أبو يعرب المرزوقي الأسماء والبيان
نشر هذا النص بتاريخ 2008.01.18في موقع ألف لسواح نعيد نشره لعلاقته بقضيةالإبداع الفني وتوظيفاته التي هي مصدر الصراع الكاريكاتوري بين التأصيل والتحديث الزائفين.سبق لي أن علقت على مواقف الفقهاء من الإبداع بمناسبة ما دار من جدل أجوف حولأعشاب البحر .فميزت حينها بين الإبداع الذي لا يجادل في حرية التعبير فيه إلا سخيفالرأي وقليل الذوق وبين توظيفه لجعله أداة نضال إيديولوجي ضد عقائد الآخرين كمايحصل عند من لا يقل سخافة عن معارض الإبداع باسم الدفاع عن الدين .ولعل المعركةالدائرة حول تكفير الروائية الليبية البوعيسي بسبب روايتها \"للجوع وجوه أخرى\" (راجعفي ذلك عرض المسألة بإسهاب في موقع ألف نقلا عن العربية نت بقلم فراج إسماعيل في يومالسبت 12كانون الثاني )2008يساعد على فهم طبيعة الظاهرة المرضية التي تخفي أعماق حقيقة تفسد على الإبداع والدين معا منزلتهما الرفيعة ودورهما في الثقافةفالبدائل الزائفة من الفن والدين عند موظفيهما وتبلد الذهن النقدي عند الحزبين منالأصوليتين الدينية والعلمانية لا يمكن إلا أن يؤولا إلى قتلهما فضلا عما يسببانه من فوضىروحية قد تؤول إلى حرب أهلية تبدأ رمزية وتنتهي عسكرية .فكلا الصفين يترك معاييرالتجربة الفنية والتجربة الروحية ليكتفي بمعايير الإيديولوجية يحاكم بها صاحبه :وهذاالداء هو مرض الروحانية العربية الحالية في مجال التجربتين الفنية والروحية مرضهاالذي يعاني منه الحزبان الديني والعلماني وعلة الداء هي المعركة الدنكيخوتية بين الأصوليتين الدينية والعلمانية. 91
وسأبدأ بالوجه الدنكيخوتي عند الأصولية الدينية التي تبدو أصل الداء لبيان سخفهثم أنتقل إلى نفس الوجه عند الأصولية العلمانية التي هي أيضا مسهمة في تأجيج أعراضالداء .ذلك أننا سنلحظ تناظرا وتوازيا مطلقا بين الموقفين بمجرد أن نستبدل التجربةالتي يتكلم باسهما الصفان :فما يمثله إفساد التجربة الروحية عند الأصولية الدينيةيناظره إفساد التجربة الفنية عند الأصولية العلمانية لمجرد أن الصفين لم يفهما بعد أن التجربتين لا تنفصلان عندما تكونان صادقتين.وبخلاف ما يتصور الكثير فإن من يقدمون أنفسهم بصفة التنويريين لا يختلفون عنخصومهم :فهم أعداء ما يزعمون الدفاع عنه أعني الإبداع لمجرد توظيفهم إياه في حربعلتها الخلط بين إفراط المتكلمين باسم الدين والدين مثل الصف الثاني الذي هو عدو مايزعم الدفاع عنه لمجرد توظيفه في حرب علتها الخلط بين إفراط المتكلمين باسم الفنوالفن .ونفس الأمر حصل في كل مؤسسات البحث العلمي في جامعاتنا التي تحولت إلى هندامفي الصراع الإيديولوجي فتخلت نهائيا عن الوظيفة الإبداعية في المعرفة العلمية وصار جلالأساتذة إما في خدمة الأحزاب الحاكمة أو في خدمة الأحزاب المعارضة فضلا عن المصالح الأجنبية التي توظف الجميع بوعي منهم أو بغير وعي.وقصدي في هذه الملاحظات السريعة أن أبين أن الموقفين يدلان على درجة كبيرة منالسخف العقلي والتبلد الذوقي في الساحة الثقافية العربية مكتفيا بالإحالة إلى كلامي علىطبيعة الظاهرة عندما تنتسب حقا إلى الإبداع وعلى إيماني بأنها بشروطها التي تجعلالسجال محفزا للإبداع يمكن أن تكون ظاهرة صحية أحيل إلى كتابي في الشعر المطلقوالإعجاز القرآني (دار الطليعة بيروت) أو كتابي وحدة الفكرين الديني والفلسفي (دار الفكر بيروت ودمشق). • كيف تفسد الأصولية الدينية الإبداع الروحيهبنا جارينا الأصولية الدينية فاعتبرنا أقوال الأبطال في العمل الإبداعي معبرة عنرأي صاحب العمل أفلا يكون المبدع عندئذ معبرا بصدق عن أزمة حقيقية في الوجدانالجمعي الذي ليس هو منه إلا إحدى العينات؟ فهل يمكن عندئذ محاكمته على صراحته في 92
التعبير عما يعاني منه من شكوك ووصف لحاله الروحية التي تحتاج إلى فهم بدل الحرب عليها؟أليس الأولى بمن يزعم الكلام باسم الدين والدفاع عن القيم أن يحاول فهم الأمرليستفيد من التعبير الأدبي الذي يمثل محرار حال الأمة الروحية وما يتهدد حصانتهافيكون العلاج بطلب أصل الداء بدل الاقتصار على تكفير الصادق من المعبرين بصراحة عما يختلج في سرائرهم؟يكفي لفهم سخف هذا الموقف الذي يحارب التعبير الحر عن الشكوك الدينية والحيرةالروحية بيان عقم مستويات هذه الحرب الغبية على الإبداع لكأن الإيمان ليس طريقا طويلة يقطعها المرء بين حدين تكاد المسافة الفاصلة بينهما أن تكون لامتناهية: .1في المستوى الأول :فهذا الموقف سيدفع كل أديب حقيقي يريد أن يعبر عن تجربتهالوجدانية بصدق أو متأدب خاصة يتظاهر بذلك إلى البحث عن حام داخلي أو خارجي ضدالبوليس الديني الذي انحطت إليه وظيفة الفقيه .وبذلك يكثر الجنود الذين يوظفهمالحامي في حربه النفسية على الحضارة العربية الإسلامية .فيكون من يزعمون حماية الأمة أكبر مخربيها.ذلك أن هذا الموقف يؤدي المبدعين سواء من كان منهم في مرحلة التجريب أو من تأكدتقدراته الإبداعية -على الأقل من باب الدفاع عن النفس ضد المتكلمين باسم الدين -إلى الكفر بالثقافة الوطنية.وبدل من أن يكونوا مجرد ساعين إلى التعبير عن معاناة شخصية في تجربتهم الروحيةدون معاداة للدين الصادق يتحولون إلى مناضلين من أجل أمور ليست مشروطة في الإبداعبل لعل عكسها هو الأصح كما سنرى .وينبغي أن يعلم من يزعمون الخوف على الدين أنهليس مما يخاف عليه إلا عند من لا يصدق بقيمته في ذاته .ذلك أن كل من كان صادقا فيتعبيره عن تجربة فنية فعلية فإنه بالضرورة سيكون ذا وجدان روحي أعمق من وجدانمن يمارس الشعائر دون إيمان قلبي حقيقي ككل الذي يتدينون بالعادة ومن دون تجربة 93
روحية حقيقية :التجربة الفنية والتجربة الروحية وبخلاف الظاهر أختان لا تفترقان ما كانتا صادقتين. .2في المستوى الثاني :وهذا الموقف سيدفع كل يريد أن يعبر بصدق دون أن يجد منيحميه من البوليس الديني رغم كونه يعاني من نفس الداء إلى أن يصبح منافقا ومن ثمفهو دون شك أخطر على الدين وعلى أهله من الصنف الأول الذي أعلن الحرب صراحةفضلا عن انحطاط الأخلاق العامة عندما يصبح جل المواطنين يتعبدون خوفا من البوليسلا حبا في ما يتظاهرون بالإيمان به .وبدلا من العمل على جعل الدين محبوبا لذاته يجعلههذا السلوك المنفر مكروها فيكون هذا الموقف الذي يتصوره أصحابه دفاعا عن الدين هوالحرب الحقيقية على الدين وليس المعبر بصدق عن تجربته الروحية خاصة إذا لم يصحبها توظيف من حماة من علمانيي الداخل أو من الأجانب. .3في المستوى الثالث :وبسبب المستويين الأولين يصبح باب الاجتهاد الفني والروحيفي الأمة ممتنعا فيصبح الإنسان مضطرا أن يتبع بصورة نهائية أحد نهجين حديين لا وسيطبينهما فتكون البذرة المؤدية إلى الحرب الأهلية التي تبدأ جدالية رمزية وتنتهي عسكريةمادية .فإذا حصرنا المجتهدين في خيار بين أن يكون إما كافرا بإطلاق أو مؤمنا بإطلاق نلغيمفهوم الإيمان من أصله لأنه ليس غاية العقد بل مسار العقد الذي يزيد وينقص ومن ثمفهو طريق لامتناهية .لذلك فالمرء الصادق في إيمانه ولمجرد كونه صادقا وحيا لا يمكن إلاأن يكون ممن يعانون تجربة الشك والتردد والبحث الذي لا يتوقف لأن أحوال الوجدانليست خاضعة لمنطق عدم التناقض والثالث المرفوع :التجربة الفنية والتجربة الروحية لا تعيران بالغاية بل بالمسار الناقل من البداية إلى الغاية. .4والمستوى الرابع :واجتماع المستويات الثلاثة السابقة لا يقتل التعبير الفني الحرعن الحالات الروحية والوجدانية فحسب بل هو يقتل كل حياة فنية كانت أو دينية أوعلمية فيكون حائلا دون أهم علاج روحي ونفسي للأمم أو ما يسميه أرسطو علاج التطهيرفيعم الجفاف والتصحر الروحي وتعود الأمة إلى بربرية البداية التي يعلم الجميع موقف القرآن الكريم منها. 94
اجتماع المستويات الثلاثة السابقة هو عودة الثقافة إلى بربرية البداية بمعنى حصرالوجود الإنساني في الأكل كما تأكل الأنعام التي يعيبها القرآن على كل من لا يتدبر الآفاقوالأنفس :ولا يمكن تدبرهما من دون شك وحيرة خلال المسار الموصل عند الصدق إلىالطمأنينة .ووظيفة أسمى أجناس الآداب والفنون هو التعبير عن معاناة المسار وليس مندوره أن يكون داعية لا بالإيجاب (كما يريده غلاة الفقهاء من الدينين) ولا بالسلب (كما يريده غلاة الفقهاء العلمانيين). .5والمستوى الأخير :يفيد بأن أصحاب هذه المواقف السخيفة تجعلهم يزعمون الغيرةعلى الإسلام والدفاع عن الدين وهم بهذا السلوك أول الكافرين بثورة كتابه الروحية.فلا أحد يجهل أن سبب نزول أهم آية تتعلق بحرية المعتقد والإيمان هو أن أحد الآباءالذين أسلموا حديثا أراد أن يفرض الإسلام على ابنيه اللذين اختارا المسيحية ولم يتبعاهفي إسلامه فأراد أن يكرهما عليه فنهاه النبي عن ذلك ونزلت الآية 256من البقرة مباشرةالآية التي ظنها البابا محكومة بظرف الضعف الذي كان النبي عليه وليست قضية مبدئيةفي القرآن الكريم\" :لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم\".أفيكون هؤلاء المدافعون المزعومون أكثر غيرة على الإسلام من رب الأنام؟ ومن نبيالإسلام؟ أم إنهم من حيث لا يعلمون يعملون كل ما في وسعهم لإخراج الناس من الإسلامبسبب ما ينتج عن هذه العلل التي ذكرت والتي تعبر عن تخلف في المعرفة بأسرار الروحالبشرية والآليات النفسية في مسائل العقائد التي كل عنف أو إكراه ينفر منها ولا يساعدعلى انتشارها؟ وهب هذه السيدة خرجت من الإسلام فهل يعني ذلك أن الأرض أخرجت زلزالها؟ كم من غير المسلمين دخل الإسلام في مقابل ذلك؟ثم لماذا لا نلحظ ما يثلج الصدور ونهتم بالقشور :فغالب الذين يسلمون من الغربيينيسلمون لعلمهم وعدم الحاجة المادية وغالب الذين يخرجون من الإسلام يخرجون منه لجهلهم وبسبب الحاجة المادية .ألا يكفي ذلك!؟ 95
لماذا لا يفهم هؤلاء الذين قال فيهم حجة الإسلام إنهم أخطر على الإسلام من كل أعدائهأن هذه السيدة إذا كانت جائعة حقا-سواء كان جوعها عضويا أو روحيا -ستشبع يوما وأنهاإذا كانت صادقة في طلب الحقيقة ستهتدي حتما إلى ما يريده لها الله -هذا على الأقل عندمن يؤمن بأن للبيت رب يحميه -أعني إلى ما يرضاه لها منزلة بين العالمين .أفيعقل أن ينهىالله نبيه عن إكراه الناس على الإيمان وأن يذكره بأنه ليس عليهم بمسيطر ثم يحق لفقيه أو مفت مهما كان علمه أن يدعي لنفسه ما حرمه الله على النبي؟ • كيف تفسد الأصولية العلمانية الإبداع العقليما لم أفهمه هو الفرح الصبياني وشبه الشماتة بحال المسلمين كلما حدثت حادثة تافهةمن هذا النوع-والمعلوم أن حال المسلمين في مجالات أخرى اخطر لا تسر الصديق وكنا نأملأن يتألم منها العلماني وأن ينشغل بها في ما يزعمه من ثورة قيمية إذا كان حقا صادقا فيسعيه للتحديث وليس جاعلا منه نقمة على كل شيء-كلما ظهرت مثل هذه الظاهرات التييطبلون لها ويزمرون ثم يحولونها إلى منجنيق يتوالى منه رمي الإسلام والمسلمين فينضمونإلى صف أعدائه بدلا من العمل الجدي على تدبرها والبحث عن علاجها مثل أي إنسان نزيه يريد مناخا منفتحا للحياة الفنية والروحية على حد سواء.ذلك أنه إذا كان يمكن للمبدعين أن يكونوا صادقين في التعبير عن مثبطات تجاربهمالروحية بشكل إبداعي إما على لسانهم مباشرة أو على لسان أبطالهم بصورة غير مباشرةفإني لا أفهم كيف يمكن أن يتحول ذلك-على أهميته التي لا ينكرها إلا معاند-إلى حجةعلى الإسلام أو على المسلمين كما يفعل جل الأصوليين من غلاة العلمانية بدلا من أن يكونوصفا لحال المسلمون هم أنفسهم أول من يعتبره من بقايا الانحطاط وليس من جوهر عقيدتهم.أليس ذلك مما يمكن أن يجعل مغالاة بعض العلمانيين-كأمثال وفاء سلطان ونضال نعيسةوغيرهما من رسامي الكاريكاتور لحال المسلمين والإسلام -تيارا سيؤدي إلى نفي الحكمةوالروية على الفكرة نفسها فيؤدي إلى تعطيلها بدل المساعدة على تحقيق الممكن منها وفي الحدود المعقولة بحسب نضوج الشروط وتنوع التجارب الحضارية؟ 96
ترى هل منهم من يمكن أن يكون له نصيب من العقل والاتزان فلا ينساق أمام الدعايةالكاريكاتورية التي لا ترى من المسلمين إلى غبي الفتاوى ومتزمت المواقف وتنسى أن جلالقادة في ثورة التحرير العالمية منهم حتى وإن كان ذلك رغما عنهم بسبب التكالب على أرضهم وعرضهم وربما بسبب إدبار اليسار عن أداء دوره في معركة التحرير؟أليس من المفروض أن يكون العلماني محايدا في أمر العقائد فلا يحول الأدب إلى مجردسلاح عقدي بحيث بات ينظر إلى الأديان بعين لم تعد ترى مسائل الإيمان والكفرانوالعقائد من أسرار الضمائر؟ أليس في ذلك منافاة للموقف العلماني المزعوم أم إن للعلمانيالحق في الحرب على الدين فيحول معركة حرية التعبير والإبداع إلى مجرد قوس يرمي بها المسلمين انسياقا مع الباحثين عن بديل من العدو الاشتراكي فوجدوه في المسلمين؟هل يعقل أن يصبح من شروط الموقف العلماني والحداثي تحويل الفن إلى مدفع لدكالحصون والحرب على مقدسات الشعب لاستفزازه دون داع بدلا من أن يكون موقفا ذا فكربناء يساعد الأمة على التطور الرصين الذي يحيي القيم بدل العمل على تعميم الفوضى الروحية التي لن تزيد الثقافة إلى عنفا رمزيا وماديا؟ومثلما ميزنا مستويات موقف الصف الديني في حالة الدنكيخوتية الأصولية الدينية فإننانستطيع أن نحدد بالتناظر العكسي نفس المستويات في الصف العلماني الذي يعاني منالدنكيخوتية الأصولية هو أيضا .ذلك أننا لو جاريناهم فحولنا أقوال الشخوص ومواقفهمفي العمل الإبداعي إلى بيانات ذات التزام نضالي مع العلمانية وضد الدين فإن الفنسيفقد طبيعته الإبداعية التي تترجم عما يعاني منه صاحبه من شكوك وتعبر عن وصف لحاله الروحية التي تحتاج إلى فهم بدل توظيفها في النضال العلماني.لو جاريناهم في هذا التصور هل يبقى للفن والإبداع طابعة الفني المخلص للقيم الجماليةأم تراه يتحول إلى دعاية مذهبية؟ ألسنا نرى أن النقد الأدبي عند الحداثيين لا يكاديتجاوز النقد الثقافي الذي هو في الحقيقة نقد إيديولوجي لمضمون إيديولوجي ليس لهما من الإبداع الفني أدنى ذرة. 97
ويكفي لفهم سخف هذا الموقف الذي يوظف التعبير الفني الحر فيجعله أداة نضالإيديولوجي ضد الدين أو مع العلمانية بدل من أن يكون تعبيرا عن شكوك وجدانيةوحيرة روحية أن نظهر عقم مستويات الحرب بالإبداع على الدين عند الأصولية العلمانية المناظرة للحرب عليه بالدين عند الأصولية الدينية:-1في المستوى الأول :هذا الموقف سيجعل كل من يطلب الحظوة عند أصحابالإيديولوجيا السائدة يدعي أنه مبدع في حين أنه بروباجندي في خدمة بوليس الثقافةالعلمانية التي انحطت إليها وظيفة المثقف الحداثي فيجف معين الإبداع ويقتل أصحابالتجارب الصادقة من العلمانيين .فالتوظيف الإيديولوجي باسم الالتزام الإيديولوجي-كما حصل للأدب المزعوم واقعيا-سيحول منتوجهم إلى ريبورتاجات صحفية وبيانات حزبية من جنس مانيفاستو العقلانيين.ولعل الدرك الأسفل هو ما يعرض من أفلام نضالية ضد ما يسمونه الإرهاب ويزعمونهاإبداعا في حين أنها لا تتجاوز البروباجندا المبتذلة ضد من يزعمونهم ظلاميين .فهل يمكنأن يعد إبداعا فنيا مجرد ترديد الكاريكاتورات التي تعمل بها الاستعلامات الغربية في حربها النفسية؟كيف ينسى هؤلاء المزعومون مبدعين لو كانوا حقا صادقين أن النضال التحريري سواءضد الاستبداد الداخلي أو الدولي ليس له من جنود إلا هؤلاء المزعومين ظلاميين بعد تخلياليسار عن واجباته وارتداده تحت راية الليبرالية الجديدة وبالذات بهذا الفن المنحطالذي يختزل الثورة العالمية في اللحى والتعاويذ وينسى أن هؤلاء الثوار ليسوا من فقراءالعالم الإسلامي بل هم من أكبر أثريائه فضلا عن كونهم ليسوا من أقل الناس اطلاعا على الحضارة الغربية التي يحاكيها من لا يعلم منها إلا القشور؟ولنكتف بمثال الكلام عن الصلاة عند هذه الآنسة .فهي لم تقل شيئا يخالف ما قالتهوفاء سلطان فيها تفضيلا لمفهوم الصلاة المسيحية عن مفهومها المسيحي .هل في هذا تعبيرعن الإبداع أم عن الجهل بالمعاني؟ فليس من شك أن الكسالى يفضلون تخيلات من يهذيوهو ساكن في السرير على حركية الرياضي الذي يعانق السماء بما يشبه الرقص الوجودي. 98
فصلاة تكتفي بالتمتمة الكسلى وصلاة تشبه الرياضة البدنية سواء كانت فردية أو جماعيةلا تقبلان المقارنة .الأولى دعاء قولي والثاني دعاء فعلي .والأول تمتمة لتابع سلطة كنسية كما يحصل في الكنائس والثانية علاقة مباشرة بين المؤمن وربه .شتان بين الامرين. 99
02 01 01 02تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي :محمد مراس المرزوقي
Search
Read the Text Version
- 1 - 16
Pages: