- لأن الخشونة ليست عنفا واللطافة ليست ضعفا بل هما من خصائص التعبير البدني على الجنسي في بنية البدن وفي أسلوب تعبيره الجسدي ولهما دور الـمحفز الـجنسي بسبب ما للبصر في التحفيز الجنسي مثله مثل ما للسمع في الفروق الصوتية بي الرجل والمرأة .وليس قوة عنف ولا ضعف لطف بشرط إدراك لطائف المعاني التي أحاول بيانها والتي هي المحدد الأساسي لفلسفة القرآن الجنسية .وهي من أهم ثورات الإسلام رغم أن الحمقى من الحداثيي يعتبرون ذلك -ربما اتباعا لرأي هيجل في منزلة الجنس في الإسلام-يفسرون أهمية الجنس فيه بكون العرب مهوسي بالجنس. لا شيء تمقته المرأة السوية أكثر من ميوعة الرجل .ولا شيء يكره الرجل السوي أكثر من فظاظة المرأة .وكلا المكروهي هذين أسلوبيان وذوقيان جنسيا .أما ما يخالف ذلك فهو من ثمرات التصور الأفلاطوني والأرسطي لتعريف الإنسان بلا جنس ولجعل الجنس مشاعا وليس علاقة وجودية أهم ما فيها هو طابعها الخاص. لكنها خصوصية معبرة عن الحرية وليست من جنس التملك :كلا الجنسي لا يتحقق بينهما التلاؤم في العيش وخاصة في العلاقة الحميمة إلا بالتجاذب الصادق .والتجاذب الصادق بخلاف أوهام \"المتعاقلي\" هو قبل كل شيء وبعد كل شيء تجاذب الابدان المعبر عن أعمق ما في حقيقة الإنسان. وهذا بيد المرأة أساسا .فجمعها بي ما ينسب إلى الحرة وما ينسب إلى الجارية -إذ تكون حرة وليس خاضعة في استعمال المحفزات الجنسية بي الزوجي-هو جوهر الأنوثة لأنها بذلك تصبح المحرك الفعلي للحياة إذ هي عي الحياة اصلا. فأعسر شيء في العلاقة الزوجية هو الجمع بي وظيفتي ربة الأسرة والعشيقة .وتلك هي الحريات التي تمثل أكبر ثورة روحية في الإسلام .والمعلوم أن هذا الجمع يكاد يغرقه نسق الحياة وكلفها وملهياتها من معنى الذوق والجمال .فالروتي المعيشي بي الزوجي قد يقتل هذا البعد فيولد البحث عنه خارج الزوجية. ولعل أهم مميزات الحياة المعاصرة هي القضاء على كل إمكانية للفراغ لما يضفي المعنى عن الحياة: فبيت الأسرة -وخاصة للمضطرين للعمل كامل اليوم -لم يبق له إلا القليل من الوقت لعله لا يكفي أبو يعرب المرزوقي 97 الأسماء والبيان
- حتى للنوم .وكل ما عدى ذلك من مقومات العلاقة المعيشية يمكن أن يستغني عن جاذبية من هذا الجنس لأنها قابلة لأن تشترى بالمال بخلافها لأنها روحية لا سوقية. لكن ثقافة الانحطاط البايولوجي كرهت المرأة في أنوثتها لأنها أوهمتها بأنها ضعف وخضوعا للرجل وكرهت الرجل في ذكورته لأنها تصورت الخشونة عنفا. الأنوثة قوة والخشونة هي البقية الباقية مما تشترك فيه كل الكائنات الحية من صراع على الأنثى غالبا ما ينتهي بفوز الأقوى بها بعد ربح المعركة .وهذه الغريزة الحيوانية تهذبت لدى الإنسان. لكن تهذيبها إذا أزال آخر آثارها في بنية البدن وفي التعبير الجسدي للرجل فإن المرأة ستعافه نهائيا. ومن لا يريد أن يفهم ذلك فهو حر .لكن عندئذ فكل \"فياجرا\" العالم لن تحل ما بدأ يسيطر على البشر من برودة جنسية وعزوف عن تواصل حياة النوع \"معريا\" .وأقصد بـ\"المعرية\" ما عناه المعري \"هذا ما جناه علي أبي وما جنيت على أحد\" .بلغ التشاؤم بالبشر حد التذمر من الحياة والصبر على الجنس المقابل .فلا يكاد زواج يصمد لإغراء حياة بهيمية يغلب عليها الفرجة التي تصيب الحافز الجنسي بالذبول فالبرودة أكثرمن الفعل الحميم الذي يضفي عليها معنى. أعلم أن مثل هذه الظاهرات قد لا يوليها الكثير من الأهمية لكنها من أهل ظاهرات العصر الحديث وهي من أمراضه القاتلة :موت بطيء لنوع من البشرية .وككل الأدواء ذات الأثير لا متناهي الصغر فإن أثرها لا يتجلى إلا عندما يصبح مستحيل العلاج .وهي من مقومات التاريخ المديد ومفعولها لا يتراجع .وابن خلدون قد أدرك هذه الحقيقة ولذلك فهو يعتبر التجدد في الظاهرة العضوية البشرية يكون دائما صاعدا مما يقبل الوصف بجدلية البداوة والحضارة. فعنفوان الحياة يبدو في تناسب عكسي مع الحضارة :كلما ازدادت الحضارة تعقيدا نقصت الحياة عنفوانا فتعود إلى آلياتها البدائية للانبجاس المنقذ .ولعل أبرز علاماتها الهجرة من المجتمعات التي تعتبر متخلفة إلى المجتمعات التي تعتبر متقدمة .فيتعاكس المفعولان :بايولوجي تكنولوجي. .1فالتيار البايولوجي يصعد من الأدنى إلى الأعلى حضاريا. أبو يعرب المرزوقي 98 الأسماء والبيان
- .2والتيار التكنولوجي ينزل من الأعلى إلى الأدنى حضاريا. إن صح الكلام على أعلى وأدنى في حضارة الإنسان .ونفس الأمر يصحبه تياران لثقافتي: .1الشعبية من الأدنى إلى الأعلى. .2والنخبوية من الأعلى إلى الأدنى. ولذلك في الفن والرياضة والعادات المعاشية حيث تتغلب الثقافة الشعبية على الثقافة النخبوية. ومن لم يفهم ذلك لن يفهم علل الخوف الغربي مما يجري في دار الإسلام ومما يحصل لديهم من دور للجاليات المهاجرة من العالم الثالث ثقافيا وجنسيا .فالشكويان الأساسيتان من المهاجرين تتعلق بالمزاحمة في شروط الحياة وخاصة في العلاقة بالمرأة وسد الحاجة الجنسية لديهم واتهام المهاجرين بالعنف .فلكأن الحضارات تستعيد شبابها بالتبدي ولكن ذلك بحاجة إلى الاستيراد أو إلى السباب الناتج عن انحطاط قد يطول لإعادة العنفوان العضوي الذي ضمر. وعبارة الأثر \"اخشوشنوا فإن الحضارة لا تدوم\" على صحتها لا تحول دون هذه الظاهرة التي تقتضي أن تدول الحضارات للتوالي وهي سؤال مقدمة ابن خلدون .وهو لم يقدم جوابا بل اكتفى بالقول إن الحضارات ظاهرات حية هي بدورها وأن لها أعمارا أطول من أعمار الدول لأنها من التاريخ المديد لا القصير .والمعلوم أن إيقاع الموجودات متراتب :الطبيعي أطول من البايولوجي الذي هوأطول من الحضاري الكوني الذي هو أطول من الحضاري الخاص والفرد الأقصر .مشكل الإنسان أنه خاضع لها جميعا بإيقاع مخمس طبيعي وبايولوجي وحضاري كوني وحضاري خاص وحصيلتها في الفرد المس كي تمزقه إيقاعاتها شر ممزق. أبو يعرب المرزوقي 99 الأسماء والبيان
أبو يعرب المرزوقي 100 الأسماء والبيان
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104