-- فعندما قابل ابن تيمية بين علم الموجودات التي في الاعيان وبين قصوره دون البرهان باعتباره لا يمكن أن يكون مطابقا وعلم المقدرات الذهنية الذي هو الوحيد القابل للكلية والبرهانية والمحضية في رده على الرازي كان يتكلم على العلوم النظرية. فلم يكن له نظير المقدرات الذهنية النظرية مقدرات ذهنية عملية. وذلك ما اضطررت لافتراضه سدا لهذه الثغرة. فالمقدرات الذهنية النظرية هي الرياضيات والمنطق. وهما مبدعات عقلية يكون فيها الإنسان مبدعا للعلم ولموضوعه الذي هو ليس من الموجودات الطبيعية الخارجية بل هو \"مجهول الطبيعة\" كان ارسطو يتصوره معاني مجردة من الأشياء الطبيعية ومن الأجرام بالذات أي من حدودها عند إطلاق التجريد المستقيم والسطح والجرم ذهابا من الأكثر تجريجا إلى الاقل أو عودة من ألأقل إلى الأكثر في كلامه على الأبعاد الثلاثة الطول والعرض والعمق. لكن تعدد الهندسات بين خطأ هذه الرؤية لأن ما يقوله أرسطو يبدو مطابقا لما عليه هندسة اقليدس لكنه لا ينطبق على الهندسات اللااقليدية فضلا عن اصناف الرياضيات الأخرى التي لا علاقة لها بالإجرام وبالتجريد لأن موضوعاتها ليست طبيعية بل يمكن أن تكون أي مجال يقبل أن \"يقال\" بها. وبذلك تبينت صحة نظرية ابن تيمية القائلة إن المعاني الكلية ليست مقومات للأشياء بل هي رموز مثلها مثل المفردات في اللسان وهي إذن لغة من جنس أرقى اتمكن قول شيء على شيء. أبو يعرب المرزوقي 48 الأسماء والبيان
-- عندئذ افترضت الأمر المكمل لسد الثغرة في نظرية ابن تيمية :وضعت نظرية في المقدرات الذهنية العملية أو القيمية التي من دونها يستحيل التعبير عن الظاهرات الانسانية الأكثر تعقيدا من الظاهرات الطبيعية. وسميتها مقدرات ذهنية عملية مناظرة للنظرية أو القيمية مناظرة للمعرفية ومنها الأديان والآداب التي هي ليست فنوانا تخبر عن شيء من عالم الشهادة الطبيعي ولا حتى التاريخي بل هي مبدعات عقلية نجهل طبيعتها كما نجهل طبيعة المبدعات العقلية الرياضية وبها نستطيع الكلام عما يضيفه الإنسان للعالمين الطبيعي والتاريخي من إبداعات لمعان كونية تمكنه من قولها. والقرآن يعتبر الرسالة مذكرة بمعان موجودة في ما فطر عليه الإنسان هي التي بها يبدع الامرين اللذين سمتها فصلت 53آيات الله في الآفاق وفي الأنفس والاولى هي ما يمكن أن يتعلق بالمقدرات الذهنية النظرية التي تكلم عليها ابن تيمية والثانية هي ما يمكن أن يتعلق بالمقدرات الذهنية العملية التي اتكلم عليها :وكلاهما يرد إلى \"علم آدم الأسماء كلها\" أي هذه القدرة على إبداع ما يمكن اعتباره حقيقة الفطرة التي فطر عليها الإنسان وهي \"الكود\" الذي يجعل الإنسان قادرا على قول الأشياء التي في عالم الشهادة وفي ما ورائه سواء كان طبيعيا أو تاريخيا. أبو يعرب المرزوقي 49 الأسماء والبيان
-- مر تأسيس علوم الطبيعة بمرحلتين. ويمكن اعتبار الأولى قد انتهت بنهاية تأسيسها القديم والوسيط بعد فهم نظرية المقدرات الذهنية النظرية ودورها في العبارة عن الحصيلة التجريبية لفرضيات عقلية حول طبيعة الظاهرات الطبيعية دون الجزم أن ما نعلمه منها مطابق لما هي عليه في ذاتها. أما بداية التأسيس الثانية فهي عين بدئنا التحقق من نسبية علمنا والتخلص من القول بالمطابقتين .ويمكن القول إن تأسيس علوم الإنسان يتطلب هو بدوره نفس المسار في مرحلتين أولاهما انتهت بفشل محاكاة علوم الطبيعة بردها إليها والثانية بمراجعة علوم الطبيعة نفسها لبيان أنها ليست منفصلة عن علوم الإنسان مع عكس المحاكاة. فما تتميز به العلوم الإنسانية يجعل العلوم الطبيعية تعتبر مستواها الادنى لأنها من أدوات مستواها الأعلى الذي هو فاعلية الإنسان بتوسطها .فتكون الفاعلية التي تستعملها الحضارة من طبيعة أكثر تعقيدا من الفاعلية التي تستعملها الطبيعة وهي تتطلب نوعا ثانيا من المقدرات الذهنية التي سميتها بالعملية التي تخلصها من الرد إلى العلوم الطبيعية لاقتصارها على المقدرات الذهنية النظرية. لذلك أجدني مضطرا مرة أخرى لفهم العلاقة بين الأزمتين الفلسفيتين الأبستمولوجية والأكسيولوجية المنتجتين للقول بالمطابقتين المعرفية والقيمية في البداية (الرؤية الأفلاطونية الأرسطية) ثم الناتجتين عنهما في الغاية (هيجل وماركس). وما تتميز به نظرية المقدرات الذهنية التيمية في النظر ونظرية المقدرات الذهنية التي أضفتها في العمل يترتب عليهما التخلي عن المطابقتين في الأبستمولوجيا والأكسيولوجيا الأولى لنقد فكرنا الماضي (وذلك ما أنسبه إلى المدرسة النقدية العربية :الغزالي وابن تيمية وابن خلدون) أبو يعرب المرزوقي 50 الأسماء والبيان
-- والثانية لنقد فكرنا الحاضر (وهو ما أحاوله بنظرية المقدرات الذهنية العملية). والأهم من ذلك هو الثورة في مفهوم المعاني الكلية بفضل هذين النقدين الذين ينقلانها من كونها مقومة للموضوع إلى كونها لغة للعبارة عنه بلغة أفضل من اللغة الطبيعية لكنها مجانسة لها من حيث الوظيفة (رسوم الكتابة وألفاظ اللغة الطبيعية والمعاني الكلية جميعها لغة عند ابن تيمية وليس مقومة). وهو ما يعني التخلي اعتبار المعاني الكلية بمعناها الافلاطوني (مشاركة الأشياء في المثل) أو بمعناها الأرسطي (صورة الأشياء المحايثة في مادتها) أو بمعناها الهيجلي (التطابق في الجدلية المروحنة وهو معنى الفكرة :الواقع عقل والعقل واقع) أو بمعناها الماركسي (التطابق في الجدلية المادية وهي نسخة باهتة من رؤية هيجل هي في نسبة الارسطية للأفلاطونية) شرطا لفهم الطابع التاريخي لكل معرفة وقيمة في التراث الإنساني سواء تعلق بإنتاج المعاني للتواصل بين البشر (الثقافة) أو بإنتاج الأشياء للتبادل بين البشر (الاقتصاد). وبذلك فقد قلب ابن خلدون العلاقة بين التاريخ والفلسفة :كانت تنفي قابلية التاريخ للعلم فصارت تاريخية هي بدورها سواء كان موضوعها الطبيعة أو الإنسان. وإذا كان بين شرط فلسفية التاريخ في خطبة المقدمة لما بين ضرورة انتقاله من الأدب إلى الحكمة فإنه بين تاريخية الفلسفة في غاية المقدمة لما تكلم على العلوم العقلية إذ ميز بين جمعها بعدي الكلية والتاريخية بمفهوم تراكم التجربة. لكننا نوجد أمام أكبر معضلة يعترضها الفكر الإنساني وهي كيف يمكن أن تكون الطبيعة والتاريخ أو ما بين الأشياء من علاقات (كيمياوية وفيزيائية) وما بين البشر من علاقات أبو يعرب المرزوقي 51 الأسماء والبيان
-- (بايولوجية واقتصادية) وما بين العلاقات الأولى والعلاقات الثانية أي ما بين الطبيعي والثقافي وما يضفي على تناولها الإنساني نظاما قابلا لأن يكون مادة تواصل بين البشر وقادرا على أن يمكن من تفاعل الإنسان فردا وجماعا مع الطبيعي والتاريخي بصورة تجعله قادرا على اكتشاف ما ينسبه إليها من نظام حتى بشكل فرضي ما دام قابلا للاحتكام فيه إلى التجربة التي لا تثبت المطابقة المطلقة أبدا. فالإدراك فردي سواء كان للطبيعة أو للتاريخ ولكن بأدوات جماعية (اللسان خاصة). والفاعلية ليست فردية إلا بتوسط الجمعي في النظر والعمل المتراكمين خلال تراكم التجارب التي صيغت نظريا .ومن ثم فجعل الفاعلية الفردية فاعلية جماعية وجعل الجماعية مكتسبة فرديا هما الشرط الأول لهذه الأنظمة التي تكون النسيج العمراني والاجتماعي. و\"جعل الفردي جماعيا والجماعي فرديا\" هو بعدا السياسة التي هي ليست شيئا آخر غير جعل الجعلين ذوي نظام مزيج بين النظام الطبيعي والنظام التاريخي. وهو نظام فعل النظامين في الفرد وفي الجماعة وفي تفاعلهما .وهو ما يعني أن ما يتوسط بين الطبيعة والإنسان لا بد أن يكون ذا مستويين هما عين كيان الإنسان وعين ما يعنيه من الطبيعة لسد حاجاته البدنية (الثروة) ومن التاريخ لسد حاجاته الروحية (التراث). والثروة والتراث هما الحيزان اللذان يتوسطان بين الحيز المكاني الطبيعي (الذي يصبح مكانا حضاريا) والحيز الزماني الطبيعي (الذي يصبح زمانا حضاريا). فيكون دور السياسة ببعديها (التربية والحكم) ليس شيئا آخر غير تحقيق شروط هذه النقلة من الفردي إلى الجمعي ومن الجمعي إلى الفردي لتكوينية وجوده العضوي ووجوده أبو يعرب المرزوقي 52 الأسماء والبيان
-- العائد على كيانه العضوي وهو كيانه الروحي .والتربية لها هذا البعدان العضوي والروحي ويقابلهما علاقته الاقتصادية وعلاقته الثقافية بالطبيعة والتاريخ. سياسة العالم هذه هي التي تنشئ والتفاعل بين الطبيعة والتاريخ في الاتجاهين بالحيزين الممثلين بالثروة والتراث. وذانك هما بعدا السياسة من حيث هي علاقة بالطبيعة وعلاقة بالتاريخ في انتاج الجماعة لذاتها بإنتاج شروط بقائها العضوي والروحي أي ديموغرافيا وثقافيا حتى تتمكن من الجمع بين الفردي الذي هو الفاعل بتوسط الجمعي الذي هو شرط الفاعلية مرتين بإنتاج الفاعل وبإنتاج شروط انتقال الفاعلية من الفردية إلى الجماعية وشرطها التعاون للتبادل والتعاوض في العلاقة بالطبيعة والتفاهم للتواصل والتعارف في العلاقة بالتاريخ :وهذان هما مستويا المقدمة \"العمران البشري والاجتماع الإنسان\". وهو ما يعني أن ارادة الإنسان ومعرفته وقدرته وحياته ورؤيته للعالم تصبح في آن فردية وجماعية لأن فاعلية الفرد ألإنساني لا تكون بحق موضوع العلم الخلدوني الجديد إلا بتحولها إلى إرادة ومعرفة وقدرة وحياة ورؤية جماعة توحدها حضارة هي هويتها الجامعة بين الطبيعي والتاريخي. وهذا التحول هو الذي ينتج أدوات الفعل السياسي في التربية والحكم أداتي تحقيق هذه النقلة من الفردي إلى الجمعي ومن النظام الذي من مميزات في الفرد إلى النظام الذي هو من مميزات فعل الجماعة. ويصبح نظام فعل الجماعة شرط التفاعل بين الكسبي التاريخي من جهة ونظام فعل الفرد شرط التفاعل الفطري الطبيعي .وهذا يعني أن النظام السياسي له مستويان: أبو يعرب المرزوقي 53 الأسماء والبيان
-- مستوى شبه آلي هو المؤسسات أو الادوات التي تنقل الفعل من الفردي إلى الجمعي ومستوى شبه حر هو الأفراد التي تملأ المؤسسات بوصفها قيمة عليها وفاعلة باسمها. لهذا أجدني مضطرا مرة أخرى-وقد قربنا من الغاية في البحث-أو أورد نص ابن خلدون الذي ترد إليه ثورته كلها وخاصة بعد أن أطلقه ابن الأزرق في كتابه بدائع السلك في طبائع الملك :قال\" :والوجود شاهد بذلك فإن لا يقوم بأمر أمة أو جيل إلا من غلب عليهم .وقل أن يكون الأمر الشرعي مخالفا للأمر الوجودي\" (المقدمة الباب الثالث الفصل 26في اختلاف الأمة في حكم هذا المنصب وشرطه منصب الخليفة). فعلق ابن الأزرق قائلا \":بل لا يكون البتة .وقاعدة أن كل أصل علمي يتخذ أماما في العمل فشرطه أن يجري العمل به على مجاري العادات في مثله وإلا فهو غير صحيح شاهد على ذلك\" (بدائع السلك تحقيق محمد عبد الكريم تونس ليبيا الدار العربية للكتاب المقدمة الثانية الفاتحة العاشرة ص.)97. وهذا الوصل بين \"قيام أمر الجماعة\" والحاجة إلى \"الغلبة\" أو الشوكة في السياسة وهو ما يرمز إليه مفهوم العصبية كما بينا دلالته باعتباره عين النقلة من الفردي إلى الجمعي وتوسط الجمعي بين الفردي والطبيعي والفردي والتاريخي هو جوهر الظاهرة العمرانية والاجتماعية بما فيهما علاقة بين البشر والطبيعة وبين البشر والبشر هو موضوع العلم الجديد الذي لا بد له من نوعي المقدرات الذهنية لأن الأول شرط معرفة الطبائع والتعامل معها بعمل على علم والثاني شرط تقييم الشرائع والتعامل معها بعمل على علم. وطلب هذه المسائل لا يقبل فيه ابن خلدون نظرية سياسة المدن الفاضلة ولا سياسية الاحكام السلطانية. أبو يعرب المرزوقي 54 الأسماء والبيان
-- ذلك هو المنطلق في قولي إن ابن خلدون لا يعتبر الشرائع عامة (إذا لم تكن محرفة) والإسلامية خاصة متدخلة في موضوعه بغير ما تتدخل به الطبائع فيه :أي بما وصفت في بعدي السياسة تربية وحكما .لذلك كان من الواجب أن يكون للعمل ما للنظر من مقدرات ذهنية شارطة للعلمية في العمليات إذا مكنت من أن تعبر عنها تعبير المقدرات الذهنية في النظريات بنفس الشرط. وإذن فالمقدرات الذهنية النظرية ليست مجردات من الطبائع (الرياضيات من الأجرام) كما ورد في ميتافيزيقا أرسطو بل هي شروط علم ا لطبائع دون أن تكون منها ومثلها المقدرة العملية ليست مجردات من الشرائع بل هي من شروط علم الشرائع دون أن تكون منها (الأخلاقيات من الأرواح). فتكون المقدرات الذهنية العملية ليست مجردات من الشرائع (الأخلاقيات من الأرواح) بل هي مبدعات إنسانية مجهولة الطبيعة ليس يمكن للإنسان أن يكون ذا علاقة بالطبائع والشرائع من دونها. وهو ما يعيدنا إلى مشكلة المشاكل في الباب الأول من مقدمة ابن خلدون :كيف يستخرج الإنسان من الجغرافيا الطبيعية شروط بقائه العضوي. وكيف يسترح الإنسان شروط بقائه الروحي من التاريخ الحضاري شروط بقائه الروحي .فلنورد التأويل الخلدوني لنشأة ما يمكن اعتباره الأديان الطبيعية ليحدد ما سماه مدركي الغيب الذين صنفهم إلى نوعين طبيعي وصناعي. ويمكن القول إن الاول ومثله الثاني فيهما ما هو حقيقي وما هو حيل مخادعة. أبو يعرب المرزوقي 55 الأسماء والبيان
-- والطبيعي يبدأ من الكهانة إلى الوحي المنزل والثاني يبدأ من السحر إلى العلم .وكلها صفات للإنسان من حيث هو ذو فكر يحاول فهم ألغاز علاقته بالطبيعة خارجة وفي ذاته والتاريخ خارجه وفي ذاته .والقرآن يقول إن تبين أنه حق ليس موجودا فيه بل في آيات الله في الآفاق وهي الطبيعة والتاريخ وفي الانفس وهي كيان الإنسان الطبيعي والروحي (فصلت )53ويحد من تأويل آياته (آل عمران .)7 فيكون القانون في فكر ابن خلدون المبدأ التالي الذي أطلقه صاحب بدائع السلك :لا شيء شريعي مخالف لما هو طبيعي من حيث الانتظام والخضوع لسنن تحكم التاريخ والسياسة وهو ما يعني أن معيار الحقيقة في المعرفة الإنسانة والمعرفة الطبيعية واحد: مقدرات ذهنية مع تجربة والفرق هو في نوع المقدرات الذهنية النظرية والعملية بمعنى الفرق في نوعي اللغة المعبرة عن النظرية والعملية. فلم يبق في رؤية ابن خلدون للعلم الجديد الذي يؤسسه ما ليتعارض فيه الديني والعلمي بغلة ابن تيمية أو ما يعلم بغير البحث العلمي النظري في الطبائع والعملي في الشرائع. فالقرآن لا يتضمن علما ولا عملا بل هو توجيه يذكر بشروط العلمية والعملية أي بما للإنسان من قدرات غفل عنها وبما في الطبيعة والتاريخ من نظام ينبغي اكتشافه بتلك القدرات المؤهلة للنظر والعمل في مهمتي الإنسان من حيث هو مستعمر في الأرض بقيم الاستخلاف. ومن ثم فالقصد بالاقتصار على الاجتهاد الممكن للإنسان فيهما وهو محدود ونسبي في النظر والعمل و ثمرتهما محدودة بما للإنسان من قدرة عليهما وهي محدودة لأنها دائما متناهية .وتلك هي علة القول بعدم المطابقة في النظر والعمل وهو أصبح الإنسان يعلمه أبو يعرب المرزوقي 56 الأسماء والبيان
-- فتخلى عن القول بالمطابقة وعوضها بجعل الجماعة هي التي تحدد معايير العلم والعمل بالمشترك بين الذوات الناظرة والعاملة. فيكون الوجود ليس مردودا لما يعلمه الإنسان منه والمنشود ليس مردودا لما يريده الإنسان لأن علم ا لإنسان وقدرته نسبيان وليسا مطلقين فلا يحيطان بموضوعهما الذي لا يرد إليهما :وذلك هو جوهر نفي المطابقتين .وإذن فلا يمكن أن يقع تفاعل بين الإنسان ومحيطه الطبيعي والتاريخي من دون هذه القدرة التي له على التعامل معهما بما لديه من قدرات فكرية فعلية أو خيالية. وعودته على هذه القدرات لمعرفتها وتقييمها هو المنطلق الذي يجعل تراكم التراث من حيث هو الخبرة الممكنة من سد الحاجات العضوية من الطبيعة بتوسط التعاون والتبادل والتعاوض العادل في الجماعة ومن سد الحاجات الروحية من التاريخ بتوسط التواصل والتعارف والتضامن الصدق في الجماعة. وهو ما يقتضي نظرية في المعرفة والنظر ونظرية في القيمة والعمل .وكان الحل الأول هو دراسة هذه العلاقة بالطبائع وبالشرائع وبداية تنظيم الخبرات التي تحصل فيهما حتى تتراكم لتكون أدوات في سد نوعي الحاجات وهو ما يقتضي المؤسستين الاوليين اللتين تنشغلان بشرطيهما أي تربية الأجيال وحكم الجماعة. ومن ثم فسياسة الجماعة من حيث علاقتها بالعالم الطبيعي والعالم التاريخي هي عين تربية الاجيال وحماية التعاون والتواصل في ما بينهم ثم مع الجماعات المحيطة بهم .وما أخشاه هو أن يتكرر القول بالمطابقتين بتأثير من فلسفة هيجل وماركس ما حصل بتأثير فلسفة أفلاطون وأرسطو. أبو يعرب المرزوقي 57 الأسماء والبيان
-- وهو ما اعتبره سر طغيان الفتنة الصغرى التي تعتبر فهم تاريخ الإنسان يقبل الرد إلى التنافي بين الفلسفي والديني الناتجين عن القول بالمطابقتين وما يترتب عليهما من قول بوحدانية العالم ونفي كل ما يتعالى عليه أو على الأقل تأثر العقد في ما يتعالى عليه في التاريخ الفعلي. ولذلك فلا أعجب إذا عجب غيري من كلامي في هذه الأمور لعلاج مسألة علل تعثر نهوض الامة عامة والتمثيل له بتعثر الثورة وعلل تركيز أعداء الامة بمستوياتهم الخمسة على ضرب تركيا. ما علاقة ذلك بهذا؟ والجواب :الأمة إذا فقدت دلالة ثورتها الروحية ودورها في التاريخ الكوني يستحيل استئنافها دورها فالهزيمة (كلاوسفيتز) هي خسران سر الصمود. ولا يمكن أن يفهم المسلمون السر في أن ثورة الإسلام كان حماتها عربا في البداية وصار حمايتها تركا في الغاية وكلاهما شعب لم يكن له وجود في تاريخ العالم يمكن أن يفخر به وأن يكون من يقود الحرب عليهما من كان لهم تاريخ قبل ثورة الإسلام ويسعون لاسترداد دورهم بالانتقام منهما ضرب الإسلام. وليس في هذا الكلام الخرافة التي تدعي أن كل من يحاول قراءة التاريخ العالمي بمحدداته التي وصفت في ما تقدم من هذه المحاولة أعني التنافس بين البشر على الأحياز الخمسة بالزعم إنه قول بنظرية المؤامرة :لا مؤامرة في الأمر بل هي تنافس على ما يسد الحاجات الإنسانية للبقاء العضوي والروحي. أبو يعرب المرزوقي 58 الأسماء والبيان
-- لم أدرس القانون والاقتصاد لاستكمال تكويني في الفلسفة اليونانية (ما قبل العربية) والألمانية (مابعد العربية) بسب الترف بل لأني كنت أبحث عن سر تعثر الأمة في محاولات الاستئناف التي لم تبدأ كما يخرف البعض حول دور غزوة نابليون بل مع ثورة ابن تيمية في النظر ومع ثورة ابن خلدون في العمل. محاولات الغاء دور الإسلام لا تتعلق بكونه الأمة حققت امبراطورية هزمت امبراطوريتين قبلها وصمدت أمام امبراطوريات بعدها فهذا لا ينكره أحد بل دعوى أنها لم تكن ثورة بل مجرد سيطرة مادية وعسكرية على حضارات تفضلها بكثير :وهذه علة محاولات نفي أبعاد ثورة الإسلام حتى من المسلمين أنفسهم. وإذا كانت العنصرية الغربية تحاول الوصل المباشر بين أوروبا واليونان واعتبار المرحلة الإسلامية كلا شيء ومثل اصحابها الكثير من العلمانيين العرب خاصة فإن المستهدف ليس تاريخ الاحداث التي يعسر نفيها بل تاريخ الأحاديث التي تؤول الاحداث لتحرف دلالتها بنفي دورها في نظرية العلم والعمل. وخلافي الأساسي مع من يبحث عن سبق المسلمين للغربيين في اي شيء لأن ذلك يعني أمرين كلاهما لا أقبله للإسلام ولحضارته: .1أن يقيم بفعله بما يظن ذا قيمة في فعل غيره وليس بقيمته الذاتية التي تبقى مجهولة .2أن يظن أن مستقبل الإنسانية هو محاكاة ماضي الغرب لأن حضارته صارت الآن من الماضي. أبو يعرب المرزوقي 59 الأسماء والبيان
-- فما يعجز دون فهمه اصحاب المشاريع سواء كانوا من كاريكاتور الحداثة أو من كاريكاتور الأصالة. فأولئك غاب عنهم أن حضارة الغرب انتهت وأن الإنسانية مقبلة على تحول كيفي في تاريخها. وهؤلاء غاب عنهم ما اصالة الحضارة الإسلامية ليست ماضيها بل تحريف ثورتها بما يماثل ما حل حاليا بأولئك. فنسبة هيجل وماركس لكاريكاتور الحداثة العربية هي عين نسبة أفلاطون وأرسطو لكاريكاتور الأصالة العربية .في الحالتين ظل الفكر متوهما أن الوجود يرد إلى الإدراك بالمصطلح الخلدوني والمنشود يرد إلى الموجود أو أن علم الإنسان محيط وعمله مطلق بمصطلح ابن تيمية .وهو ما يسميه ابن خلدون بحب التأله عند الطغاة سياسيا أو معرفيا. ورمز \"الشيطان الملازم للإنسان\" هو أصل حب التأله المذموم في المقدمة طغيانا سياسيا أو معرفيا .فالمستبد سياسيا والمتكبر علميا والمتجبر اقتصاديا والمتنمر ذوقيا والقائل بالمطابقة دينيا وفلسفيا كل هؤلاء متألهون أي إنهم يتصورون الإنسان إلها أوربا إرادته ومعرفته وقدرته وحياته ورؤيته كلها لها ما لإرادة الله ومعرفته وقدرته وحياته ووجوده من إطلاق. تلبس الشيطان للإنسان هو الوهم الذي يجعل الأنسان يخدع نفسه فيظن أنه إله وليس خليفة فيعتبر إرادته وعلمه وقدرته وحياته ورؤيته كلها مطلقة لكأنه صار ربا فيصبح السياسي والعالم والاقتصادي والفنان وصاحب الرؤية الدينية أو الفلسفية متألها بهذا المعنى :فيكون ما قالت الملائكة في آدم وأبنائه. أبو يعرب المرزوقي 60 الأسماء والبيان
-- وثورة الإسلام التي أردت بيان بعديها المعرفي والقيمي هي التي أنشأت بعدي سياسة عالم الشهادة بتحرير الإنسان من هذا التلبس الشيطاني الذي يجعله ضحية وهم التأله فيزعم إرادته وعمله وقدرته وحياته ووجوده مطلقات لكأنه ينافس الله في ما يتفرد به من الإطلاق فيها وهو هروب من الفقر إلى الله. والتحديق في الفقر إلى الله هو سر كل قوة ذاتية للإنسان :فهو حينها يكون كما قال ابن خلدون \"رئيسا بطبعه بمقتضى الاستخلاف الذي خلق له\" (المقدمة الباب الثاني الفصل .)24 ومعنى ذلك أن حقيقة الإنسان أنه حر(رئيس) وأن هذه الحقيقة لا تتعين فعلا في التاريخ إلا بالاستخلاف أي بعلاقته بربه. وتلك هي ثورة الإسلام :فالتسليم للرب هو جوهر الحرية الإنسانية التي تجعله في علاقة بالطبيعة وبالتاريخ خارجه (الاحياز الخارجية الخمسة) وفي ذاته (الأحياز ا لداخلية الخمسة كذلك) ليس خاضعا لهما بل له ما به يتعالى عليهما وذلك هو موضوع فلسفة النظر والعقد وفلسفة العمل والشرع :وهذا هو مكمن الثورة. إذا ما استثنينا محاولات المدرسة النقدية (الغزالي وابن تيمية وابن خلدون) فإن كل علوم الملة الغائية الخمسة (الفقه والتصوف والكلام والفلسفة وأصلها جميعا التفسير) كلها دون استثناء قائلة فعليا بالمطابقتين حتى لو أعلنت قوليا أنها ليست كذلك .فواضعو العقائد مثلا قائلون بالمطابقة حتما. وقد قلت إن هذا التحريف كان صريحا عند الشيعة لأنهم أعادوا الوساطة الروحية بين المؤمن وربه (المرجعيات) والوصاية السياسية بين المؤمن وشأنه (الأيمة المعصومون). أبو يعرب المرزوقي 61 الأسماء والبيان
-- لكن السنة أعادوا ما لا يقل عن ذلك سوءا وإن كان ليس صريحا ومثاله الوهابية .فالمؤمن يكون فيهما خاضعا لطغاة في الحكم ولكنسية خفية في التربية وذانك هما بعدا السياسة اللذان يفسر بهما ابن خلدون فساد معاني الإنسانية. في الظاهر هناك تناف مطلق بين التشيع والوهابية .في الحقيقة هما نفس الشيء لكن الفرق هو أن الثانية امر واقع يستعمل الدين في الأقوال وعكسه في الأفعال. والأول يجعل الدين مردودا إلى وظيفته السياسية التي هي الفهم الفولتاري للدين من حيث هو أداة تخدير لسلطة تزعم معصومة وهي أصل كل فساد. وما يجري في السعودية وما يجري في إيران هو من نفس الطبيعة من حيث المسمى لكنه يختلف من حيث الاسم :المعركة بينهما هي حول الاسم وليست حول المسمى .وما يبدو خروجا على الوهابية وخروجا على الشيعية هو في الحقيقة بداية ظهور ما أسلفت بيانه .فالفتنة الصغرى هي أصل الفتنة الكبرى :دين خدعة. ولا يغترن أحد بالمظاهر فمن يحكم إيران ليس الملالي بل المليشيات التي هي أفسد حتى من الجيش المصري والسوري ودور الملالي هو التغطية على هذه المافية الحاكمة الفعلية. وكان ذلك عين ما تقوم به القبلية الغالبة السعودية وتغطي عليه ما تسمى بجماعة العلماء. والآن المرتزقة يعوضون القبيلة. وبذلك افتضحت علاقة الفتنة الصغرى بالكبرى :العلمنة التي جربها أتاتورك في تركيا والشاه في إيران وبورقيبة في تونس يحاولها صاحب المنشار في السعودية وهو ككل أحمق يجرب المجرب الذي تبين فساده وفشله في علاج المشكل الذي تبين حتى عند أهله إذ تبين أنه تأله مآله الفساد في الأرض وسفك الدماء. أبو يعرب المرزوقي 62 الأسماء والبيان
-- ما حدث في الغرب وفي محاكاة الشرق له محاكاة كانت جوهر الباطنية عندنا صار علنيا وآل إلى التبعية الروحية التي تعتبر التدمير تعميرا والسراب ماء زلالا تجري إليه جريها إلى حتفها. وكل ذلك لأن هذه النخب تؤمن بدين العجل فتعبد معدنه بربا الأموال وخواره بربا الاقوال :حكم مستبد وفكر مخادع. والآن تفهمون سر الحرب على ثورة شباب الأمة التي سميت بالربيع وضم تركيا لهم واعلان الحرب عليها من أعداء الأمة الخمسة: • اثنان يمثلان ما تقدم على الإسلام (الصفوية والصهيونية) • واثنان يمثلان من يتصورون أنفسهم خلفوه (روسيا وأمريكا) • والخامس هو كل العملاء العرب لهؤلاء الأعداء من الإقليم وخارجه. صمود شباب الثورة هو العون الرئيس لنجاح الثورة الأعمق وهي ذات وجهين كلاهما متعين في تركيا وتونس: .1فشل محاولة العلمنة التي هي جوهر الباطنية قديما والظاهرية حديثا .2العودة إلى دور الثورة الإسلامية التي كانت مغيبة أي الجمع بين الاستعمار في الأرض والاستخلاف غاية لثورة التحرر والتحرير. وعندما ترى سكوت العالم كله على ما يجري في سوريا وما جرى قبله في مصر وما يجري في ليبيا وما يجري في اليمن وما يراد لتونس تفهم أن مشروع سايكس بيكو الثانية ورديفتها الصفقة الكبرى بتمويل من أحفاد سايكس بيكو الأولى ورديفها وعد بلفور سرعان ما يخطر على بالك علاقة استهداف تركيا بالثورة. أبو يعرب المرزوقي 63 الأسماء والبيان
-- فهي تستهدف لأنها علاقة الوصل بين كلا السايكسين والرديفين :منع الاستئناف الإسلامي بشكل حديث يكون اتحادا يجمع ما ليس بغربي من محيط الابيض المتوسط حتى يكون ندا لأوروبا فيتحقق التحرر ويستكمل التحرير .لكن العملاء العرب والصفوية والصهيونية وسنديهم روسيا وأمريكا وأوروبا لن يفرضوا شروطهم. وهذه المعركة هي التي ستكون شرط الاستئناف لأن مجراها بروح العودة إلى التاريخ هي التي ستجعل الأمة قادرة على التحرر من عطالة التربية والحكم العنيفين ومن ثم باسترداد المسلمين للدور الذي حاولت وصفه في المعادلة الوجودية .فالعلاقة بالطبيعة وما بعدها وبالتاريخ وما بعده بوصف المابعدين هما التفاتان متلازمان يحيلان إلى ما يتعالى عليهما هما ما يميز الإنساني على الطبيعي. وهو ما يقتضي ضرورة التحرر من القول بالمطابقتين وما يترتب عليهما من القول بوحدانية العالم .والتحرر منهما يؤدي إلى القول بعلاقة علوم الانسان ومنها علوم الطبيعية مستوى أولا بما يجعل الإنسان في علاقة بما يتعالى على العلام لكونه هو مصدر نوعي المقدرات الذهنية النظرية والعملية بوصفهما أداتي سلطانه على الطبيعة والتاريخ. ويكون ذلك بتأويل ما بعدهما تأويلا يجمع بين الضرورة الطبيعية والحرية الإنسانية وتفاعلهما في الاتجاهين وأصلها أربعتها أي ما وضعه ابن خلدون في الباب الأول من المقدمة وضعا أوليا لم يكن بوسعه صوغه صوغا متحررا من الاصطلاح الارسطي وعاد إليه الكاريكاتوران بصوغ غير متحرر من الاصطلاح الهيجلي الماركسي وكلا الاصطلاحين يقول أصحابهم بالمطابقتين. أبو يعرب المرزوقي 64 الأسماء والبيان
-- وبذلك يصبح بالوسع الكلام على التوالج بين العلاقة العمودية بين الإنسان والعالم الطبيعي والعلاقة الأفقية بين الإنسان والعالم التاريخي أو بلغة ابن خلدون بين الجغرافيا والتاريخ والتأثير المتبادل بين دور العلاقة الأولى في سد الحاجات الطبيعية ودور العلاقة الثانية في سد الحاجات الروحية ودور السد الأول (الاقتصاد والثروة) في الساد الثاني والسد الثاني في السد الأول (الثقافة التراث): .1والاقتصاد والثروة هما اللاحم الأول للجماعة وفيه يغلب على علوم الإنسان ما يقرب من قانون الضرورة الطبيعية. .2والثقافة والتراث هما اللاحم ا لثاني للجماعة وفيه يغلب على علوم الإنسان ما يقرب من قانون الحرية الخلقية. .3ورمز الاول العملة أداة للتبادل. .4ورمز الثاني الكلمة أداة للتواصل. .5وبذلك نصل إلى الرمزين الأعليين وهما ما يمكن من فهم كيف أن الإنسانية يمكن أن يحكمها بعي دين العجل (الذهب المسروق والخوار) من دون ثورة الإسلام المحررة من ربا الاموال أو تحول العملة من أداة للتبادل إلى أداة سلطان على المتبادلين ومن ربا الأقوال أو تحول الكلمة من أداة للتواصل إلى أداة سلطان على المتواصلين. أبو يعرب المرزوقي 65 الأسماء والبيان
-- ربطنا علل تعثر نهوض الأمة حاليا بعلل تعثرها السابق ونسبنا ذلك إلى مستويين: .1الأول سياسي ظهر في البداية وهو إشكالية الفتنة الكبرى أو إشكالية تأويل سياسة الإسلام في التربية والحكم بما تقدم عليه سياسيا أصلا لها وعلة للصراع بين الرؤية الثيوقراطية والرؤية القبلية لسياسة الجماعة. .2الثاني لم يظهر إلا في الغاية وهو إشكالية الفتنة الصغرى وهي نفس الإشكالية بما تأخر على الإسلام سياسيا أصلا لها وعلة الصراع بين الرؤية الانثروبوقراطية والرؤية الثيوقراطية لسياسة الجماعة. وقد أرجعنا مقابلة هذين الأمرين المحيطين بالإسلام ورؤيته السياسية تربية وحكما والتي لم تتحقق بسبب هذه الإحاطة أرجعناها إلى أمر كان موجودا في الحد السابق وعاد في الحد اللاحق. وهو متعلق بنظرية المعرفة والنظر وبنظرية القيمة والعمل اللتين كانتا تحولان دون فهم هذه السياسة القرآنية وهي حيلولة مضاعفة تنافي رؤية القرآن في علاقة النظر والموجود أو الاجتهاد وفي علاقة العمل والمنشود أو الجهاد: • نظرية المعرفة القائلة بالمطابقة بين النظر والموجود. • نظرية القيمة القائلة بالمطابقة بين العمل والمنشود. وبعد أن أثبتنا المسار الفكري الذي حرر المدرسة النقدية من المستوى الاول وما يمكن أن يحرر النهض من المستوى الثاني وصلنا إلى جوهر الإشكالية الحالية بصيغة تجمع بين أبو يعرب المرزوقي 66 الأسماء والبيان
-- العلاقة العمودية التي تصل الإنسان فردا وجماعة بالطبيعة والعلاقة الافقية بين الإنسان فردا وجماعة والتاريخ وترجمانها بثمرتهما التي هي: .1حل الإنسان لمشكل سد حاجاته العضوية بتطبيق ثمرة النظر من حيث هو علم بقوانين الطبيعة .وذلك بالتعاون والتبادل والتعاوض العادل. .2حل الإنسان لمشكل سد الحاجات الروحية بتطبيق ثمرة العمل من حيث هو علم بسنن التاريخ .وذلك بالتواصل والتفاهم والتعارف الصادق. وبينا أن أداة التبادل هي العملة أو رمز الفعل وأن أداة التواصل هي الكلمة أو فعل الرمز وأن كل إشكالية الإنسانية تكمن في مآل هذين الأداتين: .1فإن بقتا أداتين للتبادل والتواصل كانت البشرية متآخية ومتساوية فعم السلم فيها. .2وإذا صارتا سلطانا على المتبادلين والمتواصلين أدتا إلى الاحتراب الأهلي في كل جماعة ثم بين كل الجماعات. والرؤية الإسلامية تنقلب إلى عكسها بالتحريف الروحي في الثيوقراطيا أي السياسة المافياوية الخفية تربيتها كنسية وحكمها حكم بالحق الإلهي وكذلك بالتحريب العقلي في الأنثروبوقراطيا التي هي نفس السياسة معلمنة وهي سياسية مافياوية علنية تربيتها كنسية معلمنة وحكمها حكم بحق إلهي معلمن لأن أساسه تأليه الإنسان. فتكون البنية العميقة فيهما نفس البنية الواحدة وهي ما أطلقنا عليه اسم \"دين العجل\" ببعديه أي برمز الفعل أو ربا الأموال (سلطان العملة على المتبادلين) وبفعل الرمز أو ربا الاقوال (سلطان الكلمة على المتواصلين). أبو يعرب المرزوقي 67 الأسماء والبيان
-- وتلك هي الخاتمة التي وصلنا إليها في الفصل السابق والتي بينا فيها: .1أنها في الحالة الأولى تدين للفلسفة التي نشأت في غاية العصر القديم والقائلة بالمطابقتين والموروثة عن افلاطون جزئيا وعن أرسطو كليا. .2وأنها في الحالة الثانية تدين للفلسفة التي نشأت في غاية العصر الحديث والقائلة بالمطابقتين والموروثة عن هيجل جزئا وعن ماركس كليا. ويترتب عليهما اعتبار الدين والفلسفة أداتين للتربية التي هي عنف للسيطرة على الأرواح والحكم عنف للسيطرة على الأبدان بصورة تجعل الوسطاء يسيطرون على كيان الإنسان الروحي والأوصياء يسيطرون على كيانه العضوي .فلا يبقى كما عرفه القرآن خليفة في الأرض ليعمرها وكما عرفه ابن خلدون \"رئيسا بطبعه بمقتضى الاستخلاف الذي خلق له\" بل يدعي الربوبية فيدمرها. وبذلك ضاعت معاني ثورة الإسلام التحريرية من الوساطة والوصاية ومن تحول العملة من أداة للتبادل إلى سلطان على المتبادلين وتحول الكلمة من أداة للتواصل إلى سلطان على المتواصلين .وما جرى في مستوى الفكر الذي أحاط بالإسلام قبله وبعده حصل في مستوى الأحياز الطبيعية والحضارية فكانت الإحاطة بدار الإسلام مكانا وبتاريخها زمانا هي الإشكالية التي تجعلها خاضعة للحرب الدائمة عليها. ولو لم أكتشف البنية العميقة الواحدة للنظامين الثيوقراطي والانثروبوقرطي وهي بنية عبرت عنها بالرمز القرآني في قصة العجل ببعديه المعدن الذي كان رمز العملة (الذهب) والخوار الذي كان رمز الكلمة (الخوار) لاستحال علي تبين طبيعة المرض الذي يصيب أبو يعرب المرزوقي 68 الأسماء والبيان
-- المجتمعات الإنسانية والذي هو ربا الأموال وربا الأقوال وهما الامران الوحيدان اللذان خصهما القرآن بموقف مطلق من الرب ليس فيه نسبية ولا يعلو عليه إلى الشرك بالله: الحرب على ربا الأموال والمقت الأشد لمن يقول ما لا يفعل. وهو ما يعني أن النظامين الثيوقراطي والأنثروبوقراطي أو العلماني اللذين يبدوان في الظاهر متناقضين هما من طبيعة واحدة والفرق بينهما هو في الغطاء الله والإنسان وكلاهما لا يتعلقان بالله والإنسان حقا بل إما بتأنيس الله: .1فتأنيس الله يتمثل في نسبة حيل التربية الكنسية والحكم بالحق الإلهي إليه. .2وتأليه الإنسان يتمثل في نسبة حيله التربية العلمانية والحكم العلماني إلى حقيقة الوجود التي تظن مطابقة لعلم الإنسان وتقييمه. وفي الحالتين لا يمكن لهذا الخلط أن يحصل من دون القول بالمطابقة في النظر والعقد وفي العمل والشرع .وإذن فالمشكل الأساسي في كل ما تعاني منه الإنسان من تحريف للفكرين الديني والفلسفي وما حاول الإسلام اصلاحه بمنهج التصديق والهيمنة النقدي للتحريفين هو هذين المطابقتين اللتين تؤسسان لتأنيس الله في الثيوقراطيا وتأليه الإنسان في الانثروبوقراطيا وكلتاهما خطاء منافق للأبيسيوقراطيا. وعندما أنفي شرعية الثيوقراطيا والانثروبوقراطيا فإن الكثير قد يتصورون أني اعتمد منطق تعريف الرؤية الإسلامية للسياسة من حيث هي تربية وحكم تعريفا سلبيا مضاعفا من جنس الإسلام لا هو مادية يهودية ولا هو روحانية مسيحية أو حتى لا هو رأسمالية ولا هو اشتراكية من هذه الخرافات السائدة. أبو يعرب المرزوقي 69 الأسماء والبيان
-- فليس عندي من هو أحقر من كلام الدعاة على وسطية الإسلام كما فهموا تعريف أرسطو للفضيلة بكونها وسطا بين رذيلتين .وهو دليل على سوء الفهم لرؤية أرسطو الخلقية وتقيد بمبادئ منطق ارسطو الثلاثة (الهوية وعدم التناقض والثالث المرفوع) في حين أن اعتبار ذلك لا يتجاوز طريفة التعريف أو لغة للعبارة عن تحادد المعاني في فلسفة أرسطو كما في تعريف الزاويتين الحادة والمنفرجة بكونهما ليستا قائمتين. فلا تكون القائمة هي التي تتجدد بهما بل هما اللتان تتحدان بها حتى لو بقينا في حدود المنطق الارسطي. لكن الإسلام ليس وسطا بين تطرفين فيكون متضمنا لهما وإن بسلبهما بل هما يتحددان بسلبه لأنهما يعتمدان المطابقة التي تؤدي إلى الثليث في حين أن قيم الأفعال في الإسلام مخمسة .ومعنى ذلك أن الحدين الاقصيين هما المحظور والواجب وبينهما المكروه والمندوب وفي القلب المباح الذي يرجع للإنسان فعل التقييم الذي يدعي صاحبه أنه مطابق ومبني على علم مطابق بل هو الاجتهاد الذي يجعل الفعل جهادا يمكن أن يجعل المحظور مباحا فعله والواجب مباعا تركه والمكروه مندوبا والمندوب مكروها بحسب الاجتهاد في ظرف الجهاد. الآن أوسع مجال البحث وأعود إلى مشكلة من يشغل القلب في كل شيء وعلى يمينه شاغلان وعلى يساره شاغلان وكلهم متحالفون عليه .فالإسلام نزلت رسالته في جزيرة العرب ملتقى القارات القديمة الثلاث إذا واصلناها إلى غاياتها فهي بين آسيا وأفريقيا وأوروبا توجد في ما يشبه الجزيرة ليس جغرافيا فحسب بل وتاريخيا فهي تفتح على كل الحضارات الماضية بصنفيها. أبو يعرب المرزوقي 70 الأسماء والبيان
-- وأعني بصنفي الحضارات القديمة ما ينتسب إلى الإقليم وما هو آت مما يحيط به من الأقاليم أي من الشرق وهما الشاغلان على شماله ومن الغرب حيث التقت حضارات آسيا (ما وراء النهرين) وحضارات أوروبا (روما القديمة وبديلها من الجرمان) وهما الشاغلان على غربه. وكانت جزيرة العرب قلب العالم جغرافيا لكنها في آن خارجه تاريخيا وأطرافها مستعمرة من قطبيه الملاصقين لها والمحاطان بما ورائهما من الشاغلين. ما حققته ثورة الإسلام هي أنها قلبت هذه العلاقة فصارت قلب العالم تاريخيا لأنها توسعت إلى الغرب بشاغليه وإلى الشرق بشاغليه إلى حدود الصين قلب الشرق الاقصى وحدود نصف فرنسا قلب الغرب الأقصى قبل اكتشاف أمريكا .وفي الغاية وصلت إلى ما يتجاوز الصين وما يتجاوز أوروبا لأن اكتشاف أمريكا يرجح أنه من صنع المسلمين وليس من صنع اسبانيا. ولما ضعفت دولة الإسلام جاءها الهجوم من الغرب أولا بحلف بين شاغليه (الصليبيات) ومن الشرق ثانيا بحلف بين شاغليه (المغوليات) وكان لهما في الحالتين حليفا من الداخل هو دولة الباطنية في مصر ويهود أوروبا الذين مولوا حروب أوروبا على الشرق وخاصة حروب شارل الخامس على ضفة المتوسط الجنوبية ومنها تونس والجزائر وليبيا. ولما فشلت حروب الاسترداد بفضل الدور الذي أدته الخلافة العثمانية بعد نكوص العرب إلى ما كانوا عليه في الجاهلية وهو نكوص لا دخل للأتراك فيه لأنه بدأ منذ سقوط الخلافة الأموية وبلغ الغاية في الخلافة العباسية اضطر الغرب إلى الاستدارة حول قلب دار الإسلام لإخراجه من دورة الاقتصاد العالمي بالتواصل المباشر مع المحيطين به بنوعي كلم منهما. أبو يعرب المرزوقي 71 الأسماء والبيان
-- ولما استقر الاستعمار الغربي في الهند والصين خاصة جعلهم بنحو ما أعداء للإسلام أو ساعين للانتقام من اهليه وكان ذلك جزءا من سياسية المستعمر لخطه الساعية إلى الانتصار على المسلمين. وهو ما نراه الآن من تحالف بين المحيطين بالإسلام من الغرب ومن الشرق في معركة يريدونها حاسمة لمنع الاستئناف. فما يجري في الهند وفي الصين خاصة إزاء مسلميهم ليس بمعزل عما يجري في أوروبا وأمريكا إزاء مسلميهم. لكن ذلك ليس إلا من أعراض المعركة مع القلب أي الاقليم الذي يعد قاطرة الحضارة الإسلامية لأنهم يعلمون أن اساس الحصانة الروحية والمناعة المادية توجد في الإقليم الاوسط وخاصة عربه وأتراكه وأكراده وأمازيغه وأفارقته اي اولئك الذين افشلوا الصليبيات والمغوليات والاسترداديات والاستعماريات وشرعوا خلال ذلك وبعده في استرداد المبادرة الفاعلة. وإذن فالمعركة لم تبق مقصورة على الإقليم وحده بل صارت عالمية .ويمكن القول إن كل حروب الإسلام من غيره عليه أو منه على غيره حروب عالمية بالأساس أولا لأن نظرية الإسلام تعتبر المعمورة كلها دولته الممكنة ولأنها حرب لا تجري في حضارة واحدة كما كانت الحال في حروب الغرب الاستعمارية التي كان العالم غير الغربي مجالها وليس طرفا فيها ولأنها كانت نشأة حضارة ليس لها سابق وليس لها لاحق لأنها فريدة النوع إذ هي تتأسس على رسالة كونية للإنسانية كلها. سيقال أنت تبالغ أنسيت الحربين العالميتين الاخيريين؟ أبو يعرب المرزوقي 72 الأسماء والبيان
-- طبعا لا يمكن أن أنسى لأني من اكتوى بهما معا في أسرتي المباشرة .لكنهما ليستا حربين عالميتين إلا بالتبعية .فهما حربان أوروبيتين خالصتان جرتا في مرحلتين واحدة داخلية للتنافس على المستعمرات والثانية داخلية للتنافس على حكم أوروبا وما استعمرته بينهم ومعهم مستعمرتاهم أمريكا وروسيا. فعندما قتل الأمريكان اختي وخالي وابن عمي في الحرب الثانية وعندما جندت فرنسا أبي في الحرب الاولى وعندما جندت فرنسا الكثير من شباب تونس والجزائر في الحربين العالميتين وفي حرب فياتنام لم تكن حربها عالمية علينا لجعلنا فرنسيين بل لإبقائنا عبيدا لها .لم تصبح أي \"مستعمرة\" سيدة وصاحبة الدولة بخلاف ما كانت عليه سياسة الفتح الإسلامي. كل دول الاسلام من جوار الصين إلى جوار فرنسا لم يكن حكامها من العرب إلا في زمن قصير في بدايات الفتح بل كان حكامها من اهلها ولا يجمعهم إلى الإسلام وليس العرق ولا اللغة ولا أي شيء مما هو دون الإسلام موحدا لهم على منزلة الإنسان بوصفه خليفة لا يعبد عبدا بل هو يعوض العبودية لغير الله بالعبودية لله وحده :ثورة عالمية. لم يكن الفتح حرب شعب على شعب لإفنائه وأخذ ارضه وثروته بل كان حرب الإنسان على ما ينافي الإنسانية من حيث هي ما خلق إلا لعباده مثل الجن في الرؤية القرآنية. واليوم يحاكي الغرب هذه الرؤية ولكن بموقف يبدو وكأنه \"يؤسس\" لشعوب حرة كما يوهم الظاهر .وهو في الحقيقة يعمل العكس تماما كما تبين كذبة الهند أكبر ديموقراطية. فلا الهند ولا حتى الصين فضلا عن اليابان وكوريا الجنوبية وكل أوروبا رغم عنتريات الفرنسيين -ينبغي الا ننسى أن رمزهم الديك -ليست إلا مستعمرات أمريكية وأوروبا أبو يعرب المرزوقي 73 الأسماء والبيان
-- الشمالية التي كانت مستعمرات سوفياتية بعد الحرب الثانية التحقت بها بعد سقوط جدار برلين وهي خاضعة تماما للسيطرة الأمريكية مع وهم السيادة لكن خراجها لأمريكا. وأداتا السيطرة هي بعدا العجل :الدولار والانجليزية .فالقوة المادية للدولار والقوة الرمزية للإنجليزية .وفي نفس الوقت كلهم مجندون للحرب عمن يعتبرونه الخطر الوحيد الذي لن يستطيعوا إزالته ما ظل قلب المسلمين نابضا بالقرآن وإرادتهم تحركها منزلة الإنسان في الرسالة الخاتمة :العزة والمجد. لم يفن الإسلام شعبا ولم يقتل لغة ولم يلغ تراثا ولم يفرض على أي شعب فتح الله بصيرة شعبه للإسلام أن يتخلى عن ثقافته أو عن وطنه لكنه فتح للجميع المشاركة في نشر الرسالة وخدمتها وأداء الدور الذي يؤهله له ما لديه من ملكات وقدرات فصارت شعوب الأمة تتداول على خلافتها والجميع معتز بدوره. من يتصور الهند دولة مستقلة واهم .فهم يمثلون النوع الحديث من عبيد الأمريكان خاصة والغرب عامة. وجدوا كلفة العبيد الأفارقة كبيرة فحرروا ما بقي منه وهم قلة لنقلهم إلى العبودية الجديدة وهي عبودية العمل التابع .لكن سودان افريقيا تحرروا وكان للإسلام في ذلك دور كبير. الهنود فهم عبيد لأمريكا وهم في بلادهم. وما يجعلهم يبدون متقدمين تقنيا وعلميا علته اعدادهم لخدمة الشركات العالمية التي تجد في أجورهم الزهيدة أداة تنافس بيها بالحد من كلفة الانتاج .لكن الهند ما تزال تعمل أبو يعرب المرزوقي 74 الأسماء والبيان
-- بالطبقات الثابتة ومنها طبقة المنبوذين-الانتوشابل-وهم يلهونهم بالحرب على الإسلام والمسلمين. حربهم عليه خوفا من تحريره للإنسان. ولذلك فلا تعجبوا من الحلف الخفي سابقا وقد صار في عهد الوقع ترومب علنيا لإسقاط دولة باكستان التي يفرض عليها ما يفرض على بلاد الإسلام نخبا ليست مسلمة إلا بالاسم لأن الاستعمار الأمريكي يختارها .وجل حكام المسلمين إن عملاء ومنهم من يحمل جنسية المستعمر والمنشاري يباهي بمربيته اليهودية من اثيوبيا. وما يؤسفني حقا هو ما عليه قيادات الإسلام السياسية والتربوية عامة والعربية منها على وجه الخصوص من لا مبالاة بضرورة تحقيق ما يمكن أن يحمي المسلمين في العالم كله بحلم اربكان الذي حاولت تركيا وباكستان وماليزيا وقطر واندونيسيا مواصلته دون جدوى. ويمكن للدول الإسلامية التابعة للسوفيات سابقا أن تكون سندا عظيما لتركيا. فلن يردع روسيا من تهديد تركيا إلى تحرك هذه الشعوب لأني أعلم أن روسيا تحلم بتحقيق سايكس بيكو الثانية لتدارك حصتها التي خسرتها بسبب الثورة وتتمنى اخراج تركيا من أوروبا وحصرها في الاناضول لتسترد استنبول والدردنيل كما وعدوها قيصرها في مشروع اسقاط الخلافة واقتسام أرضها. ولن يردع الخونة والعملاء من حكام العرب ونخبهم الخادمة لهم وللمستعمر إلا استمرار ثورة الربيع وشمولها كل بلاد العرب. واعتقد أن نصر تركيا في ادلب وفي ليبيا سيكون الضربة القاضية لمؤامراتهم علها وعلى الثورة. أبو يعرب المرزوقي 75 الأسماء والبيان
-- وكل تخريف حول الخوف من عودة الخلافة بالمعنى القديم هو من \"خوار\" عجل النخب. فأولا قيادات تركيا ليسوا بحمق صاحب المنشار أو مخرب الديار مرشده حتى تفكر في ما تعلم أنه لم يعد مناسبا للعصر وأن ما يناسبه يجمع ما فيها من فضائل ويتحرر منا شابها من رذائل وذلك بالبديل الذي يمثل ما يشبه الولايات المتحدة الأمريكية التي هي فدرالية 50 دولة تجمعها شروط السيادة. لكن الحمقى من القيادات العربية مستعدة أن تخرب الوطن كله ناهيك عن دار الاسلام حتى يوهموا أنفسهم بأنهم أمراء وشيوخ وملوك ورؤساء دول وكلهم يعيشون الذل والمهانة في محميات تابعة ومتسولة للحماية أو للرعاية او لهما معا لا لشيء إلا لكي ينكصوا إلى الحرب الأهلية الدائمة لجاهليتهم القديمة. ولو تنازلوا لبعضهم البعض لكانوا قلب دار الإسلام بفضل القرآن ولما يملكون من ثورات مادية وروحية ونخب قادرة على شروط التحديث لحيازتها على شروطها لو اجتمعت امكاناتهم بحيث إن تركيا في تلك الحالة لا تخيفهم بل بالعكس ستكون الفائدة متبادلة ولن ترهبهم لا إيران ولا إسرائيل فتكون السيادة. لذلك فلا بد ان تنجح الثورة في سوريا وفي ليبيا علامتين على أن تركيا فهمت أن مصيرها لا يقبل الفصل عن مصير الشعو ب الخمسة الذين ذكرت أنهم هم من أفشل كل الحروب التي استهدفت الأمة :العرب والترك والأكراد والأمازيغ ومسلمو افريقيا ما دون الصحراء من الصليبيات إلى اليوم. أبو يعرب المرزوقي 76 الأسماء والبيان
-- أبو يعرب المرزوقي 77 الأسماء والبيان
Search