والكافر ينكر كفره ،فيأمر الله جوارحه أن تشهد ()1 بل ويشهد أي ًضا سمعهم وأبصارهم وجلودهم. ولا يشغله سبحانه محاسبة أحد بل يحاسب الجميع م ًعا ،حتى يظن كل فرد أنه المحاسب وحده. كيفية الحساب :من الحساب اليسير والعسير ،ومنه السر والجهر ،وقد يكون بالعدل ،أو بالفضل ،وذلك على حسب الأعمال. حكمة الحساب :إظهار تفاوت المراتب في الكمال ،وفضائح أهل النقص ،وفي ذلك ترغيب للناس في الحسنات ،وزجر عن السيئات. والحساب ثابت بالكتاب والسنة والإجماع ،فمنكره كافر. والأدلة عليه كثيرة :فمن القرآن يقول :سبحانه وتعالى: ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة النور .الآية.24 : ( ) 2سورة الانشقاق .الآية.12-7 : 39
ويقول أي ًضا: ()1 ومن السنة يقول ﷺ« :ل ُتؤد َّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة ا َل ْل َحاء()2 من الشاة ال َق ْرن َاء»()3ويقول أي ًضا« :لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه في َم عمل ،وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ،وعن جسمه فيم أبلاه (»)4،والنصوص فى هذا الباب كثيرة ج ًّدا. المناقشة 1 .1ما معنى البعث ،وما الدليل عليه؟ 2.2هل يبعث من مات في البحار غرق ًا ،أو في النار حرق ًا؟ وما دلليلك؟ 3 .3للحشرأنواعأربعة،اذكرها.وهلهولجميعالمخلوقات؟وضحذلك. 4.4ما المقصود بالحساب شرع ًا؟ ولمن يكون؟ وما أنواع الخلق بالنسبة له؟ 5.5اذكر الأدلة على الحساب من الكتاب والسنة مع بيان الحكمة منه. ( ) 3أخرجه المسلم. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 4أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح. ( )1سورة البفرة .الآية.284 : ( )2الجلحاء :التي لا قرن لها. 40
اليوم الآخر 9 َقا َل النَّاظِ ُم : َح ٌّق َف َخ ِّف ْف َيا َر ِحي ُم وا ْس ِع ِف َ - 76وا ْل َي ْو ُم ا ْل ِخ ْر ُث َّم َه ْو ُل ال َم ْو ِق ِف اليوم الآخر هو يوم القيامة ،وأوله من وقت الحشر إلى ما لا يتناهى على الصحيح ،وقيل إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. وسمي باليوم الآخر؛ لأنه متص ٌل بآخر أيام الدنيا ،وإن كان ليس منها ،و ُيس َّمى هذا اليوم بالقيامة أي ًضا وذلك لقيام الناس فيه من قبورهم وقيام حجتهم عليهم. وقد تعددت أسماء هذا اليوم؛ لكثرة ما فيه من أحداث ،وأشهر هذه الأسماء :اليوم الآخر والقيامة والقارعة والحاقة. المراد بهول الموقف :ما ينال الناس فيه من الشدائد لطول الوقوف ،قيل :إ َّنه كألف سنة مما تعدون قال-تعالى:- ()1 وقيل أي ًضا إنه: ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة السجدة .الآية.5 : ( ) 2سورة المعارج .الآية.4 : 41
ولا تنافي بين الخبرين؛ لأن المقصود طول المدة ،والعدد لا مفهوم له ،أو أن اليوم يختلف باختلاف أحوال الناس ،فيرى الكفار أنه كخمسين ألف ،ويرى الفساق أنه كألف سنة ،ويرى غيرهم أنه فترة يسيرة ،حتى ليرى المؤمن أنه أخف من صلاة مكتوبة كما جاء في بعض الأخبار. هول الموقف: وفى هذا اليوم يشتد الهول على الناس ،وتقترب الشمس من الرؤوس ويغرق العصاة والكفار في عرقهم المنتن ،فمنهم من يكون ال َعر ُق إلى كعبيه أو إلى ركبتيه أو إلى حقويه()1،ومنهم من يلجمه العرق إلجا ًما ،وقد أخبرنا ﷺ «أن الناس يحشرون في ذات اليوم حفا ًة عرا ًة ُغ ْرلاً (»)2،فعجبت عاثشة وسألت :أينظر بعضهم إلى عورة بعض؟ فأجابها عليه السلام بقوله سبحانه: ()4( )3 ومن الأهوال أي ًضا سؤال الملائكة عن التفريط في الأعمال ،قال تعالى: ()5 وكشهادة الألسنة والأرجل وغيرها ،ولكن لا ينال ش ٌئ مما ُذ ِكر الأنبيا َء والصالحين؛ قال تعالى: ()6 ( ) 4متفق عليه. ــــــــــــــــــــــــــــ ( )5سورة الصافات .الآية.24 : ( )1إلى وسط جسده أي خصره. ( ) 6سورة الأنبياء .الآية.103 : ( )2غرلا أي لخلقتهم وهم صغار قبل الختان. ( ) 3سورة عبس .الآية.37 : 42
واليوم الآخر حق لا مرا َء فيه ،كما أقر بثبوته جميع الأديان. الأدلة على اليوم الآخر :قال تعالى: ()2 ()1 ()3 ومن هذه الأدلة أي ًضا: ومنها: حكم الإيمان باليوم الآخر :الإيما ُن باليوم الآخر رك ٌن من الإيمان ،فلا ُي ْق َب ُل الإيما ُن بدونه، وعلى ذلك فمنكره كافر. ( ) 3سورة هود .الآية.105 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة لقمان .الآية.33 : 43 ( ) 2سورة آل عمران .الآية.106 :
علامات يوم القيامة : علامات اليوم الآخر :علامات ُص ْغرى ،و ُأ ْخرى كبرى. أولا :الصغرى أولها مبعث خاتم المرسلين؛ حيث يقول«:بعثت أنا والساعة كهاتين ،وضم بين السبابة والوسطى»()1. ومنها ظهور المعاصي وانتشارها ،وتطاول الحفاة العراة في البنيان كما جاء في حديث جبريل حينما سأل عن الساعة .فقال ﷺ «:ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكني أخبرك عن أشراطها ...إلخ»()2. ثانيا :الكبرى وهناك علامات كبرى قريبة :منها ما أخرجه مسلم عن حذيفة قال«:اطلع النبي ﷺ علينا ونحن نتذاكر فقال :ما تذاكرون؟ قالوا :نذكر الساعة .قال :إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان ،والدجال ،والدابة ،وطلوع الشمس من مغربها ،ونزول عيسى بن مريم ﷺ ،ويأجوج ومأجوج ،وثلاثة خسوف ،خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب ،وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم»()3. المناقشة 1.1ما اليوم الآخر ،وما أشهر أسمائه؟ 2 .2اذكر بعض أهوال القيامة. 3.3ماحكمالإيمانباليومالآخر؟وماحكممنكره؟معذكرالدليل. 4.4لليوم الآخر علامات صغرى وعلامات كبرى .وضح ذلك. ( ) 3أخرجه مسلم. ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1متفق عليه. ( )2متفق عليه. 44
الشفاعة 10 َقا َل النَّاظِ ُم : ُ َم َّمــ ٍد ُمـ َقـ َّد ًمــا َل َتـ ْمنَـ ِع َ - ٧٧و َوا ِجـ ُب َش َفـا َع ُة ال ُم َشـ َّف ِع َي ْش َف ْع َك َم َق ْد َجا َء ِف الأَ ْخ َبا ِر َ - 7 8و َغ ْ ُي ُه ِم ْن ُم ْر َت َض الأَ ْخ َيا ِر َفلا ُت َك ِّف ْر ُمـ ْؤ ِمــنَـا بِـا ْلـ ِو ْز ِر - 7 9إِ ْذ َجائِ ٌز ُغ ْف َرا ُن َغ ْ ِي ا ْل ُك ْفـ ِر تعريف الشفاعة: الشفاعة لغ ًة :الوسيلة والطلب ،واصطلا ًحا :هي سؤال الخير من الغير ،وقد تنسب الشفاعة إلى الله سبحانه ،كما في قوله: ()1 فيكون معناه قبول الشفاعة أو العفو ،وله سبحانه أن يعفو عمن اعترف له بالوحدانية ولمحمد- عليه السلام-بالرسالة ،ولم يعمل خي ًرا قط ،كما قال سبحانه: ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة الزمر .الآية.44 : ( ) 2سورة النساء .الآية.48 : 45
أدلتها: وقد ورد ذكر الشفاعة في القرآن الكريم في مواض َع مختلف ٍة ،يقول سبحانه: ()1 ويقول: ()2 ويقول على لسان الكفار: ()3 شفاعة النبي ﷺ وهناك شفاعة :قد تنسب إلى نبينا ﷺ و َ ْت َت ُّص به وهي الشفاعة العظمى. وقد تكون الشفاعة له ولغيره من الأنبياء والصالحين ،قال رسول الله ﷺ« :لكل نب ّي دعوة قد دعاها لأمته وإني اختبأت دعوتي شفاع ًة لأمتي» .أخرجه الشيخان عن أنس ،وذكر ﷺ «أنه ُأ ْع ِطي خم ًسا لم يعطهن أح ٌد قبله ،ومنها الشفاعة»()4. والشافع:هوطالبالخيرمنالغيرللغير،وال ُم َش َّفع:مقبولالشفاعة،وأولمنيشفعيومالقيامة نبينا ﷺ ،فقد روى الشيخان أنه أول شافع ومشفع ()5. ( )4متفق عليه. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 5أخرجه الترمذي وقال هذا حديث غريب. ( ) 1سورة طه .الآية.109 : ( )2سورة البقرة .الآية.255 : ( )3سورة الأعراف .الآية.53 : 46
ُم َش َّف ِع ،وشفاعت ُه أو ُل شفاع ٍة مقبولة، أول شافع ،وهو أول فهو فقد اختص ﷺ بأمور ثلاثة: ولعل هذا هو المقام المحمود ،الذي الأنبياء والصالحين، من وبذلك َي ْف َت ُح با َب الشفاع ِة لغيره وعد-سبحانه-به نبيه في قوله: ()1 أو هو أو ُل المقا ِم المحمود ،وآخ ُر ُه استقرا ُر أه ِل الجنَّة في الجنة وأه ِل النا ِر في النار. والشفاعة أنواع: 1.1الشفاعةالعظمى،لمينكرهاأحدمنالمسلمين. 2 .2شفاعتهعليهالسلامفيإدخالفريقالجنةبغيرحساب. 3.3شفاعتهفيرفعدرجاتبعضالمؤمنين،وقديشفعلغيرهفيرفعالدرجاتكذلك.وهذه الشفاعات موضع اتفاق بين علماء الكلام. 4.4الشفاعة لمرتكب الكبيرة ،الذي مات دون توبة بأن لا يدخل النار أصل ًا ،أو أن يخرج من النار بعد أن ُأ ْد ِخ َله َا. وقد أثبت هذا النوع من الشفاعة أه ُل السنة. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة الإسراء .الآية.79 : 47
أما المعتزلة فقد أنكروه حيث يرون وجوب تعذيب أهل الكبائر ،كما أنكره الخوارج الذين يحكمون بالكفر على مرتكب الكبيرة ويوجبون تخليده في النار ،والحق مع أه ُل السنة، فقو ُل الله سبحانه: ()1 صريح في إثبات هذا الرأي ،فلم ُي َع ّلق سبحانه المغفرة على توبة ،وإنما علقها على المشيئة ،أما إذا تاب ،فهناك وعد آخر بقبول التوبة ،ووعد الكريم لا يتخلف ،يقول سبحانه: ()2 شبهة وردها: قيل :إن قوله سبحانه: ()3 يدل على عدم وجود شفاعة يوم القيامة. و ُر َّد هذا الكلام بأن المقصود بهم الكفار ،الذين اعترفوا بقوله ()4 ( )3سورة المدثر .الآية.48 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 4سورة المدثر .الآية.46 : ( )1سورة النساء .الآية.48 : ( )2سورة الشورى .الآية.25 : 48
وكذلك قوله سبحانه على لسان الكفار يوم القيامة ()1 أما قوله سبحانه: ()2 فقد استثنى من ذلك عموم الشفاع ِة ،فإذنه سبحانه في قوله: ()3 وقد أمر الله رسوله بأن يستغفر للمؤمنين ()4 والاستغفار شفاعة ،وقد روي أنه عليه السلام قال«:شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»)5(. شفاعة غير الأنبياء: وليست الشفاعة قاصرة على الأنبياء ،بل قد يشفع الأولياء ،والصالحون ،والعلماء العاملون ،والشهداء ،والملائكة ،ك ّل على قدر درجته ومنزلته عند الله-سبحانه-؛ ويتفضل سبحانه بالإذن بالشفاعة لمن َشاء ويقبل شفاعتهم ،وشفاعة الملائكة على الترتيب ،فأولهم جبريل، وآخرهم التسعة عشر مل ًكا التي على النار. ( )4سورة محمد الآية.19 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( )5أخربه الترمذي ،وقال هذا حديث حسن صحيح. ( ) 1سورة الشعراء .الآية.101-99 : 49 ( )2سورة البقرة .الآية.48 : ( ) 3سورة طه .الآية.109 :
المناقشة 1 .1عرف الشفاعة لغة واصطلا ًحا. 2.2للنبي ﷺ عدة شفاعات اذكرها. 3.3كيف ترد على من أنكر الشفاعة مستد ًل بقوله -تعالى :-؟ 4.4هل يشفع الصالحون والعلماء لغيرهم؟ وضح هذا الموضوع. 50
11 الحسنات والسيئات َقا َل النَّاظِ ُم : َوال َح َسنَا ُت ُضو ِع َف ْت بِا ْل ِف ْع ِل َ -80فال َّسيِ َئا ُت ِعنْ َد ُه بِا ْلِ ْثل تعريف الحسنات جمع حسنة ،وهي ما يمدح فاعلها شر ًعا ،وسميت حسنة؛ لحسن وجه فاعلها. والمراد بالحسنة: المقبولة الأصلية التي عملها العبد ،أو ما في حكمها ،كما إذا تص ّدق شخص عن شخص آخر بصدقة ،ووهب له ثواب هذه الصدقة. فخرج «بالمقبولة» المردودة ،بنحو رياء فلا ثواب فيها أص ًل ،وخرج «بالأصلية» الحاصلة بالتضعيف ،فلا تضاعف ثانية ،وخرج «بالتي عملها العبد ،أو ما في حكمها» الحسنة التي ه َّم بها ،ولم يعملها ،فتكتب واحدة من غير تضعيف. مضاعفة الحسنات من خصائص هذه الأمة: وأقل مراتب التضعيف عشر ،يقول سبحانه: ()1 ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة الأنعام .الآية.160 : 51
وقد ُت َضاعف إلى «سبعين ،أو سبعمائة ضعف ،أو إلى أضعاف كثيرة» ،لا يعلمها إلا الله سبحانه: ()1 وتتفاوت مراتب التضعيف تب ًعا للتفاوت ،والإخلاص ،وحسن النية ،أما إذا ه ّم بحسنة فلم يعم ْلها ،فإنها تكتب حسنة واحدة من غير مضاعفة ،وكذلك إذا عزم على معصية ثم تركها تكتب له حسنة. تعريف السيئات: جمع سيئة ،وهي :ما يذم فاعلها شر ًعا ،وهي :ما يذم فاعلها شرعا ،صغيرة كانت ،أو كبيرة، وسميت سيئة؛ لأن فاعلها ُي َساء عند المقابلة عليها يوم القيامة. والمراد بالسيئة: التي عملها العبد حقيقة ،كأن يكون َس َّب شخص ًا ،أو َع َّق والديه مث ًل ،أو ما في حكمها ،كأن يكون ظلم أح ًدا في دنياه فيؤخذ من سيئات المظلوم و ُت ْط َرح على الظالم .أما من فعل سيئة ،فإنها لا تضاعف ،بل تحسب عليه سيئة واحدة قال-تعالى- ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة البقرة .الآية.261 : ( ) 2سورة الآنعام .الآية.160 : 52
التوبة 12 َقا َل النَّا ِظ ُم : َصـ ْغي َر ُة َكــبِي َر ٌة َفـالــ َّثــا ِ ِن ُ - 8 1ث َّم ال ُّذ ُنو ُب ِع ْن َد َنا ِق ْس َ ِمن َو َل ا ْنتِ َفا َض إِ ْن َي ُع ْد لِل َحـا ِل ِ - 82منْه ال َم َتا ُب َوا ِج ٌب ِف ال َحا ِل َو ِف ا ْل َق ُبو ِل َر ْأ ُ ُيم َق ْد ا ْخ َت َل ِْف َ - 83لكِ ْن ُ َي ِّد ُد َت ْو َب ًة َلِا ا ْق َ َت ْف التوبة: لغة:مطلقالرجوع،وكذلكالمتاببمعنىالتوبة،واصطلا ًحا:هيمااستجمعثلاثةأركان:الإقلاع عن الذنب ،والندم على فعله ،والعزم على ألا يعود ،فل ْو لمْيقلع ،أو لم يندم ،أو عزم على العود فليس بتائب.هذاإنلمتتعلقالمعصيةبالآدمي،فإنتعلقتبهفلهاركنرابعوهوردالمظلمةإلىذلكالآدمي، أوتحصيلالبراءةمنه،ومنشروطهاأي ًضاصدورهاقبلالغرغرةقبيلالموتيقولسبحانه: ()1 ومن شروطها أي ًضا أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها. وعدم صحة التوبة عند الغرغرة بالنسبة للكافر والعاصي هو رأي الأشاعرة ،وقد نسب إلى الماتريدية أن توبة العاصي عند الغرغرة مقبولة ،وتوبة الكافر غير مقبولة ،وروي العكس .والحق رأي الأشاعرة ،فالآية صريحة ،ولم تفرق بين الكافر والعاصي في عدم قبول التوبة عند الغرغرة. ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة النساء .الآية.18 : 53
شروط التوبة: وبناء على هذا ،فإن شروط التوبة خمسة بالنسبة لحقوق الله ،وستة بالنسبة لحقوق الآدميين: 1 .1الإقلاع عن الذنب. 2 .2الندم على فعله. 3 .3العزم على عدم العودة إليه. 4 .4رد المظالم إلى أهلها ء وهو خاص بالحق الآدمي. 5 .5أن تكون التوبة قبل الغرغرة. 6 .6أن تكون التوبة قبل طلوع الشمس من مغربها. وجوب التوبة: والتوبة واجبة فو ًرا على من ارتكب ذن ًبا ،سواء كان صغي ًرا أم كبي ًرا ،فتأخير التوبة ذنب آخر ،ويتفاوت هذا الذنب باعتبار التأخير. وعند المعتزلة يتعدد الذنب بالتراخي ،فتتراكم الذنوب ،وتزيد كلما تأخر في التوبة. أما دليل وجوب التوبة :فشرعي عند الأشاعرة ،وهو قوله سبحانه: ()1 وعند المعتزلة يثبت الوجوب بالعقل؛ لأن العقل يدرك حسنها فيوجبها. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة النور .الآية.31 : 54
حكم من عاد إلى الذنب بعد التوبة: يرى المعتزلة :أن فعل الذنب بعد التوبة منه ينقض التوبة ،فيعود ذنبه الذي تاب منه بعوده إليه، فشرط صحة التوبة عندهم أ ّل يعاود الذنب بعد التوبة. وعند الصوفية :معاودة الذنب بعد التوبة أقبح من «سبعين» ذن ًبا بلا توبة ،وهما رأيان ضعيفان. أما اهل السنة :فيرون أن العود إلى الذنب لا ينقض التوبة ،ما دام عاز ًما عند التوبة على عدم العود ،وعليه إن وقع في الذنب مرة أخرى أن يج ّدد توبة أخرى وهكذا ،فلا يضر إلا الإصرار على المعاصي. واستدل أهل السنة على ما ذهبوا إليه ببعض الأدلة منها قوله تعالى: ()1 وهم الذين يتوبون كلما أذنبوا ،ويقول في وصف المؤمنين ()2 ومن هذه الأدلة أي ًضا قوله ﷺ«:والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا ،لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ،فيستغفرون الله ،فيغفر لهم»()3. ( )3أخرجه مسلم. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة البقرة .الآية.222 : ( )2سورة آل عمران .الآية.135 : 55
آراء العلماء في قبول التوبة: هل يجب على الله تعالى أن يقبل توبة التائب :ذهب أهل السنة إلى أن الله يتفضل بقبول التوبة إذا استجمعت شرائطها؛ حيث يقول: ()1 ويقول سبحانه: ()2 فهذا وعد كريم ،ووعد الكريم لا يتخلف ،وإنما ندعو بقبولها خوفا من أن تكون شروطها غير متحققة من الإخلاص ،وحسن النية. وتوقف إمام الحرمين والقاضي أبو بكو الباقلاني من أهل السنة ،فلم يقطعا بالقبول ،بل هي معلقة بالمشيئة ،وقالوا :إن قوله تعالى: ()3 دليل محتمل بمعنى أنه يقبلها إن شاء وإلا َفلا. وذهبت المعتزلة إلى أن الله تعالى يجب عليه أن يقبل توبة عباده إن تابوا ،وكانت توبتهم مستجمعة للشروط ،وهذا كلام فيه تطاول على الله تعالى. ( )3سورةالشوري .الآية.25 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة النساء .الآية.17 : ( ) 2سورةالشوري .الآية.25 : 56
وقد أجمعوا على أن توبة الكافر مقبولة بمشيئته؛ بدليل قوله سبحانه: ()1 وهذا يؤيد رأي الأشعري؛ إذ لا فرق بين الكافر وبين المؤمن العاصي في قبول التوبة ،بل العاصي أولى بالقبول إذا تحققت شروطها. ولا يخفى أن توبة الكافر بتركه الكفر وبإيمانه. ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة الأنفال .الآية.38 : 57
13 الذنوب كبائر وصغائر َقا َل النَّاظِ ُم : صغائ ٌر وجا الوضوء يك ِّف ُر - 84وباجتنا ٍب للكبائر ُتغف ُر تعريف الكبائر والكبيرة: هي الذنوب العظيمة التي وضع لها الشارع ح ًّدا في الدنيا ،أو تو ّعد صاحبها بالعذاب الأليم ،أو ُو ِص َف بالفسق ،أو بلعنة الله ورسوله ،وأعظمها الشرك ،وقد بين بعض الكبائر، حيث يقول«:اجتنبوا السبع الموبقات أي :المهلكات قيل :يا رسول الله وما هن؟ قال الشرك بالله، والسحر ،وقتل النفس التي ح ّرم الله إلا بالحق ،وأكل الربا وأكل مال اليتيم ،والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات(» )،1وهناك من الكبائر غير هذه السبع كثير (مع تفاوت مراتبها)، كالكذب ،والغيبة ،وشهادة الزور ،وعقوق الوالدين. تعريف الصغائر: أما الصغائر فهي :ما ليس فيه حد فيها الدنيا ،ولا توعد بعذاب في الآخرة. و ُتعطىالصغائرحكمالكبائربالإصرارعليهاوالتفاخربها،أماإنفعلهامنغيرنيةالعودفهيصغائر. وبعد أن علمنا أن الذنوب «صغائر ،وكبائر» وهو الرأي الصحيح ،نجد أن هناك من خالف في هذه المسألة: 1 .1فخالفالمرجئة؛حيثذهبواإلىأنالذنوبكلهاصغائرلاتضرمرتكبهامادامعلىالإسلام. 2.2وخالف أيضا الخوارج؛ حيث ذهبوا إلى أن الذنوب كلها كبائر ،وأن كل كبيرة كفر. 3 .3وثالث ذهب إلى أن الذنوب كلها كبائر ،نظ ًرا لعظمة َم ْن ُع ِ َص بها َأي :الله ،ولكن لا َي ْك ُفر مرتكبها ،كما قالت الخوارج ،إلا بما هو ك ُف ٌر كسجود لصنم. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1متفق عليه. 58
مك َفرات الذنوب: يك ّفراللهالذنببفعلبعضالصالحات،كالوضوء،والعمرة،وصلةالرحم،وال َّص َدقة،يقولسبحانه: ()1 فالسيئات كالأمراض ،والحسنات دواء لها ،وتغفر الذنوب باجتناب الكبائر ،كما يقول سبحانه: ()2 وقد اتفق المسلمون على أن التكفير يترتب على الاجتناب ،فقد َو َع َد سبحانه بذلك ،ووعده لا يتخلف. ثم اختلفوا هل هذا الترتيب قطعي أم ظني؟ فذهب جماعة من الفقهاء والمحدثين والمعتزلة: إلى أنه قطعي؛ لأنه ثبت بدليل قطعي ،وهو قوله سبحانه: ()3 وذهب أئمة الكلام إلى أنه ظني؛ لاحتمال تعلقه على المشيئة. ( )3سورة النساء .الآية.31 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة هود .الآية.114 : 59 ( )2سورة النساء .الآية.31 :
أما الكبائر: فمنها ما يتعلق بالله وحده ،وهو ُي ْغ َف َر بالتوبة ،وأشد الذنوب المتعلقة به سبحانه الكفرُ ،ي ْغ َف ُر بالتوبة ،يقول سبحانه: ()1 فغيره أولى بالمغفرة فضل ًا منه سبحانه. هذا كله في الذنوب المتعلقة بحقوق الله تعالى ،أما الذنوب المتعلقة بالناس ،فلا بد من ر ّد المظالم إلى أهلها ،فمن تاب وعزم على ر ّد المظالم ،ولم يستطع ،ثم مات ،وهو صادق النية ،أرضى الله عنه أصحاب هذه المظالم. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورةالأنفال .الآية.38 : 60
14 حكم مرتكب الكبيرة َقا َل النَّا ِظ ُم : فـ َأ ْمـ ُر ُه ُم َفــ َّو ٌض لِ َر ِّب ِه - 85و َمـ ْن َي ُمـ ْت ولم ُيتِ ْب مــن ذنبِ ِه َكبِي َر ًة ُث َّم ال ُخ ُلو ُد ُ ّم َتنَ ْب َ - 8 6و َوا ِج ٌب َت ْع ِذي ُب َب ْع ٍض ا َرت َك ْب مذهب أهل السنة: أولاًَ :م ْن مات قبل أن يتوب من الصغائر ،فالأمر فيها موكول إلى الله-سبحانه-إن شاء غفر ،وإن شاء ع َّذب. ثان ًيا :يرى أهل ال ُّسنَّة :أ َّن َم ْن مات قبل أن يتوب من الكبائر ،فأمره مفوض إلى الله ،إن شاء غفر له ،وإن شاء أدخله النار دون خلود فيها ،وهذا مفهوم من عموم قوله سبحانه: ()1 ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورةالنساء .الآية.116 : 61
أما المعتزلة: فيرون أن مرتكب الكبيرة ،الذي مات دون أن يتوب منها ،لا بد من خلوده في النار؛ وهذا رأي يخالف صريح القرآن والسنة ،فقوله سبحانه: ()1 صريح في جواز المغفرة بدون توبة ،ويقول « :من قال لا إله إلا الله دخل الجنة»« ،فقال أبو ذر: وإن زنى ،وإن سرق؟ قال»« :وإن زنى ،وإن سرق»« ،فأعاد أبو ذر سؤاله ثلاثا ،والرسول يرد بنفس الرد ،ثم قال في الثالثة« »:وإن زنى وإن سرق رغم أنف أبي ذر»()2 . وفي تخليد مرتكب الكبيرة في النار ،تسوية بينه وبين الكفار ،مع أن الله خاطب العصاة بوصف الإيمان كما في قوله سبحانه: ()3 هل يجب تحقق الوعيد؟ بمعنى آخر ،هل يجب أن يعذب الله بعض العصاة ليتحقق وعيده فيمن تو ّعد؟ يعني يعذب بعض القتلة ،وبعض الزناة ،وبعض شاربي الخمر؟ يقول الماتريدية :نعم ،إنه يجب تعذيب بعض العصاة؟ ليتحقق الوعيد. ويقول الأشاعرة :إنه لا يجب تعذيب أحد ،بل تجوز المغفرة لجميع المؤمنين ،وهذا بنا ٌء على المذهب من أنه يجوز تخلف الوعيد ،وإن كان لا يجوز تخلف الوعد. وقد رأى الشيخ «عبد السلام بن إبراهيم اللقاني» أن المقصود بالأمة أمة الدعوة ،فتشمل الكفار ،والذين لم يستجيبوا ،فيجوز أن يكون البعض المعذب على بعض الكبائر من الكفار. أما بالنسبة لخلود العصاة في النار ،فلا يقول به أهل السنة. ( )3سورةالحجرات .الآية.9 : ــــــــــــــــــــــــــــ 62 ( ) 1سورةالنساء .الآية.116 : ( )2متفق عليه.
والحاصل أن الناس على قسمين :مؤمن وكافر ،فالكافر مخ ّلد في النار إجما ًعا ،والمؤمن على قسمين :طائع وعاص ،فالطائع في الجنة إجما ًعا ،والعاصي على قسمين :تائب وغير تائب ،فالتائب في الجنة إجما ًعا ،وغير التائب في المشيئة ،وعلى تقدير عذابه فإنه لا يخ ّلد في النار. المناقشة 1 .1اختص الله أمة محمد بمضاعفة الحسنات فما مراتب التضعيف ،مع ذكر الدليل. 2.2تتنوع الذنوب إلى صغائر وكبائر ،فما مفهوم كل واحد منهما .وما دليل انقسامها؟ وما المقصود بالكبائر؟ وما أمثلتها؟ 3 .3للتوبة النصوح أركان ،فما هي؟ 4.4اختلف العلماء فيمن عاد إلى الذنب بعد التوبة منه .وضح الخلاف بالتفصيل. 5 .5قال صاحب الجوهرة. ومن يمت ولم يتب من ذنبه فأمره مفوض لربه ما المقصود بالقول السابق ،وهل هناك خلاف في هذا .وما حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة؟ وما أدلتهم؟ ومن المخالف لهم؟وما رأيهم؟ 6.6ب ّي المذاهب في تحقق وعد الله ،ووعيده .مع تحديد المذهب الصحيح. 63
َك َم ِم َن ال ُق ْرآ ِن َن َّصا ُع ِر َفا 15 صحائف الأعمال َقا َل النَّا ِظ ُم : َ - 7 8و َوا ِج ُب َأ ْخ ُذ ال ِع َبا ِد ال ُّص ُح َفا المراد بصحف الأعمال: صحف الأعمال :هي التي س ّط َر ْت فيها الملائك ُة ك َّل ما يفعله المرء في الدنيا. وقيل :إن لكل يوم صحيفة ،كما َو َر َد« :ما من م ُومن إلا وله كل يوم صحيفة ،فإذا طويت وليس فيها استغفار طويت ،وهي سوداء مظلمة ،واذا طويت ،وفيها استغفار طويت ،ولها نور يتلألأ ،فإذا كان يوم الحسابُ ،وصلت هذه الصحف بعضها ببعض حتى تكون صحيفة واحدة»)1(. وقيل :إن هناك من ينسخ هذه الصحف المتعددة في صحيفة واحدة؛ فالكتاب الذي يعطى لصاحبه كتاب واحد فيه كل صغيرة وكبيرة ،كما يقول الله سبحانه وتعالى ،على لسان المجرمين: ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1ذكره النسفي ،لم يرو هذا الحديث في شيء من كتب السنة. ( ) 2سورةالكهف .الآية.49: 64
أما بالنسبة لطريقة أخذ الكتاب :فإن المؤمن يأخذ كتابه بيمينه إكرا ًما له ،قال تعالى: ()1 أما الكافر ،فإنه يأخذه بشماله من وراء ظهره ،قال تعالى: ()2 وإعطاء الكتب ليس خا ًّصا بالأمة الإسلامية ،بل هو عام فى جميع الأمم ،لكل من وجب عليه الحساب ،أما من عافاه الله من الحساب ،كالأنبياء ،ومن أكرمهم الله بإدخالهم الجنة بغير حساب، فليس هناك حاجه لإعطائهم كتبهم ،وسيكون على رأس من يدخلون الجنة بغير حساب من غير الأنبياء أبو بكر كما ورد. ولكن َم ْن يدفع الصحف للعباد :ورد أن ِري ًحا ُت َط ِّ ُي الكتب من خزانة تحت العرش ،فلا تخطئ صحيفة عنق صاحبها ،كما ورد أن كل شخص يدعى فيعطى كتابه ،فالريح ُت َط ّيها ،والملائكة يسلمونها لأصحابها بأيمانهم إن كانوا مؤمنين ،وبشمائلهم ومن وراء ظهورهم إن كانوا كافرين. أما المؤمن العاصي ،فقد اختلفت الأقوال فى شأنه ،ولم يقل أحد بأخذه بشماله ،وتو ّقف البعض عن الحكم ،والصحيح أنه يأخذ ُه بيمينه ،لأنه مؤمن ،كما جزم بذلك الإمام الماوردي، وهو المشهور. ()3 ( ) 3سورة الانشقاق .الآيات.12-7 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة الحاقة .الآية.19 : 65 ( ) 2سورة الحاقة .الآية.25 :
الدليل على هذه المسأله :قد ثبت أخذ صحائف الأعمال بالكتاب ،والسنة ،والإجماع، يقول سبحانه: ()1 وقال : حكم الإيمان بثبوت صحائف الأعمال :واجب ،ومنكره كافر ،لما سبق من الأدلة. وكيف يقرأ كتابه وقد يكون أم ًّيا؟ وما هي اللغة التي تكتب بهاالصحف ،وللناس لغات شتى ،ولهجات مختلفة؟ قيل إن القراءة ليست مقصودة بحقيقتها ،بل ذلك مجاز عن العلم ،فتعرض عليه أعماله ()2 بصورة سريعة يدرك فيها كل شيء ،فيقول : والراجح أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يخلق فيه القدرة على القراءة ،والفهم؛ ليقيم عليه الحجة ،وقيل إن هناك من لم يقرأ ذهو ًل ودهشة من القبائح التي فيه ،و ُن َف ِّو ُض علم هذه الأمور إليه سبحانه وتعالى ،فهو أعلم. ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة الإسراء .الآيتان.14-13 : ( )2سورة الكهف .الآية.49 : 66
16 الوزن والميزان قال النَّا ِظ ُم : َف ُتو َز ُن ال ُك ُت ُب ،أ ْو الأ ْع َيا ُن َ - 8 8و ِم ْث ُل َه َذا ال َو ْز ُن َوالمِي َزا ُن يكون الوزن لمن ُيعطى الكتاب استعدا ًدا للحساب ،وأما من ُأعفوا من الحساب ،فلا يعطون صح ًفا ،ولا ُتوزن لهم أعما ٌل. وعملية الوزن والتقدير تحتاج إلى آلة يكون بها الوزن ،وهي الميزان. صفة الميزان: وقيل :في وصف الميزان ،إ َّن له قصبة وكفتين ولسا ًنا ،كهيئة موازين الدنيا. ويكون ثِ َق ُل الميزان وخفته على هيئته في الدنيا ،وقيل عكس ذلك ،فيصعد الثقيل إلى أعلى ،ويهبط الخفيف إلى أسفل ،أخ ًذا من قوله سبحانه: ()1 والأولى التفويض في هذه التفاصيل ،وهل هو ميزان واحد ،أو موازين متعددة لكل شخص ميزان ،أو لكل عمل ميزان؟ أقوال مختلفة. ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة فاطر .الآية.10 : 67
وهل توزن أعمال الكفار ،أو يكفي الكفر ليدخلهم النار؟ وقد ّيكون للكافر حسنات وسيئات غير الكفر: ()1 فلا بد من وزن حسناتهم وسيئاتهم فيرجح الكفر ويلقى في النار ،أما قوله سبحانه: ()2 أي ناف ًعا يعود عليهم بنعيم ،أو تخفيف العذاب. آراء العلماء في الميزان: أما المعتزلة فقد ف ّسوا :الميزان بالعدالة المطلقة ،وجعلوا الميزان رم ًزا لها ،وليس هناك -في رأيهم -ميزان حقيقي ،وشبهتهم في ذلك أن الأعمال مما ليس له ثقل حتى توزن. أما أهل السنة :فيرون أن حمل هذه النصوص على ظاهرها وحقيقتها ،أولى من تأويلها وصرفها ،فالحقيقة ممكنة ،بأن تصورالمعاني صو ًرا حسية لها وزن ،أو أن توزن نفس الصحف، ويشهد لذلك حديث البطاقة ،الذي رواه الترمذي والذي ُذكر فيه ،أنه ُيؤ َتى بشخص ُينشر عليه تسعة وتسعون سج ًل ،يعترف بكل ما فيها من سيئات ،ثم توضع في كفة حسناته بطاقة ،فيها كلمة التوحيد فتطيش السجلات ،وهذا لرجل أراد الله له الخير ،أو ُتوزن الأشخا ُص أنفسهم، وقد وردت آثار تشهد لكل رأي من هذه الآراء. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة فصلت .الآية.46 : ( )2سورة الكهف .الآية.105 : 68
دليل الوزن والميزاث: ورد إثبات الوزن والميزان في الكتاب والسنة ،وأجمعت عليهما الأمة ،يقول سبحانه: ()1 ويقول سبحانه: ()2 ويقول: ()3 حكم الإيمان بالوزن والميزان :واجب ،ومنكره كافر ،لما م ّر من أدلة. الحكمة من الوزن :إظهار العدالة الإلهية المطلقة ،وطمأنة المؤمنين ،وانذار المجرمين ، وإقامة ال ُح ّجة على المخالفين. ( )3سورة القارعة .الآيات.11-6 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة الأعراف .الآيتان.9-8 : 69 ( ) 2سورة الأنبياء .الآية.47 :
ُم ُرو ُر ُهم َف َسا ِلٌ ُو ُمنْ َتلِ ْف 17 الصراط َقا َل النَّا ِظ ُم : َ - 8 9ك َذا ال ِّ َصا ُط َفا ْل ِع َبا ُد ُ ْم َتلِ ْف والصراط لغة :الطريق الواضح الصحيح ،وفي الاصطلاح :جسر ممدود على متن جهنم ترده جميع الخلائق ،ما عدا طائفة من الكفارُ ،ي َع َّجل بإلقائهم في جهنم من الموقف مباشرة. ويسير على الصراط من يدخل الجنة بغير حساب ،والكل صامت لا يتكلم إلا الأنبياء يقولون :اللهم س ّلم س ّلم. وقد اشتبه الأمر على المعتزلة ،فظنوا أن هناك تعار ًضا في الأوصاف ،ولذلك لم يعترفوا بالصراط على حقيقته المشهورة ،بل صرفوه عن ظاهره وقالوا :المراد به الأدلة الواضحة ،فليس هناك صراط حقيقي ممدود على متن جهنّم يم ّر عليه الناس. أما أهل السنة فيرون أ ّنه ليس هناك ما يدعو إلى هذا التأويل ،وصرف النصوص عن ظاهرها، لأن الحقيقة ممكنة ،واختلاف الأوصاف في الضيق والسعة يمكن فهمه باعتبارالمارين عليه حسب أعمالهم التي تنير لهمالطريق ،فالعصاة يش ّق عليهم المرور حتى يبدو أمامهم الطريق ض ِّي ًقا حا ًّدا، والصالحون يع ُبون بفض ٍل من الله ،فيرون الطريق أمامهم واس ًعا سه ًل. وهذا ما ورد أي ًضا أن الناس يختلفون في المرور على الصراط ،فمنهم من يجتازه َك َط ْر ِف العين، ومنهم من يم ّر كالبرق الخاطف ،أو كالريح العاصف ،أو كالطير،أو كالجواد السابق ،ومنهم من يجتازه سع ًيا أو مش ًيا ،ومنهم من يحبو حبوا ،وإنما كان ذلك التفاوت حسب التفاوت في الأعمال الصالحة والسيئة. 70
دليل ثبوت الصراط :أنه قد ورد ذكره في القرآن الكريم ،حيث يقول سبحانه: ()1 كما ورد في السنة الصحيحة ذكر الصراط وأوصافه ،يقول « :ثم ُي ْ َض ُب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة ،ويقولون اللهم سلم سلم ،قيل يا رسول الله ،وما الجسر؟ قال َد ْح ٌض مزلة فيه خطاطيف» ()2. وورد أي ًضا أن الملائكة تقوم على جانبيه ،وكذلك الكلاليب التي تأخذ العصاة ،فتلقي بهم في النار ،وأن فيه طريقين ،فأهل السعادة يسلكون طريق اليمين ،وأهل الشقاء يسلكون طريق ال ِّشمال. ()3 اختلف المفسرون في قوله تعالى: والأظهر أنه الصراط ،فجميع الخلائق َت ِر ُد جهنم بمرورهم فوق الصراط حتى الأنبياء ،والشهداء والصالحون ،فينجوا هؤلاء ،وتأخذ الكلاليب العصاة فتلقيهم في النار. وما ورد في تفاصيله ،نف ّوض علمه إلى الله -تعالى. - الخلاصة :أن جميع المؤمنين يعترفون بالصراط في الجملة ،والمعتزلة منهم يصرفون النصوص عن ظاهرها ،ويرون أن المقصود الطريق ،أو الأدلة الواضحة. حكم الإيمان بالصراط :واجب ،ومنكره كافرلما سبق من الأدلة ،أما منكر هذا التفصيل فليس بكافر ،ولا فاسق. الحكمة من الصراط :إظهار فرح المؤمنين ،وحسرة الكافرين. ( ) 3سورة مريم .الآيتان.72-71 : ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة الفاتحة .الآية.6 : ( ) 2أخرجه مسلم. 71
المناقشة 1.1ما المقصود بصحائف الأعمال؟ وكيف يأخذها العباد؟ وما دليل ذلك؟ وما حكم الإيمان بها؟ وما حكم منكرها؟ 2.2ما حكم الإيمان بالوزن والميزان يوم القيامة؟ وكيف نفهم قوله تعالى : ؟ 3.3ما المقصود بالصراط يوم القيامة؟ وما دليله؟ وكيف نفهم التفاصيل الواردة فيه؟ وكيف يختلف العباد في المرور عليه؟ وما حكم الإيمان به؟ وما حكم منكر ذلك؟ 72
18 الحوض َقا َل النَّا ِظ ُم : َح ْت ٌم َك َم َق ْد َجا َء َنا ِف النَّ ْقـ ِل - 90إِي َم ُننَا بِ َح ْو ِض َخ ْ ِي ال ُّر ْس ِل بِ َع ْه ِد ِه ْم َو ُق ْل ُي َذا ُد َم ْن َط َغ ْوا َ - 9 1ي َنا ُل ُ ْش ًبا ِم ْن ُه َأ ْقـ َوا ٌم َوفـوا تعريفه: قيل في تعريفه :هو جسم مخصوص كبير متسع الجوانب يكون على الأرض المبدلة قال تعالى: ()1 عند ما يشتد الموقف بالناس ،يظهر الله -سبحانه -كرامة هذه الأمة ،وخصائصها ،فتكون لرسولها الشفاعة العظمى فى إنهاء الموقف ،ثم يكون أتباعه أ ّول َم ْن يمرون على الصراط ،ثم يخصهم الله سبحانه بخاصة أخرى يشربون منه ،فلا يظمأون أب ًدا. وقد ورد في الصحيحين أن رسول الله قال« :حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء ،ماؤه أبيض مناللبن،وريحهأطيبمنالمسك،وكيزانهأكثرمننجومالسماءمنشربمنهفلايظمأأب ًدا»)2(. وهذا الحوض بهذه الأوصاف من خصائص رسولنا . ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة إبراهيم .الآية.48 : ( )2متفق عليه. 73
وقيل :لكل نبى حوض ،يرده من آمن به ،كما ورد عن الحسن مرفو ًعا« ،أن لكل نبي حو ًضا، وهو قائم على حوضه ،وبيده عصا يدعو من عرفه من أمته ،ألا وإنهم يتباهون أي ّهم أكثر تب ًعا ،وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تب ًعا»)1(. والأحاديث الواردة في الحوض كثيرة ج ًّدا تكاد تكون متواترة ،وكلها مجمعة على نسبة الحوض إلى النبي ،وإن اختلفت في وصفه ،ففي بعض الروايات أنه مسيرة شهر ،وفي البعض الآخر أنه مسيرة شهرين ،وبعضها مثل المسافة بين مكة وأيلة ،وقيل كالمسافة بين عدن وعمان ،أ ْو بين صنعاء والمدينة ،أ ْو ب ْي المدينة وبيت القدس ،والمقصود من كل ذلك أنه واسع لحد كبير. ولقد أدى هذا الاختلاف في صفة الحوض ببعض المعتزلة إلى إنكاره ،وأولوه بأنه نوع من رضوان الله ونعمه ،وليس هناك ما يمنع أن يكون رضوان الله بهذه الصورة التي وردت في الأحاديث ،وليس هناك أي ًضا ما يدعو إلى صرف هذه النصوص عن ظاهرها ما دامت الحقيقة ممكنة ،وهذا هو الحق ،وهو رأي أهل السنة. أما مكانه :فلم يرد في السنة الصحيحة تحدي ٌد له ،وقداختلفت الأقوال فيه :فهناك من يقول إنه قبل الصراط؛ ليشرب منه المؤمنون ،بعد خروجهم من القبور ِع َطا ًشا. وفريق آخر يرى أن موضعه بعد الصراط قبل الجنة ،والناس في حاجة إلى الشرب منه في هذا الموضع ،لأنهم يقفون بعد الصراط ليتحللوا من المظالم فيما بينهم. وفريق ثالث يرى أن هناك حوضين لنبينا ،أحدهما قبل الصراط ،والآخر بعده ،ولا حرج على فضل الله. وهذا الحوض يشرب منه المؤمنون ،أما الكفار والمرتدون الذين أحدثوا وغ َّيوا وب َّدلوا بعده ف ُيطردون عنه ،فلا يشربون كما في الحديث الصحيح ،وأما عصاة المؤمنين فالصحيح أنهم ُيمنعون أو ًل عقا ًبا لهم ثم يباح لهم الشرب منه. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1أخرجه ابن أبي الدنيا. 74
19 الإيمانبالعرشوالكرس ّيوالقلمواللوحالمحفوظ َقا َل النَّا ِظ ُم : والكـاتبون اللــو ُح ك ٌّل ِحـ َكــ ُم َ -92والعر ُش وال ُك ْر ِ ُّس ثم ال َق َل ْم َيِـ ْب عــليــك أيهــا الإنســا ُن -93لا لاحـتيــا ٍج وبهـا الإيـما ُن يجب الإيمان بهذه الأمور السمعية وهي: 1 .1العرش: وهو جسم عظيم نوراني علوي ،فوق العالم ،تحمله ملائكة أربعة في الدنيا ،وثمانية في الآخرة .قال تعالى: ()1 2 .2الكرسي: وهو جسم عظيم نوراني تحت العرش .فوق السماء السابعة .قال تعالى: ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة الحاقة .الآية.17 : ( )2سورة البقرة .الآية.255 : 75
3 .3القلم: وهو جسم عظيم نوراني خلقه الله .وأمره أن يكتب ما كان ،وما يكون إلى يوم القيامة .كما ورد في السنة المطهرة. 4 .4الكاتبون: وهم الملائكة الكتبة .منهم من يكتب أفعال العباد ،ومنهم من يكتب من اللوح المحفوظ في صحف الملائكة لتنفيذها. 5 .5اللوح المحفوظ: وهو جسم كتب فيه القلم بإذن الله ما كان وما يكون إلى يوم القيامه قال تعالى: ()1 وقال: ()2 وهذه الأمور الغيبية خلقها الله ل ِح َكم تقصر عقولنا عن إدراكها ،وليست لحاجة الله إليها .فلم يخلق العرش للارتقاء ،ولا الكرس َّي للجلوس ،ولا القلم لاستحضار ما غاب عن علمه تعالى ،ولا الكاتبين ولا اللوح لضبط ما يخاف نسيانه. حكم ال ِإيمان بما سبق: يجب على المكلف الإيمان بكل ما سبق من :عرش وكرسي ،وكتبة ،ولوح ،كغيرها من الأمور السمعية الثابتة بالأدلة من الكتاب والسنة. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة البروج .الآية.22-21 : ( ) 2سورة يس .الآية.12 : 76
َل َت ِ ُل َِلا ِح ٍد ذي ِج َّن ْه 20 ُم َع َّذ ٌب ُم َن َّع ٌم مهما َب ِق َي الجنة والنار َقا َل النَّاظِ ُم : - 94وال َّنا ُر َح ٌّق ُأو ِجد ْت َكال َجنَّه َ - 9 5دا ُر ُخـ ُلو ٍد لل َّس ِعي ِد وال َّش ِقي تعريفه الجنة: الجنة في اللغة :البستان ،وفي الاصطلاح :دار الثواب التي أعدها لله للمؤمنين ،لتكون دار إقامة خالدة مؤ َّبدة ُم َع َّدة للسعداء ،الذين فارقوا الدنيا على الإيمان. درجات الجنة: والجنة درجات بعضها فوق بعض ،أفضلها الفردوس ،وهي أعلاها ،وتليها جنة «عدن»، ثم «جنة الخلد» ،ثم «النعيم» ،ثم «المأوى»« ،ودار السلام»« ،ودار الجلال» فهي سبع ،وكلها متصلة بمقام الوسيلة ،والدرجة الرفيعة؛ لينعم أهل الجنة جمي ًعا بمشاهدة المصطفى . وقيل :إن الجنات أربع فحسب ،أخ ًذا من قوله سبحانه: ()1 وهما جنة النعيم ،وجنة المأوى ثم يقول سبحانه: ()2 وهما عدن والفردوس ،والصحيح :أنها جنة واحدة تتفاوت درجاتها. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة الرحمن .الآية.٤٦: ( ) 2سورة الرحمن .الآية.٦٢: 77
تعريف النار: والنار في اللغة :جسم لطيف محرق ،وفي الاصطلاح :دار العذاب ال ُم َع َّدة للعصاة ،والنار دركات :أعلاها جهنم لعصاة المؤمنين ،وتحتها «لظى» ،ثم «الحطمة» ،ثم «السعير» ،ثم «سقر»، ثم «الجحيم» ،ثم «الهاوية». وقيل :هي نار واحدة تختلف طبقاتها ،وشدة العذاب فيها ،كما يقول سبحانه: ()1 وجود الجنة والنار: يرى البعض أن الجنة والنار غير موجودتين الآن ،وهو ليس بصواب ،كيف وقد أخبر الله - سبحانه -عن إعداد الجنة والنار ،وكونهما دار ْي ثواب وعقاب في كثير من آي القرآن الكريم، قال تعالى : ()2 وقال أي ًضا: ()3( )1 وقوله: ()4 ( )3سورة الكهف الآيتان٠٧ :ا٠٨ ،ا ــــــــــــــــــــــــــــ ( )4سورة الأحزاب الآية٦٤ : ( )1سورة النساء .الآية٤٥ :ا. ( ) 2سورة مريم .الآية .63 78
فجمهور المسلمين يرى أنهما موجدتان الآن ،استنا ًدا لهذه الآيات ،وغيرها الكثير. وبناء على ما سبق ،فإ ّن الجنة ،والنار حقيقتان ،د ّل على وجودهما القرآن والسنة وإجماع الأمة ،ولم يصرح بإنكارهما إلا بعض الفلاسفة بنا ًءعلى مذهبهم في البعث. واستدل المعتزلة على عدم وجود الجنة والنار الآن ،بأنه لا داعي لوجودهما الآن ،ومن ناحية أخرى قد ذكر الله أن َع ْرض الجنة كعرض السماء والأرض ،فكيف يتصور وجودهما الآن؟ والرد على هذه الشبه يسير؛ لأن ملك الله تعالى ليس محدو ًدا بهذه السماوات السبع والأراضين حتى لا يجد مكا ًنا للجنة والنار. أما الحكمة من إعدادهما منذ خلق السماوات والأرض ،فلا يعلمها إلا الله سبحانه. مكان الجنة والنار :لم ير ْد ن ّص صريح بتعيينه ،ويرى كثير من الصحابة أن الجنة فوق السماوات السبع ،وتحت العرش ،وأن النار تحت الأرضين السبع ،والح ّق تفويض علم ذلك لله. خلود الجنة والنار :نصوص القرآن صريحة في استمرار الجنة والنار وعدم فنائهما ،في كثير من الآيات يذكر سبحانه الخلود على وجه التأبيد؛ ليد ّل على استمرار البقاء ،يقول سبحانه: ()1 ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة النساء .الآية ٢٢ :١ 79
ويقول في حق الكافرين ()1 ولا يشذ عن هذا الإجماع غير الجهمية ،الذين قالوا :بفنائهما بعد النعيم والعذاب. والخلود فى النار خاص بالكافرين ،أما عصاة المؤمنين فإنهم يخرجون منها ويدخلون الجنه فيخلدون فيها. والمؤمنون هم السعداء والمخلدون فى الجنة ،والكفار هم الأشقياء والمخلدون في النار، وهم المقصودون بقوله سبحانه : ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة الاحزاب .الآيتان٦٥ ،٦٤ :. ( ) 2سورة هود .الآيات٠٦ :ا ٠٨ -ا. 80
أما جزاء غر المك ّلفين :إن كانوا من أولاد المؤمنين ،فالراجح أنهم في الجنة ،وأما غيرهم فقيل في الجنة ،وقيل غير ذلك. وفي الجنة من أنواع النعيم (ما لا عين رأت ،ولا أذن سمعت ،ولا خطر على قلب بشر) كما ورد في مسلم أو في البخاري. وكذلك في عذاب النار فيها من الأهوال ما لا يعلمه إلا الله ،ويكفي أن وقودها الناس والحجارة. ولذلك أمرنا النبي أن نستعيذ بالله من النار وأن نسأله الجنة. المناقشة 1.1ما المقصود بحوض نبينا محمد ؟ وما مذهب أهل السنة فيه؟ وما دليلهم؟ وهل هو قبل الصراط أو بعده؟ وضح ذلك. 2.2لماذا أنكر المعتزلة وجود حوض النبي ،وما مذهب أهل السنة والجماعة في إثباته؟ وما أدلتهم؟ 3.3ع ِّرف ك ًّل من :العرش ،الكرسي ،القلم ،اللوح المحفوظ. 4.4ما حكم الإيمان بهذه المخلوقات؟ وما دليل كل منها؟ وما حكم منكر وجودها؟ 5.5عرف الجنة والنار لغة واصطلا ًحا. 6.6قيل :إن الجنات سبع فما هي؟ 81
21 الآثار المترتبة على الإيمان بالسمعيات: أو ًل :الملائكة: للإيمان بالملائكة أثر كبير في حياة المسلم ،من ذلك: 1.1تقوية شعور المسلم بعظمة الله تعالى ،وقد اتضح ذلك من صفاتهم ووظائفهم التي تفيد ما لهم من قدرات وصفات عظيمة ،ومع هذا فالملائكة جند من جنود الله تنفذ أوامر الله ()1 2.2توضيح مركز الإنسان الكبير في الكون وأهميته في الحياة ،فالملائكة الذين هم أشد من الإنسان قوة قد أمروا بالسجود لآدم عليه السلام ،وسخروا لتدبير أمور حياتنا في الدنيا والقيام بشئوننا في الآخرة. 3.3يدفع الإنسان إلى التشبه بهم في الطاعة والمداومة على عمل الصالحات. 4.4يدفع المرء إلى الاستحياء من الله تعالى وذلك ليقين الإنسان بأن الملائكة تتغشاه في مجالسه وتتولى كتابة أعماله ،يتعاقبون عليه في صحوه وغفلته فلا يقدم على خطأ أومعصية. 5.5يستشعر الإنسان بإيمانه بالملائكة الأُنس وعدم الوحشة أو الاستسلام لليأس ليقينه بأن هناك ملائكة يقومون على حفظه ورعايته بأمر من الله تعالى. ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة التحريم .الآية.6: 82
ثانيا :عموم السمعيات: للإيمان باليوم الآخر وسائر السمعيات آثار فكرية ونفسية وخلقية منها: 1.1فكر ًّيا :من يؤمن بالحياة الأخرى يجد :تفسير الكثير من ظواهر الحياة الإنسانية التي يدرك معناها من خلال إيمانه باليوم الآخر وما فيه. 2.2نفس َّيا :يزرع الإيمان باليوم الآخر في نفس المسلم شعو ًرا بالرضا والطمأنينة والقناعة، نظ ًرا ليقينه في العدالة الإلهية المطلقة ،فيصبر ويتحمل ما يلاقيه من شدائد ومحن في الحياة، فتتحقق سعادته في السراء والضراء على السواء ،بخلاف غير المؤمن بالحياة الآخرة ،فإنه لا يقوى على مجابهة ما يقع فيه من محن ويكون بين قلق ويأس وإحباط قد يؤدي إلى ما نراه من محاولات إنهاء حياته بالانتحار. ُ 3.3خ ُل ِق ًّيا :يعمل الإلمام باليوم الآخر على الالتزام بالقيم الأخلاقية لدى الإنسان المؤمن؛ لأنه يوقن بأن ما يقدمه في حياته الدنيا سيحاسب عليه في الآخرة ،و ِمن ثم يكون حرص المؤمن على الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة التي سيجزى عليها أمام الله تعالى ،يقول تعالى: ()1 ويقول سبحانه: ()2 ــــــــــــــــــــــــــــ ( )1سورة البقرة .الآية.223 : ( )2سورة البقرة .الآية.272 : 83
22 الكليات الخمس التي أوجب الشرع حفظها َقا َل النَّا ِظ ُم : َو ِم ْث ُل َها َع ْق ٌل َو ِع ْر ٌض َق ْد َو َج ْب َ - 9 6و ِح ْف ُظ ِدي ٍن ُث َّم َن ْف ٍس َما ْل َن َس ْب لقد أ ْوجب الشارع على كل إنسان المحافظ َة على خمس َة أمور ،والتي تسمى بالكليات الخمس، وقيل ِس ٌّت ،وإنما سميت بالكليات؛ لأنه يتفرع عليها أحكام كثيرة؛ ولأنها وجبت في كل م ّلة. والكليات الخمس هي :الدين ،والنفس ،والمال ،والنسب ،والعقل ،والعرض. أو ًل :الدين :الدين هو ما شرعه الله لعباده من الأحكام ،والمراد بحفظه صيانته عن الكفر وانتهاك حرمة المحرمات ،كأن يفعل المحرمات غير مبا ٍل بحرمتها ،وانتهاك وجوب الواجبات ،كأن يترك الواجبات غير مبال بوجوبها ،ولحفظ الدين شرع القتال. ثان ًيا :النفس أي :نفس بشرية ذك ًرا ،أو أنثى ،كبي ًرا ،أو صغي ًرا ،عاق ًل ،أو غير عاقل ،ولحفظ النفس شرع القصاص. ثال ًثا :المال :وهو كل ما يح َّل تملكه شر ًعا ،ولحفظه شرع حد السرقة. راب ًعا :النسب :والمراد به الارتباط الذي يكون بين الوالد وولده ،ولحفظه شرع حد الزنا. خام ًسا :العقل :وهومناط التكليف ،ولحفظه شرع حد شرب الخمر ،والدية لمن أذهبه بجناية . ساد ًسا :العرض :والمراد به موضع المدح والذم من الإنسان ،ولحفظه شرع حد القذف. 84
23 المعلوم من الدين بالضرورة َقا َل النَّاظِ ُم : ِم ْن ِدينِ َنا ُي ْق َت ُل ُك ْف ًرا َل ْيس َح ْد َ -9 7و َم ْن َلِ ْع ُلو ٍم َ ُضو َر ًة َج َح ْد َأ ْو ا ْست َبـا َح َك ْال ِّز َنا َف ْل َت ْس َمــ ِع َ - 98و ِم ْث ُل َه َذا َم ْن َن َفى ُلِ ْج َمـ ٍع المعلوممنالدينبالضرورةهو:مايعلمهخواصالمسلمينوعوامهم،وذلككوجوبالصلاة، وحرمةالزنا. حكم منكر المعلوم من الدين بالضرورة :كافر ،لأن جحده مستلزم لتكذيب النبي ، وذلك بعد إقامة الحجة عليه. واخ ُتلف فيمن أنكر شي ًئا ُأجمع عليه إجما ًعا قطع ًّيا ،فقيل يكفر ،والراجح أنه لا يكفر إلا إذا كان معلو ًما من الدين بالضرورة ،وعليه فالمعول عليه في القضية هو المعلوم من الدين بالضرورة، وليس شي ًئا آخر. واعتقاد إباحة محرم معلوم من الدين بالضرورة ،يشمل الكبائر والصغائر كالكذب مث ًل، ويشمل ما كان تحريمه لعينه ،مثل الزنا ،وما كان تحريمه لعارض ،كصوم يوم العيد ،فإن تحريمه لعارض ،وهو الإعراض عن ضيافة الله – تعالى ،-وخالف في ذلك البعض . 85
الإمامة 24 َقا َل النَّاظِ ُم : بِال َّ ْش ِع َفا ْع َل ْم لا بِ ُح ْك ِم ال َع ْق ِل َ - 9 9و َوا ِج ُب َن ْص ُب إِ َمـا ٍم َع ْد ِل َفـ َل َتـــ ِز ْغ َعــ ْن َأ ْمــ ِر ِه ال ُم َبين َ -1 00ف َل ْي َس ُر ْك ًنا ُي ْع َت َق ْد ِف ال ِّدي ِن َفــالل ُه َيــ ْك ِفينَــا َأ َذا ُه َو ْحــ َد ُه - 101إِ َّل بِ ُكـ ْف ٍر َفـا ْنبِ َذ ّن َعـ ْهـ َده - 102بِ َغ ْ ِي َهـ َذا لا ُي َبا ُح َ ْص ُفــ ُه َو َل ْي َس ُي ْعـ َز ُل إِ ْن ُأ ِزي َل َو ْص ُفـ ُه مقدمة: قضية الإمامة(الحكم) من القضايا الكلية التي وضع الإسلاملها أصو ًلعامة وترك للمسلمين تفاصيلها وذلك أنه اشترط للحكم بعد الالتزام بتنفيذ شرع الله أن يقوم على ثلاثة مبادئ :العدل، والشورى والطاعة لأولي الأمر فيما أحب المؤمن أو كره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. ولما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى لم يش ْر على شخص بعينه ،أو لأسرة بعينها لتولي الخلافة من بعده مما يدل على أن أمر المسلمين في هذه القضية موكول إلى الأمة تختار من تراه كف ًؤا من المسلمين ،ليتولى أمرها ولقد كانت البيعة التي تمت لأبي بكر الصديق في سقيفة بني ساعدة بيعة حرة من غير عه ٍد ووصية أو ن ّص عليه. معنى الإمامة :هي رئاسة عامة في الدين والدنيا. والإمامة من المصالح العامة ،وليس الإيمان بها من أركان الدين. 86
حكم تنصيب إمام عدل :واجب على الأمة ،عند عدم النص من الله -تعالى ،-أو رسوله على شخص معين ،أو عدم الاستخلاف من الإمام السابق ،وهذا الوجوب بالشرع ،وليس بالعقل ، كما زعمت المعتزلة. ومن الوجوه الدالة على نصب الإمام :أن الشارع أمر بإقامة الحدود ،وسد الثغور ،وتجهيز الجيوش ،وهذا لا يتم إلا بإمام يرجعون إليه ،وفي تنصيب الإمام رفع ضرر عن المسلمين ،ورفع الضرر واجب شر ًعا. ولا فرق بين وجوب نصب الإمام في زمن الفتنة وغيره. ويأتي هنا سؤال ،لماذا يذكر علماء التوحيد الإمامة في كتب التوحيد ،وهي ليست من أركان الإيمان؟ غالبا يذكر علماء الكلام الإمامة في كتبهم؛ لبيان حكمها ،وللرد على أهل البدع والأهواء الذين جعلوا الإمامة من أصول الدين ،كالرافضة وغيرهم ،ولما ترتب على هذا الأمر من قدحهم في الخلفاء الراشدين،وغلوهم في أئمتهم . شروط الإمام: 1.1الإسلام :لأن الكافر لا يراعي مصالح المسلمين الدينية والدنيوية. 2.2البلوغ :لأن الصبي لا يلي من أمر نفسه شيئا ،فمن باب أولىلا يلي من أمر غيره شيئا. 3.3العقل :لأن المجنون كالصبي. 4.4الحرية :لأن الرقيق مشغول بأمر سيده ،ولأنه مستحقر في أعين الناس. 5.5عدم الفسق :لأن الفاسق لا يوثق به في أمره ونهيه ،والمراد كونهعد ًل ،ولو في الظاهر فقط. ويجب على الأمة طاعة الإمام ،ولكن في حدود الشرع ،فإذا أمر بمحرم ،أو مكروه لا تجب طاعته ،وإذا أمر بمباح ،وكان فيه مصلحة للمسلمين فتجب طاعته. ما الذي يوجب خلعه؟ الذي يوجب خلعه كفره ،أو أمره بكفر ،أو أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين . 87
25 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر َقا َل النَّا ِظ ُم : َو ِغ ْي َب ًةَ ،و َخـ ْصـ َلـ ًة َذ ِمـيـ َمــ ْه َ - 103و ْأ ُم ْر بِ ُع ْر ٍف َوا ْجتِنَب َنــ ِمي َمــ ْه َو َكـالمِ َرا ِء َوال َجـ َد ْل َفـا ْعـ َتـ ِم ِد َ - 1 04كا ْل ُع ْج ِبَ ،والكِ ْ ِبَ ،و َدا ِء ا َل َس ِد َحـلِيـ َف ِحـ ْلـ ٍم َتـابِ ًعا لِل َح ِّق َ - 1 05و ُكـ ْن َكم َا َكــا َن ِخ َيــا ُر ال َخ ْلـ ِق َو ُك ُّل َ ٍّش ِف ابتِ َدا ِع َم ْن َخـ َل ْف َمـا ُأبِي َح ا ْفـ َع ْل َو َد ْع َما َلْ ُي َب ْح َ - 106ف ُكـ ُّل َخـ ْ ٍي ِف ا ِّت َبا ٍع َمـ ْن َسـ َل ْف َو َجـانِ ِب ا ْلبِ ْد َعـ َة ِمَّ ْن َخـ َل َفـا َ - 1 07و ُكـ ُّل َهـ ْد ٍي لِـلنَّبِي َقـ ْد َر َجـ ْح َ - 1 08ف َتــابِــ ِع ال َّصـالِ َح ِمَّ ْن َســ َل َفـا المعروف هو :ما عرف الشرع خيره ،وطلبه على سبيل الندب ،أو الوجوب. والمنكر هو :ما أنكره الشرع ،ونهى عن فعله على سبيل الكراهة ،أو التحريم. دليل وجوبهما :القرآن ،والسنة ،وإجماع الأمة ،قال تعالى: ()1 ــــــــــــــــــــــــــــ ( ) 1سورة آل عمران .الآية104:. 88
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108