Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore العدد 425 - سبتمبر 2017 م

العدد 425 - سبتمبر 2017 م

Published by muazsidahmed, 2021-12-26 08:55:07

Description: العدد 425 - سبتمبر 2017 م

Search

Read the Text Version

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫ألن هذه �أمور محرمة �ش��رع ًا‪ ،‬والعلاج بعقد النكاح عقد ًا‬ ‫في الطلاق الرجعي �أثناء العدة‪ ،‬ولهذا حرم الطلاق ثلاث ًا‬ ‫�صحيح ًا‪ ،‬لا تحليل فيه ولا متعة‪.‬‬ ‫في الحي���ض م�ع وقوعه‪ ،‬وجعلت المطلق�ة الرجعية في أ�ثناء‬ ‫عدته�ا‪ ،‬لها ما للزوج�ات‪ ،‬وعليها ما عل�ى الزوجات‪ ،‬عدا‬ ‫و�أخ�ير ًا ينبغ�ي في العلاقة الزوجية التوفي�ق بين الرغبات‬ ‫أ�ن�ه لا ق�س�م له�ا‪ ،‬ومن أ��س�باب الط�لاق التدلي��س و�إخفاء‬ ‫والمتطلب�ات والت�وازن بين الحقوق والواجب�ات‪ ،‬مع تقديم‬ ‫عي�وب أ�ح�د الزوجين عن ا آلخر عند العق�د كوجود عيوب‬ ‫الم�صال�ح الزوجيه على ما�س�واها‪ ،‬فالزوجان لب��س و�س�تر‬ ‫خلقي�ة خفية‪ :‬يتعمد أ�حد الزوج�ين �أو ا ألهل �إخفاءها عن‬ ‫لبع�ضهم�ا فينبغ�ي أ�ن ي�ص��ان هذا ويحفظ وتحل الم�ش��اكل‬ ‫ا آلخر‪ ،‬ومنها ظاهرة �صبغ ال�ش��عر بال�سواد و إ�خفاء حقيقة‬ ‫�إن وج�دت بينهم�ا دون تدخل خارج�ي قدرا إلمكان‪ ،‬وعلى‬ ‫العم�ر أ�و ا ألمرا���ض الت�ي يع�اني منه�ا �أح�د الزوجين قبل‬ ‫كل �ش��خ�ص أ�ن ي�س�عى للخ�ير وال�ص�لاح‪ ،‬و أ�ن يحب ألخيه‬ ‫ال�زواج وه�ي م�س�تديمة‪ ،‬وه�ذا يتطل�ب ال�ص��دق وا ألمانة‬ ‫الم�س�لم م�ا يح�ب لنف�س�ه‪ ،‬و أ�ن يع�رف مال�ه وم�ا عليه من‬ ‫والبي�ان‪ ،‬لأن الر�س�ول ﷺ ق�ال‪« :‬م�ن غ���ش فلي��س منا»‪،‬‬ ‫حق�وق وواجبات‪ ،‬و أ�ن ي ؤ�ديها من منطل�ق العبادة والتقوى‬ ‫ونهى ﷺ عن الغرور والخديعة والتدلي�س‪ ،‬وقرر الفقهاء‪:‬‬ ‫والبع�د ع�ن ا إلث�م والع�دوان‪� ،‬إذا تم هذا �صلح�ت البيوت‬ ‫أ�ن العي�وب الم ؤ�ث�رة كالج�ذام والبر���ص والإي�دز يثبت بها‬ ‫وا�س�تقامت‪ ،‬وعدمت الم�شاكل الزوجية وم�سببات الطلاق‪،‬‬ ‫الف�س�خ بالطل�ب‪ ،‬وم�ن ا أل�س�باب إ�تم�ام الن�كاح على وجه‬ ‫وح�ل محله�ا الح�ب والوئ�ام والم�ودة وال�س�عادة والهن�اء‪،‬‬ ‫منه�ي عنه �ش��رع ًا‪ ،‬كالزواج بني�ة التحليل وكن�كاح المتعة‪،‬‬ ‫ووجد المواطن ال�صالح والن�شء ال�صالح‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫قضية العدد‬ ‫الإيدز ‪ ..‬معاناة نفسية‬ ‫واجتماعية‬ ‫الأمن والحياة ‪..‬تدخل العالم السري لمرضى الإيدز ‪ ..‬وتنقل‬ ‫من أحد مراكز العلاج قصصًا وحكايات من أرض الواقع‬ ‫مرضى الإيدز يواجهون آلام المرض ويعانون من وصمات‬ ‫العار الاجتماعي‬ ‫تحقيق‪� :‬شيماء المليجي‬ ‫من أ�خطر الأمرا�ض الع�صرية التي تعاني منها مجتمعاتنا الب�شرية مر�ض الإيدز الذي �أ�صبح ينت�شر‬ ‫بين المجتمعات مثل انت�شار النار في اله�شيم‪ ،‬هناك دول تتف�شى فيها الرذيلة‪ ،‬وتنت�شر فيها ا ألمرا�ض‬ ‫الجن�سية بفعل �إباحية مطلقة وبفعل حرية لا حدود لها ‪ ..‬و�إلى هذه الدول التي تتف�شى فيها‬ ‫المخدرات يتوجه الكثيرون من ال�شباب بحث ًا عن ملذاتهم وخا�صة في الإجازات ال�صيفية‪ ،‬فمنهم من‬ ‫يعود حامل ًا معه الإدمان‪ ،‬ومنهم من يعود حامل ًا فيرو�سات الموت و أ�خطرها فيرو�س الإيدز فينقل هذا‬ ‫المر�ض �إلى أ�فراد عائلته‪ .‬بيد أ�ن هذا المر�ض قد يكون موجودا لدى ال�سائحين وال�سائحات الذين‬ ‫يفدون إ�لى بلادنا للتمتع بالطبيعة والمواقع ا ألثرية في�سهمون في زرع هذا المر�ض وخا�صة لدى‬ ‫�أولئك الذين يعملون معهم كالمر�شدين ال�سياحيين وال�سائقين‪.‬‬ ‫وللتعرف على خفايا ه ؤ�لاء المر�ضى وعالمهم ال�سري المعقد قامت ا ألمن والحياة بجولة داخل‬ ‫أ�حد مراكز علاج ا إليدز والتقت مع عدد من المر�ضى ذكور ًا و�إناث ًا واطلعت على كيفية إ��صابتهم‬ ‫ب�أمرا�ض ا إليدز والتي كان معظمها ب�سبب العلاقات الجن�سية ‪ ...‬وبعد الالتقاء بعدد من ه�ؤلاء كان‬ ‫للأمن والحياة لقاء مع عدد من المتخ�ص�صين في هذا المر�ض �إلى جانب عدد من الأطباء النف�سيين‬ ‫والخبراء الاجتماعيين الذين و�صفوا �صورة كاملة عن هذا المر�ض وخفاياه وما يكتنفه من م�شاكل‬ ‫و�صعوبات في العلاج ت�ستدعي التوقف بحث ًا عن الحلول‪.‬‬ ‫‪54‬‬

55

‫قضية العدد‬ ‫الدكتور مؤمن علي ‪ ..‬جامعة عين شمس‬ ‫المجتمع يرفض تقبل مريض الإيدز ويصفه بوصمات سيئة تدفع به إلى‬ ‫الانعزال عن محيطه الاجتماعي‬ ‫الدكتور إيهاب الخراط ‪..‬مدير برنامج الحماية من الإدمان‬ ‫والإيدز‬ ‫قد ينتقل الفيروس من الأم إلى طفلها أثناء فترة الحمل أو عند الولادة أو‬ ‫خلال الرضاعة‬ ‫دكتورة حنان فكري‬ ‫الالتهاب الناجم عن فيروس نقص المناعة البشري ينقسم إلى ثلاث مراحل‬ ‫تزداد شدة مع الوقت‬ ‫الدكتور أحمد بديوي ‪..‬منظمة الصحة العالمية‬ ‫الفترة الفاصلة بين اكتساب الفيروس وتشخيص المرض قد تستغرق فترة‬ ‫تتراوح بين ‪ 10‬أعوام و‪ 15‬عامًا‬ ‫الدكتور يحيى عبدالحي ‪ ..‬مستشفى الحميات‬ ‫لا يوجد علاج يكفل الشفاء من فيروس العوز المناعي البشري غير أنه‬ ‫يمكن إبطاء تطور الفيروس داخل الجسم على نحو يوحي بتوقف نشاطه‬ ‫الدكتورة سامية خضر ‪ ..‬جامعة عين شمس‬ ‫نظرة المجتمع إلى مرضى الإيدز على أنهم فئة منبوذة يجب عدم الاختلاط‬ ‫بهم أدت إلى زيادة معاناتهم نفسيًا واجتماعيًا‬ ‫‪56‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫الم�شاركون في الحوار‬ ‫الدكتور إ�يهاب الخراط‬ ‫�أ�ستاذ دكتور احمد محمد بديوي‬ ‫ا�ست�شارى الطب النف�سي مدير برنامج الحرية من الإدمان وا إليدز‬ ‫أ��ستاذ امرا�ض الدم والمناعة‬ ‫دكتور م�ؤمن علي‬ ‫الدكتورة �سامية خ�ضر‬ ‫أ��ستاذ علم الاجتماع جامعة عين �شم�س‬ ‫أ��ستاذ علم ا إلجتماع بكلية التربية جامعة عين �شم�س‬ ‫دكتورة حنان فكري‬ ‫دكتور يحيى عبد الحي‬ ‫�أ�ستاذ المناعة ونق�ص الدم‬ ‫�أ�ستاذ �أمرا�ض الدم بم�ست�شفى الحميات‬ ‫‪57‬‬

‫قضية العدد‬ ‫طريق‬ ‫اتلقعوائللة«بف�كسامنة»زوا‪25‬ج ًاعاتمقًاليتديع ًار‪،‬فوتكانعلزىوجزويجيعيملعفني‬ ‫مجال‬ ‫ال�سياحة مدير ًا لإحدى القرى ال�سياحية بالغردقة وكان‬ ‫على علاقات مختلفة من �أجنبيات من جن�سيات مختلفة‪،‬‬ ‫وهو أ�مر لم �أعرفه إ�لا بعد زواجنا‪ ،‬لم يخطر ببالي أ�ن‬ ‫هذه العلاقات غير الم�شروعة تركت آ�ثارها عليه‪ ..‬وكانت‬ ‫الطامة الكبرى ب أ�نني اكت�شفت بعد مرور �ستة �شهور على‬ ‫زعولااجمايت�إ ا�لصماربة�ضزووجخي�بضمعرت� تضلاقالإئيي ًدازلفحيحث�بصد�أ�أثتبتتظ�إه�رصاعبلتييه‬ ‫بهذا المر�ض‪ ،‬ف أ�ح�ست بظلم أ�ثقل كاهلي‪ ،‬وتقول في هذا‬ ‫ال�صدد ‪�»:‬أح�س�ست بظلم كبير وقع علي وكانت أ�ول �سنة من‬ ‫حياتي في غاية ال�صعوبة وقد وجهت اللوم لزوجي لأنه لم‬ ‫ي�صارحني بحقيقة مر�ضه الذي اكت�شف بعد حين‪ ،‬لقد كان‬ ‫عدد ا أل�شخا�ص الذين �صارحتهم ب�سمة بحقيقة مر�ضها‬ ‫عدد ًا محدود ًا فهي لا ترغب ب أ�ن يكت�شف ا آلخرون حقيقة‬ ‫بلايلم�س�صاخبجال ًاجتممانعاي ًالإ‪�،‬وصتابقوةلب‪:‬ل«ممجنتموع�نصامةم اجلتعماعر اظلاتليم‬ ‫ا ألمر‬ ‫تلحق‬ ‫حتى أ�نا لو لم أ�كن م�صابة وعلمت بفتاة تحمل ذات المر�ض‬ ‫�س أ�نبذها و أ�تعامل معها ب�شيء من ال�سوء»‪.‬‬ ‫وا�صلت ب�سمة حياتها ب�شكل طبيعي بعد وفاة زوجها ف أ�كملت‬ ‫تفكينااللإجا�صماعبةةببتالمقردي�رضمعامئتاق ًاز�أوماهميا�مساتزمالراتر‬ ‫تعليمها وتخرجت‬ ‫تتلقى العلاج ‪ ،‬فلم‬ ‫حياتهاك أ�يفتاةغيرم�صابة‪-‬كماروت‪ -‬وفينهايةحديثها‬ ‫معي قدمت ب�سمة ن�صيحة للمقبلين على الزواج‪ ،‬حثتهم على‬ ‫الخ�ضوع لعمل فح�ص طبي م�سبق لمر�ض الإيدز على غرار‬ ‫فح�ص الثلا�سيميا حتى يدخلوا لحياة زوجية دون �أمرا�ض‪،‬‬ ‫م�شددة على �أن ا�سم المر�ض �صعب‪ ،‬وحتى الكلمة عندما‬ ‫تلفظها �صعبة جد ًا ومن �سي�صبر على الزواج ل�سنوات عليه‬ ‫ان ي�صبر لنتائج الفح�ص‪.‬‬ ‫ج�سمه حتى و�صل وزنه �إلى �أقل من ‪ ٤٠‬كيلو جرام ًا‪ ،‬دخل‬ ‫«حادث سير»‬ ‫م�ست�شفى حميات الزقازيق للحجز و إ�جراء التحاليل اللازمة‬ ‫فبعد �أن تعر�ض لحادث �سير وهو في طريقه �إلى المدر�سة نقل‬ ‫عبد الرحمن ‪ 35‬عاما وهو مدر�س أ�ول لغة إ�نجليزية‪،‬‬ ‫إ�لى الم�ست�شفى في حالة �إعياء �شديد وتم نقل دم �إليه وبعد‬ ‫واختير مدر�ًسا مثال ًيا على م�ستوى الجمهورية لمدة ‪٦‬‬ ‫أ�ن تماثل لل�شفاء وخرج من محنته قرر �أن يتبرع بالدم من‬ ‫فترة لأخرى على �سبيل م�ساعدة الم�صابين‪ ،‬وكان في هذا‬ ‫�سنوات متتالية‪.‬‬ ‫الوقت يتردد للتبرع بالدم للمراكز المتخ�ص�صة‪ ،‬ورغم �أنه‬ ‫بد�أت أ�عرا�ض المر�ض تظهر على ملامح وجهه و أ�جزاء‬ ‫‪58‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫وي�ضيف وبعد خروجي من الم�ست�شفى وتقديمي �أوراق الت أ�مين‬ ‫ال�صحي‪ ،‬التي تثبت الحادث والعلاج‪ ،‬علمت ب إ�قالتي بحجة‬ ‫انقطاعي عن العمل‪.‬‬ ‫وبقيت في منزلي لمدة عام دون أ�ن أ�تكلم مع �أحد �سوى نف�سي‬ ‫فزوجتي تركتني وقررت الدخول في عالم العزلة والانقطاع‬ ‫عن النا�س بعد �أن وجدت الأنظار موجهة إ�لي على �أنني مجرم‬ ‫بسمة «‪ 25‬عامًا»‬ ‫لكنني قررت أ�ن أ�خ�ضع للعلاج والتردد على مراكز والتعرف‬ ‫على م�صابين بهذا المر�ض وبد أ�ت عمل ًا جديد ًا كمندوب �أقوم‬ ‫نقلت الإيدز من‬ ‫يب�خسيدرم«ةمالمحم�دص»ابيمتنكوئنًا�عصلحىهامل‪.‬جدار‪ ،‬لي�صل بم�شقة إ�لى �سريره‪،‬‬ ‫زوجي أثناء عمله مع‬ ‫ليهحافويلععنببث ًرا‬ ‫ال�سرير المقابل‬ ‫ترقد زوجته «�سمر» على‬ ‫بينما‬ ‫سائحات ‪ ...‬ونصيحتي‬ ‫العبا�سية‪ .‬لكنه‬ ‫المناعة بم�ست�شفى حميات‬ ‫نق�ص‬ ‫للمقبلين على الزواج‬ ‫موا�ساتها‪ ،‬وهي ب�صعوبة تبلع لعابها وتربت على كتفيه‪.‬‬ ‫محمد ا ألربعيني‪ -‬الذي يبدو ل�شحوب وجهه وهزاله �أنه تجاوز‬ ‫إجراء فحص طبي‬ ‫ال�سبعين‪ -‬يت�شارك مع زوجته الإ�صابة بفيرو�س “الإيدز”‬ ‫مسبق لمرض الإيدز‬ ‫منذ ثلاث �سنوات‪ ،‬حتى ا�ست�سلامها �أمام هجمات المر�ض‬ ‫في يناير ‪ ،2006‬ي�شتبه محمد في �أن نقل دم ملوث لزوجته‬ ‫يترك جميع بياناته أ�ثناء التبرع‪� ،‬إلا أ�ن �أحد ًا لم يخبره ب أ�ن‬ ‫في الم�ست�شفى العام كان وراء إ��صابتها ثم انتقال العدوى �إليه‪.‬‬ ‫دمه إ�يجابي بالفيرو�س �إلا بعد ‪� ٩‬سنوات‪ ،‬وبال�صدفة ي�سرد‬ ‫لك ّنه لم ي�ستطع إ�ثبات ذلك‪ ،‬بعد حفظ المح�ضر الذي تقدم به‬ ‫عبدالرحمن واقعته فيقول عندما رجعت للمدر�سة‪ ،‬وعند‬ ‫إ�لى ق�سم �شرطة ا ألربعين في ال�سوي�س لعدم قدرته على �إثبات‬ ‫دخولي إ�لى الف�صل‪ ،‬قام الطلاب بتركي بطريقة جعلتني‬ ‫واقعة نقل الدم‪.‬‬ ‫�أ�شعر أ�نى و�صمة عار عليهم‪ ،‬وفوجئت بقرار من مدير‬ ‫ويتابع محمد قوله كان لا بد �أن �أ�ست�سلم للأمر الواقع ويتابع‬ ‫المدر�سة بنقلي �إلى مدر�سة بمحافظة �أخرى بعيدة‪ ،‬حتى بد�أ‬ ‫محمد قوله فعلى مدار عامين وبالتحديد‪ ،‬ف�شلنا في �صرف‬ ‫جرعة الدواء المخ�ص�صة بانتظام في الموعد المحدد �شهري ًا‪.‬‬ ‫التفكير والتوهان يتملكني‪.‬‬ ‫من‬ ‫�أتمكن‬ ‫عل ّني‬ ‫اعللىجرالعمة�ساتل��ششفهىريةأ�‪�،‬سبموتكعبياد ًا‬ ‫وكنت �أتردد‬ ‫من‬ ‫ال�سفر‬ ‫م�شقة‬ ‫الح�صول على‬ ‫�إقامتي بمدينة ال�سوي�س لكن الدواء كان يت أ�خر لعدة أ��سابيع‬ ‫ما أ�دى �إلى تدهور �صحتنا �أنا وزوجتي ‪.‬‬ ‫لم أ�عد قادر ًا على القيام بوظيفتي كعامل نظافة في مدر�سة‬ ‫حكومية‪ ،‬فكنت م�ضطر لإر�سال ابني «ه�شام» ذي الخم�سة‬ ‫ع�شر عام ًا للعمل في مطعم م�أكولات لإعالة الأ�سرة المكونة‬ ‫من ا ألبوين وخالد وطفلة في العا�شرة‪ .‬تعي�ش هذه ا أل�سرة على‬ ‫معونة حكومية لحاملي فيرو�س الإيدز‪.‬‬ ‫«فريدة �إبراهيم محمد» متزوجة‪ ،‬و أ�م لأربعة من ا ألبناء‬ ‫ن�صفهم ذكور والن�صف ا آلخر �إناث‪ ،‬ت�سكن مدينة الغردقة‬ ‫انتابتها آ�لام مبرحة في بطنها نقلت على اثرها إ�لى الم�ست�شفى‬ ‫‪59‬‬

‫قضية العدد‬ ‫حيث أ�فاد الت�شخي�ص أ�نها تعاني من ح�صوة في الكبد ما‬ ‫ي�ستدعي التدخل الجراحي‪ ،‬بد�أت الا�ستعدادات ألجراء‬ ‫العملية فكانت نتيجة الفح�ص المعملي �أن ن�سبة دمها (‪)52‬‬ ‫عبدالرحمن «‪35‬عاما»‬ ‫وهي ن�سبة �ضعيفة لأجراء العملية‪ .‬وعلى الفور تبرع �شقيقها‬ ‫وابن خالها بدمهما لها ولكن تجرى العادة �أن ينقل دم غير‬ ‫تعرضت لحادث‬ ‫الدم الذي تم التبرع فيه مع احتمال اختلاف الف�صيلة‪ ،‬وتم‬ ‫مروري وتم حقني‬ ‫نقل زجاجتي دم لها‪ ،‬وكانت ف�صيلة الدم (‪)O + P‬‬ ‫بدم ملوث أدى إلى‬ ‫بداية الم أ��ساة‪ .‬غادرت فريدة الم�ست�شفى وعادت �إلى البيت‬ ‫للراحة وتناول الطعام والفواكه ح�سب و�صية الطبيب‪ ،‬وعندما‬ ‫إصابتي بالإيدز‬ ‫�أح�ست بال�صحة والعافية تدب في ج�سدها لم تراجع الطبيب‬ ‫مرة أ�خرى‪ ،‬وبعد مرور اكثر من خم�سة ا�شهر على نقل الدم‬ ‫لها بد أ�ت تنتابها �أعرا�ض غريبة كالحمى وعرق كثير �أثناء‬ ‫�ساعات الليل وا�ستفراغ م�ستمر‪.‬‬ ‫بد�أت فريدة وزوجها رحلة المعاناة والآلام فهما لم يتركا‬ ‫طبيب ًا إ�لا وطرقا بابه بحث ًا عن العلاج‪ ،‬ومن طبيب باطنية �إلى‬ ‫طبيب عظام إ�لى طبيب أ�مرا�ض ن�ساء وتوليد حتى ا�ستقر بهم‬ ‫المطاف �إلى إ�جراء بع�ض الفحو�صات في أ�حد المعامل الطبية‬ ‫حيث جاءت النتيجة انه لا يوجد التهاب في الكبد و إ�نما‬ ‫مجرد التهاب عادي في المرارة وقد زال با�ستعمال الم�ضادات‬ ‫ما يعني �أن ت�شخي�ص المر�ض منذ البداية لم يكن‬ ‫ا�لصححييويحةًا‪.،‬‬ ‫زوجها اكثر من أ��سبوع كامل بد أ�ت بعدها �صحتها في التدهور‪،‬‬ ‫فرحت فريدة بنتيجة التحاليل وعادت �إلى البيت‬ ‫فحزمت �أمرها لمقابلة الطبيب وبعد اطلاع الطبيب على نتيجة‬ ‫وهي �سعيدة بنتائج الفحو�صات‪ ،‬ولم يم�ض وقت طويل على‬ ‫الفح�ص رفع عينيه إ�ليها وهو ينظر بازدراء قائل ًا‪� :‬س أ�كتب لك‬ ‫تلك الفرحة حتى عادت �إلى ذلك الطبيب لتخبره بتزايد‬ ‫رو�شته ل�شراء الدواء وهذا الدواء غا ٍل‪.‬‬ ‫الآلام والم�ضاعفات عليها‪.‬‬ ‫ا�ستغربت فريدة من حديث الطبيب و�صاحت فيه وهي ت�س أ�له‬ ‫طلب منها الطبيب أ�ن تذهب وتجري الفح�ص والتحاليل‬ ‫بماذا �أنا م�صابة؟ قال لها ا�س�ألي نف�سك «م�ش انتى اللي‬ ‫بكل أ�نواعها وفي كل مرة كان يطلب منها عينة من دمها حتى‬ ‫جبتيه لنف�سك» أ�نت عندك إ�يدز‪.‬‬ ‫ا�ستبد بها القلق وخامرها إ�ح�سا�س عميق أ�نها م�صابة بمر�ض‬ ‫�أ�صيبت فريدة بحالة ه�ستيريا و أ��صبحت تبكي وت�صرخ‪..‬‬ ‫(ال�سرطان)‪.‬‬ ‫�صرخ فيها الطبيب قائل ًا مهما �صرخت فكل ما تقومين به غير‬ ‫زوجها الذي ذهب لي�ستلم النتيجة وجدها مغلفة بال�شمع‬ ‫(‪� )20‬سنة‬ ‫تزوجت وعمري‬ ‫وملاج ٍاد‪.‬عرقالفترلجهل ًكايغفيترقزوولجهيذا‪،‬ه أ�ذناا‪.‬‬ ‫ا ألحمر‪ ،‬حمل النتيجة وذهب إ�لى الطبيب الذي قال له‬ ‫إ�لى زوجها‬ ‫التفت الطبيب‬ ‫زوجتك مري�ضة بمر�ض لا ينتقل عن طريق ا ألكل أ�و ال�شراب‬ ‫وهو ي�س أ�له‪:‬‬ ‫ولكن ينتقل عن طريق الجن�س فلا تقربها ولتبعدوا فر�شاة‬ ‫ماذا عن طبيعة عملك؟ ف أ�جاب‪ :‬مر�شد �سياحي‪� :‬سائق‪ ،‬فقال‬ ‫أ��سنانها عن باقي فر�ش أ�فراد ا أل�سرة‪.‬‬ ‫له الطبيب أ�نت تتقابل يومي ًا مع �سائحات و أ�جنبيات؟ ف�أجابه‬ ‫رجع الزوج وهو يحمل نتيجة الفح�ص في جوف جيبه وعلامات‬ ‫نعم! قال له‪ « :‬أ�نت اللي جبت لها المر�ض ده»‪ ،‬ف أ�جاب الزوج‪:‬‬ ‫ا إلحباط بادية على مظهره‪� ،‬س أ�لته فريدة وهي ت�ضحك قائلة‪:‬‬ ‫�أنا واثق من نف�سي ولا �أعمل حاجة غلط‪ ،‬كان هذا الحوار يدور‬ ‫(�أها‪ ...‬عندي‪� ..‬سرطان ولا �إيه ) رد عليها زوجها (�أبد ًا‪...‬‬ ‫�أمام زوجته التي ارتفع �صوت نحيبها وبكائها و�صبت جام‬ ‫�ستتعالجين ب�إذن الله)‪ .‬ظلت نتيجة الفح�ص قابعة في جيب‬ ‫‪60‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫فيفقد �أ�صحابه و أ�هله وربما �شريك حياته ويفقد م�صادر‬ ‫الدعم الاجتماعي التي هو بحاجه لها بعد الإ�صابة أ�كثر من‬ ‫أ�ي وقت م�ضى غير ذلك قد ي�ساء للم�صاب في المعاملة‪ ،‬ويتم‬ ‫الا�ستهزاء به‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف « نتيجة لما �سبق ت أ�تي م�شكلة الخوف من التبليغ عن‬ ‫الإ�صابة بالمر�ض وبالتالي يفقد المري�ض فر�ص العلاج إ�ذا ما‬ ‫تم اكت�شاف الإ�صابة»‪.‬‬ ‫ولفت م ؤ�من إ�لى �أن بع�ض الحالات التي قابلها عبر الهاتف‬ ‫قد تقبلت المر�ض وتعاي�شت معه وت�صر على موا�صلة الحياة‬ ‫فبع�ضهم يعمل في �شركة والبع�ض مقبل على الزواج والبع�ض‬ ‫لديه �شركة يديرها والبع�ض الآخر من�سحب بحكم الواقع‬ ‫والمجتمع وال�صدمة التي ت�سيطر عليهم‪.‬‬ ‫ويقول الدكتور إ�يهاب الخراط‪ ،‬ا�ست�شاري الطب النف�سي‬ ‫مدير برنامج الحماية من ا إلدمان والإيدز‪ ،‬إ�ن حالات الإ�صابة‬ ‫المكت�شفة با إليدز في م�صر تتراوح بين ‪ ١‬و‪ ٪٢‬من والحالات‬ ‫الفعلية ي�صيب هذا الفيرو�س خلايا الجهاز المناعي ويت�س ّبب‬ ‫بهذا‬ ‫الإ�صابة‬ ‫تودظهاوئرفهاال أ�جوهاتزع اطليملناهاع‪.‬يويتندجريمجيعًا‪،‬ن‬ ‫في تدمير‬ ‫�إلى‬ ‫ّما ي�ؤدي‬ ‫اعتبار‬ ‫ويمكن‬ ‫الفيرو�س‬ ‫الجهاز المناعي‬ ‫مكافحة‬ ‫دوره في‬ ‫املإعو�زص ًاابعةند«بمااليععوزجزالمعنانعأ�ديا»‪.‬ء‬ ‫العدوى والمر�ض‪.‬‬ ‫و ُتعرف أ�نواع العدوى المرتبطة بالعوز المناعي الوخيم «ب�أنواع‬ ‫غ�ضبها على زوجها بعد أ�ن �سمعت اتهامات الطبيب له وم�ضت‬ ‫العدوى الانتهازية» أل ّنها ت�ستغل �ضعف الجهاز المناعي‪.‬‬ ‫تقول له‪� :‬أنت ال�سبب مر�ضتني ومر�ضت العيال‪.‬‬ ‫وي�ستكمل حديثه قائل ًا ب�ضرورة التعرف على الإيدز فيقول �إنه‬ ‫بعد هذه اللقاءات ‪ ...‬ف إ�ن هناك الكثير من الت�سا ؤ�لات‪.‬‬ ‫(ا إليدز) تعبير ي�شير �إلى �أ�ش ّد‬ ‫ممترلااحزلمةالالععدووزىالمتنقادعم ًيا‪،‬المو ُتكتع�رسبف‬ ‫ما هو مر�ض ا إليدز؟ ‪..‬ماهي �أعرا�ضه؟ ما هي أ��سبابه؟ وما‬ ‫تلك المراحل بظهور أ� ّي واحد‬ ‫هو حجم انت�شاره؟‬ ‫من أ�نواع العدوى الانتهازية التي يتجاوز عددها ‪ 20‬عدوى أ�و‬ ‫الأمن والحياة طرحت هذه الم�شكلة على عدد من المخت�صين‬ ‫أ�نواع ال�سرطان الناجم عن الإ�صابة بفيرو�س الإيدز‬ ‫وكانت البداية مع الدكتور م ؤ�من علي �أ�ستاذ علم الاجتماع‬ ‫وتكمن خطورة فيرو�س نق�ص المناعة الب�شري في �إ�ضعاف‬ ‫جامعة عين �شم�س الذي �أو�ضح أ�ن المجتمع يرف�ض تقبل مري�ض‬ ‫جهاز المناعة لدى الإن�سان‪ ،‬وبالتالي يجعل الج�سم أ�ق ّل كفاء ًة‬ ‫أ�ييجع�شليمءريآ��خضر‪،‬الإميؤ�دكزد ًايمميلن‬ ‫الإيدز وي�صفه بالو�صمة ال�سيئة‪ ،‬ما‬ ‫فعينردوم�اس ّييًةت‪،‬و ّقأ� ّماف‬ ‫أ�كانت فطر ّي ًة �أم‬ ‫فمير�مضحاار إلبيةدازل‪،‬جفر ُياثعيرمف�سبو�أاّنًءه‬ ‫إ�لى الانعزال عن محيطه أ�كثر من‬ ‫متلازمة تحدث‬ ‫خلال أ�بحاثه أ�ن �سبب نقل العدوى للمر�ضى كانت عن طريق‬ ‫الج�سم ب�شكل كامل عن القدرة على محاربة ا ألمرا�ض‪ ،‬فهو‬ ‫نقل الدم‪.‬‬ ‫المرحلة ا ألخيرة من مراحل الإ�صابة بفيرو�س نق�ص المناعة‬ ‫وقال م�ؤمن �إن المحيط الاجتماعي يعتقد ا إل�صابة بالإيدز لابد‬ ‫الب�شري‪.‬‬ ‫و�أن تكون ناتجة عن الات�صال الجن�سي المحرم‪ ،‬ونتيجة الزنا‬ ‫ويمكن لفيرو�س العوز المناعي الب�شري أ�ن ي�سري بين الأفراد‬ ‫والف�ساد ا ألخلاقي وال�شذوذ‪ ،‬وربما ا إلدمان وا�ستخدام حقن‬ ‫من خلال الات�صال الجن�سي؛ وعمليات نقل الدم المل ّوث‬ ‫المخدرات الملوثة‪ ،‬وتترتب على هذه الو�صمة‪ ،‬م�شكله العزلة‬ ‫بالفيرو�س؛ أ�و تبادل �إبر أ�و محاقن أ�و �أدوات حا ّدة أ�خرى مل ّوثة‬ ‫الاجتماعية والنبذ والرف�ض والتمييز �ضد ال�شخ�ص الم�صاب‪،‬‬ ‫‪61‬‬

‫تفا ُقم الحالة إ�لى المرحلة ال ّثالثة‪ ،‬وهي مر�ض ا إليدز‪.‬‬ ‫بالفيرو�س‪ .‬وقد ينتقل الفيرو�س �أي�ض ًا من الأ ّم �إلى طفلها‬ ‫وتع ّد هذه المرحلة هي ا ألخيرة من الالتهاب الناجم عن‬ ‫�أثناء فترة الحمل �أو عند الولادة �أو خلال الر�ضاعة‪.‬‬ ‫فيرو�س نق�ص المناعة الب�شر ّي‪ ،‬وفيها يفقد الج�سم قدرته‬ ‫على ُماربة الالتهابات الانتهاز ّية ب�شكل كامل كون الفيرو�س‬ ‫«الأعراض»‬ ‫المذكور قد د ّمر جهاز المناعة‪.‬‬ ‫�أما عن أ�عرا�ض مر�ض ا إليدز ومراحله فقد �أو�ضحت دكتورة‬ ‫وب�س�ؤاله عن عدد المتعاي�شين مع فيرو�س العوز المناعي الب�شري؟‬ ‫حنان فكرى أ��ستاذ المناعة ونق�ص الدم أ�ن الالتهاب الناجم‬ ‫ي�شير �أ�ستاذ دكتور احمد محمد بديوي أ��ستاذ أ�مرا�ض الدم‬ ‫عن فيرو�س نق�ص المناعة الب�شر ّي ينق�سم �إلى ثلاث مراحل‬ ‫والمناعة �إلى �أن تقديرات منظمة ال�صحة العالمية وبرنامج‬ ‫يتم التدخل العلاج ّي‬ ‫لم‬ ‫وذلك إ�ن‬ ‫تزداد �شد ًة مع الوقت‪،‬‬ ‫ا ألمم المتحدة الم�شترك لمكافحة الإيدز تبين �أ ّن عدد المتعاي�شين‬ ‫على ال ّتوالي كالآتي‪:‬‬ ‫هي‬ ‫المراحل‬ ‫بال�شكل المُنا�سب‪ ،‬وهذه‬ ‫مع فيرو�س العوز المناعي الب�شري عالمي ًا هو ‪ 36.7‬مليون ن�سمة‬ ‫المرحلة الحا ّدة حيث يتكاثر الفيرو�س ب�شك ٍل �سريع في هذه‬ ‫في أ�واخر عام ‪.2015‬‬ ‫المرحلة‪ ،‬وينت�شر في جميع أ�نحاء الج�سم‪ ،‬كما ُيد ّمر خلايا‬ ‫وي�ضيف الدكتور بديوي �أن الفترة الفا�صلة بين اكت�ساب‬ ‫جهاز المناعة المُحاربة للالتهابات‪ ،‬وتت�صاحب هذه المرحلة‬ ‫�أالعفويارمو�وس‪15‬وت�عشامخًاي أ��وص�أاكلمثرر‪�،‬وضب�إقمدكات�نساتلمغعراقلجمةدبةاتلأتدروايوةحالبمي�نضا‪0‬دة‪1‬‬ ‫مع �أعرا�ض م�شابهة ألعرا�ض الإنفلونزا‪ ،‬منها ارتفاع درجات‬ ‫ااالمللحح�لصرااق‪،‬رحة‪.‬وباوللالغلث�حيشاكعةنو‪،‬رووابلاغتا إللقربّي ًاؤ�ه‪،‬اماقوتاو�اإلسل�تس ّم�هّصرادلاه‪،‬عذ‪،‬هو آ�االلالأّطمعفارلاحع�ا�ضضلللمجالّددةت ّ‪�،‬أي�وسآ�بغلاويمرع‬ ‫للفيرو�سات إ�بطاء تطور المر�ض‪.‬‬ ‫إ�لى �أ�سبوعين‪ ،‬وتتو ّقف عندما ينت�صر فيرو�س نق�ص المناعة‬ ‫وللح ّد من مخاطر �سريان فيرو�س العوز المناعي الب�شري عن‬ ‫طريق الات�صال الجن�سي ينبغي ا�ستخدم عازل ذكري أ�و �أنثوي‬ ‫على النحو ال�صحيح في ك ّل م ّرة تمار�س فيها الجن�س مع طرف‬ ‫الب�شر ّي بمعركته �ضد جهاز المناعة‪ ،‬ويكون الم�صاب خلالها‬ ‫�آخر‪.‬‬ ‫�أكثر قدر ًة على نقل المر�ض مقارن ًة بالمراحل الأخرى‪ .‬وفي حال‬ ‫إ��ضافة �إلى توخي ا إلخلا�ص في العلاقة التي تقيمها مع‬ ‫من ال ّتعر�ض للفيرو�س‬ ‫خلال ثلاثة أ� ّيام‬ ‫االلمّتذدكوخرل‪-‬ال�ّفس�إ ّنريهعي‪-‬ك�أوين‬ ‫�سلوك �آخر‬ ‫للفيرو�س‪ ،‬ولا تنتهج أ� ّي‬ ‫�شخ�ص مخل�ص غير حامل‬ ‫منع هذا المر�ض من‬ ‫ب إ�مكان ا ألط ّباء‬ ‫ا�س ُتخ ِدمت‬ ‫هذه العوازل‪ ،‬إ�ذا ما‬ ‫محفوف بالمخاطر‪ ،‬وتم ّثل‬ ‫ا�ستخدام مجموعة‬ ‫التر�ّسخ في الج�سم؛ في هذه المرحلة يمكن‬ ‫ب�شكل �صحيح �أثناء كل ات�صال جن�سي‪ ،‬و�سيلة م ؤ� ّكدة الفعالية‬ ‫ِجهاز ال َمناعة ومنع‬ ‫من الأدوية التي ت�ساعد على �إعادة بناء‬ ‫في الوقاية من عدوى فيرو�س العوز المناعي الب�شري بين الن�ساء‬ ‫انت�شار الفيرو�س المذكور‪ ،‬والذي تت ّم مهاجمته بهذه الأدوية؛‬ ‫والرجال‪ .‬بيد أ� ّنه لا توجد �أ ّية و�سيلة تكفل فعاليتها تمام ًا‪.‬‬ ‫فا�ستخدام هذه ا ألدوية مع الالتزام بعادات �صح ّية قد َيقي من‬ ‫‪62‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫مثل «علاقات ال�شذوذ»‪ ،‬كذلك الخوف من المر�ض والجهل‬ ‫ب أ��ساليب العدوى والنظرة للمر�ض على أ�نه مر�ض قاتل‬ ‫ومخيف‪ ،‬كلها عوامل �أدت إ�لى النظر �إلى مر�ضى الإيدز على‬ ‫فريدة‪:‬‬ ‫أ�نهم فئة منبوذة‪ ،‬مميزة ومو�صومة بعار يجب تجنبهم وعدم‬ ‫زوجي يعمل‬ ‫الاختلاط بهم‪.‬‬ ‫مرشداً سياحيًا ‪..‬‬ ‫والنظرة لهم بهذا ال�شكل �أدت �إلى زيارة معاناة و�آلام المر�ضى‬ ‫وهو الذي نقل‬ ‫فبالإ�ضافة �إلى كونهم مر�ضى يعانون من مر�ض مزمن يتطلب‬ ‫إليّ المرض‬ ‫المتابعة الم�ستمرة نجد أ�ن المعاناة ا ألكبر هي من نبذ الآخرين‬ ‫ومحاربتهم لهم و�إح�سا�سهم بالخجل والعار منهم‪ ،‬فمعاناة‬ ‫وحول ما �إذا كان هناك علاج ي�ضمن ال�شفاء من فيرو�س‬ ‫المر�ضى الحقيقة و آ�لامهم هي في الحقيقة لي�ست الإ�صابة‬ ‫العوز المناعي الب�شري ي�شير دكتور يحيى عبد الحى أ��ستاذ‬ ‫بالمر�ض و�إنما ب�سبب رف�ض الآخرين لهم وردود فعلهم تجاه‬ ‫�أمرا�ض الدم بم�ست�شفى الحميات إ�لى أ�نه لا يوجد أ� ّي علاج‬ ‫المر�ض وتعاملهم معهم‪.‬‬ ‫يكفل ال�شفاء من فيرو�س العوز المناعي الب�شري‪ .‬غير أ� ّنه‬ ‫بالمر�ض‬ ‫�أوانج�أتثمراعاي ًاإل�فصامبنة‬ ‫نخف��ضسير ًا‬ ‫�سامية‬ ‫يوبتد�وضيواف�ضالحدًاكتعولرةى‬ ‫يمكن‪ ،‬عن طريق التق ّيد بالعلاج القائم على الأدوية الم�ضادة‬ ‫النواحي‬ ‫المر�ضى‬ ‫لدلافيخرلوا�سلاج�تساملقعهلقىرنيةحووايلوا�حستيمبرتاورقففيهن‪�،‬شإ�ابططهاءتقترطي ّوب ًار‪.‬الفيرو�س‬ ‫النف�سية نجد �أن بع�ض المر�ضى يتعر�ضون لبع�ض ال�ضغوط‬ ‫ويتزايد عدد المتعاي�شين مع فيرو�س العوز المناعي الب�شري‬ ‫النف�سية والتي تختلف من �شخ�ص آلخر مثل ت أ�ثير المر�ض‬ ‫م ّمن يقدرون على البقاء في �صحة جيدة وي�ستم ّرون في العمل‬ ‫من ناحية ال�شك والخوف الذي يمر به المر�ضى فقد يكون‬ ‫والعطاء لفترات مط ّولة‪ ،‬حتى في البلدان المنخف�ضة الدخل‪.‬‬ ‫هذا الخوف من الموت �أو المجهول‪ ،‬الخوف من فقدان العمل‪،‬‬ ‫تو�صي منظمة ال�صحة العالمية ا آلن بالعلاج لجميع الأ�شخا�ص‬ ‫يبدو الت أ�ثير‬ ‫ايلبادجوتوماا�عضيةح‪ً،‬ا‬ ‫أ�فيق�دضاًانمالنوناظيحفيةة‪،‬قاللقطاللمارق�وضالىم�اشلاذكلي‬ ‫المتعاي�شين مع فيرو�س العوز المناعي الب�شري و�أولئك المعر�ضين‬ ‫عليهم حيث‬ ‫لخطر كبير‪ ،‬و يحتاج المتعاي�شون مع فيرو�س العوز المناعي �إلى‬ ‫يتمثل القلق على الو�ضع ال�صحي وتطور الحالة ومدى فعالية‬ ‫العلاج‪ ،‬العلاقة الجن�سية بين الزوجين وفر�ص الإنجاب‪،‬‬ ‫خدمات رعاية كثيرة منها‪.‬‬ ‫إ��ضافة �إلى معاناة المر�ضى من الاكتئاب والانطواء والحزن‬ ‫وتقول الدكتورة �سامية خ�ضر‪� ،‬أ�ستاذ علم الاجتماع بكلية‬ ‫والخجل من مواجهة الآخرين ونظراتهم ما ي ؤ�دي �إلى عزلتهم‬ ‫التربية جامعة عين �شم�س �إن النظرة الخاطئة لدى بع�ض‬ ‫الاجتماعية‪ ،‬كما وي ؤ�ثر المر�ض �أي�ض ًا على المر�ضى من ناحية‬ ‫�أفراد المجتمع لمر�ضى نق�ص المناعة المكت�سبة والجهل ب�أ�سبابه‬ ‫فقدان البع�ض لاحترام ذاتهم وال�شعور بالذنب وذلك لارتباط‬ ‫وجعلها مح�صورة على الات�صال الجن�سي غير الم�شروع أ�و‬ ‫المر�ض لدى البع�ض بنواح �أخلاقية‪ ،‬و �شعور البع�ض بالخ�سارة‬ ‫ممار�سة بع�ض ال�سلوكيات غير المقبولة ديني ًا واجتماعي ًا‬ ‫وعدم القدرة على الح�صول على فر�ص عمل أ�و زواج وتكوين‬ ‫�أ�سرة و إ�نجاب أ�طفال نتيجة للإ�صابة بالمر�ض‪.‬‬ ‫كما أ�ن المر�ض قد ي ؤ�دي إ�لى العزلة الاجتماعية والان�سحاب‬ ‫الاجتماعي وعدم التكيف مع الآخرين‪ ،‬لنظرة البع�ض‬ ‫الخاطئة للمر�ضى‪ .‬ورف�ضهم الاجتماعي لهم ي�ؤدي �إلى �شعور‬ ‫بع�ض بع�ضهم بالحقد على المجتمع والرغبة في الانتقام‪.‬‬ ‫‪63‬‬

‫أمن الأسرة‬ ‫الأب بين النموذج الواقعي‬ ‫والمثالية المنشودة‬ ‫تختلف النظرة المثالية للأب باختلاف القيم ال�سائدة في المجتمعات ‪ ،‬كما ينطلق تف�سير‬ ‫مفهوم ا ألب المثالي على ح�سب قناعات كل �شخ�ص التي ت�شكلت وفق ما ين�شده فيه‪ ،‬فبع�ض‬ ‫الزوجات يردن من الزوج التفاني في تقديم الم�ساعدة وم�شاركتهن في كل كبيرة و�صغيرة‬ ‫من �أمور البيت‪ ،‬ومجرد تجاوبه يجعل الزوجة ت�صفه بالأب المثالي ‪ ،‬في حين تحدد نظرة‬ ‫أ�خرى �صفات أ��سا�سية للأب المثالي ‪ ،‬وهو من يبني علاقته ب أ�بنائه على �أ�سا�س الرحمة‬ ‫والمودة وال�صراحة و التفاهم التي تدفع ا ألبناء تلقائيا ل إل�سراع نحوه طلبا للم�شورة‬ ‫والن�صح فيجدونه في وقت حاجتهم إ�ليه مخ�ص�صا لهم من وقته ما يمتعهم بوجوده و�سطهم‬ ‫يتعرف على هواياتهم في�شجعهم على تنميتها‪ ،‬يطلع على م�سارهم الدرا�سي وم�ستوى تح�صيلهم‬ ‫فيحفزهم أ�كثر نحو النجاح بتفوق ‪ ،‬فيكون بذلك م�صدر فرح يم أل أ�ركان البيت ‪ ،‬ومبعث راحة‬ ‫واطمئنان في نفو�س كل �أفراد العائلة ‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫‪65‬‬

‫أمن الأسرة‬ ‫و�أن تكون أ�ي�ضا منا�سبة لتقرب ا ألب �إلى طفله �أكثر من‬ ‫تبد أ� علاقة ا ألب بطفله وهو جنين ‪ ،‬وهي مرحلة �صعبة على‬ ‫خلال تبادل الكلمات و ا آلراء حول �أحداث الأ�سبوع مع‬ ‫الأب فهو يحاول تكوين علاقة بينه وبين مخلوق لم يره بعد‪،‬‬ ‫مراعاة أ�لا ي�سمعهم فقط بل أ�ن يحدثهم عن ما جرى له‬ ‫ولكن هذه العلاقة �ست أ�خذ منحى علميا كي يمكنه التعرف‬ ‫في عمله وعن جديد علاقاته ال�شخ�صية و أ�ن يلاطفهم‬ ‫على المولود و التعامل معه ‪ ،‬أ��سا�س هذه العلاقة هو قوة‬ ‫بالأحاديث الطريفة ‪ ،‬وما �أجمل �أن يكتب لهم قبل مغادرته‬ ‫علاقة الزوج بزوجته ‪ ،‬فالزوجة الحامل هي حلقة الو�صل‬ ‫البيت �صباحا كلمات حب وت�شجيع ي�ضعها إ�لى جانب‬ ‫بين ا ألب و الجنين‪ ،‬ولبنائه علاقة متينة مع الجنين يمر‬ ‫�سريرهم وهم نائمون أ�و يجدونها في حقائبهم المدر�سية‬ ‫ذلك عبر التزامات ب�سيطة ولم�سات ناعمة ‪ ،‬فحر�ص الزوج‬ ‫فذلك ي�شعرهم ب�أنه يفكر فيهم دائم ًا‪ ،‬هذا الأب التربوي‬ ‫على ح�ضور الفح�ص الدوري للزوجة وحر�صه الدائم على‬ ‫الذي يعي أ�ن هناك أ�وقات ًا للعمل والنهو�ض بالم�س ؤ�وليات‬ ‫إ�بداء اهتمامه بالاطمئنان على �صحتها و �سلامة ظروف‬ ‫و�أوقات ًا خا�صة هي ملك �أطفاله يق�ضيها معهم بالمرح‬ ‫الحمل ونمو الجنين وعدم التردد في التقرب من بطن ا ألم‬ ‫والت�سلية مجتهدا �أن تجتمع الأ�سرة لق�ضاء وقت جميل معا‬ ‫الحامل والحديث مع الجنين والهم�س له بعبارات جميلة‬ ‫‪ ،‬بال�ضبط كما ي�ستمتع هو بح�ضوره الحفلات المدر�سية‬ ‫ت�ؤكد �شوقه إ�ليه كلها تزيد من معنويات الزوجة وت�سعدها‬ ‫وم�شاهدة ن�شاط طفله ‪� ،‬إن الح�ضور الفعال للأب و�سط‬ ‫�أ�سرته لا يتحقق بمجرد �أن يجل�س مع زوجته و �أطفاله في‬ ‫وت�شجعها في مواجهة م�شقة الحمل والو�ضع ‪.‬‬ ‫الغرفة ذاتها يقر�أ الجريدة وا ألطفال ي�شاهدون �أفلام‬ ‫إ�ن �أعظم الرجال من يدخل ال�سعادة �إلى قلوب الأطفال‪،‬‬ ‫الكرتون فهذا لا يعد وقتا عائلي ًا‪ ،‬بل �إن التخطيط للقيام‬ ‫ومع ذلك يتنا�سى بع�ض الآباء �أهمية �أن يجعلوا أ�بناءهم‬ ‫بن�شاط فكري �أو فني ترفيهي جماعي يتم اختيار م�ساء‬ ‫يحبونهم ويرتبطون بهم حتى ي�صبحوا جزءا �أ�سا�سي ًا من‬ ‫يوم محدد له من كل �أ�سبوع �سيحول أ�م�سية عادية في البيت‬ ‫حياتهم ‪ ،‬والتي عليها تتكون الكثير من الم�شاكل ا أل�سرية‬ ‫ب�سبب هذا التباعد و أ�ولها عدم التفاهم الناتج من قلة أ�و‬ ‫إ�لى تقليد عائلي لن ين�سوه أ�بد ًا ‪.‬‬ ‫عدم التوا�صل بانتظام بينهم و بين أ�بنائهم ‪ ،‬كم جميل �أن‬ ‫مما لا �سبيل إ�لى نكرانه �أن لكل فرد عاداته التي لا يمكن‬ ‫يجعل كل أ�ب المحبة عنوان ًا كبير ًا مع �أبنه و�أن ي�سعى لذلك‬ ‫اعتبارها كلها ح�سنة بل �إن بع�ضها �سيئة كالأكل �أو ال�شرب‬ ‫من خلال م�ساعدته في تنمية ثقته بنف�سه‪ ،‬وعدم التردد‬ ‫ب�سرعة ‪�،‬أو التلفظ بكلمات بذيئة ‪ ،‬أ�و �إبداء تعليقات �سخيفة‬ ‫في التعبير با�ستمرار عن تقديره لمجهود ابنه مهما كانت‬ ‫فان من الواجب الا�ست�شعار أ�ن ا ألطفال يحبون والدهم‬ ‫نتائج عمله‪ ..‬وم�شاركته في تعلم طرق التفكير الايجابي‪،‬‬ ‫ويحترمونه لأنهم مرتبطون به و�سيظنون أ�ن ت�صرفاته‬ ‫وفي م�شاهدة أ�لبوم �صوره وق�ص ما يحيط كل �صورة من‬ ‫هذه لائقة وهنا �سيفقد ا ألب دون وعي منه مرتبته كقدوة‬ ‫ذكريات لا يعيها ‪ ،‬ومن المهم �أن يقوم ب�إ�سماع ابنه كل ما‬ ‫ي�شبع نف�سه من حلو الكلام ‪ ،‬ولا يمنع ذلك أ�ن يتوجه إ�ليه‬ ‫ح�سنة‪.‬‬ ‫باللوم أ�و العتاب إ�ذا ما ر�آه جال�سا �إلى مائدة الطعام فور‬ ‫إ�ذا ح�صل الطفل على ك�شف نقاطه وكانت درجاته‬ ‫المح�صل عليها منخف�ضة تراه يخبئه خوفا من ردة فعل‬ ‫عودته من الخارج وقد يكون مت�سخا �أو غير مهندم ‪.‬‬ ‫�أبيه الغا�ضب التي لن تخلو من عبارات قا�سية على نف�سية‬ ‫إ�ن التدخل في الحياة اليومية للطفل يحكمه مهارات‬ ‫الطفل وتقذف به خارج نطاق الحب والحنان الأ�سري‬ ‫�سلوكية خا�صة لأنه �أمر بالغ الأهمية و�شديد الح�سا�سية‪،‬‬ ‫‪،‬وهو ت�صرف يراد منه تبليغ الطفل عدم ر�ضاه ‪..‬ومثل‬ ‫ف�إذا كان الهدف الأ�سا�سي منه تقديم ف�ضائل الم�شاركة‬ ‫هذه العبارات ت�شعر الطفل بعدم قبول أ�بيه له وربما‬ ‫و إ�ظهار الاهتمام بهم ورعاية �ش�ؤونهم فلا أ�قل من أ�ن لا‬ ‫ت�شعرهم �أنهم أ��شخا�ص غير مرغوب بهم‪ ،‬إ�ن الم�سائل‬ ‫ينبغي �أن تنقلب الأمور �إلى مظهر تطفل ثقيل‪ ،‬فالتعرف‬ ‫المتعلقة برف�ض الت�صرفات غير اللائقة التي ت�صدر عن‬ ‫على جدول الدوام المدر�سي و أ��سماء مدر�سيه و أ��صدقائه‬ ‫الأطفال يجب �أن تكون أ�قل حدة فلا نخرجهم عن نطاق‬ ‫وم�شاركة الأطفال في وجبة غداء ولو مرة في الأ�سبوع يمكن‬ ‫حبنا وقبولنا لهم بمجرد كلمة تقال في لحظة غ�ضب عابرة‬ ‫�أن تكون فر�صة لتقوية �أوا�صر المحبة وم�شاعر التقدير‪،‬‬ ‫‪66‬‬

‫العدد ‪٤4٢2٥5‬‬ ‫‪67‬‬

‫أمن الأسرة‬ ‫لذا يجب غلق الباب بالمفتاح حر�صا على ال�صحة النف�سية‬ ‫‪ ،‬وطبيعي لي�س المق�صود �أن نوافقهم على �أي عمل خاطئ أ�و‬ ‫للطفل وتجنب اهتزاز م�شاعره نحو �أبويه ‪.‬‬ ‫نغ�ض النظر عنه ونتجاهله دونما �أي تعليق ولكن �أن يكون‬ ‫في حدود عدم �إخراجهم من دائرة محبتنا ‪ ،‬ومن المفيد أ�ن‬ ‫إ�ن م�شاعر الحب تلك التي تولدت في نف�س ا ألبوين مع أ�ول‬ ‫ن�شعرهم ب�أنهم محبوبون ومف�ضلون لدينا حتى و�إن لم نكن‬ ‫�صرخات طفلهما �صغيرا لابد �ألا يغيرها أ�ي ت�صرف خاطئ‬ ‫را�ضين عن بع�ض ت�صرفاتهم �أو عن علاقاتهم الأخوية‪،‬‬ ‫يقوم به هذا الابن العزيز‪ ،‬وككل أ�ب �سيتعر�ض للكثير من‬ ‫لابد �أن تكون هناك ر�سائل وا�ضحة ل ألبناء �أنه مهما كان‬ ‫التحديات و الم�شاعر والم�س�ؤوليات منها ما لم يكن في التوقع‬ ‫الاختلاف �أو مهما بلغت الأخطاء ثم قمنا بت�صويبها فان‬ ‫والح�سبان لابد من الحر�ص في التعامل معها دون ارتكاب‬ ‫حب الوالدين ألبنائهما يبقى موجود ًا عميق ًا في القلوب ولا‬ ‫�أي أ�خطاء ‪ ،‬ولكن ما يدور هم�س ًا في أ�و�ساط خبراء التربية‬ ‫يتغير أ�بد ًا‪ ،‬وا ألب المثالي يتبع ر�سائل العتاب والاعترا�ض‬ ‫وعلم النف�س أ�ن كل أ�ب خلال رحلته �سيواجه حالات ف�شل‬ ‫على ارتكاب الخط�أ بر�سائل الأمان حتى لا ي�شعر الطفل‬ ‫في بع�ض الأحيان في وقت قد يتخذ قرارا خاطئا وحينها‬ ‫يوما �أنه منبوذ فيتمادى في الخط أ� و العناد ‪� ،‬إن البحث عن‬ ‫�سيتوجب على ابنه �أو ابنته تحمل العواقب في وقت يكون‬ ‫كلمات أ�قل حدة ننقل بوا�سطتها ل ألبناء عدم ر�ضانا عن‬ ‫هو فيه منهار ًا‪ ،‬لذا فالطفولة المثالية يمكن �أن تكون �ضارة‬ ‫ألنها لا تهيئ الطفل للحياة ب�شكل ملائم ‪ ،‬فعندما يحين‬ ‫ت�صرفاتهم لهو أ�مر جدير باهتمام الوالدين ‪.‬‬ ‫وقت مغادرته �أح�ضان من حظي برعايتهم الجيدة في‬ ‫ومن الم�سائل التي تعتر�ض العلاقة الزوجية هي الاندفاع‬ ‫المنزل لن يكون قادرا على التعامل مع الحياة بمفرده ‪ ،‬لذا‬ ‫اله�ستيري للأطفال بكل ما لديهم من طاقة هائلة تتدفق‬ ‫عندما ت�سوء ا ألمور قليلا من حين آلخر ف إ�نها في الحقيقة‬ ‫حركة ون�شاط ًا وحيوية نحو غرفة نومهما للبحث عن‬ ‫�أحدهما دون �أن يدق �أحدهم الباب أ�و ي�ست أ�ذن للدخول ‪،‬‬ ‫خدمة توفرها الظروف مبكر ًا ل ألبناء ‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫للمراهق كي يت�صرف وك�أنه «الر�أ�س الكبيرة « في المنزل‬ ‫لي�س �سهل ًا على الطفل المراهق أ�ن يتفهم �سبب تغيب والده‬ ‫وذلك كي يبقى ي�شعر دائما ب أ�ن والده حا�ضر ‪ ،‬لذلك كان‬ ‫معظم الوقت عن المنزل ‪ ،‬وبالتالي �سي�شعر بالنق�ص أ�مام‬ ‫من ا ألهمية حين يعود ا ألب من غيبته أ�ن تتركهما ا ألم‬ ‫�أقرانه الذين قد يروون ما �سمعوه أ�و قاموا به مع �آبائهم‬ ‫بع�ض الوقت وحدهما حيث يمكنهما الذهاب معا لممار�سة‬ ‫‪ ،‬و�سي�ؤثر ذلك على نموه الفكري و أ�ي�ضا الج�سدي‪ ،‬وهنا‬ ‫�أي ن�شاط يحبانه �أو لتناول طعام �سريع أ�و الذهاب �إلى‬ ‫يبرز دور الأم ب�شكل �أ�سا�سي جدا حيث يمكنها م�ساعدة‬ ‫النادي الريا�ضي‪ ،‬هذه الم�شاركة تنمي جانب ًا كبير ًا في‬ ‫ابنها �أو ابنتها على تخطي معاناته للحفاظ على عملية‬ ‫�شخ�صية المراهق وهو المتعلق بالثقة بالنف�س التي ت�ساعد‬ ‫نموه بال�شكل المتكامل وال�صحيح ‪ ،‬وفي ذلك يمكن ل ألم‬ ‫على التفهم والتعامل بطريقة هادئة �أما بالن�سبة للمراهقة‬ ‫الح�صيفة أ�ن ت ؤ�دي دورها في ت�سهيل العلاقات العائلية من‬ ‫فان حاجتها لوجود الأب في كل مفردات حياتها �أكثر ‪ ،‬فلا‬ ‫خلال إ��شراك زوجها الأب في كل المخططات و الاقتراحات‬ ‫يمكن �أن تعو�ض الأم غياب الأب نف�سه وعواطف الطفلة‬ ‫التي تبلغها لابنها فتذكر دائما على �سبيل المثال « أ�نها‬ ‫ووالده قررا ‪ »..‬هذا مع الحر�ص على عدم �إعطاء الفر�صة‬ ‫المراهقة ‪.‬‬ ‫‪69‬‬

‫أمن النقل ـ تحقيق‬ ‫أمن النقل الجوي‬ ‫تحقيق فاطمة محمد البغدادي‬ ‫‪٢-١‬‬ ‫‪70‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫تمثل المطارات‪ ،‬الباب الكبير‪ ،‬الذي يودع وي�ستقبل جموع الم�سافرين وال�سائحين من و�إلى المطارات في كل‬ ‫�أنحاء العالم‪ ،‬وبح�سب ما اتفقت عليه ُكل من ُمن َّظمة الطيران المدني الدولية (‪ ،)ICAO‬والمنظمة العالمية‬ ‫لل�سياحة‪ ،‬ف�إن توفـُّر الأمن على نحو ج ِّيد في المطارات‪ ،‬لي�س فقط لت�أمين �أرواح المُ�سافرين وال�سائحين‪ ،‬وتنظيم‬ ‫حركة تنقـُّلهم الج ِّوي‪ ،‬من �أوطانهم و إ�ليها‪ ،‬ولكن �أي ً�ضا للإ�سهام في تحقيق ا ألمن وال�سلامة لل ُمجتمعات المحلية‪،‬‬ ‫من خطر �إرهابي‪ ،‬والحقيقة �أن ت�أمين المطارات‪ ،‬يمثل منظومة تت أ� َّلف من عنا�صر تعمل في إ�طار ُمتكامل‪� ،‬إن‬ ‫اختل عن�صر منها‪ ،‬تداعى له باقي العنا�صر‪ ،‬حيث �إن اختلال �أي عن�صر‪ ،‬يعني بب�ساطة وجود ثغرة �أمن َّية‪،‬‬ ‫ينفذ منها ال�شخ�ص الإرهابي‪ ،‬باتجاه هدفه‪ ،‬وفي �إطار دورها التوعوي‪ ،‬وحر�صها على �أن يكون لها دور فاعل‪،‬‬ ‫في حماية الأفراد والمُن�ش�آت‪ُ ،‬تق ِّدم «الأمن والحياة»‪ ،‬هذا التحقيق‪ ،‬الذي ت�ست�ضيف فيه نخبة من الخبراء‬ ‫والباحثين‪ ،‬المعنيين بق�ضايا الأمن وال�سلامة‪ ،‬لا�ست�شراف مرئياتهم حول �أمن المطارات‪ ،‬و أ�هميته في إ�نعا�ش‬ ‫حركة ال�سفر وال�سياحة حول العالم ‪.‬‬ ‫‪71‬‬

‫أمن النقل ـ تحقيق‬ ‫السيد حسنه ولد أعل‪:‬‬ ‫المهندس مصلح بن تركي‪:‬‬ ‫مجلس المطارات العالمي حدد اشتراطات‬ ‫المطارات الدولية تستقبل جميع أنواع الطائرات‬ ‫وتوصيات تقوم عليها إدارة تشغيل‬ ‫وتقدم كل الخدمات ويمكنها استقبال أكثر‬ ‫المطارات‬ ‫من طائرة في وقت واحد‬ ‫السيد نور سليمان‪:‬‬ ‫الدكتور محمد عبدالباسط‪:‬‬ ‫هناك عناصر رئيسة يجب أن تتضمنها أي‬ ‫هندسة المطارات تهتم بكل ما هو متعلق‬ ‫منظومة لإدارة السلامة بالمطارات‬ ‫بالبنية الفوقية والتحتية بما يسهم في‬ ‫تحقيق الأمن والسلامة‬ ‫السيد شاهزاد براتشا‪:‬‬ ‫السيد محمد الطيار‪:‬‬ ‫من الأهمية وضع خطة تفصيلية لاختبار‬ ‫جاهزية المرافق والاستعداد التشغيلي‬ ‫اختيار موقع المطار الجديد يتم في إطار‬ ‫للجهات العاملة والمستخدمة للمطار‬ ‫عوامل تخطيطية وتشغيلية وفنية وبيئية‬ ‫السيد أنيس الورتاني‪:‬‬ ‫الدكتور مايكل كركلو‪:‬‬ ‫المراقب الجيد يتمتع بسرعة البديهة‬ ‫الامتثال لقواعد الأمن والسلامة واشتراطات‬ ‫وقدرة حسابية عالية إضافة إلى القدرة‬ ‫الجودة تعد ركائز تنظيمية وأمنية‬ ‫على الهدوء والتحكم في أعصابه‬ ‫الطيار محمد منار‪:‬‬ ‫تطبيق المعايير الدولية القياسية يمكن‬ ‫الطائرات الحديثة من الاقلاع والهبوط بطريقة‬ ‫آمنة وروتينية‬ ‫الم�شاركون في الحوار‬ ‫أ�‪ .‬د‪� .‬سعيد اللاوندي‬ ‫العميد الدكتور �أمين �صليب‬ ‫آ�دم �شيف‬ ‫أ��ستاذ العلاقات الدولية‬ ‫عميدمتقاعدفيقوىالأمنالداخلي‪ ،‬أ��ستاذ‬ ‫م�س ؤ�ول أ�منيوونائبفيالكونجر�سالامريكي‬ ‫جامعي في كلية الحقوق الجامعة اللبنانية‬ ‫‪72‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫الم�شاركون في الحوار‬ ‫ال�سيد أ�ني�س الورتاني‬ ‫�أ‪ .‬د‪ .‬محمد عبد البا�سط عبده محمد‬ ‫الدكتور مايكل كركلو‬ ‫كاتب عام نقابة �أمن مطار قرطاج في تون�س‬ ‫ا�ستاذ علم الهند�سة المدنية جامعة ا�سيوط‬ ‫مدير معهد الاقت�صاد في نيويورك‬ ‫ال�سيد محمد الطيار‬ ‫ال�سيد �شاهزاد برات�شا‬ ‫ال�سيد بوب جراهان‬ ‫باحثبالمركزالمغاربيللدرا�ساتا ألمنية‬ ‫خبير إ�دارةوت�شغيلمنالخطوطالجوية‬ ‫مدير عام في �شركة برمنجهام البريطانية‬ ‫وتحليلال�سيا�سات‬ ‫الباك�ستانية‬ ‫المحدودة لإدارة وت�شغيل المطارات‬ ‫ال�سيد نور �سليمان‬ ‫ال�سيد م�صلح بن تركي‬ ‫ال�سيد محمد‪ ‬خليفة‪ ‬رحمه‬ ‫الرئي�س التنفيذي ل�شركة دي �أت�ش ال ال�شرق الأو�سط‬ ‫مهند�س متخ�ص�ص في الطرق والنقل والمطارات‬ ‫المديرا إلقليمي‪ ‬مكتبالايكاولل�شرقالأو�سط‪ ‬‬ ‫و�شمال أ�فريقياالمتخ�ص�صةفي إ�دارةوت�شغيلالمطارات‬ ‫دكتور نبيل إ��سماعيل‬ ‫ح�سنه ولد أ�عل‬ ‫الطيار محمد منار‬ ‫مهند�س طيران م�صري‬ ‫مدير ال�شركة الموريتانية للطيران‬ ‫رئي�س مركز تدريب م�صر للطيران‬ ‫‪73‬‬

‫أمن النقل ـ تحقيق‬ ‫كانت البداية مع ال�سيد م�صلح بن تركي مهند�س‬ ‫مدني متخ�ص�ص في الطرق والنقل والمطارات‬ ‫الذي تحدث عن �أنواع المطارات ب�شكل عام ف أ��شار‬ ‫إ�لى �أنها ت�صنف �إلى مطارات دولية (مدنية‬ ‫وتجارية)وهي تلك المُج َّهزة ل ِخدمة الخطوط‬ ‫المدنية والتجارية الخارجية‪ ،‬و ُيكنها ا�ستقبال‬ ‫جميع أ�نواع الطائرات‪ ،‬كما ُيكنها ا�ستقبال‬ ‫�أكثر من طائرة في وقت واحد‪ ،‬نظ ًرا لوجود ِع َّدة‬ ‫ممرات هبوط‪ ،‬وهي ُتق ِّدم جميع �أنواع الخدمات‪،‬‬ ‫وفي الغالب يتر َّكز تواجدها على العوا�صم‪ ،‬والمُدن‬ ‫ال ُكبرى‪ ،‬وهناك المطارات المحلية وهي �صغيرة‬ ‫ِن�سبيـًا‪ ،‬و ُم َّهزة ل ِخدمة الخطوط الجوية المدنية‬ ‫المحلية �أو الداخلية‪� ،‬أي بين ُمدن الدولة الواحدة‪..‬‬ ‫والخدمات بها محدودة‪ ،‬وفي الغالب يتواجد‬ ‫بها ممر واحد‪ ،‬وهناك أ�ي�ضا القواعد الجوية‬ ‫الع�سكرية‪ ،‬وهي مطارات ُم َّهزة للطائرات‬ ‫الع�سكرية‪ ،‬وتحتوي على مدرج ُمع َّبد واحد‪� ،‬أو‬ ‫أ�كثر‪ ،‬كذلك هناك المطارات العائمة‪ ،‬أ�و حاملات‬ ‫الطائرات‪ ،‬وهي �ُسفن �ضخمة‪ُ ،‬مز َّودة بممر على‬ ‫ال�سطح‪ُ ،‬م�ص�ص لإقلاع وهبوط الطائرات‪،‬‬ ‫و ُيكن تخزين الطائرات‪ ،‬و�صيانتها‪ ،‬في الأدوار‬ ‫�أ�سفل ال�سطح‪ ،‬وهناك مطارات طائرات الهليكوبتر‬ ‫(الحوامات) وهي على ِ�صنفين‪ ،‬مطارات ُم َّهزة‬ ‫لا�ستقبال و إ�قلاع طائرات نقل البريد‪ ،‬ومطارات‬ ‫ُم َعدة لنقل المُ�سافرين‪ ،‬حيث ت�ستقبل الحوامات‬ ‫الثقيلة ِن�سبيـًا‪ ،‬ومن ثم ف إ�ن بنيتها الأ�سا�سية �أكثر‬ ‫ق َّوة ومتانة عن �سابقتها ‪.‬‬ ‫ومن جهته تحدث الأ�ستاذ الدكتور محمد‬ ‫عبدالبا�سط أ��ستاذ علم الهند�سة المدنية بجامعة‬ ‫أ��سيوط عن المعايير البيئية لاختيار موقع المطار‬ ‫ف�أ�شار إ�لى �أنه قبل ال�شروع في �إقامة مطار جديد‬ ‫لابد من عمل درا�سة ا�ستك�شافية مبدئية‪ ،‬لاختيار‬ ‫الموقع المُنا�سب‪ ،‬وعادة يكون ذلك من خلال جولة‬ ‫بطائرة هليكوبتر‪ُ ،‬م َّهزة بكاميرات ت�صوير عالية‬ ‫‪74‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫ـ درا�سة حالة البيئة‪ ،‬من حيث ُم�ستوى التل ُّوث ا إل�شعاعي‪،‬‬ ‫ال ِد َّقة‪ ،‬و أ�جهزة ا�ست�شعار عن ُبعد‪ ،‬و�إذا ما تم تر�شيح موقع‬ ‫و ُمع َّدلات ال�ضجيج‪.‬‬ ‫ما‪ ،‬يبد�أ فريق هند�سي ُمتخ�ص�ص بدرا�سته على �أر�ض‬ ‫المطار‬ ‫علاقة‬ ‫ُ�أخرى‬ ‫بعبارة‬ ‫�أو‬ ‫ـ درا�سة الحركة الجوية‪،‬‬ ‫الواقع‪ ،‬ومن ال�ضروري أ�ن تت�ض َّمن هذه الدرا�سة‪ ،‬الجوانب‬ ‫المُزمع إ�ن�شا ؤ�ه‪ ،‬بالمطارات القريبة منه‪.‬‬ ‫للتو�ُّسع‬ ‫إ��ضافية‪،‬‬ ‫�أرا�ض‬ ‫على‬ ‫الح�صول‬ ‫ـ مدى إ�مكانية‬ ‫ا آلتية ‪:‬‬ ‫المُ�ستقبلي‪.‬‬ ‫ـ المناطق المُحيطة‪ ،‬لمعرفة نوع العوائق‪ ،‬ومدى ت أ�ثيرها‬ ‫المُ ــحيدارطلاة�ح‪،‬ساللةمةع ُرطالفر�ةُسق َُّكماوعن�أَّدينوةلا‪،‬اعلونااللمماوواق‪،‬ت�وصت�لصقاادديتيم‪،‬ة‪،‬دالرتفاي�يسةتعرمجبودمطو اىالل‪.‬ممنديطنقة‪،‬ة‬ ‫بموقع المطار المزمع �إقامته‪ ،‬والوقوف على مدى إ�مكانية‬ ‫على اتجاهات ا إلقلاع والهبوط‪.‬‬ ‫�شق ُطرق جديدة‪.‬‬ ‫ال ـ�ضتبافاب�‪،‬صيول�ِشادلةحااللرةيااحل‪،‬جوو ِّتيةد‪،‬اعلميعاترهفاةعلمدى اىل ارلمرا ؤ�ليةال‪،‬مُحويت أ�ثطيةر‪،‬‬ ‫ويقول ال�سيد محمد الطيار‪ ،‬الباحث بالمركز المغاربي‪،‬‬ ‫�إن و ِج َدت‪ ،‬وتحديد ُم َّدة هبوطها‪ ،‬واتجاهاتها‪ ،‬بحيث لا‬ ‫للدرا�سات الأمنية وتحليل ال�سيا�سات‪� ،‬إن اختيار موقع‬ ‫المطار الجديد‪ ،‬يتم في �إطار عوامل تخطيطية وعوامل‬ ‫ت�ؤثر �سلبـًا على حركة الطيران‪ ،‬عند الهبوط وا إلقلاع‪.‬‬ ‫فنية وت�شغيلية وعوامل طبيعية و�أخرى بيئية واجتماعية‬ ‫ـ درا�سة الحالة المناخية‪ ،‬على نحو دقيق‪ُ ،‬م�شت ِملة على‬ ‫و�سياحية‪.‬‬ ‫ُمع َّدلات الرطوبة‪ ،‬وهطول ا ألمطار‪ ،‬ودرجات الحرارة‬ ‫وحول أ�همية ترخي�ص المطارات‪ ،‬أ�منيـًا وتنظيميـًا‪ ،‬يقول‬ ‫ال�سائدة‪ ،‬وال�ضغط الجوي‪.‬‬ ‫ـ ا�ستك�شاف المحاجر القريبة‪ ،‬والتي ُيع َتمد عليها في‬ ‫تحديد نوع الر�صف‪.‬‬ ‫ـ التع ُّرف الدقيق على نوع وطبيعة ال ُتبة (طينية ـ رملية‬ ‫ـ �صخرية)‪.‬‬ ‫‪75‬‬

‫أمن النقل ـ تحقيق‬ ‫الدكتور مايكل كركلو‪ ،‬الرئي�س التنفيذي لمطار ميونيخ‬ ‫الدولي �إن الامتثال لا�شتراطات الجودة‪ ،‬وقواعد الأمن‬ ‫وال�سلامة القيا�سية‪ ،‬و�أ�ساليب العمل المو�صى بها دوليـًا‪،‬‬ ‫من الركائز التنظيمية وا ألمنية‪ ،‬وبح�سب ما ت�ضمنه‬ ‫المُج َّلد الأ َّول‪ ،‬للملحق الرابع ع�شر‪ ،‬من اتفاقية الطيران‬ ‫المدني الدولي‪ ،‬ف إ�ن معايير ا ألمن وال�سلامة في المطارات‪،‬‬ ‫يجب �أن ت�شمل منطقة التح ُّركات المُ َّت�سعة‪ ،‬والتي تمتد من‬ ‫المد َرج‪ ،‬وعلى طول المم َّرات‪ ،‬حتى �ساحة وقوف الطائرات‪،‬‬ ‫�أف�إينقلتب�صالمميطمار‪،‬هذوهن اظلًرتاج�إهليىزا�تض‪،‬خايتمةط َّلالبطاقئدر ًارات�أاكلبحراليمة‪،‬ن‬ ‫ال ِد َّقة‪ ،‬خا�صة فيما يتع َّلق بعر�ض المدرج والممرات‪ ،‬وميول‬ ‫�أ�سطحها‪ ،‬وم�سافات انف�صالها عن التجهيزات ا ألخرى‪،‬‬ ‫كما ترد موا�صفات لتجهيزات جديدة‪ ،‬لم تكن موجودة‬ ‫في �سنوات الايكاو ا ألولى‪ِ ،‬مثل مناطق الأمن عند نهايات‬ ‫المدرج‪ ،‬والطرق الخال�صة‪ ،‬و إ�مدادات التو ُّقف‪ ،‬وهي ُتثل‬ ‫ُجز ًءا رئي�سـًا من حجر الأ�سا�س للمطارات‪ ،‬كونها ُتدد‬ ‫ال�شكل العام للمطار‪ ،‬و�أبعاده‪ ..‬وكما يلزم تحديد ال�شكل‬ ‫العام لأر�ض المطار‪ ،‬يلزم أ�ي�ضـًا و�ضع موا�صفات المجال‬ ‫الجوي اللازمة له‪� ،‬إذ ينبغي أ�ن يكون الف�ضاء الجوي‬ ‫المُحيط بالمطار‪ ،‬من الات�ساع‪ ،‬بحيث ُيتيح تنفيذ عمليات‬ ‫الاقتراب والمُغادرة ب�أمان‪ ،‬ومن المُهم ج ًدا تحديد حجم‬ ‫هذا المجال الجوي‪ ،‬حتى ُيكن حمايته‪ ،‬و�ضمان �أمكانية‬ ‫تو�سيع المطار‪ ،‬وبقائه‪.‬‬ ‫وقد تم التحديد التف�صيلي‪ ،‬ألنظمة عديدة‪ ،‬ت�صلح‬ ‫للا�ستخدام في ِظل أ�حوال جوية ُمتلفة‪ ،‬وظروف بيئية‬ ‫ُمتباينة‪ُ ،‬يكن من ِخلالها الحد من احتمالات الخطر‪،‬‬ ‫وتحقيق أ�ق�صى درجات ا ألمن وال�سلامة‪.‬‬ ‫ومن جانبه ُي�شير الطيار محمد منار‪ ،‬رئي�س مركز تدريب‬ ‫م�صر للطيران‪� ،‬إلى أ�ن تطبيق ما و�ضعته منظمة الطيران‬ ‫المدني الدولي‪ ،‬من معايير قيا�سية‪ُ ،‬ي ِّكن الطائرات‬ ‫الحديثة من ا إلقلاع والهبوط‪ ،‬بطريقة آ�منة وروتينية‪.‬‬ ‫من جهة أ�خرى وفي ِظل التط ُّور الذي ت�شهده المطارات‬ ‫الحديثة‪ ،‬والتي �صار ملايين الب�شر يمرون عليها في‬ ‫�أ�سفارهم حول العالم‪ ،‬كما يقول ال�سيد ح�سن ولد أ�عل‪،‬‬ ‫مدير ال�شركة الموريتانية للطيران‪ ،‬ف�إن مجل�س المطارات‬ ‫العالمي (‪ ،)ACI‬قد حدد بع�ض الا�شتراطات والتو�صيات‪،‬‬ ‫‪76‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫التي يجب �أن تقوم عليها منظومة �إدارة وت�شغيل المطارات‪،‬‬ ‫ومن هذه التو�صيات‪ ،‬تطوير فل�سفة الأمان وال�سلامة‪،‬‬ ‫حيث ُيعد ذلك �أولوية ُمتق ِّدمة لل ُم�سافرين وال�شاحنين‪،‬‬ ‫ا�ستنا ًدا لل�ضوابط العالمية في معايير القيا�س والجودة مثل‬ ‫معيار (‪ ،) ISO‬وغيره ‪ ،‬وتطبيق خدمات جوية‪ ،‬بمهارات‬ ‫جديدة‪ ،‬وت�سويق ُمتخ�ص�ص‪ ،‬ودعمها بوحدات تخطيط‬ ‫ا�ستراتيجي‪ ،‬لا�ستقطاب مزيد من المُ�سافرين‪ ،‬وا�ستحداث‬ ‫خدمات �شحن إ��ضافية‪ ،‬من �ش أ�نها جلب �شاحنين ُجدد‪،‬‬ ‫�إ�ضافة إ�لى خلق ُمبادرات تعاونية‪ ،‬مع كل القطاعات‬ ‫الحكومية‪ ،‬لتفعيل نقاط التجارة المفتوحة‪ ،‬وا�ستخدام‬ ‫جهات جديدة لل�سفر‪ ،‬وا�ستغلال ال ُفر�ص إ�ن وجدت‪،‬‬ ‫وكذلك خلق وتطوير فل�سفة ُتارية‪ ،‬ت أ�خذ في الاعتبار‬ ‫تحقيق أ�ق�صى عائدات‪ ،‬و�أعلى ُمع َّدلات الإنتاج‪ ،‬مع �ضبط‬ ‫التكلفة‪.‬‬ ‫وبح�سب ما اتفق عليه غير واحد من ال ُخبراء المعنيين‬ ‫بيم�أبنمد أ�ن�شن�أو�نش�اهس‪،‬لطاه�م‪،‬ضةمداالومننط�اأ�سرلناا ُميت‪،‬نة ِّفافذإ�لأنفبهررانلااد‪،‬ميوججُـًوازملتللمُكأل�اشمغـِّتنلالومُاال�لمس�اسطفالراريم�أنة‪،،‬ن‬ ‫وال�شاحنين عبر النقل الجوي‪ ،‬من مواجهة �أفعال التد ُّخل‬ ‫غير الم�شروعة‪ ،‬وال ُعنف الإجرامي‪ ،‬والقر�صنة الجوية‪،‬‬ ‫وا�ستخدام الأ�سلحة الخطرة‪ ،‬والمُتف ِّجرات على متن‬ ‫الطائرة‪ ،‬و�أن يكون ذلك البرنامج مكتوبـًا وموقعــًا‪،‬‬ ‫بوا�سطة ُم�شغـِّل المطار‪� ،‬أو �أي �شخ�ص تم توكيله من ِقبل‬ ‫ُم�شغـِّل المطار‪ ،‬و�أن يكون ُمعتم ًدا من �ُسلطة الطيران‬ ‫ُاايللممق ِّددطنامريُن‪��،،‬أسفنيخايةلق�ُأدووخملرةباىاللا�إتلحيىتيف�ُاوسلجظطدبةُنبا�هلسا اطخليمةراطمانرنا‪،‬لبموريدنانجمي‪،‬بج اععنللأدىم ُنمط‪،‬ل�بشوغهأ�ـِّالن‪،‬‬ ‫كما أ�ن من الواجب على م�شغل المطار‪ ،‬في حالة القيام‬ ‫بتنفيذ أ�و تطوير برنامج الأمن‪ ،‬الت�أ ُّكد من �أن البرنامج‬ ‫يحتوي على التدابير الأمنية‪ ،‬التي تم تحديدها‪ ،‬بغر�ض‬ ‫الحماية من �أفعال التدخل غير الم�شروع‪ ،‬ويجب على إ�دارة‬ ‫المطار‪ ،‬تفعيل برنامج ُمراقبة جودة �أمن الطيران‪ ،‬وذلك‬ ‫من ِخلال �إجراء عمليات (التدقيق الأمني ـ التفتي�ش ـ‬ ‫الم�سوحات ـ الاختبارات)‪ ،‬وذلك للت�أ ُّكد من تنفيذ ال�ضوابط‬ ‫والإجراءات ا ألمنية‪ ،‬التي وردت ببرنامج أ�من المطار‪،‬‬ ‫و ُمعالجة أ�ي ق�صور �إن وجد‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫أمن النقل ـ تحقيق‬ ‫تت�ض َّمن �أعمال ال�سلامة‪ ،‬الت�سهيلات وا أل�ساليب‬ ‫ومن جانبه ُي�شير ال�سيد نور �سليمان‪ ،‬الرئي�س التنفيذي‬ ‫وا إلجراءات‪ ،‬إل�صدار و�سائل تتع َّلق بال�سلامة‪ ،‬وو�ضع‬ ‫ل�شركة (دي‪�.‬إت�ش‪.‬ال)‪ ،‬ال�شرق ا ألو�سط و�شمال أ�فريقيا‪،‬‬ ‫المُتخ�ص�صة في إ�دارة وت�شغيل المطارات ‪� ،‬إلى �أهمية نظام‬ ‫ُمتط َّلبات ا ألمن مو�ضع التنفيذ‪.‬‬ ‫�إدارة ال�سلامة بالمطارات‪ ،‬وتطبيقه‪ ،‬من ِقبل المُ�شغـِّل‪ ،‬على‬ ‫نظام تنفيذ ا ألعمال في مناطق ال�سلامة الجوية‪ ،‬التي‬ ‫الوجه ا ألمثل‪ ،‬و�ضمان الامتثال لكافة ُمتطلبات ال�سلامة‪،‬‬ ‫تتط َّلب ُم�ستوى عالي ًا من التكامل‪ ،‬في إ�دارة ال�سلامة‬ ‫ومن ال�ضروري ا إل�شارة إ�لى �أن ثمة عنا�صر رئي�سة‪ ،‬يجب‬ ‫�أن تت�ض َّمنها �أي منظومة إلدارة ال�سلامة بالمطارات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫(برنامج مقايي�س ال�سلامة)‪.‬‬ ‫�سيا�سة ال�سلامة‪ ،‬وتطبيقاتها‪ ،‬في عمليات ا إلدارة وا ألمن‪،‬‬ ‫التدقيق الداخلي على معايير ال�سلامة ومراجعتها‬ ‫وفي إ�طار ت�شغيل المطارات‪ ،‬من المنظورين التنظيمي‬ ‫وعلاقاتها بعمليات الت�شغيل و ال�صيانة‪.‬‬ ‫وا ألمني‪ُ ،‬يحدثنا ال�سيد �شاهزاد برات�شا‪ ،‬خبير �إدارة‬ ‫تحديد ا ألوليات‪ ،‬وو�ضع �إطار لمُراقبة المخاطر‪ ،‬التي‬ ‫وت�شغيل‪ ،‬من الخطوط الجوية الباك�ستانية‪ ،‬قائل ًا ‪ :‬من‬ ‫ُيكن �أن تنجم عن انخفا�ض الأداء‪ ،‬والإمكانات العملية‬ ‫الأمور التي يجب �أن ت�ؤخذ بعين الاعتبار‪ ،‬و�ضع ِخطة‬ ‫لل ُمحافظة على تنفيذ ُمتطلبات القواعد القيا�سية‪،‬‬ ‫تف�صيلية لاختبار جاهزية المرافق‪ ،‬والا�ستعداد الت�شغيلي‬ ‫و�أ�ساليب العمل المو�صى بها دوليـًا‪ ،‬وكذا اللوائح التنظيمية‪،‬‬ ‫للجهات العاملة‪ ،‬والمُ�س َتخ ِدمة للمطار‪ ،‬على �أن ت�شمل هذه‬ ‫ال ِخطة �أربعة مراحل‪ُ ،‬كل منها ت�ستهدف �إنجاز مجموعة‬ ‫والمقايي�س والقواعد وا ألوامر التنظيمية الوطنية‪.‬‬ ‫‪78‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫جميع‬ ‫ف ُبج المراقبة م�سئول عن �سلامة الطائرة‪ ،‬وتقديم‬ ‫ك ُكل‪،‬‬ ‫المعلومات اللازمة ل�سلامة وان�سياب الحركة الجوية‬ ‫وذلك بتطبيق ال ُنظم‪ ،‬واللوائح الخا�صة بذلك‪ ،‬لتحقيق‬ ‫�أهداف أ�همها‪:‬‬ ‫‪ -‬منع الت�صادم بين الطائرات القادمة‪ ،‬والمُغادرة‪.‬‬ ‫‪ -‬منع الت�صادم بين الطائرات‪ ،‬والعوائق‪� ،‬سواء الجوية أ�و‬ ‫الأر�ضية‪.‬‬ ‫‪� -‬إعطاء معلومات تحذيرية لقائد الطائر‪ ،‬إ�ذ ما تع َّر�ضت‬ ‫لخطر ما‪.‬‬ ‫‪ -‬إ�بلاغ الجهات الم�سئولة‪ ،‬في حالة ا�ستغاثة من الطائرة‪،‬‬ ‫إلر�سال ِفرق البحث وا إلنقاذ‪.‬‬ ‫‪ -‬الإبلاغ عن حالة الطق�س (رياح ـ �ُسحب ـ �ضغط ج ِّوي ـ‬ ‫حرارة ـ رطوبة ـ تنب�ؤات جوية‪..‬الخ)‪ ،‬قبل و�أثناء الرحلة‬ ‫الجوية‪.‬‬ ‫‪ -‬المُحافظة على الان�سيابية‪ ،‬وت�سهيل الحركة الجوية‪.‬‬ ‫‪ -‬تقديم الخدمات الخا�صة بالطوارئ ‪.‬‬ ‫ولكونه بهذه الأهمية‪ ،‬ف إ�ن ُبرج المراقبة‪ ،‬يجب أ�ن تعمل‬ ‫به الكفاءات والكوادر‪ ،‬ذات التدريب العالي‪ ،‬على أ�عمال‬ ‫المُراقبة‪ ،‬يقول ال�سيد �أني�س الورتاني‪ ،‬كاتب عام نقابة �أمن‬ ‫مطار قرطاج‪ ،‬في تون�س ‪:‬‬ ‫�إن المُراقب الج ِّيد‪ ،‬هو من يكون �سريع البديهة‪ ،‬ذا ُقدرات‬ ‫ح�سابية عالية‪ ،‬وقبل ُكل ذلك قادر على الهدوء‪ ،‬والتح ُّكم‬ ‫في أ�ع�صابه‪ ،‬تحت �ضغوط العمل‪ ،‬إ�ذ يتو َّجب �أن ي�ستوعب‬ ‫من ا ألعمال‪ ،‬ل�ضمان جاهزية المرافق‪ ،‬والجهات المعنية في‬ ‫المُعطيات‪ ،‬و ُيق ِّيم الو�ضع ب ِد َّقة‪ ،‬ويتخذ القرار ال�صحيح‪،‬‬ ‫تلك المرحلة‪ ،‬ومن ثم الانتقال للمرحلة التالية‪ ،‬و�صول ًا إ�لى‬ ‫الت�شغيل ال ُتجاري‬ ‫في أ��سرع وقت ُمكن‪ ،‬كما يجب أ�ن يتم َّتع ب ِ�ص َّحة ج ِّيدة‪،‬‬ ‫الـجـويـة بـالـمـطـارات‬ ‫�أهـمـيـة الـ ُمـراقـبـة‬ ‫ولياقة بدنية عالية‪ ،‬وحا�سة نظر قوية‪ ،‬وكذا حا�سة �سمع‬ ‫المُراقبة في المطارات‪ ،‬باعتبارها‬ ‫وينظر �إلى أ�براج‬ ‫�أقوى‪ ،‬إ��ضافة إ�لى ُقدرته على التوا�صل عبر الراديو‪ ،‬ب ُلغة‬ ‫ع�صب‬ ‫التح ُّكمفيالرحلاتالجوية‪،‬حيثي ؤ� َذنللطائراتبالهبوط‬ ‫و�صوت وا�ضحين‪ ،‬و أ�ن يتم َّتع بروح الفريق‪ ..‬وفي أ�وقات‬ ‫والإقلاع‪ ،‬ح�سب حالة �إ�شغال المطار‪ ،‬لي�س ذلك وكفى‪،‬‬ ‫الذروة‪ُ ،‬يكن أ�ن يتولى ُكل ُمراقب ُمتابعة حتى ع�شر‬ ‫طائرات‪ ،‬في الوقت ذاته‪..‬‬ ‫جميع تح ُّركات‬ ‫اول�إنطماائ�أريا�تضـً‪،‬ا ُميعنتبمرحُبرطاج اتلمُالراوققبوة افل‪،‬م��إسلئىو ُنلقعطنة‬ ‫ومن المُهم ج ًدا‪� ،‬أن يكون قد �أم�ضى ِع َّدة دورات تدريبية‪،‬‬ ‫الإقلاع‪ ،‬مرو ًرا‬ ‫على كيفية التعامل مع الأجهزة‪ ،‬وال ُنظم ا إللكترونية‬ ‫الأر�ضية‪ ،‬الم�ؤدية إ�لى المدرج‪ ،‬في حالة الطائرات‬ ‫ابلامُلمغامدَّرراة‪،‬ت‬ ‫الحديثة‪ ،‬للا�ستفادة على نحو ج ِّيد من ُمعطياتها‪،‬‬ ‫�أما في حالة الطائرات القادمة‪ ،‬ف إ�ن ُبرج المراقبة‬ ‫وقيا�ساتها‪ ،‬وتقديرها لمدى المخاطر المُتو َّقعة‪� ،‬أثناء حركة‬ ‫م�سئول عنها‪ُ ،‬منذ اقترابها للمطار‪ ،‬وهبوطها‪ ،‬ثم بعد‬ ‫ذلك خروجها من المهبط‪ ،‬والذهاب إ�لى محطة الوقوف‪،‬‬ ‫الطائرات‪ ،‬في مجالها الجوي ‪.‬‬ ‫وفي جميع ا ألحوال‪� ،‬سواء كانت الطائرة قادمة‪ ،‬أ�و ُمغادرة‪،‬‬ ‫‪79‬‬

‫عدالة جنائية‬ ‫مفهوم ونطاق‬ ‫مسرح الجريمة‬ ‫اللواء‪ /‬د‪ .‬محمد محمد عنب‬ ‫�أكاديمية ال�شرطة ‪ -‬القاهرة‬ ‫تناول الخبراء والفقهاء والباحثون تحديد م�سرح الجريمة من عدة زوايا‬ ‫باعتباره م�ستودع �سر الجريمة‪ ,‬لاحتوائه على الأثار المادية والأدلة‬ ‫الجنائية‪ ,‬فالبع�ض ق�صره على مكان ارتكاب الجريمة‪ ,‬والبع�ض ا ألخر امتد‬ ‫إ�لى الأماكن المجاورة كالطرقات وملاحق المنازل والدهاليز‪ ,‬واتجاه ثالث‬ ‫ذهب بمفهوم م�سرح الجريمة إ�لى كل ا ألماكن متفرقه �أو متلا�صقة �سواء‬ ‫أ�كانت مت�صلة �أم متباعدة وفق ًا لنوع الجريمة المرتكبة‪ ,‬والبع�ض امتد‬ ‫بم�سرح الجريمة �إلى أ�ماكن إ�خفاء متح�صلات الجريمة �أو �أثارها المادية‪,‬‬ ‫التي وقع فيها الن�شاط المادي للجريمة‪ ,‬ف�شمل المفهوم الأخير امتداد‬ ‫الم�سرح �إلى جرائم �أخرى‪ ,‬مثل اقتراف جريمة �سرقه و�إخفاء الم�سروقات‪,‬‬ ‫على الرغم من �أن ال�سرقة جريمة و�إخفاء الم�سروقات جريمة أ�خرى‪.‬‬ ‫‪80‬‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫‪81‬‬

‫عدالة جنائية‬ ‫ارتكاب الجريمة في مفهوم واحد‪ ,‬وقد يتعدد الجناة ويكون‬ ‫ويمكن �إيجاز مفهوم م�سرح الجريمة في اتجاهين‪ :‬ا ألول‪:‬‬ ‫اف�ألكجثرري‪,‬مةفهمنثاليكجورنياملةتعالدتدج�مضهرروترير ًات‪,‬كوتبكمونن‬ ‫هذا لازم ًا لقيام‬ ‫يبدو في أ�ن تحديد م�سرح الجريمة بكونه المكان الذى‬ ‫خم�سه أ��شخا�ص‬ ‫ت�سقط به آ�ثار ًا مادية من الجاني أ�و المجنى عليه �أو ال�شاهد‬ ‫ا ألدوار مت�ساوية‪ ,‬فيكون هنا �أي�ضا م�سرح الجريمة ينطبق‬ ‫�أو يعلق ب�أي منهم �أثار مادية من الم�سرح‪ ,‬وقد يحتوى م�سرح‬ ‫مع مكان ارتكابها‪.‬‬ ‫الجريمة على مكان واحد ًا أ�و عدة �أماكن وقع فيها الن�شاط‬ ‫ويختلف الأمر عندما يتعدد الجناة ويكون لكل منهم دور‬ ‫الإجرامي‪ ,‬والاتجاه الثاني يتمثل في المكان الذى ق�صده‬ ‫بالم�ساهمة في ارتكاب الجريمة‪ ,‬فهنا نكون أ�مام م�ساهمه‬ ‫الجاني ب�إرادته وعلمه لارتكاب الجريمة ويبقى فيه الى‬ ‫أ��صليه وقد يتبعهم م�ساهمه تبعية‪ ,‬والذي يقوم بالدور‬ ‫أ�ن يحقق هدفه وين�صرف‪ .‬ومن الملاحظ أ�ن الاتجاهات‬ ‫الرئي�سي في ارتكاب الجريمة يعتبر فاعل ًا أ��صلي ًا‪ ,‬وهو‬ ‫ال�سابقة تق�صر م�سرح الجريمة على الن�شاط المادي للجناة‬ ‫البادئ في التنفيذ �سواء تمت الجريمة �أو وقفت عند حد‬ ‫أ�ثناء ارتكابهم الجريمة‪ ,‬وهذا يمثل المفهوم ال�ضيق لم�سرح‬ ‫ال�شروع‪ ,‬مثال ي�ستوقف �أحد الجناة المجنى عليه �أثناء‬ ‫الجريمة‪ ,‬نظر ًا لخلو المفهوم من تحديد �أدوار الم�ساهمين‬ ‫قيادته �سيارته والفاعل الثاني يجذبه إ�لى خارج ال�سيارة‬ ‫في ارتكاب الجريمة التي يمتد إ�ليهم الم�سرح فيت�سع نطاقه‬ ‫ليتمكن الثالث من �إطلاق النار عليه وقتله �أو �سرقته‪,‬‬ ‫وعندما تقت�صر الم�ساهمة الجنائية على التحري�ض أ�و‬ ‫عن مكان الاقتراف‪.‬‬ ‫الم�ساعدة خارج نطاق م�سرح الجريمة فهذه م�ساهمة‬ ‫كما أ�نه عند خلو الجريمة من م�ساهمين �أ�صليين بمعنى‬ ‫تباعيه ونرى �أن م�سرح الجريمة لا يمتد �إلى هذه الأعمال‬ ‫إ�ذا اقترفها �شخ�ص واحد في زمان ومكان محدد‪ ,‬في هذه‬ ‫التباعية‪ ,‬ولي�س معنى هذا أ�ن الم�ساهم التبعي يفلت من‬ ‫الحالة يكون م�سرح الجريمة هو مكان ارتكابها �سواء �أكان‬ ‫يد العدالة ولكن ا ألمر يحتاج �إلى �إجراءات م�شروعه تتخذ‬ ‫الن�شاط ا إلجرامي �سلبيا �أم إ�يجابي ًا‪ ,‬عمد ًا أ�و خط�أ‪ ,‬مع‬ ‫خارج م�سرح الجريمة لا�ستكمال �ضبط الواقعة والقب�ض‬ ‫توفر العلم وا إلرادة وتحقق النتيجة وعلاقة ال�سببية‪ ,‬وما‬ ‫على الم�ساهم التبعي‪.‬‬ ‫يتخلف عن الجريمة من �آثار و�أدله مادية‪ ,‬ولا يغير من‬ ‫كما �أن الاتجاه في دول عديده من العالم ينحى �إلى التو�سع‬ ‫الأمر �شيئ ًا إ�ذا تمت الجريمة بالكامل �أو وقف الن�شاط‬ ‫عند حد ال�شروع‪ ,‬فينطبق هنا م�سرح الجريمة مع مكان‬ ‫‪82‬‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫�أحدهم يدخل إ�لى العقار المراد �سرقته لتنفيذ الجريمة‬ ‫في تحديد الفاعل الأ�صلي‪ ,‬فنجد �أن محكمة النق�ض‬ ‫والثاني يقف بعيد ًا عن المنزل في موقع يمكنه من المراقبة‬ ‫الم�صرية في حكمها تتطلب في الفاعل ا أل�صلي قيامه ب أ�فعال‬ ‫لتنبيه القائم بال�سرقة ليتمكن من الفرار من مكان‬ ‫ال�شروع أ�و البدء في التنفيذ‪ ,‬ولم تقف عند هذا الحد‬ ‫الجريمة‪ ,‬ويقف ال�شخ�ص الثالث في مكان منا�سب يبعد‬ ‫واعتبرت القيام بالأعمال الم�سهلة فاعلا �أ�صليا للجريمة‬ ‫قليل ًا عن العقار محل ال�سرقة منتظر ًا الح�صول على‬ ‫ب�شرط الظهور على م�سرح الجريمة أ�ثناء الارتكاب مع‬ ‫الم�سروقات ويقوم ب إ�خفائها بعد ت�سلمها‪ ,‬فه ؤ�لاء الأ�شخا�ص‬ ‫االرثتلكااثبةها‪,‬ه�إمذنفييمتحدالالةم�سظرهحوارليعهلمىجمم�يسع ًرا‪.‬ح الجريمة أ�ثناء‬ ‫علمه بالن�شاط ا إلجرامي‪.‬‬ ‫كما أ�نه يوجد ر أ�ى أ�خر في تحديد نطاق م�سرح الجريمة‬ ‫نجد �أن الكثير من الت�شريعات تو�سع في تحديد الفاعل‬ ‫يبدو في الاعترا�ض على معيار الظهور على م�سرح الجريمة‬ ‫الأ�صلي للجريمة عند الم�ساهمة‪ ,‬فا�شترط البع�ض �أن‬ ‫ويميل إ�لى الت�ضييق لا التو�سعة في نطاق م�سرح الجريمة‬ ‫مجرد الظهور في م�سرح الجريمة وقت ارتكابها يمتد إ�ليه‬ ‫عند الم�ساهمة ا أل�صلية ويق�صر الم�سرح في كل الحالات‬ ‫الم�سرح‪ ,‬والبع�ض �أخذ بفكرة الظهور الحكمي أ�و الاعتباري‬ ‫على مكان الارتكاب‪ ,‬م�ستندا �إلى �أنه لو ت�صادف وعدل‬ ‫على م�سرح الجريمة كالو�ضع في المملكة المتحدة ولا يتطلب‬ ‫ال�شخ�ص الذى يرتكب الجريمة ر أ�يه وان�صرف لحال‬ ‫الأمر روية �أو �سماع الواقعة ولكن يكون عالم ًا بما يجرى من‬ ‫�سبيله تارك ًا من يقوم بدور الحرا�سة‪ ,‬والمنتظر ا�ستلام‬ ‫ارتكاب �أن�شطه إ�جراميه‪ ,‬كمن يقف على قمة ه�ضبة على‬ ‫الم�سروقات فالمفرو�ض عند ا ألخذ بمعيار مجرد الظهور‬ ‫بعد عدة �أميال وي�ستطيع تنبيه زملائه من الجناة عند‬ ‫كل منهما‬ ‫في اعتبار‬ ‫معل�سىاهمم ً�اس�أر�حصليا ًالجفيرياملةج أ�رينمةي�رستغممر‬ ‫الخطر أ�ثناء ارتكابهم الجريمة أ�و ي�شد �أزرهم �أو يعيق‬ ‫الفاعل عن‬ ‫زوال �صفة‬ ‫ال�سارق عند عدولة عن ارتكاب الجريمة التي لم ترتكب‪.‬‬ ‫ال�شرطة في الو�صول اليهم ‪.‬‬ ‫ونخل�ص �إلى �أن الاتجاه الأرجح من وجهه نظرنا هو الذى‬ ‫وهكذا يتبين �أن مفهوم م�سرح الجريمة هو مكان الارتكاب‬ ‫ينادى بالتو�سعة في تحديد الفاعل ا أل�صلي وبالتالي في‬ ‫في الحالات التي يكون فيها الجاني �شخ�صا واحدا بمفرده‪,‬‬ ‫ولكن عندما يرتكب الواقعة �أكثر من �شخ�ص يت�سع نطاق‬ ‫م�سرح الجريمة عن مكان ارتكاب الجريمة‪.‬‬ ‫فنجد على �سبيل المثال عندما ينفذ ثلاثة جناة الجريمة‬ ‫‪83‬‬

‫عدالة جنائية‬ ‫الجريمة بمعرفة �شخ�ص واحد ويتحقق الن�شاط ا إلجرامي‬ ‫مفهوم م�سرح الجريمة ألنه يكون أ�عم و أ��شمل من ح�صر‬ ‫والنتيجة في عدة دول‪ ,‬وفي هذه النوعية من الجرائم توجد‬ ‫م�سرح الجريمة في مكان ارتكابها‪ ,‬ولا يميل �إلى ا ألخذ‬ ‫على م�ستوى العالم اتجاهات ونظريات عديده نوجز الأولى‬ ‫بمعيار ال�شروع ألن هذا ي�ضيق من نطاق م�سرح الجريمة‪,‬‬ ‫فيما يطلق عليه نظريه ال�سلوك �أو الن�شاط الإجرامي التي‬ ‫وي ؤ�ثر في �إجراءات �ضبط الجريمة وتحقيق العدالة‬ ‫ت�أخذ ب�سلوك الجاني‪ ,‬وبالتالي يكون نطاق م�سرح الجريمة‬ ‫المكان �أو الأماكن التي ارتكب فيها الجاني الن�شاط‬ ‫الجنائية‪.‬‬ ‫الإجرامي فت�صبح الدولة التي اقترف فيها الن�شاط‬ ‫وقد يمتد م�سرح الجريمة إ�لى �أكثر من دولة‪ ،‬ويتحقق‬ ‫المجرم هي �صاحبه الاخت�صا�ص‪ ,‬وهذه النظرية كما يراها‬ ‫هذا عندما يمتد الن�شاط الإجرامي في ارتكاب جريمة‬ ‫البع�ض ت�سهل �إجراءات إ�ثبات الواقعة من انتقال ومعاينه‬ ‫واحدة لأكثر من دولة‪� ,‬سواء �أكان الجاني �شخ�ص ًا واحد ًا‬ ‫والح�صول على الأدلة الجنائية‪ ,‬والاتجاه �أو النظرية‬ ‫أ�و أ��سهم في ارتكابها عدة �أ�شخا�ص ب أ�دوار مختلفة في كل‬ ‫الثانية في هذا ال�صدد ت أ�خذ بمكان تحقق نتيجة الن�شاط‬ ‫دولة‪ ,‬فقد يرتكب �شخ�ص أ�و أ�كثر بع�ض �أن�شطة الجريمة‬ ‫ا إلجرامي فتكون الجريمة قد �أكملت في هذه المرحلة‪,‬‬ ‫في دولة‪ ,‬ويتكامل الن�شاط في دولة ثالثه وتتحقق النتيجة‬ ‫وهناك اتجاه لنظريه ثالثه يطلق عليها النظرية المختلطة‪,‬‬ ‫في دولة أ�خرى‪ ,‬وهنا ي�شكل الأمر �صعوبة في تحديد نطاق‬ ‫ألنها ت أ�خذ بما جاء في النظريتين ال�سابقتين الن�شاط‬ ‫م�سرح الجريمة‪ ,‬والاخت�صا�ص‪ ,‬ونورد لذلك بع�ض الأمثلة‬ ‫والنتيجة مع ًا‪ ,‬فيعتبر نطاق م�سرح الجريمة مكان الن�شاط‬ ‫الافترا�ضية المثال الأول �شخ�ص يقف على حدود دولته‬ ‫ومكان النتيجة في أ�ي مكان ودولة تحقق مع توافر علاقه‬ ‫و أ�طلق النار على �شخ�ص آ�خر داخل حدود الدولة المجاورة‬ ‫ال�سببية التي تربط بين الن�شاط و النتيجة‪ ,‬وبهذه النظرية‬ ‫ف أ��صابه‪ ,‬ونقل للعلاج في دولة ثالثه وتحققت النتيجة‬ ‫أ�خذت العديد من الدول في القانون الفرن�سي وا إلنجليزي‬ ‫بوفاته‪ ,‬فما نطاق م�سرح الجريمة في هذه الدول الثلاث‬ ‫والبلجيكي واليوناني والألماني والإيطالي والدنماركي‬ ‫وما الدولة �صاحبه الاخت�صا�ص؟‪.‬‬ ‫وتبدو الإجابة في التفرقة بين حالتين‪ :‬الأولى‪ :‬عندما ترتكب‬ ‫‪84‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫الخلا�صة تبدو في أ�ن نطاق م�سرح الجريمة‪ ,‬وتحديد‬ ‫وال�سويدي وال�سوي�سري‪ ,‬والق�ضاء الم�صري‪ ,‬وخلا�صة‬ ‫مفهومه لم يتفق عليها الفقه والق�ضاء والت�شريعات فنجد‬ ‫القول �أن كل مكان وقع فيه الن�شاط ا إلجرامي �أو حدثت‬ ‫أ�ن هناك من يميل إ�لى الت�ضيق في معيار تحديد م�سرح‬ ‫فيه النتيجة يكون م�سرح ًا للجريمة‪ ,‬وهذا في حالة وحدة‬ ‫الجريمة وي�أخذ بمعيار البدء في التنفيذ �أو حد ال�شروع‬ ‫ولهم مبرراتهم‪ ,‬والاتجاه الآخر يميل إ�لى التو�سع في نطاق‬ ‫الجاني وتعدد أ�ماكن الارتكاب والنتيجة‪.‬‬ ‫تحديد م�سرح الجريمة وا ألخذ بمعيار الظهور على م�سرح‬ ‫وفي حالة ارتكاب جريمة من �أكثر من �شخ�ص ويقع الن�شاط‬ ‫الجريمة ل�شد أ�زر الجناة دون أ�ن يرتكب �شيء من الن�شاط‬ ‫الإجرامي والنتيجة في �أكثر من دولة‪ ,‬ظهرت في مثل هذه‬ ‫المادي‪ ,‬وذلك في �سبيل الح�صول على الأدلة التي تدين‬ ‫الجرائم نظريه الا�ستعارة الجنائية التي تبدو في ا�ستعاره‬ ‫الم�شتبه فيه أ�و ُتبرئه وتثبت وقوع الجريمة وتن�سبها �إلى‬ ‫ال�شريك إ�جرامه من الفاعل الأ�صلي للجريمة وبالتالي تبع‬ ‫ال�شريك الفاعل الأ�صلي في إ�جرامه‪ ,‬ومن هذا المنطلق‬ ‫مقترفيها لعدم �إفلات الجناة من العدالة‪.‬‬ ‫�سوت هذه النظرية بين �إجرام الم�ساهم التبعي (ال�شريك)‬ ‫وبناء على ما �سبق يمكننا تعريف م�سرح الجريمة باعتباره‬ ‫وبين إ�جرام الم�ساهم الأ�صلي من حيث الم�سئولية الجنائية‬ ‫المكان �أو الأماكن التي �شهدت الن�شاط المادي للجريمة‬ ‫حتى لو اختلفت الدول محل الن�شاط‪ ,‬وبالتالي يكون م�سرح‬ ‫وتحققت فيه النتيجة �أي�ض ًا مع وجود علاقة �سببية بينهما‪,‬‬ ‫الجريمة محل الاخت�صا�ص مكان وقوع الفعل ا أل�صلي‬ ‫و�سقط في هذه ا ألماكن آ�ثار من الجاني أ�و المجنى عليه‬ ‫للجريمة‪ ,‬وتتبع �أعمال الم�ساهمة التبعية (الا�شتراك) التي‬ ‫أ�و ال�شهود �أو علق ب أ�ي منهم �آثار مادية من مكان ارتكاب‬ ‫تمت في ذات الدولة التي بها م�سرح الجريمة �أو في دول‬ ‫الجريمة تدل على وقوع الجريمة وتحدد �أ�شخا�ص‬ ‫�أخرى اخت�صا�ص الدولة التي وقع فيها الن�شاط ا أل�صلي‬ ‫مرتكبيها وال�شهود والمجنى عليه عندما يكون مجهول‬ ‫للجريمة‪ ,‬وبهذا نجد في حاله تعدد الفاعلين مع تعدد‬ ‫الدول المقترف فيها الجريمة‪ ,‬يكون نطاق م�سرح الجريمة‬ ‫الهوية وتفيد في ك�شف الغمو�ض ومعرفة الحقيقة‪.‬‬ ‫في الدول التي وقعت فيها ا ألدوار الأ�صلية‪.‬‬ ‫‪85‬‬

‫وراء القضبان‬ ‫تهريب الآثار‬ ‫�صنعاء ‪ :‬محفوظ الميا�سي‬ ‫ا�ستطاع بدماثة �أخلاقه‪� ،‬أن تتخطى علاقته مع التلاميذ لت�شمل �أهل المنطقة‪ ،‬وخ�صو�ص ًا مع ال�شيخ م�سعود‬ ‫�أحد النافذين‪ ،‬الذي �أخذ يتق َّرب �إليه بطريقة �أثارت انتباهه ولفتت نظره‪ ،‬ف�سرته هذه العلاقة! لا �سيما‬ ‫و أ�نه وجد لديه �شغف ًا با آلثار وتعلق ًا بتاريخ المحافظة‪.‬‬ ‫فقد عر�ض عليه بع�ض الآثار التي بحوزته‪ ،‬بعد �أن توطدت العلاقة بينهما‪ ،‬لي�س أ�ل عن �أهميتها وقيمتها‬ ‫التاريخية‪ ،‬فيجيب عليه بملاحظات و�آراء وجدت قبول ًا واهتمام ًا كبير ًا في نف�س ال�شيخ‪.‬‬ ‫�أ�شبع نهمه هذا الأمر‪َ ،‬ف�َس َّخر كل معارفه في م�ساعدته‪ ،‬وكان يقوم بت�صنيف تلك الآثار كلما ُطلب منه ذلك‪،‬‬ ‫خا�صة و�أنه در�س التاريخ‪ ،‬ويعرف ما تحتويه هذه المحافظة من �آثار مطمورة لها قيمة تاريخية عالية‪ ،‬من‬ ‫دون �أن يثير هذا التفاهم والتعاون القائم بينهما �أي �شكوك �أو ربية‪.‬‬ ‫وليد �شاب يبلغ من العمر اثنين و أ�ربعين عام ًا‪ ،‬يعي�ش وراء الق�ضبان منذ اثنتي ع�شرة �سنة بتهمة تهريب‬ ‫الآثار والتجارة بها‪ ،‬أ�لتقيته في ال�سجن زهاء ال�ساعتين‪ ،‬وتركت له الحديث؛ ليخبرني‪ ،‬كيف تغيرت دروب‬ ‫حياته التي كانت في يوم من الأيام واعدة وطموحة ؟ ولماذا �أ�صبح �سجين ًا لا حول له ولا قوة‪ ،‬بعد أ�ن كان‬ ‫طليق ًا ناجح ًا و�سعيد ًا؟ فا�ستر�سل في �سرد ما حدث له‪ ،‬وك أ�نه وقع في هذه الم�شكلة منذ �ساعات‪ ..‬فماذا قال‪:‬‬ ‫وليد؟‪..‬‬ ‫‪86‬‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫الطمع قاد وليد إلى مغامرة أبعدته عن‬ ‫زوجته وأولاده خمسة عشر عامًا خلف‬ ‫القضبان‬ ‫الشيخ مسعود لم يسرق آثار المحافظة‬ ‫فقط لكنه سرق سعادة الساذجين‬ ‫‪87‬‬

‫وراء القضبان‬ ‫�أعرف كثير ًا من زملائي‪ ،‬قبلوا العمل في محافظات‬ ‫انتظار وظيفة وكارثة التوزيع‬ ‫نائية وبعيده‪ ،‬ثم تمكنوا بعد �سنوات من العمل‪ ،‬أ�ن يعيدوا‬ ‫تخرج ُت من كلية ا آلداب في العام ‪2002‬م‪ ،‬تخ�ص�ص‬ ‫�أو�ضاعهم الوظيفية �إلى العا�صمة‪.‬‬ ‫�آثار‪ ،‬قدمت ملفي �إلى وزارة الخدمة المدنية‪ ،‬كي أ�ح�صل‬ ‫ذهبت للتدري�س في تلك المحافظة‪ ،‬وجدت المدر�سة التي‬ ‫على وظيفة حكومية في مجال درا�ستي الجامعية‪� ،‬إل َّا أ�ن‬ ‫�أر�سلت �إليها قديمة‪ ،‬تتكون من خم�سة ف�صول درا�سية‬ ‫العمل في الدولة‪ ،‬يتطلب الانتظار حتى ي�أتي الدور‪ ،‬فعملت‬ ‫ومكتب ل إلدارة‪ ،‬ي�سكن فيه معلمان‪ ،‬هم كل الطاقم‬ ‫مدر�س ًا في �إحدى المدار�س الخا�صة ب�صنعاء لمدة ثلاث‬ ‫�سنوات‪ ،‬بعدها �أعلنت وزارة الخدمة المدنية عبر و�سائل‬ ‫التعليمي‪� ،‬أ�صبح ُت ثالثهم أ��شاركهم الغرفة والتدري�س‪.‬‬ ‫لم يكن العي�ش �سيئ ًا في هذه المنطقة‪ ،‬فالنا�س فيها طيبون‪،‬‬ ‫الإعلام �أ�سماء الموظفين في الجهاز ا إلداري للدولة‪.‬‬ ‫يمكن التعاي�ش معهم ب�سهولة‪ ،‬هذا ما تولد لدي خلال‬ ‫وكنت واحد ًا منهم؛ لكن الكارثة �أنه تم توزيعي في‬ ‫وزارة التربية والتعليم‪ ،‬كمدر�س لمادة التاريخ‪ ،‬في إ�حدى‬ ‫الأ�شهر ا ألولى من عملي‪.‬‬ ‫المحافظات النائية المجاورة ل�صنعاء‪ ،‬ولي�س في مجال‬ ‫كان التلاميذ قليلين جد ًا وغير منتظمين في هذه المدر�سة‬ ‫الابتدائية‪ ،‬و أ�حيان ًا لا ي أ�تي أ�حد منهم‪ ،‬لم أ��شت ِك من هذا‬ ‫درا�ستي!‪.‬‬ ‫الو�ضع‪ ،‬و أ�ديت واجبي تجاه التلاميذ على أ�كمل وجه‪،‬‬ ‫قبل ُت هذه الوظيفة على م�ض�ض‪ ،‬ألن عدم قبولها كان‬ ‫يعني لي ترك زوجتي و أ�طفالي‪ ،‬فلم يكن أ�مامي من فر�صة‬ ‫أ�حببتهم و�أحبوني‪ ،‬كنت أ�رى فيهم م�ستقبل المحافظة‪.‬‬ ‫للعمل‪� ،‬سوى مهنة التدري�س‪ ،‬على �أم ٍل �أن �أتمكن في وق ٍت‬ ‫علاقة وطيدة وسلطة واسعة‬ ‫لاح ٍق‪ ،‬من نقل و�ضعي الوظيفي �إلى �صنعاء‪.‬‬ ‫في هذه المنطقة تعرف ُت على أ�حد الوجهاء‪ ،‬بل يعتبر‬ ‫مدرسة قديمة وأناس طيبون‬ ‫كبيرها‪ ،‬فهو الحاكم‪ ،‬وال�شرطة‪ ،‬وال�ضرائب‪ ،‬وال�شيخ‪،‬‬ ‫‪88‬‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫الجامعية كانت في مجال ا آلثار‪ ،‬اهتم بي كثير ًا‪ ،‬وحظيت‬ ‫والمدير‪ ،‬وكل �شيء فيها‪.‬‬ ‫بقربه‪ ،‬كان يحثني دائم ًا على العمل في مجال تخ�ص�صي‪،‬‬ ‫كان نافذ ًا ثري ًا له �سلطة وا�سعة على كثير من مديريات‬ ‫وفعل ًا‪ ،‬فوجئت ذات يوم في تمام ال�ساعة التا�سعة م�سا ًء‬ ‫المحافظة‪ ،‬لدرجة أ�ن مدير ا ألمن‪ ،‬و أ�ع�ضاء المجل�س‬ ‫�أن جاءني �أحد مرافقيه‪ ،‬يبلغني �أن ال�شيخ يريد مقابلتي‬ ‫المحلي‪ ،‬لا يخالفون له أ�مر ًا‪ ،‬يتواجد في ال�شهر ع�شرة �أيام‬ ‫بمنزله الطيني الكبير‪ ،‬يمتلك تجارة‪ ،‬وله عقارات م ؤ�جرة‬ ‫ألم ٍر هام!‪.‬‬ ‫في �صنعاء‪.‬‬ ‫تماثيل صغيرة وتدوين القطع‬ ‫�أ�صبح ُت قريب ًا منه في غ�ضون ثلاثة �أ�شهر‪ ،‬كان ي�ستدعيني‬ ‫لتناول وجبة الغداء في منزله‪ ،‬وعندما علم �أن درا�ستي‬ ‫ذهب ُت إ�لى منزله‪ ،‬ا�ستقبلني بحفاوة‪� ،‬س َّلم عل َّي ب�شوق‪،‬‬ ‫‪89‬‬

‫وراء القضبان‬ ‫�أمهلني ليلة كاملة‪ ،‬ولم ي�سمح‬ ‫منزله‪ ،‬كتب ُت‬ ‫لي بمغادرة‬ ‫قطعة �أثرية‪،‬‬ ‫و�صف ًا لكل‬ ‫وفي ال�صباح حدثني �أن ما‬ ‫كتبته �سي�ضمنه في تقريره‬ ‫الذي �سيرفعه للمخت�صين‪،‬‬ ‫فهي ذات �أهمية‪ ،‬واتفق‬ ‫مع الم�سئولين في المحافظة‪،‬‬ ‫ومنهم مدير الأمن‪ ،‬على �أن‬ ‫تكون القطع ا ألثرية بمعيته‪،‬‬ ‫و�سير�سلها إ�لى الهيئة العامة‬ ‫ل آلثار في �صنعاء‪.‬‬ ‫ما قاله ال�شيخ يبدو طبيعي ًا‬ ‫ومنطقي ًا‪ ،‬لأن الرجل يكاد‬ ‫يكون �أهم من المحافظ‪،‬‬ ‫والجميع ينفذون �أوامره‪.‬‬ ‫نقل وظيفة وإرسال‬ ‫�أدخلني غرفته الخا�صة‪ ،‬و�أجل�سني مكانه‪ ،‬ثم غادر‪ ،‬وعاد‬ ‫حقيبة‬ ‫بعد خم�س دقائق‪ ،‬يحمل كرتون ًا �صغير ًا و�ضعه بالقرب‬ ‫مني‪ ،‬ثم و�ضعه على الأر�ض‪ ،‬وقام بفتحه‪ ،‬كان فيه تماثيل‬ ‫قدم لي ال�شيخ مبلغ ًا من‬ ‫أ�ثرية �صغيرة‪ ،‬قال لي‪ :‬إ�ن هذه ا آلثار ا�ستخرجها الباحثون‬ ‫المال‪ ،‬مقابل ما بذلته من‬ ‫من المحافظة‪ ،‬و�أريدك �أن تطلع عليها‪ ،‬وتد َّون و�صف ًا لكل‬ ‫جهد‪ ،‬ووعدني بنقل وظيفتي‬ ‫من وزارة التربية والتعليم‬ ‫قطعة‪.‬‬ ‫إ�لى الهيئة العامة للآثار‪،‬‬ ‫فما قمت به هو أ�ول خطوة في‬ ‫‪90‬‬ ‫طريق النقل!‪.‬‬ ‫تتابعت بعدها اللقاءات‪ ،‬كان‬ ‫في كل فترة ما بين �شهرين‬ ‫�إلى ثلاثة‪ ،‬ي�ستدعيني لكي‬ ‫اطلع على مجموعة من ا آلثار‪ ،‬إ� َّما تماثيل‪ ،‬أ�و �أوان فخارية‪،‬‬ ‫أ�و �سكاكين أ�ثرية‪ ،‬أ�و �أحجار عليها نقو�ش‪� ،‬أو حلي وغيرها‪.‬‬ ‫جاءت العطلة ال�صيفية‪ ،‬قررت ال�سفر لزيارة �أ�سرتي في‬ ‫�صنعاء‪ ،‬وعندما عرف ال�شيخ بذلك‪ ،‬أ�ر�سل معي حقيبة‬ ‫حديدية �صغيرة‪ ،‬قال إ�ن بداخلها قطع ًا أ�ثرية مهمة‪ ،‬وعل َّي‬ ‫ت�سليمها مع التقرير الذي كتبته‪ ،‬ل�شخ�ص �سيلقاني في‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫مرات عدة‪� ،‬أن ال�شيخ ُيه َّرب قطع ًا أ�ثرية‪.‬‬ ‫�صنعاء‪ ،‬و�سيقوم بت�سليمها لهيئة ا آلثار‪.‬‬ ‫املثنقاةل�اشلتكويكي!تموتمعنباهال‪،‬جنووالنن�أفونذ أُ�باّللغذب�أيولهاديمهي‪،‬‬ ‫لكني وجدت‬ ‫بعد و�صولي �صنعاء‪ ،‬ات�صل بي أ�حد الأ�شخا�ص‪ ،‬وجاء‬ ‫ح�صن ًا‪ ،‬حتى‬ ‫إ�لى منزلي‪ ،‬عرفني بنف�سه‪ ،‬أ�نه من هيئة ا آلثار‪ ،‬ات�صلت‬ ‫أ�ي جهة‪ ،‬فما يعطيني من مال‪ ،‬أ�عتبره رزق من الله �ساقه‬ ‫بال�شيخ للت�أكد من هوية الرجل! فوجهني بت�سليمه الحقيبة‬ ‫لي‪.‬‬ ‫بعد �شهر‪ ،‬هاتفني ال�شيخ‪ ،‬طلب مني الح�ضور إ�لى منزله‪،‬‬ ‫الحديدية والر�سالة‪.‬‬ ‫�سافرت �إليه‪ ،‬طلب مني حمل ِقطع �أثريه �إلى �صنعاء‪ ،‬كان‬ ‫قد أ�طلعني عليها منذ �شهور �سابقة‪ ،‬قمت ب إ�دخالها في‬ ‫مكافأة مالية وشكوك محصنة‬ ‫حقيبة حديدية �صغيرة و أ�غلقتها ب إ�حكام‪ ،‬وفوقها خم�س‬ ‫أ�وراق مكتوبة بخط يدي‪ ،‬ت�صف تلك القطع‪ ،‬فقد كنت‬ ‫في اليوم التالي جاءني ال�شخ�ص نف�سه‪ ،‬أ�عطاني مائة �ألف‬ ‫أ�تمتع بخبرة في مجال الآثار‪.‬‬ ‫ريال‪ ،‬قال �إنها مكاف�أة من ال�شيخ‪ ،‬وهذا أ�كبر مبلغ يدفعه‬ ‫لي‪� ،‬إذ كان يعطيني �سابق ًا خم�سين �ألف ريال في كل مرة‪،‬‬ ‫أ��ساعده على تدوين حالة الآثار‪ ،‬حتى أ�ن ال�شك قد �ساورني‬ ‫‪91‬‬

‫وراء القضبان‬ ‫و�سهل ًا با أل�ستاذ‪ ،‬أ�نت اليوم �ضيفنا‪ ،‬واقتادوني مع الحقيبة‬ ‫تفتيش السيارة وضبط الشرطة‬ ‫إ�لى مركز ال�شرطة القريب من النقطة‪.‬‬ ‫�أخذتها معي‪ ،‬لكنها لم ت�صل إ�لى �صنعاء‪ ،‬و أ�نا لم �أ�صل إ�لى‬ ‫�أخذوا هاتفي‪ ،‬ولم ي�سمحوا لي بالات�صال ب�أحد‪ ،‬ثم في‬ ‫منزلي‪ ،‬فما �إن و�صلت ال�سيارة التي كنت ا�ستقلها‪ ،‬إ�لى‬ ‫ال�صباح رحلوني �إلى �شرطة البحث الجنائي‪ ،‬وهناك تم‬ ‫نقطة التفتي�ش الأمني الواقعة في مدخل العا�صمة‪ ،‬حتى‬ ‫اقترب �ضابط ومعه أ�ربعة جنود‪ ،‬أ�مروا ب إ�يقاف ال�سيارة‬ ‫التحقيق معي‪.‬‬ ‫على جانب الطريق‪ ،‬أ�نزلوا كل الركاب‪ ،‬وبد أ�وا بتفتي�ش‬ ‫حقائب الم�سافرين ب�شك ٍل دقيق‪� ،‬إلى �أن و�صلوا �إلى الحقيبة‬ ‫تورط المدرس وإنكار المرسل‬ ‫الحديدية‪.‬‬ ‫حدثتهم بكل ما �أعرفه‪ ،‬وكيف كان ال�شيخ يطلب مني‬ ‫�س أ�لوا من �صاحبها؟‬ ‫العمل معه في تدوين ا آلثار؟ لا �أعلم من �أين جاءت‪ ،‬وكيف؟‬ ‫�سوى ما قاله ال�شيخ‪� ،‬إنها ا�ستخرجت عبر باحثين تابعين‬ ‫قلت‪ :‬أ�نا‪.‬‬ ‫وما بداخلها؟‬ ‫للدولة‪ ،‬و�ستر�سل للهيئة العامة ل آلثار‪.‬‬ ‫أ�خبرتهم وبلغة الواثق من نف�سه‪� ،‬أن فيها قطع ًا أ�ثرية‬ ‫بعد ثلاثة �أيام من ال�سجن‪ ،‬هم�س في �أذني أ�حد ال�ضباط‬ ‫�أر�سلها ال�شيخ أ��سعد‪ ،‬وهو معروف لديكم‪ ،‬ومدير ا ألمن‬ ‫المحققين‪� ،‬أنه توا�صل مع المعنيين‪ ،‬فال�شيخ لا يعرف �شيئ ًا‬ ‫والمحافظ‪ ،‬على علم بذلك‪� ،‬ضحكوا! وقالوا لي‪ :‬أ�هل ًا‬ ‫عن ا ألمر‪ ،‬و�إدارة الأمن‪ ،‬والمحافظ‪� ،‬أذهلهما الخبر‪.‬‬ ‫‪92‬‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫عل َّي بال�سجن خم�سة‬ ‫تورطهم‪.‬‬ ‫عرفت من ال�ضابط‪� ،‬أن هناك مجموعة من ا آلثار تم‬ ‫الأهل والمحبين‪ ،‬ولم‬ ‫�أحيلت الق�ضية �إلى المحكمة‪ ،‬وحكمت‬ ‫تهريبها‪ ،‬والم�ضبوطة معي جز ًء منها‪ ،‬و�أنا المتهم الوحيد‪،‬‬ ‫ع�شر عام ًا‪ ،‬لقد خذلني الكثير من‬ ‫يقف �إلى جواري �سوى زوجتي الم�سكينة‪ ،‬التي �أ�صبحت في‬ ‫فقد كانت معي ا آلثار والتقرير الذي ي�صفها بخطي‪.‬‬ ‫حكم ا ألرامل‪ ،‬بعد زواجنا بخم�سة �أعوام‪ ،‬وتتكبد معاناة‬ ‫�أخبرتهم عن ال�شخ�ص الذي طلب مني ال�شيخ ت�سليمه‬ ‫متابعة ق�ضيتي‪ ،‬التي لها من التعقيد ما يجعلني و�أ�سرتي‪،‬‬ ‫القطع ا ألثرية‪ ،‬لكني لا أ�عرف ا�سمه‪ ،‬ولا �أملك �سوى و�صف‬ ‫م�صابين بالي أ��س والإحباط‪ ،‬ولكنني لم �أفقد الأمل‪ ،‬فا أليام‬ ‫كفيلة بك�شف الحقيقة‪ ،‬على الرغم من أ�نه لن ي�ستطيع �أحد‬ ‫مبهم له‪ ،‬فهو من كان يت�صل بي‪.‬‬ ‫محا�سبة هذا ال�شيخ النافذ‪ ،‬الذي أ��صبح له نفوذ ب�سبب‬ ‫ا�ستمر �سجني في البحث الجنائي ثلاثة �أ�شهر‪ ،‬كانوا‬ ‫الملايين التي ح�صل عليها من تهريب ا آلثار طوال ال�سنوات‬ ‫يحققون معي عن بقية ا آلثار‪ ،‬وي�س�ألوني‪� :‬أين ذهبت؟ فلا‬ ‫الما�ضية‪ ،‬و أ�نا ال�ضحية !!‪.‬‬ ‫�أملك �سوى نف�س الإجابة‪ ،‬لكن ال�ضابط المحقق قال لي‬ ‫ربما يكون ال�شيخ قد ورطك وا�ستخدمك‪ ،‬ومعروف عن‬ ‫سنوات ماضية وذكريات باقية‬ ‫بع�ض النافذين في المنطقة‪ ،‬بتهريب الآثار‪ ،‬فهم يتفقون‬ ‫مع �ضعفاء النفو�س من الم�س ؤ�ولين‪ ،‬ولعل ال�شيخ اختلف مع‬ ‫وفي تعليقة على هذه الجريمة تحدث ال�صحفي �صدام‬ ‫أ�حد �شركائه‪ ،‬فقام ال�شريك ب إ�بلاغ ال�شرطة‪ ،‬وهذا �سبب‬ ‫�ضبطك مع الآثار في النقطة‪ ،‬ولي�س هناك �أدلة تثبت‬ ‫‪93‬‬

‫وراء القضبان‬ ‫فيه حياة المرء على ال�صورة التي قد تكون نهائية‪ ،‬لم يحقق‬ ‫الظافري قائل ًا‪:‬‬ ‫الكثير من �أحلامه‪� ،‬أو ي�صل إ�لى ما كان يطمح إ�ليه‪ ،‬لكي‬ ‫اثنا ع�شر عام ًا �ُس ِل َخت من عمره بين جدران ال�سجن‪،‬‬ ‫ينعم بالا�ستقرار في حياته‪ ،‬والإن�سان إ�ذا لم يحقق ما يريد‬ ‫ب�سبب جريمة لم يقترفها‪ ،‬هذه ال�سنوات كفيلة بمحو‬ ‫في فترة �شبابه‪ ،‬فمتى �سيفعل ذلك؟ ونادر ًا ما يبد أ� المرء في‬ ‫الكثير من الذكريات‪ ،‬والحدث الذي وقع قبل هذه المدة‬ ‫الزمنية‪ ،‬لا يمكن أ�ن ت�ستح�ضره اليوم بكل تفا�صيله‪ ،‬وك�أنه‬ ‫العمل على تحقيق �شيء ذي بال بعد هذا العمر‪.‬‬ ‫حدث منذ �ساعات‪.‬‬ ‫معاناة متنوعة ومأساة كبيرة‬ ‫فخلال هذه الأعوام جرت الكثير من الوقائع‪ ،‬التي ت�سيطر‬ ‫على الذاكرة‪ ،‬وت�ستوطن أ�ماكن الأحداث القديمة‪ ،‬لكن‬ ‫هذا هو حال وجدي ق�ضى هذه الفترة في ال�سجن‪ ،‬لا �شيء‬ ‫ا ألمر في هذه الق�صة مختلف‪ ،‬فوجدي لا يزال يعي�ش‬ ‫يقوم به �أو يفعله �سوى المعاناة‪ ،‬التي تتكرر كل يوم في‬ ‫تفا�صيل ما حدث له منذ دخوله ال�سجن‪ ،‬وعمره حينها‬ ‫ال�صورة ذاتها‪ ،‬وبنف�س التفا�صيل‪ ،‬معاناة ال�سجن‪ ،‬معاناة‬ ‫البعد عن أ�هله‪ ،‬ومعاناة الح�سرة الناجمة عن إ�دراكه‪،‬‬ ‫ثلاثين عام ًا‪ ،‬وهو في ذروة �شبابه‪.‬‬ ‫�أما ا آلن فقد تعدى ا ألربعين عام ًا‪ ،‬وهو ال�سن الذي تحدد‬ ‫وبحجم م أ��ساته‪.‬‬ ‫‪94‬‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫يتذكر بو�ضوح تلك القطع الأثرية التي عثر عليها رجال‬ ‫لم يقر بذنبه‪ ،‬ويدعي البراءة من التهمة المن�سوبة إ�ليه‪،‬‬ ‫ال�شرطة في حقيبته‪ ،‬فهي تطارده في �أحلامه‪ ،‬وفي ليالي‬ ‫لكنها لي�ست مجرد تهمه‪ ،‬بل حقيقة‪ ،‬فرجال ال�شرطة‬ ‫ال�سجن الكئيبة‪ ،‬تلك القطع ت�ساوي ثروة‪ ،‬فمن أ�ين ح�صل‬ ‫�ضبطوه في �إحدى النقاط الأمنية‪ ،‬وهو متلب�س بحيازة �آثار‬ ‫نادرة‪ ،‬حاول �أن ي�شرح لهم أ�نها مر�سلة من �شخ�ص مهم في‬ ‫عليها �صديقه المزعوم؟‪.‬‬ ‫لقد كان ال�شيخ النافذ مهرب وتاجر �آثار‪ ،‬وهو ما يف�سر‬ ‫المحافظة لهيئة ا آلثار في �صنعاء‪ ،‬لكن لا فائدة‪.‬‬ ‫حياته الباذخة‪ ،‬لكنه لم يفطن ب�سهولة‪ ،‬ولي�س ب أ�مر‬ ‫لا يدري كيف عرف رجال ال�شرطة ب أ�مره! هل و�شى به‬ ‫م�ستبعد منه‪ ،‬فمن يتاجر بم�ستقبل وبحياة الآخرين‪،‬‬ ‫الرجل؟ وهذا أ�مر لا يعقل! أ�م إ�ن هناك �شخ�ص ًا آ�خر قام‬ ‫بهذه المهمة‪ ،‬ما زال هذا الأمر يحيره‪ ،‬بعد انق�ضاء هذه‬ ‫يتاجر ب أ�ي �شيء‪ ،‬فكيف وقع �ضحية له بهذه ال�سهولة‪.‬‬ ‫أ�عتقد جازم ًا �أن القدر اختار له هذا الم�صير البائ�س‪ ،‬منذ‬ ‫ال�سنوات على وقوع الحادثة‪ ،‬ولم يجد تف�سير ًا لها‪.‬‬ ‫اللحظة التي و�ضع فيها قدمه على تراب تلك المحافظة‪،‬‬ ‫وعليه أ�ن يتعاي�ش مع هذا القدر‪ ،‬على أ�م ٍل أ�ن يتمكن في‬ ‫ليا ٍل كئيبة ومصير بائس!‬ ‫يوم ما من مغادرة ال�سجن‪ ،‬والعودة إ�لى الحياة من جديد‪.‬‬ ‫اليوم وبعد مرور ال�سنوات التي ق�ضاها في ال�سجن‪ ،‬ما زال‬ ‫‪95‬‬

96

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫واحة الأدب‬ ‫‪97‬‬

‫واحة الأدب‬ ‫أدب الرحـلة‬ ‫الجزائر ‪� -‬صبحة بغورة‬ ‫نحو الآفاق الف�سيحة وتنظيم الرحلات البرية‬ ‫يميل الإن�سان بفطرته إ�لى ا�ستطلاع طبيعة مظاهر‬ ‫والبحرية �إلى مناطق بعيدة وغير معروفة‪ ،‬كانت في‬ ‫الحياة المختلفة حوله والتطلع �إلى الآفاق برا وبحر ًا‪،‬‬ ‫أ�ول ا ألمر أ��شبه بالمغامرة المحفوفة بالمخاطر‪ ،‬ن�شط‬ ‫ويدفعه ف�ضوله المت�أ�صل فيه �إلى محاولة التعرف‬ ‫�أدب الرحلات في البداية على �أيدي الجغرافيين‬ ‫�أكثر على طبائع ال�شعوب الأخرى البعيدة عنه‬ ‫والم�ستك�شفين للثروات الطبيعية خا�صة الذهب‬ ‫والاطلاع عن قرب على أ�نماط معي�شتهم ذلك ألنه‬ ‫والأحجار الكريمة‪ ،‬ولم تكن المعلومات ال�ضرورية‬ ‫طبع على حب المعرفة ‪ ،‬وهذا الميل كان دافعه للرحيل‬ ‫‪98‬‬

‫العدد ‪٤٢٥‬‬ ‫وينقل كل ما ر�آه في طابع أ�دبي لا يخلو من تقنية الو�صف‪،‬‬ ‫الكاتب الرحالة المغترب‬ ‫إ�ذ ي�شمل �أدب الرحلة نقل ًا لموا�صفات الطبيعة الموجودة في‬ ‫يتميز بنظرة ثاقبة ‪ ..‬وفكر‬ ‫مناطق العالم غير المكت�شفة‪ ،‬كما يحتوي على �سرد لعادات‬ ‫وتقاليد �شعوب هذه المناطق‪ ،‬وبقدر ما يت�ضمن �أدب الرحلة‬ ‫نقدي متوهج‬ ‫من �شعرية الو�صف بقدر ما تتم معاي�شة القارئ لفكرة‬ ‫الرحلة ويتحقق ا�ستغراقه في أ�بعادها الزمنية والمكانية‬ ‫متوفرة بالقدر الكافي لمواجهة ما قد ي�صادفهم من غرائب‬ ‫والنف�سية‪ ،‬ومنها يت�شكل الارتباط الوجداني بالرغم من‬ ‫�أثناء رحلتهم البعيدة التي كانت بحق �سفر ًا نحو المجهول‬ ‫بعد المكان ‪ ،‬وعلى قدر رهافة و�شعرية الو�صف يقوى أ�و يفتر‬ ‫لأنها كانت تفتقد �إلى �إمكانية و�ضعها داخل حدود التوقع‪،‬‬ ‫هذا الارتباط ‪ ،‬على �أن �إ�ضفاء ال�شعرية في الو�صف يخ�ضع‬ ‫لذلك فان ما مر بكل منهم من أ�حداث في �إحدى البلدان‬ ‫لمقدار �شفافية الكاتب وح�سا�سيته تجاه الظواهر المتنوعة‬ ‫كان جديرا لغرابته بت�سجيله في �شكل «مذكرات» تكاد‬ ‫�أي قوة ت�أثره بها من جهة‪ ،‬ومن جهة أ�خرى �إلى قوة ت أ�ثير‬ ‫تكون يومية حتى لا تهمل فتن�سى ‪ ،‬وبعد انت�شار القوافل‬ ‫الطبيعة على النف�س الب�شرية بما تتمتع به من عوامل جذب‬ ‫التجارية واكت�شاف العوالم الجديدة والفتوحات ا إل�سلامية‬ ‫و�إبهار‪ ،‬ف�شعرية الو�صف لدى الكاتب الرحالة بالمناطق‬ ‫تطور ا ألمر إ�لى بروز «كتابات « توفرت فيها عنا�صر ال�سرد‬ ‫الجبلية حيث تك�سو الثلوج البي�ضاء �أ�شجار ال�صنوبر لن‬ ‫والو�صف والحوار لتحقيق المتعة والفائدة فمثلت هده‬ ‫تكون نف�سها لدى من ت�أثر بمروره على ال�ضفاف الخ�ضراء‬ ‫«الكتابات « ال�صورة القديمة للق�صة لأنها كانت تت�سم بنزعة‬ ‫ل ألنهار العذبة المترقرقة وقت ا أل�صيل‪ ،‬ولن تكون نف�سها‬ ‫ق�ص�صية طبيعية تعتمد على ا إلثارة والت�شويق ‪ ،‬ثم ما لبثت‬ ‫�أي�ضا لدى من يتواجد متمددا بم�ضارب الخيام �أ�سفل‬ ‫�أن تحولت �إلى نوع من الفنون الأدبية وهو « �أدب الرحلة «‬ ‫النخيل البا�سقة و�سط أ�مواج الرمال الذهبية بال�صحراء‪.‬‬ ‫الذي فيه ي�ستقي الكاتب المعلومات والحقائق من الم�شاهد‬ ‫من أ��شهر الرحالة العرب الذين اهتموا بتوثيق رحلاتهم‬ ‫الحية والت�صوير المبا�شر ويوثق كل ما ي�صادفه عبر رحلاته‬ ‫‪99‬‬

‫واحة الأدب‬ ‫غبار الت�شويه العمدي عن بع�ض الحقائق‪ ،‬ولفت الأنظار‬ ‫أدب الرحلة ‪ ..‬ثراء في‬ ‫إ�لى ما تعر�ضت له بع�ض ا ألحداث من تجهيل وتعتيم‪ ،‬ف أ�دب‬ ‫المضامين ‪ ...‬وتنوع في‬ ‫الرحلة يوثق بحيادية عفوية للعديد من الأحداث التاريخية‬ ‫المواضيع ‪ ..‬واختلاف في‬ ‫المهمة ويهتم بت�سجيل المعلومات الجغرافية حول المناطق‬ ‫الجديدة التي لم تط�أها من قبل قدم إ�ن�سان ‪ ،‬وينقل‬ ‫مستويات الأسلوب‬ ‫و�صفا �صادقا عن العادات ال�سائدة عند �سكان المناطق‬ ‫التي و�صلها الرحالة‪ ،‬وبراعة الت�صوير تجعلنا ن�سافر إ�لى‬ ‫وكتابة الق�ص�ص حول الأحداث التي مروا بها في الأماكن‬ ‫التي ذهبوا �إليها كل من الإدري�سي الأندل�سي في كتابه «‬ ‫الأماكن ونتخيل أ�نف�سنا فيها‪ ،‬ويعتمد �أدب الرحلة‬ ‫نزهة الم�شتاق في اختراق الآفاق» ‪ ،‬والم�سعودي م�ؤلف «‬ ‫على نقل التاريخ ب�صورة واقعية �أي‬ ‫مروج الذهب» وابن بطوطة وابن ف�ضلان وابن الجبير‬ ‫�سرد ق�ص�ص حول حياة وبطولات‬ ‫ا ألندل�سي الذي ق�ضى ‪� 10‬سنوات متنقلا بين مكة وبيت‬ ‫�شخ�صـــيات حقيقــية قــام‬ ‫المقد�س والقاهرة �سجل خلالها مقاومة الم�سلمين للغزو‬ ‫الكاتب الرحالة بتقريبها‬ ‫ال�صليبي بقيادة �صلاح الدين الأيوبي‪ ،‬والمقد�سي �صاحب‬ ‫وتعريفــها لأقــــوام‬ ‫« �أح�سن التقا�سيم في معرفة الأقاليم» والبيروني الذي‬ ‫�آخـرين ‪،‬ويتمــــيز‬ ‫وثق رحلته إ�لى الهند التي �أقام فيها نحو ‪� 40‬سنة انطلق‬ ‫الكـاتب الرحـالة‬ ‫فيها �سائحا مت�أملا في رحلته الم�سماة « تحقيق ما للهند‬ ‫المغترب بنظرة‬ ‫من مقولة مقبولة أ�و مرذولة « وكان له الف�ضل من خلالها‬ ‫ثاقبــةوفــكر‬ ‫في نقل أ�دب الرحلات �إلى مرحلة متقدمة لدرا�سة ثقافات‬ ‫ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـقدي‬ ‫ال�شعوب ممثلة في لغتها وعقائدها وعاداتها‪ ،‬إ�لى جانب‬ ‫م ـ ـ ـ ـتو هـ ـ ـج‬ ‫الكتاب ال�شهير في �أدب الرحلات « الفا�شو�ش في حكم‬ ‫يـــ ؤ� هـــلـه‬ ‫قراقو�ش» الذي كتبه ابن مماتي �أديب قبطي م�صري وهو‬ ‫لإعـ ـ ـ ـ ـ ـطاء‬ ‫في ع�صر �صلاح الدين الأيوبي ين�ضح بال�سخرية والتهكم‬ ‫تف�س ـ ـ ـيرات‬ ‫من �أحد القادة م�ساعدي �صلاح الدين وهو بهاء الدين‬ ‫للمبهــم من‬ ‫قراقو�ش وقد أ�بدع الأديب القبطي في الت�شنيع به‪ ،‬هذا إ�لى‬ ‫ا ألمـــور لدى‬ ‫جانب �آخرين تركوا أ�عمالا جعلت �أدب الرحلات �شكلا فنيا‬ ‫حتى مواطني‬ ‫داخلا في الأدب مثل ماركو بولو‪ ،‬ت�شارلز داروين‪ ،‬أ�ندريه‬ ‫ا لمنـطــــــــــقة‬ ‫جيد‪� ،‬أرن�ست هيمنجواي ونجيب محفوظ‪ ،‬وكلهم جمعتهم‬ ‫الأ�صليــين‪ ،‬وعلى‬ ‫فكرة الرحلة من �أجل تحقيق وعمل درا�سة تاريخية‬ ‫قـدر غزارة الإنتاج‬ ‫وجغرافية حية‪ ،‬وهكذا أ��صبح أ�دب الرحلات من بين أ�هم‬ ‫الأدبي للكاتب الرحالة‬ ‫الم�صادر الجغرافية والتاريخية ألن الكاتب يقوم بمهمة‬ ‫بقدر ما نال التقدير‬ ‫التوثيق الدقيق لم�شاهداته والت�سجيل ال�صادق لتجاربه‬ ‫على خلفية �أنه كان متميزا‬ ‫عبر رحلاته كلها‪ ،‬وقد أ�ثمر الكثير منها في إ�لقاء ال�ضوء‬ ‫في جيله ومجددا في طرحه وكان‬ ‫الكا�شف وا�سعا على ما خفي من الأمور‪� ،‬أو �أفاد في إ�زالة‬ ‫امتدادا بحثيا في عوالم داكنة ‪ ،‬منهم من‬ ‫ت�صادف ح�ضوره ال�شخ�صي مواقف بالغة الخطورة‬ ‫‪100‬‬

‫العددد ‪٤٢٢٥٥‬‬ ‫تقارب الشعوب ‪ ..‬وتلاقح‬ ‫والح�سا�سية وكانت له فر�صة الاطلاع عن كثب على‬ ‫الثقافات ‪ ...‬وتطور الفكر‬ ‫تطورات �أحداث م�صيرية ومتابعة م�ستجداتها ف�أ�سهموا في‬ ‫ك�شف حقائق مثيرة مثل بروز المتمردين ون�شاط القرا�صنة‬ ‫نوع �آخر من �أدب الرحلات وهو الق�ص�ص ال�شعبية مثل‬ ‫‪،‬عولمة التجارة وعلاقتها ب إ�غراق العالم بال�سلاح ‪،‬انت�شار‬ ‫ال�سندباد البحري المدمن للرحلات البحرية والمغامرات‪،‬‬ ‫المجموعات الجهادية‪ ،‬مظاهر الظلم ال�سيا�سي‪ ،‬واندلاع‬ ‫وملحمة �أبو زيد الهلالي وملحمة جلجام�ش البابلية‪،‬‬ ‫النزاعات والحروب‪ ،‬والحروب الأهلية في الدول اله�شة‬ ‫وملحمة الأودي�سا الإغريقية و�أ�سا�س كل هذه الملاحم‬ ‫‪،‬والانقلابات وال�صراع بين الأغلبية والأقليات وتمرد‬ ‫هو حكاية رحلة يقوم بها البطل لتحقيق هدف معين‪.‬‬ ‫الحركات الانف�صالية ‪ ،‬ومنهم من �أ�سهم في التقريب‬ ‫يمكن تلم�س ذاتية الكاتب الرحالة في الكثير من أ�عماله‬ ‫بين ال�شعوب وفي تن�شيط التجارة بينهم‬ ‫وذلك من خلال الزاوية التي نظر منها ل ألحداث‪ ،‬والى‬ ‫وتبادل التجارب الحياتية والعلمية‪.‬‬ ‫قناعاته الخا�صة تجاهها ودرايته الكاملة بجوانبها‬ ‫يقت�ضي الوقوف على جمالية �أدب‬ ‫و�أ�سبابها التي تحدد موقفه منها ‪ ،‬ومن خلال ما أ�بانه‬ ‫الرحلة البحث في �أدبية الرحلة‬ ‫من تعاطف �أو ارتباط وجداني مع المنطقة التي زارها أ�و‬ ‫وجماليـات تلقيــها‪ ،‬ويتـطلب‬ ‫نفوره من �سكانها ‪ ،‬ف�أدب الرحلة انعكا�س لعمق الحالة‬ ‫هـــذا بـــدوره الت�سـجــــيل‬ ‫الوجدانية والمعنوية للكاتب الناتجة من ارتباطه النف�سي‬ ‫ال�سريع ألحداث الرحلة‬ ‫بالمنطقة التي زارها ‪ ،‬والتي تطورت تدريجي ًا في الكثير‬ ‫حـــــتى لا يتـعــــر�ض‬ ‫من الحالات إ�لى حد بداية تعلم حدود المواطنة وقواعد‬ ‫الكاتب بعد تقادمها‬ ‫الانتماء واكت�ساب ال�شعور بالحب و أ��صول الولاء ويعد‬ ‫�إلى الن�ســـيان والى‬ ‫�أدب الرحلة كذلك نوع ًا من ال�سيرة الذاتية في حد ذاته‬ ‫مواجـــهة م�شكــلة‬ ‫للكاتب الرحالة لما يت�ضمنه من المعلومات ا أل�سا�سية‬ ‫الاجـتـــــــهاد في‬ ‫التي تعرف �شخ�صيته تعريفا �شاملا‪ ،‬ولما يحتويه من‬ ‫مع�ضــلة التوفـــيق‬ ‫تفا�صيل دقيقة عن م�سار حياته العملية وا�ستعرا�ضا‬ ‫بين �صــورة الواقــع‬ ‫تاريخيا لنجاحاته و إ�خفاقاته‪ ،‬ولما يمنحه من إ�مكانية‬ ‫وجمـالــية المتخيل‪،‬‬ ‫الر�ؤية الوا�سعة لتب�صر مختلف انجازاته‪ ،‬لذا يو�صف‬ ‫و�أدب الرحلة يتميز‬ ‫أ�دب الرحلة بال�سيرة المروية لإن�سان غير م�ستقر ‪.‬‬ ‫عن غيره من الفنون‬ ‫قد لا نكون مبالغين �إذا اعترفنا ألدب الرحلة بف�ضل‬ ‫بثراء م�ضامينه وتنوع‬ ‫�إ�سهاماته الجليلة في �إحداث التقارب بين ال�شعوب ‪ ،‬وفي‬ ‫موا�ضيــعه واختـــلاف‬ ‫دوره الفعال في تلاقح الثقافات وفي إ�حداث التطور في‬ ‫م�سـتويـــــات الأ�ســـلوب في‬ ‫الفكر والتنامي في البحث‪ ،‬و أ�دى بتنوعه �إلى خلق حب‬ ‫التعبير عنه ‪ ،‬و�أدب الرحلة فيه‬ ‫المعرفة و�إثارة ال�شوق للمطالعة حتى أ��صبحت ممار�سة‬ ‫عنا�صر �أدبية وظاهرة فنية ت�ضفي‬ ‫ثقافية من أ�جل تنمية الذكاء والقدرات الابتكارية‬ ‫عليه جمالية تقربها من دائرة الأدب ‪،‬‬ ‫ومعرفة الموروث الثقافي الوطني والعالمي والتفتح‬ ‫ومع ذلك فقد داعب الخيال عقول البع�ض‬ ‫على عالم ا ألفكار وعلى ثقافات ال�شعوب الأخرى‪.‬‬ ‫ممن و�صلت �أ�سماعهم �أخبار عن �أ�ساطير تدخل‬ ‫في باب الخرافة و�أرادوا الت�أكد من حقيقتها‪ ،‬كما ن�ش أ�‬ ‫‪101‬‬

‫واحة الأدب ق�صة ق�صيرة‬ ‫الإفلات من عبء اللحظات القاتمة‬ ‫كبرت «مي�ساء « في أ�جواء عائلية هادئة وم�ستقرة بين‬ ‫أ�خوتها الذكور ظلت منذ ولادتها زهرة العائلة وعطر‬ ‫حياتها‪ ،‬نف�سها الطافحة بالحياة والخافقة بنب�ضها‬ ‫جعلتها تتمتع بقدرة كبيرة على �إنتاج ال�سعادة أل�سرتها‬ ‫بدل البحث عنها ‪ ،‬ما من أ�حد التقاها حتى لام�ست‬ ‫ب�صدقها و�شفافية روحها وب�سلا�سة حديثها وعذوبة كلماتها‬ ‫�أعماق وجدانه بنجاح و�أثارت في نف�سه البهجة والتفا ؤ�ل‪.‬‬ ‫طرقت مي�ساء باب غرفة والدها ت�ست�أذنه كعادتها كل �صباح‬ ‫أ�فمينعدترنم�ؤيياهتل أ�هه�صقلابحلبظاةذلثه�امصب�أده أ�اذ أ�لنلطلجرهااامفعهفوة‪،،‬جلدمطتلتهعبيرخمانفلأهيامبرباجكلاهنمتبامهاتم�ًاصمنتكعدبثويرقر ًًةاا‬ ‫و�سرعان ما قبلت جبينه وان�صرفت‪،‬ت�أملها هذه المرة بعين‬ ‫�أخرى‪ ،‬ر آ�ها ت�سير أ�مامه بخطوات لم يكن يلاحظها من قبل‬ ‫تراكماتعميقةجعلتهيعي�ش كابو�سالبقاءفيدوامةمنحوار‬ ‫‪ ،‬كلها ر�شاقة‪ ..‬و�أنوثة ‪ ،‬تح�س�س مو�ضع قبلتها وتهي أ� له أ�نها‬ ‫ال�شكوى الهام�سة �إذ ظل �أ�سير تر�سبات حياتية خلقت لديه‬ ‫غير بريئة كانت قبلة حارة ت�سلل معها �إلى نف�سه �شعور مزعج‬ ‫اعتقادات خاطئة را�سخة أ�ن ج�سد ا ألنثى وروحها هو ثنائية‬ ‫‪ ،‬أ�عاد فتح ال�صندوق و أ�خرج منه أ�وراقا مطوية قد ا�صفرت‬ ‫لل�شرف والخيانة وهاهي تعاوده في �إ�صرار مر�ضي بعدما ظن‬ ‫�أطرافها ‪ ،‬كانت ر�سائل من �أعز المقربين له لذلك احتفظ بها‬ ‫�أن الزمن قد يطهر الجراح ويلملم أ��شلاء القلب لتر�سو النف�س‬ ‫‪ ،‬أ�راد �إعادة ما كان يقر�أ في ر�سالة تهنئة من أ�حد أ��صدقائه‬ ‫على بر الراحة والهناء و أ�ن زواجه هو الدواء ال�شافي للتخل�ص‬ ‫بمنا�سبة يوم ميلاد «مي�ساء» إ�ذ ا�ستوقفه في نهايتها عبارة‬ ‫من لحظات الندم والتح�سر وا�ستبدالها بالأمل والثقة‪.‬‬ ‫�أحدثت في نف�سه تحولا غريبا ‪ ،‬قر�أها ب�صوت خافت وهو‬ ‫في الم�ساء ‪ ،‬أ�رادت مي�ساء بعفويتها أ�ن تحدثه كعادتها كيف‬ ‫يحاول �أن ي�ستنبط المعنى الخفي من ورائها « ‪ ...‬و�أن يلب�سها‬ ‫ق�ضت يومها وتق�ص تفا�صيل ما واجهته من أ�حداث جادة‬ ‫لبا�س ال�ستر والعفاف ويحفظها بما حفظ به ال�صالحات‬ ‫ومواقف م�ضحكة ‪ ،‬ولكنه كان يبدو جام ًدا معها لا يبدي‬ ‫الطاهرات‪ ،‬و أ�ن تكون ذخرا لمجتمعها ووطنها « أ�ثارت معانيها‬ ‫ر�أيا موافقا أ�و قولا معار�ضا‪ ،‬بدا كمن غاب عنه ح�سن‬ ‫قلقا في نف�سه تحول �إلى هاج�س مخيف ‪ ،‬تنهد عميقا ونظر‬ ‫الظن وغاب لديه طهر التوا�صل‪ ،‬ا�ست�شعرت حرج الموقف‬ ‫�إلى ا ألفق من خلال نافذة غرفته العري�ضة حيث ال�سماء تكاد‬ ‫بعدما رف�ض أ�ن تلام�س يديه ‪�،‬صارحها بعد تردد �أنه لا يريد‬ ‫تنطبق على الأر�ض في احتواء جميل وتذكر كم كان زواجه من‬ ‫�أن يراها تخرج دوما من المنزل وتعود مت�أخرة في الم�ساء ‪،‬‬ ‫ابنة منطقته الريفية انتقالا جذريا من جحيم المعا�صي إ�لى‬ ‫يكفي ما بلغته من التعليم و أ�ن‪ ...‬ولكنه �صمت فج أ�ة وهو‬ ‫نعيم التوبة ‪ ،‬كما تذكر كم كانت الحياة �أ�سهل في اليوم الذي‬ ‫يقر أ� في الوجوه حوله معاني ا أل�سف والاندها�ش ا ألقرب‬ ‫قرر �أن ينتقل إ�لى المدينة بحثا عن العمل ‪ ،‬ولكن المدينة اليوم‬ ‫إ�لى الا�ستنكار والرف�ض‪ ،‬انكم�ش على نف�سه و أ�دار ر أ��سه‬ ‫لي�ست كما كانت بالأم�س الجميع يعاني من �صعوبة العي�ش‬ ‫بعيدا عنهم ‪ ،‬وكعادتها في الحالات الحرجة لاذت بال�صمت‬ ‫في مدينة تتخبط بين مقت�ضيات م�سايرة التحولات الكبرى‬ ‫الجليل الذي منحها علوا وانت�صارا‪ ،‬وبرغم ذلك أ�ثارت‬ ‫ومعاناة الا�ست�سلام لفرائ�ض التحولات المتطرفة ‪ ،‬لقد ق�ضى‬ ‫كعادتها �أي�ضا أ�جواء من ال�ضحك والبهجة قبل �أن ي ؤ�وي‬ ‫الحرف‬ ‫بين مختلف‬ ‫وفي�شهاقا�أءلوامن ًتاقلمبان‬ ‫�سنوات عمره في كد‬ ‫كل فرد إ�لى فرا�شه‪ .‬لم تغم�ض والدة مي�ساء عينيها طوال‬ ‫في نف�سه‬ ‫الب�شر تركت‬ ‫والأعمال ال�شاقة واجه‬ ‫‪102‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook