Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore نوعا الربا ومنطق التحولات القيمية - أبو يعرب المرزوقي

نوعا الربا ومنطق التحولات القيمية - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2020-12-25 23:28:38

Description: نوعا الربا ومنطق التحولات القيمية - أبو يعرب المرزوقي

Search

Read the Text Version

‫‪--‬‬ ‫مشروطة باستحالة المطابقة لا في علاقة الذات بذاتها ولا في علاقتها بالموضوع بل كل ما نعلمه‬ ‫ونقيمه يكون بشرطين‪:‬‬ ‫‪ .1‬لا بد أن تتوضعن الذات فتجعل نفسها موضوعها لذاتها وذلك هو وعيها بذاتها‪ .‬ولا أحد‬ ‫يستطيع أن يزعم كما فعل سارتر أن وعيه بذاته مطلق المطابقة مع ذاته فينفي اللاوعي‬ ‫مثلا أي غيب الذات الذي لا يرد إلى غائبها أي إلى ما يمكن تذكره بعد نسيانه أو الغفلة‬ ‫عنه‪.‬‬ ‫‪ .2‬ولا بد من تذويب الموضوع فيرده مدركه إلى صورته عنه توهما أن الموضوع في حقيقته‬ ‫الذاتية له مثل الصورة التي له عليه وهو مسار لا نهاية له لأن كل صورة لنا عن أي موضوع‬ ‫ليست إلى مسودة من صورة الذات عنه والتصوير المعرفي والقيمي لا نهاية لهما كما ذكر‬ ‫ذلك ابن تيمية بوعي لا مثيل له‪.‬‬ ‫فنكون إذن أمام أربعة عناصر مختلفة‪ :‬الذات والموضوع ووضعنة الذات وتذويب الموضوع وأصل‬ ‫هذا المربع الذي هو ذروته هو \"الأنا\" الذي يعتبر لغز الألغاز والذي هو هذه القدرة على التوجيه‬ ‫التي تجعله يعتبر الموجود ممكن وليس واجبا فيسأل عن علة كونه بدل من عدمه ويسأل عن كونه‬ ‫على ما هو عليه بدلا من كيفية أخرى من بين الكيفيات التي لا تتناهى‪.‬‬ ‫وهذه المعاني هي جوهر التقدير الذهني الذي سماه القرآن الكريم القدرة على التسمية أو‬ ‫القدرة على الانتقال من عالم الأشياء إلى عالم رموز موجودها ومثل منشودها فيتعالى على‬ ‫\"الواقع\" ويتحرر من وهم هيجل الذي يعتبر الواقع هو الموجود ويرد العقل اليه متوهما أن ما‬ ‫يتحرر منه أوهاما‪ .‬ولأني أنفي خرافة المطابقة فإني لا أسلم بأن الإنسان قابل للرد إلى تاريه‬ ‫الطبيعي بل إن تاريه مختلف تماما عن تثليث التاريخ الطبيعي‪.‬‬ ‫فبين الماضي والمستقبل في الزمان الطبيعي ليس الحاضر إلا لحظة مرور مضطرة لا تحيط بحديها‬ ‫من حولها‪ .‬لكن الزمان التاريي الإنساني حاضره ليس هو ما بين ماضيه ومستقبله فحسب وذلك‬ ‫هو حال كيانه العضوي الذي يضع لقانون الطبيعة بل هو كذلك ما يحيط بماضيه وبمستقبله‪ .‬ولا‬ ‫يمكن أن يكون ذلك كذلك من دون هذه القدرة على التعالي عن المجرى الطبيعي‪.‬‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪47‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪--‬‬ ‫وذلك هو عالم الرموز التي تمكن من جعل الماضي مضاعفا لأنه حدث متلو بحديث وجعل المستقبل‬ ‫مضاعفا لأنه حديث متلو بحدث‪ .‬فنحصل على اربعة أبعاد تجتمع في أصلها الذي هو حقيقة الوعي‬ ‫الإنسان بما يعلم بما يجهل معرفيا وبما يثمن ويبخص قيميا‪ .‬فيكون الحاضر مرجلا يغلي بالحدث‬ ‫حاصله الواقع وحديثه المفترض تأويلا للماضي وتوقعا للمستقبل هو أصل المربع وذروته‪.‬‬ ‫ولا يوجد مضمون وعي إنساني المدرك منه والمغفول عنه خاليا من هذا الهرم الذي قاعدته ذلك‬ ‫المربع وقمته هذا الأصل‪ .‬ولنأت الآن إلى الوصل بين الموجود والمنشود وبين \"الواقع\" و\"المقدر‬ ‫الذهني\" في سورة يوسف‪ :‬فمن قرأ السورة لا يمكن ألا يكون قد لاحظ أن مدارها على خمس‬ ‫موضوعات هي‪:‬‬ ‫‪ .1‬الحب والعلاقة بالمرأة‬ ‫‪ .2‬والعيش والعلاقة بالاقتصاد‬ ‫‪ .3‬والمعرفة والعلاقة بتأويل الأحلام‬ ‫‪ .4‬والسياسة والعلاقة بالنظامين الاقتصادي والقيمي أي بكل ما تقدم‬ ‫‪ .5‬واخيرا العلاقة ببرهان الرب الذي هو الأصل تذكرا أو نسيانا‪.‬‬ ‫لكن ما يغفل عنه الكثير هو أن ذلك كله يقع مرتين واحدة في الرؤى والحلم والثانية في تحقيقها‬ ‫التاريي‪ .‬فنسبة ما في الاحلام إلى ما في التاريخ الفعلي هي عين النسبة بين التقدير الذهني‬ ‫والواقع العيني‪ .‬والتطابق الحاصل في السورة علته تقديم المثال المنشود وليس الواقع الموجود لان‬ ‫المطابقة ممكنة في الاول المثالي ومستحيلة في الثاني الفعلي‪ .‬والرسول هو الإنسان المثالي وليس‬ ‫الإنسان الفعلي‪.‬‬ ‫وما قلناه على يوسف يقال عن نوح وهود وصالح قبل ابن ابراهيم على لوط وشعيب وموسى بعده‪.‬‬ ‫ورسالة هؤلاء الرسل من حيث هي موجهة إلى البشر المرسل إليهم هي العلاقة بين السياستين‪:‬‬ ‫‪ .1‬نوح يحرر الإنسانية من عبودية الطبيعة والاقتصاد بالتقنية لتحقيق الحرية المنشودة فيكون‬ ‫الإنسان سيد نفسه حتى يكون مسؤولا عن أفعاله وليس خاضعا للضرورة الطبيعية (صنع‬ ‫السفينة) والزراعة (اخذ زوجين اثنين من كل شيء)‪.‬‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪48‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪--‬‬ ‫‪ .2‬وموسى يحرر الإنسان من عبودة التاريخ والثقافة بالثورة على دولة فرعون وعلمائه الذين‬ ‫يؤلهون الحاكم فيكون الإنسان سيد نفسه حتى يكون مسؤولا عن أفعاله ويس خاضعا‬ ‫للضرورة السياسة (تأليه فرعون) والإيمان بعالم الغيب مصدر المثل التي تشد الإنسان إلى‬ ‫ما يتعالى على مجرى الوجود الطبيعي والتاريي‪.‬‬ ‫‪ .3‬وبين نوح وموسى أي التحررين من طغيان الطبيعة والاقتصاد وطغيان التاريخ والسياسة‬ ‫نجد الشروط الاربعة التي يمثلها هود وصالح (الثروة والماء) قبل ابراهيم في السورة‬ ‫ويمثلها لوط وشعيب (الجنس وشرط عدل التبادل)‪.‬‬ ‫‪ .4‬وفي القلب نجد ابراهيم وهو يمثل الذروة أو قائمة الهرم المؤلف من قاعدة مسدسة‪ :‬نوح‬ ‫وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى‪ .‬وهو الاصل لأن التحرير من كل ما ذكرنا ممتنع من‬ ‫دون أصل كل تعال أي ما اكتشفه ابراهيم في كلامه على الافول وطلب الرب فوق نظام‬ ‫الطبيعة وفوق الوثنية التي كان عليها قومه‪.‬‬ ‫‪ .5‬المخاطب بذلك هو الرسول الخاتم برسالة لها وظيفتان‪ :‬تصحيح التحريف الذي شاب‬ ‫الرسالات السابقة وتقديم البديل بمنطق التصديق والهيمنة وتحقيق شروط النجاح‬ ‫بتأسيس الدولة الكونية التي تصل بين سياسة عالم الشهادة سياسة عالم الغيب كما يقدره‬ ‫الذهن للمعرفة نظريا وللقيم عمليا وتلك هي حقيقة الحضارة الإسلامية‪.‬‬ ‫ولأن الرسول الخاتم فهم ذلك قال عن هود واخواتها إنها قد شيبت رأسه لأنه لم يكلف بالتذكير‬ ‫فحسب مثل هؤلاء الرسل السبعة بل هو مكلف بتأسيس الدولة الكونية التي تحقق ذلك في التاريخ‬ ‫الفعلي وتلك هي الثورة التي تجمع بين التحريرين من طغيان الطبيعة وطغيان السياسة وتوحد‬ ‫الإنسانية حول علاج هذه القضايا السبع التي هي عين علاقة العالمين عالم الشهادة وعالم الغيب‪.‬‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪49‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪--‬‬ ‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫‪50‬‬ ‫الأسماء والبيان‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook