـد أن يتجـه لمجـال الأدب لمـا فيـه مـن توسـع وآفـاق كبـرة‪ ،‬متخبطًـا في بحـر الظلـات‪ ،‬متشـبثًا في عنـاد بأمـل يتجدد باسـ ًا‬ ‫ال ُكتــاب العــربي « فــكان اســم محفــوظ يحتــل المركــز الأول وفي منتصـف الثلاثينيـات بـدأ نجيـب التأليـف ونـر القصـص في غمـوض‪ .‬عـم تبحـث أيهـا الرحالـة؟ أي العواطـف يجيـش بها‬ ‫القصــرة في مجلــة « الرســالة « فكانــت أول رواياتــه « عبــث صـدرك؟ كيـف تسـوس غرائـزك وشـطحاتك؟ لم تقهقـه ضاحـكاً‬ ‫«بثلاثيـة نجيـب محفـوظ» كـا أسـاها البعـض‪.‬‬ ‫وقــد أشــاد الأديــب والكاتــب طــه حســن بنجيــب محفــوظ الأقـدار « التـي قـدم لنـا فيهـا مفهومـه عـن الواقعيـة التاريخية‪ ،‬كالفرســان؟ ولم تــذرف الدمــع كالأطفــال؟ وتشــهد مــرات‬ ‫قائــ ًا «أتــاح للقصــة أن تبلــغ مــن الإتقــان والروعــة ومــن وهنـا أنطلـق محفـوظ في مجـال الأدب وألـ َّف عـدة روايـات من الأعيـاد الراقصـة‪ ،‬وتـرى سـيف الجـاد وهـو يـرب الأعنـاق‪،‬‬ ‫العمـق والدقـة ومـن التأثـر الـذى يشـبه السـحر مـا لم يصـل أهمهـا « أولاد حارتنـا «‪« ،‬ميرامـار»‪ ،‬و» قشـتمر «‪ ،‬إضافـ ًة إلى وكل فعـل جميـل أو قبيـح يسـتهل باسـم الله الرحمـن الرحيم»‪.‬‬ ‫لجين سمير‬ ‫إليـه كاتـب مـري قبلـه»‪ ،‬بالإضافـة إلى أن نجيـب سرور أخـذ مجموعـة قصصيـة فريـدة مـن نوعهـا مثـل « الفجـر الـكاذب»‪،‬‬ ‫ينقــد محفــوظ نقــ ًدا رفيــع المســتوى قــال فيــه بعدمــا أخــذ و « أصــداء الســرة الذاتيــة «‪ ،‬وقــد كان للســينما نصيــب في‬ ‫‪13‬‬

‫ليلة فان جوخ‬ ‫نجوم تدور في السماء بشكل هستيري‬ ‫نجوم صفراء لا تبدو منيرة‬ ‫سما ٌء كما لو أن البحر ينبع منها‬ ‫كان غوخ يطل برأسه من نافذته‬ ‫ويرى مالا يراه غيره‬ ‫يرى وحده هذا الخوف‬ ‫يرى الحيرة تضيء فوقه كالنجوم‬ ‫لم يعلم أح ًدا‬ ‫بأنه‬ ‫هناك‬ ‫يصنع‬ ‫تلك‬ ‫النجوم الوحيدة‬ ‫يصنع تلك‬ ‫السماء الفريدة‬ ‫نام غوخ‬ ‫ولكن‬ ‫ليلته ظلّت مستيقظة‬ ‫كانت روحها‬ ‫كاللون‬ ‫الذي يغزو‬ ‫الزمان‬ ‫ولا يتلاشى‬ ‫رحل‬ ‫ولم يعلم‬ ‫سماءه‬ ‫تشبه‬ ‫سما ًء‬ ‫نملك‬ ‫بأننا كلنا‬ ‫سماء‬ ‫شاردة تظهر‬ ‫لنا عندما‬ ‫نقف أمام نافذة‬ ‫تطل على‬ ‫لون حزين‪.‬‬ ‫وعد العمري‬ ‫‪14‬‬

‫اعترافات قارئ في الأدب‬ ‫«لطالما كان الأدب وسيبقى واح ًدا من القواسم المشتركة في التجربة البشرية» ماريو بارغاس يوسا‬ ‫التأويلات (بين الكاتب والقارئ والنص)‪.‬‬ ‫أح ُّب قراءة الأدب‪ ،‬محبة متعد ّية تجعلني أح َّب فهم العمل ّية كاملة منذ‬ ‫«لا يوجد كاتب سيرغب في قول ما أراد تبليغه بصدق من خلال كتاباته‪.‬‬ ‫ولادة الفكرة في رأ ِس كات ِب ما وحتى صدور ذاك الكتاب الذي تتناوله‬ ‫أيدي الق ّراء والن ّقاد‪.‬‬ ‫هناك ما يشبه الأفق الغامض حينما يريد المرء أن يبدأ الكتابة وتقوم‬ ‫اللغة بعدها بتحديد ما تستطيع قوله ومقدار ما تنوي أن تكتب عنه‪».‬‬ ‫يثيرني التطفل على عالم كاتب الرواية مث ًل‪ ،‬فأسأل نفسي بعد جملة ما‪،‬‬ ‫كثي ًرا ما حاولت معرفة ما يريد الكاتب قوله «تحدي ًدا» والآن أدرك جيّ ًدا‬ ‫أو موقف ما‪ ،‬أو ردة فعل معينة تبديها إحدى الشخصيات‪:‬‬ ‫كم أن تحدي ًدا هذه عابثة‪ ،‬ليس هناك في الأدب شيء يُكتب أو يُقرأ على‬ ‫ما الذي حدث داخل رأسه؟ وبماذا شعر حين كتب هذا المقطع؟ كيف‬ ‫وجه الدقة والتحديد حتى وإن أشرنا إليه صراحة‪ ،‬لأ ّن أمواج التأويل‬ ‫تك ّونت هذه الشخصية على يديه؟ وأ ُّي الهواجس تلك التي يحاول‬ ‫ُيكن أن تجرفنا في أ ّي لحظة إلى مرافئ لم نتوقعها في كل مرة‪.‬‬ ‫التخلص منها؟ ما بواعث رغبته المل ّحة التي حاول تشريحها على طاولة‬ ‫وهذا يعني أ ّن النص قد يأخذنا أحيانًا إلى مناطق لم يقصد الكاتب‬ ‫قصته وأمام مرأى قارئه؟ وهكذا دواليك‪ ،‬أسئلة و ّلدة‪ .‬لا تتوقف وإن‬ ‫وصول ق ّرائه إليها وهذا ما يؤكده أمبرتو إيكو بقوله‪ « :‬إن النص جهاز‪،‬‬ ‫تعثرنا بها هو وأنا‪.‬‬ ‫الغاية منه إنتاج قارئ خاص به»‪.‬‬ ‫وجدت شيئًا من إجابات تلك الأسئلة لدى أمبرتو إيكو في كتابه‬ ‫«اعترافات روائي شاب‪ ».‬وهذا ما حدث داخل رأسي القارئ حينها‪:‬‬ ‫إن القراء وخاصة قراء الأدب يقرؤون مسترشدين بما يحملونه من‬ ‫المعرفة ورصيد التجربة الإنسانية والموروثات الاجتماعية وبقدر ما‬ ‫‪ -‬آفاق البصر والبصيرة بين الكاتب والقارئ‪.‬‬ ‫يعرفون من اللغة‪ ،‬لذا لا تتطابق قراءة لقارئين‪ ،‬بل قد لا تتطابق‬ ‫يقول أمبرتو إيكو»كان عل ّي إ ًذا أن أش ّوش على القارئ أما أنا فيجب‬ ‫أن أحتفظ بأفكا ٍر واضحة ما أمكن‪ ،‬وأنا أتحدث عن أماكن وفضاءات‬ ‫قراءاتان لقارئ واح ٍد أحيانًا‪.‬‬ ‫« كل قارئ يخلق تناغمه الخاص مع الكتاب» ألبرتو مانغويل‪.‬‬ ‫محسوبة بدقة فائقة»‬ ‫إن الكاتب نفسه قد يعجز عن تبرير التأويلات التي يطلقها الق ّراء على‬ ‫إذن هناك خريطة في المنتصف بيننا يرسم الكاتب معالمها ويضع مفاتيح‬ ‫نصوصه وهذا ما أشار له أمبرتو إيكو في « اعترافات روائي ناشئ» مؤك ًدا‬ ‫على أن الكاتب حين يكتب فقد ُيرر لا وع ّيه أفكا ًرا مخزونة ومرتبطة‬ ‫فهمها وسبرها ث ّم ينطلق على سطحها ليكتب قصته‪ ،‬ويم ّوه الطرقات‬ ‫بعد عبوره عليها‪ ،‬حتى أم ّر كقارئ يتل ّمس مواطن اكتشافاته ومعرفته‬ ‫بقراءات ماضية أو تجارب سابقة دون قص ٍد منه‪.‬‬ ‫وهذا امتيا ٌز يُحققه الأدب لكتّابه وق ّرائه على ح ٍد سواء‪ ،‬حين يقفون على‬ ‫ووصوله‪.‬‬ ‫تعددية التجربة الإنسانية فكرة وشعو ًرا‪ ،‬فيتع ّرفون على الإنسان مرة تل َو‬ ‫لك ّن بعض الكتّاب يجتزؤون شيئًا من معالم خرائطهم ويق ّدمونها إلى‬ ‫الأخرى‪ ،‬ويختبرون طبقات مختلفة من الحياة الإنسانية‪ ،‬يتخففون معها‬ ‫ق ّرائهم‪ ،‬توضي ًحا وتسهي ًل‪ .‬لذا كثيرا ما أنزعج من وجود الصور في بداية‬ ‫أو يُثقلون بها‪ ،‬وفي الحالين م ًعا يتجاوزون حدود الجغرافيا والمعرفة التي‬ ‫فصول بعض القصص والروايات التي تُشعرني بوصاية الكاتب في رسم‬ ‫حدود مخيلتي وما يجب أن يدور فيها‪ ،‬وتضييقه لمساحات التقائي مع‬ ‫تخصهم‪.‬‬ ‫اللغة ومجازاتها‪ .‬كأنه ُيسك بيدي أنا القارئ ويشير إلى ماهية الأشياء‬ ‫‪-‬لماذا أقرأ الأدب؟‬ ‫والأماكن والأشخاص بفظاظة تامة‪.‬‬ ‫لأحصل على الامتيازات السابقة‪ ،‬ولأن ّي أحتاج إلى خاص ّية التعاطف‬ ‫أفه ُم الآن أنه بقدر ما أحتاج بصيرتي في تحسس النص وخلق عوالمي‬ ‫الإنساني مع المتخيل والواقعي فهما يسيران جن ًبا إلى جنب بتوا ٍز يجعل‬ ‫الخاصة لرؤية ما يحدث وفهمه‪ ،‬فإن الكاتب على العكس من ذلك‬ ‫يحتاج بصره حتى يستطيع المشي بثبات على أرضية النص وبناء عالمه‪،‬‬ ‫فقد أحدهما؛ فقر في التجربة‪.‬‬ ‫بقدر ما يدفعني النص إلى إغماض عين ّي ورؤية الحكاية داخلي‪ ،‬بقدر ما‬ ‫يدفع الكاتب إلى فتح عينيه على اتساعهما و وضع الأشياء والأشخاص في‬ ‫أصالة كنبيجه‬ ‫مواضعها الصحيحة‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫الأحرف التي أنقذتني‬ ‫كانت بجانبي في أيامي الأش ّد ظلمة‪ ،‬كانت بجانبي حينما اختنق صوتي وتلعثم ُت حزنًا أشكو قسوة الأيام‪ ،‬وكانت بجانبي كلّما‬ ‫ضاقت جدارن غرفتي علي‪ ،‬كانت تنسا ُب مني وكأنها بحر عميق تُرمى الأسرار بداخله‪ ،‬ولأنني لم يكن لي سبي ًل للبحر كانت الأحرف‬ ‫بمثابة بحري الخاص الذي ُكلّما ثارت بداخلي أموا ٌج من غضب أهر ُع إليه فأكتب حتى أصل لـ شاطئ هادئ فأهدأُ أنا أي ًضا‪ ،‬هكذا‬ ‫كانت الأحرف بالنسبة إلي ! كن ُت أك ُتب ك ّل شيء ! كن ُت أك ُتب الحزن وأتم ّر ُد عليه بأنني سأنتصر‪ ،‬بالمناسبة ما زل ُت حتى الآن لا‬ ‫أعلم من منا انتصر !وأي ًضا كن ُت أكتب دعواتي المُخبئة‪ ،‬استغاثاتي‪ ،‬مناجاتي لله عز وجل‪ ،‬أمنياتي البسيطة وأحلامي الكبيرة‪ ،‬أفكاري‬ ‫السخيفة ! وحتى تلك لتعليقات التي لم أكن أستطع قولها بصو ٍت مسموع كن ُت أكتبها وأنا أضحك ثم لا ألبث حتى أحذفها بعد‬ ‫أن أُشاركها أختي ونضحك سو ًيا‪ ،‬لم ت ُكن الكتابة أم ًرا اختيار ًيا بالنسب ِة إلي‪ ،‬كن ُت مجبولة عليها كالتنفس تما ًما ! فأنا كن ُت أك ُتب لأ ّن‬ ‫الأحرف كانت تُنقذني من الغرق المح ّتم‪ ،‬ث ّم عندما أخذتني الأيام دو َن أن أشعر وترك ُت الغوص في بحري الخاص‪ ،‬وفجأة بدون سا ِبق‬ ‫إنذار أصبحت العزلة أم ًرا إلزام ًيا على العالم بأسره‪ ،‬تلك العزلة التي لطالما أردتها‪ ،‬حينما صار لزا ًما عل ّي أن أعيشها أصبحت شي ًئا لا‬ ‫ُيطاق‪ ،‬كانت الأيام تمضي أو ربما لم تكن! لس ُت متيقنة من ذلك‪ ،‬ما أعلمه على وجه اليقين أنني كن ُت أختنق يو ًما بعد يوم ‪.‬‬ ‫في البداية ظنن ُت أن الضغوطات النفسية هي السبب‪ ،‬كن ُت أفعل كل شيء حتى تنام تلك المدينة التي فوق رأسي‪ ،‬لكن نامت عيو ُن‬ ‫الناس أجمع وعي ُن مدينتي لم تنم‪ ،‬عدا أنه في ليلة من الليالي كنت قد وضع ُت فيها رأسي على وسادتي وأغمض ُت عينا َي لأغفو‪ ،‬وبدأ ُت‬ ‫أردد أبيات جدي المختار رحمه الله‪:‬‬ ‫نامت عيو ٌن وسهرت عيون … لأمو ٌر تكون أو لا تكو ُن‬ ‫قد كفا َك بالأم ِس ر ًبا ما كان … سيكفي َك في غ ٍد ما يكو ُن‬ ‫فإذا بدمعة دافئة تسلك لها طري ًقا على وجنتي ‪..‬‬ ‫وبدون شعور مني مدد ُت يدي والتقطت هاتفي‪ ،‬وجدتني أكتب كل شيء‪ ،‬كتب ُت كما لو أن الحروف كانت تقتلع المدينة التي‬ ‫فوق رأسي وتطبطب علي‪ ،‬كتب ُت حتى فقد ّت إحساسي بأصابعي ثم أفل ُّت هاتفي وغفو ُت كما لم أغفو من قبل‪ ،‬أظ ّن أن الأحرف‬ ‫كانت ه َي كل ما أحتاجه ‪.‬‬ ‫سميحة حامد الشنقيطي‬ ‫‪16‬‬

‫مكتبة آشور بانيبال‬ ‫«أثمن مصدر للمواد التاريخية في العالم»‬ ‫يكـن واضحـاً لعلـاء الآثـار هـل أن الألـواح متواجـدة في هـذه الغـرف‪ ،‬أم‬ ‫تعـود أهميـة مكتبـة آشـور بانيبـال إلى أنهـا كانـت المحاولـة الأولى مـن‬ ‫أنهـا نُقلـت إليهـا ولكـن يرجـح مـن قـراءة العلـاء لعـدة اكتشـافات مـن‬ ‫نوعهـا في العهـد القديـم‪ ،‬والتـي تطمـح إلى جمـع وتقديـم المعرفـة بشـكل‬ ‫تلـك الحقبـة الزمنيـة ومـن هـذه المجموعـة أن النظـام السـائد في حضـارة‬ ‫بـاد الرافديـن كان حفـظ الألـواح في غـرف منفصلـة‪ ،‬ويتـم إحضارهـا عنـد‬ ‫نظامـي‪.‬‬ ‫الحاجــة لقراءتهــا في مــكان آخــر مخصــص للقــراءة‪ ،‬ومــن هــذا النظــام‬ ‫حيـث سـلك الملـك آشـور بانيبـال هـذا الطريـق لتحقيـق هـذا الهـدف‬ ‫اتضـح عـدم اهتـام حضـارة بـاد الرافديـن بظاهـر البنـاء أو بهرجتـه في‬ ‫مـا يخـص تخزيـن الألـواح ‪،‬وإنمـا الاهتـام الأعظـم كان يتجـه إلى المحتـوى‬ ‫بـروح عاليـة وطاقـة فعالـة في البحـث‪.‬‬ ‫والقيمـة المعرفيـة لهـذه الألـواح‪ ،‬حيـث احتـوت عـى الكثـر مـا يخـص‬ ‫أُنشـئت في القـرن السـابع قبـل الميـاد‪ ،‬جمـع فيهـا ألوا ًحـا مختلفـة حيـ ُث‬ ‫حضـارة العـراق القديـم لعصـور مختلفـة للحضـارة السـومرية والأكديـة‬ ‫قــام بإرســال ُكتّــاب بلاطــه إلى جميــع أنحــاء بــاد الرافديــن لجمــع كل‬ ‫مــا يعــرون عليــه في القصــور الملكيــة‪ ،‬لملــوك وحــ ّكام وادي الرافديــن‬ ‫والآش ـورية‪.‬‬ ‫القدمـاء والمعاصريـن لـه‪ ،‬مـن ألـوا ٍح طينيـة مكتوبـة باللغتـن السـومرية‬ ‫ومــن ضمــن أشــهر ألــواح هــذه المكتبــة ألــواح ملحمــة جلجامــش‬ ‫والأكديــة‪ ،‬وأمرهــم بــأن يعيــدوا كتابــة مــا تلــف منهــا‪ ،‬وأن يترجمــوا‬ ‫الاثنـا عـر والتـي تـم اكتشـافها عـام ‪١٨٥٣‬م‪ ،‬وتـم حفظهـا في المتحـف‬ ‫النصـوص السـومرية للأكديـة‪ ،‬وهـي اللغـة التـي كان يتكلـم ويكتـب بهـا‬ ‫البريطـاني‪ ،‬وتعـد ملحمـة جلجامـش أقـدم قصـة كتبهـا الإنسـان‪ ،‬وكتبـت‬ ‫الآشـوريون‪ .‬حيـث يرجـح أنهـا احتـوت عـى مـا يقـارب ألـف وخمسـائة‬ ‫بخــط مســاري باللغــة الأكاديــة وحملــت توقيعــاً باســم «شــن ئيقــي‬ ‫مجموعـة مـن الألـواح ‪ ،‬كل مجموعـة احتـوت عـى العديـد مـن الألـواح‬ ‫ئونينـي»‪ ،‬وكان تذييـل النصـوص بالتواقيـع عـادة متعـارف عليهـا في بـاد‬ ‫‪،‬فأصبـح مجمـوع مـا تحتويـه المكتبـة يقـرب مـن خمسـة وعشريـن ألـف‬ ‫الرافديـن‪ ،‬حيـث أن هـذه التواقيـع كانـت تمكـن القـارئ مـن ربـط النـص‬ ‫لـوح مكتـوب بالخـط المسـاري الآشـوري وهـي تمثـل مواضيـع مختلفـة‬ ‫بشـخص معـن بالـذات‪ ،‬وبالتـالي يسـتطيع القـارئ إقامـة علاقـة بينـه وبـن‬ ‫في شـتى نواحـي المعرفـة الإنسـانية‪ ،‬فكانـت بذلـك مصـدراً لمعرفـة أصـول‬ ‫هـذا الشـخص المُتَ َخيَّـل (المؤلـف)‪« .‬هـذه الالتفاتـة الفنيـة المكتشـفة في‬ ‫العلـوم المختلفـة في مجـالات الطـب‪ ،‬الفلـك‪ ،‬وتقنيـات الـري والهندسـة‬ ‫بدايـة عهـد جميـع الآداب المكتوبـة‪ ،‬مـازال متعارفـاً عليهـا حتـى يومنـا‬ ‫وغيرهـا‪ .‬مـا يجعلهـا «أثمـن وأقـدم وأكـر مكتبـة عرفهـا التاريـخ القديم»‪.‬‬ ‫هـذا بعـد انقضـاء آلاف السـنين» بفضـل حضـارة وثقافـة بـاد الرافديـن‪.‬‬ ‫ولكـن بعـد تدمـر نينـوى في ‪ 612‬قبـل الميـاد نتيجـة تحالـف بـن البابليـن‬ ‫وهنــاك نصــوص وملاحــم وقصــص كثــرة أخــرى منهــا ملحمــة الرجــل‬ ‫والسـكوثيون والميديـون وهـم شـعب إيـراني قديـم‪ ،‬يعتقـد أنـه وأثنـاء‬ ‫إضرام النـران في القـر فقـد اندلـع حريـق هائـل طـال المكتبـة أدى إلى‬ ‫الفقــر مــن نيبــور‪ ،‬وقصــة آدابــا… وغيرهــا‪.‬‬ ‫تسـخين ألـواح الطـن و»انصهارهـا» بشـكل كبـر‪ ،‬لكـن أعـال التنقيـب‬ ‫ويبـدو أن البروفيسـور باتريـك هانـت كان عـى حـق عندمـا ذكـر في كتابـه‬ ‫أخــذت تكشــف عــن مــا تركــه هــذا الملــك مــن كنــوز‪ ،‬وهــي عمليــة‬ ‫«الاكتشـافات العـرة التـي أعـادت كتابـة التاريـخ» الصـادر عـام ‪،2011‬‬ ‫اسـتغرقت أكـر مـن ‪ 60‬عامـاً مـن الحفـر والعمـل وأكـر مـن سـتة أجيـال‬ ‫وهـو المـؤرخ والآثـاري في جامعـة لنـدن والأسـتاذ المحـاضر في جامعـات‬ ‫أوروبيـة وأميركيـة‪ ،‬بـأن اكتشـاف مكتبـة آشـوربانيبال يعـ ّد واحـداً مـن‬ ‫مـن الآثاريـن‪.‬‬ ‫أهــم عــرة اكتشــافات ســاهمت في إعــادة التاريــخ البــري‪ ،‬رغــم أن‬ ‫حيــث اكتشــف ألــواح مكتبــة آشــور بانيبــال الرحالــة والمستكشــف‬ ‫هنـاك الكثـر مـن ألـواح هـذه المكتبـة لم يكشـف عـن مضمونـه بعـد‪.‬‬ ‫البريطـاني أوســن هــري لايــارد (‪ )١٨٩٤-١٨١٧‬وتابــع التنقيـب والبحــث‬ ‫وبذلـك فـإن مكتبـة الملـك آشـور بانيبـال كنـز معـرفي إنسـاني ضخـم لا‬ ‫مــن بعــده مســاعده هرمــز ر ّســام (‪ )١٩١٠-١٨٢٦‬الآشــوري الموصــي‬ ‫الأصــل‪ ،‬البريطــاني الجنســية‪ ،‬وقــد وجــدت هــذه الألــواح تحــت حطــام‬ ‫يقـدر بثمـن‪.‬‬ ‫سلسـلة مـن غـرف التخزيـن القريبـة مـن مدخـل قـر آشـوربانيبال‪ ،‬فلـم‬ ‫‪17‬‬ ‫جميلة آل شعلان‬

‫هل بنيت‬ ‫مكتبتك؟‬ ‫لطالمـــا تجســـد في مخيلتـــي مشـــهد القـــارئ‪ ،‬وهـــو يلجـــأ إلى مكتبتـــه آخـــر يومـــه كان نهمـي ذاك‪ ،‬لم يشـبعني‪ ،‬وحاجتـي أن أمتلـك مـا أقـرأ‪ ،‬لأجـل الاطمئنـان بتوفـره‬ ‫متـى ماشـئت!‬ ‫ليقـــي وقتـــاً هادئـــاً بـــن أروقتهـــا‪.‬‬ ‫بـــدأت الأفـــكار تتـــوالى والأمـــاني بالبـــدء في بنـــاء مكتبـــة صغـــرة‪ ،‬كانـــت البدايـــة‬ ‫الرفـوف المكتظــة‪ ،‬العناويــن المشـوقة‪ ،‬الأغلفــة الملونــة‪ ،‬يلقــي نظراتــه يمنــة ويـرة‬ ‫كرتونــا‪ ،‬يتكــون مــن مجلــد يتألــف مــن ســتة كتــب‪ ،‬مــع بعــض الكتــب القديمــة‪.‬‬ ‫لينتقــي الكتــاب التــالي الــذي يعيــد توازنــه ويســكن ثــورة شــغفه‪ ،‬وكأنــه الجنــدي‬ ‫ثم زاد عدد الكراتين‪.‬‬ ‫الــذي يلجــأ لحصنــه ليحميــه مــن صخــب المعــارك ومواقــع النبــل‪.‬‬ ‫الأمـــان الـــذي يشـــعر بـــه‪ ،‬الزاويـــة التـــي يختارهـــا موقعـــا لـــه‪ ،‬الثبـــات‪ ،‬التركيـــز‪ ،‬شيئا فشيئا زاد عدد الكتب‪ ،‬واقتنيت مكتبة صغيرة بجانب تلك الكراتين‪.‬‬ ‫الربــاط وســد الثغــور‪ .‬ومــا أشــبه دفــع الجهــل ومحاربتــه بدفــع العــدو هنــاك‪ .‬ولا زلت!‬ ‫مـــا الـــذي يمنعـــك أن تبـــدأ الآن ببنـــاء حصنـــك؟‪ ،‬فتقتنـــي كتابـــا‪ ،‬أو ترافـــق قارئـــا‬ ‫إذ لا أشــد عــداوة للإنســان مــن غيــاب المعرفــة وقلــة العلــم‪ ،‬مــع وفــرة الســاح‬ ‫ناصحـــاً‪ ،‬أو تـــزور مكتبـــة قريبـــة منـــك‪ ،‬وتحـــاول مجـــددا إظهـــار هـــذه الموهبـــة‬ ‫والذخــرة الهائلــة مــن المعرفــة اليــوم‪.‬‬ ‫لديـــك؟‬ ‫مخيــب للآمــال أن تكــون معدمــا مــن ســاح العــر اليــوم‪ ،‬ولا تمتلــك حتــى كتابــا‬ ‫واحــدا!‬ ‫خصــص ميزانيــة لا تثقلــك لــراء الكتــب التــي ترغــب باقتنائهــا وليــس قراءتهــا‬ ‫فحســب‪.‬‬ ‫ماذا تنتظر ؟! وماذا ينقصك لتبني حصنك؟!‬ ‫لا تف ّكــر بالمــال‪ ،‬لا خســائر هنــا‪ ،‬النــاس يصرفــون الأمــوال عــى المتــع الفانيــة ليــل‬ ‫ابــدأ بكتــاب‪ ،‬كتابــن‪ ،‬ثلاثــة‪ ،‬ولتكــن مكتبتــك كرتونــا‪ ،‬أو حقيبــة ســفر‪ ،‬أو حتــى‬ ‫نهــار‪.‬‬ ‫زاويــة تــر ّص فيهــا مجموعــة مــن الكتــب‪.‬‬ ‫حتـا سـتجد الأثـر‪ ،‬وتمسـك بلجـام المتـع كلّهـا‪ ،‬ويبـدأ إدمـان القـراءة شـيئا فشـيئا‬ ‫كل ذلك كافياً‪ ،‬هذه هي البداية فقط‪ ،‬ثم اقرأ‪.‬‬ ‫يسـتحوذ عـى تفكـرك‪.‬‬ ‫لا تظن أن القارئ قد ولد قارئًا!‬ ‫كنـــت في صغـــري أتســـلل لمكتبـــة والـــدي المغلقـــة عـــى الـــدوام‪ ،‬لحبـــي الشـــديد‬ ‫وفضـولي مـن أجـل الحصـول عـى معلومـة تثرينـي أو شيء يثـر دهشـتي‪ ،‬أو حتـى‬ ‫أنظــر في جديــد الكتــب‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫هــذه أهــ ّم خمــس نصائــح مشوقات‬ ‫لإنشــاء المكتبــة المنزليــة‪.‬‬ ‫ترتيـب الكتـب مـن أمتـع الأعـال التـي قـد تقـوم بهـا في‬ ‫‪ -۱‬اختيار المكان المناسب‬ ‫حيات ـك‪.‬‬ ‫ابحـث عـن مكانـا هادئـاً في منزلـك وحدد المسـاحة المناسـبة‬ ‫لـك‪ ،‬سـواء كانـت غرفـة مسـتقلة أو ركنـا في غرفـة نومـك‪،‬‬ ‫كنفـض الغبـار‪ ،‬إعـادة ترتيبهـا حسـب الألـوان‪ ،‬أو العناويـن‬ ‫والتصنيفـات‪ ،‬أو حسـب المؤلفـن‪.‬‬ ‫حسـب توفـر المـكان مـن عدمـه‪.‬‬ ‫تبخـر المكتبـة بالعـود والروائـح الزكيـة‪ ،‬القيـام بالفهرسـة‪،‬‬ ‫‪ -۲‬إحصاء عدد الكتب التي لديك‪.‬‬ ‫البحـث‪ ،‬صناعـة ختـم خـاص بهـا يحمـل اسـمك‬ ‫إذا كنــت تفضــل أن تحتــوي مكتبتــك جميــع الكتــب في‬ ‫أو توقيعك‪ ،‬إلى آخره‪.‬‬ ‫شــتى المعــارف‪ ،‬فقــد يلزمــك اســتغلال المســاحات جيــدا‬ ‫باســتخدام التصميــم العمــودي للأرفــف‪ ،‬وأخــذ القياســات‬ ‫لا تكـن نهـ ًا في الـراء وجمـع الكتـب‪ ،‬هـذه غالبـا تـر ولا‬ ‫تكسـبك شـيئا‪ ،‬وازن بـن رغبتـك‪ ،‬وجـدول مهامـك‪ ،‬ومحصلة‬ ‫المناســبة طــولا وعرضــا‪.‬‬ ‫خططـك القرائيـة‪ ،‬لئـا تشـعر بالإحبـاط والتكاسـل أو حتـى‬ ‫أمـا إذا كنـت مـن هـواة فـن أو أكـر مـن مواضيـع الكتـب‬ ‫فيمكنـك بنـاء مكتبـة صغـرة ذات أرفـف حـرة ومفتوحـة‪.‬‬ ‫الإسراع وهـذا لوحـده عـبء!‬ ‫يقــول عــي عــزت بيغوفتــش‪« :‬القــراءة المبالــغ فيهــا لا‬ ‫‪-۳‬اختيار الألوان‬ ‫تجعــل منــا أذكيــاء‪ .‬بعــض النــاس يبتلعــون الكتــب وهــم‬ ‫اخـر اللـون الـذي تحبـه مـن الألـوان الفاتحـة التـي تجعـل‬ ‫يفعلــون ذلــك بــدون فاصــل للتفكــر‪ ،‬وهــو ضروري لــي‬ ‫يُهضــم المقــروء ويبنــي ويُفهــم ويُتبنــى‪ .‬عندمــا يتحــدث‬ ‫المـكان مشرقـاً‪ ،‬ويعطـي مسـاحة جميلـة‪.‬‬ ‫إليـك مثـل هـؤلاء يطلقـون مـن أفواههـم قطعـاً مـن هيجـل‬ ‫وهايديجـر أو ماركـس في حالـة أوليـة غـر مصاغـة جيـداً‪.‬‬ ‫‪-٤‬الأثاث‬ ‫عنــد القــراءة فــإن المســاهمة الشــخصية ضروريــة مثلــا‬ ‫المكتبـة لا تكتمـل تمامـا إلا بتوفـر مكانـا للجلـوس‪ ،‬وذلـك‬ ‫العمـل ضروري للنحلـة والزمـن كذلـك‪ ،‬لـي تحـول رحيـق‬ ‫بإيجـاد مكانـا لمقاعـد وطاولـة وأريكـة للاسـرخاء ومصابيـح‬ ‫أيضـاً‪ ،‬بإمكانـك تحديـد عـدد المقاعـد بحسـب الأشـخاص‪ ،‬أو‬ ‫الأزهــار المتجمــع إلى عســل»‪.‬‬ ‫‏ثم بعد ذلك‪ ،‬أبارك لك بناء حصنك‪.‬‬ ‫توفـر جلسـة أرضيـة مفتوحـة‪.‬‬ ‫أصبحــت جنــد َّي قــراءة‪ ،‬كل مــا يلزمــك الآن القيــام عــى‬ ‫ثكنتــك‪ ،‬وحمايتهــا مــن اللصــوص‪.‬‬ ‫‪-٥‬الإضاءة المناسبة‬ ‫وراقبها وانظر كيف تكبر معك‪ ،‬وتزدهر‪ ،‬واستمتع‪.‬‬ ‫وهـذه النقطـة مهمـة جـداً‪ .‬العامـل الأسـاسي هنـا؛ توزيـع‬ ‫أماكـن الإضـاءة بشـكل صحيـح‪ ،‬مـا بـن إضـاءة السـقف‪،‬‬ ‫الشـاعر محمـد الشـهاوي يؤكـد أن «المكتبـة الشـخصية هي‬ ‫الركــن الأســاسي في تكويــن أي مبــدع‪ ،‬فهــي تضــم الكتــب‬ ‫والمصابيـح‪ ،‬والإضـاءة الجانبيـة الخافتـة‪.‬‬ ‫وأخـراً‪ :‬الاهتـام بـأن لا تكـون المكتبـة مغلقـة ومظلمـة‪،‬‬ ‫التـي قرأهـا عـى مـدار سـنوات عمـره المختلفـة»‪.‬‬ ‫يفضـل أن تكـون فيهـا نافـذة لمنظـر خارجـي عـى الحديقـة‬ ‫ختامــا‪ :‬ف ّكــر في الحصيلــة النهائيــة التــي ســتجنيها مــن‬ ‫الإبـداع‪ ،‬ونمـو الأفـكار‪ ،‬وتحفيـز الدمـاغ‪ ،‬وتعزيـز مهـارات‬ ‫أو المسـبح أو يعلـق فيهـا لوحـة جميلـة لمنظـر طبيعـي‪.‬‬ ‫التفكـر‪ ،‬وزيـادة المعرفـة‪ ،‬بـل اسـتقلالك الفكـري‪ ،‬وتحريـرك‬ ‫مــن كل أضــداد المعرفــة‪.‬‬ ‫عبير الشهري‬ ‫‪19‬‬

‫هل ستنقرض الكتب؟‬ ‫التدويـن وكتابـة الملاحظـات عليـه‪ ،‬أجـزم بـأن المتعـة التـي يجدهـا قـارئ الكتـاب‬ ‫وأنـا أتصفـح مواقـع التواصـل الاجتماعـي لفتـت نظـري معلومـات ليسـت بالـرورة‬ ‫الورقـي لا تتوفـر عنـد مـن يقـرأ عـر الأجهـزة المختلفـة‪ ،‬وللكتـب القديمـة أي ًضـا‬ ‫صحيحـة‪ ،‬كان العنـوان ( وظائـف وأعـال سـتنقرض بعـد ‪ 10-5‬سـنوات ) قـرأت مـا‬ ‫رائحــة مميــزة‪ ،‬ففــي أحــد الأيــام كنــت أقــرأ كتــاب ذو طبعــة قديمــة ومــن ثــم‬ ‫كتـب فيهـا وبالرغـم مـن معرفتـي بـأن هـذه المعلومـات ليسـت أكيـدة فـا أحـد‬ ‫بـدأت أشـم رائحتـه‪ ،‬ولم أتوقـف حتـى رأيـت نظـرات غريبـة مـن أحدهـم‪ ،‬هـذه‬ ‫منـا يعلـم الغيـب‪ ،‬ولكنهـا قـد تبنـى عـى بعـض الاحتـالات مـن قبـل المختصـن‪،‬‬ ‫التفاصيـل ولـو كانـت صغـرة أو تافهـة عنـد البعـض إلا أن لهـا وقعهـا الخـاص عـى‬ ‫وبالرغـم مـن هـذا فجعـت وأحزننـي بـأن دور النـر مـن ضمـن هـذه الأعـال‬ ‫قلـب كل قـارئ‪.‬‬ ‫التـي سـنتقرض ‪.‬‬ ‫إن تقـدم العـالم وتطـوره أتـاح لنـا فرصـة القـراءة الإلكترونيـة وهـي سـهلة ومتناولـة‬ ‫هـل يعقـل هـذا! عـرف العـالم الكتـب منـذ آلاف السـنين‪ ،‬أصبحـت القـراءة حاجـة‬ ‫للجميــع بخــاف الكتــب الورقيــة‪ ،‬وبالرغــم مــن أن لــكل واحــد منهــا مميــزات‬ ‫ضروريـة للإنسـان كالطعـام والـراب‪ ،‬فاهتـم العـرب والمسـلمون خاصـة بالكتـب‬ ‫وشـغفوا بهـا وكانـت محـط اهتـام لهـم‪ ،‬فاعتنـوا بهـا وأنشـؤوا المكتبـات واسـتطاعوا‬ ‫وعيـوب إلا أن الكتـب الورقيـة لا زالـت هـي الأقـرب لقلـب القـارئ‪.‬‬ ‫أن يحافظـوا عليهـا عـى مـدى سـنوات طـوال إلا مـا قـد تـوارى بسـبب الحـرب‬ ‫يقـول القـارئ محمـد الحيـالي ‪ :‬إن ملمـس ورائحـة الـورق‪ ،‬تدفعنـي للقـراءة أكـر‬ ‫والحـرق‪ .‬ويـزداد الاهتـام بهـا مـن قبـل الملـوك المسـلمين خاصـة بسـبب حـث‬ ‫وأســهل لي مــن القــراءة مــن الشاشــة خاصــة إذا كان الكتــاب متوســط أو صغــر‬ ‫الديــن الإســامي عــى العلــم والقــراءة‪ ،‬يقــول الكاتــب مصطفــى ربحــي عليــان‬ ‫في كتابــه ( الكتــب والمكتبــات في الحضــارة العربيــة الإســامية) «ﻘﻟﺩ أسرف أهــل‬ ‫الحجـم‪ ،‬أسـتطيع حملـه معـي‪.‬‬ ‫الأندلـس وبالغـوا في اقتنـاء الكتـب وتجليدهـا وزخرفتهـا ‪ ،‬واشـتهروا بحبهـم وولعهـم‬ ‫ويقـول أحـد القـراء أنـا لا أقـرأ إلا ورق ًيـا‪ ،‬الكتـاب الورقـي يشـبع كل الحـواس‪ ،‬وكل‬ ‫بالمكتبــات الخاصــة والتــي كانــوا يتفاخــرون ويتباهــون ويتنافســون بمحتوياتهــا‬ ‫حاسـة ممكـن تسـتطرد فيهـا بالـكلام‪ ،‬حاسـة اللمـس والشـم هـم أعـى حاسـتين‬ ‫ومافيهـا وبنائهـا وترتيبهـا وكل مامـن شـأنه أن يظهـر ثرائعـم وفخرهـم بهـا وبذلـك‬ ‫يجعـان الورقـي أفضـل‪ .‬رائحـة الكتـب الجيـدة هـي أحـد أسـباب دس أنفـي كل‬ ‫تجــاوزت كونهــا مكانــاً للعلــم والمعرفــة‪ .‬ويقــال أن الحكــم المســتنصر صاحــب‬ ‫الأندلــس خــال حكمــه (‪ )366 -350‬أنفــق أمــوا ًل طائلــة ﺸﻟﺭﺍﺀ ﺍﺘﻜﻟﺏ ﻭﺍﺎﻔﻨﺼﻟﻤﺕ‬ ‫حـن بـن دفتـي الصفحـات ‪.‬‬ ‫مـن بـاد ﺍﺸﻟﻤـﺭﻕ ﻭكل ﺍﻷقاليـم الأخـرى‪ ،‬حتـى بلـغ مجمـوع مـا في خزانتـه أربعمائـة‬ ‫أمـا القـارئ مـوسى آل عقيـل يقـول ‪ :‬مـا يميـز الكتـب الورقيـة هـي رائحـة الـورق‬ ‫ألـف مجلـد وضافـت بهـا تلـك الخزانـة»‬ ‫ومـا تضيفـه عـى القـارئ مـن مـزاج جميـل ‪.‬‬ ‫فلنتخيـل سـويًا أن ينقـرض معلـ ُم مـن أهـم معـالم الثقافـة في العـالم فالاسـتغناء‬ ‫عـن دور النـر يعنـي انقـراض المكتبـات‪ ،‬تخيلـوا يـا سـادة عندمـا تحـب شـيئًا بـل‬ ‫قـد يظـن البعـض أننـا نبالـغ ونهـول مـن الأمـر لكنـي أجـده أمـ ًرا طبيعيًـا‪ ،‬وكـا‬ ‫تشـغف بـه وتتعـود عليـه وبعـد ذلـك ليـس هنـاك سـبيل للوصـول إليـه ! بالطبـع‬ ‫قلـت سـاب ًقا يعتـر الكثـرون القـراءة أمـ ًرا مهـ ًا في حياتهـم ولا يخلـوا يومهـم مـن‬ ‫سـتكون هنـاك كتـب إلكترونيـة وبـاب المعرفـة لـن يغلـق‪ ،‬لكـن لا أتخيل يومـي دون‬ ‫قـراءة بضـع صفحـات‪ ،‬يكفـي أن الله عـز وجـل حث ًنـا في كتابـه وقـال ( اقـرأ) ‪ .‬فيـا‬ ‫أن أمسـك أوراق الكتـاب بيـدي‪ ،‬أو أن أضـم الكتـاب إلى صـدري بعـد كل كتـاب رائـع‬ ‫قرأتـه‪ ،‬فمـن مميـزات الكتـاب الورقـي الهـدوء الـذي تشـعر بـه مـن خـال قراءتـه‪،‬‬ ‫حـرة الأجيـال القادمـة إذا انقرضـت هـذه النعمـة العظيمـة ‪.‬‬ ‫ولا يسـبب لعينـك إجهـا ًدا كـا يحصـل في الكتـب الإلكترونيـة‪ ،‬ومـن السـهل أي ًضـا‬ ‫مها الحجوري‬ ‫‪20‬‬

‫تنقـي الهـواء وتلطـف الأجـواء ويتنـر عبيرهـا في كل الأنحـاء؟‬ ‫البيئة والاستدامة‬ ‫نحـن لسـنا بحاجـة إلى أشـجار صناعيـة! نريـد أشـجار طبيعيـة تتوافـق‬ ‫قـال تعـالى (والأرض مددناهـا وألقينـا فيهـا رواسي وأنبتنـا فيهـا مـن كل مـع البيئـة المحليـة في داخـل المـدن وحـول المنـازل والمصانـع‪ ،‬والطـرق‬ ‫والحدائــق‪ ،‬ولابــد مــن اختيــار أفضــل الأنــواع النباتيــة التــي يــوصي‬ ‫شي ٍء مـوزون) آيـة (‪ )19‬سـورة الحجـر‪.‬‬ ‫إن‏إعـادة تشـجيرالمناطق البريـة بنباتاتهـا لايخـل بنظـام بيئتنـا المحليـة بهــا المختصــن البيئيــن والزراعيــن‪.‬‬ ‫أمـا المناطـق البريـة مـن سـهول وهضـاب وجبـال وصحـاري في وطننـا‬ ‫مـع مراعـاة كل نبـات يسـتزرع في منطقتـه‪.‬‬ ‫ولـو تأملنـا نجـد أن‏محبـي البيئـة يحاولـون جاهديـن إعـادة اسـتزراع المترامــي الأطــراف فالأفضــل عــدم إدخــال أنــواع غريبــة مــن خــارج‬ ‫النباتـــات البريـــة وإكثارهـــا وحمايـــة الحيوانـــات والطيـــور المتوطنـــة الوطــن أو إدخــال أنــواع ناميــة في منطقــة لمنطقــة أخــرى؛ لأن لذلــك‬ ‫والمهاجـــرة مـــن خـــال محميـــات عامـــة أو خاصـــة‪ ،‬وفي المقابـــل يـــأتي أثـرا كبـراً في النظـام البيئـي‪ ،‬ويعتـر التدخـل في البيئـة بـدون دراسـة‬ ‫أشـخاص ليـس لديهـم أي حـس بيئـي في الحفـاظ عـى أهـم مكونـات ودرايــة تامــة لمــا هــو مناســب تدخــا غــر محمــود العواقــب‪ .‬لذلــك‬ ‫النظـــام البيئـــي‪ ،‬ويتســـببون في تدهـــور البيئـــة بالرعـــي والاحتطـــاب يجــب مراعــاة التعامــل مــع منظومــة كاملــة ومتداخلــة في البيئــة‪.‬‬ ‫الجائـــر وأنـــواع التلـــوث البيئـــي أحدثـــوا بتصرفاتهـــم غـــر المنطقيـــة إن مشـــكلة زيـــادة ملوثـــات الهـــواء يمكـــن الحـــد أو التقليـــل منهـــا‬ ‫بزراعـــة الأشـــجار الملائمـــة للبيئـــة المحليـــة‬ ‫خلــا كبــرا في التــوازن البيئــي‪.‬‬ ‫بينــا نجــد مــن ناحيــة أخــرى أن‏أبنــاء الصحــراء يعشــقون شــجرها ‏ ومـن الناحيـة الدينيـة حضـارة الإسـام تنطلـق مـن الاهتـام بالجانـب‬ ‫وثراهــا ولاتصفــو ولاترتــاح أنفســهم إلا بالتمتــع في الجلــوس بجوارهــا العقائــدي والإنســاني والحضــاري ومنهــا الاهتــام بالبيئــة فمــن زرع‬ ‫شـــجرا تـــرك أجـــرا وأثـــرا محمـــودا ولا يغيـــب عنـــا أن هنـــاك جهـــود‬ ‫فهــي تعيــد لهــم ذكريــات الآبــاء والأجــداد‪ ،‬وصعوبــات الحيــاة‪.‬‬ ‫الصحراءبشـــجرها ورمالهـــا عبـــق لســـجل تاريـــخ حضـــارة مضـــت متعــددة لكثــر مــن الأفــراد والجمعيــات الذيــن يزرعــون ويوزعــون‬ ‫النباتــات البريــة كــا يســاهم بعــض أفــراد المجتمــع كبــارا وصغــارا في‬ ‫وطويـــت صفحاتهـــا‪ ،‬ولازالـــت عالقـــة في أذهـــان محبيهـــا‪.‬‬ ‫يعتـــر التشـــجير مـــن أحـــد أهـــم الطـــرق لمعالجـــة التلـــوث البيئـــي الغــرس والتشــجير‪.‬‬ ‫داخــل المــدن وذلــك بمــا يناســب الأماكــن المختلفــة داخــل المدينــة والمتخصصــون كذلــك لهــم دو ًرا كبــ ًرا في التوصيــة بمــا يتناســب مــع‬ ‫وخارجهـا مـع اختيـار أفضـل الأنـواع النباتيـة وأكثرهـا تحمـا لظـروف ظـروف البيئـة المحليـة ولهـم دورهـم في وكذلـك اقـراح الحلـول الملائمـة‬ ‫البيئــة المحليــة‪ ،‬والتــي تحقــق الأمــن البيئــي‪ ،‬والاقتصــادي والجــالي‪ .‬لمشــاكل النباتــات الغازيــة والدخيلــة التــي تنافــس النباتــات المحليــة‬ ‫عندمـا ننظــر إلى بعـض تلـك الطـرق نجـد أن الجهـات المسـؤولة عـن وتهـدد التنـوع الحيـوي وتشـكل خطـرا عـى اسـتدامة الغطـاء النبـاتي‬ ‫د‪ .‬غالية الجدعاني‬ ‫ذلـك تعتمـد أشـجارا بلاسـتيكية أو معدنيـة بـدل ًا مـن أشـجار طبيعيـة لأجيــال الحــاضر والمســتقبل‪.‬‬ ‫مــا الجــدوى منهــا! لــن تعطــي ظــا ولاتنقيــة أو جــال ًا ‪ ،‬وتقــل أو فهل سندرك فعلا أهمية التنوع النباتي؟‬ ‫ودورنا كأفراد ومجتمعات في حماية التنوع النباتي؟‬ ‫تــكاد تنعــدم الفائــدة البيئيــة والاقتصاديــة منهــا‪.‬‬ ‫البعـض يسـأل ‪ :‬لمـاذا لا تسـتبدل الأشـجار الصناعيـة بأشـجار حقيقيـة ‪21‬‬

‫لالقـعــدادء‬ ‫لقـــاء العـــدد الثـــاني في « مجلـــة محابـــر «‬ ‫مـــع شـــخصية تميـــزت في طرحهـــا‬ ‫وأســـلوبها وســـطرت لنـــا كلـــات ترســـخ‬ ‫في نفـــس كل شـــغوف بالقـــراءة والكتابـــة‪.‬‬ ‫أ‪ /‬د ‪ :‬صلـــوح مصلـــح السريحـــي أســـتاذ‬ ‫الدراســـات العليـــا بجامعـــة الملـــك‬ ‫عبـــد العزيز‪،‬مستشـــار مركـــز التميـــز‬ ‫البحثـــي في اللغـــة العربية‪،‬مستشـــار‬ ‫عـــادة شـــؤون المكتبـــات ‪.‬‬ ‫خاصـــة عندمـــا تقـــرن بشـــغف العطـــاء‪.‬‬ ‫لا شك أن ِك قرأ ِت في مختلف المجالات‬ ‫عـــن رحلـــة‬ ‫بدايـــة حدثينـــا‬ ‫القـــراءة ؟‬ ‫بداياتـــك مـــع‬ ‫برأيــك مــا هــو الكتــاب الــذي يســتهوي‬ ‫لعــل جيلنــا أوفــر حظًــا بالنســبة للإقبــال حدثينا عن طريقتك في القراءة ؟‬ ‫عـى القـراءة فلـم تكـن لسـالبات الوقـت الذي يحدد طريقة القراءة هو محتوى القـــارئ و يأخـــذه إلى آفـــاق رحبـــة ؟‬ ‫أو سـارقات الوقـت وجـود في تلـك الفـرة الكتاب من جانب‪ ،‬وسبب قراءة الكتاب من كل كتـــاب جيـــد يشـــكل أف ًقـــا رح ًبـــا‬ ‫فلــم تكــن أمامنــا إلا شاشــة التلفــاز التــي جانب آخر فبعض الكتب بسيطة التناول لقارئـه حيـث يتـدرج في هـذا الأفـق عـر‬ ‫تفتـــح ســـاعات محـــدودة‪ ،‬وتبـــث برامـــج تمنحك ذاتها وتكشف عن محتوها مباشرة‪ ،‬كل صفحــة مــن الصفحات؛لــذا لابــد مــن‬ ‫محـــدودة ‪ .‬لـــذا كان في التوجـــه للقـــراءة وبعضها الأخر عصي يحتاج قراءة عميقة اختيـــار جيـــد للكتـــاب والكاتـــب لنصـــل‬ ‫للفائـــدة‪..‬‬ ‫نـوع مـن تمضيـة وقـت الفـراغ خاصـة في متأنية‪.‬‬ ‫الإجـازات الصيفيـة قـرأت وأنـا في الصـف أما الجانب الأخر وهو سبب القراءة بمعنى‬ ‫الســادس روايــات عالميــة منهــا ‪(:‬البؤســاء هل القراءة للتسلية وقطع وقت الفراغ إســـهاماتك في الســـاحة الأدبيـــة والنقديـــة‬ ‫وأحـــدب نوتـــر دام لفكتـــور بالإضافـــة إلى أم للدراسة وفهم ما بين سطور النص ففي معروفـــة و لـــك العديـــد مـــن المقـــالات‬ ‫العـــرات والنظـــرات للمنفلوطـــي والأيـــام الأولى تُعد قراءة عابرة أما الأخرى فتحتاج التــي نــرت في هــذا المجــال ‪ ،‬ســؤالنا إلى‬ ‫أي مــدى ســاهمت الكتــب في تكويــن أ‪.‬د‪/‬‬ ‫لطــه حســن وبمعنــى أصــح كل مــا يقــع إلى قراءة متأنية متروية‪.‬‬ ‫صلــوح السريحــي ‪،‬وهــل تســتطعين ذكــر‬ ‫انتـــرت في الآونـــة الأخـــرة العديـــد‬ ‫تحــت يــد ّي مــن مكتبــة أخــي العامــرة‬ ‫عــدد الكتــب التــي في مكتبــك الخاصــة ؟‬ ‫والــذي كان لــه الــدور الكبــر في توجيهــي‬ ‫لا أعـرف حقيقـة عـدد الكتـب في مكتبتـي‬ ‫مــن المشــاريع الثقافيــة التطوعيــة ‪ ،‬هــل‬ ‫نحــو القــراءة‪ ،‬ومــن الطبعــي جــ ًدا أنهــا‬ ‫فهـــي موزعـــة بـــن الكتـــاب الورقـــي‬ ‫تريــن لهــا دور في نــر الوعــي الثقــافي ؟‬ ‫والكتـــاب إلكتروني‪،‬الإنســـان عامـــة ماهـــو‬ ‫مـــن الطبيعـــي جـــ ًدا أن لهـــذه المشـــاريع‬ ‫تركــت أثــ ًرا عــى التفكــر وملكــة اللغــة‬ ‫وغيرهــا‪.‬‬ ‫الثقافيــة التطوعيــة دو ٌر فعــال في الحــراك إلا نتـــاج مـــا يتغـــذى عليـــه وإذا كان في‬ ‫الثقـافي‪ ،‬وصنـع جـر بـن الثقافة والشـباب الطعــام والــرب غــذاء جســدي إلا أن في‬ ‫‪22‬‬

‫كلمـــة توجهينهـــا لـــكل امـــرأة ســـعودية‬ ‫القــراءة والاطــاع والبحــث غــذاء الفكــر‬ ‫بشـــكل عـــام ؟‬ ‫لـذا ببسـاطة مـا أنـا إلا حصيلـة ماتعلمـت‬ ‫وقـــرأت ‪،‬أســـهمت كتـــب طـــه حســـن‬ ‫ســـؤال جميـــل خاصـــ ًة أننـــي في إحـــدى‬ ‫والمنفلوطـــي وفكتوريـــا هيجـــو وغيرهـــا‬ ‫دراســـاتي تناولـــت المـــرأة بشـــكل خـــاص‪،‬‬ ‫مـــن الكتـــب التـــي تـــم الإطـــاع عليهـــا‬ ‫وقــد تشــ ّكل لــد ّي صــورة واضحــة عــن‬ ‫في المرحلـــة الابتدائيـــة في تكويـــن عقليـــة‬ ‫قدرتهـــا وقوتهـــا ومقاومتهـــا ولـــذا أقـــول‬ ‫صلـــوح السريحـــي ولعـــل كل كتـــاب تـــى‬ ‫ذلـــك كان في مادتـــه جـــزء مـــن تكوينـــي‪.‬‬ ‫لهـــا أنـــت قـــادرة‪.‬‬ ‫أي الهويـــات أقـــرب إلى د‪ /‬صلـــوح‬ ‫هــل أسســت المكتبــة الخاصــة بنــاء عــى‬ ‫( قارئـــة ‪ ،‬ناقـــدة ‪ ،‬أكاديميـــة )؟‬ ‫كنــوز كتــب خاصــة أم نمــت شيئًافشــيئًا؟‬ ‫لقـــد تحولـــت الهويـــات لتصبـــح عـــادات‬ ‫أشــعر أن مكتبتــي هــي أنــا نمــت معــي‬ ‫لأن القــراءة الآن تحتــل جــزء مــن يومــي‬ ‫شـــيئًا فشـــيئًا‪ ،‬واكتظـــت في فـــرة طويلـــة‬ ‫أمـا صلـوح الناقـدة فهـي مولـودة صلـوح‬ ‫بالكتـــاب الورقـــي عندمـــا كانـــت أدواتي‬ ‫القارئـة أمـا الأكاديميـة فهـي الوظيفـة التـي‬ ‫الـــورق والحـــر‪ ،‬وعندمـــا غزتنـــا التقنيـــة‬ ‫أعتــز بهــا وأنتمــي إليهــا‪ ،‬ولعــل الثلاثــة‬ ‫أو بمعنــى أصــح غزتنــي التقنيــة تغــرت‬ ‫(القارئــة والناقــدة والأكاديميــة) مــا هــي‬ ‫أدواتي وتغـــرت معهـــا كتبـــي ومالـــت‬ ‫إلا آنيـــة مســـتطرقة تصـــب في بعضهـــا‪.‬‬ ‫هـــي الأخـــرى نحـــو التقنيـــة وإن بقـــي‬ ‫كلمـــة ختاميـــة لقـــراء محابـــر؟‬ ‫للكتــاب الورقــي لذتــه وقيمتــه ومكانتــه‪.‬‬ ‫أقـــول لـــكل قـــارئ أنـــت أمـــام أبـــواب‬ ‫ونوافـــذ متعـــددة تفتـــح جميعهـــا عـــى‬ ‫مســـتقبل القـــراءة وممارســـتها في‬ ‫عــالم المعرفــة فأحســن الاختيــار وأعــرف‬ ‫أبنـــاء الجيـــل الحـــالي إلى أيـــن تتجـــه؟‬ ‫مــن أي الأبــواب تلــج وأي النوافــذ تفتــح‬ ‫جيــل اليــوم هــو جيــل التقنيــة والعولمــة‬ ‫ففــي المعرفــة الغــث والســمين والصالــح‬ ‫والانفتـــاح‪ ،‬هـــو جيـــل محظـــوظ تأتيـــه‬ ‫والطالـح وأنـت فقـط مـن يحـدد الأبـواب‬ ‫المعلومــات والمعــارف والخــرات بضغطــة‬ ‫زر‪ ،‬هــو جيــل يعيــش الانفتــاح عــى عــالم‬ ‫والنوافـــذ‪.‬‬ ‫أكــر مــن القــراءة فقــط يســمع ويشــاهد‬ ‫ويعايــن لــذا هــو بخــر والمعرفــة والعلــم‬ ‫حوار ‪ :‬هياء آل ظافر‬ ‫بخـــر عليـــه فقـــط أن يحســـن انتقـــاء‬ ‫مصـــادره‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫قراءة في حكاية ح ّي بن يقظان‬ ‫كيـف يمكـن لطفـ ٍل ولـد مـن بطـن الأرض وسـط وبعــد أن بلــغ الخامســة والثلاثــن مــن عمــره‪،‬‬ ‫غابـــة‪ ،‬أن يعـــرف الحيـــاة؟ وأن يعـــرف حاجاتـــه وصـــل للجزيـــرة شـــخص يدعـــى (أبســـال)ألتقيا‬ ‫وعاطفتـــه؟ كيـــف يعـــرف الهدايـــة وحـــده! وتعارفــا وعلمــه الــكلام والأديــان ثــم اصطحبــه‬ ‫هــذا هــو حــي بــن يقظــان‪ ،‬الــذي عــرف كل للجزيــرة التــي أتى منهــا وهنــاك خالــط (حــ ّي)‬ ‫شيء بتأملـه وبفطرتـه السـليمة وإدراكـه وعقلـه‪ .‬النـــاس وحـــاولا تعليمهـــم أن الحـــب يقـــود إلى‬ ‫يقـــ ّص علينـــا ابـــن طفيـــل قصـــة (حـــ ّي) الله‪ ،‬ولم يفلحـــا فعـــادا إلى الجزيـــرة المهجـــورة‬ ‫الـــذي تولّـــد مـــن بطـــن جزيـــرة مجهولـــة مـــن ليعيشـــا الحيـــاة بالمعنـــى الصـــوفي‪ .‬باختصـــار‪ ،‬لا‬ ‫جـــزر الهنـــد‪ ،‬يُقـــال أن اســـمها «الـــواق واق»‪ ،‬تليـــق قصـــة عميقـــة كهـــذه إلا بابـــن طفيـــل‪.‬‬ ‫وفي قـــو ٍل آخـــر حملـــه تيـــار البحـــر إلى تلـــك ولـــد ابـــن طفيـــل في الأندلـــس عـــام ‪ 1105‬م‬ ‫الجزيـــرة فبـــى واســـتغاث الطفـــل ثـــم أخذتـــه وتـــوفي في المغـــرب عـــام ‪ 1185‬م‪ ،‬كان فيلســـوفًا‬ ‫ظبيـــة صـــارت لـــه أ ًمـــا‪ ،‬تهتـــم بـــه وترضعـــه ‪ .‬وطبي ًبـــا وعالمًـــا وشـــاع ًرا وفقيـــه‪ .‬ألّـــف العديـــد‬ ‫كــر الطفــل و كــ ُرت معــه أفــكاره واحتياجاتــه‪ ،‬مـــن الكتـــب لكـــن لم يصلنـــا مـــن كتاباتـــه إلا‬ ‫تسلســـلت القصـــة وف ًقـــا لاستكشـــاف (حـــ ّي) (حــ ّي بــن يقظــان) القصــة التــي بــدأ فكرتهــا‬ ‫للحيـــاة‪ ،‬وبيـــان كيفيـــة أن الحاجـــة دفعتـــه الفيلســوف ابــن ســينا ثــم مــن بعــده الطبيــب‬ ‫إلى التفكـــر‪ ،‬والعاطفـــة دفعتـــه للتجربـــة‪ ،‬المفكـر ابـن النفيـس وابـن طفيـل مـن بعدهـم‪.‬‬ ‫التـــي جعلتـــه يكتشـــف النـــار والجســـم لاقـــت روا ًجـــا مـــن شرق المعمـــورة إلى غربهـــا‬ ‫والـــروح والعـــالم والمصـــر والســـعادة‪ .‬فتأثــرت بعــض الأعــال الفنيــة في الغــرب بهــا‪،‬‬ ‫عــى ســبيل المثــال‪ :‬اســتطاع وحــده أن يفــ ّر ككتـــاب الأدغـــال ومـــاوكلي وطـــرزان‪.‬‬ ‫المعرفـــة بكونهـــا تنقســـم إلى حدســـية ونظريـــة‪،‬‬ ‫ف ّي سعد الغامدي‬ ‫‪24‬‬

‫ﻗﺮاء ﻣﺤﺎﺑﺮ اﻷﻋﺰاء‬ ‫ﺳﻮف ﺗﻨﻄﻠﻖ ﺑﻤﺸﺌﻴﺔ ﷲ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ‬ ‫أﻓﻀﻞ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻟﻜﺘﺎب \"أﻧﺎ\" ﻟﻠﻌﻘﺎد‬ ‫و اﻟﻔﺎﺋﺰ‪/‬ة ﺳ ُﺘﻨﺸﺮ ﻣﺮاﺟﻌﺘﻪ‪/‬ا ﻓﻲ اﻟﻌﺪد‬ ‫اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺔ ﻣﺤﺎﺑﺮ‬ ‫* ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺎت ﺣﺘﻰ ‪1١4٤4٤2٢//3٣/1/5١‬‬ ‫‪ -‬ﻋﺪد اﻟﻜﻠﻤﺎت ﻣﻦ ‪ ٧٠٠-٤٠٠‬ﻛﻠﻤﺔ ﻛﺤﺪ أﻗﺼﻰ‬ ‫‪ -‬ﺗﺮﺳﻞ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺎت إﱃ ‪:‬‬ ‫‪MmAaHhAaAaBbIiRrmMaAgGaAzZiInNeE@@gGmMAaiIlL.c.CoOmM‬‬

lets_read32 lets_read__together lets_read


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook