ال أو الدولة والاخلاقالأسماء والبيان
حقيقة الدولةأو جوهر السياسة الخلقي :تلاحم التربية والحكم
المحتويات1 المقدمة 1 نظرية الشوكة والشرعية 2 الخلقي والسياسي في الحكم من منظور المدرسة النقدية العربية 6
المقدمة قبل ثورة الشباب-الربيع العربي-كنا نعتقد أننا نعلم من يحكم: -1ابن على وإدارته السياسة والأمنية مباشرة -2ومن ورائهم من أوصلوه إلى خلافة بورقيبةولم يكن خفيا أن هؤلاء هم فرنسا وأمريكا بما لهم من عملاء في البلاد عامة ،وفي الاجهزة التي يحكم بها ابن علي خاصة. وهذا أيضا شبه معلوم للكثير.كنا نتصور أن العالم ينقسم إلى توابع ،مثل تونس ،ومتبوعين ،مثل أمريكا .ونتصور هذه الآلية مقصورة على التوابع ،وحكم المتبوعين يمثل إرادة الشعب.لكن ما حدث أخيرا في انتخاب ترومب واتهام روسيا بالتدخل في الحملة وتغليبه على كلنتون وتخوف أوروبا مما يشبه ذلك ،يجعلنا نعيد النظر :من يحكم؟فرغم أن السؤال يتضاعف الى مستويين في الأقطار التابعة والأقطار المتبوعة ،فيصبح مسألة عالمية بعد أن كنا نتصوره محلية ،فإنه بذلك يكون أيسر علاجا.فهو يصبح مسألة مجردة تتعلق بالحكم ،من حيث هو حكم عامة ،ولا تمييز بين نوعيه لدى التابعين ولدى المتبوعين ،إذ يصير الجميع تابعا ومتبوعا بدرجات. وحينئذ يمكن ان يطرح السؤال: 11 1
هل علاقة التبعية -فعلا وانفعالا -هي جوهر الحكم من حيث هي حكم من أدنى درجاته إلى أسماها؟ وهل تعود إلى صراع القوى؟ بعبارة أوضح:هل الحكم يخضع للقانون الطبيعي مثل صراع القوى أو قانون الصدام بين القوى ،فترد الفاعلية في عالم الحيوان إلى الانتخاب الطبيعي؟هل السياسي ينتسب إلى قانون الانتخاب الطبيعي في صراع القوى السياسية من أجل ما تطلبه السياسة فرديا وجماعيا ،محليا ودوليا؟ وما هذا الذي تطلبه؟ نظرية الشوكة والشرعيةوقبل أن أواصل ،فلأشر إلى أن نظرية الدولة لدى كبار مفكري السنة في السياسة أميل لهذا الفهم بنظرية الشوكة :الغزالي وابن تيمية وابن خلدون.لكنهم يعتبرون ذلك لا يقتصر على القوة المادية بل هم يضيفون نوعا آخر من القوة يمكن أن نعتبره شرط قبولها الطوعي في حين أن الأولى هي شرط فرضها.والقوة الثانية خلقية كالفرق بين قتال الفرسان وقتال الأوغاد :أي إن الإنسان يخضع للانتخاب الطبيعي المعدل الى حد ما بصراع الفضائل والرذائل الخلقي.ويمكن القول إن علة ذلك هي حقيقة الإنسان الذي هو أولا حيوان لكنه يستطيع رؤية ذاته من خارجها بعين يقيس بها تعيير غيره له على تعييره لغيره.فكل إنسان يطلب النصر على عدوه ،لكنه يحتقر نفسه لو شاب نصره ما يحط من قدره، كفارس بغلبة مغشوشة كالغدر .بلغة الغزالي هي المهابة. 11 2
وهو بذلك يعلل دور الفاروق في حسم الخلاف في قضية الخلافة :مهابته جعلت مبادرته تحقق شرطي الحكم اتباع الغالبية لمبادرته أي حصول شرط الشوكة. وهذا التفسير على أهميته لا يكفي.فالمثال مقصور على حالة خاصة اعتبرها ابن خلدون من الشاذ الذي لا يقاس عليه :لحظة النبوة استثنائية في التاريخ. لذلك عكس ابن خلدون العلاقة بين عاملي الحكم :الشرعية والشوكة. الغزالي اعتبر المهابة تحقق الشوكة ،وابن خلدون يرى العكس الشوكة تحقق المهابة. ولهذه العلة تضمنت مقدمته مبدئين: -1في أن الدعوة الدينية لا تفلح من دون عصبية. -2في أن الدعوة الدينية تزيد العصبية قوة .الشوكة قبل الشرعية.ومن دونها تصبح مفضية للهرج لأنها كما يرى تكون حكما طبيعيا وبلغتنا الحديثة صراعا أبديا بمنطق الانتخاب الطبيعي بين العصبيات محليا ودوليا.فلنترجم العلاقة مؤقتا فنعتبرها بين القوة والشرعية أو بين التأثير المادي والتأثير الرمزيفي الإنسان الحاكم والمحكوم وفي مطالب الصراع بينهما ،ولنشر قبل التقدم في البحث إلىأن ما كان يجري بالتوالي خاصة من الوجه العالمي للظاهرة (في لحظة ابن خلدون) صار الآن يجري بالتساوق عامة.فالعالم بالتكاثر والتواصل والتبادل ،أصبح يخضع لمنطق الجماعة الواحدة ،تشابكت خيوط الحكم عالميا في مجال شبه مغناطيسي موحد بين القوى المتفاعلة.ومن ثم فاتحاد ظاهرة الحكم بين التابعين والمتبوعين تجعل الجميع تابعا ومتبوعا بحدود متفاضلة ،ومن ثم ،فيمكن دراسة الظاهرة بما هي بسياق كوني. 11 3
وكونية السياق تغني عن اعتبار فروقه التفصيلية والجزئية والاقتصار على درس آليات الحكم ومحدداته من حيث هو حكم عامة دون اقتصار على السياسي منه.أو بصورة أدق ،باعتبار ما يجعل السياسي شاملا ،ما عداه فيتعلق بسياسة الحكم ثم بسياسة كل ما عداه من مجالات انتظام الشأن العام محليا وعالميا.وحتى أُيَسر العملية ،سأكتفي بالمجالات الخمسة التي صنفت بمعيارها النخب التي بيدها الحل والربط في الشأن العام في كل جماعة محلية كانت أو دولية.فلعل ذلك يمكننا من وضع سلم لدور كل مجال في درجات التحديد الذي بمقتضاه يمكن فهم آليات الحكم في الجماعات البشرية بمستوييها الطبيعي والخلقي.فلنسلم فرضيا أن التنافس في الجماعة له خمسة مجالات يتنافس فيها من تغلب عليهم صفة الإرادة وصفة المعرفة وصفة القدرة وصفة الحياة وصفة الوجود.بمعنى أن ،من تغلب عليهم صفة الإرادة من البشر هم المتحضرون للسياسة ،يتنافسون على تمثيل إرادة الجماعة ولهم طرق في الفوز في هذا التنافس.ولنقس عليهم المتنافسين في المعرفة (العلوم) ،وفي القدرة (الاقتصاديات) ،وفي الحياة (الفنون ومنها الرياضة) ،وفي الوجود (رؤى العالم فلسفيا ودينيا).نلحظ علاقة بين تنافس أصحاب الإرادة (الساسة) وتنافس أصحاب الوجود (أصحاب الرؤى الفلسفية والدينية) :تنافس بين عمومين في الحكم فعليا أو رمزيا. وغالبا ما يكون خلافهما مصدر عدم استقرار ،وتوافقهما مصدر استقرار. لكن في اصحاب الرؤى كذلك تنافس بين الفلسفي والديني ،ومثله بين أصحاب الإرادة. ونلحظ نفس العلاقة بين تنافس المعرفة وتنافس الحياة ،أو بين العلم والفن. الأول متصل مباشرة بالنزاع بين الإرادة والرؤى مع ميل للإرادة. 11 4
والثاني العكس.فيصبح أصحاب الإرادة والعلم من صف ،وأصحاب الرؤى والفن من صف ثان :الأول أقرب لما يمكن أن نسميه منطق \"الواقع\" ،والثاني منطق \"المثال\".ولما كان منطق الواقع أمرا واقعا ليس له من ذاته شرعية غير ما له من قوة مادية تفرضه، فإنه بحاجة إلى ما يمدد من مفعول الامر الواقع بما يتجاوزه.لذلك فسلطان الأمر الواقع لا يبقى بما يجعله واقعا فحسب ،بل بما يجعله واقعا مقبولا ممن يقع عليه ،فيكون المثال دائما شرطا في بقاء الواقع واقعا.وعند التطبيق السياسي لهذه القاعدة يكون كالتالي :الشوكة غلبة مؤقتة تدوم بشرطين: -1ألا تنمو شوكة فتصبح أقوى منها. -2بقاؤها حرب على الممكن منها.وهذا يقتضي المثال لإضفاء الشرعية على بقاء الأمر الواقع ونفي الشرعية على ما يعارضه بمقتضى قانون الطبائع أي صراع القوى .صراع القيم ملازم.من هنا فقانون الحكم ،من حيث هو حكم ،ليس قانون الانتخاب الطبيعي وحده في واقع الأمر العام ،بل معه قانون الخيار الخلقي في الرمزي أو مثال الأمر.لذلك فالسياسية ظاهرة طبيعية وخلقية في آن :ويمكن للخلقي فيها أن يكون حضوره فعليا لكونه صادقا ،ويمكن أن يكون شكليا لكونه نفاقا وغطاء للطبيعي.وهذان هما وجها الخلقي في السياسي من حيث هو ظاهرة مزيجة بين القانون الطبيعي المضطر والخلقي الحر :طبيعة الإرادة وتمثيلها طبيعيان وخلقيان في آن. 11 5
الخلقي والسياسي في الحكم من منظور المدرسة النقدية العربيةمن يرفض هذا التجريد يصفق لمن يخادعه فيدغدغ فيه الميل لليوتوبيا ،إذ يحكم باستحالة دولة الإسلام بقيم الحداثة لخلقيتها ولعدم خلقية دولة الحداثة.لما تكلمت على التلازم بين الخلقي والسياسي في كل دولة ،بدا كلامي وكأنه مجرد مصادرة على المطلوب. وها أنا أعود إلى المسألة بما تقتضيه من تعليل.ولا بد كعهدي في مثل هذه الحالات أن أحيل على فحول مدرستنا النقدية وابن خلدون خاصة ،بل حتى على الفكر السياسي الإسلامي عامة ،رغم انحطاط جله.فهذا الفكر علة انحطاطه أنه استنتج من أن عدم الدولة نفي مطلق للأخلاق ،وأن الدولة مهما ظلمت أفضل من عدمها ،فاعتبر بيات ليلة من دون أمري كفرا.ورغم أن هذا القول لم يكتف بذلك ،بل شرط العجز عن درء التغلب بإطلاق ،وشرط عدم غلبة المفسدة على المصلحة في الدرء ،فلكأنه اكتفى بالشوكة دون شرعية.ولنورد الآن نص ابن خلدون القائل بالوازعين الذاتي (الضمير الخلقي والديني) والأجنبي (أحكام السلاطين) وقوله في علاقة الخلقي بالسياسي في الحكم:{اعلم أن الملك غاية طبيعية للعصبية ليس وقوعه عنها باختيار .إنما هو بضرورة الوجودوترتيبه كما قلناه من قبل .وأن الشرائع والديانات وكل أمر يحمل عليه الجمهور فلابدفيه من العصبية إذ المطالبة لا تتم إلا بما كما قدمناه .فالعصبية ضرورية للملة وبوجودها يتم أمر الله منها .وفي الصحيح ما بعث الله نبيا إلا في منعة من قومه.- 1وجدنا الشارع قد ذم العصبية وندب إلى اطراحها وتركها فقال :إن الله أذهبعنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء أنتم بنو آدم وآدم من تراب وقال تعالى \"إن أكرمكم عند الله اتقاكم\". 11 6
- 2ووجدناه أيضا قد ذم الملك وأهله ونعى على أهليه أحوالهم من الاستمتاع بالخلاقوالإسراف في غير القصب والتنكب عن صراط الله .وإنما حض على الألفة في الدينوحذر من الخلاف والفرقة .واعلم أن الدنيا كلها وأحوالها عند الشارع مطيةللآخرة .ومن فقد المطية فقد الوصول .وليس مراده فيما ينهى عنه أو يذمه منأفعال البشر أو يندب إلى تركه اهماله بالكلية أو اقتلاعه من أصله وتعطيل القوىالتي ينشأ عليها بالكلية إنما قصده تصريفها في أغراض الحق جهد الاستطاعة حتىتصير المقاصد كلها حقا وتتحد الوجهة كما قال (صلى الله عليه وسلم) \"من كانتهجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبهأو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه\" .فلم يذم الغضب وهو يقصد نزعهمن الإنسان فإنه لو زالت منه قوة الغضب لفقد منه الانتصار للحق وبطل الجهادوإعلاء كلمة الله وإنما يذم الغضب للشيطان وللأغراض الذميمة فإذا كان الغضبلذلك كان مذموما وإذا كان في الله ولله كان ممدوحا وهو من شمائله (صلى اللهعليه وسلم) وكذا ذم الشهوات ايضا ليس المراد ابطالها بالكلية فإن من بطلت شهوتهكان نقصا في حقه وإنما المراد تصريفها فيما أبيح له باشتماله على المصالح ليكونالإنسان عبدا متصرفا طوع الأوامر الإلهية وكذا العصبية حيث ذمها الشارع وقال\"لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم\" فإنما مراده حيث تكون العصبية على الباطلوأحواله كما كانت في الجاهلية وأن يكون لأحد فخر بها أو حق على أحد لأن ذلكمجال من أفعال العقلاء وغير نافع في الآخرة دار القرار .فأما إذا كانت العصبيةفي الحق وإقامة أمر الله فأمر مطلوب .ولو بطل لبطلت الشرائع إذ لا يتم قوامها إلابالعصبية كما قلناه من قبل .وكذا الملك لما ذمه الشارع لم يذم منه الغلب بالحقوقهر الكافة على الدين ومراعاة المصالح :وإنما ذمه لما فيه من التغلب بالباطلوتصريف الآدميين طوع الأغراض والشهوات كما قلناه .فلو كان الملك مخلصا فيغلبه للناس أنه لله ولحملهم على عبادة الله وجهاد عدوه لم يكن ذلك مذموما .وقد 11 7
قال سليمان صلوات الله عليه \"رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي\" لما علم مننفسه أنه بمعزل عن الباطل في النبوة والملك .ولما لقي معاوية عمر بن الخطابرضي الله عنهما عند قدومه إلى الشام في أبهة الملك وزيه من العديد والعدةاستنكر ذلك وقال\" :أكسروية يا معاوية؟ فقال \"يا أمير المؤمنين أنا في ثغر تجاهالعدو وبنا إلى مباهاتهم بزينة الحرب والجهاد حاجة\" .فسكت ولم يخطئه لما احتجعليه بمقصد من مقاصد الحق والدين .فلو كان القصد رفض الملك من أصله لميقنعه هذا الجواب في تلك الكسروية وانتحالها بل كان يحرض على خروجه عنهابالجملة .وإنما أراد عمر بالكسروية ما كان عليه أهل فارس في ملكهم من ارتكابالباطل والظلم والبغي وسلوك شبله والغفلة عن الله وأجابه معاوية بأن القصدبذلك ليس كسروية فارس وباطلهم وإنما قصده بها وجه الله فسكت .وهكذا كانشأن الصحابة في رفض الملك وأحواله ونسيان عوائده حذرا من التباسها بالباطل.فلما استحضر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استخلف أبا بكر على الصلاة إذ هيأهم أمور الدين وارتضاه الناس للخلافة وهي حمل الكافة على أحكام لا شرعيةولم يجر للملك ذكر لما أنه مظنة للباطل ونخلة يومئذ لأهل الكفر وأعداء الدين.فقام بذلك أبو بكر ما شاء الله متبعا سنن صاحبه وقاتل أهل الردة حتى اجتمعالعرب على الإسلام .ثم عهد إلى عمر فاقتفى أثره وقاتل الأمم فغلبهم في انتزاعما بأيديهم من الدنيا والملك فغلبوهم عليه وانتزعوه منهم .ثم صارت إلى عثمانبن عفان ثم إلى علي رضي الله عنهما والكل متبرئون من الملك متنكبون على طرقه.وأكد ذلك لديهم ما كانوا عليه من غضاضة الإسلام وبداوة العرب فقد كانوا ابعدالأمم عن أحوال الدنيا وترفها لا من حيث دينهم الذي يدعوهم إلى الزهد في 11 8
النعيم ولا من حيث بداوتهم ومواطنهم وما كانوا عليه من خشونة العيش وشظفه الذي ألفوه}.1 هذا النص بالغ الدلالة: -فهو فلسفي (نظرية الحكم) -وتاريخي (تطوره في الصدر) -وانثروبولوجي (تعليل الاستثناء في الصدر) وهو جدير بأن يكون مرجعية.وأولى الملاحظات هي أن ابن خلدون يعتبر السياسة وأدواتها (الدولة بنية والحكم تعيينا لها) شرط العيش الجمعي ،وهي الخلقي ،ويغلب فيها موجبه على سالبه.ذلك أنها شرط الجمع بين ضرورتين حصيلتهما تحقيق شروط الوجود الخلقي في الجماعة: الأولى الحاجة إلى التعاون. والثانية الحاجة إلى منع العدوان.من دون التعاون يمتنع قيام الإنسان وبقاؤه ،ومن دون حماية الناس بعضهم من البعض يمتنع التعاون :فتكون الحماية مانعة للشر ومؤسسة للخير غاية.لكنها قد تفسد مجرد وصفها بالفساد وعيا بغايتها الذاتية ،أعني أن صلاح الدولة والحكم هو عين شرط النقلة من القانون الطبيعي إلى القانون الخلقي. والملاحظة الثانية هي دور الدولة بالتربية والحكم. 1المقدمة الباب الثالث الفصل 2811 9
هي التي تهذب الغرائز التي هي مادة الأخلاق الخام ،وتهذيبها توجيه نحو غايات خلقية وليس قتلا.الملاحظة الثالثة ،وكنتيجة للثانية ،فالأخلاق هي غاية الدولة وحصيلة فعلها التربويوالحكمي ،فالأول ينمي الوازع الذاتي ،والثاني يحضر الوازع الأجنبي :سلطة القانون عنف شرعي.الملاحظة الرابعة ،حتى وإن لم يتكلم ابن خلدون في هذا النص عن طبيعة القانون واكتفى بالكلام على الشريعة ،فإنه يميز في غيره بين خمسة أصناف منه. ويعتبر أربعة منها مراحل لتحرير الإنسان من القانون الطبيعي: -اثنان عقليان، -واثنان دينيان، -والأخير جامع بينها كلها وهو الأصل فيها جميعا كاللمس في الحواس.فأما العقليان ،فهما متقابلان تقابل نظام عقلي للحكم لكنه أعد لصالح الحاكم وحده، ويقابله تعديله الذي يجعله لصالح الحاكم والمحكوم منعا لانهياره.أما في الديني ،فإن ابن خلدون في الحقيقة لم يذكر إلا واحدا ،ومنطق تصنيفه يقتضي أن يكون هذا أيضا له مرحلتان :ديني لصالح الكاهن ،وديني للجماعة.ذلك أن الحكم باسم العقل يمر بالمرحلتين ،ومثله الحكم باسم الدين :فالحاكم في الأول يناظر الكاهن في الثاني. الحكم للجماعة يناظره الدين للجماعة.وأصل هذه الأنظمة بمرحلتيها العقليتين والدينيتين فهو عند ابن خلدون عقد فيه اعتبار المصلحة الدنيوية وما بعدها بمعنى تجاوز الطبيعي إلى الخلقي. 11 10
فتكون الملاحظة الأخيرة هي أن غاية السياسي خلقية إيجابا ،حتى لوكان مساره أحيانا يفسد فيصبح سلب الغاية ويبقى مع ذلك خلقيا بمجرد الوعي بالفساد.أما التفسير الانثروبولوجي لأساليب الحكم ،فيشرح الاستثناء الذي مثله الصدر والذي غلبت عليه البساطة :فسره بحضور أحوال النبوة وبعادات البداوة. 11 11
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 18
Pages: