Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore اشكالية العلاقة بين العرب والاتراك - ابو يعرب المرزوقي

اشكالية العلاقة بين العرب والاتراك - ابو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-04-18 09:44:48

Description: عشت في الأيام الثلاثة الأخيرة حدثين خطيرين:
* أحدهما شاركت فيه مباشرة.
* والثاني بصورة غير مباشرة إذ علقت عليه في كلام على الاستفتاء التركي.
وأنوي في هذه المحاولة الكلام على المشترك بين الحدثين: اي بين ندوة مركز الجزيرة حول أزمة الدولة والنظام الإقليمي والاستفتاء الدستوري التركي.
وقد تكلمت في الندوة على ما يمكن اعتباره هذا المشترك لكني لم أصفه بهذه الصفة لأن الحدث التركي لم يكن قد حصل بعد لذلك أعود اليوم لأصل بينهما.

Search

Read the Text Version

‫الأسماء والبيان‬



‫‪1‬‬ ‫المقدمة ‪1‬‬ ‫الدولة القومية ومنع شروط السيادة الفعلية ‪1‬‬ ‫المحميات العربية ومحاولة انهاء الطموح العربي التركي ‪3‬‬ ‫ثورة الحرية والكرامة وإصلاح رؤية القدر ‪6‬‬ ‫فضل الترك في حماية الإسلام في الإقليم العربي ‪7‬‬ ‫خاتمة ‪8‬‬



‫عشت في الأيام الثلاثة الأخيرة حدثين خطيرين‪:‬‬ ‫*أحدهما شاركت فيه مباشرة‪.‬‬ ‫*والثاني بصورة غير مباشرة إذ علقت عليه في كلام على الاستفتاء التركي‪.‬‬‫وأنوي في هذه المحاولة الكلام على المشترك بين الحدثين‪ :‬اي بين ندوة مركز الجزيرة‬ ‫حول أزمة الدولة والنظام الإقليمي والاستفتاء الدستوري التركي‪.‬‬‫وقد تكلمت في الندوة على ما يمكن اعتباره هذا المشترك لكني لم أصفه بهذه الصفة لأن‬ ‫الحدث التركي لم يكن قد حصل بعد لذلك أعود اليوم لأصل بينهما‪.‬‬ ‫وسأبدأ بالوجه السلبي من هذا المشترك‪.‬‬‫فكل من تابع الندوة يعلم أن غالبية الحاضرين العظمى أقرب إلى التسليم النهائي بهدف‬ ‫متناف مع الحدث التركي‪.‬‬‫ومن ثم فجل الحاضرين حتى وإن تجملوا بمدح الربيع العربي يعتبرونه مؤامرة على‬ ‫الدولة الوطنية لأنهم في الحقيقة يتصورونها الحل الوحيد الممكن‪.‬‬‫وعندي أنهم ضحايا استراتيجية أعداء النهوض الممكن لسنة العرب والترك لمنع استعادة‬‫الطموح الامبراطوري استراتيجية تتمثل قوامها فرض أحد خيارين‪ :‬الدولة الوطنية‬ ‫أوداعش‪.‬‬‫ولهذا فالشرط السلبي هو حجة القوميين التي ساهمت في اسقاط الخلافة عندما بدأ‬ ‫التقسيم الذي يدافع عنه الحداثيون ضد ما يسمونه بالعثمانية‪.‬‬‫وطبعا هم ليسوا عميا لئلا يروا أن العصر في الغرب الذي أتت منه فكرة الدولة القومية‬ ‫تجاوزها إلى ما يستجيب للحاجيات الراهنة‪ :‬شروط الحماية والرعاية‪.‬‬ ‫‪81‬‬

‫فتسمعهم يتكلمون على الحرية والكرامة والديموقراطية وهلم جرا من الأهداف التي لا‬ ‫يخالفهم فيها أحد لكنهم ينسون شروطها وأهمها شروط القدرة عليها‪.‬‬‫فالدول القطرية التي يدافعون عنها أي تقسيم الخلافة هدفها منع شروط السيادة‬ ‫الفعلية إذ هي فصلت بصورة تحول دون الحماية والرعاية الذاتيتين‪.‬‬‫وإذن فالدول القطرية في بحثها عن شرعية أخرى تمثل بوعي أو بغير وعي المعول الذي‬ ‫يستعمله من صنعها لمنع شروط السيادة (الحماية والرعاية الذاتية)‪.‬‬‫وفضل ثورة الشباب بيان أن العودة إلى التخويف من النزعة العثمانية في جماعة خاضعة‬ ‫لنزعتين امبراطوريتين مضاعفتين أخطر منها عمى استراتيجي عربي‪.‬‬‫فالدولة العربية والإقليم اللذين دارت حولهما الندوة يعيشان تحت وطأة نزعتين‬ ‫إمبراطوريتين مضاعفتين‪ :‬إيرانية وروسية وإسرائيلية وأمريكية‪.‬‬‫وهما مضاعفتان لأن كلا منهما له بعد إقليمي ودولي ولهما علاقة بما يحيط بالإسلام‬ ‫جغرافيا سياسيا (من حيث المكان) وتاريخيا روحيا (من حيث الحضارة)‪.‬‬‫فمن حيث الجغرافيا السياسية كلتا النزعتين ببعديهما الاقليمي والدولي يعلمان أن قلب‬ ‫دار الإسلام هو شرط البداية والغاية في طموحه الامبراطوري‪.‬‬‫فدار الإسلام بدأت بالجزيرة العربية وقلبها الحرمان وفيها نشأت الخلافة العربية ولم‬ ‫يصمد هذا الطموح إلى أن فرض التقسيم إلا بفضل العثمانية‪.‬‬‫ولهذه العلة كان لبث العداوة بين العرب والترك وللتقسيم دور كبير في إيقاف الصمود‬ ‫وكان ما يسمى بالدول القومية أهم معاول تثبيت هذا التقسيم‪.‬‬‫وهو تقسيم مضاعف‪ :‬بين دويلات ما بعد الخلافة وفي كل واحدة منها لتألفها من قوميات ‪.‬‬ ‫وبعض القوميات ترتدي الطائفية فاجتمع المعولان ضد أساس الوحدة‪.‬‬‫والإسلام أنهى امبراطوريتين تاريخيتين وصارع عقيدتيهما ولهما صلة بعقيدة ونخبة ذات‬ ‫تأثير فيهم لذلك فحربهم عليه لم تتوقف منذ بدايته التاريخية‪.‬‬‫لكن الجديد هو أن الدويلات التي أنشأها الاستعمار بعد تمزيق الخلافة النهائي أصبحت‬ ‫حليفة ذاتية (بوعي) أو موضوعية (بلا وعي) لهم في هذه الحرب‪.‬‬ ‫‪82‬‬

‫فجميع الدول العربية ‪-‬وهي في الحقيقة محميات من أنشأها‪ -‬أصبحت تبحث عن شرعية‬ ‫تاريخية متقدمة على الإسلام أو متأخرة عنه أي ناشئة عن الاستعمار‪.‬‬ ‫فالعراق أصبح بابليا ومصر فرعونية وسوريا فينيقية وتونس قرطاجنية إلخ ‪.‬‬ ‫وهذا هو البعد التاريخي الحضاري لتأييد الجغرافي الاستراتيجي‪ :‬رهان اليوم‪.‬‬ ‫هذا هو المشترك بين الحدثين ‪:‬‬‫ما يتهم به العمي استراتيجيا اردوغان هو ما كان ينبغي أن يعتبر من مفاخره إذا صح‪:‬‬ ‫إحياء نزعة السنة الإمبراطورية‪.‬‬‫وطبيعي إن كان هذا قصده أن يحييه من غاية ما وصل إليه وأن يكون إحياؤه مشروطا‬ ‫بأمرين‪ :‬الصلح بين البداية والغاية ثم الحلف بين العرب والترك شرطا‪.‬‬‫أفهم النخب العربية المسيطرة على الساحة الثقافية فهي بالجوهر توابع لحكام المحميات‬ ‫التي تستمد شرعيتها من نفي أساس شرعية الأمة وسر قوتها‪.‬‬‫وطبعا فهم لا يكفون عن الزعم بأن الخلافة الداعشية هي غاية كل من يفكر في تمكين‬ ‫المسلمين من شروط حمايتهم ورعايتهم الذاتيين بشرطي السيادة‪.‬‬ ‫والمعلوم أن الامم لا يمكنها أن تحقق ذلك من دون خصائص أحيازها الخمسة‪:‬‬ ‫*وحدة جغرافيتها شرط ثروتها‪.‬‬ ‫*ووحدة تاريخها شرط تراثها بمرجعية موحدة‪.‬‬‫فما من جماعة حققت شروط السيادة (الحماية والرعاية الذاتيتين) من دون حجم‬ ‫جغرافي وعمق تاريخي شرطين للإبداعين الروحي والمادي بمرجعية موحدة‪.‬‬‫والأمر هو كذلك بإطلاق بدليل أن الأمم التي ليس لها هذه الشروط تضطر لاختراعها‬ ‫محض خيال‪ :‬وليكن مثالنا وحدة الولايات المتحدة‪ :‬فكرة المؤسسين‪.‬‬‫ولا يخفى عن أحد أن الأنظمة المنتدبة لتسيير المحميات العربية مثلها مثل حُماتها من‬ ‫مصلحتها إيجاد صورة مشوهة من الشرطين بالإرهاب والتكفير‪.‬‬ ‫‪83‬‬

‫فعندما يرسخون في الأذهان أن الخلافة هي داعش وأن فكر النهوض الإسلامي هو‬ ‫التكفير فالقصد تشويه الشرطين‪ :‬أساسي القيام التاريخي الدولة والمرجعية‪.‬‬‫وقول استراتيجيو الغرب إن القضاء على داعش والإرهاب والتكفير يتطلب ثلاثين سنة‬ ‫فالقصد ليس هذين بل ما تشوهانه‪ :‬القضاء على شرطي النهوض السياسي والحضاري‪.‬‬‫لا بد من ترجمة هذا الكلام بما يعنيه‪ :‬علينا أن نطيل عمر هذين الأداتين حتى نتمكن‬ ‫من القضاء على شروط الاستئناف السني عند العرب والأتراك‪.‬‬‫فلو كان القصد القضاء على داعش ومشتقاتها لسمح للعرب والأتراك بحسم الأمر في لمح‬ ‫البصر ‪.‬‬ ‫لكن القصد هو إطالة عمر ما صنعوه من جراثيم وفيروسات‪.‬‬ ‫وبين أن الأنظمة كانت أداة صنع الأداة لتؤدي وظيفتها ‪:‬‬‫كذلك فعل ضباط الجزائر في العقد الاخير من القرن الماضي ويفعل بشار والسيسي إلخ‬ ‫الى الآن‪.‬‬‫وهذا يخدم الإمبراطوريات الأربع التي تريد محو طموح العرب والأتراك في استئناف‬ ‫دورهم الامبراطوري‪ :‬وذلك شرط نجاح إيران وروسيا وإسرائيل وأمريكا‬‫وجمهورية الحاخامات وجمهورية الملالي نفسيهما انشئتا لهذ الغرض‪ :‬فطموح الملالي‬ ‫والحاخامات استعادة امبراطورية متقدمة على الإسلام بسندين دوليين‪.‬‬‫فمن منا يجهل أن الدولة الصفوية وروسيا أهتمتا بدور اساسي بداية من القرن السادس‬ ‫عشر في تقزيم الخلافة العثمانية ومنعها من التمدد في أوروبا؟‬‫ومن يجهل أن روسيا وريثة بيزنطة سياسيا ودينيا وأن الغرب وريث أوروبا والمسيحية‬ ‫وأن اليهودية ذات دور في الإرثين ومن ثم فإسرائيل لها سندهما‪.‬‬‫لكن روسيا والغرب لا يساندان إيران وإسرائيل لوجه الله بل هم أداتهما لاسترداد ما‬ ‫فقداه بسبب امبراطورية الإسلام التي يتوقعون استئنافها الممكن‪.‬‬‫ولما كان استئنافها مشروط بمشروع بدايتها (دولة الإسلام العربية) وتواصله في غايتها‬ ‫(دولة الإسلام التركية) فإن ما يجري وقاية من إمكان عودته‪.‬‬ ‫‪84‬‬

‫ذلك هو الأمر الذي يقتضي ثلاثين سنة وليس الحرب على داعش والإرهاب‪.‬‬ ‫وهو إذن أمر يتطلب إطالة عمر داعش والإرهاب وليس القضاء عليهما‪ :‬والهدف بين‪.‬‬ ‫فالهدف هو انهاء الطموح العربي والتركي ‪.‬‬‫ويعتمد ذلك على إحياء مخلفات الفتنة الكبرى (التشيع) وزرع الفتنة الصغرى‬ ‫(العلمانية) وصراع القوميات‪.‬‬‫وصراع القوميات أفعل في بلاد الأتراك وصراع الطائفيات أفعل في بلاد العرب لكن‬ ‫للصراعين مؤثرات في الساحتين للإبقاء على الاستضعاف والاستتباع‪.‬‬‫ومن حسن حظ الأتراك أن نخبتها السياسية وحتى شعبها عامة بدأ يفهم اللعبة ويتصدى‬ ‫لها ولا يخجلون من طموحهم الامبراطوري‪.‬‬ ‫لكن العرب ونخبهم نائمون‪.‬‬‫ومفهوم أن يكون التخويف من العثمانية جزءا من خطاب من أسهموا في زرع النزعات‬ ‫القومية لإسقاط الخلافة ماضيا ومن يدافعون عن المحميات القطرية‪.‬‬‫فهم نخب الأنظمة العميلة التابعة للإمبراطوريات الأربع التي تحارب مشروع الاستئناف‬ ‫الإسلامي‪ :‬إيران وروسيا من الشرق وإسرائيل وأمريكا من الغرب‪.‬‬ ‫وليس بالصدفة أن كانوا هم أنفسهم أعداء ثورة الشباب أو الربيع العربي ‪.‬‬ ‫فهذه الثورة بخلاف ما يروج هي الوعي بما وراء مطالب الشباب المباشرة‪.‬‬‫والشعب ‪-‬مثل ما حدث في تركيا عندما صعد حزبا ذا وعي بشروط الاستئناف وحما‬ ‫ثورته‪ -‬اختار بإرادته الحرة تكليف الإسلاميين بشأنه العام رغم قلة خبرتهم‪.‬‬‫فمطالب الشباب المباشرة ترمز لقيم الحداثة ‪-‬الحرية والكرامة ضد الاستبداد والفساد‪-‬‬ ‫وشروطها غير المباشرة ترمز لقيم الأصالة ضد الاستضعاف والاستتباع‪.‬‬‫والوعي بالعلاقة بين الاستبداد والفساد داخليا والاستضعاف والاستتباع خارجيا ذلك ما‬ ‫يخشاه ويحاربه الحلفان‪ :‬إيران وروسيا ثم إسرائيل وامريكا‪.‬‬ ‫‪85‬‬

‫المشترك بين الحدثين اللذين عشتهما في الأيام الثلاثة الماضية‪ :‬ندوة أزمة الدولة‬ ‫والانتخاب الدستوري التركي أحاول بيان شبكته ليدركها الشباب‪.‬‬‫ولست أدعي أني أقدم للشباب ما سيأتيه من خارج وعيه الحضاري‪ :‬فيكفي قراءة شعارات‬ ‫ثورة الشباب حتى نعلم أنها لم تكن سياسية فحسب بل ثورة روحية‪.‬‬‫ولأنها تجمع بين السياسي والروحي (بمعناه الديني والخلقي) فهي بالضرورة ذات‬ ‫مرجعية اسلامية ‪.‬‬ ‫لذلك فما اضيفه هو نقل هذه المضمرات إلى الوعي بها‪.‬‬‫وهذا هو المفهوم السليم للتعليم‪ :‬لا يفرض شيئا من خارج فطرة المتعلم ولا من خارج‬ ‫قيمه الروحية الكامنة فيه بل هو يساعد نقلتها إلى وعي صريح بها‪.‬‬ ‫وهو المعنى القرآني للتذكير والمعنى الأفلاطوني للمعرفة التذكر‪.‬‬ ‫ولو أخذنا شعارات شباب الثورة لوجدنا مطالب وتأسيس لإرادة الشباب الذي يطالب‪.‬‬ ‫والمطالب كما يعلم الجميع تقبل الرد إلى مفهومي الحرية والكرامة بكل معانيهما ‪.‬‬ ‫لكن الشباب يؤسسها على نسبتها إلى ارادة الشعب بإصلاح رؤية القدر‪.‬‬‫فإذا كان الشعب يريد فالمطالب ليس الشباب باسمه حصرا بل باسم الامة وإذا للإرادة‬ ‫أثر‪ .‬ومعنى ذلك أن الثورة ثورة على رؤية اتكالية في عمل التاريخ‪.‬‬ ‫لذلك كان بيتا الشابي شعارا لثورة الشباب ‪.‬‬‫إنهما قراءة تصحيحية لمفهوم القضاء الذي ساد بسبب الانحطاط والاستعمار‪ :‬فاعلية‬ ‫الجماعة التاريخية‪.‬‬‫والاستئناف مثل النشأة الأولى يكون ثمرة فاعلية الجماعة بسنة التغيير القرآنية فالله‬ ‫لا يغير ما بقوم إلا إذا غيروا ما بأنفسهم‪ :‬تلك هي الثورة‪.‬‬ ‫ولنختم بكلمة حول علاقة العرب بالأتراك ماضيا ومستقبلا ‪.‬‬‫ولنميز في الماضي بين حقيقة حدثه وصورته في حديثه وفي المستقبل بين صورة حديثة‬ ‫وحقيقة حدثه‪.‬‬ ‫‪86‬‬

‫فلا أحد اليوم ينكر أن العرب والأتراك مستهدفون‪ .‬وأن الاعداء في الاقليم‬ ‫ومساعديهم في العالم حتى وإن أبدوا في خطابهم تلميحا ففعلهم يجعله صريحا‪.‬‬‫وما يؤيد استهداف قابلية تحالفهما لتكوين جبهة إسلامية هو أن حرب إيران وروسيا‬ ‫وإسرائيل وأمريكا هو الفصل الجغرافي بينهما وتشويه تاريخ علاقتهما‪.‬‬‫لكن الحقيقة الموضوعية التي حاربها قوميو العرب سندا لهذا الهدف (وهم من بقايا‬ ‫الباطنية والصليبية) والمغرر بهم من يراد بهم تغطية المشروع غير‪.‬‬‫ويكفيني هنا ان أشير إلى حقيقة لا جدال فيها‪ :‬فمن دون الأتراك كانت الحروب‬ ‫الصليبية وحروب الاسترداد تنجح في القضاء على الإسلام في الإقليم‪.‬‬ ‫وسأكتفي بمثالين‪:‬‬ ‫فمن أخرج الاسبان من تونس؟‬ ‫ومن حمى الجزائر وليبيا ضد حروب الاسترداد؟‬ ‫وهل المماليك قادرين على مواصلة حماية قلب المشرق؟‬‫فأي عربي لا يحارب أساس دور العرب التاريخي وخاصة السنة منهم ناكر جميل عندما‬ ‫يتحالف مع الامبراطوريات الأربعة فيعتبر العثمانية خطرا على العرب‪.‬‬‫لو كان للعرب مشروع يستردون به دورهم في التاريخ لاعتبروا ذلك نموذجا ولكانوا هم‬ ‫الساعين لحلف عربي تركي دون خوف‪،‬‬ ‫وقد أفهم الأتراك لو خافوا‪.‬‬‫ذلك أن العرب السنة ‪-‬حتى بعد طرح الأقليات القومية والطائفية‪ -‬هم ضعف تركيا‬ ‫بشريا وأضعافها اقتصاديا وهم الأصل لو كان لهم طموح الرجال وعقلهم‪.‬‬‫لكن ماذا تفعل والنخب التي تتكلم باسم العرب ليس من العروبة إلا بما في القومية من‬ ‫عداء للإسلام وأغلب قياداتهم من بقايا الباطنية والصليبية‪.‬‬‫ولا عجب فابن خلدون فسر الفتنة الكبرى بتأثير القبائل العربية التي تربت على ذل‬ ‫المناذرة والغساسنة‪ .‬والفتنة الصغرى تفسر بتأثير أحفادهم بذل أكبر‪.‬‬ ‫‪87‬‬

‫يكفي فاختم ‪.‬‬‫فالقلب يكاد ينفجر عندما يدرك هول الانحطاطين‪ :‬فلنا اليوم داعشان أو نوعان من‬ ‫المليشيات بالقلم وبالسيف لتهديم الأمة ودورنا التاريخي‪.‬‬ ‫ولا بد من جملتين أخريين ‪:‬‬‫لما سقطت الخلافة أصبح رافضو تدجين المعارضات الإسلامية مضطرين للعبة الخلاف بين‬ ‫فروع الاستعمار الحاصل والممكن‪.‬‬‫وخلال بداية المقاومة وقبل سقوط الخلافة كانت الخلافة على ضعفها ملجأ للنخب التي‬ ‫كان فيها عرق مقاومة نابض‪ .‬ثم سدت الطريق لنجد خدعة الحامي‪.‬‬‫لكن اليوم لو لم تكن تركيا موجودة وهي على هذه الحال من العافية والإقدام بما حققته‬ ‫من انجازات نفخر بها جميعا لأنهى السيسي ما كلف به من مهام‪.‬‬‫وهذا الدور التركي يعد من الأسباب التي تجعل تركيا مستهدفة‪ .‬ومثلها قطر‪ :‬فلا تسمع‬ ‫من شبيحة القوميين في الوطن العربي عامة وفي تونس خاصة إلى هجاءهما الدائم‪.‬‬‫وكل من يحاول بيان حقيقة الوضع ويذكرهم بأن من يحتل بلادهم هي إيران وإسرائيل‬ ‫وفرنسا وأمريكا وليس تركيا ولا قطر قاسوه على أنفسهم‪ :‬مرتزقة‪.‬‬‫وإذا فشلت هذه التهمة ‪-‬بسبب علمهم بأني ولله الحمد في غنى عما يغريهم‪ -‬يذهبون‬ ‫إلى إلصاق تهمة تبييض الإرهاب فتبين دورهم فيه أداة وحيدة للحكم‪.‬‬‫ذلك أن الانظمة التي يدافعون عنها ويسمونها \"حلف المقاومة\" هي التي تصطنع جل‬ ‫الإرهاب مثل حماتهم لتحكم فبقاؤهم يضمنه من كانوا يدعون مقاومته‪.‬‬‫الآن صحصح الحق‪ .‬وذلك بفضل ثورة الشباب‪ :‬لم يعد لحزب الله ومن اختطفهم من‬ ‫مليشيات القلم القدرة على مواصلة الأكاذيب‪.‬‬ ‫الشعب كله تقيأه وقس عليه‪.‬‬ ‫‪88‬‬





‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook