روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي قوله تعالى { :أولئك الذين لعنهم الله } :أحكام الله سبحانه وتعالى الشرعية والجزائية لا تتعلق بالأشخاص أبدا ؛ فإذا استحق هؤلاء اللعن بإيمانهم بالجبت والطاغوت وقولهم للذينكفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ،فمن جرى مجراهم استحق ما يستحقون من العقاب. ُ ************* َّ*** َّ*********** َّ الاستنكار عليهم لبخلهم ،وحسدهم النبي وبيان ِمنة الله تعالى على آل إبراهيم، الآيتان55 - 53 : {أَْم َل ْم نَ ِّصي ٌب ِّم َن الْمْل ِّك فَِّإذًا َلا ي ْؤتو َن الَنّا َس نَِّقيًرا ( )53أَْم يَْحسدو َن الَنّا َس َعلَى َما آتَاهم اَّلّل ِّم ْن فَ ْضِّلِّه فََق ْد آتَْينَا آ َل ِبّلِمّها َوِّذمْنمه ْمسبَم ْحنانهَص َاّدلي َعهْنوهد َوبَكتَفزكيىتِِّهبَمَهَنّأَمنف َسِسّعيهًرام ِإّبَْرا ِّهي َم الْ ِّكتَا َب َوالِْحّ ْك َم َة َوآتَْينَاه ْم مْل ًكا َع ِّظي ًما ( )54فَِّمْنه ْم َم ْن آَم َن (})55 يآْؤتخورَنمالَنّنا مَثسالنَِبّقيهراًم}:، فَِّإذاً لا ِّم َن الْمْل ِّك تععلالىىا:لمو{أَحْمديَل ْنم،نَ ِّصشيرٌعب قوله المشركين وتفضيلهم بعض في تفصيل وهو وصفهم بالبخل والحسد اللذين هما شر خصلتين ،والمزة لإنكار أن يكون لم نصيب من الملك ،أي :لوكان لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون أحدا مقدار نقير 29لفرط بخلهم. قوله تعالى { :فَِّإذًا َلا ي ْؤتو َن الَنّا َس نَِّقيًرا ( :})53وفائدة (فَِّإذًا) تأكيد الإنكار والتوبيخ. مشرنكافءَ لضللهه؟ على قولهمكونهم هل الحامل لهم أي: فَ ْضِّلِّه} َعلَى َما آتَاهم اَّلّل ِّم ْن تعالى{ :أَْم يَْحسدو َن الَنّا َس قوله ما آتاهم الله وللمؤمنين على من شاءوا؟ أم الحامل لهم فيفضلون للرسول على ذلك الحس ُد30 وذلك ليس ببدع ولا غريب على فضل الله{ .فَ َق ْد آتَْينَا آ َل ِإّبْ َرا ِّهي َم الْ ِّكتَا َب َوالِْحّ ْك َمةَ َوآتَْينَاه ْم مْل ًكا َع ِّظي ًما} وذلك ما أنعم الله به على إبراهيم وذريته من النبوة والكتاب والملك الذي أعطاه من أعطاه من أنبيائهك \"داود\" و \"سليمان\" عليهم السلام ،فإنعامه لم يزل مستمرا على عباده المؤمنين ،فكيف ينكرون إنعامه بالنبوة والنصر والملك لمحمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأجلهم وأعظمهم معرفة بالله وأخشاهم له؟. قوله تعالى{ :أَْم يَْحسدو َن الَنّا َس َعلَى َما آتَاهم اَّلّل ِّم ْن فَ ْضِّلِّه} بيان ماكان عليه اليهود من الحسد ؛ وفيه إنكار الحسد ؛ لأن الله ساق هذه الآية في الإنكار عليه ؛ وما حكم الحسد ؟ هل هو من الصغائر أو من الكبائر ؟ الحسد هو منكبائر الذنوب؛ لأنه يأكل الحسنات؛ ولا يستفيد الحاسد شيئا وفي الحسد مفاسد: أولا :أنه منكبائر الذنوب ،وكبائر الذنوب لا تغفر إلا بالتوبة. ثانيا :أنه اعتراض على قضاء الله وقدره ؛ ولهذا قال{ :أَْم يَْحسدو َن الَنّا َس َعلَى َما آتَاهم اَّلّل ِّم ْن فَ ْضِّلِّه} {29نَِّقيراً} :النقير :نقرة في ظهر النواة يضرب بها المثل في صغرها. 30ابن تيمية رحمه الله :الحسد كراهة ما أنعم الله به على غيره ،أن يكره بما أنعم الله به على غيره بحيث إذا قيل له :فلان حصل له كذا ،اضطرب قلبه من كراهة ما حصل لذا الرجل 51
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي ثالثا :أن فيه عدوانا على المحسود ،وهذا ف الغالب وليس دائما ،قد يقوم ف قلب الإنسان حسد لكن لا يعتدي على المحسود لا بقوله ولا بفعله ؛ ولهذا جاء ف الحديث ( :إذا ظننت فلا تحقق وإذا حسدت فلا تبغ ) الحسد قد يقوم بقلب الإنسان والإنسان بشر ولكن إذا أحسست به ف قلبك فحاول طرده عن قلبك حتى يكون نزيها فإن عجزت فأقل ما يلزمك أن لا تبغي على من حسدت؛ أي :لا تعتدي عليه لا بالقول ولا بالفعل. رابعا :المشاَبة لليهود يعني من مضار الحسد أنه مشاَبة لليهود ،وبئس الخصلة خصلة يكون الإنسان فيها مشاَبا لليهود. خامسا :أن الحاسد يكون دائما ف قلق لأن نعم الله على غيره تترى ،فكلما ُتددت نعمة على غيره نبغ ف قلبه الحسد فيكون دائما ف قلق مستمر. سادسا :أن الحاسد ف الغالب يستحسر ويتصور أنه عاجز أن يلحق بالمحسود فتجده يستحسر ولا يحاول أن يصل إلى الفضائل. سابعا :العداوة والبغضاء بين الناس؛ لأن الحاسد ف الغالب لا يخلوا من عدوان والعدوان على الغير يؤدي إلى العداوة والبغضاء. قوله تعالى { :فَِّمْنه ْم َم ْن آَم َن ِبِّّه َوِّمْنه ْم َم ْن َص َّد َعْنه } فمن جنس هؤلاء الحاسدين وآبائهم من آمن بما أوتي آل إبراهيم عليهم السلام ،ومنهم منكفر به وأعرض عنه وسعى ف صد الناس عنه ،وهو منهم ومن جنسهم .أي من بني إسرائيل ،وقد اختلفوا عليهم .فكيف بك يا محمد ولست من بني إسرائيل؟ فيها تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن ذلك ديدنهم المستمر. لطائف بلاغية{* :أَْم َل ْم نَ ِّصي ٌب ِّم َن الْمْل ِّك} (أم) بمعنى بل ،للإضراب الانتقالي .وهي تؤذن َبمزة استفهام محذوفة بعدها ،أي :بل ألهم نصيب من الملك فلا يؤتون الناس نقيرا .والاستفهام إنكاري حكمه حكم النفي. * {أَْم يَْحسدو َن الَنّا َس} \"أم\" مفيدة للانتقال من توبيخهم بما سبق ،أعني البخل ،إلى توبيخهم بالحسد. ****************************** مقارنة بين عذاب أهل الكفر ،ونعيم أهل الإيمان والعمل الصالح :الآيتان 57 ، 56 {إن الذينكفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراكلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ( )56والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات َتري من تحتها الأَّنار خالدين فيها أبدا لم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا (})57 قوله تعالى {:كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب }:أي :إذا نضجت من الاحتراق واحترقت فإنها تبدل جلودا غير الأولى؛ لأن الأولى احترقت وزالت { ،ليذوقوا العذاب } أي الألم الذي يعذبون به؛ 52
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي لأن الجلد إذا احترق صار حائلا دون بقية الجسم ،فلا يحسون بالنار ،لكن إذا بدل بجلد آخر جديد حينئذ أحسوا بحر النار ،أعاذنا الله وإياكم منها. قوله تعالى{:عزيزا} العزيز قال العلماء إنه له ثلاثة معان :الأول :عزة القدر ،والثاني :عزة القهر ،والثالث عزة الامتناع ؛ أما عزة القدر فمعناه أنه ذو قدر عظيم لا يماثله شيء؛ وأما عزة القهر فمعناه أنه الغالب القاهر لكل ذي جبروت؛ وأما عزة الامتناع فمعناه الممتنع عن كل عيب ونقص وسوء. وأما { حكيما } فإنه مشتق من الحكمة وهي الإحكام والإتقان ؛ ومن الحكم وهو القضاء والفصل ،والله سبحانه وتعالى حكيم ذو حكمة بالغة وحكيم بمعنى حاكم بين عباده ترجع الأموركلها إليه. قوله تعالى {:والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات َتري من تحتها الأَّنار خالدين فيها أبدا لم فيها أزواج مطهرة} والقرآن مثاني تثن فيه المعاني ،إذا ذكر أهل الجنة ذكرن فيه أهل النار وإذا ذكرت النار ذكرت الجنة وإذا ذكر الحق ذكر الباطل ،وهكذا وهذا هو أحد المعاني في قوله تعالى (( :الله نزل أحسن الحديثكتاًب متشابها مثاني )). ما المقصود ًبلأعمال الصالحة ؟ الأعمال الصالحة ماكانت خالصة لله صوابا ف شريعة الله ،يعني ماكان خالصا صواباكما قاله فضيل بن عياض، ومعنى ذلك :ما جمع بين الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قيل في أصحاب النار (( :سوف نصليهم )) وأصحاب الجنة قيل فيهم (( :سندخلهم )) فهل هذا من ًبب اختلاف التعبير وأن معن الحرفين واحد ؟ {قال ابن هشام :معنى الحرفين واحد؛ وقيل :بل معناهما مختلف وأن السين تدل على القرب ،وسوف تدل على المهلة ،وهذا هو المعروف وهو الأصح ؛ فإذا قيلكذلك فلماذا جاء الوعيد ًبلنسبة لأهل النار بسوف و لأهل الجنة ًبلسين ؟ الجواب على ذلك :أن أهل النار يفسح لهم لعلهم يتوبون إلى الله فيرجعون ،وحينئذ لا يكونون أهل النار ،أما أهل الجنة فإنهم يدخلون الجنة ،ولكن ليس المقصود جنة الآخرة ،لكن يدخلون جنة الدنيا قبل جنة الآخرة ،مصداق قوله تعالى { :أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه }(الزمر ،)22:وقوله تعالى { :من عمل عملا صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} 31ولا أحد أطيب حياة من المؤمنين أبدا ،وقال شيخ الإسلام ابن تيمية لما حبس \" ما يصنع أعدائي بي؟ إن جنتي ف صدري\".33} 32 31سورة النحل97 : 32انظر :ذيل طبقات الحنابلة ()344/1 33تفسير سورة النساء /الشيخ بن عثيمين 53
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي إن أهل الإيمان في سعادة حتى في الدنيا ؛ ولذا قال الرسول { :عجبًا لأم ِّر المؤم ِّن ،إ َّن أمَرهكَلّه له خيرٌ ، و ليس ذلك لأح ٍد إلا للمؤم ِّن ،إن أصابْته سَّراء شكر وكان خيًرا له ،و إن أصابْته ضَّراء صبَر فكان خيًرا له}.34 قوله تعالى{:لم فيها أزواج مطهرة} :مطهرة طهارة حسية ومطهرة طهارة معنوية ،فالطهارة الحسية تشمل الطهارة من البول والغائط والحيض والاستحاضة والنفاس وغير ذلك منكل ما يستحب إزالته والتنزه عنه فهي مطهرة عنه ؛ ومطهرة أيضا طهارة معنوية وذلك لأنها خالية منكل خلق سي ،،فهي مطهرة من خلق رذيل ومنكل أذى وقذر ،فالطهارة إذا حسية ومعنوية ،ولو اشتكت النساء وقالت :الرجال لهم أزواج مطهرة فما بالنا نحن ؟ فنقول له َّن :أنتَّن لك َّن أزواج مطهرون ،وأنتَّن ف الآخرةكل واحدة منكن لا تريد إلا زوجها كما قال تعالى { :فيهن قاصرات الطرف} (الرحمن)56 : الجنِة يسيرُ لشجرة، كثيفا ،وف البخاري\":إ َّن ف ظًلّا ممتدا ظليلا ( })57أي :سندخلهم تعالى{:وندخلهم ظلا قوله يقطعها\".الراوي :أنس بن مالك حكم المحدث [ :صحيح]. /خلاصة ف ِظلِّها مائةَ عام لا الراك ُب **************************** 34الراوي :صهيب بن سنان | المحدث :الألباني | المصدر :صحيح الجامع /خلاصة حكم المحدث :صحيح 54
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 55
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 56
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي ُّ َّ َّ الربع الثالث /الحزب الأول /الجزء الخام :/الآيات [ ] 70 – 58 الموضوع الأَّول :منهاج الحكم الإسلام ِّي :الآيتان 59 ، 58 الأمر بأداء الأمانات؛ والأمر بإقامة العدل بين الَنّاس حال الحكم بينهم ،تعقي ٌب للَتّعليل والَتّنويه بهذه الأوامر والح ُّث على تنفيذها ،والَتّرغيب والَتّرهيب؛ بأ َّن الله سميع بصير َتب مراقبته؛ قوله تعالىِ{ :إّ َّن اَّلّلَ ََيْمرك ْم أَ ْن ت َؤُّدوا اْلأََمانَا ِّت ِإّلَى أَْهِلَّها َوِإّ َذا َح َك ْمت ْم بَْيَن الَنّا ِّس أَ ْن تَحْكموا ًِّبلَْع ْد ِّل ِإّ َّن اَّلّلَ ِنِّّع َّما يَِّعظك ْم ِبِّّه ِإّ َّن اَّلّلَ َكا َن سَِّميًعا بَ ِّصيًرا (})58 معاني المفردات: {أَ ْن ت َؤُّدوا الأََمانَا ِّت} :أداء الأمانة :تسليمها إلى المؤتمن ،والأمانات جمع أمانة وهي ما يؤتمن عليه المرء من قول أو عمل أو متاع. {الَْع ْد ِّل} :ضد الجور والانحراف بنقص أو زيادةِ{ .نِّّع َّما يَِّعظك ْم} :نعم شيء يعظكم ،أي :يأمركم به أداء الأمانات والحكم بالعدل. {َوأوِّلي الأَْم ِّر ِّمْنك ْم} :أولوا الأمر :هم الأمراء والعلماء من المسلمين. {تَنَاَزْعت ْم ِّفي َش ْيٍء} :اختلفتم فيهكل فريق يريد أن ينتزع الشيء من يد الفريق الآخر. {فَرُّدوه ِإّلَى اللِّه َوالَّرسوِّل} :أي :إلىكتاب الله وسنة رسوله َ{ .وأَ ْح َسن تَأْ ِّويلاً} :أحسن عاقبة ،لأن تأويل الشيء ما يؤول إليه ف آخر الأمر. وجه الربط :لمَّا حكى تعالى عن أهل الكتاب أَّنمكتموا الحق –وكتموا صفة الرسول صلى الله عليه وسلم المذكورة فكتبهم -وذكر تحريفهم الكلم عن مواضعه ،وليِّهم ألسنتهم ،وافترائهم على الله الكذب ،وكل ذلك يشتمل على خيانة أمانة الدين والعلم ،عَّقب بالأمر بأداء الأمانات ف جميع الأمور؛ سواءكانت تلك الأمور من باب المذاهب والديانات ،أو من باب الدنيا والمعاملات. قوله تعالىِ{ :إّ َّن اَّلّلَ ََيْمرك ْم أَ ْن ت َؤُّدوا اْلأََمانَا ِّت } الأماناتكل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به ،فأمر الله تعالى عباده بأدائها أي:كاملة موفرة ،لا منقوصة ولا مبخوسة ،ولا ممطولا َبا ،ويدخل ف ذلك أمانات الولايات والأموال والأسرار؛ والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله ،وقد ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها ف حرز مثلها .قالوا :لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك. قوله تعالىِ{ :إّلَى أَْهِلَّها} دلالة على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن ،ووكيلُه بمنزلته؛ فلو دفعها لغير رَبا لم يكن مؤديا لها. الأمانة على أنواع: )1أمانة العبد مع ربه ،وهى ما عهد إليه حفظه من الائتمار بما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه .إن المعاصيكلها خيانة لله . )2أمانة العبد مع الناس ،ومن ذلك رد الودائع إلى أرباَبا وعدم الغش وحفظ السر ونحو ذلك. 57
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي )3أمانة الإنسان مع نفسه ،بألا يختار لنفسه إلا ما هو الأصلح والأنفع له فى الدين والدنيا. قوله تعالىَ { :وِإّذَا َح َك ْمت ْم بَْيَن الَنّا ِّس أَ ْن تَحْكموا ًِّبلَْع ْدِّل} :فما هو العدل ؟ العدل ف الأصل الاستقامة ومنه العصا المستقيمة التي ليس فيها ميل ؛ ولا حكم أعدل من حكم الله ؛ وعلى هذا فالحكم بالعدل أن تحكم بينهم بشريعة الله ،هذا هو الحكم بالعدل. ما وجه الارتباط بين قوله{ :أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وقوله { :إذا حكمتم بين الناس} ؟ لأن الأماناتكالمقدمة بين يدي الأحكام ،فمنها مثلا الشهادة ،الشهادة وهي تحمل الإنسان أن يخبر بحق غيره على غيره ،فهذه تكون مؤداة عند الحكام ،فكان تأدية الأماناتكالمقدمة بين يدي الحكم بين الناس. قوله تعالىِ { :إّ َّن اَّلّلَ ِنِّّع َّما يَِّعظك ْم ِبِّّه} أي نعم الشيء الذي يعظكم به أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس، إذ لا يعظكم إلا بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم فى الدارين. التعبير ًبلعدل دون المساواة ،والغريب أنكثيرا العصريين ُتدهم شغوفين ف التعبير بالمساواة دون العدل ،بل قد لا تكاد ُتد أحد منهم يقول :الدين الإسلامي دين العدل ،لأنك إذا قلت :مساواة دون العدل قالت الأنثى :أنا لكن ريف، الش يُعاَمل ا كم أُعاَمل أن لابد فيه: خير لا الذي الساقط وقال الرجل الرجل، فيُعماعَنماله إلاذاب اد أستنع أُملعنااَماللعكدملا منزلته. كل إنسان أن ننزل قوله تعالىِ{ :إّ َّن اَّلّلَ َكا َن سَِّميًعا بَ ِّصيًرا ( })58القاعدة :أن كل اسم لل تعالى فهو متضمن لصفة ولا عكس ، الصفة لا يشتق منها اسم لله إلا إذا تس َّمى به جل وعلا ،والاسم يثبت منه صفة؛ لأن جميع أسماء الله مشتقة من المعاني التي تدل عليها ؛ وعلى هذا فلا نسمي الله بالواعظ مع أنه قالِ { :إّ َّن اَّلّلَ ِنِّّع َّما يَِّعظك ْم ِبِّّه} لأن أفعاله وصفاته لا يُشتق منها أسماء له ،أما أسماؤه فإنها تتضمن الصفات. *********************** الأمر بطاعة الله ،وطاعة الَّرسول وعطف طاعِّة ولاة الأمور على طاعتهما ،وجوب رِّد ك ِّل خلا ٍف بين المسلمين في أ ِّي شيٍء إلى الله ورسوله ،والح ُّث على الإذعان لقضاء الله ورسوله؛ لأ َّن ذلك من موجبات الإيمان ًبلل واليوم الآخر ،أن طاعة الله ورسوله ،وتحكيمهما حال الَتّنازع أحسن مآلاً وعاقبةً؛ قوله تعالى { :يَا أَُيَّها اَلّ ِّذي َن آَمنوا أَ ِّطيعوا اَّلّلَ َوأَ ِّطيعوا الَّرسوَل َوأوِّلي اْلأَْم ِّر ِّمْنك ْم فَِّإ ْن تَنَاَزْعت ْم ِّفي َش ْيٍء فَرُّدوه ِإّلَى اَّلِّّل َوالَّرسوِّل ِإّ ْنكْنت ْم ت ْؤِّمنو َن ًِّبَّلِّّل َوالْيَ ْوِّم اْلآ ِّخ ِّر ذَِلّ َك َخيْرٌ َوأَ ْح َسن تَأْ ِّويلًا (} )59 قوله تعالى { :يَا أَُيَّها اَلّ ِّذي َن آَمنوا أَ ِّطيعوا اَّلّلَ َوأَ ِّطيعوا الَّرسوَل َوأوِّلي اْلأَْم ِّر ِّمْنك ْم} :قال تعالى{ :وأولي الأمر منكم} 58
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي ولم يقل جل وعلا :وأطيعوا أولي الأمر ،فما دلالة ذلك؟ دلالة ذلك أن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله ؛ ولهذا لو أمروا بما يخالف طاعة الله لم يكن لهم طاعة ،فطاعتهم تابعة لطاعة الله ورسوله . من المقصود بقوله تعالى{ :وأولي الأمر منكم}؟ {قَا َل ابْن َعَبّا ٍس َو َجاِبٌّر [:هم الْفَقَهاء َوالْعلَ َماء اَلّ ِّذي َن ي َعِلّمو َن الَنّا َس َمَعاِلّمَ ِّديِنِّّه ْم]َ ،وهَو قَ ْول الْحَ َس ِّن َوال َّض َّحا ِّك َومجَا ِّه ٍدَ ،وَدِلّيله قَ ْوِلِّّه تَ َعالَىَ\" :ولَْو َرُّدوه ِإّلَى الَّرسوِّل َوِإّلَى أوِّلي اْلأَْم ِّر ِّمْنه ْم لََعِّل َمه اَلّ ِّذي َن يَ ْستَْنِبّطونَه ِّمْنه ْم\"(الِنّ َساِّء 35})83 متجعمنايلأعى:اصلمو{لسفَِّاإائلْنلدتَيانَالنَخزْلعوتافْفمريِّوةفعي،هإََشإّمالْيىٍءبالفَلصهررُيّدحوهه ِإمّالَىوأإالوَّلّىِّلعرَوماسلوَّروملسههومِّال؛ِإّأْأنوكيإْني:تماْإمءلت،ىْؤِأّمكنوتاوتَننببيًِّبهاَّللِّ،لّلهأَووالْيَمْوِفّمهواوْلُسمآَنِّّ،ةخ ِلّرأر}س:نوألكمهتيار ببرِّد؛اللفكهإ َلّن مفايهتنومااسزنعة قوله الَنّاس فيه الفصل ف رسوله عليهما بناء الدين ،ولا يستقيم الإيمان إلا َبما ،فالرد إليهما شرط ف الإيمان فلهذا قالِ{:إّ ْنكْنت ْم ت ْؤِّمنو َن ًِّبَّلِّّل َوالْيَ ْوِّم الآ ِّخ ِّر} فهذه جملة شرطية يراد َبا الإغراء والحث ،أي :إنكنتم صادقين ف الإيمان بالله واليوم الآخر فامتثلوا هذه الأوامر :طاعة الله ،وطاعة الرسول ،وطاعة أولي الأمر ،والرد عند التنازع إلىكتاب الله وسنة رسوله. ******************************* الموضوع الَثّاني :مزاعم المنافقين ومواقفهم ،والَتّحذير منهم :الآيات 70 – 60 الإنكار والَتّعجيب من حال أدعياء الإيمان وهم يريدون الَتّحاكم لل َطّاغوت ،وبيان إضلال ال َّشيطان لم؛ قوله تعالى{ :أَلَمْ تََر ِإّلَى اَلّ ِّذي َن يَْزعمو َن أَََّّن ْم آَمنوا ِبّمَا أنِّْزَل ِإّلَْي َك َوَما أنِّْزَل ِّم ْن قَْبِّل َك ي ِّريدو َن أَ ْن يَتَ َحاَكموا ِإّلَى ال َطّاغو ِّت َوقَ ْد أِّمروا أَ ْن يَ ْكفروا ِبِّّه َوي ِّريد ال َّشْيطَان أَ ْن ي ِّضَلّه ْم َضلَاًلا بَِّعي ًدا (})60 وجه الربط :لما أوجب الله تعالى ف الآية الأولى على جميع المكلفين أن يطيعوا الله ويطيعوا الرسول ذكر ف هذه الآية أن المنافقين والذين ف قلوَبم مرض لا يطيعون الرسول ولا يرضون بحكمه ،وإنما يريدون حكم غيره متعجبا من حالهم مع ادعائهم الإيمان. تقول العرب :زعم فلانكذا ،في الأمر الذي يضعف فيه التحقيق وتتقوى فيه شبه الإبطال. إِ[نْيأََُنِرَّيكهَقااُديروِلالهِفَمتّتََنَرحعاُااجلَلُكِّلىلَِمِ:مِ َ{فنأَلَماْفَْ،لتَأََْصنْرَعِلَِإّلَصلَاىاىلِرْاخََملَُِّّذْونيَُصرَينوَُجََمّيدَالْزِعِعِمتيمَنإِوالَْلَانِلْىإييأَََمََّّناُهَغْمْيَونِرِدآبَِممَكتَِناتَخَواااأَنِْبَِّمَصَزباََلماأالنَْاِِّّ،لزِلََِّللُفَ ِإّلََجْيَعَكَلَوَاوَعلَُْسملََيَانِّةُهأىنِْوَّزرَِدرَلُسُسُِّيّوملوِلِِْهينَِهُققَبْوِّلُل:َ،كَوبيََكَعِْيّرلَيَِنماديىوَاذَونْبلَِكّْيأأََنَْنَرْبنِيَِّياََفكتَِءي َمحُااحَْلَسََكأَّمبَقْميدَِودّا.بِمِإّيَنلَوَىنَذزا،اولَِكََّطلوّاُيهَغََُقهووِوّذَِمُِّهّتلَع}:اْلبَذََآهلْيِيَِنَِذّةايَك: 35تفسير البغوي -طيبة ()239 /2 59
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي اَِولبسَْجَْيَواانَهِهُمَلََِايّكِةِمَ]كَْ.عن اَوُلْبقِبَيابَْلِطُنِلَغاْْ،يلرأََُوْشَُذهَلِرَوَِاكفلُْ.،مََرَاوواقُِديْلآبَلِيَال:ة َِطأَّافَعغُُّمجوَمَِّمِاتَْعنةَهاذَِِملُّهنََناَك.الْكُ6مِّلنَِ3اّهفِِ،قفَيِإَنَنّهَ،اِمَمَّذاْنَّمأةيَ لظََِْهمُرْنوا اَعْلَِدإَْلسلَاَعَمِن ،اأَلَْراِكُدتَاوا ِأَبْنَوايَلتَُّسََحنّاِةَ،ك ُمَوتوَاحَاإِلََكىُمواُحإَِّكلَاىِم َما *************** صورةٌ من صور إعراض المنافقين عن الله ورسوله ،وصدودهم ال َّشديد عنه . قوله تعالىَ{:وِإّ َذا ِّقي َل َل ْم تَ َعالَْوا ِإّلَى َما أَنَْزَل اَّلّل َوِإّلَى الَّرسوِّل َرأَيْ َت الْمنَاِّفِّقيَن يَص ُّدو َن َعْن َك صدوًدا (})61 الَِّلُ َع ِن اَلتَّ َعِذايلََنى إَِعْعلَْيَراِّه آضًاَبءََنكَاالْ}ُم[لْقْسَمتَاَْكنِ:بِريَ 1نَ]2عِبِْخنلَاَذلِِفَكا،لْ ُمَكْؤَمِمانِيقََانَ،ل َعْن َك أَ ْي :يُْعِر ُضوَن الْ ُمْ شقَفِِيرْكِوِلهيْهمَن::ت{ع{ِإّاَنَّومِإَّلاىَذاَك:اِّق{َيينَ َلقَصَُْولّدَلمو اَانَلْتِّبّمعَعْؤْنِوّماِنَّيَكمَان ِأإَّنصذَزادَلوداًدعّاَلّول}ا قَا َل َو َج ْدنَا قَالوا بَ ْل نََتِّبّع َما ِإّلَى اَّلِّّل َوَرسوِلِّّه ِلّيَ ْحك َم بَْينَه ْم أَ ْن يَقولوا سَِّم ْعنَا َوأَطَْعنَا َوأولَِئّ َك هم الْمْفِلّحو َن([})51الُنّوِّر] *************** الَتّعجيب من حالم حين تصيبهم مصيبةً بذنوبهم ،واعتذاراِتم الكاذبة؛ قوله تعالى{:فَ َكْي َف ِإّذَا أَ َصابَْته ْم م ِّصيبَةٌ ِبّمَا قَ َّدَم ْت أَيْ ِّديِّه ْم َُثّ َجاءوَك يَْحِّلفو َن ًِّبَّلِّّل ِإّ ْن أََرْدنَا ِإَّلّا ِإّ ْح َسانًا َوتَ ْوِفّيًقا (})62 ما المقصود ب { م ِّصيبَةٌ }؟ قيل :هي عقوبة من الله على تحاكمهم إلى الطاغوت ،وقيل :هي أن يُطلع على نفاقهم وعلى صدورهم وإعراضهم؛ {وإنما كانت مصيبة ًبلنسبة إليهم؛ لأَّنم لا يريدون أن يطلع على عوارهم وعلى كفرهم ،فهم منافقون يستترون غاية الاستتار لما ُيفون من الكفر ،فإذا عثر عليهم صار هذا العثور مصيبة عظيمة } ،وقيل :مصائب تطرقهم بسبب ذنوَبم. ******************************* ا ِّطلاعه على ما في قلوب المنافقين ،وإرشاد الَّرسول ً بلإعراض عنهم ،ووعظهم ،ومخاطبتهم ًبلقول البليغ المؤِثّر؛ قوله تعالى{:أولَِئّ َك اَلّ ِّذي َن يَ ْعلَم اَّلّل َما ِّفي قلوِبِّهّ ْم فَأَ ْع ِّر ْض َعْنه ْم َوِّعظْه ْم َوق ْل َل ْم ِّفي أَنْف ِّسِّه ْم قَ ْولًا بَِّليغًا (})63 ِمقَُوَبلنََُووااَِلبِنِِّطْمَفنِاِهَقَِوْماقَس؛َيَلَوَوْتَلجَسِهَََِزعرياَاذئِِاهلَِرْىمقَا:الََعلَلَ{ّشأّلَِرىولَهُِئّ{:ذَلََِكو{قافَََلكّْألَِّ،ذْعيَِلّرفََنْمِإَنِّيَّْضفهُْعيلََلَعأَمْنانْاهفّتََلِّْمخّْلسَفِ}َّهماأْىَمِّفْقَييَعْ:لَوقْيللاَِهلاوبَِبِِّّلهّتَيُخْماغًَعفا}ِنِّيَْ:ف}ةيأُهَ،أَْمْيفَْياَ:عْ:كلَتََهَواىَنذِْافَماَاصبلِِهِْحَّضفيُهَْارْمقُُملُُبفِحَويََِِّممبَِمُْامدَن،بَاْيلَننّ{َاَوَِفِّعِكيسظِْهَوهُْبهمَْْيمُ،منَ}فاَُهلِإْأَْمَّمنْنَيبِااِ:لّفََكِّلقَلََوااونْمهََنُهبَْ،لِميَواغَعلَعَاِّلَلِلَُمرايىيَِدبِْععَملظََاَلُموَاهُِِْمهَمفِ.ارِهقُِْلُمفوَِبِْم ************ 36تفسير ابن كثير ت سلامة ()346 /2 60
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي تقريٌر رًَّبنيٌ لبيان الغاية من إرسال الُّرسل أن يكونوا مطاعين بأمر الله ،والتفاتاً تأنيبياً للمنافقين ِلّماكان ينبغي عليهم فعله حال ظلم أنفسهم؛ قوله تعالىَ{ :وَما أَْر َسْلنَا ِّم ْن َرسوٍل ِإَّلّا ِلّيطَا َع ِبِّإّ ْذ ِّن اَّلِّّل َولَْو أَََّّن ْم ِإّ ْذ ظَلَموا أَنْف َسه ْم َجاءوَك فَا ْستَ ْغَفروا اَّلّلَ َوا ْستَ ْغَفَر َلم الَّرسول لََو َجدوا اَّلّلَ تََّواًًب َرِّحي ًما (})64 قوله تعالىَ{ :وَما أَْر َسْلنَا ِّم ْن َرسوٍل ِإَّلّا ِلّيطَا َع } :خبرا في ضمنه الأمر والحث على طاعة الرسول والانقياد له. وأن يكونوا به ونهوا عنه، أمروا ف جميع ما إليهم المرس ُل يكونوا مطاعين ينقاد لهم وأن الغاية من إرسال الرسل أن به وينهون عنه؛ وفيما يأمرون الله، يبلغونه عن فيما الرسل وفي هذا إثبات عصمة معظمين تعظيم المطيع للمطاع. لأن الله أمر بطاعتهم مطلقا. قوله تعالىِ{ :بِّإّ ْذ ِّن اَّلِّّل} أي :الطاعة من المطيع صادرة بقضاء الله وقدره .ففيه إثبات القضاء والقدر ،والحث على الاستعانة بالله ،وبيان أنه لا يمكن الإنسان -إن لم يُعِنه الله تعالى -أن يطيع الرسول. قوله تعالىَ { :ولَْو أَََّّن ْم ِإّ ْذ ظَلَموا أَنْف َسه ْم َجاءوَك فَا ْستَ ْغَفروا اَّلّلَ َوا ْستَ ْغَفَر َلم الَّرسول } :كرم الله العظيم وجوده ،ودعوته لمن اقترفوا السيئات أن يعترفوا ويتوبوا ويستغفروا الله تعالى{ ،لََو َجدوا اَّلّلَ تََّواًًب َرِّحي ًما ( })64أي :لتاب عليهم بمغفرته بظحْلياَمتهه؛م،لأونرحاملهسميابققب يولد اللتعوبلةىوالذلتوفكي لق لكهوانوااللثاواستبغفاعلريهما،ن عليه وسلم مختص وهذا المجيء إلى الرسول صلى الله يطلب منه شيء بل ذلك شرك. وأما بعد موته فإنه لا الرسول لا يكون إلا ف حياته، قوله تعالىَ { :وا ْستَغَْفَر َلم الَّرسول } :فيها إظهار ف موضع الإضمار ،والأصل\" :واستغفرت لهم\" ،لكنه أظهر ف موضع الإضمار تنبيها على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رسول ،وأن استغفار الرسول له مزية على غيره ،إذ أن دعوة الرسول مستجابة ،فلهذا أتى بوصف الرسالة دون الضمير الذي هو ف الأصل ف هذا المكان. ****************** القسم ًبل َّذات العلَيّة لنفي الإيمان ع َّمن لم يقبل قبولاً تاماً مع ال ِّرضا القلبِّي حكم الَنّبِّي ؛ قوله تعالى: {فَلَا َوَرِبّ َك َلا ي ْؤِّمنو َن َح َتّى يحَ ِّكموَك ِفّي َما َش َجَر بَْينَه ْم َُثّ َلا َِّيدوا ِّفي أَنْف ِّسِّه ْم َحَر ًجا ِّمَمّا قَ َضيْ َت َوي َسِلّموا تَ ْسِّلي ًما (})65 قوله تعالى{:فَلَا َوَرِبّ َك َلا ي ْؤِّمنو َن َح َتّى يحَ ِّكموَك ِّفي َما َش َجَر بَْينَه ْم َُثّ لَا َِّيدوا ِّفي أَنْف ِّسِّه ْم َحَر ًجا ِّمَمّا قَ َضْي َت َوي َسِلّموا تَ ْسِلّي ًما ( :})65أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم ،أي :فكل شيء يحصل فيه اختلاف ،ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوَبم والضيق ،ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليما بانشراح صدر ،وطمأنينة نفس ،وانقياد بالظاهر والباطن. 61
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي استكمل ففَمهنو ف مقام الإحسان. والتسليم لطيفة :التحكيم ف مقام الإسلام ،وانتفاء الحرج ف مقام الإيمان، كافر ،وَمن المذكور غير ملتزم له التحكيم هذا ترك ف َمن مراتب الدينكلها، المراتب وك َّملها ،فقد استكمل هذه العاصين. مع التزامه فله حكم أمثاله من تركه ****************** ضعف استجابة المنافقين لأوامر الله إَّلا قلي ٌل منهم ،وبيا ٌن للَنّتائج ال َطِّيّبة اَلّتي ينالوها حال امتثالم، ومنها :الخيرية ،والَثّبات ،والأجر العظيم ،وهداية ال ِّصراط المستقيم؛ {َولَْو أََنّا َكتَْبنَا َعلَْيِّه ْم أَ ِّن اقْتلوا أَنْف َسك ْم أَِّو ا ْخرجوا ِّم ْن ِّديَا ِّرك ْم َما فَ َعلوه ِإَّلّا قَِلّي ٌل ِّمْنه ْم َولَْو أَََّّن ْم فَ َعلوا َما يو َعظو َن ِبِّّه لَ َكا َن َخيًْرا َل ْم َوأَ َش َّد تَثِْبّيتًا (َ )66وِإّذًا َلآتَْينَاه ْم ِّم ْن لَدَنّا أَ ْجًرا َع ِّظي ًما (َ )67وَلََديْنَاه ْم ِّصَراطًا م ْستَِّقي ًما (})68 يقول تعالى :ولو أنَّا فرضنا على هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ،المحتكمين إلى الطاغوت ،أن يقتلوا أنفسهم وأمرناهم بذلك ،أو أن يخرجوا من ديارهم مهاجرين منها إلى دار أخرى سواها \"ما فعلوه\" ،يقول :ما قتلوا أنفسهم بأيديهم ،ولا هاجروا من ديارهم فيخرجوا عنها إلى الله ورسوله ،طاعة لله تعالى ولرسوله \" إلا قليل منهم\".37 أن الناجي من العباد قليل؛ لقولهَ{:ما فَ َعلوه ِإَّلّا قَِلّيلٌ ِّمْنه ْم } ففتش نفسك هل أنت من هؤلاء القليل أو من الكثير ؟! وهذا الحكم يشهد له ما ثبت ف الصحيحين وغيرهما[ :أن الله سبحانه وتعالى ينادي يوم القيامة يا آدم! فيقول لبيك وسعديك فيقول الله له :أخرج من ذريتك بعث النار ،فيقول :يا رب! وما بعث النار؟ قال :منكل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون] .يعني :واحد من ألف من أهل الجنة ،والباقون من بني آدم ف النار[ فعظم ذلك على الصحابة ،وقالوا يا رسول الله! أينا ذلك الواحد ؟ فقال :أبشروا فإن منكم رجلا ومن َيجوج ومأجوج ألفاً، ُث قال :إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ،وثلث أهل الجنة ،وشطر أهل الجنة ،ففرح الصحابة بذلك وكبروا]38 وهذا يدل على أن بني آدم القليل منهم هم الذين ينجون من النار والباقون من أهل النار. رِتّب ما يحصل لم على فعل ما يوعظون به أربعة أمور: أمروا التي الخير أفعال من المتصفين بأوصافهم الَخأيًْرشاراَلر ْ،م}لأأنيث:بولكتانالواشمينءايلأستخليازمر (أحدها) :الخيرية ف قوله{ :لَ َكا َن نفي ضده. َبا ،أي :وانتفى عنهم بذلك صفة به يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا }حصول التثبيت والثبات وزيادته ،فإن الله (املثنانايلإ)ي:ماقنول،هالتذعاليى:ه{و َواأَل َقشيَّدامتَثِْببّمياتًا ف الأوامر والنواهي والمصائب، به ،فيثبتهم ف الحياة الدنيا عند ورود الفتن ()66 وعظوا 37تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر ()525 /8 38رواه البخاري ،كتاب الأنبياءً ،بب قصة َيجوج ومأجوج ،حديث رقم (.)3170 62
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي بافليتوحفيصقللللهصمبرثبأاوتللبرهضيُاوَفأّقووللن لشفكعرل .الأوامر وترك الزواجر ،وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد يوفق للتثبيت؛ وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به ،لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها ،فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات ،ويحصل له الثبات على الدين ،عند الموت وف القبر. ومن والبدن، والقلب للروح يكون الذي ف العاجل والآجل ل{ا َوِإّعذًيانلآتَرأْي نَاتهْ ،موِّلماْنألَذد َننّا سأَمْجعًراتَعِّ ،ظيولًماا}خأطير: (الثالث) قوله: على قلب بشر. النعيم المقيم مما بعد خصوص ،لشرف ( })68الهداية إلى صراط مستقيم .وهذا عموم ا(ذلالهلدرااكيب،ةعفإ)ل:مىنقالولُههصِدراتَعياطإلالىلمى:س{تصَقويَرالَمَديْ،طنَاممه ْنمستكقِّصيوَرنماه،اطًافممقت ْدستَضِّقُويمفِّنًمةاَق السعادة والفلاح على للعلم بالحق ،ومحبته وإيثاره والعمل به ،وتوقف لكل خير واندفع عنهكل شر وضير. ****************** الح ُّث على طاعة الله والَّرسول لنيل صحبة الَنّبِيّين وال ِّص ِّديقين وال ُّشهداء وال َّصالحين في الجَنّة ،ونع َّم بهم رفقاء؛ {َوَم ْن ي ِّط ِّع اَّلّلَ َوالَّرسوَل فَأولَِئّ َك َم َع اَلّ ِّذي َن أَنْ َع َم اَّلّل َعلَْيِّه ْم ِّم َن الَنِّبِّيّيَن َوال ِّص ِّديِّقيَن َوال ُّشَه َداِّء َوال َّصالِِّحّيَن َو َحس َن أولَِئّ َك َرِّفيًقا (} )69 قوله تعالى{:فَأولَِئّ َك َم َع اَلّ ِّذي َن أَنْ َع َم اَّلّل َعلَْيِّه ْم} :ليعلم أن نعمة الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين :نعمة عامة ، ونعمة خاصة ؛ القسم الأول :النعمة العامة تكون للمؤمن والكافر ،والبر والفاجر ،والمستقيم والفاسد ،فهذه هي العامة ،ومنها إدرار الرزق على الناس من مطر ونبات ،ورخاء وأمن. القسم الثاني :وهي النعمة التي تكون ف الدين والدنيا ،وهذه خاصة بالمؤمنين ،وهم أصناف أربعةكما قال الله تعالى هنا{ :أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين}. معننه،هموقيالل:ص ادليمقيصنِّد؟ اقل ِقّصوِلّديهقبفهعلوه.:الذي قال بالصدق وصدق بالحق ؛ وأفضل الصديقين هو أبو بكر رضي الله ****************** أ َّن ذلك الفضل الإل ُّي العظيم من الله سبحانه وحده ،وهو أعلم بمن يستحُّقه؛ قوله تعالى: {ذَِلّ َك الَْف ْضل ِّم َن اَّلِّّل َوَكَفى ًِّبَّلِّّل َعِلّي ًما (})70 فيه دليل على أنهم لم ينالوا تلك الدرجة بطاعتهم ،بل إنما نالوها بفضل الله تعالى ورحمته ،ويدل عليه ما روى عن أبي رسوَل اَّلِّّل وسلم \"[ :لَن يد ِّخ َل أح ًدا منكم صلى الله عليه قال رسول الله قال: هريرة ومن يستحق :ولا أن َت يا قالوا عمله الجَنّةَ\" أحوال عباده يعلم ًِّبَّلِّّل َعِّلي ًما} ورحمٍة\"].صحيح مسلمَ{ .وَكَفى اَّلّل منه بفض ٍل إَّلا أن يتغ َّم َدنيَ \" :ولا أنا ؟قا َل منهم الثواب الجزيل ،بما قام به من الأعمال الصالحة التي تواطأ عليها القلب والجوارح. ********************** 63
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 64
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 65
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الموضوع :توجيهات لبناء قواعد الاستقرار الخارجي :الآيات 80 - 71 أ) توجيهٌ وتحذيٌر ،وحض ،وإنكاٌر :الآيات 76 - 71 معاني المفردات: {خذوا ِّح ْذَرك ْم} :الاحتراس والاستعداد ،والمراد :احترسوا واستعدوا. {فَانِّْفروا ثبَا ٍت} :النفور :الخروج في اندفاع وانزعاج ،والمراد :اخرجوا إلى الجهاد .والثبات :جمع ثبة ،وهي :الجماعة ،أى: جماعة تلو جماعة ،أو :متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش ،ويقيم غيرهم. {م ِّصيبَةٌ} :قتل أو جراحات وهزيمة. {لَيبَ ِّطئَ َّن} :أي :يتباطأ في الخروج ،أو :ليثبطن غيره عن القتال. {فَ ْض ٌل} :نصر وغنيمة. { َشِّهيداً} :أي :حاضراً الغزوة معهم. يَ ْشرو َن الْحَياةَ أى :يبيعوَّنا وَيخذون بدلا نعيم الآخرة وثوابهاَ .كْي َد الكيد :السعى في الإفساد على جهة الاحتيال. وجه الربط: هولمَللّامَّاأنتقذَّدتكمرُماِذلطلْيكهرعت اعللالمهنلاىفوقُمطياطنيع،تعهذللكوررطساوعفلةهرذصسلهولاىهلآا،ليلةهوذتعحكليرذيهارلثوالوامسلؤممبن ايلفمنيترمتمِّانتبُحقبعولبلىوفميهقامذلاهاتتاهلكمطراهوتعثةبفي،الطمنهجامشءعطميندوااالملنجكاهرلاهاد؟.ختبار وهو الجهاد، أمر المؤمنين بأخذ الحذر من العد ِّو ،والَنّ ْفرة إلى القتال {يَا أَُيَّها اَلّ ِّذي َن آَمنوا خذوا ِّح ْذَرك ْم فَانِّْفروا ثبَا ٍت أَِّو انِّْفروا جَِّميًعا (})71 يأمر تعالى عباده المؤمنين بأخذ حذرهم من أعدائهم الكافرين .وهذا يشمل الأخذ بجميع الأسباب ،التي َبا يستعان على قتالهم ويستدفع مكرهم وقوتهم ،من استعمال الحصون والخنادق ،وتعلم الرمي والركوب ،وتعلم الصناعات التي تعين على ذلك ،وما به يعرف مداخلهم ،ومخارجهم ،ومكرهم ،وأمرهم بالنفير ف سبيل الله متفرقين بأن تنفر سرية أو جيش ،ويقيم غيرهم ،أو مجتمعين جيشا واحدا؛ كما حصل عندما استنفر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس الحذر نأخذ بالسلاح يغزوننا بالعدو. هذا تبع للمصلحة والنكاية وكل أسعيُقدااتءنلا،الروكومل، تبوك لأنّهكان للخروج إلى منه ،فالذين يؤخذ منه الحذر فيما يخاف عدو أخذ الحذر من وجوب منهم بالسلاح ،والذين يغزوننا بالأفكار نأخذ الحذر منهم بالعلم ،و الذين يغزوننا بالأخلاق نأخذ الحذر منهم بالترفع عن سفاسف الأخلاق،كل عدو يقابل بسلاحه.39 39تفسير سورة النساء /الشيخ بن عثيمين 66
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الَتّنديد بفري ٍق ِّممن يثِبّط همم المسلمين ،وبيان فرحه حال هزيمتهم ،وحسده لم حال فوزهم. {َوِإّ َّن ِّمْنك ْم لََم ْن لَيبَ ِّطئَ َّن فَِّإ ْن أَ َصابَْتك ْم م ِّصيبَةٌ قَا َل قَ ْد أَنْ َع َم اَّلّل َعلَ َّي ِإّ ْذ لَمْ أَك ْن َمَعه ْم َشِّهي ًدا (َ )72ولَِئّ ْن أَ َصابَك ْم فَ ْض ٌل ِّم َن اَّلِّّل لَيَقولَ َّن َكأَ ْن لَمْ تَك ْن بَْينَك ْم َوبَْينَه َمَوَّدةٌ يَا لَْيتَِّنيكْنت َمَعه ْم فَأَفوَز فَ ْوًزا َع ِّظي ًما (})73 يخبر الله تعالى عن ضعفاء الإيمان المتكاسلين عن الجهاد وقيل أنها ف المنافقين -ممن يتباطأ ف نفسه ويُبطّ ،غيره- أ ّن شهودهم الحرب مع المسلمين إن شهدوها ،لطلب الغنيمة ،وإن تخَلّفوا عنها ،فللشك الذي في قلوبهم ،وأنهم لا يرجون لحضورها ثوابا ،ولا يخافون بالتخلف عنها من الله عقابا. ح ُّض المؤمنين المخلصين على القتال في سبيل الله ،وبيان ما لم من الأجر العظيم. ََووِِيقَّقّخيْيتَاَلَلُر::ونَنََنََزلزَلَاْلْآْتتِخَِِرفةَف0االْلْ.ُ4مُمنَْاؤِفِمنِِقييَنَن،الَُْموَمْْخعلِنَىِصيَ{يفََنْشْلُ،يرقوَماَِتنّْعنَْألَا ِهُّفْييفَْ:ليُيَسَِبَّقيْشاِتّتَِلرُْلاوََّلِّنِّل،فاَلّيََِّذْسعيبِِنيَينِلايََلّاْلشَِذِّيلِروَناَلَّنيَِذاخْيلتَْحاََنيُاريةََوَانْشلُُارّدلونُْيّدَنانْيَأًَِّابْلْيآَعِّ:لَخَيَرِىبِةّيا}عُْل.آوَنِخَارِةلْحَيَوامةَعناال ُهّد:نْيَآاَمبنُِاْولاآثَُِمخَّرقةَِاتَلُوا، لمَّا ذكر تعالى ف الآيات السابقة من لا يريد القتال ف سبيل الله؛ يذكر هنا الصنف الآخر الذي يقاتل ف سبيل الله. يُالقلاهِتلُه ليلاملغعنليِما والرج ُل ، الرج ُل أمعنرابقٌاّيت لَللن،بِّيلتكوَ:ن الحديث الصحيح{:قال وجوب إخلاص النية في القتال؛ ففي فهَو ف ، كلمةُ سبيِل اللهِ ؟ فقال [: يسقبايتِلُل الليُلهِْذ]َكَ}ر.4،1ويُقاتِ ُل ليَُرى مكانُهُ ،من ف وفي الحديث عن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [:تض َّمن الله لمن خرج في سبيِّله لا ُيرجه إلا الجهاد في سبيلي وإيما ٌن بي وتصدي ٌق برسلي ،فهو ضام ٌن أن أدخلَه الجن َة أو أرجَعه إلى مسكِنّه الذي خرج منه نال ما نا َل من أج ٍر أو غنيمٍة]42. الإنكار على المتقاعسين عن القتال في سبيل الله لن ْصَرة المستضعفين من المسلمين ،وبيان الفرق بين قتال المؤمنين وقتال الكافرين {َوَما لَك ْم َلا ت َقاِتّلو َن ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل َوالْم ْستَ ْضَعِّفيَن ِّم َن ال ِّر َجا ِّل َوالِنّ َساِّء َوالْ ِّولْ َدا ِّن اَلّ ِّذي َن يَقولو َن َرَبّنَا أَ ْخ ِّر ْجنَا ِّم ْن َه ِّذِّه الَْقْريَِّة 40معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي 41الراوي :أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس | المحدث :البخاري | المصدر :صحيح البخاري /خلاصة حكم المحدث [ :صحيح] 42الراوي :أبو هريرة | المحدث :الألباني | المصدر :صحيح النسائي/خلاصة حكم المحدث :صحيح| 67
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي ال َظّاِلّم أَْهلَها َوا ْجَع ْل لَنَا ِّم ْن لَدنْ َك َوِلًّيّا َوا ْجَع ْل لَنَا ِّم ْن لَدنْ َك نَ ِّصيًرا ( )75اَلّ ِّذي َن آَمنوا ي َقاِتّلو َن ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل َواَلّ ِّذي َن َكَفروا ي َقاِتّلو َن ِّفي َسِبّي ِّل ال َطّاغو ِّت فََقاِتّلوا أَْوِلّيَا َء ال َّشْيطَا ِّن ِإّ َّن َكْي َد ال َّشْيطَا ِّن َكا َن َضِّعيًفا (})76 وجه الربط :لما أمر الله سبحانه وتعالى ًبلقتال في سبيله ووجه الأمر للذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة أي يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة وبَّين فضل القتال في سبيل الله وأن المقاتل ف سبيل الله سواء قتل أو غلب فله الأجر من عند الله حيث قال﴿ : َفيُ ۡقتَ ۡل أَ ۡو َي ۡغ ِل ۡب فَ َس ۡو َف نُ ۡؤتِي ِه أَ ۡج ًرا َع ِظيما﴾٧4وبخ الله أولئك الذين يمتنعون عن القتال فقالَ ﴿ :و َما َل ُك ۡم ََل تُ َٰقَ ِتلُو َن فِي َسبِي ِل ٱّ َللِ .﴾٧٥... قوله تعالىَ ﴿ :و َما َل ُك ۡم ََل تُ َٰقَتِلُو َن ِفي َسبِي ِل ٱّ َللِ : ﴾٧٥...ما هنا للاستفهام ومعناه الإنكار ؛ ويحتمل أن يكون الإنكار والتعجيب يعني أن يكون معناه الإنكار على هؤلاء الذين لم يقاتلوا والتعجب من حالهم. والمراد ًبلمستضعفين هنا من كان بمكة من المؤمنين تحت إذلال الكفار ،وهم الذينكان يدعو لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول\" :اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والستضعفين من المؤمنين\" كما ف الصحيح .وفيه دليل على أن الجهاد واجب ،والمعنى لا عذر لكم ف ترك الجهاد وقد بلغ حال المستضعفين ما بلغ من الضعف والأذى. وقد أخرج البخاري عن ابن عباس قال\" :أنا وأمي من المستضعفين\" وف رواية قال\" :كنت أنا وأمي ممن عذر الله وأنا من الولدان وأمي من النساء\". قوله تعالى ...﴿ :وٱ ۡجعل لَّنا ِمن لَّ ُدنك و ِل ّٗيا وٱ ۡجعل لَّنا ِمن لَّ ُدنك ن ِصي ًرا ﴾٧٥كلمة { واجعل } جاءت مرتين لأن المقام مقام الدعاء ومقام الدعاء ينبغي فيه البسط ؛ لأن الداعي ينادي الله عزوجل ،ومناجاة الحبيب لمحبوبهكلما زادتكان ذلك أقوى ف المحبة. الولي و النصير إذا اجتمعا صار الولي فيما ينفع ،والنصير في دفع ما يضر ،وأما إذا أفرد أحدهما شمل الآخر ،فإذا قيل: ولي بدون نصير ،فالمراد به من يجلب لك الخير ويدفع عنك الشر ،وإذا قيل :النصير بدون ولي فالمراد من يدفع الشر ويجلب الخير ،وإذا اجتمعا صار الولي فيمن يجلب الخير والنصير فيمن يدفع الشر. بيان أن من قاتل في غير سبيل الله ففيه خصلة من خصال الكفر؛ لقوله تعالىَ {:وٱلَ ِذي َن َك َف ُرواْ يُ َٰقَ ِتلُو َن فِي َس ِبي ِل ٱل ََٰطغُو ِت}حتى لوكان مؤمنا يصلي ويصوم ويزكي ويحج وهو يقاتل حمية أو عصبية ففيه شبه من الكفار ،وخصلة من خصالهم. أن الشيطان يكيد للإنسان ؛ لقوله{:إِ َّن ك ۡيد ٱل َّش ۡي َٰط ِن} فاحذر كيده لا يغرنك ،ربما يوسوس لك ف التهاون ف العبادات المطلوبة ،أو ف غشيان الأشياء الممنوعة ويقول :الله غفور رحيم ،والأمر سهل افعل وتب ،فاحذركيده. ***************************** التوسل الجائز والتوسل الممنوع :التوسل الجائز إلى الله يكون بأمور : الأول :التوسل إلى الله بأسمائه ؛ لقوله تعالى (( :ولل الأسماء الحسن فادعوه بها )) فتقول :يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني ؛ 68
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي وهنا ينبغي أدبا وعقلا وفطرة ألا يتوسل لمطلوب إلا باسم المتناسب له؛ فإذا كان يريد أن يسأل الله المغفرة يتوسل بالغفور ، الرزق بالرزاق ،البطش بالظالم بشديد العقاب ،وما أشبه ذلك . الث اني :التوس ل إلى الله تع الى بص فاته ،ومنه دعاء ما جاء ف الحديث المأثور { يا ح ُّي يا قُيّوم بَرحمِتّ َك أس تَغيث} 43فإن هذا التوسل إلى الله تعالى بصفة من صفاته ،ومنه أيضا ( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ) . الثالث :التوسل إلى الله تعالى بأفعاله ،والأفعال وإنكانت من الصفات لكن هي نوع آخر ،كقولك ( اللهم صل على محمد وعل ى آل محم دكم ا صليت عل ى اب راهيم وعل ى آل اب راهيم ) فإن الصحيح أن الكاف هنا للتعليل أي لأنك صليت على ابراهيم . الرابع :التوسل إلى الله تعالى بحال الداعي يعني :بأن يذكر الإنسان حاله لله ويعرضها ،فإن ذكر الحال التي تقتضي الحنو والعطف توسل َبا ،ومنه قول موسى َ ﴿ :ر ِب إِ ِني ِل َمآ أَن َزۡل َت إِلَ َي ِم ۡن َخ ۡي ٖر فَ ِقير[ ﴾24القصص. ]24 : الخامس :التوسل إلى الله تعالى ًبلإيمان ًبلل ورسوله ،ومنه قوله تعالىَ ﴿ :ربَنَآ إِنَنَا َس ِم ۡعنَا ُمنَا ِديا يُ َنا ِدي ِل ۡۡ ِلي ََٰم ِن أَ ۡن َءا ِمنُواْ ِب َربِ ُك ۡم َفا َمنَ را َربَنَا فَٱ ۡغ ِف ۡر َلنَا ذُنُوبَ َنا َو َك ِف ۡر َعنَا َسيِا ِتنَا َوتَ َوفَنَا َم َ ٱ ۡۡلَۡب َرا ِر[ ﴾1٩3آل عمران.]193 : السادس :التوسل إلى الله بدعاء الصالحين ،كأن يتوسل الإنسان إلى الله بدعاء رجل صالح ،مثل قول عكاشة بن محصن: ( ادع الله أن َيعلني منهم ،فقال :أنت منهم ). السابع :التوسل إلى الله تعالى ًبلعمل الصالح ،كتوسل الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فإن ثلاثا آواهم المبيت إلى غار فدخلوا فيه، ثم انطبقت عليهم صخرة ،فعجزوا عنها ،فتوسلوا إلى الله تعالى بأعمالهم الصالحة ،أحدهم بالبر بوالديه ،والثاني بالعفة ،والثالث بالوفاء، فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون. التوسل الممنوع: أم ا التوس ل الممن وع فض ابطه أن يتوس ل إلى الله تع الى بم ا ل يس بوس يلة؛ لأن ه ذا ن وع م ن الاس تهزاء بالله والس خرية ب ه؛ إذ أن ي ليست وسيلة صار هذاكالاستهزاء بالله ،مثل :أن فإذا قدمتها بين يدي دعائك وه يبُتنفوسسلالبهش إخلى اصلم الطلصوالبح،، الوسيلة هي ما ومن ذلك -على القول الراجح -الجاه،كأن يقول :اللهم ويقول :اللهم إني أسألك بفلان، يتوسل الإنسان إني أسألك بجاه فلان ،فإن هذا التوسل حرام؛ لأنه توسل بما لم يكن وسيلة ،فكل من توسل إلى الله بوسيلة غير صالحة فإن توسله حرام. وأما التوسل بجاه النبي فلا يجوز ،لأنه ليس وسيلة ،إذ أن جاه النبي منزلة رفيعة للرسول لا تنفع أحدا ،أما جاه الله فلا يجوز التوسل به إلا إذا أراد بالجاه الوجه ،مثل :أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم. ب)تربية وتصحيح لبعض المفاهيم الخاطئة في بداية تشريع الجهاد :الآيات []81 - 77 بيان حال طائفة من ضعاف الإيمان بعد فرضَيّة الجهاد؛ { أَلَمْ تََر ِإّلَى اَلّ ِّذي َن ِّقي َل َل ْمكُّفوا أَيْ ِّديَك ْم َوأَِّقيموا ال َّصلَاَة {43قا َل رسول اَّلِّّل صَلّى اَّلّل عليِّه وسَلّ َم ِلّفاطمةَ رضي اَّلّل عنها ما يمنع ِّك أن تس َمعي ما أوصي ِّك ِبِّّه أن تقولي إذا أصبَح ِّت وإذا أم َسي ِّت يا ح ُّي يا قُيّوم بَرحمِتّ َك أستَغيث أصِّلح لي شأنيكَلّه ولا تَ ِّكلني إلى نَفسي طرفةَ عيٍن}الراوي :أنس بن مالك | المحدث :المنذري | المصدر :الترغيب والترهيب /خلاصة حكم المحدث :إسناده صحيح 69
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي َوآتوا الَّزَكاَة فَلَ َّماكِتّ َب َعلَْيِّهم الِّْقتَال ِإّ َذا فَِّري ٌق ِّمْنه ْم َُيْ َشْو َن الَنّا َس َك َخ ْشيَِّة اَّلِّّل أَْو أَ َش َّد َخ ْشيًَة َوقَالوا َرَبّنَا ِلّمَ َكتَْب َت َعلَْينَا الِّْقتَا َل لَْوَلا أَ َّخْرتَنَا ِإّلَى أَ َج ٍل قَِّري ٍب ق ْل َمتَاع ال ُّدنْيَا قَِلّي ٌل َواْلآ ِّخَرة َخيْرٌ ِلَّم ِّن اَتَّقى َوَلا تظْلَمو َن فَِتّيًلا (} )77 سبب النزول: أخبرنا محمد بن علي بن الحسين بن شقيق قال أنبأنا أبي قال الحسين بن واقد عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس[ :أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فقالوا :يا رسول الله إناكنا ف عزة ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة ،فقال\" :إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا\" ،فلما حولنا الله إلى المدينة أمرنا بالقتال فكفوا فأنزل الله عز وجل {أَلَمْ تََر إِلَى اَلّ ِذي َن قِي َل لَهُْم ُكُّفوا أَيْ ِديَ ُك ْم َوأَقِي ُموا ال َّصلاةَ}].44 معاني المفردات: {بروج مشيدة} :حصون منيعة. {فتيلا} :الخيط الذي يكون في شق نواة التمر. وجه الربط: بعد أن أمر سبحانه بأخذ الحذر والاستعداد للقتال والنفر له ،وذكر حال المبطئين الذين ضعفت قلوَبم ،وأمرهم بالقتال فى سبيله وفى سبيل إنقاذ المستضعفين. ذكر هنا أن الإسلامكلفهم ترك ماكانوا عليه فى الجاهلية من تخاصم وتلاحم وحروب مستمرة ولا سيما بين قبيلتى الأوس والخزرج ،فإن الحروب بينهم لم تنقطع إلا بمجىء الإسلام ،وأمرهم بكف أيديهم عن القتال والعدوان على غيرهم ،وطلب إليهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لما فيهما من تهذيب النفوس والعطف والرحمة حتى خمدت من نفوس كثير منهم حمية الجاهلية وحل محلها شريف العواطف الإنسانية ،إلى أن اشتدت الحاجة إلى القتال للذود عن بيضة الإسلام ودفع العدوان من أولئك المشركين الذين آذوا المسلمين وأحبوا فتنتهم فى دينهم وردهم إلى ماكانوا عليه، ففرضه عليهم فكرهه المنافقون والضعفاء فنعى ذلك عليهم ووبخهم أشد التوبيخ. قوله تعالىِ{ :إّ َذا فَِّري ٌق ِّمْنه ْم َُيْ َشْو َن الَنّا َس َك َخ ْشيَِّة اَّلِّّل أَْو أَ َش َّد َخ ْشيَةً} :ما الفرق بين الخشية والخوف؟ الخشية والخوف تترادفان بمعنى أن إحداهما تأتي ف مكان الأخرىكثيرا ،لكن قالوا :أن هناك فرقا دقيقا بينهما ؛ فمن الفروق :أن الخشية مبنية على علم ،بخلاف الخوف فقد يأتي على وهم لا حقيقة له،كذلك قالوا إن الخشية تكون بيقين صادق بعظمة من نخشاه ،والخوف يكون إما من عظمة المخوف وإما من ضعف الخائف ،والخشية لا تكون 44الحديث أخرجه الحاكم ج 2ص 66و 307وقال في الموضعين صحيح (رجاله رجال الصحيح) ،وأخرجه ابن جرير ج 5ص.171 70
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي إلا لله تعالى وخشية الله لاشك أنها لعظمة المخشي ،وكل من سوى الله تعالى فهو ضعيف بالنسبة لله تعالى. قوله تعالى { :ق ْل َمتَاع ال ُّدنْيَا قَِّلي ٌل} :التزهيد ف الدنيا ،وصدق الله ورسوله ،فإن متاع الدنيا قليل ،اسأل من عُ ّمر مائة سنة مثلا ،وقل لهكم تقدر أنه مضى من عمرك ؟ فسيقول لك أنا ف الوقت الذي أنا فيهكأني ولدت الآن وكل الذي مضى قد ذهب ،فهو إذا عمر قليل. قوله تعالىَ { :واْلآ ِّخَرة َخيْرٌ ِلَّم ِّن اَتَّقى } :هذا قيد لابد منه؛ لأن الآخرة ليست خيرا لغير المتقين ،بل هي شر، وإنما هي خير { ِلَّم ِّن اَتَّقى } ،واعلم أنه إذا ذكرت التقوى وحدها شملت البر ،وإذا ذكر البر وحده شمل التقوى، وإذا ذكر البر والتقوى جميعا صار البر فعل الطاعات والتقوى ترك المحرمات ؛ فقوله تعالى{ :وتعاونوا على البر والتقوى} البر فعل الطاعات ،والتقوى ترك المحرمات؛ وهنا قوله تعالى{ :من اتقى} يشمل البر والتقوى. قوله تعالىَ { :وَلا تظْلَمو َن فَِتّيلًا (} )77ما هو الفتيل؟ وما دلالة التعبير به في الآية؟ الفتيل هو الخيط الذي يكون ف بطن النواة ،والنواة فيها ثلاثة أشياء يضرب َبا المثل ف الحقارة :النقير ،والقطمير، والفتيل ،فالفتيل هو الخيط الذي يكون ف بطن النواة ،وعليها سلك يسمى قطمير ،وف ظهرها نقرة تسمى النقير، ويضرب المثل َبذه الأشياء الثلاثة ف قلة الشيء وحقارته. ************** أ َّن الموت أمٌر لا مفَّر منه ،وبيان جان ٍب ِّمَمّاكان يتفَّوه به المنافقون وضعاف الإيمان من ًبط ٍل وزوٍر، وتوبيخهم على قَلّة فهمهم ،والَّرُّد عليهم ،الَتّأكيد والح ُّث على طاعة الَّرسول ؛ لأَّنا طاعةٌ لل ؛{ أَيْنََما تَكونوا ي ْد ِّرْككم الْ َمْوت َولَْو كْنت ْم ِّفي بروٍج م َشَيّ َدةٍ َوِإّ ْن ت ِّصْبه ْم َح َسنَةٌ يَقولوا َه ِّذِهّ ِّم ْن ِّعْن ِّد اَّلِّّل َوِإّ ْن ت ِّصْبه ْم َسِيّئَةٌ يَقولوا َه ِّذِّه ِّم ْن ِّعْن ِّد َك ق ْل كل ِّم ْن ِّعْن ِّد اَّلِّّل فََما ِّل َهؤَلاِّء الَْقْوِّم َلا يَ َكادو َن يَْفَقهو َن َح ِّديثًا (َ )78ما أَ َصابَ َك ِّم ْن َح َسنٍَة فَِّم َن اَّلِّّل َوَما أَ َصابَ َك ِّم ْن َسِيّئٍَة فَِّم ْن نَْف ِّس َك َوأَْر َسْلنَا َك ِلّلَنّا ِّس َرسوًلا َوَكَفى ًِّبَّلِّّل َشِّهي ًدا (َ )79م ْن ي ِّط ِّع الَّرسوَل فََق ْد أَطَا َع اَّلّلَ َوَم ْن تََوَلّى فََما أَْر َسْلنَا َك َعلَْيِّه ْم َحِّفيظًا (} )80 وجه الربط: قال تعالى{:فَلَ َّما كِتّ َب َعلَْيِّهم الِّْقتَال ِإّ َذا فَِّري ٌق ِّمْنه ْم َُيْ َشْو َن الَنّا َس َك َخ ْشيَِّة اَّلِّّل أَْو أَ َش َّد َخ ْشيًَة َوقَالوا َرَبّنَا ِلّمَ َكتَْب َت َعلَْينَا الِّْقتَا َل} يقول تعالى :إذاكنتم تقولون ذلك من أجل أن تتمتعوا قليلا من الدنيا وفرارا من الموت فإنكم لن تنجوا من الموت؛ { أَيْنَ َما تَكونوا ي ْدِّرْككم الْ َمْوت } سواء كنتم ف الجو أو ف البحر أو ف الأرض أو ف بروج مشيدة. 71
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي قوله تعالى{ :أَيْنَ َما تَكونوا ي ْدِّرْككم الْ َمْوت} :يجب على الإنسان أن يستعد للموت؛ لأنه لا مفر له منه ،وإذاكان لا مفر فلنستعد له ولنعمل. قوله تعالىَ { :وِإّ ْن ت ِّصْبه ْم َح َسنَةٌ يَقولوا َه ِّذِهّ ِّم ْن ِّعْن ِّد اَّلِّّل َوِإّ ْن ت ِّصْبه ْم َسِيّئَةٌ يَقولوا َه ِّذِّه ِّم ْن ِّعْن ِّد َك } :على ماذا يعود الضمير في قوله تعالى {:ت ِّصْبه ْم }؟ الضمير يعود إلى المكذبين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ،والمراد بالسيئة هنا ما يسوء ،وليس المراد َبا سيئة العمل ،بل ما يسوء الإنسان مثل القحط والمرض والفقر وما أشبه ذلك ،القحط من السماء فلا تمطر ،والجدب من الأرض فلا تنبت ،فإذا أصابتهم سيئة قالوا هذه من عندك وإن أصابتهم حسنة وهي ضدها من الخصب والمطر والغنى والصحة ،قالوا هذه من عند الله يعني ليس لك فضل ،وف السيئة يقولون هذه من عند محمد هو الذي أتى َبا ،فيتطيرون به . إقرار المكذبين للرسول بتوحيد الربوبية؛ وتؤخذ من قولهم{ :فمن الله} فهم يقرون بالله ويقرون بأن ما يحدث ف الكون فمن الله ،وأن الله هو الرازق ،وأنه المحيي المميت ،لكن لا يقرون بلازمه وهو توحيد الألوهية. ما الجمع بين هذه الآية :قوله تعالىَ { :وِإّ ْن ت ِّصْبه ْم َح َسنَةٌ يَقولوا َه ِّذِّه ِّم ْن ِّعْن ِّد اَّلِّّل َوِإّ ْن ت ِّصْبه ْم َسِيّئَةٌ يَقولوا َه ِّذِّه ِّم ْن ِّعْن ِّد َك } :والتي بعدها :قوله تعالىَ{ :ما أَ َصابَ َك ِّم ْن َح َسنٍَة فَِّم َن اَّلِّّل َوَما أَ َصابَ َك ِّم ْن َسِيّئٍَة فَِّم ْن نَْف ِّس َك }؟ يقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله\" :الجمع بينهما أن لكل خطاب مكانه ،فهنا الخطاب للقوم الذين احتجوا بما يصيبهم من البلاء على بطلان ما جاءت به الرسل ،فرد الله تعالى عليهم بأنكلا من عند الله. أما الآية الثانية فإن فيها بيان أن ما أصاب الرسول من الحسنات فمن الله وما أصابه من السيئات فمن نفسه. وهنا نقول :لما أراد المشركون أن يحتجوا بأن الحسنة من الله ومجرد فضل منه ،وأن السيئة من الرسل أبطل الله ذلك، فبأي وجه يكون مجيء الرسل سببا للجدب والقحط والفقر والمرض؟ لكن ما أصاب الإنسان من الحسنة فمن الله وما أصابه من سيئة فمن نفسه؛ لأنه هو السبب ،فإضافتها إلى النفس من باب إضافة الأشياء إلى أسباَبا ،وإضافتها إلى الله من باب إضافة المقدور إلى مقدره وهو الله .\" قوله تعالى { :ق ْلكل ِّم ْن ِّعْن ِّد اَّلِّّل} :منع التطير 72
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي قوله تعالى { :فََما ِّل َهؤَلاِّء الَْقْوِّم َلا يَ َكادو َن يَْفَقهو َن َح ِّديثًا ( :})78ذم من لا فقه عنده ؛ ويتفرع على ذلك: مدح من وَفّقه الله للفقه ف دين الله؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم [ :من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ].45 قوله تعالىَ{ :ما أَ َصابَ َك ِّم ْن َح َسنٍَة فَِّم َن اَّلِّّل َوَما أَ َصابَ َك ِّم ْن َسِيّئٍَة فَِّم ْن نَْف ِّس َك}: *بيان أن ما يصيبنا من الحسنات فهو محض فضل من الله ،ويدل لذلك :أن الحسنة التي تصيبك إما أن تكون ابتداء ،وإما أن تكون ثوابا ،فإنكانت ابتداء فكونها فضلا واضحة ،وإنكانت ثوابا على عمل فإن توفيقنا للعمل الذيكانت هذه الحسنة ثوابا له من الله .إذا فهي من الله تعالى سواءكانت ابتداء أم ثوابا. *أنه يجب على الإنسان إذا أصابته الحسنة أن يوليها شكرا لله ؛ لأنها منه تفضلا وإحسانا ،وإذا أصابته السيئة فلينظر ف نفسه حتى يحاسبها ويستعتب فترتفع السيئة. قوله تعالىَ { :م ْن ي ِّط ِّع الَّرسوَل فََق ْد أَطَا َع اَّلّلَ َوَم ْن تََوَلّى فََما أَْر َسْلنَا َك َعلَْيِّه ْم َحِّفيظًا ( :} )80كل َم ْن أطاع رسول هذا عصمة إلا بأمر الله وشرعه ووحيه وتنزيله ،وف ولا ينهى لا يأمر ونواهيه {فََق ْد أَطَا َع اَّلّلَ}؛ لكونه ف أوامره الله بطاعته معصوم فكل ما يُبَلِّغ عن الله لم يأمر فلولا أنه مطلقا، عليه وسلم لأن الله أمر بطاعته صلى الله الرسول مطلقا ،ويمدح على ذلك ،ويؤخذ من المفهوم أن معصية الرسول معصية لله؛ لأنه إذاكانت طاعته طاعة لله فمعصيته معصية لله . *********************************** ج) بيا ٌن لجان ٍب آخر من جنايات المنافقين وضعاف الإيمان :الآيات 84 - 81 اِتّصافهم ًبلمكر ،وتوجيه الَّرسول إلى ما يفعله معهم ،والإنكار عليهم بأ َّن اَلّذي أوصلهم لتلك الحال هو عدم ت ُّدبرهم القرآن والإيمان به؛ قوله تعالىَ {:ويَقولو َن طَا َعةٌ فَِّإذَا بََرزوا ِّم ْن ِّعْن ِّد َك بََيّ َت طَاِئَّفةٌ ِّمْنه ْم غَيَْر اَلّ ِّذي تَقول َواَّلّل يَ ْكتب َما يبَِيّتو َن فَأَ ْع ِّر ْض َعْنه ْم َوتََوَّك ْل َعلَى اَّلِّّل َوَكَفى ًِّبَّلِّّل َوِكّيلًا ( )81أَفََلا يَتَ َدَبّرو َن الْقْرآ َن َولَْو َكا َن ِّم ْن ِّعْن ِّد غَيِّْر اَّلِّّل لََو َجدوا ِّفيِّه ا ْخِتّلَافًا َكِثّيًرا (})82 وجه الربط: 45رواه البخاري ،كتاب العلم ،باب (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) ،حديث رقم (. )71 73
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي لمَّا شهد سبحانه في الآية السابقة لرسوله بصدق نبَّوته ،وبَّين وجو ِّب طاعِتّه ،وأ َّن طاعة الرسول من طاعة الله في قوله تعالىَ { :م ْن ي ِّط ِّع الَّرسوَل فََق ْد أَطَا َع اَّلّلَ} -وهذا أكبر رِّد على دعوى القائلين أ َّن دعوة الرسول كانت سببا للمصائب! إذ سبب المصائب المعاصي لا الطاعات -شرع في بيان معاملة المنافقين مع الرسول ، وأنهم لو تأَّملوا القرآن وتدبّروه لحفظوا سرائرهمكما يحفظوا علانيتهم؛ لأ َّن الأمر بالطاعة مستو ف السِّر والعلن. معاني المفردات: {بيت طائفة} :دبرت بليل. {طَا َعةٌ} :أي :أمرنا طاعة لك. {بََرزوا} :خرجوا. قوله تعالىَ { :وَكَفى ًِّبَّلِّّل َوِكّيًلا ( :} )81والتوكل على الله قال العلماء :هو صدق الاعتماد على الله مع الثقة به وفعل السبب الذي أمر به ،فهو مكون من ثلاثة معان :الأول :صدق الاعتماد على الله. والثاني :الثقة بالله ؛ لأن التوكل لا ينفع إذا لم يكن صاحبه واثقا بوعد الله ،وقد قال الله تعالىَ { :وَم ْن يَتَ َوَّك ْل َعلَى اَّلِّّل فَهَو َح ْسبه}. الثالث :فعل الأسباب التي أُمر َبا ،فمن لم يفعل الأسباب فهو ليس متكلا ،ولكنه متواكل ،فلابد من فعل الأسباب .وقولنا\" :التي أُمر العبد َبا\" احترازا من فعل الأسباب التي لا حقيقة لها ولا أصل لها ،كما يفعله المشعوذون وأصحاب التمائم غير المباحة ،وما أشبه ذلك. التحذير من النفاق ،وأن الإنسان يجب أن يكون صريحا بيِّنا لا يظهر للناس بوجه وإذا اختفى عنهم أعطاهم وجها آخر؛ ولهذا لا أحسن من الشخص الصادق ،وهذا هو الواجب علىكل مسلم أن يكون ظاهره وباطنه سواء. قوله تعالى { :أَفََلا يَتَ َدَبّرو َن الْقْرآ َن } وكلما ازداد العبد تأملا ف القرآن ازداد علما وعملا وبصيرة ،لذلك أمر الله بذلك وحث عليه وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن ،كما قال تعالىِ { :كّتَا ٌب أَنزلْنَاه ِإّلَْي َك مبَاَرٌك ِلّيَ َّدَبّروا آيَاِتِّّه َوِلّيَتَ َذَّكَر أولو الألْبَا ِّب} وقال تعالى{ :أَفَلا يَتَ َدَبّرو َن الْقْرآ َن أَْم َعلَى قلو ٍب أَقْ َفالَا} . ومن فوائد التدبر لكتاب الله :أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين والعلم بأنهكلام الله ،لأنه يراه يصدق بعضه بعضا ،فبذلك يعلمكمال القرآن وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور ،فلذلك قال تعالىَ{ :ولَْو َكا َن ِّم ْن ِّعْن ِّد غَيِّْر اَّلِّّل لََو َجدوا ِفّيِّه ا ْخِتّلافًا َكِثّيًرا} أي :فلما كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلا. *********************** إذاعتهم الأخبار من غير تثُبّ ٍت ،وبيان فضل الله ورحمته ًبلمؤمنين؛ 74
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي قوله تعالىَ { :وِإّ َذا َجا َءه ْم أَْمٌر ِّم َن اْلأَْم ِّن أَِّو الْخَْو ِّف أَ َذاعوا ِبِّّه َولَْو َرُّدوه ِإّلَى الَّرسوِّل َوِإّلَى أوِّلي اْلأَْم ِّر ِّمْنه ْم لََعِلّ َمه اَلّ ِّذي َن يَ ْستَْنِبّطونَه ِّمْنه ْم َولَْوَلا فَ ْضل اَّلِّّل َعلَْيك ْم َوَرحْمَته َلاَتّبَ ْعتم ال َّشْيطَا َن ِإَّّلا قَِّليًلا (} )83 وجه الربط: ولمَّا كان المنافقون من أشد الناس خطرا على المؤمنين ،وهم أقدر على ب ِّث الأراجيف بين صفوف المؤمنين من أعدائهم الظاهرين ح َّذر تعالى منهم وبَّين جناية أخرى من جناياتهم؛ فقال تعالى عنهمَ { :وِإّ َذا َجاءَه ْم أَْمٌر ِّم َن اْلأَْم ِّن أَِّو الْخَْو ِّف أَذَاعوا ِبِّّه ...الآية } معاني المفردات: {يَ ْستَْنِبّطونَه} :يستخرجون معناه الصحيح. {أذاعوا به} :أفشوه. قوله تعالىَ { :وِإّذَا َجا َءه ْم أَْمٌر ِّم َن اْلأَْم ِّن أَِّو الْخَْو ِّف أَ َذاعوا ِبِّّه َولَْو َرُّدوه ِإّلَى الَّرسوِّل َوِإّلَى أوِّلي اْلأَْم ِّر ِّمْنه ْم لََعِّل َمه اَلّ ِّذي َن يَ ْستَْنِبّطونَه ِّمْنه ْم }* :هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق .وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين ،أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ،بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ،أهِل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة ،الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. * النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها ،والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه ،هل هو مصلحة، فيُْق ِدم عليه الإنسان؟ أم لافيحجم عنه؟. قوله تعالىَ{ :ولَْوَلا فَ ْضل اَّلِّّل َعلَْيك ْم َوَرحْمَته َلاَتّبَ ْعتم ال َّشْيطَا َن ِإَّّلا قَِلّيًلا ( } )83لولا :حرف امتناع لوجود ،وقد تقاسمت هذه الكلمات الثلاث \" لو ،ولما ،ولولا \" الوجود والعدم؛ ف (لو) حرف امتناع لامتناع ،تقول :لو جاء زيد لجاء عمرو ،إذا لم يجيء عمرو ولا زيد .و(لما ) حرف وجود لوجود ،لما جاء زيد جاء عمرو .و(لولا) حرف امتناع لوجود؛ كقوله تعالىَ {:ولَْوَلا فَ ْضل اَّلِّّل َعلَْيك ْم َوَرحْمَته َلاَتّبَ ْعتم ال َّشْيطَا َن } إذا :امتنع اتباع الشيطان لأجل وجود فضل الله ،فلولا فضله أي :عطائه ،ورحمته أي :إحسانه لضل جميع الخلق. ******************************** أمر الله الرسول ً بلقتال ،وتحريض المؤمنين عليه ،وِتديد الكافرين؛ قوله تعالى: {فََقاِتّ ْل ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل َلا ت َكَلّف ِإَّّلا نَْف َس َك َو َح ِّر ِّض الْمْؤِّمِنّيَن َع َسى اَّلّل أَ ْن يَك َّف بَأْ َس اَلّ ِّذي َن َكَفروا َواَّلّل أَ َش ُّد بَأْ ًسا َوأَ َش ُّد تَْن ِّكيلًا(})84 وجه الربط :وإذاكان الأمركما تبَّين من وجود المنافقين والمثبطين والمرجفين التفتت الآيات الكريمات تخاطب رسول الله آمرة له بالجهاد ف سبيل الله ولو وحده؛ فقال تعالى{ :فََقاِتّ ْل ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل َلا ت َكَلّف ِإَّلّا نَْف َس َك }. 75
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي قوله تعالى{ :فََقاِتّ ْل ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل َلا ت َكَلّف ِإَّلّا نَْف َس َك َو َح ِّر ِّض الْمْؤِّمِنّيَن} هذه الحالة أفضل أحوال العبد ،أن َيتهد في نفسه على امتثال أمر الله من الجهاد وغيره ،ويحرض غيره عليه ،وقد يعدم ف العبد الأمران أو أحدهما. قوله تعالىَ { :ع َسى اَّلّل أَ ْن يَك َّف بَأْ َس اَلّ ِّذي َن َكَفروا} أي :بقتالكم ف سبيل الله ،وتحريض بعضكم بعضاَ{ .واَّلّل أَ َش ُّد بَأْ ًسا} أي :قوة وعزةَ{ ،وأَ َش ُّد تَْن ِّكيلا} بالمذنب ف نفسه ،وتنكيلا لغيره ،فلو شاء تعالى لانتصر من الكفار بقوته ولم يجعل لهم باقية. إثبات البأس والتنكيل لله ،وهذا أيضا جاء ف القرآن كما ف قوله تعالى{ :فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها} ينكل الخلق أي يحذرهم من أن يقعوا فيما يكون سببا لعقوبتهم. ************************** د) تعقي ٌب وتذيي ٌل ،وإرشا ٌد لمكارم الأخلاق :الآيات 87 - 85 ال َّشفاعة في الخير وال َّش ِّر ،وجوب رِّد الَتّحَيّة بأحسن منها ،وتذكيرٌ بأ َّن الله حسيب َ يازي العباد على أعمالم ،خاَتةٌ تذ ِكّر المؤمنين ًبلوحدانَيّة لل ،والحشر والبعث للَثّواب والعقاب ،وأَنّه لا أح َد أصدق منه سبحانه في حديثه وخبره وأمره وَّنيه وحكمه؛ قوله تعالى: ك ِّل َش ْيٍء َوِإَّشََذفاا َعحةًهِيَّيوتَحلَْميََسِبّنَْجتَةًَِمّحيَََعيَّنٍّةككْنفَْملََِحإُّهيّلَىونَا يَِِبّصّْأَيوِّمْحٌابَلْسِِّقّمَينَْناََِّهممِاْنّة َهََلواَامأَْنَْرويْيَرَُبْشّدَفِوّفيَْعهِّها ِإَّشَوََفَّمناْناَعَّلةًّأَلَ ْصََكسِياَّدئََنةًقيََِعّملَكَنْىناّلَكَلِِّهّلّل ِّكَْحفَشِّدٌلْييثًٍِءّامْن(ََحهاِّ7سَيو8بًَك)اا َ(ن} اَّ6لّلَ )8عالََّلّلى { َم ْن يَ ْشَف ْع َلا ِإّلَهَ ِإَّّلا مِّقيتًا ()85 وجه الربط: لمَّا أمر الله تعالى رسوله بمباشرة القتال بنفسه وبتحريض المؤمنين ،بَّين هنا أَنّهم إن هم أطاعوا وكانوا شفعاء بانضمامهم إلى الرسول ف الجهاد أصاَبم خيركثير. قال مجاهد :نزلت هذه الآية ف شفاعات الناس بعضهم لبعض .والآية تحتمل المعنيين فتُحمل عليهما.46 معاني المفردات: {حسيبا} :مجازيا ،ومحاسبا. {مقيتا} :شاهدا ،وحفيظا ،أو :مقتدرا. {كفل} :نصيب من وزرها. 46وإذاكانت الآية تحتمل معنيين لا منافاة بينهما فالواجب حملها عليهما جميعا لما في كلام الله عز وجل من سعة المعن ،أما إذا كان أحدهما لا يتفق مع الآخر فالواجب طلب المرجح ليؤخذ به. 76
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي قوله تعالىَ { :م ْن يَ ْشَف ْع َشَفا َعةً َح َسنَةً يَك ْن لَه نَ ِّصي ٌب ِّمْن َها } المراد ًبلشفاعة هنا :المعاونة على أمر من الأمور، فمن شفع غيره وقام معه على أمر من أمور الخير -ومنه الشفاعة للمظلومين لمن ظلمهم-كان له نصيب من شفاعته بحسب سعيه وعمله ونفعه ،ولا ينقص من أجر الأصيل والمباشر شيء ،وَم ْن عاون غيره على أمر من الشر كان عليهكفل من الإثم بحسب ما قام به وعاون عليه .ففي هذا الحث العظيم على التعاون على البر والتقوى، والزجر العظيم عن التعاون على الإثم والعدوان. قوله تعالىَ{ :وَكا َن اَّلّل َعلَىك ِّل َش ْيٍء مِّقيتًا (\" } )85كان \" هذه ترد كثيرا ف القرآن العظيم مثل{ :وكان الله سميعا بصيرا} { ،وكان الله غفورا رحيما } ،وهي هنا لا يراد َبا الزمان وإنما الاتصاف بالمعنى؛ لأن الله لم يزل ولا يزال موصوفا بالسمع والبصر ،والمغفرة والرحمة ... ،وما أشبه ذلك .وعلى هذا \"كان\" هنا ف هذا السياق وأمثاله مسلوبة الزمن؛ لأنه لو لم تكن مسلوبة الزمن لكانت دلالتها على أن الله متصف َبذه الصفات ف زمن مضى وانقضى. قوله تعالىَ{ :وِإّذَا حِيّيت ْم ِبّتَ ِّحَيٍّة فَ َحُيّوا ِبّأَ ْح َس َن ِّمْن َها أَْو رُّدوَها} :التحية هي :اللفظ الصادر من أحد المتلاقيين على وجه الإكرام والدعاء ،وما يقترن بذلك اللفظ من البشاشة ونحوها. وأعلى أنواع التحية ما ورد به الشرع ،من السلام ابتداء ورًّدا .فأمر تعالى المؤمنين أنهم إذا ُحيّوا بأي تحيةكانت، أن يردوها بأحسن منها لفظا وبشاشة ،أو مثلها ف ذلك .ومفهوم ذلك النهي عن عدم الرد بالكلية أو ردها بدونها. قوله تعالىَ{ :وِإّذَا حِيّيت ْم ِبّتَ ِّحَيٍّة فَ َحُيّوا ِبّأَ ْح َس َن ِّمْن َها أَْو رُّدوَها} :الآية عامة ف كل من ألقى إلينا التحية أن نحييه بمثل ما حيانا أو أكمل ،سواءكان مسلما أوكافرا ،صغيرا أوكبيرا ،فإذا سلم علينا أهل الكتاب فقالوا \"السلام عليكم\" بلفظ صريح نقول \" عليكم السلام \" ؛ أما إذا قالوها بلفظ محتمل فإننا نقول\" وعليكم \" فقط. أجمع العلماء على أ َّن ابتداء السلام سَنّة مر َغّب فيها ،وردها فريضة؛ لقوله تعالى :فَ َحُيّوا ِبّأَ ْح َس َن ِّمْن َها أَْو رُّدوَها .فالأمر ف الآية يستلزم أ َّن التحية مطلوبة شرعا .والرُّد بالأحسن يكون بالكمَيّة والكيفَيّة .واختلفوا إذا رَّد واحد من جماعة هل يُجزئ أو لا؛ والراجح _ والعلم عند الله _ أَنّه يجزئ. ينبغي إفشاء السلام بين المسلمين لما جاء ف صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي قال\" :لا تدخلوا أبو بينكم\" .روى أفعلختاهموفهليتحسالِّببمتمعلأيفه.شفوإانالحساللامت أََولاقاأدلُلّ:ك\"مإذاعللقىيشأيحءدإكذام حتى تحاُبّوا حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا الجنة أو بينهما شجرة رسول الله عن أبي هريرة عن داود جدار أو حجر ثم لقيه فليسلِّم عليه ثانيا وثالثا\". 77
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الكبير. على الكثير ،والصغي ر على القادم ،والراكب على الماشي ،والماشي على القاعد ،والقليل وال ُّسَنّة أن يُسلِّم والقليل الماشي والماشي على القاعد أبي هريرة أ َّن رسول الله قال\" :يسلم الراكب على روى الشيخان عن على الكثير\". أوعد تعالى وتوعد على فعل الحسنات والسيئات بقوله تعالىِ { :إّ َّن اَّلّلَ َكا َن َعلَىك ِّل َش ْيٍء َح ِّسيبًا (،})86 فيحفظ على العباد أعمالهم ،حسنها وسيئها ،صغيرها وكبيرها ،ثم يجازيهم بما اقتضاه فضله وعدله وحكمه المحمود. وبعد أن حث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على الجهاد وأمر المسلمين بمشاركته فيه ،وأمرهم بإظهار المودة وقت السلم ،بَّين أنهم مجزيون على كل هذا فى يوم لا ريب فيه فقال تعالى{ :اَّلّل لا ِإّلهَ ِإَّّلا هَو لَيَ ْج َمَعَنّك ْم ِإّلى يَْوِّم الِّْقياَمِّة لا َريْ َب ِّفيِّه} جمعت هذه الآية التوحيد والإيمان بالبعث والجزاء فى الدار الآخرة ،وهما الركنان الأساسيان للدين. رهوق،الفعلباودتيقة ّصلأرمواثالفىكمعبامدنته إلا هَو لَيَ ْج َمَعَنّك ْم ِإّلى يَْوِّم الِّْقياَمِّة لا َريْ َب ِّفيِّه} الله لا إله ِإَّّلا {اَّلّل لا ِإّلهَ تعالى: قوله من ذلك سعادتكم وارتقاء أرواحكم وعقولكم وتحريركم لأمره والخضوع فى ونهيه ،فإن البشر ،بل من دونهم من المعبودات التي ذل لها المشركون ،وهو سبحانه سيجمعكم ويحشركم إلى يوم القيامة ،وهو يوم لا ريب فيه ولا فيما يكون فيه من الجزاء على الأعمال. قوله تعالىَ{ :وَم ْن أَ ْص َدق ِّم َن اَّلِّّل َح ِّديثًا} ،و{َوَم ْن أَ ْص َدق ِّم َن اَّلِّّل ِّقيلا} :إخبار بأن حديثه وأخباره وأقواله ف أعلى مراتب الصدق ،بل أعلاها .فكل ما قيل ف العقائد والعلوم والأعمال مما يناقض ما أخبر الله به ،فهو باطل لمناقضته للخبر الصادق اليقين ،فلا يمكن أن يكون حًّقا. *************************************** ه) توجيها ٌت للمؤمنين بشأن المنافقين ،وكيفَيّة الَتّعامل معهم :الآيات 91 - 88 تنويه :ابتدا ًء من هذه الآيات الكريمات دخل الُّربع الأَّول من الحزب الَثّاني للجزء الخامس حسب القرآن الإنكار على المؤمنين بسبب انقسامهم في أمر المنافقين ،وبيان عقوبة الله تعالى لم برِّدهم إلى الكفر والضلال؛ سبب النزول: [قال مجاهد -رحمه الله ( :-نزلت ف قوم خرجوا من أهل مكة حتى أتوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون فارتدوا واستأذنوا النبي َ -صَلّى الَِّلُ َعلَْيِه َو َسَلَّم -ف الرجوع إلى مكة ليأتوا ببضائع ،فاختلف فيهم المؤمنون ،ففرقة تقول إنهم منافقون وفرقة تقول هم مؤمنون فبين الله َ -عَّز َو َج َّل -نفاقهم) اه].47 47المحرر في أسباب النزول من خلال الكتب التسعة ( / )414 /1خالد بن سليمان المزيني 78
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي وجه الربط: هذه الآيات استمرار ف بيان أحوال المنافقين ومواقفهم المخزية ،وهي إنكار على المؤمنين ف اختلافهم ف شأن المنافقين على رأيين ،وتقسيمهم فئتين ،مع أنكفرهم واضح ،فيجب القطع بكفرهم وقتالهم .وقدكانت الآيات السابقة: [{ أَلَمْ تََر ِإّلَى اَلّ ِّذي َن يَْزعمو َن أَََّّن ْم آَمنوا ِبّمَا أنِّْزَل ِإّلَْي َك َوَما أنِّْزَل ِّم ْن قَْبِّل َك })60(...إلى { َوَلََديْنَاه ْم ِّصَراطًا م ْستَِّقي ًما (]})68 و [{َوِإّ َّن ِّمْنك ْم لََم ْن لَيبَ ِّطئَ َّن })72( ...إلى { فَ ْلي َقاِتّ ْل ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل اَلّ ِّذي َن يَ ْشرو َن الْحَيَاةَ ال ُّدنْيَا ًِّبْلآ ِّخَرِّة ،} )74(...والآيات اللاحقة [{ِإّ َّن الْمنَاِفِّّقيَن ُيَا ِّدعو َن اَّلّلَ َوهَو َخا ِّدعه ْم })142( ...إلى { يَا أَُيَّها اَلّ ِّذي َن آَمنوا َلا تََتّ ِّخذوا الْ َكاِّف ِّري َن أَْوِلّيَاءَ ِّم ْن دوِّن الْمْؤِّمِنّيَن ]} )144( ...كلها ف مناقشة أعمال المنافقين والتنديد َبا وإنكارها. معاني المفردات: {حصرت صدورهم} :ضاقت وكرهت مقاتلتكم. {أركسهم} :أوقعهم ،وردهم. {ثقفتموهم} :وجدَتوهم. {أركسوا فيها} :وقعوا في أسوأ حال. {السلم} :الاستسلام ،والانقياد. قوله تعالى« :فَما لَك ْم ِّفي الْمناِّفِّقيَن ِّفئَتَْيِّن» هو استفهام إنكارى ،أن يكون المسلمون فريقين فى أمر المنافقين ،فريقا يحذرهم ويتخذهم عدوا ،وفريقا آخر يقف منهم موقف التردد والترقب ،تمحيصا لما فى قلوَبم ،واختبارا لما فى صدورهم ،وذلك ما ينكره الله سبحانه على هذا الفريق ،الذي وقف من هؤلاء المنافقين هذا الموقف المتردد. قوله تعالىَ{ :واَّلّل أَْرَك َسه ْم ِبّما َك َسبوا} هو توكيد قاطع لما حكم الله به على هؤلاء المنافقين ،وأنهم أهل ضلال وفساد ،لا يرجى لهم صلاح أبدا. قوله تعالى{ :فَلا تََتّ ِّخذوا ِّمْنه ْم أَْوِلّيَا َء} وهذا يستلزم عدم محبتهم لأن الولاية فرع المحبة ،ويستلزم أيضا بغضهم وعداوتهم لأن النهي عن الشيء أمر بضده، تعالى الله إن ثم (:})89 نَ ِّصيًرا َوَلا َوِلًّيّا ه ْم َوَلا تََتّ ِّخذوا ِّمْن {هفَِؤّإلاْنءتَاَلوَملّنْواافقفَيخنذثولهاْمثَواقفَِْترلقو؛ه ْفمرقتَحْيينثأمَورَج ْبدَتتركوهه ْمم قوله تعالى: استثنى من قتال وحَتّم ذلك: أحدهاِ { :إّلا اَلّ ِّذي َن يَ ِّصلو َن ِإّلَى قَ ْوٍم بَْينَك ْم َوبَْينَه ْم ِّميثَا ٌق} :من يصل إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق بترك القتال فينضم إليهم ،فيكون له حكمهم ف حقن الدم والمال. والفرقة الثانية :قوم { َح ِّصَر ْت صدوره ْم أَ ْن ي َقاِتّلوك ْم أَْو ي َقاِتّلوا قَ ْوَمه ْم} أي :بقوا ،لا تسمح أنفسهم بقتالكم ،ولا بقتال قومهم ،وأحبوا ترك قتال الفريقين ،فهؤلاء أيضا أمر بتركهمَ{[ .ولَْو َشاءَ اَّلّل لَ َسَلّطَه ْم َعلَْيك ْم فَلََقاتَلوك ْم} فالل قادر على تسليطهم عليكم ،فاقبلوا العافية ،واحمدوا ربكم الذي كف أيديهم عنكم مع التمكن من ذلك]. 79
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الفرقة الثالثة :قوم يريدون مصلحة أنفسهم بقطع النظر عن احترامكم ،وهم الذين قال الله فيهمَ { :ستَ ِّجدو َن آ َخ ِّري َن} أي :من هؤلاء المنافقين{ .ي ِّريدو َن أَ ْن ََيَْمنوك ْم} أي :خوفا منكم {َوََيَْمنوا قَ ْوَمه ْم كَلّ َما رُّدوا ِإّلَى الِّْفْتنَِّة أْرِكّسوا ِفّيَها} أي :لا يزالون مقيمين علىكفرهم ونفاقهم ،وكلما عرض لهم عارض من عوارض الفتن أعماهم ونكسهم على رءوسهم ،وازداد كفرهم ونفاقهم. **************************** 80
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 81
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 82
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الموضوع الأَّول :أحكام القتل الخطأ ،والقتل العمد :الآيات 94 - 92 { َوَما َكا َن ِلّمْؤِّم ٍن أَ ْن يَْقت َل مْؤِّمنًا ِإَّّلا َخطَأً َوَم ْن قَتَ َل مْؤِّمنًا َخطَأً فَتَ ْح ِّرير َرقَبٍَة مْؤِّمنٍَة َوِّديَةٌ م َسَلّ َمةٌ ِإّلَى أَْهِلِّّه ِإَّّلا أَ ْن يَ َّص َّدقوا فَِّإ ْن َكا َن ِّم ْن قَ ْوٍم َعد ٍو لَك ْم َوهَو مْؤِّم ٌن فَتَ ْح ِّرير َرقَبٍَة مْؤِّمنٍَة َوِإّ ْن َكا َن ِّم ْن قَ ْوٍم بَْينَك ْم َوبَْينَه ْم ِّميثَا ٌق فَ ِّديَةٌ م َسَلّ َمةٌ ِإّلَى أَْهِّلِّه َوتَحْ ِّرير َرقَبٍَة مْؤِّمنٍَة فََم ْن لَمْ َِّي ْد فَ ِّصيَام َش ْهَريْ ِّن متَتَاِبَّعْيِّن تَ ْوبَةً ِّم َن اَّلِّّل َوَكا َن اَّلّل َعِّلي ًما َح ِّكي ًما (} )92 وجه الربط: السلم ثم يغدرون َبم ويعينون قتال المنافقين ،والذين يعاهدون المسلمين على أحكام لأمَّاعدذاءكرهمت،عانلاىسفبالهآنياا ِذتْكارلسحابكقةم أو المعاهدين والذميين. يحل قتله خطأ أو عمدا ،سواءكان من المؤمنين َمن لا تقريٌر بعدم جواز قتل مؤم ٍن لمؤم ٍن بوجٍه من الوجوه إَلّا أن يكون خطأً، قوله تعالىَ { :وَما َكا َن ِلّمْؤِّم ٍن أَ ْن يَْقت َل مْؤِّمنًا ِإَّّلا َخطَأً} :هذه الصيغة من صيغ الامتناع ،أي :يمتنع ويستحيل أن يصدر أشد منافاة ،فإن الإيمان للإيمان قهدذاع اقلدإ اخلبلاهُربيبنهشدوبةينهتحاريلمأهخووأةنهالإمينماانيةف من مؤمن قتل مؤمن ،أي :متعمدا ،وف مقتضاها محبته وموالاته، التي من الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه الذي وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى ،وهذا يصدقه قوله صلى الله عليه وسلم\" :لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض\".48 وأ َّن اَلّذي وقع منه القتل الخطأ فعليه ما يلي: .1الكَّفارة ،وهي عتق رقبٍة مؤمنٍة ،وديةٌ يعطيها لأهل القتيل إَلّا أن يتنازلوا عنها له على سبيل العفو وال َّصفح. ما هي الدية ؟ الدية قد بينتها السنة :مائة من الإبل للذكر الحر ،وخمسون من الإبل للأنثى الحرة هل الدية واجبة على القاتل ًبلأصالة وعلى العاقلة ًبلتبعية ؟ أو هي واجبة على العاقلة أصلا ؟ الدية فإنها ُتب على عاقلة القاتل 49ف الخطأ وشبه العمد{ .50م َسَلَّمةٌ ِإّلَى أَْهِّلِّه} جبرا لقلوَبم ،والمراد بأهله هنا :هم ورثته ،فإن الورثة يرثون ما ترك الميت ،فالدية داخلة فيما ترك ،وللدية تفاصيلكثيرة مذكورة فكتب الفقه. عن رقبةً ك َّفارًة يعتق الحقتربيييلنكَّف{افَترَاً ْحوأِريُعردَارقَءًبَةللُممْؤِمنسَلةم}يأن في:علولىي السقاتعللي أكمن قتل مؤم ٌن مؤمناً خطأً وكان أهل .2إذا احترامهم دية ،لعدم لأهله إنكان المقتول مؤمن وقومه كفار عمله. ف دمائهم وأموالهم. 48أخرجه النسائي ( ،)4127والبزار ( )1959مطولاً ،والطبراني ( )10301( )192/10واللفظ له \" 49العاقلة\" :،هم العصبة ،وهم القرابة من قبل الأب ،الذين يعطون دية قتل الخطأ. 50القتل شبه العمد :أن يضربه بشيٍء لا يقتل مثله غالباًكالعصا أو ِنو ذلك. 83
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي .3إذا قتل مؤم ٌن مؤمناً خطأً وكان أهل القتيل كَّفاراً ومعا ِّهدين للمسلمين ،فَ ِّديَةٌ مؤَّداةٌ إلى أهله ،وعتق رقبٍة مؤمن ٍة. ُمَعا َهدا فهنا يجب فيه ال ِّدية والكّفارة ،ورجح ذلك القول شيخ به إذاكان المقتولكافرا ِذميّا لأن المفسرين ابن ذلك بتأويل الآية ،قول من قال :عن بذلك المقتوَل من أو الطبري فقال :وأولى القولين أراد أهل العهد؛ في جرير الله أَبم ذلك فقال\":وإن كان من قوم بينكم وبينهم\" ،ولم يقل\":وهو مؤمن\" ،كما قال ف القتيل من المؤمنين وأهل الحرب= وعنى المقتوَل منهم بقوله\" :وهو مؤمن\" ،فكان ف تركه وصفه بالإيمان الذي وص َف به القتيلين الماضي ذكرهما قبل ،الدليل الواضح على صحة ما قلنا ف ذلك. *اختلف العلماء ف دية الذمي المعاهد ،فمنهم من قال :إن ديته ثلث دية المسلم ،ومنهم من قال :إن ديته نصف دية المسلم ؛ وهذا هو الصحيح. .4إذا لم يستطع القاتل أن يعتق رقبةً مؤمنةً ،ويؤِّدي ال ِّديَة ،فتكون الكَّفارة والَتّوبة بدلاً من ذلك صيام شهرين متتابعين لا إفطار بينهما ،بل يسرد صومهما إلى آخرهما، *أن على القاتل خطأ مع الكفارة أن يتوب لقوله تعالى {:تَْوبَةً ِّم َن اَّلِّّل }. وتذيي ٌل ببيان علم الله تعالى وحكمته في تشريعاتهَ {.وَكا َن اَّلّل َعِّلي ًما َح ِّكي ًما (} )92 *ومن علمه وحكمته أن أوجب على القاتلكفارة مناسبة لما صدر منه ،فإنه تسبب لإعدام نفس محترمة ،وأخرجها من الوجود إلى العدم ،فناسب أن يعتق رقبة ويخرجها من رق العبودية للخلق إلى الحرية التامة ،فإن لم يجد هذه الرقبة صام شهرين متتابعين ،فأخرج نفسه من رق الشهوات واللذات الحسية القاطعة للعبد عن سعادته الأبدية إلى التعبد لله تعالى بتركها تقربا إلى الله. *ومن حكمته أن أوجب ف القتل الدية ولوكان خطأ ،لتكون رادعة وكافة عنكثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك. *ومن حكمته أن وجبت على العاقلة ف قتل الخطأ ،بإجماع العلماء ،لكون القاتل لم يذنب فيشق عليه أن يحمل هذه الدية الباهظة ،فناسب أن يقوم بذلك من بينه وبينهم المعاونة والمناصرة والمساعدة على تحصيل المصالح وكف المفاسد [ولعل ذلك من أسباب منعهم لمن يعقلون عنه من القتل حذرا من تحميلهم] ويخف عنهم بسبب توزيعه عليهم بقدر أحوالهم وطاقتهم. *ومن حكمته وعلمه أن جبر أهل القتيل عن مصيبتهم ،بالدية التي أوجبها على أولياء القاتل. 84
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي بيان سوء عاقبة من يقتل مؤمناً متع ِّمداً ،بأسلوب الإنذار القاصم. وجه الربط :ولمَّا تق َّدم أ َّن الله أخبر أنه لا ينبغي لمؤمن قتل مؤمن إَّلا خطأ ،ذكر هنا وعيد القاتل عمدا ،وعيدا ترجف له القلوب ،وتنصدع له الأفئدة ،فقال تعالىَ { :وَم ْن يَْقت ْل مْؤِّمنًا متَ َع ِّم ًدا فَ َجَزاؤه َجَهَنّم َخاِلًّدا ِّفيَها َوغَ ِّض َب اَّلّل َعلَْيِّه َولََعنَه َوأَ َع َّد لَه َع َذاًًب َع ِّظي ًما (.})93 في هذه الآية الكريمة دليل على أن قتل المؤمن عمدا من كبائر الذنوب؛ لورود الوعيد عليه ،وكل ذنب ُرتب عليه الوعيد والعقوبة فهو منكبائر.الذنوب. هل قاتل المؤمن عمدا ُيلد في النار؛ لقوله تعالى{ :خالدا فيها }؟ اختلف العلماء رحمهم الله ف معنى هذه الكلمة ؛ فمنهم من قال :إن الخلود هو المكث الطويل ولا يشترط أن يكون دائما؛ ولهذا لم تقيد الآية بالأبدية.51 أيضا [روى ابن جرير الطبري عن سعيد بن جبير قال :سألت ابن عباس عن قوله تعالىَ{ :وَم ْن يَْقتُ ْل ُمْؤِمنا ُمتَ َع ِّمدا فَ َجزاُؤهُ َجَهَنُّم} .قال :إن الرجل إذا عرف الإسلام ،وشرائع الإسلام ،ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ،ولا توبة له. فذكرت ذلك لمجاهد فقال :إلا من ندم]. قال ابنكثير[ :والذي عليه الجمهور من سلف الأمة وخلفها :أن القاتل له توبة فيما بينه وبين الله عز وجل ،فإن تاب وأناب وخشع وخضع ،وعمل عملا صالحا ،ب َّدل الله سيئاته حسنات ،وعَّوض المقتول من ظلامته وأرضاه عن ظلامته. قال الله تعالىَ {:واَلّ ِّذي َن لا يَ ْدعو َن َم َع اَّلِّّل ِإّلاً آ َخَر َولا يَْقتلو َن الَنّ ْف َس اَلِّّتي َحَّرَم اَّلّل ِإّلَاّ ًِّبلْحَِّق َولا يَْزنو َن َوَم ْن يَْفَع ْل ذِلّ َك يَْل َق أَثاماً ( )68يضا َع ْف لَه الَْعذاب يَْوَم الِّْقياَمِّة َوَُيْل ْد ِّفيِّه مهاناً (ِ )69إّلَاّ َم ْن تا َب َوآَم َن َو َع ِّم َل َع َملاً صالِّحاً فَأْولِئّ َك يبَ ِّدل اَّلّل َسِيّئاِِِّتّ ْم َح َسنا ٍت َوكا َن اَّلّل غَفوراً َرِّحيماً ([ } )70الفرقان .]70 -68 :وهذا خبر لا يجوز نسخه]ا.ه. نداءٌ إلى المؤمنين من الله َّ ناهم فيه عن القتل بدون تبُّيٍن أو تثُبّ ٍت من أجل الَتّوصل إلى عر ٍض من أعراض ال ُّدنيا الفانية ،وِتديد المخالفين بأ َّن الله خبيرٌ بأعمالم؛ قوله تعالى { :يَا أَُيَّها اَلّ ِّذي َن آَمنوا ِإّذَا َضَربْت ْم ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل فَتَبََيّنوا َوَلا تَقولوا ِلَّم ْن أَلَْقى ِإّلَْيكم ال َّسلَا َم لَ ْس َت مْؤِّمنًا تَْبتَغو َن َعَر َض الْحَيَاِّة ال ُّدنْيَا فَِّعْن َد اَّلِّّل َمغَاِِّن َكِثّيَرةٌ َك َذِلّ َككْنت ْم ِّم ْن قَْبل فََم َّن اَّلّل َعلَْيك ْم فَتَبََيّنوا ِإّ َّن اَّلّلَ َكا َن ِبّمَا تَ ْع َملو َن َخِبّيًرا (} )94 51تفسير سورة النساء /الشيخ بن عثيمين /الجزء الثاني. 85
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي َ َ ُ ُّ ُ سبب النزولِ: العمَبّاسلسمو-نَ،رفِضقاَيلالَِّ:لُال َعسْنلُهاَمماعل-ي:ك(مَ،وَلافقتَتُقلوولُهوافألَِمخ ْنذوأاَلَْقغنىيمته ومسلم وأبو داود والَنّ َسائِي عن ابن الغنيمة. قال:كان رجل ف غنيمة له فلحقه أخرج البخاري (تَْبتَغُوَن َعَر َض الْحَيَاةِ ال ُّدنْيَا) :تلك إِلَْي ُك ُم ال َّسلَاَم لَ ْس َت ُمْؤِمنا) فأنزل الله ف ذلك إلى قوله: وجه الربط: لما ذكر الله جل وعلا تحريم قتل العمد وما ف قتل الخطأ من المؤاخذة الموجبة للتثبت وعدم الإستعجال ،ولما كانت حاجة من ف ساحة الجهاد لهذا الأمر حاجة ماسة جدا -فلربما التبس الحال ف حال القتال -اتبع ذلك الأمر الصريح بالتثبت. قوله تعالىِ{ :إّذَا َضَربْت ْم}\" :الضرب\" السير ف الأرض ،تقول العرب :ضرب َت ف الأرض إذا سرت لتجارة أو غزوة أو غيره ،والمراد هنا :إذا سافرتم لجهاد الأعداء ونشر دين الله. وجوب التثبت ف الأمور ،حتى ف الجهاد ف سبيل الله فلابد أن تتثبت ،وجه ذلك قوله تعالى { :فَتَبََيّنوا } وهذا فعل أمر ،والأصل ف الأمر الوجوب لاسيما ف مثل هذه الأمور الخطيرة. أن الواجب علينا معاملة الخلق بالظاهر ،لقولهَ { :وَلا تَقولوا ِلَّم ْن أَلَْقى ِإّلَْيكم ال َّسلَاَم لَ ْس َت مْؤِّمنًا } ولم يقل :لست مسلما؛ لأنه ألقى السلام واستسلم ،لكن لا تقولوا لست مؤمنا ،يعني :لم يدخل الإيمان ف قلبك. قوله تعالىِ{ :إّ َّن اَّلّلَ َكا َن ِبّمَا تَ ْع َملو َن َخِبّيًرا ( })94العليم :يختص بظواهر الأمور ،والخبير ببواطنها ،فإذا ذكر \"العليم\" وحده شمل العلم ببواطن الأمور وظواهرها ،وإذا ذكر مع الخبير صار الخبير هو العليم ببواطن الأمور ،والعليم هو العليم بظواهرها. ******************************* الموضوع الَثّاني :وجوب الجرة مع القدرة إلى دار الإسلام :الآيات 100 - 95 الَتّنويه العظيم بزيادة فضل وأجر المجاهدين بأموالم وأنفسهم على القاعدين عن الجهاد من المؤمنين من غير ذوي ال َّضرر والأعذار المشروعة ،مع استحقاقهم الحسن الموعودة للمؤمنين جميعاً ،مجاهدين وقاعدين)96 ، 95(. الَْدمَرَْؤجِّمةًِنّيَوَنكًلّغَايْرَوأَع َوَِدّولَمياْغَِّلاّّفللَرةًاَّضلََْحروَِّررْسحَْمََوانًةلْمََووَفكََجااََِّضنّه اَلدَّلّاولََّلنّلِغَّفافيلْومًراَسَِبجَّيارِِِّّّهحليِّداًيمّاَلَِّنّل( ِبَّعأَ6لَْمَ9وىا)ِِّالّلْ}ْمَقاَِّوعأَنِّْديف َِّنسِّأَه ْْمجًرافَ ََّعض ِّظَلياًمَّالّل(الْ5مَ9ج)ا ِّهَدَِّرديَجاَن ٍِبّتأَْمِّمَوْناِهِّلّ ْم الَْقا ِّعدو َن ِّم َن َعلَى الَْقا ِّع ِّدي َن {َلا يَ ْستَ ِّوي َوأَنْف ِّسِّه ْم 86
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي وجه الربط: لمَّا لام الله ف الآيات السابقة المؤمنين على ما صدر منهم من القتل الخطأ لمن نطق بالشهادة ،عّقب ذلك ببيان فضل المجاهدين على القاعدين ،وبيان تفاوتهما ،كيلا يحت َّج المتثاقلون عن الجهاد بما سبق من الأمر بالتثُبّت، فيحت ُّجوا َبا على القعود ،أو حتى لا يكون ذلك اللوم مانعا من الجهادكونه مظنّة أن يصيب المجاهد مؤمنا خطأ ،أو من يلقي السلام ،فيقتله بتأويل فيتقاعس عن الجهاد لهذه ال ُشبهة. قوله تعالىِّ { :في َسِبّي ِّل اَّلِّّل } يشمل معنيين :المعن الأول :القصد ،بأن يكون قصد المجاهد إقامة شريعة الله ،وأن تكونكلمة الله هي العليا .والمعن الثاني :أن يكون على وفق الشريعة. ما دلالة تقديم الجهاد ًبلأموال على الجهاد ًبلأنفس؟ قدم الله تعالى الجهاد بالأموال لسببين :السبب الأول:أنه أهون على الإنسان ،فالمال أهون على الإنسان ف الغالب. السبب الثاني :قد يكون نفعه أكثر؛ لأن الإنسان بنفسه يقاتل ،ويقتل من شاء الله ،لكن إذاكان ذا مالكثير وبذل أموالا عظيمة فإنه يمَّون من المجاهدين عشرات أو مئات أو أكثر. نفي التساوي بين الناس ،والعجب أننا نسمع من يدندنكثيرا فيقول :إن دين الإسلام دين مساواة ،وهذا غلط، فدين الإسلام ليس دين المساواة ،ولكنه دين العدل ،والعدل هو :إعطاءكل أحد ما يستحقه ،ولذلك ُتد أكثر ما ف القرآن الكريم نفي المساواة ،وليس إثباتها؛ كقوله تعالى {:ق ْل َه ْل يَ ْستَ ِّوي اَلّ ِّذي َن يَ ْعلَمو َن َواَلّ ِّذي َن َلا يَ ْعلَمو َن }. بلا أوِّلي ال َّضَرِّر52 المكَلّفين بالجهاد أولي الأعذار بقوله سبحانه:غَيْر بلاغة القرآن ،حيث استثنى الحق من بالتحريض فيخرجوا مع المسلمين ،فيكلِفوهم مؤونة كيلا يحسب أصحاب الضرر أنهم مقصودون نقلهم وحفظهم جدوى ،أو يظُنّوا أنهم مقصودون بالتعريض فتنكسر لذلك نفوسهم. قوله تعالىَ {:دَرَجا ٍت ِّمْنه }* :معنًيّا به درجات الجنة. *عظم درجات المجاهدين ف سبيل الله ،وجه ذلك قوله تعالىَ {:دَرَجا ٍت ِّمْنه } فأضافها إلى نفسه سبحانه ،ومعلوم أن ف وسلم وآله عليه قوله صلى الله على عظمته ،ومنه فإضافة الشيء إلى الله تعالى يدل األبمُاع بطكير، بِعظم يعظُم العطاء وارحمني ).53 مغفرة من عندك، يدعوا به ف صلاته ( :فاغفر عَلّمه الذي الدعاء 52أولي الضرر :أصحاب المرض والعاهة التي َتنع صاحبها من الجهاد كالعمى و العرٍج وِنوها. 53رواه البخاري ،كتاب صفة الصلاةً ،بب الدعاء قبل السلام ،حديث رقم (.)799 87
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الَتّنديد بفري ٍق من المسلمين ظلموا أنفسهم ًبلقعود عن الجهاد ،وتقريع ملائكة الموت لم لاعتذارهم الكاذب ،وإفحاماً لم ،وإنذاراً بسوء المصير الأخرو ِّي ،استثناء المستضعفين غير القادرين على الجرة، فأولئك يتجاوز الله عنهم بفضله ورحمته بسبب عدم استطاعتهم للهجرة. {ِإّ َّن اَلّ ِّذي َن تََوَفّاهم الْ َملَاِئّ َكة ظَاِلِّّمي أَنْف ِّسِّه ْم قَالوا ِفّي َمكْنت ْم قَالواكَنّا م ْستَ ْضَعِّفيَن ِّفي اْلأَْر ِّض قَالوا أَلَمْ تَك ْن أَْرض اَّلِّّل َوا ِّسَعةً فَت َها ِّجروا ِّفيَها فَأولَِئّ َك َمأَْواه ْم َجَهَنّم َو َسا َء ْت َم ِّصيًرا (ِ )97إَّّلا الْم ْستَ ْضَعِّفيَن ِّم َن ال ِّر َجا ِّل َوالِنّ َساِّء َوالْ ِّولْ َدا ِّن َلا يَ ْستَ ِّطيعو َن ِّحيلًَة َوَلا يََ ْهَتَد ُو َن َُّسِبّ ُيلًا ( )98فَأولَِئّ َك َع َسى اَّلّل أَ ْن يَ ْعفَو َعْنه ْم َوَكا َن اَّلّل َعفًّوا غَفوًرا (})99 *سبب النزولِ:54 أخرج البخاري والَنّ َساِئّي عن ابن عَبّا ٍس َ -ر ِّض َي اَّلّل َعْنه َما -قال :إن أناساً من المسلمينكانوا مع المشركين ،يكثرون سواد المشركين على رسول الله فيأت السهم فيرمى فيصيب أحدهم فيقتله ،أو يضربه فيقتله ،فأنزل الله تعالىِ( :إّ َّن اَلّ ِّذي َن تََوَفّاهم الْ َملَاِئّ َكة ظَاِلِّّمي أَنْف ِّسِّه ْم). ما فُهم ِمَمّا وجه الربط: منهم ،وإن إتظسهااوريدايلنقها،عفدإيننلمأويلحيسالبضرفرلاواألمقجَاّلهمديننأ،نأ َيّنح َمسنبقعمدن اعلقنااعلجديهاند لغيكروأنهولي من تق َّدم، ولما أوهم المهايمي: قال عن عجز محسوب دار الكفر ف الضرر الموعود لهم الحسنى _ أزيل ذلك الوهم بأنهم بترك الهجرة من مكان لا يمكنهم فيه إظهار دينهم مع إمكان الخروج عنه ،صاروا ظالمين مستحقين لتوبيخ الملائكة ،بل لعذاب جهنم. الع برة ف الأعم ال بالخ واتيم ،لقول ه{ :ظ المي أنفس هم} يع ني أنه م ف وق ت الوف اة ظ المون لأنفس هم ،ف العبرة بالخواتيم ،ولهذا يجب على الإنسان أن يكون خائفا من سوء الخاتمة ،وأن يسأل الله دائما حسن الخاتمة وأن لا يموت إلا وهو مسلم. قوله تعالىِ{ :إَّّلا الْم ْستَ ْضَعِّفيَن ِّم َن ال ِّر َجا ِّل َوالِنّ َساِّء َوالْ ِّولْ َدا ِّن َلا يَ ْستَ ِّطيعو َن ِّحيلًَة َوَلا يَ ْهتَدو َن َسِبّيًلا ( :})98أنا يس من أهل مكة ع َذرهم الله تعالى فاستثناهم ،فقال {:فَأولَِئّ َك َع َسى اَّلّل أَ ْن يَ ْعفَو َعْنه ْم َوَكا َن اَّلّل َعفًّوا غَفوًرا ( })99قال: وكان ابن عباس َر ِّض َي اَّلّل َعْنه َما يقول :كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. يقول بعض العلماء عسى من الله واجبة ،فلماذا عبر ب\"عسى\" التي لا تعطي الإنسان يقينا في الوقوع ؟ \"نقول :لئلا يغتر الإنسان فيقول :أنا معفو عني ثم لا يهتم ،بل يقال :أنت يُتوقع أن الله يغفر لك ،حتى لا يغلب الطمع على الإنسان فيأمن من مكر الله\".55 54المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة ()430 /1 88
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الح ُّث على الجرة ،فمن خرج للهجرة في سبيل الله تعالى ومات في الطريق أعطاه الله أجر المهاجرين قوله تعالىَ{ :وَم ْن ي َها ِّجْر ِّفي َسِبّي ِّل اَّلِّّل َِّي ْد ِّفي اْلأَْر ِّض مَراغَ ًما َكِثّيًرا َو َسَعةً َوَم ْن َُيْر ْج ِّم ْن بَْيِتِّّه مَها ِّجًرا ِإّلَى اَّلِّّل َوَرسوِلِّّه َُثّ ي ْد ِّرْكه الْ َمْوت فََق ْد َوقَ َع أَ ْجره َعلَى اَّلِّّل َوَكا َن اَّلّل غَفوًرا َرِّحي ًما (})100 وجه الربط: ايلولفمَسّالصاشكردََّّدههةقوابلمفغكرسبابونةاعحيدواالنهؤهِّوذأيَلَّهّةمن،بنَمفعيتندهر ااكهللاعاخلّيِزهجر،رجواورلةرفبمَّسارَعغّسلبةيشلبَوهاّدلفةيروزفنهاافقرربتمقوهااليعوَعّزطةسننلِّ.هميفواعخرَقّرمةاج قد يوسوس به الشيطان من أَنّه لو فارق رفاهية الوطن وقع الوطن ظ َّن نفسه عاجزا عنها ،فوعد سبحانه وبحمده وهو فرارا بدينه منكيد الأعداء فسيجد ف الأرض طريقا معاني المفردات { :مَراغَ ًما } :مهاجرا ،ومكانا يتحول إليه. فإذا هاجر ف سبيل الله تمكن من إقامة دين الله وجهاد أعداء الله ومراغمتهم ،فإن المراغمة اسم جامع لكل ما يحصل به إغاظة لأعداء الله من قول وفعل ،وكذلك ما يحصل له سعة ف رزقه ،وقد وقعكما أخبر الله تعالى. واعتبر ذلك بالصحابة رضي الله عنهم فإنهم لما هاجروا ف سبيل الله وتركوا ديارهم وأولادهم وأموالهم لله،كمل بذلك إيمانهم وحصل لهم من الإيمان التام والجهاد العظيم والنصر لدين الله ،ماكانوا به أئمة لمن بعدهم ،وكذلك حصل لهم مما يترتب على ذلك من الفتوحات والغنائم ،ماكانوا به أغنى الناس ،وهكذاكل من فعل فعلهم ،حصل له ما حصل لهم إلى يوم القيامة. من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ،وتؤخذ من قولهَِّ{:ي ْد ِّفي اْلأَْر ِّض مَراغَ ًما َكِثّيًرا َو َسَعةً } فقد خرج من الضيق فوجد السعة . فضل الله على عبده أكثر من عمل عبده له ،وتؤخذ من قوله تعالىَِّ{ :ي ْد ِّفي اْلأَْر ِّض مَراغَ ًما َكِثّيًرا َو َسَعًة } فله ثوابان :المراغم ،والسعة. من شرع ف طلب العلم يريد بذلك ما يريده المخلصون ف طلب العلم من حفظ الشريعة ،والدفاع عنها ،ونفع الخلق ،ثم أدركه الموت ،فإنه يكتب له ما نوى ،لكن بشرط أن يكون شروعه شروعا حقيقيا ،يعني يكون عنده اجتهاد وحرص ،لا أن يكون المراد بذلك أن يقطع الوقت ،ويقول أنا لا يوجد لي شغل ،فبدل أن أذهب للأسواق أحضر حلقات العلم ،فهذا ليس طالب علم ،بل طالب العلم هو الذي يفرغ نفسه تماما لطلب العلم. ********************* 55تفسير سورة النساء /الشيخ بن عثيمين /الجزء الثاني /ص .120 89
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 90
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 91
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الأول:تشريع وتربية: الموضوع الآيات104-101 : مشروعية قصر الصلاة في السفر ،وبيان عداوة الكافرين الظاهرة للمؤمنين101 وجه الربط: لمَّا ذكر الله تعالى الجهاد ف سبيله ،وبَّين فَ ْضل المجاهد على القاعد ،وأعقبه بذكر الهجرة والترغيب فيها، والهجرة والجهاد يستلزمان السفر ،ذكر تعالى رخصة قصر الصلاة ف السفر ،ثمّ بَّين صفة الصلاة إذا ما تقابل الصَّفان أثناء القتال؛ أو ما يس ّميه الفقهاء \"بصلاة الخوف\". هل لا َيوز قصر الصلاة إلا عند الخوف لقولهِ { :إّ ْن ِّخْفت ْم أَ ْن يَْفِتّنَكم اَلّ ِّذي َن َكَفروا }؟ هذا ظاهر الآية ،لكن جاءت السنة تبين أن هذا ليس بشرط ،يعني :أنه لا يشترط لجواز القصر الخوف ،وذلك بما ثبت ف صحيح مسلم أن رجلا قال لعمر ([ : إن الله يقول (( :فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا )) وِنن الآن آمنون ؟ فقال عمر :لقد عجبت مما عجبت منه فسألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال :هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته )] وهذه سنة قولية تدل على أن الخوف ليس بشرط ،وهناك سنة فعلية تدل على أن الخوف ليس بشرط ،وهو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قصر ف حجة الوداع وهو آمن ما يكون. السفر المبيح للقصر :قال الشنقيطي ف (أضواء البيان)\" :أقوى الأقوال فيما يظهر لي حجة ،هو قول من قال: إنكل ما يسمى سفرا ولو قصيرا تقصر فيه الصلاة؛ لإطلاق السفر ف النصوص. متى يبدأ القصر؟ قال الشنقيطي ف تفسيره :يبتدئ المسافر القصر إذا جاوز بيوت بلده بأن خرج من البلدكله ،ولا يقصر ف بيته إذا نوى السفر ،ولا ف وسط البلد .وهذا قول جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة ،وأكثر فقهاء الأمصار. التحذير من الاغترار بما يبديه الكافر من الموالاة ،وجهه :أن العالم بما ف الصدور والعالم بكل حال سبحانه وتعالى أخبرنا بأن الكافرين كانوا لنا عدوا مبينا ،ولا أحد أعلم من الله بعباد الله. بيانكيفية صلاة الخوف ووجوب أخذ الحيطة والحذر من مباغتة الأعداء ،والترخيص بوضع ال ِّسلاح حالة المطر أو المرض ،مع التأكيد على وجوب أخذ الحيطة والحذر ،وبيان ما أعده الله تعالى للكافرين من العذاب المهين 102 { َوِإّ َذاكْن َت ِّفيِّه ْم فَأَقَ ْم َت َلم ال َّصَلاةَ فَ ْلتَق ْم طَاِئَّفةٌ ِّمْنه ْم َمَع َك َولْيَأْخذوا أَ ْسِلّ َحتَه ْم فَِّإ َذا َس َجدوا فَ ْليَكونوا ِّم ْن َوَراِئّك ْم َولْتَأْ ِّت طَاِئَّفةٌ أ ْخَرى لَمْ ي َصُلّوا فَ ْلي َصُلّوا َمَع َك َولْيَأْخذوا ِّح ْذَره ْم َوأَ ْسِلّ َحتَه ْم َوَّد اَلّ ِّذي َن َكَفروا لَْو تَغْفلو َن َع ْن أَ ْسِّل َحِتّك ْم َوأَْمِتَّعِتّك ْم 92
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي ِّح ْذَرك ْم َوخذوا أَ ْسِلّ َحتَك ْم تَ َضعوا أَ ْن أَْوكْنت ْم َمْر َضى َمطَ ٍر َعلَْيك ْم ِإّ ْن َكا َن ِبّك ْم أَذًى ِّم ْن جنَا َح َوَلا َوا ِّح َدًة َمْي لَةً َعلَْيك ْم فَيَ ِّميلو َن (} )102 م ِّهينًا ِإّ َّن اَّلّلَ أَ َع َّد ِلّْل َكاِفّ ِّري َن َع َذاًًب وجه الربط: بعد أن ذكر الله أن الضارب ف الأرض يقصر من الصلاة إن خاف أن يفتنه الذينكفروا ،وبَّين أن الكفار أعداء لنا عداوة بينة ظاهرة ،ذكر حكم الصلاة إذا تقابل الصفان؛ لأن الآية الأولى ف الخوف إذا خيف ،وأما الثانية فهي فيما إذا تقابل الصفان فكيف تكون الصلاة؟ معاني المفردات: {ميلة واحدة} :حملة واحدة ليقضوا عليكم. {تغفلون} :تسهون. صفة صلاة الخوف :روى يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة أنه صلّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف يوم ذات الرقاع ،فصفت طائفة معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائما وأتموا ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى َبم الركعة التي بقيت من صلاته ،ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ،ثم سلم َبم. ما دلالة ذكر الحذر للطائفة الثانية وعدم ذكره مع الطائفة الأولى { ،فَْلتَق ْم طَاِئَّفةٌ ِّمْنه ْم َمَع َك َولْيَأْخذوا أَ ْسِلّ َحتَه ْم فَِّإ َذا َس َجدوا فَ ْليَكونوا ِّم ْن َوَراِئّك ْم َولْتَأْ ِّت طَاِئَّفةٌ أ ْخَرى لَمْ ي َصُلّوا فَ ْلي َصُلّوا َمَع َك َولْيَأْخذوا ِّح ْذَره ْم َوأَ ْسِّل َحتَه ْم }؟ أنهم إذا رآهم صفا ظن المسلمين فيها ،إذ هو لبدء أول الصلاة يتنبه قلّما لاللثاحنيرةبأنوالانلزاعدلّ،و حكمة الأمر بالحذر للطائفة يميل على الطائفة فى صلاة ،فيُخشى أن أنهم سجدوا علم رآهم فإذا قد اصطفوا للقتال واستعدوا الأخرى عند قيامها فى الصلاةكما يتربص ذلك َبم عندكل غفلة. أمر الله للمؤمنين ًبلإكثار من ذكره بعد الانتهاء من صلاِتم ،والتأكيد على فرضية الصلاة على المؤمنين، ووجوب أدائها في أوقاِتا؛ قوله تعالى{ :فَِّإذَا قَ َضْيتم ال َّصلَاَة فَاذْكروا اَّلّلَ ِّقيَاًما َوقعوًدا َو َعلَى جنوِبّك ْم فَِّإذَا اطْ َمأْنَْنت ْم فَأَِقّيموا ال َّصلَاَة ِإّ َّن ال َّصَلاةَ َكانَ ْت َعلَى الْمْؤِّمِنّيَن ِّكتَاًًب َمْوقوتًا (})103 أمر سبحانه وتعالى المؤمنين إذا فرغوا من الصلاة -صلاة الخوف -أن يذكروه سبحانه وبحمده بالتهليل، العدّو مع والحذر الخوف من عليه هم ما فإ َّن وهيئاتهم أحوالهم جميع ف بالنصر والتأييد، والدعاء والتسبيح ،والتكبير، والالتجاء إليه. ذكر الله جدير بالمواظبة على قوله { :فَاذْكروا اَّلّلَ } المراد :اذكروه باللسان وبالقلب ،وهذا هو المطلوب ،لكن من ذكر بلسانه حصل المقصود إلا أنه ناقص؛ لأن الذكر ذكر القلب؛ لقولهَ { :وَلا ت ِّط ْع َم ْن أَ ْغَفْلنَا قَْلبَه َع ْن ِّذْك ِّرنَا َواَتّبَ َع َهَواه َوَكا َن أَْمره فرطًا (} )28 93
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي لا يُشرع الدعاء بعد التسليم لقوله تعالى { :فَِّإ َذا قَ َضْيتم ال َّصَلاةَ فَاذْكروا اَّلّلَ}ولم يقل فادعوا الله ،لكن المشروع أن الإنسان إذا سلم استغفر ثلاثا لمحو ما عسى أن يكون ف الصلاة من تفريط أو إخلال ،فهو ف الحقيقة تابع له ،ولهذاكان من الأفضل أن يبادر به الإنسان قبل الذكر حتى يزيل ما ف الصلاة من إخلال وتقصير. ************************* َّ ني المؤمنين عن الوهن في مقاتلة الكافرين ،وحثهم على مواصلة القتال ببيان ما لم من الأجر عند الله تعالى ،وأنه تعالى عليماً بمصلحة العباد ،حكيما بما يشرعه :آية 104 {َوَلا َِِتّنوا ِّفي ابِْتّغَاِّء الَْقْوِّم ِإّ ْن تَكونوا تَأْلَمو َن فَِّإََّّن ْم ََيْلَمو َن َك َما تَأْلَمو َن َوتَ ْرجو َن ِّم َن اَّلِّّل َما َلا يَْرجو َن َوَكا َن اَّلّل َعِلّي ًما َح ِّكي ًما (})104 وجه الربط: لمَّا نَبّه سبحانه وبحمده ف الآيات السابقة على ش َّدة عداوة الكافرين ،وانتظارهم الفرصة المواتية لضرب المسلمين ،عادت الآيات إلى حث المسلمين ،ورفع هممهم ،وش َّد عزائمهم ،وتهوين الأعداء ف قلوَبم ،لكي يستمروا على الجهاد ،فنهاهم الله عن الضعف ف القتال. معاني المفردات: {ابتغاء القوم} :طلب العدو. {ولا ِتنوا} :لا تضعفوا. ذكر تعالى في قوله تعالىِ { :إّ ْن تَكونوا تَأْلَمو َن فَِّإََّّن ْم ََيْلَمو َن َك َما تَأْلَمو َن َوتَ ْرجو َن ِّم َن اَّلِّّل َما َلا يَْرجو َن } ما يقوي قلوب المؤمنين ،فذكر شيئين: الأول :أن ما يصيبكم من الألم والتعب والجراح ونحو ذلك فإنه يصيب أعداءكم ،فليس من المروءة الإنسانية والشهامة الإسلامية أن تكونوا أضعف منهم ،وأنتم وإياهم قد تساويتم فيما يوجب ذلك ،لأن العادة الجارية لا يضعف إلا من توالت عليه الآلام وانتصر عليه الأعداء على الدوام ،لا من يدال مرة ،ويدال عليه أخرى. الأمر الثاني :أنكم ترجون من الله ما لا يرجون ،فترجون الفوز بثوابه والنجاة من عقابه ،بل خواص المؤمنين لهم مقاصد عالية وآمال رفيعة من نصر دين الله ،وإقامة شرعه ،واتساع دائرة الإسلام ،وهداية الضالين ،وقمع أعداء الدين ،فهذه الأمور توجب للمؤمن المصدق زيادة القوة، قوله تعالىَ{ :وَكا َن اَّلّل َعِّلي ًما َح ِّكي ًما ( })104فهو سبحانه كان ولا يزال؛ ولهذا نقول :إن \" كان \" هنا مسلوبة الزمان ،يعني :لا تدل على المضي ،وإنما تدل على تحقق الأمر ووقوعه ،لا على أنهكان فزال. ******************************** 94
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي الموضوع الثاني :حادثة بني الأبيرق :الآيات113 - 105 : ووككاذان،بُفشإيذرا يمنناحيلُقهابلع لهمض:البعنرو أُببيثرمقيبقوشلر:وقبُاشليرفلوامبنشكرذ،ا أهل بيت بن النعمان قال :كان * َسبَب الُنّزوِّل: الَِّل ثم يهجو به أصحاب رسول [أخرج الترمذي عن قتادة رجلا منافقا يقول الشعر، ااأَسملبواملعْصنيشعباُشربَاأعلحةليأرلبصفأ،إيهتنرا،محنااوقكيوابقطفناععلاااهرلملاممسر،يهشوجمرقلبلارافةلااإتللَِّع:ذلماسةرل،اوككاواافحلننق،وااذلشلهدعلأي:ريركهع،ياسلالاوفربقشاسيبيعدفِرمقنتفدقأ،متالحخفاواعتَي:ضجدافةِإوضنيااطَلهفِلوةهفعاطَقلقميةمدةاهنميامعُلنقفندواشلاالتليحمشجااهفمهعتاذللباييتامنلاةاابلنيع اوشاللععتفدإ،رمرلسمإفييلنللُتااِّقنكربماف،اهاعتوبذهكاةتاااذلامبهعنل،خنشابالرليبفرنزينةاج،قدثبل،سوحِأأتمإمْننوخلمهااذماكامشفلمطاربنعطتخانقعامااالمهدصلفمراَموُاذلبلباهرالكسمجنلفبدفلاي،نسبجحةهع،طو،لقاعلاهفاتللوأمومامنمااافر: وسلاحنا .قال :فتحسسنا ف الدار وسألنا فقيل لنا :قد رأينا بني أُبيرق استوقدوا ف هذه الليلة ،ولا نُرى فيما نُرى إلا على بعض طعامكم ،قال :وكان بنو أُبيرق قالوا :ونحن نسأل ف الدار ،والله ما نُرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل ،رجل منا له صلاح وإسلام ،فلما سمع لبيد اخترط سيفه ،وقال :أنا أسرق؟ فوالَِّل ليخالطنكم هذا السيف ،أو لتبينن هذه السرقة ،قالوا :إليك عنها أيها الرجل فما أنت بصاحبها ،فسألنا ف الدار حتى لم نشك أنهم أصحاَبا ،فقال لي عمي: يذالجحافاابكجءنة،فاألنعاجختمفيميدهلعوا،وإفلأفتقىياذللعتاملكنريبنسياروفالسعاةل:ملهبن(نأسهآزيملفدر اذلفكنفدرقابرذوتالَ ،ذمفكلقْ)اشلُركبفَوالةل:مهلا،يها،سقماروأعلس بخوقنتذلواواادألَُةبِّيل:سرلإفقاأنتأيحتقهتوااتودرةطرجعسبلاوامنهلما،لنانلَهفِّعللميمرايُدقنواالفوعقعللليهمناهأتُ:سعسيإلمراندباحأننإاهلىلعفأرأبمويةاه افللتكبطليمعنامامتوأهفهملنُلافا فقال( :عمدت فكلمته، فأتيت رسول الَِّل تغريمريهبيِّمنةبالولسارقثبة عتل،ىقاغليرقتثابدةت: أهل إسلام وصلاح ،يرمونهم بالسرقة من أني خرجت من ولوددت وبينه) قال :فرجعت، إلى أهل بيت ذُكر منهم إسلام وصلاح، بعض مالي ولم أُكلم رسول الَِّل ف ذلك ،فأتاني عمي رفاعة فقال :يا ابن أخي ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الَِّل فقال :الله المستعان ،فلم يلبث أن نزل القرآنِ( :إَّنّا أَنَْزلْنَا ِإّلَْي َك الْ ِّكتَا َب ًِّبلْحَِّق ِلّتَ ْحك َم بَْيَن الَنّا ِّس ِبّمَا أََرا َك اَّلّل َوَلا تَك ْن ِلّْل َخاِئِّنّيَن َخ ِّصي ًما) بني أُبيرق (َوا ْستَغِّْف ِّر اَّلّلَ) أي مما قلت لقتادةِ( :إّ َّن اَّلّلَ َكا َن غَفوًرا َرِّحي ًما)َ( .وَلا َتَاِّد ْل َع ِّن اَلّ ِّذي َن َُيْتَانو َن أَنْف َسه ْم ِإّ َّن اَّلّلَ َلا يِّح ُّب َم ْن َكا َن َخَّوانًا أَِثّي ًما ( )107يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن الَنّا ِّس َوَلا يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن اَّلِّّل َوهَو َمَعه ْم) إلى قوله (غَفوًرا َّرِّحي ًما) أي :لو استغفروا الَِّل لغفر لهمَ( :وَم ْن يَ ْك ِّس ْب ِإّثْمًا فَِّإَنّمَا يَ ْك ِّسبه َعلَى نَْف ِّسِّه) إلى قوله (َوِإّثْمًا مِبّينًا) قولهم للبيد: (َولَْوَلا فَ ْضل اَّلِّّل َعلَْي َك َوَرحْمَته) إلى قوله (فَ َسْو َف ن ْؤِتّيِّه أَ ْجًرا َع ِّظي ًما) فلما نزل القرآن أتى رسول الَِّل بالسلاح فرده إلى رفاعة .فقال قتادة :لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخا قد عشا أو عسا -الشك من أبي عيسى -ف الجاهلية، 95
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي وكنت أرى إسلامه مدخولا ،فلما أتيته بالسلاح قال :يا ابن أخي ،هو ف سبيل الَِّل ،فعرفت أن إسلامه كان ِيّمصْْشنَرحبََيكْع ِِبّّدحِّهاَ،مَوايَفغْتَلِّفبََمّيراَنَمنالَزهلداوْاللَنَدقذَرِآلىّنََكويََلِتّلِّبّحَمْعقْن بيغََُيََْرششايرءَسِبَّبوياَملِّملْنشايلْركمْشْيِؤِّرّنمِْنّك،يًَِّنفبّنَلّنِّزلَوِللّفَِّهَقعْدَملاىتََضَوََّللّسىلاَضَفولَنةاًلْصباِّنلِّبهَِّعتيَجًداَهَنسّ(عَمدَ6و1بَسا1نءَ).سْتمفيلةَممِافّصأيننًراززلل( ا5لعَِّلل:1ى()1سَِوإّلَمَاّنْنف اةيَّلّلََرشمااَِلّقاِّهقايَاغْلَِّفحّررسساأَوَْنلن بن ثابت بأبيات من شعر ،فأخذت رحله فوضعته على رأسها ،ثم خرجت به فرمت به ف الأبطح ،ثم قالت :أهديت لي شعر حسان؟ ماكنت تأتيني بخير] وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث ف سبب نزولها.56 {ُيتانون}ُ:يونون أنفسهم ًبلمعصية. معاني المفردات: {خصيما} :مدافعا عنهم. {يبيتون} :يدبرون ليلا. {خوانا} :عظيم الخيانة. تشريف النبي صلى الله عليه وسلم بإنزال الكتاب عليه ًبلحق ليقضي بين الناس ًبلعدل ،وَّنيه عن الدفاع عن الخائنين ،وتوجيهه للإستغفار مما كاد أن يقع فيه ،والله كان ولم يزل غفورا رحيما؛ قوله تعالىِ {:إَّنّا أَنَْزلْنَا ِإّلَْي َك الْ ِّكتَا َب ًِّبلْحَِّق ِلّتَ ْحك َم بَْيَن الَنّا ِّس ِبّمَا أََرا َك اَّلّل َوَلا تَك ْن ِلّْل َخاِئِّنّيَن َخ ِّصي ًما (َ )105وا ْستَغِّْف ِّر اَّلّلَ ِإّ َّن اَّلّلَ َكا َن غَفوًرا َرِّحي ًما (} )106 هَو ِإّلا ا ْلََوى ِإّ ْن يَْن ِّطق َع ِّن { َوَما تعالى: وأوحى إليك،كقوله تعالى الله {ِبّمَا أََرا َك اَّلّل} أي :بما عَلّمك قوله تعالى: الله من وسلم فيما يُبَلِّغ عن عليه الله هذا دليل على عصمته صلى َو ْح ٌي يو َحى} وف ولهذا وغيرها، الأحكام جميع و َجبت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. لما ذكر أن الله أنزل عليه الكتاب ًبلحقَّ ،ناه أن يكون خصيما للخائنين؛ أي لذوي الخيانة ،والخيانة هي الغدر ف موضع الأمانة ،وهي صفة ذم بكل حال ،بخلاف المكر والخديعة فإنها تكون أحيانا مذمومة وأحيانا محمودة ،فإذاكانت ف موضع يحسن فيه المكر والخداع فهي محمودة ،وإذاكانت ف موضع لا يحسن فيه الخداع والمكر فهي مذمومة ،أما الخيانة فلكونها غدرا ف موضع الائتمان فهي مذمومة بكل حال. ولذلك يوصف الله بالمكر والخداع ولا يوصف بالخيانة ،كما ف قول الله تعالىِ{:إّ َّن الْمنَاِفِّّقيَن ُيَاِّدعو َن اَّلّلَ َوهَو َخاِّدعه ْم} وقولهَ{ :وِإّ ْن ي ِّريدوا ِّخيَانَتَ َك فََق ْد َخانوا اَّلّلَ ِّم ْن قَْبل فَأَْم َك َن ِّمْنه ْم} ولم يقل :فخانهم ،وكان مقتضى المقابلة أن يقول: فخانهم ،كما قالُ { :يَاِّدعو َن اَّلّلَ َوهَو َخاِّدعه ْم} لكن الخيانة لماكانت صفة ذم بكل حال صار الله تعالى منزها عنها. 56المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة ()443 /1 96
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي قوله تعالىَ { :وَلا تَك ْن ِلّْل َخاِئِّنّيَن َخ ِّصي ًما ( :})105نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون مخاصما للخائنين، ولذلك لا يحسن للمحامين أن يتولوا مهنة المحاماة من أجل الانتصار لمن وكلهم لا للحق،كما هو شأنكثير من المحامين اليوم ،فأحدهم ُتده يحامي عن الشخص ف المخاصمات لا من أجل أن يصل إلى الحق ،ولكن من أجل أن يغلب فيُعطى ما ُشرط له. َّ ني آخر عن المجادلة عن الذين يظلمون أنفسهم ًبلخيانة؛ لأن الله تعالى لا يحب الخَّوان الأثيم؛ قوله تعالى: { َوَلا َتَا ِّد ْل َع ِّن اَلّ ِّذي َن َُيْتَانو َن أَنْف َسه ْم ِإّ َّن اَّلّلَ َلا يِّح ُّب َم ْن َكا َن َخَّوانًا أَِثّي ًما (} )107 قوله تعالىَ { :وَلا َتَاِّد ْل َع ِّن اَلّ ِّذي َن َُيْتَانو َن أَنْف َسه ْم} :النهي عن معاونة الآثم ،وهذا مطابق لقول الله تعالىَ { :وَلا تَ َعاَونوا َعلَى اْلِّإُِّْث َوالْع ْدَوا ِّن}. قوله تعالىِ{ :إّ َّن اَّلّلَ َلا يِّح ُّب َم ْن َكا َن َخَّوانًا أَِثّي ًما (َ \" :} )107خَّوانًا \" :أي :كثير الخيانة والإثم ،وإذا انتفى الحب ثبت ضده وهو البُ ْغض ،وهذاكالتعليل ،للنهي المتقدم. بيان قبح فعلهم إذ ُيفون خيانتهم عن الناس ،والله لا ُيفى عليه حالم ،وما يسُّرنه من قوٍل لا يرضيه ،وهو محيط بأعمالم؛ قوله تعالى { :يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن الَنّا ِّس َولا يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن اَّلِّّل َوهَو َمَعه ْم ِإّ ْذ يبَِيّتو َن َما لا يَْر َضى ِّم َن الَْقْوِّل َوَكا َن اَّلّل ِبّمَا يَ ْع َملو َن مِّحيطًا } قوله تعالى{ :يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن الَنّا ِّس َولا يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن اَّلِّّل َوهَو َمَعه ْم ِإّ ْذ يبَِيّتو َن َما لا يَْر َضى ِّم َن الَْقْوِّل} وهذا من ضعف الإيمان ،ونقصان اليقين ،أن تكون مخافة الخلق عندهم أعظم من مخافة الله ،فيحرصون بالطرق المباحة والمحرمة على عدم الفضيحة عند الناس ،وهم مع ذلك قد بارزوا الله بالعظائم ،ولم يبالوا بنظره واطلاعه عليهم. قوله تعالىَ{ :وهَو َمَعه ْم} :معية الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى أقسام: معية يقصد َبا بيان الإحاطة؛ أي بيان إحاطة الله تعالى بكل شيء ،ومنه قوله تعالىَ { :ما يَكون ِّم ْن نَْجَوى ثَلَاثٍَة ِإَّّلا هَو َراِبّعه ْم َوَلا ََخْ َسٍة ِإَّّلا هَو َسا ِّدسه ْم َوَلا أَ ْدنَى ِّم ْن َذِلّ َك َوَلا أَ ْكثََر ِإَّّلا هَو َمَعه ْم أَيْ َن َما َكانوا }. وتارة يراد َبا التهديد كما ف هذه الآية { :يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن الَنّا ِّس َولا يَ ْستَ ْخفو َن ِّم َن اَّلِّّل َوهَو َمَعه ْم ِإّ ْذ يبَِيّتو َن َما لا يَْر َضى ِّم َن الَْقْوِّل}. وتارة يراد بها النصر والتأييد ،وهذه تكون معلقة بوصف ومعلقة بشخص ،مثال المعلقة ًبلوصف قوله تبارك وتعالى: {َولَ ْن تغِّْنَي َعْنك ْم ِّفئَتك ْم َشْيئًا َولَْو َكث َر ْت َوأَ َّن اَّلّلَ َم َع الْمْؤِّمِنّيَن} ،وقولهَ{ :وا ْصِّبروا ِإّ َّن اَّلّلَ َم َع ال َّصاِبِّّري َن } هذه معية تقتضي النصر والتأييد ،لكنها مقيدة بوصف .ومعية تقتضي النصر والتأييد مقيدة بشخص ،مثل قول الله تعالى لموسى 97
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي وهارون عليهما السلام{ :قَا َل لا تَخَافَا ِإَّنِّّني َمَعك َما أَسْمَع َوأََرى} ،وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر {:لا تَحَْز ْن ِإّ َّن اَّلّلَ َمَعنَا }فهذه المعية تقتضي النصر والتأييد والحفظ والكلاءة ،لكنها مقيدة بشخص. التفات إلى الَنّبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين ينطوي على العتاب والتثريب ،فإن حاولتم تبرئتهم في الدنيا، فمن يدافع عنهم أمام الله يوم القيامة ،ومن يتوَّل أمورهم؛ قوله تعالىَ { :ها أَنْت ْم َهؤَلاِّء َجا َدلْت ْم َعْنه ْم ِّفي الْحَيَاِّة ال ُّدنْيَا فََم ْن َيَا ِّدل اَّلّلَ َعْنه ْم يَْوَم الِّْقيَاَمِّة أَْم َم ْن يَكون َعلَْيِّه ْم َوِكّيلًا (} )109 قوله تعالى{ :فََم ْن َيَاِّدل اَّلّلَ َعْنه ْم يَْوَم الِّْقيَاَمِّة أَْم َم ْن يَكون َعلَْيِّه ْم َوِكّيلًا ( :} )109الاستفهام للإنكار والتوبيخ أي :فمن يخاصم ويجادل الله عنهم عند تعذيبهم بذنوَبم ،ومن يكون محاميا عنهم من بأس الله إذا نزل َبم؛ لأن المجادلة والمخاصمة ف الباطل إن نفعت ف الدنيا فلن تنفع ف الآخرة. تقريرات تنطوي على تعقيبات على الآيات السابقة: التعقيب الأول :أنه من يعمل عملا سيئا يؤذي به غيره ،أو يظلم نفسه ًبقتراف الذنوبُ ،ث يستشعر خطأه ويتوب فإن الله يشمله بغفرانه ورحمته؛ قوله تعالىَ{:وَم ْن يَ ْع َم ْل سوءًا أَْو يَظِّْل ْم نَْف َسه َُثّ يَ ْستَغِّْف ِّر اَّلّلَ َِّي ِّد اَّلّلَ غَفوًرا َرِّحي ًما (})110 يفسر ظلم النفس بالظلم والمعاصي التي بين الله وبين عبده ،وسمي ظلم النفس \"ظلما\" لأن نفس العبد ليست ملكا له يتصرف فيها بما يشاء ،وإنما هي ملك لله تعالى قد جعلها أمانة عند العبد وأمره أن يقيمها على طريق العدل ،بإلزامها للصراط المستقيم علما وعملا فيسعى ف تعليمها ما أمر به ويسعى ف العمل بما يجب ،فسعيه ف غير هذا الطريق ظلم لنفسه وخيانة وعدول َبا عن العدل ،الذي ضده الجور والظلم. التعقيب الثاني :أن الأفعال ال َّسيئة يعود ضررها على صاحبها وحده؛ قوله تعالىَ { :وَم ْن يَ ْك ِّس ْب ِإّثْمًا فَِّإَنّمَا يَ ْك ِّسبه َعلَى نَْف ِّسِّه َوَكا َن اَّلّل َعِّلي ًما َح ِّكي ًما (} )111 من ظَلَم الناس فإن الَنّاس يأخذون من حسناته حتى تفنى ،ثم يؤخذ من سيئاتهم فتطرح عليه ويطرح ف النار، وهذا ليس تحميلا للغير إثم غيره ،ولكنه من باب المقاصة والمجازاة ،فإذا لم يكن عند هذا يؤخذ منها بقدر مظلمة الآخرين ،فإنه يؤخذ من سيئاتهم وتطرح عليه ويطرح ف النار. التعقيب الثالث :أ َّن من يرتكب الخطايا ُث يرمي بها البرآء ،فقد تح َّمل بهتانا عظيما وذنبا واضحا؛ قوله تعالى{ : َوَم ْن يَ ْك ِّس ْب َخ ِّطيئَةً أَْو ِإّثْمًا َُثّ يَْرِّم ِبِّّه بَِّريئًا فََق ِّد ا ْحتَ َم َل بهْتَانًا َوِإّثْمًا مِبّينًا (} )112 ذلك من كبائر الذنوب وموبقاِتا ،لأنه قد جمع عدة مفاسد:كسب الخطيئة والإثم ،ثم َرْمي َمن لم يفعلها بفعلها ،ثم الكذب الشنيع بتبرئة نفسه واتهام البريء ،ثم ما يترتب على ذلك من العقوبة الدنيوية ،تندفع عمن وجبت 98
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي عليه ،وتقام على من لا يستحقها .ثم ما يترتب على ذلك أيضا منكلام الناس ف البريء إلى غير ذلك من المفاسد التي نسأل الله العافية منها ومنكل شر. التعقيب الرابع :التفاتا تعقيبياً إلى الَنّبي صلى الله عليه وآله وسلم: -بيان تف ُّضل الله تعالى عليه ورحمته به بعصمته مَمّن أراد أن يضله عن الحكم ًبلح ِّق ،وأ َّن ضلال هؤلاء ومكرهم يعود عليهم ،ولن يضروا الَنّبي صلى الله عليه وآله وسلم بشيٍء؛ قوله تعالىَ { :ولَْوَلا فَ ْضل اَّلِّّل َعلَْي َك َوَرحْمَته َلََّم ْت طَاِئَّفةٌ ِّمْنه ْم أَ ْن ي ِّضُلّوَك َوَما ي ِّضُلّو َن ِإَّّلا أَنْف َسه ْم َوَما يَضُّرونَ َك ِّم ْن َش ْيٍء } قوله تعالىَ { :ولَْوَلا فَ ْضل اَّلِّّل َعلَْي َك َوَرحْمَته} إثبات الرحمة الخاصة ،والرحمة نوعان :عامة ،وخاصة ؛ فالعامة هي التي تشمل جميع العباد لقول الله تعالى{ :الَّرحْمَ ِّن الَّرِّحيِّم ( ،} )3وأما الرحمة الخاصة فهي للمؤمنين خاصة؛ لقوله تعالىَ { :وَكا َن ًِّبلْمْؤِّمِنّيَن َرِّحي ًما ((} )43الأحزاب). قوله تعالىَ { :وَما ي ِّضُلّو َن ِإَّّلا أَنْف َسه ْم َوَما يَضُّرونَ َك ِّم ْن َش ْيٍء } من أراد إضلال الخلق فإنه لا يضر إلا نفسه. -وبيان امتنان الله تعالى عليه بما آتاه من القرآن العظيم ،ووهبه من الحكمة ،وعَلّمه من الكتاب والشريعة ما لم يكن يعلمه؛ وبهذا كلهكان فضل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أعظم فضل امتن به سبحانه على مخلوق؛ قوله تعالىَ { :وأَنَْزَل اَّلّل َعلَْي َك الْ ِّكتَا َب َوالِْحّ ْك َمَة َو َعَلَّم َك َما لَمْ تَك ْن تَ ْعلَم َوَكا َن فَ ْضل اَّلِّّل َعلَْي َك َع ِّظي ًما (} )113 إثبات علو الله؛ لقولهَ { :وأَنَْزَل } والنزول يكون من أعلى .وعلو الله عز وجل نوعان :علو معنوي ،وعلو ذات. فأما العلو المعنوي :فهوكمال أوصافه عَّز وجل ،وهذا لا ينكره أحد ممن ينتسب إلى الإسلام. و الثاني :علو ذات ،وهذا يثبته السلف وأئمة الأمة ،وينكره الجهمية والمعتزلة والأشاعرة ينكرون العلو الذاتي، وانقسموا إلى قسمين :قسم منهم يقول إن الله معنا فكل مكان فليس له مكان أعلى ،وأما الآخرون فقالوا :إن الله تعالى لا يوصف بأنه فوق العالم ،ولا تحت العالم ،ولا يمين العالم ،ولا شمال العالم ،ولا متصل بالعالم ،ولا منفصل عن العالم ،فأين هو؟ وهذا هو وصف العدم. أما أهل الحق فقالوا :إن الله بذاته فوق كل شيء ،ولا يمكن أن يكون فكل مكان ،ولا يمكن أن نصفه بالعدمكما وصفه هؤلاء. ****************************** 99
روابط وفوائد سورة النساء /أ .أماني قناوي التقسيم الموضوعي لسورة النساء/أ .ميادة الماضي 100
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140