Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore المنعرج الحاسم: ثورة الشباب - فاتحة الإستئناف | الفصل الخامس - رؤية العالم وفلسفة التاريخ | أبو يعرب المرزوقي

المنعرج الحاسم: ثورة الشباب - فاتحة الإستئناف | الفصل الخامس - رؤية العالم وفلسفة التاريخ | أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-01-18 08:13:05

Description: يمكن القول إن فلسفة الدين وفلسفة التاريخ اللتين سيطرتا على قرني الحداثة الأخيرين قد أفلتا بأفول النظام العالمي الذي كانت السيطرة فيه لوجهي الحضارة الغربية الرأسمالي والاشتراكي كما يلخصها الصوغ الهيجلي والصوغ الماركسي وما ترتب عليهما من فاشيات في أنظمته الرأسمالية والاشتراكية بدأت تترنح بترنحهما الذي تلته فترة قصيره سيطر فيها النظام الرأسمالي والقطب الأمريكي وحده إذ حتى بقايا النظام الاشتراكي فإنها ترسملت كما هو بين من نظامي روسيا والصين.
وكما أشرنا في الفصل السابق فإن الصوغين الهيجلي الماركسي كانا ترجمة ما بعد كنطية عن محاولة المثالية الألمانية (فشته وهيجل وشلنج) تجاوز الوصل الكنطي بين القطبين (الله والإنسان) بتوسط الوسيطين (الطبيعة والتاريخ) اعتمادا على محاولة التوفيق بين شروط العلم (قانون الحرية) وشروط النظر (قانون الضرورة). والمعلوم أن الوصل الكنطي يرينا بوضوح الصلة المتينة بين فلسفة الدين الوسيطة المبنية على التحريف المسيحي وفلسفة التاريخ الحديثة المبنية على نفس التحريف بعبارة فلسفية.

Search

Read the Text Version

‫المنعرج الحاسم‬‫ثورة الشباب فاتحة الاستئناف‬ ‫الأسماء والبيان‬ ‫تونس في ‪2017.01.16 /1438 04.17.‬‬



‫المحتويات‬‫المقدمة ‪1.....................................................................................................:‬‬‫مفهوم الشيء ذاتيا و غايته‪1.................................................................................‬‬‫المدرسة النقدية العربية و المحافظة على القطبين (الله – الانسان )‪2.....................................‬‬‫دور الإصلاح الإسلامي في نقد التحريف الديني والفلسفي‪3................................................‬‬‫خاتمة‪5........................................................................................................‬‬



‫الغاية إلى جعل علم التاريخ ببعديه العلمي والعملي‬ ‫يمكن القول إن فلسفة الدين وفلسفة التاريخ اللتين‬ ‫‪ 35‬من مجال الظاهرات (الفينومان) مثله مثل علم‬ ‫سيطرتا على قرني الحداثة الأخيرين قد أفلتا‬ ‫الطبيعة رغم دعوى كنط أن العملي ينتسب إلى‬ ‫‪ 5‬بأفول النظام العالمي الذي كانت السيطرة فيه‬‫مجال الحقائق (النومان)‪ .‬فالحل الكنطي وإن بدا‬ ‫لوجهي الحضارة الغربية الرأسمالي والاشتراكي‬ ‫كما يلخصها الصوغ الهيجلي والصوغ الماركسي وما‬ ‫مؤسسا لمفهوم الحرية فإنه متناقض لأن ما به‬ ‫يؤسس الحرية يمكن أن يكون من حيث هو علم‬ ‫ترتب عليهما من فاشيات في أنظمته الرأسمالية‬ ‫‪ 40‬نظري بشروط العمل علم ظاهرات وليس علم‬ ‫والاشتراكية بدأت تترنح بترنحهما الذي تلته فترة‬ ‫حقائق ومن ثم فهو حل متناقض‪.‬‬ ‫‪ 10‬قصيره سيطر فيها النظام الرأسمالي والقطب‬ ‫الأمريكي وحده إذ حتى بقايا النظام الاشتراكي‬‫فلا يمكن أن تؤسس أهم مميز للإنسان (الحرية)‬ ‫بنفي أهم مقوم لهذا المميز أعني العلم بالحقيقة‬ ‫فإنها ترسملت كما هو بين من نظامي روسيا‬‫عامة وبحقيقة علمه بشروط العمل الحر‪ .‬فإذا كان‬ ‫والصين‪.‬‬ ‫‪ 45‬العلم علما بالظاهرات فلا يدرك الحقائق فإن‬ ‫وكما أشرنا في الفصل السابق فإن الصوغين‬ ‫‪ 15‬الهيجلي الماركسي كانا ترجمة ما بعد كنطية عن‬ ‫العمل يكون إما عملا على جهل أو عملا لا يتجاوز‬‫مستوى الظاهرات‪ .‬ومن ثم فالاخلاق تصبح مجرد‬ ‫محاولة المثالية الألمانية (فشته وهيجل وشلنج)‬‫خداع‪ .‬ولا يمكن تأسيس الأخلاق على المسلمات مثل‬ ‫تجاوز الوصل الكنطي بين القطبين (الله والإنسان)‬ ‫بتوسط الوسيطين (الطبيعة والتاريخ) اعتمادا على‬ ‫الرياضيات التي يحق لها ذلك ما دامت تعلم ما‬ ‫محاولة التوفيق بين شروط العلم (قانون الحرية)‬ ‫‪ 50‬تصنع‪ .‬أما الاخلاق فالعمل بها يتنافي مع شرط‬ ‫الصدق إذا لم تنبن على الإيمان بحقيقة القيم‬ ‫‪ 20‬وشروط النظر (قانون الضرورة)‪ .‬والمعلوم أن‬ ‫التي يطبقها العامل‪ .‬فتكون النتيجة انهيار كل‬ ‫الوصل الكنطي يرينا بوضوح الصلة المتينة بين‬‫البناء الكنطي وتبرير الانتقال إلى الحلين الهيجلي‬ ‫فلسفة الدين الوسيطة المبنية على التحريف‬ ‫والماركسي‪ .‬لكن هذا الانتقال عودة إلى العقلانية‬ ‫المسيحي وفلسفة التاريخ الحديثة المبنية على نفس‬ ‫‪ 55‬الغفلة لأن دعواها نفي الفرق بين الظاهرات‬ ‫التحريف بعبارة فلسفية‪.‬‬ ‫والحقائق يعود في الغاية إلى جعل الإنسان مقياس‬ ‫‪25‬‬ ‫كل شيء والغاء الفرق بين القطبين ‪ :‬فيكون‬ ‫الإنسان هو الله أو يكون الله فكرة إنسانية وليس‬ ‫وكما بينت في ضميمة المثالية الألمانية فإن الحل‬‫حقيقة فعلية (كما توهم اليمين الهيجلي ‪ :‬الإنسان‬ ‫الذي قدمه كنط فيه وجه شبه بالمفهوم الحد‬ ‫(الشيء في ذاته) مع حل الغزالي الذي وضع‬ ‫‪ 60‬خالق الله باستكمال وهمي لذاته)‪.‬‬ ‫مفهوما حدا أكثر ملاءمة لحل إشكالية العلاقة بين‬ ‫والتناقض الكنطي مبني على مغالطة بسيطة هي‬ ‫‪ 30‬الغيب والشهادة هو مفهوم طور ما وراء العقل وإن‬ ‫الخلط في علاقة الأخلاق بالدين بين الترتيب‬ ‫كان دونه قدرة على علاج إشكالية الوصل بين‬‫المعرفي (الوعي بالضمير الخلقي متقدم على الوعي‬ ‫الطبيعي (قانون الضرورة) والتاريخي (قانون‬ ‫بالمشرع المتعالي) والترتيب الوجودي (المشرع‬ ‫الحرية)‪ .‬ذلك أن مفهوم الشيء في ذاته ينتهي في‬ ‫‪ 65‬المتعالي شرط الضمير الخلقي) مغالطة جعلته‬ ‫يعتبر الأخلاق قابلة للفصل عن الدين ومؤسسة‬‫على مجرد مسلماته الثلاث ‪ :‬الحرية وخلود النفس‬

‫‪ 35‬خصائص الإنسان الوجودية التي هي قبس من روح‬ ‫ووجود الله‪ .‬وحتى لو صدقنا القول إن الضمير‬ ‫الله فيه‪.‬‬ ‫الخلقي من فطرة الإنسان أو من طبيعته فإن‬ ‫الإنسان ليس خالق ذاته على ما هي عليه من‬ ‫لذلك فالحل الذي تبنته المدرسة النقدية العربية‬‫مبرأ من هذه المفارقات‪ .‬فالمحافظة على الفرق بين‬ ‫الصفات والقدرات‪.‬‬ ‫القطبين ‪-‬الله الإنسان‪-‬يمكن بيسر من تأسيس‬ ‫‪5‬‬ ‫‪ 40‬النظامين المضطر والحر‪ .‬ذلك أن الحقيقة التي‬ ‫يعلمها الإنسان تبقى حقيقة حتى وإن كانت نسبية‬ ‫–‬ ‫إليه ككل حقيقة‪ .‬فهي بالجوهر مناسبة لما هي‬ ‫فالتلازم بين القطبين (الله والإنسان) بنية مقومة‬ ‫لذات الإنسان تقوم محيطه بالآفاق (الطبيعة)‬ ‫حقيقته ويكون العلم المطلق المتحرر من النسبية‬ ‫علم الله وحده‪ .‬وطور ماوراء العقل هو الإيمان بأن‬ ‫والأنفس (التاريخ) حتى لو كان ملحدا ‪ :‬فهو سيؤله‬‫‪ 45‬العقل ليس هو غاية إدراك الوجود ومن ثم فالوجود‬ ‫‪ 10‬شيئا ما الطبيعة أو التاريخ أو حتى ذاته‪ .‬لا وجود‬ ‫لإنسان من دون إله ولا لجماعة من دون دين أعني‬ ‫لا يرد إلى الإدراك (ابن خلدون)‪.‬‬ ‫منظومة متعاليات قيمية ومنها القوانين الطبيعية‬ ‫التي هي قيم مثالية يفترضها العقل وراء‬ ‫ولنعد إلى مطلبنا ‪ :‬لماذا يعتبر العلاج الهيجلي‬ ‫الظاهرات ممسكة بها إمساك القيم بالتاريخ‪.‬‬ ‫والماركسي الذي استندت إليه إيديولوجيات فلسفة‬ ‫‪ 15‬والجامع بين المفهومين هو مفهوم السنن القرآني‪.‬‬ ‫والتمانع بين الله والإنسان لا معنى له إلا عندما‬ ‫التاريخ علة انحطاط الحداثة الاستعماري بدلا‬ ‫يتأله الإنسان (كما في تصوف الوحدة المطلقة) أو‬ ‫يتأنس الله (كما في الفلسفة ذات العقلانية‬ ‫‪ 50‬مما سعت إليه خلال تبينها ثورتي الإسلام في‬ ‫الغفلة)‪ .‬إما إذا حافظ الإنسان على الفرق فإن‬ ‫فلسفة الدين المؤسسة لفلسفة التاريخ القرآنية‬ ‫‪ 20‬العلاقة تصبح من جنس آخر يحرر من التحريف‬ ‫أعني الحرية الروحية (سلطان الفرد على ذاته)‬ ‫الديني والفلسفي‪.‬‬ ‫والحرية السياسية (سلطا الجماعة على ذاتها)‬ ‫وبهذا المعنى فكل من يواصل القول بالتقابل بين‬ ‫الديني والفلسفي لم يفهم من القرآن شيئا‪ .‬ذلك‬ ‫علة الصدام بين الغرب والإسلام الصدام الذي‬ ‫أن الخلق والأمر متمايزان بالقياس إلى القطب‬ ‫‪ 55‬يواصل حرب المسيحية الوسيطة عليه بسبب‬ ‫‪ 25‬المخلوق والمأمور (الإنسان)‪ .‬لكنهما من طبيعة‬ ‫إصلاحه التحريفين الدينين النافيين لهذين‬ ‫واحدة بالقياس إلى القطب الخالق والآمر (الله)‪.‬‬ ‫الحريتين؟‬ ‫والإنسان يترقى عندما يدرك أن مفهوم‬ ‫الاستخلاف يعني أن القطب الخالق والآمر أعطى‬ ‫ولعلاج هذه المفارقة جاء الحلان الهيجلي‬ ‫للإنسان شيئا من ذلك (وهو ما يرمز إليه القرآن‬ ‫والماركسي‪ .‬فالأول وحد بين العملي والنظري برد‬ ‫‪ 30‬بـ\"نفخ من الله من روحه في آدم) شرطا لقدرته‬ ‫على ما سميته بالوصل بين القطبين والوسيطين‬ ‫‪ 60‬علم الضرورة إلى علم الحرية من خلال نفي‬ ‫بالعلم والعمل اللذين يبدعان التاريخ والحضارة‪.‬‬ ‫الشيء في ذاته (المثالية الجدلية)‪ .‬والثاني وحد‬ ‫وهي حقائق إنسانية وليست خلبا (شاين) لأن‬ ‫الظهور (ارشاينونج) تحقيق للكمون المقوم لحقيقة‬ ‫بينهما بنفس النفي مع رد علم الحرية إلى علم‬ ‫الضرورة (المادية الجدلية)‪ .‬لكن النموذج في‬ ‫الحالتين هو التاريخ الطبيعي سواء طبق على دور‬ ‫‪ 65‬الروح في التاريخ (أرواح الشعوب) أو على دور‬ ‫المادة في التاريخ(البنى التحتية)‪.‬‬ ‫والجامع بين الحلين الهيجلي والماركسي هو مفهوم‬ ‫الجدل أو الصراع بين الأضداد وتجاوز مبدأ عدم‬

‫‪ 35‬التناقض‪-‬وكلاهما يجعل الإنسان مقياس كل شيء‬ ‫التناقض بمنطق التجاوز الناسخ (آوفهيبونج) ما‬‫(ابن تيمية) بل للمعادلة المخمسة التي يعلم القرآن‬ ‫يجعل القضية كلها توحيد القانون الطبيعي‬‫الكريم بها الإنسان فهم ما يجري في الوجود‪ .‬وهذا‬ ‫والقانون التاريخي سواء كان الفاعل هو حيوية‬ ‫المسار الوجودي متجاوز لمنطق عدم التناقض‬ ‫الروح (هيجل) أو حيوية المادة (ماركس) ما يجعل‬ ‫(المؤسس أرسطو) ولمنطق التناقض (المؤسس‬ ‫‪ 5‬المبدئين الروحي والمادي مردودين إلى مبدأ أسمى‬ ‫‪ 40‬هيجل) إلى منطق لا يقبل الوصف بأي منهما لأنه‬ ‫منهما هو الحيوية ومن ثم نفهم أن القانون الأسمى‬ ‫منطق التناغم الوجودي خلقا وأمرا‪.‬‬ ‫هو قانون التاريخ الطبيعي مطبق على أرواح‬ ‫فالقرآن الكريم يعتبر التعدد من آيات الله بما في‬ ‫الشعوب (هيجل) أو الطبقات (ماركس)‪.‬‬ ‫ذلك تعدد الأديان التي هي شرط التسابق في‬ ‫‪10‬‬ ‫الخيرات‪ .‬ذلك أن الوحدانية مقصورة على الله‬ ‫‪ 45‬وكل ما عداه يخضع لمبدأ الزوجية التي تؤدي‬ ‫والنقاش الذي يفهمنا دور الإصلاح الإسلامي في‬‫بالضرورة إلى المخمس الوجودي‪ .‬فإذا كان الموجود‬ ‫نقد التحريف الديني والفلسفي يكون مع مفهوم‬ ‫المخلوق' خاضعا للزوجية فوحدته ليست فردية بل‬ ‫الجدل والحيوية‪ .‬وهو نقاش لا يقتصر على هيجل‬ ‫هي ما يحقق التناغم بين طرفين هما الزوجان‪.‬‬ ‫وماركس بل يتجاوزهما إلى محاكاة سخيفة عند‬ ‫‪ 15‬الإسلاميين للصراع الجدلي تحت مسمى \"التدافع\"‬ ‫وذلك يعني أن منطق التناغم يتقضي وجود‬ ‫الذي فرضوه على القرآن وهو بريء منه‪ .‬فما يوجد‬ ‫‪ 50‬علاقتين بين الزوجين (رمزا إليهما بـ\"أ\" وبـ\"ب\"‬ ‫في القرآن ليس تدافعا بل دفع إلهي للناس بعضهم‬ ‫أولاهما تذهب من أ إلى ب والثانية من ب إلى أ‬ ‫بالبعض إما لمنع الفساد في الأرض (وهو مفعول‬ ‫لتحصل الوحدة المتناغمة‪ .‬وتلك عناصر أربعة‬ ‫طبيعي في الإنسان) أو لمنع التدخل في عقائد الناس‬ ‫الزوجين والعلاقتين مع وحدة الكل التي هي قانون‬ ‫‪( 20‬وهو مفعول خلقي في الإنسان)‪ .‬فالتدافع ينسب‬ ‫الفاعلية لطرفي النزاع فيكون قولا بالجدلية وهو‬ ‫التناغم الزوجي ‪-1 :‬أ‪-2 .‬ب‪-3 .‬من أ إلى ب‪.‬‬ ‫محاكاة غير واعية لما ساد من فلسفة هيجلية‬ ‫‪-4 55‬من ب إلى أ ‪-5.‬وأخيرا أصل وحدتها أو ما‬ ‫وماركسية علتها تقليد المغلوب للغالب وعدم فهم‬ ‫يجعلها متناغمة هو التطابق بين الخلق الزوجي‬ ‫المعاني‪.‬‬ ‫والأمر الضابط للتناغم‪.‬‬ ‫‪ 25‬أما القرآن فلا يقول بالتدافع بل هو ينسب الدفع‬‫ولنضرب مثال العلاقة بين الزوجين ‪ :‬فالوحدة هي‬ ‫إلى الله بأمره أو شرعه للإنسان في علاقته‬ ‫الأسرة المؤلفة من الزوجين‪ .‬وعلامة التاغم هو‬ ‫بالطبيعة وبالتاريخ‪ .‬وإذن فنحن لسنا أمام علاقة‬‫‪ 60‬ثمرتها أي تجديد الحياة والأجيال‪ .‬وهي مؤلفة من‬ ‫بين طرفين كما يتوهم القائلون بالجدل أو بالتدافع‬‫الذكر والأنثى ومن علاقة الذكر بالأنثى ومن علاقة‬‫الأنثى بالذكر‪ .‬وذلك هو المخمس المتناغم ‪ :‬الذكر‬ ‫بل بالوصل بين طرفي المعادلة (الله والإنسان)‬‫والأنثى وعلاقة الذكر بالانثى وعلاقة الأنثى بالذكر‬ ‫‪ 30‬والوسيطين بينهما (الطبيعة والتاريخ)‪ .‬وما يحصل‬‫ووحدة الكل هي وحدة الزوجين المثمرة‪ .‬وكلما كان‬ ‫بين المدفوعين أي من يطبق شرع الله فلا يفسد في‬ ‫الأرض ولا يمنع حرية العبادة ومن لا يطبقه فيفسد‬ ‫‪ 65‬التناغم تاما دامت وحدة الأسرة المثمرة عضويا‬ ‫فيها ويحول دون حرية العبادة أمر معقد لا يمكن‬ ‫ونفسيا‪ .‬والعلاقتان بين الجنسين مختلفتان وغير‬ ‫قابلتين لرد إحداهما إلى الاخرى بخلاف أوهام‬ ‫اعتباره خاضعا لمنطق التناقض ولا لمنطق عدم‬ ‫الجندريين الذين مسخوا الجنسين لأن استجمال‬

‫‪ 35‬ولمحيطيه وبعمله به محققا للوصل بين القطبين‬ ‫النياق يؤدي إلى استنواق الجمال حتى يصبح كل‬ ‫والوسيطين‪.‬‬ ‫جنس غنيا عن الآخر بمنطق المثلية ‪ :‬وهو من‬ ‫علامات التحريفين الديني والفلسفي‪.‬‬‫وإذن فهذه العلاقة غير المباشرة مشروط حصولها‬ ‫وهذا التحريف تجده حتى في التعريف الفلسفي‬‫بالصفات الخمس التي للقطب الإلهي منها خاصية‬ ‫‪ 5‬للإنسان الذي يلغي الفرق الجنسي مدعيا أنه من‬ ‫الإطلاق وللقطب الإنساني خاصية النسبية (‬ ‫مادة الإنسان وليس من صورته ‪ :‬حيوان ناطق‪.‬‬ ‫‪ 40‬الإرادة والعلم والقدرة والحياة والوجود) ‪ :‬فالله‬ ‫يعلم ما يريد فيقدر عليه لأنه وجود حي‪ .‬والعلاقة‬ ‫التعريف بالنطق وحده لا يكفي لفهم طبيعة العلاقة‬‫هي إذن بين إرادتين حرتين تعلمان وتقدران لأنهما‬ ‫بين الجنسين‪ .‬والتعريف الملائم بحق لحقيقة‬ ‫ذاتا وجود حي ‪ :‬إذا أردنا (الله) أن نهلك قرية‬ ‫الإنسان ينبغي أن يضيف أنه حيوان مبين والإبانة‬ ‫أمرنا (بعثنا لهم برسالة )مترفيها ففسقوا فيها‬ ‫‪ 10‬صورة متعينة جنسيا لأن أهم إبانة عضوية ونفسية‬ ‫‪( 45‬فعل الإنسان) فحق عليهم القول (العدوان على‬ ‫جنسية حتما ‪ :‬وهي هذا الفرق المبدع للحياة‬ ‫الشرع) فدمرناها تدميرا (العقاب)‪.‬‬ ‫والجمال في العلاقة بين الجنسين‪.‬‬ ‫ولما كان ما يتميز به الوضع الراهن هو تجاوز‬ ‫وقد يتصور البعض أن كون الحساب في القرآن‬ ‫استفراد الغرب بالعالم وعودة الحضارات القديمة‬ ‫يتأسس على الفردية وليس على وحدة الجنسين‬‫(الشرق الأقصى) والوسيطة (الشرق الأدنى) التي‬ ‫‪ 15‬المتناعمة مناقض لهذا التصور‪ .‬وفي ذلك سوء فهم‬ ‫‪ 50‬باتت قادرة على منافسة ما مكنه من السيطرة‬ ‫لمعنى الحساب ولمناطه ‪ :‬فهو يتعلق بالذات بالعلاقة‬‫طيلة القرون الخمسة الأخيرة ‪ :‬من بداية السادس‬ ‫بين الفردين المؤلفين لوحدة الأسرة ‪ :‬كل يحاسب‬ ‫عشر إلى نهاية العشرين‪ .‬والبشرية الآن معرضة‬ ‫على عمله في هذه العلاقة وكل ما يشببها من‬ ‫لخطر تغريب رؤية العالم وفلسفة التاريخ للظن أن‬ ‫العلاقات في الجماعة (التاريخ الخلقي) وفي‬ ‫الأمر المسيطر أي الثورات الخمس غربية‬ ‫‪ 20‬الطبيعة (التاريخ الطبيعي)‪.‬‬ ‫‪ 55‬بالجوهر ‪ :‬الدينية والفلسفية وتطبيقاتهما التقنية‬ ‫وبذلك فالامر ذو صلة بوجهي الحرية في التاريخ في‬‫في الحضارة المادية والخلقية في الحضارية الرمزية‬ ‫اندراجهما ضمن وجهي الضرورة في الكون‪ .‬إنه لا‬ ‫وأثر ذلك كله في الأنظمة السياسية والاجتماعية‪.‬‬ ‫يقتصر على علاقة مباشرة بين طرفين ثالثتهما‬ ‫وفي هذا الإطار تتحدد منزلة الإسلام والمسلمين‬ ‫ودورهم في النظام العالمي الجديد‪.‬‬ ‫وحدة المتناقضين تطبيقا لمبدا التثليث المسيحي‬ ‫‪ 25‬الذي يؤسس للجدل الهيجلي (وحدة الله والإنسان‬ ‫‪ 60‬وهذا التغريب الكوني كاد يكتمل لأن الشرق‬ ‫ورمزها المسيح) بل هي علاقة غير مباشرة بينهما‬ ‫الأقصى يخلو من نقد التحريف الذي لم يقم به‬ ‫بتوسط علاقتهما بالمتعالي عليهما المشرع لمجريات‬ ‫غير الإسلام الذي هو اليوم الوحيد الصامد ضد‬ ‫الأحداث في وسيطين بين الخالق الآمر والمخلوق‬ ‫التغريب بالمعنى العميق الذي وصفنا في الفصل‬ ‫المامور أي الطبيعة والتاريخ اللذين يلتقيان في ذات‬ ‫الرابع وفي هذا الفصل‪ .‬ولانه هو الصامد الوحيد‬ ‫‪ 30‬الإنسان وفي محيطه الطبيعي والتاريخي من حيث‬ ‫‪ 65‬فهو يعد البديل الحقيقي الذي يمكن أن ينقذ‬ ‫مدهما إياه بشروط قيامه‪ .‬منطق الاحداث هو‬ ‫البشرية من فلسفة الدين وفلسفة التاريخ اللتين‬ ‫تعانيان من هذا التحريف المسيطر على الفكرين‬ ‫منطق المعادلة الوجودية كما يدركها الإنسان في‬ ‫كيانه الجامع بين الضرورة والحرية وفي محيطيه‬ ‫الديني والفلسفي‪.‬‬ ‫الممثلين للضرورة وللحرية بوصفه بعلمه لذاته‬

‫وقد بينا ان القرآن اصلح التحريف بأن حرر‬ ‫الإنسانية من الكنسية (لتحقيق الحرية الروحية)‬ ‫ومن الحكم بالحق الإلهي (لتحقيق الحرية‬ ‫‪ 5‬السياسية) بالعودة إلى جذرهما الذي يتمثل في‬ ‫التمييز العنصري أو الشعب المختار والأسرة‬ ‫الوصية أي العنصر الوحيد المتصل بالله ليكون‬ ‫سلطة روحية تتوسط بينه وبين البشرية وسلطة‬ ‫سياسية تسود عليها فتجعلها عبيدا لها بواسطة‬ ‫‪ 10‬إلهها الوثني أو العجل الذهبي‪ .‬ومشكل المسلمين‬ ‫اليوم أنهم في صراع مع هذا التخريف ونسخته‬ ‫الباهتة ممثلة في الباطنية والتشيع‪.‬‬ ‫وهذا الصراع لم يبق مقصورا على التصورات‬‫الدينية والفلسفية في مستواها النظري بل هو صار‬‫‪ 15‬حربا حقيقية جارية على أرض الإسلام وخاصة في‬ ‫قلبها الذي هو ملتقى عواصم الخلافة السنية‬‫الأربع ‪ :‬المدينة المنورة بداية واستنبول غاية ودمشق‬ ‫وبغداد وسيطين بينهما وعاصمتين للصراع بين‬ ‫العروبة والشعوبية أولاهما مؤسسة للحريتين‬ ‫‪ 20‬والثانية ساعية لاسترداد ما تقدم عليهما في تاريخ‬ ‫الإقليم منذ نزول القرآن‪.‬‬ ‫ونختم القول في الإشكالية بأن مضمون الرسالة‬ ‫يصبح استئناف تحرير البشرية من التحريفين في‬‫صيغتهما الدينية مرة أخرى وفي صيغتهما الفلسفية‬ ‫‪ 25‬بالاستناد إلى المدرسة النقدية العربية ممثلة‬ ‫بالغزالي وابن تيمية وابن خلدون‪ .‬ولن أطيل في‬ ‫الكلام على هذه المدرسة ودورها لأن ما كتبته في‬ ‫ضميمة المثالية الألمانية كاف‪.‬‬

5



‫‪hg‬‬ ‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬