Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore إصلاح الدين - أم إصلاح الوصل بين التاريخي ومابعده؟ - الجزء السادس - أبو يعرب المرزوقي

إصلاح الدين - أم إصلاح الوصل بين التاريخي ومابعده؟ - الجزء السادس - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-01-22 14:36:55

Description: اعتمدنا في الفصول الخمسة الأولى من المحاولة على بنية مجردة سميناها معادلة الوجود. وسلمنا بأنها بنية كونية تشترك فيها كل الحضارات أي إنها ثابتة فيها حتى لدى المفكرين الذين ينطلقون منها لنفي أحد عناصرها.
وبهذا المعنى فهي بنية متجاوزة للخصوصيات الحضارية لأنها هي ما في الحضاري من متعاليات توحد البشرية بإثباتها كل عناصرها أو بسلب بعضها.
وهي بنية صريحة في مشروع الثورة الإسلامية وتتأسس في الآية الأولى من النساء وجودا ومعرفة في الآية 53 من فصلت.

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫الأسماء والبيان‬



‫إصلاح الدين‬‫أم إصلاح الوصل بين التاريخي ومابعده؟‬‫الأسماء والبيان‬ ‫تونس في ‪2017.01.19 /1438 .04.20‬‬



‫المحتويات‬‫المقدمة ‪1 ............................................................................................................................... :‬‬‫المعادلة عقلا ‪1 ..........................................................................................................................‬‬‫المعادلة الوجودية بعد السب و التقسيم ‪2................................................................................................‬‬‫المدرسة النقدية العربية ‪3 .............................................................................................................‬‬‫ابن تيمية و العلم الوسيط الأول‪4...........................................................................................................‬‬‫علم المقدرات الذهنية‪4................................................................................................................:‬‬‫علم الموجودات ‪5.......................................................................................................................:‬‬‫أدلة وجود الله الخمسة‪5.....................................................................................................................‬‬‫التأسيس الوجودي للمعادلة يف النساء ‪6 .......................................................................................... 1‬‬‫التأسيس المعر يف يف فصلت ‪7 .....................................................................................................53‬‬‫الوصل بال رتبية والسياسة – مضمونات سورة يوسف ‪7 ...........................................................................‬‬‫الوصل بال رببية والسياسة‪7...................................................................................................................‬‬‫مضمونات سورة يوسف‪7....................................................................................................................‬‬‫الخاتمة‪8 .................................................................................................................................:‬‬



‫‪-4‬بيان أن تأسيسها معرفيا قد جاء في الآية الثالثة ‪35‬‬ ‫اعتمدنا في الفصول الخمسة الأولى من المحاولة‬ ‫والخمسين من سورة فصلت الجامعة بين المستويين‬ ‫على بنية مجردة سميناها معادلة الوجود‪ .‬وسلمنا‬ ‫الكوني والجزئي بنفس المعنى ومتعلقة بكيفية‬ ‫بأنها بنية كونية تشترك فيها كل الحضارات أي إنها‬ ‫الوصول إلى معرفة مقومات المعادلة لتحقيق الوصل‬ ‫ثابتة فيها حتى لدى المفكرين الذين ينطلقون منها ‪5‬‬ ‫بالاجتهاد المعرفي‪.‬‬ ‫لنفي أحد عناصرها‪.‬‬‫‪40‬‬ ‫وبهذا المعنى فهي بنية متجاوزة للخصوصيات‬ ‫الحضارية لأنها هي ما في الحضاري من متعاليات‬ ‫‪ -5‬لنختم بنظرية عوامل الوصل التربوي والسياسي‬ ‫توحد البشرية بإثباتها كل عناصرها أو بسلب‬ ‫في سورة يوسف على المستويات الخمس المتعلقة‬ ‫بعضها‪10 .‬‬ ‫بالإرادة والمعرفة والقدرة والحياة والوجود في صلتها‬ ‫وهي بنية صريحة في مشروع الثورة الإسلامية‬ ‫وتتأسس في الآية الأولى من النساء وجودا ومعرفة في‬ ‫بمقومات المعادلة الخمسة‪.‬‬ ‫الآية ‪ 53‬من فصلت‪.‬‬‫‪45‬‬ ‫والمطلوب اليوم‪:‬‬ ‫ومثلما أن هذه المعادلة هي التي تفهمنا طبيعة‬ ‫‪-1‬إثبات أن هذه البنية ليست مجرد فرضية عمل ‪15‬‬ ‫الحضارة بوصفها الوصل بين القطبين بتوسط‬ ‫بل هي حقيقة قابلة للإثبات عقلا حتى لو لم نؤمن‬ ‫الوسيطين فإنها أيضا تبين علل الانحراف الذي‬ ‫بمشروع الثورة الإسلامية كما حدد القرآن الكريم‬ ‫مقوماتها وباجتهاد الرسول الخاتم وجهاده لتحقيق‬ ‫يصيب الحضارة‪.‬‬ ‫عينة منه في التاريخ الفعلي بأدوات الفعل الإنسانية‬‫وبذلك نبين أن التحريف أصاب حضارتنا هو ‪50‬‬ ‫العادية التي كانت غنية عن المعجزات الخارجة عما ‪20‬‬ ‫الغفلة عن هذين الأمرين بسبب الانحطاط الذاتي‬ ‫في المشروع من استراتيجية العمل على علم‪.‬‬ ‫(بسبب تخليد حالة الطوارئ بعد الفتنة الكبرى)‬ ‫والانحطاط المستورد (بسبب حالة الطواري بعد‬ ‫‪ -2‬بيان أن المدرسة النقدية العربية أي ابن خلدون‬ ‫الفتنة الصغرى) وأن الإصلاح لا يتعلق بالدين‬ ‫وابن تيمية وقبلهما الغزالي كانا يعملان في عملهم‬‫الإسلامي بل بالوصل الذي فشلت فيه حضارتنا ‪55‬‬ ‫النقدي بمقتضى هذه البنية حتى وإن لم يكن ذلك ‪25‬‬ ‫بسبب الفتنتين الكبرى والصغرى‪.‬‬ ‫صريحا‪.‬‬ ‫إذا انطلقنا من مراحل الإدراك المتدرج للذات ولما‬ ‫‪-3‬بيان أن تأسيس هذه المعادلة قد جاء في الآية‬ ‫حولها فإن المسار المفترض لا يخلو من أن يكون إما‬ ‫الأولى من سورة النساء فكان في آن جامعا بين‬‫الانطلاق من الذات إلى ما يحيط بها أو مما يحيط ‪60‬‬ ‫المستويين الكوني (كل البشر) والجزئي (اي جماعة ‪30‬‬ ‫بها إلى الذات تسليما بأن الإنسان يعي الفصل بين‬ ‫معينة) وبين الطبيعي وما ورائه والتاريخي وما‬ ‫الموضوعين وهو ما لا يثبته دليل خاصة والوعي‬ ‫ورائيه وبين القطبين وضرورة الوصل بين القطبين‬ ‫بالذات المنفصلة عما عداها متأخر عند الطفل‬ ‫الإنساني وحتى في تاريخ الوعي البشري عامة لأن‬ ‫بالوسيطين‪.‬‬‫تميز الفرد عن الجماعة في المجتمعات البشرية فكرة ‪65‬‬

‫‪-2‬ما يحيط بالذات في صلة بالذات التي تدركه‬ ‫متأخرة رغم كونها على الأقل في الإسلام أساس‬‫وكلاهما له وجودان كما في الحالة الأولى وهذا هو ‪35‬‬ ‫الجزاء يوم الدين‪.‬‬ ‫بداية الانتقال إلى ما سيجعل العلم ممكنا بالتمييز‬ ‫وهذا المسار قد يقف عند أحد طرفي المعادلة فلا‬ ‫بين الذاتي والموضوعي‪.‬‬ ‫يتجاوز الذات إذ يرتد عليها ويرد إليها كل ما عداها‬ ‫بوصفه من صنع خيالها أو يعكس فيتصور الذات ‪5‬‬ ‫‪-3‬رد الثاني إلى الأول في القول بأن ما عدا‬ ‫مجرد وهم وأنها ليست دولة في الدولة بل هي من‬‫الذات ليس إلا من صنع خيالها وفيه عودة إلى ‪40‬‬ ‫أعراض الطبيعة التي تحيط بها‪.‬‬ ‫الموقف الأول ولكن في مستوى نظري متجاوز للثاني‬ ‫ولعل هذه أهم حجج سبينوزا لتجاوز منطق‬ ‫بدعوى البحث عن الوحدة المطلقة‪.‬‬ ‫التمانع بين الله والإنسان وتأسيس نظريته في وحدة‬ ‫الوجود فتكون الحلول أربعة ولها أصل تخرج منه ‪10‬‬ ‫‪-4‬رد الأول إلى الثاني في القول إن الذات ليست‬ ‫جميعها هو التمانع بين الله والإنسان والتردد بين‬‫دولة في الدولة بل هي من أعراض الثاني تجاوز الحل ‪45‬‬ ‫قطبين الذات والموضوع أو الإنسان والله أو بين الذات‬ ‫وغيرها مما يوجد حولها فيكون الواحد في المسارات‬ ‫الثالث بوضع نظرية وحدة الوجودي الموضوعية كما‬ ‫الأربعة هو ما يشدها بعضها بالبعض ليجعلها بنية‬ ‫في حل القائلين بها مثل ابن عربي وسبينوزا وحتى‬ ‫ثابتة عند جميع الذوات والجماعات البشرية‪15 .‬‬ ‫هيجل مع ميل لتجاوز المقابلة بين الذاتي والموضوعي‪.‬‬ ‫فإذ فرضنا الذات مميزة بين ذاتها موضوعا‬ ‫لذاتها وعيا بها بوصفها موضوعا غير وعيها به أمكن‬‫‪-5‬أصل كل هذه الحلول‪ :‬القطبان والوسيطان ‪50‬‬ ‫لها أن تفترض أن وعيها بذاتها من فعلها لكن ذاتها‬ ‫والوصل بين القطبين بإبداع فهم وتأويل للوسيطين‬ ‫بما هي موضوع لوعيها ليست من فعلها‪ .‬فتميز بين‬ ‫وما وراءهما‪ .‬وهذه هي المعادلة الوجودية التي‬ ‫فاعل ومنفعل في ذاتها وعيا وتضطر لوضع ذاتها مثل ‪20‬‬ ‫وضعناها نظرية عملت بها المدرسة النقدية العربية‬ ‫غيرها موضوعا (محاولة فشته لرد كل شيء للذات‬ ‫وهي جوهر البنية الفكرية للعلاج الإسلامي الذي‬ ‫هذا هو منطلقها‪ :‬الذات تضع ذاتها واللا ذات)‪.‬‬‫يتجاوز المقابلة بين الديني والفلسفي‪ .‬تلك هي ‪55‬‬ ‫النظريات الوجودية الممكنة عقلا والتي تحققت‬ ‫ونفس المسار في ما يحيط بها فتضع وراء ذاتها‬ ‫تاريخا في الفكر الفلسفي نظريه وعمليه وفي الفكر‬ ‫موضوعا غير ذاتها وعيا وتفترض نفس الوضعية لما ‪25‬‬ ‫الديني عقديه وشرعيه‪ .‬ولا وجود لحلول أخرى عقلا‬ ‫ولا تاريخا‪ .‬لذلك فالبنية الوجودية التي لا يستطيع‬ ‫يحيط بها وعيا به وموضوع وعي‪ .‬وبذلك نصل إلى‬ ‫المعادلة الوجودية في الحالات الخمس التي انتهى‬‫العقل الإنساني تصور غيرها هي ما انطلقنا منه‪60 .‬‬ ‫وقد يعاب علي إدخال مثل هذه القضايا في تكوين‬ ‫إليها السبر والتقسيم‪:‬‬ ‫شباب الثورة‪ .‬لكن من يعيب علي ذلك ما يزال يعتقد‬ ‫أن الجماعة البشرية تنقسم إلى خاصة وعامة وهو‬ ‫‪-1‬الذات في صلة بما يحيط بها وكلاهما له‬ ‫أمر يتنافى تماما مع طبيعة الثورة الإسلامية‪.‬‬ ‫وجودان إدراكا وموضوع إدراك‪30 :‬‬‫فما كان الإسلام يخلص الفرد الإنساني من ‪65‬‬ ‫وتلك هي بنية الوعي البدائي الذي كان يعتبر كل‬ ‫الكنسية (الحرية الروحية) والجماعة الإنسانية من‬ ‫الكائنات التي من حوله كائنات متنفسة‪.‬‬

‫فلنبين أن الغزالي ومن بعده ابن تيمية ثم ابن ‪35‬‬ ‫الحكم بالحق الإلهي(الحرية السياسية) لو كان‬ ‫خلدون كانوا على بينة من الأمر وسأكتفي بعرض‬ ‫يعتبر المعرفة فرض كفاية وليست فرض عين‪.‬‬ ‫سريع لأن المقام يقتضي الاقتصار عليه‪.‬‬ ‫فما هو كفاية في المعرفة هو التخصص في أحد‬ ‫كل العملية بدأت مع رجلين سابقين على الغزالي‬ ‫مجالاتها‪.‬‬ ‫لم ينظر أحد في الابعاد الفلسفية لعملهما ظنا أن‬‫الأمر كان مجرد خلاف عقدي وكلامي بين المعتزلة ‪40‬‬ ‫وفي هذه الحالة الجميع يكون في آن عامة في ما ‪5‬‬ ‫وابن حنبل في مستوى النظر والعقد وبينهم وبين‬ ‫عدا اختصاصه وخاصة في اختصاصه‪.‬‬ ‫الأشعري في مستوى العمل والشرع‪ .‬وكان من‬ ‫المفروض أن يدرك من يدعون البحث الفلسفي هذه‬ ‫لكن المعرفة التي لها صلة بجوهر الحريتين‬ ‫الأبعاد بمجرد النتيجتين اللتين حصلتا في ما يسمى‬ ‫مشروطة في الإنسان عامة لأنها شرط المسؤولية‬ ‫والحساب في الدنيا والآخرة‪ .‬والتحريف الذي‬‫بالمحنة‪45 :‬‬ ‫يحصل في أي دين علته نسيان هذه البنية الوجودية ‪10‬‬ ‫‪-‬عودة الكنسية (الاعتزال صار كنيسة‬ ‫التي هي حقيقة قرآنية من لم يرها فاقد للبصر‬ ‫للمأمون)‪.‬‬ ‫‪-‬والحكم بالحق الإلهي (لأن الاعتزال لما يصبح‬ ‫والبصيرة كما سنبين في ما يلي‪.‬‬ ‫عقيدة الدولة فإن من يضفي الشرعية على الحاكم‬ ‫ومن دونها تحول الجماعة إلى سادة وعبيد‪:‬‬ ‫وذلك هو ما أراد الإسلام تحرير البشرية منه حتى‬‫هم متكلمو الاعتزال التي هي كنسية تدعي ‪50‬‬ ‫وإن اختار سبيل التحقيق السلمية فجعل تحرير ‪15‬‬ ‫العقلانية)‪.‬‬ ‫العبيد من أهم الكفارات‪.‬‬ ‫وكان من الطبيعي أن تبدأ برجلين عربيين‬ ‫أما دعوى تحرير العبيد كما في بروباغندا‬ ‫الاستعمار فهي كذبة لأن المستعمر وجد أن العبودية‬ ‫يفهمون العربية بحق وهو ما يؤهلهم لفهم القرآن‬ ‫العنيفة مكلفة ففضل تحويلها إلى عبودية مصحوبة‬ ‫أصح فهم ممكن‪.‬‬ ‫بوهم الحرية كالحال في التعامل مع المستعمرات‪20 :‬‬ ‫جعل أهلها عبيدا يخدمون المستعمر مع البقاء في‬‫فالأول رفض الفكر الاعتزالي في القول بخلق ‪55‬‬ ‫القرآن‪.‬‬ ‫بلدهم بدل النزول عليه في بلده‪.‬‬ ‫وبهذا المعنى فالهند والصين وكل البلاد التابعة‬ ‫والثاني رفضه في القول بالاصلاح الذي يقتضي‬ ‫للمستعمر منابت للعبيد الذين يحتاج اليهم المستعمر‬ ‫القول بالتحسين والتقبيح وخلق القرآن‪.‬‬ ‫مع ابقائهم في بلدهم لخدمته وتنصيب حراس لهم ‪25‬‬ ‫هم مروضي العبيد في الانظمة العميلة الفاشية في‬ ‫وحتى نفهم العلاقة بين المسألتين فلندرك أن‬ ‫العالم الثالث‪.‬‬‫القول بخلق القرآن يعني في الحقيقة قيس كلام الله ‪60‬‬ ‫على كلام الإنسان‪ .‬فاعتبار القرآن مخلوقا يعني نفي‬ ‫هل يمكن فهم نقد الغزالي للفلسفة وتجاوز‬ ‫كون القرآن هو كلام الله الخالق بالامر فيكون لا‬ ‫المتيافيزيقا اليونانية نظريها عند ابن تيمية وعمليها ‪30‬‬ ‫فرق بينه وبين المخلوقات الطبيعية‪ .‬فالقرآن كلام‬ ‫الله وهو الكلمة التي بها يكون الخلق والأمر‪.‬‬ ‫عند ابن خلدون من دون أن يكون منطلق فكرهم‬ ‫الوعي بهذه الحقيقة القرآنية والتي هي في آن بنية‬‫وبعبارة معادلتنا فالقطب الخالق مطلق الحرية ‪65‬‬ ‫الوجود على الأقل في كل المناظير الإنسانية التي‬ ‫ومن ثم ففعل الخلق عنده يكون بأمر هو كلامه‬ ‫تعاقبت بوعي أو بغير وعي في الفلسفة وفي الدين؟‬ ‫بخلاف القطب المخلوق الذي هو نسبي الحرية‪ .‬ومن‬ ‫ثم فأمره نسبي لا يتقدم على الخلق‪.‬‬

‫والميتافيزيقا التي يدحضها الغزالي وصل‬ ‫لذلك فالإنسان لا يخلق إلا الترجمة الرمزية‬‫محرف يعوضه بالوصل السوي الذي هو التمييز بين ‪35‬‬ ‫للوصل وهو لا يحسن ولا يقبح ولا يمكن من ثم أن‬ ‫يقيس الأمر الإلهي كلام الله على الأمر الإنساني‬ ‫القطبين والوصل بينهم بتوسط نظرية في الطبيعة‬ ‫وفي التاريخ من منظور القطب الأول (الحرية المطلقة‬ ‫على كلام الإنسان‪.‬‬ ‫فيهما معا) ومن منظور القطب الثاني (ضرورة‬ ‫كما لا يمكن إخضاع الأمر الإلهي لما يعتبره ‪5‬‬ ‫وحرية نسبيتين)‪.‬‬ ‫الإنسان الأصلح من منظور آمر نسبي‪.‬‬ ‫تلك هي العلاقة بين ابن حنبل والأشعري عندما‬‫‪40‬‬ ‫قطع ما الاعتزال‪.‬‬ ‫لكن علاج الغزالي لم يذهب إلى الغاية لأنه تصور‬ ‫فما علاقة نقد الغزالي للميتافيزيقا اليونانية كما‬ ‫حقائق المنطق والرياضيات حقائق محايدة وليست‬ ‫نقلت إلى العربية وهذب ترجمتها الكندي والفارابي ‪10‬‬ ‫إضافية لرؤية القطبين ودورهما في الوسيطين‬ ‫وابن سينا؟‬ ‫الطبيعي والتاريخي‪.‬‬ ‫يمكن الوصل بين ثورتي ابن حنبل والأشعري ونقد‬‫لذلك فالمحاولة تعتبر بداية بحاجة إلى تعميق ‪45‬‬ ‫الغزالي من خلال فكرتين‪:‬‬ ‫نوعي المعرفة الطبيعية والتاريخية بإعادة النظر في‬ ‫الأولى‪:‬‬ ‫مفهوم العلم وعلاقته بالوجود أو في طبيعة الوصل‬ ‫بين القطبين بتوسط إبداع الوصل بين الوسيطين‬ ‫هي التمييز بين العلم (المنطق والرياضيات) ‪15‬‬ ‫والميتافيزيقا (الإلهيات) والاكتفاء بالضرورة‬ ‫الطبيعي والتاريخي‪.‬‬ ‫المنطقية لعدم وجود دليل علمي على الضرورة‬ ‫الوجودية المنافية للحرية الإلهية‪.‬‬‫‪50‬‬ ‫الثانية‪:‬‬ ‫وقد تكفل ابن تيمية بعلم الوسيط الأول‬ ‫هي الموقف من السببية للقول بحرية القطب ‪20‬‬ ‫(الطبيعة) وهو ما اقتضى إعادة النظر في مفهوم‬ ‫الأول المطلقة ونسبية حرية القطب الثاني ومن ثم‬ ‫العلم النظري وتكفل ابن خلدون بعلم الوسيط الثاني‬ ‫ضرورة الوصل بين النظام الطبيعي الخاضع‬ ‫(التاريخ) وهو ما اقتضى اعادة النظر في مفهوم‬ ‫للضرورة النسبية إلى الإنسان والنظام التاريخي‬‫العلم العملي‪ .‬فصارت المعادلة الوجودية صريحة ‪55‬‬ ‫الخاضع للحرية الخلقية النسبية إلى الإنسان وذلك‬ ‫عند كلا الرجلين ما أزال القطيعة بين الفكرين‬ ‫الفلسفي والديني بصورة نهائية حتى وإن أبقى على‬ ‫في ذاته وفي العالم‪25 .‬‬ ‫وبذلك فالمعادلة تمثل أساس كتاب تهافت‬ ‫التمييز بين أسلوبيهما‪.‬‬ ‫الفلاسفة‪:‬‬ ‫فابن تيمية أعاد النظر في العلم فميز بين نوعين‬ ‫قطبان مطلق (الله) ونسبي (الإنسان) بأولهما‬‫من العلم النظري‪60 :‬‬ ‫يبدأ الكتاب وبالثاني ينتهي وبينهما الكلام في مفهوم‬ ‫وهي المنطق والرياضيات وفيها يتطابق العلم‬ ‫الضرورة الطبيعية (المسالة ‪ :17‬علم الطبيعة) وفي ‪30‬‬ ‫والمعلوم لأن الموضوع وعلمه كلاهما من إبداع صاحب‬ ‫التقدير الذهني‪ :‬وفيه يكون العالم مبدع الموضوع‬ ‫مفهوم الحرية الخلقية (المسائل‪ 20-18 :‬علم‬‫وعلمه‪65 .‬‬ ‫التاريخ) في عالمي الشهادة الغيب‪.‬‬

‫وبذلك يصبح العلم والعمل هما في الحقيقة أدلة‬ ‫التي ليست من إبداع العالم يحتاج إلى علم‬ ‫وجود الله الخمسة التي تناسب الصفات الخمس‬ ‫المقدرات الذهنية لكنه لا يستطيع رد الموضوع إلى‬‫التالية‪35 :‬‬ ‫النموذج الذي يبدعه ليقيسه عليه فيكون العلم‬ ‫عندئذ علما إحصائيا وليس علما مطلق الدقة وهو ‪5‬‬ ‫دليل الإرادة‬ ‫بحاجة إلى التجربة (الحدس) الذي يتلقى المضمون‬ ‫ودليل العلم‬ ‫أو البعد النقلي في كل معرفة إنسانية ذات موضوع‬ ‫ودليل القدرة‬ ‫ودليل الحياة‬ ‫ليس من إبداع الإنسان‪.‬‬‫ودليل الوجود‪40 .‬‬ ‫وهذا البعد النقلي نوعان‪10 :‬‬ ‫وهذه الأدلة لم تكن واعية حتى في محاولة ابن رشد‬ ‫استخراجها من القرآن الكريم (مناهج الأدلة) ولا‬ ‫نقلي مصدره الإدراك الحسي الخارجي‬ ‫حتى في ضميمة هيجل لدروسه في فلسفة التاريخ‬ ‫وهذا هو مضمون علوم الطبيعة وعلوم التاريخ‬‫حيث حصرها في الثلاثة المعهودة‪ :‬دليل النظام ‪45‬‬ ‫وهو يختلف باختلاف وصله بما ورائه أعني بما‬ ‫الطبيعي ودليل النظام الخلقي والدليل والوجودي‪.‬‬ ‫يبدعه الإنسان من مبدعات رمزية تصله بالقطبين‪.‬‬ ‫‪ -1‬فدليل الإرادة‪:‬‬ ‫نقلي مصدره الإدراك الحدسي الباطني ‪15‬‬ ‫هو ما يتبين لكل إنسان عاقل أن نظام الطبيعة‬ ‫وهذا هو مضمون علوم ما وراء الطبيعة وما وراء‬‫الذي ندركه ليس النظام الوحيد الذي يمكن تصوره ‪50‬‬ ‫التاريخ وهو المميز بين الحضارات أي الوصل‬ ‫عقلا‪ .‬لذلك فهو يثبت أن النظام الطبيعي كان أحد‬ ‫بالقطبين بتوسط رؤيتها للوسيطين الطبيعي‬ ‫الخيارات الممكنة‪ .‬والخيار يعني أن وراء الطبيعة‬ ‫والتاريخي‪.‬‬ ‫إرادة خالقة‪.‬‬ ‫ولما كان ابن خلدون مثله مثل ابن تيمية يرفض ‪20‬‬ ‫الميتافيزيقا التي ترد الوجود إلى الإدراك فإن موقفه‬‫‪-2‬ودليل العلم‪55 :‬‬ ‫من النظر مماثل لموقفه ومن ثم فهو يؤسسه إعادة‬ ‫هو ما يتبين لكل إنسان عاقل من أن نظام‬ ‫النظر في العلم العملي على إعادة النظر في العلم‬ ‫الطبيعة الذي ندركه بالعلم نظام ينتج عن‬ ‫النظري‪.‬‬ ‫عمل اختياري على علم ومن ثم فهو ناتج عن‬ ‫فعل عقلي غائي تصور الموجود كان بتقدير‬ ‫لذلك فكما بينت في غير موضع لم يكن بوسعه جعل ‪25‬‬ ‫التاريخ علميا من دون جعل العلم تاريخيا أي إن‬‫رياضي وليس بالصدفة‪60 .‬‬ ‫نظرية المعرفة القائلة بالمطابقة بين العلم والمعلوم لم‬ ‫تعد ممكنة إلا في حالة العلم الإلهي أما العلم‬ ‫‪-3‬دليل القدرة‪:‬‬ ‫الإنساني فهو يتقارب من موضوعه بلا نهاية دون أن‬ ‫هو ما يتبين لكل إنسان عاقل من أن نظام‬ ‫الطبيعة الاختياري والجاري على قوانين دالة‬ ‫يتطابق معه (مفهوم صريح عند ابن تيمية‪ :‬كل ‪30‬‬ ‫تصور وراءه تصور أتم إلى غير غاية)‪.‬‬

‫الآفاق والانفس‪\" :‬سنريهم آياتنا في الآفاق وفي‬ ‫على علم سابق لم يكن ليوجد من دون قدرة‬ ‫أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق\"‪.‬‬ ‫عليه تحقق ما تريد بعلم سابق‪.‬‬‫ومعنى ذلك أن المعادلة الوجودية تعود في الحقيقة ‪35‬‬ ‫‪-4‬دليل الحياة‪:‬‬ ‫إلى أدلة وجود الله‪ .‬والمعادلة التي تكلمنا عليها هي‬ ‫وهو ما يتبين لكل إنسان عاقل من أن نظام ‪5‬‬ ‫عين الفطرة بمعنى أن الإنسان لا يمكنه نكرانها حتى‬ ‫لو نفاها لأنه في سعيه لنفيها ينطلق منها وإن سلبا‪.‬‬ ‫الطبيعة الاختياري والجاري على قوانين دالة‬ ‫وليس في القول بأن السلب نفسه يندرج في هذه‬ ‫على علم سابق وقدرة عليه نظام يتصف‬ ‫بالحيوية والجمال الدالين على حيوية مبدعه‬‫الفطرة أدنى مفارقة لأن الشكاكي الزائف مثلا يريد ‪40‬‬ ‫أن يثبت بالعلم أن العلم مستحيل ومثله الملحد‪:‬‬ ‫وجمال أفعاله‪.‬‬ ‫كلاهما شبيه بمن ينفي الرؤية بإغماض عينيه‪.‬‬ ‫والإغماض لا ينفي الرؤية والمرئي بل ينفي إرادتهما‬ ‫‪10‬‬ ‫عند الشكاك‪.‬‬ ‫‪-5‬وأخيرا دليل الوجود‪:‬‬‫والضمني في هذا الموقف الشكاكي‪ :‬إذا قرأناه كما ‪45‬‬ ‫وهو ما يتبين لكل إنسان عاقل من أن ما‬ ‫هي حقيقته يتمثل في ما ينتج من مفارقات عندما‬ ‫تدل عليه الإرادة من اختيار وما يدل عليه‬ ‫ينفي أحد القطبين أو يطابق بينهما قيسا للقطب‬ ‫العلم من انتظام وما تدل عليه القدرة من‬ ‫المطلق على القطب النسبي أو العكس‪.‬‬ ‫تحقق وما تدل عليه الحياة من حيوية ‪15‬‬ ‫وبهذا المعنى فإني اعتبر ديكارت جزءا من‬ ‫وجمال متعنية كلها في الأنفس وفي الآفاق‬ ‫آيات من عالم الشهادة دالة على ذاتها وعلى‬‫المدرسة النقدية العربية لأنه ينطلق من هذه المعادلة ‪50‬‬ ‫ما يتعالى عليها ومن ثم فهي دالة أولا على‬ ‫لإثبات القطب المطلق وجعله الضامن لكل ما يعتقده‬ ‫أن ما جاء في القرآن هو الحق وعلى أن‬ ‫الإنسان من شروط العلم والعمل أي الفلسفة والدين‬ ‫ظهور الوجود وتجليه لا يمكن نفيه إلا بنسبة ‪20‬‬ ‫ولا يختلف موقفه عن موقف الغزالي وابن تيمية وابن‬ ‫ما في الوسيطين الطبيعة والتاريخ إلى‬ ‫خلدون إلا بما يجعل حلوله دون حلولهما بسبب‬ ‫الصدفة أي إلى نفي العقل‪.‬‬‫اقتصار تأويلات فلسفته من بعده على الالتفات ‪55‬‬ ‫الثاني ليكون الوصل شبه مقصور على هموم الدنيا‪.‬‬ ‫فيكون العلم والقوانين الطبيعية والتاريخية كلها‬ ‫مشروطة بهذه المعادلة الوجودية والإيمان بأنها ‪25‬‬ ‫‪1‬‬ ‫وجود الموجد الذي هو القطب المطلق والذي يجد‬ ‫لن أطيل الكلام في هذا الوجه لأن الآية شديدة‬ ‫الإنسان في مقومات ذاته (الأنفس) ومقومات‬‫الوضوح‪60 :‬‬ ‫محيطيه الطبيعي والتاريخي (الآفاق) أو صفاته‬ ‫الآيات الدالة على أن ما جاء في القرآن هو الحق‪:‬‬ ‫ففي قسمها الاول نجد الكلام على الرب الخالق‬ ‫فصلت ‪30 .53‬‬ ‫والرحم الكلي للبشرية‪.‬‬ ‫وهذه الأدلة على وجود القطب المطلق هي الوصل‬ ‫بين القطبين بتوسط الوسيطين الطبيعة والتاريخ أو‬ ‫وفي القسم الثاني نجد الكلام على الله والرحم‬ ‫الجزئي‪.‬‬‫والعلاقة الاولى بين الإنسان والرب الخالق ‪65‬‬ ‫والرحم الكلي مضطرة وليس اختيارية‬

‫ويقدم منهما نموذجا خصص له سورة يوسف عليه‬ ‫والعلاقة الثانية بين الإنسان والله الرحم الجزئي‬ ‫السلام‪.‬‬ ‫مختارة وليست مضطرة‪.‬‬ ‫ففيها يشير القرآن إلى أنه يخرج الرسول الخاتم‬ ‫وهما الوصلان عن طريق الخلق المضطر وعن‬‫من الغفلة بما يقصه عليه من قصص وخاصة هذه ‪35‬‬ ‫طريق الأمر المختار بعدي الإنسان في صلته بالطبيعة‬ ‫والتاريخ وإبداعه لتحقيق الوصل بالإرادة والعلم ‪5‬‬ ‫السورة‪.‬‬ ‫والقدرة والحياة والوجود كما يدركها في الآفاق وفي‬ ‫فماذا فيها من أمور تخرج الرسول الخاتم ومعه‬ ‫الأنفس‪.‬‬ ‫البشرية كلها من الغفلة؟‬‫‪1‬ـ السورة تثبت أن الوصل بين القطبين بتوسط ‪40‬‬ ‫‪53‬‬ ‫الطبيعة التاريخ هو الإبداع الحضاري الذي يجري‬ ‫رمزيا وفعليا في مستويين‪ :‬في الرؤيا وفي تحققها‪.‬‬ ‫وهنا كذلك لست بحاجة للإطالة فيكفي أن نقرأ‬ ‫الآية فنحدد المحال عليه بالضمائر الواردة فيها‪10 :‬‬ ‫‪-2‬السورة تثبت أن الخروج من مشاكل الرحم‬‫الجزئي لا يكون إلا بالوصول إلى الرحم الكلي وذلك ‪45‬‬ ‫\"سنريـ(الله)ـهم(البشر) آياتنا في الآفاق (الطبيعة‬ ‫والتاريخ) وفي أنفسهم (الصفات الخمس) التي‬ ‫هو معنى الإسلام دينا كونيا يعتبر البشر كلهم أخوة‬ ‫تجعل الأنسان يصل القطبين (الله والإنسان) بإبداع‬ ‫(في سورة النساء ‪ )1‬ولا يعترف إلا بخاصية واحدة‬ ‫الحضارة خلال تعامله مع الوسطين (الطبيعة‬ ‫تميز بينهم هي خاصية التقوى (الحجارت ‪.)13‬‬ ‫والتاريخ)‪15 .‬‬ ‫وما تأخر المسلمون وانحطوا إلا بسبب المعارك‬‫‪-3‬والسورة تحدد موضوعات الصراع بين البشر ‪50‬‬ ‫الزائفة بين الفلاسفة والمتكلمين في مستوى النظر‬ ‫بصورة حاصرة لا يمكن أن نجد غيرها‪:‬‬ ‫والعقد وبين المتصوفة والفقهاء في مستوى الشرع‪.‬‬ ‫صراع على رمز الحياة (العلاقة بين المرأة‬ ‫لذلك كان دور المدرسة النقدية للخروج من هذه‬ ‫والرجل‪ :‬الحب والحياة)‬ ‫المآزق النظرية والعملية مراجعة نظرية النظر ‪20‬‬ ‫ونظرية العمل لتجاوز الميتافيزيقا اليونانية التي هي‬ ‫وصراع على رمز القدرة (الاقتصاد أو مصدر‬ ‫تحريف للفلسفة والكلام المسيحي واليهودي الذي هو‬‫العيش) ‪55‬‬ ‫تحريف للدين‪.‬‬ ‫وصراع على رمز العلم (التوقع والتخطيط)‬ ‫وصراع على رمز الإرادة (الحكم والسياسة)‬ ‫‪25‬‬ ‫وصراع على رمز الوجود الإنساني عندما يحقق‬ ‫الوصل الناجح بالتربية والحكم (رؤيا يوسف‪ :‬قياس‬ ‫وأخيرا الوصل بالتربية والسياسة‬‫التاريخ في القصة على منزلة الإنسان في الآفاق‪60 :‬‬ ‫فكل ما تقدم جمعته سورة واحدة من القرآن‬ ‫الكريم هي سورة يوسف بما فيها في الرواية القرآنية‬ ‫سجود الكواكب والشمس والقمر‪.‬‬ ‫وبما يقابلها في روايتها التوراتية علاجا للوصل ‪30‬‬ ‫بأداتي الوصل اللتين ينصح بهما القرآن الكريم‬

‫ولأختم بمعضلة مضاعفة حيرتني كثيرا وتحير‬ ‫‪-4‬والسورة تبين أن التأويل يعني الانتقال من‬ ‫كل من تحرر من الإسرائيليات وتخريف المتصوفة‬ ‫الرؤيا إلى التحقيق وهو نوعان‪:‬‬ ‫الذين هم أميل إلى ما نرى مثيلا منه لدى مرجعيات‬‫الباطنية والشيعة الذين يحرفون الإسلام بأمور كل ‪30‬‬ ‫رؤيا الإنسان المتعلقة بالتاريخ والطبيعة في‬ ‫من يقرأ القرآن يعلم أنها أكاذيب القرآن صريح في‬ ‫الشاهد‬ ‫نفيها كلما عاجز المشركون الرسول حتى وصل إلى‬ ‫القول إن المعجزات التي يطالبونه بها هي للتخويف‬ ‫ورؤيا الإنسان المتعلقة بما وراء التاريخ وما وراء ‪5‬‬ ‫وليست للإقناع وهي لم تمنع تكذيب الرسل‬ ‫الطبيعة‪.‬‬‫المتقدمين‪35 .‬‬ ‫الرسول الخاتم يكتفي بمعجزة واحدة هي القرآن‬ ‫والعلاقة الأولى قابلة للتأويل الإنساني وهو ما فعل‬ ‫الذي هو خطاب ديني ذي أسلوبين كلاهما يقبل‬ ‫يوسف‪.‬‬ ‫القراءة الدينية والفلسفية أو يتجاوز المقابلة‬ ‫السطحية بين أسلوبي الفكر الإنساني في عملية‬ ‫لكن الثانية ليست قابلة للتأويل وذلك فيوسف لم‬‫الوصل التي نتكلم عليها‪40 :‬‬ ‫يؤول رؤياه لأن تتعلق بعالم الغيب وهو نفسه لا يعلم ‪10‬‬ ‫‪ -1‬الأسلوب المفهومي‪:‬‬ ‫تأويلها بل ينتظر مثل غيره تأويل الله لها بتحققها‬ ‫وذلك هو دور ما وراء التاريخ في التاريخ‪.‬‬ ‫لأن القرآن كله استدلالات منطقية على حقائق‬ ‫تعود إلى المعادلة التي وصفنا وصلتها بأدلة وجود‬ ‫‪-5‬وأخيرا فالمقابلة بين الرواية القرآنية والرواية‬ ‫التوراتية هي التي تبين لنا القصد بأن التوراة قد ‪15‬‬ ‫الله ومشروع الرسالة الخاتمة‪.‬‬ ‫حرفت ومثلها المسيحية‪:‬‬‫‪45‬‬ ‫فيوسف في التوراة ليس رمز الوصل المؤمن بل هو‬ ‫رمز الوصل المقابل‪ :‬إنه وصل من عوض الله بالعجل‪.‬‬ ‫‪ -2‬والاسلوب الأمثولي‪:‬‬ ‫فهو في التوراة نصح فرعون بان يخزن ثمرة‬ ‫السنوات السمان للسنوات العجاف من أجل غاية ‪20‬‬ ‫لأن القرآن يعبر بضرب الأمثال التي تقبل الفهم‬ ‫منافية للأخوة البشرية‪ :‬فهو نصحه بأن يبادل‬ ‫بقراءتها في ضوء الآفاق والانفس لانها آيات يرينا‬ ‫الشعب المصري ارضهم بما يقيتهم خلال السنوات‬ ‫الله بها أن القرآن حق‪.‬‬ ‫العجاف‪.‬‬‫‪50‬‬ ‫وبذلك نفهم نوعين من التربية والسياسة‪25 :‬‬ ‫‪ -1‬ما جاء في المشروع الإسلامي لإصلاح‬ ‫المعضلة الأولى‪:‬‬ ‫الوصل الإسلامي في المعادلة ولتحرير‬ ‫كيف صدق العرب الرسول الخاتم الذي تبدو‬ ‫البشرية من الوصل المبني على نفي‬ ‫معجزته منافية لمفهوم الاعجاز المعتاد أعني خرق‬ ‫الحرية الروحية (الكنسية)‬ ‫العادات لأنها تعتبر الإعجاز في انتظام الآيات‬ ‫‪ -2‬ونفي الحرية السياسية (الحق الإلهي في‬‫والأنفس وقوانينهما وليس في خرقها رغم امتلاء ‪55‬‬ ‫الحكم)‪.‬‬ ‫قصصه عن تاريخ الأديان الأخرى بعجزات خارقة‬ ‫للعادة في الأديان التي بين تحريفها؟‬ ‫المعضلة الثانية‪:‬‬

‫فنوح وهود وصالح‪ :‬لا نجد ذكرا لمضمون الرسالة‬ ‫كيف كانت الطريقة البديل في تحقيق الرسالة‬ ‫التي أتوا بها عدا التذكير بغايتها الإصلاحية (انقاذ‬ ‫مبنية على الطرق السياسية التي تحقق الوصل بين‬‫البشر) وشرطها (الإيمان بالله) ‪35‬‬ ‫القطبين والوسيطين ببعديها أي بالتربية والحكم‬ ‫وقد أولناها بنظائرها أي‪:‬‬ ‫المستندين إلى الحريتين الروحية والسياسية؟‬ ‫برسالة موسى (تحرير البشرية من الاستبداد‬ ‫‪5‬‬ ‫السياسي)‬ ‫وشعيب (تحرير البشرية من الفساد الاقتصادي)‬ ‫هل كان العرب بهذا المستوى من العقلانية بحيث‬‫ولوط (تحرير البشرية من الفساد الجنسي) ‪40‬‬ ‫يصدقون رسولا يقص عليهم معجزات الأنبياء‬ ‫وبين الثالوثين نجد ابراهيم الذي يمثل الوحدانية‬ ‫السابقين ويقنعهم بأن معجزته الوحدية هي نظام‬ ‫الإسلامية وبشرته الملائكة بأن يكون له خلف رغم‬ ‫الوصل بين القطبين بالوسيطين والإبداع الرمزي‬ ‫والفعلي المستندين إلى الاجتهاد والجهاد في فهم ‪10‬‬ ‫السن والعقر‪:‬‬ ‫آيات الله في الآفاق والأنفس طريقا لتحقيق مشروع‬ ‫والخلف الذي سيحقق الرسالة بأدوات تحقيقها‬ ‫الرسالة الخاتمة التي توحد البشرية بمنطوق النساء‬‫هو الرسول الخاتم أو ابراهيم الثاني‪45 .‬‬ ‫وإذا كان ابراهيم نبي الوحدانية ومحرر‬ ‫‪ 1‬والحجرات ‪13‬؟‬ ‫الإنسانية من عبادة الطبيعة (رمزها الأفلاك) ومن‬ ‫التضحية بالبشر للأوثان رمزيا فإن ذلك أصبح‬ ‫ولا حاجة لإثبات نجاح الرسول الخاتم في تكوين ‪15‬‬ ‫مشروع الرسالة الخاتمة التي حققته في التاريخ‬ ‫جيل قادر على تحقيق شروط هذا المشروع السياسية‬‫الفعلي للبشرية في نشاتها الأولى وهي تسعى الآن في ‪50‬‬ ‫ببعديها التربوي والحكمي فجعلوا الطريقة البديل‬ ‫استئنافتها إلى الشهادة على العالمين الذين اتحدوا‬ ‫الطريق الوحيدة التي يحقق بها الإنسان الوصل‬ ‫ماديا بمنطق السادة والعبيد لتحررهم من‬ ‫المطابق لمضمون الوصل الحضاري بين الطبيعة وما‬ ‫الطاغوتين الروحي (الكنسية الدينية أو الفلسفية)‬ ‫والسياسي (العنصرية والطبقية) على قاعدتي‬ ‫بعدها والتاريخ وما بعده‪20 .‬‬ ‫لكن تجاوز المعضلة الناتجة عن الفهمين للإعجاز‬‫النساء ‪ 1‬والحجرات ‪55 .13‬‬ ‫تبين لي بوضوح بوصله بقضية تحقق التاريخ الروحي‬ ‫للبشرية‪ :‬فهو رؤيا تتحقق‪ .‬فتكون كل المعجزات التي‬ ‫تخالف الموقف المحمدي مشروعات لم تتجاوز طور‬ ‫الرؤيا بسبب التحريف الذي حال دون الرسل ‪25‬‬ ‫السابقين وتحقيق المشروع الخاتم وهي إذن تصبح‬ ‫رؤيا قابلة للتحقق بالاجتهاد والجهاد الإنسانيين دون‬ ‫حاجة لخرق العادات بل بالعكس بعلم قوانين العادات‬ ‫والعمل على علم بها‪ :‬وذلك هو المميز للرسالة‬ ‫الخاتمة‪30 .‬‬ ‫ويكفي مثالا ما أوردناه في كلامنا على سورة‬ ‫هود‪:‬‬

5



hg02 01 01 02