Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore مجلة محابر/ العدد الثالث

مجلة محابر/ العدد الثالث

Published by letsread9999, 2021-07-03 19:16:32

Description: مجلة دورية تصدر عن فريق معًا لنقرأ

Search

Read the Text Version

‫دورﻳﺔ | ﺗﺼﺪر ﻋﻦ ﻓﺮﻳﻖ ﻣ ًﻌﺎ ﻟﻨﻘﺮأ اﻟﻌﺪد اﻟﺜﺎﻟﺚ | ذو اﻟﻘﻌﺪة ‪ | 1442‬ﻳﻮﻟﻴﻮ ‪2021‬‬ ‫اﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﻗﺎرئ وﺗﺗﺐ ﻓﻲ آن ﻣ ًﻌﺎ‪.‬‬ ‫)اﻟﺘﻄﻔﻞ( ﻓﻀﻴﻠﺔ ﻟﻢ ﻳﺪرﻛﻬﺎ ﺑﺎﻋﺔ اﻟﻜﺘﺐ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة اﻷدب )رﺟﻞ اﻟﻤﻬﺎم اﻟﻤﺘﻌﺪدة(‪.‬‬ ‫‪1‬‬

2

‫فريق التحرير‬ ‫ديباجة التحرير‬ ‫رئيسة التحرير‪:‬‬ ‫الحمدللــه رب العالمــن والصــاة عــى نبينــا‬ ‫أثير العمري‬ ‫محمـد وعـى آلـه وصحبـه أجمعـن‪ ،‬وبعـد‪:‬‬ ‫نائبة رئيسة التحرير‪:‬‬ ‫بالقـــراءة ننـــال الغايـــات الكـــرى إن سرنـــا‬ ‫جميلة القحطاني‬ ‫إليهـا وهانحـن نطـل عليكـم بالعـدد الثالـث‬ ‫هيئة التحرير‪:‬‬ ‫مــن مجلتنــا المتواضعــة‪( :‬مجلــة محابــر)‪.‬‬ ‫أ‪.‬غادة عثمان الجحدلي‬ ‫جزيـــل الشـــكر نقدمـــه لمـــن نـــروا البـــذور‬ ‫أ‪.‬حنان سالم الغامدي‬ ‫بمــداد أحرفهــم فأينعــت كلماتهــم وأورقــت‬ ‫أ‪.‬جمانة كتبي‬ ‫فكـ ًرا وعلـ ًا وأدبًـا للمتقديّـن شـغفا بالقـراءة‬ ‫أصالة كنبيجه‬ ‫للطامحـن إلى المعـالي أصحـاب الهمـم الأبيـة‪.‬‬ ‫حصة الزهراني‬ ‫كـــا ندعـــو أصحـــاب الأقـــام الثريـــة مـــن‬ ‫دعاء فيصل‬ ‫المتخصصـــن والأكاديميـــن إلى المســـاهمة في‬ ‫لجين سمير‬ ‫رفـــع مســـتوى هـــذه البـــادرة مـــن خـــال‬ ‫وعد العمري‬ ‫توجيهاتهـــم وملحوظاتهـــم‪ ،‬آملـــن أن تكـــون‬ ‫العلاقات العامة‪:‬‬ ‫هــذه الشــذرات مصبا ًحــا منــ ًرا لــكل قــارئ‬ ‫هياء آل ظافر‬ ‫يتطلّــع إلى رقــي كتاباتــه التــي تغــرس فكــر ًة‬ ‫رهف السكيتي‬ ‫وهدفًــا لجيــل قــارئ قــادم فإننــا أمــة تقــرأ‬ ‫الإشراف اللغوي‪:‬‬ ‫خلود السلمي‬ ‫وســـنظل نقـــرأ ماحيينـــا‪.‬‬ ‫لجنة التصميم‪:‬‬ ‫مها عبد الرحمن‬ ‫‪3‬‬ ‫ربى الجابري‬ ‫أروى فلاته‬ ‫ضيفة العدد‪:‬‬ ‫المترجمة‪ /‬بثينة الإبراهيم‬

‫العدد الثالث‬ ‫ذو القعدة ‪ 1442‬هـ | يوليو ‪2021‬‬ ‫‪4‬‬

‫الفهرس‬ ‫ضيفة العدد المترجمة (بثينة الإبراهيم) ‪6‬‬ ‫عن الطرق المشوقة للقراءة ‪8‬‬ ‫مراجعة كتاب الفقراء لدوستويفسكي ‪9‬‬ ‫رجل المهام المتعددة ‪10‬‬ ‫بريد العدد ‪12‬‬ ‫(التطفل) فضيلة لم يدركها باعة الكتب ‪13‬‬ ‫القمر و نُظّا ُره ‪14‬‬ ‫زاوية الأخبار ‪16‬‬ ‫إضاءة العدد ‪17‬‬ ‫لماذا نقرأ الشعر؟ ‪18‬‬ ‫حياة اخرى ‪19‬‬ ‫كاريكتور العدد ‪20‬‬ ‫‪5‬‬

‫ضيفـة العدد‬ ‫(المترجمة‪ :‬بثينة الإبراهيم)‬ ‫رحبــة‪ ،‬عــى اختــاف أشــكال هــذه الآفــاق وألوانهــا‪ ،‬ســواء‬ ‫بدايـ ًة منـذ متـى بـدأت رحلتـك مـع القـراءة؟ ومـا هـو أول‬ ‫أكان ذلـــك كتابًـــا روائيًـــا أم غـــر روائي‪ ،‬المهـــم في نظـــري أن‬ ‫كتـاب قرأتـه وهـل مـا زال يعيـش في الذاكـرة؟‬ ‫يكـــون متقـــن الصياغـــة واللغـــة والفكـــرة‪ ،‬أن يكـــون شـــكله‬ ‫بـدأت في سـ ٍن مبكـرة‪ ،‬ففـي المرحلـة الابتدائيـة كنـت أواظـب‬ ‫موازيًــا في روعتــه لمضمونــه‪.‬‬ ‫عـــى قـــراءة مجـــات الأطفـــال‪ ،‬وكنـــت أحـــب الطرائـــف‬ ‫يقـــول هـــري والاس‪ :‬أحيانًـــا تكـــون قـــراءة بعـــض الكتـــب‬ ‫والغرائـب التـي تنـر في مجلـة ماجـد‪ ،‬ونختـار منهـا بـإشراف‬ ‫أقـوى مـن أي معركـة‪ .‬مـا رأيـك في هـذا النـوع مـن الكتـب؟‬ ‫المدرســة لقراءتــه في إذاعــة الصبــاح‪ .‬ولا أظننــي قــرأت كتابًــا‬ ‫كامـــ ًا في تلـــك المرحلـــة‪ ،‬ولكنـــي قـــرأت كليلـــة ودمنـــة في‬ ‫وهــل تســتهويك قراءتــه؟‬ ‫الصــف الســابع‪ ،‬إذ كان مقــر ًرا ضمــن منهــج اللغــة العربيــة‪،‬‬ ‫إن لم يــر الكتــاب ف ّي رغبــة لإكمالــه‪ ،‬فلــن أجــر نفــي عــى‬ ‫وقـد قرأتـه كامـ ًا قبـل أن نتـم قراءتـه في المدرسـة‪ .‬ومـا زال‬ ‫فعـــل ذلـــك‪ .‬يجـــد القـــارئ مشـــقة أحي ًنـــا في قـــراءة بعـــض‬ ‫في الذاكـرة لمحـات منـه‪ ،‬ولـذا أعـدت قراءتـه الشـهر المـاضي‪.‬‬ ‫الكتــب لأســباب عــدة‪ ،‬منــا الأســلوب أو الأفــكار المطروحــة‪،‬‬ ‫اتخـــذت القـــراءة شـــك ًل أكـــر جديـــة في المرحلـــة الثانويـــة‪،‬‬ ‫وقــد يكــون ذلــك عائــ ًدا إلى توقيــت قراءتــه‪ ،‬بمعنــى أنــه لم‬ ‫يكـن في حـال تسـمح لـه بتقبـل الكتـاب فينفـر منـه ويعـزف‬ ‫فقــرأت في النقــد في تلــك الســن الباكــرة وشــغفت بــه‪.‬‬ ‫عنــه لمــا وجــد فيــه مــن عــر‪ .‬لا شيء يجــر القــارئ عــى‬ ‫إلى أي مـــدى ســـاهمت القـــراءة في تكويـــن المترجمـــة بثينـــة‬ ‫قــراءة شيء «يرتــاح لــه»!‬ ‫الإبراهيـــم؟‬ ‫مــن المؤلــف الــذي تســتطيعين القــول لقــد قــرأت أعمالــه‬ ‫لا يمكـن للمترجـم‪ -‬وأعنـي بـه مترجـم الأدب‪ -‬ألا يكـون قارئًـا‪،‬‬ ‫والقــراءة تــري المترجــم عــى صعيــد الأســلوب والانتقــاءات‪.‬‬ ‫الكاملــة أو ســأقرأها؟‬ ‫ولكـن إن كان القصـد إلى أي حـ ّد و ّجهتنـي إلى الترجمـة‪ ،‬فهـذا‬ ‫أعتقـــد أن هـــذه القائمـــة عنـــدي لا نهائيـــة‪ ،‬يضـــاف إليهـــا‬ ‫أمــر آخــر‪ .‬إذ دخلــت عــالم الترجمــة عــى اســتحياء‪ ،‬ولا شــك‬ ‫اســم جديــد كل يــوم! ولكنــي مثــ ًا أحــب قــراءة كتــب أبــو‬ ‫أن القـراءة سـاعدتني وكانـت داف ًعـا كبـ ًرا في بعـض الأحيـان‪.‬‬ ‫حيـان التوحيـدي وابـن المقفـع والجاحـظ‪ ،‬وكـﭘلنـغ وشكســﭘير‬ ‫العمليـــة عكســـية‪ ،‬أو متبادلـــة‪ -‬لســـت أدري أيهـــا أدق‪ ،‬إذ‬ ‫لســـت بارعـــة في الرياضيـــات‪ ،‬لكـــن كلا الصفتـــن تنطبقـــان‬ ‫وإميــي دكنســن وجينــت ونترســن‪.‬‬ ‫مـــا رأيـــك بالـــدورات التدريبيـــة الحديثـــة المنتـــرة عـــن‬ ‫عــى العلاقــة بــن الترجمــة والقــراءة في نظــري‪.‬‬ ‫القـــراءة ومهاراتهـــا؟ هـــل تريـــن فيهـــا تجديـــ ًدا أم تعتـــر‬ ‫هـل تمارسـن عـادة القـراءة اليوميـة؟ ومـا لحظـة الاسـتغراق‬ ‫مقتـــرة عـــى مواضيـــع مكـــررة؟‬ ‫اليومـي في القـراءة؟‬ ‫لا أتابـــع هـــذا النـــوع مـــن الـــدورات‪ .‬في فـــرة مـــن حيـــاتي‪،‬‬ ‫أقــرأ يوميًــا‪ ،‬أقــرأ لأجــل القــراءة في حــد ذاتهــا‪ ،‬كــا أقــرأ‬ ‫حاولـــت تطويـــر مهـــارة القـــراءة السريعـــة بالاعتـــاد عـــى‬ ‫مـــن أجـــل عمـــي في الترجمـــة‪ .‬لحظـــات الاســـتغراق كثـــرة‪،‬‬ ‫كتـــب تـــوني بـــوزان‪ ،‬ورغـــم تطبيقـــي للنصائـــح والإرشـــادات‬ ‫فقــد يكــون ذلــك في مشــهد روائي مكتــوب ببراعــة‪ ،‬أو فكــرة‬ ‫وممارســتي للتماريــن المذكــورة في الكتــاب‪ ،‬لكــن سرعتــي لم‬ ‫جديــدة لم تمــر عــي قبــ ًا‪ ،‬أو عمــل شــديد الأهميــة ولم ينــل‬ ‫تتغـر‪ .‬فأقلعـت عـن المحاولـة‪ ،‬وعرفـت أن لي سرعـة محـددة‬ ‫تناســبني‪ .‬ولكــن إن كان ثمــة مــن يســتفيد ح ًقــا مــن هــذه‬ ‫حظــه مــن القــراءة‪.‬‬ ‫ما الكتاب الذي يستهويك ويأخذك بكلتا يديه؟‬ ‫الــدورات‪ ،‬فمرحــى لهــم!‬ ‫كل كتـاب متقـن الصنـع! كل كتـاب تحفـة في مجالـه يأخـذني‬ ‫ما الفرق بين الكاتب والمترجم والقارئ؟‬ ‫إلى حـــدود بعيـــدة‪ .‬أحـــب مـــن الكتـــب مـــا يفتـــح لي آفاقًـــا‬ ‫لا بــد مــن الإشــارة إلى أن الكاتــب قــارئ بالــرورة‪ ،‬والقــارئ‬ ‫‪6‬‬

‫أرى أن نشـــاط الترجمـــة في الآونـــة الأخـــرة‪ ،‬وفي الســـعودية‬ ‫قــد يكــون كاتبًــا وقــد لا يكــون‪ ،‬لكــن المترجــم قــارئ وكاتــب‬ ‫تحديـــ ًدا‪ ،‬أمـــر يثلـــج الصـــدر ويبـــر بالخـــر‪ .‬لكنـــي أود أن‬ ‫في آن م ًعـا‪ .‬إن افتقـار القـارئ للقـدرة عـى الكتابـة – الكتابـة‬ ‫ألفــت النظــر إلى عــدم تكــرار ترجمــة الأعــال المترجمــة‪ ،‬مــا لم‬ ‫الإبداعيــة بمعناهــا الواســع‪ -‬ليــس عي ًبــا‪ ،‬ولا فيــه مــا ينقــص‬ ‫يكــن ثمــة ســبب وجيــه لفعــل ذلــك‪ .‬مــا زالــت الكتــب التــي‬ ‫مـن حجـم معرفتـه ووعيـه‪ .‬لكـن الكتابـة تقـوم أسا ًسـا عـى‬ ‫لم تترجــم وهــي جديــرة بالترجمــة كثــرة جــ ًدا‪ ،‬فلــاذا تصــدر‬ ‫خمـــس ترجـــات لعمـــل واحـــد‪ ،‬في حـــن أن بوســـعنا ترجمـــة‬ ‫الموهبــة‪ ،‬التــي تنمــو بالاطــاع وتزدهــر بالتجريــب‪.‬‬ ‫خمســـة أعـــال مختلفـــة تـــري مكتبتنـــا العربيـــة؟‬ ‫ثمـة احتفـاء كبـر بصـدور ترجمتـك لصاحـب الظـل الطويـل‪،‬‬ ‫لماذا تميلين لترجمة الكتب المتعلقة بأدب الأطفال؟‬ ‫كيـــف تصفـــن تجربتـــك مـــع هـــذا الكتـــاب الشـــهير لجـــن‬ ‫لا أظـــن الكتـــب التـــي ترجمتهـــا تخـــص الناشـــئة أو الأطفـــال‬ ‫فقــط‪ ،‬إنهــا كتــب للصغــار والكبــار عــى حــد ســواء‪ ،‬كتــب لا‬ ‫وبســر؟‬ ‫تفقـد أهميتهـا عـى مـر الأزمـان‪ ،‬وبعـض منهـا يـدرس في علـم‬ ‫الاجتـاع أو علـم النفـس (متلازمـة ﭘيـر ﭘان مثـ ًا) وبعضهـا مـا‬ ‫العلاقـــة مـــع هـــذا الكتـــاب بـــدأت منـــذ زمـــن بعيـــد‪ ،‬منـــذ‬ ‫دخــل المعاجــم (ﭘوليانــا)‪.‬‬ ‫أيـــام المراهقـــة‪ ،‬حـــن بـــدأ عـــرض المسلســـل الكارتـــوني عـــى‬ ‫لــذا فــا يمكــن حصرهــا في مجــال ضيــق فقــط‪ .‬أدب الطفــل‬ ‫جنـــس أدبي حديـــث نســـبيًا في الأدب العـــربي‪ ،‬وليـــس في تراثنـــا‬ ‫التلفزيـون السـوري‪ ،‬ثـم عرفـت في وقـت لاحـق أنـه مقتبـس‬ ‫قصــص موجهــة للناشــئة يتعلمــون مــن خلالهــا القيــم والمثــل‬ ‫الأخلاقيـــة‪ .‬ولا يعنـــي هـــذا قصـــور تراثنـــا‪ ،‬ولكـــن لا ضـــر في‬ ‫عـــن روايـــة‪ ،‬بحثـــت عنهـــا وقرأتهـــا عـــد ًدا مـــن المـــرات‪.‬‬ ‫الاسـتعانة بـآداب الآخريـن والاسـتعارة منهـا لمـلء هـذا الفـراغ‪.‬‬ ‫الجميـــل في هـــذا الكتـــاب‪ ،‬أنـــه لا يكـــرس صـــورة اليتيـــم‬ ‫حــن أصبــح العــالم قريــة صغــرة‪ ،‬كــرت المســافات بــن المــرء‬ ‫العاجـــز‪ ،‬إذ تتمكـــن جـــودي بقليـــل مـــن العـــون مـــن شـــق‬ ‫وأخيــه‪.‬‬ ‫في روايـــة (رجـــال صغـــار) كانـــت هنـــاك دعـــوة مـــن جـــو‬ ‫طريقهــا بنفســها‪ ،‬واختــارت لاح ًقــا أن تــرد جــز ًءا مــن المــال‬ ‫ورجالهـا الصغـار إلى القـارئ فهـا تحدثـت عـن هـذه الرسـالة‬ ‫الـــذي خصصـــه لهـــا الـــوصي صاحـــب الظـــل الطويـــل الـــذي‬ ‫مـــن فضلـــك؟‬ ‫يرســل الأيتــام إلى الكليــات‪ ،‬كــا وصفتــه‪ .‬هــذا يعنــي أنهــا‬ ‫دعـوة السـيدة جـو‪ ،‬هـي ذاتهـا دعـوة هايـدي وﭘوليانـا وجـودي‬ ‫أبــوت وســدريك‪ .‬عامــل النــاس كــا تحبهــم أن يعاملــوك‪ .‬كــن‬ ‫تســـعى إلى الاســـتقلال وتحـــرص ألا تكـــون عالـــة عـــى أحـــد‪،‬‬ ‫لطي ًفـا رفي ًقـا تنـل محبـة الآخريـن‪.‬‬ ‫وهـــذه رســـالة هامـــة جـــ ًدا‪.‬‬ ‫كلمة أخيرة توجهينها لقراء المجلة؟‬ ‫حدثينـا عـن تجربـة تأسيسـك لوسـم ‪#‬ترجمة_كل_يـوم عـى‬ ‫ســأقتبس مــن المسلســل الكارتــوني نــوار (المقتبــس عــن رجــال‬ ‫تويـر‪ ،‬كيـف كانـت بدايتـه؟‬ ‫صغــار)‪:‬‬ ‫بــدأ بمحــض الصدفــة‪ ،‬ولم يكــن عمــ ًا مخططًــا لــه ولا حتــى‬ ‫«تقاربوا‪ ،‬تناغموا‬ ‫وإن اختلفتم كلم في الشكل والأسماء‬ ‫منظـــ ًا‪ .‬كنـــت أنتقـــي مقاطـــع تســـتوقفني لســـبب أو لآخـــر‬ ‫في العمر والأهواء‪ ،‬والزي والكلام‬ ‫مـا أقـرأه‪ ،‬فأترجمـه وأنـره‪ .‬لم يحقـق الوسـم فائـدة كبـرة‬ ‫كالخنصر والبنصر والوسطى والسبابة‪،‬‬ ‫والخامس الإبهام‬ ‫لي وحــدي فحســب‪ ،‬بــل وجــدت أن كثيريــن مــن المترجمــن‬ ‫جميعها أنامل في باقة فريدة من تل الحياة»‪.‬‬ ‫أضافــوا إليــه شســئًا مــن نتاجهــم‪ ،‬فأحــدث حركــة ونشــاطًا‬ ‫(كلمات د‪ .‬بطرس روحانا)‬ ‫في فضـــاء تويـــر‪ .‬وحـــ ّرض كثيريـــن عـــى ممارســـة «التماريـــن‬ ‫الترجميــة»‪ ،‬وهــذا وحــده مــا يعــزز الموهبــة وين ّمــي اللغــة‪،‬‬ ‫حوار‪ :‬هياء آل ظافر‬ ‫فالعضـــو يضمـــر إن لم يســـتخدم!‬ ‫ذكرت مرة أن الترجمة عوضتك عن الكتابة‪ ،‬كيف ذلك؟‬ ‫الترجمــة هــي الوجــه الآخــر لعملــة الكتابــة‪ ،‬ولــذا إن كنــت‬ ‫مصابـــة بحبســـة الكتابـــة‪ ،‬فالترجمـــة تســـعفني لقـــول كثـــر‬ ‫مــا أود قولــه ولا أحســن صياغتــه بصــورة ترضينــي‪ .‬هكــذا‬ ‫عوضتنـــي الترجمـــة‪ ،‬يـــوم صـــارت صـــوتي كـــا هـــي صـــوت‬ ‫كثيريـــن ممـــن لا صـــوت لهــم!‬ ‫هـــل هنـــاك ثغـــرة في مجـــال الترجمـــة تنصحـــن المترجمـــن‬ ‫الجـــدد بـــأن يطرقـــوا أبوابهـــا؟‬ ‫‪7‬‬

‫عن الطرق المشوقة للقراءة‬ ‫يتهافـت النـاس اليـوم للبحـث عـن أسرا ٍر لممارسـة القـراءة والاسـتمرار يقـو ُل فيـر ‪« :‬الكتـا ُب الـذي لا يسـتحق أن يُقـرأ مرتـن = لا يسـتحق‬ ‫عليهـــا‪ ،‬محاولـــن فهـــم لغـــز حـــ ّب ال ُقـــ ّراء للقـــراءة وملازمتهـــم لهـــا‪ ،‬أي ًضـا أن يقـرأ مـرة واحـدة!»‬ ‫وعنايتهــم بأخبارهــا‪ ،‬للاقتــداء بهــم‪ ،‬بــل ومحاكاتهــم في شراء الكتــب والتوفيـق في اختيـار الكتـب لـه ثمـرة عاجلـة تُقطـف في وقـت قصـر‬ ‫جـــدا مقارنـــة بالثـــار طويلـــة الأجـــل‪ ،‬والإنســـان طبـــع عـــى حـــب‬ ‫والبحــث عــن عناويــن جديــدة‪.‬‬ ‫العاجـل فتجـد أ ّن الدهشـة والانبهـار مـن الثمـرات العاجلـة والمحفـزة‬ ‫لا أعلــم شــيئا محفــ ًزا مثــل اللــذة المعرفيــة‪ ،‬فالــذي يجعلــك تســتمر؛ للاســتمرار‪ ،‬وبالتــالي تجعلــه يســتمر لأجــل معلومــة مثــرة أو غريبــة‪،‬‬ ‫هــو حصولــك عــى شيء معــرفي‪ ،‬والــذي تشــعر بعــده أنــك اكتســبت أو إجابــة لســؤال ظــل عالقــاً في ذهنــه لســنوات‪.‬‬ ‫شــيئا جديــدا وتغــ ّذت ذاكرتــك‪ ،‬وأنــك بعــده لســت كالأمــس‪ ،‬وهــذه‬ ‫أمــا عــن الطــرق المتقدمــة طويلــة المــدى لأصحــاب النفــس الطويــل‪،‬‬ ‫أول درجــات التغيــر‪.‬‬ ‫والبــاع الطــولى في إعــار أوقاتهــم بالقــراءة مــن وجهــة نظــري فهــي؛‬ ‫البنــاء المعــرفي‪ ،‬والحصيلــة المتينــة‪ ،‬والنتــاج الفكــري‪.‬‬ ‫يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في ذكريات‪:‬‬ ‫«وأنــا لا أحفــظ مــا أقــرأ وأردده بألفاظــه‪ ،‬بــل أُدخلــه نفــي كــا كمـن يبحـث مثـا عـن موضـوع معـن في مصادرعـدة ليجمـع حولـه‬ ‫تدخــل المــواد الأوليــة المصانــع وتخــرج منــه شــيئاً آخــر‪ ،‬هــو منهــا معلومـات كبـرة‪ ،‬فهـو إن لم يكـن متق ّصـ ٌد للقـراءة بذاتهـا فهومضطـ ٌر‬ ‫للقـراءة‪ ،‬وهـذا للأكاديميـن‪ ،‬والكتّـاب‪ ،‬والباحثـن‪ ،‬والمؤلفـن وغيرهـم‪.‬‬ ‫ولكنــه ليــس ذاتهــا”‬ ‫المهــم أن يســقط بــن يديــك كتــا ٌب جديــ ٌر بالقــراءة فالكتــاب الــذي وهــذا لا يتــأتى إلا بالوقــوف عــى المصــادر الكتبيــة العديــدة بالمقــام‬ ‫لا يقــدم لــك شــيئاً تشــعر أنــه يســتغلك‪ ،‬لذلــك تجــد مــع الوقــت الأول مــر ًة بعــد مــرة ثــم تصبــح مــع الوقــت عــادة لا تنفــك عــن‬ ‫صاحبهــا‪.‬‬ ‫لديــك قوائــم كتــب قــد توقفــ ْت عــن إكمالهــا‪،‬‬ ‫عبير الشهري‬ ‫بسبب أنها افتقر ْت لإثرائك معرفيا أو حتى إمتاعك ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫مراجعة كتاب (الفقراء)‬ ‫للروائي‪ :‬دوستويفسكي‬ ‫لطالمـــا أغرمـــت بـــالأدب الـــروسي وواقعيتـــه وبـــأدب الرســـائل‬ ‫فجـــاء هـــذا الكتـــاب جام ًعـــا بينهـــا بطريقـــة مذهلـــة حيـــث‬ ‫أتى موض ًحــا كيفيــة حديــث الجميــع دائمًــا عــن حاجــة الفقــراء‬ ‫الماديــة وعــن نقــص الغــذاء وعــن الأمــراض الناتجــة مــن الــرد‬ ‫والفقــر لكــن ليــس هنــاك مــن يتحــدث عــن مشــاعر الفقــراء‬ ‫ومشــاعر النقــص والخجــل مــن أتفــه التصرفــات‪.‬‬ ‫في هــذا الكتــاب يحدثنــا دوستويفســي عــن هــذه المشــاعر‬ ‫فيغـــوص بالنفـــس البشريـــة كعادتـــه ويتحـــدث عـــن تلـــك‬ ‫الأحاسـيس الخفيـة حيـث لا يـزال مشـهد سـقوط أزرار مـاكار‬ ‫ودورانهــا عــى الأرض أمــام مديــره عال ًقــا بذاكــرتي وكذلــك‬ ‫عندمــا قــرر أي ًضــا أن يحتــي الشــاي كل يــوم حتــى يظهــر‬ ‫بشــكل لائــق أمــام الســاكنين معــه في نفــس المنــزل بالرغــم‬ ‫مــن عــدم حبــه لــه مــا جعلــه يبــدو مــن الخــارج مبــذ ًرا‬ ‫لمــن لا يعرفــه لأنــه يريــد أن يشــعر فقــط أنــه يشــبه مــن‬ ‫حولــه ولا يتخلــف عنهــم؛ وعــى الرغــم مــن ذلــك عندمــا‬ ‫يكســـب القليـــل مـــن المـــال يعطيـــه فارفـــارا فيثـــر هنـــا‬ ‫دوستويفســي ســؤا ًل فلســفيًا عظيــ ًا فحــواه‪:‬‬ ‫هـل الفقـر يـربي الإنسـان عـى الكـرم بينـا الغنـى يجعـل الـر‬ ‫يطغـى عـى الإنسـان دون أن يشـعر؟‬ ‫يســود عــى الكتــاب طابــع الحــزن والســوداوية ولكــن يختفــي‬ ‫هــذا الطابــع في بعــض الأجــزاء مــع سرد الــروائي الفاخــر‪.‬‬ ‫في نهايــة المطــاف‪ ،‬هــذا الكتــاب يعــد مناســ ًبا لمحبــي الاقتباســات فــا‬ ‫تـــكاد تخلـــو صفحـــة مـــن عبـــارة رنانـــة تشـــد الأذهـــان ويُـــوصى بـــه عنـــد‬ ‫المصافحـــة الأولى لكتـــب دوستويفســـي لأجـــل معرفـــة أســـلوبه الـــروائي وطريقـــة سرده‪.‬‬ ‫حصة الزهراني‬ ‫‪9‬‬

‫رجل المهام المتعددة‬ ‫مـى عقـ ٌد عـى رحيلـه ومازالـت مؤلفاتـه عالقـة بأذهاننـا‪ ،‬وأصبـح كتابـه «حيـاة في الإدارة» منه ًجـا يُـدرس لطـاب المرحلـة‬ ‫الثانويــة‪ ،‬نعــم إنــه الأديــب الســعودي غــازي القصيبــي يــا ســادة‪ ،‬الــذي أثــرى المكتبــات العربيــة بمؤلفاتــه‪ ،‬ومنــح الأدب‬ ‫روائــع خالــدة أســهمت في إنــارة العقــول‪ ،‬وتتلمــذ عليهــا أجيــال قارئــة شــ ّقت طريقهــا برفقــة هــذه الكتــب التــي هــي‬ ‫اليـوم إرث الراحـل بنفـوس قرائـه‪ ،‬لم يكـن القصيبـي كات ًبـا عاديـاً‪ ،‬بـل هـو الوزيـر‪ ،‬والسـفي ُر‪ ،‬والشـاع ُر‪ ،‬والـروائي‪ ،‬والمحامـي‪،‬‬ ‫والأكاديمــي‪ ،‬والأديــب الــذي قــدم لــأدب العــربي أكــر مــن ‪ 70‬مؤل ًفــا قيّــ ًا‪.‬‬ ‫ولـد الأديـب غـازي عبـد الرحمـن حسـن عبـد اللـه القصيبـي في منطقـة الإحسـاء السـعودية في ‪ 2‬مـارس لعـام ‪ ،1940‬وهـو‬ ‫أصغــر أخوتــه ورابعهــم‪ ،‬قــد وصــف القصيبــي طفولتــه بالكئيبــة حيــث رحلــت والدتــه وهــو رضيــع‪ ،‬ثــم نشــأ بــن يــد ِّي‬ ‫والــده وجدتــه‪ ،‬فعــاش بــن قطبــن متعاكســن بســبب صرامــة والــده وحنــان جدتــه‪ ،‬ورأى القصيبــي أن لهــذا تأثــ ًرا إيجابيًــا‬ ‫عــى مســرته المهنيــة التــي أتــت لاح ًقــا‪.‬‬ ‫انتقــل القصيبــي بعدهــا إلى مدينــة البحريــن؛ ليــدرس فيهــا جميــع‬ ‫مراحـل التعليـم‪ ،‬متلق ًيـا تعليمـه الإعـدادي والثانـوي بالمنامـة‪ ،‬وحصـل‬ ‫عـــى درجـــة البكالوريـــوس مـــن كليـــة الحقـــوق بجامعـــة‬ ‫القاهـــرة‪ ،‬ثـــم عـــى درجـــة الماجســـتير في العلاقـــات الدوليـــة‬ ‫مـــن جامعـــة جنـــوب كاليفورنيـــا‪ ،‬أمـــا الدكتـــوراه بالعلاقـــات‬ ‫الدوليـة قـد حصـل عليهـا مـن جامعـة لنـدن البريطانيـة عـر‬ ‫أطروحــة قدمهــا عــن اليمــن عــام ‪.1971‬‬ ‫ُعـــرف غـــازي القصيبـــي بميولـــه الأدبيّـــة التـــي أنتـــج مـــن‬ ‫خلالهـــا عـــد ًدا مـــن الدواويـــن الشـــعرية والروايـــات وغيرهـــا‬ ‫مـــن المؤلفـــات التـــي مازالـــت بقوائـــم «الأكـــر مبي ًعـــا»‪،‬‬ ‫والتـــي عـــ ّرت عـــن ذاتيـــة الأديـــب‪ ،‬وناقـــش مـــن‬ ‫خلالهــا العديــد مــن قضايــا المجتمــع والعــالم‬ ‫العـــرب ّي‪ ،‬مـــا جعلتـــه يغـــدو أحـــد أهـــم‬ ‫الأدبـــاء الســـعوديين‪ ،‬وعـــى الرغـــم‬ ‫مـــن تنـــوع مهامـــه وتعددهـــا كان‬ ‫لـــأدب المكانـــة الأهـــم لديـــه‪،‬‬ ‫حيـــث جـــاء بدواويـــن مـــن‬ ‫الشـــعر والروايـــات التـــي‬ ‫‪10‬‬

‫تجـــاوزت الســـبعين مؤل ًفـــا‪ ،‬فقدمهـــا لنـــا ليعـــ ِّر عـــن مشـــاعره ومواقفـــه وآرائـــه عـــى كافـــة الأصعـــدة‪.‬‬ ‫«الأشـج»‪ ،‬و»أشـعار مـن جزائـر اللؤلـؤة»‪ ،‬و»اللـون عـن الأوراد»‪ ،‬و»سـحيم»‪ ،‬و»للشـهداء»‪ ،‬هـي مـن أهـم مـا قـدم القصيبـي‬ ‫مــن دواويــن شــعرية وأفضلهــا ديــوان «معركــة بــا رايــة» الــذي أصــدره عــام ‪ ،1970‬وقــد بــرز في شــعره جانــب الصــدق‬ ‫والمكابــدة في قصيدتــه المســاة «يــا أعــز النســاء»‪ ،‬إضافــ ًة إلى رواياتــه «شــقة الحريــة» و»العصفوريــة» اللتــان تعــدان مــن‬ ‫أفضــل روايــات القصيبــي وأشــهرها‪ ،‬فقــد ص ّنفــت «العصفوريــة» بالمرتبــة الخامســة والثلاثــن مــن بــن أفضــل مئــة روايــة‬ ‫عربيــة‪ ،‬وغيرهــا مــن الروايــات مثــل‪« :‬ســبعة»‪ ،‬و»هــا»‪ ،‬و»ســعادة الســفير»‪ ،‬و»ســلمى»‪ ،‬و»الجنيــة»‪« ،‬العــودة ســائ ًحا إلى‬ ‫كاليفورنيــا»‪« ،‬حكايــة حــب»‪ ،‬وآخرهــا نــرت بعــد وفاتــه بفــرة وجيــزة هــي «أقصوصــة الزهايمــر»‪.‬‬ ‫مـن أبـرز كتـب القصيبـي بمجـال الأدب حتـى وقتنـا هـذا هـا‪ ،‬كتـاب ِّي‪« :‬حيـاة في الإدارة» الـذي نُ ٍشعـام ‪ ،1998‬وتنـاول فيـه‬ ‫سـرتَه الإداريـة والوظيفيـة ونجاحـه في الحيـاة العمليـة حتـى تعينـه سـفي ًرا في لنـدن‪ ،‬حيـ ُث بلـ َغ عـدد طبعاتـه أكـر مـن ‪15‬‬ ‫طبعــة ‪ ،‬وأدرجــت وزارة التعليــم بالمملكــة العربيــة الســعودية الكتــاب كمقــرر ضمــن مناهــج التعليــم للمرحلــة الثانويــة في‬ ‫عـام ‪2018‬م بهـدف الاطـاع عـى علـم الإدارة الـذي يتناولـه المؤلـف في كتابـه مـن خـال تجربتـه الواقعيـة‪ ،‬وكتـاب «الوزيـر‬ ‫المرافــق» الــذي كان ســجلا توثيق ًّيــا لعمــل القصيبــي كوزيــ ًرا في إحــدى الــوزارات‪ ،‬ويليهــا كتــاب «الأســئلة الكــرى» الــذي‬ ‫تحــدث فيــه عــن مواضيــع التنميــة الســعودية‪.‬‬ ‫قــد شــ َّغل القصيبــي رجــ ُل المهــا ِم المتعــددة العديــد مــن المناصــب‪ ،‬حيــث أنــه كان أســتاذ مســاعد في كليــة العلــوم الإداريــة‬ ‫بجامعـــة الملـــك ســـعود في الريـــاض عـــام ‪ ،1965‬وعمـــل ببداياتـــه كمستشـــار قانـــوني‪ ،‬ونـــال القصيبـــي منصـــب عميـــد كليـــة‬ ‫التجـارة‪ ،‬ثـم مديـر المؤسسـة العامـة للسـكك الحديديـة‪ ،‬وكانـت أولى المناصـب الرفيعـة التـي تولاهـا غـازي القصيبـي تسـلَّم ُه‬ ‫لــوزارة الصناعــة والكهربــاء عــام ‪ ،1976‬ثــم وزيــ ًرا للصحــة في ‪ ،1982‬قــدم فيهــا العديــد مــن الإنجــازات الهامــة في تاريــخ‬ ‫المملكــة‪ ،‬وبنــا ًء عــى رغبتــه أصبــح غــازي ســفي ًرا للملكــة العربيــة الســعودية لــدى مدينــة البحريــن في ‪ ،1984‬تلاهــا ســفي ًرا‬ ‫للســعودية لــدى بريطانيــا في ‪ ،1992‬ليعــود إلى المملكــة وتحديــ ًدا مجلــس الــوزراء وزيــ ًرا للميــاه والكهربــاء عــام ‪ ،2003‬ثــم‬ ‫وزيــ ًرا للعمــل عــام ‪.2005‬‬ ‫قـــد أجـــرى القصيبـــي عمليـــة جراحيـــة في الريـــاض كشـــفت حينهـــا إصابتـــه بمـــرض سرطـــان القولـــون المتقدمـــة الـــذي أدت‬ ‫إلى وفاتــه في ‪ 15‬أغســطس مــن عــام ‪ 2010‬عــن عمــر ناهــز الســبعين عا ًمــا‪ ،‬وكأنــه كان قبلهــا قــد يعلــم برحيلــه منــذ أن‬ ‫كتــب قصيدتــ ِه «حديقــة الغــروب»؛ كوصيــة يتخلــص فيهــا مــن أعبــاء خم ًســا وســتون عا ًمــا مضــت صاخبــ ًة‪ ،‬ولا يطلــب مــن‬ ‫الحاضريــن حولــه ســوى أن يــرددوا‪:‬‬ ‫«وإ ْن مضي ُت‪ ..‬فقولي‪ :‬لم يك ْن بَطَل ًا‪،‬لكنه لم يق ّبل جبه َة العا ِر»‪.‬‬ ‫وسنر ُد قائلين له‪:‬‬ ‫«وإن َك قَد َمضي َت بط ًل‬ ‫وترك ْت ل َنا عل ًم وعم َل‬ ‫َو َسيمت ُد بإذن الله أث َرا»‬ ‫تـرك لنـا القصيبـي محبتـه في قلوبنـا ثـم رحـل‪ ،‬وأوقـد أحاسيسـنا بقصائـ ٍد خطّهـا قلمـ ُه لـن ننسـاها‪ ،‬فاحتـل مكانًـا باسـقاً في‬ ‫مشـهدنا الثقـافي‪ ،‬وأكـد لـه القـارئ والناقـد والـدارس هـذه المكانـة العاليـة‪ ،‬رحـم اللـه غـازي رحمـ ًة واسـعة‪.‬‬ ‫لجين سمير‬ ‫‪11‬‬

‫بريد العدد‬ ‫(نيزك الدهشة)‬ ‫اصطدمنـــا بكويكـــب يدعـــى (الاعتيـــاد) مكثنـــا فيـــه‬ ‫في يو ًمـــا مـــا ذهبـــت إلى الخـــارج بصحبـــة أفـــكاري‬ ‫وغفلنـــا عـــن طريـــق الخـــروج منـــه‪ ،‬أقفلنـــا عـــى‬ ‫لأتفكـر بعلـم الفلـك ومـا يخفيـه مـن طيـات فقـد‬ ‫خزينتنـــا المعرفيـــة واكتفينـــا بهـــا حتـــى أصبحنـــا‬ ‫اكتســـبت معلومـــات جديـــدة عـــن رحلـــة هجـــوم‬ ‫نشــعرأننا مــن أهــل المعرفــة بمجــرد ارتشــافنا قطــرة‬ ‫كويكـــب عـــى كوكـــب الأرض وبالرغـــم مـــن أننـــي‬ ‫كنـــت غارقـــة بتفاصيـــل هـــذا العلـــم قطـــع حبـــل‬ ‫مـــن بحـــار العلـــم الكبـــرة‪.‬‬ ‫أفــكاري إصرار طفــل مــا عــى اقتنــاء قطعــة مــن‬ ‫لبســنا لبــاس الأرقــام وأصبحنــا نتعامــل مــع الأفعــال‬ ‫الحلــوى‪ ،‬حينهــا قــد أخذتنــي ذاكــرتي إلى رحلــة في‬ ‫الرتيبـــة الاعتياديـــة حتـــى نســـينا أننـــا ولدنـــا بعقـــ ٍل‬ ‫مفكـــر يســـتقبل مئـــات الأفـــكار والخـــرات يوم ًيـــا؛‬ ‫فضــاء الطفولــة‪.‬‬ ‫مــا أنســانا تلــك الدهشــة التــي كانــت تشــعل بنــا‬ ‫تلــك الطفولــة التــي عشــتها بلحظاتهــا وتفاصيلهــا‬ ‫فتيـل الشـغف فبمجـرد أن يصـل الشـخص إلى الثلاثـن‬ ‫الصغـــرة المفعمـــة بضحكاتنـــا البريئـــة و ضجيـــج‬ ‫مــن عمــره يظــن بأنــه قــد علــم عــن ذاتــه الكثــر‬ ‫ناســيًا أن الحيــاة مجــرة بهــا العديــد مــن الكواكــب‬ ‫أفعالنـــا المتهـــورة‬ ‫ولـي نكتشـف كوكبنـا يجـب علينـا أن نقـود مكوكنـا‬ ‫حيـــث كنـــا فيهـــا نُلّـــ ُح عـــى مـــا نريـــد وفي بعـــض‬ ‫الأحيـــان نضطـــر أن نغـــرق أعيننـــا بالدمـــوع لـــي‬ ‫الخــاص‪.‬‬ ‫في أثنـــاء لحظـــات الانغـــاس بتفكـــري ســـقط نيـــزك‬ ‫نحصـــل عـــى مـــا نريـــده‪.‬‬ ‫الدهشـة عـى كويكـب الاعتيـاد ليعلـن انتهـاء رحلتـي‬ ‫في طفولتنـــا كان لدينـــا شـــغف الاستكشـــاف رغـــم‬ ‫الفضائيــة و لكــن عندمــا عــدت وعــدت نفــي أن لا‬ ‫أن عقولنـــا كانـــت صغـــرة إلا أننـــا كنـــا غارقـــن‬ ‫اقتـــر التعلـــم عـــى قـــراءة الكتـــب و التعلـــم مـــن‬ ‫في مجـــرات الحيـــاة نحـــاول أن نكتشـــف العـــالم و‬ ‫الكبــار في الســن بــل ســأتعلم مــن الأطفــال أي ًضــا سر‬ ‫ونتعـرف عـى كل الأشـياء التـي نراهـا فـا إن تأتينـا‬ ‫الدهشــة وصناعــة الأحــام لتصبــح الدهشــة المحــرك‬ ‫فكــرة إلا ونلّــح بالســؤال عنهــا بــا تــردد لأننــا كنــا‬ ‫الأســاسي للقــوة التــي لــن يتخللهــا الاستســام فهنــاك‬ ‫منفتحـــن لآراء مـــن حولنـــا عندمـــا كانـــت تغمرنـــا‬ ‫دهشـة الحيـاة تلـك الدهشـة التـي افتقدناهـا بعـد‬ ‫مجــرات مــن الإبــداع تســتحق أن تكتشــف‪.‬‬ ‫أن كبرنـــا فـــاذا عـــن الآن؟‬ ‫دعاء فيصل‬ ‫‪1212‬‬

‫(التطفل)‬ ‫فضيلة لم يدركها باعة الكتب‬ ‫هــذه البضاعــة جديــدة‪ ،‬انظــري إلى خامتهــا ج ّيــ ًدا إنــه قــا ٌش مميــز‪ ،‬ولدينــا منــه تشــكيلا ٌت‬ ‫مختلفــة‪.‬‬ ‫أتجاهـــ ُل صـــوت البائعـــة التـــي تمـــي خلفـــي مثـــل ظـــ ّي وتتطفـــل عـــى مخططـــاتي وقائمـــة‬ ‫مشـرياتي‪ ،‬وإزعاجـي بكثـر مـن الامتيـازات المزعومـة أو المبالـغ فيهـا للبضاعـة عـى حـد قولهـا!‬ ‫أنتقـــل إلى الجهـــة الأخـــرى بحثًـــا عـــن فســـتا ٍن جميـــل يليـــق بإفطـــار العيـــد‪ ،‬وف ًقـــا لذائقتـــي‬ ‫الخاصــة وشروطــي المترا ّصــة‪ ،‬لكنهــا مــن جديــد تقطــع عــ ّي حبــل أفــكاري وطريقــي‪ ،‬مشــرة‬ ‫إلى الجهــة المجــاورة‪ ،‬فهنــاك تُعــرض الفســاتين حســب موضــة هــذا الموســم‪ ،‬وأكــر الفتيــات‬ ‫يقتنــن منهــا‪ ،‬حتــى أن الفســتان الــوردي القصــر لم تبقــى منــه ســوى قطعــة واحــدة وقبــل أن‬ ‫تُنهـي محاضرتهـا الطويلـة‪ ،‬المملـة والمزعجـة‪ ،‬أضطـر بقلـة صـ ٍر وذو ٍق منـي إلى إعطائهـا ظهـري‬ ‫والخــروج مــن المحــل وغالبًــا مــا تكــون هــذه ردة فعــي خاصــة إن كنــت عــى عجلــة مــن‬ ‫أمــري أو في مزاجــي المتعكــر‪ ،‬لكــن إن صــادف يــوم تســوقي مزاجــي الرائــق فــإني بــذوق لا‬ ‫يســتحقه صاحبــه أحيانًــا‪ ،‬أعــر عــن رفــي للمســاعدة – إن صحــت تســميتها‪ -‬وإن كانــت في‬ ‫حقيقتهــا أســالي ًبا ترويجيــة ماكــرة وأنــا أعتبرهــا تطفــ ًا وإزعا ًجــا عــى رغبــاتي الشرائيــة‪.‬‬ ‫وهـذا الـدور الـذي يلعبـه معظـم الباعـة أيًـا كانـت بضاعتهـم أو منتجاتهـم وسـلعهم‪ ،‬إلا – ويـا‬ ‫للأسـف‪ -‬باعـة الكتـب!‬ ‫لا أتذكــر عــدد المكتبــات التجاريــة التــي زرتهــا في مكــة والمدينــة والطائــف والريــاض والمنطقــة‬ ‫الشرقيـة‪ ،‬إلا أ ّن أذكـر جيّـ ًدا أن تجربتـي الشرائيـة في ك ٍل منهـا كانـت تفتقـر للكثـر مـن الزهـو‬ ‫والــراء والبهجــة التــي ُيكــن أن تضفيهــا تجــارب البائع‪/‬البائعــة إذا مــا ق ّدمــوا شــغفا وكر ًمــا‬ ‫يــد العــون والمســاعدة بقــص القصــص والحكايــات عــن الكتــب وتاريخهــا والمؤلفــن وســرهم‪،‬‬ ‫ودور النـر وتعدديتهـا ومرجعيتهـا‪ ،‬أو ذكـر انطباعاتهـم الشـخصية وتقييماتهـم النقديـة‪ ،‬حتـى‬ ‫تــرق الحــوارات الماتعــة أوقاتنــا وتطــول في يدنــا قائمــة التوصيــات القرائيــة‪ ،‬فتغــدو الكتــب‬ ‫عـى الأرفـف أشـهى وأكـر إغـرا ًء‪ ،‬وتصبـح زيـارة المكتبـة زيـادة في عـدد أصدقـاء القـراءة قبـل‬ ‫الكتــب‪.‬‬ ‫أوعــى أقــ ّل تقديــر أطمــع بتعليــق نافــذ ومســتبصر يلقيــه البائع‪/‬البائعــة عــى اختيــاراتي مــن‬ ‫الكتــب عنــد المحاســبة عليهــا‪ ،‬لعــ ّي أغــر رأيــي في أحدهــا أو حتــى أخــرج مزهــوة بانتصــاري‬ ‫ومقتنيــاتي‪ .‬هــذا ترويــ ُج فاضــ ُل وأنيــق‪.‬‬ ‫وإذا قُـــ ّدر لي ذات يـــوم ‪-‬هـــذا شيء أتمنـــاه وأرجـــوه‪ -‬أن أكـــون بائعـــة للكتـــب‪ ،‬ســـأكون بـــكل‬ ‫الشـــغف بائعـــة متطفلـــة ومزعجـــة‪.‬‬ ‫أصالة كنبيجه‬ ‫‪13‬‬

‫القمر ونُظّا ُره‬ ‫قـد ترفـ ُع بـ َرَك ذات ليلـ ٍة مكتملـ ِة القمـر‪ ،‬فـرى البـد َر ناص ًعـا‬ ‫مضيئًـا سـاح ًر! فتأخـذ وقتـك في تأملـه حتـى تبتسـم لا شـعوريًا‪.‬‬ ‫ويمكــن أن يــرى َمــن حولــ َك ذهولَــك اللحظــة! فينظــر أحدهــم‬ ‫إلى مــا تنظــ ُر إليــه‪ ،‬فيذهــب هــو أي ًضــا بوقتــه في تأملــه‪ ...‬قــد‬ ‫يُظهــر ابتســام ًة أو لا! وأنــا بعيــد ٌة عنكــا قليــ ًا‪ ،‬أنظــر إليكــا‬ ‫ثـــم إلى مـــا تنظـــران إليـــه‪ ..‬فتأخـــذني تأمـــاتي‪ ،‬فأتســـاءل‪ :‬هـــل‬ ‫نفكــر في الــيء نفســه؟‬ ‫توجد عدة احتمالات لما يفكر فيه ثلاثتنا‪:‬‬ ‫‪(-‬كـــم نحـــن مســـحورون بالمظاهـــر الخ ّداعـــة! فرغـــم جـــال‬ ‫منظــرك أيهــا القمــر إلا أن وجهــك الحقيقــي مــيء بالثقــوب!‬ ‫كـــا وجـــه الدنيـــا الحقيقـــي) = الخـــداع واليـــأس‪.‬‬ ‫‪(-‬كم أنت جميل أيها القمر! دائمًا ما تذكّرني بـــــــ‪= )....‬‬ ‫جمال المحبوب‪.‬‬ ‫‪(-‬سـبحان اللـه! لـو لم يخلقـك اللـه يـا قمـر لـكان الليـ ُل مخيـف‬ ‫ح ًقــا مخيــف!) = نعمــة الضيــاء‪.‬‬ ‫‪(-‬ليتنـــي أرى الـــذي هـــو أحســـ ُن منـــك‪ ،‬كـــا رآه جابـــر بـــن‬ ‫ســـمرة) = اســـتحضا ًرا لوصـــف الصحـــابي وجـــه النبـــي ‪.‬‬ ‫‪(-‬يا رب ارزقني لذة النظر إلى وجهك الكريم) =‬ ‫استحضا ًرا لحديث «إنكم سترون ربكم» [رواه البخاري]‪.‬‬ ‫‪(-‬لقـــد وصلـــوا إليـــك عـــى بُعـــدك يـــا قمـــر وأنـــا ســـأصل إلى‬ ‫هـــدفي) علـــو الهمـــة في الســـعي للهـــدف‪.‬‬ ‫‪(-‬أيا بد ُر عندي أحادي ُث شتّى ‪ ...‬سأنق ُل منها الأع ّز الأغر)‬ ‫إفضــاء الحديــث للقمــر [كــا فعــل د‪ .‬العشــاوي في قصيــدة‪:‬‬ ‫مــع القمــر]‪.‬‬ ‫والاحتــالات أكــر مــن هــذه‪ ،‬بــل قــد تكــون أثنــاء قراءتــك؛‬ ‫توق ّعــ َت مســا ًرا آخــر عندمــا قــرأت الموقــف‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫في منطقـــة ال َّســـعة بـــل في منطقـــة الـــرورة! وذلـــك‬ ‫صحيـــ ٌح أنـــه لا يب ُعـــد أن يـــرى بعضنـــا جميـــع هـــذه‬ ‫مثــل معرفــة الأمــور الجوهريــة المهمــة التــي ينظــر‬ ‫الأفـكار في ذات القمـر؛ في لحظـات مختلفـة وبأمزجـة‬ ‫بهـا شريـك الحيـاة للحيـاة‪ ،‬ومثـل الأمـور التـي يقـوم‬ ‫متفاوتـة‪ ..‬لكـن حتـى أكـون واضحـة‪ :‬هـل مـا أعنيـه‬ ‫مـــكان العمـــل بتبنيهـــا والاهتـــام بهـــا‪ ،‬ونحوهـــا‪.‬‬ ‫هــو ذات فكــرة الرجلــن حــن يــرى أحدهــا الرقــم‬ ‫فحينهــا يكــون معرفــة ِصبغــ ُة الإنســان التــي يفكــر‬ ‫مـن أمامـه تسـعة‪ ،‬والآخـر مـن الجهـة المقابلـة يـرى‬ ‫وينظــر بهــا شــأنًا جوهريًــا لابــد مــن معرفتــه‪ ،‬حتــى‬ ‫يُــدرك بمعرفتــه هــذه هــل يمكــن أن تتقاطــع الأفــاك‬ ‫الرقــم ســتة؟ لا!‬ ‫في قــدر مشــرك؟ أم أنهــا متوازيــة بحيــث يســتحيل‬ ‫مــا أعنيــه بمثــال القمــر أن طبــع كل إنســان وه ّمــه‬ ‫أن تلتقـــي؟‬ ‫العقـــي المكـــ ِّون لشـــخصه يختلـــف‪ ،‬ونحـــن نختلـــف‬ ‫بمقــدار و ِعظــم مــا يشــغل أدمغتنــا‪ ،‬إذ يُصــدر المــر ُء‬ ‫بالتأكيـد يتعـدد مـا يشـغل الإنسـان الواحـد بحسـب‬ ‫منـــا الحكـــ َم عـــى المشـــاهد والمواقـــف وفـــق تلـــك‬ ‫المكونــات والأفــكار التــي تشــغل بالــه‪ ،‬أي أننــا نــرى‬ ‫عمــره ووقتــه ومزاجــه وقــدر التزاماتــه وغيرهــا‪ ،‬وقــد‬ ‫الأشـياء تب ًعـا ل ِفك ِرنـا ولهمو ِمنـا ول ِه َم ِمنـا‪ .‬ف َمـن تـدور‬ ‫همومـه حـول أفـراد النـاس الذيـن يحبهـم ويحبونهـم‪،‬‬ ‫يتعـدد اهتمامـه ومـا يصبـغ شـخصه وفكـره في نفـس‬ ‫فإنـــه سينشـــغل بهـــم حتـــى في تأملاتـــه‪ ،‬و َمـــن كان‬ ‫الوقــت‪ ،‬لكــن يبقــى هنــاك شيء لا ينفــك الفــرد عــن‬ ‫ارتبـاط وجدانـه بالآخـرة ومـا فيهـا‪ ،‬سـتكون لحظـات‬ ‫أن يُحاكــم إليــه الأشــياء الأخــرى‪ ،‬بحيــث يكــون هــو‬ ‫صفائــه مشــغول ًة بهــا كذلــك‪.‬‬ ‫المركـــز الـــذي تتجمـــع حولـــه جميـــع همومـــه ورؤاه‪،‬‬ ‫ومـن كان مشـتعل النفـس محبًـا لرقيهـا في هـذه الـدار‬ ‫فيكـــون لنفســـه كالنظـــارة التـــي يـــرى الأشـــياء مـــن‬ ‫قبـل تلـك فهـو دائـم التوقـد والتفـاؤل والسـعي حتـى‬ ‫خلالهــا‪ ،‬ويُحاكــم الأمــور بمنظارهــا‪.‬‬ ‫في تأملـــه‪ ،‬وهكـــذا الجميـــع‪ ..‬ك ٌل في فَلَـــك اهتمامـــه‬ ‫نحــن كبــر لا انفــكاك لنــا مــن أن نهتــم بــيء في‬ ‫يسـبح! فهـ ٌّم يشـغل الذهـن حتـى يصبـغ كامـل المـرء‬ ‫النهايـــة! يجعلنـــا إذا بحثنـــا نبحـــث عنـــه أو ًل‪ ،‬وإذا‬ ‫بــه‪ ،‬فيصبــح لا ينظــر للأمــور إلا مــن خــال صبغتــه‪.‬‬ ‫ســـعينا خطونـــا نحـــوه ِسا ًعـــا‪ ،‬وإذا انشـــغلنا اخترنـــا‬ ‫الانشـــغال بـــه وفيـــه ومعـــه‪ .‬فـــإن كان مـــا يشـــغل‬ ‫واختـــاف البـــر في اهتماماتهـــم نعمـــة‪ ،‬وفي حـــن‬ ‫اهتمامنـــا و ِه ِممنـــا بهـــذا المنـــوال؛ فمـــن المهـــم أن‬ ‫تشـــ ّكل معرفـــة الأفـــاك التـــي يســـبح فيهـــا النـــاس‬ ‫يكـــون هـــذا الشـــاغل ‪-‬الـــذي مـــن ســـطوته يســـتولي‬ ‫ســـع ًة وتنو ًعـــا غ ّنـــا ًء‪ ،‬كـــا يشـــ ّكله التأمـــل في القمـــر‬ ‫عــى تأملاتنــا‪ -‬ذا قيمــ ٍة في نفســه‪ ،‬ليســتحق أن ننظــر‬ ‫لـــو تخيّلنـــا أن كل متأمـــل سيســـجل تأملـــه في نـــ ٍص‬ ‫مكتـوب‪ ،‬ولكـن‪ ...‬هنـاك أوقـات أخـرى تشـ ّكل معرفـة‬ ‫للأمـــور مـــن خلالـــه‪.‬‬ ‫فليُحسن ك ٌل منا انتقاء نظّارة حياته‪.‬‬ ‫هـذه الأفـاك مسـألة تقـوم عليهـا أمـور أخـرى‪ ،‬هـي‬ ‫مـــن الأهميـــة بمـــكان بحيـــث لا تكـــون المعرفـــة بهـــا‬ ‫جمانة كتبي‬ ‫‪15‬‬

‫زاوية الأخبار‬ ‫عـن أهميـة القـراءة وماشـابه ذلـك مـن الأمـور المتكـررة‬ ‫اســـتكمالاً لمســـار اللقـــاءات الافتراضيـــة وســـع ًيا لتحقيـــق‬ ‫لأن الأوان قــد أتى للغــوص فيــا بعــد ممارســة القــراءة»‪.‬‬ ‫هــدف إثــراء المحتــوى الرقمــي ثقاف ًيــا أقــام فريــق م ًعــا‬ ‫ولأن الأطفـال هـم أمـل المسـتقبل وجيـل القـراءة الواعـد‬ ‫لنقـــرأ في يـــوم الســـبت‪ ،‬الموافـــق ‪ ،١٦/٧/١٤٤٢‬بالتعـــاون‬ ‫نفـــذ فريـــق م ًعـــا لنقـــرأ برعايـــة كريمـــة مـــن دار هبـــة‬ ‫للنــر والتوزيــع مســابقة بعنــوان‪( :‬براعــم م ًعــا لنقــرأ)‬ ‫مـــع أدبي الريـــاض نـــدوة ثقافيـــة افتراضيـــة بعنـــوان‪:‬‬ ‫حيـث يُسـجل الأطفـال فيـه مقط ًعـا يتحدثـون فيـه عـن‬ ‫الكتــب التــي راقــت ذاكريــن ســبب اختيارهــم للكتــاب‬ ‫(الغوص في الطين ماوراء متعة القراءة)‬ ‫وأهميتـــه لهـــم باللغـــة الفصحـــى مـــع مراعـــاة جـــودة‬ ‫الإلقـــاء تـــم إطـــاق المســـابقة في يـــوم الأحـــد الموافـــق‪:‬‬ ‫حيــث شــارك في النــدوة القــارئ ســعادة الأســتاذ أحمــد‬ ‫‪ ١٤٤٢-٦-٤‬وتـــم الإعـــان عـــن الفائزيـــن بعـــد أســـبوعين‬ ‫العســيلان‪ ،‬بورقــة تحــدث فيهــا عــن (القــراءة المترهلــة)‬ ‫مـــن افتتـــاح بـــاب المشـــاركة‪.‬‬ ‫ومـــن الجديـــر بالذكـــر تدشـــن المبـــادرة مســـار نـــادي‬ ‫كـا حـاورت العضـوة أسـاء الجريبـي المترجمـة القديـرة‬ ‫المناظـــرة الافـــراضي رغبـــ ًة في إحيـــاء هـــذا الفـــن الأدبي‬ ‫أ‪ /‬بثينـة الإبراهيـم للنهـل مـن خبرتهـا الواسـعة في ترجمـة‬ ‫ونـــره مـــن خـــال الفضـــاء التقنـــي‪.‬‬ ‫الأعـال الأدبيـة ثـم بعـد ذلـك ألقـى رئيـس النـادي الأدبي‬ ‫ختا ًمـــا‪ ،‬لـــن تتوقـــف المبـــادرات المقدمـــة مـــن الفريـــق‬ ‫في منطقــة الريــاض كلمــ ًة بمناســبة هــذا المحفــل الثقــافي‬ ‫إلى هـــذا الحـــد فهنـــاك عـــدة برامـــج ســـيتم تدشـــينها في‬ ‫الفــرة المقبلــة ســعيًا لتحقيــق الأهــداف المرجــوة وبُغيــ ًة‬ ‫كـــا شـــارك الأســـتاذ إبراهيـــم العبيـــي بورقـــة تحـــدث‬ ‫في إحيـــاء الثقافـــة القرائيـــة رقم ًيـــا وميدان ًيـــا‪.‬‬ ‫فيهـا عـن مثالـب القـراءة وقبـل ختـام الأمسـية تحدثـت‬ ‫ُمقدمـة النـدوة عـن سـبب تسـميتها بهـذا الاسـم قائلـة‪:‬‬ ‫«وراء متعــة القــراءة غو ًصــا ثقيــا وبطيئًــا يشــبه المــي‬ ‫في الطــن الــذي يحتــاج إلى قــوة دافعــة أخــرى غــر قــوة‬ ‫المـــي نفســـها ونحـــن القـــراء كذلـــك نحتـــاج لممارســـة‬ ‫معرفيــة أعرفيــة أعمــق مــن مجــرد فعــل القــراءة ذاتــه‪،‬‬ ‫وأوصـت عـى أن يتنـاول مـدرب ّي مهـارة القـراءة الأساسـيات‬ ‫والطـرق المعينـة عـى ذلـك بـدل ًا مـن الحديـث المسـتمر‬ ‫تقرير‪ :‬جميلة آل شعلان‬ ‫‪16‬‬

‫إضاءة العدد‬ ‫هي‪:‬‬ ‫عين كلها نور‬ ‫قلب نابض حنون‬ ‫هي الرؤوم الرحوم‪..‬‬ ‫هو‪:‬‬ ‫كل الأمل والظهر والسند‬ ‫الرزانة ورجاحة العقل‪..‬‬ ‫هما‪:‬‬ ‫أملا للمستقبل… وأمان للحاضر‬ ‫هما‪:‬‬ ‫نعمتان من السماء ‪ ..‬علاج من كل داء‬ ‫(أمي وأبي)‬ ‫أوصانا ببرهما الإله‪ ..‬وربط طاعته بطاعتهما‪،‬‬ ‫برهما من أفضل الأعمال وهم لنا كنزين ثمينين‪،‬‬ ‫فهاهو خليل الله سيدنا ابراهيم نموذجا في حسن‬ ‫التعامل مع أباه وخ ّص الله جل في علاه نبينا يحيى‬ ‫عليه السلام بالثناء حين قال‪{:‬ولم يكن جبارا عصيا}‪.‬‬ ‫وهاهو الصحابي عبدالله بن مسعود على قدميه‬ ‫حتى أصبح حامل ًا لأمه الماء ونحن بين هذه النعمتين‬ ‫أنجحد ونتأفف!!‬ ‫رباه أعن على برهما وكن معنا يا الله‪،‬‬ ‫كم رأينا من عقوق وكم عجبنا من صدود وكم‬ ‫تفطرت قلوبنا على الجحود فربنا لاتأخذنا بما فعله‬ ‫السفهاء منا وحنن قلوبنا واهدنا وا ْر َح ْم ضعفنا إذا‬ ‫صرنا إلى ماصاروا إليه‪.‬‬ ‫أ‪ /‬غادة عثمان الجحدلي‬ ‫‪17‬‬

‫لماذا نقرأ الشعر؟‬ ‫الشــعر؛ كلمــة صغــرة تحتــوي عــى خمســة أحــرف ولكنهــا تصــف العــالم كلــه فلــاذا‬ ‫نحــب قــراءة الشــعر؟‬ ‫لأنــه عــالم يضــم آلامنــا وأفراحنــا وحتــى حضارتنا‪،‬عندمــا أقــرأه فأنــا أتعلــم شــيئا عــن‬ ‫نفــي ربمــا كان في داخــي بالفطــرة ولكننــي لفــرط انشــغالي لم أنتبــه لوجــوده‪ ،‬أتعلــم‬ ‫كيــف للشــاعر أن يجعلــك تطلــق تلــك الصرخــة الخافتــة وحــدك وتبتهــج لأن هنالــك‬ ‫شــيئا أصيــا اســتطاع أن يلامســك‪.‬‬ ‫بــدأت كتابــة الشــعر وأنــا في الصــف الخامــس لم تكــن قصائــدي رائعــة نظــ ًرا لعمــري‬ ‫ذاك الوقـــت ولكننـــي كنـــت أســـتمتع وأنـــا أجمـــع الكلـــات التـــي تتشـــابه في صـــوت‬ ‫نهاياتهــا‪.‬‬ ‫في مرحلتــي الجامعيــة بــدأت بدايتــي الحقيقيــة كهاويــة لكتابــة الشــعر كنــت قبلهــا‬ ‫أحـــب قصـــص أمـــي التـــي قرأتهـــا في زمـــن بعيـــد ولم تعـــد إليهـــا بســـبب انشـــغالها‬ ‫كممرضــة تعمــل إلى وقــت متأخــر أتيــت أنــا لأعيــد لهــا ذكريــات القــراءة بــأن أكــون‬ ‫شــاعرة صنعتهــا كتــب والدتهــا عندمــا أصبحــت في المرحلــة الجامعيــة بــدأت أكتــب‬ ‫القصائــد الحقيقيــة كل قصيــدة كتبتهــا كانــت تدخلنــي لعــالم المعنى‪،‬لعــالم الحقيقــة ‪،‬‬ ‫لعــالم الأدب الــذي يعلمنــا دائمــا شــيئا عــن إنســانيتنا‪.‬‬ ‫كنـت أكتـب الشـعر بـروح القارئـة التـي تتـوق لمعرفـة نهايـة القصيـدة بعدهـا بـدأت‬ ‫أتعلــم أشــياء تخــص حقــل الشــعرمثل ضروريــة الخيــال والرمــوز والإيقــاع‬ ‫وصادفـت حينهـا في رحلتـي نحــو الأدب تصـو ًرا ســطحيا عنــه‪ ،‬تصـورا يقـول‬ ‫أن الخيــال ‹كــذب› طالمــا أنــه ليــس شــيئا واقعيــا حــدث في ســنة محــددة‬ ‫أو ســـاعة محـــددة‪ .‬لكـــن الأديـــب لا يذكـــر القصـــص كـــا تذكرهـــا نـــرات‬ ‫الأخبــار أو كتــب التاريــخ الأديــب يجعلــك تــرى التاريــخ‪ ،‬يجعلــك تعيــش‬ ‫القصــص كــا لــو أنهــا كانــت قصصــك وهــذا بالظبــط مايميّــز الأدب لكونــه‬ ‫مدرســة إنســانيتنا‪.‬‬ ‫قــال آينشــتاين‪( :‬الخيــال أهــم مــن العلــم لأن العلــم محــدود فيــا يمتــد‬ ‫الخيـال ليشـمل العـالم كلـه ويحـرك التقـدم ويلـد التطور)الخيـال هـو الـذي‬ ‫جعـــل نبـــوءة أورويـــل حقيقـــة الخيـــال هـــو الـــذي جعـــل المتنبـــي‬ ‫شـاعر زمانـه وزماننـا والزمـن الـذي سـيأتي‪ ،‬وهوالـذي جعـل محمـود‬ ‫درويـــش يحتـــي قهـــوة صباحـــه معنـــا وهـــو الـــذي جعـــل غســـان‬ ‫يلــوح لنــا كلــا رأينــا كلمــة (القضيــة)‪ .‬الخيــال ليــس كذبــا لأنــه في‬ ‫زمــن مــا ســيصير جــزءا مــن حكياتنــا وحكايــات الآخريــن‪.‬‬ ‫وعد العمري‬ ‫‪18‬‬

‫حياة أخرى‬ ‫‏«حـــن تقـــرأ فأنـــت تضيـــف امتـــدادا آخـــ ًرا لحياتـــك» هـــذا‬ ‫ماذكــره الأديــب العبقــري عبــاس محمــود العقــاد في مقولتــه‬ ‫التـــي نصهـــا‪« :‬القـــراءة وحدهـــا هـــي التـــي تُعطـــي الإنســـان‬ ‫الواحـــد أكـــر مـــن حيـــاة واحـــدة؛ لأنهـــا تزيـــد هـــذه الحيـــاة‬ ‫عم ًقـــا‪ ،‬وإن كانـــت لا تطيلهـــا بمقـــدار الحســـاب»‪ ،‬إذن القـــراءة‬ ‫لاتمتـــد بهـــا حياتـــك بحســـاب الســـنوات ولاحتـــى الأيـــام وإنمـــا‬ ‫بمـــا تضيفـــه القـــراءة مـــن عمـــق للحيـــاة التـــي تحياهـــا ‪..‬‬ ‫تتكــون لــدى القــارئ أبعــادا أخــرى للحيــاة غــر تلــك الأبعــاد‬ ‫الســطحية التــي يراهــا الجميــع؛ فبــن أوراق الكتــاب حيــوات‬ ‫أخــرى تشــكل ثقافــة القــارىء وتمنحــه عمقــا آخــرا تبــدو مــن‬ ‫خلالــه نظرتــه للحيــاة وماتزدحــم بــه مــن أشــخاص ومواقــف‬ ‫وأحــداث ومشــكلات كــا لــو أنــه قــد عــاش مرتــن مــرة بــن‬ ‫دفـات الكتـب ومـرة في حياتـه الفعليـة‪ ،‬فيتـزود مـن كل حيـا ٍة‬ ‫مايقتــات بــه وهــو يســافر في الحيــاة الأخــرى‪.‬‬ ‫إن القـراءة تمنحنـا مفاتيـح النجـاة في كل مـرة نبحـث عـن حـل‬ ‫لمشـكلة وفي كل مـرة نكتشـف فيهـا حـا آخـرا غـر الـذي قبلـه‬ ‫وبالقــراءة ينمــو مســتوى لغتنــا التــي نتحدثهــا مــع الآخريــن‬ ‫كــا تنمــو أفكارنــا التــي تعــر عنهــا تلــك اللغــة‪ ،‬وبالقــراءة‬ ‫تتكــون الفــروق بــن الأفــراد‪ ،‬وتتميــز الطريقــة التــي نعــر بهــا‬ ‫عــن ذواتنــا بــكل مانمتــىء بــه مــن مشــاعر وأفــكار وحتــى‬ ‫أفــراح وأحــزان ‪ ،‬وبالقــراءة نحــن نتعلــم متــى نصمــت ومتــى‬ ‫نتحـــدث ومتـــى تكـــون آراؤنـــا ذات قيمـــة وأهميـــة لنـــدلي‬ ‫بهــا ومتــى تكــون مجــرد حديــث نفــس لايجــب أن يســمعه‬ ‫الآخريــن‪.‬‬ ‫أ‪ /‬حنان سالم الغامدي‬ ‫‪19‬‬

‫كــــــاريكتور العدد‬ ‫رسم‪ :‬رهف السكيتي‬ ‫‪20‬‬

‫شروط النشر في مجلة محابر‬ ‫‪ -1‬أن يكون المقال المُراد نشره مختص بالشأن القرائي والثقافي‪.‬‬ ‫‪ -٢‬أن تُنشر المقالة للمرة الأولى في مجلة محابر‪.‬‬ ‫‪ -٣‬ألا يزيد حجم النص عن ‪ ١٠٠٠‬كلمة كح ٍد أقصى‪.‬‬ ‫‪ -٤‬يخضع النص المراد المشاركة به للتدقيق اللغوي وموافقة هيئة التحرير‪.‬‬ ‫‪-٥‬إرفاق الاسم الثلاثي مع اسم بلد الكاتب‪/‬ة‪.‬‬ ‫‪-٦‬تُرسل المشاركة بصيغة ملف ‪ word‬فقط على البريد الرسمي للمجلة‪:‬‬ ‫‪[email protected]‬‬ ‫‪21‬‬

‫الكتب على رفوفها كائنا ٌت خرساء لمن جهل‬ ‫ف ّك رموزها‪ ،‬ناطقة للقارئين‪.‬‬ ‫زكي نجيب محمود‬ ‫‪22‬‬

lets_read32 lets_read32 lets_read [email protected] 23


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook