Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الديمقراطية الاسلامية او شروط تمثيل الاخوان لثورة الشباب - الفصل الثاني - ابو يعرب المرزوقي

الديمقراطية الاسلامية او شروط تمثيل الاخوان لثورة الشباب - الفصل الثاني - ابو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-05-03 06:22:03

Description: عالجت الشرط الأول في الديموقراطية الإسلامية، حتى يستطيع الاخوان إنجاز بداياتها، سهما حاملة للاستئناف وتمثيل ثورة الشباب عمودا فقريا يسندها.
بيّنا أن حضور الدين في السياسة يمكن ألا يحوّل الدولة إلى دولة دينية، بالتمييز بين علم الفقه وأصوله، جزءا من فلسفة القانون والتشريع الديموقراطي.
لكن ذلك لا يكفي، لأن ما سار عليه التاريخ السياسي للأمة بعد الفتنة الكبرى، التي هي حرب أهلية، نقلت الدولة من العمل بالدستور القرآني إلى تعطيله.
وتعطيله اعتبرته فرضا لحالة طوارئ، لم تتوقف إلى الآن، بسبب الفصل بين الشرعية والشوكة، وتقديم هذه على تلك، التي أصبحت مجرد مثال أعلى في الضمائر.

Search

Read the Text Version

‫الديموقراطية الإسلامية‬‫أو شروط تمثيل \"الإخوان\" لثورة الشباب‬ ‫‪ -‬الفصل الثاني ‪-‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫أو شروط تمثيل \"الإخوان\" لثورة الشباب‬



‫عالجت الشرط الأول في الديموقراطية الإسلامية‪ ،‬حتى يستطيع الاخوان إنجاز بداياتها‪،‬‬ ‫سهما حاملة للاستئناف وتمثيل ثورة الشباب عمودا فقريا يسندها‪.‬‬‫بيّنا أن حضور الدين في السياسة يمكن ألا يح ّول الدولة إلى دولة دينية‪ ،‬بالتمييز بين علم‬ ‫الفقه وأصوله‪ ،‬جزءا من فلسفة القانون والتشريع الديموقراطي‪.‬‬‫لكن ذلك لا يكفي‪ ،‬لأن ما سار عليه التاريخ السياسي للأمة بعد الفتنة الكبرى‪ ،‬التي هي‬ ‫حرب أهلية‪ ،‬نقلت الدولة من العمل بالدستور القرآني إلى تعطيله‪.‬‬‫وتعطيله اعتبرته فرضا لحالة طوارئ‪ ،‬لم تتوقف إلى الآن‪ ،‬بسبب الفصل بين الشرعية‬ ‫والشوكة‪ ،‬وتقديم هذه على تلك‪ ،‬التي أصبحت مجرد مثال أعلى في الضمائر‪.‬‬‫ومن ثم‪ ،‬فالأمة ظلت تعيش في فصام دام أربعة عشر قرنا‪ ،‬واقعها مناف لواجبها‪ ،‬ليس‬ ‫بمعنى بعد الواقع عن المثال‪ ،‬بل بمعنى مناقضته وتوقف السعي للتقريب بينهما‪.‬‬‫وقبل أن أعالج هذا المشكل الثاني‪ ،‬الذي هو أعوص من المشكل الأول‪ ،‬لا بد أن أشير إلى‬‫أن الإخوان ما زالوا يتصرفون كفرقة‪ ،‬فلا يسمعون لغير \"مفكريهم\" وجل فكرهم لم يتجاوز‬‫مقولات القرون الوسطى‪ ،‬رغم تزيينه بتبن سطحي للشعارات الحديثة‪ ،‬والتغيير العميق‬ ‫لبناء ديموقراطية إسلامية‪ ،‬ليست بعد في المتناول‪.‬‬‫ولذلك‪ ،‬فما يتصورونه تغييرا‪ ،‬آل بهم إلى التفصي مما يراد منهم التفصي منه‪ ،‬أعني‬ ‫هدفي المشروع‪:‬‬ ‫‪ -‬طموح توحيد الأمة‪.‬‬ ‫‪ -‬وطموح الجمع بين السياسي والروحي‪.‬‬ ‫‪51‬‬

‫يراد منهم أن يصبحوا أحزابا قطرية‪ ،‬ويراد منهم أن يفصلوا بين السياسي والديني‪.‬‬ ‫لكأن الإسلام يقاس على غيره من الأديان في هذه المسألة الدقيقة‪.‬‬‫والقطرية‪ ،‬أيا كانت عقيدة الحاكم‪ ،‬هي أصل كل فخاخ التبعية الحائلة دون الاستئناف‪:‬‬ ‫تفتيت الجغرافيا والتاريخ يمنعان التنمية المادية والثقافية‪.‬‬‫فلنفرض مثلا أن النهضة تحكم‪ -‬وقد جربت‪ -‬ستبقى تونس بالضرورة تابعة في الحماية وفي‬ ‫الرعاية‪ ،‬لأن قطريتها أعدت لأجل تحقيق هذه الضرورة الاستعمارية‪.‬‬‫وسواء تعلمنت وقطعت كل علاقة بالأمة‪ ،‬فلن تصبح حزبا ديموقراطيا‪ ،‬ولن تكون تونس‬ ‫قادرة على القيام الذاتي‪ ،‬بل إن آخر أمل في الاستقلال يكون قد سقط‪.‬‬‫ولن أعجب إذا لم يلتفت مفكرو الاخوان لكلامي‪ -‬على قلة وعيهم بطبيعة التفكير الفلسفي‬ ‫في الإسلام‪ ،‬بمعزل عن الشعارات التي تسهل قبول الأعداء بهم‪.‬‬‫النزوع شبه المرضي للحكم‪ ،‬يمنعهم من فصل التفكير النسقي في المسألة عن الفوائد المباشرة‬ ‫للمشاركة فيه وإخضاعه للتسييس المباشر الملغي لجدوى الفكر‪.‬‬‫فلنعرض المشكل الثاني ولنحلل عناصره‪ ،‬لنصل إلى علاجه بمقتضى الدستور القرآني‪،‬‬ ‫الذي وقع التخلي عنه وتعويضه بحالة الطوارئ منذ الفتنة الكبرى‪.‬‬‫إنه مشكل المشاكل‪ ،‬أي كل ما أصبح خاضعا لقانون الطوارئ‪ ،‬الذي ألغى الحريتين الروحية‬ ‫والسياسية‪ ،‬نظير ما يحصل في حالة تعطيل دستور دولة علمانية مثلا‪.‬‬‫وفي الحقيقة‪ ،‬فالمشكل لا تقتصر علته على هذا التعطيل‪ ،‬الذي نقل الأمة من تطبيق دستور‬ ‫القرآن إلى قانون حالة الطوارئ‪ ،‬الذي صار يعتبر بديلا منه‪.‬‬‫العلة الأعمق هي طبيعة الدستور القرآني‪ :‬فأساسه ليس دينا من بين الأديان‪ ،‬بل الديني‬ ‫في كل دين‪ :‬جوهر الدستور القرآني هو وحدة الديني وكونيته‪.‬‬‫وهذه الوحدة والكونية ذات أساسين‪ :‬وحدة الخَلق ووحدة الخُلق‪ ،‬اللذين يسميهما القرآن‬ ‫الفطرة‪ ،‬واللذين بهما ينقد الحضارة الإنسانية والتطور الديني‪.‬‬ ‫وحصيلة هذا التصور للديني في الأديان كلها‪ ،‬كانت وضع مبدأين في الدستور القرآن‪:‬‬ ‫‪-1‬التعدد الديني أمر لا يمكن إلغاؤه‪ ،‬وأنه شرط التسابق في الخيرات‪.‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪ -2‬الدولة ليست دينية‪ ،‬لكن مرجعيتها ينبغي أن تكون دينية ولكن بفهم عجيب‪ :‬هي‬ ‫الديني في الأديان الذي يعترف بها جميعا حماية ورعاية‪.‬‬‫الدستور القرآني ليس مستمدا من دين بين الأديان‪ ،‬بل من الديني في كل دين‪ :‬والديني‬ ‫في كل دين‪ ،‬هو أساس الخلقي والقانوني الجامع بين بعدي الإنسان‪.‬‬‫فما هو ضروري لاستعمار الإنسان في الأرض بقيم استخلافه فيها‪ ،‬هو الديني وهو الخلقي‬‫والقانوني لتنظيم حياة البشر بمقتضى الآية ‪ 1‬من سورة النساء والآية ‪ 13‬من سورة‬ ‫الحجرات‪.‬‬‫وبهذا المعنى‪ ،‬فالديني في كل الأديان هو الدستور القرآني الذي يجعل الإسلام مصدقا لما‬ ‫بين يديه‪ ،‬ومهيمنا عليه‪ ،‬أي إنه جوهر السياسة بهذه المرجعية‪.‬‬‫وبذلك نفهم الآية ‪ 256‬من سورة البقرة‪ ،‬والآيات الثلاث التي تتعلق بالأديان الخمسة‪،‬‬ ‫التي لا خوف على أهلها ولاهم يحزنون‪ ،‬ثم أضافة السادس الذي يحكم فيه بالإرجاء‪.‬‬‫ورددت على بابا الفاتيكان منذ عقد‪ ،‬بأن الحرية الدينية لم يقل بها النبي محمد صلى الله‬ ‫عليه وسلم لما كان ضعيفا‪ ،‬بل نفيها هو الذي وضع في حالة الطوارئ لما ضعف المسلمون‪.‬‬‫ولست بحاجة لإطالة الاستدلال‪ :‬لا أقول بأسباب النزول لكن سبب نزول الآية ‪ 256‬من‬ ‫البقرة‪ ،‬هو محاولة أب أسلم‪ ،‬أن يفرض الإسلام على ابنيه المسيحيين‪.‬‬‫كنت دائما‪ ،‬ولا زلت‪ ،‬اعتبر النزول هو سبب الأحداث التي تعتبر اسبابا له‪ .‬فالله يحدث‬ ‫أمرا يتعين فيه الحل‪ ،‬الذي هو العلة الحقيقية كما في السياسة‪.‬‬‫يخطط المشرع الرشيد لإجراء‪ ،‬فيحدث ما يجعله ضروريا‪ ،‬ليفهم القانون عند وضعه‪:‬‬ ‫كذلك علاقة ما يسمى بأسباب النزول بالنزول في تشريع التشريع القرآني‪.‬‬‫ففي الآية ‪ 48‬من سورة المائدة‪ ،‬نجد هذه النظرية القرآنية‪ :‬تعدد الشرعات والمنهاجات‬ ‫مقصود‪ ،‬ولو أراد الله إلغاءه لفعل‪ ،‬لكنه يريده دافعا للتسابق في الخيرات‪.‬‬‫ووظيفة الدستور القرآني تشجيع هذا التسابق بين الشرعات‪ ،‬ومن ثم فهو يرعاها جميعا‬ ‫حتى يختار المؤمنين في تسابقهم خلال درجات الديني في الأديان‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫الإسلام‪ ،‬من حيث هو الديني في الأديان‪ ،‬هو هذا التدرج في تحقيق الديني في الأديان‪:‬‬ ‫لذلك فالقرآن لا يعتبر كل المسيحيين ولا كل اليهود سواء‪.‬‬‫لما انحط المسلمون‪ ،‬فاستبدلوا بقانون الطوارئ الدستور القرآني صار الإسلام دينا من بين‬ ‫الأديان وليس الديني في الأديان‪ ،‬أي الخلقي والقانوني‪.‬‬‫والخلقي والقانوني فوق الأديان‪ ،‬لأنه الديني في الأديان بمعنى النساء ‪ 1‬والحجرات ‪.13‬‬ ‫ولذلك فالشورى ‪ 38‬تعلقت بالديني عامة‪ :‬الاستجابة للرب‪.‬‬‫والنساء لم تتكلم على المنتسب إلى أي دين من الأديان‪ ،‬بل إلى المربوبية والرحم الكوني‪،‬‬ ‫ثم إلى الآلهية والرحم الجزئي بمقتضى الديني عامة‪.‬‬‫والحجرات ‪ 13‬لم تتكلم على المنتسب إلى دين معين‪ ،‬بل هي تخاطب الإنسان عامة بمعيار‬ ‫التقوى القرآني‪ ،‬منطلقا من الديني في الأديان‪ :‬الإسلام‪.‬‬‫من هنا تفهم لم من شروط الإسلام الإيمان بكل الانبياء والكتب المنزلة‪ ،‬وحتى غير المنزلة‪،‬‬ ‫فمعيار الإيمان وعدم الحزن يشمل غير الأديان المنزلة‪.‬‬‫وحتى الشرك‪ ،‬فإنه قد اعتبر دينا وارجئ الحكم فيه إلى يوم الدين‪ ،‬بشرط احترام‬ ‫الديني في الأديان‪ ،‬أي الخلقي والقانوني‪ ،‬ويجمع بينهما معيار التقوى‪.‬‬‫وطبعا فهذا شرط الشروط في بناء دولة كونية‪ ،‬هدفها توحيد الإنسانية (مشروع الإسلام)‬ ‫ومثالها دولة الرسول‪ ،‬التي هي عينة مما ينبغي فعله لتحقيقها‪.‬‬‫سيقال إنك‪ :‬تتجنى على المسلمين‪ ،‬فتعتبر الإسلام الديني في الأديان‪ ،‬وليس دينا من بين‬ ‫الاديان متهما إياهم في نكوصهم بالحط من منزلته الروحية‪.‬‬‫لكني لا أتجنى على أحد‪ :‬فمن يطلب نظام القرآن والسنة‪ ،‬باعتبارهما نسقين‪ ،‬أحدهما‬ ‫يرمز للمشروع‪ ،‬والثاني لعينة من تطبيقه‪ ،‬لا يمكن أن ينفي هذا الحكم‪.‬‬‫وسأكتفي بدليل واحد لا يمكن أن يجادل فيه إنسان نزيه‪ :‬فالآية ‪ 104‬من آل عمران تعرف‬ ‫المؤمن بالديني في كل دين‪ :‬بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬‫وهما مفهومان يجمعان في آن البعد الخلقي‪ ،‬والبعد القانوني‪ .‬أي إنه ليس حكما خلقيا في‬ ‫الضمير‪ ،‬بل هو حكم خلقي في الفعل‪ ،‬أي قانون ينفذ‪ :‬أمرا ونهيا‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫والآية ‪ 110‬منها تجعل ذلك إذا تم كافيا لينتسب محققه إلى خير أمة اخرجت للناس‪.‬‬ ‫الخطاب موجه إلى الصدر بوصفهم العينة التي حققت مطلوب الآية ‪ 104‬من آل عمران‪.‬‬‫وإذن‪ ،‬فالخيرية تحصل بالديني في كل دين‪ ،‬وليست مقصورة على المسلمين بالمعنى الذي‬ ‫يكون فيه الإسلام دينا من بين الأديان‪ ،‬بل الديني في الأديان‪.‬‬‫فكل السابقين من أهل الأديان التي يقصها القرآن‪ ،‬والذين كانوا مؤمنين يأمرون بالمعروف‬ ‫وينهون عن المنكر‪ ،‬يصفهم بالإسلام أي بالديني في الأديان‪.‬‬‫إذا تحقق هذا الشرط الثاني‪ ،‬عادت الأمة إلى الدستور‪ ،‬وتحررت من حالة الطوارئ التي‬‫دامت أربعة عشر قرنا‪ :‬فعاد المسلمون إلى الحريتين الروحية والسياسية‪ ،‬فتكون المرجعية‬‫الدينية الإسلامية للحكم الديموقراطي ليست دينا من بين الأديان‪ ،‬بل الديني في كل دين‪،‬‬ ‫أي الأخلاق والقانون‪ ،‬ويجمعهما مفهوم التقوى‪.‬‬‫فيصبح بوسع حزب يؤسس للديموقراطية الإسلامية‪ ،‬في دولة غير دينية‪ ،‬بمعنى تمثيل دين‬ ‫من الأديان‪ ،‬ودينية بمعنى الديني في كل دين‪ :‬الأخلاق والقانون‪.‬‬‫وبالتقوى وحدها‪ ،‬يتفاضل الناس كما جاء في الآية ‪ 13‬من سورة الحجرات‪ .‬وهو معنى‬‫الانتساب إلى دولة ليست دينية‪ ،‬رغم أن مرجعيتها أخذت من دين هو الديني في كل دين‪.‬‬‫فيعيش فيها كل إنسان يحترم الديني في كل دين‪ ،‬أي الأخلاق والقانون الذي تضعه‬‫الجماعة المشتركة في الإنسانية (النساء ‪ )1‬وفي التقوى (الحجرات ‪ ،)13‬فتسقط كل‬‫سخافات العلمانيين‪ ،‬الذين يتصورون الإسلام دينا من بين الأديان‪ ،‬في حين أنه الديني في‬ ‫كل دين‪ ،‬أي الأخلاق والقانون بنص الكثير من آياته‪.‬‬‫وبهذا المعنى‪ ،‬يكون الإسلام مستقبل الإنسانية‪ ،‬لأنه يتجاوز الفروق بين الأعراق‬‫والطبقات والطوائف والجنسين‪ ،‬فيضع معايير كونية لحياة البشر عامة‪ ،‬وهذه المعايير‬‫تقبل الرد إلى آيتين موجبتين‪ :‬النساء ‪ 1‬والحجرات ‪ ،13‬وإلى آيتين سالبتين تحققان‬ ‫الحريتين‪ :‬البقرة ‪ 256‬والبقرة ‪.177‬‬ ‫انتهى الكلام‪.‬‬ ‫‪55‬‬





‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬