أو شروط الاستئناف بتجاوز عللهالأسماء والبيان
1 مقدمة 1 فاعلية صنفي التأثير الرمزي 1 فقدان الأمة للعلماء 2 موقف هيجل من صورة الإسلام التي تحددت قبل الإصلاح وبعده 6 المضادة الحضارية الخارجية والداخلية 7 الغرب وتحديد نظام العالم الجديد 8
لست من القائلين بأن التاريخ يعيد نفسه.لكني من القائلين إن الماضي يمكن أن يعود بشكل جديد فيوهم بأن التاريخ يعيد نفسه: فلنا مناذرة وغساسنة جدد.والجدة ليست في المناذرة والغساسنة بل في سادتهم :كان المناذرة خاضعين للفرسوالغساسنة للروم .لكن الفرس والروم لا يمثلون قوة العالم الأولى هم اليوم توابع لسيد أقوى منهما.فلا إيران الخمينية (التي ورثت فارس) ولا روسيا (التي ورثت بيزنطة الأرثودوكسية)بسيدتين كما كانت فارس الكسروية وبيزنطة القيصرية :هما أداتان فيما يتوهمان فتحا ذاتيا للإقليم.ومن ثم فمناذرتنا وغساستنا أداتان لأداتين بيد سيد يحركهما عن بعد لخدمة أداتهالغاية التي هي إسرائيل والتي تمثل إيديولوجية الجمع بين الأرضين الموعودتين :إسرائيل وأمريكا.فالأرض الموعودة الجديدة بنت المخيال البروتسنتي المعادي للإسلام عامة ولشكلهالعثماني خاصة (امريكا) والأرض الموعودة القديمة (فلسطين) هما سر سلطان إسرائيل وقوتها.وطبعا لست بغافل على أن قوتهما ليست مقصورة على هذا الأساس الديني الموظف فيكونروحيا فحسب بل إن وراءه سندا حضاريا وماديا يجمع يضخ الفاعلية فيه :فالعالم لا يُغزى بالرموز وحدها. 91
فلو لم يدرك يهود العالم فاعلية صنفي التأثير الرمزي اي فعل الرمز (الكلمة والإبداعالرمزي) ورمز الفعل (العملة والإبداع المادي) لما سادوا على كل نخب العالم الغربي ولعلهم تجاوزوه إلى العالم الشرقي (كالهند والصين واليابان).ولو لم يجمعوا بين السيطرة على الإبداعين (الرمزي والمادي) وأدواتهما (سر كل قوةأي سلطة المال والسياسة) لما حققوا الثغرتين اللتين تمكنهم من السلطان الخفي وأحيانا العلني :ثغرة عهد الإصلاح وثغرة عهد الاستعمار.والسر في الثغرتين إدراك قادة الفكر اليهودي أن سر السلطان هو القوة الكيفية لا القوةالكمية وأن التخلي عن الروحي بدعوى الوضعانية من علامات سخف انصاف المثقفين كجل الحداثيين العرب. فالقلة تغلب الكثرة بسر الإبداعين الرمزي والفعلي.والإبداع الرمزي الذي سميته فعل الرمز هو الإبداع العلمي (علوم الطبيعة وتطبيقاتها) والعملي (علوم التاريخ وتطبيقاتها) ببعيدهما الواقع والخيال. وكان لعلاقة اصطدام الغرب بالإسلام الدور الأول في إدراك هذا السر. لذلك قابل لسنج بين قلبي المسيحية والإسلام أي اليهود والعرب بقولة شهيرة.فقد اعتبر حضارة اليهود-قبل دورهم الجديد الناتج عن صدام المسيحية مع الإسلامالذي صاروا حملة تراثه في الغرب لمن لا يعلم-حضارة الأبطال والأنبياء واعتبر حضارة العرب شعب الأبطال والعلماء. ذلك أن ثورة الإسلام تمثلت في ختم عهد الأنبياء وتأسيس عهد العلماء.وما نسميه انحطاط الأمة وصعود أعدائها هو أنها فقدت ما صار لعدوها :العلماء.وبصورة أدق فبغباء عجيب جعلنا العلماء ورثة الأنبياء فيما لا يملكونه ففقدنا الممكن باسم المستحيل. ذلك أننا بهذا الفهم الرديء لثورة الإسلام قلبنا دلالة فصلت .53 92
وتخلت حضارة الأبطال والعلماء على مقومها الثاني لتصبح حضارة الأبطال والأنبياءالتي أخذت وصار هؤلاء ديلا من دور المسلمين في نقل الغرب من التبعية الحضارية لممثلي حضارة العقل (اليونانية) والنقل (الشرقية) إلى السيادة على العالم فأصبح متبوعا. ما الذي دفعني للكلام في هذا الموضوع؟الموقف السخيف للمتكلمين على ما يفعل بوتين وترومب والعلاقة بأمن إسرائيل لكأنه يوجد بيننا من يستطيع تحديها: خرافة أمريكا تحمي إسرائيل؟ ممن تحميها؟فلا شك أن المحميات العربية والفارسية وحتى التركية يمكنها أن تتعنتر ضد بعضهاالبعض .لكنها أعجز وأجبن من أن تتحدى إسرائيل حتى نتصورها بحاجة لحماية روسية أوأمريكية وهي تسود نخبهما .فلا فرق بين نجاد والقذافي وعبد الناصر وصدام ومليشيات المقاومة في الكذب على الشعوب بما لا يستطيعون.دافعي لهذا هو وجود من مازال يصدق عنتريات صوت العرب الذي عم الآن وأصبح صوت إيران كذلك فالجميع يتعنتر بتحدي إسرائيل ولا أحد يجهل أنه يكذب.فمن يسيطر على نخب الإرادة ونخب المعرفة ونخب القدرة ونخب الحياة ونخب الوجودفي الغرب كله لا يمكن أن يتحداه من أفقد دار الإسلام شروط كل سلطان فعلي على الطبائع والشرائع.فلا سلطان للنخب العربية والإسلامية إلا على قهر شعوبها واستعبادها وجعل بلادهممحميات للقوى التي تسيطر إسرائيل على نخبها الخمسة التي ذكرت .ولست أنا الذي يدعيذلك بغير حجة من عند المتعنترين بمقاومة اسرائيل :فكلهم لا بقاء لهم إلا برضاها وكلهم عندما \"ينزنقون\" يوسطونها لدى سيدهم وحاميهم.فهل لنا نخب إرادة (الساسة) ونخب معرفة (العلماء) ونخب قدرة (الاقتصاديون) ونخبحياة (الفنانون) ونخب وجود (علماء الدين والفلسفة) ذوو سلطان على أدنى شيء في العالم إذا ما استثنينا إهانة شعوبهم؟ 93
فسلطان نخب السياسة هو الحماية وسلطان نخب المعرفة هو السيادة على الطبيعةوالتاريخ وسلطان نخب القدرة هو الرعاية المادية وسلطان نخب الحياة هو الرعاية الروحية وسلطان نخب الوجود هو السلطان على رؤى الوجود. هل يوجد أي من هذه الأنواع من السلطان على شيء أم نحن توابع في ذلك كله؟فما كان يجعلنا سادة فيها جميعا وما أشار إليه لسنج فيلسوف التنوير وأديبه الألماني هو ما تفصينا منه بل ما صار أدعياء الحداثة يتبجحون بالحرب عليه أكثر من الأعداء: -1بعكس ما طلب منا (فصلت )53 -2بتصوره علة تخلفنا (التحديث الكاريكاتوري)فبأولهما جعلنا ما ختمه الإسلام له بديل ألغى ما فتحه :فالعلماء الذين يدعون وراثةالانبياء تخلوا عن العلم الممكن (علم العالم الشاهد) ووجهوا تخريفهم إلى المستحيل (الرجم بالغيب في تأويل ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على بال بشر).صار المتكلم والفيلسوف في النظر والعقد يطلب علم الغيب ويتخلى عن علم الشاهد. وصار الفقيه والمتصوف يطلب عمل الغيب ويتخلى عن عمل الشاهد.فأصبح العلم الذي يدعي العلماء وراثته عن الأنبياء تخريفا الخاتم منه بريء فيرثون ما لا يملكه الأنبياء :علم الغيب فخرج المسلمون من التاريخ.فالبطولة من غير شرطها-الانبياء عند بني إسرائيل القديمة والعلماء عند المسلمينالاول-تصبح غضبا بدائيا بالانتحار وليست عملا بالعلم وتطبيقاته .وثورة الإسلام بالمعنىالذي فهمه لسنج هي جعل البطولة تتوسل العلم مثلما كانت عند اليهود تتوسل المعجزات لكن الأمر انعكس وتلك علة انحطاطنا.والغريب أن هذا العكس اسقطوه حتى على الماضي فصارت كل بطولات تاريخنا تفسربمعجزات وليس بعمل على علم :الفتوحات تفسر بصدف اعجازية لا بخطط علمية.ينتظرون النصر من معجزات شعوذة بالدعاء ونشر التعاويذ والبخور وينسون أن الرسول نفسه كان يحارب باستراتيجية رمزية ومادية هي سر الانتصارات. 94
أما سلطان اليهود على نخب أوروبا الدينية (بعد الإصلاح) والمالية (بالسلطان البنكي)فهم مدينون به لخاصية حضارة الإسلام كما وصفها لسنج والتي فقدناها بسبب هذا الموقف من سر القوة.والأوروبيون حتى وإن تنكروا لذلك يدينون لثورتي الإسلام اللتين نكصنا إليهما:الروحية بالتحرر من الكنسية والسياسية بالتحرر من حق الحكم الإلهي .وبنكوصنا إلىالكنسية والحق الإلهي في الحكم بشرعية دينية مزعومة(التشيع)أو طبيعية مزعومة (شرعية المتغلب السنية) فقد فسدت فينا معاني الإنسانية.ومن له دراية بتاريخ الفكر الأوروبي قبل الإصلاح وبعده يعلم أن هذا الفكر في صلةمباشرة بعلاقته بالحضارة الإسلامية في نسختيها العربية والتركية .ومن له دراية عميقةبهذا الفكر يعلم أن هذه العلاقة كانت ذات أسلوب كلامي قبل الإصلاح وصارت ذات أسلوب فلسفي وإن لم يفقد أثر الكلام بعده.وأنها لم تكن كلها معادية كما يتبين من معارض الأسلوب الكلامي(لسنج)ومعارضالاسلوب الفلسفي (جوته)حتى وإن غلب في الأخير الأسلوب الكلامي(هيجل) .ذلك أنهيجل في دفاعه عن المسيحية ضد فلسفة التنوير والثورة لم يتمكن من تجاوز رد الإسلام إلى اليهودية لعدم التفطن إلى تمييز لسنج العميق بينهما.لكنه كان محقا في أمر لا ينبغي نكرانه لمن يعرف فكره :فهو يهتم بحال المسلمين في عصرهوليس بعلاقة هذه الحال بحقيقة الإسلام لتطابقهما في فكره .وذلك بين في الفصل الثاني من الباب الرابع من فلسفة التاريخ :للإسلام صورتين. -1الأولى عربية يوافق فيها جوته -2والثانية عثمانية أصل موقفه من الإسلام (ولكن ليس بالمعنى الذي ينطلق منه أعداء الخلافة من القوميين الفاشيين).فانطلاقا من حال المسلمين في عصره-وعنده أن الواقع هو العقلي والعقلي هو الواقع -حكم بأن المسلمين فشلوا في تحقيق مشروع الإسلام بسبب التجريد .وهذا السبب لا ينبغي 95
فهمه بالمعنى الهيجلي بل بمعنى قلب فصلت .53فعندما يصبح العلماء ورثة الأنبياء كما يزعمون فعلمهم عموميات ورجم بالغيب.وذلك عملهم :يصبح طلب المستحيل لأنه عمل على غير علم ومن ثم فهو عديم السلطانعلى الطبائع وعلى الشرائع فينكص حتما إلى البداوة والجاهلية .وأفضل دليل هو مآلالاجتهاد والجهاد .فالأول أصبح تخريفات الفقهاء والمتصوفة فيما هو بالجوهر غير قابل للعلم أي الغيب وترك ما يقبله الى الشاهد.أما الجهاد فيكفي أن ترى ما فعل به أمراء الحرب :العمليات انتحارية لا تدل علىالبطولة بل على فقدان الحيلة وانعدام العلم شرط الفاعلية الجهادية .ولا شيء يقززنيأكثر من رؤية من يسمون علماء رافعين أيديهم بالدعاء على الأعداء من جنس عدم الحيلة كالشباب المقاوم ببدنه للجهل بسر القوة بحق.فالآية 60من الأنفال لم تقدم القوة عامة على القوة العسكرية (رباط الخيل) بالصدفةبل لأن ردع الأعداء لا تكفي فيه فروسية الفزة البدوية العزلاء .القوة هي العلم بقوانينالطبائع وبقوانين الشرائع الأولى لاستعمال قوة الطبيعة بأسبابها والثانية لتنظيم الحياة بقيمها وهما الامران المفقودان.وختاما فليس عندي ما أقوله عن بوتين وترومب وعن مليشيات العرب بالقلم والسيف وتهديمها لكل شروط الاستئناف عدا ما شخصت من أدواء ووصفت من ودواء. فمم تتكون صورة الإسلام قبل الإصلاح؟ فكرتان: -1الإسلام تحريف للمسيحية قبل رؤية طوما الإكويني -2ثم الإسلام دين وثني بعدها (راجع يوسف كوشل :الأديان من التنازع إلى التنافس ) Vom Streit zum Wettstreit der Religionen صورة الإسلام بعد الإصلاح؟ فكرتان: 96
-1عدو تاريخي للمسيحية واليهودية (لوثر وموقفه من الفتح العثماني) -2ثم دين طبيعي عقلاني نظير النزعة الربوبية في انجلترا وصاحب تنوير عقلاني.موقف هيجل كان مزيجا من هذه الصور الأربع :يرفضه كما يرفض كل ما يعتبره عدواللمسيحية دينيا وعدوا تاريخيا لحضارتها ودينا طبيعيا وتنويرا عقلانيا .فهو يرفضالتنوير العقلاني كذلك بل لعله وضع نظرية القضية التأملية ومنطق التأويل حتى يعالجهذه القضية فيتجاوز القضية التفكرية ومنطق التحليل .فعاد بذلك إلى علم الكلام بعدتأسيسه على نفي الغيب لأنه يعتبر ما لا يطابق ما يسميه واقعا ليس عقليا فيكتفي بحال المسلمين للحكم على الإسلام.وهذا الموقف الخامس من الإسلام هو الذي يقول به الفكر الغربي السائد حاليا-لدىالأجيال الاستعمارية اليمينية خاصة -في الظاهر لكنه في الحقيقة ينطلق من عكس الحكم الهيجلي في استراتيجيته :هو يخاف الإسلام ولا يحتقره كما يوهم غيره.فقد تصور هيجل الإسلام قد أصبح من الماضي-وذلك بالذات رأي النخب العربية زاعمةالحداثة ماركسية كانت أو ليبرالية-لكن التاريخ كذبه مباشرة بعده .عاد الغرب من جديدبعد حسم انقسامه دينيا (نهاية العداء بين الكاثوليكية واليهودية) وسياسيا (نهاية القطبالسوفياتي) :اسم حضارة يهودية مسيحية .وفي الحقيقة ليس ذلك إلا تلطيفا لعبارة\"مسيحية صهيونية\" إذا اعتبرنا القيادة الأمريكية للغرب هي التي تحدد هويته فأوروبا عديمة العمود الفقري.والمسلمون اليوم متفرجون رغم أن أرضهم هي بؤرة التاريخ الكوني بعد أن أصبح الغربيطلب ضديدا حضاريا يصل المستقبل بالماضي والرمز إسرائيل .والمضادة الحضارية هذهخارجية أي من خارج الإسلام ويناظرها مضادة داخلية بعضها يعود إلى مرض الثأر من خلافة العرب والثاني من خلافة العثمانيين. والأولى يمثلها القومية الفارسية ضد العرب والثانية يمثلها القومية العربية ضد الأتراك. 97
وهذه في الحقيقة هي نزعة المناذرية والغساسنية الجديدتين .وكان ابن خلدون كماأسلفت في بعض المحاولات قد فسر الفتنة الكبرى برد فعل المناذرة والغساسنة الذين كانواينقمون على قريش وقيادة دولة الإسلام .وذلك ما قصدته بعودة الماضي في شكل جديد:فاحتقار أهل الهلال لعرب الجزيرة هو صورة جديدة لدوافع المناذرة والغساسنة ضد دولة الإسلام الأولى.ولما انتقلت عاصمة الخلافة من المدينة إلى دمشق (الأموية) وبغداد (العباسية) بدأالنكوص الذي قضم بالتدريج ثورتين الإسلام الروحية والسياسية .فكلتا العاصمتين تبنتالكنسية والحكم بالحق الإلهي لكنها لم تصل إلى الكسروية والقيصرية بسبب مقاومة الفكر السني المحافظ حتى كادت المقاومة تفقد.لكن مقاومته كانت في الأقوال ونقيضها هو الذي حصل في الأفعال :اصبحت السنة بمنطق الضرورات تبيح المحضورات أقرب إلى حكم الجاهلية بتبرير ديني.وهذه هي حالنا اليوم :لذلك صرنا متفرجين ونكاد نصل إلى ما سماه ابن خلدون بفساد معاني الإنسانية.وهدف الحلف ضد الإسلام تحقيق غاية فسادها .وغاية فساد معاني الإنسانية يصفها ابنخلدون في مستوى الفرد بفقدان القيم الإيجابية كلها وفي مستوى الجماعة بالتحول إلى عالةوعبودية واضمحلال .وما يحاوله الشباب المقاوم ثقافيا وسياسيا حتى وإن لم يثمر بعد تغيرا كيفيا فإنه هو الامل الوحيد الذي أعتقد أنه سيحقق وعد الحق :الاستئناف.وكما سبق أن بينت فإن الغرب سيضطر لحسم الخيار الذي يفرضه السعي لتحديد نظامالعالم الجديد .فالكل يعلم أنه مستحيل التحديد من دون أحد حلين :إما اخضاع دارالإسلام كلها -وهو ما سيتبين الغرب استحالته-أو الوصول إلى حل يرضي الطرفين لأن الوضع العالمي جعله أقلية تفقد بتدرج تفوقهاسييأس الغرب من السيطرة الكاملة على دار الإسلام ولن يحافظ على تفوقه لاستحالةتكرار ما حصل في الإحاطة بها وسيرضخ للاعتراف المتبادل قريبا جدا .المهم المطاولة بكل 98
الطرق حتى يصبح الغرب مخيرا بين عموم الفوضى التي لن تبقى مقصورة على دار الإسلام والسلام للجميع بتعارف واحترام متبادل.وحينئذ سيعترف الغرب-وقد بدأ الكثير من علمائه يفعلون-بأن الحضارة الغربية ليستيهودية ومسيحية فحسب بل هي أيضا إسلامية ولعلها أكثر إسلامية .ولما كانت الأجيال التيورثت النظرة الاستعمارية والصليبية بصدد الانقراض وكان الشباب أكثر إيمانا بالقيم الكونية فإن الغرب سينحو إلى ذلك حتما.لذلك فالاستراتيجية التي وصفتها منذ عقود هي حرب المطاولة مع مد اليد للمصالحةالتاريخية بين ضفتي الأبيض المتوسط ما بين الأطلسي والهادي .فالإحاطة بدار الإسلامكما حدث خلال الاكتشافات الجغرافية حول افريقيا ونحو الأميركتين والشرق الأقصى لمتعد ممكنة :نحن في كل مكان وفي قلب الغرب نفسه وفي مكونات حضارته العليا (ما ورثهمن ماضينا) والدنيا (ما يعم شبابه من ثقافة شعبية فنونا ورياضات ورؤى للعيش المشترك لم يعهده الغرب قبل الاختلاف بجاليات المسلمين).دورنا في تحديد نظام العالم الجديد أمر لا شك فيه هو الآن سلبي لأن الأعداء فيالداخل والخارج يريدون تعطيل قاطرته العربية التركية .وسيفشلون .ولو سألني سائل:ما دليلك؟ سأجيب لأن كل شيء يثبته جغرافيا سياسيا من حيث شروط الحماية (الدفاعات) وشرط الرعاية (الثروات) :كلاهما يفرض وجودنا طوحا أو كرها. 99
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 16
Pages: