Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الديمقراطية الاسلامية او شروط تمثيل الاخوان لثورة الشباب - الفصل الثالث - ابو يعرب المرزوقي

الديمقراطية الاسلامية او شروط تمثيل الاخوان لثورة الشباب - الفصل الثالث - ابو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-05-03 11:03:55

Description: نواصل الكلام في الإصلاحات الضرورية ليتم الاستئناف: فما القصد بتعريف الإسلام بكونه ليس دينا من بين الأديان، بل الديني في كل دين، موجبا وسالبا؟
تعريف الإسلام بالفرق بين "دين من بين الأديان"، و"الديني في كل دين"، يفهمنا كيف يمكن للسياسة أن تكون ذات مرجعية دينية، دون أن تكون الدولة دينية.
فالمرجعية المستمدة من الديني في كل دين، تحيد الخلاف بين الأديان وتبقى الواحد فيها، إذا كانت أديانا بحق، أي الأخلاق والقانون شرطي قيام الإنسان.
فنفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، أو قوله جل وعلا {وإنك لعلى خلق عظيم} وعلاقة الإسلام بالسياسة والدولة.
ذلك أنه من دون شروط الاستعمار في الأرض، لا يمكن تحقيق الاستخلاف فيها بالأخلاق والقانون، أي بالدولة التي تصدر مرجعيتها عن الديني في كل دين.

Search

Read the Text Version

‫الديموقراطية الإسلامية‬‫أو شروط تمثيل \"الإخوان\" لثورة الشباب‬ ‫‪ -‬الفصل الثالث ‪-‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫أو شروط تمثيل \"الإخوان\" لثورة الشباب‬



‫نواصل الكلام في الإصلاحات الضرورية ليتم الاستئناف‪ :‬فما القصد بتعريف الإسلام بكونه‬ ‫ليس دينا من بين الأديان‪ ،‬بل الديني في كل دين‪ ،‬موجبا وسالبا؟‬‫تعريف الإسلام بالفرق بين \"دين من بين الأديان\"‪ ،‬و\"الديني في كل دين\"‪ ،‬يفهمنا كيف‬ ‫يمكن للسياسة أن تكون ذات مرجعية دينية‪ ،‬دون أن تكون الدولة دينية‪.‬‬‫فالمرجعية المستمدة من الديني في كل دين‪ ،‬تحيد الخلاف بين الأديان وتبقى الواحد فيها‪،‬‬ ‫إذا كانت أديانا بحق‪ ،‬أي الأخلاق والقانون شرطي قيام الإنسان‪.‬‬‫فنفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم \"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق\"‪ ،‬أو قوله جل وعلا‬ ‫{وإنك لعلى خلق عظيم} وعلاقة الإسلام بالسياسة والدولة‪.‬‬‫ذلك أنه من دون شروط الاستعمار في الأرض‪ ،‬لا يمكن تحقيق الاستخلاف فيها بالأخلاق‬ ‫والقانون‪ ،‬أي بالدولة التي تصدر مرجعيتها عن الديني في كل دين‪.‬‬‫ومرة أخرى‪ ،‬أذكر بأن ابن خلدون شديد الوعي بهذه العلاقة بين الاستعمار والاستخلاف‪،‬‬ ‫كما يبين عنوان المقدمة‪{ :‬علم العمران البشري والاجتماع الإنساني}‬ ‫\"العمران البشري\" يناظر استعمار الإنسان في الأرض‪.‬‬ ‫و\"الاجتماع الإنساني\" يناظر الاستخلاف في الأرض‪.‬‬ ‫لذلك اعتبر الأول لسد الحاجات‪ ،‬والثاني للأنس بالعشير‪.‬‬‫وهما موضوع نفس العلم‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬فالعلم يدرسهما في تلازمهما الموجب‪ ،‬تحقيقا للديني في‬ ‫كل دين‪ ،‬والسالب حيلولة دون تحقيق الديني في كل دين‪ :‬التحريف‪.‬‬‫ولنبدأ ببيان مراحل التدرج‪ ،‬للوصول إلى دين لا يعد دينا بين الأديان‪ ،‬بل الديني في كل‬ ‫دين‪ ،‬أي الإسلام بمعيار التدرج في كونية القيم‪ ،‬أخلاقا وقانونا‪.‬‬ ‫‪51‬‬

‫ولن اكتفي بالأديان المنزلة‪ ،‬بل بالخمسة التي تقابل مفهوم المؤمنين في الآيات الثلاث‪ ،‬التي‬ ‫تحصي الأديان لتحدد الديني فيها وتحكم لها بمقتضاه‪.‬‬‫ويمكن‪ ،‬لفهم هذا التدرج‪ ،‬استعمال المعيارين التاليين‪ :‬الحاجة للجمع بين العقل والوحي‪،‬‬ ‫لمعرفة حقيقة المعادلة الوجودية التامة بمقوماتها الخمسة‪.‬‬ ‫فما مقومات هذه المعادلة التامة‪ ،‬أي جوهر كيان الإنسان والديني في كل دين؟‬ ‫إنها القطبان‪ ،‬الله والإنسان‪ ،‬والوسيطان‪ ،‬الطبيعة والتاريخ والوصل بينها‪.‬‬‫وهذه المعادلة قد تكون مبتورة‪ ،‬فيغيب أحد القطبين‪ ،‬تغييبا يؤول إلى تغييب الثاني‪ :‬إن‬ ‫غُيّب الله تلاه غياب الإنسان‪ ،‬وإن غُيّب الإنسان تلاه غياب الله‪.‬‬‫وفي الحالتين‪ ،‬لا يبقى إلا الطبيعة والتاريخ بسلطان الأول أو بسلطان الثاني‪ ،‬أو بهما معا‪،‬‬ ‫فيكون الإنسان حينها مجرد كرة‪ ،‬تتقاذفها أمواج الأحداث‪.‬‬‫وهذا المنظور بين المعادلة التامة والمعادلة المبتورة‪ ،‬ترتب الأديان بمقدار ما فيها من ديني‪،‬‬ ‫أي من محاولة التعالي لتجاوز الوسيطين إلى القطبين‪.‬‬‫وتجاوز الطبيعة والتاريخ‪ ،‬يهملهما في ارتقائه إلى أساس الأخلاق والقانون‪ ،‬أي الحرية‬ ‫والكرامة‪ :‬من فمن دونهما لا يبقى إلا تاريخ الإنسان الطبيعي‪.‬‬ ‫لهذا التجاوز بالتعالي دون النفي درجات يمكن وصفها كالتالي‪:‬‬ ‫‪-1‬الحقيقة لا تعلم‪.‬‬ ‫‪-2‬الحقيقة تعلم بالعقل المغني عما سواه‪.‬‬ ‫‪-3‬يوجد ما يتجاوز العقل‪.‬‬‫‪-4‬ما يتجاوز العقل دين خاص بجماعة رسولا ومخاطبين (اليهودية)‪ ،‬أو خاص‪ :‬رسولا‬ ‫فحسب‪ ،‬لكنه عام‪ :‬مخاطبين (المسيحية)‪.‬‬ ‫‪-5‬الجميع منهم الرسول والمخاطب‪.‬‬‫وهذا هو الإسلام الذي يثبت ذلك مرتين‪ :‬لكل أمة رسول بلسانها‪ ،‬والرسول الخاتم لجميع‬ ‫الأمم‪ .‬وهو عبارة الفطرة الروحية الكونية‪ ،‬أي الديني في كل دين‪.‬‬ ‫‪52‬‬

‫وهذا الديني في كل دين‪ ،‬هو الأخلاق والقانون الذي لا يناقضها‪ ،‬أي الذي يحقق شروط‬ ‫حدوثها الفعلي في التاريخ لكونه ينظم التربية والحكم=السياسة‪.‬‬ ‫إنه الإسلام‪.‬‬‫ليس دينا من بين الأديان‪ ،‬بل هو الديني في كل دين‪ ،‬والفلسفي في كل فلسفة‪ :‬أخلاق الفرد‬ ‫والجماعة تربية وحكما‪ ،‬شرطي مسؤولية المكلف‪.‬‬‫أعلم أن الكثير قد يتصورني أمدح الإسلام لأني مسلم‪ ،‬لكن هل وصفته بما لا يتضمنه‬ ‫القرآن والسنة بما ينافيه‪ ،‬إذا نحينا تعطيلهما بحالة الطوارئ؟‬‫كل الاعتراضات على مثل هذه القراءة مصدرها إما الاحتكام إلى الممارسة التاريخية (وهي‬ ‫ناتجة عن تعطيل الدستور)‪ ،‬أو إلى احكام نشأة الدولة الظرفية‪.‬‬‫وهذه الاحكام الأولى في نشأة الدولة‪ ،‬هي التي سببت الخلط بين الدستور والأحكام المؤقتة‬ ‫التي يقتضيها الظرف‪ ،‬حتى في عصر الراشدين‪ ،‬فاعتبرت الأصل‪.‬‬‫النبي والخلفاء الراشدون كان لهم العلم والشرعية بالتشريعات التي تم بها بناء الدولة‬ ‫بأحكام‪ ،‬بعضها ظرفي‪ ،‬ولا يمكن أن تصبح بديلا من الدستور‪.‬‬ ‫وبذلك نفهم تصرف الصديق في إشكالية الردة‪ ،‬وتصرف الفاروق في إشكالية المجاعة‪.‬‬ ‫كلاهما طبق المبدأ العام من الدستور للموازنة بين الخلقي والقانوني‪.‬‬‫لا أحد منهما طبق آليا الأحكام العينية الواردة في القرآن‪ ،‬والتي هي ظرفية بمبدإ الترجيح‬‫ليحفظ القانوني (حماية الدولة) والخلقي (حماية المعتقد)‪ ،‬فالصديق لم يطبق حرية‬‫المعتقد‪ ،‬بل حارب المرتدين‪ .‬عمل بتراتب مبادئ الدستور‪ :‬بقاء الديني في كل دين لا‬ ‫تسمح بردة جماعية‪ ،‬توقف شرط بقائها المالي‪.‬‬‫والفاروق أوقف حكما‪ ،‬فكان مثل الصديق‪ ،‬كلاهما اعتمد تراتب الأحكام الدستورية‪ :‬هنا‬‫خلقي‪ ،‬وهناك قانوني‪ ،‬إذن حالتان متقابلتان لهما نفس الدلالة‪ ،‬وكلتا الحالتين من الديني‬‫في كل دين‪ :‬كيف نحتكم إلى الأخلاق والقانون‪ ،‬بصورة توفق بينهما لتحقيق شروط‬ ‫الاستعمار في الأرض‪ ،‬لأنه شرط الاستخلاف‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫وذلك من ثمرات التمييز بين الدولة الدينية‪ ،‬التي لا يقول بها دستور القرآن والمرجعية‬ ‫الكونية‪ ،‬بمعنى ما في الاديان من ديني‪ ،‬أي الاخلاق والقانون‪.‬‬‫ذلك ما ينبغي أن نؤسس عليه الاستئناف الإسلامي‪ ،‬الذي يجعل قيم القرآن الخلقية‬ ‫والقانونية (شروط شرعية القانون) أفقا للإنسانية كما كان أول مرة‪.‬‬‫ومثلما أن صعود اليمين في الغرب دليل انكماش دال على الانتقال من الفعل إلى رد الفعل‬ ‫على الوضع العالمي‪ ،‬فينبغي أن ننتقل إلى الفعل بدل رد الفعل‪.‬‬‫ولا يكون هذا الانتقال إ ّلا بالخروج من حالة الطوارئ‪ ،‬وتطبيق مبادئ الدستور العامة‪،‬‬ ‫أعني الديني في كل الأديان‪ ،‬أو الخلقي والقانوني الكونيين‪.‬‬‫ذلك هو سر جاذبية الإسلام الذي فقدها بسبب انكماش الانحطاط‪ ،‬ورد الفعل‪ ،‬وتطبيق‬ ‫قانون الطوارئ‪ ،‬والظن أن المرجعية الدينية تعني الدولة الدينية‪.‬‬‫لا توجد دولة في العالم‪ ،‬بما فيها أعتى العلمانيات (أمريكا وإسرائيل)‪ ،‬ليست معتمدة على‬ ‫مرجعية دينية من حيث التأسيس‪ .‬لكنها ليست دولا دينية مع ذلك‪.‬‬‫مبادئ الدستور القرآني وتطبيق الرسول في دستور المدينة‪ ،‬حيد المسألة الدينية بالارتفاع‬‫إلى الديني‪ ،‬أي شروط الاستعمار في الأرض بقيم الاستخلاف‪ ،‬وهو معنى {لكل جعلنا منكم‬‫شرعة ومنهاجا} لكن الحكم هو بالديني في الأديان‪ ،‬أي بالخلقي والقانوني الذي يسمح‬ ‫بالتنافس في الخيرات بلغة المائدة ‪.48‬‬‫إذا تم ذلك‪ ،‬يكون يسيرا على المسلمين أن يستعيدوا دورهم الكوني فلا يعوقهم تعدد‬ ‫الفرق والمذاهب والأديان والملل والنحل والأقوام في دار الإسلام‪.‬‬‫أمريكا تأسيسها ديني‪ ،‬لكن دستورها حيد المسألة الدينية دون أن يحيد القيم الدينية‪ ،‬التي‬ ‫هي جوهر المجتمع المدني الأمريكي‪ ،‬بخلاف ما يتوهم السطحيون‪.‬‬‫وكما بينا في سلم الترقي القيمي‪ ،‬وخاصة في المعرفة‪ ،‬ينطلق الإنسان من نفي العلم إلى‬ ‫عموم الممكن منه‪ ،‬ليشمل كل البشرية فيكون تسابقا في الخيرات‪.‬‬‫تلك هي الصورة التي تستنتج من دستور القرآن‪ ،‬قبل أن ينحط تصور المسلمين لقيم القرآن‬ ‫بسبب الفتنة الكبرى‪ ،‬فصار قانون الطوارئ بديلا من الدستور‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫وقبل أن أختم الكلام في الفصل الثالث‪ ،‬فلأذكر بأن الأعتى من ذلك كله في الثورة‬‫الفرنسية‪ :‬فروباس بيار نفسه اضطر لوضع دين حتى يستقيم له الامر‪ ،‬فلا يمكن تصور‬‫السياسة دون مرجعية توسع الوجود بما يتعالى عليه‪ ،‬إذ من دون ذلك لا يمكن التصرف في‬ ‫الزمان الذي يجري فيه العمل‪ ،‬فتضيق شروط الفعل‪.‬‬‫وكل فعل فيه الانتظار والأمل والمخاطرة‪ ،‬يقتضي هذا التوسيع‪ ،‬وغالبا ما يكون المجهول‬ ‫من المنتظر‪ ،‬متطلبا‪ ،‬ميلا إلى الإيمان‪ ،‬شرط الصبر والاطمئنان‪.‬‬‫ولا يتنافى ذلك مع التخطيط والتوقع والحساب الدقيق لكن اللا متنظر يبقى دائما منتظرا‬ ‫في الاقتصاد أو الحرب أو الألعاب أو السياسة‪ ،‬وهي تجمعها كلها‪.‬‬ ‫‪55‬‬





‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬