Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore المجلة العدد الاول

المجلة العدد الاول

Published by info, 2020-08-31 06:51:13

Description: المجلة العدد الاول

Search

Read the Text Version

‫الرئيس ديك تشيني بزيارة تلك الدولة‪ .‬فالتغيرات السياسية من تطور أو تأخر أو انحدار أو انتكاس أو تجمد‬ ‫أو تسارع أو تباطؤ ھي حتمية سواء في وضع الدول الكبرى أو وضع الدول الصغرى وكذلك وضع‬ ‫العلاقات بينھا‪ .‬ولذلك وجب متابعة الأحداث بشكل دائم للوقوف على آخر حال وصلت إليھا التغيرات ‪.‬‬ ‫فالتحليل السياسي وإن كان يمر عبر عملية التفكير السياسي ولكنك تلخص عملية التفكير السياسي التي قمت‬ ‫بھا في ذھنك في عبارات محددة وتوجزھا بقدر ما يسمح به المقام وما يلزم من شرح للقارئ‪ ،‬لأن الأمر قد‬ ‫تبلور لك‪ ،‬وتركز فيه على تحديد مواقف الدول والأطراف وأھدافھا وعلاقة ھذه الدول والأطراف ببعضھا‬ ‫البعض‪ ،‬وخاصة الدول الكبرى الفاعلة ھناك‪ .‬وتربط الأمور بعضھا ببعض‪ .‬فإذا أردت أن تقوم بالتحليل‬ ‫السياسي للمشكلة النووية الإيرانية فيجب أن يكون قد جرى عندك تفكير سياسي للوضع الإيراني‪ ،‬فتكون‬ ‫مدركا لما ھو عليه الوضع في إيران‪ ،‬وتأتي وتلخص ھذا الأمر بصورة مختصرة وتقف على ما يلزم للخبر‬ ‫الذي ستحلله وھو المشكلة النووية‪ ،‬وتبحث تطور الأحداث بالنسبة لھذه المشكلة وليس كل ما يتعلق بإيران‪،‬‬ ‫وتبحث مواقف الدول الفاعلة في المسرح الدولي أي مواقف الدول الكبرى من ھذه المشكلة‪ ،‬وكذلك مواقف‬ ‫الأطراف الإقليمية ومن له علاقة بھذا الموضوع‪ .‬فتتوصل حسب غلبة الظن الى الرأي السياسي الأقرب إلى‬ ‫الصحة ‪.‬‬ ‫وعند قيامك بعملية التحليل السياسي فإنك تتعمق في الأخبار وتدقق في الكلمات والمعاني‪ ،‬وتبحث التناقضات‬ ‫في التصريحات وكثيرا ما تحدث من السياسيين وربما يكون لھا معنى وليست غباء‪ .‬فمثلا صرح خليل زادة‬ ‫سفير أمريكا في الأمم المتحدة للإعلام الأمريكي والغربي بتصريحات يتھم السعودية بعدم تعاونھا فيما يسمى‬ ‫بمحاربة الإرھاب في العراق‪ ،‬وعندما جاءته وسائل الإعلام العربية مدح موقف السعودية وتعاونھا في‬ ‫محاربة الإرھاب‪ ،‬ومرة أخرى ھاجمھا أمام الإعلام الغربي ومن ثم مدحھا أمام الإعلام العربي! فھذا ليس‬ ‫غباء ولا تناقضا وإنما له معنى‪ ،‬ويدل على عدم رضا الأمريكيين عن سعودية عبد ﷲ‪ ،‬وأن لھذا الملك‬ ‫وجھة أخرى ھو موليھا! وأثناء وجود المالكي في الشام انتقد بوش المالكي وأداءه بشدة وأشار بأن حكومته‬ ‫ستسقط! وبعدما عاد من الشام امتدحه وامتدح أداءه وأشار بأن حكومته باقية‪ ،‬فأظن أن ھذا ليس تناقضا كما‬ ‫أشار البعض‪ ،‬وإنما يتعلق بخدمة المالكي للسياسة الأمريكية‪ ،‬فحتى تنجح مھمة المالكي في الشام‪ ،‬وحتى‬ ‫يبذل الجھد اللازم للحفاظ على أمن أمريكا في العراق في محاربة المتسللين للجھاد‪ ،‬وليضلل الرأي العام كأن‬ ‫أمريكا غير راضية عنه وعن تقربه من النظام السوري‪ ،‬وليوجد صيغ تعاون أكثر نجاعة مع حكام سوريا‬ ‫صرح التصريح الأول‪ ،‬وبعدما نجحت مھمته صرح التصريح الثاني‪ .‬فالسياسيون عادة ليسوا أغبياء‪ ،‬إلا إذا‬ ‫كانوا محسوبين على السياسيين وما ھم بسياسيين‪ ،‬وإن كانت تصدر منھم سقطات منھا صغيرة ومنھا كبيرة‪،‬‬ ‫ومنھا ما يدل على غباء كما اشتھر عن بوش الابن! فيجب أن ينتبه السياسي المفكر لكل ما يصدر عنھم‬ ‫وكيفية صدوره‪ .‬فيجب أن يسبر أغوار الرجال؛ وينتبه لنبرة كلامھم ولصدق لھجتھم أو زيفھا‪ ،‬ويتعرف‬ ‫عليھم في لحن قولھم وتعابير وجھھم‪ ،‬ويلاحظ حركة أيديھم ورؤوسھم وتصرفاتھم‪ .‬فمثلا عند توزيع‬ ‫الجوائز على المتخرجين العساكر في الفروع العلمية كان رئيس الجمھورية التركي الجديد عبد ﷲ غول‬ ‫ورئيس الأركان التركي موجودين في الحفل‪ ،‬فلم يلتفت رئيس الأركان لرئيس الجمھورية ولم يسلم عليه‪،‬‬ ‫وكذلك لم يتواجد رئيس الأركان وكبار الضباط في البرلمان عند أداء غول القسم ليصبح رئيسا للجمھورية‪،‬‬ ‫مع العلم أن التقاليد المتبعة في ھذه الدولة تقتضي أن يحضر ھؤلاء قادة الجيش مراسيم تنصيب رئيس‬ ‫الجمھورية وأن يؤدوا له التحية عندما يلاقون‪ .‬فھذا التصرف أوھذه الحركة لھا معنى وتدل على عدم ھضم‬ ‫رئيس الأركان لھزيمته عندما قام وعارض انتخاب غول رئيسا للجمھورية وعدم رضاه عنه ‪.‬‬

‫ويجب على المحلل السياسي أن يغوص في أعماق الوقائع لا أن ينظر في ظاھرھا‪ ،‬وأن يحلق في الأجواء‬ ‫حول الأحداث حتى يكتشف الحقيقة‪ ،‬ويترفع عن الواقع فيجعله محل التشريح والتفكير لا مصدر التفكير‪ ،‬فلا‬ ‫يتأثر بالواقع‪ .‬وكذلك لا يتأثر بتحليلات الآخرين بل يأخذھا على أنھا قسم من الأخبار؛ لأن المحللين‬ ‫السياسيين لھم توجھاتھم السياسية بين ھذا وذاك‪ ،‬فتطغى على تحليلاتھم توجھاتھم السياسية بين تأييد أو‬ ‫رفض وبين مدح أو ذم‪ .‬فمن ھذا القبيل ربما تفيدك تحليلاتھم في فھم الخبر‪ ،‬وربما تجد فيھا أخبارا ھامة لم‬ ‫تنشر في وسائل الإعلام‪ ،‬ويبقيھا الصحفي لديه كشيء غال ليسربھا في تحليله ليكسب شھرة أو ليفضح‬ ‫أمورا يعرفھا وخاصة عندما يجري مقابلات مع السياسيين‪ ،‬أو ربما يعطيه السياسيون خبرا ليسربه عبر‬ ‫مقالته لغاية سياسية يجب أن يعرف مغزاھا‪ .‬ولھذا يجب عليك أنت كعقائدي ومفكر سياسي أن تقوم بتحليلك‬ ‫مستقلا تماما بفكرك بدون أن تتأثر بتحليل فلان أو برأي علان‪ ،‬وإذا تأثرت بتحليله أو برأيه فإنك تشل‬ ‫تفكيرك وتحبطه ‪.‬‬ ‫والذي يقوم بالتحليلات السياسية تكون التجربة السياسية قد تحققت لديه بشكل آلي؛ لأن ما يلزم المرء‬ ‫للحصول على التجربة السياسية ھو ثلاثة أمور‪ :‬أولھا‪ :‬المعلومات السياسية‪ ،‬وثانيھا متابعة الأخبار السياسية‬ ‫الجارية‪ ،‬وثالثھا‪ :‬حسن الاختيار للأخبار السياسية‪ .‬ولو لم يمارس عملية التحليل السياسي فإن التجربة‬ ‫السياسية متحققة عنده‪ ،‬لأن لديه القدرة على فھم الأخبار بتوفر ھذه الشروط‪ ،‬فيصبح سياسيا‪ ،‬ويستطيع أن‬ ‫يمارس العمل السياسي‪ ،‬وأن يكون أحد القادة أو أحد الحكام أو أحد المحاسبين ‪.‬‬ ‫مستوى التحليل‪:‬‬ ‫يعتمد تحليل الظواھر المختلفة على متغيرات يسعى الباحث لإيجاد العلاقات السببية التي تربط بينھا‪،‬‬ ‫وذلك بقياس طبيعة ومستوى التغير الذي يحدث في المتغير التابع لدى حدوث تغير في المتغير المستقل‪ .‬وقد‬ ‫دأب باحثو العلاقات الدولية على انتقاء متغيراتھم التحليلية من أحد مستويات التحليل الثلاثة‪ :‬مستوى التحليل‬ ‫الفردي‪ ،‬مستوى التحليل الوطني‪ ،‬ومستوى التحليل النظمي‪ .‬وبحسب وولتز فإن الباحثين يوظفون متغيرات‬ ‫من المستويات الثلاثة إلا أنھم –ولضرورات منھجية‪ -‬يميلون للتركيز على أحد ھذه المستويات دون‬ ‫الأخرى‪.‬‬ ‫لقد ساھم وولتز في صقل تصور \"مستوى التحليل\" من خلال عمله الصادر عام ‪ ١٩٥٩‬بعنوان‪:‬‬ ‫\"الإنسان‪ ،‬الدولة والحرب\"‪ ،‬وفيه استعرض ما أسماه الصور الثلاثة ‪ images‬التي ترد ضمنھا معظم‬ ‫التحاليل عن السياسة الدولية‪ .‬وقد تم التحول عن مصطلح الصور إلى مصطلح مستويات التحليل لدى دايفيد‬ ‫سينقر ‪ David Singer‬في كتاب صدر عام ‪ ١٩٦١‬بعنوان‪\" :‬النظام الدولي\" )حرره سيدني فيربا ‪Sidney‬‬ ‫‪ Verba‬وكلاوس كنور ‪ .(Klaus Knorr‬وفي الفصل الأول الذي كتبه سينقر أشار إلى أن أغلبية‬ ‫المقاربات النظرية في العلاقات الدولية تندرج إما في المستوى النظمي أو المستوى تحت النظمي )الوطني(‪.‬‬ ‫وفي ھذا الصدد يشير إلى أن الباحث عليه دوما أن يختار بين التركيز على الكل أو على الأجزاء المشكلة له‪،‬‬ ‫على النظام أو على الوحدات المشكلة للنظام‪ ،‬على الغابة أو على الشجرة‪ .‬ويشدد سينقر على أن ھذا الاختيار‬ ‫ليس عشوائيا‪ ،‬بل يعتمد على الھدف من البحث ومدى فعالية الاختيار بين إحدى المستويات الثلاثة في‬ ‫الإجابة عن سؤال البحث‪ ،‬ولذلك يعمد باحثو العلاقات الدولية إلى تصميم أبحاثھم ضمن إحدى مستويات‬ ‫التحليل الثلاثة‪:‬‬

‫· المستوى النظمي‪ :‬ويتضمن متغيرات متنوعة مثل عدد القوى الكبرى في النظام وبالتالي طبيعة‬ ‫الاستقطاب القائم )بمعنى ھل نحن إزاء أحادية قطبية أم ثنائية قطبية‪(... ،‬؛ توزيع القوة الاقتصادية‬ ‫والعسكرية بين الدول؛ واقع التحالفات العسكرية والتكتلات الاقتصادية‪ .‬ويتضح من ذلك أن المستوى‬ ‫النظمي يتشكل من البيئة الخارجية التي تتقاسمھا كل الدول‪.‬‬ ‫· المستوى الوطني‪ :‬ويشتمل على المتغيرات الحكومية‪ :‬مثل بنية النظام السياسي وطبيعة عملية‬ ‫صناعة القرار أي التفاعل بين السلطات الثلاث‪ ،‬والبيروقراطية‪ ،‬والأحزاب السياسية‪ ،‬وجماعات‬ ‫المصالح‪ ،‬إضافة إلى العوامل المجتمعية كبنية النظام الاقتصادي‪ ،‬وتأثير المجموعات التي تتقاسم‬ ‫معتقدات مشتركة‪ ،‬الرأي العام‪ ،‬النقابات‪ ،‬مستويات الاستقطاب الإثني‪ ،‬فضلا عن الثقافة السياسية‬ ‫والأيديولوجية‪.‬‬ ‫‪ ‬المستوى الفردي‪ :‬يركز الباحث في ھذا المستوى التحليلي على الطبيعة الإنسانية‪ ،‬والاستعدادات‬ ‫المسبقة )كالنزعة العدائية أو المسالمة(‪ ،‬إضافة إلى الأنظمة العقائدية للقادة السياسيين‪ ،‬والعمليات‬ ‫السيكولوجية التي ترافق مسار صناعة القرار‪.‬‬ ‫فنون التحليل السياسي ‪:‬‬ ‫ماذا نستفيد من التحليل السياسي ؟‪...‬‬ ‫أولا ‪ /‬البعد عن الاحكام المطلقة ‪،‬والبحث في كافة الاحتمالات الممكنة ‪ ،‬ودرجة القوة في ھذه الاحتمالات‬ ‫ومدى تأثيرھا ومن ثم ترك المجال لتعدد وجھات النظر وقبول الرأي الأخر ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ /‬معالجة القضايا والمواقف بشكل اكثر وعيا وعمقا ‪ ،‬والبعد عن المعالجة العاطفية أو التي لا تستند إلى‬ ‫أدلة واضحة يمكن ان يقبل بھا الطرف الآخر ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ /‬عدم الوقوف عند الرأي الواحد ‪ ،‬واغلاق الباب وراء الاخرين حتى وان كانت أكثر قناعةاو‬ ‫موضوعية ‪ ،‬وبالتالي القدرة على مناقشة الاراء وتنفيذھا ‪ ،‬ومراجعة النفس ان وجدت الصواب اكثر في‬ ‫رأي غيرھا ‪ ،‬والتعود على إحترام الرأي الآخر ‪.‬‬ ‫أدوات التحليل السياسي‬ ‫أولا ‪/‬الخبرة التاريخية والمعلومات السابقة عن الموضوع المطروح للتحليل ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ /‬المعلومات الحالية مثل أقوال المسؤولين – المفكرين – صانعي الأحداث – الاخبار الموثقة المتداولة‬ ‫في وسائل الاعلام إذاعة – صحافة – إنترنيت ‪ ...‬الخ ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ /‬المصالح التي تربط القوى المتفاعلة ومدى تأثرھا في شكل العلاقة ‪.‬‬

‫رابعا ‪ /‬المعلومات الخاصة التي يمكن أن يحصل عليھا كاتب التحليل السياسي بحكم موقعه أو اتصالاته أو‬ ‫بحثه وكذلك مدى عمق خبرته في المجال الذي يكتب فيه‬ ‫لغة التحليل السياسي ‪:‬‬ ‫لغة التحليل السياسي تبتعد عن المبالغات وكثرة ضرب الامثلة لتأكيد الرأي ‪ ،‬كما تبتعد عن اللغة العاطفية أو‬ ‫الأدبية الزائدة أو العلمية كذلك ‪ ،‬كما تبتعد عن التوجيه المباشر أو الخطابة أو الاقناع بالتخويف أو إطلاق‬ ‫الاتھامات دون بحث ومعلومات ‪.‬‬ ‫كما يستخدم التحليل السياسي المصطلحات السياسية المعروفة التي لھا مدلولات محددة في ذھن غالبية القراء‬ ‫مثل ‪ \":‬حلف الناتو – إتفاقية الجات – الحرب الباردة – إتفاقية أوسلو الخ \"‪.‬‬ ‫ما ھو الفرق بين التحليل والمقال ؟‬ ‫المقال يعالج فكرة واحدة يدعو إليھا أو يرفضھا ويحمل رأي كاتبه ويقدم رؤيته حسب خبرته وتجربته‬ ‫وإجتھاده ‪ ،‬أما التحليل فيعالج العلاقة بين القوى المختلفة والمفترض إنه لا يحمل رأي كاتبه ولكن يسير‬ ‫وراء الأدلة والبراھين وبالتالي يتسم بالموضوعية والعلمية ‪.‬‬ ‫كيف أكتب تحليلا سياسي ؟‬ ‫كاتب التحليل لابد أن يكون قارئا جيدا خصوصا في المجال الذي يرغب في الكتابة فيه ‪ ،‬ولا يمل من البحث‬ ‫عن معلومات حقيقية من مصادر إما حية وھي الأشخاص وإما غير حية مثل الكتب والوثائق والصحف‬ ‫وأجھزة المعلومات ‪ :‬إذاعة – تلفزيون – انترنيت ‪ ..‬الخ ‪.‬‬ ‫وكاتب التحليل يتصور كافة الاحتمالات المطروحة في محاولة للتفسير الموضوعي والمقنع والمحايد‬ ‫للأسباب وكذلك للنتائج المتوقعة أو أقربھا إلى ذلك ‪.‬‬ ‫وكثرة الكتابة والمتابعة وقراءة نماذج من التحليلات السياسية سوف تؤدي بالتالي إلى الإجادة سواء من حيث‬ ‫طريقة العرض أو سلامة الإسلوب أو حجم المعلومات المتوفرة ‪.‬‬

‫كيفية تحليل النص السياسي‬ ‫ھناك أربعة مراحل يمر بھا العقل الإنساني خلال قراءته للنص السياسي بغية تحليله سياسيا لتحقيق الھدف‬ ‫وھو أن نحصل على ثلاثة أنواع من المنتجات الفكرية حول النص السياسي ‪:‬‬ ‫‪ -١‬معلومات وبيانات خام ارقام وحقائق – عن اشياء أو أحداث معينة ‪.‬‬ ‫‪ -٢‬تحليلات وتصورات عن ھذه الاحداث والأشياء‬ ‫‪ -٣‬مواقف وإتجاھات لكاتب أو إتجاه إزاء الأحداث و الأشياء ‪.‬‬ ‫ومن أھم مايميز التحليل السياسي ھو عملية تركيز النص والتي تشمل معرفة كل ما يحيط بالنص من بيئة‬ ‫معينة تؤدي معرفتھا لزيادة فھمنا ومعرفتنا بالنص السياسي المعين ويشمل ذلك معرفة ‪:‬‬ ‫‪ -١‬التاريخ‬ ‫معرفة توقيت كتابة النص السياسي أمر ذو دلالة في بعض الأحيان حيث إن بعض النصوص‬ ‫السياسية تنشر في أوقات تشير إلى توجھات وسياسات تريدھا الأنظمة السياسية ‪ ،‬كما ان تسلسل‬ ‫بعض المقالات زمانيا يفيد بوجود قضية ھامة تناقشھا وينوي النظام أن يأخذ بصددھا إجراء ما ‪،‬‬ ‫انقطاع كاتب يكتب بتسلسل زمني معين عن الكتابة دون إبداء الأسباب – إخفاء عمود يومي أو مقال‬ ‫اسبوعي مثلا ‪.‬‬ ‫‪ -٢‬المؤلف‬ ‫من المفيد لتحليل النص السياسي التعرف جيدا أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الكاتب‬ ‫‪-‬مركزه –ودرجته العلمية –اختصاصه الاصلي –دراسته الاصلية ‪ ،‬لأن ذلك يعين على فھم أسلوبه‬ ‫وصلاته بأي من لأجھزة أو الھيئات الحاكمة وغيرھا مما يساعد على فھم وتفسير إتجاھات كتابته ‪.‬‬ ‫‪ -٣‬أين ؟‬ ‫وترد على إلاطار الضيق أو المرجع الذي نشر فيه النص السياسي ) كتاب – صحيفة – مجلة ‪...‬‬ ‫الخ ( ‪.‬‬ ‫وبالتالي يكون للنص إتجاه سياسي معين ‪ ،‬أو قيمة علمية تبعا لذلك فأھمية المقال أو النص السياسي تكون‬ ‫وفقا للمصدر المنشور فيه ‪.‬‬ ‫مصادر الدراسة ‪:‬‬ ‫‪ ‬د‪.‬محمد بن سعيد الفطيسي ‪ ،‬علم التحليل السياسي بين الاخفاق والاھمال العربي ‪ ،‬موقع الركن‬ ‫‪www.grence.com‬‬ ‫الاخضر ‪،‬‬ ‫‪٢٠٠٧/١١/٢٣‬‬

‫‪ ‬ميشال سبع ‪ ،‬ابجدية سياسية ‪ ،‬مجلة المستقبل ‪ ،‬الاحد ‪ ١٢‬تشرين اول ‪ /٢٠٠٨‬العدد ‪ /٣١٠٣‬شؤون‬ ‫لبنانية ‪ /‬ص‪ ٤‬ومابعدھا‪.‬‬ ‫‪ ‬علم السياسة ‪ ،‬مجلة سطر المعرفة ‪www.arabbeat.com ،‬‬ ‫‪ ‬الموسوعة الحرة ‪ /‬ويكيبيديا ‪.‬‬ ‫‪ ‬التحليل السياسي ‪ ،‬شركة الناقد الاعلامي ‪ ،‬مجلة الزيتونه ‪ ٧ ،‬ربيع الاول ‪١٤٢٩‬ه‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫الفساد السياسي والأداء الإداري ‪ :‬دراسة في جدلية العلاقة‬

‫د‪.‬سالم سلـــــيمان ‪ /‬مدير مركز الدرسات القانونية والسياسية ‪ /‬جامعة النھرين ‪ ‬‬ ‫د‪.‬خضر عباس عطوان ‪ /‬كلية العلوم السياسية ‪ /‬جامعة النھرين‬ ‫لا موطن للفساد‪ ،‬فھو يعمق الفقر في جميع أنحاء العالم‪ ،‬من خلال تشويھه لمناحي الحياة السياسية‬ ‫والاقتصادية والاجتماعية‪...،‬‬ ‫)بيتر ايغن‪ -‬رئيس منظمة الشفافية الدولية(‬ ‫يعد الفساد ظاھرة اجتماعية ‪ ،‬بل ھو آفة تغزو المجتمع وتخربه‪ .‬ويقوم الفساد على أساس الاستعمال السيئ‬ ‫للسلطة تحقيقا لمنافع خاصة على حساب المجتمع‪ .‬وھي حالة لا يكاد يخلو منھا مجتمع ما‪ ،‬الا انھا قد تزداد ظھورا‬ ‫فتتجسد ظاھرة‪ ،‬يعاني منھا المجتمع‪ ،‬فينشط في محاربتھا والحد منھا أو قد لا تبدو واضحة في مجتمع آخر‪ ،‬فلا‬ ‫يؤكد عليھا‪.‬‬ ‫ويتجلى الفساد بعامة في الآتي )وفاقاً لما تذھب إليه منظمة الشفافية الدولية(‪:‬‬ ‫‪ ‬اتخاذ قرارات ليست في الصالح العام‪ ،‬وإنما لإغراض ذاتية‪  .‬‬

‫‪ ‬إضعاف المؤسسات الديمقراطية‪ ،‬بحيث تتمثل العواقب السياسية بخاصة في فقدان المصداقية وثقة ودعم‬ ‫المواطنين لبرامجھا‪  .‬‬ ‫‪ ‬إنتاج نمط من منافسة الرشوة‪ ،‬وليس المنافسة المبنية على الكلفة والجودة والإبداع‪ ،‬وھذا ما يؤدي إلى‬ ‫الإضرار بالتجارة وإعاقة الاستثمار‪  .‬‬ ‫‪ ‬تھديد البيئة‪ .‬فعندما تكون الوكالات المعنية بحماية البيئة فاسدة‪ ،‬تنھار أسس التنمية البشرية المستدامة‬ ‫نفسھا‪  .‬‬ ‫‪ ‬استفحال حالات خرق حقوق الإنسان لانه مع تنامي ظاھرة الفساد تصبح أنظمة الحكم أكثر سرية في‬ ‫تعاملاتھا‪ ،‬وبالتالي تصبح حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية مھددة ھي الأخرى‪  .‬‬ ‫‪ ‬استحالة كسب دخل شريف بالنسبة لملايين الأشخاص‪ ،‬بخاصة في الدول النامية بسبب الفساد‪.‬‬ ‫فالفساد إذن قد يكون ظاھرا أو كامنا‪ .‬اذ يظھر كلما وجد الفرصة سانحة لذلك‪ ،‬حيث ينمو ويستفحل‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫فأن ترك الفساد وإھماله يحولان الظاھرة إلى معضلة قد يصعب الخلاص منھا‪.‬‬ ‫ولما كان الفساد ظاھرة تصيب المجتمعات بعامة‪ ،‬فأنھا تظھر اذا ما وجدت البيئة الملائمة الخصبة‪ .‬فقد نمت‬ ‫وترعرعت وتفشت في العراق بعد العام ‪ ،٢٠٠٣‬دلالة ذلك تقارير منظمة الشفافية الدولية فقد أوردت إشارة تفيد‬ ‫بان العراق منذ عام ‪ ٢٠٠٤‬يعد ساحة لأكبر عملية فساد شھدھا تاريخ البشرية‪ .‬وعلى الرغم من ان الفساد ظاھرة‬ ‫عامة وليس ظاھرة تختص ببلد ما دون غيره‪ ،‬كذلك ليس ھي سمة لمرحلة معينة‪ ،‬فأن تشخيص ھذه الحالة في‬ ‫العراق اشر صعوبة مقارنتھا بأية صيغة زمكانية أخرى‪.‬‬ ‫ومھما يكن من أمر يعد الفساد منظومة جزئية ترتبط بالمنظومة المجتمعية الكلية‪ .‬ولعل في المثل‪) ،‬مخالفة عامل‬ ‫)وھو جزء من المنظومة الكلية للمجتمع( في محطة تصفية المياه نتيجة رشوة‪ ،‬أو لسبب انتمائه وولائه السياسي أو‬ ‫الفئوي ( خير دلالة على العلاقة المتداخلة بين الفساد بوصفه منظومة جزئية وبين منظومة المجتمع‪.‬‬ ‫ويتخذ الفساد ‪ ‬عدة من أشكال ‪ ،‬اذ يظھر في بعض أجزاء المنظومة الاجتماعية‪ ،‬وتتباين آثاره في الأجزاء‬ ‫المصابة‪ ،‬وتأسيسا عليه‪ ،‬تتضح خطورة الإصابة ومداھا‪ .‬الا ان من اخطر الإصابات‪ ،‬ھي إصابة الجھاز التنفيذي‬ ‫الحكومي )يتكون الجھاز التنفيذي الحكومي من وظيفة وكيل الوزارة فنزولا‪ ،‬أي من غير الوزير(‪ .‬ذلك انه أداة‬ ‫الدولة في تحقيق آمال الشعب وطموحاته وأمانيه‪ ،‬لذا فان أي خلل يصيب ھذا الجھاز‪ ،‬سيصيب المجتمع برمته‪.‬‬ ‫وھنـــا يصبح واجبا مفروضا على الكل مراقبة الأداء والنقد والانتقاد كشفاً لجوانب الخلل وأسبابھا بما يصحح‬ ‫المسار ويعدل الانحراف‪ .‬ولعل السبب المباشر يكمن في السلطة بما توفره من مزايا وجاه ونفوذ‪ .‬من ھنا اھتمت‬ ‫الدول بتحديد خصائص ومواصــــفات الحاكم وصفاته التي تؤھله للحكم وتسمو بأحكامه فوق الشك والتشكيك‬ ‫والنقد والانتقاد‪ ،‬والمعارضة والتعريض منذ اقدم العصور‪.‬‬ ‫وما البحث ھنا الا محاولة لدراسة العلاقة بين الفساد السياسي وتدھور الأداء المؤسسي الحكومي‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪-١‬معضلة البحث‪:‬‬ ‫يثير البحث التساؤلات الآتية‪:‬‬

‫‪-‬ھل سبب تدھور الأداء المؤسسي الحكومي يعود إلى الفساد السياسي؟‬ ‫‪-‬ما علاقة الفساد الإداري بالفساد السياسي؟‬ ‫‪-‬ھل ظاھرة الفساد ظاھرة مركبة؟‬ ‫ھذه التساؤلات تعبر بمجملھا عن المعضلة البحثية التي يحاول البحث كشفھا وصولا إلى مقترحات قد تخفف منھا‬ ‫أو تعمل على تجاوزھا أو توجه الأنظار وتركزھا نحوھا )وھو جھد المقل(‪.‬‬ ‫‪-٢‬أھداف البحث‪:‬‬ ‫يسعى البحث إلى الآتي‪:‬‬ ‫‪-‬كشف الظاھرة وتحديد أبعادھا‪،‬‬ ‫‪-‬تشخيص دور كل من عناصرھا وتأثيره في الآخر‪،‬‬ ‫‪-‬اقتراح السبل التي يعتقد بانھا تقلل من تأثير الظاھرة وسبل معالجتھا‪.‬‬ ‫‪-٣‬فرضية البحث‪:‬‬ ‫تحقيقا لذلك‪ ،‬يفترض البحث الآتي‪:‬‬ ‫‪ -‬فساد الأداء المؤسسي الحكومي ھو نتاج العلاقة غير المتوازنة بين السلطة السياسية والسلطة الإدارية‪.‬‬ ‫‪ -‬الفساد السياسي علة الفساد الإداري‪.‬‬ ‫وقد اعتمد البحث في إثبات أو دحض فرضيته الاستدلال والاستنباط منھجا‪.‬‬ ‫‪-٤‬مصطلحات البحث‪:‬‬ ‫لأزالة اللبس عند القارئ يقتضي الحال بيان مضامين مصطلحات البحث ‪ ،‬كما وردت فيه ‪:‬‬ ‫أ‪-‬الجھاز السياسي )السلطة السياسية(‪ :‬وھو كافة القوى والمؤسسات المخولة دستوريا والمفوضة من قبل الشعب‬ ‫)الانتخابات( بإدارة وتنفيذ برنامج سياسي محدد خلال مدة محددة )أعضاء البرلمان‪ ،‬رئيس الجمھورية ونوابه‬ ‫ورئيس مجلس الوزراء ونوابه ‪ ،‬والوزراء(‪.‬‬ ‫ب‪-‬الجھاز التنفيذي‪ :‬ھو الأداة الأساس لتحقيق أھداف السلطة السياسية في تنفيذ مھماتھا )البرنامج السياسي(‬ ‫لتطوير وتنمية الدولة‪ .‬وھذا الجھاز يتكون من وكيل الوزارة نزولا إلى اصغر موظف في الوزارة‪ ،‬أي ھو‬ ‫الجھاز الوظيفي الذي ينفذ توجھات وتوجيھات السلطة السياسية‪ ،‬فھو جھاز مھني محترف‪.‬‬

‫ج‪-‬الفساد السياسي‪ :‬إساءة استخدام السلطة العامة لأھداف غير مشروعة‪ ،‬وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب‬ ‫شخصية‪ .‬كذلك خضوع الجھاز التنفيذي لشروط القوى السياسية الحاكمة وتحويله إلى جھاز لحماية وإدامة‬ ‫واستمرار القوى السياسية الحاكمة ودعمھا‪.‬‬ ‫د‪-‬الفساد الإداري‪ :‬إساءة استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة للكسب الخاص‪.‬‬ ‫ھـ‪-‬الفساد القانوني‪ :‬سن القوانين أو تسخيرھا بما يخدم أغراض السلطة السياسية‪ ،‬مثلا التعيين خروجا عن السياق‬ ‫والمسار الوظيفي وتكافؤ الفرص والجدارة والنزاھة‪ ،‬أو سن قوانين تتعارض والسياق الصحيح‪.‬‬ ‫و‪-‬الأداء الحكومي‪ :‬أداء الوزارات كافة وعلى شكل منظومة متكاملة بدءا بالوكيل فنزولا‪.‬‬ ‫ز‪-‬جودة الأداء الحكومي‪ :‬بمعنى مدى انطباق معايير قياس جودة الأداء الذي وضعه البنك الدولي‪ ،‬اذ كلما‬ ‫ابتعدت دولة ما عنھا اقتربت من وصف الفساد وبارتفاع المؤشر السلبي للدولة يرتفع معدل الفساد فيھا‪ ،‬وخلافه‬ ‫صحيح‪ .‬وھذه المعايير ھي‪ :‬العلنية والشفافية‪ ،‬والاستقرار السياسي‪،‬و فاعلية الأداء الحكومي في تقديم‬ ‫الخدمات‪،‬و البنى التنظيمية‪،‬و سيادة القانون‪،‬و ضبط الفساد‪.‬‬ ‫ويحاول البحث مناقشة الموضوع‪ ،‬عبر المحاور الآتية‪:‬‬ ‫‪-‬المرتكزات الفكرية‬ ‫‪-‬الجانب العملياتي ‪ :‬الأداء المؤسسي الحكومي‬ ‫‪-٥‬المرتكزات الفكرية‬ ‫يمھد البحث بمدخل فكري ھو بمثابة مقدمات تعد أساساً لتحليل الجانب الميداني للبحث ومناقشة نتائجه‪.‬‬ ‫أولا‪-‬الفساد‪ ،‬والفساد الإداري والفساد السياسي‬ ‫يعد الفساد من اخطر الآفات التي عرفتھا المجتمعات الإنسانية‪ ،‬فقد عانت منھا منذ ظھرت السلطة‪ ،‬التي ينطوي‬ ‫معناھا على طرفين‪ :‬حاكم )ھو الإله أو ابنه أو مختار العناية الإلھية( فھو صاحب الحق الإلھي الذي لا يعارض‪،‬‬ ‫ثم ظل الإله في الأرض‪ ،‬ثم ممثل الشعب الذي لا تعلو على كلمته أي كلمة‪ ،‬فھو بذاته أو تحيطه قوى غيبية تسنده‬ ‫وتسدد رأيه‪ ،‬مطاع مصان يسأل ولا ُيسأل‪ ،‬يفعل ما يشاء‪ ،‬غير مسؤول عن فعله فھو لا يخطئ ولا يزل‪ .‬ثم تطور‬ ‫المفھوم فأصبح المفوض من الشعب يحكم باسمه ويحقق مصالحه‪ .‬ثم تطور الحال فأصبحت القوى التي تفوض‬ ‫الحاكم ھي الشعب يحكم باسمه ويحقق مصالحه ‪ -‬لكن الحال لم يتحسن فأصبح الشعب بديلا عن الإله‪ ،‬وأضحت‬ ‫الأكثرية تذعن للأقلية باسم الشعب وان تعارض الأقلية باسمه؟ وتثبت قواعد سلطتھا باسمه وتسخره لحمايتھا‬ ‫باسمه وتقوم الثورات باسمه‪ .‬فمھما يكن من أمر‪ ،‬فالحاكم يظھر ذا طبيعة تؤھله للحكم‪ ،‬وتسمو بإحكامه عن‬

‫المعارضة والنقد والتشكيك أو يتمتع بمزايا السلطة ويمارسھا‪ .‬ومحكومين يخضعون لھا وينفذون أمرھا‪ ،‬وقد‬ ‫يجنون خيرھا اذا صلحت‪ ،‬أو يدفعون ثمن أخطائھا اذا ھي فسدت‪.‬‬ ‫لقد شكل الفساد آفة مجتمعية‪ ،‬لھا آثار كارثية‪ ،‬اذا اصابت مجتمعاً اھلكته‪ .‬وقد سعت المجتمعات بعامة إلى محاربته‬ ‫للتخلص منه‪ ،‬ومحاسبة من يتسبب به‪ ،‬فھو عقبة كأداء في سبيل تطور المجتمع وتقدمه‪.‬‬ ‫والفساد آفه لا يكاد يخلو منه أي مجتمع‪ ،‬سواء أكان يسود الغنى فيه ام يعاني الفقر‪ ،‬وسواء أتفشت الامية فيه ام‬ ‫جله متعلم‪ .‬فالفساد يظھر في المجتمعات كافة ولكن بمستويات متباينة‪ ،‬فقد يكون في بعضھا صغيرا لا يذكر‪ ،‬كما‬ ‫قد يكون في غيرھا خطيرا يھلك المجتمع ويدمره‪.‬‬ ‫وھو بعامة‪ ،‬يبدو واضحا اذا ما وسد الأمر إلى غير اھله‪ ،‬أو وضع السيف في غير موضعه‪ .‬وظھوره يتجسد‬ ‫بصيغ وھيئات مختلفة‪ ،‬ولعلك تراه ‪:‬‬ ‫‪-‬عندما تعطل القوانين والتعليمات وتسود الفوضى والعشوائية في اشغال الوظائف واسنادھا إلى محدودي الكفاية‪،‬‬ ‫وتشكيل لجان )المناقصات‪ ،‬والمشتريات والاستيراد ووضع جداول الكميات والتسعير( من غير ذوي‬ ‫الاختصاص‪...،‬‬ ‫‪-‬شيوع ظاھرة الغنى الفاحش والمفاجئ في المجتمع‪،‬‬ ‫‪-‬شيوع ظاھرة الرشوة حتى انھا اضحت تبدو من جملة المستمسكات المطلوبة في اية معاملة‪...،‬‬ ‫‪-‬المحسوبية والمنسوبية والولاء في شغل الوظائف والمناصب بدلا عن الجدارة والكفاية والمھارة المھنية‬ ‫والنزاھة‪..،‬‬ ‫‪-‬غياب مبدأ تكافؤ الفرص في شغل الوظائف‪،‬‬ ‫‪-‬ضعف الرقابة أجھز ًة وادا ًء ودوراً‪ ،‬فھي لا تعدو ان تكون شكلية‪ ،‬اما نتائجھا فتھمل‪.‬‬ ‫ومھما يكن من أمر فان الفساد قديم قدم الإنسان الذي يحمل المتناقضات‪ ،‬الخير والشر‪ ،‬الحب والكره‪ ..،‬فھو‬ ‫يظھر عندما تغلب صفة الشر على الخير‪ ،‬الأنانية على الإيثار‪ ،‬الكره على الحب‪ ،‬الاستئثار بالغنائم‪ ،‬والسطو‪ .‬فھو‬ ‫بعامة تلك الظاھرة التي تجسد تفضيل النفس على الآخرين والاستئثار بما ليس للفرد حق فيه‪.‬‬ ‫ويعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دالة على تدني الرقابة الحكومية وضعف القانون وغياب التشريعات‬ ‫ومؤسساتھا الفعالة‪ ،‬والعكس دالة قوة ھذه المؤشرات‪.‬‬ ‫وقد ينشط الفساد نتيجة لغياب المعايير والأسس التنظيمية والقانونية وتطبيقھا وسيادة مبدأ الفردانية‪ ،‬بما يؤدي إلى‬ ‫استغلال الوظيفة العامة وموارد الدولة من أجل تحقيق مصالح فردية أو مجموعاتية أو حزبية على حساب الدور‬

‫الأساس للجھاز الحكومي‪ ،‬بما يلغي مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص والجدارة والكفاية والنزاھة في شغل الوظائف‬ ‫العامة)‪.(١‬‬ ‫إذن يمكن القول بان الفساد ‪ :‬ھو وصف لحالة مرضية تصيب المنظومات الاجتماعية ولھا علاقة بالاختلالات‬ ‫الإدارية الناجمة عن العلاقة غير المتوازنة بين السلطة السياسية )اذا ھي تجاوزت دورھا القانوني(‪ ،‬والجھاز‬ ‫التنفيذي الحكومي بما يخرجه عن مساره الصحيح بخضوعه لإرادة القوى السياسية النافذة‪ .‬لذلك نجد ھذه القوى‬ ‫تجعل الولاء لھا أساسا لشغل الوظائف المتقدمة دونما التفات أو اعتبار للشروط الموضوعية وتكافؤ الفرص‬ ‫والنزاھة‪ ،‬ويمكن ان يلحظ ذلك من خلال صياغة التشريعات القانونية التي تحكم الوظيفة العامة بما يخدم ذلك‬ ‫)مثلا وضع شروط شغل وظيفة قيادية تبتعد عن السياقات العامة التي يجب ان تتوافر فيمن يشغلھا( وبذلك فقدت‬ ‫ھذه الوظائف السيادة الحقيقية لان شاغلھا لا يمتلك سوى سلطة الوظيفة اما السلطة المھنية فھي بيد من دونه من‬ ‫الموظفين بسب عدم جدارته الموضوعية وكفايته المھنية لشغلھا‪ ،‬أي فقره المھني‪ .‬فالفساد الإداري مثلا يعني سوء‬ ‫استخدام المنصب لغايات ومآرب شخصية‪ .‬لذلك تتضمن قائمة الفساد على سبيل المثال لا الحصر الابتزاز‪،‬‬ ‫واستغلال النفوذ‪ ،‬والمحسوبية‪ ،‬والاحتيال والاختلاس‪ ،‬وشغل الوظائف على وفق صيغ تشريعية غير موضوعية‪.‬‬ ‫ومما يلحظ انه ليس ثمة اتفاق على تعريف محدد لتعبير الفساد‪ ،‬فاذا مانفذت إلى فضاء الفكر وجدت بان ھناك‬ ‫اتجاھات مختلفة تختلف باختلاف مجال الدراسة‪ ،‬وتتباين بتباين الخلفيات الثقافية والمعرفية للدارسين‪ ،‬غير ان ھذه‬ ‫الاتجاھات يجمعھا قاسم مشترك‪ ،‬ذلك ان الفساد ھو استخدام النفوذ في الحصول على ما ليس لصاحب‬ ‫النفوذ حق فيه‪ ،‬أو استغلال النفوذ استغلالا غير مشروع‪ .‬وقد أوجز البنك الدولي في تعريفه‪ ،‬بان‬ ‫الفساد ھو إساءة استعمال الوظيفة العامة وتحقيق الكسب الخاص على حسابھا‪.‬‬ ‫ومن امثلة الفساد ‪:‬‬ ‫‪ -‬الرشوة‬ ‫‪ -‬قبول الھدايا والعطايا‬ ‫‪ -‬استخدام الاموال العامة وتوظيفھا تحقيقا لمكاسب شخصية )لولا النفوذ لما تحققت(‪.‬‬ ‫‪ -‬التعيين القائم على المحسوبية والمنسوبية والولاء وذوي القربى‪.‬‬ ‫‪ -‬الاستغلال السيء للوظيفة لتحقيق مصالح ذاتية على حساب المصالح الموضوعية‪.‬‬ ‫‪ -‬الخروج المقصود عن القواعد والنظم العامة لتحقيق منافع خاصة‪.‬‬ ‫‪ -‬بيع الممتلكات العامة لتحقيق منافع ومكاسب خاصة‪.‬‬ ‫ومھما يكن شكل الفساد فھو مؤشر على وجود أزمة أخلاقية في السلوك تعكس خللاَ في القيم وانحرافاَ في‬ ‫الاتجاھات عن مستوى الضوابط والقيم الصحيحة للمجتمع والمعايير السليمة مما يؤدى إلى فقدان الجھاز الإداري‬ ‫المعنى لكيانه الفعلي متجھا به لتحقيق مصالح مجموعة فاسدة من العاملين متعايشة داخل النظام‪ .‬بمعنى أن قواعد‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-١‬تقرير‪،‬الفساد الإداري‪ .‬مركز أبحاث الكويت ‪.٢٥‬‬ ‫‪http://kuwait25.com/ab7ath/view.php?tales_id=985‬‬

‫ونظم العمل الرسمية الموحدة فيه حلت محلھا قواعد وإجراءات عمل متصارعة ومتضاربة وتخدم أھداف ومصالح‬ ‫التجمعات الفاسدة والمترھلة المتعايشة مع النظام)‪.(٢‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يصبح القول ) بأن الفساد يوجد حيثما توظف أية منظمة أو أي شخص صاحب سلطات وصلاحيات‬ ‫ما ھم مخولون به على وفق أسس غير موضوعية تطغى عليھا غلبة المصالح الخاصة والذاتية على مصالح‬ ‫المجتمع‪ ،‬والخضوع لحكم الھوى والرغبة دونما التفات إلى النتائج المترتبة على سلوكياتھم‪ ،‬بخاصة عندما يتمتع‬ ‫شخص أو منظمة بحماية خاصة أو حصانة تجنبھم المساءلة‪ ،‬أو ضعف المساءلة والھيئات المسؤولة عنھا )فھي قد‬ ‫تكون ھيئات شكلية( التي قد تكون غير مؤھلة للاضطلاع بمھماتھا( معبرا بوضوح عن المضمون العملي للفساد‪.‬‬ ‫وھنا لا بد من الإشارة إلى ان من أھم دوافع الفاسد ھو غياب القيم الأخلاقية‪ ،‬فضلا عن غياب قيم المواطنة‪،‬‬ ‫والشعور بالمسؤولية‪ .‬وقد يكون الفساد المتراكب ھو أھم ما نعانيه في إدارات الدولة نتيجة غياب الرقابة الصارمة‬ ‫وغياب مبدأ الثواب والعقاب‪ ،‬فارتكاب اي مسؤول كبير تجاوزات قانونية ومالية‪ ،‬وعدم معاقبته بمقتضى الأصول‬ ‫القانونية والدستورية للدولة مع بقائه واستمراره في موقعه وسلوكياته فإنه سيشجع آخرين في وزارات الدولة على‬ ‫ارتكاب تجاوزات مماثلة‪ ،‬بما يؤدي إلى فساد مركب‪ ،‬وتصبح معالجته مسألة غاية في الصعوبة‪ .‬وتزداد إمكانية‬ ‫انتشار الفساد في إدارات الدولة‪ ،‬في حالة غياب قيم المواطنة‪ ،‬التي ترسخ مبدأ الأولية للوطن في ذھن المواطن‪،‬‬ ‫والمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع الذي أئتمنه على إدارة أمواله وممتلكاته وفوضه لإدارتھا لتحقيق رفاھة‬ ‫المجتمع وتطويره لا لتحقيق مصالحه الخاصة ولا لسواد عينيه كما يقال‪ .‬وعليه‪ ،‬فالفساد بمعنى سوء استغلال‬ ‫السلطة العامة لتحقيق مكاسب ومنافع خاصة‪ ،‬له أشكال تتجسد بمظاھر عدة‪ .‬فإذا ما نظرنا إلى ھذه الظاھرة‬ ‫سنجدھا تأخذ الأنماط والصيغ الآتية)‪:(٣‬‬ ‫أ‪-‬فساد إداري‪ ،‬ولا يقصد به فساد الإداريين‪ ،‬انما يراد به فساد تصرفاتھم وسلوكھم وھو ام ٌر متعلق بمسائل‬ ‫تنظيمية وانحرافات في سلوكيات الموظف‪ ،‬ومن حيث تأثيره وحجمه إلى إجمالي عملية الفساد فانه الأصغر حجما‬ ‫على الرغم من انتشاره‪ ،‬وفي الغالب يتعاطى ھذا الشكل صغار الموظفين‪ ،‬حيث يظھر بصيغ عدة منھا‪:‬‬ ‫‪ ‬الانحراف الأخلاقي لبعض المسؤولين‪ .‬فھناك انحراف عن الأخلاق الفاضلة من قبل بعض من‬ ‫يتولى مسؤولية في حالة اتخاذه قرارات مرتبطة باستغلال الموارد)‪ .(٤‬ومنھا صيغة الرشى‪،‬‬ ‫والاختلاس‪ ،‬والغش‪ ،‬والتھرب الضريبي‪ ،‬والتعامل مع أكثر من وظيفة حكومية بأستحقاقات كل‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-٢‬ناصر الأغا‪:‬الترھل والفساد الإداري بمؤسسات الدولة‪ .‬موقع إدارة الموارد البشرية العربية‪.٢٠٠٦ /١٠/٧.‬‬ ‫‪h p://www.arabhrm.com/modules/news/ar cle.php?storyid=66‬‬ ‫‪-٣‬انظر في إشكال الفساد ومظاھره‪ ،‬د‪.‬جاسم محمد الذھبي‪ :‬الفساد الإداري في العراق‪ ،‬تكلفته الاقتصادية والاجتماعية‪.‬‬ ‫بحث قدم إلى المؤتمر العلمي السابع )نحو إصلاح اقتصادي وإداري شامل في العراق(‪ /‬كلية الإدارة والاقتصاد ‪/‬‬ ‫جامعة بغداد‪.٢٠٠٥/١١/٢٣ .‬‬ ‫‪ .١‬وكذلك‪ ،‬ياسر خالد بركات‪ :‬الفساد الإداري‪ ..‬مفھومه ومظاھره وأسبابه‪ ،‬مع أشارة إلى تجربة العراق في الفساد‪.‬‬ ‫مجلة النبأ‪ .‬العدد ‪ .٨٠‬كانون الثاني ‪.٢٠٠٦‬‬ ‫‪http://www.annabaa.org/list/send/share.htm‬‬ ‫‪-٤‬مثلا الفساد الذي يحدث في قضايا التعليم من إساءة استخدام المھنة إلى توليد مجموعات نفعية مغلقة لحصر امتيازات‬ ‫محددة‪ ...،‬انظر‪ ،‬حسن طبرة‪ :‬الفساد‪ ،‬سرطان يھدد مؤسساتنا التعليمية‪ .‬موقع جريدة البينة‪ ٢٢ .‬أيلول ‪.٢٠٠٧‬‬ ‫‪http://www.al-bayyna.com/modules.php?name=News&file=article&sid=13558‬‬

‫مركز منھا‪ ،‬بمعنى العمل في أكثر من دائرة في آن واحد‪ ،‬وتزوير الوثائق الرسمية‪ ،‬وعرقلة‬ ‫إجراء المعاملات‪ ،‬والابتزاز‪ ،‬واستغلال النفوذ‪ ،‬وعدم احترام وقت العمل‪ ،‬وامتناع الموظف عن‬ ‫تأدية عمله‪ ،‬والوساطة‪...‬‬ ‫‪ ‬بيع أو تأجير أملاك الدولة‪ ،‬لتحقيق مصالح شخصية‪ .‬ويتجسد ذلك بتدخل بعض قيادات القوى‬ ‫السياسية في بيع ممتلكات الدولة أو تاجيرھا للاقارب والاصحاب والتابعين أو شرائھا لمصلحته أو‬ ‫مصلحة اقاربه ومحسوبيه‪.‬‬ ‫‪ ‬الاستغلال السيئ للوظيفة العامة لتحقيق المصلحة الخاصة‪ ،‬سواء أكانت ھذه المصلحة مرتبطة‬ ‫بحزب أم بعائلة‪ .‬وھذا لا يعني بالضرورة حصول المسؤول على رشوة مادية وإنما يعني استغلال‬ ‫المركز بما يخالف القواعد الموضوعية‪ .‬وعلى وفق اعتبارات حزبية ضيقة أو شخصية أو‬ ‫عائلية‪...،‬‬ ‫‪ ‬شيوع ظاھرة ضعف القدرات الإدارية والعلمية لدى القيادات الإدارية النافذة بسبب الابتعاد عن‬ ‫الأسس الموضوعية في الاختيار والتعيين واسناد الأدوار إلى غير اھلھا‪ ،‬المؤدي إلى تخريب‬ ‫المنظومة الحكومية والمؤسسة الحكومية‪ ،‬من خلال خلق مجموعة نفعية تغطي العيوب وتعمل‬ ‫على تجميل الحالة‪ ،‬وإزاحة قوى العمل القادرة والكفؤة والنزيھة‪.‬‬ ‫بتعبير آخر‪ ،‬يعني الفساد سلوكيات الموظف الحكومي غير المنضبطة على وفق المعايير السليمة‪،‬‬ ‫والرشى المقنعة والعينية‪ ،‬ووضع اليد على المال العام‪ ،‬والحصول على مواقع متقدمة للأبناء‬ ‫والأقارب في الجھاز الوظيفي وفي قطاع الأعمال‪ ...،‬والواقع أن اغلب الكتابات تركز على جانب الفساد‬ ‫الإداري‪ ،‬وفي ھذا الصدد ھناك أراء عدة لتعبير الفساد الإداري ولعلھا الأكثر تداولا نذكر منھا)‪:(٥‬‬ ‫‪ ‬فقدان السلطة وإضعاف فاعلية الأجھزة الحكومية‪،‬‬ ‫‪ ‬الانحراف عن قواعد العمل الملزمة لإلحاق الضرر بالمصالح العامة والتأثير غير المشروع في القرارات‬ ‫العامة للدولة‪،‬‬ ‫‪ ‬انحراف السلوك عن الواجبات الرسمية لاعتبارات خاصة كالأطماع المالية والمكاسب الاجتماعية‬ ‫وارتكاب مخالفات للقوانين المرعية بدفع الرشى إلى الموظفين في الحكومة لتسھيل عقد الصفقات وتسھيل‬ ‫الأمور لرجال الأعمال والشركات المحلية والأجنبية‪،‬‬ ‫‪ ‬استغلال الوظيفة العامة بتعيين الأقارب ضمن قاعدة ) المحسوبية والمنسوبية ( أو سرقة أموال الدولة‬ ‫مباشر ًة ) وضع اليد على المال العام ( والحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأصھار والأقارب في‬ ‫الجھاز الوظيفي‪.‬‬ ‫ب‪-‬الفساد السياسي‪ ،‬ويعد الأكبر ضررا من حيث حجم أثره وكلفه على البلد‪ ،‬وتقوم به النخب السياسية‪ ،‬ورجال‬ ‫الأعمال والنخب الإدارية‪ .‬ويعرف الفساد السياسي بمعناه الأوسع بانه إساءة استخدام السلطة العامة لأھداف‬ ‫غير مشروعة‪ ،‬وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية)‪ .(٦‬وقد لانجد نظاما سياسيا يخلو من ھذا‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-٥‬انظر‪ ،‬راجي العوادي‪ :‬ظاھرة الفساد الإداري في العراق أسبابھا وطرق معالجتھا‪ .‬مؤسسة شفق‪.٢٠٠٨ /٥ /٢٦ .‬‬ ‫‪http://www.shafaaq.com‬‬ ‫‪-٦‬قارن مع رؤية جلال عبد ﷲ معوض‪ ،‬الذي يرى في الفساد السياسي‪ :‬السلوك القائم على الانحراف عن الواجبات‬ ‫الرسمية المرتبطة بالمنصب العام‪ ،‬سواء أكان شغل ھذا المنصب يتم بالانتخاب أم بالتعيين في سبيل تحقيق مصلحة‬ ‫خاصة‪ ،‬سواء أكانت ھذه المصلحة شخصية مباشرة تتعلق بشاغل المنصب أم عائلية أم طائفية أم قبلية‪ ،‬وسواء اكانت‬ ‫ھذه المصلحة تتعلق بمكاسب مادية أم غير مادية‪ ،‬من خلال استخدام اجراءات أو الالتجاء إلى تعاملات تخالف الشرعية‬ ‫القانونية‪ .‬ينظر‪ ،‬جلال عبد ﷲ معوض‪ :‬الفساد السياسي في الدول النامية‪ .‬مجلة الدراسات العربية‪ .‬عدد ‪ .١٩٨٧ /٤‬ص‬

‫النوع من الفساد‪ ،‬فكل الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي الذي تتنوع أشكاله إلا أن أكثرھا شيوعاً ھي‬ ‫المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب؛ وكل ذلك اعتمادا على المناصب‪‬‬ ‫السياسية التي تسند إلى الشخص‪ .‬وعلى الرغم من أن الفساد السياسي يسھل النشاطات الإجرامية من قبيل الاتجار‬ ‫بالمخدرات وغسيل الأموال والدعارة‪ ،‬الا انه لا يقتصر على ھذه النشاطات ولا يدعم أو يحمي بالضرورة الجرائم‬ ‫الأخرى‪.‬‬ ‫وتختلف ماھية الفساد السياسي من بلد لآخر ومن سلطة قضائية لأخرى‪ .‬فإجراءات التمويل السياسي التي تعد‬ ‫قانونية في بلد ما قد تعد غير قانونية في بلد آخر‪ .‬وقد تكون لقوات الشرطة والمدعين العامين في بعض البلدان‬ ‫صلاحيات واسعة في توجيه الاتھامات )وھو ما يجعل من الصعب حينھا وضع حد فاصل بين ممارسة‬ ‫الصلاحيات والفساد( كما ھو الحال في قضايا التصنيف العنصري‪ .‬وقد تتحول الممارسات التي تعد فساداً سياسياً‬ ‫في بعض البلدان الأخرى إلى ممارسات مشروعة وقانونية )في البلدان التي توجد فيھا جماعات مصالح قوية(‬ ‫تلبية لرغبة ھذه الجماعات الرسمية‪.‬‬ ‫بعامة‪ ،‬قد يأخذ الفساد السياسي أشكالا عدة‪ ،‬منھا‪:‬‬ ‫‪ ‬المحسوبية‪ ،‬ويتمثل بالرشى والعمولات‪ ،‬والنھب والاستحواذ على نطاق واسع عن طريق المناقصات‬ ‫العامة‪ ،‬ومنح الامتيازات الاقتصادية الخاصة لتحقيق أغراض سياسية‪..(٧)،‬‬ ‫‪ ‬ومناصرة الولاءات‪ ،‬ويتمثل بالنھب الواسع للأموال والممتلكات الحكومية عن طريق صفقات غير‬ ‫موضوعية‪ ،‬وتحويل ممتلكات عامة إلى مصالح خاصة بدعاوى مختلفة‪ ،‬وضياع في موارد الموازنة‬ ‫الحكومية‪ ،‬ورفع قيمة الخدمات التي يفترض أن تقدمھا الحكومة لأسباب سياسية‪ ،‬وارتفاع مرتبات أعضاء‬ ‫القوى السياسية المسيطرين على مواقع المسؤولية‪ ...‬كذلك فقد تصدر السلطة السياسية تشريعات لخدمة‬ ‫شرائح معينة‪ ،‬أو لخدمة أشخاص معينين‪ ،‬أو لتسھيل أمرھا‪ ،‬كما قد تلغى ھذه التشريعات بعد تحقيق‬ ‫أھدافھا‪ ،‬وقد تكون مستمرة‪.‬‬ ‫وھنا تقتضي الإشارة إلى ان الفساد السياسي لا يقصد به فساد شخوص السياسيين لذاتھم‪ ،‬وانما يقصد به فساد‬ ‫التصرف والسلوك السياسي‪ ).‬ومثاله اعتماد الولاء السياسي أساسا لشغل الوظائف‪ ،‬في الوقت الذي يجب فيه‬ ‫اعتماد الجدارة والكفاءة والنزاھة في شغل تلك الوظائف‪ .‬ويمثل الفساد تحدياً خطيراً في وجه التنمية‪ .‬فھو على‬ ‫الصعيد السياسي يقوض الديمقراطية‪ ،‬والحكومة الجيدة بتعويم أو حتى تغيير مسار العملية الرسمية‪ .‬أما الفساد في‬ ‫الانتخابات والھيئات التشريعية فيقلل من المساءلة ويشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي‪ .‬أما الفساد‬ ‫القضائي فإنه يعرض سيادة القانون للخطر‪ ،‬والفساد في الإدارة العامة ينجم عنه التوزيع غير العادل للخدمات‪ .‬أي‬ ‫بمعنى أوسع ينخر الفساد في القدرة المؤسساتية للحكومة لأنه يؤدي إلى إھمال إجراءاتھا واستنزاف مصادرھا‪،‬‬ ‫‪                                                                                                                                                                                                           ‬‬ ‫ص‪ .٦-٥‬عن‪ ،‬سه روه ر محمد عبد ﷲ‪ : ٢٠٠٧ ،‬الفساد واداء النظام السياسي في الدول النامية‪ .‬رسالة ماجستير‪ .‬كلية‬ ‫العلوم السياسية‪/‬جامعة النھرين‪ .٢٠٠٨ .‬ص ص‪ )١٦-١٥‬غير منشور(‪.‬‬ ‫‪-‬المنصب السياسي ھو منصب طوعي يسند إلى الشخص وتطوعا منه‪ ،‬وليس منصبا تعاقدياُ كالوظيفة العامة‪.‬‬ ‫‪-‬قد تصدر السلطة السياسية تشريعات لخدمة شرائح معينة‪ ،‬أو اشخاص معينين‪ ،‬أو لتسھيل أمر ما‪ ،‬وقد تقسم بعض ھذه‬ ‫التشريعات وتلغى بعد تحقيق أھدافھا‪ ،‬وقد تكون مستمرة‪.‬‬ ‫‪-٧‬انظر‪ ،‬الفساد السياسي‪ .‬الموسوعة الحرة‪ -‬ويكيبيديا‬ ‫‪http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=action=edit&section=9‬‬

‫فبسببه أي الفساد تباع المناصب الرسمية وتشترى‪ .‬كما يؤدي الفساد إلى تقويض شرعية الحكومة وبالتالي القيم‬ ‫الديمقراطية للمجتمع كالثقة والتسامح( ‪.‬‬ ‫ولعل ھذا الفساد من اقسى انواعه‪ ،‬لان ممارسيه محميون‪ ،‬وقد أشار تقرير السفارة الأمريكية المتعلق بقضايا‬ ‫الفساد لعام ‪ ٢٠٠٦‬صراحة إلى أن المعضلة الرئيسية في مكافحة قضايا الفساد في أعلاه ھي في الحصانة السياسية‬ ‫التي يتمتع بھا الأشخاص المتھمون في المؤسسات الحكومية المختلفة‪ .‬وتختلف آثار وخطورة ظاھرة الفساد‪ ،‬وھي‬ ‫في العموم قد تصيب المجتمع كله كما في إشاعة أسلوب المحاصصة السياسية‪ ،‬كما قد يكون ضررھا صغيرا‬ ‫مرتبطا بالمراكز الإدارية الدنيا‪ ،‬يكون ضحاياه المواطنين الذين يتحملون تكاليف إضافية لانجاز معاملاتھم‬ ‫الرسمية‪ ،‬أو حصولھم على الخدمات الأساسية سواء ما تعلق منھا بالوقود أو سلة الغذاء أو المتطلبات الصحية‪...،‬‬ ‫وفي العموم‪ ،‬لا يوجد في الحقيقة مقياس مباشر لقياس درجة الضرر أو الخطورة‪ ،‬وذلك لتعدد الممارسات الفاسدة‪،‬‬ ‫وحيث لا توجد دائرة ‪ /‬وزارة خالية منه‪ .‬فمعظم المعاملات والعلاقات ملطخة به بدرجة أو أخرى‪ .‬وإجمالا‪،‬‬ ‫تأثيرات الفساد تشمل المستويات الآتية)‪:(٨‬‬ ‫‪-‬السياسية‪ ،‬حيث التأثير في القبول بمشروعية الدولة‪ ،‬وھو ما يقود بالنتيجة إلى تشجيع عدم الاستقرار‪  .‬‬ ‫‪-‬الأملاك العامة‪ ،‬أو الاقتصادية‪ ،‬حيث التكلفة الباھظة تؤدي إلى خفض فعلي في معدلات تخصيص الموارد‪ ،‬مما‬ ‫يؤدي إلى إضرار بإمكانات تحقيق تنمية وخفض معدلات التنمية الاقتصادية والعدالة التوزيعية للدخل القومي‪  .‬‬ ‫‪-‬سمعة الدولة والمجتمع‪ ،‬حيث يؤدي إلى زعزعة قيم المجتمع وقواعد السلوك المقبول‪ .‬وللفساد أثرا وبائي‪،‬‬ ‫فالمسؤول المرتشي أو الذي يعمل وفقاً لنظام المحسوبية لابد أن يشرك آخرين في ھذا الانحراف الأخلاقي‪،‬‬ ‫بحيث يمكن مع مرور الزمن أن تصبح الوزارات بكاملھا فاسدة‪  .‬‬ ‫‪-‬المستقبل‪  ،‬‬ ‫‪-‬المواطن‪  .‬‬ ‫‪     ‬ثانيا‪-‬الأداء الحكومي)‪(٩‬‬ ‫من المعلوم ان السياسيين لا ينتخبون لمواصفاتھم الشخصية وحسب‪ ،‬وانما بالدرجة الأساس يجري الانتخاب على‬ ‫أساس البرنامج السياسي الذي يطرحه الحزب الذي ينتمون اليه‪ ،‬فالبرنامج السياسي ھو ما يتعاقد عليه الناخبون‬ ‫والمنتخبون‪ .‬لذلك فنجاحھم يتوقف على مدى الوفاء بتحقيق البرنامج السياسي الذي جرى الاتفاق عليه‪.‬‬ ‫تأسيسا‪ ،‬يمكن القول بان‪ :‬الأداء الحكومي)‪ (١٠‬ھو الانجاز الذي تم من البرنامج السياسي عبر المدى الزمني‪.‬‬ ‫ويعتمد نجاح الحكومة وفاعلية ادائھا وكفايته على ركنين أساسيين‪:‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-٨‬ينظر‪ ،‬نص‪\":‬تقرير السفارة الأمريكية في بغداد عن فساد الحكومة العراقية\"‪ .‬المستقبل العربي )مركز دراسات الوحدة‬ ‫العربية‪ -‬بيروت(‪ .‬ع‪ .٢٠٠٧/٣٤٥/‬ص‪.٩٣‬‬ ‫‪-٩‬ينظر‪ ،‬سالم سليمان‪ ،‬وآخرون‪ :‬أداء الحكومة العراقية عام ‪ .٢٠٠٨‬التقرير الاستراتيجي العراقي السنوي لعام ‪.٢٠٠٨‬‬ ‫)مركز حمورابي للدراسات‪ .‬بابل‪ .٢٠٠٩ .‬ص ص ‪ ( 110‬منشور‪.‬‬ ‫‪-١٠‬تقرير‪:‬قياس الأداء الحكومي )الانترنت(‬

‫‪-‬التزام السياسيين بالبرنامج السياسي‪،‬‬ ‫‪-‬كفاية الجھاز الأدائي للحكومة وقدرته وجدارته ونزاھته)ملاك الوزارة‪ ،‬من الوكيل إلى أدنى وظيفة(‪.‬‬ ‫وتجدر الإشارة ھنا إلى ان الاداء الحكومي يمكن تمييزه الى‪:‬‬ ‫‪-‬أداء سياسي‪ ،‬ويقصد به اداء الوزير منصبا سياسياً‪.‬‬ ‫‪-‬أداء مؤسسي‪ ،‬ويقصد به اداء منظومة الوزارة‪ ،‬وھي تبدأ بالوكيل كونه المسؤول عن اداء الجانب التنفيذي‬ ‫والمھني في الوزارة‪ ،‬وھو المسؤول الأول عن أداء الوزارة في جانبھا التخصصي‪.‬‬ ‫و عليه يمكن القول بأن ‪:‬‬ ‫الاداء الحكومي ‪ :‬يقصد به الانجاز الكلي لمنظومة الحكومة في اطار تفاعلھا مع عناصر بيئتھا المحلية والعالمية‬ ‫‪ ،‬كذلك فھو يتضمن ‪:‬‬ ‫‪ -‬اداء الوزراء لمھماتھم السياسية ‪ ‬‬ ‫‪ -‬اداء الوزارات المؤسسي في اطار السياسة العامة للحكومة‪  .‬‬ ‫‪ -‬اداء الحكومة بكونھا منظومة كلية في اطار البيئة المحلية والعالمية‪.‬‬ ‫ان ھذا الإطار سيقود باتجاه الوصول إلى معايير تميز أداء الحكومة‪ ١١‬إجمالا كما انھا توضح أداء كل وزارة‪،‬‬ ‫وكالآتي‪:‬‬ ‫‪-‬أداء الوزير‪ :‬ويقصد به الأنشطة السياسية التي يمارسھا في وزارته لتحقيق الجزء المتصل بوزارته ضمن‬ ‫البرنامج السياسي الذي طرحه الحزب الذي ينتمي اليه‪ ،‬بمعنى‪ ،‬الأعمال التي يمارسھا للقيام بمسؤولياته التي‬ ‫‪                                                                                                                                                                                                           ‬‬ ‫‪http://www.mepp.gov.sa/home‬‬ ‫‪-‬وتشير الإدارة الحكومية‪ ،‬إلى ما يأتي‪ :‬كل الآليات )بما في ذلك‪ ،‬على سبيل المثال‪ :‬السياسات‪ ،‬والقواعد‪ ،‬والإجراءات‪،‬‬ ‫والنظم‪ ،‬والھياكل التنظيمية والعاملين‪ ...‬الخ( التي تمول من موازنة الدولة والمسؤولة عن إدارة =وتوجيه شئون‬ ‫الحكومة التنفيذية‪ ،‬وتعاملاتھا مع المنتفعين في الدولة‪ ،‬وفي المجتمع‪ ،‬وفي البيئة الخارجية‪ .‬وكذلك‪ ،‬إدارة وتنفيذ كافة‬ ‫الأنشطة الحكومية التي تتعامل مع إنفاذ القوانين واللوائح والقرارات الحكومية‪ ،‬وكذلك الإدارة التي ترتبط بتقديم‬ ‫الخدمات العامة‪.‬‬ ‫ف الأداء المؤسس ي ھ و محص لة لك ل م ن الأداء الف ردي وأداء الوح دات التنظيمي ة ف ي إط ار البيئ ة الاجتماعي ة‬ ‫والاقتص ادية والثقافي ة‪ .‬ف أداء الف رد ف ي المنظم ة يق اس بمجموع ة متنوع ة م ن المق اييس ي تم م ن خلالھ ا تقي يم‬ ‫أدائ ه وص ولاً إل ى التأك د م ن أن أنظم ة العم ل ووس ائل التنفي ذ ف ي ك ل إدارة تحق ق أكب ر ق در ممك ن م ن الإنت اج‬ ‫بأق ل ق در م ن التكلف ة‪ ،‬وف ي أق ل وق ت وعل ى مس توى مناس ب م ن الج ودة‪ .‬ويق اس أداء ك ل إدارة بمق اييس فعالي ة‬ ‫المنظم ة‪ .‬وتش مل ك ل م ن مق اييس الفعالي ة الاقتص ادية والسياس ية الداخلي ة والخارجي ة والرقابي ة والبيئي ة‪ .‬ونظ راً‬ ‫إل ى وج ود عوام ل خارجي ة كب رى تخ رج ع ن نط اق إدارة المنظم ة ت نعكس بالض رورة عل ى أدائھ ا‪ .‬فك ان لاب د‬ ‫م ن الاھتم ام بقي اس الأداء المؤسس ي ال ذي ينبن ي أساس اً عل ى قي اس أداء الف رد والإدارة مع ا‪ ،‬ف ي ض وء تلك م‬ ‫التأثيرات‪.‬‬

‫يضطلع بتنفيذھا في الوزارة وصولا إلى تحقيق الأھداف التي وضعت لھا‪ ،‬والتي تسھم بدورھا في تحقيق‬ ‫أھداف الوزارة‪.‬‬ ‫‪-‬أداء الوزارة‪ :‬وتتضمن نشاطات الوزارة )الجانب الفني( المبذول في تحقيق الأھداف وانجاز المھمات التي من‬ ‫شانھا ان توصل إلى انجاز أو تنفيذ البرنامج السياسي‪ .‬وھنا لا بد من الإشارة إلى ان دور الوزير يتوقف‬ ‫فقط عند الجانب السياسي‪ ،‬اما الجانب التنفيذي فانه يتصل بالأداء المھني وھذا بالتالي خط احمر يجب ان لا‬ ‫يتجاوزه الوزير‪ .‬فتنفيذه يقع على عاتق الجھاز الفني )المھني( في الوزارة‪ .‬بمعنى‪ ،‬الأعمال التي تمارسھا‬ ‫الوزارة للقيام بدورھا الذي تضطلع بتنفيذه في الحكومة‪ ،‬وصولاً إلى تحقيق الأھداف التي وضعت لھا على‬ ‫ضوء برنامج الحكومة الذي انتخبت على أساسه وللحكم على اداء الحكومة لابد من قياس ‪ ،‬وان عملية‬ ‫القياس تستلزم تحديد معايير للقياس تتخذ أساساً لتأشير مستويات الاداء الحكومي وإن عملية وضع وتحديد‬ ‫مؤشرات لقياس الأداء الحكومي ليست بالعملية السھلة‪ ،‬اذ لا بد من ان يسبقھا وضع مجموعة من الأسس‬ ‫اللازمة لاختيار المؤشرات واختبار دقتھا‪ ،‬ومن خلال ھذه المؤشرات يمكن متابعة الأداء وتحديد انحرافات‬ ‫سيره في أثناء التنفيذ لمعالجتھا‪ .‬وھذه العملية في إطار ھذا الجھد لھا ثقلھا بكونھا تعتمد على تقديم صورة‬ ‫على ثلاثة مستويات في آن واحد‪ :‬الأداء السياسي للحكومة‪ ،‬أداء التشكيلات الحكومية في مجالھا الخدمي‬ ‫المھني‪ ،‬أداء تلك التشكيلات في جانبھا الإداري‪.‬‬ ‫ان ھذا لأمر تكتنفه صعوبات جمة‪ ،‬اذ ترجع صعوبة قياس أداء الوزراء والوزارات والحكومة إلى طبيعة‬ ‫الصعوبات التي تواجه العمل في مثل تلك المنظومات الحكومية‪ .‬ونورد ھنا أھم تلك المشكلات والصعوبات)‪:(١٢‬‬ ‫أ‪-‬طبيعة الخدمات الحكومية‪ :‬من المعلوم أن تعبير جودة الخدمة التي تنجزھا الأجھزة الحكومية )الوزراء‪/‬‬ ‫الوزارات‪ /‬مؤسسات الدولة‪ /‬الحكومة(‪ ،‬ھو تعبير يصعب وصفه أو إخضاعه للقياس‪ ،‬وذلك انطلا ًقا من عدم‬ ‫دقة نتائج التقويم والقياس الذي يعتمد على المعايير الوصفية‪ .‬ونظ ًرا إلى أن المنتج الذي تقدمه التشكيلات‬ ‫الحكومية ھو منتج غير ملموس )خدمة(‪ ،‬فقياسه يعتمد على الوقوف على رأي ودرجة رضا المستفيد‪ ،‬وھذا‬ ‫يخضع لمؤشرات عدة‪ ،‬كما انه لا يستقر على حال وانما يخضع لمزاج مجتمع الدراسة ومواقفھم يوم القياس‪،‬‬ ‫وبالتالي سوف يصعب تحديد درجة العلاقة بين التكلفة والعائد‪ .‬وعلى الرغم من ذلك فمن الضروري إجراء‬ ‫مثل ھذا القياس‪ ،‬لأنه من المتطلبات الأساسية لتقويم فعالية البرامج الحكومية‪ .‬وھذا يسھل تنبيه الحكومة لتقويم‬ ‫البرامج المنفذة بھدف تعديلھا أو الاستمرار فيھا‪.‬‬ ‫ب‪-‬تعدد الأھداف والأسبقيات و تعارضھا ‪ :‬عادة ما توجد للمنظومات الحكومية )وزارة‪ /‬مؤسسة حكومية‪/‬‬ ‫الحكومة( أھداف متعددة في الوقت الذي يوجد فيه ھدف محدد لكل منظومة فرعية منھا‪ .‬وتلتقي جميعا في‬ ‫إطار البرنامج السياسي الذي على أساسه انتخبت الحكومة‪ .‬وفضلا عن ان تعدد الأھداف في تلك المنظومات‬ ‫الفرعية يضيف صعوبة إلى صعوبات قياس الأداء‪ ،‬وذلك بعدم إمكانية تحديد الوزن الذي يعطى لكل ھدف من‬ ‫الأھداف المتعددة‪ ،‬في إطار البرنامج السياسي‪.‬‬ ‫ج‪-‬غياب التحديد الدقيق لمھمات المنظومات الحكومية‪ :‬ان عدم وضوح مھمات كل وحدة يقود إلى خلق‬ ‫صعوبات جمة التي قد تؤدي بدورھا إلى صعوبة تحديد المسؤوليات وتشتتھا‪ .‬ونذكر منھا‪:‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-١٢‬ينظر مثلا‪ ،‬د‪.‬فيريل ھيدي‪ :‬الإدارة العامة‪ ،‬منظور مقارن‪ .‬ترجمة د‪ .‬محمد قاسم القريوتي‪ .‬عمان‪ .١٩٨٦ .‬ص ص‬ ‫* ظاھرة المؤسساتية تبرز عندما يوجد موظفون فوق الحاجة الفعلية ‪ ،‬وتتحول بمرور الزمن إلى حالة ثابتة يصعب‬ ‫تغييرھا‪.‬‬

‫‪ -‬التداخل في اختصاصات المنظومات الحكومية‪.‬‬ ‫‪ -‬غياب التنظيم السليم للمنظومات الحكومية‪.‬‬ ‫‪ -‬عدم التحديد الدقيق لاختصاصاتھا‪.‬‬ ‫د‪-‬تعقيد الروتين في المنظومات الحكومية وتعقد الإجراءات وطولھا‪ :‬نتيجة لغياب الھيكلية الموضوعية‬ ‫للوظائف والتعيين غير الملتزم والعشوائي لشغلھا وشيوع ظاھرة المؤسسية * ‪ ،‬أدى إلى وجود‪:‬‬ ‫‪ -‬مستويات نوعية متدنية من العاملين‪،‬‬ ‫‪ -‬وتباين في تخصصات العاملين والوظائف التي يشغلونھا‪،‬‬ ‫‪ -‬وعدم توازن عدد الوظائف وحجم المھمات وعبء العمل‪،‬‬ ‫‪ -‬وانخفاض انتاجية العمل‪،‬‬ ‫‪ -‬وھدر في الموارد بسبب زيادة بند الاجور في الموازنة‪.‬‬ ‫‪ -‬يتطلب التشدد في الرقابة وتنميط العمل‪ ،‬فضلا عن شيوع الظاھرة المؤسسية في الوحدات التنظيمية وبناء‬ ‫الإمبراطوريات‪ ...،‬ونتيجة طبيعية لغياب المعايير الكمية التي يمكن الاعتماد عليھا في قياس الأداء‪ ،‬نجد أن‬ ‫الأعمال الإدارية تھتم بتطبيق الإجراءات‪ ،‬في حين تركز أجھزة المساءلة في المحاسبة على الالتزام بمتابعة‬ ‫سير تلك الإجراءات‪ .‬اما عمل الوزير فيكاد من غير المتفق على وجود معايير مستقرة لتقويم أدائه‪ .‬في حين‬ ‫ان أعمال الحكومة تقوم على أساس استمرار القبول المجتمعي لبرنامج الحكومة‪ ،‬فضلا عن الأشكال الظاھرة‬ ‫من خدمات واستقرار ورفاھية‪.‬‬ ‫ھـ‪-‬الصعوبات المرتبطة بعنصر العمل‪ :‬تتمثل الصعوبات والاختلالات المتعلقة بعنصر العمل في الآتي‪:‬‬ ‫‪-‬في المجال الإداري‬ ‫تبرز الصعوبات الآتية‪:‬‬ ‫‪ ‬التضخم الوظيفي وسلبياته من‪ :‬تشتت في المسؤولية الإدارية وضياعھا‪ ،‬وتعقد الإجراءات وطولھا‬ ‫وخلق )استحداث الدوائر والوظائف لأشخاص بمعنى استحداث الوظيفة والدائرة للأشخاص‪ ،‬لا على‬ ‫أساس النشاط ومدى الحاجة إليه وانما لإيجاد موقع وظيفي لشخص معين( مستويات تنظيمية غير‬ ‫ضرورية‪ ،‬فضلا عن تعدد حلقات الرقابة‪ ،‬بسبب كثرة الموظفين وانخفاض مستوياتھم‪ ،‬وانخفاض‬ ‫انتاجية العمل وكثرة مشكلاته )قانون باركتسون(‪ ‬وشيوع الظاھرة المؤسسية ‪ ‬‬ ‫‪ ‬ازدواجية و‪ /‬أو تداخل الاختصاصات الوظيفية‪ ،‬فضلا عن غياب الوظيفة‪ ،‬اذ ليست ھناك ھيكلية‬ ‫محددة على مستوى الوظيفة يحدد ھويتھا‪ ،‬وانما ھناك مجموعة من واجبات غير مترابطة يسندھا‬ ‫المسؤول إلى الفرد‪ ،‬فليس ھناك وظيفة محددة تسند إلى الفرد فلا يوجد من الوظيفة سوى اسمھا‬ ‫وعنوانھا‪ ،‬اما مھماتھا فليست تعرف‪  ،‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-‬يشير القانون إلى انه كلما ازداد عدد القوى العاملة عن الحجم المكافئ للعمل كلما ازدادت الإنتاجية انخفاضا‪ ،‬وكثرت‬ ‫المشكلات‪.‬‬

‫‪ ‬صعوبة تحديد ما يلزم من مواصفات للوظائف القيادية كوصف العمل ومواصفات الفرد‪ ،‬وذلك لعدم‬ ‫وجود معايير موضوعية لأداء العاملين القياديين لتستخدم مؤشرات إرشادية في تحديد اختيارھم ‪،‬‬ ‫فضلا عن ذلك تم استحداث وظائف بعنوانات لا يوجد ھناك حاجة محددة لاستحداثھا‪.‬‬ ‫‪-‬اما في المجال السياسي‪ ،‬فان ادوار الوزير غالبا ما تواجه بمشكلات متعلقة بمدى نفوذه ودرجة تأثيره في التشكيلة‬ ‫الوزارية‪ ،‬والظرف السياسي العام‪ ،‬ونوع الخدمات التي تقدمھا الوزارة التي يتولاھا ودرجة تماسھا المباشر مع‬ ‫حياة المواطنين وظروفھم المعاشية‪...،‬‬ ‫‪-‬اما في مجال العمل الحكومي‪ ،‬فان أعمالھا أكثر انكشافا أمام المواطن‪ ،‬نظرا لتعلقھا بمسائل مثل‪ :‬توزيع مفردات‬ ‫موازنة الدولة‪ ،‬وإدارة الموارد الحكومية‪ ،‬وتوفير أغطية سياسية للمحاسبة البرلمانية أو القضائية عن أي أعمال‬ ‫إساءة في الممتلكات العامة‪ ،‬ومراعاة المزاج المجتمعي العام‪ ،‬وعلى الرغم من ذلك فأن ھذه الأعمال ذاتھا غير‬ ‫قابلة للقياس بقدر ما ھي تعابير مرنة تخضع للاجتھاد في الغالب‪.‬‬ ‫ومما ساعد على زياد الصعوبة في كل ما تقدم‪ ،‬ان الأجھزة الرقابية في العراق بمختلف تصنيفاتھا )القضائية‪،‬‬ ‫والبرلمانية‪ ،‬والإدارية( تعمل بالرقابة بالإجراءات وليس بالرقابة على الأھداف‪ ،‬فضلا عن تدني المستويات‬ ‫النوعية للعاملين فيھا‪،‬‬ ‫‪-‬والاختيار العشوائي القائم على العلاقات الشخصية أو اتجاھات المسؤول نحو العاملين‪ ،‬وليس على أساس‬ ‫موضوعي يعتمد السيرة الذاتية )التاريخ الوظيفي( والتقويم الموضوعي للعاملين والإعلان عن الوظيفة وشروطھا‬ ‫بالوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة ليتسنى لجميع المؤھلين التنافس عليھا لاختيار الأفضل لصالح العمل‬ ‫والمؤسسة وليس لصالح الفرد‪.‬‬ ‫و‪-‬الضغوط السياسية‪ :‬عادة ما تمارس المنظومات الحكومية )بمختلف تسمياتھا( اختصاصاتھا في إطار من‬ ‫القرارات السياسية التي تسعى الحكومة من ورائھا إلى تعظيم مكاسبھا السياسية والاجتماعية‪ ،‬أي المردود‬ ‫السياسي والاجتماعي للحكومة الذي يصعب إخضاعه للقياس الكمي‪.‬‬ ‫ز‪-‬القياس المضلل للأداء‪ :‬وفي ظل غياب الشفافية نجد أن الحكومة تتبنى ازدواجية في القياس‪ .‬فھناك قياس‬ ‫داخلي تدركه القوى الم ّشكلة للحكومة من خلال توزيع موارد الموازنة العامة‪ ،‬وفسح المجال أمام الوزراء‬ ‫لإعادة ترتيب وزاراتھم بمختلف تشكيلاتھا‪ .‬وقياس خارجي تقدم الحكومة فيه صورة غير واقعية تجميلية‬ ‫لتضليل القياس الخارجي المتمثل في المستفيدين من الخدمات التي تقدمھا المنظومات الحكومية المختلفة‪.‬‬ ‫كشف ماضي الصفحات الاداء الحكومي وقدم وصفا له وكيفية قياسه وآليته و مايعترض عملية القياس من‬ ‫صعوبات وعقبات وفي ذلك تمھيد لتحديد ماھية الفساد في الاداء الحكومي ومعرفته‪.‬‬ ‫ففيما يتصل بفساد الاداء الحكومي ھو ان اداء الحكومة ينحرف عن ماعرضه البحث من خطوط رئيسية وان‬ ‫يكون ذلك مقصوداً لاعفوياً تتعمده الحكومة وبذلك فھو يعني اعلى درجات الفساد في الاداء الحكومي وھو مرحلة‬ ‫تالية لتدني الاداء والتلكؤ فيه‪ .‬ولا يمكن تصور تحققه من دون وجود فساد إداري‪ ،‬يعيق إجراء تدقيق لعمليات‬ ‫الفساد في الأداء الحكومي‪ .‬والأخير غالبا ما يكون محميا بالفساد السياسي‪.‬‬

‫ان المعضلة التي تواجه الباحث ھي ان الخط الفاصل غير حاسم أو غير واضح بين المناصب السياسية والمناصب‬ ‫المھنية‪ -‬على أساس ان الوظيفة مھنة تحتاج إلى مستوى معين من المھارات والقدرات والمعارف والخبرات‪.‬‬ ‫وتزداد المسالة إرباكا لكون بعضھم يعرف الإدارة بانھا عملية وضع وتنفيذ وتقييم وتعديل السياسات‪ .‬وبالتالي‬ ‫فالتداخل أساسا موجود بين الوظائف الفنية والوظائف السياسية‪ .‬لكن‪ ،‬ھل بإمكان ھذا التداخل ان يحسن سير‬ ‫العملية الإدارية ام انه احد الأسباب في زيادة عملية التدھور‪ ،‬بمعنى تدھور الأداء الحكومي؟‬ ‫ثالثا ‪- :‬المعايير الدولية لقياس جودة نظام الحكم‪ :‬أنموذج فاعلية الأداء الحكومي‬ ‫لقد توضح فيما تقدم‪ ،‬ان نتاج الفساد في صوره السياسية والإدارية ھو فساد في الأداء المؤسسي للدولة‪ .‬ولما كان‬ ‫الأداء ينماز من حيث مستوى الجودة‪ ،‬فعليه تكون الإشارة إلى المعايير الدولية المعتمدة في تحديد مستوى جودة‬ ‫الأداء الحكومي امراً اذ با ٍل ‪:‬‬ ‫لقد انتھى البنك الدولي إلى تحديد معايير ستة لقياس جودة الحكم‪ ،‬وكلما ابتعدت دولة ما عنھا ازدادت قربا من ان‬ ‫توصف بالفساد اذ ان بارتفاع المؤشر السلبي يرتفع معدل الفساد فيھا‪ ،‬وعكسه صحيح‪ .‬وھذه المعايير ھي)‪:(١٣‬‬ ‫‪-‬العلنية والمساءلة ‪ .Voice & Accountability‬بمعنى ان تكون قواعد البيانات للتعاملات الجارية أو تلك التي‬ ‫قد تمت متاحة‪،‬‬ ‫‪-‬الاستقرار السياسي ‪ .Political  Stability‬وتحدده المكونات الاتية ‪ :‬الاستقرار الحكومي‪ ،‬واستقرار الأوضاع‬ ‫الاجتماعية‪-‬الاقتصادية و بروفايل الاستثمار والصراعات الداخلية و الصراعات الخارجية وتدخل العسكر في‬ ‫السياسة وتدخل الدين في السياسة والأمن ونزاع الأقليات القومية والطائفية وخضوع الحكومة للمحاسبة)‪،(١٤‬‬ ‫‪-‬فاعلية الحكومة ‪.Government Effectiveness‬‬ ‫‪-‬نوعية الانظمة والتعليمات ‪ .Regulatory  Quality‬بمعنى وجود كفاية في التنظيمات والمؤسسات في بناء‬ ‫الدولة‪،‬‬ ‫‪-‬دور القانون ‪.Rule of Law‬‬ ‫‪ -‬السيطرة على الفساد ‪.Control of Corruption‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪ٌ -١٣‬ينظر مثلا‪ ،‬د‪.‬جون د‪ .‬سوليفان‪ ،‬و الكسندر شكولنكوف‪ :‬مكافحة الفساد‪ ،‬منظورات وحلول القطاع الخاص‪) .‬واشنطن‪.‬‬ ‫مركز المشروعات الدولية الخاصة‪ .(٢٠٠٦ .‬ص ص‬ ‫‪ُ -١٤‬ينظر في تلك المكونات وكيفية استخدامھا مثلا‪،‬خلدون حسن النقيب‪:‬الخليج إلى اين؟ في علي محافظة وآخرين‪:‬العرب‬ ‫وجوارھم‪) .‬بيروت‪ .‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ .(٢٠٠٠ .‬ص ص ‪.٣٨-٣٦‬‬

‫وقــد وضعت منظمة الشفافيـــة العالمية مؤشرات لقـــياس حالات الفساد في مختلف دول العالم ‪ ،‬وحـــددت له‬ ‫درجــــات عشـــرة ‪ ،‬ارتفاع ھذه المؤشرات دلالة شفافية وانخفاضھا دلالة فساد‪.‬‬ ‫وعليه يمكن تحديد الملاحظات الاتية على المقياس العالمي للنزاھة‪:‬‬ ‫‪ ‬المقياس العالمي للنزاھة ويتكون من ‪ ١٠‬درجات أعلاھا يمثل نزاھة تامة وأدناھا يؤشر فساداً تاماً‪ ،‬وما‬ ‫بينھما تتدرج المستويات فكلما ابتعد المقياس من الرقم ‪ ١٠‬انخفض مستوى النزاھة‪ ،‬وبالتالي انخفضت‬ ‫مؤشرات الشفافية وبدأ يقترب من مؤشرات الفساد‪ ،‬وصولا إلى الفساد التام عند الرقم )‪.(٠‬‬ ‫‪ ‬ان المعايير في أعلاه‪ ،‬موزعة على وفق أوزان محددة‪ ،‬وبالترتيب المذكور في أعلاه‪ .‬وبالتالي لا يمكن ان‬ ‫يكون المنحنى الذي يمكن رسمه من معادلات تلك المؤشرات الا واحداً من الآتي)‪:(١٥‬‬ ‫أ‪-‬دالة متزايدة‪ ،‬مثلا‪ :‬فساد قليل ‪ ،‬شفافية عالية‬ ‫ب‪-‬دالة متناقصة‪ ،‬مثلا‪ :‬فساد كثير‪ ،‬شفافية متدنية جدا‬ ‫ج‪ -‬لا يوجد خط مستقيم‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-١٥‬يمكن الرجوع في كيفية قياس الفساد والشفافية والنزاھة من قبل منظمة الشفافية العالمية إلى موقع المنظمة‪،‬‬ ‫‪http://siteresources.worldbank.org‬‬ ‫ايضا الدراسة المعلنة‪:‬‬ ‫‪Annual Integrity Report Fiscal Year 2007. Institutional Integrity.‬‬ ‫‐‪h p://siteresources.worldbank.org/INTDOII/Resources/588889‬‬ ‫‪1201539078620/0000172463ARar_Main_HighRes.pdf‬‬

‫ولعل المخطط الاتي يقدم توضيحاً لاتجاھات ھذه المعايير‪:‬‬ ‫معايير جودة الأداء الحكومي‬ ‫أداء حكومي فاعل‪ /‬نزاھة‬ ‫‪٠ ١ ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ ٧ ٨ ٩ ١٠‬‬ ‫العلنية‬ ‫والشفافية‬ ‫الاستقرار‬ ‫السياسي‬ ‫فاعلية‬ ‫دالة‬ ‫الحكومة‬ ‫متناقصة‬ ‫كفاية المنظومات‬ ‫دالة‬ ‫والمؤسسات في‬ ‫متزايدة‬ ‫بناء الدولة‬ ‫سيادة‬ ‫القانون‬ ‫ضبط‬ ‫الفساد‬ ‫أداء حكومي فاسد‪/‬فساد‬

‫ومما يتوجب التنبيه اليه أن قياس الفساد إحصائيا ليس بالأمر الھين طالما ان المشتركين فيه ليسوا متعاونين في‬ ‫ھذا الصدد‪ .‬وتقدم المنظمة العالمية للشفافية ثلاثة معايير تقوم بتحديثھا سنوياً لقياس الفساد وھي‪:‬‬ ‫‪-‬مؤشر إدراك الفساد )القائم على آراء الخبراء حول أحوال البلدان الفاسدة(‪،‬‬ ‫‪-‬والبارومتر العالمي للفساد )القائم على استطلاعات مواقف الرأي العام وخبرتھم مع الفساد(‪،‬‬ ‫‪-‬واستطلاع دافعي الرشى الذي يبحث في استعداد الشركات الأجنبية لدفع الرشى‪.‬‬ ‫أ‪-‬وعليه‪ ،‬فكلما ابتعد أداء الدولة عن معدلات الجودة اقتربت من معدلات أعلى من الفساد‪ .‬وكلما زادت‬ ‫معدلات أو مستويات الفساد كانت معدلات أو مستويات التدني في المعايير الثانوية المشكلة للمقياس ‪ ،‬عالية نسبيا‪.‬‬ ‫وعالميا‪،‬دفعت تداعيات ظاھرة الفساد بمنظمة الشفافية العالمية إلى وضع مؤشرات لقياس حالات الفساد في مختلف‬ ‫الدول‪ ،‬ووضع له )‪ ١٠‬درجات( الارتفاع دليل الشفافية والانخفاض دليل للفساد )‪ ١٠‬درجات شفافية تامة‪ ٠ ،‬فساد‬ ‫تام(‪،‬‬ ‫ب‪-‬واذا ما تذكرنا ان زيادة معدلات ومستويات الفساد الإداري ينعكس على نحو واضح في‪:‬‬ ‫‪-‬سرقة المال العام‪ ،‬وبالتالي عدم تحقق النسبة الطبيعية للإنفاق الحكومي على القطاعات الخدمية )حجم‬ ‫الإنفاق الفعلي تكون نسبته دائما اقل من ‪ %١٠٠‬من حجم التخصيص الرسمي في الميزانية الذي اعتمد‬ ‫وفاقاً لمعطيات الحاجة الفعلية(‪،‬‬ ‫‪-‬رفع كلف الخدمات والسلع التي يحصل عليھا المواطن من الدولة‪ ،‬وبالتالي يؤثر في نظره للدولة بوصفھا‬ ‫صاحبة سلطة شرعية‪،‬‬ ‫‪-‬إعلاء شان الموظف غير الكفء وغير الجدير وغير النزيه‪ .‬وتداعيات ذلك تكون في الأثر النفسي السلبي‬ ‫في سلوكيات الموظف الجدير والكفء والنزيه‪ ،‬وكون نقيضه غير قادر على إدارة الشأن العام‪.‬‬ ‫فأن ھذه القضايا من شانھا ان تجعل الأداء الحكومي واقعا بين التلكؤ والتدني في مستوياته‪ ،‬وأحيانا الفساد ان كانت‬ ‫المسالة فيھا تقصد واضح في إشاعتھا أو في عدم علاجھا‪.‬‬ ‫وبذلك يكون البحث قد ھيأ مقدمات منطقية تعينه في تحليله واستدلالالته واستنتاجاته‪ ،‬في واقع الاداء الحكومي‪.‬‬ ‫‪-٦‬الجانب التحليلي الميداني‬ ‫أولا‪ :‬الفساد السياسي‬

‫تعددت أوجه الفساد السياسي الذي ساد الساحة العراقي ة وال ذي فرض ته ظ روف موض وعية وذاتي ة مح ددة‪ .‬وتجل ت‬ ‫أوجه ھذا الفساد في مظاھر عدة‪ ،‬يلجأ البحث إلى كشفھا فيما يأتي‪:‬‬ ‫‪-١‬الانتخابات‬ ‫ثق ـف الاح تلال من ذ غ زوه للع راق‪ ،‬وإزال ة معالم ه‪ ،‬وبن اه المؤسس ية‪ ،‬نح و اقام ة واش اعة ثقاف ة الديمقراطي ة وك بح‬ ‫جماح ما أسماه بالدكتاتورية‪ ...‬إلى غير ذلك من المزاعم‪ .‬لذلك لجأ إلى اعتماد الانتخاب أساس اً لاس تلام الس لطة –‬ ‫في حين ان الديمقراطية تعني تداول المسؤولية سلمياً ‪ -‬وھنا واجھته مسالة ‪:‬‬ ‫م ا ھ و الأس اس ال ذي س تقوم علي ه الانتخاب ات؟ اذ م ن المع روف ان الانتخاب ات ف ي ال دول الت ي تتبن ى الديمقراطي ة‬ ‫نظام اً تبن ى عل ى أس اس المفاض لة ب ين الب رامج الت ي تطرحھ ا الأح زاب السياس ية المتباري ة ف ي س احة الانتخاب ات‪،‬‬ ‫والحزب الذي يحرز أعلى نسبة في الانتخابات )أي يشكل الغالبية العظمى من المنتخبين( ھو الذي يتسلم المسؤولية‬ ‫وكونه يمثل مصلحة الغالبية العظمى م ن الش عب و علي ه‪ ،‬فالانتخاب ات لا تع دو ان تك ون بمثاب ة عق د ب ين الن اخبين‬ ‫والمنتخبين‪ ،‬فالبرنامج السياسي يمثل حالة الإيجاب في العقد‪ ،‬والفوز في الانتخاب و يعكس حالة قبول الناخبين‪.‬‬ ‫ان ھذا الأمر ينشئ حالة التزام لدى حزب الأغلبية الفائز بتحقيق برنامجه الانتخابي‪.‬‬ ‫غير ان ما يلحظ على ما جرت عليه الانتخابات في العراق‪ ،‬لم يكن على أساس البرامج السياس ية وانم ا عل ى أس س‬ ‫أخرى‪ .‬وھذا ما يؤشر حالة عدم وضوح العمل السياسي على المستويين الحاكم والمحكوم‪ .‬وق د يرج ع ذل ك لأس باب‬ ‫عدة‪ ،‬يمكن ان تؤشر في الآتي‪:‬‬ ‫‪-‬ان معظ م الأح زاب المتنافس ة ش مولية‪ ،‬أي م ن الأح زاب الأيديولوجي ة )الح زب الإس لامي‪ ،‬الح زب الش يوعي‬ ‫بتفرعاته‪ ،‬الدعوة‪ ،‬الديمقراطي الكردستاني‪ ،‬الاتحاد الوطني الكردستاني‪(...،‬‬ ‫‪-‬محدودية ثقافة المجتمع بأسس وآلية العملية الانتخابية ومستلزماتھا‪ ،‬وق د يرج ع ذل ك إل ى الظ روف الت ي م رت‬ ‫بالبلد‪ ،‬والتي اعتمد فيھا الحاكم الانقلابات أساسا لاستلام السلطة‪،‬‬ ‫‪-‬رغبة المحتل في ذلك تحقيقا لغاياته وأھدافه الإستراتيجية‪.‬‬ ‫لذلك سعى المحتل إلى إيجاد أساس تقوم عليه الانتخابات‪ ،‬فعمد إلى خل ق حال ة م ن ال ذعر والت ربص والتحس ب ف ي‬ ‫طيف الشعب الواحد‪ .‬فعمد إلى تحليل المجتمع وتقسيمه‪ ،‬من خلال تأسيس الرأي العام وترسيخه في ذھن الم واطن؛‬ ‫ب ان ھن اك حقوق اً مس لوبة بتخط يط وتعم د‪ ،‬وان ھن اك فئ ة ُمس خرة‪ ،‬وفئ ات مس خرة‪ ،‬وجماع ة ُمض طھدة وأ ُخ ر‬ ‫مض طھدة‪ ،‬فأش اع ظ اھرة الرع ب مجتمعي ا‪ ،‬فس عت ك ل مجموع ة إل ى تقوي ة ذاتھ ا بالالتف اف عل ى بعض ھا حماي ة‬ ‫لنفسھا‪ ،‬واستعاد ًة لحقوقھا المسلوبة‪.‬‬ ‫لقد انطلى ھذا الأم ر عل ى الأكثري ة‪ ،‬وانس اقوا وراءه وھ ذا بس بب الجھ ل ف ي الت اريخ والابتع اد ع ن إدراك الحق ائق‬ ‫فعميت البصيرة وتوقف العقل وتفعلت العاطفة‪ ،‬فأخذت توجه السلوك الجمعي لمجاميع المجتمع التي قس مھا المحت ل‬ ‫على وفق مصالحه‪ .‬لكن إعمال الفكر يخبر غير ما أسست له الولاي ات المتح دة تحقيق ا لمص الحھا‪ .‬ف العراق ل م يك ن‬ ‫عبر الحقب الزمنية التي م رت علي ه الا واح داً‪ ،‬تأس س عل ى ي د نخب ة مجتمعي ة )مس لمين‪ ،‬نص ارى‪ ،‬يھ ود‪ ،‬ع رب‪،‬‬

‫أكراد‪ ،‬تركمان‪ (...،‬لا يف رقھم ل ون ولا لس ان ولا مح ل ولادة ولا نش أة فھ م جس د واح د ف ي الق ول والعم ل‪ ،‬ھمھ م‬ ‫واحد وھدفھم واح د يجمعھ م الع راق‪ ،‬وتمي زھم الكفاي ة‪ ،‬والج دارة‪ ،‬والنزاھ ة والاخ لاص‪ ،‬لا ھوي ة لھ م الا العراقي ة‬ ‫فليس ھناك تركيز عل ى اح د دون الآخ ر من ذ تأس يس الدول ة‪ ،‬فق د تبن ى البن اة الأوائ ل للدول ة العراقي ة مب دأ العراقي ة‬ ‫وع دوھا ھوي ة انتس اب أص لية ف وق ك ل انتس اب فرع ي‪ .‬ف العراق حك ر عل ى المخلص ين المقت درين المعت دلين م ن‬ ‫المعروفين بالنزاھة والمھنية الصرفة‪.‬‬ ‫لقــد سعــى الاحتلال إلى ترسيخ ذلك في أذھان العراقيين‪ ،‬مما جعلھم ينقسمون على أنفسھم فأنقسم الجس د الواح د ‪-‬‬ ‫إلى أجزاءه )رأس‪ ،‬جذع‪ ،‬أطراف ( وانقلب بعضه على بعض ه‪ -‬باتج اه الانتخاب ات‪ ،‬فك ان البرن امج المعتم د ض منيا‬ ‫ھو تقوي ة ال ذات تج اه الآخ ر حماي ة لل ذات ) اذ ان الف رد مح ارب بذات ه (‪ ،‬فع د الناخ ب حماي ة الھوي ة ھ ي المطل ب‬ ‫الأساس والھدف الجوھري‪.‬‬ ‫تأسيس ا عل ى م ا تق دم‪ ،‬فق د جعل ت ال ولاءات والمواق ف المذھبي ة واللس انية مرش دا للناخ ب وأساس ا تق وم علي ه‬ ‫الانتخابات‪ ،‬وليس البرنامج الانتخابي الذي يحقق مصلحة الجميع ويبني البلد‪..،‬‬ ‫‪-٢‬التداخل بين الدور السياسي والدور المؤسسي‬ ‫يقوم نجاح أداء جھاز الدولة على أساس تحديد الأدوار وتوزيع المھم ات‪ ،‬وھ ذا يتطل ب توص يف ھ ذه الأدوار‪ ،‬وان‬ ‫أي غموض في الأدوار ينعكس تلكؤا في الأداء وتدنيا ف ي الإنتاجي ة وعلي ه‪ ،‬ف ان الفص ل ب ين الأدوار واج ب أس اس‬ ‫ومطلب جوھري لضمان تحقيق النجاح‪.‬‬ ‫فم ن المع روف ان نج اح الدول ة ف ي أداء مھماتھ ا وتحقي ق أھ دافھا يق وم عل ى تكام ل الأدوار السياس ية والمؤسس ية‪.‬‬ ‫وتعن ي الأدوار السياس ية )الوظ ائف التطوعي ة(‪ ،‬وھ ي الوظ ائف الت ي لا يش ترط ان تس تند إل ى خلفي ة‬ ‫مھني ة أو مواص فات خاص ة لأدائھ ا‪ .‬ويق وم ب أداء ھ ذه الوظيف ة الجھ از السياس ي للدول ة )الحكوم ة‪ ،‬رئاس ة‬ ‫الجمھورية‪ ،‬البرلمان‪ .(..،‬اذ ان وظيفتھا تنحصر في تنفيذ البرنامج السياسي الذي حق ق الف وز ف ي الانتخاب ات‪ -‬ھ ذا‬ ‫في النظم الديمقراطية‪ -‬فالوزير مسؤول عما يخص وزارته في البرنامج السياسي‪.‬‬ ‫ام ا الأدوار المؤسسية فتعني دور الوزارة المھن ي والتخصص ي‪ .‬وھ ذه الوظ ائف يج ب ان تس تند إل ى‬ ‫خلفية مھنية تراكمية‪ ،‬ومسار وظيفي سليم ومتميز وتطلب مواصفات خاصة لشغلھا وأدائھا‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬لا بد إذن م ن وض وح دور ك ل جھ از وح دوده ومس ؤوليته‪ ،‬اذ ان أي ت داخل ب ين الاثن ين س وف ي ؤدي إل ى‬ ‫نتائج غير محمودة العواقب‪ ،‬فلابد من وضع خطوط حمراء لدور السياس ي ينبغ ي الا يتجاوزھ ا‪ ،‬وان تجاوزھ ا ف لا‬ ‫يتحتم على الجھاز المھني الاستجابة لھا‪.‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪- ‬على سبيل المثال لا الحصر‪ :‬ساسون حسقيل ‪ ،‬رستم حيدر‪ ،‬حكم ت س ليمان ‪ ،‬محم د الص در‪ ،‬جعف ر اب و ال تمن ‪ ،‬ص الح‬ ‫جبر ‪ ،‬فاضل الجمالي‪...‬‬

‫وھنا تجب الإشارة إلى ان جھاز الدولة المھني )المؤسسي( ھو أداة الحكومة في تنفيذ مھماتھ ا‪ ،‬الأم ر ال ذي يف رض‬ ‫بناءه على أساس سليم من تحديد الوظائف وآلية شغلھا واشتراطاته‪ .‬وعادة فأن الجھاز المؤسسي ھ و جھ از وظيف ي‬ ‫لا علاقة له بالجھاز السياسي‪ ،‬فدوره مھني وحسب‪ ،‬فھو لا يرتبط بالحكومة مھما كان اتجاھھا وتوجھھا‪ ،‬علي ه فھ و‬ ‫با ٍق وان زال ت الحكوم ات وتعاقب ت كلم ا انتھ ت دورتھ ا الانتخابي ة‪ ،‬ل ذلك يج ب ان لا يخض ع لاش تراطات السياس ة‬ ‫وأھوائھ ا ورغباتھ ا‪ ،‬كم ا يج ب ان تك ون ص لاحية الاختي ار ل لأدوار )الوظ ائف( مس تندة إل ى جھ از مھن ي ع الي‬ ‫التخص ص محاي د ونزي ه مث ل مجل س الخدم ة‪ ،‬تس ند إلي ه ھ ذه المھم ة‪ ،‬فھ و ال ذي يخت ار أفض ل مؤھ ل لش غل ھ ذه‬ ‫الوظيفة‪ ،‬ويرفع بذلك تقريره إلى الجھات العليا )مجل س ال وزراء‪ ،‬رئاس ة الجمھوري ة( لإص دار أم ر التعي ين )وھ ي‬ ‫مسالة اعتبارية شكلية فحسب لا تخضع لإرادة تلك الجھات في الاختيار‪ ،‬اذ الاختيار محكوم بش روط موض وعية لا‬ ‫ذاتية(‪.‬‬ ‫غير ان ما يلحظ على أداء الوزراء‪ ،‬التدخل المباشر في الجھاز المؤسسي وتسييره بحسب ھواھم أو ھوى السياسة‪،‬‬ ‫وقد يعزى ذلك إلى جھل السياسيين بذلك أو لانھم متأثرون ب النظم الش مولية‪ ،‬والت ي يك ون فيھ ا ال وزير موظف ا ل دى‬ ‫الحزب الحاكم‪ .‬فيجري التغييرات بحسب ھواه ويھب المناصب لمن يشاء‪ ،‬فيسقط ب ذلك المب دأ الع المي الش خص‬ ‫المناسب في المك ان المناس ب‪ ،‬وال ذي جس د ق ول الرس ول الأعظ م )ص( انزل وا الن اس من ازلھم‪ ،‬أي ض عوا‬ ‫الإنسان في موضع استحقاقه‪ .‬فالمبدأ الأساس في التوظيف ان الوظيفة استحقاق للأكثر تأھيلا‪ ،‬لا لم ن يرض ى عن ه‬ ‫المسئولون‪.‬‬ ‫فتوزيع المناصب بحسب ھوى الوزير سوف يقود إلى وض ع أف راد غي ر م ؤھلين ف ي أم اكن ف وق طاق اتھم‪ .‬ان ھ ذا‬ ‫الأمر سوف يؤدي إلى‪:‬‬ ‫‪ -‬سيطرة صغار الموظفين على إدارة المؤسسة لجھل المسؤول بذلك وتحويله إلى بصام‪ ‬وحس ب )يوق ع دون‬ ‫دراية(‪.‬‬ ‫‪ -‬القضاء على مبدأ الوظيفة محفز للأداء‪ ،‬اذ ان الموظف مھما بذل جھدا في بناء ذات ه وتط وير أداءه فان ه ل ن‬ ‫يتقدم طالما لا تربطه صلة بالوزير أو حزبه‪ ،‬فھو لن يبرح محله‪ ،‬فلماذا عليه ان يحسن أداءه ويخلص فيه؟‬ ‫‪ -‬كل ذلك سينعكس تدنياً في مستوى أداء المؤسس ة وع دم إيفائھ ا بالتزاماتھ ا تج اه الجمھ ور‪ ،‬وبخطيئ ه كب رى‬ ‫ھي الھدر للمال العام‪.‬‬ ‫وان ھذا يجسد ان نظرة المسؤولين في السيطرة على مقاليد السياسة لمصالح ذاتية بحتة‪ ،‬وبذلك يسيئون صنعا‪.‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫تأسيـسا يمكن القــول بأنــه‪:‬‬ ‫‪ -‬ليس ھناك حد فاصل بين ما ھو شخصي وبين ما ھو مؤسسي‪،‬‬ ‫‪-‬بصام‪ :‬كناية عن الجھل بعامة حتى بأمور الكتابة‬

‫‪ -‬ھ ل المرجعي ة الفني ة والمھني ة ھ و ال وزير )المس ؤول السياس ي( ام ھ ي ال وزارة )الجھ از الفن ي والمھن ي‬ ‫المتخصص(‬ ‫‪ -‬غياب العقلية المؤسساتية )الموضوعية( وسيادة العقلية الذاتية‬ ‫‪ -‬غياب ثقافة المؤسسات‬ ‫وعليه‪ ،‬لا بد من تحديد الأدوار السياسية والمؤسساتية وتوضيحھا تجنبا للتداخل والتدخل‪.‬‬ ‫‪-٣‬المحاصصة السياسية‬ ‫كما ھو معروف وجار في الدول ذات النظم الديمقراطية‪ ،‬ان التغيير بعامة يحص ل عل ى مس توى القي ادات السياس ية‬ ‫وطواقمھا المباشرة التي لا علاقة لھا بالعمل المؤسساتي‪ ،‬وحسب‪ .‬اما الجھاز الحكومي المؤسساتي‪ ،‬والذي ھ و أداة‬ ‫الدولة في تنفيذ برامجھا السياسية )الفرعية على مستوى الوزارة( وتطبيق المضامين العملي ة لھ ذه الب رامج‪ ،‬فان ه لا‬ ‫يناله التغيير بتغير النخب السياسية‪ ،‬فھو باق و عليه‪ ،‬لا تج د ال دول حرج ا أو ت دنيا عل ى مس توى الأداء‪ ،‬ب ل وعل ى‬ ‫كافة المستويات التنفيذية‪ ،‬في حالة تغير حكوماتھا‪ ،‬ذلك ان الجھاز التنفي ذي )وھ و جھ از مھن ي فن ي متخص ص( لا‬ ‫يمسه التغيير حتى وان كان طفيف ا‪ .‬اذ ان ھ ذا الجھ از يبن ى عل ى أس اس المھني ة والتخص ص والمھ ارة والكفاي ة ف ي‬ ‫تنفيذ المھمات‪ ،‬فضلا عن النزاھة‪ .‬فھو يقوم على الجدارة والمقدرة وليس على أساس الاتج اه السياس ي والمحس وبية‬ ‫السياس ية‪ ،‬فھ و جھ از محاي د سياس يا )أي ف وق المي ول والاتجاھ ات(‪ ،‬اذ ل و بن ي ھ ذا الجھ از عل ى أس اس الاتج اه‬ ‫السياسي والمحسوبية السياسية لأصبح جھ ازا غي ر مس تقر‪ ،‬فھ و يتغي ر بتغي ر الحكوم ات‪ ،‬فاق دا لخصائص ه المھني ة‬ ‫منعدم الكفاية‪ ،‬ولاؤه للحاكم وليس للشعب‪.‬‬ ‫تأسيسا لا يجوز إخضاع ھذا الجھ از إل ى رغب ة السياس يين ف ي توزي ع الوظ ائف وإش غالھا‪ ،‬كم ا يج ب ان لا يخض ع‬ ‫للمحاصصة السياسية‪ ،‬وھنا يثار التساؤل‪ :‬ما ھي المحاصصة السياسية؟‬ ‫تنش أ المحاصص ة السياس ية عن دما لا تك ون ھن اك أغلبي ة برلماني ة ت تمكن م ن تش كيل حكوم ة‪ .‬فتث ار المحاصص ة‬ ‫السياسية باقتسام المناصب السياسية قسمة الغرماء‪ ،‬فكل تكون حصته موازية لنس بته البرلماني ة‪ .‬ويقص د بالمناص ب‬ ‫السياسية ھي الوزراء صعودا‪ ،‬ھذا جائز ولا غبار عليه طالما انه لا يؤثر في أداء الدول ة المھن ي بخاص ة ف ي حال ة‬ ‫وحدة مسار الأطراف السياسية )أي وجود برنامج سياسي متف ق علي ه ب ين الأط راف السياس ية ف ي البرلم ان( وع دم‬ ‫انجرارھا وراء تجاذبات مصلحية‪ .‬اما المناصب المؤسسية فھ ي خط وط حم راء يج ب ان لا يقت رب منھ ا‪ .‬فالجھ از‬ ‫الحكومي المؤسسي ھو جھاز مھني متخصص لا علاقة له بلون السياسة‪ ،‬اذ ھو يعمل بأقصى إمكاناته دونما تميي ز‬ ‫بين الأحزاب ايھا ھو الحاكم‪ .‬لذا فلا يجوز ان يخضع للمحاصصة السياسية وانما تبقى المحاصصة السياس ية‪ ،‬عل ى‬ ‫مستوى الوزراء‪ ،‬والمناصب السياسية وحسب‪.‬‬ ‫ھذا في الدول التي نظامھا ديمقراطي‪ ،‬اما في الدول التي تطغى فيھا الأحزاب الشمولية والتي تسعى إلى التغيير‬ ‫الشامل‪ ،‬الذي يستلزم إحداث تغيير شامل في الجھاز الحكومي بما يتلاءم مع متطلبات الحزب المسيطر على مقاليد‬ ‫الحكم‪ ،‬ذلك لكي يؤمن ويضمن تطبيق أفكاره وعقيدته تطبيقا تاما‪ ،‬لذلك يسعى الحزب إلى إسناد المناصب القيادية‬ ‫لإتباعه لسببين‪:‬‬

‫‪ ‬ضمان آمن لبقائه وسيطرته‪،‬‬ ‫‪ ‬ضمان تنفيذ أفكاره في إحداث التغيير الشامل‪.‬‬ ‫ان محاولة عكس ذلك على الس احة السياس ية العراقي ة يوض ح حج م وج ود التن اقض ال ذي تعيش ه‪ ،‬فم ن ناحي ة نظ ام‬ ‫الحكم فھو ديمقراطي يتم فيه تداول المس ؤولية س لميا ع ن طري ق الانتخ اب‪ ،‬وم ن ناحي ة أخ رى يلح ظ ط رح تعبي ر‬ ‫غي ر م ألوف ف ي ق واميس ومع اجم وموس وعات السياس ة ھ و المحاصص ة السياس ية‪ ،‬أي اقتس ام الوظ ائف القيادي ة‬ ‫والتنفيذية في جھاز الدولة وھو م ا يھ م البح ث‪ .‬فالمحاصص ة السياس ية عل ى مس توى المناص ب السياس ية يع د حال ة‬ ‫شرعية على وفق الس ياقات السياس ية المعروف ة‪ ،‬ام ا عل ى مس توى المناص ب القيادي ة ف ي الجھ از الحك ومي المھن ي‬ ‫فھي مسالة خطرة تدفع باتجاھين‪:‬‬ ‫‪ ‬تسييس جھاز الدولة وتكريسه اتجاه خدمة مصالح الجھة السياسية التي ينتمي إليھا م ن تس نم منص ب قي ادي‬ ‫في ھذا الجھاز‪ .‬اذ سيكرس جھده في تجميع الأعوان من الجھة السياسية الت ي يمثلھ ا ليق وي مرك زه ويحك م‬ ‫قبضته‪  ،‬‬ ‫‪ ‬إضعاف أداء جھاز الدولة‪ ،‬وھذه ھي نتيجة للمسالة الأولى‪ ،‬حيث س يتدنى الأداء بس بب انش غال الجھ از ف ي‬ ‫تنفي ذ مطال ب الجھ ة السياس ية الت ي ينتم ي إليھ ا المس ؤول الأعل ى‪ ،‬فض لا ع ن ض عف الأداء المھن ي لان‬ ‫الاختيار لم يخضع لمعايير الجدارة والكفاية والمھارة الأدائية والنزاھة‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يفرض نفس ه ھ و‪ :‬لم اذا المحاصص ة الوظيفي ة؟ ان اعتم اد مب دأ المحاصص ة السياس ية ف ي المناص ب‬ ‫السيادية )العليا والخاصة( في الجھاز التنفيذي يؤدي إلى‪:‬‬ ‫‪ ‬جھاز معتل بسبب اختلال أسس بنائه البعيدة عن الكفاية والجدارة والنزاھة واللاتبعية السياسية‪.‬‬ ‫‪ ‬جھاز غير مستقر اذ سيتبدل كلما تغيرت الموازنة السياسية‪.‬‬ ‫وھنا لا بد من الإشارة إلى ان الفساد يولد فسادا‪ ،‬فالفساد حلقة مفرغة تستمر بالدوران‪ ،‬ولعل السبب ف ي ذل ك يرج ع‬ ‫إلى ان من يعملون في السياس ة ھ م ح ديثو عھ د بھ ا‪ ،‬أو ربم ا لا ي دركون م ن السياس ة س وى الس يطرة عل ى مف اتيح‬ ‫الإدارة‪ ،‬متغاضين أو متناسين عن ان م ن يرم ي إل ى النج اح والاس تمرار علي ه ان يبن ي جھ ازا تنفي ذيا كف وءا أداؤه‬ ‫تؤطره الشفافية‪ ،‬وتسوده النزاھة وتحكم شغله الكفاية والجدارة‪.‬‬ ‫لأجل ذلك لابد من التنبيه إلى ان أي سياسي سواء أكان فردا ام حزب ا أو كتل ة ف ان مس عاه لا ش ك ھ و الص الح الع ام‬ ‫والمصلحة الوطنية‪ ،‬وانه عندما يبغي السيطرة على الجھاز التنفيذي فھو لضمان ذلك وصيانته‪ ،‬ولكن جھ ده بحس ب‬ ‫اجتھاده وإدراكه‪.‬‬ ‫تأسيسا‪ ،‬يجب أن يتنبه حملة المسؤولية إلى ان الجھاز التنفيذي ھو أداتھ م )أداة الدول ة( ف ي تنفي ذ البرن امج السياس ي‬ ‫وتحقيق الأھداف المعلنة في الانتخابات‪ ،‬فنجاحھم مقرون بدرجة ومستوى كفاية الجھاز الأدائية‪ ،‬فكلم ا حس ن البن اء‬ ‫ارتقت درجة الكفاية وارتقى مستواھا‪ .‬وھذا يفرض الفصل بين الجھاز التنفيذي والبرلمان والحكومة‪ .‬فھذه تخض ع‬ ‫للمحاصصة السياسية بحس ب م ا أفرزت ه نت ائج الانتخاب ات‪ .‬ام ا الجھ از التنفي ذي فخ ط احم ر‪ ،‬اقت راب السياس ة من ه‬ ‫يسبب انحرافه عن المسار العام‪ ،‬فولاؤه للعراق ولا غير‪.‬‬ ‫وللحف اظ عل ى الجھ از التنفي ذي الحك ومي )المؤسس ي( لا ب د م ن تف ويض ص لاحيات الاختي ار والتعي ين إل ى جھ از‬ ‫محاي د إل ى أقص ى ح د )أي تقل يص ھ امش المحس وبية والمنس وبية(‪ .‬وان لا يخض ع لإرادة السياس يين‪ ،‬مث ل مجل س‬ ‫الخدمة العامة أو ھيئة الخدمة العامة أو ديوان الموظفين‪ ...،‬ايا كانت المسميات‪ ،‬فان دورھا واحد‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الفساد القانوني‬ ‫ُتسن القوانين لحماية حقوق الناس واستقامة مسار المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعي ة‪ ،‬ل ذا فھ ي حال ة مثالي ة‪ ،‬تحك م‬ ‫التص رفات وتوجھھ ا‪ .‬غي ر ان المتتب ع للح ال الت ي عليھ ا بع ض الق وانين تج دھا تمث ل معالج ات خاص ة وليس ت‬ ‫معالجات للحاجات العامة للمجتمع أو تقوم على أساس سياسي‪ ،‬أو‪ ...‬وھنا يتجلى بوضوح دور الفس اد السياس ي ف ي‬ ‫التأثير في مجمل العملية التشريعية وتسخيرھا لخدمة البعض‪.‬‬ ‫وفي الآتي بيان ذلك‪:‬‬ ‫‪ .١‬عشوائية في التشريع‪  :‬‬ ‫يس تلزم استص دار التش ريعات ان تك ون مج ردة ومحكم ة الص ياغة موض وعية تع الج مس ائل اجتماعي ة عام ة‪ .‬مم ا‬ ‫يف رض ان تع د م ن قب ل جھ ات ذات تخص ص ع ال‪ ،‬مؤلف ة مم ن ش ھد لھ م ب التميز عب ر مس يرتھم التخصص ية‬ ‫والمھنية‪ ،‬لھم إحاطة تامة بالأمور الفنية وما يخص مجال الق انون‪ ،‬كم ا يفت رض ان يك ون التش ريع جامع ا مانع ا لا‬ ‫يقب ل التأوي ل والتفس ير‪ ،‬زي ادة عل ى ذل ك تحقي ق العدال ة الاجتماعي ة‪ .‬فعل ى س بيل الإش ارة‪ :‬ص در ق انون روات ب‬ ‫الموظفين رق م ‪ ٢٢‬لس نة ‪ ٢٠٠٨‬ال ذي قس م الرات ب الش ھري إل ى أج زاء تتك ون م ن الرات ب الأس اس ومخصص ات‬ ‫الشھادة‪ ،‬ومن المسلم به علميا وموضوعيا ان الراتب يتح دد عل ى أس اس الوظيف ة ومس توى أدائھ ا الن وعي والكم ي‬ ‫ودرجة المھارة والكفاية فضلا عن الظروف التي تؤدي بھا والمخاطر التي تنشأ عن مزاولتھ ا‪ ،‬ولا علاق ة للش ھادة‬ ‫ب الأجر لكنھ ا تع د م ن مس تلزمات ش غل الوظيف ة وھ ي بالت الي خصيص ة م ن خص ائص ش اغل الوظيف ة‪ ،‬لاب د م ن‬ ‫توافرھا فيه ليشغلھا‪ ،‬وھي تمثل الحد الأدنى فضلا عن المؤھلات الأخرى التي تتطلبھا الوظيفة‪ .‬وعليــه فأن تقسيم‬ ‫الراتب على وفق ھذه الصيغة لا يقره شرع ولا يرتض يه حك يم‪ ،‬وھ و مس ألة لاش ك تنط وي عل ى أم ر م ا!! فأس س‬ ‫تحديد الراتب ھ و الوظيف ة وم ا يتطلب ه أداؤھ ا م ن ق درات بدني ة وعقلي ة ومھاري ة وم ا يح يط بھ ا م ن ظ روف وم ا‬ ‫يعترض شاغلھا من مخاطر‪.‬‬ ‫كذلك فإن العدالة تقتضي بأن يكون للوظيفة اج ر واح د مھم ا كان ت م ؤھلات ش اغلھا‪ ،‬وھ ذا م ا ج رى علي ه ق انون‬ ‫الخدمة المدنية والملاك رقم )‪ (٢٤‬لسنة ‪ ١٩٦٠‬والتعديلات التي صدرت عليه‪.‬‬ ‫غير ان مراجعة الق انون ذا ال رقم )‪ (٢٢‬لس نة ‪ ،٢٠٠٨‬تظھ ر ان ه يمك ن ان يك ون للوظيف ة الواح دة أكث ر م ن اج ر‪.‬‬ ‫وتوضيحا لذلك يمكن إيراد المثال الافتراضي الآتي‪:‬‬ ‫فم ثلا ل و أخ دنا وظيف ة ف ي الدرج ة الخامس ة م ن الوظ ائف الت ي يج وز ش غلھا م ن قب ل حمل ة الش ھادة ‪ :‬الإعدادي ة‪،‬‬ ‫والدبلوم الفني‪ ،‬والبكالوريوس‪ ،‬والدبلوم العالي )أمده سنة( والماجستير وما يعادلھ ا‪ ،‬وال دكتوراه‪ ‬فأن ه يمك ن لح ظ‬ ‫تباين الراتب الشھري في حالة شغلھا من قبل أفراد كل منھم يحمل مؤھلا مختلفا وكما مبين في الجدول‪:‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-‬ملاحظة‪ :‬لم يشر القانون إلى عدم جواز ذلك‪ ،‬فبعض الوظائف من الدرجة الخامسة وحتى الثالثة يجوز شغلھا من قبل‬ ‫من يحمل ھذه المؤھلات‪.‬‬

‫الراتب الشھري بالف دينار‬ ‫المخصصات‬ ‫الراتــب الأساس‬ ‫مؤھل شاغل الوظيفة‬ ‫‪١‬‬ ‫‪٥٤٥٫٠٠٠‬‬ ‫‪%٢٥‬‬ ‫‪٤٣٦٠٠٠‬‬ ‫إعدادية‬ ‫‪٢‬‬ ‫‪٥٨٨٫٦٠٠‬‬ ‫‪%٣٥‬‬ ‫=‬ ‫‪٣‬‬ ‫‪٦٣٢٫٢٠٠‬‬ ‫‪%٤٥‬‬ ‫=‬ ‫دبلوم )معھد فني‪ ،‬او(‬ ‫‪٤‬‬ ‫‪٦٧٥٫٨٠٠‬‬ ‫‪%٥٥‬‬ ‫=‬ ‫بكالوريـــــوس‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪٧٦٣٫٠٠٠‬‬ ‫‪%٧٥‬‬ ‫=‬ ‫‪٦‬‬ ‫‪٨٧٢٫٠٠٠‬‬ ‫=‬ ‫دبلوم عالي )سنة بعد البكالوريوس(‬ ‫‪%١٠٠‬‬ ‫ماجستير )او ما يعادلھا(‬ ‫دكتــــــــــــوراه‬ ‫ان ھذا لأمر عجاب‪ .‬فھو يؤشر مخالفة لكل نواميس الكون الت ي ت رفض ذل ك رفض ا قاطع اً والمنط ق الس ليم‪ .‬اذ ل و‬ ‫أراد المشرع ان يميز بين مستويات الشھادة لعالج الموضوع بطريقة سليمة‪ ،‬فمثلا يح دد درج ات معين ة لحمل ة ك ل‬ ‫مستوى من التأھيل فيحدد الوظائف والدرجات ومستويات تأھيل شاغليھا أو يحدد وظ ائف معين ة لم ؤھلات معين ة‪،‬‬ ‫كذلك يضع حدودا لكل وظيفة لا يجوز ان تتجاوزھا مھما كان مستواھا الأدائي‪.‬‬ ‫فضلا عن ذلك تحدد وظائف لكل شھادة ولا يجوز ان تشغل بشھادة أدن ى‪ .‬ان ف ي ذل ك تمي زا للوظ ائف وعدال ة لا‬ ‫يعترض عليھا معترض‪.‬‬ ‫اما تجزئة الراتب إلى ج زء أس اس ثاب ت وج زء يتغي ر بحس ب الش ھادة ف ذلك أم ر غي ر ج ائز‪ ،‬الأم ر ال ذي يف رض‬ ‫إع ادة النظ ر ف ي ذل ك‪ ،‬وإس ناده إل ى لج ان متخصص ة م ن ذوي الق درات والكفاي ات‪ .‬ان ھ ذا مؤش ر عل ى ض عف‬ ‫الأجھزة القانونية التي عرض عليھا القانون وراجعته والتي أعدت ه والت ي راجعت ه وع دم إحاطتھ ا بالأس س الس ليمة‬ ‫والموضوعية لذلك‪.‬‬ ‫زيادة على ذل ك ل م يش فع ق انون الروات ب بج دول يتض من الوظ ائف وت درجاتھا )مس توياتھا( وأوص افھا ونس بة ك ل‬ ‫درجة في ملاك المؤسسة‪ ،‬ومواصفات من يشغلھا‪.‬‬ ‫لقد ترك ھذا الأمر إلى كل دائرة تغير في الوظائف كيف تشاء ولمن تشاء لا تحدھا الا المسائل الشكلية وھ ذا يفس ر‬ ‫جھلاً بالعمل وعدم التزام بالأسس والقواعد السليمة والموضوعية لأن المناصب أضحت يشرف بھ ا م ن ل يس أھ لا‬ ‫لھا‪.‬‬ ‫تلخيص ا تض من الق انون معالج ات تنط وي عل ى مغالط ات كب رى ف لا يوج د ق انون عل ى الأرض يعتم د الم ؤھلات‬ ‫أساساً للأجر وانما أساساً لشغل الوظائف‪ ،‬ولكن كل قوانين الكون المعروفة التي تھتم بالخدمة تعتمد الوظيفة أساساً‬ ‫للأجر وقديما قيل الأجر على قدر المشقة )الجھد(‪..‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-‬يقصد بالمستوى الأدائي التدرج الأدائي لمھنة محددة والذي بتكامله يكتمل أداء المھن ة وھ ذه المس تويات ت ؤدي م ن خ لال‬ ‫تدرج يسند لكل مستوى منه مھمات تتناسب وقدرته وخبراته‪ .‬مثلا كات ب ‪ ،‬م‪ .‬ملاح ظ ‪ ،‬ملاح ظ ‪ ....،‬فك ل وظيف ة م ن ھ ذه‬ ‫الوظائف تعكس مستوى ادائياً محدداً للمھنة التي تنتمي اليھا ‪.‬‬

‫وھنا لابد م ن الإيض اح‪ ،‬ب أن أس س تحدي د الأج ور والروات ب ف ي الع الم تق وم عل ى احـ ـد أساس ين ‪\" :‬موض وعي\"‬ ‫والذي يستند إلى الوظيفة أساسا لتحديد مقدار الأجر والآخر \"شخصي\" والذي يعتم د م ؤھلات الف رد أساس ا لتحدي د‬ ‫الأجر‪ .‬وان اعتماد اي من الأساسين في تحديد الأجر صحيح لأن النتيجة يج ب ان تك ون واح دة‪ ،‬اذ يج ب مطابق ة‬ ‫مواصفات الفرد والذي يترتب عليھا اجر محدد بحسب \" الأساس الشخصي\" والمواصفات المح ددة لش غل الوظيف ة‬ ‫والتي يترتب على شغلھا اجر محدد بحسب \" الأساس الموضوعي\"‪ ،‬بمعنى ان الأجر واحد‪ .‬غير ان الفھم الخ اطئ‬ ‫أو التطبيق الخاطئ )الفاسد( الذي يعكسه الواقع والتطبيق يظھ ر ان المس ؤول ق د غ ض الط رف ع ن المطابق ة ب ين‬ ‫مؤھلات الفرد وخصائص شاغل الوظيفة‪ ،‬الأمر الذي نشأ عنه تباين الأج ور ب ين ش اغلي الوظيف ة الواح دة بحس ب‬ ‫تب اين م ؤھلاتھم‪ .‬ان إمع ان النظ ر ف ي الق وانين الخاص ة بالروات ب والت ي أعقب ت ص دور الق انون الم ذكور يظھ ر‬ ‫المعالجات المرتجلة والتي تنطوي على جوانب سياسية‪ ،‬وتظھر خللا في التشريع‪ ،‬اذ يلحظ‪:‬‬ ‫مساواة حملة الشھادات بالراتب دون النظر إل ى الوظ ائف الت ي يمارس ونھا وطبيعتھ ا‪ .‬لق د اعتم د المش رع ف ي ذل ك‬ ‫الفرد ومؤھلاته أساساً لتحديد الراتب الذي يستحقه‪ ،‬ولا علاقة لوظيفته ومستواھا الأدائي في ذلك‪ .‬وھذا يؤشر‪  :‬‬ ‫إنتاجية أدنى للأجور ‪ ‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ارتفاع كلف غير مبرر ناجم عن ارتفاع الأجور ‪ ‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫محاولة الكسب السياسي‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫عدم إلمام الجھات المسؤولة عن التشريع وأصوله ومتطلباته‪ ،‬لا بل جھلھا بذلك ‪ ‬‬ ‫استمرار النھج الذي كان سائداً قبل ‪ ٢٠٠٣/٤/٩‬وعده قاعدة أصولية‪  .‬‬ ‫لقد ترتب على ذلك تب اين الرات ب المح دد للوظيف ة الواح دة )م درس ف ي التربي ة أو أي موظ ف ف ي أي دائ رة يحم ل‬ ‫مؤھلاً عالياً ( م ع تدريس ه يعم ل ف ي الجامع ة‪ .‬ك ذلك يترت ب علي ه وكم ا أش ير فيم ا تق دم ان يك ون للوظيف ة الواح دة‬ ‫راتبان‪ ‬وھذا يتنافى مع مبدأ الأجر الواحد للوظيفة أي ان لا يكون للوظيف ة الواح دة أج ران بس بب اخ تلاف الش ھادة‬ ‫وھذه مسألة غير سليمة فالفرد مھما كانت مؤھلاته قد شغل ھذه الوظيفة مع علمه بمرتبھا‪.‬‬ ‫ان ھذه الحالة سوف تؤدي إلى‪:‬‬ ‫إھدار في المال العام‬ ‫‪-‬‬ ‫خلق حالة من التذمر والشعور بالإحباط لدى شاغلي الوظيفة بمؤھل أدنى ‪ ‬‬ ‫‪-‬‬ ‫عدم ملاءمة ھياكل الوظائف في المؤسسات للوظائف الت ي يتطلبھ ا العم ل‪ ،‬فض لا ع ن ع دم وج ود‬ ‫‪-‬‬ ‫ضوابط تحدد ذلك‪ ،‬كذلك غياب المتابعة والمساءلة‪ ،‬وان وجدت فالمسؤولون عنھا أش د أمي ة وأكث ر‬ ‫جھلا ‪ ‬‬ ‫وھن ا لاب د م ن الق ول ب أن الق وانين بعام ة لا تس ن أو تص در لمعالج ة ح الات فردي ة وانم ا يج ب ان تص در لمعالج ة‬ ‫الحالات العامة‪ .‬وان وجدت حالات اس تثنائية فتع الج بمعالج ات خاص ة تنتھ ي بانتھ اء ھ ذه الح الات‪ ،‬وان لا تترت ب‬ ‫عليھا مخالفات لا يوافقھا قانون ولا يقرھا عرف ويرفضھا منطق سليم‪.‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪ - ‬ان مدرسا في وزارة التربية يحمل مؤھلا جامعياً اولياً يتباين راتبه مع راتب مدرس آخر فيھا يحمل مؤھلا جامعيا‬ ‫عالياً )ماجستير فأعلى(‪.‬‬

‫‪-٢‬القفز على القوانين والتعليمات‬ ‫تصدر القوانين والأنظمة والتعليمات لتنظم مسار المجتم ع وتحم ي الحق وق‪ ،‬اذ ان أي خ رق أو تج اوز لھ ا أو القف ز‬ ‫عليھا تترتب عليه اضرارا وكوارث اجتماعية قد لا تظھر آثارھا آنياً ولكن قد تخلق حالات تستمر ردح ا زمني ا ق د‬ ‫يط ول أحيان ا وق د لا ي زول نھائي ا‪ .‬ك ذلك لا يج وز للمس ؤول التنفي ذي ان يجع ل م ن نفس ه طبيب اً يع الج مش كلات‬ ‫المجتمع لأنه مسئول عن أداء دور معين يحدده البرنامج الذي التزمت به الحكومة‪ ،‬فالح الات الخاص ة والاس تثنائية‬ ‫يجب طرحھا على وكلاء المجتمع )ممثليه في البرلمان( وھم من يق رر ذل ك‪ ،‬لأن اث ر ك ل ق رار ھ و أث ر اجتم اعي‬ ‫وليس اثراً فردياً‪ .‬كما انه لا يلزم الجھاز الحكومي بتنفيذ كل أوامر وطلب ات المس ؤول‪ ،‬فح دود المس ئول وس ماحاته‬ ‫التصرفية حددھا القانون ووضحتھا التعليمات )صلاحياته( اذ ان صلاحية تع ديل التعليم ات أو القف ز عليھ ا منوط ة‬ ‫بجھة التشريع والإصدار‪ ،‬وان أي تعديل أو تغيي ر أو إلغ اء يج ب ان يع رض عل ى جھ ة التش ريع لإق راره‪ ،‬ث م بع د‬ ‫ذلك يصبح نافذا اما الاستجابة السلبية لكل ما يصدر عن المسؤول الأعلى وتنفيذه‪ ،‬فھ ذا أم ر لا يتماش ى م ع مب ادئ‬ ‫الديمقراطي ة‪ ،‬وھ ذا يعك س جھ لا بالص لاحيات أو اس تخفافا بھ ا‪ .‬فمس ؤولية الجھ از التنفي ذي ھ ي بح دود برن امج‬ ‫الحكومة الذي التزم بتنفيذه فلا يباح للمسؤول خرق التعليمات أو تعديلھا لمعالجة حالات استثنائية لكن ثقافة التغيي ر‬ ‫من قبل المسؤول والتصرفات غير المس ؤولة الت ي تص در م ن ال رئيس الأعل ى والت ي اعت اد عليھ ا جھ از الحكوم ة‬ ‫فرضت عليه الاستجابة التلقائية للتنفيذ بغض النظر عما تنطوي عليه من مخالفة قانونية‪ .‬ان ھذا الأمر يؤشر جھلاً‬ ‫بالمسؤولية وبحدود التصرفات زيادة على ذلك ض عف الرقاب ة البرلماني ة عل ى أداء الدول ة‪ ،‬أو ع دم ق درة البرلم ان‬ ‫على ذلك فضلا عن تغاضيه عنھم لأن ذلك يمثل مصلحة الأعضاء أو مصلحة حاشيتھم‪.‬‬ ‫ومن يراجع الأوامر والقرارات التي صدرت عن المسؤولين يجد انھا في كثير من الأحيان تشكل قفزاً فوق القوانين‬ ‫والأنظمة والتعليمات‪.‬‬ ‫‪-٣‬تقاطع القوانيـــن‬ ‫لقد نشأ عن الظاھرتين التي ناقشتھا الفقرت ان الس الفتان‪ :‬ص دور تش ريعات تتن اقض ومنط ق الق انون ال ذي يج ب ان‬ ‫يجس د العدال ة ويحميھ ا‪ .‬ف لا يج وز س ن الق وانين وتش ريعھا لمعالج ات فردي ة أو خاص ة‪ .‬كم ا لا يج وز س ن ق وانين‬ ‫يتقاطع بعضھا مع بعضھا‪ ،‬كما لا يصح إصدار قانون يشكل قفزاً على المنط ق والق انون‪ ،‬زي ادة عل ى ذل ك لا يقب ل‬ ‫المنطق ان تع الج الق وانين ح الات مح دودة تح دث اض راراً غي ر مح دودة الأث ر‪ ،‬فالاس تثناءات تع الج بالاس تثناءات‬ ‫المشروطة‪ .‬كما انه لا يمكن للمعالجة الاستثنائية ان تستمر اذ يجب ان ت زول ب زوال الأس باب‪ ،‬لا ان تش كل ذريع ة‬ ‫يستفيد منھا المبطلون‪.‬‬ ‫فمثلا قانون إعادة المفصولين السياسيين‪ ،‬واحتساب مدة الفص ل السياس ي خدم ة لإغ راض ني ل الاس تحقاقات‪ ،‬وھن ا‬ ‫يفت رض الانتب اه إل ى ان الوظيف ة اس تحقاق للق درات )ق درات فني ه‪ ،‬مھني ة‪ ،‬خب رة‪ ،‬كفاي ة‪ ،‬ج دارة‪ (...‬نع م ان ھ ذا‬ ‫التش ريع رائ ع ج دا لأن ه ينط وي عل ى الإنص اف والع دل – نح ن لا نن اقش الأس باب ولكنن ا نن اقش م ا يترت ب عل ى‬ ‫التشريع – لقد اظھر التطبي ق المي داني وال ذي اعتم د ال زمن أساس اً لاحتس اب الاس تحقاق ال وظيفي وض ع المع ادين‬ ‫للخدمة ف ي وظ ائف بمس توى الوظ ائف الت ي يحتلھ ا اق رانھم م ن المس تمرين ف ي الخدم ة‪ ،‬وھ ذا أم ر لا يقبل ه العق ل‬

‫ويرفضه الواقع فالوظيف ة خب رة وممارس ة مھني ة واس تحقاق للق درة لا لم دة الخدم ة‪ ،‬وھن ا لاب د م ن الانتب اه إل ى ان‬ ‫المشرع أراد إعطاء ھؤلاء حقوقھم المالية وليس استحقاقھم الوظيفي فيما لو ك انوا مس تمرين ف ي الخدم ة‪ ،‬لق د نج م‬ ‫ذلك عن سوء تفسير أو تقدير من طبق القانون ونفذه بحسب فھمه وتقديره‪ .‬ان إصدار مثل ھكذا تشريع كان يفضل‬ ‫ان تستحدث لھم دوائ ر معين ة لا يمارس ون فيھ ا اي عم ل أو ان يس ند لھ م أعم ال تتناس ب وق دراتھم‪ ،‬ولك ن لين الوا‬ ‫استحقاقاتھم المالية‪ ،‬فھم وليدو ظ رف اس تثنائي‪ .‬ل ذلك رأى المش رع تعويض ھم‪ ،‬ول م ي رد ان يك ون تعويض ھم عل ى‬ ‫حساب العمل‪.‬‬ ‫وف ي الس ياق ذات ه ف إن الوظيف ة اس تحقاق‪ ،‬والوظيف ة تب دأ م ن أدن ى س لم الوظ ائف حت ى ال درجات الخاص ة‪ ،‬فھ ي‬ ‫وظائف تشكل خط السير الوظيفي يتدرج فيه الموظف بحسب استحقاق قدراته المھنية والمھارة والكفاية والخب رة )‬ ‫المدة الزمنية(‪ ،‬وھنا يلحظ بأن المشرع قد حدد الخبرة اللازمة لشغل كل وظيفة بالحد الأدنى الذي يجب ان يقض يه‬ ‫الف رد ف ي الوظيف ة الت ي ف ي الدرج ة الت ي قبلھ ا ف ي س لم الوظ ائف‪ ،‬ليك ون م ؤھلا لنيلھ ا‪ .‬وعلي ه لا يج وز ان يقف ز‬ ‫الموظف قفزاً صاروخياً ليصعد درجات السلم الوظيفي إل ى أعل ى درجات ه )م دير ع ام‪ ،‬وكي ل وزارة‪ ،‬مستش ار‪(...‬‬ ‫دونما ان يمر على السلم الوظيفي ويقضي المدد المحددة لكل درج ة ليرق ى إل ى الدرج ة الت ي تليھ ا لأن ك ل وظيف ة‬ ‫تطلب قدرات محددة‪ .‬فالجھاز الوظيفي أساسه المھنية‪ ،‬فالقدرة والمھ ارة تع دان ش رطاً جوھري اً ف ي تنفي ذ المھم ات‬ ‫المسندة إليه‪ .‬لذا فھو يقوم على أساس الجدارة والمقدرة وليس على أس اس الاتج اه السياس ي والمحس وبية السياس ية‪،‬‬ ‫ولا رغبات المسؤول الأعلى وأھوائه‪.‬‬ ‫لقد شكل التعيين غير المستند إل ى الاش تراطات الموض وعية إح دى معض لات الجھ از الحك ومي‪ ،‬ولع ل ف ي مقدم ة‬ ‫ذل ك ع دم مراع اة الش روط الموض وعية ف ي إس ناد المناص ب القيادي ة )م دير ع ام ف أعلى(‪ ،‬اذ نظ ر إل ى المناص ب‬ ‫القيادي ة عل ى انھ ا مناص ب سياس ية – أي لا اعتب ار للخب رة )م دة الخدم ة( والج دارة – فج رى التعي ين ف ي ھ ذه‬ ‫المناص ب م ن م دة خدمت ه لا تتج اوز الس نة والس نتين‪ ،‬أو‪ ...‬أو ان يع ين مباش رة ف ي درج ة وظيفي ة م ن ال درجات‬ ‫الخاصة أو العليا في سلم الوظائف ) قد س مي ب ذلك لك ون الموظ ف يص عد في ه درج ة فدرج ة(‪ .‬ف ي حيـ ـن ان ھ ذه‬ ‫الوظائف من ضمن ملاك الدولـة‪ ،‬وان قانون الخدمة المدنية يح دد ش روط التعي ين فيھ ا أو إش غالھا‪ ،‬اذ لاب د م ن ان‬ ‫يسلك الموظف سلم الوظائف من أول درجة وظيفية يستحقھا بموجب مؤھلاته‪ ،‬وكذلك يحدد شروط الترقي ة وان لا‬ ‫يجوز ان يتجاوزھا أي موظف مھما كانت الأسباب‪ ،‬عدا الأسباب المؤھلاتية‪.‬‬ ‫ان مراجعة القوانين والتطبيقات تظھر عجباً‪ :‬فنج د تش ريعات تص در لتبري ر تص رف وظيف ي مع ين‪ ،‬ك ذلك تص اغ‬ ‫القوانين لتكون ص ورة ع ن واق ع فرض ته ظ روف معين ة )أي ب دلا م ن ان يك ون التش ريع مثالي اً‪ ،‬أض حى يس تجيب‬ ‫للواقع مھما كان ليجعله وجوداً شرعياً(‪ .‬فبمراجع ة ق وانين ال وزارات يلح ظ فيھ ا ان أوص اف م ن يش غل المناص ب‬ ‫من درجة وكيل فنزولاً إلى المديرين العامين أوصافا خاصة‪ ،‬ولا يجد ذكرا للدرج ة الوظيفي ة الت ي يج ب ان يك ون‬ ‫عليھا من يرشح لھ ذه الوظ ائف‪ .‬دلال ة ذل ك عن د مراجع ة ق انون مجل س الخدم ة الاتحادي ة يلح ظ ان ه ح دد أوص اف‬ ‫المرش حين بم دة خدم ة تتناس ب بحس ب م ؤھلات المرش ح )‪ (١٥ -١٠‬س نوات فق ط أي م ابين حمل ة ش ھادة‬ ‫البكالوريوس وحتى الدكتوراه‪ ،‬في حين ان الجدول الملحق بالقانون رقم )‪ (٢٢‬لس نة ‪ ٢٠٠٨‬يب ين ان اس تحقاق ھ ذه‬ ‫الوظيفة ھو مابين )‪ (٢٨ -٢٠‬سنة خدمة فعلية لحملة ھذه الم ؤھلات‪ ،‬ول و ان ك رجع ت إل ى ق انون مجل س الخدم ة‬ ‫القديم )قانون ‪ ٢٤‬لسنة ‪ (١٩٦٠‬تجد انه قد حدد ضمن شروط التعيين ان لا تقل مدة خدمة المرش ح ع ن )‪ (٥‬خم س‬

‫سنوات وان يك ون موظف ا م ن درج ة لا تق ل ع ن الدرج ة الثاني ة م ن درج ات الخدم ة والم لاك‪ ‬وھ ذا ينطب ق عل ى‬ ‫معظم من عين بعد ‪ ٢٠٠٣/٤/٩‬بوظيفة مدير عام‪ ،‬مستشار‪ ،‬وكيل وزارة‪ ،‬ومن بدرجتھم‬ ‫لق د أدى ھ ذا إل ى ت دني الق درات الأدائي ة للجھ از الحك ومي لكون ه جھ ازاً متخصص اً ف ي اداء مھم ات معين ة‪ ،‬وھ ذا‬ ‫الجھ از يب دأ بوظيف ة وكي ل وزارة فن زولاً‪ ،‬مم ا يف رض ان تك ون ھ ذه الوظ ائف تخصص ية ل ذلك فأنھ ا تق وم عل ى‬ ‫أساس مقدرة الشخص الأدائية ف ي اتج اه تنفي ذ مھمات ه وجدارت ه القائم ة عل ى الإلم ام الت ام بك ل م ا يتطلب ه أداء تل ك‬ ‫الوظيفة‪.‬‬ ‫لق د انعكس ت س لبيات ت دخل ت أثيرات السياس ة ف ي الجھ از الحك ومي وتحدي دا مس ألة المحاصص ة السياس ية ف ي‬ ‫التوظي ف ف ي ال درجات الخاص ة‪ ،‬وت دخل ال وزارة بال ذات ف ي الش أن الفن ي لل وزارة‪ ،‬ف ي قاع دة مقلوب ة فأص بحت‬ ‫القاعدة أقدر من القمة فبدلا من ان يأتي التوجيه المھني من الأعلى أصبح يص عد م ن الأس فل فقوي ت القاع دة بكاف ة‬ ‫سلبياتھا القدراتية والمعرفي ة عل ى القم ة فأنقل ب ب ذلك ھ رم القي ادة فأض حت القاع دة ھ ي القائ دة‪ ،‬فھ ي تمل ي ص يغة‬ ‫القرار‪.‬‬ ‫ان ش روط ش غل الوظيف ة يج ب ان تك ون كامل ة ولا يج وز تجزيئھ ا لتبري ر التعي ين ف ي الوظ ائف المتقدم ة‪ .‬فم ثلا‬ ‫اعتم اد ش رط الش ھادة وحس ب يع د الش رط الوحي د للتعي ين ف ي منص ب م ا أو أي ش رط مج زإ م ن ش روط ش غل‬ ‫الوظيفة‪ .‬ان ھذه مسألة خطرة لأن أثرھا ينعكس تدھوراً في الأداء وھذا يدفع ثمنه الجميع وقد تستمر آثاره عقوداً‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الفساد الإداري‬ ‫يعد الجھاز الإداري )الأدائي( للحكومة جھازاً مستقلاً محايداً‪ ،‬لا علاقة له بالحاكم وھويته السياسية‪ ،‬فھ و يعم ل كم ا‬ ‫تعمل خلايا النحل بانعزال تام عن مالكھا‪ ،‬كذا يكون عمل الجھاز التنفيذي الحك ومي فھ و جھ از متخص ص لا ص لة‬ ‫له بالسياسة الا بتنفيذ البرنامج السياسي للحكومة‪.‬‬ ‫وعليه فأن مناقشة البحث للجھاز الإداري تقوم على الافتراضات الآتية ‪:‬‬ ‫الأول‪ -‬ان نظام الحكم ديمقراطي‪ ،‬فھو بالتالي يلزم بتداول المسؤولية سلمياً‪.‬‬ ‫الثاني– ان للحكومة برنامجاً سياسياً تلتزم بتنفيذه لأنه السبب المباشر في توليھا المسؤولية‪.‬‬ ‫الثالث– استقلالية الجھاز الإداري )التنفيذي( عن الحكومة استقلالا تاماً‪.‬‬ ‫تأسيساً فأن تقويم ما جرى في العراق بعد ‪ ٢٠٠٣/٤/٩‬ھو أن جھاز الدولة قد انھار تماما – وان ھو أصلا ل م يك ن‬ ‫ھو أصلاً جھازا معافاً‪ -‬الأمر الذي يفرض على الدولة لتوكيد جديتھا وصدقھا ان تقوم واقع الجھ از الإداري وتعي د‬ ‫بناءه على أسس ومعايير سليمة وأن تأخذ الأشياء بمضامينھا الحقيقية‪ ،‬لا بمس مياتھا الظ اھرة الت ي لا تعك س حقيق ة‬ ‫الجھاز‪ ،‬فجھاز الدولة جھاز مشلول تماماً دونما استثناء اذ أصبح يستند إلى المسمى دون المحتوى‪.‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪ -‬راجع قانون الخدمة المدنية )‪ (٢٤‬لسنة ‪ ١٩٦٠‬المعدل والقانون )‪ (٤‬لسنة ‪ ٢٠٠٩‬قانون مجلس الخدمة الاتحادي‬

‫ولضمان سلامة الجھاز التنفي ذي والمحافظ ة عل ى مس تواه الأدائ ي وتط ويره‪ ،‬يج ب إيك ال أم ره إل ى جھ ة مركزي ة‬ ‫مستقلة ترتبط بأعلى سلطة‪ ،‬تتولى مھمات تحديد ھيكل الدولة )الھيكل التنظيمي( وھيكل الوظائف )الملاك( وھيكل‬ ‫القوى العاملة‪ ،‬فضلا ع ن التعي ين والترقي ة‪ .‬فجھ از الدول ة جھ از مھن ي متخص ص‪ ،‬ولا علاق ة ل ه بالسياس ة‪ ،‬فھ و‬ ‫يعمل بأقصى إمكاناته دونما تمييز أو تحيز للحزب الذي يتولى المسؤولية‪ ،‬فالتعامل م ن الحكوم ة يك ون م ن خ لال‬ ‫البرنامج السياسي ولما كانت ھذه الأحزاب غير مستقرة ف ي المس ؤولية ف أن ذل ك يوج ب ع دم خض وع ھ ذا الجھ از‬ ‫لإرادة الحزب الحاكم‪ ،‬لأن ذلك سيجعل منه جھازاً غير مستقر‪.‬‬ ‫ان مثل ھكذا ثقافة تع د غي ر مألوف ة لم ن ي دعي ان ه يعم ل بالسياس ة أو م ن يمارس ھا‪ ،‬فھ و لا يح س بوج وده الا م ن‬ ‫خلال إح داث تغيي رات ف ي جھ از الدول ة ال ذي ھ و مس ؤول في ه‪ .‬لق د نش أت ثقاف ة الع املين ف ي السياس ة ف ي ظ ل م ا‬ ‫اعتادت عليه الأحزاب الشمولية من إحداث تغييرات في جھاز الدولة بخاصة في المراكز والمناصب القيادية ليؤمن‬ ‫ويضمن تطبيق أفكاره وما يتبن اه بش كل ت ام‪ ،‬ل ذلك تج ده يس ند ھ ذه المناص ب لإتباع ه ض مانا لأمان ة تنفي ذ برامج ه‪،‬‬ ‫ولإحكام سيطرته بشكل تام على جميع مفاصل ھذا الجھاز‪.‬‬ ‫ان عكس ذلك على الساحة السياسية العراقية‪ ،‬يظھر بأنھا قد عاشت حال ة تن اقض‪ ،‬فنظ ام الحك م ديمقراط ي ي تم في ه‬ ‫ت داول المس ؤولية س لمياً ع ن طري ق الانتخ اب‪ .‬وم ن ناحي ة أخ رى تج د ھ ذه الس احة تع ج بتع ابير غي ر مألوف ة ف ي‬ ‫قواميس ومعاجم السياسة‪ ،‬ولعل من أھم ھذه التعابير وابرزھا واكثرھا غرابة ھو تعبي ر المحاصص ة السياس ية‪ ،‬ف ي‬ ‫توزيع المناصب القيادية والدرجات الخاصة في جھاز الدولة والتي ھي استحقاق للموظ ف ال ذي اظھ ر تمي زا عالي اً‬ ‫ومستوى كفاية راقياً مع جدارته ونزاھته‪ .‬وھذا ما يھم البح ث ف ي ھ ذه الفق رة فالمحاصص ة السياس ية عل ى مس توى‬ ‫المناصب السياسية تمثل حالة مشروعة في السياق السياسي أي على المناص ب السياس ية‪ ،‬ام ا عل ى مس توى الجھ از‬ ‫الحكومي فھي مسألة خطرة تدفع باتجاه)‪:(١٦‬‬ ‫تسييس جھاز الدولة ‪ :‬وھذا ما ينجم عنه خدمة مصالح الجھ ة السياس ية الت ي ينتم ي إليھ ا م ن تس نم‬ ‫‪-‬‬ ‫منصب قيادي في الجھاز‪ ،‬اذ سيكرس جھده في تجميع الأعوان والمساندين من مرجعيته السياسية‪،‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫تقوية لدوره في الوزارة أو تنفيذاً لخطه يتبناھا حزبه‪.‬‬ ‫ض عف أداء جھ از الدول ة ‪ :‬وھ ي نتيج ة للمس ألة الس ابقة حي ث س يتدنى الأداء بس بب ض عف وع دم‬ ‫كفاية شاغلي ھذه المناصب‪ ،‬وكذلك بسبب انشغال الجھاز في تنفيذ مطال ب كتلت ه أو حزب ه‪ ،‬زي ادة‬ ‫على ذلك ان الاختيار لھذه المناصب لا يخضع لمعايير الجدارة والكفاية الأدائية والنزاھة‪  .‬‬ ‫ع دم اس تقرار الجھ از الاداري اذ س يناله التغيي ر كلم ا تغي ر الح زب الح اكم ف ي ال دورة الانتخابي ة‬ ‫التالية ‪ ،‬وھكذا يستمر التغيير بعد كل دورة انتخابية‪  .‬‬ ‫والسؤال الذي يفرض نفس ه ھ و‪ :‬لم اذا المحاصص ة الوظيفي ة؟ ھ ل ھ ي امت داد أو تطبي ق لس نة النظ ام السياس ي ف ي‬ ‫إسناد المناصب العليا‪ ،‬ام ھي مسألة أخرى؟‬ ‫تأسيساً‪ ،‬فان الأداء الحكومي لا يمكن عزوه إلى تدني الأداء السياسي فحسب‪ -‬ولا ينصرف نظر القارئ إلى ان ھذا‬ ‫تبرير للأداء السياسي ودفاع عنه‪ ،‬فلسنا ھنا نبرئ الساسة من إخفاقاتھم‪ ،‬إذ يقع عليھم جزء كبير من ذلك‪ ،‬فھ م اح د‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-١٦ ‬سالم سليمان ‪ ،‬اداء الجھاز الحكومي في العراق )المرجع السابق(‪ .‬ص ص )‪( ١٤١ -١٣٠‬‬

‫الأس باب ف ي ت دني الأداء المھن ي للجھ از الحك ومي‪ ،‬حينم ا اق روا ض مناً مب دأ المحاصص ة‪ ،‬وانزل وه إل ى الجھ از‬ ‫الحك ومي‪ ،‬وال ذي يعن ي بص ورة غي ر مباش رة الرقاب ة السياس ية م ن قب ل م ن يتول ون المناص ب القيادي ة بحس ب‬ ‫الولاءات التي يحملھا أصحابھا‪ .‬والذي يعك س جانب اً م ن الش ك والتحس ب‪ ،‬الأم ر ال ذي ص رف معظ م وق ت ھ ؤلاء‬ ‫المحسوبين واھتمامھم إلى أداء مھمات لا تتصل مباشر ًة بأدائھم المھني‪ ،‬مما جعل الجھات الناف ذة تس عى إل ى إيج اد‬ ‫مراكز لأتباعھا‪ ،‬فأصبحت ترى أناساً يعملون ف ي مواق ع ھ م بعي دون عنھ ا‪ .‬فكم ا لا يخف ى عل ى الجمي ع ان الجھ از‬ ‫الحكومي ھو جھاز متخصص بأداء مھم ات معين ة يب دأ بوكي ل ال وزارة فن زولاً‪ ،‬الأم ر ال ذي يف رض ان تك ون ھ ذه‬ ‫الوظائف تخصصية‪ ،‬لذلك فأن العمل فيھا يقوم على أساس مقدرة الش خص ف ي اتج اه تنفي ذ مھمت ه وجدارت ه القائم ة‬ ‫على الإلمام التام بكل ما يتطلبه أداء تلك الوظيفة‪ .‬لقد انعكست سلبيات تدخل السياسة في الجھاز الحكومي‪ ،‬وتحديدا‬ ‫مس الة المحاصص ة ف ي التوظي ف ل ذوي ال درجات الخاص ة‪ ،‬وت دخل ال وزراء ف ي الش أن الفن ي لل وزارة‪ ،‬ف ي قاع دة‬ ‫مقلوبة فأصبحت القاعدة اقدر م ن القم ة‪ ،‬فب دلاً م ن ان ي أتي التوجي ه المھن ي م ن الأعل ى أص بح يص عد م ن الأس فل‬ ‫فقويت القاعدة بكافة سلبياتھا القدراتية والمعرفية على القمة فانقلب بذلك ھرم القيادة‪ ،‬إذ أضحت القاع دة ھ ي القائ دة‬ ‫وھي التي تملي صيغة القرار‪.‬‬ ‫ومما زاد الطين بلة التعيين العشوائي في الوظائف والذي حصل بعد ‪ .٢٠٠٣/٤/٩‬لقد أسفر ذلك عن تعقيد ال روتين‬ ‫بسبب التيار المؤسسي لل دوائر وزي ادة حلق ات العم ل بس بب زي ادة ع دد الع املين وت دنى مس تواھم‪ ،‬تلك ؤ ال وزارات‬ ‫والدوائر في انج از المع املات وتأخرھ ا‪ ...،‬وانعك س ذل ك زي ادة ف ي نس بة الأج ور والروات ب ف ي الموازن ة العام ة‬ ‫بالنسبة إلى إجمالي الموازنة‪ ،‬وكان ذلك على حساب البنود الأخرى فيھا‪.‬‬ ‫لقد جاء الفساد الذي يعاني منه البلد بسبب الخلل الذي تأسست عليه منظومة التشغيل في المؤسسات والتي قدمت‬ ‫الولاء والانتماء السياسي على الكفاءة والجدارة والنزاھة والشفافية‪ .‬وقد يكون مقبولا جوازا الفساد على ھذا‬ ‫المستوى‪ ،‬أو يمكن تجاوزه لضآلة أثره وخطره‪ ،‬الا ان الفساد يزداد خطورة وتصعيدا كلما تقدمنا في سلم الوظائف‬ ‫والذي حطمت درجاته وكسرت اوتاده‪ ،‬التي كان يرتقي إليھا‪ .‬وعلى وفق معايير الكفاءة والجدارة والنزاھة‬ ‫والشفافية‪ ،‬فأضحى يصعد الفرد من أسفل السلم إلى أعلاه بسرعة صاروخية أو انه يحط )كما يحط الغير( على‬ ‫الدرجة الوظيفية التي تحقق له شكليا نوعا من الھيمنة والسطوة )الوھمية( لانه سيضحى صريعاً من دون صغار‬ ‫الموظفين يوجھون سلوكه ويصوغون قراراته‪ .‬وھنا تتجلى خطورة الموقف ويعظم أثره‪ ،‬اذ ان القرارات ترتقي‬ ‫خطورة وأثرا كلما تقدم الفرد في الوظيفة )اذ يجب ان تسند الوظائف إلى الكفء والأجدر‪ ،(..،‬فما ھو الموقف‬ ‫وحال من يشغل الوظائف المتقدمة ھم شخصيات فلكية استطاعت ان ترقى سلم الوظائف طفرا إلى أعلاه‪،‬‬ ‫فاستوعبت المراحل ووعتھا‪ ،‬فالإدارة سھلة جدا‪ ،‬والقرارات ليس سوى نعم أو كلا‪ ،‬وما إدراك ما بعدھما‪.‬‬ ‫ولعل ذلك‪ ،‬ناشئ عن كون من يعملون بالسياسة ھم حديثو عھد أو ربما لا يدركون من السياسة سوى السيطرة‬ ‫على مفاتيح الإدارة‪ ،‬متغافلين ان من يرمي إلى النجاح والاستمرار عليه ان يبني جھازا تنفيذيا كفوءا أداؤه تؤطره‬ ‫الشفافية وتسوده النزاھة وتحكم شغله الكفاءة والجدارة‪.‬‬ ‫لقد كان السبب المباشر كما يعتقده البعض ھو المحاصصة السياسية‪ ،‬والتي تقضي بتقاسم الوظائف كل بحسب‬ ‫حصته النسبية والتي تفرضھا القاعدة البرلمانية التي يرتكز عليھا‪.‬‬

‫وھنا يجب ان لا نغفل ان أي سياسي فردا أو حزبا أو كتلة مسعاه الخير‪ ،‬وانه عندما يبغي السيطرة على الجھاز‬ ‫التنفيذي فھو لضمان استمرار الخير وصيانته‪ ،‬ولكن جھده بحسب اجتھاده‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬يجب تنبيه أصحاب السلطة بان الجھاز التنفيذ ھو أداة الدولة في تنفيذ برامجھا وتحقيق أھدافھا الانتخابية‪،‬‬ ‫فنجاحھا مقرون بدرجة ومستوى كفاءة الجھاز الاداتية‪ ،‬فكلما حسن البناء ارتقت درجة الكفاءة ومستواھا‪ .‬وھذا‬ ‫يفرض الفصل بين الجھاز التنفيذي والبرلمان والحكومة التي تخضع للمحاصصة السياسية بحسب ما أفرزته نتائج‬ ‫الانتخابات‪ .‬اما الجھاز التنفيذي فخط احمر يجب ان لا تقترب منه السياسة‪ ،‬فھو يدين بالولاء للعراق كدولة‪ ،‬ولا‬ ‫غيره‪.‬‬ ‫ان اعتماد مبدأ المحاصصة السياسية في المناصب السيادية )العليا والخاصة( في الجھاز التنفيذي سيترتب عليه‪:‬‬ ‫‪-‬جھاز معتل بسبب اختلال أسس بناءه البعيدة عن الكفاءة والجدارة والنزاھة واللاتبعية السياسية‬ ‫والانتمائية‪،‬‬ ‫‪-‬جھاز غير مستقر‪ ،‬اذ سيتبدل كلما تغيرت الموازنة السياسية‪.‬‬ ‫من ھنا‪ ،‬يلحظ كيف يولد الفساد فسادا‪ ،‬فالفساد حلقة مفرغة تستمر بالدوران حول نفسھا‪.‬‬ ‫وتأسيساً فقد اتضح دور الأداء السياسي في التأثير في تدني وفساد أداء الجھاز الحكومي‪ ،‬والذي جاء بس بب إق رار‬ ‫مبدأ المحاصصة والمحسوبية السياسية‪.‬‬ ‫و عليه‪،‬يكون البحث قد اثبت صحة الفرضية التي تبناھا‪.‬‬ ‫خاتمـــة ‪:‬‬ ‫للوقوف على أسباب التدھور الحاصل في الجھاز الحكومي في العراق‪ ،‬فان مما يفرضه المقال ومنطق‬ ‫العدل والإنصاف‪ ،‬ان التغيير بعامة يحصل في الدول على مستوى القيادات السياسية وحسب‪ ،‬لذلك فأن الجھاز‬ ‫الحكومي‪ ،‬والذي ھو أداة الدولة في تنفيذ البرامج السياسية وتطبيق المضامين العملية لھا‪ ،‬لا يتغير بتغير النظام‬ ‫السياسي وعليه لا تجد الدول حرجاً في مستوى الأداء وعلى كافة المستويات التنفيذية عند تغير حكوماتھا‪ ،‬ذلك ان‬ ‫الجھاز التنفيذي لا يمسه التغيير‪ ،‬إذ ان ھذا الجھاز أساسه المھنية والمھارة في تنفيذ المھمات‪ .‬فھو يقوم على أساس‬ ‫الجدارة والمقدرة‪ ،‬وليس على أساس الاتجاه السياسي والمحسوبية السياسية‪ .‬وھذا ما لم يحدث؛ كما بينا‪.‬‬ ‫فضلاً عن ما تقدم فأن نظام الحكم في العراق وكما جاء في الدستور يتم تداوله ديمقراطياً‪ .‬اي عن طريق‬ ‫الانتخاب وھذا ما يفرض ان تكون علاقة الحزب الذي يفوز في الانتخاب مع الدولة تكون من خلال تنفيذ البرنامج‬

‫السياسي الذي تعاقد عليه مع الشعب على أساس ان طرح البرنامج بمثابة الإيجاب فيما يتصل بالحزب وان‬ ‫الانتخاب ھو بمثابة القبول بالنسبة للناخبين و عليه فأن الفوز يخلق التزاماً وعلى الحزب السعي لتنفيذه من خلال‬ ‫جھاز الدولة التنفيذي‪ .‬إلا ان جھاز الحكومة والذي ھو أداة الدولة في تحقيق برنامج الحكومة السياسي‪ ،‬ھو جھاز‬ ‫مھني ولا علاقة له بالسياسة‪ ،‬إذ ھو يعمل بأقصى إمكاناته دونما تمييز بين الأحزاب ايھا يحكم‪ ،‬لذا فلا يجوز ان‬ ‫يخضع إلى المحاصصة السياسية وإنما تبقى المحاصصة السياسية على مستوى الوزراء والمناصب السياسية‬ ‫فحسب‪ .‬بخلاف ذلك ما يحصل عند تولي الأحزاب الشمولية لقيادة بلد ما‪ ،‬فھي تسعى إلى التغيير الشامل‪ ،‬والذي‬ ‫يستلزم إحداث تغيير في الجھاز الحكومي بما يتلاءم مع متطلبات الحزب المسيطر على مقاليد الحكم‪ ،‬ليؤمن‬ ‫ويضمن تطبيق أفكاره وعقيدته تطبيقاً تاماً‪ ،‬لذلك نجده يجد في إسناد المناصب القيادية لاتباعه ضماناً لأمانة تنفيذ‬ ‫برامجه في التغيير الشامل‪ .‬وإذا ما عكسنا ذلك على الساحة السياسية العراقية نجدھا قد عاشت حالة تناقض‪ ،‬فھي‬ ‫من ناحية ديمقراطية تسعى إلى التداول السلمي للسلطة بالانتخاب‪ ،‬ومن ناحية أخرى نجدھا تطرح تعبيراً غير‬ ‫مألوف في قواميس ومعاجم وموسوعات السياسة ھو المحاصصة السياسية في توزيع المناصب القيادية في جھاز‬ ‫الدولة‪ ،‬فالمحاصصة السياسية على مستوى المناصب السياسية تمثل حالة شرعية للسياق السياسي‪ ،‬اما على‬ ‫مستوى المناصب القيادية في الجھاز الحكومي فھي مسألة خطرة‪:(١٧) .‬‬ ‫‪ -٧‬الاستنتاجات والمقترحات‬ ‫أ‪ -‬الاستنتاجات‬ ‫ورد في ثنايا الدراسة ما أشرته وما أفرزته من استنتاجات ولعل في تبريز اھمھا في خاتمة الدراسة توكيداً‬ ‫وتركيزاً‪ .‬ومن ھذه الاستنتاجات ‪:‬‬ ‫‪ -١‬جھل المجتمع بالانتخابات والاسس التي تقوم عليھا مما حدا به الى الانتخابات على أسس ذاتية وليست‬ ‫موضوعية‪.‬‬ ‫‪ -٢‬ليست ھناك اھداف واضحة للحكومة تسعى الى تحقيقھا وذلك بسبب غياب البرنامج الانتخابي ‪ ،‬الامر الذي‬ ‫يجعل من التقويم امراً صعباً‪  .‬‬ ‫‪ -٣‬جھاز تنفيذي ضعيف يزداد وھناً على وھن بسبب تسييس قرارات التعيين واشغال المناصب القيادية على‬ ‫اسس ذاتية بعيداً عن المعايير الموضوعية والذي افرزه اعتماد مبدأ المحاصصة السياسية بغض النظر عن‬ ‫الجدارة والكفاية ‪ ،‬و‪  ...‬‬ ‫‪ -٤‬الاختيار للمناصب يخضع لأھواء واملاءات المسؤول عن الترشيح وكأن الامر متروك لارادته دونما اھتمام‬ ‫بالاستحقاقات عبر المسار الوظيفي للمرشح والذي يجب ان يتم على اساس الافضل‪  .‬‬ ‫‪ -٥‬غياب المعايير الموضوعية التي تحكم الخدمة العامة وضوابط الانتقال عبر درجاته )الترقية( وخضوعھا‬ ‫لارادة السياسي‪  .‬‬ ‫‪ -٦‬عدم وجود جھة مركزية مسؤولة عن التعيين والاختيار للمناصب القيادية و كونھا تمثل وظائف في سلم‬ ‫الوظائف ‪ ،‬جعل الاختيار يخضع لارادة المسؤول عن الترشيح‪  .‬‬ ‫‪ -٧‬نجم عما تقدم جھاز ادائي ضعيف لايستطيع النھوض بالمھمات المطلوبة منه‪  .‬‬ ‫‪ -٨‬ضعف ثقافة المؤسسات‪  .‬‬ ‫‪                                                           ‬‬ ‫‪-١٧‬د‪.‬سالم سليمان‪ :‬أداء الجھاز الحكومي في العراق لعام ‪ .٢٠٠٨‬المرجع السابق‪ .‬ص ص ‪. ١٣٣‬‬

‫‪ -٩‬غياب العقلية المؤسساتية )الموضوعية( وعدم امكانية الفصل بينھا وبين العقلية الذاتية‪  \\.‬‬ ‫ب‪ -‬المقترحات‬ ‫توصل البحث اعتقاداً إلى اعتماد مقترحات ذات دلالات تقود إلى حل ومعالجة لمك امن الخل ل والعج ز ولمظ اھر‬ ‫الفساد في الجھاز‪ ،‬وأھم تلك المقترحات ذات الصلة‪ ،‬والمتعلقة بالفساد في الجھاز الحكومي حصرا ھي الآتي‪:‬‬ ‫الاس تعانة بخب راء دولي ين‪ ،‬م ن منظم ة العم ل الدولي ة‪ ،‬وك ذلك المنظم ة العربي ة للتنمي ة الإداري ة‪ ،‬ي ردفھم‬ ‫‪.١‬‬ ‫فريق عراقي )من الذين ت دربوا ف ي المرك ز الق ومي للاستش ارات والتط وير الإداري‪ ،‬ال ذين ش اركوا ف ي‬ ‫‪.٢‬‬ ‫ال دورات الأس اس للتنظ يم والأس اليب والتنظ يم والإنتاجي ة‪ ،‬وك ذلك م ن ال ذين أرس لھم المرك ز الم ذكور‬ ‫‪.٣‬‬ ‫للتدريب خ ارج الع راق( لدراس ة واق ع الجھ از الحك ومي وإع ادة تنظيم ه عل ى وف ق أس س علمي ة س ليمة‪،‬‬ ‫أھدافاً وإجراءات ووظائف وھياك ل تنظيمي ة وم وارد بش رية؛ اي تحدي د الأھ داف لك ل وزارة ن زولاً إل ى‬ ‫أدنى تشكيل‪ .‬فضلاً عن تحديد الأنشطة وإزال ة الت داخلات فيم ا ب ين أھ داف ال وزارات ودراس ة إج راءات‬ ‫العمل وتبسيطھا اختزالاً للروتين وتقليص الزمن اللازم للانجاز‪ ،‬والوظائف وتحديدھا وتوصيفھا وتحدي د‬ ‫شروط إشغالھا‪،‬‬ ‫استحداث وزارة للتنمية الإدارية تتولى عمليات التنظيم وإع ادة التنظ يم‪ ،‬وتبس يط إج راءات العم ل‪ ،‬تحدي د‬ ‫الوظائف وتوصيفھا‪ ،‬وتخطيط التدريب وإعادة توزيع الموارد البشرية‪ ،‬وبم ا يض من تحقي ق أقص ى إف ادة‬ ‫ممكنة‪ .‬يقابله استحداث أقسام للتنظيم والأساليب الإنتاجية في دوائر الدولة الخدمي ة والإنتاجي ة )الس لعية(‪،‬‬ ‫تتولى عمليات التنظيم وإعادة التنظيم في المرحلة التي تلي الخطوة السابقة وتبسيط إج راء العم ل )تبس يط‬ ‫العمليات( وتحديد وتوصيف الوظائف‪ ،‬وتخطيط القوى العاملة‪ ...‬ھذه الأقس ام تعم ل بأش راف مباش ر م ن‬ ‫الجھة المركزية )ديوان الخدمة العامة‪ ،...‬أو وزارة التنمية الإدارية(‪  ،‬‬ ‫اس تحداث تش كيل بمس توى وزارة‪ ،‬يرأس ھا ش خص بدرج ة وزي ر‪ ،‬يك ون مس ؤولا ع ن متابع ة ش ؤون‬ ‫الوظيفة العامة‪ ،‬من حيث التعيين‪ ،‬والترشيح للمناصب العليا ومن خلال دراسة مساره الموظ ف ال وظيفي‬ ‫)ملفات ه الشخص ية( تحقيق اً لمب دأ الكفاي ة والج دارة وتك افؤ الف رص‪ ،‬ض ماناً لكفاي ة أداء الجھ از الحك ومي‬ ‫وفاعليته‪ .‬ولم تشر التوصية إلى الترقية‪ ،‬وانما أشارت إلى التعيين وحسب‪ ،‬حيث ان ش غل اي وظيف ة ف ي‬ ‫سلم الوظائف تعني تعيناً جدي داً‪ ،‬إذ يج ب الإع لان عنھ ا عن د ش غورھا وع ن ش روط إش غالھا‪ ،‬وان يك ون‬ ‫التعي ين فيھ ا متاح اً لك ل الع املين المس تحقين ف ي جھ از الدول ة بعام ة‪ .‬وم ن حقھ م التن افس عليھ ا‪ .‬وان لا‬ ‫يقتص ر التعي ين عل ى الع املين ف ي ال وزارة أو ال دائرة‪ ،‬انم ا ان يعتم د تك افؤ الف رص والج دارة والمھ ارة‬ ‫المھني ة أو الكفاي ة ف ي التعي ين‪ ،‬لل درجات الخاص ة‪ .‬وف ي اض عف الح الات‪ ،‬لاب د م ن وج ود جھ از مھن ي‬ ‫مرك زي محاي د يت ولى ترش يح الأش خاص للمناص ب جميع اً )والت ي تق ع ض من م لاك الدول ة( إل ى جھ ة‬ ‫إصدار أمر التعيين بحسب مستوى الدرجة الوظيفية )أمر وزاري‪ ،‬أمر ديواني‪ ،‬مرسوم جمھ وري(‪ .‬وان‬ ‫يكون الترشيح لشخص واحد على ان يكون أكثر المرشحين استحقاقاً على أساس الجدارة والكفاية الأدائية‬ ‫المھنية والحيادية العالية‪ .‬وان وجود جھة إصدار الأمر لا يعني إخضاع الاختيار إلى تلك الجھ ة )وزي ر‪،‬‬ ‫مجلس وزراء‪ ،‬رئاسة الجمھورية( وانما ھي مسألة اعتباري ة لمس توى الوظيف ة ودرجتھ ا وحس ب‪ .‬وعل ى‬ ‫ان يكون ھذا الترشيح قائماً على سيرة الموظف وتق ارير الكف اءة الس نوية‪ ،‬وخبرت ه الوظيفي ة‪ ،‬والمع ارف‬ ‫التي يمتلكھا ومستوى تأھيله وقدراته الأخرى‪ .‬فضلاً عن ذلك يتولى ھذا الجھاز مھم ة الاختي ار والتعي ين‬ ‫ف ي الوظ ائف الحكومي ة جميع اً‪ ،‬وھ ذا م ا معم ول ب ه ف ي معظ م دول الع الم س واء المتق دم ف ي النم و منھ ا‬ ‫والمتأخر في النمو وتحت مسميات عدة )ديوان الموظفين العموميين‪ ،‬ديوان الخدمة العامة‪ .(...‬وكما ك ان‬

‫في العراق تحت اسم مجلس الخدمة‪ ،‬والذي يت ولى مھم ات التعي ين والترقي ة والاختي ار للوظ ائف جميع اً‪،‬‬ ‫بما فيھا المناصب القيادية‪ ،‬وذلك ضماناً لحيادية التعيين وبعيدا عن الضغوطات‪  ،‬‬ ‫‪ .٤‬الابتع اد ع ن مب دأ المحاصص ة السياس ية ف ي الجھ از الحك ومي‪ ،‬ب ل والض رورة تقتض ي اس تقلال الجھ از‬ ‫الحكومي في أداءه عن الاتجاھات السياسية‪ ،‬لا ان يكون خاضعا لھا‪ .‬لما في ذلك‪ ،‬أي خ لاف الأم ور ف ي‬ ‫أعلاه‪ ،‬من‪ :‬عدم حيادية الجھاز الحكومي القائم على الولاءات السياسية‪ ،‬واي تس ييس للجھ از )الحك ومي(‬ ‫سيخدم مصالح الجھة التي ينتمي إليھا الفرد‪ .‬ان ھذا الأسلوب يتوافق مع الأحزاب الشمولية والت ي تس عى‬ ‫لإحداث تغيرات شاملة‪ ،‬فھي تتجه إلى فرض الس يطرة عل ى جمي ع مفاص ل الجھ از‪ ،‬وبم ا يخ دم أھ دافھا‪،‬‬ ‫وم ن نتائج ه ع دم اس تقرار الجھ از الحك ومي ف ي جان ب الوظ ائف القيادي ة إذ س وف يتغي ر تبع ا ن وع‬ ‫المحاصص ة السياس ية وتبع اً لك ل تغيي ر سياس ي وال ذي يعق ب الانتخاب ات‪ ،‬وبالت الي ت دني مس توى أداء‬ ‫الجھاز الحكومي نوعاً ما لعدم اعتماد الكفاية والجدارة في إشغال المناصب الحكومية فضلاً عن الاس تياء‬ ‫وعدم الرضا الذي ينجم عن ذلك بسبب عدم تكافؤ الفرص في إشغال المناصب‪ .‬ومھما يكن م ن أم ر ف أن‬ ‫الاتجاه لبناء جھاز دولة بشكل يتمتع بالمتانة والرصانة العملي ة والكفاي ة الأدائي ة‪ ،‬يج ب ان ي ُّق وم الاختي ار‬ ‫للمناص ب القيادي ة ف ي الجھ از الحك ومي عل ى أس اس المھني ة العالي ة والمھ ارة والج دارة والاس تحقاق‬ ‫والحيادية الأدائية‪ .‬اي ان يكون الجھاز تنفيذياً فحسب بعيداً عن التوجھات السياسية لم ن يحك م‪ .‬ل ذلك ف أن‬ ‫مبدأ المحاصصة وال ذي يحص ل عن دما تك ون الحكوم ة توافقي ة يج ب ان لا يم س الجھ از الحك ومي‪ ،‬وان‬ ‫يبقى الجھاز الحكومي جھازاً له قدسيته‪ ،‬إذ بصحته وسلامته تستقيم الدولة‪ ،‬وبسقمه واعتلاله تعت ل الدول ة‬ ‫ويختل النظام‪  ،‬‬ ‫‪.٥‬‬ ‫ضرورة الفصل ب ين دور السياس ي )ال وزير( ودور المھن ي و )التنفي ذي(‪ .‬فض لاً ع ن تحدي د مھم ات ك ل‬ ‫منھم على مستوى الوزارة‪ ،‬اي تحديد مھمات الوزير والتي لا تتجاوز دوره السياسي في ال وزارة‪ ،‬وع دم‬ ‫التماس مع القض ايا المھني ة‪ .‬بمعن ى آخ ر الفص ل ب ين الجان ب السياس ي والجان ب المھن ي ف ي ك ل وزارة‪،‬‬ ‫ضماناً لحياده الجھاز التنفيذي وكفاية أداءه‪ .‬ولا يجوز للوزير ان يت دخل ف ي أم ور ال وزارة ذات الطبيع ة‬ ‫الفنية والإدارية‪ ،‬وانما يختص بالجانب السياسي بالبرن امج ال ذي تتبن اه الحكوم ة‪ ،‬اي ا كان ت الأم ور الفني ة‬ ‫فھي من اختصاص الوكيل فنزولا‪ .‬وفي حالة تشكيل حكومة توافقية أو حكومة مشاركة‪ ..،‬في ھذه الحال ة‬ ‫التي يوجد فيھا تباين في البرامج للقوى والجھات المش ّكلة للحكومة‪ ،‬في مث ل ھ ذه الحال ة عل ى تل ك الق وى‬ ‫والجھات التوافق على برنامج سياسي واح د‪ ،‬يل زم ال وزراء بتنفي ذ ھ ذا البرن امج فحس ب ك لا باختص اص‬ ‫وزارته‪  ،‬‬ ‫‪ .٦‬إعادة النظر بواقع العمل ف ي مؤسس ات الدول ة‪ ،‬وتحدي د الف ائض والعج ز الكم ي والن وعي ومحاول ة خل ق‬ ‫توازن في أجھزة الدولة‪ ،‬مع إيجاد ف رص عم ل للع اطلين لا ان يج ري تعيي نھم بم ا يش يع ظ اھرة البطال ة‬ ‫المقنع ة‪ .‬وع دم التوس ع ف ي التعي ين يتطل ب أولا تھيئ ة ف رص عم ل ف ي إط ار القط اع الخ اص أو إنش اء‬ ‫صناديق للتكافل الاجتماعية لمن لديھم وظيفة ويلجأون لتغيير أعمالھم طمعا بالأجر الزائد‪ ،‬وف ي الح التين‬ ‫ضمان دخل محدد يتناسب ومستويات حد الفقر أو الحد الأدنى الذي توصي به وزارة التخطيط لمستويات‬ ‫المعيشة الإنسانية الكريمة‪  .‬‬ ‫‪ .٧‬ضرورة اعادة النظر بالقوانين التي تنظم الخدمة العام ة والم لاك وتق ديمھا وتع ديلھا م ن قب ل لج ان عالي ة‬ ‫التخصص ذات خبرة وتأھيل عا ٍل مع الاستعانة بخبراء عالميين في مجال الخدمة والملاك‪  .‬‬ ‫‪.٨‬‬ ‫اس تحداث دائ رة لتش غيل المفص ولين سياس ياً وتع ديل روات بھم ‪ ،‬دونم ا اقح امھم ف ي وظ ائف لاتتناس ب‬ ‫ومؤھلاتھم )خبراتھم ‪ ،‬قدراتھم ‪  ( ...،‬‬ ‫‪ -٩‬ضرورة اعادة النظ ر ب القوانين والانظم ة والتعليم ات الص ادرة الت ي ت نظم ش ؤون الوظيف ة العام ة‬ ‫والغاء كافة التناقضات والتقاطعات وتحديد شروط ومواصفات اشغال كل وظيفة في م لاك الدول ة م ن‬ ‫ادن ى الس لم ال وظيفي وحت ى الدرج ة الخاص ة ‪) ،‬وكي ل وزارة وم ا يعادلھ ا( وذل ك م ن خ لال لجن ة‬ ‫متخصصة مھنية ذات خبرة في مجال الوظيفة العامة ‪ ،‬وليس من الأكاديميين‪.‬‬

‫‪ -١٠‬اعتماد اس س علمي ة س ليمة لش غل المناص ب و الوظ ائف القيادي ة بم ا يض من اختي ار الافض ل و‬ ‫اشاعة مبدأ تكافؤ الف رص للجمي ع ‪ ،‬ومب دأ الج دارة و الكفاي ة و الخب رة المھني ة و الاس تحقاق ال وظيفي‬ ‫فضلا عن النزاھة ‪.‬‬ ‫‪ -١١‬ضرورة تقويم العاملين في المناصب الوظيفية من أدنى وظيف ة ال ى أعل ى وظيف ة ف ي س لم م لاك‬ ‫الدولة ) حت ى ال درجات الخاص ة ( ونق ل ك ل م ن ل م تثب ت ص لاحيته لش غلھا وفق ا للمع ايير الس ليمة و‬ ‫الاسس الموضوعية و الخبرة المھنية و الجدارة و النزاھة ‪.‬‬ ‫‪ -١٢‬تغليب المصالح العامة الوطنية على المصالح الجزئية الضيقة ) الح زب ‪ ،‬الجماع ة ‪(...‬و اعتم اد‬ ‫الولاء الوطني بديلا عن الولاءات الحزبية الضيقة ‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫قائمة المراجع‬ ‫الدوريات الصادرة باللغة العربية‪:‬‬ ‫‪ .١‬تقرير السفارة الأمريكية في بغداد عن فساد الحكومة العراقية‪ .‬المستقبل العربي‪ .‬ع‪.٢٠٠٧/٣٤٥/‬‬ ‫‪ .٢‬جلال عبدﷲ معوض‪ ،‬الفساد السياسي في الدول النامية‪ ،‬مجلة الدراسات العربية العدد ‪ ١٩٨٧/٤‬ص ص ‪٢٦ -١٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .٣‬د‪.‬جون د‪ .‬سوليفان‪ ،‬و الكسندر شكولنكوف‪ :‬مكافحة الفساد‪ ،‬منظورات وحلول القطاع الخاص‪) .‬واشنطن‪ .‬مركز‬ ‫المشروعات الدولية الخاصة‪.(٢٠٠٦ .‬‬ ‫‪ .٤‬د‪.‬فيريل ھيدي‪ :‬الإدارة العامة‪ ،‬منظور مقارن‪ .‬ترجمة د‪ .‬محمد قاسم القريوتي‪ .‬عمان‪١٩٨٦ .‬‬ ‫‪ .٥‬سالم سليمان‪ ،‬د‪.‬خضر عباس عطوان‪ ،‬د‪.‬إسراء علاء الدين‪ :‬أداء الحكومة العراقية عام ‪ .٢٠٠٩‬التقرير‬ ‫الاستراتيجي العراقي السنوي لعام ‪) .٢٠٠٩‬بابل‪ .‬مركز حمورابي للدراسات‪.(٢٠٠٩ .‬‬ ‫‪ .٦‬سالم سليمان‪:‬أداء الجھاز الحكومي في العراق لعام ‪ .٢٠٠٨‬التقرير الاستراتيجي العراقي لعام ‪) .٢٠٠٨‬بابل‪.‬‬ ‫مركز حمورابي للدراسات‪.(٢٠٠٨ .‬‬ ‫‪ .٧‬سه روه ر محمد عبد ﷲ‪ : ٢٠٠٧ ،‬الفساد واداء النظام السياسي في الدول النامية‪ .‬رسالة ماجستير‪ .‬كلية العلوم‬ ‫السياسية‪/‬جامعة النھرين‪ .٢٠٠٨ .‬ص ص‪ )١٦-١٥‬غير منشور(‪.‬‬ ‫‪ .٨‬كشف المصالح المالية‪ .‬ھيئة النزاھة‪.٢٠٠٨ /١٠ /١٩ .‬‬ ‫‪ُ .٩‬ينظر في تلك المكونات وكيفية استخدامھا مثلا‪،‬خلدون حسن النقيب‪:‬الخليج إلى أين؟ في علي محافظة‬ ‫وآخرين‪:‬العرب وجوارھم‪) .‬بيروت‪ .‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ .(٢٠٠٠ .‬ص ص ‪.٣٨-٣٦‬‬ ‫مقالات صادرة باللغة العربية‪:‬‬ ‫‪ .١‬إصلاح الإدارة الحكومية‪ .‬برنامج الأمم المتحدة الإنمائي‪.‬‬ ‫‪http://www.undp.org/governance/public.htm‬‬ ‫‪ .٢‬الفساد السياسي‪ .‬الموسوعة الحرة‪ -‬ويكيبيديا‬ ‫‪http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=action=edit&section=9‬‬ ‫‪ .٣‬بحر العلوم‪ :‬مليار دولار الفساد في قطاع المشتقات‪ .‬صحيفة الزمان‪ .‬العدد ‪.٢٠٠٦ /٥/٢ .٢٣٨٩‬‬ ‫‪www.azzaman.com/azzaman/articles/2006/05/05-02/801.htm‬‬ ‫‪ .٤‬تقرير الشفافية الدولية‪ ،‬العراق أكثر الدول العربية فسادا‪ .‬موقع صوت الوطن‪.٢٠٠٤ /١٠/ ٢٢ .‬‬ ‫‪http//:www.alwatanvoice.com/articles.php?go=articles&id=32656‬‬

‫‪ .٥‬تقرير‪ ،‬التجارة الحرة‬ ‫‪http//:iraqiamericancci.org/newiacci‬‬ ‫‪ .٦‬تقرير‪،‬الفساد الإداري‪ .‬مركز أبحاث الكويت ‪.٢٥‬‬ ‫‪http://kuwait25.com/ab7ath/view.php?tales_id=985‬‬ ‫‪ .٧‬حسن طبرة‪ :‬الفساد‪ ،‬سرطان يھدد مؤسساتنا التعليمية‪ .‬موقع جريدة البينة‪ ٢٢ .‬أيلول ‪.٢٠٠٧‬‬ ‫‪  http://www.al-bayyna.com/modules.php?name=News&file=article&sid=13558‬‬ ‫‪ .٨‬راجي العوادي‪ :‬ظاھرة الفساد الإداري في العراق أسبابھا وطرق معالجتھا‪ .‬مؤسسة شفق‪.٢٠٠٨ /٥ /٢٦ .‬‬ ‫‪http://www.shafaaq.com‬‬ ‫‪ .٩‬قياس الأداء الحكومي‬ ‫‪http://www.mepp.gov.sa/home‬‬ ‫‪.١٠‬ناصر الأغا‪:‬الترھل والفساد الإداري بمؤسسات الدولة‪ .‬موقع إدارة الموارد البشرية العربية‪.٢٠٠٦ /١٠/٧.‬‬ ‫‪  h p://www.arabhrm.com/modules/news/ar cle.php?storyid=66‬‬ ‫‪.١١‬ياسر خالد بركات الوائلي‪ :‬الفساد الإداري‪ ..‬مفھومه ومظاھره وأسبابه‪ :‬مع أشارة إلى تجربة العراق في الفساد‪.‬‬ ‫مجلة النبأ‪ .‬العدد ‪ .٨٠‬كانون الثاني ‪.٢٠٠٦‬‬ ‫‪http://www.annabaa.org/list/send/share.htm‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬

‫أموال العراق إلى أين؟‬ ‫د‪ .‬ھداب فالح الكبيسي‬ ‫استاذة العلاقات الاقتصادية الدولية‬ ‫المقدمة‬ ‫العراق بلد غني بموارده الاقتصادية وثروته النفطية ومنذ انھيار الھيكل التنظيمي للدولة في‬ ‫نيسان ‪ ٢٠٠٣‬وھو يرزح تحت الاحتلال‪ ،‬وبحاجة إلى صيانة وتطوير ماله العام إلا انه قد‬ ‫تعرض للنھب والسلب الحكومي كشكل من أشكال الفساد الاقتصادي من خلال ما يتعرض له‬ ‫يوميا من أساليب غير مشروعة في إحالة العقود والصفقات التجارية وان سوء إدارة الاقتصاد‬ ‫العراقي واستفحال الفساد بأشكاله المالي والإداري والاقتصادي كانا سبيلين في فشل برامج إعادة أعمار العراق‬ ‫ونشر الديمقراطية المزعومة‪ ،‬فالتغيير الذي حصل في العراق عام ‪ ٢٠٠٣‬ادى الى ان يعج البلد بالأموال وفرص‬ ‫الفساد في مشروعات إعمار ھائلة ومليارات الدولارات التي تأتي من إيراداته النفطية‪ ،‬بالاضافة الى المؤسسات‬ ‫الحكومية الوليدة التي لا تخضع لإشراف ُيذكر‪.‬‬

‫لقد ساعدت على ذلك مجموعة عوامل ادت الى زيادة حالات الفساد‪ ،‬منھا انھيار المنظومة القيمية والاجتماعي ة ف ي‬ ‫العراق فبعد سقوط النظام وحالة الفوضى التي عمت البلاد و اثرت بشكل س لبي ف ي بناھ ا التحتي ة‪ ،‬وغي اب الق انون‬ ‫حفز الذين لديھم استعداد روحي للتوغل ف ي الفساد‪،‬بالاض افةالى ع دم نض وج المؤسس ات الديمقراطي ة اوالدس تورية‬ ‫التي تأخذ على عاتقھا مبدأ الفصل بين السلطات وتمارس دور الرقابة الشعبية على اداء الس لطات‪ ،‬وغي اب الاع لام‬ ‫كسلطة مستقلة ومنضبطة ومسؤولة لتواكب ح الات الفس اد وتس لط الاض واء عليھ ا‪ ،‬وم ن جھ ة اخ رى ع دم وج ود‬ ‫مؤسسات مجتمع مدني كفوءة ونشطة في ھذا المجال كي تضع حداً لحالات الفساد‪.‬‬ ‫كل ھذه العوامل ساھمت في ايجاد مناخ وملاذ آمن للمفسدين في مرافق ومؤسسات الدولة العراقية‪.‬‬ ‫وھك ذا ب ات الفس اد الم الي والإداري ينخ ر ف ي جس د المؤسس ات العراقي ة ب اعتراف الحكوم ة العراقي ة ومس ؤوليھا‬ ‫مشفوعا بتقارير محلية ودولية ‪.‬‬ ‫لقد اكدت احد الجھ ات المس ؤولة عل ى متابع ة ح الات الفس اد المستش ري ف ي مراف ق الدول ة الا وھ ي لجن ة النزاھ ة‬ ‫العراقية على أن الفساد يمثل التحدي الاول الذي يق ف ف ي وج ه بن اء المؤسس ات وإع ادة إعم ار و تنفي ذ مش روعات‬ ‫التنمية‪.‬‬ ‫كما تشيرقاعدة الكف اءة الاقتص ادية الت ي تض من الاس تخدام الامث ل للم وارد الاقتص اية ال ى انھ ا تمث ل ج وھر اھتم ام‬ ‫نظرية الاقتصاد السياسي للفساد وكما ھ و معل وم ان الفس اد الاقتص ادي يق وض مب دأ قواع د الحك م الرش يد وي نعكس‬ ‫سلبا على النمو الاقتصادي ومجمل أبعاد التنمية الاقتصادية والاجتماعية ‪.‬‬ ‫واخيرا فأن عدم ضمان ح د أدن ى م ن النزاھ ة والح د م ن التلاع ب واللج وء ال ى الض غط السياس ي ادى ال ى ابع اد‬ ‫كثير من قضايا الفساد للراي العام وھكذا تغيرت مخرجات التحديات في ع دم مقاض اة ھ ؤلاء المفس دين ك رد جمي ل‬ ‫لانتمائھم لھذه او تلك من النخب السياسية‪.‬‬ ‫‪ -١‬تعريف الفساد‬ ‫الفس اد الاقتص ادي مص طلح يش ير إل ى ح الات انتھ اك وانح راف مب دأ النزاھ ة ف ي أداء الوظ ائف العام ة م ن خ لال‬ ‫الرشوة والمحاباة وھو إساءة لاستعمال السلطة العامة‪ ،‬وعندما يرتبط بالإنسان‬

‫فيعني انعدام الضمير وضعف الوازع الديني بما يجعل من نفسه بيئة صالحة لنمو الفساد‪.‬‬ ‫وتشير أطروحات صندوق النقد الدولي‪IMF‬‬ ‫ان الفساد بمعناه الواسع والضيق ينمو من خلال‪-:‬‬ ‫‪ .١‬الحصول على تسھيلات خدمية تتوزع على شكل معلومات أو تراخيص‪.‬‬ ‫‪ .٢‬قبض الرشوة مقابل خدمة اعتيادية بسيطة أي عندما يقدم موظف بقبول أوطلب )رشوة(‬ ‫لتسھيل عقد و إجراء طرح لمناقصة عامة على سبيل المثال‪.‬‬ ‫كما يمكن للفساد ان يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العام ة م ن دون اللج وء ال ى الرش وة وذل ك بتعي ين الاق ارب‬ ‫ضمن منطق )المحسوبية والمنسوبية( ‪Nepotism and cronyism‬‬ ‫أو سرقة أموال الدولة مباشرة‪.‬‬ ‫‪ .٢‬انواع الفساد‬ ‫أ‪ -‬الفساد السياسي ‪ .‬اساءة استخدام السلطة العامة )الحكومة( من قبل النخب الحاكمة لاھداف‬ ‫غي ر مش روعة كالرش وة ‪ Bribery‬والابت زاز‪ Graft‬والمحس وبية ‪ Nepotism‬والاخ تلاس‬ ‫‪ Embezzlement‬والمحاب اة‪.Favoritism‬‬ ‫ب‪ -‬الفساد المالي‪ .‬يشمل مجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والاحكام المالية التي تنظم‬ ‫سير العمل الاداري والمالي في الدولة ومؤسساتھا‪.‬‬ ‫ج‪ -‬الفساد الإداري‪ .‬يتعلق بمظاھر الفساد والانحرافات الادارية والوظيفية او التنظيمية ضمن‬ ‫منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية‪.‬‬

‫د‪.‬الفساد الدولي ‪ .‬ھذا النوع من الفساد يأخذ م دى واس عاً عالمي ا يعب ر ح دود ال دول وحت ى الق ارات ض من م ا يطل ق‬ ‫علي ه )بالعولم ة( بف تح الح دود والمع ابر ب ين ال بلاد وتح ت مظل ة ونظ ام الاقتص اد الح ر‪. .‬‬ ‫ت رتبط المؤسس ات الاقتص ادية للدول ة داخ ل وخ ارج البل د بالكي ان السياس ي أو قيادت ه لتمري ر من افع اقتص ادية نفعي ة‬ ‫يصعب الفصل بينھما لھذا يكون ھ ذا الفس اد أخطبوطي اً يل ف كيان ات واقتص ادات عل ى م دى واس ع ويعتب ر الأخط ر‬ ‫نوعاً ‪.‬‬ ‫‪.‬د‪ -‬فساد محلي ‪: -‬وھو الذي ينتشر داخل البلد الواحد في منشأته الاقتصادية وضمن المناصب الصغيرة ومن ال ذين‬ ‫لا ارتباط لھم خارج الحدود مع شركات أو كيانات كبرى أو عالمية‪.‬‬ ‫‪ .٣‬معايير قياس الفساد‬ ‫تقول منظمة الشفافية أن البلدان التي تعاني من بيئة سياسية وأمنية مضطربة مثل اليمن وإيران والع راق ت أتي ف ي‬ ‫مقدمة الدول التي تقل فيھا الشفافية وينتشر فيھا الفساد‪ .‬وتضيف إن البلدان المذكورة تواج ه تح ديات بن اء مؤسس ات‬ ‫متينة وشفافة مع اعتماد آليات ملائمة للمساءلة‪.‬‬ ‫وتشير المنظمة الى أن بلدانا أخرى مثل المغرب ومصر ولبنان ُينظر إليھا على أنھا لا تزال تعاني من درجة عالية‬ ‫من الفساد رغم أن حكوماتھا تعلن محاربتھا للفساد بشكل مفت وح باعتب اره عائق ا رئيس يا أم ام جھ ود التنمي ة وقض ية‬ ‫تعزيز النزاھة والمساءلة في القطاعات العامة والخاصة‪.‬‬ ‫ويظھ ر تص نيف منظم ة الش فافية تحس ن مرات ب ك ل م ن قط ر والإم ارات وعم ان والبح رين والأردن و أن تحس ن‬ ‫س جل الإم ارات عل ى وج ه التحدي د ُيع زى إل ى مقاض اة المت ورطين ف ي الفس اد وم نھم بع ض المس ؤولين التنفي ذيين‬ ‫الإماراتيين‪ ،‬إضافة إلى تعزيز دور ھيئة الرقابة المالية ھناك‪.‬‬ ‫ان قياس الفساد بلغة الإحصاءات ليس أمرا سھلا إلا ان منظمة الشفافية الدولي ة* تق دم ثلاث ة مع ايير تق وم بتح ديثھا‬ ‫سنويا لقياس الفساد وھي‪-:‬‬ ‫أ‪ -‬مؤشر ادراك الفساد القائم على أراء الخبراء حول أحوال البلدان الفاسدة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬المقياس العالمي للفساد القائم على استطلاعات مواقف الراي العام وخبرتھم مع الفساد‪.‬‬ ‫ج‪ -‬استطلاع دافعي الرشى الذي يبحث في استعداد الشركات الاجنبية لدفع الرشوة‪.‬‬ ‫ويش كل الفس اد عن د منظم ة الش فافية الدولي ة تح ديا خطي را ف ي وج ه التنمي ة الاقتص ادية والسياس ية‪ ،‬فعل ى الص عيد‬ ‫السياسي يقوض الديمقراطية والحكومة الجيدة بتعويم او حتى بتغيي ر مس ار العملي ة السياس ية ك ذلك تقويض ه لمس ار‬ ‫التنمي ة الاقتص ادية ف ي ح دوث تش وھات ھيكلي ة ف ي الاقتص اد وح الات عج ز ض خمة ويول د الفس اد الاقتص ادي‬ ‫تش وھات اقتص ادية ف ي القط اع الع ام ع ن طري ق تحوي ل اس تثمار الم ال الع ام ال ى مش روعات رأس مالية تكث ر فيھ ا‬ ‫الرشوة ويلجأ المسؤولون الى حيل في زيادة التعقيدات الفنية لمش اريع القط اع الع ام لإخف اء او لتمھي د الطري ق لھ ذه‬ ‫التعاملات غير المشروعة‪.‬‬

‫ھكذا تمتد ثقافة الفساد في بعض الدول لتش مل ك ل ن واحي الحي اة مم ا يجع ل م ن الص عب القي ام ب اي مش روع دون‬ ‫اللجوء الى الرشوة‪.‬‬ ‫_____________________________________‬ ‫)*( منظمة الشفافية الدولية‪ .‬ھي منظمة غير حكومية تأسست في سنة ‪١٩٩٣‬مقرھا الرئيسي‬ ‫في برلين ھدفھا الاساس كبح الفساد ومواجھته وشعارھا )معاملات شفافة ونزيھ ة( وتض م حالي ا فروع ا لھ ا ف ي‬ ‫اكثر من تسعين دولة وتقوم المنظمة بنشر تقرير دولي حول الفساد‪.‬‬ ‫وتضيف المنظمة الى أن انتشار الفساد يؤدي أيضا إلى انحسار ثقة أف راد الش عب ف ي مؤسس ات الدول ة والحكوم ات‬ ‫الناشئة التي ُيفترض أنھا تحمي استمرار الدولة واستقرارھا‪ ،‬حيث تراوحت درجة ثق ة الش عب العراق ي بحكومت ه*‬ ‫من ‪ ١٫٢‬الى ‪. ١٫٨‬‬ ‫ولاحظت المنظمة أن من الأسباب التي تدعو إلى القلق الب الغ اس تمرار ش بح الفس اد عن دما تع م حال ة اللاش فافية ف ي‬ ‫الممارس ات العام ة وتحت اج المؤسس ات إل ى دع م ومس اندة تعج ز الحكوم ات ع ن تطبي ق الآلي ات القانوني ة لمكافح ة‬ ‫الفساد‪.‬‬ ‫ويشير مؤشر ) ‪ ( Global peace index ranking‬الذي أحصى ‪ ١٤٤‬دولة ف ي ع ام ‪ ٢٠٠٨‬ك ان الع راق ق د‬ ‫سجل الرقم الاخير في ھذه السلسلة فيما بلغت درجة عدم الاستقرار السياسي** بـ )‪ (٤٫٣٧٥‬من )‪.( ٥‬‬ ‫فيما سجل العراق الرقم )‪( ١٫٣‬من )‪ (١٠‬في مجال الفساد*** بينما سجل ھذا الرقم )‪ (١٫٥‬في‬ ‫عام ‪. ٢٠٠٩‬‬ ‫ان الحد من الفساد سيكون ُمھمة صعبة وبالغة الأھمية بالنسبة للعراق ال ذي س جل ف ي ع ام ‪ ٢٠٠٧‬حج م فس اد يزي د‬ ‫فق ط عل ى ميانم ار والص ومال وفق ا للتص نيف ال دولي لمف اھيم الفس اد وف ي إط ار جھ وده لإص لاح اقتص اد ض عيف‬ ‫وتجنب تصاعد العنف لقد شغلت البل دان الغي ر مس تقرة والغارق ة ف ي النزاع ات المرات ب ال دنيا وعل ى م ا يب دو ل م‬ ‫يتغير شيء حيث اشارتقرير الشفافية الص ادرفي ‪ ١٧‬تش رين الث اني ‪ ٢٠٠٩‬ال ى ان الع راق تب وأ المرتب ة )‪(١٧٦‬‬ ‫فيما سجلت الصومال الترتيب )‪ (١٨٠‬على سلم الشفافية‪.‬‬ ‫‪ .٤‬ھيكلية المؤسسات العراقية لمكافحة الفساد‬ ‫يتكون النظام العراقي لمكافحة الفساد من ثلاث مؤسسات‪-:‬‬ ‫أ‪ .‬المفتشون العامون للوزارات )‪.(IGS‬‬ ‫ب‪ .‬المجلس الاعلى للتدقيق)ديوان الرقابة المالية()‪.(BSA‬‬ ‫ج‪ .‬لجنة النزاھة ) ‪.**** (COI‬‬ ‫وحسب المصادر فقد تسلمت الھيئة من ذ تاسيس ھا )‪(١٧٦١٠‬تبليغ ات ع ن ح الات فس اد عرض ت منھ ا اكث ر م ن ‪١٢‬‬ ‫الف دعوة على القضاء وبلغ عدد المحكومين )‪ (٣٩٦‬شخصا‪.‬‬

‫لقد تعرضت الھيئ ة لض غوط م ن ق ادة سياس يين رفيع ي المس توى ف ي الدول ة لحض ھا عل ى رف ض النظ ر ف ي بع ض‬ ‫القضايا كما تعرضت مكاتب الھيئة في بغداد والمحافظات الى ھجمات وتھديد موظفيھا بالقتل‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫)*( بلغت أعلى نسبة لـ نيوزلندا وھي‪ ٩٫١‬الى ‪٩٫٥‬‬ ‫)**( ينحصر ھذا الرقم بين ‪ ٠‬الى ‪١٠‬‬ ‫‪ =١٠‬الدول الاكثر نظافة من حيث عدم وجود الفساد‬ ‫‪ = ٠‬الدول الاكثر فسادا‬ ‫)***( ينحصر ھذا الرقم بين ‪ ١‬و ‪ =١ .٥‬الدول الاكثر استقرارا‬ ‫)****(يذكر ان الھيئة جھاز حكومي مستقل‪ ،‬تأسس بموجب الامر ‪ ٥٥‬في عھد الحاكم المدني‬ ‫الأميرك ي ب ول بريم ر ‪ ،٢٠٠٣‬ويك ون رئيس ھا المع ين لم دة خم س س نوات غي ر قابل ة للتجدي د‪ ،‬مس ؤولاً ع ن تنفي ذ‬ ‫قوانين الفساد في العراق‪.‬‬ ‫ويشير احد المسؤولين الى انه ل م تت وفر ل دينا مع ايير لحس اب النزاھ ة والش فافية حت ى يمكنن ا بموج ب ھ ذه المع ايير‬ ‫حساب نسب الفساد‪ ،‬وبعض المنظمات الدولية مثل منظمة الشفافية العالمية تعمل اس تطلاعات لعين ات عش وائية م ن‬ ‫المجتمع العراقي ومن ث م يص نف الع راق ض من ال دول الت ي ترتف ع فيھ ا نس ب الفس اد‪ ،‬مم ا ح دا بھيئ ة النزاھ ة ال ى‬ ‫دراسة معايير خاصة للشفافية والنزاھة‪ ،‬وحال اكتمال ھذه المعايير يمكننا ان نض ع النس ب الص حيحة لك ن لا توج د‬ ‫معادلة رياضية آنية لحساب حالات الفساد في الوزارات العراقي‪.‬‬ ‫يؤكد المسؤولون العراقيون على أن \"سياسة الاحتلال\" كانت أح د أھ م الأس باب وراء تفش ي تل ك الظ اھرة بم ا ھ ي‬ ‫عليه الان‪ ،‬وان بعض رموز ھذا الاح تلال مت ورط بعملي ات الفس اد تل ك مث ل ق ادة عس كريين ف ي الج يش الاميرك ي‬ ‫وبعض المستشارين الاجانب الذين عملوا في الوزارات العراقية‪.‬‬ ‫وأكد عب د الباس ط ترك ي رئ يس دي وان الرقاب ة المالي ة‪ ،‬عل ى ان \"اح تلال الع راق وتخري ب بن اه التحتي ة س اعد عل ى‬ ‫تفشي مشكلة الفساد بصورة اكب ر مم ا ك ان علي ه الوض ع ف ي مطل ع تس عينيات الق رن الماض ي بع د ف رض الحص ار‬ ‫الاقتصادي على العراق الذي أدى الى ظھور بواكير الفساد المالي والاداري في البلاد\"‪.‬‬ ‫وقال تركي في تصريح لـ)نقاش(\"ھناك تبديد أموال بقيمة ‪ ٨٫٨‬مليار دولار خلال فترة سلطة الائتلاف التي ترأس ھا‬ ‫الحاكم المدني للعراق بول بريمر الذي عطل الدور التحقيقي للديوان بسبب ما فرضه من إج راءات‪ ،‬وھ و م ا ش جع‬ ‫وفتح الباب واسعا امام المفسدين سواء كانوا عراقيين أم أجان ب متعاق دين م ع الولاي ات المتح دة الاميركي ة\"‪ ،‬مؤك دا‬ ‫ان س لطة الائ تلاف مس ؤولة ع ن ج زء كبي ر م ن الفس اد الم الي والاداري ال ذي حص ل ف ي ال بلاد خ لال الس نوات‬ ‫الماضية‪.‬‬ ‫واضاف عبد الباسط \" ان بريمر عمد الى تعطيل عمل ديوان الرقابة المالية كما ان ه اس تولى عل ى الام وال العراقي ة‬ ‫المخصصة لإعادة الاعمار والبناء وقام بصرفھا من دون اي استراتيجية واضحة\"‪.‬‬ ‫ولفت المسؤول العراقي الى ان بلاده تحتاج الى كشف دقيق للأموال الت ي ت م ص رفھا ف ي مختل ف القطاع ات خ لال‬

‫السنوات الماضية‪ ،‬ومحاسبة المفسدين الذين حازوا على المال الع ام بغ ض النظ رعن الجھ ات وال دول الت ي ينتم ون‬ ‫اليھا‪.‬‬ ‫من جھته رجح مھدي الحافظ‪ ،‬وزير التخط يط الس ابق ورئ يس المعھ د العراق ي للتنمي ة أن يك ون الص راع السياس ي‬ ‫عل ى الس لطة ف ي الع راق س ببا آخ ر لتفش ي الفس اد ف ي مفاص ل ومؤسس ات الدول ة‪ ،‬لافت ا إل ى أن \"احت دام الص راع‬ ‫السياس ي عل ى ص عيد الس لطة ترت ب علي ه ظھ ورمراكز حكومي ة عدي دة متناقض ة المص الح ومدعوم ة بفص ائل‬ ‫مسلحة\"‪.‬‬ ‫وقال لـ )نقاش( \"ان ھذا الصراع أوجد المن اخ الملائ م لاتس اع ظ اھرة الفس اد ف ي ظ روف ع دم الاس تقرار السياس ي‬ ‫والاحت راب الط ائفي وت دھور الحال ة الأمني ة وغي اب الحماي ة المطلوب ة للأجھ زة والھيئ ات والمس ؤولين المكلف ين‬ ‫بمكافح ة الفس اد\"‪ ،‬مؤك دا أن مكافح ة الفس اد لايمك ن بلوغھ ا م ا ل م يجرالعم ل ج ديا ب احترام وف رض آلي ات فعال ة‬ ‫ومدعومة من الدولة والرأي العام‪.‬‬ ‫‪ .٥‬إصلاح قوانين مكافحة الفساد في العراق‬ ‫رفعت النزاھة العامة دعوى أمام المحكمة الدستورية لإلغاء المادة ) ‪١٣٦‬ب( المعرقلة لعملھا‪.‬‬ ‫وتنص المادة ) ‪١٣٦‬ب( من قانون اصول المحاكمات الجزائي ة العراق ي عل ى أن تم نح ص لاحيات لل وزير العراق ي‬ ‫وتمكن ه م ن إيق اف اكم ال عملي ة التحقي ق م ع بع ض المس ؤولين ف ي ال وزارات والھيئ ات والمؤسس ات العراقي ة ف ي‬ ‫عمليات الفساد الاداري والمالي‬ ‫وأن يناقش مجل س الن واب الق رار)‪ (١١٧‬لع ام ‪ ٢٠٠٣‬ال ذي س نه الح اكم الم دني ب ول بريم ر وال ذي أعط ى حص انة‬ ‫لقواته وأعوانه من ملاحقة القضاء العراقي‪ ،‬ومطالبة حكومة الاحتلال بإنھائه فوراً‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من تغيي ر الاوض اع ف ي الع راق الا أن ه ل م ي تم تغيي ر مث ل ھ ذه الق وانين فم ن يمتل ك س لطة تغيي ر ھ ذه‬ ‫القوانين ھي السلطة التشريعية وعليھا ان تستحدث او تحدث القوانين بما يتناسب مع الحالة العراقي ة الجدي دة‪ ،‬وأح د‬ ‫ھذه الاجراءات ھو دائرة المفتش العام وھو مستحدث وفق امر )‪ (٥٧‬صادر من مجلس الحكم كثاني جھاز لمكافحة‬ ‫الفساد يعمل بالتنسيق مع ھيئة النزاھة وأحد مصادر تلقي الاخبار لھيئة النزاھة مع ديوان الرقاب ة المالي ة ل ذا ف دائرة‬ ‫المفتش العام كانت مرتبطة بمكتب الوزير فلا يمك ن للس لطتين ان تعم لا مع ا )الس لطة التنفيذي ة والس لطة الرقابي ة(‪،‬‬ ‫واش ار المتح دث الرس مي لھيئ ة النزاھ ة* ان ذاك ان جھ ات خارجي ة س اھمت ف ي ازدي اد ح الات الفس اد و أن دول‬ ‫الاقليم والدول الاخرى لھا دور كبير في استفحال الفساد وفق قناعتن ا كجھ از متخص ص بمكافح ة الفس اد و ھ و م ن‬ ‫خلال جانبين‪:‬‬ ‫الجانب الأول‪.‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook