Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore التحرر والتحرير من موجة الثورة الاولى الى موجتها الثانية - ابو يعرب المرزوقي

التحرر والتحرير من موجة الثورة الاولى الى موجتها الثانية - ابو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-05-27 13:32:36

Description: حللت تعقيد الوضعية التي توجد فيها الثورة، وصلتها بمعركة الاستئناف بمعنيين:
- استئناف الإسلاميين عملية التحرير من الاستعمار الذي تضاعف هو بدوره.
- واستئناف الإسلام دوره الذي كاد الانحطاطان يخرجانه من التاريخ، فانحطاط الأصالة من شروط الاستعمار في الأرض، وانحطاط الحداثة من شروط الاستخلاف.
ذلك أن معركة التحرير، التي بدا الاستعمار وكأنه قد خسرها لما أعطى ما يسمى بالاستقلالات، ربحها بحق لما قضى على إسلاميتها وسلم البلاد لعملائه. فصار يولي ويعزل حكامنا وازداد عمقا لأن المتصدين له أبعدوا، وأصبح التحضير المستبد والتابع مهمة عملائه، خلطا بين التحديث المستقل والتبعية. فمرروا الاستتباع بدعوى التحديث الذي كان مستحيلا في ظل التبعية الناتجة عن تفتيت الجغرافيا التي فرضته، وتشتيت التاريخ الذي فرضته المحميات.

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬‫من موجة الثورة الأولى إلى موجتها الثانية‬ ‫‪ -‬الفصل الثاني ‪-‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫من موجة الثورة الأولى الى موجتها الثانية‬



‫حللت تعقيد الوضعية التي توجد فيها الثورة‪ ،‬وصلتها بمعركة الاستئناف بمعنيين‪:‬‬ ‫‪ -‬استئناف الإسلاميين عملية التحرير من الاستعمار الذي تضاعف هو بدوره‪.‬‬‫‪ -‬واستئناف الإسلام دوره الذي كاد الانحطاطان يخرجانه من التاريخ‪ ،‬فانحطاط الأصالة‬ ‫من شروط الاستعمار في الأرض‪ ،‬وانحطاط الحداثة من شروط الاستخلاف‪.‬‬‫ذلك أن معركة التحرير‪ ،‬التي بدا الاستعمار وكأنه قد خسرها لما أعطى ما يسمى‬‫بالاستقلالات‪ ،‬ربحها بحق لما قضى على إسلاميتها وسلم البلاد لعملائه‪ .‬فصار يولي ويعزل‬‫حكامنا وازداد عمقا لأن المتصدين له أبعدوا‪ ،‬وأصبح التحضير المستبد والتابع مهمة‬‫عملائه‪ ،‬خلطا بين التحديث المستقل والتبعية‪ .‬فمرروا الاستتباع بدعوى التحديث الذي‬‫كان مستحيلا في ظل التبعية الناتجة عن تفتيت الجغرافيا التي فرضته‪ ،‬وتشتيت التاريخ‬ ‫الذي فرضته المحميات‪.‬‬‫وكان لابد من خلق الضديد‪ ،‬المبرر للحاجة إليه‪ :‬فلا يمكن للمستقبل المزيف أن يبرر‬ ‫وجوده إذا لم يوجد الماضي المزيف‪ :‬تبعيتان شارطتان لمنع الاستئناف‪.‬‬‫وفي وضعية هذا الصراع الزائف على نيابة الاستعمار في محمياته‪ ،‬التي نتجت عن فرضه‬ ‫تفتيت الجغرافيا‪ ،‬وفرضهم تشتيت التاريخ‪ ،‬تك ّون الإسلام السياسي‪.‬‬‫فكانت ولادته مشوهة‪ ،‬لأن له علاقة بالتأصيل المزيف وبالتحديث المزيف‪ ،‬لاشتراكه مع‬ ‫الاول في المرجعية الإسلامية‪ ،‬ومع الثاني في المرجعية الحداثية‪.‬‬‫ومهما اختلف تأويل الإسلام السياسي للمرجعية الإسلامية‪ ،‬بسلمية سياسته‪ ،‬وللمرجعية‬ ‫الحديثة بتجاوز حرية خياراته‪ ،‬فإن إلصاقه بالماضي المزيف أيسر‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫ومنذ أن أصبح التأصيل المزيف حركات مسلحة‪ ،‬يسهل وصفها بالإرهاب‪ ،‬وخاصة من‬ ‫التحديث المزيف‪ ،‬بات من اليسير وضع كل الإسلاميين في نفس \"الشكارة\"‪.‬‬‫بعد أن حددنا مكونات الوضعية في الفصل الأول‪ ،‬وحددنا في هذا الفصل تأويلها الذي‬ ‫فرضه الغرب وعملاؤه‪ ،‬بات الاستئناف بمعانيه المذكورة عسيرا جدا‪.‬‬‫وبذلك‪ ،‬فالإسلام السياسي الحديث الذي يريد أن يجمع بين التأصيل والتحديث‬ ‫المبدعين‪ ،‬فلا يقتل الماضي والمستقبل‪ ،‬يحتاج إلى ثورتين لم تتحققا بعد‪.‬‬‫الأولى أن يصارح الأمة بأن وجوده مستحيل في ظل المحميات‪ ،‬أو فاقد لفائدته إن سمح‬ ‫به‪ ،‬لأنه ينبغي في هذه الحالة أن يكون بمنطق التحديث التابع‪.‬‬‫فنظام التحديث التابع‪ ،‬يحتاج أحيانا لطلاء الشرعية الشعبية‪ ،‬فيقبل به بشرط أن يكون‬ ‫تابعا‪ ،‬فيتألف من الطامعين في مزايا المشاركة الذليلة في الحكم‪.‬‬‫وهو قد يفعل أحيانا بدعوى التكتيك‪ ،‬لتجنب الاستئصال‪ ،‬باتهامه كذبا بالإرهاب وبضمه‬ ‫التأصيل المزيف‪ ،‬الذي غلب على شقه الذي يدعي الجهاد‪ ،‬العمل العنيف‪.‬‬‫وحتى وهو على هذا النحو من الوجود التابع والمهدد‪ ،‬فإن الإسلام السياسي يجد نفسه‬ ‫في معركة محلية واقليمية ودولية‪ ،‬حتى لو تخلى عن طموح الاستئناف‪.‬‬‫فالأعداء واعون جيد الوعي بأن الاستئناف الإسلامي‪ ،‬حتى في الضمائر‪ ،‬هو الخطر‬ ‫المحدق بكل استراتيجية الاستعمار وعملائه‪ ،‬وخاصة ذراعيه في الإقليم‪.‬‬‫ولهذه العلة‪ ،‬فإن القضاء على الثورة‪ ،‬التي جعلت الشعب يختار بحرية الإسلام السياسي‬ ‫لقيادة عملية التأصيل والتحديث السيدين‪ ،‬مسألة حياة أو موت لهم‪.‬‬‫فالأنظمة العميلة وذراعيهما (إيران وإسرائيل) وحماة الانظمة وذراعيهما (روسيا‬ ‫وأمريكا)‪ ،‬يعتبرون المعركة معه حاسمة‪ ،‬إذ الثورة قد تخرجه من المأزق‪.‬‬‫فالإسلام السياسي الذي اختاره الشعب بفضل التغير الجوهري الذي فرضته الثورة‪،‬‬ ‫يمكنه الآن أن يجمع بين ماض حي‪ ،‬ومستقبل مبدع‪ ،‬والجمع بين المعركتين‪.‬‬‫فالجمع بين معركة التحرر من الاستبداد والفساد (موجة الثورة الأولى)‪ ،‬واستكمال‬ ‫معركة التحرير من الاستضعاف والاستتباع (موجة الثورة الثانية)‪ ،‬هو أفقها‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫ومعنى ذلك أن ما بدا وكأنها ركوب على الموجة الأولى‪ ،‬التي لم تكن ذات قيادة‬ ‫واستراتيجية‪ ،‬يمد الإسلام السياسي بفرصة قيادة الموجة الثانية الجامعة‪.‬‬ ‫أعلم أن ذلك عسير وعسير جدا‪ ،‬لأنه يسد حاجة مضاعفة‪:‬‬ ‫‪ -‬حاجة الثورة لقيادة وقوة سياسية منظمة‪،‬‬ ‫‪ -‬وحاجة الإسلام السياسي لاستراتيجية سياسية طويلة الأمد‪.‬‬‫فوجود الانظمة العميلة والذراعين‪ ،‬والسند الاستعماري‪ ،‬ونوعي التزييف للماضي‬ ‫وللمستقبل‪ ،‬كل ذلك يدل على أن الاستئناف الإسلامي هو مصدر قلقهم جميعا‪.‬‬‫وهذا الاستئناف‪ ،‬لسوء الحظ‪ ،‬ليس له من يطلبه باستراتيجية جامعة بين بعث الحي من‬ ‫الماضي‪ ،‬وابتداع الحي من المستقبل‪ ،‬ومستعد لتحمل كلفته النضالية‪.‬‬‫وحتى أكون شديد الصراحة‪ ،‬فإن الأنظمة العميلة والذراعين والحاميين‪ ،‬لم يكتفوا‬‫بالصراع السلمي‪ ،‬بل هم حملوا السلاح وكونوا المليشيات وشوهوا الإسلام‪ .‬وحينئذ‬‫فالتصدي لاستراتيجية الأعداء لن يكون بالدعاء والشعارات‪ ،‬بل لا بد لنظائر منها‬ ‫حقيقية‪ ،‬للتحرر والتحرير أيا كانت كلفتهما‪ :‬بهدف واضح هو الاستئناف‪.‬‬‫واستراتيجية الأنظمة العميلة والذراعين والحاميين‪ ،‬توحدوا في حربهم على الثورة‬ ‫للإبقاء على تفتيت الجغرافيا وتشتيت التاريخ شرطي التبعية‪.‬‬‫وهذه الاستراتيجية سلبية‪ ،‬أي إنها تحول دون تفعيل شروط الاستئناف الإسلامي‪ ،‬ما‬ ‫يعني أن التصدي فعل وليس رد فعل‪ :‬الهدف تحقيق شروط الاستئناف‪.‬‬‫وهذه الاستراتيجية واضحة‪ :‬توحدت الثورة المضادة وحماتها المباشرة (إيران‬ ‫وإسرائيل) وغير المباشرة (روسيا وأمريكا)‪ ،‬وعلى الثورة أن تتحد كذلك‪.‬‬‫إذا تركنا الثورة المضادة بمكوناتها تلك تستفرد بكل قطر لتفني القوة السياسية الوحيدة‬ ‫التي يمكن أن تعتمد عليها الثورة‪ ،‬فالهزيمة تنتظرنا حتما‪.‬‬‫وأعتقد أن بعض الحمقى من الثورة المضادة‪ ،‬بالمال والإعلام والعنف‪ ،‬بدأت تفرض على‬ ‫الثورة هذا الحل‪ :‬تدخلها تجاوز للحدود‪ ،‬وإذن فسيفرض وحدة الثورة‪.‬‬ ‫عندما يهدد حفتر تونس لن يتفرج التونسيون‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫وعندما يهدد السيسي ليبيا لن يتفرج الليبيون‪.‬‬ ‫وعندما تهدد إيران سوريا والعراق فأهلهما لن يتفرجوا‪.‬‬ ‫وقس على ذلك ما يحدث بين السعودية واليمن وبين مصر والسودان‪.‬‬‫الحدود صارت العقدة‪ :‬مسّها الزلزال‪ ،‬وبه تتبدأ الموجة الثانية‪ :‬ثورة الاستئناف‪.‬‬ ‫‪44‬‬



‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬