مقاربة أبو يعرب المرزوقي لمفهوم العلمانيةمصطفى المسلكي
الحسيمة – المملكة المغربية في2017-03-20..1438-06-21
مقاربة أبو يعرب المرزوقي لمفهوم العلمانية1..........................تمهيد1..........................................................:مقاربة أبي يعرب لفكرة العلمانية2..............................:تجربة العلمانية في التاريخ الغربي3..............................العلمانية كمعضلة للحركات العلمانية والإسلامية على حد سواء 5.تمظهرات الإشكالية في فكر الحركات العلمانية 5...............تمظهرات الإشكالية في فكر الحركات الإسلامية 7..............خاتمة10 ........................................................
بداية أود أن أبدي ملاحظة منهجية عامة حول كتابات أبي يعرب فهي تجعل العلاج الفلسفي وأدواته موضوع دراسة هي ذاتها، ▪ مرات في شكل أبحاث مستقلة ▪ ومرات أخرى مبثوثة في دراسات متنوعة ومختلفة،فعلى سبيل المثال تصبح نظرية المعرفة والمنطق موضوعا للبحث أو التعليق كلما استوجب سياق علاج الموضوعات ذلك،فيتساوق في نفس الوقت إدراكك لعمل الفكر وطبيعته ونتائجه في موضوع دراسة بعينها،وتكون منذ الوهلة الأولى وانت تتعرف على أطروحته ب ّين الرؤية تجاه فلسفة الوصل بين الأصول والفروع بالتعبير الفقهي.حيث تحيطك الأطروحة إذا ما تقيدنا بالمثالين أقصد نظرية المعرفة والمنطق بتطورهما وأهم منعرجاتهما في تاريخ الفكر، فيأخذ المشهد شكل صورة بانورامية يسهل معها التعرف على ▪ أين وقع النكوص والتعثر ▪ وأين وقع التقدم والتجاوز (المدرسة الفلسفية النقدية العربية)،إذ يعيدك أبو يعرب المرزوقي أكثر من مرة إلى هذا الأساس الفلسفي قبل أن يتابع التحليل في موضوع بعينه،وهذا النموذج حاضر سواء كان الموضوع الذي يتناوله خاص بالفلسفة النظرية أو خاص بالفلسفة العملية.أمر آخر يتعلق بقدرة الأطروحة بافتكاك القارئ مما قد يبدو لأولوهلة تعقيدا وما هو إلا بسط (أو تبسيط) لنموذج رياضي أو نظرية تجعلكمع تتالي القراءات والغوص تدرك أهميتها في التجاوز وحاجتك لها في فهم 10 1
موضوع البحث ،بل ومد النظر على أوسع نطاق في المجال الذي تحتله أطروحة أبي يعرب فتتمكن من الحركة فيه والاستدارة بحرية أكبر.فنظريات من قبيل نظرية الزمن المخمس ونظرية الأحياز ونظرية فعلالرمز (الكلمة) ورمز الفعل (العملة) ونظرية مقومات الوجود الإنسانيونظرية المعادلة الوجودية على سبيل المثال كلها تفك عقد موضوعاتهاوتفتك القارئ مع قليل من الصبر وعدم العجلة في الحكم من فوضى التعريفات ولا تناهي التأويلات.ليس هناك موضوع لقي اهتمام أبي يعرب المرزوقي يمكن عزله عن هذه الخلفية،ولذلك ارتأيت أن أمهد بها ونحن نتناول موضوع العلمانية لدى أبي يعرب.وما ذكرناه سابقا ينطبق على مقاربة أبي يعرب لفكرة العلمانية تصورا وممارسة،فهي أي المقاربة ترسم أفق أوسع تخرجها من الخصومة السائدة بينتحديث مغشوش وتأصيل مغشوش أو كريكاتوري الحداثة والأصالة بتعبيري أبي يعرب.وهذا الأفق مبني على وحدة الفكر الديني والفلسفي حينما لا يختزلانفي خصوصية معينة تعمق الخصومة ولا تتيح النفاذ إلى البنى الواحدة فيالعمران البشري والاجتماع الإنساني وتجعل من خصوصيات الحضارات فوارق جوهرية تلغي الكوني.بهذا المعنى يتقدمها إشكالية العلمانية تحديد طبيعة الفكر والعمل الدينيين والفلسفيين حينما يتصوران على طرفي نقيض،وعلى هذا المستوى لا تكون المعركة بحسب أبي يعرب \"بين الغرب والشرقولا بين الفلسفة والدين ولا حتى بين الحداثة والأصالة بل هي بين انحطاطين يتغاذيان لقتل معاني الإنسانية وقيمها\". 10 2
حينما تغيب مساحة المشترك الذي هو الوعي بمنزلة الكلي والكوني فيجل التجارب الإنسانية تتحول المعركة إلى نفي الآخر ،فتخوض الحركاتالعلمانية حربها على الدين وتخوض الحركات الأصلانية حربها على العقل لسوء فهم العلاقة التي تصل الفلسفة بالدين والدين بالفلسفة،وهنا يقطن الماوراء الذي يمد الخصومة بذخيرة الجدل العقيم الذي ينفي فيه الواحد الآخر.تشتهر أطروحة أبي يعرب بالموازنة بين الفكر الغربي والفكر الإسلامي قديما وحديثا، لا بد بالتالي من رصد تناوله لإشكالية العلمانية في سياقها الغربي، وهي التي كان لها تأثير في شكل العلمانية عندنا،فصلة الديني بالدنيوي إشكال واحد في كل الحضارات ولا يختلف إلا شكلا من حيث الهندام الذي تضعه كل حضارة على جوهر مضمونها،إذ ليست هناك تجربة إنسانية خالية من الدين ولا أخرى خالية من الدنيا ،فالمقابلة بين شرق روحاني وغرب مادي يرفضها أبو يعرب. وهو يمدنا بالملاحظة التاليةما حصل عندنا في بداية اللقاء بالثقافة اليونانية من رفض علماءالكلام والفقهاء للفلسفة ،جعل النقد الذي وجه إلى الفلسفة لم يؤد إلى تحريرها من الانحراف بل إلى نفي الأمر المنقود،ويناظر هذه التجربة عندنا ما وقع في الغرب مع بداية النهضة منرفض للدين خاصة مع العلمانية اليعقوبية والمناخ الذي ساد الثورةالفرنسية في حربها على الكنيسة ردا على الكاثوليكية فآل الامر بدوره إلى نفي الدين وليس تحريفه. وهنا لا بأس من التذكير 10 3
بأن رفض \"علمائنا\" وفقهائنا للفلسفة أدى إلى تصحير العلوم وعدمانبجاس التوليفة المطلوبة بين علوم الطبيعة وعلوم الإنسان ذات المرجعية القرآنيةوأن رفض الغرب للدين أدى إلى نفي ما يتعالى على السياسي \"فتمكفل\" حيث بلغ قمة الإنفلات من القيم وهو ما نعيشه في وضع العولمة فالسلاح والتقنية للدمار أكثر من الإعمار.وقبل ان ننتقل إلى تحديد آخر لمفهوم العلمانية أكثر مرونة ،تجدر الإشارة إلى الملاحظة التي يكررها أبو يعرب في أكثر من مناسبةالكنيسة كانت تتهم كبار فلاسفة الإستنارة وأدبائها بالمحمدية ذلك أنهاتعلم أن رفضهم للوساطة الروحية أو الكنسية والحق الإلهي في الحكم أو الوساطة السياسية يقربهم إلى الإسلام،كما أن شيطنة الدنيوي في الثيولوجيا المسيحية مع إعادة الإعتبار لهفي أعمال هؤلاء الأدباء والشعراء والفلاسفة كان المميز الأساسي لهذه التهمة، ومن هنا ينشأ المفهوم الإيجابي للعلمانيةويطلق عليه أبو يعرب العلمانية المؤمنة التي هي رفض للتحريف ودفاعا عن الحرية الدينية والحرية السياسية،وقد لا نبالغ في التأويل إذا قلنا بميلاد توجه جديد وهو المقصود من مفهوم أبي يعرب للعلمانية المؤمنةهذا المفهوم يضمن على عكس العلمانيات المتطرفة القائمة على إحجام دور الدين ووظائفه يضمن له ولوج الحياة العامةفهذا الطوق المضروب على الدين غير ممكن وهش بالنظر إلى تخلي الدولة نفسها عن وظائفها لصالح المجتمع،كما أن التفاعل بين الأخلاق والقانون أفضل في منظور الدين من أي منظور آخر 10 4
فما هو واجب مدنيا واجب شرعياوعندها يكون المحفز أكبر سواء كان النشاط سياسيا محضا أو اجتماعيا محضا وخاصة إذا وازى كل هذا التحول فكر إسلامي مستنير.تبدو العلمانية بهذا المفهوم عسيرة الهضم لكن هذا الذي حصل في بداية النهضة فوقع النكوص بعد ذلك.سبقت الإشارة إلى أن احتدام الصراع بين الكنيسة وخصومها في السياق الغربي انجر عنه منظور متطرف تأسست عليه العلمانية، فمن نفي للكنسية انتقل الأمر إلى نفي الدين، وهذا حال العلمانية اليعقوبية وبالتحديد العلمانية الفرنسية،لكن نظيرتيها من العلمانية الغربية الألمانية والإنجليزية على سبيلالمثال ،تمكنتا من تحديد صيغة للتعايش مبنية على الاعتراف للمؤسسةالدينية بوظيفتها \"بعد أن أبعدتها عن الحكم والتمييز بين الناس علىأساس مذاهبهم ،وجعلت التعامل معهم باعتبارهم مواطنين متساوين أمام القانون والفرص\".بهذا المعنى يمكن القول ان العلمانية في شكلها الثاني كانت محاولة في فهم الدين وإدارة مجال التداخل والصراع بين الطرفين بشكل أفضل،وقد خفض هذا الشكل منسوب العداء بين الجانبين مضمرا اعترافهما ببعضهما وقد حررهما من إبقاء منطق نفي الآخر مفتوحا،هذا الجنس من الاعتراف لم يحصل بعد في تجربة العلمانية العربية بل إن تصرفاتها عكست عقلية الكنيسة في كثير من الاحيانفأصبحت تتدخل في نوع الخطاب الديني والمقررات الدراسية ومواد الاعلام وغير ذلك من الأمور. 10 5
كانت الحصيلة فشل العلمانية العربية في فهم الصراع الذي جرى في الغرب ،ومرده حسب أبي يعرب المرزوقي▪ إلى التأثير القوي للإستعمار الفرنسي في النخب العربية وبالتالي إلى استيراد أسوأ نموذج، ▪ وإلى علة ثانية أعمق هي قياس الإسلام على المسيحية.غياب البحث في الفروقات بين العلمانيات أدى إلى هيمنة نموذج واحد، وغياب البحث في الفروقات بين الأديان أدى إلى سوء فهم الإسلام فحصل سوء فهم العلمانية والدين معا،تمت مطابقة الاسلام الذي تقبل دولته تعدد الأديان والشرائع بالكنسية المسيحية فكانت المواجهة شاملة. ولأبي يعرب محاولة في فهم التناقض الكامن في العلمانية العربية:فهي بالإضافة إلى عدم إدراكها طبيعة العلاقة اللامباشرة للدينيبالسياسي تزعم بأن تصور الفصل بين المجالين يقتضيه التقابل بين طبيعة الديني المقدسة والتغير الذي يطال المجال السياسي، وهذا لا يعدو أن يكون إلا تبرير،فالقول به \"تقية يراد بها عدم مصادمة الدين مصادمة مباشرة وهودليل على عدم فهم طبيعة الديني والسياسي والعلاقة بينهما فضلا عن عدم فهم العلاقة بين التاريخي والمتعالي عليه\".وينكشف التناقض أكثر حول طبيعة تنزيل المفهوم في المجال السياسي العربي،حين يضع العلمانية العربية وأحزابها أمام مفارقات عدة تساءل نوعالمعارك التي تخوضها والإصطفافات التي تنهجها بعيدا حتى عن أي تناول فلسفي للإشكالية،ويفتضح الأمر أمام هذا النص الدقيق الذي يتناول مصدر شرعيةالدولة والتي لا يمكن تصورها خارج الارادة الشعبية فوبيا العلمانية العربية، 10 6
وفي هذا يقول أبو يعرب المرزوقي: \"فهم يزعمون تأسيس الحكم من دون قيم روحية متعالية. ثم يرفضون المصدر الوحيد المتبقي للشرعية أعني الإجماع الشعبي.ولو كانوا يعتقدون حقا أن الشعب هو أصل الشرعية البديل من الشرعيةالدينية بسبب عدم إسنادهم السياسي إلى الديني لبات من الواجب أنيسلموا بأن الشعب هو المصدر الأول والأخير للسلطة والتشريع ومن ثم فمنحقه إذا أراد أن يختار تطبيق الشريعة كما من حقهم أن يجادلوا في ذلك.ولما كان خيار تطبيق الشريعة المنزلة وخيار عدم تطبيقها متقدمين علىتطبيقها وعدم تطبيقها فإن الفصل بينهما لا يمكن أن يكون إلا خيارا ديموقراطيا أو إستبداديا. وخيار الشعب هو الديموقراطي وخيارهم هو الإستبدادي حتما.والشعب يختار ديمقراطيا أن يكون تشريعه شرعيا فيكون فعله ديموقراطيا وشرعيا في الوقت نفسه.ذلك أن الشريعة الإسلامية نسبت العصمة بعد ختم الوحي إلى إجماع الأمة حصرا.ولو فرضنا الأمة أجمعت على غير ذلك لكان ذلك يعني أنها لم تبقمسلمة ،إذ معنى كونها مسلمة هو إيمانها بأنه لا مشرع إلا الله أو من خولهالله حق التشريع أعني إجماع الأمة بعد ختم الوحي وأنها تشرع لأن الله شرع لها حق التشريع الذي هذا جنسه\".وتمظهرات الإشكالية في فكر الحركات الإسلامية لا تختلف كثيرا عن نظيراتها العلمانية،فكلتاهما تعبران عن سوء فهم للمرجع الذي تصدران منه ومرجع الطرف الآخر، 10 7
وذلك في حالة تقابل يعرض فيها طرفي الصراع كل أشكال العوائق التيلا تسمح بقيام حوار جدي حول الإشكالية يساعد على علاج القضايا العملية التي تترتب عنها.إذ كيف يمكن للحركات الاسلامية أن تعادي العلمانية إذا كان الإسلام نفسه \"علمانيا\" يقول بنوع من الفصل بين الديني والسياسي، فحتى لو كان مصدر التشريع ديني فإن ممارسة الحكم مدنية،الحاكم ينتخب ويعزل بإرادة الأمة ولا تضعه في الحكم أي مؤسسة دينية،وهذا المصدر المتعالي على الدولة والمجتمع إذ يبدو صريحا في أي مرجعية دينية نصية هو الذي يؤل التأويل الخطأ ▪ إما بالفصل التام تحت ذريعة حماية الدين من التدنيس ▪ أو الوصل التام تحت ذريعة تحكيم شرع الله. فهذه الحركات – أي الاسلامية -بحسب أبي يعرب\"جعلت العلاقة بين الديني والسياسي علاقة مباشرة فأهملت الوسائط بين فاعلية الديني وفاعلية السياسي.وتلك هي العلة التي جعلت أصحاب العلم الديني المزعوم يريدون أن يكونوا في آن أصحاب العمل السياسي المزعوم سلما أو حربا: تصوروا أنفسهم في غنى عن الوساطة لزعمهم أنهم ورثة الأنبياء\".وكثيرا ما نلحظ في السلوك السياسي للحركات الاسلامية هذه الخلفيةفكون مجرد الصدور عن المرجعية الدينية يعني الأهلية واستحقاقالحكم والبقاء فيه أمر مضلل كلفها حروبا مجانية ،وأعفاها عن فهمالوسائط والفعاليات التي يتدرج عبرها العمل السياسي ليصعد من قاعدة الهرم إلى قمته،وهذا الأمر ناتج حسب أبي يعرب عن سوء فهم للفلسفة التشريع كقاعدة خلفية في بناء المجتمع والدولة معا إذ يقول: 10 8
\" المشرع في كل نظام دينيا كان أو مدنيا ليس الفقيه الشرعي أو الفقيهالوضعي من حيث هو عالم بالفقه شرعيا كان أو وضعيا بل هو الشخصالذي اختارته الأمة بآليات ينبغي تحديدها لكي يكون له حق التشريع باسمها إلى حين.الفقهاء بنوعيهم لا يتجاوز دورهم دور الاستشارة الفنية تماما كمايحصل بالنسبة إلى أساتذة القانون الذين يشيرون على المشرعين في مجالس النواب في كل بقاع الدنيا. كذلك كان سلوك الخلفاء الراشدين.فقد كانت شرعية التشريع لهم بمقتضي كونهم خلفاء إما بالبيعة أو بالتعيين. وهم يستمدون حق التشريع من هذا الأمر وليس من العلم بالفقه. ويستشيرون كل من عرف عنه فقه في مجال ما عند الحاجة إليه.لست أدري كيف انتقل دور الفقيه من السلطة القضائية تطبيقا للقانونأو اجتهادا في نظرياته إلى السلطة التشـــريعية وضعا للقانون وفرضا للخضوع إليه؟\".رجل السياسة معني بتحقيق قيم الشرع عبر أفضل السبلوالاستراتيجيات المطلوبة لذلك ،وهو لا ينخرط في الجدل القائم حول العقائد والشرائع،هذا النوع من الصراع يجري في حيز آخر هو المجتمع المدني يحسمه بطرقه،دور السياسي أن يحفظ تكافؤ الفرص ومساواة الجميع أمام القانون وتحقيق العدل والكرامة للجميع،جر هذا الصراع إلى المجال السياسي يقلب أولوياته ويأجج الحرب بين العلمانيين والاسلاميين،لذلك فكلما تم تحييد هذا المجال ظهرت إمكانية اللقاء والتعاون بين الطرفين. 10 9
حاولت في هذه المقالة حصر لأهم العناصر التي تفد على الإشكالية معالإقرار بأن الموضوعة متشعبة وكثيفة تجعل أي محاولة التقاطها عسيرة وتتسم بالنقصانويمكن تجاوز النقصان بإعادة قراءة الموضوع كلما استجدت أسئلة حولهونمى معها الجهاز العلمي الذي يمكن من النفاذ إلى ما لم ير في سابقاتها من القراءات،النقاش وهو يجري حول هذه الموضوعة ينشئ في ذات الوقت فكرة حولالصلح الممكن بين الحضارة الاسلامية والحضارة الغربية عامة وبين الاسلاميين والعلمانيينوهذا هو المدخل الذي يمكن أن يعيدنا إلى هذا الموضوع مرة أخرى لتعميق الفهم أكثر. 10 10
10
Search
Read the Text Version
- 1 - 18
Pages: