Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore fd-history-booklet-ar (2)

fd-history-booklet-ar (2)

Published by Maryam Ahmed, 2022-03-01 09:14:16

Description: fd-history-booklet-ar (2)

Search

Read the Text Version

1

‫هذا الكتاب من إعداد دارة الملك عبدالعزيز‬ ‫جميع الحقوق محفوظة‬ ‫مسودة‬

‫مسودة‬

‫خادم الحرمين الشريفين‬ ‫الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود‬ ‫ملك المملكة العربية السعودية‬

‫صاحب السمو الملكي‬ ‫الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود‬ ‫ولي العهد‪ ،‬نائب رئيس مجلس الوزراء‪ ،‬وزير الدفاع‬

‫مسودة‬

‫المملكة العربية السعوديةمسودة‬

‫أﺋﻤﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻷوﻟﻰ‬ ‫اﻹﻣﺎم‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮد‬ ‫‪١١٧٩ -١١٣٩‬ﻫـ | ‪١٧٦٥-١٧٢٧‬م‬ ‫اﻹﻣﺎم‬ ‫ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫‪١٢١٨ -١١٧٩‬ﻫـ | ‪١٨٠٣ -١٧٦٥‬م‬ ‫اﻹﻣﺎم‬ ‫ﺳﻌﻮد ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ‬ ‫‪١٢٢٩ -١٢١٨‬ﻫـ | ‪١٨١٤ -١٨٠٣‬م‬ ‫اﻹﻣﺎم‬ ‫ﻋﺒﺪاﷲ ﺑﻦ ﺳﻌﻮد‬ ‫‪١٢٣٣-١٢٢٩‬ﻫـ | ‪١٨١٨ -١٨١٤‬م‬

‫المحتويات‬ ‫الأمرالملكي ‪10 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫لماذا يوم التأسيس؟ ‪11 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫شعار يوم التأسيس ‪12 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫أرض التأسيس ‪19 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫جذور التأسيس ‪23 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫الدرعية ‪26 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫المؤسس الإمام محمد بن سعود ‪36 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫مجتمع التأسيس ‪45 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫ثقافة التأسيس ‪49 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫التأسيس في كلمات الملوك وولي العهد ‪54 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫الأمر الملكي‬ ‫الرقم‪ :‬أ‪371/‬‬ ‫‪1443/6/24‬ه (‪2022/1/27‬م)‬ ‫بعون الله تعالى‬ ‫نحن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود‬ ‫ملك المملكة العربية السعودية‬ ‫بعد الاطلاع على النظام الأساسي للحكم‪ ،‬الصادر بالأمر الملكي رقم (أ‪ )90/‬بتاريخ ‪1412/8/27‬هـ‪.‬‬ ‫واعتـــزازاً بالجذور الراســـخة لهذه الدولـــة المباركـــة‪ ،‬وارتباط مواطنيهـــا الوثيق بقادتها منـــذ عهد الإمام محمد بن ســـعود‬ ‫قبـــل ثلاثة قرون‪ ،‬وبداية تأسيســـه في منتصف عـــام ‪1139‬ه (‪1727‬م) للدولة الســـعودية الأولى التي اســـتمرت إلى عام ‪1233‬ه‬ ‫(‪1818‬م)‪ ،‬وعاصمتهـــا الدرعيـــة ودســـتورها القـــرآن الكريم وســـنة رســـوله محمد ﷺ‪ ،‬وما أرســـته من الوحـــدة والأمن في‬ ‫الجزيـــرة العربيـــة‪ ،‬بعد قرون من التشـــتت والفرقة وعدم الاســـتقرار‪ ،‬وصمودها أمـــام محاولات القضـــاء عليها‪ ،‬إذ لم يمض‬ ‫ســـوى ســـبع ســـنوات على انتهائها حتى تمكـــن الإمام تركي بـــن عبدالله بـــن محمد بن ســـعود عـــام ‪1240‬ه (‪1824‬م)‪ ،‬من‬ ‫اســـتعادتها وتأســـيس الدولة الســـعودية الثانية التي اســـتمرت إلى عام ‪1309‬ه (‪1891‬م)‪ ،‬وبعد انتهائها بعشر سنوات‪ ،‬قيض الله‬ ‫الملـــك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل ســـعود عام ‪1319‬ه (‪1902‬م) ليؤســـس الدولة الســـعودية الثالثة ويوحدها باســـم‬ ‫المملكة العربية الســـعودية‪ ،‬وســـار أبنـــاؤه الملوك من بعـــده على نهجه في تعزيـــز بناء هذه الدولـــة ووحدتها‪.‬‬ ‫وبمـــا أن منتصف عـــام ‪1139‬ه الموافق لشـــهر فبراير من عـــام ‪1727‬م هو بدء عهد الإمام محمد بن ســـعود وتأسيســـه للدولة‬ ‫السعودية الأولى‪.‬‬ ‫أمرنا بما هو آت‪:‬‬ ‫أولاً‪ :‬يكون يوم (‪ 22‬فبراير) من كل عام يوماً لذكرى تأسيس الدولة السعودية‪ ،‬باسم (يوم التأسيس) ويصبح إجازة رسمية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬يبلغ أمرنا هذا للجهات المختصة لاعتماده وتنفيذه‪.‬‬ ‫سلمان بن عبد العزيز آل سعود‬ ‫‪10‬‬

‫لماذا يوم التأسيس؟‬ ‫مناسبة وطنية للاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية‪ ،‬واستذكار تأسيسها على يد الإمام محمد بن سعود منذ أكثر من‬ ‫ثلاثة قرون‪ ،‬وما حققته من الوحدة والأمن والاستقرار‪ ،‬واستمرارها في البناء والتوحيد والتنمية ‪.‬‬ ‫الدرعية‬ ‫توحد فيها الناس وازدهروا‬ ‫تأسست فيه الدولة السعودية‬ ‫العاصمة ومركز الدولة‬ ‫وانتشرت الثقافة والعلوم‬ ‫التي حققت الوحدة والاستقرار‬ ‫الدولة السعودية الثالثة‬ ‫الدولة‬ ‫مراحل الدولة السعودية‬ ‫المملكة العربية السعودية‬ ‫السعودية الثانية‬ ‫الدولة‬ ‫‪1319‬هـ | ‪1902‬م‬ ‫‪1240‬هـ | ‪1824‬م‬ ‫السعودية الأولى‬ ‫‪1309‬هـ | ‪1891‬م‬ ‫‪1139‬هـ | ‪1727‬م‬ ‫‪1233‬هـ | ‪1818‬م‬ ‫اليوم الوطني‬ ‫يوم التأسيس‬ ‫‪ 23‬سبتمبر‬ ‫‪ 22‬فبراير‬ ‫‪ ٢٢‬فبراير‬ ‫بدأ عهد الإمام محمد بن سعود بتوليه الحكم في الدرعية في النصف الثاني من عام ‪1139‬هـ و ُحدد ‪1139/6/30‬هـ‬ ‫(‪1727/2/22‬م) ليكون تاريخاً لبداية تأسيس الدولة السعودية‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫شعار يوم التأسيس‬ ‫الرمز‪ :‬العلم السعودي‪ ،‬والنخلة‪ ،‬والصقر‪ ،‬والخيل العربية‪ ،‬والسوق‪ ،‬خمسة عناصرجوهرية‬ ‫تعكس تناغماً تراثياً حياً‪ ،‬وأنماطاً مستمرة‪ ،‬هي رموز شعار يوم التأسيس‪.‬‬ ‫النص‪ :‬استلهم خط الشعار من نمط الخط التاريخي الذي كتبت به إحدى المخطوطات‬ ‫التاريخية التي تؤرخ أحداث الدولة السعودية الأولى‪.‬‬ ‫النخلة‬ ‫العلم السعودي‬ ‫الصقر‬ ‫الخيل العربية‬ ‫السوق‬ ‫‪12‬‬

‫النخلة في عصر الدولة السعودية الأولى‬ ‫عندما تتراءى لك شبه الجزيرة العربية لأول مرة وترى تلك النخيل السامقة في أرضها‬ ‫ستعلم يقيناً بأنك لم ت ِضل الطريق‪ ،‬ضربت النخلة جذورها في أرض الدولة السعودية‬ ‫واحتلت مكان ًة مرموقة استطاعت بها أن تكون جز ًء أساسيّاً من الهوية والثقافة والتراث‬ ‫السعودي وكذلك مصدراً من مصادر الدخل بما تنتجه من تمو ٍر بأنواع مختلفة‪.‬‬ ‫لم يقتصر عطاء النخلة على ثمرة التمر وسد رمق العيش فحسب‪ ،‬بل أمدت أجدادنا وآباءنا‬ ‫من سعفها وجريدها وجذوعها ليصنعوا كثيراً من المستلزمات الضرورية لمعيشتهم‪ ،‬كالمَ ْنسف‬ ‫والحصيرة والمهفة والسفرة والمبرد والزنابيل والسلال والقفاف (جمع قُفة) والأبواب‬ ‫والأقفال (المُجرا) وغيرها كثير‪ ،‬تلك هي النخلة الفارعة الطول والممتدة القامة والمتجذرة‬ ‫في غياهب الأرض المعطاءة والسخية‪.‬‬ ‫والتمور هي ثمرة النخلة وسيدة السفرة ومصدر الضيافة الرئيس في البيت السعودي‪ ،‬إذ لا‬ ‫يكاد يخلو بيت في وسط الجزيرة أو شمالها أو شرقها أو جنوبها أو غربها من تمرة الكرم‬ ‫ورمز العطاء‪ ،‬ويبقى الاختلاف في الأنواع المنتجة‪ ،‬إذ إن نخلة الشمال تنتج نوعاً لا تنتجه‬ ‫نخلة الشرق‪ ،‬ونخلة الوسط تنتج ما لا تنتجه نخلة الغرب‪ ،‬وهكذا فالنخلة كريمة متنوعة‬ ‫العطايا أينما حلت تُعطينا من الثمر أطيبه‪.‬‬ ‫في الدرعية ‪-‬حاضرة الدولة السعودية الأولى ومبتدأ أمجادها المتوالية‪ -‬تبهرنا النخلة‬ ‫بكرمها وسخائها وتعدد أنواعها‪ ،‬إذ نجد من التمور الخضري والمكفزي ونبتة سيف‪ ،‬وعندما‬ ‫نذهب شمال غرب الدرعية باتجاه القصيم نجد كرم نخيلها يساقط علينا أنواعاً من لذيذ‬ ‫ثمرها‪ ،‬كالرشودي وال َقطار المعروف بحلاوته ولذته حيث ورد ذكره في إحدى قصائد‬ ‫شاعر من القرن الثاني عشر في وص ٍف بديع‪:‬‬ ‫مني سلا ٍم عد مأمور الامطار من مزنة كنه شخانيب قـــــاره‬ ‫ألذ وأزين من مراطيب قطار لا جابه الخ َراف وسط الغضارة‬ ‫‪13‬‬

‫أما شرقاً فتشرق لنا الأحساء بتاريخها الممتد وبمزارع نخيلها الوارفة وبتمورها الشهية‪،‬‬ ‫وأشهرها تمر الخلاص الذي أصبح رمزاً من رموزها إلى يومنا الحاضر‪ ،‬ثم نذهب شمال ًا‬ ‫فتتراءى لنا الجوف بحلوتها التي تغنى بها الشعراء وكتب عنها الرحالة‪ ،‬حيث تغنى بها‬ ‫أحد الشعراء قائلاً‪:‬‬ ‫لي جالك اللي يشتهون التعاليــل من حلوة الجوف نقلط قدوعه‬ ‫حلوة هل الجوف نماها هو الكي يطرب نماها في عوالي فروعه‬ ‫أحلى من الشهد المصفى محاليل لا ذاقهــا الجيعان يضيع جوعه‬ ‫أما إذا توجهنا إلى الغرب اتجاه مدينة رسول الله ﷺ المدينة المنورة نجد النخيل الباسق‬ ‫الذي شهد قصصاً شتى على مر التاريخ ينتج لنا تمرة أطعم منها رسولنا الكريم وهي‬ ‫العجوة‪ ،‬حيث يروي الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ‬ ‫أنه قال‪\" :‬من تصبح سبع تمرا ٍت عجوة لم يضره ذلك اليوم س ٌّم ولا سحر\"‪.‬‬ ‫ولجني التمر آنذاك قصص تُروى وترتبط بما يسمى موسم القيظ وهو شدة الحر‪ ،‬ولذلك‬ ‫ا ُشتق منها اسم المقياظ وهو الموسم المتعارف عليه لجني التمور من النخل‪ ،‬بل هو موسم‬ ‫جني كثير من المحصولات الزراعية في منطقة نجد‪ ،‬ومن أهمها نخيل التمور‪ ،‬وقد ارتبط‬ ‫هذا الموسم بالتفاعل الاجتماعي والنشاط الاقتصادي الدائب‪ .‬وسمي القيظ لوقوعه في‬ ‫أيام موسم الحر الشديد \"من الأول من شهر أغسطس حتى الخامس عشر من شهر‬ ‫سبتمبر\"‪ .‬ولذلك يسمى شهر يوليو \"ط َّباخ اللون أو ط َّباخ التمر\" وذلك لشدة الحر فيه إذ‬ ‫تصطبغ فيه التمور باللونين الأصفر أو الأحمر حسب أنواعها‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫الخيل في عصر الدولة السعودية الأولى‬ ‫الخيل والعربي في صحراء الجزيرة العربية‪ ،‬علاقة ذات جذور عميقة منذ القدم؛ حيث‬ ‫المهد الأول للخيل في الجزيرة العربية كما أثبتت الاكتشافات الأثرية الحديثة بالمملكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬وعلى أراضيها استؤنست الخيول لأول مرة في تاريخ العالم‪ ،‬ويعود ذلك‬ ‫إلى ‪ 9‬آلاف عام مضت من تاريخ البشرية‪.‬‬ ‫ارتبطت الخيول العربية بالأصالة منذ القدم‪ ،‬وكان أول من ركب الخيل قبل الإسلام‬ ‫من العرب‪ ،‬هو سيدنا إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام‪ .‬وبعد الإسلام وردت‬ ‫في الخيل أحاديث نبوية تعزز من مكانتها فـ\" الخي ُل َمعقو ٌد في نواصيها الخي ُر إلى يو ِم‬ ‫القيام ِة‪ ،‬وأهلُها ُمعانون عليها‪ ،‬والمن ِف ُق عليها كالباس ِط ي َده بالصدق ِة\"‪ ،‬فزادت العلاقة ما‬ ‫بين العربي والخيل إلى حد أن أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأن ين ّقي صاحب الخيل‬ ‫الشعير لها‪.‬‬ ‫وقد ارتبط حضور الخيل والفروسية بتاريخ الجزيرة العربية‪ ،‬وخلّد المؤرخون والشعراء‬ ‫أسماءها وسلالاتها وفرسانها وأوصافها وأفعالها‪ ،‬ولم تنفك عن الذكر منذ تأسيس الدولة‬ ‫السعودية الأولى حتى وقتنا الحاضر‪ ،‬حيث حرص الأئمة على اقتناء نجائب الخيل واحتكار‬ ‫بعض أنواعها‪ ،‬وهو ما أعطاها قيمة معنوية ومادية أكثر من ذي قبل‪ ،‬ويذكر ابن بشر في‬ ‫كتابه \"عنوان المجد في تاريخ نجد\"‪\" :‬أن الامام سعود بن عبدالعزيز كان يملك في مرابطه‬ ‫ألفاً وأربعمئة فرس‪ ،‬هذا غير الذي يملكه أبناؤه وأتباعه\"‪.‬‬ ‫وكان لاهتمام أئمة الدولة السعودية الأولى بمرابط الخيل والخيول العربية الأصيلة‬ ‫وعنايتهم بها دور في إنقاذها وتكاثرها في المنطقة‪ .‬كما انتشر كثير من المرابط لدى‬ ‫القبائل والأسر الكبيرة في أنحاء البلاد السعودية‪ ،‬لتسهم في تحسين سلالات الخيول‬ ‫العربية الأصيلة وحفظها في الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫وقد كان الإمام سعود بن عبدالعزيز عظيم الاهتمام بأصايل الخيل‪ ،‬وكان يمتلك أفضل‬ ‫المِهار العربية‪ ،‬ومنها ألف وأربعمئة فرس‪ ،‬منها ستمئة فرس يركبها رجال انتقاهم من‬ ‫شجعان البوادي‪ .‬وكان ينفق على الخيل الغالي والنفيس‪ ،‬وقد اشترى أكثرها بأثمان باهظة‬ ‫جداً‪ُ ،‬ع ِرف عنه أنه دفع مبل ًغا يساوي خمسمئة وخمسين أو ستمئة جنيه إسترليني ثم ًنا‬ ‫لفرس واحدة‪ .‬وكان يبقي منها ثلاثمئة أو أربعمئة في الدرعية دائمًا‪ ،‬وبقيتها في منطقة‬ ‫الأحساء‪ ،‬لوجود الأعلاف المناسبة لها‪ .‬وكان لديه فرس مفضلة اسمها (كريعة) يركبها دائمًا‬ ‫في حملاته العسكرية حتى أصبحت مشهورة في جزيرة العرب كلها‪ .‬وقد سمح الإمام سعود‬ ‫لكل واحد من أبنائه باتخاذ حاشية تتكون من ‪ 150‬خيّال ًا وكان لدى عبدالله في حياة أبيه‬ ‫نحو ‪ 300‬خيال‪.‬‬ ‫الصقارة في عصر الدولة السعودية الأولى‬ ‫تعد رياضة الصيد بالصقور من الرياضات والهوايات الشهيرة في مجتمع الجزيرة‪،‬‬ ‫العربية وهي إحدى أصناف علم \"البيزرة \" المعروف في تراثنا العربي‪ .‬وقد ط ّوع الإنسان‬ ‫الجوارح من أجل الصيد الذي كان لسببين‪ :‬الأول من أجل أن يجد لقمة عيشه‪ ،‬والآخر‬ ‫ترفيهي لقضاء وقت ممتع‪ .‬وارتبط الصيد بالعرب منذ القدم‪ ،‬وقد كان ينظر لرياضة‬ ‫الصيد بالصقور على أنها رياضة للملوك والزعماء والأعيان‪ ،‬وتحدث الرحالة الأجانب‬ ‫في زيارتهم لمناطق الجزيرة العربية عن هذه الرياضة‪ .‬وقد كان أفضل أنواع الصقور‬ ‫التي كان لها شعبية كبيرة الحر والشاهين والوكري‪ .‬وكل أنواع الصقور تأتي مهاجرة إلى‬ ‫الجزيرة العربية حيث تصاد فيها أو يؤتى بها مستوردة من مواطنها الأصلية‪ ،‬وذلك فيما‬ ‫عدا الوكري وشاهين الجبل المتوطنة في الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫إبان فترة الدولة السعودية الأولى‪ ،‬كانت الصقور من الهدايا التي تهدى بين شيوخ القبائل‬ ‫رمزاً للصلح في حال الخلافات بينهم‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫كما اشتهرت بعض القبائل بالصيد بالصقور‪ ،‬وقد تحدثت المصادر عن اهتمامهم بهذه‬ ‫الرياضة وشغفهم الكبير بصيد طير الحبارى‪ .‬وهذا الطير من الطيور المهاجرة التي تأتي‬ ‫إلى الجزيرة العربية من أواسط آسيا إلى منطقة الخليج العربي فيتمركز وجودها في شمال‬ ‫شرق الجزيرة العربية وشرقها حتى أطراف الربع الخالي‪.‬‬ ‫السوق في عصر الدولة السعودية الأولى‬ ‫السوق دكاكين أو موائد مبسوطة على الأرض‪ ،‬تُع َرض عليها البضائع‪ ،‬ولا تزال مثل هذه‬ ‫الأسواق تُقام إلى يومنا هذا في ال ُقرى‪ ،‬أو في الأرياف‪ .‬ومن هذه الأسواق ما يَنعقد كل‬ ‫أسبوع‪ ،‬ومنها ما لا ينعقد إلا مر ًة في الشهر‪ ،‬أو مر ًة في السنة‪ ،‬ومنها ما ينعقد مرة في‬ ‫بضعِ سنين‪ ،‬وقد شهدت الدولة السعودية الأولى في عهد أئمتها أوج اتساعها الجغرافي‬ ‫والسياسي‪ ،‬وبلغت أقصى قوتها ومجدها‪ ،‬وتعددت مصادر الدخل وثروات سكان مركز‬ ‫الدولة في الدرعية‪ ،‬وانعكس ذلك على الأسواق التجارية‪ ،‬والقصور السكنية‪ ،‬والرقعة‬ ‫الزراعية‪ ،‬وتوافد ذوي الخبرات والصناعات من داخل الدولة وخارجها إلى الدرعية‪ ،‬ونتج‬ ‫عن ذلك تمتع الناس في الدرعية بحياة اقتصادية جيدة‪.‬‬ ‫كان كثير من مواطني الدولة السعودية الأولى يعملون في مهنة التجارة التي تمثل مور ًدا‬ ‫أساس ًيّا لأهل البلدة إلى جانب الزراعة والفلاحة‪ ،‬وكان نمط أسواق الدولة السعودية‬ ‫الأولى على شكل دكاكين تصطف في الشوارع الواسعة بجوار القصر والمسجد‪ ،‬حيث تتسع‬ ‫للمتسوقين وبضائعهم ودواب النقل التي ترد إلى السوق لنقل البضائع أو لعرضها للبيع‪.‬‬ ‫هذه الأسواق كانت تسمى المَو ِسم‪ ،‬وهي لهجة محلية تعني موضع البيع والشراء‪ ،‬ولا تعني‬ ‫المواسم المؤقتة للبيع‪ ،‬بل هي دكاكين دائمة مملوءة بالبضائع‪ ،‬يزدحم بينها المتسوقون‬ ‫والمارون بها‪ .‬واشتهرت الدولة السعودية الأولى بأسواقها العامرة‪ ،‬في نجد والحجاز وتهامة‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫ال َع َلم في عصر الدولة السعودية الأولى‬ ‫العلَم رمز للوحدة والانتماء والوطنية‪ ،‬وترفع الأعلام في المعارك لرفع روح الوطنية والانتماء‬ ‫للمحاربين‪ ،‬كما أنها ترفع في الدور الحكومية والمناسبات‪.‬‬ ‫للعلم عدة أسماء منها‪ :‬الراية‪ ،‬واللواء‪ ،‬والبيرق‪.‬‬ ‫العلم السعودي الحالي ما هو سوى امتداد لعلم الدولة السعودية الأولى‪ ،‬وقد مر العلم‬ ‫السعودي بعدة مراحل حتى وصوله إلى شكله الحالي‪ ،‬وكانت أول تلك المراحل في عهد‬ ‫المؤسس الإمام محمد بن سعود‪ ،‬وكان علماً أخضر مشغولاً من الخز والإبريسم‪ ،‬ويكون‬ ‫جزؤه القريب من الحامل أبيض‪ ،‬واللون الأخضر يرمز إلى النماء والعطاء والرخاء‪،‬‬ ‫وتتوسطه كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)‪ ،‬وقد استمر هذا العلم حتى‬ ‫الدولة السعودية الثانية‪.‬‬ ‫في عهد الملك عبدالعزيز ‪-‬رحمه الله‪ -‬اتخذ علم الدولة السعودية الأولى مع إضافة سيف‬ ‫تحت كلمة (لا إله إلا الله)‪ .‬واعتمد شكل العلم السعودي وهو علم أخضر مع كتابة كلمة‬ ‫التوحيد باللون الأبيض متوسطة العلم وفي أسفله السيف المسلول الذي يرمز للقوة موازياً‬ ‫لكلمة التوحيد‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫أرض عاصمة التأسيس‬ ‫تقــع الدرعيــة عاصمــة الدولــة الســعودية الأولى في وســط الجزيــرة العربيــة‪ ،‬وتحديــداً‬ ‫فـي إقليـم اليمامـة الـذي يحتـل مسـاحة كبيـرة مـن الجزيـرة العربيـة‪ ،‬حيـث يبلـغ طولـه مـن‬ ‫الشـمال إلـى الجنـوب مـا يزيـد علـى ‪ 1000‬كـم وعرضـه ‪ 500‬كـم‪ ،‬وتتوسـطه سلسـلة جبـال‬ ‫طويـق الشـهيرة التـى تغنـى بهـا الشـعراء‪.‬‬ ‫وتشـمل اليمامـة عـدداً مـن الأقاليم من أشـهرها \"العـارض\" و\"الوشـم\" و\"سـدير\" و\"الفرع\"‬ ‫و\"الأفـاج\" و\"وادي الدواسـر\"‪ ،‬وعـرات الأوديـة التـي تخـرق سـهولها وجبالهـا‪ .‬كـا أن فيهـا‬ ‫عـدداً مـن العيـون الشـهيرة‪ ،‬ومـن أشـهرها \"الخـراء\" و\"هيـت\"‪ ،‬وقـد كانـت اليمامـة تسـمى‬ ‫\"الخـراء\"؛ لخصوبـة تربتهـا وكثرة أشـجارها‪.‬‬ ‫يعـد \"وادي حنيفـة\" مـن أهـم أوديـة الجزيـرة العربيـة؛ إذ يحتـل موق ًعـا اسـراتيج ًيا في‬ ‫إقليـم اليمامـة‪ ،‬إذ يمثـل هـذا الـوادي منطقـة جـذب للاسـتقرار البـري ومحطـة مهمـة وسـط‬ ‫الجزيـرة لقوافـل الحـج والتجـارة عـى مختلـف الحقـب التاريخيـة‪.‬‬ ‫وتقع الدرعية على ضفاف \"وادي حنيفة\" الذي كان يعرف قديماً باسم \"وادي ال ِع ْرض\"‪.‬‬ ‫قـال الأصمعـي‪\" :‬أخصـب ذلـك ال ِعـ ْرض وأخصبـت أعـراض المدينـة وهـي قراهـا التـي في‬ ‫أوديتهـا\"‪ ،‬وقـال في ذلـك أبـو عبيـد السـكوني‪\" :‬عـرض اليمامـة‪ ،‬وادي اليمامـة‪ ،‬ينصـ ُّب مـن‬ ‫مهـ ّب الشـال ويفـرغ في مهـ ّب الجنـوب مـا يـي القبلـة‪ ،‬فهـو في بـاب الحجـر‪ ،‬ومـا حولـه‬ ‫مـن القـرى تسـ ّمى السـفوح‪ ،‬والعـرض كلـه لبنـي حنيفـة إلا شيء منـه لبنـي الأعـرج مـن بنـي‬ ‫سـعد بـن زيـد منـاة بـن تميـم\"‪.‬‬ ‫وقال الشاعر يحيى بن طالب الحنفي‪:‬‬ ‫ويرتـا ُع قلبــي أن تهــ ّب جنو ُب‬ ‫يُهي ُج عل ّي الشو َق من كان ُمص ِعــداً‬ ‫مع الهـ ِّم محزون الفؤا ِد غريـ ُب‬ ‫فيــا ر ِّب ســ ِّل الهــ َّم عنــي فإنني ‬ ‫ولكنــه بال ِعــ ْرض كــان يطيــ ُب‬ ‫ولس ُت أرى عيشاً يطي ُب مع ال ّنــوى‬ ‫‪19‬‬

‫وفي زمــن \"طســم\" و\"جديــس\"‪ ،‬والفــرة الإســامية المبكــرة تميــز وادي حنيفــة‬ ‫بالخـرة والنـرة‪ ،‬وكـرة الميـاه الجاريـة مـن ميـاه الأمطـار والأنهـار والعيـون‪ .‬وفي‬ ‫ذلـك يقـول ابـن خلـدون بـأن \"طسـاً وجديسـاً كانـوا مـن سـاكني اليمامـة‪ ،‬وهـي إذ‬ ‫ذاك مـن أخصـب البـاد وأعمرهـا‪ ،‬وأكثرهـا خـراً وثمـاراً وحدائـق وقصوراً\"‪ ،‬ويسـتطرد‬ ‫ابـن خلـدون في حديثـه فيقـول‪\" :‬بقيـت اليمامـة بعـد طسـم يبابـاً لا يـأكل ثمرهـا إلا‬ ‫عـوافي الطـر والسـباع حتـى نزلهـا بنـو حنيفـة\"‪.‬‬ ‫إقليم اليمامة‬ ‫‪20‬‬

‫وتعـد جبـال طويـق أو جبـل طُويـق أو جبـال العـارض أو عـارض اليمامـة‪ ،‬مـن أهـم‬ ‫المعـالم الجغرافيـة في إقليـم اليمامـة‪ ،‬وهـي سلسـلة جبليـة تكـ ّون هضبـة ضيّقـة‪ ،‬تقع في‬ ‫قلـب نجـد‪ .‬وتمتـد جبـال طويـق عـى مسـافة ‪ 1100‬كلـم‪ ،‬حيـث تبـدأ مـن صحـراء نفـود‬ ‫الثويـرات في منطقـة القصيـم‪ ،‬مـرو ًرا بـوادي الـدواسر‪ ،‬وصـو ًل إلى مشـارف صحـراء‬ ‫الربـع الخـالي‪.‬‬ ‫ُسـميت السلسـلة الجبليـة بــ \"طُ َويـق\" تصغـ ًرا لــ \"طَـوق\"‪ ،‬حيـث تبـدو مرتفعاتهـا على‬ ‫شـكل طـوق‪ ،‬تنتـر عـى أطرافهـا المسـتوطنات البشريـة التـي يعـود وجودهـا إلى مـا‬ ‫قبـل التاريـخ‪ ،‬ويمـر مـن خلالهـا طريـق مرصـوف بالحجـارة عبرتـه القوافـل قديمًـا‬ ‫لأغـراض الحـج والتجـارة‪.‬‬ ‫وادي حنيفة‬ ‫‪21‬‬

‫عـاوة عـى مكانتهـا التاريخيـة‪ ،‬شـغلت جبـال طويـق حيـ ًزا مـن الشـعر القديـم‬ ‫والمعــاصر‪ ،‬وأشــار إليهــا ولي العهــد الأمــر محمــد بــن ســلمان في أثنــاء كلمتــه في‬ ‫مؤتمــر مبــادرة الاســتثمار في الريــاض عــام ‪1440‬هــ (‪2018‬م)‪ ،‬قائــ ًا‪:‬‬ ‫\"همة السعوديين مثل جبل طويق\"‪.‬‬ ‫تمثـل جبـال طويـق الأيقونـة الرسـمية لمـروع مدينـة الق ّديِّـة‪ ،‬أحـد أكـر المشروعـات‬ ‫الترفيهيـة والرياضيـة والثقافيـة ضمـن رؤيـة المملكـة ‪ ،2030‬فعـى أحـد سـفوحها التـي‬ ‫تبعـد ‪ 50‬كلـم عـن العاصمـة الريـاض يسـتقر مـروع مركـز مدينـة القديـة‪ ،‬حيـث يصـل‬ ‫ارتفـاع الجبـل إلى ‪ 600‬مـر عنـد منطقـة المـروع‪.‬‬ ‫جبل طويق‬ ‫‪22‬‬

‫جذور التأسيس‬ ‫انتقال بني حنيفة إلى اليمامة‬ ‫كان أول مـن قـدم مـن بنـي حنيفـة إلى اليمامـة \"عبيـد بـن ثعلبـة بـن يربـوع بـن‬ ‫ثعلبـة بـن الـ ّدؤل بـن حنيفـة\" مرتحـاً بأهلـه ومالـه مـن الحجـاز‪ ،‬حتـى نـزل بموضـع‬ ‫يقـال لـه \"قَـا َرات\"‪ ،‬بالقـرب مـن (حجـر الريـاض)‪ ،‬فأقـام بهـا أيّا ًمـا‪ .‬ثـم إن راعيًـا‬ ‫لعبيـد خـرج حتـى أتى َح ْجـ ًرا‪ ،‬فـرأى القصـور والنخـل فعـرف أ ّن لهـا شـأناً‪ ،‬فرجـع حتى‬ ‫أتى عبيـداً‪ ،‬فأخـره وقـال‪ :‬رأيـت آطا ًمـا طـوال ًا‪ ،‬وشـج ًرا حسـاناً‪ ،‬وهـذا حملـه؛ وجـاء‬ ‫بتمـر نخيلـه وجـده منتـراً تحـت النخـل‪ ،‬فـأكل منـه عبيـد‪ ،‬فقـال‪ :‬هـذا واللـه الطعـام‪،‬‬ ‫وأصبـح فأمـر بجـزور فنحـرت‪ ،‬ثـم قـال لبنيـه ومـن كان معـه‪ :‬احـرزوا حتـى آتيكـم‪.‬‬ ‫هجرة بني حنيفة من الحجاز إلى نجد‬ ‫‪23‬‬

‫فركـب فرسـه‪ ،‬وارتـدف الغـام خلفـه‪ ،‬وأخـذ رمحـه حتـى قـدم إلى َح ْجـر‪ ،‬فلـ ّا رآها‬ ‫عـرف أنّهـا أرض لها شـأن‪ ،‬فوضع رمحه في الأرض‪ ،‬ثـم دفع الفرس‪ ،‬فاحتجر على ثلاثين‬ ‫داراً وثلاثـن حديقـة‪ ،‬فسـ ّميت حجيرتـه َح ْجراً‪ ،‬فهي َح ْجـر اليَ َم َمة‪ .‬وقال في ذلك شـعراً‪:‬‬ ‫فبادوا وخلّوا ذا َت شيد حصونها‬ ‫حللنا بدا ٍر كان فيها أنيسه ــا ‬ ‫رمي ًم وصرنا في الديا ِر قطينهـا‬ ‫فصاروا قطي ًنا للفلا ِة بغرب ـٍـة ‬ ‫ويسكن عوض سهلها وحزونهــا‬ ‫فسو َف يليها بعدنا من يحلّه ا‬ ‫ثـم ركـز عبيـد رمحـه في وسـط َح ْجـر‪ ،‬ثـم رجـع إلى أهلـه فاحتملهـم إليهـا‪ ،‬ونـزل‬ ‫هـو وولـده في القصـور ب َح ْجـر‪.‬‬ ‫ونتيجـة لوفـرة ميـاه وادي حنيفـة وخصوبـة أرضهـا اسـتقرت بهـا تجمعـات بشريـة‪،‬‬ ‫وتكونـت القـرى التـي وصـف \"الهمـداني\" بعضهـا بأنهـا قـرى ذات نخيـل وحصـون‬ ‫عاديـة وغـر عاديـة‪ .‬ومـن أشـهر الأبيـات الشـعرية التـي جـاءت في وصـف اليمامـة‬ ‫وأجملهـا‪ ،‬تلـك التـي قالهـا \"عمـرو بـن كلثـوم\" في معلقتـه المشـهورة‪:‬‬ ‫فَأَع َر َض ِت اليَما َم ُة َواِش َم َخ َّرت َكأَسيــا ٍف ِبأَيـدي ُمصلِتينـا‬ ‫وذكر \"الأعشى\" آطام َج ّو بقوله‪:‬‬ ‫فلمــا أتـت آطـام َج ٍّو وأهله أنيخت فألقت رحلها بفنائكا‬ ‫والآطام هي القصور‪ ،‬والحصون التي بنيت من الحجارة‪.‬‬ ‫ولا تـزال في اليمامـة آثـار حصـون وآطـام عاديـة‪ ،‬تعـود إلى مـا قبـل الإسـام بأمـد‪،‬‬ ‫وكانـت حمايـة ومنعـة للسـاكنين حولهـا‪ ،‬وتُشـاهد آثـار السـكن في أطرافهـا‪ ،‬وآثـار آبـار‬ ‫الميـاه‪ ،‬وآثـار زرع والمـزارع‪ .‬فـكان في \" َملْ َهـم\" حصـون كان يتحصـن بهـا بنـو يشـكر‪،‬‬ ‫ونجـد في قـرى أخـرى عـى وادي حنيفـة حصونًـا بنيـت كلهـا لـدرء النفس مـن الأخطار‪.‬‬ ‫وفي اليمامـة حصـون متفرقـة ونخـل وريـاض‪ ،‬وأشـجار متدليـة ثمارهـا‪ ،‬ويرجـع أهـل‬ ‫الأخبـار زمانهـا إلى \"طسـم\" و\"جديـس\"‪ ،‬وذكـروا أن طـول بعضهـا خمسـمئة ذراع‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫الاستقرار‬ ‫أسـس بنـو حنيفـة عـدداً مـن مراكـز الاسـتقرار التـي امتـدت عـى ضفـاف \"وادي‬ ‫العـرض\" الـذي أصبـح \"وادي حنيفـة\"‪ ،‬حيـث تحولـت اليمامـة إلى إقليـم تحت نفـوذ بني‬ ‫حنيفـة‪ .‬وعندمـا ظهـر الإسـام كان ملـك اليمامـة هـو \"ثمامة بـن أثال الحنفـي\" صاحب‬ ‫القصـة الشـهيرة مـع النبـي ﷺ‪ ،‬وهـذا يبـن مـدى الاسـتقرار والقـوة في هـذا الإقليـم‪.‬‬ ‫عدم الاستقرار‬ ‫خــال العــر الأمــوي والعبــاسي وبعــد انتقــال العاصمــة مــن المدينــة المنــورة‬ ‫إلى خـارج الجزيـرة العربيـة‪ ،‬أهمـل إقليـم اليمامـة‪ ،‬وعـاش ردحـاً مـن الزمـن طـي‬ ‫النســيان لمــا يزيــد عــى الألــف عــام‪ ،‬وتأسســت الدولــة الأخيضريــة في منتصــف‬ ‫القـرن الثالـث الهجـري واتخـذت مـن الخضرمـة (في الخـرج) عاصمـة لهـا‪ ،‬وهـذا‬ ‫مـا أثّـر في مدينـة حجـر التـي كانـت مدينـة كبـرة شـبيهة بالكوفـة والبـرة مـن‬ ‫حيــث الحجــم والتخطيــط‪ ،‬وســيطر الأخيضريــون عــى المنطقــة‪ ،‬واتبعــوا سياســة‬ ‫قاســية أدت إلى هجــرة بعــض الســكان‪ ،‬إضافــة إلى القحــط الــذي أصــاب المنطقــة‪.‬‬ ‫وادي حنيفة‬ ‫‪25‬‬

‫الدرعية‬ ‫أسسـت عشـرة \"المـردة\" مـن \"الـدروع\" مـن بنـي حنيفـة مدينـة شرقـي الجزيـرة‬ ‫العربيــة عــى ســاحل الخليــج العــربي‪ ،‬أطلقــوا عليهــا اســم \"الدرعيــة\" نســبة إلى‬ ‫العشــرة‪ ،‬وذلــك بعــد أن انتقلــوا مــن وســط الجزيــرة العربيــة في القــرن الرابــع‬ ‫الهجــري لظــروف عــدم الإســتقرار آنــذاك‪ ،‬ونتيجــة لعــودة عشــائر بنــي حنيفــة إلى‬ ‫حجـر اليمامـة بعـد عـودة الاسـتقرار إليهـا تلقـى مانـع بـن ربيعـة المريـدي الحنفـي‬ ‫وهـو في بلدتـه الدرعيـة شرق الجزيـرة العربيـة دعـوة ابـن عمـه حاكـم مدينـة حجـر‬ ‫في اليمامـة وهـو ابـن درع للقـدوم بالعشـرة والاسـتقرار في منطقـة أجـداده وأسـافه‪.‬‬ ‫الدرعية‬ ‫‪26‬‬

‫رسم للفرنسي يدوي للدرعية ووادي حنيفة في عام ‪1808‬م لجون باتست روسو‬ ‫انتقـل \"مانـع بـن ربيعـة المريـدي الحنفـي\" وأفـراد عشـرته مـن الدرعيـة في شرق‬ ‫الجزيـرة العربيـة إلى وسـطها لتأسـيس الدرعية الجديـدة عام ‪850‬هــ (‪1446‬م)‪ ،‬وقد عبر‬ ‫خـال رحلتـه من شرق الجزيـرة العربية رمال الدهناء القاحلة مؤمناً بشـخصيته المسـتقلة‬ ‫الراغبـة في تأسـيس دولة واسـعة تحقق الأمن والاسـتقرار‪ ،‬وهو ما أورثـه ذريته من بعده‪.‬‬ ‫اســتقبل ابــ ُن درع ابــ َن عمــه وعشــرته في وادي حنيفــة‪ ،‬وأقطعــه موضعــي‬ ‫\"غصيبــة\" و\"المليبيــد\" اللذيــن يقعــان شــال غــرب مدينــة حجــر‪ ،‬فجعــل مانــع‬ ‫\"غصيبــة\" مقــراً لــه ولحكمــه وبنــى لهــا ســوراً‪ ،‬وجعــل \"المليبيــد\" مقــراً للزراعــة‪.‬‬ ‫ويعـد هـذا الحـدث أبـرز أحـداث الجزيـرة العربيـة في العـر الوسـيط‪ ،‬فقـد كان‬ ‫قـدوم مانـع اللبنـة الأولى لتأسـيس أعظـم دولـة قامـت في المنطقـة في تاريـخ الجزيـرة‬ ‫العربيـة بعـد دولـة النبـوة والخلافـة الراشـدة‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫طريق الرحلة من الدرعية شرق شبه الجزيرة العربية إلى الدرعية في وادي حنيفة‬ ‫المليبيد وغصيبة‬ ‫‪28‬‬

‫غصيبة‬ ‫وكان حلــم بنــاء دولــة في جزيــرة العــرب يــراود بعــض العقــاء‪ ،‬وذلــك لمــا‬ ‫اعـرى هـذه المنطقـة الجغرافيـة مـن الإهـال الـذي اسـتمر عـدة قـرون‪ ،‬ولسـيطرة‬ ‫أعــراق أخــرى عــى بعــض أجــزاء الأراضي العربيــة‪ ،‬وعــى شــعوبها ومقدراتهــا‪.‬‬ ‫وعنــد دراســة ظاهــرة مدينــة الدرعيــة التــي أسســها مانــع المريــدي في منتصــف‬ ‫القــرن التاســع الهجــري (الخامــس عــر الميــادي)‪ ،‬ومــا نتــج بعــد ذلــك‪ ،‬يتبــن‬ ‫لنـا مـن معطيـات عـدة أنـه أسـس الدرعيـة لتكـون المدينـة الدولـة القابلـة للتوسـع‬ ‫مــع الأيــام‪ ،‬ونستشــف مــن مواقــف أمــراء الدرعيــة منــذ الأمــر مانــع أن هنــاك‬ ‫دسـتوراً عائليـاً للحكـم ر ّكـز عـى فكـرة الدولـة‪ ،‬وعـى العنـر العـربي‪ ،‬وهـذا مـا‬ ‫جعــل هــذه المدينــة لا تقــوم عــى عصبيــة قبليــة‪ ،‬وإنمــا عــى أســاس دولــة عربيــة‪.‬‬ ‫حـن نتأمـل في الموقـع الجغـرافي لمدينـة الدرعيـة يتضـح لنـا أنـه موقـع إسـراتيجي‬ ‫لعاصمــة دولــة كــرى‪ ،‬فمــن أبــرز المقومــات لذلــك وقوعهــا عــى واحــد مــن أهــم‬ ‫الأوديـة في نجـد وهـو \"وادي حنيفـة\"‪ ،‬عـدا أنهـا تقـع عـى أحـد أهـم الطـرق التجاريـة‬ ‫القديمـة‪ ،‬ذلـك الطريـق الـذي تعـد الدرعيـة في قلبـه‪ ،‬والـذي يـأتي مـن جنـوب شـبه‬ ‫الجزيـرة العربيـة مـروراً بنجـران ثـم يتجـه شـال ًا إلى اليمامـة ثـم الدرعيـة حيـث يتجه‬ ‫إلى الشـال نحـو دومـة الجنـدل وإلى الـرق نحـو العـراق وإلى الغـرب نحـو الحجـاز‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫ويعـــد هـــذا الطريـــق هـــو طريـــق الحـــاج القـــادم مـــن فـــارس والعـــراق‬ ‫ووســـط آســـيا‪ ،‬الذيـــن كانوا يواصلون ســـرهم عـــر الدرعيـــة إلى مكـــة المكرمة‪.‬‬ ‫وازدادت أهميـــة هـــذا الطريق بعد تأســـيس الدرعية على يد مانـــع المريدي الذي‬ ‫ســـعى هو وأبناؤه وحفدتـــه إلى تأمينه وخدمته‪.‬‬ ‫وبتأســـيس الإمام محمد بن ســـعود للدولة الســـعودية الأولى أصبح هـــذا الطريق‬ ‫مـــن أبـــرز الطرق التـــي تمر بهـــا قوافل التجـــارة والحـــج‪ ،‬نتيجة لسياســـة الإمام‬ ‫محمـــد ابن ســـعود بتأمين هذا الطريـــق والارتبـــاط بعلاقات مع القبائـــل التي يمر‬ ‫مـــن خـــال مناطقها‪ ،‬والاتفـــاق معها عـــى ضبط الأمـــن وتقديم الخدمـــة اللازمة‬ ‫للمســـتفيدين منه‪.‬‬ ‫وكان الســـائد في بلـــدات المنطقة أن تكـــون البلدة في أول تأسيســـها خاصة بأسرة‬ ‫واحدة‪ ،‬وبعد مرور عقود من الســـنين تســـمح هـــذه الأسرة لأفـــراد أو عوائل محددة‬ ‫بالانتقـــال إلى بلدتهم بنا ًء على اتفـــاق بينهم‪ .‬وهذا ما لا نلاحظـــه في الدرعية‪ ،‬فمنذ‬ ‫نشـــأتها وهي موئل للعرب الآخرين الذين هاجـــروا إليها من أنحـــاء الجزيرة العربية‬ ‫وخارجهـــا ‪ ،‬فأقام فيهـــا أو زارها كثيرون مـــن مناطق مختلفة مـــن جزيرة العرب‪.‬‬ ‫والمتابـــع لدولة المدينـــة \"الدرعية\" يلاحظ أنها تتوســـع وتضيق بحســـب الاســـتقرار‬ ‫الســـياسي فيها‪ ،‬وهـــذه الأمور والـــدروس والتجـــارب المتراكمة الطويلـــة فهمها الإمام‬ ‫محمـــد بن ســـعود‪ ،‬الذي ‪-‬بفضـــل الله ثم بفضـــل عبقريتـــه ‪ -‬انتقلت دولـــة المدينة‬ ‫في \"الدرعيـــة\" إلى مرحلة الدولـــة‪ ،‬التي تعـــارف المؤرخون على تســـميتها بـ \"الدولة‬ ‫الســـعودية الأولى\"‪ .‬وكانـــت الدولة الســـعودية منذ تأسيســـها حتى يومنـــا هذا دولة‬ ‫عربيـــة خالصة بحكامها وشـــعبها‪.‬‬ ‫‪30‬‬

‫ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻋﺎم‬ ‫ﻣﺪﻳﻨﺔ‬ ‫‪850‬‬ ‫اﻟﺪرﻋﻴﺔ‬ ‫ﻫﺠﺮﻳ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـﺔ‬ ‫‪1446‬م‬ ‫ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس ﻣﻦ‬ ‫أﺳﺴﻬﺎ‬ ‫ﻏﺼﻴﺒﺔ واﻟﻤﻠﻴﺒﻴﺪ‪.‬‬ ‫اﻷﻣﻴﺮ ﻣﺎﻧﻊ ﺑﻦ رﺑﻴﻌﺔ اﻟﻤﺮﻳﺪي ‪ -‬اﻟﺠﺪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ‬ ‫ﻟﻠﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ‪.‬‬ ‫اﻋﺘﻨﺖ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻟﺤﺞ‬ ‫اﺗﺴﻌﺖ ﻓﻲ أﺣﻴﺎﺋﻬﺎ‬ ‫ﻟﻤﺮور اﻟﺤﺠﺎج ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻗﺎدﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﺮق‬ ‫واﻟﺸﻤﺎل اﻟﺸﺮﻗﻲ‪.‬‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺘﻲ وادي ﺣﻨﻴﻔﺔ‪.‬‬ ‫ﻟﻬﺎ ﻣﺮﻛﺰ ﺣﻀﺮي‬ ‫ﺗﻬﻴﺄت ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺮﻛﺰاً‬ ‫ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻟﺴﻜﺎن‪.‬‬ ‫ﻟﻠﻌﻠﻢ واﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﺘﻨﻮع اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ‪.‬‬ ‫ﻣﻨﻄﻘﺔ زراﻋﻴﺔ‬ ‫ﺗﻮاﻓﺮت ﻟﻬﺎ أﺳﺒﺎب اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ‬ ‫ﻧﻈﺮاً ﻟﻮﻗﻮﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ وادي ﺣﻨﻴﻔﺔ اﻟﺨﺼﺐ‪ ،‬ﺣﻴﺚ‬ ‫وﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﺠﺎرة وﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ وﺗﺄﻣﻴﻦ‬ ‫ﺗﻘﻮم ﺑﺘﺼﺪﻳﺮ اﻟﻔﺎﺋﺾ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺰراﻋﺔ إﻟﻰ‬ ‫اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻴﻬﺎ‪.‬‬ ‫اﻟﻤﺪن واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺠﺎورة‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫أبرز أمراء إمارة الدرعية‬ ‫‪1139 - 850‬ه (‪1727-1446‬م)‬ ‫محمد‬ ‫محمد‬ ‫مرخان‬ ‫موسى‬ ‫مانع المريدي‬ ‫إبراهيم مقرن سعود‬ ‫ربيعة‬ ‫‪ 1139‬هـ ‪1727/‬م‬ ‫‪ 850‬هـ ‪1446/‬م‬ ‫أنشأ الدرعية عام ‪ 850‬هـ وأسس إمارة فيها‬ ‫مانع المريدي‬ ‫واصل إكمال تأسيس إمارة الدرعية‬ ‫ربيعة بن مانع‬ ‫زاد من نفوذ إمارة الدرعية‬ ‫موسى بن ربيعة‬ ‫إبراهيم بن موسى‬ ‫أ َّم َن طرق الحج والتجارة التي تمر بالدرعية‬ ‫مرخان بن إبراهيم‬ ‫زاد من نفوذ إمارة الدرعية‬ ‫مقرن بن مرخان‬ ‫و ّسع إمارة الدرعية‬ ‫زاد من قوة إمارة الدرعية‪ ،‬وتنسب إليه نخوة ( َخ َّيال ابن مقرن)‬ ‫سعود بن محمد‬ ‫مؤسس الدولة السعودية الأولى‬ ‫محمد بن سعود‬ ‫‪32‬‬

‫فارس من فرسان الدولة السعودية الأولى من رسم الفنان الفرنسي‬ ‫(إيميل بريس دافين )‬ ‫‪33‬‬

‫فارس من فرسان الدولة السعودية الأولى حسب رسم أحد الفنانين‬ ‫الفرنسيين في باريس‬ ‫‪34‬‬

‫قصر سلوى في الطريف بالدرعية‬ ‫ﻏﺼﻴﺒﺔ‬ ‫اﻟﻄﺮﻓﻴﺔ‬ ‫اﻟﻘﺼﻴﺮﻳﻦ‬ ‫اﻟﺴﻬﻞ‬ ‫اﻟﻄﺮﻳﻒ‬ ‫أحياء الدرعية التاريخية‬ ‫‪35‬‬

‫المؤسس‬ ‫الإمام محمد بن سعود‬ ‫ولـد الإمـام محمـد بـن سـعود بـن محمـد بـن مقـرن عـام ‪1090‬هــ (‪1679‬م)‪ .‬ونشـأ‬ ‫وترعـرع في \"الدرعيـة\" واسـتفاد مـن التجربـة التـي خاضهـا في شـبابه حـن عمـل إلى‬ ‫جانـب والـده في ترتيـب أوضـاع الإمـارة‪ ،‬وهـو مـا أعطـاه معرفـة تامـة بـكل أوضاعهـا‪.‬‬ ‫شـارك الإمـام محمـد بـن سـعود في الدفـاع عـن \"الدرعيـة\" عندمـا غزاهـا سـعدون‬ ‫بـن محمـد زعيـم بنـي خالـد بالأحسـاء‪ ،‬واسـتطاعت الصمـود ودحـر الجيـش المعتـدي‪.‬‬ ‫ُعــرف عنــه صفــات متعــددة‪ ،‬كالتديــن‪ ،‬وحــب الخــر‪ ،‬والشــجاعة‪ ،‬والقــدرة عــى‬ ‫التأثـر‪ .‬كان محمـد بـن سـعود امتـداداً لتاريـخ أسـافه الذيـن بنـوا الدرعيـة وحكموها‪،‬‬ ‫وانتقـل بهـا مـن دولـة المدينـة إلى دولـة واسعــة‪.‬‬ ‫تــولى الإمــام محمــد بــن سـعود الحكــم في أوضـاع اسـتثنائية في منتصــف عــام‬ ‫‪1139‬هــ (فبرايـر ‪1727‬م)؛ فقـد عانـت الدرعيـة قبيـل توليـه الحكـم من ضعف وانقسـام‬ ‫لأسـباب متعـددة‪ ،‬منهـا النـزاع الداخـي عـى إمـارة الدرعيـة بين ع ّمـه الأمـر مقرن بن‬ ‫محمـد والأمـر زيـد بـن مرخـان‪ ،‬وكذلـك حملـة الدرعيـة عـى العيينـة‪ ،‬ومقتـل الأمـر‬ ‫زيـد بـن مرخـان‪ ،‬ومنهـا كذلـك انتشـار مـرض الطاعـون في جزيـرة العـرب خـال تلـك‬ ‫الفـرة وتسـببه في وفـاة أعـداد كبـرة مـن النـاس‪ .‬ومـع كل هـذه التحديـات اسـتطاع‬ ‫الإمـام محمـد بـن سـعود أن يتغلـب عليهـا وأن يتخطاهـا وي ّوحـد الدرعيـة‪ ،‬وأن يسـهم‬ ‫في نـر الاسـتقرار في منطقـة العـارض‪.‬‬ ‫كان الإمـام محمـد بـن سـعود حاكـاً حكيـاً وفيـاً‪ ،‬تـربى في بيـت عـز وإمـارة‬ ‫وتعلـم السياسـة وطـرق التعامـل مـع الإمـارات المجـاورة والعشـائر المتنقلـة‪ ،‬وقـد كان‬ ‫لـه أثـر كبـر في اسـتتباب الأوضـاع في الإمـارة قبـل توليـه الحكـم‪ ،‬في الوقـت نفسـه‬ ‫‪36‬‬

‫تحـى الإمـام محمـد بـن سـعود برؤيـة ثاقبـة‪ ،‬فقـد درس الأوضـاع التـي كانـت تعيشـها‬ ‫إمارتـه والإمـارات التـي حولهـا بشـكل خـاص ووسـط الجزيـرة العربيـة بشـكل عـام‪،‬‬ ‫وبـدأ منـذ توليـه الحكـم التخطيـط للتغيـر عـن النمـط السـائد خـال تلـك الأيـام‪،‬‬ ‫فأســس لمســار جديــد في تاريــخ المنطقــة تمثــل في الوحــدة والتعليــم ونــر الثقافــة‬ ‫وتعزيـز التواصـل بـن أفـراد المجتمـع والحفـاظ عـى الأمـن‪ .‬وقـد كان لـه مـن الأبنـاء‬ ‫أربعـة‪ ،‬وهـم‪ :‬عبدالعزيـز‪ ،‬وعبداللـه‪ ،‬وسـعود‪ ،‬وفيصـل‪.‬‬ ‫كان محبّـاً للخلـوة والتأمـل والتفكـر‪ ،‬وهـو مـا يـدل عـى شـخصيته في الاسـتقراء‬ ‫والتـأني والرؤيـة المسـتقبلية‪.‬‬ ‫ذكــر الثقــات مــن المخبريــن عــن شــأن محمــد بــن ســعود أنــه كان رجــاً كثــر‬ ‫الخــرات والعبــادة‪ ،‬وكان أبــوه ســعود وجــده محمــد أميريــن عــى إمــارة الدرعيــة‪،‬‬ ‫وهـا أكـر قومهـا‪ .‬وكان جــده محمـد كريـم الطبيعـة‪ ،‬ميــر الـرزق‪ ،‬لــه أمــاك‬ ‫كثـرة مـن نخـل وزروع‪ .‬قيـل مـن سـخاء الإمـام محمـد بـن سـعود أن الرجـل كان‬ ‫يأتيـه مـن البلـدان يطلـب منـه شـيئاً كثـراً لوفـاء ديـن عليـه‪ ،‬فـإذا عـرف أنـه محـق‬ ‫أعطـاه إيـاه‪ ،‬حتـى إنـه في إحـدى السـنين وفـد عليـه رجـل مـن أهـل بريـدة اسـمه‬ ‫نـاصر بـن إبراهيـم‪ ،‬وكان تاجـراً‪ ،‬لكنـه أفلـس‪ ،‬حيـث كان يشـتغل ببعـض أمـوال النـاس‬ ‫فصرفهـا في مهـات نفسـه‪ ،‬وكان الـذي عليـه أربعـة آلاف ذهبـاً‪ ،‬فلـا وصـل الدرعيـة‬ ‫أبــدى الأمــر لمحمــد ابــن ســعود؛ فأعطــاه أربعــة آلاف ذهبــاً‪ .‬فقــال لــه أولاده غــر‬ ‫عبدالعزيـز‪ :‬أتعطـي رجـ ًا لا تعرفـه إلا بالاسـم هـذا المبلـغ؟ فقـال‪ :‬نعـم‪ .‬يـا أولادي‪،‬‬ ‫الدنيـا إنمـا جعلـت لكرامـة بنـي آدم‪ ،‬فالخـ ِّر منهـم ذو الـرف إذا ذ َّل ينبغـي إعانتـه‬ ‫بمـا يمكـن لئـا يزدريـه السـفلة‪ ،‬ونـاصر بـن إبراهيـم قـد سـمعتم بـه أنـه رجـل كان ذا‬ ‫مـال وشرف‪ ،‬وقـد اضطـره الزمـان‪ ،‬فعـى النـاس الكـرام إبـداء الخـر لمثلـه‪.‬‬ ‫وكان المعهــود مــن الإمــام محمــد بــن سـعود أنــه لا يــرى شـابّاً مــن أهــل بلدتــه‬ ‫وجماعتـه غـر متـزوج إلا سـأل عـن حالـه‪ .‬فـإذا قيـل لـه‪ :‬لا يملـك شـيئاً مـن جهـاز‬ ‫ج َّهـزه‪ ،‬وأمـره بالـزواج‪ .‬وإذا امتنـع أحـد أن يعطـي ابنتـه لشـخص خطبهـا وهـو كفـؤ إلا‬ ‫‪37‬‬

‫سـار بنفسـه إليـه‪ ،‬وعاتبـه في ذلـك‪ .‬وربمـا اشـرط عـى نفسـه أن زوجـوا هـذا فلانـة‪،‬‬ ‫فـإن أصابهـا منـه ضرر مـن كسـوة أو متـاع أو سـكن‪ ،‬فأنـا ضامـن بـه‪ .‬وكان كذلـك‬ ‫يفعـل حيـث وقـع الـرط لا محالـة‪ ،‬وذلـك لحسـن سـرته وسريرتـه‪ ،‬ورغبتـه في التئـام‬ ‫جماعتـه وكـرة خيرهـم بالتناسـل والتعاضـد‪ .‬وكان يحـب الخلـوة‪ .‬قيـل‪ :‬إنـه كان يـأتي‬ ‫البيـت‪ ،‬فيجلـس وحـده‪ ،‬ولا يريـد أحـداً مـن أولاده أو نسـائه أن يدخـل عليـه‪ .‬وكان لا‬ ‫يـرضى الحـرب مـع أحـد ولـو عيـل عليـه‪ ،‬ويأمـر جماعتـه بإطفـاء الفـن دائمـاً‪.‬‬ ‫تـوفي الإمـام محمـد بـن سـعود عـام ‪1179‬هــ (‪1765‬م) بعـد أربعـن عامـاً مـن‬ ‫القيــادة والتأســيس‪.‬‬ ‫رسم تخيلي للإمام محمد بن سعود بنا ًء على وصف المصادر التاريخية‬ ‫رسم وتصميم (شركة مانجا للإنتاج)‬ ‫‪38‬‬

‫أبرز أعمال الإمام محمد بن سعود‬ ‫تم تأسيس الدولة السعودية الأولى وتوحيدها وبناؤها في عهد الإمام محمد بن سعود‬ ‫على مرحلتين‪:‬‬ ‫الأولى خلال الفترة (‪1158 -1139‬هـ ‪1745-1727 /‬م) وكان من أبرز أحداثها ما يأتي‪:‬‬ ‫توحيـد شـطري الدرعيـة وجعلهـا تحـت حكـم واحـد بعـد أن كان الحكـم متفرقـاً في‬ ‫مركزين‪.‬‬ ‫الاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده‪.‬‬ ‫تنظيم الأمور الاقتصادية للدولة‪.‬‬ ‫بنـاء حـي جديـد في سـمحان وهـو حـي الطرفيـة‪ ،‬وانتقـل إليـه بعـد أن كان حـي‬ ‫غصيبـة هـو مركـز الحكـم مـدة طويلـة‪.‬‬ ‫نشر الاستقرار في الدولة في مجالات متنوعة‪.‬‬ ‫الاسـتقلال السـياسي وعـدم الـولاء لأي‬ ‫قــوة‪ ،‬في حــن أن بعــض بلــدان نجــد‬ ‫كانـت تديـن بالـولاء لبعـض الزعامـات‬ ‫الإقليميـة‪.‬‬ ‫إرســاله أخــاه الأمــر مشــاري إلى‬ ‫الريــاض لإعــادة دهــام بــن دواس إلى‬ ‫الإمــارة بعــد أن تــم التمــرد عليــه بنــا ًء‬ ‫عــى طلــب دهــام المعونــة مــن الدولــة‬ ‫الســعودية الأولى‪.‬‬ ‫منــاصرة الدعــوة الإصلاحيــة التــي‬ ‫ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‬ ‫نــادى بهــا الشــيخ محمــد بــن‬ ‫عبدالوهــاب الــذي اختــار الدرعيــة‬ ‫الحملات المناوئة للدولة السعودية‬ ‫لقوتهــا واســتقلالها وقــدرة حاكمهــا‬ ‫الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود‬ ‫عــى نــرة الدعــوة وحمايتهــا‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫التواصـل مـع البلـدات الأخـرى للانضـام إلى الدولـة السـعودية‪ ،‬وقـدرة الإمـام‬ ‫الكبـرة عـى احتـواء زعاماتهـا وجعلهـم يعلنـون الانضـام للدولـة والوحـدة‪.‬‬ ‫بنـاء سـور الدرعيـة للتصـدي للهجـات الخارجيـة القادمـة إلى الدرعيـة مـن شرق‬ ‫الجزيـرة العربيـة‪.‬‬ ‫والمرحلة الثانية من التأسيس خلال الفترة (‪1179 -1159‬هـ ‪1765-1746 /‬م) وأبرز ما فيها‪:‬‬ ‫بدء حملات التوحيد‪ ،‬وتوليه قيادتها‪.‬‬ ‫توحيد معظم منطقة نجد وانتشار أخبار الدولة في معظم أرجاء الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫القدرة على تأمين طرق الحج والتجارة فأصبحت نجد من المناطق الآمنة‪.‬‬ ‫النجــاح في التصــدي لعــدد مــن الحمــات التــي أرادت القضــاء عــى الدولــة في‬ ‫بدايتهــا‪.‬‬ ‫رسم تخيلي لجانب من الدرعية في عهد الإمام محمد بن سعود‬ ‫‪40‬‬

‫أﺑﺮز إﻧﺠﺎزات‬ ‫اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮد‬ ‫اﻻﺳﺘﻘــــــــﻼل اﻟﺴﻴﺎﺳــــــﻲ‬ ‫ﺗﻮﺣﻴﺪ اﻟﺪرﻋﻴــﺔ ﲢــﺖ ﺣﻜﻤــﻪ‬ ‫وﻋـﺪم اﻟﺘﺒﻌﻴــﺔ ﻷي ﻧﻔــﻮذ‬ ‫واﻹﺳﻬﺎم ﰲ ﻧﺸﺮ اﻻﺳﺘﻘﺮار‬ ‫ﺗﻨﻈﻴـــــــــــــــﻢ ﻣــــــــــــــﻮارد‬ ‫ﺑﻨــﺎء ﺣــﻲ اﻟﻄﺮﻓﻴــﺔ ﺑﺠﺎﻧــﺐ‬ ‫ﻏﺼﻴﺒﺔ‬ ‫اﻟﺪوﻟـــــــــﺔ‬ ‫ﻣﻨﺎﺻـﺮة اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺻﻼﺣﻴــﺔ‬ ‫اﻻﻫﺘﻤـﺎم ﺑﺎﻷﻣـﻮر اﻟﺪاﺧﻠﻴــﺔ‬ ‫وﺣﻤﺎﻳﺘﻬــــﺎ‬ ‫وﺗﻘﻮﻳﺔ ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪرﻋﻴﺔ‬ ‫ﺗﻮﺣﻴــــﺪ ﻣﻌﻈـــﻢ ﻣﻨﻄﻘـــــﺔ‬ ‫اﳊــﺮص ﻋﻠــــﻰ اﻻﺳﺘﻘــــﺮار‬ ‫ﳒــــﺪ‬ ‫اﻹﻗﻠﻴﻤــــﻲ‬ ‫اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻌﺪد ﻣﻦ اﳊﻤــﻼت‬ ‫دﻋــﻮة اﻟﺒﻠــﺪات ﻟﻼﻧﻀﻤــــﺎم‬ ‫ﺿــﺪ اﻟﺪوﻟـــﺔ‬ ‫إﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‬ ‫ﺗﺄﻣﻴـــــــﻦ ﻃـــــــﺮق اﳊــــــﺞ‬ ‫ﺑﻨﺎء ﺳـﻮر اﻟﺪرﻋﻴــﺔ ﻟﻠﺘﺼـﺪي‬ ‫واﻟﺘﺠــــﺎرة‬ ‫ﻟﻠﻬﺠﻤﺎت اﳋﺎرﺟﻴﺔ‬ ‫ﺑــــــــﺪء ﺣﻤـــﻼت اﻟﺘﻮﺣﻴــــﺪ‬ ‫‪41‬‬

‫أﺑﺮز أﺣﺪاث اﻟﺘﺄﺳﻴﺲ‬ ‫‪١١٣٩‬ﻫـ | ‪١٧٢٧‬م‬ ‫‪١١٣٩‬ﻫـ | ‪١٧٢٧‬م‬ ‫‪١١٣٣‬ﻫـ | ‪١٧٢١‬م‬ ‫‪١٠٩٠‬ﻫـ | ‪١٦٧٩‬م‬ ‫ﺗﻮﻟﻴﻪ اﻟﺤﻜﻢ ﰲ اﻟﺪرﻋﻴﺔ‬ ‫ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﰲ‬ ‫ﻣﺸﺎرﻛﺘﻪ ﰲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺪرﻋﻴﺔ‬ ‫وﻻدة اﻹﻣﺎم‬ ‫وﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‬ ‫ﺣﻤﻠﺔ اﻟﻌﻴﻴﻨﺔ‬ ‫ﰲ ﻋﻬﺪ واﻟﺪه‬ ‫ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮد‬ ‫اﻷوﱃ‬ ‫‪١١٥٥‬ﻫـ | ‪١٧٤٢‬م‬ ‫‪١١٥٧‬ﻫـ | ‪١٧٤٤‬م‬ ‫‪١١٥٩‬ﻫـ | ‪١٧٤٦‬م‬ ‫‪١١٣٩‬ﻫـ | ‪١٧٢٧‬م‬ ‫إرﺳﺎﻟﻪ ﺣﻤﻠﺔ إﱃ اﻟﺮﻳﺎض‬ ‫ﻣﻨﺎﴏة اﻟﺪﻋﻮة‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫ﻟﺘﺄﻣﻴﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻴﻬﺎ‬ ‫اﻹﺻﻼﺣﻴﺔ وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ‬ ‫ﻓﻴﻀﺔ ﻟﺒﻦ‬ ‫ﺗﻮﺣﻴﺪ‬ ‫ﺷﻄﺮي اﻟﺪرﻋﻴﺔ‬ ‫‪١١٦١‬ﻫـ | ‪١٧٤٨‬م‬ ‫‪١١٦٠‬ﻫـ | ‪١٧٤٧‬م‬ ‫‪١١٥٩‬ﻫـ | ‪١٧٤٦‬م‬ ‫‪١١٦١‬ﻫـ | ‪١٧٤٨‬م‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻷوﱃ‬ ‫دﻟﻘﺔ‬ ‫اﻟﺸ ّﻴﺎب‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫اﻟﺨﺮﻳﺰة )ﺻﻴﺎح(‬ ‫‪١١٦٢‬ﻫـ | ‪١٧٤٨‬م‬ ‫‪١١٦٣‬ﻫـ | ‪١٧٥٠‬م‬ ‫‪١١٦٤‬ﻫـ | ‪١٧٥١‬م‬ ‫‪١١٦١‬ﻫـ | ‪١٧٤٨‬م‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫اﻟﺤﺒﻮﻧﻴﺔ‬ ‫اﻟﺒﻄﺤﺎء‬ ‫اﻟﺮﻳﺎض‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫اﻟﺒﻄﻴﻦ )ﺛﺮﻣﺪاء(‬ ‫‪١١٦٦‬ﻫـ | ‪١٧٥٣‬م‬ ‫‪١١٦٥‬ﻫـ | ‪١٧٥٢‬م‬ ‫‪١١٦٤‬ﻫـ | ‪١٧٥١‬م‬ ‫‪١١٦٨‬ﻫـ | ‪١٧٥٥‬م‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫ﺣﺮﻳﻤﻼء‬ ‫ﻋﻔﺠﺔ اﻟﺤﺎﻳﺮ‬ ‫اﻟﺰﻟﻔﻲ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫اﻟﺪار‬ ‫‪١١٧٠‬ﻫـ | ‪١٧٥٧‬م‬ ‫‪١١٧٠‬ﻫـ | ‪١٧٥٧‬م‬ ‫‪١١٧١‬ﻫـ | ‪١٧٥٨‬م‬ ‫‪١١٦٩‬ﻫـ | ‪١٧٥٦‬م‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫اﻟﺮﺷﺎ‬ ‫اﻟﺮﻳﺎض‬ ‫أم اﻟﻌﺼﺎﻓﻴﺮ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫ﻣﻨﻔﻮﺣﺔ‬ ‫‪١١٧٢‬ﻫـ | ‪١٧٥٩‬م‬ ‫‪١١٧٢‬ﻫـ | ‪١٧٥٩‬م‬ ‫‪١١٧١‬ﻫـ | ‪١٧٥٨‬م‬ ‫‪١١٧٢‬ﻫـ | ‪١٧٥٩‬م‬ ‫ﺣﻤﻠﺔ ﺣﺎ ﻛﻢ اﻷﺣﺴﺎء ﻋﺮﻳﻌﺮ ﺑﻦ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫دﺟﻴﻦ ﻋﲆ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‬ ‫اﻟﻘﺼﺐ‬ ‫اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺑﻨﺎء‬ ‫اﻷوﱃ وﺻﺪﻫﺎ‬ ‫ﺳﻮر اﻟﺪرﻋﻴﺔ‬ ‫‪١١٧٧‬ﻫـ | ‪١٧٦٣‬م‬ ‫‪١١٧٨‬ﻫـ | ‪١٧٦٤‬م‬ ‫‪١١٧٥‬ﻫـ | ‪١٧٦٢‬م‬ ‫‪١١٧٣‬ﻫـ | ‪١٧٦٠‬م‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ اﻟﺤﺎﺋﺮ ﺑﻴﻦ ﻗﻮات اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫ﻗﺬﻟﺔ‬ ‫اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ اﻷوﱃ وﻗﻮات‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫ﻣﻘﺮن‬ ‫ﺣﺎﻛﻢ ﻧﺠﺮان‬ ‫اﻟﺜﺮﻣﺎﻧﻴﺔ‬ ‫‪١١٧٩‬ﻫـ | ‪١٧٦٥‬م‬ ‫‪١١٧٩‬ﻫـ | ‪١٧٦٥‬م‬ ‫‪١١٧٨‬ﻫـ | ‪١٧٦٤‬م‬ ‫وﻗﻌﺔ‬ ‫وﻓﺎة اﳌﺆﺳﺲ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ‬ ‫اﻟﺼﺒﻴﺤﺎت‬ ‫ﺣﻤﻠﺔ ﺣﺎﻛﻢ اﻷﺣﺴﺎء ﻋﺮﻳﻌﺮ ﺑﻦ‬ ‫ﺳﻌﻮد وﺗﻮﱄ اﺑﻨﻪ اﻹﻣﺎم‬ ‫دﺟﻴﻦ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﲆ اﻟﺪرﻋﻴﺔ‬ ‫ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ‬ ‫وﻓﺸﻠﻬﺎ‬ ‫‪42‬‬

‫لوحة الإمام عبدالله بن سعود ضمن معرض تاريخي تضمن ‪ 200‬صورةلأكثر الشخصيات شهرة في التاريخ المعاصر‬ ‫نشرت في باريس في عام ‪1839‬م (‪1255‬ه) باسم مجموعة نابليون من دار بينار في فرنسا‬ ‫‪43‬‬

‫رسم للإمام عبدالله بن سعود عام ‪1234‬ه (‪1819‬م) لأحد الرسامين الفرنسيين المعاصرين‬ ‫‪44‬‬

‫مجتمع التأسيس‬ ‫كانـت منطقـة وسـط الجزيـرة العربيـة مـن أقـل مناطـق الجزيـرة العربيـة تأثـراً مـن‬ ‫حيـث اختـاط العنـاصر الأخـرى بالسـكان المحليـن؛ لأنهـا بعيـدة نسـب ّياً عـن مواطـن‬ ‫الامتـزاج السـكاني‪ ،‬ولأنهـا منعزلـة في وسـط الجزيـرة العربيـة‪ .‬ولهـذا فـإن الأغلبيـة‬ ‫العظمـى مـن أهلهـا كانـت تنتمـي إلى قبائـل وأسر مختلفـة‪ .‬وكانـت النظـرة الاجتماعيـة‬ ‫لـدى سـكانها بصفـة عامـة نظـرة تتسـم بالانتـاء للمـكان والقبيلـة والأسرة‪ ،‬وخصوصـاً‬ ‫في بعـض الأمـور كالـزواج ومزاولـة بعـض الأعـال والحـرف‪.‬‬ ‫أمـا مـن حيـث طريقـة المعيشـة‪ ،‬فـإن مجتمـع وسـط الجزيـرة العربيـة كان منقسـاً‬ ‫إلى قسـمين‪ :‬الحـاضرة‪ ،‬وهـم سـكان البلـدات والقـرى‪ ،‬والباديـة وهـم القاطنـون في‬ ‫الصحـراء والذيـن يتنقلـون بنـاء عـى توافـر المـاء والعشـب والـكلأ‪.‬‬ ‫مجتمع الدرعية‬ ‫وفـد إلى مجتمـع الدرعيـة خـال فـرة الدولـة السـعودية الأولى كثـر مـن الذيـن‬ ‫أصبحـوا جـز ًءا مـن الدولـة السـعودية الأولى‪ ،‬سـواء كانـوا مـن التجـار أو مـن طلبـة‬ ‫العلـم‪ .‬وكان هـؤلاء الوافـدون مـن طبقـات مختلفـة‪ ،‬ومـع مـرور الوقـت ازداد عـدد‬ ‫سـكان الدرعيـة ازديـاداً كبـراً‪ ،‬وتوسـعت رقعـة مسـاحتها‪ ،‬وأصبحـت مقصـد طـاب‬ ‫العلـم‪ ،‬وقبلـة أربـاب التجـارة‪ ،‬وموئـل الباحثـن عـن الـرزق‪.‬‬ ‫العلاقة بين الأئمة والمجتمع‬ ‫كان أئمــة الدولــة الســعودية الأولى متصفــن بصفــات العــرب النبيلــة‪ ،‬كالكــرم‬ ‫والمـروءة والشـجاعة والوفـاء والحلـم‪ .‬وكان مجلـس الإمـام مفتوحـاً لاسـتقبال المواطنـن‬ ‫يدخلـون عليـه يوم ّيـاً‪.‬‬ ‫‪45‬‬

‫وكان الأئمـة كثـري العطـاء والصدقـات للمحتاجـن والوفـود وأهـل العلـم وطلبتـه‬ ‫ومعلمـي القـرآن والمؤذنـن وأئمـة المسـاجد‪ .‬وكانـوا يرسـلون القهـوة لأهـل القيـام في‬ ‫رمضـان‪ .‬وكان الصبيـان مـن أهـل الدرعيـة إذا خرجـوا مـن عنـد المعلـم يصعـدون إلى‬ ‫الأئمـة بألواحهـم‪ ،‬ويعرضـون عليهـم خطوطهـم‪ ،‬فمـن استُحسـن خطـه منهـم أعطـوه‬ ‫جزيـاً‪ ،‬وأعطـوا الباقـن دونـه‪ .‬وكان عطاؤهـم للضعفـاء والمسـاكين كثـراً‪.‬‬ ‫يقول ابن بشر عن الإمام سعود بن عبدالعزيز‪:‬‬ ‫\"قـام إليـه أهـل الحوائـج مـن أهـل الشـكايات مـن البـوادي وغيرهـم‪ ،‬وكان كاتبـه‬ ‫عـن يسـاره‪ ،‬فهـذا قـاض لـه حاجتـه‪ ،‬وهـذا كاتـب لـه شـكايته‪ ،‬وهـذا دافعـه وخصمـه‬ ‫إلى الـرع‪ .‬فيجلـس في مكانـه ذلـك نحـو سـاعتين حتـى ينقـي أكثرهـم‪ ،‬ثـم ينهـض‬ ‫قائمـاً ويدخـل القـر‪ ،‬ويجلـس في مجلسـه في المقصـورة‪ ،‬ويصعـد إليـه كاتبـه ويكتـب‬ ‫جوابـات تلـك الكتـب التـي رفعـت إليـه في ذلـك المجلـس إلى العـر‪ ،‬وينهـض للصـاة\"‪.‬‬ ‫وكان الإمــام ســعود يخــرج لضيفــه كل يــوم خمســمئة صــاع مــن الــر والأرز‪،‬‬ ‫وكان المضايفـي المـوكل بالضيـوف يدعـو أضيافـه للعشـاء مـن بعـد الظهـر إلى مـا بعـد‬ ‫العشـاء الآخـرة‪ .‬وأمـا الغـداء فمـن طلـوع الشـمس إلى اشـتداد النهـار عـى مراتبهـم‬ ‫في العشـاء‪ .‬وكان إذا دخـل رمضـان سـار مسـاكين أهـل نجـد وقصـدوا الدرعيـة‪ ،‬فـكان‬ ‫سـعود كل ليلـة يدخلهـم للإفطـار عنـده في القـر مـع كثرتهـم‪ ،‬ويعطـي كل رجـل منهم‬ ‫\"جديـدة\" (العملـة المحليـة آنـذاك)‪ .‬فـإذا دخلـت العـر الأواخـر أدخلهـم أرسـالاً‪ ،‬كل‬ ‫ليلـة يكسـو منهـم جملـة‪ ،‬يعطـي كل مسـكين عبـاءة ومحرمـة وجديـدة‪ .‬وكان عـدد أفـراد‬ ‫بيـت الإمـام سـعود الخـاص والغربـاء الذيـن يقوتهـم يوميّـاً يـراوح مـا بـن أربعمئـة‬ ‫وخمسـمئة نفـ ٍس‪ .‬وكان الأرز ولحـم الضـأن والجريـش والتمـر هـو طعامهـم‪.‬‬ ‫‪46‬‬

‫الحياة العلمية‬ ‫كان أئمـة الدرعيـة مهتمـن بدعـم العلـم والتعليـم‪ ،‬وكانـوا لا ينقطعـون عن مجالس‬ ‫العلـم في حلهـم‪ ،‬وكانـت هـذه المجالـس تبـدأ مـن وقـت طلـوع الشـمس حيـث يجلـس‬ ‫النـاس مـن أهـل الدرعيـة وغيرهـم للـدرس في (الباطـن) بالموضـع المعـروف بالموسـم‪،‬‬ ‫وهــو مــكان الســوق في بطــن وادي حنيفــة‪ ،‬فــإن كان في الصيــف فعنــد الدكاكــن‬ ‫الشرقيـة‪ ،‬وإن كان في الشـتاء فعنـد الدكاكـن الغربيـة‪ .‬ويجتمـع جمـع عظيـم بحيـث لا‬ ‫يتخلـف إلا النـادر مـن أهـل الأعـال‪ .‬فـإذا فـرغ الـدرس نهـض الإمـام ودخـل القـر‬ ‫وجلـس في مجلـس مـن مجالسـه القريبـة للنـاس‪ ،‬ورفعـوا إليـه حوائجهـم حتـى يتعـالى‬ ‫النهـار ويصـر وقـت القيلولـة‪ ،‬فيدخـل بعـد ذلـك بيتـه‪ .‬فـإذا صـى النـاس الظهـر‬ ‫أقبلـوا إلى الـدرس عنـده في قـره في موضـع بـن البـاب الخـارج والبـاب الداخـل‬ ‫عـى نحـو مـن خمسـن سـارية جعـل مجالسـه ثلاثـة طوابـق كل مجلـس فـوق الآخـر‪.‬‬ ‫فمـن أراد الجلـوس في الأعـى أو الأوسـط أو الـذي تحتـه أو فـوق الأرض اتسـع لـه‬ ‫ذلـك‪ ،‬ثـم يـأتي إخوتـه وأبنـاؤه وعمـه وبنـو خواصـه عـى عادتهـم للـدرس ويجلسـون‬ ‫بمجالسـهم‪ .‬والعـالم الـذي يجلـس للتدريـس في هـذا الموضـع المذكـور والوقـت المذكـور‬ ‫هـو إمـام مسـجد الطريـف عبداللـه بـن حـاد‪ .‬وبعـض الأحيـان القـاضي عبدالرحمـن‬ ‫بــن خميــس إمــام مســجد القــر‪ .‬ويقــرأ الاثنــان في تفســر ابــن كثــر وريــاض‬ ‫الصالحـن‪ .‬فـإذا كان بعـد صـاة المغـرب اجتمـع النـاس للـدرس عنـده داخـل القـر‬ ‫في سـطح مسـجد الظهـر المذكـور‪ .‬وجـاء إخوانـه وبنوهـم وعمـه وبنـوه وخواصـه عـى‬ ‫عادتهـم‪ .‬ولا يتخلـف أحـد منهـم في جميـع تلـك المجالـس الثلاثـة إلا نـادراً‪ .‬ويجتمـع‬ ‫جمـع عظيـم مـن أهـل الدرعيـة‪ .‬ثـم يـأتي الإمـام عـى عادتـه‪ ،‬فـإذا جلـس شرع القارئ‬ ‫في قـراءة صحيـح البخـاري‪ .‬وأمـا الصلـوات المكتوبـة فـكان الإمـام يصليهـا في قـره‪،‬‬ ‫ويصـي معـه فئـة مـن النـاس‪ ،‬إلا يـوم الجمعـة فإنـه يصـي مـع النـاس في مسـجد‬ ‫الطريـف المشـار إليـه‪ ،‬وهـو المسـجد الجامـع‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫ونتيجــة لمنــاصرة الإمــام محمــد بــن ســعود الدعــوة الإصلاحيــة وحمايتهــا‪ ،‬قــام‬ ‫الشـيخ محمـد بـن عبدالوهـاب بنـر العلـم الشرعـي وتهيئـة العلـاء وطـاب العلـم‬ ‫في الدرعيــة‪ ،‬وفي أنحــاء الدولــة الســعودية الأولى‪.‬‬ ‫البجيري‬ ‫الطريف‬ ‫وادي حنيفة‬ ‫موقع الطريف ووادي حنيفة والبجيري‬ ‫‪48‬‬

‫ثقافة التأسيس‬ ‫نَ ْخـ َوة العوجـا نخـوة الدولـة السـعودية‪ ،‬وهـي النـداء الـذي يبـث الحـاس والفخـر‬ ‫وروح الانتـاء للوطـن‪ ،‬ويعـر عنهـا أبنـاء الوطـن في أهازيجهـم الوطنيـة‪.‬‬ ‫ال َّن ْخ َوة النداء المرتبط بمجتمع أو دولة ليب َّث في أهلها ال َحماسة والفخر‪.‬‬ ‫العوجا هي ال ِّد ْرعية التي تقع على امتداد وادي َحنيفة بطبيعته المتع ِّرجة‪.‬‬ ‫قالت الشاعرة موضي ال َّد ْهلاوية‪:‬‬ ‫ِســـ ْر َو َملْ َفـــا ْك للعوجـا ِم ِسيــره ِديـــــرة الشيــخ بلّغـــه الســـلا ْم‬ ‫والطَّايلة يحظى بها من عز طاروقها‬ ‫ملفاك‪ :‬أي قصدك أو اتجاهك‪.‬‬ ‫العوجا‪ :‬الدرعية‪.‬‬ ‫الشيخ‪ :‬الإمام عبدالله بن سعود‪.‬‬ ‫ح َّنا أهل العوجا وحنا اللي نريد الضديد‬ ‫العرضة السعودية‬ ‫بــدأت العرضــة قديمــاً في تفاصيلهــا أو طريقــة أدائهــا لإخافــة الأعــداء بإظهــار‬ ‫الكـرة العدديـة أمامهـم وتخويفهـم بأصـوات قـرع الطبـول‪ ،‬وشـحذ الحماسـة والبسـالة‬ ‫للمقاتلـن ورفـع الـروح المعنويـة لديهـم بترديـد القصائـد الحماسـية‪.‬‬ ‫وفي عـام ‪1178‬هــ (‪1765‬م) في عهـد الإمـام محمـد بـن سـعود في أثنـاء هجـوم‬ ‫عريعـر بـن دجـن زعيـم الأحسـاء ومعـه دهـام بـن دواس أمـر الريـاض عـى الدرعية‪،‬‬ ‫واشــتداد الأمــر عــى قــوات الدولــة الســعودية‪ ،‬الذيــن أحســنوا البــاء في الصمــود‬ ‫والتصـدي‪ ،‬عـزم الأمـر عبدالعزيـز بـن محمـد بـن سـعود عـى رفـع معنويات الفرسـان‬ ‫المقاتلـن‪ ،‬فأمـر في آخـر مطلـع النهـار بإقامـة العرضـة خـارج السـور‪ ،‬فأثـار ذلـك‬ ‫‪49‬‬

‫روح الحماسـة والشـجاعة في نفـوس المقاتلـن‪ ،‬ف ُقلبـت بذلـك موازيـن القتـال‪ ،‬وأصبـح‬ ‫النـر حليفـاً لهـم وألحقـوا بالمعتديـن شر هزيمـة‪.‬‬ ‫وللعرضــة تأثــر فعــال في إثــارة روح الحماســة والشــجاعة في نفــوس الفرســان‬ ‫المقاتلـن‪ ،‬فكانـت تقـام قبـل التوجـه إلى سـاحة المعركـة في نقطـة تجمـع يلتقـي فيهـا‬ ‫المقاتلــون مــع قائدهــم الــذي يســتعرض جنــده ليتفقدهــم ويتأكــد مــن جاهزيتهــم‬ ‫لخـوض غـار المعركـة وليبعـث فيهـم روح الاعتـزاز والحميـة‪ ،‬وتقـام بعـد ذلـك العرضـة‬ ‫في صفـوف ذات أداء مهيـب متـزن يثـر العزائـم ويحيـي مشـاعر الشـجاعة والتفـاني‬ ‫في نفـوس المقاتلـن‪ ،‬كـا كان لهـا حضـور بعـد عـودة المقاتلـن منتصريـن‪ ،‬فتقـام مـن‬ ‫أجلهـم العرضـة احتفـالاً واعتـزازاً بنصرهـم‪.‬‬ ‫فالعرضــة في الأصــل مــا هــي إلا رقصــة حربيــة تُثــر عزائــم المقاتلــن‪ ،‬وهــي‬ ‫صــورة مــن صــور التلاحــم بــن القائــد وشــعبه‪ ،‬يؤديهــا الفرســان أمامــه مظهريــن‬ ‫بذلـك حبهـم لأرضهـم ومـدى انتمائهـم واعتزازهـم بهـا ووفائهـم وإخلاصهـم لقائدهم‪،‬‬ ‫حيـث تضمنـت العرضـة القصائـد البطوليـة التـي تعـرض أمجـاد القـادة وإنجازاتهـم‪،‬‬ ‫وتضحيـات الآبـاء وبطولاتهـم واستبسـالهم للدفـاع عـن أراضيهـم والتغنـي بالانتصارات‪.‬‬ ‫اختـص ابو تركــي َع َمعيـن الحريب‬ ‫ِم ِّني عليكم ياهـل العوجــا ســلام‬ ‫يا حا ِمــــي ال َونْـ َدات يا ِريْف ال َغ ِريْـب‬ ‫يا شيخ باح الصبر من طول المقام‬ ‫العز بال َقلْطَــات والـــ َّراي ال ِّصلِ ْيــــب‬ ‫ما كان ِح ْشت الدار َوا ْش ِق ْيت ال َح ِريـب‬ ‫اضرب على الكايـد ولا تَسمع كلام‬ ‫لو ان ِط ِعت ال َّشو َر يال ِحـ ِر ال َقطَام‬ ‫وكان الفـارس يشـارك في أداء العرضـة مـن خـال عرضـه عـى صهـوات الجيـاد‪،‬‬ ‫وتسـمى بالحـدوة‪ ،‬ويعـود اسـمها في الأصـل إلى حـداء الخيـل‪ ،‬حيـث ينفـرد الفـارس في‬ ‫بـدء العرضـة وهـو يحـدو عـى صهـوة جـواده بهـدف تعريـف نفسـه متجاذبـاً الأصـوات‬ ‫مـع الفرسـان الآخريـن بفخـر وحماسـة‪ ،‬ويطلـق عليـه الحـادي‪ ،‬ثـم ينضـم بعـد ذلـك إلى‬ ‫صفـوف العرضـة ويشـاركهم وهـو عـى صهـوة جـواده‪ ،‬وتسـمى أيضـاً \"عرضـة الخيـل\"‪.‬‬ ‫‪50‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook