Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore رسالة

رسالة

Published by ybenbilal, 2020-01-28 18:58:13

Description: رسالة اليونيسكو - الذكاء الإصطناعي و عود و التهديدات

Search

Read the Text Version

‫يوليو‪-‬سبتمبر ‪2018‬‬ ‫االلا ّذصكاءطناعي‬ ‫وعود وتهديدات‬ ‫ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ‬ ‫ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ‬

‫اشتركوا في‬ ‫اكتشفوا‬ ‫النسخة الإلكترونية‬ ‫رسالة‬ ‫مجاني ‪%100‬‬ ‫اليونسكو‬ ‫وساهموا‬ ‫‪http//ar.unesco.org/courier/subscribe‬‬ ‫في التعريف بها!‬ ‫إلعبوا دورا‬ ‫تصدر في ‪ 9‬لغات‬ ‫رياديا!‬ ‫الإنجليزية والعربية والصينية‬ ‫ساهموا بصفة ف ّعالة في إنجاح‬ ‫والإسبانية والإسبرانتو والفرنسية‬ ‫رسالة اليونسكو بالتشجيع على ترويجها‬ ‫والبرتغالية والروسية والسردينية‪.‬‬ ‫واستعمالها طبقا لسياسة الاستعمال الحر‬ ‫للمنظمة‪.‬‬ ‫كونوا شركاء فاعلين‪ ،‬اقترحوا إصدار رسالة‬ ‫اليونسكو في لغات إضافية‪.‬‬ ‫‪http://ar.unesco.org/open-access‬‬ ‫الاتصال‪[email protected] :‬‬ ‫اشتركوا في النسخة الورقية‬ ‫• سنة واحدة (‪ 4‬أعداد)‪ 27 :‬يور و • سنتان (‪ 8‬أعداد)‪ 54:‬يورو‬ ‫لمزيد التفاصيل‪http://publishing.unesco.org :‬‬ ‫وحيث أن هذه النشرية ليس لها غاية ربحية‪ ،‬فإن‬ ‫سعرها يُغ ّطي فقط تكاليف طبعها وإرسالها‪.‬‬ ‫‪DL Services – C/O Michot Entrepôts‬‬ ‫‪Chaussée de Mons 77,‬‬ ‫عرض تفضيلي للاشتراكات ال ُمج ّمعة‪ %10 :‬تخفيض‬ ‫بداية من خمسة اشتراكات‪.‬‬ ‫‪B 1600 Sint Pieters Leeuw, Belgique‬‬ ‫ ‪Tél.: (+ 32) 477 455 329   E-mail: [email protected]‬‬ ‫‪© UNESCO 2018‬‬ ‫المح ّررون‪:‬‬ ‫‪ - 2018‬عدد ‪ - 3‬تصدر منذ ‪1948‬‬ ‫‪ISSN 2220-3540 • eISSN 2220-3559‬‬ ‫الإنجليزية‪ :‬شراز سيدهفا‬ ‫تصدر رسالة اليونسكو فصليا‪ ،‬عن منظمة الأمم المتحدة‬ ‫‪ ‬‬ ‫العربية‪ :‬أنيسة الب ّراق‬ ‫للتربية والعلم والثقافة‪ .‬هدفها التعريف بالمثل العليا للمنظمة‬ ‫الصينية‪ :‬سون مين ودار الصين للترجمة والنشر‬ ‫مجلة فصلية ح ّرة الإقتناء‪ ،‬بترخيص من‬ ‫من خلال نشر تبادل الأفكار حول مواضيع ذات بُعد دولي‬ ‫)‪Attribution-ShareAlike 3.0 IGO (CC-BY-SA 3.0 IGO‬‬ ‫الإسبانية‪ :‬بياتريز خواز‬ ‫ومتعلقة بالمهام الموكولة إليها‪.‬‬ ‫)‪(http://creativecommons.org/licenses/by-sa/3.0/igo/‬‬ ‫الفرنسية‪ :‬ريجيس ميران‬ ‫يعترف مستعملي محتويات المجلة بقبولهم شروط الإستعمال‬ ‫الروسية‪ :‬مارينا يرتسيفا‬ ‫تصدر رسالة اليونسكو بفضل الدعم السخ ّي الذي تو ّفره‬ ‫المنصوص عليها في نظام التوثيق المفتوح لليونسكو‬ ‫الترجمة ‪ :‬منير الشرفي‪ ،‬خالد أبو حجلة‪ ،‬نبيل ال ّسخاوي‪ ،‬لانغسباير‬ ‫جمهورية ال ِّصين الشعبية‪.‬‬ ‫‪http://ar.unesco.org/open-access/‬‬ ‫التصميم‪ :‬كورين هايوارث‬ ‫المدير‪ :‬فانسان دي فورني‬ ‫يطبق هذا الترخيص حصريّا على استعمال النصوص‪ .‬بالنسبة‬ ‫صورة الغلاف‪ © : :‬فرانشسكو رواغ‬ ‫مديرة التحرير‪ :‬ياسمينا شوبوفا‬ ‫مدير الإنتاج والترويج‪ :‬إيان دنيسون‬ ‫لاستعمال الصور‪ ،‬من الضروري توجيه طلب إلى اليونسكو‬ ‫الطباعة ‪ :‬اليونسكو‬ ‫أمينة التحرير‪ :‬كاترينا مركيلوفا‬ ‫للحصول على ترخيص مسبق‪.‬‬ ‫النشرات المشتركة‪:‬‬ ‫البرتغالية‪ :‬آنا لوشيا غيمارايس‬ ‫محررة‪ :‬شان سياورونغ‬ ‫إن التسميات وطريقة تصميم المعطيات الواردة في هذه النشرية‬ ‫اسبيرانتو‪ :‬تريزورو هوانغ ينباو‬ ‫مح ّررة النسخة الإلكترونية‪ :‬مالاهات إبراهيموفا‬ ‫لا تع ّب عن أي موقف لمنظمة اليونسكو حول الوضع القانوني‬ ‫السردينية‪ :‬دياغو كرايين‬ ‫للدول‪ ،‬وللأراضي‪ ،‬وللمدن أو المناطق‪ ،‬أو حول الهيئات الحاكمة‪،‬‬ ‫إخراج الصور‪ :‬دانيكا بيجلجاك‬ ‫الإرشادات وحقوق إعادة النشر‪:‬‬ ‫الإنتاج الرقمي‪ :‬دنيس بتزاليس‬ ‫أو الحدود المرسومة‪.‬‬ ‫العلاقات مع وسائل الإعلام‪ :‬لايتيسيا كاسي‬ ‫تع ّب المقالات الواردة في هذه النشرية عن أفكار وآراء مؤ ّلفيها‪،‬‬ ‫‪[email protected]‬‬ ‫مساعدة الإدارة والتحرير‪ :‬كارولينا رولان أورتيغا‬ ‫وهي ليست بالضرورة آراء منظمة اليونسكو ولا تلزمها بأي‬ ‫‪7, place de Fontenoy, 75352 Paris 07 SP, France ‬‬ ‫شكل من الأشكال‪.‬‬ ‫‪© UNESCO 2018‬‬

‫من أجل أخلاقيّات ‬ ‫للبحث في الذكاء الاصطناعي‬ ‫على الصعيد العالمي‬ ‫لا يخول له ربط صلة اجتماعية حقيقية خارج‬ ‫لقد أحدث الذكاء الاصطناعي الثورة الصناعية‬ ‫شهد الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة‬ ‫الإطار الذي وضع لتحديد نطاق تفاعلاته‪.‬‬ ‫الرابعة‪ ،‬بل أكثر من ذلك‪ ،‬لأنه بصدد إحداث ثورة‬ ‫تق ّدما ُمذهلا أفرز اختراعات لم نكن نخالها‬ ‫ثقافية‪ .‬وإن كنا لا ننكر أنه سوف يغير مستقبلنا‪،‬‬ ‫ممكنة‪ .‬أصبحت الحواسيب والروبوتات قادرة‬ ‫ورغم ذلك‪ ،‬أصبحت بعض تطبيقات الذكاء‬ ‫على تع ّلم كيفية تحسين أدائها وحتى على اتّخاذ‬ ‫الاصطناعي مح ّل شك‪ :‬منها تجميع معطيات‬ ‫لا نعرف كيف سيحدث ذلك‪ .‬وهذا ما يجعله‬ ‫القرارات – ويت ّم ذلك طبعا بواسطة خوارزمي‬ ‫مغريا و ُمخيفا في نفس الوقت‪.‬‬ ‫وبدون ضمير فردي‪ .‬لكن ذلك لا يُثنينا عن طرح‬ ‫فيها انتهاك للحياة الخاصة‪ ،‬وخوارزميّات‬ ‫بعض التساؤلات‪ .‬هل يُمكن لآلة أن تُف ّكر؟ ما‬ ‫للتع ّرف على الوجه يُفترض استعمالها لتحديد‬ ‫بعد أن حققت الرسالة في هذا الموضوع‪ ،‬تُق ّدم‬ ‫هي قدرات الذكاء الاصطناعي في المرحلة الحاليّة‬ ‫سلوك عدواني أو فيه تحيز عنصري‪ ،‬وطائرات‬ ‫للقارئ ما يجب الاحتفاظ به بخصوص هذا‬ ‫من تط ّوره؟ ما هو مدى استقلاليّته؟ وماذا عن‬ ‫حربية دون طيّار وأسلحة فتّاكة ُمستق ّلة‪ ...‬يُثير‬ ‫الموضوع الجديد في مجال البحث العلمي‪،‬‬ ‫الذكاء الاصطناعي العديد من المشاكل الأخلاقية‪،‬‬ ‫الذي يقع على الحدود بين الإعلامية والهندسة‬ ‫التحكم البشري في كل ذلك؟‬ ‫ولا شك أن خطورتها سوف تتفاقم في المستقبل‪.‬‬ ‫والفلسفة‪ .‬وتقوم في الأثناء بتصحيح بعض‬ ‫الأمور‪ .‬فال ّذكاء الاصطناعي في وضعه الحالي‪،‬‬ ‫عمل رقمي للفنانة إفجانيجا دمنيافسكا يمثل‬ ‫وبينما يتق ّدم البحث العلمي بسرعة فائقة في‬ ‫الإله الروماني جانوس الذي يحمل وجهين‪:‬‬ ‫ما يتع ّلق بالجوانب التقنية للذكاء الاصطناعي‪،‬‬ ‫ونقول ذلك بكل وضوح‪ ،‬ليس قادرا على التفكير‪.‬‬ ‫وجه ينظر إلى الماضي والآخر إلى المستقبل‪.‬‬ ‫وما زلنا بعيدين كل البعد عن امكانية تحميل‬ ‫وهو يتحكم في كل انتقال من وضع إلى آخر‪.‬‬ ‫نجده ُمتعثّرا عندما يتع ّلق الأمر بجوانبه‬ ‫كافة ُمك ّونات الكائن البشري في حاسوب! إن‬ ‫الأخلاقية‪ .‬صحيح أن العديد من الباحثين يعبرون‬ ‫الروبوت يخضع لجملة من الأعمال الرتيبة التي‬ ‫عن قلقهم‪ ،‬وأن بعض الدول شرعت في التفكير‬ ‫تسمح له بالتفاعل معنا معشر البشر‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫الج ّدي حول هذه المسألة‪ ،‬لكنه لا يوجد لح ّد اليوم‬ ‫أي إطار قانوني لتوجيه البحث مستقبلا على‬ ‫الصعيد العالمي‪ .‬وتصرح أودري أزولاي‪ ،‬المديرة‬ ‫العامة لليونسكو‪ ،‬في هذا العدد من الرسالة‪:‬‬ ‫«من مسؤوليتنا إدارة حوار كوني ومستنير حتى‬ ‫نقتحم هذا العصر الجديد بأعين مفتوحة‪،‬‬ ‫دون أن نُض ّحي ب ِقيمنا‪ ،‬وحتى نتيح‬ ‫إمكانية التو ّصل إلى أرضية مشتركة‬ ‫من المبادئ الأخلاقية»‪.‬‬ ‫(انظر ص‪ 36 .‬الى ‪.)39‬‬ ‫لكي يتط ّور الذكاء الاصطناعي بشكل‬ ‫مسؤول‪ ،‬من الضروري وضع آلية‬ ‫دولية تضبط معاييره‪ :‬وهي مه ّمة‬ ‫اضطلعت بها اليونسكو‪ ،‬ويسعى‬ ‫هذا العدد من الرسالة إلى مساندتها‬ ‫باقتراح بعض سبل التفكير فيها‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|3 2018‬‬ ‫‪© Evgenija Demnievska‬‬ ‫)‪(evgenijademnievska.com‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫المحتويات‬ ‫زاوية كبرى‬ ‫‪41-6‬‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪:‬‬ ‫‪7‬‬ ‫بين الأسطورة والواقع‬ ‫‪10‬‬ ‫زوم‬ ‫‪49-42‬‬ ‫جان غابريال غاناسيا‬ ‫‪11‬‬ ‫‪14‬‬ ‫عبء الحياة‬ ‫اليد التي تُبصر‬ ‫‪15‬‬ ‫فلوريان دولاساي‬ ‫شان سياورونغ‬ ‫‪18‬‬ ‫وسيبيل دورجيفال‬ ‫‪20‬‬ ‫روبوتات وبشر‬ ‫فانيسا إيفرس‬ ‫‪22‬‬ ‫‪25‬‬ ‫جيوسيبي يفتح عهدا جديدا للطبخ‬ ‫‪29‬‬ ‫بياتريز خواز‬ ‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬ ‫ميغال بن الصايغ‪ :‬الدماغ لا يُف ّكر!‬ ‫أجرى المقابلة ريجيس ميران‬ ‫‪34‬‬ ‫‪36‬‬ ‫يوشوا بنجيو‪:‬‬ ‫‪40‬‬ ‫التصدي لاحتكار البحث‬ ‫أجرت المقابلة ياسمينا شوبوفا‬ ‫مصطفى سيسي‪ :‬من أجل استخدام‬ ‫ديمقراطي للذكاء الاصطناعي في‬ ‫أفريقيا‬ ‫أجرت المقابلة كاترينا ماركيلوفا‬ ‫يانغ كيانغ‪ :‬الثورة الرابعة‬ ‫أجرى المقابلة وانغ تشاو‬ ‫تهديدات الروبوتات القاتلة‬ ‫فاسيلي سيتشاف‬ ‫في خدمتنا‪ ،‬ولي َس على حسابنا‬ ‫تي وي آنغ ودفنا فينهولز‬ ‫مارك أنطوان ديلاك‪ :‬ماذا عن‬ ‫المخاطر الأخلاقية؟‬ ‫أجرى المقابلة ريجيس ميران‬ ‫كارل شرودر‪:‬‬ ‫من أجل الأفضل‪ ،‬لا غير‪ِ .‬ل َم لا؟‬ ‫أجرت المقابلة‬ ‫ماري كريستين بينو ديمولان‬ ‫لنتع ّلم العيش‬ ‫في عصر الذكاء الاصطناعي‬ ‫ليسلي لوبل‬ ‫أودري أزولاي‪ :‬لنستغ ّل أحسن ما في‬ ‫الذكاء الإصطناعي‬ ‫أجرت المقابلة ياسمينا شوبوفا‬ ‫معجم الذكاء الاصطناعي‬ ‫‪ 4‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫‪55-50‬‬ ‫أفكار‬ ‫الرقص للتعبير عن المنكر أو مسألة ‪39‬‬ ‫تأثير ذاكرة العبودية على الإبداع‬ ‫الفني المعاصر‬ ‫ألان فوا‬ ‫‪59-56‬‬ ‫‪66-60‬‬ ‫ضيفنا‬ ‫مالك بن إسماعيل‪ :‬تصوير الواقع‬ ‫أجرت المقابلة ياسمينا شوبوفا‬ ‫الأحداث‬ ‫خاص بالذكرى ‪70‬‬ ‫أرخبيل كولومبوس‪:‬‬ ‫‪61‬‬ ‫السكان يتجندون‬ ‫‪62‬‬ ‫‪64‬‬ ‫مصالحة بين الإنسان والطبيعة‬ ‫الصحيفة الوحيدة التي‬ ‫‪70-67‬‬ ‫لوك جاكي‬ ‫كان يقرأها نيلسون مانديلا‬ ‫طائرة بدون طيّار‬ ‫في جزيرة روبن‬ ‫تكشف عن أسرار تيواناكو‬ ‫أنار ك ّسام‬ ‫لوسيا اغليزياس كونتز‬ ‫رسالة اليونسكو • يونليو ‪ -‬سبتمبر ‪|5 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫وعود وتهديدات‬ ‫زاوية كبرى‬ ‫التعرف على الوجه‪ ،‬من منظور‬ ‫الفنان الأمريكي طوني آورسلير‬ ‫© بترخيص كريم من الفنان ومن رواق‬ ‫ليهمان موبان‪ ،‬نيويورك وهونغ كونغ‬ ‫‪ 6‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪:‬‬ ‫ بين الأسطورة‬ ‫ والواقع‬ ‫بقلم جان غابريال غاناسيا‬ ‫ومن وجهة نظر جون مكارثي ومارفن‬ ‫هذه الفكرة التي تحيل إلى الأساطير والخرافات‬ ‫هل يمكن للآلة أن تصبح أذكى من‬ ‫مينسكي‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للقائمين‬ ‫القديمة‪ ،‬مثل أسطورة غوليم‪ ،‬أُعيد إحياؤها‬ ‫الآخرين على المدرسة الصيفية بكلية دارتموث‪،‬‬ ‫مؤخ ًرا من قبل شخصيات معاصرة مثل‬ ‫الإنسان؟ يرد جان غابريال غاناسيا‪:‬‬ ‫كان الذكاء الإصطناعي يهدف في البداية إلى‬ ‫الفيزيائي البريطاني ستيفن هوكنغ‬ ‫محاكاة كل واحدة من مختلف قدرات الذكاء‪،‬‬ ‫(‪ )2018-1942‬أو رجل الأعمال الأمريكي‬ ‫لا‪ ،‬هذه أسطورة مستوحاة من الخيال‬ ‫بواسطة الآلات‪ ،‬سواء كان ذكاء بشريا أو‬ ‫إلون ماسك‪ ،‬و من قبل المفكر المستقبلي‬ ‫حيوانيا أو نباتيا أو اجتماعيا أو تصنيفا‬ ‫الأمريكي راي كورزويل أو أنصار ما يسمى‬ ‫العلمي‪ .‬ويستعرض المراحل الرئيسية‬ ‫اليوم «الذكاء الإصطناعي القوي» أو «الذكاء‬ ‫تفرعيا حيويا‪.‬‬ ‫الإصطناعي العام»‪ .‬هذا ولن نستعمل في هذا‬ ‫للبحوث في هذا المجال‪ ،‬والبراعات‬ ‫وقد استند هذا النظام العلمي أساسا إلى‬ ‫المقال المعنى الثاني لأنه يشهد فقط على خيال‬ ‫التقنية الحالية والمسائل الأخلاقية التي‬ ‫افتراض أن جميع الوظائف المعرفية‪ ،‬ولا‬ ‫مفعم‪ ،‬يستلهم من الخيال العلمي أكثر من‬ ‫سيما التع ّلم‪ ،‬والاستدلال‪ ،‬والحساب‪ ،‬والإدراك‪،‬‬ ‫تقتضي حلولا بصفة مل ّحة‪.‬‬ ‫والحفظ في الذاكرة‪ ،‬وحتى الإكتشاف العلمي‬ ‫الواقع العلمي الملموس الذي أثبتته الاختبارات‬ ‫أو الإبداع الفني‪ ،‬قابلة لوصف دقيق لدرجة‬ ‫والملاحظات التجريبية‪.‬‬ ‫الذكاء الإصطناعي هو نظام علمي بدأ رسميا‬ ‫أنه يمكن برمجة جهاز كمبيوتر لاس ِتنساخها‪.‬‬ ‫في عام ‪ 1956‬في كلية دارتموث في هانوفر‬ ‫ومنذ وجود الذكاء الاصطناعي‪ ،‬أي منذ أكثر‬ ‫هذا الطفل الروبوت‪ ،‬الذي أُطلق عليه اسم سي‬ ‫بالولايات المتحدة الأمريكية‪ ،‬خلال انعقاد‬ ‫من ستين سنة‪ ،‬ليس هناك ما يفند أو يثبت‬ ‫‪.‬بي ‪ ،2‬من صنع مينورو أسادا (اليابان) كي‬ ‫بشكل قاطع هذه الفرضية التي لا تزال‬ ‫نفهم عملية تع ّلم الآلات‪ .‬ويظهر سي‪.‬بي ‪2‬‬ ‫مدرسة صيفية نظمها أربعة باحثين أمريكيين‪:‬‬ ‫جون مكارثي‪ ،‬مارفن مينسكي‪ ،‬ناثانييل‬ ‫مفتوحة وخصبة في آن واحد‪.‬‬ ‫وهو يتع ّلم الزحف‪.‬‬ ‫روتشستر وكلود شانون‪ .‬ومنذ ذلك الحين‪،‬‬ ‫سجل تاريخي متباين‬ ‫نجح مصطلح «الذكاء الاصطناعي» ‪ -‬الذي‬ ‫شهد الذكاء الإصطناعي العديد من التطورات‬ ‫من المحتمل أن يكون قد اخترع في البداية‬ ‫خلال فترة وجوده القصيرة‪ .‬ويمكن تلخيصها‬ ‫لإثارة انتباه الجمهور ‪ -‬بما أنه أصبح شائعا‬ ‫لدرجة أن لا أحد يجهله اليوم‪ ،‬وأن هذا الفرع‬ ‫في ست مراحل‪.‬‬ ‫من المعلوماتية أخذ في الانتشار أكثر فأكثر مع‬ ‫مرور الوقت‪ ،‬وبما أن التقنيات التي انبثقت‬ ‫عنه ساهمت بقدر كبير في تغيير العالم على‬ ‫مدى الستين سنة الماضية‪.‬‬ ‫إ ّل أن نجاح مصطلح «الذكاء الاصطناعي»‬ ‫يرتكز في بعض الأحيان على سوء فهم عندما‬ ‫يشير إلى كيان اصطناعي موهوب بالذكاء‪،‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬قادر على منافسة الكائنات البشرية‪.‬‬ ‫‪© Max Aguilera-Hellweg / INSTITUTE‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|7 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫من الذكاء الاصطناعي إلى الواجهة‬ ‫الذكاء الاصطناعي الدلالي‬ ‫زمن الأنبياء‬ ‫بين الإنسان والآلة‬ ‫ورغم ذلك لم تتوقف البحوث‪ ،‬لكنها أخذت‬ ‫في بادئ الأمر‪ ،‬مع نشوة الإبتكار والنجاحات‬ ‫اعتبارا من أواخر التسعينات‪ ،‬ت ّم ربط الذكاء‬ ‫اتجاهات جديدة‪ .‬وانصب الاهتمام على علم‬ ‫الأولى‪ ،‬انج ّر الباحثون في تصريحات مبالغ‬ ‫الاصطناعي بال ُروبوتات وبال َواجهة بين‬ ‫النفس المتعلق بالذاكرة وعلى آليات الفهم‬ ‫فيها نوعا ما‪ ،‬استُهدفوا على إثرها بانتقادات‬ ‫الإنسان والآلة‪ ،‬لإنتاج حواسيب ذكية توحي‬ ‫لم َحاولة محاكاتها على الكمبيوتر‪ ،‬كما تم‬ ‫كثيرة‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬في عام ‪ ،1958‬ص ّرح‬ ‫بوجود أوضاع عاطفية ومشاعر‪ .‬مما أ ّدى‪ ،‬على‬ ‫الاهتمام بدور المعرفة في التفكير المنطقي‪.‬‬ ‫الأمريكي هيربرت سايمون‪ ،‬الذي حاز في وقت‬ ‫وهذا ما أدى إلى ظهور تقنيات التمثيل الدلالي‬ ‫لاحق على جائزة نوبل للاقتصاد‪ ،‬أنه في غضون‬ ‫سبيل المثال لا الحصر‪ ،‬إلى إحصاء العواطف‬ ‫للمعارف التي تطورت إلى حد كبير في منتصف‬ ‫عشر سنوات ستصبح الآلة بطلة عالمية في لعبة‬ ‫(الحوسبة العاطفية) الذي يقيّم ردود فعل‬ ‫السبعينات‪ ،‬والتي أدت أي ًضا إلى تطوير ما‬ ‫الشطرنج‪ ،‬إذا لم يت ّم استبعادها من المسابقات‬ ‫الفرد الناتجة عن مشاعره ليعيد إنتاجها على‬ ‫يسمى بالنظم الخبيرة ‪ -‬س ّميت كذلك لأنها‬ ‫الآلة‪ ،‬ولا سيما إلى تطوير روبوتات قادرة على‬ ‫قد تتطلب استخدام معرفة خبراء مهنيين‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫لاستنساخ طريقة تفكيرهم‪ .‬وقد أثارت هذه‬ ‫المحادثة‪.‬‬ ‫النظم آما ًل كبيرة في أوائل الثمانينات بفضل‬ ‫السنوات المظلمة‬ ‫التطبيقات المتعددة التي تم انتاجها‪ ،‬ومنها على‬ ‫نهضة الذكاء الاصطناعي‬ ‫بحلول منتصف الستينيات‪ ،‬تعثرت وتيرة‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬التشخيص الطبي‪.‬‬ ‫التقدم‪ .‬وتمكن طفل في العاشرة من العمر من‬ ‫منذ عام ‪ ،2010‬بفضل قوة الآلة‪ ،‬أصبح من‬ ‫الممكن استغلال البيانات الضخمة بواسطة‬ ‫الاتصاليّة الجديدة وتع ّلم الآلة‬ ‫التغ ّلب على جهاز كمبيوتر في لعبة الشطرنج‬ ‫عام ‪ .1965‬وأشار تقرير أصدره مجلس‬ ‫تقنيات التع ّلم العميق التي تعتمد على‬ ‫لقد أ ّدى تحسين التقنيات إلى تصميم‬ ‫الشيوخ الأمريكي سنة ‪ 1966‬إلى القيود‬ ‫استخدام الشبكات العصبية الشكلية‪ .‬ويجرنا‬ ‫خوارزميات تع ّلم الآلة التي م ّكنت أجهزة‬ ‫المتأصلة في الترجمة الآلية‪ .‬فتع ّرض الذكاء‬ ‫ظهور تطبيقات مثمرة في العديد من المجالات‬ ‫الكمبيوتر من تجميع المعارف وإعادة برمجتها‬ ‫(التعرف على الكلام‪ ،‬التعرف على الصور‪ ،‬فهم‬ ‫الإصطناعي لدعاية سلبية لمدة عشر سنوات‪.‬‬ ‫اللغة الطبيعية‪ ،‬سيارة ذاتية القيادة‪ ،‬إلخ) إلى‬ ‫تلقائيا انطلاقا من تجاربها الخاصة‪.‬‬ ‫أول آلة حساب رقمية الكترونية قابلة‬ ‫الحديث عن نهضة الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫وقد أفضى ذلك إلى ظهور تطبيقات صناعية‬ ‫للبرمجة استعملت لأول مرة سنة ‪ .1946‬كان‬ ‫(تحديد بصمات الأصابع‪ ،‬والتعرف على الكلام‪،‬‬ ‫يبلغ حجمها ‪ 30‬متر مكعب وتزن ‪ 30‬طنّا‪.‬‬ ‫إلخ)‪ ،‬حيث تتواجد تقنيات مستمدة من الذكاء‬ ‫ت ّم تصميمها في جامعة بنسيلفانيا (الولايات‬ ‫الاصطناعي‪ ،‬والإعلامية‪ ،‬والحياة الاصطناعية‪،‬‬ ‫المتحدة) للقيام بالحسابات الخا ّصة بقذائف‬ ‫وغيرها من الاختصاصات‪ ،‬بغرض توفير‬ ‫الجيش الأمريكي‪ ،‬ثم استخدمت في مجالي‬ ‫نظم‪ ‬هجينة‪.‬‬ ‫الفيزياء النووية والرصد الجوي‪.‬‬ ‫مجال عمومي‪/‬صورة لجيش الولايات المتحدة‬ ‫‪ 8‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫أي مخاطر من الناحية الأخلاقية؟‬ ‫‪© BBP/EPFL 2015‬‬ ‫باستخدام الذكاء الاصطناعي‪ ،‬أصبحت معظم‬ ‫محاكاة حركية داخل حلقة متناهية الصغر‬ ‫تطبيقات‬ ‫أبعاد الذكاء ‪ -‬ربما باستثناء الفكاهة ‪ -‬موضع‬ ‫من أعصاب افتراضية لفأر (‪،)2015‬أنجزت‬ ‫في إطار مشروع الدماغ الأزرق‪ ،‬وهو جزء من‬ ‫لقد تجاوزت العديد من الإنجازات المعتمدة‬ ‫التحليل وإعادة البناء العقلاني عن طريق‬ ‫المشروع الأوروبي الدماغ البشري‪ .‬وتمثل‪،‬‬ ‫على تقنيات الذكاء الاصطناعي قدرات الإنسان‪:‬‬ ‫أجهزة الكمبيوتر‪ .‬وبالإضافة إلى ذلك‪ ،‬تجاوزت‬ ‫حسب العلماء‪ ،‬مرحلة نحو محاكاة تشغيل‬ ‫لقد هزمت آلة في لعبة الشطرنج بطل العالم‬ ‫الآلة قدراتنا المعرفية في معظم الميادين‪ ،‬مما‬ ‫الدماغ البشري‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،1997‬كما تفوقت سنة ‪ 2016‬آلات‬ ‫يجعل البعض يخشى مخاطرها من الناحية‬ ‫أخرى على أحد أفضل ال ّلعبين في العالم في‬ ‫الأخلاقية‪ .‬تتمثل هذه المخاطر في ثلاثة أنواع‪:‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يستخدم العلماء هذه‬ ‫لعبة «الجو»‪ ،‬وعلى لاعبين ممتازين في لعبة‬ ‫ندرة فرص الشغل باعتبار أن الآلة ستعوض‬ ‫التقنيات لتحديد وظيفة بعض الجزيئات‬ ‫البوكر‪ .‬وتقوم أجهزة الكمبيوتر بإثبات ‪ -‬أو‬ ‫الإنسان لتأدية العديد من المهام‪ ،‬والانعكاسات‬ ‫الحيوية‪ ،‬وخاصة البروتينات والمجينات‪ ،‬من‬ ‫بالمساعدة على إثبات ‪ -‬النظريات الرياضية‪.‬‬ ‫على استقلالية الفرد وخاص ًة على حريته وأمنه‪،‬‬ ‫خلال تسلسل مكوناتها ‪ -‬الأحماض الأمينية‬ ‫ويتم بناء المعارف بشكل تلقائي انطلاقا من‬ ‫وتجاوز البشرية التي قد تزول لتحل محلها‬ ‫بالنسبة للبروتينات‪ ،‬والجزء الأساسي بالنسبة‬ ‫بيانات ضخمة تقاس بالتيرابايت (‪ 1012‬بايت)‬ ‫للمجين‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬تشهد كل العلوم قطعا‬ ‫أو حتى بالبيتابايت (‪ 1015‬بايت)‪ ،‬باستخدام‬ ‫آلات تفوقها «ذكاء»‪.‬‬ ‫معرفيا أساسيا مع ظهور ما يسمى بتجارب‬ ‫«إن سيليكو» (تجارب في بيئة افتراضية)‪،‬‬ ‫تقنيات التع ّلم الآلي‪.‬‬ ‫إلا أنه إذا تم تدارس الوضع بصفة دقيقة‪،‬‬ ‫لأنها تتم بالاعتماد على بيانات ضخمة‪ ،‬بفضل‬ ‫يتبين أن الشغل لا يزول بل هو على العكس‬ ‫نظم قوية لمعالجة المعلومات تتكون نواتها‬ ‫وبفضل تقنيات التعلم الآلي‪ ،‬تقوم الآلات‬ ‫تماما‪ ،‬يتغ ّي و يتطلب مهارات جديدة‪ .‬وبالمثل‪،‬‬ ‫من السيليسيوم‪ ،‬مما يجعل هذه التجارب‬ ‫بالتعرف على الكلام وتدوينه‪ ،‬مثلها مثل‬ ‫ليس هناك تهديدا لاستقلالية الفرد وحريته‬ ‫تتعارض مع التجارب في الوسط الحي التي‬ ‫السكرتيرة‪-‬الراقنة في السابق‪ ،‬وتقوم أخرى‬ ‫بسبب تط ّور الذكاء الاصطناعي‪ ،‬شريطة أن‬ ‫تُجرى على الجسم الحي‪ ،‬وعلى وجه الخصوص‬ ‫بالتعرف بدقة على سمات الوجه أو بصمات‬ ‫نظل في يقظة أمام اختراق التكنولوجيا لحياتنا‬ ‫مع التجارب المختبرية التي تُجرى في أنابيب‬ ‫الأصابع من بين عشرات الملايين‪ ،‬وقراءة‬ ‫النصوص المكتوبة باللغة الطبيعية‪ .‬كما‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫زجاجية‪.‬‬ ‫وجدت بفضل هذه التقنيات سيارات ذاتية‬ ‫التحكم‪ ،‬وآلات قادرة على تشخيص الورم‬ ‫وختاما‪ ،‬خلافاً لما ي ّدعي البعض‪ ،‬لا تشكل‬ ‫وتؤثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في جميع‬ ‫الميلانيني أفضل بكثير من الأطباء المختصين‬ ‫الآلات خطراً وجودياً على البشرية‪ ،‬لأن‬ ‫القطاعات تقريبا‪ ،‬وخاصة في الصناعة والبنوك‬ ‫في الأمراض الجلدية‪ ،‬و ذلك اعتمادا على صور‬ ‫فوتوغرافية لل ّشامات الجلدية يتم التقاطها‬ ‫استقلاليتها ذات طابع تقني ليس إ ّل‪ ،‬حيث‬ ‫والتأمين والصحة والدفاع‪ ،‬ذلك أنه أصبح‬ ‫باستخدام الهواتف المحمولة‪ .‬وأصبحت‬ ‫أنها لا تعكس سوى سلسلة من الروابط‬ ‫من الممكن تحويل العديد من المهام الروتينية‬ ‫الروبوتات تحل محل الإنسان المقاتل في‬ ‫الحالية إلى عمليات آلية‪ ،‬وهذا من شأنه أن يغ ّي‬ ‫الحروب (انظر ص‪ 25 .‬الى ‪ ،)28‬وآلية سلسلة‬ ‫السببية المادية‪ ،‬بدءا من جمع المعلومات وصولا‬ ‫صبغة العديد من المهن وقد يؤدي إلى زوال‬ ‫إلى صنع القرار‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬لا تملك الآلة‬ ‫الإنتاج بالمصانع في تزايد مستمر‪.‬‬ ‫بعضها نهائيا‪.‬‬ ‫استقلالية على الصعيد الأخلاقي‪ ،‬لأنه حتى لو‬ ‫حدث أن أربَكتنا وض ّللتنا أثناء اشتغالها‪ ،‬فإنها‬ ‫لا تمتلك إرادة ذاتية‪ ،‬وتظل خاضعة للأهداف‬ ‫التي ح ّددناها لها‪.‬‬ ‫جان غابريال غاناسيا (فرنسا) أستاذ‬ ‫في المعلوماتية بجامعة السوربون‪ ،‬وباحث‬ ‫بمخبر المعلوماتية بجامعة باريس ‪ ،6‬وعضو‬ ‫بالمفوضية الأوروبية للذكاء الاصطناعي‪ ،‬كما‬ ‫أنه عضو بالمعهد الجامعي بفرنسا‪ ،‬ورئيس‬ ‫لجنة الأخلاقيات بالمركز الوطني للبحث العلمي‪.‬‬ ‫ويهتم في أبحاثه الحالية بتعلم الآلة‪ ،‬والدمج‬ ‫الرمزي للبيانات‪ ،‬والأخلاقيات الحسابية‪،‬‬ ‫وأخلاقيات الكمبيوتر والعلوم الإنسانية الرقمية‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|9 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫اليد التي تُبصر‬ ‫بقلم شان سياورونغ‬ ‫اليد الإلكترونية الحدسية‬ ‫من اختراع مهندسين‬ ‫مختصين في علوم‬ ‫الأحياء والطب في جامعة‬ ‫نيوكاسل (المملكة المتحدة)‪ .‬وبما أنها‬ ‫قادرة على أن «ترى» الأشياء وأن تمسك‬ ‫بها بكل دقة وسلاسة‪ ،‬فإنها سوف تغ ّي‬ ‫مجرى حياة الأشخاص ذوي الإعاقة‬ ‫فاقدي الأطراف العليا من الجسد‪.‬‬ ‫كيانوش نازاربور الذي خصص أبحاثه منذ‬ ‫لحد الآن‪ ،‬كانت اليد الاصطناعية تت ّطلب من‬ ‫هذه اليد الآلية قادرة على مسك أي شيء‬ ‫‪ 1999‬لتحسين الأطراف الاصطناعية‪ ،‬من‬ ‫المستخدم رؤية الأشياء‪ ،‬وتحفيز عضلات ذراعه‬ ‫بسهولة وبسرعة‪ ،‬بفضل كاميرا تقوم‬ ‫مواليد إيران حيث قضى طفولته‪ .‬كان حلمه‬ ‫بتصويره وتقدير شكله و حجمه‪.‬‬ ‫أن يصبح دكتورا في الطب‪ .‬وال َحافز الأساسي‬ ‫ثم الإيعاز لها بتحريك الطرف الاصطناعي‪.‬‬ ‫لبحوثه اليوم هو الأمل في إمكانية إعادة كل‬ ‫أما في الصيغة الجديدة‪ ،‬فقد تم تجهيز اليد‬ ‫© ‪Newcastle University, UK‬‬ ‫الوظائف للأشخاص الذين يعانون من ضعف‬ ‫الاصطناعية بكاميرا صغيرة (لا تتعدى تكلفتها‬ ‫‪ 1،50‬دولار) تقوم بتصوير الشيء وتقييم‬ ‫دوغ ماكنتوش معاق فقد يده منذ عشرين‬ ‫في التحرك‪ ‬الحسي‪.‬‬ ‫شكله وحجمه‪ ،‬ثم تطلق سلسلة من الحركات‬ ‫سنة‪ .‬وخلال تجربة علاج سريرية‪ ،‬تمكن من‬ ‫وبالإمكان تركيب أو إذا تطلب الأمر تكييف‬ ‫لتمسك به بكل سلاسة‪ .‬ولا تستغرق كل‬ ‫الامساك بجسم لأ ّول م ّرة منذ أن بُترت يده‪،‬‬ ‫الرسم التخطيطي الإلكتروني لليَد الآلية‬ ‫العملية سوى بعض‪ ‬الثواني‪.‬‬ ‫بسرعة ودقة ودون مجهود‪ .‬وكانت مشاعر‬ ‫الجديدة وبرنامجها المعلوماتي ‪ -‬وكلاهما‬ ‫الفرحة التي بانت على ملامحه أكبر مكافأة‬ ‫متوفر للتحميل على الإنترنت ‪ -‬على‬ ‫ويكفي أن يوجه الشخص نظرة سريعة في‬ ‫أصناف مختلفة من البدائل الاصطناعية‬ ‫الاتجاه الصحيح حتى تختار اليد‪ ،‬بفضل‬ ‫لمبتكر اليد الإلكترونية الحدسية‪.‬‬ ‫للأطراف‪ ‬العلوية‪.‬‬ ‫الذكاء الإصطناعي‪ ،‬واحدة من بين الأربع‬ ‫«قبضات» المتاحة ‪ -‬إمساك كوب‪ ،‬أو جهاز‬ ‫ويقول الدكتور كيانوش نزاربور مبتهجا‪:‬‬ ‫ويوضح كيانوش نازاربور‪« :‬نحن نصنع نظام‬ ‫التحكم التلفزيوني عن بعد‪ ،‬أو قبض الأشياء‬ ‫«هذا النجاح يبرهن على أنني كنت على صواب»‪.‬‬ ‫التحكم في الأجهزة والبرمجيات فقط‪ ،‬وليس‬ ‫بين الإبهام وإصبَعين‪ ،‬أو بين الإبهام والسبابة‪.‬‬ ‫وهذا الجهاز أسرع عشر مرات من الأعضاء‬ ‫وقد أحرزت اليد الإلكترونية الحدسية التي‬ ‫نظام التحكم في اليد الاصطناعية» ويضيف أن‬ ‫ابتكرها هذا المهندس في الطب البيولوجي من‬ ‫تكلفة الأجهزة المعلوماتية الضرورية لا تفوق‬ ‫الآلية المتوفرة‪ ‬حاليا‪.‬‬ ‫معهد العلوم العصبية بجامعة نيوكاسل في‬ ‫دولارا واحدا‪.‬‬ ‫ويوضح كيانوش نيزابور أن «الإحساس كان‬ ‫المملكة المتحدة‪ ،‬على إحدى جوائز نت إكسبلو‬ ‫دائما من أهم العراقيل لحسن سير الأطراف‬ ‫وعلاوة عن الفائدة الواضحة لصالح الأشخاص‬ ‫للابتكار‪.2018 ‬‬ ‫ذوي الإعاقة‪ ،‬فإن اليد الاصطناعية‪ ،‬إذا اقترنت‬ ‫البديلة‪ ،‬مما استوجب كثيرا من التدريب‬ ‫والتركيز والوقت» و يضيف‪« :‬لم تتطور‬ ‫وبفضل هذا الجيل الجديد من الأطراف‬ ‫بروبوت ذكي‪ ،‬سوف تسترعي اهتمام قطاع‬ ‫الأطراف الاصطناعية إلا بقدر ضئيل خلال‬ ‫الاصطناعية‪ ،‬تمكن المستفيدون من الإم َساك‬ ‫الصناعة والمؤسسات‪.‬‬ ‫القرن الماضي‪ :‬تح ّسن التصميم‪ ،‬وزادت المواد‬ ‫بالأشياء دون اللجوء الى التح ّكم العقلي‪ ،‬بشكل‬ ‫خفة ومتانة‪ ،‬لكن طريقة التشغيل بقيت على‬ ‫آلي ودون تفكير‪ ،‬تماما كما لو كانت لهم يد‬ ‫في المملكة المتحدة‪ ،‬يبلغ عدد الأشخاص‬ ‫حالها‪ .‬وأتى هذا النظام الجديد ليضفي أكثر‬ ‫الفاقدين للأعضاء العليا حوالي ‪ 600‬فرد كل‬ ‫مرونة‪ ،‬و أصبحت اليد قادرة على التقاط أشياء‬ ‫طبيعية‪.‬‬ ‫غير مألوفة‪ ،‬وهذا يمثل تقدما حاسما»‪.‬‬ ‫سنة‪ ،‬أما في الولايات المتحدة فيبلغ عددهم‬ ‫‪ .500.000‬يقول كيانوش نازاربو‪« :‬مشروعنا‬ ‫يرمي إلى التشارك مع العديد من منتجي‬ ‫الأطراف الاصطناعية‪ ،‬ونحتاج إلى بناء شبكات‬ ‫لربط الصلة بيننا‪ .‬أملي هو أن يستفيد الآلاف‬ ‫في العالم من هذا المشروع»‪.‬‬ ‫‪ 10‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫روبوتات‬ ‫ وبشر‬ ‫‪© Pascal Meunier / Cosmos‬‬ ‫مقيمون في دار المتقاعدين تسوكوي‪ ،‬في‬ ‫نعيش عصرا تقوم فيه الروبوتات بالأعمال‬ ‫بقلم فانيسا إيفرس‬ ‫مدينة كاوازاكي باليابان يمارسون قليلا من‬ ‫المنزلية‪ ،‬ونقل الأشخاص ونزع فتيل القنابل‪،‬‬ ‫حتى يتق ّلد وكيل اصطناعي دورا‬ ‫الرياضة صحبة مد ّربهم الآلي بيبر‪.‬‬ ‫كما تُنجز الأعضاء الاصطناعية‪ ،‬وتُساعد‬ ‫اجتماعيا حقيقيا ويربط علاقة عاقلة‬ ‫الج ّراحين وتصنع منتجات مختلفة‪ .‬الروبوتات‬ ‫مع كائن بشري‪ ،‬لا بد أن يكون مجهزا‬ ‫كما أنه من المتوقع أن يتغير التعليم بصفة‬ ‫في وقت واحد بملامح نفسية وثقافية‬ ‫جذرية (انظر ص‪ 34 .‬و‪ .)35‬فقد يصبح‬ ‫تُس ّلينا‪ ،‬وتُع ّلمنا وتُفاجئنا‪ .‬ومثلما تتجاوز‬ ‫من الممكن تطوير حوا ّسنا وعقولنا بشكل‬ ‫عمليّة الربط الحالية للهواتف الذكية ووسائل‬ ‫واجتماعية وعاطفية‪ .‬إن الطرق‬ ‫اصطناعي‪ ،‬وتحسين قدرتنا على التفكير في‬ ‫المستعملة حاليا لتع ّلم الآلات لا تسمح‬ ‫الآفاق المتاحة‪ ،‬بفضل التحليل الآلي لك ّميات‬ ‫الاتصال الاجتماعية حدود خيالنا السابق‪،‬‬ ‫بمثل هذا التطوير‪ .‬لن تكون روبوتات‬ ‫ضخمة من المعطيات ‪:‬كل ذلك يتط ّلب طرقا‬ ‫يُتو ّقع أن تكون ل ُروبوتات الغد قدرات ما ّدية‬ ‫الغد سوى مساعدين متواضعين في‬ ‫أخرى لمعالجة المعلومات في المدارس‪.‬‬ ‫وللذكاء الاصطناعي مهارات معرفية ليس‬ ‫خدمتنا‪ ،‬ليس إ ّل‪.‬‬ ‫بإمكاننا تص ّورها اليوم‪ ،‬منها القدرة على‬ ‫ولكن ماذا عن علاقاتنا البشرية؟ كيف‬ ‫ح ّل مشاكل خطيرة مثل شيخوخة المجتمع‪،‬‬ ‫ستتط ّور الطريقة التي نلتقي بها‪ ،‬ونعيش‬ ‫والتهديدات البيئيّة والصراعات العالمية‪.‬‬ ‫معا‪ ،‬ونُر ّبي أطفالنا؟ وإلى أي مدى سيقع في‬ ‫كيف ستكون حياتنا في المستقبل القريب؟‬ ‫يوم ما الاندماج بين الروبوتات والبشر؟‬ ‫سوف نعيش لمدة أطول دون شك‪ ،‬بما أن‬ ‫الأعضاء الواهنة في جسدنا سوف تُعوض‬ ‫يتساءل الكثير منا إن كان الذكاء الاصطناعي‬ ‫بأجهزة اصطناعية‪ ،‬وبما أن العمليات الطبية‬ ‫سيكون يوما ألمعيا وخبيرا في مجال التواصل‬ ‫البشري‪ ،‬لدرجة أنه لن يمكن بأي حال التفريق‬ ‫التي تعتمد على تقنيات النانو ستتمكن‬ ‫من استهداف الأمراض والجينات‪ ،‬وبما أن‬ ‫بين الكائن البشري وتوأمه الاصطناعي‪.‬‬ ‫السيارات ذاتية القيادة ستح ّد من حوادث‬ ‫المرور‪ .‬وسوف تتغ ّي وظائفنا جذريا‪:‬‬ ‫سيندثر بعضها وتُخلق أخرى‪ ،‬مثلا في‬ ‫مجال تطوير التطبيقات الخاصة بالمعدات‬ ‫الروبوتية‪ ‬في‪ ‬منازلنا‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|11 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫وفي حال أصبح‪ ،‬يوما ما‪ ،‬من الممكن التواصل‬ ‫الطبيعي مع وكيل اصطناعي‪ ،‬والإحساس‬ ‫بمعاضدته لدرجة الاعتماد عليه وربط علاقة‬ ‫واعية ودائمة معه‪ ،‬فهل سيبقى هناك تمييز‬ ‫بين علاقاتنا في ما بيننا نحن البشر وعلاقاتنا‬ ‫مع التكنولوجيا؟ ولما تتط ّور أجسامنا وعقولنا‬ ‫بالذكاء الاصطناعي والروبوتيّة‪ ،‬ما عسى أن‬ ‫يكون معنى الإنسانية؟‬ ‫ِحيَل‬ ‫‪© Pascal Meunier / Cosmos‬‬ ‫من حيث الهندسة‪ ،‬ما زلنا بعيدين كل‬ ‫البعد عن مثل هذه التطورات‪ .‬إذ يستوجب‬ ‫وعند تسجيل مشهد من مشاهد الشريط في‬ ‫لكن‪ ،‬ولكي نربط معه علاقة معقولة وقادرة‬ ‫الحاسوب‪ ،‬تُن َسب له علامة تُب ّي ما إذا كان‬ ‫على أن تزداد كثافة وأن تتط ّور مع م ّر الزمن في‬ ‫ذلك تخ ّطي عقبات كثيرة وعسيرة‪ .‬أولى‬ ‫الشخص الذي يظهر في الشريط في وضع ُمريح‬ ‫الظرف ال ُمتن ّوع للحياة اليومية‪ ،‬على غرار سلوك‬ ‫هذه العقبات تتع ّلق بضرورة ربط معظم‬ ‫أم لا – هذا التصنيف يُمكن إنجازه من قبل‬ ‫الروبوتات والحواسيب بمصادر الطاقة‪ :‬وهو‬ ‫خبراء في علم النفس أو في الثقافة المح ّلية‪.‬‬ ‫البشر فيما بينهم‪ ،‬يجب منح الروبوت حياة‬ ‫ما يُع ّقد إدماج عناصر روبوتيّة في النسيج‬ ‫باطنية‪ ‬ثريّة‪.‬‬ ‫العضوي البشري‪ .‬أما المعضلة الثانية فتتمثّل‬ ‫بعد ذلك وبفضل هذا التع ّلم‪ ،‬يتمكن الحاسوب‬ ‫في تش ّعب التواصل البشري‪ .‬وإذا كان من‬ ‫من «التفكير» انطلاقا من هذه الأشرطة‬ ‫كيف تتع ّلم الآلات؟‬ ‫الممكن تص ّور روبوت قادر على الحديث بلغة‬ ‫ال ُمصنّفة‪ ،‬وتحديد أه ّم السمات ال ُمرتبطة‬ ‫طبيعية في لحظة محدودة وفي وضعيّة خا ّصة‪،‬‬ ‫بالرفاهيّة‪ :‬هيئة الجسم‪ ،‬نغمة الصوت‪،‬‬ ‫تكمن الصعوبة في خلق هذه الحياة الباطنية‬ ‫فذلك لا يعني أنه سوف يصبح قادرا على‬ ‫الاصطناعية في طريقة تع ّلم الآلات‪.‬‬ ‫التواصل بالكلام وبغير الكلام طيلة المحادثات‬ ‫احمرار البشرة‪ .‬ولما تنتهي الألة من تحديد تلك‬ ‫السمات‪ ،‬يكون الخوارزمي القادر على التعرف‬ ‫و يرتكز تع ّلم الآلة على الإقتداء بالأمثلة‪.‬‬ ‫وفي مختلف الوضعيّات‪.‬‬ ‫عليها في الشريط جاهزا‪ ،‬فنمر إلى تمرين الآلة‬ ‫يتم تدعيم الحاسوب بأمثلة عن الظاهرة‬ ‫التي نرغب أن يستوعبها‪ ،‬مثل الرفاهية عند‬ ‫إذا هاتفت وكيلا اصطناعيّا مسؤولا عن الأمتعة‬ ‫وتحسين أدائها عند تزويدها بمجموعات‬ ‫الإنسان‪ .‬وحتى نُع ّلم الآلة كيف تتع ّرف على‬ ‫المفقودة في المطار مثلا‪ ،‬فمن الممكن التحاور‬ ‫أخرى من المشاهد‪ .‬في نهاية العملية‪ ،‬يُصبح‬ ‫حالة الرفاهيّة‪ ،‬نُو ّفر لها معطيات شخصية‬ ‫معه بصفة ُمرضية‪ :‬لأن موضوع المكالمة‬ ‫الخوارزمي مؤهلا‪ ،‬والحاسوب ال ُمج ّهز بكاميرا‬ ‫مرتبطة بهذه الظاهرة‪ :‬صورا‪ ،‬وأشرطة فيديو‪،‬‬ ‫مضبوط‪ ،‬والتفاعل ُمهيكل وأهداف الطلب‬ ‫قادرا على أن يُف ّرق بد ّقة بين شخص في حالة‬ ‫وتسجيلات صوتية لعبارات معينة‪ ،‬ودقات‬ ‫محدودة‪ .‬في المقابل‪ ،‬إذا أردت ربط علاقة‬ ‫رفاهيّة وآخر مختلف‪ .‬وطبعا‪ ،‬الحاسوب ليس‬ ‫القلب‪ ،‬ورسائل نُشرت في مواقع التواصل‬ ‫وطيدة مع روبوت يمثل حيوانا أليفا‪ ،‬فإن‬ ‫موثوقا بنسبة ‪ ،%100‬وسيقوم حتما ببعض‬ ‫الاجتماعي‪ ،‬وأصناف أخرى من العيّنات‪.‬‬ ‫إنتاج النموذج المطلوب ُمع ّقد أكثر بكثير‪ .‬لأن‬ ‫الأخطاء في تقييمه‪.‬‬ ‫الروبوت يتطلب أهدافا باطنيّة‪ ،‬وذاكرة ضخمة‬ ‫قادرة على ربط كل تجربة بمختلف الظروف‬ ‫والأشخاص‪ ،‬والأشياء‪ ،‬والحيوانات التي‬ ‫تعترضها‪ ،‬كما يجب أن يكون قادرا على تطوير‬ ‫مثل هذه الطاقات عبر الزمن‪.‬‬ ‫بعض «ال ِحيَل» تسمح للروبوت أن يظهر أذكى‬ ‫وأقدر م ّما هو في الواقع‪ :‬مثلا إذا تم إدراج‬ ‫بعض التص ّرفات بوتيرة عشوائية في برمجته‪،‬‬ ‫تجعل الروبوت الذي يقوم مقام الحيوان‬ ‫الأليف أكثر إمتاعا وأطول دواما‪ .‬أضف إلى‬ ‫ذلك أننا‪ ،‬معشر البشر‪ ،‬نميل إلى تأويل سلوك‬ ‫الروبوت وكأنه سلوك بشري‪ ،‬وبالمناسبة نحن‬ ‫نتصرف بالمثل مع الحيوانات‪.‬‬ ‫‪ 12‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ونحن نشاهد كل ما يُس ّجله الذكاء الاصطناعي‬ ‫ومن الممكن خلق وكيل ُمقنع‪ ،‬على غرار‬ ‫تمثل الروبوتات يدا عاملة من الجيل الجديد‪،‬‬ ‫من نجاحات ُمذهلة‪ .‬فهو يتصفح الإنترنت‬ ‫برمجيّات ألكسا لأمازون أو سيري لآبل‪ ،‬يتسنّى‬ ‫وهي تُع ّوض النقص في طاقم التمريض في‬ ‫المستشفيات باليابان‪ .‬ريبا‪ ،‬الذي اخترعه‬ ‫بالكامل‪ ،‬وينتصر في لعبة الجو‪ ،‬ويقود معملا‬ ‫لنا التخاطب معه بلغة طبيعية والتفاعل معه‬ ‫توشيهارو موكاي‪ ،‬قادر على حمل مرضى‬ ‫ُمس ّيا كليا بصفة آلية‪ .‬لكنّنا‪ ،‬كما كان حال‬ ‫بالمنطق في الإطار ال ُمح ّدد لاستعماله‪ :‬تعديل‬ ‫عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكنغ‬ ‫ُمن ّبه ال ّساعة‪ ،‬وضع قائمة‪ ،‬طلب منتوجات‪،‬‬ ‫يزنون ‪ 80‬كلغ‪.‬‬ ‫التخفيض في درجة التدفئة‪.‬‬ ‫(‪ )2018-1942‬الذي كان يشعر بأنه لا يزال‬ ‫الآن‪ ،‬وقد عرفنا كيف تتع ّلم الآلة‪ ،‬ما المانع‬ ‫بعيدا كل البعد عن فهم الكون‪ ،‬ما زلنا بعيدين‬ ‫لكن التواصل يتو ّقف فور الخروج من هذا‬ ‫من خلق حياة باطنية ُمقنعة تسمح لوكيل‬ ‫السياق‪ .‬سوف يجد الروبوت أجوبة مقبولة‬ ‫اصطناعي بالاندماج في المجتمع الإنساني‬ ‫كل البعد عن فهم الذكاء البشري‪.‬‬ ‫لمجموعة واسعة من الأسئلة‪ ،‬إلا أنه لن يقدر‬ ‫على مواصلة التحاور لم ّدة ساعة في موضوع‬ ‫بشكل ُملائم؟‬ ‫المسافة لا زالت طويلة‬ ‫ُمع ّقد‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬يمكن للوالدين‬ ‫ذات اصطناعية ُمع ّقدة‬ ‫وبفضل طاقاتها الاستثنائية‪ ،‬سوف تتمكن‬ ‫أن يتَحاورا ُمط ّولا لاتّخاذ القرار المناسب‬ ‫الروبوتات وأنظمة الذكاء الإصطناعي من‬ ‫بخصوص طفل غير ُمنتبه في المدرسة‪ .‬سوف‬ ‫حتى يكون الوكيل الإصطناعي قادرا على ربط‬ ‫تيسير وتحسين قراراتنا وفهمنا للأوضاع‬ ‫يكون هذا الحوار ثريّا ج ّدا‪ ،‬وسوف يُع ّب‬ ‫علاقة دائمة فعليّا مع شخص ما‪ ،‬لا بد أن‬ ‫وأ َساليبنا في التعامل‪ .‬وسوف تكون الروبوتات‬ ‫الوالدان خلاله‪ ،‬لا عن تف ّهمهما للطفل فحسب‪،‬‬ ‫قادرة على التخفيف من أعباء العمل وعلى‬ ‫بل وأيضا عن كل ما تتّسم به شخصيّتهما‪:‬‬ ‫تكون له شخصيّة وسلوك ُمقنع‪ ،‬ويكون قادرا‬ ‫التنفيذ الآلي للوظائف‪ .‬وعندما يت ّم تجاوز‬ ‫مشاعر‪ ،‬نفسيّة‪ ،‬مسار شخصي‪ ،‬إطار اجتماعي‬ ‫على فهم الشخص والوضع الذي يتواجدان‬ ‫العقبات‪ ،‬قد تُدمج الروبوتية ما ّديا في جسم‬ ‫واقتصادي‪ ،‬مخزون ثقافي‪ ،‬مخزون جيني‪،‬‬ ‫الإنسان‪ .‬وقد نربط مع وكلاء اصطناعيين‬ ‫فيه‪ ،‬وتاريخ تواصلهما‪ .‬ويجب بالخصوص أن‬ ‫سلوك معتاد وطريقة فهم العالم‪.‬‬ ‫يكون قادرا على الاستمرار في هذا التواصل في‬ ‫علاقات ُمشابهة لتلك التي تربط بيننا‪:‬‬ ‫سيتسنّى لنا التواصل معهم بلغة طبيعية‪،‬‬ ‫وإذا أردنا أن يتق ّمص وكيل اصطناعي دورا‬ ‫مواضيع شتى وفي حالات ُمتن ّوعة‪.‬‬ ‫اجتماعيا واسعا بهذا القدر‪ ،‬وأن يربط علاقة‬ ‫وملاحظة تص ّرفاتهم‪ ،‬وفهم مقاصدهم‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬طالما لم نمنح الذكاء الاصطناعي‬ ‫معقولة مع كائن بشري‪ ،‬يجب أن نمنحه‬ ‫الحياة الباطنية الملائمة‪ ،‬لا مجال لإيجاد علاقة‬ ‫ذاتا اصطناعية‪ ،‬مبنيّة في نفس الوقت على‬ ‫منطقية مع الروبوتات شبيهة بالعلاقة بين‬ ‫النواحي النفسية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والاجتماعية‪،‬‬ ‫البشر‪ ،‬بما تتضمنه من حوارات وطقوس‬ ‫والعاطفية‪ .‬كما يجب أن نجعله قادرا‪ ،‬مع‬ ‫وقابلية للتع ّمق والتط ّور بمرور الوقت‪ ،‬في إطار‬ ‫مرور الزمن‪ ،‬على تع ّلم «الإحساس»‬ ‫حياة يومية زاخرة بالأحداث‪.‬‬ ‫والاستجابة للحالات انطلاقا من بنيته‬ ‫وما دامت قدرتنا تقتصر على الاستنساخ أو‬ ‫الباطنية‪ ‬الإصطناعية ‪.‬‬ ‫التغ ّلب على بعض الوظائف‪ ،‬ولا تستطيع خلق‬ ‫تلك الشمولية التي يتّسم بها الذكاء البشري في‬ ‫ويتط ّلب ذلك نهجا مختلفا جوهريّا عن تع ّلم‬ ‫سياق الحياة اليومية‪ ،‬فإن الأمل ضعيف في أن‬ ‫الآلة الذي نعرفه حاليا‪ .‬المطلوب هو بناء نظام‬ ‫يتحقق الاندماج الكامل بين الإنسان والآلة‪.‬‬ ‫ذك ّي بشكل اصطناعي‪ ،‬قابل للتطوير على‬ ‫غرار العقل البشري تقريبا‪ ،‬وقادر على تخزين‬ ‫فانيسا إيفرس (هولندا) مختصة في تطوير‬ ‫التجارب البشرية بكل ثرائها‪ ،‬والتعامل معها‬ ‫الحلول الروبوتية‪ ،‬وأستاذة في الإعلامية ضمن‬ ‫فريق هيومن ميديا إنترأكشن (تفاعل الوسائط‬ ‫منطقيّا‪ .‬إن طريقة التواصل بين الناس التي‬ ‫تقودهم إلى فهم العالم الذي يُحيط بهم‪ ،‬هي‬ ‫البشرية) في جامعة توينت‪ ،‬والمديرة العلمية‬ ‫عمليّة يصعب ج ّدا تلخيصها‪ .‬إن نماذج الذكاء‬ ‫لمخبر ديزاين‪-‬لاب‪ .‬صدر لها حوالي ‪ 200‬مقال‬ ‫الاصطناعي ال ُمتو ّفرة أو ال ُمقترحة‪ُ ،‬مستوحاة من‬ ‫الدماغ البشري أو من جزء من وظائفه‪ ،‬لكنها‬ ‫بمراجعة من زملائها‪ ،‬وهي رئيسة تحرير‬ ‫انترناشيونال جورنال أف سوشيال روبوتيكس‬ ‫لا تُمثّل نموذجا معقولا للدماغ البشري‪.‬‬ ‫و ُمح ّررة ُمشاركة في جورنال أف هيومن‪-‬روبوت‬ ‫إنترأكشن‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|13 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫جيوسيبي يفتح‬ ‫عهدا جديدا للطبخ‬ ‫ويعترف الأخ ّصائي في الكيمياء البيولوجية بأن‬ ‫‪© Cristhian Guzmán / Paula Magazine‬‬ ‫جيوسيبي «يخطئ أحيانا» وأنه «قادر على‬ ‫أطلق عليه هذا الإسم نسبة لجيوسيبي‬ ‫كريم بشارة‪ ،‬وماتياس موتشنيك‪ ،‬وبابلو‬ ‫صنع حليب ممتاز‪...‬لكن لونه وردي! عندها‪،‬‬ ‫أرشمبولدو (‪ ،)1593-1527‬الر ّسام الإيطالي‬ ‫زمورا‪ِ ،‬مؤسسو ذي نوت كومباني‪.‬‬ ‫يقوم الفريق بتنبيه جيوسيبي حتى يراجع‬ ‫حساب خوارزمي وصفة الحليب‪ ،‬فيستعيد‬ ‫الذي اكتسب شهرته بفضل لوحاته الزاخرة‬ ‫بقلم بياتريز خواز‬ ‫الحليب لونه العادي»‪.‬‬ ‫بالزهور والفواكه والنباتات والحيوانات‪.‬‬ ‫جيوسيبي قادر على تغيير‬ ‫يُفاجئنا جيوسيبي باستمرار بطريقته في مزج‬ ‫«تدل لوحاته على أنه بالإمكان التو ّصل إلى كل‬ ‫عاداتنا الغذائية جذريّا‪ .‬هو كبير‬ ‫ُمك ّونات الأكلة‪ ،‬مزج لم يكن ليخطر ببال أي‬ ‫الحلول بفضل الذكاء‪ ،‬والموهبة‪ ،‬وكثيرا من‬ ‫طباخي المستقبل‪ ،‬لكنه ليس إ ّل‬ ‫الغلال والخضر»‪ ،‬حسب بابلو زامورا‪ ،‬عالم‬ ‫خوارزميّا‪ ‬ابتكرته المؤسسة الشيليّة ذي‬ ‫إنسان‪ .‬ويوضح بابلو أن «في المايونيز‪ ،‬يتم‬ ‫نت كومباني (نوت كو)‪ ،‬تلك الشركة‬ ‫استعمال الترمس ومزجه ببعض مك ّونات‬ ‫الكيمياء البيولوجية‪ ،‬والدكتور في التكنولوجيا‬ ‫الناشئة التي أسسها ثلاثة ش ّبان شيليين‬ ‫الحمص للحصول على مستحلب قريب جدا من‬ ‫البيولوجية‪ ،‬ومؤسس نوت كو بالاشتراك مع‬ ‫في سنتياغو سنة ‪ .2015‬وبفضل الذكاء‬ ‫مستحلب البيض‪ ،‬وأنواع من الفقاقيع لإعطاء‬ ‫الاصطناعي‪ ،‬يصنعون بدائل غذائية‬ ‫مزيد من الطعم الحلو في الشوكولاتة‪ ،‬وبذور‬ ‫ماتياس موشنيك وكريم بشارة‪.‬‬ ‫بواسطة مك ّونات نباتية‪ ،‬تتو ّفر فيها بكل‬ ‫الكناري لتغيير كثافة بعض أصناف الحليب»‪.‬‬ ‫د ّقة نفس خصوصيّات الأطعمة ال ُمتك ّونة‬ ‫جيوسيبي الحالي ليس شغوفا بالرسم وإنما‬ ‫من المنتجات الحيوانية‪ ،‬لا من حيث‬ ‫وتنوي نوت كو إحداث ثورة في الصناعة‬ ‫بالطبخ‪ .‬حتى يهتدي إلى الوصفة الجيّدة‪،‬‬ ‫الطعم فحسب‪ ،‬وإنما أيضا من حيث‬ ‫الغذائية من خلال توفير أغذية سليمة وذات‬ ‫اللون والتركيبة والقيمة الغذائية‪ .‬م ّما‬ ‫مذاق جيّد مصنوعة من النباتات وبطريقة لا‬ ‫يفتش هذا الطباخ الذكي في قاعدة المعلومات‬ ‫جعل من جيوسيبي أحد الفائزين العشرة‬ ‫تض ّر بالمحيط‪ ،‬يكون سعرها مناسبا‪ .‬نوت كو‬ ‫الخاصة بالنباتات والأغذية لينتقي النباتات‬ ‫في مسابقة نت إكسبلو إنوفيشن ‪.2018‬‬ ‫متواجدة حاليا في السوق الشيلية فقط‪ ،‬لكنها‬ ‫الملائمة‪ ،‬ويحدد الكميات اللازمة للحصول على‬ ‫تأمل في اقتحام أسواق الأرجنتين والبرازيل‬ ‫المذاق والتركيبة المرج ّوة‪.‬‬ ‫وكولومبيا على المدى القريب‪.‬‬ ‫ويقول بابلو زامورا‪« :‬جيوسيبي قادر على‬ ‫مايونيز نباتية‬ ‫وجود صلات غير مألوفة بين النباتات‪ ،‬ذلك‬ ‫أنه يقوم بتحديد خصوصياتها مسبقا‪ ،‬من‬ ‫في شيلي‪ ،‬قامت المؤسسة بتسويق «نوت‪-‬مايو»‪،‬‬ ‫الناحية ال ُجزئيّة والغذائية والح ّسية والكيميا‪-‬‬ ‫وهي ُمق ّبلات نباتية قريبة من المايونيز‪ ،‬خالية من‬ ‫نفسيّة»‪ .‬حضر بابلو زامورا فعاليات منتدى‬ ‫أية مواد معدلة وراثيا‪ ،‬ومن ال ّلكتوز‪ ،‬والغلوتين‪،‬‬ ‫والبيض والصويا‪ .‬وكل ما في هذه المادة من شكل‬ ‫نت إكسبلو إنوفيشن ‪ ،2018‬وهو مرصد‬ ‫مستقل يدرس التو ّجهات في قطاع الرقمية‬ ‫ومذاق يُذ ّكر بالصلصة الشهيرة‪ ،‬ما عدا أنه‪ ،‬كما‬ ‫وتأثيرها على المجتمع والمؤسسات‪ .‬وقد انتظم‬ ‫هو مذكور في ال ُملصقة المصاحبة‪« ،‬ت ّم إعدادها من‬ ‫هذا المنتدى في شهر فبراير في مقر اليونسكو‬ ‫مك ّونات نباتية‪ ،‬لا غير»‪ .‬وسيت ّم قريبا تسويق موا ّد‬ ‫أخرى‪ :‬زبادي‪ ،‬حليب‪ ،‬جبنة‪ ،‬شوكولاتة‪ ‬وحبوب‪.‬‬ ‫بباريس (فرنسا)‪.‬‬ ‫ويُؤ ّكد بابلو زامورا أن ‪ %85‬من حرفاء المؤسسة‬ ‫لم يكن جيوسيبي بمفرده في المطبخ‪ .‬لقد‬ ‫ليسوا من الذين لا يتغ ّذون إلا بالنباتات‪ ،‬وأنهم‬ ‫حظي بمساعدة فريق من العلماء ومن ذوي‬ ‫يقتَنون منتوجاتها لأنهم يحبذون جودتها‬ ‫الخبرة من ال ّطهاة‪ ،‬أسندت إليهم مهمة إتقان‬ ‫ويعلمون أنها مفيدة للصحة والمحيط‪ .‬فالقناعة‬ ‫السائدة في نت كو هي أن عصرا جديدا قد بدأ في‬ ‫الوصفات‪.‬‬ ‫مجال الطبخ‪« .‬لنُغ ّي دون أن نتغ ّي!»‪ ،‬ذلك هو‬ ‫شعار المؤسسة‪ ،‬بمعنى‪ :‬لنأكل بجودة أحسن‬ ‫وبشكل آخر‪ ،‬دون أن نشعر بأن شيئا قد تغ ّي‪.‬‬ ‫ويرى الأخ ّصائي في الكيمياء البيولوجية أن‬ ‫الصناعة الغذائية‪ ،‬هي أيضا‪ ،‬يجب أن تُغ ّي‬ ‫طرقها في الإنتاج‪ُ ،‬مذ ّكرا أن كيلوغراما واحدا من‬ ‫القمح يستوجب ‪ 1500‬لترا من الماء‪ ،‬في حين‬ ‫يتط ّلب كيلوغراما واحدا من اللحم عشرة أضعاف‬ ‫ذلك‪ ،‬حسب المنظمة العالمية للتغذية والزراعة‪.‬‬ ‫وهو مقتنع بأن الذكاء الاصطناعي‪ ،‬إذا ما ت ّم‬ ‫تطبيقه في الأطعمة‪ ،‬سيسمح لنا بالمساهمة في‬ ‫التنمية‪ ‬المستدامة‪.‬‬ ‫‪ 14‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ الدماغ‬ ‫لا يُف ّكر!‬ ‫)‪© Jordi Isern (www.jordiisern.net‬‬ ‫ميغال بن الصايغ يجيب عن أسئلة‬ ‫ريجيس ميران‬ ‫عمل فني من مجموعة كواكب (‪)2014‬‬ ‫للفنان الإسباني خردي إيزارن‬ ‫في عبارة «الذكاء الإصطناعي»‪ ،‬كلمة‬ ‫ولكن‪ ،‬هل يمكن ربط علاقة عاطفية مع إنسان‬ ‫يبدو أن حاسوبين من برنامج غوغل براين‬ ‫«ذكاء» هي مج ّرد تعبير مجازي‪ .‬ذلك‬ ‫آلي؟ ك ّل‪ ،‬لأن الحب والصداقة لا يقت ِصان على‬ ‫تو ّصلا للتخاطب بـ«لغة» من ابتكارهما‬ ‫أن الذكاء الإصطناعي‪ ،‬رغم قدرته‬ ‫وهي لغة لا يقدر الإنسان على فهمها‪.‬‬ ‫جملة من الإرساليات العصبية في الدماغ‪.‬‬ ‫ما‪ ‬رأيك؟‬ ‫على الحساب التي تتجاوز قدرة‬ ‫الحب والصداقة يتجاوزان الفرد‪ ،‬بل‬ ‫بكل بساطة‪ ،‬هذا الكلام ليس له أي معنى‪.‬‬ ‫الإنسان‪ ،‬ليس في استطاعته إعطاء‬ ‫ويت َجاوزان التفاعل بين شخصين‪ .‬عندما‬ ‫في الواقع‪ ،‬كلما تم تشغيل هاتين الآلتين‪ ،‬إلا‬ ‫أتك ّلم‪ ،‬أشارك في شيء يجمعنا‪ ،‬ألا وهو اللغة‪.‬‬ ‫وأعادت نفس التسلسل في تبادل المعلومات‪.‬‬ ‫مدلول للحسابات التي ينتجها‪ .‬ويرى‬ ‫وهو كذلك بالنسبة للحب والصداقة والفكر‪:‬‬ ‫هي عمليّات رمزية يُشارك فيها البشر‪ .‬لا أحد‬ ‫ولا يُمكن البتّة اعتبار ذلك لغة‪ ،‬إذ ليس‬ ‫الفيلسوف والمحلل النفسي الأرجنتيني‬ ‫يُف ّكر بذاته‪ .‬الدماغ يُوفر طاقته للمشاركة‬ ‫هناك تحاور بين الآلتين‪ .‬هذا تعبير مجازي‬ ‫ميغال بن الصايغ أن اختصار التركيبة‬ ‫في‪ ‬التفكير‪.‬‬ ‫غير صائب‪ ،‬كما لو اعتبرنا أن القفل‬ ‫«يعرف»‪ ‬مفتاحه‪.‬‬ ‫المعقدة للأحياء في مجرد رموز رقمية‬ ‫إلى الذين يعتقدون بأن الآلة قادرة على التفكير‪،‬‬ ‫أقول‪ :‬من الغريب أن تكون الآلة قادرة على‬ ‫في نفس السياق‪ ،‬يقول البعض إنهم «أصدقاء»‬ ‫إنما هو من محض الافتراء‪ ،‬كما تبقى‬ ‫التفكير‪ ،‬بما أن الدماغ ذاته لا يُف ّكر!‬ ‫مع إنسان آلي‪ .‬بل إن هناك تطبيقات للهاتف‬ ‫الذكي يُفترض أنها تتيح «التحاور» مع الآلة‪.‬‬ ‫فكرة تعويض الإنسان بالآلة من باب‬ ‫لنُشاهد الشريط السينمائي«هار» (هي)‬ ‫للمخرج سبايك جونز (‪ :)2013‬بعد أن تم‬ ‫اللامعقول‪.‬‬ ‫طرح سلسلة من الأسئلة على شخص قصد‬ ‫رسم خريطة دماغه‪ ،‬تقوم آلة بصياغة صوت‬ ‫ما الذي يُميّز الذكاء البشري عن الذكاء‬ ‫وأجوبة تبعث إحساسا عاطفيا عند ذلك‬ ‫الإصطناعي؟‬ ‫الشخص‪.‬‬ ‫الذكاء الحي ليس آلة حساب‪ ،‬بل هو سيرورة‬ ‫ي َتابط فيها الوجدان والجسد والخطأ‪،‬‬ ‫وتفترض وجود الرغبة والوعي لدى الكائن‬ ‫البشري بتاريخه الذاتي على المدى الطويل‪ .‬لا‬ ‫يمكن تص ّور الذكاء البشري في عزلة عن بقية‬ ‫المسارات العقلانية والجسدية‪.‬‬ ‫وخلافا للإنسان ‪ -‬أو للحيوان ‪ -‬الذي يُف ّكر‬ ‫بواسطة دماغ مت َموقع في جسمه‪ ،‬وهذا‬ ‫الجسم هو بدوره مندرج في محيطه‪ ،‬فإ ّن‬ ‫الآلة تُنتج حسابات وتو ّقعات دون أن تكون‬ ‫قادرة على تفسير مدلولاتها‪ .‬وفي الحقيقة‪،‬‬ ‫ليس هناك جدوى في التساؤل عن إمكانية‬ ‫تعويض الإنسان بالآلة‪ .‬فالح ّي هو الذي‬ ‫يخلق المعنى‪ ،‬وليس الحساب‪ .‬العديد من‬ ‫الباحثين مقتنعون بأن الفرق بين الذكاء الح ّي‬ ‫والذكاء الاصطناعي هو فرق ك ّمي‪ ،‬في حين أنه‬ ‫فرق‪ ‬نوعي‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|15 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ما تعيبه على الذكاء الاصطناعي أساسا‬ ‫هو اختزال البعد الحي في مجرد رموز‪.‬‬ ‫فعلا‪ .‬البعض من المختصين في الذكاء‬ ‫الاصطناعي ُمنبهرون بنجاحاتهم التقنية‪،‬‬ ‫مثلهم مثل الأطفال الصغار المنبهرين بألعاب‬ ‫التركيب‪ ،‬لدرجة أنهم فقدوا النظرة الشمولية‪.‬‬ ‫لقد سقطوا في ف ّخ الاختزال‪.‬‬ ‫كتب عالم الرياضيات الأمريكي و ُمن ّظر‬ ‫السبرانية نوربرت فاينر‪ ،‬سنة ‪ ،1950‬في‬ ‫كتابه«ذي هيومن يوز أف هيومن بيينغز»‬ ‫(السبرانية والمجتمع)‪ ،‬أنه سيتسنّى لنا في‬ ‫يوم من الأيام «إرسال إنسان عبر التلغراف»‪.‬‬ ‫وبعد أربعة عقود‪ ،‬تم تطوير فكرة مايند‬ ‫أبلودنغ (تحميل العقل) ‪ -‬اعتمادا على نظرية‬ ‫ما بعد الإنسانية ‪ -‬على أساس نفس التو ّهم‬ ‫بأنه يمكن اختزال العالم الواقعي بأسره في‬ ‫وحدات إعلامية قابلة للنقل من آلة (هاردوار)‬ ‫إلى أخرى‪.‬‬ ‫‪© Laurent Philippe / Divergence‬‬ ‫كما نجد نفس هذا الاعتقاد في إمكانية وضع‬ ‫نماذج للكائنات الحيّة في قالب وحدات إعلامية‬ ‫لدى عالم البيولوجيا الفرنسي بيار‪-‬هنري‬ ‫غويون ‪ -‬وقد نشر ُت كتابا حواريا معه يحمل‬ ‫عنوان «صناعة الح ّي؟» (‪ .)2012‬يرى غويون‬ ‫أن الحامض النووي هو ركيزة لرمز يمكن‬ ‫نقله إلى ركائز أخرى‪ .‬ولكن‪ ،‬إذا اعتبرنا أن‬ ‫الكائن الح ّي قابل للوضع في نموذج متك ّون‬ ‫من وحدات إعلامية‪ ،‬فإننا نهمل أن مجموع‬ ‫الوحدات الإعلامية ليس هو الذي يك ّون الشيء‬ ‫الح ّي‪ ،‬ومن ث ّم نهمل الاهتمام بالبحث في ما هو‬ ‫غير قابل للوضع في قالب نماذج‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬ل ّما ينعتني خصومي بالرجعية‪ ،‬ها أنهم‬ ‫يعتبر الفيلسوف اليوناني أن الحياة الحقيقية‬ ‫إن الأخذ بعين الاعتبار ك ّل ما هو غير قابل‬ ‫يلجأون لنفس أنواع المبررات التي يتذرع‬ ‫لا تكمن في العالم الما ّدي وإنما في الأفكار‪.‬‬ ‫للوضع في قالب نموذج لا يُحيل بالضرورة إلى‬ ‫فكرة الإله‪ ،‬ولا للظلامية‪ ،‬مهما اعتقد البعض‪.‬‬ ‫بها رجال السياسة عندما ي ّدعون التحديث‬ ‫وبعد أربعة وعشرين قرنا‪ ،‬يرى أنصار نظرية‬ ‫والإصلاح‪ ،‬والحال أنهم يهدرون الحقوق‬ ‫ما بعد الإنسانية أن الحياة الحقيقية ليست‬ ‫كما أن مبادئ عدم إمكانية التنبّؤ أو عدم‬ ‫في الجسم وإنما في الخوارزميات‪ .‬فالجسم‪،‬‬ ‫اليقين موجودة في كافة العلوم الصحيحة‪ .‬لذلك‬ ‫الاجتماعية للبلاد وينعتون بالرجعية كل من‬ ‫أراد الحفاظ على هذه الحقوق!‬ ‫بالنسبة لهم‪ ،‬ليس سوى صورة ظاهرية‪ ،‬يجب‬ ‫فإن ميول أنصار نظرية ما بعد الإنسانية‪،‬‬ ‫أن نستخرج منه جملة من المعلومات المفيدة‬ ‫إلى المعرفة التا ّمة‪ ،‬ينصهر في خطاب يقدس‬ ‫لقد أصبح تهجين الإنسان والآلة أمرا‬ ‫ونتخ ّلص من عيوبه الطبيعية‪ .‬هذه طريقتهم‬ ‫التكنولوجيا ويخلو تماما من المنطق‪ .‬وإن‬ ‫واقعا‪ .‬وهو أيضا غاية في نظرية ما بعد‬ ‫في نيل الخلود‪.‬‬ ‫لقيت هذه الفكرة نجاحا كبيرا فلأنّها قادرة‬ ‫الإنسانية‪.‬‬ ‫لقد سنحت لي الفرصة‪ ،‬بمناسبة بعض‬ ‫على الاستجابة لتعطش الجيل المعاصر‬ ‫الندوات العلمية‪ ،‬أن ألتقي بالعديد من أعضاء‬ ‫للميتافيزيقيا‪ .‬إن أنصار فكرة ما بعد الإنسانية‬ ‫ما زالت الطريق طويلة حتى نفهم تماما الح ّي‬ ‫والمه ّجن‪ ،‬لأن عالم التقنية البيولوجية يجهل‬ ‫جامعة التف ّرد (المنصهرة في نظرية ما بعد‬ ‫يتوقون إلى حياة خالية من الشك‪ .‬لكن‪ ،‬سواء‬ ‫إلى يومنا هذا كل شيء‪ ،‬تقريبا‪ ،‬عن الحياة‬ ‫الإنسانية) حاملين قلادات تُفيد بأنه في حال‬ ‫في حياتنا اليومية أو في البحوث‪ ،‬لاب ّد أن نتح ّمل‬ ‫فهي لا تتل ّخص فقط في المسارات الفيزيائية‬ ‫وفاتهم‪ ،‬سوف يتم تجميد رؤوسهم‪ .‬أرى في‬ ‫والكيميائية التي يمكن صياغتها في نماذج‪.‬‬ ‫ذلك ظهور شكل جديد من الرجعية‪ ،‬في حين‬ ‫الشكوك وال ُمتغ ّيات‪...‬‬ ‫فالح ّي هو حاليا مهجن مع الآلة‪ ،‬وسوف‬ ‫أنهم يعتبرون أنني محافظ بيولوجي‪ ،‬لأنني‬ ‫يُصبح دون شك أكثر هجانة مع منتوجات‬ ‫حسب نظرية ما بعد الإنسانية‪ ،‬سوف‬ ‫التكنولوجيا الحديثة‪.‬‬ ‫أعارض فلسفة ما‪ ‬بعد من الإنسانية‪.‬‬ ‫يصبح الإنسان يوما قادرا على الخلود‬ ‫بفضل الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫في خض ّم التقلبات التي نعيشها في عصر ما‬ ‫بعد الحداثة‪ ،‬حيث ينعدم التفكير في العلاقة‬ ‫بين الأشياء‪ ،‬وحيث تسود عقلية الاختزال‬ ‫والفردانية‪ ،‬اكتسبت وعود نظرية ما بعد‬ ‫الإنسانية مكانة مغارة أفلاطون‪.‬‬ ‫‪ 16‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ما الذي يُقلقك أكثر؟‬ ‫يقلقني النجاح المفرط لمنطق الابتكار‪ .‬فكرة‬ ‫روبوت (‪ ،)2013‬إبداع فني يشترك فيه‬ ‫توجد العديد من الآلات التي نستخدمها والتي‬ ‫التق ّدم لم تُحقق أهدافها وقد ت ّم تعويضها‬ ‫راقصون من البشر والروبوتات‪ ،‬من تصميم‬ ‫نُف ّوض لها بعض المها ّم‪ .‬ولكن هل كل هذه‬ ‫بفكرة الابتكار التي تختلف عنها تماما‪ :‬إذ‬ ‫الفرنسية‪-‬الاسبانية بلانكا لي‪ ،‬التي تل ِقي من‬ ‫الآلات ضروريّة؟ ذلك هو السؤال المطروح‬ ‫ليس لها نقطة انطلاق ولا نقطة وصول‪،‬‬ ‫خلاله نظرة مليئة بالتساؤلات حول عالم‬ ‫بالأساس‪ .‬اشتغلت على زراعة القوقعة‬ ‫كما أنها ليست جيّدة ولا سيّئة‪ .‬لذلك وجب‬ ‫السمعية وثقافة الص ّم‪ :‬الملايين من فاقدي‬ ‫التساؤل حولها بمنظور نقدي‪ .‬إن معالجة‬ ‫تسكنه الآلات والبشر‪.‬‬ ‫السمع يُطالبون بثقافة خا ّصة بهم ‪ -‬وهي‬ ‫النصوص بواسطة الحاسوب أحسن بكثير‬ ‫من آلة الرقن «أوليفتي» التي كنت أستعملها‬ ‫لنأخذ مثال الآلة التي تُح ّدد الموقع الجغرافي‪.‬‬ ‫غير محترمة بالقدر الكافي – ويرفضون زراعة‬ ‫في السبعينات‪ ،‬لذا أرى في ذلك تق ّدما‪ .‬وعلى‬ ‫لقد قمنا بمتابعة تص ّرفات سائقي سيارات‬ ‫القوقعة لأنهم يُخ ّيون التعبير بلغة الإشارة‪.‬‬ ‫العكس‪ ،‬فإن كل هاتف ذكي يحتوي على‬ ‫هذا الابتكار‪ ،‬الذي قد يمحق ثقافة فاقدي‬ ‫عشرات التطبيقات‪ ،‬نادرا ما يتساءل الناس كم‬ ‫الأجرة في باريس وفي لندن‪ ،‬بما في هاتين‬ ‫السمع‪ ،‬هل يُمثّل تق ّدما؟ تعسر الإجابة على‬ ‫منها ضروري ح ّقا‪ .‬فالحكمة تقتضي أن نأخذ‬ ‫المدينتين من متاهات‪ .‬ولاحظنا أن اللندنيين‬ ‫هذا‪ ‬السؤال‪.‬‬ ‫حذرنا من الجاذبية التي تثيرها فينا الرغبة في‬ ‫يعتمدون على أنفسهم في اختيار الاتجاهات‪،‬‬ ‫التسلية أو نجاعة التكنولوجيات الحديثة‪.‬‬ ‫في حين أن الباريسيين يستندون دائما إلى تلك‬ ‫قبل كل شيء‪ ،‬لا ب ّد أن نضمن احترام الحياة في‬ ‫الآلة‪ .‬وبعد ثلاث سنوات‪ ،‬أظهرت اختبارات‬ ‫عمليات التهجين‪ .‬إلا أن ما نشاهده اليوم ليس‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬في مجتمع فقد صوابه وأضاع‬ ‫نفسية أن النواة تحت القشرة الدماغية التي‬ ‫بالتهجين بقدر ما هو استعمار الآلة للأحياء‪.‬‬ ‫قصصه المرجعية الكبرى‪ ،‬يبعث خطاب ما بعد‬ ‫تُح ّدد خريطة الزمان والمكان أُصيبت بالضمور‬ ‫ومن فرط الاستعانة بوسائل خارجية‪ ،‬أصبح‬ ‫الإنسانية على القلق‪ :‬فهو يعامل البشر وكأنّهم‬ ‫عند الباريسيين (ولا شك أن هذا الضمور قد‬ ‫العديد من الناس لا يتذ ّكرون شيئا وأصبحوا‬ ‫يُعانون من ضعف الذاكرة‪ ،‬دون أن يكون ذلك‬ ‫صبيان ولا ينظر للوعود التكنولوجية بالبعد‬ ‫يرتد إذا تخ ّل الشخص عن استعمال تلك‬ ‫الكافي‪ .‬في الغرب‪ ،‬تُحيل التقنية دائما إلى فكرة‬ ‫الآلة)‪ .‬لقد أُصيبوا بنوع من عسر القراءة‬ ‫ُمتأتّيا من أمراض ُمتدنّية‪.‬‬ ‫تجاوز الحدود‪ .‬فمنذ القرن السابع عشر‪ ،‬لم‬ ‫يمنعهم من تحديد موقعهم في الزمان والمكان‪.‬‬ ‫وهذا هو الاستعمار‪ :‬المنطقة الدماغية أُصيبت‬ ‫يستبعد الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت‪،‬‬ ‫بالضمور لأنه تم تفويض وظيفتها الأصلية‬ ‫الذي كان يعتبر أن جسد الإنسان بمثابة الآلة‪،‬‬ ‫دون تعويضها بأية وظيفة‪ ‬أخرى‪.‬‬ ‫إمكانية وجود فكر خارج الجسم‪ .‬أن يحلم‬ ‫الإنسان بالتحرر من جسمه ومن حدوده‪،‬‬ ‫بفضل العلم‪ ،‬فتلك رغبة بشرية‪ .‬وتظن نظرية‬ ‫ما بعد الإنسانية أنه من الممكن تحقيق تلك‬ ‫الرغبة أخيرا‪.‬‬ ‫لكن الحلم بإنسان يتعدى نطاق الجسد‪ ،‬كلي‬ ‫السلطة والنفوذ‪ ،‬لا حدود له‪ ،‬يك ّن عواقب شتى‬ ‫على المجتمع‪ .‬ويبدو لي أنه يتو ّجب تحليله في‬ ‫علاقة استشرافية مع صعود الأصولية الدينية‬ ‫المتقوقعة في قيم يُفترض أنها القيم الطبيعية‬ ‫للإنسان‪ .‬وأعتَبر أن كلاهما ضرب من‬ ‫الأصولية اللاعقلانية‪ ،‬وأنهما قد شنا الحرب‬ ‫على بعضهما‪.‬‬ ‫ميغال بن الصايغ (الأرجنتين) فيلسوف‬ ‫ومحلل نفسي قاوم سياسة بيرون وتم ّكن‬ ‫من الهروب من الأرجنتين سنة ‪ ،1978‬بعد‬ ‫أن تم اعتقاله وتعذيبه‪ ،‬ليستق ّر بباريس في‬ ‫فرنسا‪ .‬نُشر له مؤ ّخرا «دماغ ُمضخم‪ ،‬إنسان‬ ‫منقوص» (‪ ،)2016‬و«تف ّرد الح ّي» (‪.)2017‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|17 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫التصدي‬ ‫لاحتكار البحث‬ ‫‪© The Canadian Press / Graham Hugues‬‬ ‫يوشوا بنجيو‪« :‬علينا أن نشجع المزيد من‬ ‫نشهد منذ حوالي خمس سنوات‪ ،‬أن‬ ‫يوشوا بنجيو يجيب على أسئلة‬ ‫التنوع في عالم الاقتصاد المرتبط بالذكاء‬ ‫بعض عمالقة المعلوماتية تعير اهتماما‬ ‫ياسمينا شوبوفا‬ ‫الاصطناعي وتجنب الأوضاع الاحتكارية‪».‬‬ ‫متحمسا للبحوث العلمية في مجال الذكاء‬ ‫الاصطناعي‪ ،‬وتستثمر مبالغ طائلة في هذا‬ ‫يرى يوشوا بنجيو‪ ،‬الذي يعد من رواد‬ ‫وبالتالي‪ ،‬سوف يتيح الذكاء الاصطناعي لهذه‬ ‫التع ّلم العميق على الصعيد العالمي‪ ،‬أن‬ ‫الشركات تنمية مبيعاتها وثرواتها وكذلك‬ ‫القطاع‪ .‬كيف تُفسر هذه الظاهرة؟‬ ‫الذكاء الاصطناعي لا يزال في مراحله‬ ‫الأولى‪ ،‬إذ أن «مستوى تفكيره سطحي‬ ‫قدرتها على الزيادة في أجور الباحثين الذين‬ ‫إن الجواب على هذا السؤال بسيط جدا‪ .‬لقد‬ ‫توظفهم‪ .‬وبقدر ما تتو ّسع قاعدة زبائنها‪،‬‬ ‫وصلت العلوم إلى درجة من التطور في مجال‬ ‫للغاية‪ ،‬ولا يعادل حتى مستوى‬ ‫بقدر ما تزداد كمية البيانات التي بإمكانها‬ ‫تفكير الضفادع»‪ .‬غير أنه يثير بالفعل‬ ‫الولوج إليها ‪ -‬وهذه البيانات تعد كنزا بما أنه‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪ ،‬تجعلها مفيدة ج ّدا‬ ‫للشركات‪ .‬إن تراكم البيانات الضخمة والقدرة‬ ‫مشاكل خطيرة تتعلق بالاحتكار‬ ‫يجعل النظام أكثر فعالية‪.‬‬ ‫والتوزيع غير العادل‪ ،‬لا يمكن ح ّلها إلا‬ ‫الحاسوبية المتزايدة يس ّهل تطوير منتجات‬ ‫وهذا من شأنه أن يولد حلقة مثمرة لهذه‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪ ،‬وسوف تدر تلك المنتجات‬ ‫على نطاق عالمي‪ .‬لذا فنحن في حاجة‬ ‫الشركات‪ ،‬لكنه من ناحية أخرى سوف يضر‬ ‫ماسة لتنسيق دولي لتطوير الذكاء‬ ‫في المستقبل أرباحا أوفر ‪.‬‬ ‫الاصطناعي‪.‬‬ ‫بالمجتمع‪ .‬إن مثل هذا النموذج من تركيز‬ ‫السلطة قد يؤثر سلبيا على الديمقراطية‬ ‫في الوقت الحالي‪ ،‬لما نقوم ببحث على صفحات‬ ‫والاقتصاد في آن واحد‪ .‬ذلك أنه يدعم الشركات‬ ‫الإنترنت‪ ،‬تشد انتباهنا باستمرار إعلانات‬ ‫الكبرى ويضعف من قدرة الشركات الناشئة‬ ‫على التموقع في السوق حتى لو كانت تقدم‬ ‫ذات أهداف مح ّددة ‪ -‬وتشكل هذه الإعلانات‬ ‫مورد رزق الشركات مثل فيسبوك وأمازون‬ ‫منتجات أفضل‪.‬‬ ‫ويوتوب‪ ،‬إلخ‪ .‬لحد الآن‪ ،‬تمثل منتجات الذكاء‬ ‫الاصطناعي نسبة ضئيلة من السوق‪ ،‬لكن‬ ‫المختصين في الاقتصاد يتوقعون أنه في غضون‬ ‫عقد من الزمن‪ ،‬سوف تصل إلى ‪ %15‬من‬ ‫إجمالي إنتاج السلع‪ .‬وهي نسبة هائلة‪.‬‬ ‫‪ 18‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫تستثمر بعض البلدان بشكل كبير في‬ ‫المسح الضوئي للدماغ‪ ،‬كما يراه‬ ‫علينا أن نشجع المزيد من التنوع في عالم‬ ‫البحث في مجال الذكاء الاصطناعي‪،‬‬ ‫الرسام الفرنسي برنار بوتون‬ ‫الاقتصاد المرتبط بالذكاء الاصطناعي وتجنب‬ ‫وبالخصوص كندا‪.‬‬ ‫‪© Bernard Bouton / Cartoon Movement‬‬ ‫الأوضاع الاحتكارية‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ .‬لقد قررت كندا تمويل ليس فقط‬ ‫ما هي نسبة الباحثين الذين يشتغلون في‬ ‫لكن الاحتكار بدأ ينتصب بالفعل‪ .‬كيف‬ ‫البحوث الأساسية وبعث الشركات الناشئة‪،‬‬ ‫المجال الأكاديمي اليوم؟‬ ‫يمكن معالجته؟‬ ‫بل وأيضا الاستثمار في التفكير الجماعي وفي‬ ‫البحث في مجال العلوم الإنسانية‪ ،‬لدعم القدرة‬ ‫اعتمادا على عدد الأشخاص الذين ألتقي بهم في‬ ‫من خلال قوانين مكافحة الاحتكار‪ .‬لقد ع ّلمنا‬ ‫على تقييم تأثير الذكاء الاصطناعي في المجتمع‪.‬‬ ‫المؤتمرات الدولية الكبرى‪ ،‬أعتقد أنهم يمثلون‬ ‫التاريخ أن هذه القوانين يمكن أن تكون‬ ‫حوالي النصف‪ .‬قبل خمس سنوات‪ ،‬كان تقريبا‬ ‫بمبادرة من جامعة مونتريال‪ ،‬تم فتح‬ ‫مجمل الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي‬ ‫فعالة ضد بعض الشركات التي أفرطت في‬ ‫نقاش في ‪ 3‬نوفمبر ‪ ،2017‬لصياغة إعلان‬ ‫استعمال السلطة‪ .‬فلنتذكر شركة ستاندارد‬ ‫مونتريال لتنمية مسؤولة للذكاء الإصطناعي‪.‬‬ ‫يعملون في المجال الأكاديمي‪.‬‬ ‫أويل بالولايات المتحدة التي اشترت منافسيها‬ ‫لاحتكار سوق النفط‪ ،‬أو هوليوود التي امتلكت‬ ‫وتهدف هذه المبادرة أساسا إلى وضع‬ ‫تقوم الشركات الخاصة بتوظيف المواهب‬ ‫توجيهات أخلاقية في مجال تطوير الذكاء‬ ‫من جميع أنحاء العالم‪ .‬هل يساهم هذا في‬ ‫حتى منتصف القرن العشرين ‪ %70‬من‬ ‫الاصطناعي على المستوى الوطني‪ .‬وفي المرحلة‬ ‫دور السينما‪ ،‬وفرضت قانونها على‬ ‫الأولى من هذه العملية طويلة الأمد‪ ،‬التي‬ ‫هجرة الأدمغة من البلدان الأقل تقدما؟‬ ‫تدعو عامة الناس إلى النقاش مع الخبراء‬ ‫توزيع الأفلام‪ .‬وقد ساهمت العقوبات‬ ‫وصانعي السياسات‪ ،‬تم تحديد سبع قيم‪:‬‬ ‫هذا أمر لا مناص منه‪ .‬ولذلك لا بد من التفكير‬ ‫التي سلطت على هذه الشركات‬ ‫الرفاهية‪ ،‬والاستقلالية‪ ،‬والعدالة‪،‬‬ ‫جماعيا حول سبل استفادة أفقر البلدان من‬ ‫وبعض الشركات الأخرى في‬ ‫والحياة الخاصة‪ ،‬والمعرفة‪،‬‬ ‫أحدث نتائج الأبحاث‪ ،‬بل وأي ًضا حول سبل‬ ‫إعادة التوازن إلى الأسواق‪.‬‬ ‫والديمقراطية والمسؤولية‪.‬‬ ‫إنشاء مراكز أبحاث داخل جامعاتها‪ .‬ففي‬ ‫أعتقد أن استخدام القواعد المناسبة لحوكمة‬ ‫إلى أين وصل التفكير‬ ‫أفريقيا‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬تقدم عدة مؤسسات‬ ‫الإعلانات يمكن أن يساهم بشكل كبير في‬ ‫في هذه المسائل على‬ ‫أكاديمية ‪ -‬وعددها في تزايد مستمر ‪ -‬دورات‬ ‫الصعيد العالمي؟‬ ‫الحيلولة دون احتكار البحث في مجال الذكاء‬ ‫للتكوين في مجال الذكاء الاصطناعي‪ ،‬كما‬ ‫الاصطناعي‪ .‬فنحن جميعا‪ ،‬بطريقة أو بأخرى‪،‬‬ ‫على حد علمي‪ ،‬لا توجد‬ ‫تنظم جامعات صيفية (انظر ص‪ 20 .‬و ‪)21‬‬ ‫معاهدة دولية تنظم البحث‬ ‫سجناء الحملات الإعلانية‪ ،‬وكثيرا ما ننسى أنه‬ ‫برهنت على نجاعتها‪.‬‬ ‫بإمكاننا اتخاذ قرار جماعي لتق ِنينها‪ ،‬بحيث لا‬ ‫في مجال الذكاء الاصطناعي‪ ،‬رغم أن الأمر‬ ‫يتعلق برهانات دولية‪ .‬بدون تنسيق دولي‪ ،‬لن‬ ‫بالإضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك عدد كبير من الدروس‬ ‫تكون مضرة بالمجتمع‪.‬‬ ‫نكون قادرين على التقدم في الاتجاه الصحيح‪.‬‬ ‫والدورات التعليمية والقوانين المتاحة مجانًا‬ ‫على الخط‪ .‬تعرفت على العديد من الشبان‬ ‫وعلاوة على ذلك‪ ،‬فإن الخدمات التي تقدمها‬ ‫وينبغي‪ ،‬قبل كل شيء‪ ،‬تحسيس عامة الناس‬ ‫الشركات الخاصة الكبيرة مثل غوغل أو‬ ‫وصانعي السياسات بالرهانات المرتبطة‬ ‫الذين تكونوا عن طريق الإنترنت‪ .‬و يجب علينا‬ ‫إذا أن نبحث عن أفضل الطرق لمساعدتهم في‬ ‫فيسبوك يمكن أن يوفرها القطاع العمومي‪،‬‬ ‫بالذكاء الاصطناعي‪ .‬في بعض أنحاء العالم‪،‬‬ ‫التدريب بمفردهم‪.‬‬ ‫على غرار التلفزيون الذي يقدم خدمة مماثلة‪.‬‬ ‫وجه الباحثون تحذيرات بخصوص‬ ‫أنت قررت عدم العمل في القطاع الخاص‪،‬‬ ‫المشاكل الرئيسية‪ ،‬تفاعلت معها وسائل‬ ‫أليس كذلك؟‬ ‫الإعلام وعامة الجمهور‪ .‬وتلك هي الخطوات‬ ‫الأولى التي من شأنها أن تقودنا نحو حوار‬ ‫نعم‪ ،‬أريد أن أبقى محايدا‪ .‬إن الهدف من‬ ‫سياسي أوسع‪ ،‬على الصعيد العالمي‪ ،‬يتناول‬ ‫مشروعي هو جعل العلم في متناول الجميع‪،‬‬ ‫المشاكل التي يطرحها هذا المجال‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫وليس فقط لعدد قليل من المساهمين‪ .‬المهم‬ ‫الأخلاق والبيئة والأمن‪.‬‬ ‫بالنسبة لي هو أن يتطور البحث في اتجاه‬ ‫التطبيقات الأكثر فائدة للبشرية وليس‬ ‫يوشوا بينجيو (كندا) باحث وأستاذ بجامعة‬ ‫بالضرورة المدرة لأربَاح أكبر للاقتصاد‪.‬‬ ‫مونتريال‪ ،‬وأستاذ بقسم الإعلامية والبحوث‬ ‫العملية‪ ،‬ومدير معهد الذكاء الاصطناعي‬ ‫مع ذلك‪ ،‬حاولت إنشاء نظام إيكولوجي‬ ‫في كيبيك‪ ،‬ومدير مشارك في برنامج تعلم‬ ‫مشترك ومفيد للبحث والصناعة بجامعة‬ ‫الآلات والأدمغة بالمعهد الكندي للبحوث‬ ‫مونتريال التي أعمل بها‪ .‬واستقرت العديد‬ ‫من مخابر البحث الخاصة التي تتعامل‬ ‫المتقدمة‪ ،‬وحاصل على كرسي البحث الكندي في‬ ‫معنا‪ ،‬بعاصمة كيبيك‪ .‬ويتم توظيف الباحثين‬ ‫خوارزميات التع ّلم الإحصائي‪ .‬تم ذكر نتائج‬ ‫من قطاع الصناعة كأساتذة مساعدين في‬ ‫أبحاثه أكثر من ‪ 80.000‬مرة (بيانات بتاريخ‬ ‫الجامعة‪ ،‬وهم يساهمون في تكوين الطلاب‪.‬‬ ‫وتقدم الشركات الدعم للجامعات تاركة لها‬ ‫سبتمبر ‪ .)2017‬وصل يوشوا بنجيو إلى كيبيك‬ ‫الحرية التامة في اختيار مجالات الأبحاث التي‬ ‫سنة ‪ 1977‬وهو في الثانية عشرة من عمره‪،‬‬ ‫مع والديه أصيلي المغرب‪ ،‬بعد قضاء فترة في‬ ‫سوف‪ ‬تطورها‪.‬‬ ‫باريس‪ .‬وهو حامل لوسام كندا وعضو في‬ ‫الجمعية الملكية لكندا‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|19 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫من أجل استخدام ديمقراطي للذكاء‬ ‫الاصطناعي في أفريقيا‬ ‫مصطفى سيسي يجيب على أسئلة كاترينا ماركيلوفا‬ ‫كيف يمكن لحياة الناس أن تتحسن بشكل‬ ‫يبلغ من العمر ‪ 32‬عا ًما‪ُ .‬ولد ونشأ في السنغال حيث درس الرياضيات والفيزياء‪.‬‬ ‫ملموس‪ ،‬بفضل الذكاء الاصطناعي؟‬ ‫حصل على درجة الماجستير في الذكاء الاصطناعي في فرنسا ثم في كندا‪ ،‬وعاد إلى‬ ‫باريس لينال الدكتوراه‪ .‬التحق منذ سنتين بمؤسسة فيسبوك لأبحاث الذكاء‬ ‫عندما تتيح للأشخاص ُفرصة الوصول إلى‬ ‫الاصطناعي التي تُنشئ مخابر للبحوث الأساسية في عدة أنحاء من العالم منذ‬ ‫المعلومات التي يحتاجونها لبناء علاقات‬ ‫سنة ‪ :2013‬نيويورك‪ ،‬مينلو بارك (كاليفورنيا)‪ ،‬سياتل‪ ،‬باريس‪ ،‬مونتريال‪ ...‬هذه‪،‬‬ ‫اجتماعية‪ ،‬أو الاندماج بسرعة أكبر في بيئة‬ ‫في عجالة‪ ،‬مسيرة مصطفى سيسي‪ ،‬الذي يحدثنا عن أبحاثه ودوافعه وآماله‪.‬‬ ‫ما‪ ،‬أو الحصول على شغل‪ ،‬فإنك تساهم‬ ‫لقد بينت الدراسات‪ ،‬مثلا‪ ،‬أن أنظمة التع ّرف‬ ‫ما هي مشاريعك في مخبر فيسبوك لأبحاث‬ ‫في تحسين حياتهم‪ .‬وبالمثل‪ ،‬إذا استخدمت‬ ‫على الوجه تشتغل بأكثر نجاعة مع الوجوه‬ ‫الذكاء الاصطناعي في باريس؟‬ ‫الذكاء الاصطناعي لتش ِخيص أمراضهم في‬ ‫وقت مب ّكر وتوفير العلاج المناسب‪ ،‬فتكون قد‬ ‫الأوروبية من الوجوه الأفريقية‪ .‬ونفس الشيء‬ ‫أكثر المواضيع التي ته ّمني في مجال الذكاء‬ ‫ينطبق على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي‬ ‫الاصطناعي هي الموثوقيّة‪ ،‬والإنصاف‬ ‫حسنت‪ ‬حياتهم‪.‬‬ ‫تُح ّدد سرطان الجلد‪ :‬فهي تعطي نتائج أفضل‬ ‫والشفافيّة‪ .‬في سنة ‪ ،2017‬كنت أنا ومجموعة‬ ‫إن الذكاء الاصطناعي بصدد تغيير العديد من‬ ‫لدى المرضى ذوي البشرة البيضاء مقارنة‬ ‫من الزملاء أ ّول من ط ّور الخوارزميات‬ ‫الصناعات‪ ،‬وأتمنى أن يكون ُمتاحا لجميع‬ ‫بالمرضى ذوي البشرة السمراء‪ .‬ومن ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬تب ّي أن بعض الأنظمة تعمل بأكثر‬ ‫(هوديني) التي تقيّم مناعة الأنظمة الذكيّة‪،‬‬ ‫من يحتاجونه ‪ -‬وليس فقط لعدد محدود من‬ ‫فعالية عندما يتعلق الأمر بالرجال‪ ،‬مقارنة‬ ‫مهما كانت نوعيّة الوسيلة الإعلامية‪ :‬الصوت أو‬ ‫سكان العالم – وذلك لمواجهة ُمختلف تحديات‬ ‫بالنساء‪ .‬وهذا يعني أنه ت ّم إهمال بعد محوري‬ ‫الفيديو أو غيرها‪.‬‬ ‫هذا القرن‪ .‬أنا أحاول من ناحيتي وفي أطار‬ ‫كامل أثناء تطوير هذه الأنظمة‪ .‬وأسعى مع‬ ‫تخصصي‪ ،‬أن أساهم في تطوير الأوضاع في هذا‬ ‫غيري من الزملاء لدمج هذا البُعد منذ أن نبدأ‬ ‫إن مناعة الخوارزميات ضرورية لضمان‬ ‫الاتجاه‪ .‬وما زلت ُمقتنعا بأ ّن ُمجتمع الباحثين‬ ‫في بناء نماذج الذكاء الاصطناعي التي نقوم‬ ‫أمن منتجات الذكاء الاصطناعي‪ .‬تخيّل ما‬ ‫في الذكاء الاصطناعي يقوم بخطوات عملاقة‪.‬‬ ‫يمكن أن يحدث إذا أراد شخص سيئ النية‬ ‫بتطويرها‪ .‬هذا الجانب هام للغاية‪ ،‬إذا ما أردنا‬ ‫تغيير الخوارزمية التي تقود سيارتك ذاتية‬ ‫كيف يمكن للفئات الأكثر فقرا الوصول إلى‬ ‫أن يكون الذكاء الاصطناعي قادرا على تقديم‬ ‫القيادة! يُمكن‏لأ ّي نظام معلوماتي أن يتع ّرض‬ ‫هذه التكنولوجيا المتطورة؟‬ ‫نفس الفائدة للجميع‪.‬‬ ‫لهجمات من الخارج (قرصنة أو تعديل عن‬ ‫سوء قصد)‪ .‬لذا‪ ،‬من الضروري ضمان ُقدرة‬ ‫إذا أردنا أن تكون هذه التكنولوجيا ُمتاحة‬ ‫صرحت في السابق بأنه يجب على الباحثين‬ ‫هذه الأنظمة على مقاومة مثل تلك الهجمات‪.‬‬ ‫للجميع‪ ،‬يجب تدريسها في ك ّل مكان‪ .‬التعليم‬ ‫في مجال الذكاء الاصطناعي أن يكفوا عن‬ ‫هو السبيل لوضع هذه التكنولوجيا في أيدي من‬ ‫وهناك بحوث أخرى‪ ،‬نشرتها في الفترة الأخيرة‬ ‫ُهم في حاجة إليها‪ .‬وإذا أتيحت لهم الإمكانيات‪،‬‬ ‫التركيز حصريا على «مشاكل الإنسان‬ ‫مع زميل لي‪ ،‬تتعلق بتجهيز الخوارزميات‬ ‫فسوف يجدون الحلول المناسبة لمشاكلهم‪ ،‬أنا‬ ‫الأبيض»‪.‬‬ ‫الذكيّة بالقدرة على التعامل مع كل كائن بشري‬ ‫متيقن من ذلك‪.‬‬ ‫بالنسبة لي‪« ،‬مشاكل الإنسان الأبيض» تتمثل‬ ‫بشكل عادل‪ ،‬سواء كان رجلاً أو امرأة‪ ،‬أسود‬ ‫في كل تلك التطورات التكنولوجية المرتبطة‬ ‫أو أبيض‪ ،‬إلخ‪.‬‬ ‫منذ ثلاث سنوات‪ ،‬بدأت مع مجموعة من‬ ‫الأصدقاء‪ ،‬في تدريس الذكاء الاصطناعي في‬ ‫بواقع الغرب‪ ،‬والتي تبقى من باب الخيال في‬ ‫وبعبارة أخرى‪ ،‬أحاول لا فقط ضمان‬ ‫الجامعات الصيفيّة التي تنظمها في أفريقيا‬ ‫أنحاء أخرى من العالم‪ ،‬مثل السيارات ذاتية‬ ‫موثوقية الخوارزميات بأعلى درجة ممكنة‪،‬‬ ‫داتا ساينس أفريكا‪ ،‬وهي جمعية مهنية غير‬ ‫القيادة‪ .‬في أفريقيا وفي مناطق كثيرة من آسيا‬ ‫ولكن أيضا جعلها متناسبة مع احتياجات‬ ‫ربحية تهدف إلى تقاسم المعرفة‪ .‬في كل فصل‬ ‫المجتمع البشري وقيمه‪ ،‬لأنها من المفروض أن‬ ‫صيف ولم ّدة أسبوع أو أسبوعين‪ ،‬نقوم بتعليم‬ ‫أو أميركا الجنوبية‪ ،‬مشاكل الناس اليومية‬ ‫العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي للطلاب‬ ‫مختلفة‪ ،‬ورغم أن الحلول التي تحتاجها تعتمد‬ ‫تكون في خدمته‪.‬‬ ‫والمدرسين الذين يرغبون في اكتشاف هذه‬ ‫على تكنولوجيات أق ّل تعقيدا‪ ،‬فإنها تظل غير‬ ‫المادة‪ ‬العلمية‪.‬‬ ‫مت ّوفرة‪ .‬أعتقد أنه بإمكاننا‪ ،‬كمجتمع علمي‪،‬‬ ‫أن نكون أكثر فعالية إذا وجهنا اهتماما أكبر‬ ‫في العام الماضي‪ ،‬قمنا مع مجموعة من‬ ‫الأصدقاء‪ ،‬ببعث ُمبادرة بلاك إن أول (السود‬ ‫لمشاكل هؤلاء الناس لإيجاد حلول لها‪.‬‬ ‫في كل مكان)‪ .‬ونجحنا في تجميع أكثر من‬ ‫‪ 200‬باحث أسود (بالإضافة للأمريكيين) في‬ ‫الدورة الثلاثين لأكبر مؤتمر علمي حول الذكاء‬ ‫الاصطناعي في العالم‪ ،‬الذي خصص لأنظمة‬ ‫معالجة المعلومات العصبيّة ‪.2017‬‬ ‫‪ 20‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫نشر الصورة بترخيص كريم من الرواق ‪© Maurice Mbikayi /‬‬ ‫نارسيسورفينغ نيتيزنشيب (‪ ،)2015‬نحت‬ ‫هل أطلقت هذه المبادرات من تلقاء نفسك‪،‬‬ ‫في السنوات السابقة‪ ،‬لم نتجاوز عشرة باحثين‪،‬‬ ‫أم هل هي تندرج ضمن عملك في مؤسسة‬ ‫من مجمل أكثر من ‪ 5000‬مشارك في هذه‬ ‫للفنان موريس مبيكايي‪ ،‬من جمهورية‬ ‫التظاهرة‪.‬‬ ‫الكونغو الديمقراطية‪ ،‬الذي يهت ّم بالخصوص‬ ‫فيسبوك لأبحاث الذكاء الاصطناعي؟‬ ‫وبهذا المستوى المتواضع‪ ،‬نُحاول إضفاء صبغة‬ ‫بتأثير التكنولوجيا المعاصرة على الإنسانية‪،‬‬ ‫هذه مبادرات أطلقتها بنفسي مع الأصدقاء‪،‬‬ ‫أكثر ديمقراطية على الذكاء الاصطناعي وعلى‬ ‫في أفريقيا خا ّصة‬ ‫لكنني تلقيت مساعدة لوجستية ومالية من‬ ‫فيسبوك‪ ،‬الذي قدم الدعم لمشاركة حوالي ‪50‬‬ ‫سبل الوصول إلى المعلومات في هذا المجال‪.‬‬ ‫باحثًا أفريقيًا شاباً في المؤتمر الذي تح ّدثت‬ ‫أنا واع كل الوعي بان هذا غير كاف‪ ،‬وأنه‬ ‫من الضروري القيام بإجراءات أوسع نطاقا‪،‬‬ ‫عنه‪ ‬أعلاه‪.‬‬ ‫لكنني أبقى متفائلاً‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|21 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ الثورة‬ ‫الرابعة‬ ‫يانغ كيانغ يجيب على أسئلة وانغ تشاو‬ ‫بعد أن أطلقت شبكة الإنترنت وأجهزة الإنترنت المحمولة الثورة الصناعية الثالثة‪،‬‬ ‫تقوم تقنيات الذكاء الإصطناعي‪ ،‬مقترنة بالبيانات الضخمة‪ ،‬بالتهيئة لانطلاق‬ ‫ثورة صناعية رابعة من المحتمل أن تغ ّي التوازنات على الصعيد العالمي‪.‬‬ ‫‪© Raquel Kogan / photo Domingues Freitas‬‬ ‫الذكاء الاصطناعي يمكن تسميته بـ«البيانات‬ ‫كيف ت ّم التقارب بين الذكاء الإصطناعي‬ ‫الذكيّة»‪.‬‬ ‫والبيانات الضخمة؟‬ ‫انعكاس‪ ،‬تركيبة من ابتكار الفنانة البرازيلية‬ ‫راكال كوغان‪ :‬أرقام تنبعث آليّا من حاسوب‬ ‫كيف يمكن للمؤسسات أن تت ّكيف مع هذه‬ ‫بدأ هذا التقارب في أوائل العقد الأول من القرن‬ ‫وتُعرض في قاعة ُمظلمة‪ ،‬فتختلط أجسام‬ ‫المعطيات الجديدة؟‬ ‫الحالي‪ .‬حين استخدم كل من غوغل وبايدو ‪-‬‬ ‫وهي محركات البحث الناشئة في ذلك الوقت‬ ‫ال ُمشاهدين بالأرقام المعروضة‪.‬‬ ‫في البداية وقبل الانطلاق في العمل مهما كانت‬ ‫‪ -‬الذكاء الإصطناعي لإنجاز أنظمة التّوصية‬ ‫نوعيته‪ ،‬يجب التفكير في الطريقة المتوخاة‬ ‫الشخصية في مجال الإعلانات الإشهارية‪،‬‬ ‫أدركوا أن النتائج كانت أفضل بكثير مما كانوا‬ ‫لتجميع البيانات‪ .‬ولا بد من تحديد الاحتياجات‬ ‫يتو ّقعون‪ .‬وكلما زاد حجم البيانات التي يتم‬ ‫وفقا للخوارزميات‪ ،‬وتجميع البيانات ‪ -‬من‬ ‫جمعها حول كل مستخدم‪ ،‬كلما كانت النتائج‬ ‫أفضل‪ .‬لكن في ذلك الوقت‪ ،‬لم يكن أحد يدرك‬ ‫مصادر مختلفة ‪ -‬في اتجاه هدف مع ّي‪ .‬يجب‬ ‫أن تكون الخدمات التي يوفرها نظام البرمجة‬ ‫أنه يمكن تطبيق هذا التطور في مجالات أخرى‪.‬‬ ‫قادرة على التأثير على المصدر حتى ينتج‬ ‫حدثت نقطة تح ّول حقيقية مع ظهور إيمدج‬ ‫المزيد من البيانات وحتى تغذي هذه البيانات‬ ‫نت‪ ،‬وهي أكبر قاعدة بيانات للتع ّرف على‬ ‫الصور في العالم‪ .‬كانت هذه القاعدة التي‬ ‫بدورها‪ ،‬نظام البرمجة‪ ،‬في «حلقة مغلقة»‪.‬‬ ‫قام بتصميمها مختصون في الإعلامية من‬ ‫وبذلك‪ ،‬تُخلق عملية مستمرة لتحسين النظام‬ ‫جامعة ستانفورد وبرينستون في الولايات‬ ‫وتعديله ذاتيا‪ .‬إن مثل هذه «الحلقة المغلقة»‬ ‫المتحدة‪ ،‬نقطة انطلاق ثورة التع ّلم العميق‬ ‫هي منظومة مختلفة تماما عن المنظومة‬ ‫(ديب لارنغ)‪ ،‬ذلك أن الكميات الضخمة من‬ ‫المعمول بها إلى حد الآن في النشاط الاقتصادي‪.‬‬ ‫المعطيات البصرية التي جمعتها إيمدج نت‬ ‫أفضت إلى تقليص الأخطاء في التعرف على‬ ‫هل لك أن توضح أكثر مفهوم «الحلقة‬ ‫المغلقة»؟‬ ‫مضمون الصور بـنسبة ‪ .%10‬وقد بين‬ ‫ذلك أن التقارب بين التعلم العميق والبيانات‬ ‫أول شيء يجب مراعاته هو مصدر البيانات ‪-‬‬ ‫الضخمة يتيح التحكم في العمليات الحسابية‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬المستخدمون‪ .‬يجب تسجيل‬ ‫جميع سلوكيات المستخدمين في شكل بيانات‪.‬‬ ‫المعقدة للغاية‪.‬‬ ‫ثم يجب الأخذ بعين الاعتبار مزودي الخدمات‪،‬‬ ‫مثل وي تشات باي‪ ،‬أو محفظة النقود الجوالة‬ ‫كيف تح ّدد العلاقة بين التع ّلم العميق‬ ‫والبيانات الضخمة؟‬ ‫الصينية‪ ،‬أو تاو باو وهو موقع التجارة‬ ‫الإلكترونية الصيني‪ .‬وتعتمد ردة الفعل الذكية‬ ‫هي علاقة تدعيم متبادل‪ .‬إذا تّم تصميم نظام‬ ‫على تلك البيانات لفهم احتياجات المستخدمين‬ ‫الذكاء الإصطناعي بشكل محكم‪ ،‬فسوف يكون‬ ‫الذين يقومون‪ ،‬عند الاستخدام‪ ،‬بتوفير بيانات‬ ‫أخرى لمزود الخدمات الذي يقوم بدوره بتوفير‬ ‫أكثر ملاءمة للاستخدام وأكثر دقة وبالتالي‬ ‫بيانات للمستخدمين‪ .‬بحيث يشكل هذا النظام‬ ‫أكثر فائدة‪ .‬وسوف يؤدي إلى ارتفاع عدد‬ ‫«حلقة‪ ‬مغلقة»‪.‬‬ ‫المستخدمين‪ ،‬وبالتالي إلى المزيد من البيانات‬ ‫التي تحسن بدورها نظام الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫وحتى تكون الحلقة سريعة‪ ،‬لا بد من تشغيلها‬ ‫آليا بالكامل‪ ،‬وتكرير تحيين البيانات عدة‬ ‫ومع دمج البيانات الضخمة والذكاء‬ ‫م ّرات في اليوم‪ ،‬حتى يكون النظام محيّنا‬ ‫الاصطناعي‪ ،‬يمكن بعث نوع جديد من‬ ‫بصفة مستم ّرة‪ .‬وهذا من شأنه أن يحث‬ ‫المستخدمين على رد الفعل بصفة دائمة من‬ ‫‪ 22‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫سوف يُحدث الذكاء الاصطناعي تغييرا‬ ‫عميقا في المجتمع البشري وسوف يمنحه‬ ‫شكله المستقبلي‬ ‫صغيرة‪ .‬كما انّه قد يصبح من الممكن إبتكار‬ ‫إنها تقنيات وحلول فريدة من نوعها في تلبية‬ ‫خلال إرسال المعلومات‪ .‬باختصار‪ ،‬يجب أن‬ ‫نظم من نوع جديد لخدمة الزبائن‪.‬‬ ‫احتياجات القطاعات الموجودة حاليا‪.‬‬ ‫تكون العملية وجيزة‪ ،‬ومستمرة‪ ،‬وسريعة‪.‬‬ ‫في اعتقادي‪ ،‬في المرحلة الثانية‪ ،‬سوف يُحدث‬ ‫أ ّما المرحلة الثانية‪ ،‬فسوف تشهد بروز‬ ‫في رأيك‪ ،‬كم من وقت سيستغرق إنجاز‬ ‫الذكاء الاصطناعي تغييرا عميقا في المجتمع‬ ‫قطاعات صناعية غير مسبوقة يتمركز الذكاء‬ ‫هذه الحلقة المغلقة؟‬ ‫البشري وسوف يمنحه شكله المستقبلي‪ .‬تماماً‬ ‫الإصطناعي في جوهرها‪ .‬فمثلا‪ ،‬إذا استخدمت‬ ‫كما حدث حين ظهر الإنترنت‪ :‬في البداية‪ ،‬قامت‬ ‫مؤسسة بنكية الذكاء الإصطناعي كتكنولوجيا‬ ‫أعتقد أن تطوير الذكاء الإصطناعي سوف‬ ‫مكتبة تقليدية بإنجاز صفحة ويب وخالت‬ ‫أساسية‪ ،‬فقد تترك له المجال بالكامل للتصرف‬ ‫يتم في مرحلتين‪ .‬في مرحلة أولى‪ ،‬سوف تحاول‬ ‫نفسها مكتبة على الخط‪ .‬ولم تظهر مواقع‬ ‫في الاستثمارات والخدمات والاقتراض‪ .‬ولن‬ ‫جميع القطاعات استخدام تلك التكنولوجيا‪.‬‬ ‫الإنترنت على غرار أمازون إ ّل لاحقا‪.‬‬ ‫يتبقى لموظفي البنك إلا إجراء تعديلات‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬ستستخدم مصالح الأمن‬ ‫والحماية تقنيّة التع ّرف على الوجه‪ ،‬وسوف‬ ‫قد يؤدي التأليف بين البيانات الضخمة‬ ‫يستخدم القطاع البنكي الذكاء الاصطناعي‬ ‫والذكاء الإصطناعي إلى تهديد الحياة‬ ‫للسيطرة على المخاطر‪ ،‬وهل ّم جرا‪.‬‬ ‫الخاصة والعدالة الاجتماعية‪.‬‬ ‫سوف يو ّلد التأليف بين البيانات الضخمة‬ ‫والذكاء الإصطناعي نماذج اقتصادية جديدة‬ ‫ناجعة‪ .‬لكن وضع هذه النماذج حيز التنفيذ‬ ‫على صعيد واسع مشروط بضمان احترام‬ ‫الحياة الخاصة للمستخدمين‪ .‬وفي هذا الصدد‪،‬‬ ‫هناك ثلاث مشاكل لا بد من ح ّلها‪:‬‬ ‫أولا‪ ،‬لا بد من س ّن القواعد الاجتماعية‬ ‫والقانونية التي تحمي ملكية البيانات‬ ‫وتبين بصفة واضحة متى يمكن أو لا يمكن‬ ‫استخدامها‪ .‬يجب تصنيف بيانات المستخدمين‬ ‫في أبواب مختلفة‪ :‬باب أحمر بالنسبة للبيانات‬ ‫المحمية بالكامل‪ ،‬وأصفر للبيانات التي يمكن‬ ‫النفوذ إليها بصفة محدودة‪ ،‬وأخضر للتي هي‬ ‫حرة الإقتناء‪ .‬لم يحصل لحد الآن أي توافق‬ ‫حول تصنيف البيانات‪ .‬علاوة على أنه لا يوجد‬ ‫أي قانون يحدد الشخص المسؤول والعقوبات‬ ‫التي يتعرض لها في حال انتهاك‪ ‬القانون‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬من الضروري حماية سرية البيانات من‬ ‫الناحية التقنية‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬تقوم حاليا‬ ‫‪4‬باراديغم (وهي شركة تزويد خدمات في‬ ‫تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي‪ ،‬مقرها بيجين)‬ ‫بدراسة استخدام تع ّلم هجرة البيانات بهدف‬ ‫حماية الحياة الخاصة‪ ،‬وهو ميدان جديد‬ ‫نسبياً‪ .‬إذا ابتكرت مثلا مؤسسة «أ» نموذجا‪،‬‬ ‫ويتم نقل النموذج إلى مؤسسة «ب»‪ ،‬فلا داعي‬ ‫من تبادل البيانات بين «أ» و«ب»‪ ،‬بل يكفي‬ ‫إدماج المعطيات صلب النموذج المنقول‪ ،‬ومن‬ ‫ثم ضمان حمايتها‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|23 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫وانغ تشاو (الصين) خبير دولي رائد في مجال‬ ‫ما عسى أن يكون مفعول التأليف بين‬ ‫وأخيرا‪ ،‬لا بد من إجراء المزيد من الأبحاث حول‬ ‫الذكاء الاصطناعي ومعالجة البيانات‪ .‬هو‬ ‫البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في‬ ‫العلاقة بين الحياة الشخصية للمستخدمين‬ ‫وتسعير البيانات‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬عندما‬ ‫أول صيني يترأس المؤتمرات الدولية المشتركة‬ ‫الدول النامية؟‬ ‫ينقر المستخدمون على إعلان معروض على‬ ‫المعنية بالذكاء الاصطناعي‪ ،‬وهو عضو في‬ ‫الإنترنت من قبل نظام محكوم بالذكاء‬ ‫في نظري‪ ،‬سوف يم ّكن عددا من البلدان النامية‬ ‫الاصطناعي‪ ،‬هل يجب أن تعود نسبة من‬ ‫جمعية النهوض بالذكاء الاصطناعي‪ ،‬ومدير‬ ‫الأكثر تقدما من الإلتحاق بالبلدان المتقدمة‪ ،‬بل‬ ‫الأرباح إلى هذا النظام؟ وإذا حصل محرك‬ ‫قسم الإعلامية والهندسة في جامعة هونغ‬ ‫وحتى تجاوزها‪ ،‬لأن التنافس الاقتصادي سوف‬ ‫بحث على عائد مالي‪ ،‬فهل ينبغي توزيع جزء‬ ‫منه على المستخدمين؟ يجدر التساؤل حول‬ ‫كونغ للعلوم والتكنولوجيا‪ .‬شارك في تأسيس‬ ‫يعتمد بالأساس على كمية البيانات وقيمتها‪.‬‬ ‫هذه القضايا‪.‬‬ ‫‪4‬باراديغم حيث يتولى مهام علمية‪.‬‬ ‫وقد سمح‪ ،‬مثلا‪ ،‬التطور السريع لشبكة‬ ‫في السنوات المقبلة‪ ،‬سوف يدرك الجميع أهمية‬ ‫وانغ تشاو (الصين) صحفي ورئيس فريق‬ ‫الإنترنت والإنترنت الجوال الصيني بتجميع‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪ .‬ولا بد أن نكون على يقظة‬ ‫في أستديو الذكاء الاصطناعي في قناة نت إيز‬ ‫كميات هائلة من المعطيات‪ .‬وهذا من شأنه‬ ‫وأن ننتبه للشكل الذي سيكون عليه ولمجالات‬ ‫نيوز التي تقوم بتغطية أهم الأحداث في قطاع‬ ‫أن يس ّرع تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي في‬ ‫الصين‪ ،‬وقد يتأتى عن ذلك تغيير ملامح العالم‪.‬‬ ‫تطبيقه‪ .‬حاليا‪ ،‬المجالات الأكثر قابلية للذكاء‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫الاصطناعي هي المالية‪ ،‬والإنترنت والسيارات‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬إذا توفر لبلد ما بنية تحتية‬ ‫أناشيد أناغورا‪ ،‬معرض‬ ‫ونظام تربوي بجودة عالية‪ ،‬فسوف يكون‬ ‫ذاتية القيادة‪.‬‬ ‫تفاعلي يُق ّدم حقلا للبحث يتدارس تجميع‬ ‫قادرا على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي‬ ‫لتحسين نجاعة انتاجيته‪ .‬تماما مثلما سمح‬ ‫ومعالجة واستعمال البيانات المتعلقة‬ ‫استخدام المحرك البخاري لعدد من البلدان‬ ‫بموقع الإنسان وسلوكه‪.‬‬ ‫بالتط ّور بسرعة أكبر من غيرهم خلال الثورة‬ ‫الصناعية‪.‬‬ ‫© بترخيص كريم من ميرايكان‪ ،‬المتحف الوطني للعلوم الناشئة والابتكار‪ ،‬طوكيو‪ ،‬اليابان‬ ‫‪ 24‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫تهديدات‬ ‫الروبوتات القاتلة‬ ‫‪© RYGER / Shutterstock‬‬ ‫يتجند الرأي العام أكثر فأكثر ضد تط ّور‬ ‫بقلم فاسيلي سيتشاف‬ ‫الأسلحة الفتّاكة المستق ّلة‬ ‫وبفضل تط ّور التكنولوجيات الإعلامية‪،‬‬ ‫للذكاء الاصطناعي تطبيقات عديدة في المجالين الأمني والعسكري‪ .‬على الميدان‪،‬‬ ‫ستُصبح نُظم القتال ُمستقبلا أكثر استقلالية‬ ‫هو يُس ّهل المناورات ويُم ّكن من إنقاذ الأرواح في حال حدوث خسائر‪ .‬كما يعزز‬ ‫من النُّظم الحالية‪ .‬وسوف تسمح هذه‬ ‫الاستقلالية‪ ،‬دون أدنى شك‪ ،‬بتوفير مساعدة‬ ‫أداء الجيوش بتوفير روبوتات حليفة للجنود‪ .‬وحسب بعض الخبراء‪ ،‬فإن الأسلحة‬ ‫الفتّاكة الأوتوماتيكية هي بصدد خلق الثورة الثالثة للحروب‪ ،‬بعد البارود والسلاح‬ ‫قيّمة للمقاتلين‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬سوف‬ ‫تأتي بالمزيد من التح ّديات والمجازفات‪ :‬من‬ ‫النووي‪ .‬وكيف لا ينتابنا القلق لحلول يوم يصبح فيه تشغيل جيوش الروبوتات‬ ‫ذلك سباق التس ّلح بين الدول‪ ،‬وغياب القواعد‬ ‫والقوانين في مناطق الصراع‪ ،‬وانعدام المسؤولية‬ ‫واقعا‪ ،‬بما لها من قدرة على تنفيذ العمليات العدائية بكل استقلالية؟‬ ‫في اتّخاذ القرارات‪ .‬في الوقت الحاضر‪ ،‬في حين‬ ‫يحاول العديد من المقاولين وأصحاب القرار‬ ‫تقوم عديد الشركات‪ ،‬في كل أنحاء العالم‪،‬‬ ‫والعلماء منع استخدام نُظم القتال ال ُمستق ّلة‪،‬‬ ‫ببحوث علمية هامة في مجال الذكاء‬ ‫يُؤ ّكد العسكريّون أن القرار الأخير بخصوص‬ ‫القتل من عدمه‪ ،‬أثناء المعركة‪ ،‬سوف يبقى‬ ‫الإصطناعي‪ .‬والنتائج التي ت ّم التو ّصل إليها‬ ‫لحد اليوم ممتازة‪ :‬أصبح الذكاء الاصطناعي‬ ‫بيد‪ ‬الإنسان‪.‬‬ ‫قادرا على التكهن بإمكانية الإصابة بمرض‬ ‫السكري بواسطة ساعة «ذكية» أو على تحديد‬ ‫بو ّدنا أن نُص ّدق ذلك‪ ،‬لكنّنا لا ب ّد أن نُذ ّكر بأن‬ ‫وحمات بعض أنواع السرطان‪ ،‬بالاعتماد على‬ ‫السلاح النووي ‪ -‬ذلك السلاح الذي ما كان‬ ‫مظهرها‪ .‬وتحظى أيضا هذه الأداة الف ّعالة‬ ‫يجب أن يُبتكر أصلا والذي واجهه العديد من‬ ‫التي تتجاوز الذكاء البشري ‪ -‬خاصة من حيث‬ ‫المعارضين منذ المرحلة الأولى من تصميمه ‪-‬‬ ‫قد ت ّم استعماله في آخر الأمر‪.‬‬ ‫سرعة أدائها ‪ -‬باهتمام العسكريين‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|25 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ويتمثّل مبدأ هذا النظام في الآتي‪ :‬يراقب الذكاء‬ ‫الاصطناعي عن قرب عيني الشخص ووجهه‬ ‫ويضع بالتوازي سمات الوجه مع الصور‬ ‫التي ينظر إليها الشخص‪ .‬وإذا جلبت إحدى‬ ‫الصور انتباه الشخص (م ّما ينتج عنه تغيير‬ ‫في سمات وجهه وتوجه نظره)‪ ،‬تقوم البرمجية‬ ‫آليا بحفظ الصورة في ملف خاص بالموضوع‪.‬‬ ‫وأثناء الاختبارات‪ ،‬ت ّم عرض مجموعة من‬ ‫الصور على أحد الجنود‪ ،‬تنقسم إلى خمسة‬ ‫أصناف أساسية‪ :‬بواخر‪ ،‬حيوان بندا‪ ،‬فواكه‬ ‫حمراء‪ ،‬فراشات‪ ،‬ثريّات‪ .‬و ُطلب منه أ ّل يحصي‬ ‫إلا صور الصنف الذي يه ّمه‪ .‬كانت الصور‬ ‫تم ّر أمامه بنسق صورة في الثانية‪ .‬و«استنتج»‬ ‫الذكاء الاصطناعي أن الجندي ُمهت ّم بصنف‬ ‫البواخر‪ ،‬فقام بتسجيل الصور المطابقة في‬ ‫مل ّف منفصل‪.‬‬ ‫في مسرح العمليات‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬قام مركز الاستعلامات‬ ‫رسم أُنجز في الأصل خصيصا للنشر في‬ ‫في الجغرافيا الفضائية بجامعة ميسوري‬ ‫كريزيس إن زفرا‪ ،‬رواية خيالية لكارل‬ ‫لكن الذكاء الاصطناعي قادر أيضا على‬ ‫شرودر الذي أجرت معه الرسالة حوارا في‬ ‫مساعدة العسكريين في ساحة المعركة‪ .‬في‬ ‫بالولايات المتحدة‪ ،‬بتطوير نظام ذكاء‬ ‫روسيا‪ ،‬يت ّم حاليا وضع اللمسات الأخيرة‬ ‫اصطناعي قادر على التحديد السريع والدقيق‬ ‫نفس هذا العدد‪.‬‬ ‫لصنع طائرة حربية من الجيل الخامس‬ ‫لمواقع أجهزة الصواريخ المضادة للطائرات‪ ،‬في‬ ‫سو‪ ،57-‬قد تدخل حيز الاستخدام قبل نهاية‬ ‫صور قمرية وفضائية‪ .‬وتبلغ سرعة تأدية هذا‬ ‫© ‪Kalman Andrasofszky‬‬ ‫السنة‪ .‬وتتض ّمن برمجية حاسوب قيادة هذه‬ ‫النظام ما يساوي ‪ 85‬أضعاف قدرة الخبراء‬ ‫الطائرة عناصر من الذكاء الاصطناعي تخول‬ ‫البشريين‪ .‬وقد ت ّم بناء الشبكة العصبية التي‬ ‫مساعد افتراضي‬ ‫لها‪ ،‬أثناء التحليق‪ ،‬بتحليل مستمر لحالة‬ ‫يعتمد عليها هذا النظام باستعمال ُصور تُمثّل‬ ‫الهواء‪ ،‬ودرجة حرارته‪ ،‬وضغطه‪ ،‬وعديد‬ ‫مختلف أصناف الصواريخ المضا ّدة للطائرات‪.‬‬ ‫كما هو الشأن في كل مجالات النشاط البشري‬ ‫ال ُمتغ ّيات الأخرى‪ .‬وإذا حاول الطيّار القيام‬ ‫وبعد تدريب النظام‪ ،‬ت ّم اختباره على مجموعة‬ ‫الأخرى‪ ،‬فإن الذكاء الاصطناعي قادر على‬ ‫بمناورة «يعتبر» النظام أنها سوف تتسبب في‬ ‫من الصور‪ :‬في ‪ 42‬دقيقة فقط‪ ،‬عثر على ‪%90‬‬ ‫السقوط‪ ،‬فلن يأخذ بأمر الطيّار‪ .‬وإذا أصاب‬ ‫تيسير العمل في مجال الأمن وتسريعه‪ .‬ويعمل‬ ‫الطائرة عطب وبدأت تتهاوى‪ ،‬يدل نفس‬ ‫من أجهزة الدفاع‪ .‬في حين استغرق عمل‬ ‫حاليا باحثون في جامعة غرناطة بإسبانيا‪ ،‬على‬ ‫النظام الطيّار عن كيفية إعادة الطائرة إلى‬ ‫الخبراء ‪ 60‬ساعة لح ّل نفس المشكل والحصول‬ ‫الوضع المستقيم واستعادة السيطرة عليها‪.‬‬ ‫بناء برمجيّات تعتمد على الشبكات العصبية‪،‬‬ ‫على نفس النتيجة‪.‬‬ ‫تكون قادرة على الكشف في صور فيديو‪،‬‬ ‫في الأثناء‪ ،‬يقوم اليابان بتطوير طائرته‬ ‫الخا ّصة من الجيل الخامس‪ .‬وتمت أ ّول‬ ‫كما ي ُعد الذكاء الاصطناعي تطبيقات أكثر‬ ‫بصفة آنية وبد ّقة كبيرة‪ ،‬على الأسلحة الخفيفة‬ ‫رحلة للنموذج الأصلي منها‪ ،‬اكس ‪-2‬شينشين‬ ‫تعقيدا‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬يقوم مخبر البحث‬ ‫مثل المسدسات والرشاشات‪ .‬تتض ّمن نُظم‬ ‫(«الروح» باللغة اليابانية)‪ ،‬في أبريل ‪.2016‬‬ ‫وتحتوي هذه الطائرة على شبكة واسعة من‬ ‫التابع للجيش الأمريكي بتطوير نظام‬ ‫الأمن الحديثة عددا كبيرا من عدسات المراقبة‪،‬‬ ‫أجهزة الاستشعار‪ ،‬تقوم بتحليل وضع كل‬ ‫معلوماتي يتو ّل تحليل ر ّد فعل الإنسان أمام‬ ‫لكنه يتعذر فحص كل المشاهد صورة صورة‪.‬‬ ‫عنصر من ُمك ّونات الطائرة وتحديد الأضرار‬ ‫صورة ُمعيّنة‪ .‬وسوف يستفيد منه ال ُمح ّللون‬ ‫لذلك‪ ،‬يكون الذكاء الاصطناعي ُمفيدا ج ّدا في‬ ‫التي تلحقها‪ ،‬م ّما يسمح لها «بالصمود»‪ .‬أثناء‬ ‫العسكريون ال ُمطا َلبون بمشاهدة آلاف الصور‬ ‫المعركة‪ ،‬إذا تضرر أحد جناحيها أو ذيلها‪ ،‬يُعيد‬ ‫تحليل تلك الصور والكشف عن الأسلحة إن‬ ‫نظام القيادة تهيئة منظومة المراقبة للإبقاء‬ ‫وساعات من أشرطة الفيديو‪ ،‬وتحليلها‬ ‫وجدت وإبلاغ الأعوان في وقت قياسي‪.‬‬ ‫على نفس المرونة والسرعة‪ .‬وسوف يكون‬ ‫بشكل‪ ‬منهجي‪.‬‬ ‫حاسوب الطائرة اليابانية قادرا على تحديد‬ ‫ساعة التعطل الك ّل للعنصر ال ُمتض ّرر‪ ،‬م ّما‬ ‫يتيح للطيّار تقرير مواصلة القتال أو العودة‬ ‫إلى‪ ‬القاعدة‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬يمثل الذكاء الاصطناعي‬ ‫«نعمة» ‪ -‬إذا جاز استعمال هذه العبارة في‬ ‫سياق الحديث عن الأسلحة ونُظم القتال‪.‬‬ ‫‪ 26‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫وفي غ ّرة سبتمبر ‪ ،2017‬ص ّرح الرئيس الروسي‬ ‫روبوتات قاتلة‬ ‫ذلك أن مثل تلك البرمجية المعقدة القادرة على‬ ‫فلاديمير بوتن‪ ،‬خلال محاضرة عموميّة‬ ‫ح ّل مشكلة محددة بالطريقة ال ُمثلى وبسرعة‬ ‫أصبح الذكاء الاصطناعي عاملا جذابا لأنظمة‬ ‫ألقاها في مدرسة بمدينة ياروسلافل أن«الذكاء‬ ‫القتال‪ ،‬لما يمتاز به من سرعة في التحليل‬ ‫تفوق عشرة أضعاف سرعة البشر‪ ،‬في وسعها لا‬ ‫الاصطناعي لا يُمثّل مستقبل روسيا فحسب‪،‬‬ ‫وقدرة على التع ّلم‪ .‬و من المحتمل أن يكون‬ ‫فقط تسهيل عمل طائرة استطلاعية‪ ،‬أو ُمش ّغل‬ ‫طائرة دون طيّار‪ ،‬أو قائد نظام للدفاع الج ّوي‪،‬‬ ‫وإنما مستقبل الإنسانية قاطبة‪ .‬فهو يُو ّفر‬ ‫العسكريون راغبين ‪ -‬وإن هم لا يعترفون بذلك‬ ‫وإنما أيضا إنقاذ أرواح بشرية‪ .‬بإمكانها نجدة‬ ‫إمكانيات هائلة‪ ،‬مصحوبة بتهديدات يصعب‬ ‫لحد الآن ‪ -‬في وضع نُظم للقتال قادرة على‬ ‫الأشخاص المعرضين للخطر في غ ّواصة (إطفاء‬ ‫التك ّهن بها اليوم‪ .‬والذين سيتف ّوقون في هذا‬ ‫المجال هم الذين سيُس ّيون العالم»‪ُ ،‬مضيفا‬ ‫الاشتغال في ساحة المعركة باستقلالية تا ّمة‪،‬‬ ‫دقيق للحرائق في الأجزاء الخالية من الناس)‪،‬‬ ‫أن «احتكاره غير مرغوب فيه تماما‪ .‬لذك‪ ،‬إذا‬ ‫أي أنها تستطيع تحديد الهدف بكل حرية‪،‬‬ ‫ونجدة قائدي الطائرات أو المقاتلين المتواجدين‬ ‫كانت لنا الزعامة في هذا المجال‪ ،‬فإننا سوف‬ ‫وإطلاق النار عليه‪ ،‬والتح ّرك واختيار المسار‬ ‫نتقاسم هذه التكنولوجيات مع العالم بأسره»‪.‬‬ ‫في دبابات ُمس ّلحة أصابها ضرر‪.‬‬ ‫الأفضل للبقاء في مأمن‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬هل هذا يكفي لاستنتاج أننا لسنا في‬ ‫بداية عصر جديد للسباق نحو التس ّلح؟‬ ‫وقد أعلنت السلطات العسكرية‪ ،‬منذ بضع‬ ‫سنوات‪ ،‬في كل من الولايات المتحدة الأمريكية‪،‬‬ ‫في الأرض‪ ،‬يتزايد عدد المناطق التي تحميها‪،‬‬ ‫بصفة موثوقة‪ ،‬نظم ُمضا ّدة للطائرات‬ ‫وروسيا‪ ،‬وألمانيا‪ ،‬والصين‪ ،‬وفي العديد من‬ ‫الدول الأخرى‪ ،‬أن هدفها ليس خلق نُظم‬ ‫والصواريخ‪ ،‬وتراقبها نظم قمرية وبدون‬ ‫للقتال ُمستق ّلة تماما‪ .‬إلا أن العسكريين ذكروا‪،‬‬ ‫طيّار‪ ،‬وتحرسها دوريات للسفن والطائرات‪.‬‬ ‫في نفس الوقت‪ ،‬أنه ليس من المستبعد أن يتم‬ ‫وفي نظر العسكريين‪ ،‬في حالة الحرب‪ ،‬تبقى‬ ‫نظم القتال ال ُمج ّهزة بالذكاء الاصطناعي هي‬ ‫إنجاز مثل تلك النُّظم‪.‬‬ ‫الوحيدة القادرة على الولوج لتلك المناطق‬ ‫في السنة الماضية‪ ،‬انتهت وزارة الدفاع‬ ‫ال ُمغلقة‪ ،‬وعلى تنفيذ العمليّات بحريّة نسبية‪.‬‬ ‫الأمريكية من تصميم «استراتيجية التعويض‬ ‫الثالثة» وشرعت في تطبيقها‪ .‬وب ُموجب هذه‬ ‫وتُوجد حاليا نُظم قتال قادرة على كشف‬ ‫الأهداف وتصنيفها‪ ،‬وعلى التحكم في إطلاق‬ ‫الوثيقة‪ ،‬سيتم تطوير الابتكارات التقنية‬ ‫صواريخ ُمضا ّدة للطائرات‪ ،‬على غرار نُظم‬ ‫بصفة فاعلة واستعمالها في الأشغال العسكرية‬ ‫صواريخ س‪ 400-‬في روسيا‪ .‬ويشتغل‬ ‫المستقبلية‪.‬‬ ‫النظام الأمريكي للمعلومات آيجيس بنفس‬ ‫الطريقة‪ ،‬وهو نظام يُراقب تس ّلح السفن‬ ‫الحربية‪ .‬وعلى طول المنطقة المنزوعة من‬ ‫السلاح‪ ،‬الواقعة على الحدود مع جمهورية‬ ‫كوريا الديمقراطية‪ ،‬ثبتت الجمهورية الكورية‬ ‫العديد من الروبوتات العسكرية س‪.‬ج‪.‬ر‪-‬أ‪1‬‬ ‫ُمك ّلفة‪ ‬بالمراقبة‪.‬‬ ‫منظمة الأمم المتحدة في مجابهة أنظمة الأسلحة الفتاكة المستق ّلة‬ ‫رسم أُنجز في الأصل خصيصا للنشر في‬ ‫كريزيس إن زفرا‪ ،‬رواية خيالية لكارل‬ ‫منذ شهر مايو ‪ ،2014‬فتحت منظمة الأمم المتحدة حوارا دوليّا حول تط ّور أنظمة الأسلحة الفتاكة‬ ‫شرودر‪ ،‬يمثل التكنولوجيات الناشئة التي قد‬ ‫المستق ّلة‪ ،‬ال ُمس ّماة بـ«الروبوتات القاتلة»‪ .‬وتقلدت الأطراف السامية الممضية على الاتفاقية الخاصة‬ ‫تُشكل جزءا من جيش كندا في المستقبل‪.‬‬ ‫بأسلحة تقليدية معينة مه ّمة جديدة‪« :‬التحاور حول المسائل ال ُمتّصلة بالتكنولوجيات الناشئة في‬ ‫مجال أنظمة الأسلحة الفتاكة المستق ّلة‪ ،‬في ضوء أهداف وغايات الاتفاقية»‪.‬‬ ‫في أول اجتماع له في نوفمبر ‪ ،2017‬تم تكليف فريق من الخبراء الحكوميين‪ ،‬برئاسة السفير الهندي‬ ‫أمانديب سينغ جيل‪ ،‬بتدارس التكنولوجيات الناشئة في مجال أنظمة الأسلحة الفتاكة المستق ّلة‪.‬‬ ‫ويرد من بين التو ّجهات ال ُمدرجة في التقرير التوافقي الصادر عن هذا الاجتماع‪ ،‬أن الدول هي‬ ‫المسؤولة عن تطوير أي نظام تس ّلح للحروب‪ .‬وقد ص ّرح السفير سينغ جيل‪ ،‬إثر الاجتماع الأخير‬ ‫لفريق الخبراء الحكوميين‪ ،‬في جنيف (سويسرا) يوم ‪ 9‬ابريل ‪ ،2018‬بأنه «يجب على الدول أن تكون‬ ‫قادرة على رفع تقارير حول العمليات القاتلة التي أجرتها قواتها في صراع ُمس ّلح»‪.‬‬ ‫ومن جهتها‪ ،‬لاحظت إيزومي ناكاميتسو‪ ،‬الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح لمنظمة الأمم‬ ‫المتحدة‪ ،‬أن هذا الصنف الجديد من التكنولوجيات يفسح المجال لش ّن الحروب بطرق ووسائل «ذات‬ ‫التداعيات المريبة‪ ،‬ور ّبما غير المرغوب فيها»‪ُ ،‬مؤ ّكدة على ضرورة «إيجاد توافق حول فهم ُمشترك‬ ‫للحدود الممكنة لدرجة الاستقلالية عند استعمال القوة الفتاكة»‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|27 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫‪© Pavel Chagochkin / Shutterstock‬‬ ‫ويرى هؤلاء الخبراء أن إنشاء جيوش روبوتية‬ ‫ولا نجد في الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين‬ ‫جيوش الروبوتات القادرة على خوض الحرب‬ ‫قادرة على القيام بهجمات بشكل ُمستق ّل‬ ‫وأعراف الحرب البرية‪ ،‬ولا في اتفاقيات جنيف‪،‬‬ ‫بشكل مستقل تماما هي من باب الخيال‬ ‫سوف يؤ ّدي حتما إلى بروز شعور‪ ،‬لدى‬ ‫وصفا للنظم ال ُمج ّهزة بالذكاء الاصطناعي التي‬ ‫العلم ّي المحض‪ .‬لكن ذلك لا يمنع خبراء‬ ‫الذكاء الاصطناعي من التعبير عن قلقهم‪.‬‬ ‫مستخدميها‪ ،‬بالسلطة المطلقة والإفلات من‬ ‫يُمكن أن تُستعمل في المعارك‪ ،‬أو تلك التي لا‬ ‫العقاب‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬لما يتواجد الإنسان‬ ‫يُمكن استعمالها‪ .‬كما أنه لا تُوجد تشريعات‬ ‫وعند تشغيلها بطريقة آلية‪ ،‬تُصبح هذه‬ ‫في خضم المعركة‪ ،‬فإن القرارات التي يأخذها‬ ‫ُدوليّة تسمح بتحديد ال ُجناة ال ُمتس ّببين في تعطل‬ ‫الروبوتات قادرة على اطلاق النار تجاه العدو‪،‬‬ ‫تكون متأثرة بوضعيّته النفسيّة وأحاسيسه‬ ‫نظام مستقل‪ .‬وإذا ما قصفت طائرة ذاتية‬ ‫وعواطفه‪ .‬وقد تبعث المشاهدة المباشرة لآلام‬ ‫القيادة مدنيّين‪ ،‬فمن الذي سيُعاقب؟ صانعها؟‬ ‫دون استهداف الأفراد الرافعين لأيديهم‪ .‬ولا‬ ‫الغير شعورا بالتر ّدد أو العكوف لدى الجندي‪،‬‬ ‫يقوم العسكريون بتشغيل أي من هذه النُظم‬ ‫رغم أن العسكريين المحترفين يفقدون شيئا‬ ‫قائد سرب الطائرات الذي تنتمي إليه تلك‬ ‫الطائرة؟ أم وزارة الدفاع؟ إن سلسلة الجناة‬ ‫بطريقة‪ ‬آلية‪.‬‬ ‫فشيئا مع مرور الزمن‪ ،‬الشعور بالتعاطف‬ ‫ال ُمحتملين طويلة ج ّدا‪ ،‬وكما نعلم جميعا‪ ،‬عندما‬ ‫والإشفاق‪ .‬وإذا انتشر استعمال نُظم القتال‬ ‫تكون قائمة الجناة طويلة‪ ،‬لم يعد هناك جاني‪.‬‬ ‫إن آخر التطورات التي أدخلت على الذكاء‬ ‫ال ُمستق ّلة‪ ،‬حيث لا تُقاد الجيوش إلا بحركة‬ ‫الاصطناعي تسمح بخلق نُظم للقتال قادرة‬ ‫إصبع على شاشة لوحة تُوجد في قارة أخرى‪،‬‬ ‫في سنة ‪ ،2015‬نشر فيوتشر أوف لايف‬ ‫على التن ّقل‪ .‬ففي الولايات المتحدة‪ ،‬يت ّم حاليا‬ ‫فإن الحرب ستتح ّول حتما إلى لعبة‪ ،‬يصبح‬ ‫انستيتيوت (معهد مستقبل الحياة) رسالة‬ ‫تطوير ُمح ّلقات جانبية ذاتية القيادة لترافق‬ ‫فيها عدد الضحايا من مدنيين وجنود مج ّرد‬ ‫مفتوحة تحمل ‪ 16.000‬توقيعا‪ ،‬تحذر من‬ ‫الطائرات الحربية التي يقودها طيّارون‪ ،‬قادرة‬ ‫نُظم القتال ال ُمج ّهزة بالذكاء الاصطناعي التي‬ ‫على تصويب طلقاتها‪ ،‬حسب الأوامر‪ ،‬نحو‬ ‫أرقام‪.‬‬ ‫تهدد حياة المدنيين‪ ،‬ومن خطر السباق نحو‬ ‫أهداف ج ّوية أو ب ّرية‪ .‬كما أن نظام تسيير‬ ‫التس ّلح‪ ،‬وبالتالي من مخاوف المآل في النهاية‬ ‫القصف في النموذج المقبل للدبابة الروسية‬ ‫فاسيلي سيتشاف (الفدرالية الروسية)‬ ‫إلى فناء البشرية‪ .‬من بين ال ُمو ّقعين على الرسالة‬ ‫ت‪ ،14-‬الذي ت ّم تصميمه على قاعدة المن ّصة‬ ‫خبير في التس ّلح وصحفي‪ .‬ينشر بالخصوص‬ ‫نخص بالذكر كلا من المقاول الأمريكي إيلون‬ ‫الكونية ال ُمزنجرة أرماتا‪ ،‬سوف يكون قادرا على‬ ‫في صحف لاغازات روس‪ ،‬أكسبار‪ ،‬لينتا‪.‬رو‪،‬‬ ‫موسك الذي أسس سبايس إكس وتسلا‪ ،‬وعالم‬ ‫كشف الأهداف بشكل مستقل‪ ،‬وقصفها حتى‬ ‫ولوكورياي دو لاندوستري ميليتار‪ .‬كما يُدير‬ ‫الفيزياء الفلكية البريطاني ستيفن هوكينغ‬ ‫تدميرها بالكامل‪ .‬وبالتوازي مع ذلك‪ ،‬تقوم‬ ‫(‪ ،)2018-1942‬والفيلسوف الأمريكي نعوم‬ ‫روسيا بتطوير صنف من الروبوتات ال ُمزنجرة‬ ‫ركني «التس ّلح» و«الطيران» في الصحيفة‬ ‫تشومسكي‪ .‬و في شهر أغسطس الماضي‪ ،‬أرسل‬ ‫ستكون قادرة على المشاركة في القتال صحبة‬ ‫الإلكترونية للتبسيط العلمي ن‪1+‬‬ ‫إيلون موسك و‪ 116‬خبير من مصممي النظم‬ ‫الروبوتية والذكاء الاصطناعي‪ ،‬عريضة إلى‬ ‫جنود بشريين‪.‬‬ ‫منظمة الأمم المتحدة يُطالبون فيها بالمنع التام‬ ‫لتطوير الأسلحة الهجومية المستق ّلة وحظر‬ ‫بالنسبة للجيوش‪ ،‬كل هذه النُّظم مدع ّوة للقيام‬ ‫بالعديد من المهام الأساسية‪ ،‬وفي ُمق ّدمتها‬ ‫التدريب عليها‪.‬‬ ‫مه ّمة تعزيز النجاعة في تدمير أهداف العد ّو‬ ‫مع الحفاظ على حياة جنودها‪ .‬بينما لا توجد‬ ‫إلى حد الآن قواعد دوليّة ولا وثائق قانونية‬ ‫تضبط استعمال نظم قتال ُمج ّهزة بالذكاء‬ ‫الاصطناعي في الحروب‪.‬‬ ‫‪ 28‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫في خدمتنا‪،‬‬ ‫ولي َس على حسابنا‬ ‫بقلم تي وي آنغ ودفنا فينهولز‬ ‫(اليونسكو)‬ ‫نحن متجهون لا محالة نحو مستقبل‬ ‫آلي وذكاء اصطناعي بإمكانات تكاد أن‬ ‫تكون بلا حدود‪ .‬ومن ثم يتعين علينا‬ ‫تقويم جميع التداعيات الأخلاقية‬ ‫الناجمة عن هذه التكنولوجيا‬ ‫الحديثة‪ ،‬والتصدي للتحديات القانونية‬ ‫والاجتماعية غير المسبوقة التي قد‬ ‫تنشأ‪.‬‬ ‫هل هي نهاية حرمة الحياة الخاصة في العصر‬ ‫الرقمي؟ عمل من انتاج المص ّور الكوبي فالكو‬ ‫© ‪Falco / Cartoon Movement‬‬ ‫جمع للبيانات لا نهاية له‬ ‫وهي التحليل وتيسير تداول المعلومات‪ ،‬مثل‬ ‫ترغمنا التكنولوجيات الحديثة أحيانا على‬ ‫الحث على شراء بضائع عن طريق الإنترنت‬ ‫التساؤل حول ما يؤ ّلف البعد البشري‪.‬‬ ‫يقتضي تع ّلم الآلة والتع ّلم العميق قدراً كبيراً‬ ‫وعلى أية حال‪ ،‬هذا صحيح في ما يتعلق‬ ‫من البيانات التاريخية والبيانات التي يتم‬ ‫استناداً إلى مشتريات سابقة‪.‬‬ ‫بالذكاء الاصطناعي باعتبار أن تداعياته‬ ‫تجميعها آنيا‪ ،‬إذا أردنا أن يكون نظام الذكاء‬ ‫وهذا النمط من الذكاء الاصطناعي الضعيف‬ ‫المحتملة تستدعي اجتهادا فكريا يتناسب مع‬ ‫الاصطناعي قادرا على «التعلم» على أساس ما‬ ‫موجود بالفعل‪ ،‬ولكنه سوف يصبح أكثر‬ ‫أهميتها‪ .‬وبعد أن طارد هذا المفهوم مخيلتنا‬ ‫اكتسبه من «تجربة»‪ .‬كما أن تطوير هذين‬ ‫تعقيدا وسوف يتغلغل أكثر فأكثر في حياتنا‬ ‫الجماعية على مدى عدة عقود‪ ،‬ها أنه اليوم‬ ‫النمطين من التع ّلم يحتاج إلى بُنى تحتية تسمح‬ ‫اليومية‪.‬‬ ‫يقتحم حياتنا‪.‬‬ ‫للذكاء الاصطناعي بتحقيق مهامه أو أهدافه‬ ‫نحن لا نتحدث هنا ع ّما يُسمى بـ«الذكاء‬ ‫إن التقدم الذي أحرزه حديثا الذكاء‬ ‫استنادا إلى ما تع ّلمه‪ .‬وينبغي لنا أن نأخذ في‬ ‫الاصطناعي القوي» أو «الذكاء الاصطناعي‬ ‫الاصطناعي‪ ،‬لا سيما في مجال تعلم الآلة‬ ‫الحسبان‪ ،‬عندما نفكر في التداعيات الأخلاقية‬ ‫العام»‪ ،‬الذي تصفه الكثير من الروايات وأفلام‬ ‫والتعلم العميق‪ ،‬يبرهن على قدرة هذه الأنظمة‬ ‫للذكاء الاصطناعي‪ ،‬المحيط التكنولوجي المعقد‬ ‫الخيال العلمي‪ ،‬والذي يُفترض أنه قادر على‬ ‫على التفوق على البشر في مجالات عديدة‪ ،‬بما‬ ‫الذي يحتاجه ليشتغل والذي يشمل التجميع‬ ‫القيام بجميع أصناف النشاط المعرفي البشري‪،‬‬ ‫في ذلك المهام التي تقتضي مقداراً معيناً من‬ ‫المستمر للبيانات الضخمة الصادرة عن إنترنت‬ ‫الاستدلال المعرفي‪ .‬وهذا يدل على أن الذكاء‬ ‫وحتى على بلوغ درجة نسبية من الوعي‪،‬‬ ‫الاصطناعي قد يمثل مصدراً هائلاً للتقدم‬ ‫الأشياء‪ ،‬وتخزينها في السحاب المعلوماتي‪،‬‬ ‫حسب ما يذهب إليه بعض الخبراء‪ .‬غير أننا لم‬ ‫والمنفعة للبشرية‪ ،‬ولكنه في نفس الوقت‪،‬‬ ‫واستخدامها من ِقبل الذكاء الاصطناعي حتى‬ ‫نبلغ أي توافق حول جدوى استخدام مثل هذا‬ ‫قد يزعزع الدعائم الاجتماعية والاقتصادية‬ ‫يقوم بتغذية عملية «التعلم» وتنفيذ التحاليل أو‬ ‫الأنشطة في المدن الذكية‪ ،‬والسيارات المستقلة‪،‬‬ ‫الذكاء الاصطناعي وآفاقه‪.‬‬ ‫والسياسية للمجتمع البشري‪.‬‬ ‫والروبوتات‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫وقبل أن نتساءل حول التداعيات الأخلاقية‬ ‫للذكاء الاصطناعي‪ ،‬لا بد من تحديد مكوناته‬ ‫في الوقت الحاضر‪ .‬عندما نتحدث عن الذكاء‬ ‫الاصطناعي‪ ،‬نعني عموما «الذكاء الاصطناعي‬ ‫المحدود»‪ ،‬أو «الذكاء الاصطناعي الضعيف»‬ ‫الذي تم تصميمه لإنجاز مه ّمة محددة‪ ،‬ألا‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|29 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫‪© Max Aguilera-Hellweg / INSTITUTE‬‬ ‫وهناك سؤال آخر له أهميته وهو‪ :‬إلى أي مدى‬ ‫وتبقى هذه البيانات إسمية‪ ،‬بحيث أن‬ ‫جيمينويد‪-‬ف والنموذج المجهول‪ ،‬تركيبة‬ ‫تحمل البيانات المستخدمة من ِقبل الذكاء‬ ‫المعلومات المتعلقة ب ُميولاتنا وعاداتنا يمكن‬ ‫للمص ّور والمخرج الأمريكي‬ ‫استغلالها لخلق نماذج سلوكية تتيح للذكاء‬ ‫ماكس أغيلارا‪-‬هيلويغ‬ ‫الاصطناعي في مجال «التع ّلم» في طياتها أفكارا‬ ‫الاصطناعي مثلا أن يوجه لنا رسائل ذات‬ ‫موروثة ومسبقة من المحتمل أن تسفر عن‬ ‫الطابع السياسي‪ ،‬أو أن يبيع لنا تطبيقات‬ ‫وك ّلما تع ّقد التطور التكنولوجي‪ ،‬ك ّلما زادت‬ ‫المسائل الأخلاقية التي يثيرها تعقيدا‪  .‬وحتى‬ ‫«قرارات» ‪ -‬يتّخذها الذكاء الاصطناعي ‪ -‬قد‬ ‫تجارية أو أن يخ ّزن معلومات تتعلق‬ ‫إذا بقيت المبادئ الأخلاقية ثابتة‪ ،‬لا يُستبعد أن‬ ‫تكون من باب التمييز أو الشجب؟ إن هذا من‬ ‫ب ُمعالجتنا الطبية‪.‬‬ ‫يتغ ّي بصفة جذرية أسلوبنا في تناولها‪ ،‬ولو‬ ‫شأنه أن يُض ِعف نُظم الذكاء الاصطناعي بصفة‬ ‫أدى ذلك‪ ،‬عن قصد أو عن غير قصد‪ ،‬إلى إعادة‬ ‫خاصة تلك التي تتولى العلاقات مع الجمهور‬ ‫الأفضل والأسوأ‬ ‫أو توفر الخدمات الاجتماعية‪ .‬علينا أن ندرك أن‬ ‫النظر فيها بشكل خطير ‪.‬‬ ‫بعض البيانات‪ ،‬مثل تلك التي يتم تطويرها على‬ ‫هل انتهت حرمة حياتنا الشخصية؟ وماذا‬ ‫شبكة الإنترنت‪ ،‬تحتوي على معلومات تعكس‬ ‫عن أمن البيانات وهشاشتها إزاء أعمال‬ ‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬قد يتغ ّي تماما تص ّورنا‬ ‫لحرمة الحياة الشخصية ولمفهو َمي السريّة‬ ‫أفضل ما في البشرية كما أس َوأه‪ .‬ومن ثم‪ ،‬لا‬ ‫القرصنة؟ هل بإمكان الدولة أن تستحوذ على‬ ‫والاستقلالية‪ .‬وبفضل التطبيقات أو الآليات‬ ‫يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون‬ ‫هذه البيانات لفرض الرقابة على السكان‪،‬‬ ‫التي توصف بأنها ذكية والتي أصبحت تشكل‬ ‫غيره لاستخلاص الدروس من هذه البيانات‬ ‫أدوات الاتصال الخاصة بشبكات التواصل‬ ‫دون المخاطرة على الصعيد الأخلاقي‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫مع احتمال أن يكون ذلك على حساب حقوق‬ ‫لا يمكن الاستغناء عن التدخل البشري المباشر‪.‬‬ ‫الإنسان الفردية؟ ألا يمثل هذا المحيط المعتمد‬ ‫الاجتماعي‪ ،‬مثل فيسبوك أو تويتر‪ ،‬فإننا‬ ‫على الذكاء الاصطناعي الذي يراقب ميُولاتنا‬ ‫نقوم بالكشف عن معلوماتنا الشخصية‬ ‫هل من الممكن تلقين الذكاء الاصطناعي سلوكاً‬ ‫ويستخدمها ليعرض علينا مختلف الخيارات‪،‬‬ ‫بصفة «ح ّرة» أو طوعية‪ ،‬دون معرفة تامة‬ ‫أخلاقياً؟ في نظر بعض الفلاسفة‪ ،‬هناك تجارب‬ ‫تهديدا لحريتنا في الاختيار وقدرتنا على الإبداع؟‬ ‫للاستخدامات الممكنة لهذه البيانات‪ ،‬ولا‬ ‫للأطراف التي سوف تستخدمها‪ .‬ثم تُنقل هذه‬ ‫‪ -‬لاسيما تلك التي لها طابع جمالي وأخلاقي‬ ‫البيانات إلى نُظم للذكاء الاصطناعي يطورها‬ ‫‪ -‬ملازمة للجنس البشري‪ ،‬وهي بالتالي ليست‬ ‫بالأساس القطاع الخاص‪.‬‬ ‫قابلة للبرمجة‪ .‬ويرى البعض الآخر أنه إذا‬ ‫كانت للأخلاق صفة عقلانية‪ ،‬فمن الممكن أن‬ ‫تخضع للبرمجة‪ ،‬شريطة احترام حرية الاختيار‪.‬‬ ‫‪ 30‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ماذا عن المخاطر الأخلاقية؟‬ ‫هل بإمكان الدولة أن‬ ‫تستحوذ على البيانات‬ ‫مارك‪-‬أنطوان ديلاك يجيب عن أسئلة ريجيس ميران‬ ‫الشخصية لفرض‬ ‫يمكن استغلال الذكاء الاصطناعي لزيادة فعالية التدابير التمييزية القائمة‪،‬‬ ‫الرقابة على السكان‪،‬‬ ‫مع احتمال أن يكون‬ ‫مثل التنميط العنصري والتنبؤ بالسلوك‪ ،‬بل وحتى تحديد التوجه الجنسي‬ ‫ذلك على حساب حقوق‬ ‫للأفراد‪ .‬تستوجب الأسئلة الأخلاقية التي يثيرها الذكاء الاصطناعي سن‬ ‫الإنسان الفردية؟‬ ‫تشريعات لضمان تطبيقه بمسؤولية‪.‬‬ ‫ولم يحصل لحد الآن توافق حول مسألة‬ ‫الاعتماد على العقل دون غيره لتلقين البشر‬ ‫ما هي المشاكل التي تثيرها برمجيات تحليل السلوك التي تستند إلى أشرطة مص ّورة؟‬ ‫القيم والأخلاقيات‪ .‬فكيف يمكن إذن تحقيق‬ ‫التوافق عندما يتعلق الأمر بتع ّلم الآلة! وإذا‬ ‫يساعد الذكاء الاصطناعي على تحسين الاستخدام الوقائي لأنظمة المراقبة بالفيديو في‬ ‫افترضنا أنه سوف يصبح‪ ،‬في يوم ما‪ ،‬من‬ ‫الفضاءات العامة‪ .‬أصبح الآن من الممكن تحليل الص ّور‏باستمرار من قبل برامج قادرة على‬ ‫الممكن برمجة ذكاء اصطناعي حتى يكتسب‬ ‫استشعار الأعمال ال ُعدوانية والإبلاغ عنها بسرعة‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬ت ّم اختبار هذا النظام‬ ‫طابعاً أخلاقياً‪ ،‬فما عسى أن تكون هذه المبادئ‬ ‫الأخلاقية؟ هل هي المبادئ التي يتبعها مصممو‬ ‫الجديد في أروقة محطة شاتلي في مترو باريس‪ .‬وإذا ما قبلنا بمبدأ المراقبة بالفيديو‪ ،‬فإ ّن‬ ‫البرمجيات؟ إن تطوير الذكاء الاصطناعي بين‬ ‫المشكلة الوحيدة التي يطرحها استخدام الذكاء الاصطناعي تكمن في احتمال وقوع خطأ‪.‬‬ ‫أيدي القطاع الخاص بالأساس‪ ،‬ولهذا القطاع‬ ‫وهذا الاحتمال ليس على درجة عالية‪ ،‬طالما أن البشر هم الذين يقررون في نهاية الأمر إن كان‬ ‫أفكار حول الأخلاقيات لا تتماشى بالضرورة‬ ‫عليهم التدخل أم لا‪.‬‬ ‫مع تلك التي يفضلها المجتمع‪.‬‬ ‫إلا أن الأخطاء في التع ّرف على الوجه تتكرر بكثرة‪ .‬ويكفي أن تضطرب الصورة حتى يرى‬ ‫وحتى يشتغل الذكاء الاصطناعي لخدمة‬ ‫الذكاء الاصطناعي آلة تحميص بدلاً عن وجه بشري! وقد يو ّلد الشعور بمراقبة مفرطة‬ ‫مصالحنا وليس على حسابنا‪ ،‬لا بد أن نشرع‬ ‫وتكرار الأخطاء إحساسا بالقلق‪.‬‬ ‫في مناقشة موضوعية تأخذ في عين الاعتبار‬ ‫وجهات النظر الأخلاقية لجميع الأطراف‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬علينا أن نحذر التجاوزات التي قد تنجم عن تلك الأنظمة الذ ّكية وعن‬ ‫أساليب التنميط (العنصري والاجتماعي) التي قد تستخدمها‪.‬‬ ‫المعنية‪ .‬وإزاء التقلبات التي قد يثيرها الذكاء‬ ‫الاصطناعي في المجتمع‪ ،‬ينبغي أن نحرص على‬ ‫تجاوزات من أي قبيل؟‬ ‫أن يراعي الإطار الأخلاقي الذي سوف يندرج‬ ‫فيه تطوره المستقبلي‪ ،‬مسألة أوسع نطاقاً‪ ،‬ألا‬ ‫أف ّكر على وجه الخصوص في البرمجيات التي يت ّم تطبيقها بالفعل في العديد من البلدان‪ ،‬والتي‬ ‫تهدف الى تحديد «السلوك الإرهابي» أو «الشخصيّة الإجرامية» لدى الأفراد‪ ،‬باستخدام تقنية‬ ‫وهي المسؤولية الاجتماعية‪.‬‬ ‫التع ّرف على ملامح الوجه‪ .‬هذا يعني أن ملامح الوجوه تكفي للكشف عن الميولات الإجرامية‬ ‫تي وي آنغ (ماليزيا) أخصائي في قسم‬ ‫الكامنة في الذات!‬ ‫أخلاقيات البيولوجيا والعلوم في اليونسكو‪،‬‬ ‫اشتغل في مجال هندسة التصميم وهندسة‬ ‫وقد ذُعر الباحثان ميشال كوزينسكي وييلون وانغ من جامعة ستانفورد (الولايات المتحدة)‬ ‫الإدارة‪ ،‬قبل أن يلتحق بالمنظمة في عام ‪.2005‬‬ ‫من هذا الانبعاث الجديد لنظرية ال ِفراسة ‪ -‬التي تحلل شخصية الفرد اعتمادا على معالم‬ ‫وجهه وتعابيره ‪ -‬فقررا الكشف عن مخاطر هذه النظرية الزائفة التي ت ّدعي أنها علمية‬ ‫دفنا فينهولز (المكسيك) حاصلة على‬ ‫الدكتوراه في علم النفس وأخلاقيات‬ ‫والتي كنا نخالها قد دفنت في طيات التاريخ‪ .‬ولفتًا للانتباه حول ما تحمله من تهديد بانتهاك‬ ‫الحياة الخاصة‪ ،‬ابتكرا سنة ‪ 2007‬برنامج «غيدار»‪ ،‬وهو برنامج يهدف إلى التعرف على‬ ‫البيولوجيا‪ ،‬وهي رئيسة قسم أخلاقيات‬ ‫البيولوجيا والعلوم في اليونسكو‪ .‬وشغلت‬ ‫المثليين من خلال تحليل صورتهم! وقد بينا أن هامش خطأ البرنامج يمثل نسبة ‪ %20‬فقط‪.‬‬ ‫منصب الأمينة العامة للجنة الوطنية المكسيكية‬ ‫وبالإضافة إلى تشويه ال ُسمعة‪ ،‬فإ ّن تطبيق هذه التقنية يؤدي إلى انتهاك حق كل شخص في‬ ‫عدم الكشف عن توجهه الجنسي‪.‬‬ ‫المعنية بأخلاقيات البيولوجيا‪.‬‬ ‫إن أ ّي بحث علمي يتم إجراؤه بدون الاعتماد على مرجعيات فلسفية وبدون بوصلة اجتماعية‬ ‫أو قانونية‪ ،‬معرض لإثارة مشاكل أخلاقية‪ .‬إن الأمثلة القليلة التي ذكرتها تب ّي الحاجة المل ّحة‬ ‫لفرض إطار أخلاقي للبحوث في مجال الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫ماذا عن التجاوزات في مجال تحسين النسل؟‬ ‫في رأيي‪ ،‬الذكاء الاصطناعي في ذاته لا يش ّكل عاملا لتحسين النسل‪ .‬يتك ّهن البعض بعالم‬ ‫يصبح فيه تحسين سلالة البشر ممكنا من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي‪ :‬رقائق‬ ‫الكترونية لتوسيع الذاكرة أو تحسين التع ّرف على ملامح الوجه‪ ،‬الخ‪ .‬إن كانت الروبوتات‬ ‫الذكيّة قادرة على تقديم حلول طبيّة لبعض أشكال الإعاقة (مثل استعادة امكانيّة التنقل‬ ‫بفضل أجهزة متط ّورة)‪ ،‬تبقى فرضية بناء «إنسان خارق»‪ ،‬حسب نظرية ما بعد الإنسانية‪،‬‬ ‫من باب الخيال العلمي‪.‬‬ ‫مارك‪-‬أنطوان ديلاك (فرنسا) أستاذ مساعد في الأخلاقيات والفلسفة السياسية في جامعة‬ ‫مونتريال‪ ،‬وهو حاصل على كرسي كندا للبحث في الأخلاق العامة‪ ،‬ومدير مشارك لقسم‬ ‫الأخلاقيات والسياسة في مركز البحث في الأخلاقيات‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|31 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫من أجل‬ ‫لا غير‪ِ .‬ل َم لا؟ الأفضل‪،‬‬ ‫كارل شرودر يُجيب عن أسئلة ماري كريستين بينو ديمولان (اليونسكو)‬ ‫ليس لديك‪ ،‬إذن‪ ،‬أية خشية من الذكاء‬ ‫الاصطناعي؟‬ ‫يُك ّرس كارل شرودر وقته للقراءة‪ ،‬والدراسة‪ ،‬والتأ ّمل وتص ّور قصص مستقبلية‪.‬‬ ‫هو كاتب في الخيال العلمي ذاع صيته عالميا‪ ،‬يستوحي من مؤلفاته خبرا ُء‬ ‫إن تحديد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي‬ ‫تهديدا أم نفعا يعود حصرا لمسؤولية الإنسان‪.‬‬ ‫التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي‪ .‬كما يضع خياله في خدمة المؤسسات‬ ‫انتشرت الكثير من الأفكار الضيقة حول الذكاء‬ ‫والحكومات لاستباق تح ّولها التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي‪ .‬بالنسبة‬ ‫الإصطناعي‪ ،‬وحول نظام تشغيله ومخاطره‬ ‫لهذا الروائي والكاتب الكندي‪ ،‬يندرج الذكاء الاصطناعي ضمن ثورة ثقافية أكثر‬ ‫المحتملة بالنسبة للبشرية‪ .‬بل ويمكن حتى‬ ‫منه ضمن ثورة تكنولوجية‪ ،‬م ّما يقتضي تفكيرا في المسائل المتصلة بالأخلاقيات‪،‬‬ ‫الحديث عن مزايدات ُمثيرة للقلق حول فقدان‬ ‫السيطرة على الآلة‪ .‬وفي المرحلة التي نم ّر بها‬ ‫والحوكمة والتشريع‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬هذا التفكير غير سليم‪.‬‬ ‫إن الحواسيب الحالية لا‪ ‬تُنتج المعاني‪ ،‬وتد ّخل‬ ‫علاوة عن و َلعك بالإبتكارات الرقمية‬ ‫الإنسان لا يزال ضروريا في العملية الابداعية‪،‬‬ ‫والتكنولوجية‪ ،‬ما هي مصادر إلهامك؟‬ ‫في المقابل‪ ،‬لا بد من اختيار الاتجاه الذي يجب‬ ‫حتى وإن تبلورت النظم التكنولوجية واقتربت‬ ‫أن يتبعه الذكاء الاصطناعي وتحديد استعماله‪.‬‬ ‫أك ّرس جزءا ها ّما جدا من وقتي لقراءة مؤلفات‬ ‫من المهارات البشرية‪.‬‬ ‫كبار الفلاسفة‪ .‬وهذا من شأنه أن يوفر لي‬ ‫وإذا ما قررنا الاستثمار في الآلات العملاقة‬ ‫لشن الحروب الاقتصادية أوالسياسية‪،‬‬ ‫في مشهد من روايتي «ليدي أوف مايزس»‬ ‫نظرة شاملة ويتيح لي تص ّور الصلات الممكنة‬ ‫(‪ ،)2005‬يخت ّل الذكاء الإصطناعي ويبتكر‬ ‫بين التكنولوجيا والتح ّركات الإجتماعية‪.‬‬ ‫نكون قد سلكنا‪ ،‬دون شك‪ ،‬طريقا ُمؤ ّدية إلى‬ ‫ما يشبه قنبلة خ ّلقة تقوم بنشر روايات ذات‬ ‫محيط‪ ‬عدائي‪.‬‬ ‫وحتى تطمئني‪ ،‬أؤكد لك أنني أخصص نفس‬ ‫قيمة استثنائية‪ ،‬بك ّميات خياليّة‪ ،‬لحد أنه‬ ‫القدر من العناية لعرض الأحداث حتى تكون‬ ‫يستحيل قراءة جميعها ولو في غضون مجموع‬ ‫مؤلفاتي ُمس ّلية‪.‬‬ ‫أعمار البشرية! وماذا عسى أن يكون رد فعل‬ ‫البشر أمام هذا الحدث؟ لا شيء سوى التأقلم‬ ‫كما أن الإنترنت يمثّل مصدرا لا نهاية له‬ ‫للمعلومات والتسلية‪ .‬وكل إبحار في الشبكة هو‬ ‫معه ومواصلة ابداعاتهم‪.‬‬ ‫فرصة لاكتشافات جديدة قد تحثني على إعادة‬ ‫لنتخيّل انفجار هذه القنبلة الخ ّلقة في يومنا‬ ‫التفكير أو حتى على التغيير الجذري لكل ما‬ ‫هذا‪ .‬لأي سبب يمنعني ذلك من مواصلة تأليف‬ ‫انتهيت من كتابته‪ .‬إن الإنترنت يس ّهل عليّ حقا‬ ‫كتب جديدة؟ لماذا يجب أن أضع نفسي «أنا‬ ‫البحث‪ ،‬ولا أحتفظ إ ّل على أفضل ما يحتويه‪.‬‬ ‫ضد مليون كتاب» بدل من «أنا مع مليون‬ ‫كتاب»؟ أنا أعتبر الإبداع‪ ،‬مهما كان مصدره‪،‬‬ ‫هل ترى أن الذكاء الإصطناعي قد يح ّل‬ ‫يوما مح ّلك كمؤلف؟‬ ‫إضافة في وجودنا وليس طرحا منه‪.‬‬ ‫لحد الآن‪ ،‬أعتبر أن مساهمة الذكاء الاصطناعي‬ ‫في الحقيقة‪ ،‬إن مفهوم التعويض ملتصق‬ ‫في مجالي هي أقرب للوظيفة العشوائية‪ ،‬تُشبه‬ ‫بمفهوم القيمة‪ .‬من الممكن اعتبار كل شيء‬ ‫لعبة الورق التي لا تنتهي‪ ،‬حيث تُمثّل كل ورقة‬ ‫قابلا للتعويض‪ ،‬وفقا لقيمة ُمعيّنة‪ .‬وباع ِتباري‬ ‫شخصية أو مشهدا‪ ،‬الخ‪ .‬مثلا‪ ،‬قد تقوم ورقة‬ ‫من هذه اللعبة بدور «ملك الأشرار الذي يقيم‬ ‫كاتبا‪ ،‬قد يحصل يوما أن يتم تعويضي‬ ‫في برج»‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬يُمكن لي صياغة شخصية‬ ‫بحاسوب يُح ّقق نجاحا تجاريا أكثر منّي‪ .‬لكن‬ ‫هذا المنطق لا يستوي إلا في حال تحقيق النجاح‬ ‫وحبك تسلسل الأحداث‪.‬‬ ‫التجاري ضمن منظومة القيمة‪.‬‬ ‫أعتقد أن الإبداع سوف ينبثق‪ ،‬يوم ما‪ ،‬من‬ ‫خارج الإنسان‪ .‬هذا من باب الممكن‪ .‬ولا‬ ‫أستغرب إذن أن يُصبح الذكاء الإصطناعي‬ ‫قادرا على تأليف كتاب قيّم‪ ،‬ولكن ليس في‬ ‫الشكل الحالي المألوف للكتب‪ .‬سوف تتولى‬ ‫القيام بذلك أصناف أخرى من الآلات لم يت ّم‬ ‫التفكير فيها بعد‪.‬‬ ‫‪ 32‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫كارل شرودر (كندا) روائي في مجال‬ ‫الأخلاقيات؟ بدأ‬ ‫وعلى المجتمع أن يتّخذ القرارات الصالحة عند‬ ‫الخيال العلمي‪ ،‬وأخ ّصائي في المستقبليات‪.‬‬ ‫الخيال العلمي‬ ‫تطبيق الذكاء الإص ِطناعي‪.‬‬ ‫في التفكير فيها‬ ‫من مؤلفاته بالخصوص «فانتوس»‬ ‫منذ قرن!‬ ‫وإن ح ّل يوم تصبح فيه منتجات الذكاء‬ ‫(‪« ،)2000‬برمانانس» (‪« ،)2002‬ليدي‬ ‫الاصطناعي ُمستق ّلة عن إرادتنا‪ ،‬فسوف تكون‬ ‫أوف مايزس» (‪« ،)2005‬كريزيس إين‬ ‫ما هي الرسالة التي ستو ّجهها في كتابك‬ ‫زفرا» (‪ ،)2005‬و« لوكستاب» (‪،)2014‬‬ ‫القادم؟‬ ‫مثل الأبناء الذين يُغادرون والديهم‪ ،‬ليعيشوا‬ ‫تُرجمت أغلبها إلى حوالي عشر لغات‪ .‬وتسلم‬ ‫حياتهم! إن مسؤوليتنا كأولياء تكمن في حسن‬ ‫جائزة نت إكسبلو تالنت في فبراير ‪ 2018‬في‬ ‫سوف أتط ّرق دون شك لمستقبل السياسة‬ ‫تربيتهم وفي تعليمهم القيم الإيجابية‪ .‬تلك هي‬ ‫وطريقة اتخاذ القرار‪ ،‬وكذلك للوسائل‬ ‫مقر اليونسكو‪.‬‬ ‫التكنولوجية التي قد تقودنا إلى مستوى‬ ‫حجرة الزاوية عند التفكير في الموضوع‪.‬‬ ‫حضاري آخر‪.‬‬ ‫مشهد من النصب السمعي البصري الذكاء‬ ‫ألا يلتقي ذلك مع إشكالية الأخلاقيات؟‬ ‫الاصطناعي الشاعري الذي يدوم ‪ 17‬دقيقة‪،‬‬ ‫قررت الكتابة بالقلم‪ ،‬وفي ذلك إشارة مازحة!‬ ‫سوف يكون استعمال القلم تجربة مثيلة‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬لقد بدأ الخيال العلمي في التفكير في‬ ‫ت ّم تصميمه بالكامل من حيث الشكل‪،‬‬ ‫ذلك منذ قرن! في حين لم يُف ّكر فيه أصحاب‬ ‫والإخراج والموسيقى من قبل خوارزمي‪.‬‬ ‫بسائر ما توفره الوسائل الرقمية‪ .‬يجب التمييز‬ ‫القرار السياسي والمجتمع إ ّل الآن‪ .‬ونظرا لغياب‬ ‫أُنجز في استوديو «ووشههه» للابتكار الرقمي‬ ‫بين الكتابة ووسيلة الكتابة‪ .‬إن التكنولوجيا‬ ‫الاهتمام الج ّدي بالموضوع‪ ،‬ك ّلما نشأ ابتكار‬ ‫ليست سوى وسيلة ولا بد من إعادتها إلى‬ ‫تكنولوجي هام إلا وشعرنا بأنه خارج عن‬ ‫الذي يعد مكاتب في كل من‬ ‫وضعها الصحيح‪ .‬لا شيء فينا ولا في ما نُريد‬ ‫سيطرتنا‪ .‬رغم أن الح ّل بسيط‪ :‬يجب ألا نُق ّرر‬ ‫اسطنبول ولوس أنجلس ولندن‪.‬‬ ‫تطبيق أي ابتكار تكنولوجي إ ّل بعد التحقق‬ ‫أن نكون‪ ،‬يستلزم أن نتخلى عنه‪ ،‬علينا فقط أن‬ ‫من تأثيره على المجتمع‪ ،‬والتحكيم في استعماله‪،‬‬ ‫نستع ّد جماعيّا‪.‬‬ ‫وضبط التشريعات المناسبة‪.‬‬ ‫لقد تناولت هذا الرهان في« ليدي أوف مايزس»‬ ‫وجعلت منه أحد مقاصد الرواية حيث دعوت‬ ‫إلى التخطيط لتطبيق كل ابتكار تكنولوجي‬ ‫لاستباق التغ ّيات المجتمعية‪.‬‬ ‫‪© Ouchhh‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|33 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ لنتعلّم‬ ‫في عصر الذكاء الاصطناعيالعيش‬ ‫بقلم ليسلي لوبل‬ ‫مع الركائز الأساسيّة الثلاث للنظام‬ ‫التربوي – القراءة والكتابة والحساب‬ ‫– يجب ُمستقبلا إضافة ثلاث ركائز‬ ‫أخرى‪ :‬التعاطف والإبداع والفكر‬ ‫النقدي‪ .‬هذه الكفاءات التي تُكتسب‬ ‫عادة خارج الإطار المدرسي‪ ،‬لا بد من‬ ‫إدراجها في البرامج التعليمية بالتزامن‬ ‫مع اكتساح الذكاء الاصطناعي‬ ‫للمجتمعات‪.‬‬ ‫‪© Vincent Fournier‬‬ ‫في سنة ‪ ،2018‬سيدخل ‪ 300.000‬طفل‬ ‫للمدارس الأسترالية‪ .‬وإذا تخ ّرجوا منها حاملين‬ ‫ومنذ انطلاق هذا المشروع‪ ،‬فتحت الوزارة‬ ‫لذلك‪ ،‬قامت وزارة التربية في ولاية ويلز‬ ‫الجنوبية الجديدة سنة ‪ 2016‬ببعث مشروع‬ ‫ل َشهاداتهم سنة ‪ ،2030‬فسوف يُق ّضون أه ّم‬ ‫حوارا مع كبار الفاعلين العالميين في المجالات‬ ‫التعليم في سبيل عالم ُمتغ ّي‪ .‬ومراعا ًة للتبعات‬ ‫فترات حياتهم المهنية في النصف الثاني من‬ ‫الاقتصادية والتكنولوجية والأكاديمية‪ ،‬أ ّدى‬ ‫الاستراتيجية للتقدم التكنولوجي‪ ،‬تهدف هذه‬ ‫القرن الحادي والعشرين‪ ،‬وقد يبقى البعض‬ ‫في نوفمبر ‪ 2017‬إلى نشر كتاب مشاغل الغد‪:‬‬ ‫المبادرة الها ّمة إلى التشجيع على إصلاح برامج‬ ‫منهم على قيد الحياة في فجر القرن الثاني‬ ‫التعليم من أجل عالم الذكاء الاصطناعي‪ ،‬وهو‬ ‫والعشرين‪ .‬والأرجح أنهم سوف يعيشون‬ ‫كتاب يستشرف التربية في عالم يطغى عليه‬ ‫التعليم والتقييم‪ ،‬وإلى توجيه النظام برمته‬ ‫ويشتغلون في عالم مغاير تماما لعالمنا‪ ،‬نظرا‬ ‫نحو منهج يكون أكثر تجديدا‪.‬‬ ‫لنسق التغ ّيات التي تحدثها التكنولوجيا‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫ال ُمتق ّدمة‪ .‬وعليه‪ ،‬لا بد أن تستبق الأنظمة‬ ‫التربوية من الآن هذه التغ ّيات وتبادر بتأهيل‬ ‫الأجيال القادمة‪ ،‬لتضمن لهم رفاهية العيش‪.‬‬ ‫وتُمثّل ولاية ويلز الجنوبية الجديدة التي‬ ‫تعد أكثر من مليون طفل وشاب يدرسون في‬ ‫‪ 3000‬مؤسسة تربوية‪ ،‬أكبر مركز للتعليم‬ ‫في أستراليا‪ .‬في كل يوم وفي كل صف‪ ،‬يُوجد‬ ‫ُمدرس يُع ّلم التلاميذ ويقودهم نحو مستقبلهم‪.‬‬ ‫إلا أن التغيير على مستوى النظام التربوي‪،‬‬ ‫خا ّصة بمثل هذا المقياس‪ ،‬يُمكن أن يكون‬ ‫بطيئا‪ ،‬رغم الحاجة الملحة والمتزايدة الناتجة‬ ‫عن التكنولوجيا الحديثة‪.‬‬ ‫‪ 34‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫وقد بدأت تبرز داخل الأوساط التربوية‬ ‫الركائز الجديدة‬ ‫وفي أواخر سنة ‪ ،2017‬انتظم ملتقى دوليّ‬ ‫ممارسات خ ّلقة‪ ،‬تهدف إلى تحفيز التلاميذ‬ ‫حضره المساهمون في هذا الكتاب وعدد من‬ ‫القراءة والكتابة والحساب هي الركائز الثلاث‬ ‫الأخ ّصائيين في علوم التربية‪ ،‬وكذلك ممثلون عن‬ ‫واستغلال إمكانيات التكنولوجيا المتقدمة‬ ‫التي يعتمد عليها التع ّلم‪ ،‬إلا أن التلاميذ‬ ‫من ّظمات غير حكومية ومسؤولون سياسيّون‪،‬‬ ‫لتحسين أدائهم‪ .‬وبما أن بعضها يعتمد على‬ ‫قصد دراسة الوسائل الكفيلة بتحسين الدعم‬ ‫إثباتات علمية موثوقة أكثر من غيرها‪ ،‬يصعب‬ ‫أصبحوا اليوم في حاجة إلى كفاءات أساسية‬ ‫لل ُمد ّرسين وتحسين نتائج التلاميذ بفضل‬ ‫أخرى وكفاءات ها ّمة غير معرفية‪ ،‬مثل‬ ‫الأدوات الجديدة‪ ،‬وخا ّصة منها التكنولوجية‪.‬‬ ‫حاليّا معرفة أيّها الأكثر نجاعة‪.‬‬ ‫وقد أثارت هذه الأفكار الجديدة تع ّهدا موحدا‬ ‫الإحساس بالمقدرة الذاتية‪ ،‬وإدراك أفضل‬ ‫الذكاء الاصطناعي في‬ ‫للمفاهيم‪ ،‬وقدرات جيدة على مقاومة الضغط‬ ‫بتحقيق الإصلاحات‪.‬‬ ‫قاعة الدراسة‬ ‫وعلى التأقلم والمرونة‪.‬‬ ‫صورة للفنان الفرنسي فانسان فورنياي من‬ ‫وبعد أن تبنت وزارة التربية في ولاية ويلز‬ ‫مجموعة الإنسان الآلة‪ ،‬التقطها في برشلونة‬ ‫الجنوبية الجديدة الابتكارات الوطنية والدولية‬ ‫وسوف تصبح الكفاءات الخصوصية للإنسان‬ ‫الأكثر فعاليّة في القطاعين الخاص والعمومي‪،‬‬ ‫أكثر أهمية من أي وقت مضى‪ ،‬في هذا العالم‬ ‫(إسبانيا) سنة ‪ ،2010‬تعرض‬ ‫الجديد الذي يتشكل أمام أعيننا‪ :‬سيكون‬ ‫«تخيّلات تخمينية» تتفاعل فيها الكائنات‬ ‫شرعت في دراسة أفضل السبل لتقديم الدعم‬ ‫للمختصين في التربية قصد صياغة هذه الأفكار‬ ‫التفكير النقدي إحدى أولى الكفاءات التي يجب‬ ‫الاصطناعية مع البشر‪.‬‬ ‫على النظم التربوية ترسيخها‪.‬‬ ‫الخ ّلقة والتعجيل بها‪ .‬والهدف من ذلك هو‬ ‫إيجاد مناهج جديدة ومستدامة وقابلة للتطوير‬ ‫في الوقت الحاضر‪ ،‬يمكن اكتساب هذه‬ ‫الكفاءات الأساسية من خلال الأنشطة التي‬ ‫تسمح بتحسين التع ّلم والنهوض بقدرات‬ ‫يقوم بها التلميذ خارج الإطار المدرسي حيث‬ ‫التلاميذ وضمان نجاحهم‪.‬‬ ‫يتع ّلم‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬التعاون‪ ،‬ورسم‬ ‫يضطلع الذكاء الاصطناعي بإمكانيات بالغة‬ ‫الأهداف‪ ،‬والتخطيط‪ .‬بالإمكان تطوير‬ ‫في مجال التعليم‪ ،‬شريطة أن يُستعمل بدراية‬ ‫ووفق حا ِجيات ال ُمد ّرسين‪ .‬وتوجد حاليا أنظمة‬ ‫الانضباط وروح الفريق الواحد عند تعاطي‬ ‫ترتكز على الذكاء الاصطناعي قادرة على توفير‬ ‫الرياضة‪ ،‬والإبداع عند ممارسة المسرح‪ ،‬والفكر‬ ‫تع ّلم مطابق لخصوصيات الشخص‪ ،‬م ّما‬ ‫النقدي عند تنظيم الحوارات‪ ،‬والتعاطف عند‬ ‫يُخ ّفف بعض الأعباء على ال ُمد ّرسين ويسمح‬ ‫القيام بالعمل التط ّوعي ضمن جمعيّة‪.‬‬ ‫لهم بالتركيز على الحاجيات الفردية للتلاميذ‬ ‫وعلى الأهداف البيداغوجية‪ .‬هذه الأنظمة قادرة‬ ‫ويكمن التح ّدي في هيكلة هذه الكفاءات‬ ‫على متابعة مدى التزام التلاميذ وتق ّدمهم‪،‬‬ ‫المتعددة التي يجب على الشاب أن يكتسبها‪،‬‬ ‫كما قد تكون ُمستقبلا قادرة أيضا على اقتراح‬ ‫وكذلك في إقرار شرعيتها ضمن النظام‬ ‫تعديلات في المضمون‪.‬‬ ‫التربوي‪ ،‬وإدراجها في البرامج المدرسية‪،‬‬ ‫وتحديد طريقة تقييم نتائج التلاميذ في تلك‬ ‫إنه من الأهمية بمكان أن تبقى عملية تصميم‬ ‫المجالات التي لم تكن إلى ح ّد الآن تُعتبر جزءا‬ ‫هذه الأنظمة وتطويرها بين أيدي ال ُمر ّبين‪.‬‬ ‫من التعليم المدرسي والتي يجب أن تحت ّل في‬ ‫ويعود بالدرجة الأولى إلى ال ُمد ّرسين ومديري‬ ‫المستقبل المرتبة الأولى‪.‬‬ ‫المؤسسات‪ ،‬الذين سيتل ّقون التكوين المناسب‪،‬‬ ‫أن يُح ّددوا بوضوح مكانة الذكاء الاصطناعي‬ ‫وم ّما لا جدال فيه‪ ،‬هو أن المستقبل سوف‬ ‫يفرض على الأطفال‪ ،‬أكثر من أي وقت مضى‪،‬‬ ‫في قاعة الدراسة‪ .‬ولا بد أيضا من تشريك‬ ‫أن ينسجوا علاقات مشتركة وأن يدعموا روح‬ ‫التلاميذ في اتخاذ القرارات في هذا المجال‪،‬‬ ‫الانتماء إلى المجموعة وروح المواطنة والتعاون‬ ‫وبالتالي لا بد من تعليمهم الجوانب الأخلاقية‪.‬‬ ‫إن مستقبلهم ُمرتبط بالسياسات والمناهج التي‬ ‫على أساس شعور التعاطف الذي يعتبره‬ ‫البعض إحدى الكفاءات الأساسية في القرن‬ ‫سوف نعتمدها اليوم‪.‬‬ ‫الحادي والعشرين‪.‬‬ ‫ليسلي لوبل (أستراليا) مساعدة وزير التربية‬ ‫في ولاية ويلز الجنوبية الجديدة‪ .‬أشرفت‬ ‫إن القدرات في مجال العلاقات بين الناس‬ ‫أصبحت تعتبر أكثر فأكثر عنصرا أساسيا‬ ‫طيلة قرابة العشرين سنة على الاستراتيجية‬ ‫والإصلاح والتجديد في النظام التربوي الأكثر‬ ‫في الأنظمة التربوية في العالم‪ .‬وتقوم كل‬ ‫اتّساعا وتن ّوعا في أستراليا‪ .‬وقد ُصنّفت ضمن‬ ‫من اليونسكو ومنظمة التعاون الاقتصادي‬ ‫والتنمية بتهيئة أطر ومعايير وتقييمات في هذا‬ ‫المائة امرأة الأكثر تأثيرا من طرف مج ّلة‬ ‫المجال‪ ،‬وخا ّصة في ما يتعلق بمفهوم «الكفاءات‬ ‫أسترالين فينانشل رفيو‪/‬وستباك اعترافا‬ ‫العالمية» الذي يرمي إلى تعزيز التعاون بين‬ ‫بدورها في الشؤون العمومية الأسترالية وفي‬ ‫الثقافات‪ .‬في أستراليا‪ ،‬ت ّم سنة ‪ 2009‬إدراج‬ ‫مجموعة من ال ُمؤ ِّهلات العا ّمة في برنامج التربية‬ ‫إصلاح التعليم‪.‬‬ ‫الوطنية‪ ،‬مثل التفكير النقدي الخ ّلق والتفاهم‬ ‫بين الثقافات‪ .‬وهو مثال احتذت به عديد‬ ‫الولايات الأخرى في‪ ‬البلاد‪.‬‬ ‫وقد ر ّكز مشروع التعليم في سبيل عالم ُمتغ ّي‬ ‫على ضرورة تشجيع الممارسات البيداغوجية‬ ‫المبتكرة التي من شأنها أن تعود بالفائدة على‬ ‫مجمل النظام التربوي‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|35 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ ل ن ساتغل ّلأإحسنمصافيالطنذاكاعءي‬ ‫أودري أزولاي‬ ‫أودري أزولاي‪ ،‬المديرة العامة‬ ‫لليونسكو‪ ،‬تجيب عن أسئلة‬ ‫ياسمينا شوبوفا‬ ‫تمثيل رمزي للتعاون بين الذكاء‬ ‫لماذا تهتم اليونسكو بالذكاء‪ ‬الإصطناعي؟‬ ‫يُمكن للذكاء الإصطناعي أن‬ ‫الاصطناعي والإنسان‪.‬‬ ‫يُساعد البشرية على تجاوز عدد‬ ‫أجمع الخبراء على أن الإنسانية تعيش فجر‬ ‫© ‪Veronique Deshayes‬‬ ‫عصر جديد‪ .‬وسوف يُغ ّي الذكاء الإصطناعي‬ ‫كبير من المشاكل الاجتماعية‬ ‫وجودنا بشكل أعمق م ّما نتخيله‪ .‬لقد بدأ هذا‬ ‫الخطيرة التي تُواجهها‪ ،‬لكنّه‬ ‫وسوف تصبح مسألة تطوير الكفاءات‬ ‫يُطلق‪ ،‬في الآن نفسه‪ ،‬جملة من‬ ‫الضرورية لمجاراة عالم ينمو باستمرار في‬ ‫التغيير في التأثير على كافة مجالات حياتنا‪.‬‬ ‫التح ّديات ال ُمع ّقدة بالخصوص على‬ ‫اتجاه الآليّة‪ ،‬مسألة مركزية أكثر فأكثر‪.‬‬ ‫ويع ّد الذكاء الإصطناعي الكثير من التطبيقات‬ ‫صعيد الأخلاق‪ ،‬وحقوق الإنسان‬ ‫والأمن‪ .‬إلا أنه لا يوجد‪ ،‬إلى ح ّد‬ ‫في مجال الثقافة‪ ،‬أصبح الذكاء الإصطناعي‬ ‫في ميادين ُمتن ّوعة مثل الصحة‪ ،‬والتعليم‪،‬‬ ‫الساعة‪ ،‬أي إطار أخلاقي ُدولي ينطبق‬ ‫مطلوبا ج ّدا‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للتصوير‬ ‫والثقافة‪ ،‬والأمن‪ ،‬والدفاع‪ ...‬وقد شهدت‬ ‫على جملة تط ّورات الذكاء الإص ِطناعي‬ ‫البحوث تق ّدما كبيرا في السنوات الأخيرة‪ :‬أصبح‬ ‫وتطبيقاته‪ .‬وبالتالي‪ ،‬من الضروري‬ ‫بثلاثة أبعاد في إعادة بناء التراث‪ ،‬وسوف‬ ‫عمالقة الواب (غوغل‪ ،‬أيبل‪ ،‬فيسبوك‪ ،‬أمازون‪،‬‬ ‫إيجاد آليّة دولية تُح ّدد المعايير في هذا‬ ‫نطبقه في مدينة الموصل العتيقة في العراق‪.‬‬ ‫مايكروسوفت)‪ ،‬وكذلك العديد من الدول‪،‬‬ ‫وكذلك في مجالات العلوم‪ ،‬وخا ّصة في البرامج‬ ‫يستثمرون في الذكاء الاصطناعي‪ ،‬وأصبحوا‬ ‫المجال‪.‬‬ ‫البيئيّة‪ ‬وفي استكشاف أعماق البحار‪ ،‬مثل‬ ‫بذلك صانعي هذه «الثورة الصناعية الرابعة»‪.‬‬ ‫تصنيف صور العوالق أو الكشف الآلي عن‬ ‫الحيتان والطيور البحرية وتعدادها‪ .‬وبطبيعة‬ ‫في زمن هذه التح ّولات‪ ،‬لليونسكو دور حقيقي‬ ‫الحال‪ ،‬يستند الاتصال والإعلام أيضا إلى التق ّدم‬ ‫عليها أن تضطلع به‪ .‬أ ّولا‪ ،‬لأن تطبيقات‬ ‫الذي أحرزه مجال الذكاء الإصطناعي‪ .‬ويعود‬ ‫لليونسكو التفكير في منافع الذكاء الاصطناعي‬ ‫الذكاء الإصطناعي مرتبطة مباشرة بمجالات‬ ‫اختصاصها‪ .‬سوف يغ ّي الذكاء الإصطناعي‬ ‫ومخاطره على التعليم والثقافة والعلم‬ ‫التعلي َم بصفة جذرية‪ ،‬لما سيُحدثه من ثورة في‬ ‫والاتصال والإعلام‪.‬‬ ‫آليات التدريس‪ ،‬وطرق التع ّلم والوصول إلى‬ ‫المعرفة‪ ،‬وكيفيّة تكوين ال ُمد ّرسين‪.‬‬ ‫‪ 36‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫روبوتات وأخلاقيات‬ ‫في زمن هذه التح ّولات‪ ،‬لليونسكو‬ ‫دور حقيقي عليها أن تضطلع به‬ ‫تقرير اللجنة العالمية لأخلاقيات المعارف‬ ‫لأن تطبيقات الذكاء الإصطناعي مرتبطة‬ ‫العلمية والتكنولوجيا التابعة لليونسكو‬ ‫مباشرة بمجالات اختصاصها‬ ‫لسنة ‪2017‬‬ ‫ولليونسكو في هذا المجال بالتحديد دور يتمثل‬ ‫ما هي مخاطره حسب رأيك؟‬ ‫تستند الروبوتات الحالية المسماة بالمعرفية‬ ‫في محاولة التقليص من عدم التكافؤ في نيل‬ ‫إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي تتمتع‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬يمكن اعتبار الذكاء الإصطناعي‬ ‫بقدرات تحاكي قدرات الإنسان‪ ،‬مثل الإدراك‬ ‫المعرفة والاستفادة من البحث‪ ،‬وذلك من خلال‬ ‫فرصة رائعة لتحقيق أهداف جدول أعمال‬ ‫دعم الدول الأعضاء‪ .‬إن الفجوة التكنولوجية قد‬ ‫‪ ،2030‬لكن ذلك يستلزم معالجة المسائل‬ ‫واستعمال اللغة والتفاعل وحل المشكلات‬ ‫والتعلم وحتى الإبداع‪ .‬ومن الصعب التنبؤ‬ ‫تؤدي إلى ُمضاعفة التفاوت الاجتماعي‪ .‬وعلى‬ ‫الأخلاقية التي يطرحها‪ ،‬على الفور‪ .‬هو فرصة‬ ‫اليونسكو أن تكون قادرة على مساعدة الدول‬ ‫لأن تطبيقاته تُساعد على التق ّدم بأكثر سرعة‬ ‫بقراراتها‪ ،‬فاش ِتغالها يقوم على أساس‬ ‫الأعضاء في التكيّف مع الواقع الجديد والوصول‬ ‫نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة‪ ،‬فهي‬ ‫الخبرة وبعض الظروف العشوائية‪ .‬وتختلف‬ ‫بدرجة كبيرة عن الروبوتات المسماة بالحتمية‬ ‫إلى المعرفة التكنولوجية‪.‬‬ ‫تسمح بتقييم أفضل للمخاطر‪ ،‬وتحسين‬ ‫الاستشراف‪ ،‬وتوسيع نطاق تقاسم المعارف‪،‬‬ ‫التي يعتمد سلوكها على برنامج يتحكم في‬ ‫كيف يُمكن لليونسكو أن تُق ّدم هذه‬ ‫وهي تقترح حلولا ُمبتكرة في مجالات التعليم‬ ‫اشتغالها‪ .‬ولذلك فإن المسؤولية المتعلقة‬ ‫المساعدة بشكل ملموس؟‬ ‫بالمهام التي تقوم بها الروبوتات المعرفية‬ ‫والصحة والبيئة والتخطيط العمراني‬ ‫بالنسبة للدول الأعضاء‪ ،‬يتمثل أحد الرهانات‬ ‫والصناعات الخلاقة‪ ،‬كما أنها تح ّسن مستوى‬ ‫قضية هامة للغاية‪ ،‬لا سيما وأن الروبوتات‬ ‫في القدرة على الحصول على مع ّدات الهندسة‬ ‫العيش ورفاهية الحياة اليومية‪ .‬لكنّه يُش ّكل‬ ‫تؤثر في السلوك البشري‪ ،‬وتحدث تغييرات‬ ‫ال ُمتط ّورة التي تكون في ذروة الابتكار‪ ،‬وكذلك‬ ‫في توفر الكفاءات البشرية اللازمة‪ ،‬من علماء‬ ‫أيضا تهديدا‪ ،‬لأ ّن تعميم الآليّة والرقمنة‬ ‫اجتماعية وثقافية‪ ،‬وتثير أسئلة في ما يتعلق‬ ‫يُحدثان اختلالات جديدة‪ ،‬وقد يتسببان في‬ ‫بالأمن‪ ،‬واحترام الحياة الخاصة وحماية‬ ‫ومهندسين‪ .‬وبوسع اليونسكو تقديم مثل‬ ‫الح ّد من التن ّوع في الصناعات الثقافية‪ ،‬وفي‬ ‫الكرامة الإنسانية‪.‬‬ ‫هذا الدعم‪ ،‬والمساعدة على تقليص الفوارق‬ ‫اضطراب سوق الشغل والتهميش وتعميق‬ ‫بين الدول‪ ،‬بفضل مراكز التعليم والتكوين في‬ ‫التفاوت بين المتمتعين بالتكنولوجيا الحديثة‬ ‫وكما جاء في تقريرها الصادر في نوفمبر‬ ‫مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار التابعة‬ ‫‪ 2017‬حول أخلاقيات الروبوتات‪ ،‬اقترحت‬ ‫لها‪ ،‬والمرصد العالمي لآليات رسم سياسات‬ ‫والمحرومين منها‪.‬‬ ‫اللجنة العالمية لأخلاقيات المعارف العلمية‬ ‫العلوم والتكنولوجيا والتجديد‪ ،‬بالإضافة إلى‬ ‫والتكنولوجيا التابعة لليونسكو إطا ًرا أخلاقيًا‬ ‫يرتكز على التكنولوجيا‪ ،‬بهدف إعداد توصيات‬ ‫البرنامج الدولي للعلوم الأساسية‪.‬‬ ‫حول أخلاقيات الروبوتات‪ ،‬تقوم على أساس‬ ‫التمييز بين الروبوتات الحتمية والروبوتات‬ ‫ما هي التح ّديات التي يطرحها الذكاء‬ ‫الإصطناعي في مجال التعليم؟ وكيف تنوي‬ ‫المعرفية‪.‬‬ ‫اليونسكو مجابهتها؟‬ ‫كما حددت اللجنة القيم والمبادئ الأخلاقية‬ ‫التي قد تكون مفيدة في وضع قواعد‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬التعليم مجال أساسي بالنسبة‬ ‫للمنظمة‪ ،‬وسوف تؤثر فيه هذه الثورة الناشئة‬ ‫تنظيمية على جميع المستويات وعلى نحو‬ ‫متناسق‪ ،‬بدءا بمدونة قواعد السلوك الخاصة‬ ‫بصفة إيجابية وسلبية‪ ،‬في آن واحد‪ .‬لقد ت ّم‬ ‫استخدام برمجيّات بيداغوجية ترتكز على‬ ‫بالمهندسين‪ ،‬وصولا إلى القوانين الوطنية‬ ‫الذكاء الاصطناعي لتحقيق لامركزية التعليم‪،‬‬ ‫والاتفاقيات الدولية‪ .‬أما القيم والمبادئ‬ ‫وتكييفه للاستجابة للحاجيات الخصوصية‪،‬‬ ‫الأخلاقية التي تم التأكيد عليها فهي الكرامة‬ ‫وإرشاد الطلبة حول المناهج‪ ،‬وكذلك في تطابق‬ ‫الإنسانية‪ ،‬والاستقلالية‪ ،‬واحترام الحياة‬ ‫الشهادات‪ .‬إلا أن هذه التكنولوجيات باهظة‬ ‫الخاصة‪ ،‬والسلامة‪ ،‬والمسؤولية‪ ،‬والإحسان‬ ‫الثمن وليست في متناول الجميع‪ ،‬وقد تتع ّمق‬ ‫والعدالة‪ .‬ويعد مبدأ المسؤولية الإنسانية‬ ‫نقطة الوصل بين القيم المختلفة التي نوقشت‬ ‫الفجوة بين الأغنياء والفقراء أكثر‪.‬‬ ‫في هذا التقرير‪.‬‬ ‫كما صاغت اللجنة العالمية لأخلاقيات المعارف‬ ‫العلمية والتكنولوجيا مجموعة من التوصيات‬ ‫الخصوصية تتعلق بتطبيق تكنولوجيا‬ ‫الروبوتات‪ ،‬من بينها وضع القواعد الأخلاقية‬ ‫لعلماء الروبوتات‪ ،‬والتحذير من تطوير‬ ‫الأسلحة ذاتية التشغيل واستخدامها‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|37 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫وقد أدرجنا ضمن أولوياتنا ترويج أدوات‬ ‫واعتبارا لدورها كمنسق للهيئة المديرة لأهداف‬ ‫علينا أن نقتحم هذا‬ ‫الذكاء الاصطناعي ال ُمتاحة للاستعمال الحر‬ ‫التنمية المستدامة – التعليم ‪ 2030‬ال ُمك ّلفة‬ ‫العصر الجديد بأعين‬ ‫التي من شأنها أن تُي ّس الابتكارات المح ّلية‪.‬‬ ‫بمتابعة تحقيق هدف التنمية المستدامة ‪4‬‬ ‫المتعلق بالتعليم‪ ،‬تشغل اليونسكو موقعا‬ ‫مفتوحة‬ ‫وحتى تكون الأجيال القادمة مستعدة‬ ‫ُمتميّزا للقيام بهذه المهمة‪ ،‬وذلك من خلال‬ ‫للانصهار في المشهد الجديد الذي يرسمه الذكاء‬ ‫الاصطناعي لعالم الشغل‪ ،‬لا بد أيضا من إعادة‬ ‫تحديد المساهمات الممكنة للذكاء الاصطناعي في‬ ‫تعليم مفتوح للجميع‪ ،‬وتقييم تأثيره ال ُمحتمل‬ ‫التفكير في البرامج التربويّة‪ ،‬وذلك بالتأكيد‬ ‫على مستقبل التع ّلم‪.‬‬ ‫على تدريس العلوم‪ ،‬والتكنولوجيا‪ ،‬والهندسة‪،‬‬ ‫والرياضيات‪ ،‬وكذلك بإيلاء مكانة من الدرجة‬ ‫الأولى للإنسانيات‪ ،‬والكفاءات في ميدان الفلسفة‬ ‫والأخلاقيات‪.‬‬ ‫من واجبنا الوقاية من انحرافات‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫‪NETEXPLO NOTEBOOK | HUMAN DECISIONS THOUGHTS ON AI‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪© Veronique Deshayes‬‬ ‫‪ 38‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫من يصنع القرار؟‬ ‫ما علاقة الذكاء الاصطناعي بالفلسفة‬ ‫والأخلاقيات؟‬ ‫قرارات بشرية‪ :‬تأملات في الذكاء الاصطناعي‪2018 ،‬‬ ‫عند بلوغهم سن الكهولة‪ ،‬سوف يُواجه حتما‬ ‫بفعل ظاهرة البيانات الضخمة والتحول الناتج عن نظم التع ّلم العميق‪ ،‬أصبح الذكاء الاصطناعي‬ ‫تلاميذ وطلبة اليوم مشاكل من نوع آخر لا‬ ‫من بين التوجهات التكنولوجية الأكثر جدلا في الوقت الراهن‪ ،‬نظرا لان ِعكاساته على الأفراد‬ ‫نستطيع إدراكها في الوقت الحاضر‪ .‬ومن‬ ‫والثقافات‪.‬‬ ‫الصعب التك ّهن بكل التط ّورات الممكنة لهذه‬ ‫الآلات التي تتطور باستمرار‪ ،‬والتي تخطو‬ ‫وإن كان في الذكاء الاصطناعي جوانب تقنية مبهرة‪ ،‬إلا أن البعض يخافون إمكانية تفوقه على‬ ‫يوما بعد يوم خطوات في اتّجاه استقلاليّتها‬ ‫الذكاء البشري‪ .‬وحتى في حال القبول بفكرة مساعدته على التقدم البشري‪ ،‬لا بد من استباق المخاطر‬ ‫لدرجة أنها أصبحت منذ الآن تتح ّدى‪ ،‬إلى‬ ‫درجة ما‪ ،‬الهويّة البشرية‪ .‬ولهذا السبب‪،‬‬ ‫التي قد يكنّها الذكاء الاصطناعي إن فقد الإنسان التحكم فيه‪ ،‬والوعي بان ِعكاساته الأخلاقية‪.‬‬ ‫فإن الكفاءات في مجال الأخلاقيات‪ ،‬وكذلك‬ ‫وقد أخذ مرصد نت إكسبلو ‪ -‬وهو مرصد مستقل شريك لليونيسكو ‪ -‬في التدقيق بكل جدية في هذا‬ ‫في العلوم الاجتماعية والإنسانية بصفة عامة‪،‬‬ ‫الموضوع الشاسع الذي يهم في نفس الوقت الفلسفة‪ ،‬والرياضيات‪ ،‬والعلوم‪ ،‬والإعلامية والهندسة‪.‬‬ ‫سوف تكون ضرورية بنفس قدر الكفاءات‬ ‫في العلوم الأساسية‪ .‬كما أن هناك احتمال في‬ ‫وفي سنة ‪ ، 2015‬أنشأت منظمة الونيسكو بمعية نت إكسبلو مجلسا استشاريا مشتركا‪ ،‬يضم‬ ‫وجود انحرافات في نُظم الذكاء الاصطناعي –‬ ‫أساتذة ومحاضرين وباحثين من أكبر الجامعات في العالم‪ ،‬أوكلت إليهم مهمة تحليل توجهات‬ ‫وخا ّصة في ما يتع ّلق بالنوع الجنسي – تتط ّلب‬ ‫أكثر شفافية من قبل هذه النظم‪ ،‬وتستدعي‬ ‫التكنولوجيا الرقمية وخاصة منها الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫مبادئ أخلاقية صارمة لتصحيحها‪.‬‬ ‫ونشر المجلس سنة ‪ 2018‬مجموعة من التحاليل بعنوان قرارات بشرية‪ :‬تأملات في الذكاء‬ ‫الاصطناعي بهدف تحفيز التفكير حول التحديات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي واستغلال‬ ‫لماذا يصعب التك ّهن بالتط ّورات القادمة‬ ‫للذكاء الاصطناعي؟‬ ‫قدراته الكامنة‪.‬‬ ‫يتق ّدم البحث في مجال الذكاء الاصطناعي‬ ‫هل يف ّوض الإنسان للذكاء الاصطناعي قدراته في اتخاذ القرارات‪ ،‬عن طواعية؟ هل الذكاء‬ ‫بسرعة فائقة‪ ،‬في حين يبقى تطوير البيئة‬ ‫الاصطناعي بديل للبشر؟ ماهي الإجراءات المحتملة للاحتماء من تبعات الذكاء الاصطناعي؟ تلك‬ ‫القانونية والاجتماعية والأخلاقية التي يجب‬ ‫أن تؤطره‪ ،‬بطيئا‪ .‬إلى أي حد يُمكن أن تصل‬ ‫هي بعض الأسئلة التي تطرق لها هذا المؤ ّلف‪ ،‬بالإضافة إلى وجهات نظر المرصد التي عرضها في‬ ‫استقلاليّة الآلة وقدرتها على اتّخاذ القرار؟‬ ‫سيناريوهات مختلفة‪.‬‬ ‫وفي حال وقوع حادث‪ ،‬لمن تعود المسؤولية؟‬ ‫ومن يقرر تحديد القيم التي يجب ترسيخها‬ ‫ويذهب التحليل إلى ما أبعد من الآراء‪ ،‬ليطرح مسألة ملحة بقدر ما هي مزعجة‪ ،‬ألا وهي مسألة‬ ‫في الآلات خلال ما يُس ّمى بفترة «تع ّلم الآلة»؟‬ ‫صنع القرار‪ .‬هل تخلينا بالفعل عن السلطة التي يمنحها لنا التحكم في الآلة؟ وماذا لو انتهى الأمر‬ ‫هذه الأسئلة‪ ،‬وليست الوحيدة‪ ،‬تبقى إلى اليوم‬ ‫إلى تحكم الذكاء الاصطناعي في سلوك البشر دون تدخل منهم؟ وفي هاته الحالة من (أو ما) الذي‬ ‫دون‪ ‬جواب‪.‬‬ ‫سيتدخل في صنع القرار؟‬ ‫لقد لاحظنا‪ ،‬مثلا‪ ،‬أن الخوارزميات التي‬ ‫يتخوف بعض الخبراء من نفوذ الذكاء الاصطناعي الذي قد يؤدي بنا إلى نظام مترابط يطغى فيه‬ ‫صيغت على أساس اللغة البشرية العاديّة‪،‬‬ ‫الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري‪ ،‬في حين أن البعض الآخر مقتنع بأن معارفنا الحالية في‬ ‫اقتنت أحكاما مسبقة ترتكز على صور نمطية‬ ‫مجال الإعلامية لا زالت محدودة وبالتالي ليس هناك داعيا لتبرير مثل هذا الخوف من المجهول‪.‬‬ ‫انطلاقا من معطيات لفظية موجودة في ثقافتنا‬ ‫اليومية‪ .‬فكيف لا ننشغل من خطر ظهور آلات‬ ‫وحسب رأيهم‪ ،‬فإن المسألة ليست مسألة منافسة‪ ،‬بقدر ما ِهي مسألة تعاون بين الجنس البشري‬ ‫يكون سلوكها تمييزيّا أو عنصريّا أو عدائيّا؟‬ ‫والذكاء‪ ‬الاصطناعي‪.‬‬ ‫كما أن هناك دوافع للانشغال على أصعدة‬ ‫ومن مسؤوليتنا إدارة حوار كوني ومستنير‬ ‫ماذا في مقدور اليونسكو أن تفعله في هذا‬ ‫أخرى‪ :‬حماية الحياة الشخصية‪ ،‬والإشهار‬ ‫– لا يكون حوارا تقنيّا وإنما أخلاقيّا بالمعنى‬ ‫المضمار؟‬ ‫المستهدف على الإنترنت‪ ،‬وح ّرية التعبير‬ ‫الكامل – حتى نقتحم هذا العصر الجديد‬ ‫إذا أردنا أن يستفيد العالم بأسره‪ ،‬وعلى‬ ‫وخوارزميات الرقابة‪ ،‬والصحافة الآليّة‬ ‫بأعين مفتوحة‪ ،‬دون أن نُض ّحي ب ِقيمنا‪،‬‬ ‫أحسن وجه‪ ،‬من الإمكانيات التي يوفرها‬ ‫وحتى نتيح‪ ،‬إن أرادت الدول الأعضاء ذلك‪،‬‬ ‫الذكاء الاصطناعي‪ ،‬علينا أن نسهر على أن‬ ‫واحتكار الإعلام‪...‬‬ ‫إمكانية التو ّصل إلى أرضية مشتركة من المبادئ‬ ‫يكون في خدمة البشريّة‪ ،‬مع احترام حقوق‬ ‫ورغم أن البحث الأساسي في هذا المجال أتى‪،‬‬ ‫الأخلاقية‪.‬‬ ‫الإنسان‪ ‬وكرامته‪.‬‬ ‫إجمالا‪ ،‬بدافع توفير رفاهية العيش‪ ،‬تبقى‬ ‫*الإعلان العالمي بشأن المجين البشري وحقوق الإنسان‬ ‫إلا أنه لا يُوجد لح ّد الساعة أي إطار أخلاقي‬ ‫الانحرافات غير المقصودة‪ ،‬والمقصودة أيضا‪،‬‬ ‫(‪)1997‬‬ ‫ُدولي يعنى بجملة تط ّورات الذكاء الاصطناعي‬ ‫ممكنة‪ .‬ولهذا السبب‪ ،‬يتحتم علينا التأكد من‬ ‫الإعلان الدولي بشأن البيانات الوراثية البشرية (‪)2003‬‬ ‫وتطبيقاته‪.‬‬ ‫أن هذه التكنولوجيا تتط ّور حسب معايير‬ ‫الإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجيا وحقوق الإنسان‬ ‫أخلاقيّة مضبوطة بشكل صارم‪.‬‬ ‫(‪)2005‬‬ ‫تمثل اليونسكو المنتدى الكوني الوحيد الذي‬ ‫إعلان المبادئ الأخلاقية في علاقة بالتغ ّيات المناخية‬ ‫يحظى بتجربة تفوق العشرين سنة في إعداد‬ ‫(‪)2017‬‬ ‫الآليّات الدولية ال ُمتع ّلقة بأخلاقيات البيولوجيا‬ ‫التوصية ال ُمتع ّلقة بالعلم والباحثين في العلوم (‪)2017‬‬ ‫وأخلاقيات العلوم والتكنولوجيا*‪ .‬كما أن‬ ‫بإمكانها الإعتماد على جهازين استشاريّين‬ ‫يض ّمان خبراء يعملون جاهدين على هذه‬ ‫المسائل‪ :‬اللجنة العالمية لأخلاقيّات المعرفة‬ ‫العلمية والتكنولوجيا‪ ،‬واللجنة ال ّدولية‬ ‫لأخلاقيات البيولوجيا‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|39 2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫ معجم‬ ‫الذكاء الاصطناعي‬ ‫تحميل العقل (مايند أبلودنغ)‬ ‫بيانات ضخمة‬ ‫المفردات الحاملة لعلامة * مف ّسة في هذا‬ ‫المعجم‬ ‫حسب نظرية ما بعد الإنسانية*‪ ،‬فإن‬ ‫مجموعة بيانات رقمية تتجاوز‪ ،‬من حيث‬ ‫أحاسيسنا وأفكارنا وعواطفنا تقتصر على‬ ‫حجمها‪ ،‬حدس الإنسان وقدراته على التحليل‪.‬‬ ‫اتصاليّة جديدة‬ ‫الترابط العصبي‪ .‬وتحميل العقل (مايند‬ ‫في إنترنت‪ ،‬نُنتج يوميا حوالي ‪ 2،5‬تريليون‬ ‫نظرية تأسست في مجال العلوم المعرفية وعلوم‬ ‫أبلودنغ) هو فكرة مؤيّدة لنظرية ما بعد‬ ‫بايت من البيانات كل يوم‪ :‬رسائل إلكترونية‪،‬‬ ‫الأعصاب‪ .‬تهت ّم الاتصالية الجديدة بوضع‬ ‫الإنسانية يُعتبر بمقتضاها العقل البشري قابلا‬ ‫فيديوهات‪ ،‬معلومات مناخية‪ ،‬علامات النظام‬ ‫نماذج معلوماتية تحاكي ظواهر التع ّلم‪،‬‬ ‫للحصر في جملة من المعلومات يمكن ترجمتها‬ ‫العالمي لتحديد المواقع ‪ ،‬صفقات على الخط‪،‬‬ ‫باستخدام شبكات عصبية شكليّة*‪ .‬وقد ت ّم‬ ‫إلى الرمز الثنائي الإعلامي‪ ،‬بحيث يمكن‬ ‫وضع نظام هذه النماذج وطريقة تشغيلها‬ ‫الخ‪ ...‬ولا توجد أية آلة إعلامية تقليدية‬ ‫بالتماثل مع النّظم العصبية الفيزيولوجيّة‪.‬‬ ‫تحميلها في حاسوب‪.‬‬ ‫للتص ّرف في قاعدة بيانات قادرة على معالجة‬ ‫إنترنت الأشياء‬ ‫تمثيل دلالي للمعارف‬ ‫هذا الكم من البيانات الضخمة‪ :‬كان لا بد‬ ‫من تطوير خوارزميات* جديدة للتم ّكن من‬ ‫اتصال الأشياء والأدوات والأماكن المتواجدة‬ ‫خوارزميات تُخ ّول تركيب جملة مكتوبة في‬ ‫في العالم المادي‪ ،‬بشبكة الإنترنت‪ .‬تقوم‬ ‫أية لغة كانت (مثال‪« :‬يمتطي أحمد الحافلة‬ ‫تخزينها‪ ،‬وتصنيفها وتحليلها‪.‬‬ ‫القاصدة برلين»)‪ ،‬في شكل منطقي لتصبح‬ ‫الأشياء المتصلة بجمع المعطيات من خلال‬ ‫تع ّلم الآلة أو تع ّلم آلي‬ ‫أجهزة استشعار (حرارة‪ ،‬سرعة‪ ،‬رطوبة‪)...‬‬ ‫قابلة للتأويل من طرف حاسوب‪.‬‬ ‫بفضل برنامج تع ّلم آلي‪ ،‬تتع ّلم الآلة كيف تح ّل‬ ‫وإرسالها‪ ،‬عبر الإنترنت‪ ،‬كي يت ّم تحليلها‬ ‫المشاكل انطلاقا من أمثلة‪ ،‬لتصبح قادرة على‬ ‫بواسطة حواسيب‪ .‬هذه الأشياء قد تكون‬ ‫مقارنة البيانات وتصنيفها‪ ،‬وحتى التع ّرف على‬ ‫سيارة نقل‪ ،‬أو ساعة‪ ،‬أو آلة صناعية‪ ،‬أو حتى‬ ‫الأشكال ال ُمع ّقدة‪ .‬وقبل ابتكار التع ّلم العميق*‬ ‫سنة ‪ ،2010‬كان الإنسان هو الذي يُشرف على‬ ‫مكانا في مأوى سيارات‪.‬‬ ‫هذا الصنف من تعلم الآلة – إذ كان هو الذي‬ ‫يع ّي بوضوح إن كانت الصورة تتض ّمن وجها‬ ‫إنسان خارق‬ ‫بشريا‪ ،‬أو رأس ق ّط‪ ،‬الخ‪ ،...‬حتى تتم ّكن الآلة‬ ‫هو المثال الأعلى في نظرية ما بعد الإنسانية*‪.‬‬ ‫بالقيام بعمليّة التع ّرف المطلوبة‪.‬‬ ‫الإنسان الخارق هو فرد ت ّم إخضاعه لتغييرات‬ ‫تع ّلم عميق‬ ‫بهدف تحسين قدراته‪ ،‬بفضل تد ّخلات على‬ ‫جسمه تعتمد على مبادئ علمية وتكنولوجية‪.‬‬ ‫هو مجال ُمتق ّدم للتع ّلم الآلي*‪ ،‬وتسمح هذه‬ ‫نصفه إنسان‪ ،‬ونصفه الآخر آلة‪ ،‬مما يجعله‬ ‫التقنية للآلة بالتعرف‪ ،‬بذاتها‪ ،‬على مفاهيم‬ ‫قادرا على الركض بسرعة أكبر‪ ،‬وعلى الإبصار‬ ‫ُمع ّقدة مثل الوجوه‪ ،‬والأجسام البشرية أو‬ ‫ليلا‪ ،‬وتح ّمل الألم‪ ،‬واكتساب قدرات ذهنية‬ ‫صور قطط‪ ،‬من خلال التدقيق في ملايين‬ ‫واسعة‪ ،‬ومقاومة المرض والموت‪ ...‬الإنسان‬ ‫الصور ال ُملتقطة من إنترنت‪ ،‬دون أن تكون‬ ‫«ال ُمر ّمم» أصبح واقعا‪ ،‬والأعضاء الاصطناعية‬ ‫المتصلة في تح ّسن ُمستمر‪ .‬وها أن الإنسان‬ ‫تلك الصور قد ت ّم توصيفها ُمسبقا من‬ ‫الخارق يُصبح شيئا فشيئا حقيقة‪ ،‬مع تطوير‬ ‫طرف الإنسان‪ .‬يعتمد التع ّلم العميق على‬ ‫هياكل عظمية خارجية ُمصطنعة تُستعمل‬ ‫دمج خوارزميات التع ّلم الآلي مع الشبكات‬ ‫العصبية الآلية* واستعمال البيانات الضخمة‪.‬‬ ‫لغايات عسكرية‪.‬‬ ‫وقد أحدث بذلك ثورة في الذكاء الاصطناعي‪.‬‬ ‫وله تطبيقات لا تُحصى‪ :‬محركات البحث‪،‬‬ ‫التشخيص الطبي‪ ،‬سيارات ذاتية القيادة‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫وبفضل هذه التقنية‪ ،‬تم ّكن حاسوب ألفا‪-‬‬ ‫غو سنة ‪ ،2015‬من التغ ّلب على الإنسان في‬ ‫لعبة‪ ‬الغو‪.‬‬ ‫تجميد أعضاء الجسم‬ ‫تقنية المحافظة‪ ،‬بعد وفاة شخص‪ ،‬على جسمه‬ ‫أو رأسه في مادة الأزوت السائل‪ ،‬بهدف بعثه‬ ‫للحياة من جديد في يوم ما‪.‬‬ ‫‪ 40‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زاوية كبرى‬ ‫شبكة عصبية شكلية‬ ‫وتعني كلمة خوارزميات اليوم سلسلة من‬ ‫وبذلك تتمكن الآلة من القيام باستدلالات‬ ‫التعليمات يُطالب الحاسوب بتطبيقها بصفة‬ ‫منطقية (على غرار الاستنتاج) تُم ّكنها من‬ ‫خوارزمي ُمع ّد للاستخدام من طرف حاسوب‪،‬‬ ‫ترتيب الكلمات في أصناف مختلفة ومن تحليل‬ ‫يهدف إلى تقليد الاتصالات العصبية للدماغ‪.‬‬ ‫آلية‪ .‬يت ّم استعمال الخوارزميات في كافة‬ ‫ورغم أن النُّظم الموجودة حاليا بسيطة ج ّدا‬ ‫المجالات‪ ،‬من الاستعلامات بواسطة محركات‬ ‫الجمل المعروضة عليها‪.‬‬ ‫بالمقارنة مع الذكاء البشري‪ ،‬إلا أنها قادرة‬ ‫البحث إلى البورصات المالية‪ ،‬مرورا بانتقاء‬ ‫على توقع سرعة السيارة اعتمادا على تح ّرك‬ ‫تهجين الإنسان والآلة‬ ‫د ّواسة السرعة ودرجة انحدار الطريق‪ ،‬أو‬ ‫المعلومات لتوصية مستخدمي الإنترنت‪.‬‬ ‫تحديد صلابة ما ّدة ما اعتمادا على مك ّوناتها‬ ‫عملية تسمح بالربط بين جسم الإنسان ونظام‬ ‫الكيميائية وحرارتها عند إعدادها‪ ،‬أو معرفة‬ ‫ذكاء اصطناعي ضعيف أو محدود ‪ /‬ذكاء‬ ‫تكنولوجي‪ .‬ويمكن أن يكون الربط هيكليا‪،‬‬ ‫قدرة مؤسسة على الوفاء بالدين اعتمادا على‬ ‫اصطناعي قوي أو عام‬ ‫مثل الذراع الاصطناعي ال ُمس ّي بإيعاز ذهني‪،‬‬ ‫رقم معاملاتها‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫أو افتراضيّا مثل غوغل غلاسز‪ ،‬وهي نظارات‬ ‫الذكاء الاصطناعي الضعيف أو المحدود‬ ‫تُس ّي بالصوت وتسمح لمعلومات أو صور‬ ‫ما بعد الإنسانية‬ ‫يتطابق مع الذكاء الاصطناعي الموجود حاليا‪:‬‬ ‫مختلفة بالظهور في ركن من الزجاجات إضافة‬ ‫يسعى أنصار هذه الحركة إلى الوصول‬ ‫هو مكون من آلات قادرة على تنفيذ بعض‬ ‫إلى نظرنا العادي‪.‬‬ ‫إلى وضع «ما بعد الإنسانية»‪ ،‬وذلك من‬ ‫المها ّم المضبوطة بشكل ُمستق ّل لكن دون وعي‪،‬‬ ‫خلال التخ ّلص من الإعاقة‪ ،‬والألم‪ ،‬والمرض‪،‬‬ ‫في إطار ُمح ّدد من طرف الإنسان وب َقرار منه لا‬ ‫حياة اصطناعية‬ ‫والشيخوخة‪ ،‬والموت‪ ،‬بفضل التظافر بين‬ ‫غير‪ .‬أما الذكاء الاصطناعي القوي أو العام فقد‬ ‫تكنولوجيات النانو‪ ،‬والتكنولوجيا الحيوية‪،‬‬ ‫يكون آلة لها وعي وإحساس‪ ،‬قادرة على تقديم‬ ‫حقل من البحث العلمي يضم اختصاصات‬ ‫والذكاء الاصطناعي والعلوم المعرفية‪ .‬وهم‬ ‫ح ّل لأ ّي نوع من المشاكل‪ :‬وهو‪ ،‬إلى ح ّد اليوم‪،‬‬ ‫مختلفة‪ ،‬يهدف إلى خلق نُظم اصطناعية‬ ‫يدعون إلى ممارسة الاستنساخ البشري‪،‬‬ ‫والواقع الافتراضي*‪ ،‬والتهجين بين الإنسان‬ ‫ضرب من الخيال‪.‬‬ ‫ُمستوحاة من النّظم الحيّة‪ ،‬في شكل برامج‬ ‫والآلة*‪ ،‬وتحميل العقل*‪ .‬أما ال ُمعارضون لهذه‬ ‫معلوماتية أو ُروبوتات‪.‬‬ ‫الحركة‪ ،‬فإنهم ينتقدون فيها التخمين المفرط‪،‬‬ ‫سحاب معلوماتي (كلاود)‬ ‫والتأسيس لروحانيات جديدة تُؤ ّله التقنية‪،‬‬ ‫خوارزميات‬ ‫وتخيّل «إنسان استثنائي» تستجيب مواصفاته‬ ‫نُظم معلوماتية ُمختلفة مكونة من عدد كبير‬ ‫من الحواسيب ال ُمتّصلة في ما بينها‪ ،‬تقوم بتبادل‬ ‫يعود أصل الكلمة إلى اسم عالم الرياضيات‬ ‫لمتطلبات تحسين النسل‪.‬‬ ‫الفارسي محمد بن موسى الخوارزمي (حوالي‬ ‫المعلومات بصفة آنية عبر الإنترنت‪ .‬وبهذه‬ ‫سنة ‪ 820‬م)‪ ،‬الذي يرجع له الفضل في اعتماد‬ ‫محافظ بيولوجي‬ ‫الطريقة‪ ،‬يمكن أن تتولى شبكة من الحواسيب‬ ‫ال ُمتصلة في ما بينها – التي تشكل هذا السحاب‬ ‫الترقيم العشري في الغرب‪.‬‬ ‫بالنسبة لدعاة ما بعد الإنسانية*‪ ،‬فإن كل‬ ‫المعلوماتي أو كلاود ‪ -‬عملية حسابية أو جملة‬ ‫من ينتقد مثالهم الأعلى للإنسان الخارق*‬ ‫هو بمثابة المحافظ البيولوجي‪ ،‬أي شخص‬ ‫من المعلومات ال ُمخ ّزنة من حاسوب آخر‪.‬‬ ‫رجعي يرفض تغيير قوانين الحياة والطبيعة‪،‬‬ ‫في الوقت الذي تسمح فيه (أو سوف تسمح)‬ ‫‪© enzozo / Shutterstock‬‬ ‫التكنولوجيا بذلك‪.‬‬ ‫واقع افتراضي انغماسي‬ ‫محيط افتراضي من تنظيم الحاسوب‪ ،‬يغوص‬ ‫فيه ال ُمستخدم بفضل أجهزة استشعار ُمختلفة‬ ‫(نظارات‪ ،‬تركيبة ح ّسية‪ ،‬الخ)‪ .‬وقد يثير‬ ‫الانغماس في الواقع الافتراضي اهتمام لاعب‬ ‫فيديو أو قائد طائرة في إطار تكوينه‪.‬‬ ‫واقع ُمع ّزز‬ ‫تراكب بين الواقع وعناصر افتراضية يتم ظبطه‬ ‫بواسطة نظام إعلامي آني (أصوات‪ ،‬صور‬ ‫ذات بُعدين أو ‪ 3‬أبعاد‪ ،‬فيديوهات‪ ،‬الخ)‪ .‬هذه‬ ‫التقنية ُمستعملة في ألعاب الفيديو وفي السينما‬ ‫(حيث يتفاعل المشاهد مع الأشياء الافتراضية‬ ‫بواسطة أجهزة استشعار)‪ ،‬ولكن أيضا في‬ ‫تحديد المواقع الجغرافية أو في مجال التراث‬ ‫(دير كلوني في فرنسا‪ ،‬مثلا‪ ،‬مجهز بعلامات‬ ‫تُب ّي الوضع الذي كانت عليه المدينة في القرن‬ ‫الخامس عشر)‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|41 2018‬‬

‫زوم‬ ‫زوم‬ ‫في بلاد توراجا‪ ،‬في جزيرة سولاويزي‬ ‫(أندونيسيا)‪ ،‬يتم تعليق قرون‬ ‫جاموسات على واجهات المنازل‬ ‫لتجسيد الأسلاف‪ ،‬وفي ذلك برهان‬ ‫على ثراء العائلة‪ .‬أما بوتري‪ ،‬فهي‬ ‫تحمل إرثها رمزيا‪.‬‬ ‫‪ 42‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زوم‬ ‫عبء الحياة‬ ‫تتسلق مانديبي جبل‬ ‫صور‪ :‬فلوريان دولاساي‬ ‫آنابورنا في النيبال‪ ،‬ناقلة‬ ‫حمولة تزن ‪ 50‬كلغ‪ ،‬وتبلغ‬ ‫نص‪ :‬سيبيل دورجيفال‬ ‫دون إرهاق‪ ،‬ارتفاع‬ ‫‪ 2500‬متر‪.‬‬ ‫على طول الطرق ال ُمعبّدة‪ ،‬وفي الثنايا الرملية‬ ‫اللامتناهية حيث يغيب الأفق في ضباب مثقل‬ ‫انطلق انجاز مجموعة «هاو متش كان يو‬ ‫اختارت فلوريان دولاساي الاتجاه المعاكس‬ ‫كري؟» من أثيوبيا سنة ‪ ،2012‬وامت ّد إلى‬ ‫للتصوير المعهود الذي يظهر الوجوه المحبطة‬ ‫بالحرارة‪ ،‬تسير أشباح غريبة الهيئة‪ .‬من‬ ‫أربع قارات‪ .‬وهي تضم الآن حوالي ستين‬ ‫والظهور ال ُمنحنية‪ ،‬لتتجاوز الصورة ال ُمبتذلة‬ ‫أفريقيا الشرقية إلى حدود جبال الهيمالايا‪،‬‬ ‫صورة من عشر دول‪ ،‬منها بوليفيا‪ ،‬والبرازيل‪،‬‬ ‫للعامل ال ُمنهك‪ .‬ومهما كان وزن الحمولة‪ ،‬يبقى‬ ‫تبدو أجسام الراجلين وكأنها مط ّولة بتراكم‬ ‫وأندونيسيا‪ ،‬واليابان‪ ،‬والنيبال ورواندا‪...‬‬ ‫أمتعة لا يمكن إدراك طبيعتها‪ ،‬خاصة لمن‬ ‫الرأس مرفوعا والابتسامة ُمشرقة‪ .‬وكأنهم‬ ‫يتجاوزها بسيارته وهو منشغل بالسياقة خوفا‬ ‫أرادوا ولو لبضع لحظات خلال التصوير‪،‬‬ ‫من دهسها‪ .‬وسواء كان الظهر مستقيما أو‬ ‫الاستهزاء من القدر المحتوم‪ .‬إن الحياة بحث‬ ‫ُمنحنيا بفعل الثّقل‪ ،‬يبقى الرأس مرفوعا‪ ،‬غير‬ ‫مستمر عن التوازن‪ ،‬وها أن صور فلوريان‬ ‫عابئ بالعربات المهتزة التي تتجاوزه بسرعة‬ ‫تأخذنا حيث لا وجود لجاذبية الأرض! ولما‬ ‫فائقة‪ .‬وكأنها تماثيل كارياتيد معاصرة!‬ ‫نتأ ّمل في كل هذه الأثقال المحمولة بابتهاج‪،‬‬ ‫لا‪ ‬يسعنا إلا أن نتخيّل ولو للحظة واحدة‪ ،‬أننا‬ ‫من وراء نافذة السيارة‪ ،‬من عالمنا المتسارع‬ ‫قادرون على التعامل مع أعبَائنا بشيء من‬ ‫الذي ينظر بكل احتقار لخطى الح ّمالين‬ ‫المزح‪ ،‬لنتخ ّلص من قليل من وزنها!‬ ‫البطيئة‪ ،‬نحن مجرد متفرجين على تلك الأعمار‬ ‫التي تتتالى أمام أعيننا‪ .‬غير أن فلوريان‬ ‫دولاساي‪ ،‬ال ُمص ّورة الر ّحالة‪ ،‬أبت إلا أن تقطع‬ ‫سيرها لتُخ ّصص بعض الوقت ل ُمقابلتهم‪ ،‬وها‬ ‫أنها تكتشف أن هؤلاء البهلوانيين يحملون أكثر‬ ‫بكثير من مج ّرد وعاء أو جرة أو كيس ملابس‪،‬‬ ‫بل أكثر بكثير م ّما يحتاجونه للبقاء على قيد‬ ‫الحياة‪ :‬هم يحملون عبء الحياة‪.‬‬ ‫وتحمل مجموعة الصور التي أنجزتها عنوان‬ ‫«هاو متش كان يو كري؟» (كم أنت قادر على‬ ‫حمله؟)‪ .‬وهي عبارة أرادتها بمثابة التح ّدي‪:‬‬ ‫«أرني ما أنت قادر على حمله! أرني من أنت!»‪.‬‬ ‫وتتساءل ال ُمص ّورة الفرنسية بدعابة وعمق‪:‬‬ ‫هل يُص ّدق أن تكون فتاة صغيرة قادرة على‬ ‫حمل ألواح خشبية يعلوها جد ٌي؟ هل نحن‬ ‫أقوى م ّما نعتقد؟ هل أن هذه الأمتعة منصوبة‬ ‫على رؤوسهم أم هي نابعة منها‪ ،‬وكأنها تعبير‬ ‫عن لاوعي‪ ،‬وكأن «الظاهر» يص ّور لنا فجأة‬ ‫«الباطن»؟ هل أن هذه الأكوام من القرون التي‬ ‫تحملها بوتري على رأسها في أندونيسيا‪ ،‬والتي‬ ‫ترمز للجاه والثراء‪ ،‬هي واقع أم خيال؟ هل‬ ‫وضعها الأسلاف لينقلوا لها تلك الحمولة؟ أم‬ ‫أنها انبثقت عن دماغ وا ٍع بمسؤولياته المقبلة؟‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|43 2018‬‬

‫زوم‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫يحمل فريدي الماء إلى جزيرة إيسلا دال سول‪،‬‬ ‫الواقعة وسط بحيرة تيتيكاكا (بوليفيا)‪ ،‬وهي جزيرة‬ ‫تكاد أن تكون خالية من الماء الصالح للشراب‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫في النيبال‪ ،‬تحمل دوكاليا سريرا من الخيزران‪ ،‬وهو‬ ‫سريرها الذي سوف يأوي جسمها عندما يُصبح‬ ‫ُمنهكا بفعل الشيخوخة‪ ،‬ولما توافيها المنية‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫تستع ّد الطفلة الأثيوبية آرو للسير على الأقدام لبضع‬ ‫ساعات لتستبدل ماعزا وشيئا من الخشب ببعض‬ ‫المواد الضرورية‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ينتمي غالي إلى قبيلة هامر في وادي أومو في جنوب‬ ‫أثيوبيا‪ .‬ينقل غالي الماء‪ ،‬وهو مضطر مثل غيره من‬ ‫ناقلي الماء على حمل السلاح نظرا لندرة الماء في تلك‬ ‫المنطقة‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪ 44‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زوم‬ ‫‪4‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|45 2018‬‬

‫زوم‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ 46‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زوم‬ ‫‪32‬‬ ‫‪1‬‬ ‫في قرية صغيرة برواندا‪ ،‬يمتلك قاسم متجرا صغيرا‬ ‫يبيع فيه أمتعة ُمتن ّوعة‪ ،‬منهاحقائب تغذي أحلامه‬ ‫بسفر لن يتحقق‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫يحمل نوناتو‪ ،‬وليد قرية صيادين قرب فورتاليزا‬ ‫بالبرازيل‪ ،‬رفوفا لصيد جراد البحر‪ ،‬بعد أن تقلص‬ ‫صيد سرطان البحر‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫في جزيرة سولاويزي (أندونيسيا)‪ ،‬تبيع ساري ونيفاه‬ ‫جوز الهند للسياح العطاشى‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫قضى يوزوكي كامل حياته في حوض لبناء السفن في‬ ‫أونوميشي‪ ،‬وهي مدينة مرفئية تُط ّل على بحر سيتو‬ ‫الداخلي باليابان‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|47 2018‬‬

‫زوم‬ ‫يحمل تامرو‪ ،‬والد‬ ‫آرو (ص‪ )44.‬وأفتام‬ ‫(ص‪ ،)49.‬روث البقر‬ ‫ال ُمج ّفف لاستعماله لوقاية‬ ‫منزله من الح ّر و البرد‪.‬‬ ‫‪ 48‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬

‫زوم‬ ‫أفتام‪ ،‬شقيق آرو الأصغر‪،‬‬ ‫(ص‪ ،)44 .‬سوف يسير‬ ‫هو أيضا على الأقدام لوهلة‬ ‫طويلة حتى يصل إلى السوق‬ ‫لاستبدال حيوانه بشيء من‬ ‫القمح‪.‬‬ ‫رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|49 2018‬‬

‫أفكار‬ ‫أفكار‬ ‫بترخيص كريم من سونودا آرتي ‪© Juan Roberto Diago /‬‬ ‫ها أنا (تقنيات مختلطة)‪ ،2014 ،‬عمل‬ ‫للفنان الكوبي خوان روبرتو دياغو‬ ‫‪ 50‬رسالة اليونسكو • يوليو ‪ -‬سبتمبر ‪|2018‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook