أبو يعرب المرزوقي وعلاقتها بمآزق العلوم الغائية الأسماء والبيان
المحتويات 2 -الفصل الأول 1 - -الفصل الثاني 7 - -الفصل الثالث 13 - -الفصل الرابع 20 - -الفصل الخامس 27 -
-- أشرت في محاولة الفصل بين المحكم والمتشابه بعد الكلام على علوم الملة الغائية الخمسة (التفسير أصلا وفروعه الأربعة الكلام والفلسفة في النظر والعقد والفقه والتصوف في العمل والشرع) أن أخصص محاولة لعلوم الآلة الخمسة: .1اللغة. .2والمنطق. .3والتاريخ. .4والرياضيات. .5وأصلها جميعا الوسميات أو السيميوتكس. وأولى الملاحظات التي أبدأ بها هي أن هذه العلوم الآلية ليس لها نفس الحضور في علوم الملة الدينية وفي علومها الفلسفية. • فالأولى يغلب عليها اللغة والتاريخ. • والثانية يغلب عليها المنطق والرياضيات. والوسميات لم تكن ذات وجود واضح بل كانت ترد عرضا فيها جميعا إشارات خاطفة إلى طبيعة دورها في الترميز رغم أن مفهوم الآية يؤدي دورا اساسيا في القرآن وهو أصل كل معاني الرمز والترامز فيه. وكان الزوجان الأولان في علوم الملة الدينية يتقاسمان دور الشكل والمضمون بمعنى أن اللغة للشكل والتاريخ للمضمون .ونفس الشيء بالنسبة إلى علوم الملة الفلسفية حيث يكون المنطق للشكل والرياضيات للمضمون .وكان يمكن تصور مزاوجة من طبيعة ثانية لعلها أفضل بين اللغة والمنطق ثم بين التاريخ والرياضيات. وتبدو علاقة الزوجين الأولين-لغة منطق-أيسر فهما من علاقة الزوجين الثانيين-تاريخ رياضيات .لكن قياس العلاقة الثانية على العلاقة الأولى قد يساعد على فهمها بصورة أوضح بل وقد يمكن من تعميق فهمنا للعلاقة الأولى بشرطين: أبو يعرب المرزوقي 1 الأسماء والبيان
-- .1أن نفهم علاقة اللغة الطبيعية في علاقة بالمنطق بوصفه مشروطا باستخراج لغة اصطناعية منها وتأسيسها على الانتقال من تعدد الدلالات إلى دلالة واحدة شرطا في الاستدلال (ووحدة الدلالة هو المبدأ الذي أسس عليه أرسطو جدليا اثبات مبادئ العقل الثلاثة). .2وأن نفهم التاريخ بوصفه عرضا للعلاقات الطبيعية بين الوقائع الفعلية والرياضيات بوصفها عرضا للعلاقات \"الاصطناعية\" بين الوقائع الفرضية .فتكون العلاقة بين اللغة الطبيعية والتاريخ من جنس العلاقة بين المنطق والرياضيات .وتصبح اللغات الصناعية كلها رياضية واللغات الطبيعية كلها تاريخية .ما معنى ذلك؟ معناه مضاعف: • اللغة الطبيعية +التاريخ = أصل علوم الملة الدينية .وهذه الحقيقة كونية بمعنى أنها ليست خاصة بنا بل هي ظاهرة ملازمة لكل الحضارات. ومثلها اللغة الاصطناعية +الرياضيات = أصل علوم الملة الفلسفية .وهذه الحقيقة كونية كذلك بمعنى أنها ليست خاصة بنا بل موجودة في كل الحضارات. • فالعلاقة الأولى لغة طبيعية +تاريخ = أصل علوم الملة الدينية أعمق من هذه العلوم بل هي أصل الدين نفسه من حيث هو علاقة بما وراء العنصرين بوصفهما مقومين لعلاقة الإنسان بالمحايثة وبالتعالي في آن وذلك هو جوهر العبارة الأدبية من حيث هي معرفة وذوق فطريين في كل حضارة. ومثلها العلاقة الثانية اللغة الصناعية +الرياضيات = أصل علوم الملة الفلسفية أعمق من هذه العلوم بل هي أصل الفلسفة نفسها من حيث هي علاقة بما وراء العنصرين بوصفهما مقومين لعلاقة الإنسان بالمحايثة والمفارقة في آن وهي جهور العبارة التقنية من حيث هي معرفة وذوق مشتقين من المعرفة والذوق الفطريين في كل حضارة. فيكون الديني معرفيا وقيميا بالجوهر ويكون الفلسفي معرفيا وتقينا بالجوهر. • والأول هدفه العمل الرمزي الروحي. أبو يعرب المرزوقي 2 الأسماء والبيان
-- • والثاني هدفه العمل الفعلي المادي. وبذلك نكتشف أصل الوسميات فيهما أي في الترميز المعبر عن الذوقي والروحي والترميز المعبر عن العلمي والمادي وهما أصلا كل ترميز معبر عن الفعل الروحي وعن الفعل المادي: الترميز فعل من درجة ثانية وهو محيط بكل الأفعال الإنسانية الذوقية والعلمية. وبعد هذه المحاولة لفهم العلاقات بين العناصر الخمسة لما يسمى علوم آلة -اللغة والتاريخ والمنطق والرياضيات والوسميات-سنشرع في درسها لعلنا نتقدم في فهم مآزق علوم الملة كلها فنتمكن من تجاوزها كما فعلنا عندما فصلنا بين المحكم والمتشابه الذي كان غيابه علة فشل مهمتي الإنسان في حضارتنا .وقبل ذلك فيمكن تفسير هذا الفشل بهذه القسمة بين علوم الملة الدينية وعلومها الفلسفية: .1فما الذي جعل العلوم الدينية تكاد تقتصر على اللغة الطبيعية والتاريخ ؟. .2وما الذي جعل العلوم الفلسفية تكاد تقتصر على اللغة الصناعية والرياضيات. .3ولماذا كانت منزلة المنطق. .4ومنزلة التاريخ. .5وتاويل الترميز ثلاثتها علة التوتر بين علوم الدين وعلوم الفلسفة كما شخصها الغزالي وابن تيمية وابن خلدون أعني أعلام المدرسة التي سميتها بالمدرسة النقدية؟ أعتقد أني فتحت على نفسي بهذه الأسئلة بابا يعسر سده (باب بلاء بالتونسي). فما بدا وكأنه بحث عقيم في علاقات لم يتلفت إليها في البحوث الفلسفية والدينية سابقا لا عندنا ولا عند غيرنا وما حال دون فهم علاقة عمل هؤلاء الأعلام الثلاثة تبين أنه يوصل إلى أكبر معضلتين عانت منها حضارتنا وحاولت التغلب عليها ولم تفلح رغم فتوحات الغزالي وابن تيمية وابن خلدون الكبرى: .1المعضلة الأولى هي تحويل المحكم إلى متشابه. .2المعضلة الثانية تحويل المتشابه إلى محكم. أبو يعرب المرزوقي 3 الأسماء والبيان
-- بمعنى أن كلام القرآن على نفسه بوصفه رسالة وهو كلام على كلام صار عين المتشابه الذي عومل بوصفه موضوع تأويل وكأنه يتكلم على غيره الذي صار يطلب منه وهو أصل خرافة الأعجاز العملي .فالإشارات إلى الشيء ظنت علما بمضمونه. فصار تأويل آيات القرآن (النصوص) مادة تأويل لعلم ما تشير إليه وتطلب البحث عن حقيقته بالبحث العلمي في الآفاق وفي الأنفس التي هي خارج النص أعني في العالمين الطبيعي والتاريخي في كيان الإنسان: .3والمعضلة الثالثة ترتبت على الأولى فصار اللسان الطبيعي أداة علم. .4والمعضلة الرابعة صار التاريخ العفوي أداة علم. .5وكان أصل هذه المعضلات معضلة المعضلات الانفصال بين الديني والفلسفي ومن ثم الفشل في الجمع بين مهمتي الإنسان مستعمرا في الأرض ومستخلفا فيها. فلا يمكن باللغة الطبيعية والتاريخ العفوي وحديهما الوصول إلى قوانين الطبيعة وسنن التاريخ لأنهما أقرب إلى التعبير عن الذوقين الجمالي (اللغة) والجلالي (التاريخ) منهما إلى العلم والتقنية .فهما أداتا الأدب والخرافة وليسا أداتي العلم والتقنية .ولا يمكن تحقيق مهمة تعمير الأرض بالأدب والخرافة وحدهما بل لا معهما بد من العلم والتقنية. وتلك هي العلة الأولى لقصور علوم الملة في مهمة التعمير. أما فشل مهمة الاستخلاف فعلته اعتبار اللغة الطبيعية والتاريخ قابلين للرد بالتأويل إلى الفلسفة ردا مغنيا عنهما باعتبار ما يتجاوز به الذوق العلم وما تتجاوز به الخرافة التقنية أمرين وهميين لا يعبران عن حقيقة لها ما للعلم والتقنية من الأهمية في حضارة الإنسان وخاصة في تبادله وتواصله .وبلغة ماركسية اعتبارهما إيديولوجيا في مقابلة فجة بين النظر والعقد وبين العمل والشرع. ومن هنا نفهم الصراع بين الكلام والفلسفة في علوم النظر والعقد وبين الفقه والتصوف في علوم العمل والشرع .فالفصام بين اللغة الطبيعية والتاريخ من جهة واللغة الصناعية أبو يعرب المرزوقي 4 الأسماء والبيان
-- والرياضيات من جهة ثانية جعل الصراع بين الكلام والفقه من جهة والفلسفة والتصوف من جهة ثانية صراعا بين الديني والفلسفي وبلغة ماركسية بين الإيديولوجي والعلمي. غاب المشترك بين الديني والفلسفي لغياب البنية الموحدة بين علوم الآلة الخمسة :اللغة والمنطق والتاريخ والرياضيات والوسميات .ولما كانت الوسميات هي الأصل فيها جميعا وكان موضوعها الرمز والترميز فإن ذلك يساعدنا على أن نفهم أن دلالة الآية التي هي معنى الوسم جوهرية في القرآن وقد عمي عنها من حرفوا علوم الملة. .1فأولا القرآن يعتبر كل شيء آية. .2وثانيا القرآن يميز بين آيات الله في القرآن وآيات الله في الآفاق وفي الأنفس. .3وثالثا الآية تتحدد طبيعتها بطبيعة الشيء الذي يؤدي دوره. .4رابعا كون كل شيء آية يجعل كل شيء مرآة عاكسة لكل لشي. .5وأخيرا فالوجود كله آية تحيل إلى ورائه وإلى إنسان يشرئب إليه. واشرئبابه هو آية الآيات وهو معنى كونه خليفة بمعنى أنه يشبه الصوت المنادي أو المؤذن الذي يشهد بأنه لا إله إلا لله حتى وهو صامت بل هو مثله مثل القرآن سبابة وجودية بمعنى أن مجرد كونه واعيا يعني أنه بذاته ما وراء كل شيء نحو المارواء المطلق أو الله ولنسمه ما شئنا :إنه شوق المطلق. وحصيلة هذه \"الورطة\" في الكلام على العلوم الآلية أنها أرجعتنا إلى الكلام على العلوم الغائية أو بصورة أدق إلى إشكالية المحكم والمتشابه التي أدى عدم حسمها أو حسمها الفاسد إلى فشل علوم الملة وأعمالها في تحقيق مهمتي الإنسان أعني تعمير الأرض والاستخلاف فيها ما أدى إلى الانحطاط. لكنها \"ورطة\" مفيدة وخصبة لأنها تؤدي إلى فهم المآزق وتفتح الباب للحل في سياسة الإسلام من حيث هو تربية تؤهل الإنسان لتحقيق المهمتين وحكم يضمن رعاية السعي للتحقيق بفضل التبادلين العمودي مع العالم الطبيعي والأفقي مع العالم التاريخي وشرطهما التواصل بين البشر بفضل علوم الآلة الخمسة. أبو يعرب المرزوقي 5 الأسماء والبيان
-- والآن بعد أن أنهينا تحديد الدائرة التي تصل العلوم الغائية بالعلوم الآلية في الديني والفلسفي يمكننا أن نشرع في الفصول الموالية الكلام على هذه العلوم الآلية الواحد بعد الآخر في الترتيب الذي ذكرناه أي اللغة الطبيعة والتاريخ والمنطق والرياضيات والوسميات لعل ذلك يساعد في الخروج من المآزق. وهذه العلوم الآلية الخمسة يمكن اعتبارها معنى \"علمه الأسماء كلها\" او علمه البيان أو علمه القرآن .وهي إذن ليست علوما للموضوعات التي تعالج بفضلها بل هي بنفسها موضوعات وهي عين مرجع ذاتها ومن ثم فهي جوهر المحكم وبها ينبغي أن يقرآن القرآن من حيثيتين: .1كمتكلم على كلامه على نفسه وهو المحكم ولا شيء غيره .وهو مجال العقد الإيماني الثابت وليس مجال العلم والعقد العلمي المتغير والتاريخي .2وككلام يشير إلى غيره وهو المتشابه ولا شيء غيره وهو مجال العلم وليس مجال العقد الإيماني. وبذلك فالقرآن يحدد حيث ينبغي التوجه لعلم العالم الطبيعي وما بعده أي قوانينه الرياضية وإلى العالم التاريخي وما بعده أي سننه السياسية والأنفس التي هي أصل ذلك كله باعتبارها مؤهلة فطريا للنظر والعقد للمعرفة وللعمل والشرع للقيمة .إنها الأشياء التي يشير إليها القرآن بوصفها شروط مهمتي الإنسان .وهذا هو مجال المتشابه لأن الانتقال من اللغة الطبيعة والتاريخ إلى اللغة الاصطناعية والرياضيات يقتضي التمكن من التغلب على التشابه في آيات الوجود ليس بتأويل آيات الكتاب بالبحث العلمي العسير والذي يخضع للإصابة والخطأ وهو عمل تاريخي بالجوهر ولا يمكن أن يكون من المحكم. أبو يعرب المرزوقي 6 الأسماء والبيان
-- لا انوي الكلام على ما نسبته إلى هؤلاء الثلاثة: • الغزالي (التأويل) • وابن تيمية (المنطق) • وابن خلدون (التاريخ) وثلاثتهم درسوا الرياضيات واللغة من حيث هما علما آلة-فقد درست ذلك سابقا وخاصة الأخيرين. ما يعنيني أنهم ثلاثتهم درسوا هذه الموضوعات بوعي لا مثيل له في ثقافتنا .لكن من أمسك بمبدئها الموحد هو ابن تيمية وحده .فقد قسمها إلى نوعين: .1النوع الأول سماه نوع الرموز للمقدرات الذهنية. .2النوع الثاني سماه نوع المعاني التي تظن مقومات الأشياء الفعلية. وهو ردها هي بدروها إلى رموز مثلها مثل اللغة والكتابة كما سبق فبينا ذلك خلال شرحنا لنصه في محاولات سابقة وفي الضميمة لترجمة المثالية الألمانية .فيكون الموحد بينها أنها رموز لما في الفكر دون إحالة لموضوع خارجي أو لما فيه مع إحالة. وحتى نزيد الأمر توضيحا فإن النوع الأول ليس له إحالة لموضوع خارجي ليس بمعنى أنه ليس له موضوع بل بمعنى أن موضوعه مثله ليس مما يدرك بالحواس خارج الفكر الإنساني بل هو يدرك بالعقل وكأنه من عالم آخر غير العالم الحسي .والنوع الثاني موضوعه يدرك بالحس في عالم الحواس الطبيعي والتاريخي .فكل المفهومات الرياضية تتكلم على \"كيانات\" ليس لها وجود خارج تصورها المثالي لكنها مشروطة في علم كل الكائنات ذات القيام الخارجي. فمفهوم المقدرات الذهنية لا يعني أنها ظاهرات نفسية في الذهن بالمقابل مع الظاهرات الموضوعية خارج الذهن بل هي موضوعية ولكن من جنس ثان إذ إن المعاني التي لها علاقة أبو يعرب المرزوقي 7 الأسماء والبيان
-- بخارج الذهن هي بدورها رموزا عند ابن تيمية من جنس اللغة والكتابة ومن ثم فلا بد أن تكون الأولى معاني في علاقة بعالم آخر لا هو نفسي في الذهن ولا هو حسي خارجه. فلو قسناها على علاقة اللغة مستوى رمزيا يقول المعاني التي هي أيضا مستوى رمزي في علاقة بالأشياء الخارجية ومن ثم فيمكن القول إنها مثل هذا النوع مع توقف قبل الوصول إلى الأشياء الخارجية المنتسبة إلى العالم الحسي .فيكون للمعاني عالم أوسع من عالم الحسي الذي يعتبر إحدى إمكاناته ومن ثم فلا يمكن تصور هذه المعاني مجردة من العالم الحسي رغم قابليتها للانطباق عليه في حدود معلومة .فيكون عندنا خمسة عوالم كلها من طبيعة رمزية: .1عالم الرموز الكتابية. .2عالم الرموز اللغوية. .3عالم الرموز المعنوية (وهذا من إبداع ابن تيمية الذي لا يعتبر المعاني ذات قيام خارجي لا مفارق بالمعنى الأفلاطوني ولا محايث بالمعنى الأرسطي). .4عالم الأشياء الطبيعية أو ما ندركه منها وهو رامز إليها وليس هو هي. .5وعالم جامع هو الترميز عامة والاربعة المتقدمة هي فروع منه وهو الأصل وفيه يتحرك الفكر ليعمل بها أولا ويتعامل معها ثانيا ويميز بينها ثالثا ويحددها رابعا بكونها عوالم متمايزة يسبخ فيها سباحة السمك في الماء. وقد لا يكون الفكر إلا هذا الترميز عينه إذ لا يمكن تصور الفكر قائما إلا في واحد منها دون أن ينحصر فيه بل هو خلال قيامه فيه يكون شبه منظور منها إليه ومنه إليها وبهذا المنظور المتعدد يكون الفكر وكأنه ذو قيام ذاتي خارج عالم الرموز التي تصله بالعالم الخارجي الطبيعي والتاريخي وبما بعدهما الذي يفترضه وراءهما. وانطلاقا من عالم المعاني هذا -وهو مقابل لعلام الدوال ورديف لها -اقترحت سابقا مضاعفة ما يسمى بعلم الدلالة من بين علوم اللسان الثلاثة التقليدية (السنتاكس والدلالة والتداول) ليصبح علم المعنى إلى جانب علم الدلالة واقترح تتبعا لذلك مضاعفة علم أبو يعرب المرزوقي 8 الأسماء والبيان
-- التداول باللغات الطبيعية بعلم التداول باللغات الاصطناعية .فهما مختلفان اختلاف الدلالة (وهي إحالة إلى العالم الخارجي) عن المعنى (وهي إحالة إلى العالم النظري الذي بمقتضاه يتناول الفكر العالم الخارجي). ويصبح السنتاكس أو \"النحو\" ذا معنى أشمل يجمع بين النحو اللساني والنحو المنطقي فيكون في آن منطق الالسن ولسان المنطق ليشملها أربعتها وهو نظرية الوسميات أو السيميوتكس نحو الترميز عامة شاملا لكل علوم الآلة بوصفها تدرس عالما مختلفا عن العالم المحسوس سواء كان طبيعيا أو تاريخيا أو عالم المعاني أي الرموز كعالم قائم الذات .ولا معنى للقول بالمفارقة أو بالمحايثة إلا عند من يعتقد أن العالم واحد .لكن العوالم متعددة بتعدد مستويات الترميز. وهذا العالم القائم الذات هو الذي يسميه القرآن آيات وهي شبه الحرارة التي تشع بها النار أو الضوء الذي يشع به المضيء وهو عالم مختلف عن النار وعن المضيء بمعنى أنه ليس صادرا عنهما بل هو صادر عن الإنسان من حيث هو مدرك لذاته ولما حوله ولما ورائهما إدراكا يمثل حيزا يقوم فيه هو وما عداه. وهذا الحيز كل ما أدريه عنه أنه ليس نفسيا بمعنى أنه ليس ذا صلة بالأنا من حيث هو ذاتي فحسب بل هو حيز يتحيز فيه حتى الأنا فيكون النفسي هو نفسه من المتحيزات فيه وليس هو الحيز. هل هو الروح؟ لا أدري بل كل ما أدركه منه هو أنى أشعر وكأني أسبح فيه وهو مثل موج المحيط يحيط بي وبكل ما عداي. ولهذه العلة فالإنسان يشعر بأنه أحد الموجودات في العالمين الطبيعي وما بعده والتاريخي وما بعده .لكنه في آن يشعر بأن هذين العالمين وما بعدهما مقيمان فيه لكأنه محاط بالعالمين وبما بعدهما ومحيط بهما في آن دون أن يكون ذلك تضخما في ذاته بل هو شعور فعلي أبو يعرب المرزوقي 9 الأسماء والبيان
-- متناسب مع درجات الوعي الإنسانـي بالذات وبغيرها سواء كان هذا الغير العالم الذي ندركه بالحواس أو العوالم الرمزية المتعددة. ودون جزم دغمائي لا أرى فرقا بين هذه الحالة ودلالة \"علمه الأسماء كلها\" إذا عوضت كلمة أسماء برموز أو بآيات .ومعنى ذلك أن الإنسان يشبه \"القصعة\" اللاقطة لكل ما تبثه فضائيات العالم يتلقى ويكثف المتلقطات ويحولها إلى الوعي الإنساني فيكون هو آية الآيات واللاقط الكوني للآيات. وهو ما تدعوه إلى تكثيفه الآية 53من فصلت والتوجيه الدائم في القرآن للإنسان حتى يتجاوز العالم الحسي إلى العالم الحدسي ليدرك هذه التي ينسب الله إلى نفسه إراءتها للإنسان في الآفاق (العالمين الطبيعي والتاريخي وما بعدهما) وفي الأنفس ليتبين أن القرآن حق .وما فهمت حقا معنى \"ضيق الحوصلة\" عند الغزالي إلا بتجاوز وحدانية العالم. فمفهوم \"ضيق الحوصلة\" وضعه الغزالي مع مفهوم \"طور ما وراء العقل\" ليثبت به أن المتكلمين والفلاسفة عندما يريدون فرض قيس الغائب على الشاهد ويخلطون بين الغيب والغائب يقعون في تعميم ما يعلمون على ما يجهلون بطرده وكأن الاستقراء الناقص قابل يصبح كاملا بهذا القياس الناتج عن ضيق الحوصلة. وضرب مثال العميان حول الفيل كل يعرفه بما لمس منه .كما ضرب مثال ذرة من النار تحرق مدينة كاملة مثلا ولا يصدقها صاحب الحوصلة الضيقة .ولنا مثال يحكى في شكل ملحة عن شيخ كذب بوجود الطائرة فرمى من تكلم عليها بمطرقة وقال له انظر كيف تسقط ولا تطير .وهلم جرا مما ينتج عن الجهل بالممكن. والعلة في ذلك كله هي القول بالمطابقة أعني بتوهم ما ندركه مطابقا للوجود فنحصر الوجود في الإدراك .وذلك هو المبدأ الذي يرد إليه ابن خلدون كل أخطاء الكلام والفلسفة وميلهم السهل إلى التأويل بدعوى رد النقل إلى العقل لكأن الأول غني عن العقل والثاني غني عن النقل .لكن خطأ ابن خلدون هو تصور ذلك من طبيعتهما وليس من تحريف علته توهم الوجود شفافا والعقل حديدا والعلم مطلقا ونهائيا. أبو يعرب المرزوقي 10 الأسماء والبيان
-- وهنا يأتي الفرق بين الإحاطتين: • فأنا محيط بما ُيعلم من الوجود وهو قريب من الصفر. • وأنا محاط به وبما أجهل وهو يكاد يكون كل شيء بالقياس إلى ما أعلمه. فمثلما أن كياني العضوي دون الذرة إذا قيس بالوجود المشهود ناهيك عن غير المشهود منه فكذلك كياني الروحي دون الذرة إذا قيس بالعالمين وما بعدهما .ولو صدقنا خرافة التناظر والتساوي بين الإحاطتين لرجحنا فهم هيجل لحلول الروح اللامتناهي في الروح المتناهي ولأعتبر الإنسان بديلا من الله ولقلنا بوحدة الوجود التي يشتـرك فيها مع التصوف المتفلسف ولكان مجرد استكمال لوحدة الوجود الطبعانية التي يقول بها سبينوزا. إنما ذلك كبرياء مرضي من جنس قول المتصوفة بتناظر العالمين الكبير والصغير. فما يتلقاه الإنسان من آيات الله في الآفاق والأنفس يجعله حقا مرآة صقيلة تدرك بعض أسرار الوجود ولكن بمنطق {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} .فالأمر لا يجاوز قطرة من بحر عالم الخلق والأمر أي العوالم الطبيعية والعوالم الروحية التي نحدسها ولا نعلمها ونفكر فيها مع العلم بعدم علمها. وهذا هو جوهر الديني في كل دين لم يحرف .والإسلام لا يقول شيئا آخر .ولما كان تذكيرا بما فطر عليه الإنسان فإنه لا يمكن أن يكون الإنسان عالما بغير ما يذكره به القرآن في شكل إشارات تذكيرية وليس في شكل علم يتجاوز مفاتيح تأهيله ليستعمل ما جهز به لتحقيق مهمتي التعمير والاستخلاف. فإذا عدنا إلى المدخل الثاني من بداية مستويات الترميز الثلاثة التي تكلم عليها ابن تيمية -الكتابة واللغة والمعاني -من غايتها أي من الكتابة بدلا من المعاني فإننا نجد علاقتهما مباشرة قبل المرور بالوسيط بينهما والذي هو حتما متقدم الوجود على الكتابة لأن الشفوية متقدمة على الكتابية. سنكتشف حينها أن الكتابة بدأت بما يشبه رسم العناصر التي تعتبر ممثلة للأشياء تسليما بأن أساسها الرسم أي رسم الأشياء .ثم تصبح نواتئ الرسم معاني ممثلة للأشياء ثم تصبح أبو يعرب المرزوقي 11 الأسماء والبيان
-- كتابة من جنس الصينية والهيروغليفية .فتكون كتابة اللغة متأخرة عن كتابة الأشياء بالرسم .وتكون رسوم الأشياء كتابة لحرف أسمائها الأول. وبذلك فقد تم اكتشاف الكتابة الألفبائية .وهي فينقية .ومنها تفرعت كل الكتابات الألفبائية المعلومة والمشهور منها حاليا خاصة اثنتان وهي الحروف السامية العربية والعبرية واثنتان غير سامية وهي الحروف اليونانية واللاتينية .وكلها كتابة تعتمد رسوم حيوانات صارت رموزا لحرف اسمها الأول ثم لذلك الحرف عامة. أبو يعرب المرزوقي 12 الأسماء والبيان
-- فحصل العالم الرمزي الكتابي اعتمادا على الوصل بين الرسم والنطق .كما أن المعاني باعتبارها هي بدورها رموز في الفهم التيمي سابقة عن اللغة لأن هذه تسمي ما رسم من الأشياء بوصفه مميزا لها ودالا عليها .فيكون اسم الرسم اسما للشيء المرسوم .ومن ثم فالكتابة والمعاني بما هما رمزان متقدمان على اللغة الناطقة في جميع الحضارات .وتعلم الأطفال للغة قومهم أكبر دليل على ذلك. وهذا يعني أن المعاني لا تصبح قابلة للعبارة اللسانية عنها إلا بعد أن تتجرد منه تعيناتها الرمزية العامة في أفعال وسلوك من الطفل إزاء ما يدركه مما ينتأ للحواس من مميزات الأشياء وبها يسميها فتكون هذه المميزات المحسوسة معاني متعينة في رمزين أحدهما في سلوكه والثاني في ما نتأ من الخصائص في الأشياء التي تحيط به ثم بالتدريج يسميها بما يسمع من كلام أهله حولها. وهذا يعني أولا أن اللغة في كل الأمم ترجمة لترميز متقدم عليها وثانيا الوهم الناتج عن مسالة البيضة والدجاجة بين الفكر واللغة وأيهما الأسبق .فالأسبق هنا ليس فكرا ذا قيام مستقل عن الرموز بل هو قائم في رموز رسمية وموسيقية منهما ينطلق الطفل للترجمة اللسانية خلال التواصل ليس بين ذاته وما نتأ لحواسه من ترميز في المدرك (هو) والمدرك (المحسوسات من حوله) كما يسمع أهليه يسمونهما ترجمة لما تعين في نظام رمزي رياضي إما رسميا أو موسيقيا. المراحل هي إذن :رسم الأشياء يبرز ما يعتبر حسيا مميزا للمرسوم فيصبح ذلك اسما للأشياء إذ غالب الأسماء مشتقة من صفات الشيء المشهود الذي يعتبر الأبرز لكأن الكتابة من جنس الكاريكاتور الذي يبرز علامات مميزة للشيء مميزة للمرسوم ومنه يشتق المعنى فالاسم :اللفظ آخر شيء تماما كما عند الطفل. ويوجد مصدر ثان .فالرسم هو المصدر الأول .وهو ذو علاقة بالبصر .أما المصدر الثاني فهو الموسيقى .وهو ذو علاقة بالسمع .ومنه أسماء الصوت التي تمثل العنصر الرابع في أبو يعرب المرزوقي 13 الأسماء والبيان
-- عناصر اللغة التي ظنها النحاة ثلاثة .وهي في الحقيقة خمسة .فاسم الصوت وهو موسيقي واسم الفعل وهو رسمي متقدمان على الثلاثة المعهودة. فاسم الصوت يسمي الأشياء بصوتها .واسم الفعل يسميـها بالتعبير الجسدي من جنس صه بالعربية وشوت بالفرنسية ووضع الاصبع على الشفتين كونيا لإفادة فعل الأمر بالسكوت .وهذان متقدمان على الاسم والفعل والحرف التي تتأخر ثلاثتها في تكون اللسان أي لسان .وإذن فاللسان متأخر ونطق الأطفال أكبر دليل. وبهذا المعنى ففن الرسم وفن الموسيقى هما أصل كل أدوات الترميز الإنساني .ومنذ أن فقد الشعر العربي الذي يزعمونه حديثا هذين البعدين لم يبق شعرا أصلا وصار يخفي فقدانه لبعدي الشعر الأساسيين بدعوى التفلسف البدائي والسرقات التي يمسونها تناصا وهي لصوصية خالصة من أدعياء الشعراء الحاليين .فاللغوي في الشعر مجرد مادة -من جنس أي مادة في العبارة الفنية -وهو لا يستمد شاعريته من اللسان بذاته لأنه مادة مثله مثل أي مادة بل مما يرسم به وفيه ويموسق .فإذا فقد الرسم والموسيقى بالمادة اللسانية لم يبق إلا ألفاظ مادية كمن يراكم الحجارة في البناء معتبرا إياها بناء وليس ما يجعلها كنا معبرا عن حماية الأمن الجميل. وإذا كان الجرجاني قد فهم أن البلاغي في العربية متقدم على النحوي الذي ليس هو إلا أداة التشكيل ذي الفائدة البلاغية-وأداتها النظم -فإن ذلك كان منطلقه إلى اهم اكتشافاته أعنى مفهوم \"معنى المعنى\" .وقد بينت سابقا أن \"معنى المعنى\" لا يمكن أن يفهم إذا لم يكن المعنى الأول من حيث هو رسم وموسيقى قد أصبح رمزا للمعنى الثاني. فمثلا معنى المعنى في عبارة \"يقدم رجلا ويؤخر أخرى\" للدلالة على التردد ليس إلا تحول العبارة اللسانية \"يقدم رجلا ويؤخر أخرى\" إلى رسم مشهود ومتحرك للدلالة على معنى مجرد هو التردد .فيكون القصد من يقدم رجلا ويؤخر أخرى رسما لعبارة جسدية هي حركة التقدم والتأخر الدال على معنى رسمي دلالة رسم الكرم ببسط اليد والبخل أبو يعرب المرزوقي 14 الأسماء والبيان
-- بقبضها .وقد يفيد نفس الرسمين العدوان وعدمه (كما في قصة هابيل وقابيل) أو على معنى الأنفاق المبذر أو المقتصد. وبهذا المعنى فكل لغة القرآن هي من هذا الجنس .ولكن في أسمى حبك وأحكم زرد في الصوغ والسرد والطرد .وفهم ذلك يغني عن خرافة الحقيقة والمجاز .فاللسان خاصة وكل الترميز عامة ليس بين الرمز المرموز فيه أي علاقة لا حقيقية ولا مجازية بل هي مواضعة في كل الحالات ومعناها الأول رسم أو موسيقى للدلالة على معنى ثان مجرد هو معنى المعنى. وقد تتراكب هذه المعاني فيكون الثاني هو بدروه رسمـا وموسيقي للدلالة على معنى ثالث فرابع فخامس إلى ما لانهاية له تماما كما تتراكب حالات الوعي بالذات فأعي وعيي بذاتي إلى ما لانهاية ولذلك فقد بينت في كتاب الشعر المطلق أنه يوجد تناظر بين نظرية معنى المعنى الجرجانية ونظرية توالي الأوعاء السينوية .لكن التواصل يوجب أن يكون هذا التراكب متناهيا حتى نقلل من سوء التفاهم .ويوجد حد معلوم هو أفضل أنواعه وهو ما لأجله اعتبرت القرآن غاية ما يشرئب إليه الشعر المطلق من الكمال البلاغي والأسلوبي. ولأني أدركت هذه العلاقات أمكن لي أن اعتبر نظرية الثالوث في نظرية اللغة ليست صحيحة وهي بحاجة إلى إضافة العنصرين اللذين وصفت هنا .فاللغة ليست اسما وفعلا وحرفا فحسب بل هي قبل ذلك تصويت دال على ذاته سموه اسم صوت وحركة دالة على ذاتها سموها اسم فعل .وهما علاقة الترميز اللساني بالترميز الجمالي أعني الرسم والموسيقى .فأما سموه اسم صوت له علاقة بالموسيقى وما سموه اسم فعل له علاقة بالرسم لعبارة بدنية. ومن أسماء الصوت أصوات الحيوانات المحاكية لأصواتها مثل زقزق بلبل وأصوات اوراق الشجر مثل حفيف وأسماء صوت الماء مثل خرير وأسماء حركة اجنحة الطيور .ومن أسماء الصوت عبارة الجسد المصوتة مثل صه وحدك .فالدال ليس نبرة الصوت وحدها بل حركة التصويت الدال على النهر في صه والغضب في حدك .وهذه ليست أسماء ولا أفعال ولا حروف بل هي صوت مفيد وعبارة بدنية مفيدة تصحب صوت غير مفيد. أبو يعرب المرزوقي 15 الأسماء والبيان
-- وتسميتها باسم الصوت وباسم الفعل فيها تجن عليهما لأنهما ليسا اسمين وليسا فعلين بالمعنى اللساني بل بمعنى مغاير هو الصوت المفيد المعبر عن ذاته بذاته والعبارة البدنية المعبرة عن ذاتها بذاتها مع صوت غير مفيد بل هو مجرد مصاحب للعبارة البدنية .لكن للحفاظ على التثليث سميا باسم صوت واسم فعل .هما صوت مموسق وحركة مرسومة .وطبعا فهما يصبحان اسما وفعلا بالمعنى اللساني المعتاد بعد أن يصاغا لسانيا ـ\"فيقدم رجلا ويؤخر أخرى\" ليست لسانية إلا في الدلالة على معناها الأول لكنها رسم في الدلالة على معنى المعنى .فهما فعلان يسميان رسما لحركة في المكان للدلالة على التردد .وصه فعل يسمي عبارة بدن مفيدة ونبرة صوتية لا تفيد لسانيا لأن اللسان فيها شبه تنبيه المخاطب ليرى العبارة البدنية. ويمكن ألا نسميهما باستعمال اسم صوت واسم فعل .فهما رسم وموسيقى والتسمية لاحقة كما نسمي أي شيء .فتسمية شيء أو شخص لا تعني أنهما اسم صوتهما أو اسم فعلهما. وسنرى أن الحروف كلها تعود إما إلى علاقة مكانية أو إلى علاقة زمانية بين المسمى والاسم إذا لم تكن للوصلين بين الفعل الناقص ومفعوله وبين الجمل بأصنافها الـثلاثة أو للابتداء الموجه (مثل إن بدلالة اثبات الوجود الجازم أو لعل لإثبات الاحتمال إلخ ...وهذا يقتضي إعادة تعريف الحرف) :خبرية وانشائية وشرطية. والشرطية نوعان ومثلها الإنشائية .فتكون أنواع الجمل خمسة أصلها الخبرية .فالخبرية هي الأصل لأن الشرطية تبدأ بخبر حول علاقة الشرط وجوابه .والإنشائية مثلها تبدأ بخبر حول موقف المنشئ القضوي أمرا أو نهيا أو تمنيا أو رغبة إلخ ....فلا توجد جملة شرطية مباشرة من دون خبر حول علاقة الشرط بالمشروط سواء كانا موصولين أو مفصولين .ولا توجد إنشائية مباشرة من دون خبر (صريح أو ضمني) حول موقف المنشئ من الإنشاء الآمر أو الناهي. أبو يعرب المرزوقي 16 الأسماء والبيان
-- والآن يمكن أن اقترح حلا لمشكلة عويصة تتعبر من المتشابه أعني \"الحروف المقطعة\" في القرآن الكريم وهي التي تبدأ بها بعض سوره .فهي رسم للحرف معنى أول لاسم الحرف الذي هو معناه الثاني أو معنى المعنى .فعندما أكتب \"يس\" الأمي يقرأ الرسم \"يس\" لأنه لا يدري أنها رسم للاسم \"ياء +سين\" .والمتعلم يقرؤها \"ياء +سين\". فـمن أين أتت الألف والياء في القراءة الثانية بعد غيابها في القراءة الأولى؟ الغياب والحضور في قراءة الحروف المقطعة علتهما الإشارة إلى الرسم أصلا للنطق أو لمصدر اللغة المستمد من هذه العلاقة بين الرسم والموسيقى .فالأول يرسم علامة مبصرة والثانية تنغم علامة مسموعة .والسر هو إذن في احتواء القرآن على تعليل علاقة اللسان بالبصر والأذن كما في \"صم بكم عمي فهم لا يعقلون\". فـ\"لا يعقلون\" لا تعني العقل في مقابل الحس بل هي تعني الفهم في مقابل عدم الفهم بدليل قوله تعالى \"قرآنا عربيا لعلهم يعقلون\" أي يفهمون .وإذن فعندنا أربعة عناصر متكاملة زوجين زوجين :صم بكم (السمع والنطق) عمي لا يعقلون (البصر والفهم) لأن أفضل طرق الفهم هي أن يحضر فيها الشيء ذاته أو رسمه للشهود العيني كما في الرسم المحاكي للشيء. ومعنى كلامي أني لا أنسب لنفسي الأصل الرسمي والموسيقي للألسن بل القرآن هو الذي يقول ذلك .والحروف المقطعة تجمع بينهما .فالرسم يمثله رسم الحرف .والموسيقى يمثلها نطقه عند المتعلم .وكما أسلفت فالانتقال من الكتابة المحاكية للأشياء بما يجرده الرسم منها إلى الكاتبة الراسمة للأصوات هي جنسها. فرسم الجمل صار رمزا للحرف الأول من اسمه .والكلمة صارت مجموعة رسوم لأسماء حيوانات أو أشياء أخرى .وكل رسم لم يعد رسما للحيوان بل للحرف الأول من اسمه .وهو جمع بين الرسم والموسيقى في الكتابة الآن .ومن ثم فالكتابة في الحقيقة متقدمة على الكلام لأنها هي رسم ينطق بصوت .وهذا مصداق لرؤية ابن تيمية. أبو يعرب المرزوقي 17 الأسماء والبيان
-- فهو يعتبر المعاني حدودا لما تشير إليه من الأشياء .وهي عنده رموز حادة كان القائلون بالمطابقة يعتبرونها مقومات الأشياء وليست رموزا مثل اللغة والكتابة .لكنه هو يعتبرها رموزا تشير إلى مسمياتها إشارة اللغة والكتابة .وقد بينت أن الكتابة الصينية هي نوع من رسم للمعاني الممثلة للأشياء أو لما اختير من شكلها مميزا لها. والرسم المميز صار نظير الحرف عندنا .لكن الحرف عندنا رسم للصوت وعندهم هو رسم للمعنى .وكلاهما رمز لما جرد مما ندركه من الشيء للدلالة عليه دون أن يكون مقوما له بل هو مقوم لما أدركناه منه .وهذا يؤسس للترميز المختص أو للغة الاصطناعية وهو شرط المعرفة العلمية في حين أن اللغة الطبيعية أوسع لتعدد الدلالات في عناصرها بخلاف اللغة الاصطناعية الاصطلاحية. وعلى هذا الأساس اضطررت -اعتمادا على تمييز فراجه بين الدلالة والمعنى لمضاعفة علم الدلالة Die Bedeutungبعلم المعنى Der Sinnالذي هو أعم لأنه غير مقيد بدلالة اصطلاحية وحيدة بل يتعداها إلى الموجود والمنشود اللامحددين في عالم أوسع من العالم الذي ندركه بحواسنا .ويترتب عليه مضاعفة علم التداول ليصبح الملتبس باللغة الطبيعية والمحدد باللغة الاصطناعية مستويين مختلفين من العبارة اللسانية .وتلك علة التحول الذي مر به فتجنشتاين في كراسته بعد التراكتاتوس .فصارت علوم اللسان خمسة وليست ثلاثة كما هو سائد في الألسنية الحديثة: .1علم النحو الذي هو لساني منطقي ثم فروعه الأربعة: .2والدلالة .3والمعنى .4والتداول الملتبس باللغة الطبيعية (بين البشر العاديين دون اختصاص معين). .5والتداول اللاملتبس باللغة الصناعية (بين العلماء في اختصاصهم). وتوجد خاصية أساسية هي الفائدة الجوهرية من هذا الفصل المضاعف لفرع الدلالة وفرع التداول .فمزية التداول المحدد باللغة الصناعية هو كونه يجمع بين العلاقتين أبو يعرب المرزوقي 18 الأسماء والبيان
-- العمودية بين الإنسان والطبيعة وبين الإنسان والإنسان .ومعنى ذلك أن العلم لا يكون الحوار فيه بين العلماء فحسب بل بينهم وبين موضوع العلم سواء كان الطبيعة أو التاريخ أو الإنسان كموضوع بخلاف التداول باللغة الطبيعية. فاللغة الطبيعية لا تتجاوز التداول بين البشر حتى لو كان موضوع التداول هو الطبيعة أو التاريخ لأن اللغة الطبيعة لا تستطيع وصف الموضوع ولا تتجاوز الإشارة إليه أو تنبيه المخاطب خلال التواصل إلى موضوع التواصل أو الحوار أي إلى ما يوجه إليه الانتباه مما تحقق في التداول الأول الذي يستعمل اللغة الاصطناعية العلمية. أبو يعرب المرزوقي 19 الأسماء والبيان
-- ولما كان القرآن يستعمل اللغة الطبيعية وليس اللغة الاصطناعية التي هي لغة العلم فكل تخريف عن الأعجاز العلمي لا يصدقه عقل ليس لأنه رسالة من شروطها أن تكون مفهومة من المخاطبين بها من المرسل إليهم عامة بل لأن اللغة الطبيعية لا يمكن أن تقول شيئا علميا إلا بالإشارة إلى ما تم تحصيله علميا وصيغ بلغة العلم الصناعية التي يصنعها العلماء وهي غير اللغة الطبيعية. فلو كان القرآن مكتوبا بلغة صناعية لكان موجها إلى العلماء دون سواهم ولما كان رسالة كونية للبشر من حيث هم بشر لا من حيث هم علماء .وكل محاولات ترجمة لغة القرآن الطبيعية إلى لغة صناعية (وهو ما يحاوله علماء الملة بأصنافهم الخمسة) تحريف للقرآن ولا يستقيم مهما دجلوا في تشويهه بتعالم زائف .وهذه العملية التحريفية هي التي ضخمت العبادات ووسعت الأحكام وضيقت على المسلم حرياته مدعية أن صوغها الصناعي للغة القرآن الطبيعية يعبر عن مقاصد الله لكأن الله يعجزه أن يصوغ ذلك بنفسه لو كان ذلك من مقاصده. ومشكل الفلسفة الأساسي هو أنها لا يمكن أن تستعمل اللغة الصناعية .ولا يمكن في الآن نفسه أن تستغني عنها ليس للتعبير عن رؤاها بل لأن هذه اللغة الصناعية هي من موضوعاته ومن أدواتها للكلام في ما تعرضه العلوم من نظرياتها لأن العلم ليس أحد موضوعات الفلسفة فسحب بل هو سبيلها إلى تناول ما عداه من الموضوعات بوصفها موضوعاته. فموضوعات الفلسفة ليس موضوع العلوم من حيث هو خام وبكر بل موضوعها هو موضوع العلم بعد أن صارت بصياغة علمية .فلا علاقة للفلسفة مباشرة بالأشياء إلا بعلاقة الإنسان بها .وما عدى ذلك هو علاقة بها كتجربة ذاتية لا يمكن أن يعتد بها في المعرفة العلمية إلا في مجال ما لا يكاد يلج إليه العلم مثل الوجدانيات والتجارب الروحية المشتركة التي هي من جنس التصوف. أبو يعرب المرزوقي 20 الأسماء والبيان
-- وهذه العلاقة بين الفلسفة والعلوم ليست جديدة كما يتوهم الكثير .فالفلاسفة لم يكونوا أبدا محيطين بكل علوم عصرهم حتى في المراحل الأولى من العلوم .والموسوعية المزعومة مستحيلة حتى في بدايات التفلسف إلا في المشترك بين العلوم وهو ما بعدها وآلتها لأن التمكن من أي اختصاص يقتضي التفرغ له طيلة العمر وخاصة بعد تطور الاختصاصات وتفرعها المهول. ومن ثم فالمشترك بين العلوم هو نظرية المعرفة ومناهجها تحديدا لطبيعة علاقتها بموضوعاتها وفي جوهر ما بعد العلم ثم بخصائص لغاتها الاصطناعية .وهي مسألة منطقية أعني صورة العلم ووجودية أعني مضمون العلم .ولذلك فمشكل ابن تيمية في نقد المنطق لا يتعلق به من حيث هو علم العلاقات بين المعاني -صورة للعلم عامة-بل من حيث نظرية المعرفة وشروط انطباقه من منطلق نظرية الوجود. وبلغة عصره فـمبحثه مداره مشكله التحليلات الأواخر وليس التحليلات الأوائل .وبلغة كنط مشكله هو المنطق المتعالي وليس المنطق أعني في الحالتين: .1كيف نمر من المنطق من حيث هو قوانين علاقات المعاني المجردة. .2إلى المنطق من حيث هو مطبق على الموضوع. لكن ابن تيمية صاغ المشكل بصورة أكثر عمقا فلسفيا إذ هو جعلها متعلقة بالانتقال من المقدرات الذهنية إلى الموجودات الخارجية .فيكون المشكل مردودا إلى طبيعة العلاقة بين نظام الرموز عند النظر إليه بمعزل عن نظام المرموز بها ثم طبيعتها عند وصله بنظام المرموز الذي يتمنع عن المطابقة بسبب كون الأول يعمل مع مقدرات ذهنية أو لنقل مع متغيرات لم تتحدد قيمها والثاني يتعالم مع قيم معينة قوانينها مغايرة للمقدر الذهني. وهذه هي أهم عوامل التخاصب بين التقدير الذهني والتعيين الوجودي في كل علم من العلوم .فبفضله يتقدم الأمران أعني نظام الرموز ونظام المرموزات من خلال التواصل بين العلماء والتواصل بينهم وبين الموضوعات التي يريدون اكتشاف قوانينها. أبو يعرب المرزوقي 21 الأسماء والبيان
-- فلغة العلم تمكن من الحوار مع الأشياء لأنها في مستوى النظرية أجوبة فرضية عن أسئلة يوجهها العلماء إلى الموضوع الطبيعي أو التاريخي ويتنظرون من التجربة ان تؤكدها أو أن تدحضها .وذلك هو جواب الطبيعة .وهو جواب يطرح أسئلة هو بدروه لأنه يوجه إلى فرضيات جديدة ممكنة ينطلق منها تعميق البحث ومراجعة النظريات العلمية .فيطورون \"الآلة\" الرمزية لتناسب الحالة الموضوعية بمقتضى ما أجابت به التجربة إيجابا أو سلبا. وما الشيء الذي يطورونه وهو مشترك بين الرامز والمرموز؟ هنا ندرك أهمية قول ابن تيمية إن المعاني هي بدروها رموز وليست مقومات للأشياء تحدد ماهياتها لكأن الماهيات حقائق ثابتة ونهائية وليس أسماء اصطلاحية .كان الفلاسفة يتصورون المعاني مقومات الشيء المرموز التي يدركها الفكر منه .لكن اعتبارها هي بدروها رموزا يعني أن \"حقيقة\" الشيء تبقى دائما مجهولة والمعاني تبقى دائما مقدرات ذهنية مثلها مثل الرموز عامة. فيكون التقدير الذهني مضاعفا: .1تقدير ذهني لبنية رمزية لموضوع مجرد. .2يقاس عليه تقدير ذهني لموضوع معين. والتخاصب بين ا لتقديرين يكون بتعديل أحدهما بالآخر .ولعل أفضل مثال هو نظام السماء أو الفلك .فبطليموس وضع نظاما لحركات الأجرام السماوية -وهذا تقدير ذهني من النوع الثاني على موضوع معين هو حركة الأجرام .ولما تغيرت النظرية الفلكية في فلك كوبارنيكوس تغير النموذج الثاني الرمزي الثاني وليس الأول أي القوانين الرياضية بقيت واحدة لكن ما طبق النموذج المطبق منها على حركة الأجرام هو الذي عدل. لكن ذلك ما كان ليكون ممكنا لو لم يكن التقدير الذهني من النوع الأول -وهو أساسا مضمون كتاب اقليدس في العناصر الرياضية-قد حصل وأصبح قادرا على مد بطليموس بعلم آلة هو الرياضيات الإقليدية .وقس على ذلك كل العلوم الحالية في أي مجال سواء كان طبيعيا أو إنسانيا .وهذا يلغي خرافة الأعجاز التي تحط من قدر القرآن بعكس نوايا القائلين بها لأنها تجعله تاريخيا بتاريخية العلوم التي لا شك فيها. أبو يعرب المرزوقي 22 الأسماء والبيان
-- لكنه يبقي على اشارات القرآن التي توجه الإنسان إلى مبادئ عامة لتحقيق مهمته في الوجود أعني الاستعمار في الارض والاستخلاف بالنظر والعقد في العلوم وبالعمل والشرع في القيم .فلما يقول الله \"إنا كل شيء خلقناه بقدر\" فهو يشير إلى أن الطبيعة خاضعة لقوانين رياضية .وعندما يشير إلى ضرورة اعتبار الموجود فهو يشير إلى ضرورة التجربة ومن ثم فهو يشير إلى نوعي التقدير الذهني الأول هو المجرد والثاني هو المعين .لكن ذلك كله أهملته علوم الملة فضلت تأويلات لفظية ليس لها القدرة على تحقيق الاستعمار في الأرض فضلا عن الاستخلاف فيها. ما أنسبه إلى ابن تيمية هو الوعي الحاد بأهمية \"علوم الآلة\" ومنها على الخصوص المنطق لأن البحث في فاعلية علوم الآلة يجمع بين الأبستمولوجي والأنطلوجي أو بين نظرية المعرفة ونظرية الوجود ومدى التطابق بين الأمرين تطابقا نسبيا ويستحيل ان يكون مطلقا .فقد اكتشف أن التطابق التام مستحيل لاقتضائه الإحاطة فوضع نظرية التصورات متوالية التدقيق ومتراكمته. فكل تصور-وهو أساس العلاقة بين الرامز والمرموز أو بين التقديرين الذهني المجرد والذهني المعين مادامت المعاني رموزا هي بدروها ومن ثم فالموجود هو بدوره لا يدرك المرموز منه إلا كرمز-وراءه تصور أفضل وأدق وليس لهذا التوالي حد بمعنى أن المعرفة متطورة وتاريخية وهي إضافية مرتين. .1إضافية إلى المتواصلين مثلا بين المعلم والمتعلم حيث إن المعلم يختار ما يناسب المتعلم منها لينجح في تعليمه. .2وإضافية بإطلاق حيث إن التصور متناسب مع درجة المعرفة الحاصلة بالموضوع المدروس. فلا يكون تصور \"الكائن\" الرياضي في عصر أرسطو مماثلا لتصوره في عصرنا بسبب تطور النظريات الرياضية وتعقدها الممكن من «قول» الظاهرات الطبيعية والتاريخية التي هي أبو يعرب المرزوقي 23 الأسماء والبيان
-- شديدة التعقيد .وهو معنى التباسها وانتسابها إلى المتشابه الذي يعلم بالرياضيات مع التجربة وليس بتأويل ألفاظ القرآن :وذلك هو معنى فصلت .53 ولو بقيت المعاني مقومات كما كان يراها القائلون بنظرية المعرفة المطابقة لكان تعريف الأشياء في العلوم حقائق نهائية ومطلقة فلا تتبدل ولا تتحول مثل الجواهر الثواني التي يقول بها المشائيون وما يستنتجونه منها من أعراض ذاتية هي موضوع المعرفة النظرية أي التي تنتج الاستدلال البرهاني :وهو امر يبين ابن تيمية استحالته فلا برهان إلا في المقدرات الذهنية وما عداها لا يتجاوز الاستقراء الناقص دائما. فما كان يعرف بها هو الماهيات ومن ثم فهي مقومة لحقيقة الأشياء في نظرهم .لكنها عنده ليست كذلك بل هي مجرد علامات لتحديد الأشياء من جنس الحدود بين قطع الأرض ويمكن تغييرها إما في التواصل بين الباحثين أو في التواصل بينهم وبين موضوع البحث وهو القصد بالمعاني رموزا مثل اللغة والكتابة. والمعلوم أن ابن تيمية لم يكتب في التاريخ وفلسفته من حيث هو علم آلي .لكنه أشار إلى دوره في حسم الخلاف بين الفلسفي والديني عندما وضع الشرطين المعلومين لدرء التعارض بينهما .فبالإضافة إلى صريح المعقول وضع \"صحيح المنقول\" .وهو جوهر علم التاريخ من حيث هو علم آلة في كل العلوم دينية كانت أو فلسفية. فمن الحماقات تصور المنقول خاصا بالدين والمعقول خاصا بالفلسفة لكأن العلم في الفلسفة يكفي فيه ما يتوهمه العقل ليكون علما فيكون غنيا عن منقول حول موضوعه (وتلك هي غاية التجربة) .لو كان ذلك صحيحا لاستغنينا عن التجربة ولكفانا بناء قصور في رمال الخيال فلا يكون العلم مستندا إلى خيال تؤديه التجربة ويصبح لا فرق بين الخيال العلمي والعلم الخيالي في أفلامه .وإذن فكل العلوم كلها فلسفية كانت أو دينية بحاجة إلى صحيح المنقول أي إلى مضمون تجريبي. أو لكأن العلم في الدين مجرد تكديس لمنقولات دون عقل أو بناء منطقي لفهم المنقولات الدينية .وهي من نوعين .ولا علاقة لها بالغيب لأن الدين -على الأقل الإسلام في قرآنه- أبو يعرب المرزوقي 24 الأسماء والبيان
-- ينفي علم الغيب حتى على الرسل .ومن ثم فالمنقول هو مضمون الرسالة والتجربة الروحية للمؤمنين وهي تصاغ عقليا وتبنى منطقيا. فالقرآن لا يعتمد على خرق العادات لعرض معتقداته وتشريعاته بل هو يعللها عقليا باستدلال صارم بين الغزالي مثلا في القسطاس المستقيم أن كل أشكال المنطق الذي كان سائدا في عصره مستعملة فيه وخاصة شكلي الشرطيات ما يعني أن الفصل بين المنقول والمعقول من دلالات السطحية عند نقدة الدين خاصة. وإذن فالمعقول من دون المضمون النقلي أو المعطيات التجريبية هو في أقصى حالاته إذا احترم قواعد المنطق مقدرات ذهنية لا تصبح علما للموجود إلا بفضل المنقول أو المعطيات التجريبية .والمنقول من دون الشكل العقلي أو البناء المنطقي هو في أقصى حالاته إذا احترم العقل السليم مجرد عرض لركام مضموني خال من النسقية المنطقية. وعرض الركام المضموني لنا منه صورة في ما يسمى بعقيدة المذهب الفلاني أو المدرسة الكلامية الفلانية وهي ما يعلم لتابعيها في شكل محفوظات عقدية يستعرضها كركام دون بناء منطقي يحصي فيها ما علي المنتسب إليها أن يحفظه عن ظهر قلب من معتقدات دون تعليل وهو أمر مخالف للقرآن :الدوغماويات. وهي تقليد موروث عن الكنائس المسيحية ولا تمت للإسلام بصلة إذ إن القرآن يكفينا مؤونتها مع تعليل عقلي للعقائد والشرائع في متناول العقل السليم .فتعدد العقائد والشرائع بتعدد الفرق الكلامية والمذاهب الكلامية من نتائج التحريف التأويلي لما هو من المحكم في القرآن الذي صيروه متشابها لعدم التمييز بين كلام الرسالة على نفسها وعلى ما تذكر به مما ورد فيها بالتفصيل وهو المحكم وإشاراتها لما ينبغي البحث فيه خارج الرسالة أي في الآفاق والأنفس وهو المتشابه موضوع العلم النظري والتجريبي المحرر من التأويل اللفظي بالاحتكام إلى المزاوجة بين النظرية والتجربة. وهذا يبين أن العلوم الغائية من دون العلوم الآلية مستحيلة الحصول أولا ولا تكون علميتها تامة إلا بتمام علمية العلوم الآلية .ومن هنا فإن ما توصل إليه ابن تيمية كان أبو يعرب المرزوقي 25 الأسماء والبيان
-- ينبغي أن يؤدي إلى اضافة علوم آلية متعلقة بالمضمون مناظرة للعلوم الآلية المتعلقة بالشكل .وبهما بدأنا محاولة التصنيف. فينتج من ثم أن العلوم الدينية لن تبقى مقصورة على اللغة والتاريخ الأولى للشكل والثاني للمضمون وأن العلوم الفلسفية لن تبقى مقصورة على المنطق والرياضيات الأول للشكل والثانية للمضمون بل إن نوعي العلوم تستعمل الشكلين والمضمونين .ومن ثم فالعلوم الآلية الأربعة ضرورية في نوعي العلوم. لكن توهم النقلـي بلا عقل والعقلي بلا نقل جعل المعركة بين الكلام والفلسفة في النظر والعقد والمعركة بين الفقه والتصوف في العمل والشرع توهم الفلاسفة بأنهم يمثلون العقل والمتكلمين بأنهم يمثلون النقل والفقهاء يمثلون النقل والمتصوفة يمثلون الكشف وكل ذلك مناف تمام المنافاة للقرآن. أبو يعرب المرزوقي 26 الأسماء والبيان
-- وهكذا فقد وصلنا إلى غاية المحاولة بتحديد علة تحريف علوم الملة وعلة فشل التعمير والاستخلاف في حضارتنا .فتحريف رؤية القرآن لنظرية المعرفة ولنظرية القيم في نوعي العلوم الدينية والفلسفية خلال الخصومة بين الكلام والفلسفة هو ما جعل النظر والعقد عقيمين وخلال الخصومة بين الفقه والتصوف هو ما جعل العمل والشرع عقيمين كذلك. فقد ظنوا أن النظر والعقد يمكن أن يبنيا على تأويل آيات النص وليس على البحث العلمي في الآفاق اي في الطبيعة والتاريخ وفي الأنفس أي في ما جهز به الإنسان ليكون قادرا على التعمير .وظنوا أن العمل والشرع يمكن أن يبنيا على تأويل آيات النص وليس على البحث العلمي في الآفاق والتاريخ في الأنفس أي في ما جهز به الإنسان ليكون الإنسان قادرا على الاستخلاف .ففشلت الأمة فيهما معا فلا هي عمرت الأرض دون استخلاف ولا هي استخلفت فيها دون التعمير لأن المهمتين الإنسانيتين متلازمتان .فالتعمير من دون الاستخلاف تدمير للعالم والإنسان ماديا والاستخلاف من دون التعمير وهم يؤدي إلى تدمير الإنسان والعالم روحيا. ولكننا نبحث في المسألة هذه المرة من مدخل علوم الآلة (اللغة والتاريخ والمنطق والرياضيات والوسميات أصلا لها جميعا) بخلاف المرة السابقة التي كان المدخل إليها علوم الغاية (الفقه والتصوف والكلام والفلسفة والتفسير أصلا لها جميعا) .وبذلك يكتمل بحثنا الذي وعدنا به خلال الكلام في هذه بالعودة إلى تلك. فالمشكلان الإبستمولوجي والأكسيولوجي على أهميتهما الفلسفية ليسا غايتي الأولى في هذين المحاولتين بل غايتي هي محاولة فهم علل الفشل في المهمتين أي الاستعمار في الأرض والاستخلاف فيها إذ إن مضمون الرسالة الذي هو مضمون القرآن مداره الأول والأخير هو هذان المهمتان لا غير. وما أحاول حصر الإشكال فيه هو القسمة العجيبة لعلوم الآلة بين نوعي المعرفة الدينية والفلسفية في النظر والعقد ونوعي القيم في العمل والشرع على حد سواء .فالعلوم الدينية أبو يعرب المرزوقي 27 الأسماء والبيان
-- تكاد تقتصر على استعمال اللغة والتاريخ علمين آليين والعلوم الفلسفية تكاد تقتصر على المنطق والرياضيات علمين آليين .وإذن فكلاهما ينقصه ما عند الثاني. وما ينقص الفلسفي والصوفي هو المضمون أو النقل سواء كان من المعطيات التجريبية الطبيعية أو من المعطيات التجريبية التاريخية .وما ينقص الكلامي والفقهي هو العقل سواء كان في المعطيات التجريبية الطبيعية أو التاريخية .فكانت المعرفة في الحالتين لفظية إما باللغة الطبيعية أو باللغة الصناعية ولأنها في الحالتين كيفية فقد عجزت عن اكتشاف قوانين الطبيعة وسنن التاريخ وصوغهما صوغا علميا. ولو لم تحرف العلوم الدينية معاني القرآن لعلمت أن فصلت 53تشير إلى أن حقيقة ما جاء به القرآن ليست في نصه بل في الآفاق وفي الأنفس .ولما كانت هذه هي الطبيعة والتاريخ خاصة وكان القرآن قد اعتبر الخلق بقدر أي رياضيا وحض على استعمال المدارك الحسية أي مصدر كل التجربة فقد كان من الواجب البحث العلمي فيهما لا بشرح النصوص. ولما أرجعوا البحث في الآفاق والأنفس مطلوبا من شرح النصوص جعلوها كلها متشابهة لأن معاني النصوص إذا لم يحتكم فيها إلى موضوعات محددة من الشاهد وتحولت إلى طلب الغيب بالتأويل المنهي عنه صارت كلها غير قابلة للتحديد المرجعي فيصبح التخمين بحثا عن تخريجات بلا مرجع يحتكم اليه .غاية ذلك تحول العلم إلى عبث من جنس التحكم الباطني وتخريف مرجعيات التشيع. ومن علامات الأزمة الحرب على المنطق والرياضيات بصورة عامة وليس كما حاول ابن تيمية بيان طبيعتها وطبيعة ضرورتهما وضرورة استكمالهما بالتجربة حتى تتحقق شروط تطبيق المقدرات الذهنية على الموجودات الفعلية في الأعيان .ولذلك فالكلام والفقه فشلا ذريعا وتحولا إلى التربية الحكم العنيفين بالجوهر. وكم يضحكني كلام الحداثيين العرب على عقلانية المعتزلة في نظرية أفعال العباد والتحسين والتقبيح والفلاسفة عامة وابن رشد خاصة في اعتبار العلم قد اكتمل ولم يبق إلا أن يتعلم ويعلم (الفارابي كتاب الحروف) .لكن من يدرس أعمالهم دراسة جدية أبو يعرب المرزوقي 28 الأسماء والبيان
-- يكتشف أنهم أكثر عقما من علماء الدين .ذلك أن المنطق عندهم للجدل وليس لبناء أنساق نظرية من المقدرات الذهنية تنطبق على الطبيعة أو على التاريخ بل هي شروح ومعارك حول الألفاظ لا صلة لها بالبحث في قوانين الطبيعة ولا في سنن التاريخ. وكم يضحكني من يدعي أن لابن رشد فضلا كبيرا على الحداثة الأوروبية .فقائل ذلك إما يجهل ثورة الحداثة الابستمولوجية والأكسيولوجية أو يجهل مضمون الرشدية العلمي الزهيد .ولو سألتهم عن نظرية واحدة من الرشدية كان لها دور في الحداثة التي أسسها ديكارت مثلا لوجدت صفرا بل ولاكتشفت أن الغزالي مثلا كان أكثر تأثيرا في الحداثة الغربية من كل فلاسفة العرب مجتمعين .وخرافة العلمنة الرشدية من المهازل .فالحداثة بخلاف ما يتصورها عليه أنصاف المثقفين تحررت من وهم العلم المحيط واعتبرت محاولاتها سعيا لتطبيق المقدرات الذهنية على الظاهرات الطبيعية وتطوير الرياضيات والمنطق لتحقيق هذه المهمة والابتعاد عن تأويل الدين بدعوى رده إلى ما يزعمون من علوم عقلية. ومن ثم فقد كانوا أقرب إلى أعماق الدين من كل فلاسفة الإسلام .وكل الذين يخلطون بين الحداثة انحطاطها في فلسفة هيجل وماركس هم من يتوهمونها حربا على الدين. فمن يعتقد أن فكر ابن رشد برهاني لا بد أن يكون حتما ممن يعتقدون في معاني من جنس الجواهر الثواني والأعراض الذاتية ولم يصلوا إلى فهم ما فهمه ابن تيمية الذي يعتبرونه ظلاميا بأنها مجرد معاني رامزة رمزا ليس مؤثرا في معرفة لا تتجاوز التصنيف الخارجي بعلامات عقيمة ترجع إلى الهيلومورفية التي تقيس الخلق على الصناعة البدائية لتصوير المواد وليست مقومة لحقيقة الأشياء إذ لو كانت كذلك لما أمكن تغيرها ولما كان العلم بالأشياء متطورا بتطور جهاز التجربة. خلال ترجمتي لمقالة اللام من الميتافيزيقا وجدت أن ابن رشد ليس متخلفا عن الحداثة فـحسب بل حتى عن أرسطو والاسكندر في شرحه لهذه المقالة .فأرسطو يعتبر العودة إلى أدقسس في الفلكيات هو المتوفر وليس هو الحقيقة النهائية .لكن ابن رشد يعتبرها الحقيقة أبو يعرب المرزوقي 29 الأسماء والبيان
-- النهائية ويفضلها على نظام بطليموس الرياضي لأن أرسطو عنده معصوم في نظرية المحرك الذي لا يتحرك وتوابعه من العقول المحركة للأجرام السماوية. وعندما تقرأ شرحه -وهو الشارع الأكبر كما يزعمون-لا تجد فرقا بين الشرح الفلسفي لأهم كتاب من كتب أرسطو وشرح أي نص أدبي أو نص ديني بإيراد دلالات ا الالفاظ والبحث عما يزيل التناقض عن استعمالات أرسطو لها ومن فهو شرح ليس فيه من العلم غير ما نجده في التفاسير التقليدية من \"البارافراز\" التي لا تضيف شيئا لمعرفة صيغت قبله بستة عشر قرنا إذ هي لا تغير حتى الأمثلة المضروبة في النص أو تنقدها في ضوء تقدم العلم بعد ستة عشر قرنا. فلكأن هذه القرون التي مرت بين أرسطو وابن رشد عقيم ولم يطرأ فيها شيء غير العلم الغائي والعلم الآلي بحيث إن مهمة الشارح تتمثل في توضيح الغموض في الصياغة النصية لا غير .وهذا لعمري مآله تراكم شرح الشرح إلى غير غاية ولا يتقدم العلم قيد أنملة. لذلك فالسؤال هو ما الذي أضافه ابن رشد لعلم أرسطو يمكن أن يكون قد ساهم في الحداثة؟ والإضافة ليست بالضرورة إيجابية فقد تكون سلبية لأن تأييد النص بأدلة جديدة أو نقده بها هو الإضافة في المعرفة الإنسانية .فالوجه الاول يدعم الموجود والثاني يدحضه لتجاوزه إلى المنشود .وإذا قارنت بينه وبين الغزالي وجدته على الاقل يضيف وإن سلبا ما يمكن من اكتشاف ثغرات علم أرسطو .وطبعا يلجأ أصحاب هذا الرأي إلى موقف الكنيسة من شروحه معتبرين ذلك مساهمة في الحداثة بمعنى الحداثة العلمانية .ولا يدرون أولا أن العلمانية متأخرة بخمسة قرون عليها لأنها بدأت مع الثورة الفرنسية وأن كل علماء أوروبا الحداثيين خريجو مدارس دينية حتى بعد العلمنة الغربية. أما عندما تنظر في من يعتبرونه ظلاميا أي ابن تيمية فإن القفزة النوعية التي كان يمكن أن تحرر نوعي العلوم الدينية والفلسفية من هيمنة الأرسطية ومن القول بنظرية المعرفة أبو يعرب المرزوقي 30 الأسماء والبيان
-- المطابقة والتمييز بين المقدرات الذهنية والعلم الذي هو تطبيقها على الموجودات العينية شرط مهمتي الإنسان معرفة للتعمير وقيمة للاستخلاف. وهو يضيف التنبيه صحبة هذه الرؤية القول إن العلوم الكلية والمحضة لا توجد إلى في المقدرات الذهنية (الرياضيات والمنطق) وإن ما عداها ليس فيه كلي ولا ضروري ولا محظ بل هو دائما استقرائي عندما ينتقل من الفرضي إلى الفعلي في طلب قوانين الظاهرات الفعلية القائمة بذاتها في الأعيان. ما يعني أنه يرفض القول بنظرية المعرفة المطابقة ويعتبر العلم سعيا دائبا نحو الاقتراب من حقيقة الأشياء ولا يمكن أبدا أن يكون مطابقا لها .فهذا السعي ليس له نهاية بل هو أبدي .وتلك هي نظريته في تطور التصورات في سعيها للمطابقة دون نهاية لأن كل تصور وراءه تصور أفضل بحسب الاطلاع على معطيات التجربة. وسأختم هذه المحاولة في فصلها الخامس والأخير بالنقلة النوعية التي جلت التركيز يدور حول علوم الآلة شرطا في علوم الغاية .وهذا بمجرده يعتبر ثورة ابستمولوجية .فالآلة جنسان لكل منهما عدة أنواع: .1جنس آلات التقدير الذهني كالرياضيات والمنطق. .2وجنس آلات التعيين التجريبي كالبصريات والسمعيات. وما سأقوله الآن مما يترتب على هذا الدور الذي تؤديه علوم الآلة سيفجع أدعياء العقلانية والتنوير من النخب العربية التي تقابل بين العقل والنقل .فالنوع الأول هو آلات العقل والنوع الثاني هو آلات النقل في نوعي العلوم الدينية والفلسفية على حد سواء .ولا يمكن إبداع هذه من دون تطبيق تلك على الطبيعة والتاريخ ولا إبداع هذه التي تمكن من أدراك معطياتها بما يمكن الحواس من دون تلك. فمن دون المنطق والرياضيات لا يمكن صوغ المتن العلمي الذي يكون بما فيه رصيدا معرفيا نسقيا يظهر ما ليس فيه في شكل ثغرات في النسق ليصبح مادة البحث الموجه منطقيا أبو يعرب المرزوقي 31 الأسماء والبيان
-- لاستكمال النسق وتلك هي الطريق الأولى للإبداع العلمي باكتشاف ما غاب فيه وسد ثغراته منطقيا .والأكثر قيادة لتقدم المعرفة هو معطيات التجربة. فكل شذوذ فيها عن التفسير النظري يعد مفتاحا لإعادة النظر في النظرية أو في مزيد الكشف عن المعطيات .وتلك هي الطريقة الثانية للإبداع العلمي .وذلك هو معيار التكذيب في تقدم النظر العلمي .وفضل القول بعدم المطابقة في نظرية المعرفة -الغزالي وابن تيمية وابن خلدون-هو ما يترتب عليه من ضرورة الجمع بين الطريقتين :معيار النسقية المنطقية ومعيار الطردية التجريبية. فكل خلل في النسقية اكتشاف لثغرات النظام المنطقي .وكل شذوذ عن الطردية اكتشاف لثغرات النظام التجريبي .وكلاهما دافع إلى المزيد من تدقيق النسقية المنطقية للنظرية والى المزيد من الفحص التجريبي للتقليل من الشذوذ على القوانين المكتشفة .وبهما معا يتقدم التقدير الذهني والتعيين التجريبي. لكن ذلك بقي وعودا دون إنجاز على الأقل عند الغزالي وابن تيمية .لكن ابن خلدون حاول تجاوز الوعد وشرع في الإنجاز بكتابة المقدمة .وهي مسودة كتاب وليست كتابا وذلك أمر يفهمه كل من حاول استخراج النسق العميق للمقدمة .فعرض شذرات من النظرية لم يشفع بالصوغ البعدي أي إنه لم يعد عليها ليصوغها أكسيوميا .وقد حاول شيئا من ذلك صاحب بدائع السلك في طبائع الملك. وحتى هو فقد اكتفى بمحاولة تصنيف القضايا -فردها إلى عشرين قضية مبنية على شواهد نقلية وعشرين على أدلة عقلية-دون أن يرجعها إلى نسق أكسيومي يمكن من رد المقدمة إلى قليل من المبادئ والمسلمات يستمد منها بقية القضايا .ومع ذلك فقد أشار إلى مبدأ عام ذكره ابن خلدون بمعنى على الأغلب وعممه بمعنى الاطلاق: \"(قال ابن خلدون) والوجود شاهد بذلك فإنه لا يقوم بأمر أمة أو جيل إلا من غلب عليهم (قلت) وهذا تقرير في غاية الحسن ونهاية البراعة والتحقيق .وقوله \"وقل أن يكون الأمر الشرعي مخالفا للأمر الوجودي\" بل لا يكون البتة .وقاعدة أن كل أصل علمي يتخذ إماما أبو يعرب المرزوقي 32 الأسماء والبيان
-- في العمل فشرطه أن يجري العمل به على مجاري ا لعادات في مثله وإلا فهو غير صحيح شاهد لذلك\" (عبد الله بن الأزرق بدائع السلك في طبائع الملك تحقيق محمد عبد الكريم الدار العربية للكتاب تونس ليبيا المقدمة الثانية الفاتحة العاشرة ص.)97. وإن شاء الله إن أمد الله في العمر سأحاول تحقيق هذه الصياغة لتكون حجر ا لأساس للخلدونية المحدثة. أبو يعرب المرزوقي 33 الأسماء والبيان
-- أبو يعرب المرزوقي 34 الأسماء والبيان
Search
Read the Text Version
- 1 - 38
Pages: