ما الذي جعل المصالحة ينقلب شرطها من تبرؤ أهل النظام السابق من افكارهم وأفعالهم إلى تبرؤ من اضطهدوهم مما اضطهدوا من أجله فكرا وأفعالا؟ كنت أتصور أن الثورة تجب ما قبلها بالنسبة إلى من ينضم إلى صفها فيعمل بقيمها ومشروعها وليس العكس فتصبح جابة لما بعدها بتعميم ما تقدم عليها. سمعت بعض ذوي الألسن (بلغة الفارابي) - وبصراحة تكاد تلامس النزعة الكلبية - يعللون هذا المفهوم الثاني بالفصل بين الظرفية وسلوك المشاركين فيها. وترجمة ذلك بوضوح تعني أن من أجرم هو الظرفية البورقيبية والابن علوية وليس أركان "الدولة" الذين بهم تمكن بورقيبة وابن علي أن يوجدوهما. وتعتمد هذه الفكرة على مسلمات كلها ترد إلى تزييف حقائق لا يجهلها أحد ممن يطلب الحقيقة دون تحزب مشين: هل مشروع ابن علي من جنس مشروع بورقيبة؟
Like this book? You can publish your book online for free in a few
minutes!