Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore تأصيل الدولة ووظائفها في الإسلام – خاتمة – أبو يعرب المرزوقي

تأصيل الدولة ووظائفها في الإسلام – خاتمة – أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-09-11 07:12:19

Description: لما وضعت خطة مجموعة التأصيل كان الهدف علاج خمسة عشر مسألة. لكن النهاية تفرض خاتمة تعود إلى مفهوم الدولة لتشرحه وتبين مدلول سيادة جماعة الأحرار.
فقد ختمت الفصل الأخير من سلسلة التأصيل بتعريف للدولة لم يسبق أن استعملته: عقل الجماعة الحرة العامل على علم بحاله لتحقيق شروط الرعاية والحماية.

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫الأسماء والبيان‬





‫لما وضعت خطة مجموعة التأصيل كان الهدف علاج خمسة عشر مسألة‪ .‬لكن النهاية‬ ‫تفرض خاتمة تعود إلى مفهوم الدولة لتشرحه وتبين مدلول سيادة جماعة الأحرار‪.‬‬‫فقد ختمت الفصل الأخير من سلسلة التأصيل بتعريف للدولة لم يسبق أن استعملته‪:‬‬ ‫عقل الجماعة الحرة العامل على علم بحاله لتحقيق شروط الرعاية والحماية‪.‬‬ ‫وسبق أن عرفتها في كلامي على نظام سلطانها بالمقومات الخمسة التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬المرجعية‬ ‫‪ .2‬والقوى السياسية‬ ‫‪ .3‬وما يؤدي وظيفة الدستور‬ ‫‪ .4‬والهيئة الحاكمة‬ ‫‪ .5‬والوظائف‬‫فبدا تعريفي الوارد في الفصل الأخير من التأصيل وكأنه يحصر مفهوم الدولة في‬ ‫الوظائف أي مقومات الرعاية الخمسة ومقومات الحماية الخمسة‪.‬‬ ‫فلنفهم‪.‬‬‫ما طبيعة التعريفين وفيم يختلفان؟ وما طبيعة علاقتهما لتحديد الدولة ككيان متعض‬ ‫يحقق الوظائف غاية لوجوده وكعقل يحققها بعمل على علم بحال الكيان‪.‬‬‫لابد من إضافة هذا الفصل خاتمة لسلسلة الكلام على تأصيل الدولة ووظائفها في الإسلام‬ ‫وسر التلازم بين الديني‪-‬الفلسفي والسياسي ببعديه تربية وحكما‪.‬‬‫وحتى وإن لم يكن القصد الكلام في امتناع الفصل بين الإسلام والسياسة فإن هذا الكلام‬ ‫فرض نفسه باعتباره مقوما ذاتيا للديني بما هو دين غير محرف‪.‬‬ ‫‪51‬‬

‫وقد بينا أن الدين يحرف عندما يجعل السياسي ثيوقراطيا (الدولة الدينية) أو‬ ‫فيزيوقراطيا (الدولة الطبيعية)‪ .‬لكن الإسلام يعتبرهما تحريفين للسياسي‪.‬‬‫فالثيوقراطية تلغي الحريتين الروحية والسياسية بمؤسستي الوساطة بين المؤمن وربه‬ ‫(الكنسية) وبين المواطن والشأن العام (الحق الإلهي في الحكم)‪.‬‬‫والفيزيوقراطية تلغي دور الدين بمعنى أنها السياسة هي توازن القوى السياسية‬ ‫(الأحزاب أو القبائل) فتصبح تابعة للتاريخ الطبيعي دون الروحي‪.‬‬‫فاعتبار السياسي عائدا إلى توازن القوى السياسية ومن ثم جعله تابعا للتاريخ الطبيعي‬ ‫ملغ لمفهوم الحرية وليس للدين فحسب‪ :‬إنه قانون الضرورة‪.‬‬‫والإسلام يدخل الروحي في السياسي ليؤسس تجاوز الإنسان للقانون الطبيعي بالحرية‬ ‫شرط الأخلاق والتعالي عليه بالتحرر من الثيوقراطية والفزيوقراطية‪.‬‬‫فيكون دور الإسلام في السياسة محررا من الثيوقراطية بإلغاء الوساطتين ومن‬ ‫الفزيوقراطية بالتعالي على قانون التاريخ الطبعي وصراع القوى المادية‪.‬‬‫نظرية الإسلام في الدولة ليست ثيوقراطية وليست فيزيوقراطية بل هي استخلافية‬ ‫بمعنى أن الإنسان يسوس نفسه ببعديه الطبيعي والروحي فيرى برهان ربه‪.‬‬‫الدولة مؤسسة تربية وحكم مبنيين على اجتهاد إنساني يعي صاحبه أن الإنسان إنسان‬ ‫بتحرره من قانون التاريخ الطبيعي وتعاليه عن الإخلاد إلى الأرض‪.‬‬‫والتحرر من قانون التاريخ الطبيعي هو جوهر الحرية والمسؤولية‪ .‬والكلام على‬ ‫المسؤولية يعني أن صاحبها مسؤول أمام سلطة تعلو عليه قيميا‪ :‬الاستخلاف‪.‬‬‫وهو معنى المعادلة الوجودية الاستخلافية‪ :‬قطباها الله المستخلف والإنسان الخليفة‬ ‫وبينهما تواصل مباشر وغير مباشر بتوسط الطبيعة والتاريخ‪.‬‬‫فحضور الإسلام في السياسة هو حضور المستخلف في روح الخليفة عندما يجمع معاني‬ ‫الخلافة الثلاث ووصلتيها بين الأول والثاني وبين الثاني والثالث‪.‬‬‫والوصلة الاولى تجعل الجماعة التي ترى برهان ربها جديرة بإرث الارض تمثيلا‬ ‫للجديرين بالاستخلاف والوصلة الثانية انتخاب الجماعة لمن توليهم أمرها‪.‬‬ ‫‪52‬‬

‫وكما بينت في شرح الشورى ‪ 38‬فإن ذلك يجعل طبيعة نظام الدولة جمهوريا وأسلوبه‬ ‫ديموقراطيا ومداره تحقيق قيم الاستخلاف واجتماعية الاقتصاد‪.‬‬ ‫فلنحلل تعريف كيان الدولة‪:‬‬ ‫‪ .1‬مرجعية قيمية (دينية أو فلسفية)‬ ‫‪ .2‬قوى سياسية (أحزاب او قبائل)‬ ‫‪ .3‬ما يؤدي دور الدستور‬ ‫‪ .4‬هيئة الحكم‬ ‫‪ .5‬الوظائف العشر‬‫إذا اعتبرنا \"ما يؤدي دور الدستور\" قلبا للمعادلة فإن المتقدم عليها بعدان والمتأخر‬ ‫بعدان‪ .‬ويوجد تناظر بين الأول والأخير وبين الثاني وقبل الأخير‪.‬‬ ‫نترك القلب وننظر في تناظر الأول المرجعية والاخير الوظائف‪.‬‬ ‫ماذا نرى؟‬ ‫المرجعية تحدد طبيعة نظام الدولة الثوقراطية والفيزيوقراطية والاستخلافية‪.‬‬‫وتظهر مفاعيل المرجعية المحددة لطبيعة الانظمة في الوظائف التي هي نتائجها الفعلية‬ ‫في وظائف الدولة العشر التي درسناها في سلسلة التأصيل هذه‪.‬‬‫التناظر هو إذن بين الوجود الرمزي في الأذهان والوجود الفعلي في الأعيان إذا كانت‬ ‫الدولة ذات سيادة حقيقية كدولة أحرار بالإضافة إلى الأغيار‪.‬‬‫ولا يمكن لهذا المعنى أن يتحقق فعلا إلى في النظام الاستخلافي لأن الثيوقراطية تحول‬ ‫دون الحرية بالوساطتين والفيزيوقراطية بإلغاء شرط التعالي‪.‬‬‫وهو ما يعني أن للخسر معنيين‪ :‬الخسر الثيوقراطي والخسر الفيزيوقراطي فلا يعرف‬ ‫الفرد بالإيمان والعمل الصالح ولا تعرف الجماعة بتواصي الحق والصبر‪.‬‬‫والمثال الذي نضربه هو ما تعيبه الكنيسة المسيحية على الإسلام في القرون الوسطى هو‬ ‫نفي الكنسية والقول بالمسؤولة وتحديد منزلة الإنسان بعمله‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫لأن ذلك يلغي الحاجة إلى الوساطة والشفاعة ويبطل الخرافات حول المسيح الذي ضحى‬ ‫من أجل البشرية والكنيسة التي تنوبه في سلطة الغفران والشفاعة‪.‬‬‫والمثال الثاني هو موقف العلمانية من الدين عامة ومن الإسلام خاصة‪ .‬فهي تفصل‬ ‫السياسي عن الديني عامة وتجعل التشريع حصيلة صراع القوى غير متعال‪.‬‬‫ونفس العلاقة بين الأول والأخير نجدها بين الثاني والرابع أي بين القوى السياسية‬ ‫والهيئة الحاكمة (ومنها المعارضة لأنها حكم في الظل) مرجعية وتعين‪.‬‬‫فالقوى السياسية هي هيئة الحكم والمعارضة بشكليها المرجعية والمتعين‪ .‬فهي تسعى إلى‬ ‫الحكم والهيئة الحاكمة تقابل بين حكام ومعارضين‪.‬‬‫والحكم تنفيذ الترجمة الدستورية لمرجعية قيمية توحد الجماعة بشكل قانوني شرعي‬ ‫في تنظيم القوى السياسية وسياسة الحكم والمعارضة للقيام بالوظائف‪.‬‬‫لكن هذا التعريف لا يصح إلّا على الجماعات المؤلفة من أحرار روحيا وسياسيا كما يطلب‬ ‫ذلك القرآن‪ .‬والعلوم والأعمال الزائفة أنكصت الامة للجاهلية‪.‬‬‫والنكوص أعاد الوساطتين الروحية والسياسية فأفسد معاني الإنسانية بلغة ابن خلدون‬ ‫بسبب الاستبداد والفساد فصار العباد عبيد العباد بدل رب العباد‪.‬‬‫أما قلب معادلة كيان الدولة ومقوماته الخمسة فهو \"ما يؤدي دور الدستور\" أي الحكم في‬ ‫دور المرجعية والقوى السياسية والدستور والهيئة والوظائف‪.‬‬‫وهو ليس بالضرورة نص مكتوب بل هو بالأساس عرف متبع‪ .‬وهو ما يمكن اعتباره‬ ‫الترجمة العملية لأخلاق الجماعة إذا هي طبقته في رعاية ذاتها وحمايتها‪.‬‬‫وهذا العرف حكم في هذه الادوار بمعنى أنه رؤية الأمة لذاتها ولدورها ولشروط قيامها‬ ‫المادية والخلقية وغالبا ما يكون مؤلفا من المسائل التالية‪.‬‬ ‫فهو يعالج خمس مسائل‪:‬‬ ‫‪ .1‬المرجعية‬ ‫‪ .2‬والقوى السياسية‬ ‫‪ .3‬وذاته حكما بين السلط‬ ‫‪54‬‬

‫‪ .4‬والهيئةالحاكمة‬ ‫‪ .5‬الوظائف أو مسؤولية الدولة وواجبها (حقوق المواطن)‬‫كل هذه المعاني موجودة بصورة صريحة في القرآن‪ .‬وما حال دون رؤيتها هو العلوم‬ ‫والاعمال الزائفة التي قلبت وجهة فصلت ‪ 53‬وتجرأت على آل عمران ‪.7‬‬‫وهذا كاف خاتمة لمحاولة تأصيل الدولة ووظائفها في الإسلام بشرط الوصل بين هذه‬ ‫المحاولة والكلام على علوم الملة وإصلاحها والبحوث حول الدولة‪.‬‬ ‫‪55‬‬





‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook