Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore قراءات نقدية فى إبداعات عربية

قراءات نقدية فى إبداعات عربية

Published by wfp.imm, 2021-01-08 17:54:23

Description: قراءات نقدية فى إبداعات عربية
تأليف / سيد جمعة

Search

Read the Text Version

‫قــرا ء ا ت نــقــد يــة‬ ‫فــى إبــداعــات عــربــيــة‬ ‫هذه مجموعة من القراءات النقدية‬ ‫والمجموعة الثانية منشورة في كتابى‬ ‫\"تأملات فكرية فى إبداعات عربية\"‬ ‫سيد جمعه‬ ‫‪1‬‬

‫اسم الكتاب‪ :‬قراءات نقدية في إبداعات عربية‬ ‫النــــــــوع‪ :‬مقالات نقدية‬ ‫المـــــؤلف‪ :‬سيد جمعه‬ ‫الطبعة الإولى ‪ 2020 :‬م‬ ‫دارالجنـــدي للنشر والتوزيع‬ ‫‪ 4‬شارع مهدي عبدالمنعم ‪-‬ارض اولاد علام ‪ -‬منطي‬ ‫شبرا الخيمه القاهره الكبرى‬ ‫المدير العام ‪ :‬عاطف الجندي‬ ‫تصميم الغلاف الفنان التشكيلى ‪ :‬إبراهيم شلبى‬ ‫لوحة الغلاف الفنان ‪ :‬د ‪ / .‬عماد ابو الخير‬ ‫رقم الإيداع ‪2020/22348 :‬‬ ‫الترقيم الدولى‪978/977/843/256/5 :‬‬ ‫جميع الحقوق محفوظة‬ ‫هذا المصنف مصرى ويحظر إعادة نشره أو طبعه أو‬ ‫ترجمته وتوزيعه او تحويله لعمل فني مرئى أو مسموع إلا‬ ‫بعد الحصول على موافقة المؤلف كتابيا وإلا تعرض‬ ‫للمسائلة القانونية‬ ‫‪2‬‬

‫الإهــــــــــداء‬ ‫لأبى وأمى رحمهما الله‬ ‫أُميان لا يعرفان القراءة والكتابة ‪ ..‬أحسنا تربيتى‬ ‫وتعليمى‬ ‫َوقُل َّر ِّب ا ْر َح ْم ُه َما َك َما َر َّب َياني َصغي ًرا‬ ‫*** ***‬ ‫و إلى زوجتي الغالية ‪ /‬سميرة رمضان‬ ‫وإبني وبناتي‬ ‫إسلام \" مصطفى \" ‪ -‬أماني ‪ -‬وفاء – ليلاس‬ ‫‪3‬‬

‫شــــكــر و تــقــد يــر‬ ‫لأصحاب فض ٍل شجعوني على إصدار هذا الكتاب‬ ‫م ‪ /‬حامد قدري ‪ ......‬د ‪ /‬عبد الرازق قدري‬ ‫أ ‪ /‬وهيبة محمد سكر‬ ‫شاركت بالمتابعة العملية والتحفيز فى طباعة هذا‬ ‫الكتاب‬ ‫و‬ ‫د ‪ / .‬محمد هادى الطواب‬ ‫أ ‪ /‬محمد منصور سليم‬ ‫‪4‬‬

‫إهداء خاص‬ ‫للفنانين التشكيليين‬ ‫الفنان التشكيلى ‪ /‬إبراهيم شلبي‬ ‫ُمصمم الغلاف‬ ‫و‬ ‫الفنان التشكيلى ‪ /‬عماد عوض أبو الخير‬ ‫ُمبدع صورتي على الغُلاف‬ ‫‪5‬‬

‫تـقـــــد يـم‬ ‫د‪ /‬محمد الطواب‬ ‫لقد درجنا وتعلمنا من أساتذتنا أن الذي يقوم بكتابة‬ ‫المقدمة لكاتب ما‪ ،‬يحمل مسؤولية جزء من محتوى‬ ‫الكتاب الذي يقدم له باعتبار أن التقديم هو خارطة‬ ‫لارشاد القارئ إلى محتوى الكتاب‪ ،‬وللتعريف بالمبدع‬ ‫أو الكاتب والذي هو غالباً ما يكون غير معروف للقراء‬ ‫ولكن مشكلتي الآن في التقديم لهذا الكاتب وخاصة حين‬ ‫يكون كاتبه معروفاً وله شعبية طاغية وسيرة أدبية كبيرة‬ ‫في الأوساط الثقافية والفنية والأدبية في مصر وهذا ما‬ ‫يجعل مهمتي غاية في الصعوبة‪ ،‬بالطبع أنا لست من‬ ‫هواة التملِّق والمجاملة التي تضر بالكاتب و بالكتاب‬ ‫أكثر م ِّما تخدمه‪ ،‬و في نفس الوقت أجد حرجاً و صعوبةً‬ ‫بالغة في أن أتعرض لمحتوى الكتاب بشكل غير مناسب‬ ‫أو ملائم للمحتوى ومن المفترض أن أكتب إضاءة و‬ ‫رؤية صادقة وحقيقة لما يتضمنه هذا الكتاب من رؤى‬ ‫نقدية و تحليلة لكثير من الأعمال الفنية و الأدبية و التي‬ ‫صاغها أستاذنا \" سيد جمعة \"‪ .‬في شكل مقالات نقدية‬ ‫لا تقل إبداعا عما يتناوله في كتابه من موضوعات بل‬ ‫بالعكس تفوق قيمتها في بعض الأحيان عما تتناوله من‬ ‫موضوعات صاغها آخرون‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫في كثير من الأحيان يسعى الكتِّاب الجدد إلى اسم كبير‬ ‫لكتابة المقدمة لكتبهم لتكون إطلالة و فتحاً للطريق أمام‬ ‫القارئ لتحفيزه على قراءة هذا الإنتاج الجديد والمشكلة‬ ‫هنا ذات شقين أولهما أنني لست هذا الاسم الكبير الذي‬ ‫ُيسعى إليه (بضم الياء ) والكاتب الأستاذ سيد جمعة‬ ‫أيضا ً في غنى عن ذلك لأنه من كبار مبدعي ونقاد‬ ‫مصر ومن الذين يشار إليهم بالبنان وعندما ذكرت له‬ ‫ما يجول بخاطري وعن عدم منطقية أن يقدم التلميذ‬ ‫لكتاب أستاذه‪ ،‬أخبرني أن الذي يبتغيه من ذلك هو أن‬ ‫يكتب المقدمة لكتابه واحداً ممن يك ِّن له كل الحب والود‬ ‫والإحترام ‪ ..‬فوجدتني أمام هذه الكلمات ليس لي من‬ ‫اختيار أو طريق للهرب فكتبت هذه المقدمة المتواضعة‬ ‫لكتاب صديقي و أستاذي والذي يستحق أن يقدم له أكبر‬ ‫نقاد مصر والعالم‪.‬‬ ‫في الغالب لا تكتب مقدمة لأي كتاب قبل أن يُقرأ النص‬ ‫و لكن في حالتي هذه لا أحتاج إلى قراءة النص لثقتي‬ ‫الكبيرة والمؤكدة بأن ما كتب في هذا الكتاب يستحق‬ ‫القراءة والدراسة والتعليق ‪ .‬ومن المعروف أيضا ً أن‬ ‫المقدمة يجب أن تخدم الكتاب وأن تضيف إليه بحيث‬ ‫تُنير طريق القارئ و ترشده إلى ما بين سطور الكتاب‬ ‫والتي لم يفصح عنها كاتبها بشكل مباشر كما أنها تشير‬ ‫إلى مواطن وبواطن الجمال والإبداع وأتمنى على الله‬ ‫أن أستطيع الإقتراب من ذلك‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫و المقدمة كما يقول الكثيرون أنها عتبة للولوج إلى نص‬ ‫جديد غير محدد الملامح بالنسبة للقارئ و المقدمة هي‬ ‫خريطة للقراءة فلنتجول قليلا ً في ردهات و دهاليز ما‬ ‫كتبه أستاذنا سيد جمعة في كتابه الجديد‬ ‫إن هذا الكتاب هو غيض من فيض من إبداعات الأستاذ‬ ‫سيد جمعة الناقد الفني و القاص والأديب والشاعر‬ ‫والذ ِّواقة لكافة أنواع وأشكال الفنون التي عرفها‬ ‫ويعرفها الإنسان في كافة أنحاء المعمورة وبالتالي هو‬ ‫في كتابه هذا يتصدى بالنقد والتحليل و القراءة الفاحصة‬ ‫المتفحصة الباحثة عن كل ما هو جديد وجميل وجيد‬ ‫ومختلف ومتميز فيما يقدمه المبدعون العرب الذين‬ ‫تناول إبداعاتهم بين طيات هذا الكتاب الق ِّيم‪.‬‬ ‫الكاتب الأستاذ سيد جمعة له العديد والعديد من‬ ‫الدراسات النقدية و القراءات الإبداعية المنشورة في‬ ‫الدوريات و المجلات المتخصصة وعلى صفحات‬ ‫التواصل الإجتماعي والتي لا يتهافت على قرائتها‬ ‫الجميع و لكن أيضا ً يحرصون مشاركتها مع الآخرين‬ ‫حتى يفادوا بما يقدمه هذا القلم الفذ من قراءات لأعمال‬ ‫أدبية و روائية وشعرية وأيضا ً أعمال أخرى كثيرة من‬ ‫الفن التشكيلي‪ .‬فهو بالفعل رجل واسع العلم والمعرفة‬ ‫والثقافة ويذ ِّكرنا بالعرب الأفذاذ الأوائل وبرجال عصر‬ ‫النهضة الذين كانوا يجمعون بين العلم والأدب والثقافة‬ ‫والإختراع والإبتكار والموسيقي والرياضة والفلك‬ ‫‪8‬‬

‫والفن التشكيلي فقد كانوا موسوعيين يجيدون في كثير‬ ‫من أنواع الفنون والآداب‪.‬‬ ‫ولما كان هناك ضرورة مل ِّحة لاحتواء هذه القراءات‬ ‫بين دفت ِّي كتاب وبنا ًء على إلحا ٍح من المقربين من‬ ‫الأستاذ سيد جمعة ق ِّرر أن يجمع هذه القراءات في هذا‬ ‫الكتاب الذي اعتبره أنا شخصياً‪ ،‬نموذجاً يد ِّرس لكل‬ ‫هواة تعاطي النقد أو التصدي له من الشباب وهو بالقطع‬ ‫كتاب جدير بالقراءة والدراسة والبحث وهو إضافة إلى‬ ‫المكتبة العربية‪.‬‬ ‫وكاتبنا الأستاذ سيد جمعة قام باختيار بعضاً من قراءاته‬ ‫النقدية لبعض المبدعين العرب المميزين بإنتاجهم‬ ‫المتميز والمتفرد وكان من بينهم على سبيل المثال لا‬ ‫الحصر‪:‬‬ ‫‪-‬القاص العراقي ‪ /‬هادي المياح وإبداعه‬ ‫\" حين تتنفس الأشياء‪\" .‬‬ ‫‪-‬الروائي المصري الدكتور ‪ /‬سليمان عوض وإبداعه \"‬ ‫إحتراق الفراشات‪\".‬‬ ‫‪-‬الكاتب العراقي ‪ /‬عبد الستار جبار وإبداعه \" وقائع‬ ‫ولادة في جدار‪\".‬‬ ‫‪-‬الروائية المصرية ‪ /‬سعد الزامك وإبداعها \" مشكاة‬ ‫التحدي‪\".‬‬ ‫‪-‬الروائي المصري ‪ /‬د‪ .‬صلاح شعير وإبداعه \"‬ ‫العنيدة و الذئاب‪\".‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪-‬الروائية المصرية ‪ /‬هبة بنداري وإبداعها \" بلقيس‬ ‫ليست ملكة و لا شبح‪\".‬‬ ‫‪-‬الروائية الكويتية ‪ /‬شيمار بيتسكي وإبداعها‬ ‫\"الرقص على رؤوس الافاعي\"‬ ‫‪-‬الروائية العراقية ‪ /‬فليحة حسن ‪ -‬مهاجرة إلى امريكا‬ ‫‪ -‬وإبداعها \"أكره مدينتي\"‬ ‫‪-‬القاص العراقي ‪ /‬كريم صبح وإبداعه \" مالك المقبرة‬ ‫‪-‬القاص العراقي ‪ /‬عبد الكريم الساعدي وإبداعه‬ ‫\" ما بعد الخريف‪\".‬‬ ‫‪-‬الشاعرة ‪ /‬جهاد نوار‬ ‫‪-‬القاص النوبى ‪ /‬اسلام صلاح‬ ‫‪-‬الشاعر ‪ /‬جمال حامد‬ ‫حرصت على ألا اتط ِّرق إلى محتوى الكتاب و حتى‬ ‫أترك للقارئ متعة القراءة و الاستمتاع بما يحويه هذا‬ ‫الكتاب من إبداع نقدي جديد و غير مسبوق‬ ‫محمد الهادي الطواب‬ ‫كاتب و باحث و مترجم‬ ‫‪10‬‬

‫وداعا ‪َ ..‬شر ِيحت ْك ِإنتهت في باريوتوبيا‬ ‫د‪ /‬محمد هادي الط ّواب ( مصر)‬ ‫تُعد قصص وروايات \"الخيال العلمي\" من أقدم فنون‬ ‫السرد الموروثة في تاريخنا الأدبي‪.‬‬ ‫لك ِّن ‪ ..‬ربما يكون التطور التكنولوجي هو الذي وسمها‬ ‫بالحداثة كشكل أدبي ُمغاير للمعروف والسائد على‬ ‫الساحة الادبية ومن خلالها‪ ،‬وبها توجهت الدراسات‬ ‫والأبحاث العلمية لابتكار الوسائل والوسائط والأدوات‬ ‫والتقنيات الحديثة في مختلف مجالات الحياة حتى‬ ‫أصبحت الحياة العامة للإنسان أكثر سهولة ويسر‪ ،‬ولأن‬ ‫ال ُمبدع رساماً أو قا ِّصأً أو روائياً ساحتهم جميعاً الخيال‪،‬‬ ‫حتى حين تكون الواقعية هي وسيلتهم لتصوير الحياة‬ ‫الإنسانية على ما هي عليه‪ ،‬بُغية التغيير إلى الأفضل‬ ‫والاحسن‪.‬‬ ‫ودكتورنا الكاتب والقاص ‪ /‬محمد الط ِّواب يُقدم ‪ -‬وربما‬ ‫للمرة الأولى ‪ -‬على تصني ٍف جدي ٍد من إصداراته‬ ‫المتنوعة فقد أصدر من قبل \"باتيستا\"‪ ،‬وهي مجموعة‬ ‫قصص قصيرة لاقت قبولاً كبيراً‪ ،‬كما أصدر كتاباً‬ ‫يحم ُل عنواناً \"أمثا ٌل شعبية ُمختارة ‪ ...‬من الشارع‬ ‫والحارة\" ومن الكتابين نستشع ُر رصانة الكلمة العربية‬ ‫ودقته في اختيارها واهتمامهُ بالرصد والتحليل للمشهد‬ ‫‪11‬‬

‫الذي يدونهُ وحرصهُ أن يكون غير غاف ٍل عن ش ٍئ له‬ ‫أهميتهُ في المشهد السردي من ناحية‪ ،‬ولدى القارئ من‬ ‫ناحي ٍة اُخرى‪ ،‬و في مجموعة القصص المشار إليها آنفاً‪،‬‬ ‫يتضح جهدهُ في انتقاء حادث ما والتقاط الكامن وغير‬ ‫ال ُمدرك منهُ للوهلة الأولى‪ ،‬و إبرازهُ للمتلقي بصور ٍة‬ ‫ٌيجي ُد فيها بمهارةٍ تطويع عناصر ملكاته الإبداعية ‪.‬‬ ‫*****‬ ‫إن قصص وروايات الخيال العلمي فضلاً عن‬ ‫مواصفاتها وتقنيتها الخاصة وكما جاء في الفقرة التالية‬ ‫المنقولة من ويكيبيديا‪:‬‬ ‫في أدب الخيال العلمي يخلق المؤلف عالماً خيالياً أو‬ ‫كوناً ذا طبيعة جديدة بالإستعانة بتقنيات أدبية متضمنة‬ ‫فرضيات أو استخدام لنظريات علمية فيزيائية أو‬ ‫بيولوجية أو تقنية أو حتى فلسفية‪ .‬ومن الممكن أن يتخيل‬ ‫المؤلف نتائج هذه الظواهر أو النظريات محاولاً‬ ‫اكتشاف ما ستؤول إليه الحياة ومتطرقاً لمواضيع فلسفية‬ ‫أحيانا‪ .‬وقد تتناول موضوع القيم في عالم جديد مختلف‪،‬‬ ‫ولكن ما يميز أدب الخيال العلمي أنه يحاول أن يبقى‬ ‫متسقاً مع النظريات العلمية والقوانين الطبيعية ‪.‬‬ ‫وفي روايته التي بين أيدينا ُيمهد الكاتب لها مؤكداً أنها‬ ‫من وحي خياله ونافياً أي تشابه أو تقارب في الأحداث‬ ‫أو الأشخاص في أعما ٍل مماثلة‪ ،‬ولما كان للعلم أهميته‬ ‫‪12‬‬

‫في رواية تُصنف من روايات الخيال العلمي‪ ،‬فقد أسس‬ ‫الكاتب أعمدةً وهيكل بنيانهُ السردي من خلال رسم‬ ‫واسم وهوية الأشخاص الذين سيصحبونا طوال الرواية‬ ‫الأولى الفوقيون والثانية الصفوة‪ ،‬أما الثالثة فهي‬ ‫طبقة الناس العاديين أهم هذه شخصيات ‪:‬‬ ‫‪ -‬رقم (‪ )1‬وهو حاكم الفوقيون‪.‬‬ ‫‪ -‬رقم (‪ )5‬وزير شئون الكون أو دولة الكوكب‬ ‫الفوقيون‪.‬‬ ‫‪ -‬رقم (‪ )10‬نائب حاكم شئون الكون أو دولة‬ ‫الكوكب‪.‬‬ ‫وأشخاص آخرون يحملون أرقام ‪50 / 30 / 20‬‬ ‫من قاطني البارايوتوبيا إلى أن يصل الرقم إلى ‪1000‬‬ ‫العامة سكان الكاميونات وتبدأ أسماءهم أو‬ ‫أرقامهم من رقم مليون وواحد إلى مالانهاية ومن ينتهي‬ ‫أجله يرث إبنه رقمه وإما إذا رزق بمولود وهو حي‬ ‫يسميه أو يعطيه رقمه الأصلي على ‪ 1‬أو ‪ 2‬أو ‪ 3‬حسب‬ ‫عدد الأولاد بحيث يكون مثلاً مليون وواحد على واح ٍد‬ ‫أو على إتنين أو ثلاثة‪.‬‬ ‫الكاميونات (سكان الكوكب العاديين)‪ ،‬وهؤلاء‬ ‫هم أبطال العمل ‪:‬‬ ‫‪13‬‬

‫حسن ‪ :‬مليون وخمسمائة ‪ -‬جمال ‪ :‬مليون‬ ‫وعشرين ‪ -‬نادر ‪ :‬جد حسن الجد (وهو بلا رقم سنعر ُف‬ ‫لماذا في سياق دوره بالقصة) ‪ -‬السيدة مليون و‪250‬‬ ‫ألف‪.‬‬ ‫وأيضاً إهتم بالوصف الدقيق لمسرح الحدث نفسه العام‬ ‫والخاص‪ ،‬فتحدث عن المكان والزمان ‪:‬‬ ‫تدور أحداث هذه القصة عام‪ 2220‬ميلادية في مكا ٍن ما‬ ‫على كوكب الأرض بعد أن ألغت الحروب الحواجز‬ ‫والحدود بين الدول وأُلغيت المطارات وأُلغيت الجمارك‬ ‫وأُلغيت الجوازات والتأشيرات والسفارات والبعثات‬ ‫الدبلوماسية واختفت وسائل النقل التقليدية من طائرات‬ ‫وسيارات وأتوبيسات وقطارات سكك حديدية واختفت‬ ‫محطات مترو الأنفاق وأصبحت وسائل المواصلات‬ ‫أوالإنتقالات كلها وسائل خاصة يملكها الغني والفقير‬ ‫والصفوة والعامة مع اختلاف المستويات واختلاف‬ ‫قدرات كل وسيلة مواصلات عن الأخرى باختلاف قيمة‬ ‫ومقدار وأهمية مالكها فالجميع الآن أو معظمهم يمتلك‬ ‫طائرة خاصة صغيرة يتجولون بها بين مناطق الكوكب‬ ‫وبسرعات كبيرة تم ِّكنهم من الإنتقال من أقصى المشرق‬ ‫إلى أقصى المغرب و من أقصى الشمال إلى أقصى‬ ‫جنوب الكوكب ‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫ول ِّما كان من الممكن أن يتخيل المؤلف نتائج بح ٍث‬ ‫لظواهر أو لنظريات علمية محاولاً اكتشاف ما ستؤول‬ ‫إليه الحياة ومتطرقاً لمواضيع فلسفي ٍة أحياناً‪.‬‬ ‫أو قد تتناول موضوع القيم في عالم جديد مختلف‪.‬‬ ‫سنج ُد أن النص احتوى هذا بصور ٍة شامل ٍة و ُمتكامل ٍة‬ ‫عارضاً هذه الظواهر أو التقنيات العلمية ال ُمتوقعة في‬ ‫القريب العاجل ومدى التأثير ال ُمباشر على الحياة بوج ٍه‬ ‫عام وعلى الإنسان بوج ٍه خاص من خلال إسقاطات‬ ‫تض ُع المتوقع في توا ٍز مع الحاضر المرفوض والمأمول‬ ‫تغييره‪ ،‬وتحمل في ثنايا ذلك العنت والمشقة في تحقيق‬ ‫تغيي ٍر سلمي آمن ج ِّراء صراعٍ حا ٍد من القوى ال ُمضادة‬ ‫في الطرفين‪ ،‬قوى تسعى للسيطرة الكاملة و\" تنميط \"‬ ‫الحياة بأدوا ٍت جديدة تحقق لها كامل السيطرة سواء في‬ ‫العالم القديم أقصد الواقع الحالي المأزوم‪ ،‬أو في العالم‬ ‫الجديد الذي بدأت بشائرهُ مع بدايات القرن الحالي أو‬ ‫ال ُمستحدث أو ال ُمتوق ُع الوصول إليه خلال قر ٍن أو قرون‬ ‫قليلة والقرن لم يعد طويلاً بحساب آلة الزمن‪.‬‬ ‫لقد كان نادر \"الجد\" يمث ُل الحكمة الدائمة والمورث‬ ‫الحضاري للقيم الإنسانية التي أودعها الله في الإنسان‬ ‫قبل العقائد الدينية أوالمذاهب الإنسانية‪ ،‬وصمام الأمان‬ ‫أمام ما يُحيكهُ أعوان الشيطان‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫وقد كان \"حسن\" إبنه و \"جمال\" صديقهُ‪ ،‬والعنصر‬ ‫النسائي يُمثلان \"الأمل\" الدائم في إبقاء الحياة كما أرادها‬ ‫الله‪ ،‬بخلود نسل وذرية \"آدم\" عليه السلام‪.‬‬ ‫لقد أجاد كاتبنا بهذه الإسقاطات على خلفية من \"الخيال‬ ‫العلمي\"‪ ،‬ليؤكد مهارته السردية في هذا التوصيف‬ ‫رواية أو قصة \"خيال علمي\" ونلمس تأثرهُ البالغ بمعاناة‬ ‫الإنسان الفرد في واقعه المأزوم والمرفوض وضيقهُ من‬ ‫السيطرة التي تُغ ُل من حريتهُ وتصف ُد إرادته وتحولهُ لآلة‬ ‫بشرية لا إرادة لهُ من خلال آليات ُمستحدثة توفر بل‬ ‫تفرض عليه أنماطاً لا بديل أو خيا ٍر أما ُم غيرها‪ ،‬وكذلك‬ ‫رفض الكاتب لوسائل الهيمنة العالمية الطاغية من بعد‬ ‫الحرب العالمية الثانية مروراً بسيطر ٍة أمريكا والغرب‬ ‫على أكثر دول العالم وإنشاء أسماء وهمية كالعولمة‬ ‫والإقتصاد الموحد ‪ ...‬الخ لقد عكس الكاتب من خلال‬ ‫إسقاطاته معانتنا جميعاً ورفضنا البائس‪ ،‬لكنهُ لم ُيفقدنا‬ ‫الأمل‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫حينما تتنف ُس \"الأحداث \"‬ ‫مجموعة قصصية لـ هادي المياح (العراق )‬ ‫يقول الناقد والباحث في التراث والأدب العربي‬ ‫د ‪ /‬يسري عبد الغني‬ ‫أسعي إلى إماطة اللثام عما يدور بخاطر المتلقي‬ ‫والدارس العربي من عقبات وفوضى وحيرة منهجية‬ ‫إزاء هذا الزخم من المناهج الغربية المعاصرة‪ ،‬التي‬ ‫هي في أساسها غريبة عن النص العربي بما تحملهُ من‬ ‫خلفيا ٍت فلسفية غربية بعيدة كل البعد عن فلسفتنا‬ ‫ومعرفتنا العربية‪ ،‬لذلك نحن في حاجة إلى مناهج نقدية‬ ‫عربية أصيلة لدراسة نصوصنا العربية تُراعي‬ ‫خصوصية المتلقي العربي وكذلك المبدع العربي‪.‬‬ ‫ويتساءل ‪ ...‬هل عالمية الإبداع والثفافة والفن وما إليها‬ ‫مبر ٌر لأن نُحمل نصوصنا ثقل النظريات الوافدة عليها‪،‬‬ ‫والتي أكثر من هذا تفرض عليها‪ ،‬فرضاً بحكم التأخر‬ ‫الذي نعانيه على المستوى الثقافي عموما ؟‬ ‫‪17‬‬

‫تعمدت أن أشير إلى ما سبق لأن ساحة النقد العربي‬ ‫خاصةً بمفاهيم نقدية غربية تُلب ُس الإبداع العربي هذه‬ ‫المفاهيم قصراً‪ ،‬وما لا يتوافق مع هذه المفاهيم لا يحقق‬ ‫– كما يرو َن ‪ -‬جديداً في ساحة الإبداع‪ ،‬وربما ُيقصى‬ ‫أو يُشار إليه بالنقصان وعدم الإكتمال ‪.‬‬ ‫لنقترب الآن من ‪\" ...‬حينما تتنفس الأشياء\"‬ ‫مباشرةً ايقونات الغلاف‪ ،‬من نبا ٍت وجماد وسما ٍء‬ ‫وفضا ٍء علوي زاخ ٌر بشهي ٍق وزفي ٍر لهذه الكائنات‬ ‫المألوفة والتي نألفُها من فرط سكونها صامتة ولكنها في‬ ‫أعماقها زاخرة بأحدا ٍث وحركا ٍت صاخبة ومكنونا ٍت‬ ‫ُمتعددة و ُمتباينة‪ ،‬وحدهُ فقط \"المياح\" الذي يشع ُر بها‬ ‫وبأنفاسها واضطراباتها‪ ،‬وحركاتها وصخبها الزاعق‬ ‫والمكتوم من خلال رص ٍد حاذق عبر ‪ 115‬عنواناً‪،‬‬ ‫يواصل به إضافاته الإبداعية التي يحملُها كراي ٍة إبداعية‬ ‫مخالفةٌ و ُمميزةٌ لهُ وهو على منص ٍة تتس ُع لكل الإبداعات‬ ‫للقامات العراقية التي تتصدر مهمة بعث الرواية‬ ‫والقصة العراقية من جدي‪.‬‬ ‫ويأتي الإهداء لثلاث ٍة كان لهم الأثر الأكبر – كما يرى‬ ‫ويُدرك ويق ِّدر ذلك لهم – بكلمة إهداء يستحقونه‬ ‫إن المائةَ والخمس عشر عنواناً‪ ،‬في تنوعها يُمث ُل‬ ‫\"الحدث\" البطولة ال ُمطلقة لهذه المجموعة القصصية‪،‬‬ ‫وهذا مصدر تَم ِّيز كاتبنا هادي المياح فقد اعتدنا في‬ ‫‪18‬‬

‫الغالب أن يكون \"الحدث المنتقي\" والمنتزع بحرفي ٍة‬ ‫بالغة من وسط الأحداث التي تزخر بها الحياةُ من حولنا‪،‬‬ ‫وتمثل بصور ٍة أو بأخري وجودنا في الحياة‪ ،‬فوجودنا‬ ‫في الحياة هو ُمجموع ممارساتنا وسلوكياتنا التي تصن ُع‬ ‫الهيكل العام لوجودنا الذي تُمثلهُ \"الأحداث\" التي هي‬ ‫نتا ُج قناعاتنا‪ ،‬وإدراكنا وفهمنا وتفا ُعلنا الإيجابي أو‬ ‫السلبي مع ُمطلق الهيكل الذي نتلبسهُ و نسميه \"الأنا\"‬ ‫التي تحم ُل ضمن ما تحمل أشكالنا وقيمنا وأخلاقنا‬ ‫وقناعاتنا و َوعينا بما حولنا وإرادتنا حرةً أو تابعة‬ ‫للمفهوم والكيان الجمعي الذي نتحر ُك به أو من خلاله‬ ‫و \"الحدث\" تعريفهُ في تصورنا‪ ،‬لدي كاتبنا وفي ُمجمل‬ ‫قصصه القصيرة هو نتاج ابتكاري أو لنقل \"تخيل‬ ‫فانتازي أو درامي‪ ،‬حقيقي أو غير حقيقي\" أو هو‬ ‫بصورة ما تجميع وتركيب من ُمتشظيات ومشاهدات‬ ‫\"احدا ٍث\" عديدة ومتفرقة َسمع بها أو عايشها‬ ‫وعاصرها‪ ،‬أو هو ذلك كله معاً‪ ،‬يت ُم استدعاؤها من‬ ‫الذاكرة الفكرية أو البصرية لديه‬ ‫إذن فـ \"الحدث\" في تنوعه و تبا ُينه في المائة والخمس‬ ‫عشر قصة قصيرة فضلاً عن أنهُ الإلتقا ٌط الجيد‬ ‫والمألوف من كاتبنا فهو يعك ُس الأناقة اللِّغوية السردية‬ ‫التي تجعلهُ كما قلنا \"البطل\" الرئيسي للقصة‪ ،‬عند التأمل‬ ‫الفاحص للحدث ولمن شمل ُهم من العناصر البشرية أو‬ ‫الزماكانية وغيرها من ال ُمحركات التي يحتويها‬ ‫‪19‬‬

‫\"الحدث\" وتتفاعل مع بعضها ُمحدثةُ التأثير والتفاعل‬ ‫بين هذه العناصر في خلق ديناميكية وحوارية دائمة بين‬ ‫هذه العناصر وبعضها من جه ٍة وبين القارئ نفسهُ وهو‬ ‫يله ُث بجدية وراء الكامن في هذا الحراك والتفاعل‬ ‫الناضج بين حرا ٍك تُمثلهُ هذه التعبيرات والدلالات التي‬ ‫تحملُها الأبجدية السردية التي يُتقنُها القاص وي َبثَها دون‬ ‫إفرا ٍط أو إسها ٍب أو اختزا ٍل ُمخل ُيطي ُح بقوة \"الحدث\"‬ ‫نفسه وتأثيرهُ المأمول‬ ‫إن روعة \"الحدث\" لا تق ُف عند البلاغة والطلاقة‬ ‫السردية فقط‪ ،‬لكنها أيضاً تتمث ُل في الرؤى الفكرية‬ ‫والمخزون البصري ل ُمشاهدات الكاتب الباحث وال ُمنقِّ ُب‬ ‫بمتع ٍة عما وراء \"الحدث\" من مشاع ٍر إنساني ٍة وعن‬ ‫الإدراك الواعي أو غير الواعي لرد الفعل والفعل ذاتهُ‬ ‫في لحظة القوة أو الضعف الإنساني‪ ،‬لحظة \"الزامكانية‬ ‫لــ \"الحدث\" وتأتي بعد هذه الرؤى والإدراك‪ ،‬قوة‬ ‫الطرح لهذا الغير المرئي بصرياً من مشاع ٍر وإدراكا ٍت‬ ‫لنراهُ رأي العين على يد مبدعٍ لهُ تميزهُ الخاص على‬ ‫منصة ال ُمبدعين العراقيين ال ُمجددين‬ ‫‪20‬‬

‫مقدمة ديوان حارس الوجع‬ ‫لــ محمد منصور سليم ( مصر)‬ ‫ليس الإبداع في الشعر إتقان جيد لمقوماته وعناصره‬ ‫المعروفة من جزالة اللفظ‪ ،‬والصور الشعرية‪ ،‬وموسيقاه‬ ‫التي تنساب بين قوافيه‪ ،‬وشطراته‪ ،‬ولا أيضا ً في القدرة‬ ‫على التعبير عن المشاعر والأفكار في ثنايا القصيدة‪،‬‬ ‫ذلك أن ما سبق هو جسد الشعر‪ ،‬وقوام القصيدة‪.‬‬ ‫سنجد في هذا الديوان للشاعر‪ /‬محمد منصور سليم‬ ‫قوة الإتقان في كل عناصر القصيدة الشعرية‪ ،‬التي تكا ُد‬ ‫تقترب من إحترافية شفيفة غير مقصودة‪ ،‬ذلك أنها‬ ‫تستقي هذه القدرة على الإتقان من مرجعية ثقافية‬ ‫عميقة‪ ،‬فالشاعر معرو ٌف عنه أنهُ قارئ َنه ُم ليس على‬ ‫موائد ودواوين الشعر القديمة والحديثة فحسب‪ ،‬فهي‬ ‫التي حسمت أمرهُ منذ البداية ليصطف في صفوف‬ ‫الشعراء‪ ،‬ويبح ُث عن مكا ٍن غير مسبوق وغير متشابه‬ ‫مع غيره‪ ،‬لذا َعمد وهو متجه لبناء قصيدته‪ ،‬إلى إزاحة‬ ‫َوواقياصًفهامنجاانلبتاً‪،‬عث لرت‪،‬بقيو فضايمننفةُ لسهُالل ُححسظةن‬ ‫قراءاته السابقة‬ ‫قريبةً وسياجاً‬ ‫الإستقامة في ُمضيه لبناء قصيدته‪ ،‬وهو أيضاً صاحب‬ ‫لمحة وبصيرة تعينه على الخيار الجيد لأدواته من‬ ‫‪21‬‬

‫ناحية‪ ،‬وبين تجارب السابقين من ناحية أخرى‪ ،‬فلا‬ ‫يشطـُط‪ ،‬ولا ينزلق لكنه يُحسن الوقوف والتأمل للصورة‬ ‫التي يسعى أن يكون عليها مع قصيدته على منصة‬ ‫الشعر وبين الشعراء ‪.‬‬ ‫سنجد أيضاً تميزاً خاصاً به‪ ،‬ففي أدواته الشعرية ‪ -‬التي‬ ‫ذكرنا بع ُضها – يتمثل في ثراء قاموسه اللغوي‬ ‫الشعري‪ ،‬وقدرته على الإنتقاء الجديد للكلمة واللفظ‬ ‫المناسب والأدق تعبيراً وتأثيراً في تكوين الصورة‬ ‫الشعرية وموسيقاها‪ ،‬ذلك أنهُ في أغلب قصائده تكون‬ ‫الفكرة أقوي وأبرز ما في القصيدة الأمر الذي يتطلب‬ ‫دقة شديدة ليُبقي ال ُمتلقي محتضناً قصيدةً شعرية حتى‬ ‫آخر كلمة فيها‪ ،‬وهذه تضاف لمقدرته الإبداعية‪.‬‬ ‫ففي قصيدته \"إنه الـقـدر\" يتحقق بعضاً مما ذهبنا إليه‪:‬‬ ‫إنه القدر‬ ‫\" َكتُفاح ٍة‪..‬‬ ‫أسقط ْتني جاذبيتُ َها‬ ‫لك َّنهُ سقو ٌط يُشبهُ‬ ‫الصعو َد!‬ ‫سه ٌل في بدايته‬ ‫ثم تظه ُر حافةٌ‬ ‫‪22‬‬

‫ومنحد ْر‬ ‫إنهُ القَ َد ْر \" ‪...‬‬ ‫وأيضا ً في مفتتح الديوان تأتي الصورة الفكرية محمولة‬ ‫على رفيع الإختيار من الكلمات‪:‬‬ ‫\"سأنثر ما تبقى مني‬ ‫على حق ٍل يحتضر‬ ‫ربما يُنبت وروداً بيضا ًء‬ ‫ُيسافر عط ُرها بعيداً‬ ‫ليرش ُد فراشةً تائهة‪\" ...‬‬ ‫هذه نماذج لميزة ينفر ُد بها الشاعر في قصائد ديوانه‬ ‫وكما ذكرت في البداية‪ ،‬إتقان عناصر القصيدة الشعرية‬ ‫لا يُحقق لها إعتماداً بوصفها \"قصيدة\"‪ ،‬لأنها تبقى‬ ‫منزوعاً منها صفة كونها غير ُمكتلمة لمواصفات صفة‬ ‫الإبداع الشعري هي وصاحبها‪.‬‬ ‫غير أننا ودون تع ِّنت نُصادف عند شاعرنا ُمواصفات‬ ‫ُمكتملة وغير منقوصة للقصيدة الشعرية لندفعهُ هو‬ ‫وديوانه إلى منصة الشعراء ال ُمجيدين‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫لماذا تحترق اجنحة الفراشات‬ ‫د‪ /‬سليمان عوض ( مصر)‬ ‫‪\"..‬هذا الغث الذي تطفح به الأرصفة بل والمكتبات من‬ ‫الروايات لا يعني ولا يهدد الرواية‪ ،‬هو فقط زبد البحر‬ ‫الذي لا ينفع بل ولا يضر‪ ،‬إنه يمثل حالة مخاض خاصة‬ ‫ناتجة من تداعيات عديدة منها ازدياد عشوائي من دور‬ ‫الطباعة والنشر‪ ،‬واحتجاب النقد الب ِّناء والنقاد‪ ،‬وأيضاً‬ ‫عطش و وله أجيال الق ِّراء القدامى لإبداعات تماثل‬ ‫إبداعات الر ِّواد الاوائل‪ ،‬جيل ِّي الخمسينيات والستينيات‬ ‫كمثال‪ ،‬قد نغفل أن ذاك كان عصرهم وكان وقتهم‬ ‫وكانت الرواية ‪ -‬كجنس أدبي حديث لدى العرب ‪ -‬حمل‬ ‫رغبات وطموحات أدباء ونقاد ذاك العصر إلى الإبداع‬ ‫وتعدد التقويم لهذه الإبداعات فبدأ العصر متوهجاً براقاً‪،‬‬ ‫بحسب حجم ومساحة الساحة الثقافية وكانت برمتها‬ ‫ساحةً واعدةً ومتهيئة لاستقبال كل جديد‪ ،‬ويقيني هذا‬ ‫الغث الحالي بينه وفيه مطموراً يتنفس على رجاء\"‪....‬‬ ‫من أيا ٍم كتبت هذا التعليق‪ ،‬عن حال الرواية المصرية‬ ‫والعربية‪ ،‬والتساؤل والقلق الصامت ال ِّضاج من استاذنا‬ ‫ودكتورنا الباحث المتميز والراصد لكل ماهو أصيل‬ ‫ومعاصر في تراثنا الأدبي والفكري د‪ /‬يسري عبد‬ ‫الغني‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫أيا ٍم قليلة وكان بين يدي عملاً روائي لعله – بل إني‬ ‫كغيري على يقين أن ‪ -‬مثله لا زال مطموراً‪ ،‬ولكنه‬ ‫يحم ُل البشرى أن الرواية تتنفس ولم ولن تحتضر‪،‬‬ ‫أتحدث عن رواية \"إحتراق الفراشات \" للكاتب القدير‬ ‫د‪ /‬سليمان عوض‪.‬‬ ‫قبل أن نذهب معاً في قراءة سريعة عن الكاتب وروايته‬ ‫\"إحتراق الفراشات\" سأقتصد في هذه المقدمة بكلمة‬ ‫توصيف لهذا القلق وأسبابه عن الرواية‪.‬‬ ‫كان الإنتاج والثراء الإبداعي في عقدي الخمسينيات‬ ‫والستينيات سوا ًء في مصر أو دولنا العربية زاخماً‬ ‫بإبداعات ُمبدعين ر ِّواد عكفوا على توطيد آفا ٍق من‬ ‫الإبداعات الروائية والقصصية فتعددت معطياتهم‬ ‫ونتاجاتهم فكان عبد الرحمن الشرقاوي \"الأرض‬ ‫والشوارع الخلفية\"‪ ،‬ونجيب محفوظ \"الثلاثية\" وما ُكت َب‬ ‫بعدها قبل وبعد النكسة ‪.‬‬ ‫وتوفيق الحكيم \"عصفور من الشرق\" و\"عودة الروح‬ ‫وصولاً ليوسف إدريس \"الحرام\" و \"العيب\" ومسرحه‬ ‫الحداثي وكذلك من جايلهم ولا نستطي ُع حصرهم‪،‬‬ ‫وأيضاً من تبعهم من ُمبدعين في الرواية والقصة‬ ‫والشعر‪ ،‬وكان ذلك ُمتزامناً مع نق ٍد ُمتميز‪ ،‬و ُنقا ٍد ق ِّيموا‬ ‫بل وحددوا المعايير الجديدة والإضافات في هذه‬ ‫الإبداعات كشواه ٍد ودلالات على الإبداع في الرواية‬ ‫والقصة المصرية والعربية‪ ،‬وذلك من خلال الدراسات‬ ‫‪25‬‬

‫لنقا ٍد أمثال د‪ /‬محمد مندور‪ -‬ولويس عوض وعبد القادر‬ ‫القط‪ ،‬وغيرهم ُكثر وصولاً إلى رجاء النقاش‪،‬‬ ‫و د‪ /‬غالي شكري‪ ،‬ومن لا نستطيع َحصرهم في هذه‬ ‫العُجالة‬ ‫إننا كمثقفين لازال بع ُضنا لم يُغادر هذا الإبهار‪ ،‬ويعيش‬ ‫في أضوائه وذكرياته‪ ،‬ولا يرى جديدأ َيقر ُب مما نعي ُش‬ ‫على ذكراهُ وبالتالي َيصع ُب علينا التقييم الموضوعي‬ ‫للإبداعات الحالية‪ ،‬غافلين حجم وساحة إبداعات تلك‬ ‫الحقبة والعوامل التي تغيرت ومنها كثرة دور النشر‪،‬‬ ‫وغياب النقد والنقاد‪ ،‬وحالة التش ِّبع التي وصل إليها‬ ‫بعضنا‪ ،‬وعزوف الشباب عن القراءة‪ ،‬ولجوئهم إلى‬ ‫وسائل الميديا والتواصل الحديثة التي أفرزت محاولات‬ ‫جديدة ومتنوعة ربما لم َيح َن بعد جني ثمارهم‪ ،‬أقول‬ ‫هذا لأن بين الفترة و الأخرى تصادفني إبداعا ٍت راقية‬ ‫وعلى سبيل آخرها الكاتبة‪ /‬سعاد الزامك وأخريات‬ ‫وآخرين بصدد ارتقائهم منصة المبدعين ال ُجدد بألوا ٍن‬ ‫وخصوصيا ٍت إبداعية واعدة‬ ‫ربما تكون هذه المقدمة طويلةً نسبياً‪ ،‬لكنها بمثابة إعداد‬ ‫المنصة لرواية جديرة بالطواف حولها و حول‬ ‫فيوضاتها الإبداعية الظاهرة أو الكامنة‬ ‫ل ُمبدعنا القدير د‪ /‬سليمان عوض‬ ‫‪26‬‬

‫\"إحتراق الفراشات\"‬ ‫عندما أقرأ نصاً أدبياً ‪ -‬رواية أو قصة أو شعراً ‪ -‬لا‬ ‫تستهويني فكرة استدعاء النظريات النقدية‪ ،‬أو‬ ‫المصطلحات الغربية كالتي يشير إليها عزوفاً أستاذنا‬ ‫د‪ /‬يسري عبد الغني كالتفكيكية أو البنيوية أوغيرها من‬ ‫المصطلحات النقدية المستوردة من بيئا ٍت ثقافي ٍة ُمغاير ٍة‬ ‫لثقافتنا العربية‪ ،‬ورغبة ً منه ‪ -‬بل ومنا جميعاً و بعض‬ ‫نُقادنا الحاليين كالدكتور‪ /‬عزوز إسماعيل و أخرين ‪-‬‬ ‫في إنشاء مذاه ٍب أو مدار ٍس نقدية ُموازية و ُمساوية‬ ‫لمثيلاتها في الثقافات واللغات الأخرى وليس بالضرورة‬ ‫ُمماثلة لها‪ ،‬ذلك أن النص وال ُمبدع معاً قادرين على‬ ‫طرح رؤى جديرة بالبحث و تقصي الظاهر والكامن‬ ‫من خلال النص ذاتهُ أو قدرات ال ُمبدع في بناء كيان‬ ‫إبداعي يحتم ُل أوجه عديدة للقراءة ومن ث َم التقويم‪،‬‬ ‫والتقييم‬ ‫إحتراق الفراشات‬ ‫الغلاف تتُمث ُل فيه إحدي الفراشات في إندفاعها ‪ -‬وهي‬ ‫ُمشتعلة – لنهايتها المحتومة‪ ،‬بعنوان بكلمات العنوان‬ ‫يُمهد لنا الكاتب بهذا العنوان الشائع عن المصير‬ ‫المحتوم‪ ،‬حين تَض ُطر ُم ال َنار ويتوهج سعي ُرها إيذانا بأن‬ ‫تُلاقي كل الفراشات َنصي َبها المحتوم بالسقوط والهلاك‬ ‫في النار التي كان سيا ٌج من الظروف والملابسات قدرية‬ ‫‪27‬‬

‫أو غير قدرية شيطانية أو إنس ِّية‪ ،‬يُحاص ُر هذه الفراشات‬ ‫ويمنعُها من الهرب أو النجاة من الأتون ال ُمستعر‪ ،‬الذي‬ ‫ينتظ ُر رهافة‪ ،‬ورقِّة‪ ،‬وبراءة فراشا ٍت ُول َدت وجاءت‬ ‫الحياة لنثر الحب والأمل والسلام وال ُطمأنينة والجمال‬ ‫بين البشر والحيوان والنبات والجماد في صورةٍ من‬ ‫صورالإعمار ُمسترشدة بما أتت به الأديان‪ ،‬وتراث‬ ‫القيم والعادت الأصيلة قبل أن تدهمها أحماض العصر‬ ‫وإفرازت شياطين الإنس والج ِّن بالأفكار والمعتقدات‪،‬‬ ‫وتعبيد دروب الهلاك وتزيينها لمن حقِّت عليهم الضلالة‬ ‫وعدم الهدى واعتناق الهوى بعيداَ عن سبل الرشاد‬ ‫و يأتي الإهداء تبياناً عاماً‬ ‫\"إلى كل من بحث عن الإيمان فسار في طريق الشيطان‬ ‫إلى كل من بحث عن الهداية فسار في طريق الغواية‬ ‫إليكم جميعاً روايتي‬ ‫\" إحتراق الفراشات \"‬ ‫يبدأ ُمح ِّدثنا والرواي للأحداث كما سمعها ‪ -‬دون تقديم‬ ‫لنفسه – عرض نص حديث الفراشة المكلومة وهما في‬ ‫مكتبه لنُدرك في النهاية أنه ضابط شرطة شارك وعايش‬ ‫أحداث نهاية \"مذبحة إحتراق الفراشات\" بعينيه‬ ‫واعترف بعجزه ومن خلال جهاز عمله المنوط به أن‬ ‫‪28‬‬

‫يوقف قبل أن تبدأ ما إنتهت إليه هذه المذبحة وغيرها‪...‬‬ ‫فق ِّدم استقالته‬ ‫تتأكد براعة البناء والإبداع من الكاتب في إيجاد‬ ‫مستويين متوازيين للأحداث‪ ،‬كما جاء في عبارة د‪/‬‬ ‫شاكر عبد الحميد في كتابه \"الغرابة المفهوم وتجلياته‬ ‫في الأدب‬ ‫\"بحيث يجبر النص قارئه على أن يضع في حسبانه‬ ‫عالم الشخصيات – الموجود داخل النص – بوصفه‬ ‫َعالماً من الإحياء‪ ،‬وأن يتردد ذلك القارئ ويتأرجح في‬ ‫تفسيره للأحداث في القصة‪ ،‬بين التفسيرات الطبيعية‬ ‫والتفسيرات الخارقة أو ما وراء الطبيعة \"‬ ‫وذلك من خلال شخصية \"بهاء\" التي أطلت علينا من‬ ‫خلال فقرا ٍت قصيرة ثم غابت موتاً تكنيكياً أراده‬ ‫المؤلف‪ ،‬وبقى لها التأثير الممتد والفاعل في ُمجريات‬ ‫وأحداث القصة وبطلتها ال َفراشة \"إيمان\"‪ ،‬فهو ُيلاز ُمها‬ ‫ويلازمنا في الفعل ورد الفعل وكأنه ذلك القرين الذي‬ ‫يتسربل بثوب الخفاء ماسحاً دمعةً أو راسماً بسمة مؤيداً‬ ‫أو رافضاً لفع ٍل فهو شخصية محورية في كل الأحداث‬ ‫فعلاً أو رد فع ٍل‪ ،‬وقد أجاد ُمبدعنا تحريكاً لهُ رغم موتهُ‬ ‫وانتقالهُ من عالم الأحياء إلى عالم الأموات من بداية‬ ‫الرواية وإختفاؤه السريع‪ ،‬تبقى الشخصية المحورية في‬ ‫الرواية وهي \"إيمان\" المرسومة بدقة كفراش ٍة بريئةً‪،‬‬ ‫طاهرة‪ ،‬ونموذج مثالي للفتاة‪ ،‬والمرأة عبر مراحل‬ ‫‪29‬‬

‫عمرها‪ ،‬وتعدد الإنكسارات التي لا تُحط ُمها أو تطي ُح‬ ‫بها إلى الإستسلام‪ ،‬وإنما تدفعُها للقيام والمواصلة بفضل‬ ‫التنشئة الدينية والتربية الأسرية ال ُمعتادة والأعراف‬ ‫والقيم السائدة في القرى والبلاد التي لم تلوثها أدخنة‬ ‫ال ُمعاصرة والتمدن التي لحقت وأصابت البراءة‬ ‫والفطرة السليمة‪ ،‬ولم ين ُج منها إلا من اعتصم بحب ٍل من‬ ‫الله وحب ٍل من الناس الطيبين كأبيها و ُمدرسيها ومن دار‬ ‫في فلكها من الشخصيات كـ ثريا‪ ،‬وعايدة وأبلة فضيلة‪،‬‬ ‫وإسلام‪ ،‬وعبد العليم‪ ،‬وضابط الشرطة ‪ ،‬أجاد حقيقة‬ ‫ُمبدعنا في رسم شخصياته‪ ،‬فكانت في اتسا ٍق را ٍق مع‬ ‫بعضها ومع الأحداث‬ ‫و كلغة سر ٍد ورب ٍط للأحداث في تصاعدها وتناميها‬ ‫وتأثيراتها حقق الكاتب بحرفية شديدة توظيف اللغة‬ ‫السردية فلم يسقط في إطالة أو إسرا ٍف يهدد ويوقف‬ ‫النبض الإنفعالي عند القارئ بل جعله مشدودأ ومواكباً‬ ‫ومتجاوباً مع كل المشاعر التي تعص ُف بالأشخاص في‬ ‫ُحزنها وفرحها‪ ،‬وآمالها‪ ،‬وانكساراتها‪ ،‬فكانت الجمل‬ ‫والفقرات تبدو كأنها ُمنتقاة بعناية وبدقة ميزان الذهب‪،‬‬ ‫تؤكدها كلمة \"يلا يابت\" حين كان يدعو الزوج \"إبراهيم‬ ‫زوجته إيمان\" للفراش‪ ،‬كلمة ُمختصرة ومعبرة عن‬ ‫مشه ٍد مألوف أوجزه الكاتب بتعبي ٍر عن التناقض‬ ‫الواضح في التكوين والإستواء النفسي الذي ُيميز‬ ‫و َيفرق بين الشخصيتين والتناقض الحاد بين تأثير‬ ‫الجهل والعلم بالموروث الديني والمجتمعي‪ ،‬والبيئي‪،‬‬ ‫‪30‬‬

‫وكان كاتبنا من الذكاء حين دعم هذه الأحداث بخلفية‬ ‫تداع قوة وأثر اختفاء \"العلم\" ك ُمق ِّوم وداعم رئيسي لبناء‬ ‫المجتمع السو ِّي من خلال الأنظمة السياسية التي دعمت‬ ‫الجهل وغذتهُ حتى أثمر صنوفاً من التمرد من خلال‬ ‫التجمعات التي تتدثر بثياب الدين‪ ،‬فتُنشئ الكوادر‬ ‫والتنظيمات ال ُمسلحة حتى تنتهي بظهور بثور الإرهاب‬ ‫الذي يستمر في توحشهُ حتى يُصب ُح القتل وإراقة الدماء‬ ‫والسب ِّي والإغتصاب والسرقة والتدمير والإهلاك‬ ‫للحرث والنسل ُيماث ُل ظهور السحب ُمتجاورة في صباح‬ ‫كل يوم ليُعكر صفو السماء‪ ،‬بدءاً من رئيس الدولة بعد‬ ‫مماته أو في حياته بين حرسه وقمة إنتصاراته‪ ،‬وصولاً‬ ‫لبائعة ا ّلِ ُخضارعلى الرصيف أو المارين آمنين في‬ ‫الطرقات أو داخل المساجد أو مقاعد الكنائس‬ ‫لعل أبلغ ما بلغهُ كاتبنا في روايته هو أنها خلت من‬ ‫المباشرة على كل ال ُمستويات الظاهرة أو حتى الباطنة‬ ‫أو المستترة في دلالات َجر ْت وتداعت من حولها‪،‬‬ ‫مذابح وحرائق الفراشات‬ ‫طـــــوبـــى ‪ ....‬لإيمان‪ ،‬وأمل‪ ،‬وبهاء أبطال فراشا ٍت‬ ‫تحتر ْق‬ ‫‪31‬‬

‫وقائع \"ولادة في جدار‬ ‫عبد السادة جبار ( العراق )‬ ‫ِّصدر الكاتب وقائع كتابه بـ إهداء ‪ ،‬وشكر ‪...‬ثم إعتذار‬ ‫جاء فيه‪..‬‬ ‫\"إلى السرب الذي انض َمم ُت له زمناً ما واليوم أغ ِّرد‬ ‫َخارجهُ\"‪.‬‬ ‫َشدتني هذه العبارة فهي تَعن ِّي في غموض فحواها‬ ‫تَصحيحاً لموق ٍف سبق و كان‪.‬‬ ‫\"قليل ُو ْن ُه ِّم َمن يفعلون ذلك‪\" .‬‬ ‫ومن هذا المنطلق نجد تغريداته تَحملُها وقائع ُيدرك هو‬ ‫قبل غيره من أين بدأت‪ ،‬وكيف َنم ْت‪ ،‬وكيف صارت‬ ‫سطوراً في كتاب َعبر به َوبوقائعه ُمخلفا ورا َءهُ ذاك‬ ‫السرب الذي أصبح محلقاً خارجه‪.‬‬ ‫الكتاب يضم بين دفتيه تسع وقائع معن ِّونة كالأتي (الضفةُ‬ ‫الأخري ‪ -‬موت ُمش ِّرف ‪ -‬تلك الأحلام ‪ -‬الصديق‬ ‫الأمريكي ‪ -‬فيروس ‪ -‬ولادة في جدار \"عنوان الكتاب \"‬ ‫‪ -‬القصيدة ‪ -‬غابة في الفضاء ‪ -‬وأخيرا ً‪ ..‬عاشوراء في‬ ‫حزيران )‪...‬‬ ‫‪32‬‬

‫كل الوقائع مبنية على حدث تتمحور حوله الوقائع‬ ‫وبشخصية رئيسة تتنوع مع تشابهها في كل الوقائع‬ ‫التالية لها‪ ،‬شخصية تجابه قمعاً وظلماً‪ ،‬وغموضاً يصلاَ‬ ‫بها إلى حافة الإختيار الِّ ُمر في دفاعها المستمي ُت ضد‬ ‫هلاك متر ِّص ٌد بها‪ ،‬ل ِّكنها‪ ،‬تأبى الإنهيار أو الإستسلام‬ ‫فتندفع إلى غير ماهو متوقع لتحقق نصراً متوقعاً ترضاه‬ ‫وتأنس به نجد ذلك يفعله \"أسعد\" حين ينسلخ كليةً مما‬ ‫تربى عليه فيقول بعد أن أخذ بثأر أخيه م ِّم ْن ظلموه‬ ‫وقتلوه ‪ ..‬يقول‬ ‫\"لست أنا الذي فعل ‪ ..‬شخص آخر في داخلي ‪ ..‬لم‬ ‫يكن أن ْت ‪..‬أو جدي ‪ ..‬ربما من جينات أعمق ‪ ..‬ولكني‬ ‫ل ِّم أندم ‪ ..‬هذا دفاع عن النوع\"‬ ‫كذلك فعلت النعجة \"زاجية\" في (موت ُمشرف) حين‬ ‫ق ِّررت مغادرة القطيع الذي يُسحق و ُينحر أمامها في‬ ‫الساحات والشوارع العامة‪ ،‬وتُعلق الذبائح بأعمدة‬ ‫الكهرباء‪ ،‬تحمل \"زاجية\" جنينها في بطنها وتغامر‬ ‫بالهروب ليلا ً ملقية ً بنفسها إلى المجهول‪ ،‬فتلقي حتفُها‬ ‫بعد أن تلد جنينها \"نظيف\" لتبقي الحديقة الخلفية للدار‬ ‫لثلاث فقط (عجوز‪ ،‬وخروف‪ ،‬وطفل) وتبقى بق ِّية الدار‬ ‫لصاحب الدار يرتع فيها كما يشاء‪ ،‬ألم يكن ذلك إختياراً‬ ‫ألا يتشابه في ما انتهت إليه الواقعة الأولى‪ ..‬بعبارة‬ ‫‪\"..‬دفاعا ً عن النوع \"‬ ‫‪33‬‬

‫يتكرر ذلك ويفعله بطل واقعة \"تلك الاحلام\" الذي‬ ‫راودته مفترسةُ شكوكاً عنكبوتية تصطاد فراشات‬ ‫ذكرياته‪ ،‬ذكريات الطفولة والصبا بكل مافيها من أحلام‬ ‫وآمال في غ ٍد أفضل ُمنتظرا ً عبث الشكوك في ُمخ ِّيلته‬ ‫وهو غير قادر على دفعها أو ُمقاومتها حتى بعد‬ ‫الإستعانة بطبيب نفسي ٍ أو صديق ٍ نصح به الطبيب‬ ‫\"فالوضع الأمني انتزع الطمأنينة والثقة من القلوب‬ ‫والعقول \"‪ ..‬فباتت الوساوس تجد لها مرتعاً خصباً ليلا ً‬ ‫ونهارا ً‪ ،‬فأل ِّم به سقم أنهك جسده وقواه‪ ،‬مع عقله‪،‬‬ ‫فصارت \"الهلوسة\" تجول برأسه لتنزل بالجسم الحمى‬ ‫التي ليس منها فواق‪ ،‬بل تنتقل منه كالإنفلونزا للآخر‪،‬‬ ‫ليسقط صديقه \"وديع\" فيما سقط هو فيه‪ ،‬مصابا ً بما‬ ‫ليس منه براء‪ ،‬فتجاورا في الإنحدار إلى الهلاك فيقول‬ ‫مواسيا ً صديقه في حضور إبنته \"فضاء\"‬ ‫‪-‬لسنا مرضى‪ ،‬لننشئ مع الأولاد أمكنة لذكريا ٍت‬ ‫جديدة‪ ،‬ذكريات لا تمحى ‪ ..‬حيث الذكريات هي التاريخ‬ ‫‪ ..‬لا تاريخ دون ذاكرة‪ ،‬لا تنتمي الذكريات لأح ٍد ‪ ..‬بل‬ ‫تنتمي لأصحابها ‪ ..‬يجب أن لا ننسى‬ ‫فترد \"فضاء\" الإبنة قائلة ‪ :‬لن يصادر ذاكرتنا أحد‬ ‫وتمضي كل الوقائع بعد ذلك أبطالها يصيغون بإرادتهم‬ ‫‪ -‬لا أقول ‪ -‬نهايتهم بل بطولتهم متمثلة ً دوما ً في \" ُحسن‬ ‫الإختيار\"‪ ،‬منها الحمامة التي أطلق حريتها راعي‬ ‫المنزل الذي عصفت بمنزله الحمم ودكته دكا ً‪ ،‬فأفرج‬ ‫‪34‬‬

‫عنها لتنطلق لمكان أفضل‪ ،‬تضرب الحمامة برجليها‬ ‫وتحرك جناحيها طائرة وفارة منتشية بحريتها فتجد‬ ‫نفسها أسيرة مرة اخري في فضاء تزمجر فيه أصوات‬ ‫كواسر‪ ،‬وتملكه قوى الشر بصورة أقسي من أسر‬ ‫هربت منه فتمتمت كأنها تخاطب من حررها من أسرها‬ ‫خائف أنت من قفصك الكبير‪ ..‬إلى أي فضاء اطلقتني‬ ‫إذا ً ‪ ..‬؟‬ ‫\"لحقت في ربها بسرب طائرا ً في السماء يحاول مثلُها‬ ‫الهروب إلى حيث الأمان‪ ،‬فكانت هناك حوارات بين‬ ‫أعضاء السرب تكشف عن خلاف في التوجهات من‬ ‫البدايات وحتى اختيار وسائل النجاة ‪ -‬من هول ‪ -‬ما آلت‬ ‫إليه الفضاءات‪ ،‬حتى قائد السرب لا يعرف لا هو ولا‬ ‫السرب إلى أين يمضي بهم‬ ‫وهكذا يبدو السرب ‪ -‬للناظر إليه ‪ -‬في علوه كأنه سرب‬ ‫متفق على الأقل في الإتجاه‪ ،‬لكن تكشف تفرقة‪ ،‬عبارة‬ ‫هي أروع ما لُخص به المشهد والواقعة قالت حمامة‬ ‫حكيمة في تعقيب لها‬ ‫إذا كانت خراطيمهم سوداء (تقصد خراطيم الكواسر‬ ‫المعادية لهم) فلأمر أهون ‪ ..‬فهم يقصدون زيت أرضنا‬ ‫‪ ..‬أما أصحاب الخراطيم الحمراء فهؤلاء يقصدون زيت‬ ‫حياتنا‬ ‫فترد حكيمة أخرى من حمامات السرب بأسى بالغ‬ ‫‪35‬‬

‫كفى الله الشر عن الجميع ياسيدتي المبجلة ‪ ..‬ليس ثمة‬ ‫فرق بين هؤلاء وأولئك فقصدهم سيان‬ ‫تراخت الأجنحة‪ ،‬وتسلل الإضطراب إلى الرؤس‬ ‫الصغيرة أنتجتها غريزة الخوف ‪ ...‬لتنتهي الواقعة‬ ‫باقتراب فصيل الكواسر كثيرا ً‪ ..‬ولم يتخذ السرب قراراً‬ ‫بعد ‪ ...‬ويختم الكاتب و لرحلة الحمام بقية‬ ‫ولعل الكاتب هنا ج ِّسد محور الوقائع والمجموعة‬ ‫القصصية في هذه الواقعة \"غابة في الفضاء \" ‪ ...‬يقصد‬ ‫أن حتى الفضاء الذي قد يكون ملاذاً للهرب فإنه بات‬ ‫غابة ككل الغابات زاخراً بألوان وأنواع المتضادات‬ ‫ونمضي معه بعد هذه النماذج لنقترب أكثر فأكثر في‬ ‫(فيروس ‪ -‬و ولادة في جدار‪ -‬والقصيدة ‪ ،‬و عاشوراء‬ ‫في حزيران )‬ ‫حين شرع‬ ‫الكاتب‬ ‫لأفكار‬ ‫أكب ٍر وأوض ٍح‬ ‫نقترب إلى عم ٍق‬ ‫ما حاصر‬ ‫َسمتها‬ ‫وقائع‬ ‫رصد عليه‬ ‫في إقامة جداراً‬ ‫وط ِّوق الإنسان العراق ِّي في حقبة لا يغفلها تاريخ‬ ‫الراصد لهذا الشق الغير بسيط الذي نال العراق أرضاً‬ ‫وشعبا ً‬ ‫إن الإتكاء على هذا الجدار قد يقدم لنا ولادة جديدة تنشق‬ ‫من جدار كاتبنا القدير‪ ،‬إذا ما تردد وعلا الصوت‬ ‫بكلماته التي أنهي بها كتابه‬ ‫‪36‬‬

‫\"لن تخدعنا الرايات ‪ ..‬ولا الكلمات ‪ ..‬ولا رفع‬ ‫المصاحف على الحراب\"‬ ‫نختم ونقول لا حاجة لنا إلى التنويه بعبقرية السرد‬ ‫ودقتها فضلاً عن التقنية المختارة لعرض الواقعة في‬ ‫إيجاز مكتمل في عمقه ومحتواه لغةً وتعبيراً ‪ ،‬وهما من‬ ‫أدواته التي تعكس مقدرةً وتميزاً يم ِّيز كتاباته وإعتلاؤه‬ ‫الدائم إلى قمم التعبير حيث مكانه ومكانته بين مبدع ِّي‬ ‫العراق والعرب‪.‬‬ ‫‪37‬‬

‫بلقيس \" ليست ملكة ولا شبحا‬ ‫هبة بنداري( مصر)‬ ‫“ما بين بلقيس واخواتها سباح ٍة في الأعماق“‬ ‫سـ ‪ ،‬جـ‬ ‫قبل ان نمضي معاً إلى قراءة لأعمال الروائية ال ُمبدعة‬ ‫هبة بنداري ‪..‬نتوقف قليلاً للتعريف بشخصيتها‬ ‫صدر لها‬ ‫رواية \"نفور الظباء\" ‪2014‬م‬ ‫رواية \"أنثي في ثياب رجل\" ‪2015‬م‬ ‫رواية \"بلقيس \" ‪2016‬م‪.‬‬ ‫نـفـو ر ا لـظـ َبـا ء‬ ‫روايتُها الأولى (‪ 2014‬م )‪ ،‬وبطلتها تحم ُل اسم \"‬ ‫شادن\" ‪ ،‬وشادن تعني \"الظبي الصغير النافر\"‪ ،‬نعر ُف‬ ‫اأنلأُهاول أىوفليإالبصناداء ٍرواللهسا‪،‬ردالالرلغواويةي‪،‬تتوماثلب ُلناءفيالهاعاامللرهاو‪،‬ماقنسيصةة‬ ‫الحب الأول في حياة أي إنسان‪ ،‬والذي في الغالب يبدأ‬ ‫بالصدفة‪ - ،‬وكثيرا ما تكون ال ُصدفة هي ال ُمتوقع وليس‬ ‫كما ُيشاعُ غير ال ُمتوقع – الح ُب الذي يوثقه القلب‬ ‫الأخضر المتعطش للحب الأول‪ ،‬وتتداعى له كل‬ ‫‪38‬‬

‫الأحداث لينشأ الكيان ال ُمبهر لأي قصة ح ٍب تجمع بين‬ ‫إثنين جمعهما الحب الأول‪ ،‬وظفت الكاتبة الأحداث‪،‬‬ ‫وهيأت المسرح بأشخا ٍص وعلاقا ٍت‪ ،‬تُسه ُم في تصاعد‬ ‫هذا الحب‪ ،‬وم ْن تشابُكها ودرجات التقارب‪ ،‬والتفاعل‬ ‫بينها يتنامى إيقاع البناء الدرامي‪ ،‬ويتِّسق في هارمونية‬ ‫الرومانسية التي وفرتها الكاتبة من خلال قوة السرد‬ ‫واللغة المناسبة‪ ،‬وأبيات الشعر المنتقاة والمعروفة‬ ‫لشعراء الرومانسية‪ ،‬والمعروفة لدى المتلقي ُمثقفاً أو‬ ‫غير مثق ٍف مكتفية بأسماء الشعراء الموسومون‬ ‫برومانسية الحب تعبيراً‪ ،‬شادن‪ ،‬ورءوف يسكنان فيلتان‬ ‫متواجهتان‪ ،‬لا يعرف أي منهما الآخر‪ ،‬تلعب الصدفة‬ ‫دورها فيتعارفان‪ُ ،‬هما يبدوان ُمختلفان من تأثير نشأة‬ ‫وتربية ك ٍل منهما‪ ،‬وهذا طبيعي‪ ،‬فليس هناك تطاب ٌق بين‬ ‫البشر‪ ،‬ومساحات الإختلاف في الغالب مرن ٍة‪ ،‬عوامل‬ ‫عديدة تسه ُم في مرونتها‪ ،‬لتحقق عند درجة ما دائرة‬ ‫تفضي إلى التكامل الذي يحقق الإستواء في الحياة‬ ‫األحشداخ ٍثصيطةبيللعيإنةساسان‪،‬ر نعلمت ُفسيهذأانجييدداًخ بلوكلضاًومحٍنمنشادخلنالو‬ ‫رءوف دائرة الإتلاف والمحبة ال ُمحاط بسياج التكامل‬ ‫لاكتمال شخصية كل منهما ليمضيا معاً بأما ٍن لحياة‬ ‫ينعما فيها بالحب‪.‬‬ ‫وهكذا نجحت الكاتبة من خلال العناصر الروائية‬ ‫المعروفة‪ ،‬أن تق ِّد ُم لنا تجربتها الأُولى‪ ،‬محققة درجة‬ ‫\"جيد‪\".‬‬ ‫‪39‬‬

‫أنـثي فـي ثــيـا ب ر جـ ٍل‬ ‫الرواية الثانية للكاتبة (‪2015‬م )‪ ،‬ربما هي شهقة ذات‬ ‫حدين‪ ،‬الأُولى شهقة تؤكد دور الأنثى في مرحلة تحول‬ ‫ُمجتمعي جديد تُساه ُم ضغوطاً ُمتعددةٍ في تقليص دور‬ ‫المرأة ومشاركاتها في الحياة المجتمعية فالظروف‬ ‫الإقتصادية تدفعها لمواصلة كفاحها مع الرجل وظروف‬ ‫أخري تُنسيها دورها كـ \"أنثى\" وبين هذين العاملين‬ ‫والظرفين ال ُمتضدان تتداعى اُسس الحياة العادية‬ ‫وال ُمفترضة لإعمار الحياة‪ ،‬فجأت \"الرواية\" لتأكيد‬ ‫دورالمرأة في ال ُمجتمع الذي َيس ُم الحياة بالطابع‬ ‫\"الذكوري\" من خلال احتكاك وتنامي المؤثرات‬ ‫ال ُمجتمع ِّية التي ظن الجمي ُع أن الزمن طواها‪،‬‬ ‫وتجاوزها‪ ،‬وفي محاولة تقليص حركة الإذعا ٍن‬ ‫والتقاعس من المرأة نفسها‪ ،‬وشد ِّ عزمها لمواجهة ما‬ ‫يمكن أن نسميه أو يج ُد لها العلماء والمتخصصون‬ ‫والباحثون توصيفاً يض ُع هذا بين قوسين باعتباره‬ ‫مرحلة ً أو مفصلاً آن ِّيا في تطور المجتمع العرب ِّي‬ ‫والمصر ِّي على وجه الخصوص‪ ،‬أما الشهقة الأخرى‪،‬‬ ‫فربما تتمث ُل في الشعور بغياب ُعنص ٍر يتسق مع حالة‬ ‫المرأة في هذا الحراك المجتمعي‪ ،‬ألا وهو عنصر‬ ‫المشاعر الصادقة في حياة الإنسان‪ ،‬والمرأة على وجه‬ ‫الخصوص‪ ،‬فإذا كانت المشاعر الإنسانية واحدةً لدى‬ ‫البشر‪ ،‬فإن درجاتها ُمتباينة في القوة والضعف والحدة‬ ‫والإختزال والإحساس ‪ ..‬الخ‬ ‫‪40‬‬

‫فـ \" لُبنى\"‪ ،‬بطلة هذه القصة‪ ،‬والتي تدور معها وحولها‬ ‫الأحداث‪ ،‬تجس ُد المرأة الثائرة والرافضة لإرتداء ثوب‬ ‫الأنوثة‪ ،‬ثوب \"الحريم\" ثوب امرأة الظل في المجتمع‬ ‫الذكوري‪ ،‬مها كان تأثريها المعروف‪ ،‬وجبروتها وقوتها‬ ‫في حمل وتوجيه مسئوليات الأسرة رجالاً ونسا ًء كباراً‬ ‫وصغاراً مهما كانت درجات القرابة أو العمر‪ ،‬هي تفه ُم‬ ‫هذا وتعيه جيداً من خلال أسرتها والبيئة التي نشأت‬ ‫فيها‪ ،‬تعل ُم بوضوح قوة المرأة في إدارة المجتمع‬ ‫الصغير والمجتمع الكبير \"الوطن\"‪ ،‬لكنها ترفض أن‬ ‫تكون ظلاً أو مح ِّركاً يعم ُل بلا صو ٍت ومن وراء ستا ٍر‪،‬‬ ‫فهي تسعى بنفسها إلى أهدافها‪ ،‬ولا أحد يختا ُر لها‬ ‫أهدافها‪ ،‬ولا مواقفُها‪ ،‬برعت الكاتبة في تجسيد شخصية‬ ‫\"لبنى\" ورصدت لنا َحركاتَها ومشاعرها في حالات‬ ‫العلو والإنحسار في كل المواقف التي تمر بها‪ ،‬مع‬ ‫تنامي الأحداث‪ ،‬ودرام ِّيتها المحبوكة والموظفة لبناء‬ ‫التكامل الروائي الداعم للشخصيات نفسها والمؤدي‬ ‫لترابط جاذ ٍب للمتلقي من خلال إيقاعٍ سردي تجيدهُ‬ ‫الكاتبة بحرفية قوية في اللغة‪ ،‬وعبارات الحوار دون أن‬ ‫تسق ُط أو تنزل ُق في هاوية التبسيط ال ُمخل بقوة الحدث‬ ‫وتأثيراتهُ أو الشخصية نفسها‪ ،‬و هذا يُمث ُل كما ذكرنا‬ ‫القدرة التي تمتل ُكها الكاتبة كمبدع ٍة وروائية حققت قدراً‬ ‫أكبرتميزت به في روايتها الثانية وبتقدير \"جيد جداً\"‬ ‫‪41‬‬

‫بـلـقـيـس‬ ‫الرواية الثالثة (‪2016‬م )‪ ،‬راوايةً ُمختلفةُ تخر ُج منها‬ ‫الإبداع كمبدعٍ‪،‬‬ ‫إلى ساحة‬ ‫الكاتبة من عباءة الكاتبة‬ ‫وبها‬ ‫\"بلقيس\" قفزت‬ ‫أو امرأةٍ)‪،‬‬ ‫الموسوم الجنس (رجلاً‬ ‫غير‬ ‫بها الكاتبة إلى عمل إبداع تجاوزت به مراحلها السابقة‬ ‫بخطوا ٍت واسع ٍة ُمحققةً طفرة في كل عناصر الرواية‬ ‫المعروفة والتي بدأت بها العملين السابقين‪ ،‬بلقيس اسم‬ ‫الرواية واسم البطلة هنا أيضاً يحم ُل دلالا ٍت تاريخية‬ ‫حيث أنهُ اُس ٌم غير دارج‪ ،‬وله جذوره التراثية ‪ ،‬كملكة‬ ‫حاكمة ‪ ،‬لها من القوة والتأثير ما هو معروف‪ ،‬ومن‬ ‫الغموض مازال يكتنفهُ‪ ،‬فما بين الحقيقة التاريخية‬ ‫الموثقة في ُكتب التاريخ‪ ،‬ومابين الأسطورة المتوارثة‬ ‫كان هذا خيا ُر الكاتبة لإسم قصتها‪ ،‬وما بينهما تجري‬ ‫وقائع وأحداث قصتنا \"بلقيس\" ومن خلال بناء درامي‪،‬‬ ‫َش ِّد ْت هيكلهُ بقدر ٍة واقتدا ٍر روائية تجاوزت بدايات‬ ‫الإحتراف بخطوا ٍت كبير ٍة‪ ،‬ودعمت هذا الهيك ٍل بدعائم‬ ‫عناصر السرد اللغوي ال ُمميز للكاتبة‪ ،‬وأيضا ً عنصر‬ ‫الحوار ال ُمحترف والنابض بمثل قوة الحدث واتسا ٍق مع‬ ‫الشخصيات ذاتها الناطقة به‪ ،‬فلا نشع ُر على طول‬ ‫الرواية وكثافة الأحداث بوجود را ٍو أو مؤل ٍف‪ ،‬وتلك من‬ ‫براعة الكاتبة وتميزها في هذا العمل‪ ،‬ولعل من‬ ‫أكبر وأهم درجات التميز الذي حققته الكاتبة في هذه‬ ‫الرواية‪ ،‬ويكاد يكون منه هذه الوثبة التي تحققت‪ ،‬هو‬ ‫عنصر الغموض والقدرة على الإمساك به حتى قرب‬ ‫‪42‬‬

‫نهاية الرواية‪ ،‬تعايش ال ُمتلقي مع الأحداث ُمحاولاً‬ ‫الإمساك بخي ٍط يقوده إلى بصي ٍص يكش ُف به عن هذا‬ ‫الغموض ويقلل علامات الاستفهام والتساؤل ال ُمصاحب‬ ‫له منذ بداية الرواية‪ ،‬لك ِّن الكاتبة باقتدار لا تدعُ الكاتب‬ ‫َيم ُل‪ ،‬أو تق ُل لديه درجات التساؤل وحدة الإنبهار‪ ،‬كي‬ ‫َيعر ُف من تكون \"بلقيس\" هذه بطلة القصة ؟‪ ،‬من خلال‬ ‫الغموض الذي ُيحي ُط بها‪ ،‬ويحي ُط بنا ونح ُن نتابع رحلة‬ ‫بطل القصة \"محمود\" عبر مراحل التواصل معها‬ ‫للتعرف عليها وتواصلنا نح ُن أيضاً معه َو ك ِّم الأحداث‬ ‫الغامضة وال ُمتشابكة وال ُمثيرةُ أيضاً‬ ‫أيضا ً قدرة الكاتبة في توظيف المعلومات الطبية‬ ‫والسلوكيات المصاحبة للمرض النفسي‪ ،‬وآليات التفاعل‬ ‫معه ومع إعراضه‪ ،‬ومراحل العلاج والمهارية الدقيقة‬ ‫في تتبع مراحل المرض حتى اكتمال الشفاء التام‬ ‫للمريض ومن خلال الطبيب ال ُمعالج‬ ‫في \"بلقيس\" حققت الكاتبة قفزتها الهائلة و َدعمت ثباتها‬ ‫َك ُمبدع ٍة في مجال الرواية بدرجة تجاوزت أيضا ً درجة‬ ‫\"جيد جداً\" وقاربت الإمتياز‬ ‫ملحوظة‬ ‫\"تعمدت ألا أتتبع سير الأحداث أو الأشخاص بالإقتراب‬ ‫\"زووم\" منها لأترك للمتلقي شغف القراءة لهذه الأعمال‬ ‫‪43‬‬

‫الخريف يلملم أوراقه ‪ -‬وقطعة صغيرة من الشيكولاتة‬ ‫مجموعات قصصية‪:‬‬ ‫علي حسن ( مصر)‬ ‫في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي‪ ،‬إختار‬ ‫الروائي والقاص‪ /‬إحسان عبد القدوس من بين من جايلهُ‬ ‫من رفاقه كـ \"يوسف السباعي\"‪ ،‬ومحمد عبد الحليم عبد‬ ‫الله‪ ،‬وأمين يوسف غراب وغيرهم كروائيين وقصاصين‬ ‫ُعرف عنهم ُكتاب للرومانسية وهو أيضا ً ُيحتس ُب منهم‪،‬‬ ‫وكانت كتاباتهم تدور في دوائر الطبقة الوسطى‪ ،‬وهي‬ ‫الطبقة التي كانت تقود المجتمع في ذلك الوقت‪ ،‬قبل أن‬ ‫تختفي تماماً بعد ثورة ‪ ،52‬غير أن إحسان‪ ،‬ح ِّلق إلى‬ ‫أعلى قليلا ً‪ ،‬إلى الطبقة الأرستقراطية‪ ،‬فتناول باقتدا ٍر‬ ‫و ُجرأ ٍة ما لم َيسبقهُ إليه أحد‪ ،‬تناول الجانب المستور‬ ‫والمخف ِّي في العلاقات الإجتماعية لهذه الطبقة التي كانت‬ ‫تضوي تحت الأضواء‪ ،‬وكأنه دخل غرف نومهم من‬ ‫النافذة أو فتح عليهم الباب وهم نيام‪ ،‬ككل خلق الله البشر‬ ‫بسراويلهم أو بدونها ! ودون تجميلات زائفة على الوجه‬ ‫او خلف بريق الأرواب الحريرية الناعمة‬ ‫‪44‬‬

‫هذا ما فعله إحسان عبد القدوس في بعض أو أكثر‬ ‫قصصه ومنها روايت ِّي \"لا أنام ‪ -‬النظارة السوداء\"‪،‬‬ ‫وغيرها‪....‬الخ‬ ‫و ُعرف عنه وشاع أنهُ ُيمثل بإبداعاته بين ال ُمبدعين‬ ‫العرب‪ ،‬أنه امتداداً للحرية والفكرالوجودي والذي ساد‬ ‫وانتشرت بعد أن إنتهت وهدأت أجواء ما بعد الحرب‬ ‫العالمية الثانية في أوروبا في مصر والشرق الأوسط‪،‬‬ ‫وظهور حركات الإستقلال السياسي والتمرد المجتمعي‬ ‫على القيود والأفكار التي كانت سائدة والرغبة في‬ ‫\"الحراك\" والتغيير‬ ‫هكذا مثل عبد القدوس من خلال إبداعاته التي انتشرت‬ ‫وروجتها فيما بعد السينما أفلاماً أكثر من أي كاتب آخر‬ ‫إننا الآن أمام ظاهرة ُمماثلة إبداعياً وفكرياً‪ ،‬فكاتبنا‬ ‫القاص المتميز‪ /‬علي حسن إختار لنفسه وبقو ٍة مساراً‬ ‫خاصا ً به يُمث ُل بين المبدعين على الساحة حالياً ما فعله‬ ‫إحسان عبد القدوس منذ أكثر من ‪ 75‬عالماً إختار أن‬ ‫يقف َز ُمباغتاً وفاتحاً غرف نوم طبقةً يغف ُل البعض عنها‬ ‫وهي الطبقة والشريحة \"الدنيا\" من مجتمعنا الذي لا‬ ‫شريحة عدا ُهما‪ .‬ما يسمى طبقة النخبة أو الصفوة‪،‬‬ ‫و ُيمثلها رجال الأعمال ومن يدور في أفلاكهم من‬ ‫الموظفين والحراس والعمال‪...‬الخ والذين يتشبهون بهم‬ ‫في سلوكياتهم وانتشال ما يمكنهم من وسائل الترف‬ ‫والسلوكيات حتى لا يسقطوا أو يتهاووا من مداراتهم‬ ‫‪45‬‬

‫التي اعتادوها‪ ،‬والطبقة الأخرى وهي طبقة الحرفيين‬ ‫والبسطاء الذين يكتفون بما يصلهم ويبقيهم على قيد‬ ‫الحياة‪ ،‬أما ترفهم فهو الجلوس على المقاهي إلى آخر‬ ‫الليل ليعودوا إلى مضاجعهم ليوم جديد ُمشابه يترعون‬ ‫منه نصيبهم اليومي المعتاد من الشقى والتعب \"للقمة‬ ‫العيش\" لأسرهم‪ ،‬هذه طبقة أخرى لها أسرارها‬ ‫ومكنوناتها الخاصة‪ ،‬بل وشديدة الخصوصية والتي‬ ‫َيتحرون أن لا َيعر ُف بها أحد‪ ،‬وإن كانت سلوكياتهم‬ ‫تفضحهم‪ ،‬ومع ذلك لا يُبالون‪ ،‬بعكس الطبقة الأخرى‬ ‫التي تكش ُف سلوكياتها بل وتتباهى بها‪ ،‬وتسعد ويسرها‬ ‫أن تُذاع عنهم‪ ،‬هذه الطبقة حمل معهُ أستاذنا الكاتب كل‬ ‫ما َي ِّدعمهُ من أساليب وأدوا ٍت للغوص في أوحال هذه‬ ‫الطبقة فالرائحة تزكم الأنوف‪ ،‬والصور مقززة‪،‬‬ ‫والسلوكيات ُمنفرة‪ ،‬فلا تتسق مع قيم أو شرع أو حتى‬ ‫عادات وتقاليد نزل إليها كاتبنا بكامل أدواته‪ ،‬وبخرائطه‬ ‫المباشرةً إلى أماكن العفن‪ ،‬و ُمستنقعات الرذيلة والفجر‬ ‫والفُحش‪ ،‬يلتقط بعيناهُ‪ ،‬و َيرك ُم أقبح ما يراه فوق بعضه‪،‬‬ ‫سنرى ونقرأ ما ُيدهشنا‪ ،‬وكثيراً منهُ يزك ُم اُنوفنا‪،‬‬ ‫وتغ ُض منه أبصارنا‪ ،‬ولا تقبلهُ آذاننا بل تعا ُف النفس‬ ‫منهُ فقد لا تتصور وجودهُ بهذه الحدة‪ ،‬لكن حرفيته‬ ‫وعبقريته وأدواته وما انتقاهُ لنا يؤكد صدق غوصه‬ ‫وحقيقة ودقة ما التقطهُ‬ ‫في مجموعته القصصية الأولى قطعة صغيرة من‬ ‫الشيكولاتة ‪ 16‬قصة سبق أن تناولتها من شهور‪،‬‬ ‫‪46‬‬

‫ومجموعته القصصية \"الخري ُف يلملم أوراقه \" ‪15‬‬ ‫قصة‬ ‫وحين تذهب الدهشة الأولى‪ ،‬وتستقر الحقائق‪ ،‬وتتلاشى‬ ‫فكرة الخيال‪ ،‬ندر ُك أن كاتبنا يأخذنا إلى ما نُغ ُض‬ ‫الطرف عنه ونتجاهله‪ ،‬رغم رؤيتنا لهُ رأيي العين‪ ،‬لكن‬ ‫كأن الأمر لا يُعنينا‪ ،‬لكنه أراد أن ينبهنا لسنا بعيدين ولا‬ ‫ما يحدث بعيداً عنا‪ ،‬ويوماً ما قد يلم ُس و \"يلطش\"‬ ‫أحذيتنا وملابسنا وسلوكياتنا وعلاقاتنا‪ ،‬ذلك أن عند‬ ‫الإنهيار لا يوجد مجتمعا ً من طبق ٍة أو طبقتين أو أكثر‪،‬‬ ‫ذلك محرر عليه ُمبدعنا وأجاد فيه‪ .‬عبقرية ال ُمبدع‪،‬‬ ‫وإبداعاته تمثل الأجراس التي يسبق غيره إليها ليدقها‪،‬‬ ‫منبهاً‬ ‫قديماً قالوا عن إحسان أن أدبه مكشوف‪ ،‬ونحن نقول أن‬ ‫أدب أديبنا ‪ /‬علي حسن إن بدأ مكشوفاً في تناولهُ فإنه لا‬ ‫ُيعري المستور‬ ‫‪47‬‬

‫\" أبوة ركوة\" من ملامح القن ٍص و الإبداع السردي‬ ‫لـلكاتب‬ ‫محمد إبراهيم عبد العاطي ( مصر)‬ ‫هذا ما كتبهُ أديبنا ُمنهياً به مجموعته القصصية‬ ‫\"أبـوركـوة\"‬ ‫‪\" ...‬إنني في خلوتي تظهر لي عرائس الأفكار‪ ،‬تأخذني‬ ‫فوق جناحيها إلى أعلى أُمارس لُعبة الإبداع منفصلاً‬ ‫عن إيقاع العادي‪ ،‬ومنفلتاً من المكرور‪ ،‬أعي ُد صياغة‬ ‫اللحظات في ألق الحزن والفرح‪ ،‬أمر من ثقب لحظ ٍة‬ ‫منضغط ٍة مأسوية إلى رحاب ٍة لا أعرف متى تنتهي حتى‬ ‫أفي ُق‪.‬‬ ‫إنني محمد عبد العاطي ذلك العامل البسيط أعود إلى‬ ‫همي الذاتي مرة أخرى‪ ..‬آخذ دائما ً من الناس ‪ ،‬وأح ُب‬ ‫مرةٍ أخرى فيهم همومهم‪ ،‬سقطاتهم‪ ..‬فرحهم‪ ،..‬دائما‬ ‫هناك ما يحلو لي أن اُسميه الحدوتة في كل شئ – كل‬ ‫شئ ‪ -‬هو حدوتة لها بداية ولها نهاية‪ ..‬لها \"تكة\" خاصة‬ ‫أحاول البح ُث عنها‬ ‫‪48‬‬

‫حتى الآن أشع ُر بأنني لم أفرغ ما بداخلي ‪..‬دائما هناك‬ ‫\"حرقة\" الكتابة‪ .‬وهذا أيضا ً ما سوف ُندركهُ ونحن نقرأ‬ ‫في هذه المجموعة القصصية الأولى لكاتبنا والتي تتكون‬ ‫من ‪ 24‬قص ٍة قصيرة لا تتجاوز أطول قصة صفحتان‬ ‫من الحجم الصغير‪ ،‬لكنها أدبياً قصصاً جديرة بالأحتفاء‬ ‫وقراءات ُمتعددة لها‬ ‫العنوان أبو ركوة – وهو إسم إحدى قصص المجموعة‬ ‫‪ -‬والركوة لغويا هي \"إناء صغير من جل ٍد ُيشر ُب فيه‬ ‫الماء‪ ،‬كما جاء بالمعجم الوجيز إصدار وزارة التربية‬ ‫والتعليم ولكن العامة أطلقوا إسم \"الركوة\" على ما يوقد‬ ‫فيه النار للتدفئة أو غير ذلك من استخدامات وفي العادة‬ ‫تصحب الركوة سهرة لتبادل الحكي و تبادل الهموم‬ ‫والأفراح‪ ،‬والنكات والذكريات ‪..‬الخ‪ ،‬وبهذا العنوان‬ ‫سيضعنا من خلال هذه المجموعة أمام اهتماته الخاصة‬ ‫التي أشرنا إليها عاليه وتمث ُل ا ّلِهم الفكري في بحثه عن‬ ‫ث ِّم تبقى‬ ‫منهُ إليها‪ ،‬ومن‬ ‫الذي يم ُر‬ ‫أو الثقب‬ ‫\"التكة\"‬ ‫العصر‬ ‫أُسوة بمتلازمات‬ ‫\" ُمتلازمة\"‬ ‫\" الكتابة‪،‬‬ ‫\"حرقة‬ ‫النفسية التي تلح ُق بالبعض‬ ‫وغلاف المجموعة البسيط ربما يُشي ُر \"الجمل\" إلى‬ ‫الجهد والصبر الذي تحملهُ الكاتب ليقدم تجرب ٍة ناجحة‬ ‫لعام ٍل بسيط حيث يقول‪:‬‬ ‫\"وحيداً كنت أواجه ما بداخلي في انبها ٍر غامض ‪..‬‬ ‫ُمتسلحاً بذاتي العارية تماماً – في ذلك الوقت – من كل‬ ‫‪49‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook