Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore مكتبة نور - اليوم النبوي 2

مكتبة نور - اليوم النبوي 2

Published by إيمان بنت مانع, 2021-10-20 08:32:46

Description: مكتبة نور - اليوم النبوي 2

Search

Read the Text Version

‫اليوم النبوي‬ ‫َع ِرجت روحه إلى الملأ الأعلى‪ ،‬وغشيته أنوار حجاب النور الإلهي؛ فهو ينظ ُر إلى‬ ‫عرش ربه بار ًزا‪ ،‬ويناجيه خال ًيا به‪ ،‬ف َح ْم ُده لربه أبلغ الحمد‪ ،‬وثنا ُؤه عليه أعظم‬ ‫الثناء‪ ،‬ودعا ُؤه له أجمع الدعاء‪ ،‬ولا عجب؛ فهو الذي ُأسري به حتى خرقت له‬ ‫ال َّسبع ال ِّطباق‪ ،‬وارتفع إلى مستوى يسم ُع فيه َر ِصيف الأقلام(‪.)232‬‬ ‫فكان أعلم الخلق بالله‪ ،‬وأكملهم إيما ًنا‪ ،‬وأصدقهم يقينًا‪ ،‬وقال‪ ،‬وص َد َق‬ ‫وب َّر‪« :‬إن أتقاكم وأعلمكم بالله لأنا»(‪.)233‬‬ ‫فإذا قام إلى صلاته استفتحها استفتا َح المع ِّظ ِم لربه‪ ،‬المح ِّب له والمشتاق إليه‪،‬‬ ‫فاستفتا ُحه جوامع التعظيم والحمد والثناء‪.‬‬ ‫فمن فواتح صلواته إذا قام من الليل‪« :‬الله َّم ر َّب جبرائيل وميكائيل‬ ‫وإسرافيل‪ ،‬فاط َر السماوات والأرض‪ ،‬عالمَ الغيب والشهادة‪ ،‬أنت تحك ُم بين‬ ‫عبادك فيما كانوا فيه يختلفون‪ ،‬اهدني لما اخ ُتلف فيه من الحق بإذنك‪ ،‬إنك تهدي‬ ‫َمن تشاء إلى صراط مستقيم»(‪.)234‬‬ ‫‪  (23‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)21288‬و«صحيح البخاري» (‪ ،)3342 ،349‬و«صحيح‬ ‫مسلم» (‪ ،)163‬و«صحيح ابن حبان» (‪.)7406‬‬ ‫ وصريف الأقلام‪..... :‬‬ ‫‪ (23‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)24319 ،23682‬و«صحيح البخاري» (‪ ،)20‬و«سنن أبي‬ ‫داود» (‪ ،)2389‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪.)2926‬‬ ‫‪  (23‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)25225‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)770‬و«سنن أبي داود» (‪،)767‬‬ ‫و«جامع الترمذي» (‪ ،)3420‬و«سنن ابن ماجه» (‪ ،)1357‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن نصر‬ ‫المروزي (ص‪ ،)113‬و«سنن النسائي» (‪ ،)1625‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)1153‬و«صحيح‬ ‫ابن حبان» (‪ ،)2600‬و«سنن البيهقي» (‪ ،)5/3‬و«الدعوات الكبير» للبيهقي (‪.)425‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪101‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫ومنها‪« :‬الله َّم لك الحم ُد‪ ،‬أنت ُنو ُر السموات والأرض و َمن فيه َّن‪،‬‬ ‫ولك الحم ُد‪ ،‬أنت َق ِّي ُم السموات والأرض و َمن فيه َّن‪ ،‬ولك الحم ُد أنت َملِ ُك‬ ‫السموات والأرض و َمن فيه َّن‪ ،‬ولك الحم ُد‪ ،‬لك ُم ْلك السموات والأرض‬ ‫و َمن فيه َّن‪ ،‬ولك الحم ُد‪ ،‬أنت الح ُّق‪ ،‬ووعدك الح ُّق‪ ،‬ولقا ُؤك ح ٌّق‪ ،‬وقو ُلك ح ٌّق‪،‬‬ ‫والجنة ح ٌّق‪ ،‬والنار ح ٌّق‪ ،‬والنبيون ح ٌّق‪ ،‬ومحم ٌد صلى الله عليه وآله وسلم ح ٌّق‪،‬‬ ‫والساعة ح ٌّق‪ ،‬الله َّم لك أسلم ُت‪ ،‬وبك آمن ُت‪ ،‬وعليك توكل ُت‪ ،‬وإليك أنب ُت‪،‬‬ ‫وبك خاصم ُت‪ ،‬وإليك حاكم ُت‪ ،‬فاغف ْر لي ما ق َّدم ُت وما أ َّخر ُت‪ ،‬وما أسرر ُت‪،‬‬ ‫وما أعلن ُت‪ ،‬أنت إلهي‪ ،‬لا إله غيرك‪ ،‬أنت المق ِّدم‪ ،‬وأنت المؤ ِّخر‪ ،‬لا إله إلا أنت‪،‬‬ ‫ولا حو َل ولا ق َّو َة إلا بالله»(‪.)235‬‬ ‫ومنها‪« :‬و َّجه ُت وجهي للذي فط َر السماوات والأرض حني ًفا‪ ،‬وما أنا من‬ ‫المشركين‪ ،‬إ َّن صلاتي و ُن ُسكي ومحَ ْ َياي ومماتي لله ر ِّب العالمين‪ ،‬لا شري َك له‪ ،‬وبذل َك‬ ‫أمر ُت‪ ،‬وأنا من المسلمين‪ ،‬الله َّم أنت الملِ ُك‪ ،‬لا إله إلا أنت؛ أنت ربيِّ وأنا عب ُدك‪،‬‬ ‫ظلم ُت نفسي‪ ،‬واعترف ُت بذنبي‪ ،‬فاغف ْر لي ذنوبي جمي ًعا‪ ،‬إنه لا يغف ُر الذنو َب إ اَّل‬ ‫أنت‪ ،‬واهدني لأحسن الأخلاق‪ ،‬لا يهدي لأحسنها إِ َاّل أنت‪ ،‬واصر ْف عنِّي س ِّيئها‬ ‫لا يصر ُف عنِّي س ِّيئها إِ اَّل أنت‪ ،‬لبيك وسعديك‪ ،‬والخي ُر ك ُّله في يديك‪ ،‬والش ُّر‬ ‫‪ (23‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)3368 ،2710‬و«صحيح البخاري» (‪،)7499 ،1120‬‬ ‫و«صحيح مسلم» (‪ ،)769‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)771‬و«جامع الترمذي» (‪،)3418‬‬ ‫و«سنن ابن ماجه» (‪ ،)1355‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن نصر المروزي (ص‪،)113‬‬ ‫و«سنن النسائي» (‪ ،)1619‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)1152 ،1151‬و«مسند أبي‬ ‫عوانة» (‪ ،)2233-2227‬و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)2597‬و«الدعاء» للطبراني (‪،)753‬‬ ‫و«الدعوات الكبير» للبيهقي (‪ ،)421‬و«شرح السنة» للبغوي (‪.)950‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 102‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫ليس إليك‪ ،‬أنا بك وإليك‪ ،‬تبارك َت وتعالي َت‪ ،‬أستغفرك وأتو ُب إليك»(‪.)236‬‬ ‫ثم إذا قرأ فإنه يقرأ قراءة متر ِّسلة مر َّتلة‪ ،‬لا يم ُّر بآية رحمة إِلاَّ سأل‪ ،‬ولا آية‬ ‫عذاب إلا استعاذ‪ ،‬ولا آية تسبيح إلا س َّبح(‪.)237‬‬ ‫وكان إذا قام أطال قيامه؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه‪« :‬صلي ُت مع رسول‬ ‫الله صلى الله عليه وآله وسلم ليل ًة‪ ،‬فلم يزل قائماً حتى همم ُت بأمر سوء»‪ .‬قيل‪ :‬وما‬ ‫همم َت به؟ قال‪« :‬همم ُت أن أقعد وأذر النب َّي صلى الله عليه وآله وسلم»(‪.)238‬‬ ‫وقد يطي ُل القراءة ويق ِّلل الركعات‪ ،‬وقد يقتصد في القراءة‪ ،‬فيزيد في‬ ‫‪ (23‬ينظر‪« :‬مسند الطيالسي» (‪ ،)147‬و«مسند أحمد» (‪ ،)803 ،729‬و«صحيح مسلم»‬ ‫(‪ ،)771‬و«سن أبي داود» (‪ ،)760‬و«جامع الترمذي» (‪ ،)3423 ،3421‬و«الآحاد‬ ‫والمثاني» (‪ ،)1993‬و«سنن النسائي» (‪ ،)897‬و«مسند أبي يعلى» (‪ ،)574‬و«صحيح ابن‬ ‫خزيمة» (‪ ،)462‬و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)1771‬و«الدعاء» للطبراني (‪ ،)494‬و«سنن‬ ‫البيهقي» (‪ ،)32/2‬و«الدعوات الكبير» للبيهقي (‪ ،)72‬وما سيأتي في القول في ركوعه‬ ‫وسجوده صلى الله عليه وآله وسلم‪.‬‬ ‫‪  (23‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)23311 ،23261‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)772‬و«سنن ابن‬ ‫ماجه» (‪ ،)1351‬و«تعظيم قدر الصلاة» لمحمد بن نصر المروزي (‪ ،)315‬و«سنن النسائي»‬ ‫(‪ ،)1664 ،1009‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)684 ،542‬و«مسند أبي عوانة» (‪،)1706‬‬ ‫و«سنن البيهقي» (‪ ،)309/2‬وما تقدم في قراءته صلى الله عليه وآله وسلم في الفجر‪.‬‬ ‫‪ (23‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)4199 ،3766 ،3646‬و«صحيح البخاري» (‪،)1135‬‬ ‫و«صحيح مسلم» (‪ ،)773‬و«سنن ابن ماجه» (‪ ،)1418‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن‬ ‫نصر المروزي (ص‪ ،)130-129‬و«مسند أبي يعلى» (‪ ،)5165‬و«صحيح ابن خزيمة»‬ ‫(‪ ،)1154‬و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)2141‬و«سنن البيهقي» (‪.)8/3‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪103‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫الركعات‪ ،‬ولم تزد صلاته بالليل على ثلاث عشرة ركعة(‪.)239‬‬ ‫وكان يطيل ركوعه‪ ،‬فكان ركوعه قري ًبا من قيامه(‪.)240‬‬ ‫وكان يقول في ركوعه‪« :‬ال َّله َّم لك ركع ُت‪ ،‬وبك آمن ُت‪ ،‬ولك أسلم ُت‪،‬‬ ‫وعليك توكل ُت‪ ،‬أنت ربي‪َ ،‬خ َش َع لك سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي‬ ‫وعصبي لله ر ِّب العالمين‪ ،‬سبحان ذي الجبروت والكبرياء والعظمة»(‪.)241‬‬ ‫وكان يكث ُر أن يقو َل في آخر حياته في ركوعه وسجوده‪« :‬سبحانك الله َّم‬ ‫ربنا وبحمدك‪ ،‬الله َّم اغف ْر لي»‪ .‬فسألته عائشة رضي الله عنها عن ذلك؟ فقال‪:‬‬ ‫«أخبرني ربيِّ أني س َأ َرى علام ًة في أمتي‪ ،‬فإذا رأي ُتها أكثر ُت من قول‪ :‬سبحان الله‬ ‫وبحمده‪ ،‬أستغفر الله وأتوب إليه‪ .‬فقد رأي ُتها‪ :‬ﱹﭱﭲﭳﭴﭵ‬ ‫‪ (23‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)26358 ،25447 ،24116 ،24073‬و«صحيح البخاري»‬ ‫(‪ ،)3569 ،1170 ،1147‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)738 ،737‬و«سنن أبي داود» (‪،)1341‬‬ ‫و«جامع الترمذي» (‪ ،)439‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن نصر المروزي (ص‪-120‬‬ ‫‪ ،)121‬و«سنن النسائي» (‪ ،)1697‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)2304 ،1166‬و«مسند‬ ‫أبي عوانة» (‪ ،)3052‬و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)2430‬و«سنن البيهقي» (‪ ،)495/2‬و«فتح‬ ‫الباري» (‪.)21/3‬‬ ‫‪ (24‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)23367‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)772‬وما تقدم في قراءته صلى الله‬ ‫عليه وآله وسلم مترسلة مرتلة‪.‬‬ ‫‪  (24‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)23980 ،960‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)771‬و«سنن أبي داود»‬ ‫(‪ ،)873‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن نصر المروزي (ص‪ ،)183-182‬و«سنن النسائي»‬ ‫(‪ ،)1052 ،1051 ،1049‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)607‬و«المعجم الكبير» للطبراني‬ ‫(‪ ،)530-525‬و«سنن البيهقي» (‪ ،)310/2‬وما تقدم في استفتاحه صلى الله عليه وآله‬ ‫وسلم‪« :‬وجهت وجهي‪.»...‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 104‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ‬ ‫ﮂﮃﮄﮅﮆﱸ [النصر‪ .)242(»]3-1:‬وكان هذا إيذانا بدنو‬ ‫أجله‪ ،‬وقرب لحوقه بال َّرفيق الأَ ْعلىَ ‪.‬‬ ‫وكان يطيل سجوده قري ًبا من ركوعه‪ ،‬ويبتهل فيه إلى ربه بأنواع المسألة‪ ،‬فهو‬ ‫الذي قال‪« :‬أقر ُب ما يكون العب ُد من ربه وهو ساجد‪ ،‬فأكثروا الدعا َء»(‪.)243‬‬ ‫وكان يقول في سجوده‪« :‬الله َّم لك سجد ُت‪ ،‬وبك آمن ُت‪ ،‬ولك أسلم ُت‪،‬‬ ‫وأنت ربي‪ ،‬سجد وجهي للذي خلقه‪ ،‬وص َّوره فأحس َن ُص َوره‪ ،‬وش َّق سمعه‬ ‫وبصره‪ ،‬فتبارك اللهُ أحس ُن الخالقين‪ ،‬الله َّم اغفر لي ذنبي كله‪ِ ،‬د َّق ُه و ِج َّله‪ ،‬وأ َّوله‬ ‫وآ ِخ َره‪ ،‬وعلانيته ورسَّ ه‪ ،‬الله َّم إنيِّ أعو ُذ برضا َك من س َخطِ َك‪ ،‬وب ُمعافات َك من‬ ‫ُع ُقوبتِ َك‪ ،‬وأعو ُذ ب َك من َك‪ ،‬لا ُأ ْح يِص ثنا ًء عليك‪ ،‬أن َت كما أثني َت على نفسك‪،‬‬ ‫‪  (24‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)25567 ،24685‬و«صحيح البخاري» (‪،)4968 ،817‬‬ ‫و«صحيح مسلم» (‪ ،)484‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)877‬و«سنن ابن ماجه» (‪ ،)889‬و«مختصر‬ ‫قيام الليل» لمحمد بن نصر المروزي (ص ‪ ،)182‬و«سنن النسائي» (‪ ،)1047‬و«صحيح ابن‬ ‫خزيمة» (‪ ،)605‬و«مسند أبي عوانة» (‪ ،)1885-1881‬و«صحيح ابن حبان» (‪،1929‬‬ ‫‪ ،)1930‬و«الدعاء» للطبراني (‪ ،)604-600‬و«الدعوات الكبير» للبيهقي (‪،)2662‬‬ ‫و«سنن البيهقي» (‪ ،)109/2‬و«شرح السنة» للبغوي (‪.)6180‬‬ ‫‪ (24‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)9461‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)482‬و«سنن أبي داود» (‪،)875‬‬ ‫و«تعظيم قدر الصلاة» لمحمد بن نصر المروزي (‪ ،)297-295‬و«سنن النسائي» (‪،)1137‬‬ ‫و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)1928‬و«الدعاء» للطبراني (‪ ،)613-611‬و«سنن البيهقي»‬ ‫(‪ ،)110/2‬وما تقدم في إطالته صلى الله عليه وآله وسلم الركوع‪.‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪105‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫س ُّبو ٌح ق ُّدو ٌس‪ ،‬ر ُّب الملائكة وال ُّروح»(‪.)244‬‬ ‫ويا لله لهذا النبي الكريم وهو يخافت ربه في سكون الليل بهذه النجوى‪،‬‬ ‫ويذكر ربه هذا الذكر المفعم بالتق ِّديس والتعظيم والتأ ُّله والاستكانة‪ ،‬أي أفق‬ ‫علوي تع ُرج إليه روح هذا النبي وتس ُمو إليه أشواقه وهو يذكر هذا الذكر‬ ‫ويتب َّتل لربه هذا التب ُّتل! لكأن جبال الأرض تصغي إليه‪ ،‬ونجوم السماء تنظر‬ ‫إليه‪ ،‬ثم تتناجى وتقول هذا الذي أنزل عليه‪ :‬ﱹﭼ ﭽﭾﭿﮀ ﮁ ﱸ‬ ‫[المزمل‪.]8:‬‬ ‫ولا يزال نب ُّيك صلى الله عليه وآله وسلم يقطع آناء الليل بين قراءة خاشعة‬ ‫ومسألة ضارعة وتسبيح قدسي‪ ،‬إلى أن يبقى سدس الليل‪.‬‬ ‫يبي ُت يجافي جن َبه ع ْن فِ َرا ِشه إذا استثق َل ْت بالمشركي َن المضاج ُع‬ ‫فإذا أتم قيامه وأراد أن ُيوتر أيقظ زوجه ل ُتوتر معه(‪.)245‬‬ ‫‪ (24‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)25655 ،24312 ،24063‬و«صحيح مسلم» (‪،486 ،483‬‬ ‫‪ ،)487‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)879 ،878 ،872‬و«جامع الترمذي» (‪ ،)3493‬و«سنن ابن‬ ‫ماجه» (‪ ،)3841 ،1054‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن نصر المروزي (ص‪ ،)182‬و«سنن‬ ‫النسائي» (‪ ،)1134 ،1128 ،1127 ،1100 ،169‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪،655 ،654‬‬ ‫‪ ،)673-671‬و«مسند أبي عوانة» (‪ ،)1880 ،1608‬و«صحيح ابن حبان» (‪،1931 ،1899‬‬ ‫‪ ،)1978 ،1933‬و«الدعاء» للطبراني (‪ ،)607 ،582‬و«المستدرك» (‪ ،)263/1‬و«سنن‬ ‫البيهقي» (‪ ،)110 ،87/2( ،)127/1‬و«شرح السنة» للبغوي (‪ ،)620‬وما تقدم في استفتاحه‬ ‫صلى الله عليه وآله وسلم‪« :‬وجهت وجهي‪ ،»...‬وقوله في الركوع‪« :‬اللهم لك ركعت‪.»...‬‬ ‫‪ (24‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)25697 ،25696 ،25599 ،24236‬و«صحيح البخاري»‬ ‫(‪ ،)997 ،512‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)744 ،512‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)711‬و«سنن‬ ‫النسائي» (‪ ،)759‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)824 ،823‬و«مسند أبي عوانة» (‪،1419‬‬ ‫‪ ،)1420‬و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)2344‬و«سنن البيهقي» (‪.)128 /1‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 106‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫وكان ُيوتر بثلاث ركعات‪ ،‬يقرأ في الأولى‪ :‬ﱹﮟﮠﮡﮢﱸ‪ ،‬وفي‬ ‫الثانية‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﱸ‪ ،‬وفي الثالثة‪ :‬ﱹ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔﱸ‪.‬‬ ‫وكان يضيف إليها أحيا ًنا‪ :‬ﱹ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﱸ‪ ،‬وﱹ ﮀ ﮁ ﮂ‬ ‫ﮃﱸ(‪.)246‬‬ ‫وكان يقول في آخر وتره‪« :‬الله َّم إني أعوذ برضاك من سخطِ َك‪ ،‬وبمعافاتِ َك‬ ‫من عقوبتك‪ ،‬وأعو ُذ ب َك من َك‪ ،‬لا ُأ ْح يِص ثنا ًء علي َك‪ ،‬أن َت كما أثني َت على‬ ‫نفسك»(‪.)247‬‬ ‫فإذا فرغ من وتره قال‪« :‬سبحا َن ال َمل ِك الق ُّدوس‪ ،‬سبحا َن المل ِك الق ُّدوس‪،‬‬ ‫سبحا َن ال َمل ِك الق ُّدوس»‪ .‬يطي ُل الثالث َة ويمد بها صوته(‪.)248‬‬ ‫‪ (24‬ينظر‪« :‬مسند الطيالسي» (‪ ،)548‬و«مسند أحمد» (‪-15354 ،2725 ،2720‬‬ ‫‪ ،)25906 ،15362‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)1423‬و«جامع الترمذي» (‪،)463 ،462‬‬ ‫و«سنن ابن ماجه» (‪ ،)1173-1171‬و«مختصر كتاب الوتر» لمحمد بن نصر المروزي‬ ‫(ص‪ ،)303 ،291‬و«سنن النسائي» (‪ ،)1733-1729 ،1702-1699‬و«صحيح ابن‬ ‫حبان» (‪ ،)2442‬و«المستدرك» (‪ ،)521 ،520 ،357/2( ،)305/1‬و«سنن البيهقي»‬ ‫(‪ ،)38-37/3‬و«الدعوات الكبير» للبيهقي (‪.)436 ،435‬‬ ‫‪ (24‬ينظر‪« :‬مسند الطيالسي» (‪ ،)125‬و«مسند أحمد» (‪ ،)1295 ،957 ،751‬و«مسند‬ ‫عبد بن حميد» (‪ ،)81‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)1427‬و«جامع الترمذي» (‪ ،)3566‬و«سنن‬ ‫ابن ماجه» (‪ ،)1179‬و«سنن النسائي» (‪ ،)1747‬و«مسند أبي يعلى» (‪ ،)275‬و«الدعاء»‬ ‫للطبراني (‪ ،)751‬و«المستدرك» (‪ ،)306/1‬و«سنن البيهقي» (‪ ،)29/3‬و«الدعوات‬ ‫الكبير» للبيهقي (‪.)437‬‬ ‫‪  (24‬ينظر‪« :‬مسند الطيالسي» (‪ ،)548‬و«مسند أحمد» (‪ ،)15362-15354‬و«مختصر كتاب‬ ‫الوتر» لمحمد بن نصر المروزي (ص‪ ،)303‬و«سنن النسائي» (‪،1732 ،1729 ،1701 ،1699‬‬ ‫‪ ،)1733‬و«الدعوات الكبير» للبيهقي (‪ ،)436 ،435‬وما تقدم في قراءته من صلاة الوتر‪.‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪107‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫وقد كان نب ُّيك صلى الله عليه وآله وسلم يص ِّيل في حجرته التي زوى عنها‬ ‫ترف العيش و َن ِعيم الدنيا‪ ،‬فر َّبما صلىَّ على الخُ ْمرة‪ ،‬وهي َح ِصير صغير بقدر ما‬ ‫يسجد عليه‪ ،‬وربما صلىَّ ولا فراش له إلا فراش زوجه‪ ،‬فيص ّيِل وهي معترضة‬ ‫أمامه‪ ،‬ولم يكن في بيوته مصابيح‪ ،‬فإذا أراد أن يسجد غمزها‪ ،‬فتكف رجليها عن‬ ‫موضع سجوده‪ ،‬فإذا قام بسطتها(‪.)249‬‬ ‫وربما خرج فصلىَّ في المسجد أحيا ًنا قليلة‪ ،‬وكأنما يفعل ذلك لأمر عارض‪،‬‬ ‫أحسبه خشية أن يوقظ زوجته بصلاته إذا صلىَّ عندها وهي نائمة‪ ،‬فيص ِّيل في‬ ‫المسجد‪ ،‬فقد قالت عائشة رضي الله عنها‪ :‬فقد ُت النب َّي صلى الله عليه وآله وسلم‬ ‫ليل ًة في الفراش‪ ،‬فالتمس ُته‪ ،‬فوقع ْت يدي على بطن قدميه وهما منصوبتان في‬ ‫المسجد‪،‬وهويقول‪«:‬الله َّمأعو ُذبرضاكمنسخطك‪،‬وبمعافاتكمنعقوبتك‪،‬‬ ‫وأعو ُذ ب َك من َك‪ ،‬لا ُأ ْح ِيص ثنا ًء علي َك أن َت كما أثني َت على نفسك»(‪.)250‬‬ ‫‪  (24‬ينظر‪« :‬مسند الطيالسي» (‪ ،)1731 ،1648‬و«مسند أحمد» (‪،5660 ،2426‬‬ ‫‪ ،)26808 ،26578 ،25489 ،25163 ،25148‬و«صحيح البخاري» (‪،381 ،379‬‬ ‫‪ ،)1209 ،382‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)512‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)656‬و«جامع الترمذي»‬ ‫(‪ ،)331‬و«سنن ابن ماجه» (‪ ،)1028‬و«سنن النسائي» (‪ ،)738 ،168‬و«مسند أبي يعلى»‬ ‫(‪ ،)6884 ،4888‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)1007‬و«صحيح ابن حبان» (‪،2312‬‬ ‫‪ ،)2348 ،2346 ،2342‬و«سنن البيهقي» (‪.)421 ،264/2( ،)128/1‬‬ ‫‪ (25‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)25655‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)486‬و«سنن أبي داود» (‪،)879‬‬ ‫و«سنن ابن ماجه» (‪ ،)3841‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن نصر المروزي (ص‪،)181‬‬ ‫و«سنن النسائي» (‪ ،)169‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)654‬و«صحيح ابن حبان» (‪،)1932‬‬ ‫و«سن البيهقي» (‪ ،)126/1‬و«الدعوات الكبير» للبيهقي (‪ ،)219‬وما تقدم من قوله في‬ ‫سجوده‪.‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 108‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫وقالت أي ًضا‪ :‬فقد ُته ذا َت ليل ٍة‪ ،‬فظنن ُت أنه ذهب إلى بعض نسائه‪ ،‬فتح َّسس ُت‪،‬‬ ‫ثم رجع ُت‪ ،‬فإذا هو راكع أو ساجد‪ ،‬يقول‪« :‬سبحانك وبحمدك‪ ،‬لا إله إلا‬ ‫أن َت»‪ .‬قالت‪ :‬فقل ُت في نفسي‪ :‬بأبي أنت وأمي يا رسو َل الله‪ ،‬أنا في شأن‪ ،‬وأنت‬ ‫في شأن آخر(‪.)251‬‬ ‫‪  (25‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)25180 ،25178‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)485‬و«سنن النسائي»‬ ‫(‪ ،)3962 ،3961‬و«مسند أبي عوانة» (‪ ،)1820‬و«الدعاء» للطبراني (‪ ،)605‬و«شرح‬ ‫السنة» للبغوي (‪.)619‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪109‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 110‬النبوي‬

‫خطوات في �سكون الليل‬ ‫وربما خرج في الليل وقت التهجد إلى بيت ابنته فاطمة وزوجها علي عليهم‬ ‫السلام‪ ،‬فيطرقهما ويناديهما‪َ « :‬ألاَ تقومان فتصليان؟»‪ .‬قال عل ٌّي رضي الله عنه‪:‬‬ ‫فقل ُت‪ :‬يا رسو َل الله‪ ،‬إنما أنفسنا بيد الله‪ ،‬فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا‪ .‬فانصرف‬ ‫رسو ُل الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قل ُت له ذلك‪ ،‬ولم َي ْر ِجع إل َّي شي ًئا‪،‬‬ ‫ثم سمع ُته وهو ُم ْدبِر يضرب على فخذه‪ ،‬ويقول‪« :‬ﱹﭛﭜﭝﭞ‬ ‫ﭟﱸ [ ]»(‪.)252‬‬ ‫وكان في آخر حياته يخرج في الليل إلى ال َب ِقيع‪ ،‬فيدعو لهم‪ ،‬وكان أول ذلك ما‬ ‫أخبرت به عائش ُة رضي الله عنها قالت‪ :‬لما كانت ليلتي التي كان النب ُّي صلى الله‬ ‫عليه وآله وسلم فيها عندي‪ ،‬انقل َب فوض َع ردا َءه‪ ،‬وخلع نعليه فوض َع ُهما عند‬ ‫رجليه‪ ،‬و َب َس َط َط َرف إزاره على فراشه فاضطجع‪ ،‬فلم يلب ْث إلا َر ْي َثما ظ َّن أن قد‬ ‫‪  (25‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)705 ،571‬و«صحيح البخاري» (‪ ،)7347 ،1127‬و«صحيح‬ ‫مسلم» (‪ ،)775‬و«مختصر قيام الليل» لمحمد بن نصر المروزي (ص‪ ،)100‬و«سنن النسائي»‬ ‫(‪ ،)1612 ،1611‬و«مسند أبي يعلى» (‪ ،)366‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪،)1140 ،1139‬‬ ‫و«مسند أبي عوانة» (‪ ،)2209-2206‬و«سنن البيهقي» (‪.)500/2‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪111‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫رقد ُت‪ ،‬فأخذ ردا َءه ُروي ًدا‪ ،‬وانتعل ُروي ًدا‪ ،‬وفتح الباب فخرج‪ ،‬ثم َأ َجا َفه ُروي ًدا‪،‬‬ ‫فجعل ُت ِد ْر ِعي في رأسي‪ ،‬واختمر ُت وتقنَّع ُت إزاري‪ ،‬ثم انطلق ُت على إِ ْث ِره‪.‬‬ ‫حتى جاء ال َب ِقي َع‪ ،‬فقام فأطا َل القيا َم‪ ،‬ثم رفع يديه ثلا َث مرا ٍت‪ ،‬ثم انحرف‬ ‫فانحرف ُت‪ ،‬فأسر َع فأسرع ُت‪ ،‬ف َه ْر َو َل ف َه ْر َو ْل ُت‪ ،‬ف َأ ْح رَ َض َف َأ ْح رَ ْض ُت(‪ ،)253‬فسبق ُته‬ ‫فدخل ُت‪ ،‬فليس إلا أن اضطجع ُت فدخل‪ ،‬فقال‪« :‬ما لك يا عائ ُش‪َ ،‬ح ْش َيا‬ ‫َرابِي ًة(‪ .»)254‬قالت‪ :‬قل ُت‪ :‬لا شيء‪ .‬قال‪« :‬ل ُت ْخبريني‪ ،‬أو ليخبرنيِّ اللطي ُف الخب ُير»‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬قل ُت‪ :‬يا رسو َل الله‪ ،‬بأبي أنت وأمي‪ ..‬فأخبر ُته‪ ،‬قال‪« :‬فأن ِت السوا ُد الذي‬ ‫رأي ُت أمامي؟»‪ .‬قل ُت‪ :‬نعم‪ .‬ف َل َه َدني(‪ )255‬في صدري لهد ًة أوجعتني‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫«أظنن ِت أن حَيِي َف اللهُ عليك ورسو ُله»‪ .‬قالت‪َ :‬م ْهما يك ُت ِم النا ُس يع َل ُمه الل ُه‪ ،‬نعم‪.‬‬ ‫قال‪« :‬فإ َّن جبري َل أتاني حين رأي ِت‪ ،‬فناداني فأخفاه منك‪ ،‬فأجب ُته فأخفي ُته منك‪،‬‬ ‫ولم يكن يدخل عليك وقد وضع ِت ثيابك‪ ،‬وظنن ُت أن قد رقد ِت‪ ،‬فكره ُت أن‬ ‫أوقظ ِك‪ ،‬وخشي ُت أن تستوحشي‪ ،‬فقال‪ :‬إن ربك يأم ُرك أن تأت َي أهل ال َب ِقيع؛‬ ‫فتستغف َر لهم»‪.‬‬ ‫قالت‪ :‬قل ُت‪ :‬كيف أقو ُل لهم يا رسو َل الله؟ قال‪« :‬قولي‪ :‬السلا ُم على أهل‬ ‫الديار من المؤمنين والمسلمين‪ ،‬ويرح ُم الل ُه المستقدمي َن منا والمستأخري َن‪ ،‬وإ َّنا إن‬ ‫شاء الل ُه بكم للاحقون»(‪.)256‬‬ ‫‪..... (25‬‬ ‫‪..... (25‬‬ ‫‪..... (25‬‬ ‫‪  (25‬ينظر الحديث الذي بعده‪.‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 112‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫ثم كان بعد ذلك يخرج كل ليلة من آخر الليل إلى ال َب ِقيع‪ ،‬فيقول‪« :‬السلا ُم‬ ‫عليكم دار قوم مؤمنين‪ ،‬وأتاكم ما توعدون‪ ،‬غ ًدا مؤ َّجلون وإنا إن شاء الله بكم‬ ‫لاحقون‪ ،‬الله َّم اغفر لأهل َب ِقيع ال َغ ْر َقد»(‪.)257‬‬ ‫ويالله لهذا النب ِّي الذي َيسرْ ُ ُب في سكون الليل ليقف أما َم قبور أصحابه‬ ‫الذين َق َض ْوا نحبهم قبل أن يروا نص َر الله والفتح ودخو َل الأفواج في دين الله‪،‬‬ ‫َم َض ْوا إلى ربهم في وقت ال ِق َّلة وال ِّش َّدة والصبر وال َّأ ْل َوا ِء والمصابرة‪ ،‬ف َأ ْف َضوا إلى‬ ‫ربهم‪ ،‬لم يتع َّجلوا شي ًئا من أجورهم‪.‬‬ ‫ثم ها هو صلى الله عليه وآله وسلم لم تشغله أفوا ُج الوافدين عليه‪ ،‬ولا‬ ‫مشاغ ُل انفساح ُرقعة الإسلام بين يديه‪ ،‬فإذا هو يقتص من وقت راحته‬ ‫وسكونه وق ًتا يقف فيه أمام قبورهم‪ ،‬يستعيد ِذ ْكرى أطيافهم المباركة‪ ،‬باس ًطا‬ ‫يديه في مو ِقف دعاء ووفاء‪.‬‬ ‫كان صلى الله عليه وآله وسلم ُيوش ُك أن يو ِّد َع الدنيا‪ ،‬فجع َل يو ِّد ُع الأموا َت‬ ‫والأحيا َء قبل أن يلحق بال َّرفيق الأعلى وال َم َح ِّل الأَ ْسنَى‪.‬‬ ‫‪  (25‬ينظر‪« :‬مسند الطيالسي» (‪ ،)1532‬و«مسند أحمد» (‪،)25855 ،24801 ،8878‬‬ ‫و«صحيح مسلم (‪ ،)974‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)3237‬و«سنن ابن ماجه» (‪،)1546‬‬ ‫و«سنن النسائي» (‪396 ،2039 ،2037‬؟؟)‪ ،‬و«مسند أبي يعلى» (‪،4758 ،4619 ،4593‬‬ ‫‪ ،)4831‬و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)4523 ،3172‬و«الدعاء» للطبراني (‪ ،)2146‬و«سنن‬ ‫البيهقي» (‪.)249/5( ،)78/4‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪113‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 114‬النبوي‬

‫�إغفاءة ال�َّس َحر‬ ‫فإذا تدافعت ساعا ُت الليل‪ ،‬ولم يب َق من الليل إلا ُصبا َب ُته الأخير ُة‪ ،‬و ُس ُد ُسه‬ ‫الأخي ُر‪َ ،‬أ َوى رسو ُل الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى فراشه؛ ليريح البد َن‬ ‫الشري َف بعد َس ْب ِح لي ٍل طوي ٍل‪ِ ،‬ذ ْك ًرا وصلا ًة ودعا ًء وتعاه ًدا للأقارب الأحياء‪،‬‬ ‫وللأصحاب الأموات‪ ،‬ف َي ْه َج ُع هجع ًة يجَ ِ ُّم بها ب َد َنه بعد القيام‪ ،‬ويه ِّيؤه لاستقبال‬ ‫صلاة الصبح وعمل النهار بنشاط وإقبال‪ ،‬فتتق َّصف ُسويع ُة ال َّس َحر ونب ُّيك صلى‬ ‫الله عليه وآله وسلم مستغرق في نومه‪ ،‬تقو ُل ُأ ُّمنا عائش ُة رضي الله عنها‪« :‬ما َأ ْل َفى‬ ‫رسو َل الله صلى الله عليه وآله وسلم ال َّس َحر عندي إلا نائماً »(‪.)258‬‬ ‫ويظ ُّل صلى الله عليه وآله وسلم في نومته تلك حتى َي ْص َد َع نو ُر الفجر ظلم َة‬ ‫الليل؛ و َي ْص َد َع أذا ُن بلا ٍل سكو َن المدينة‪ ،‬فيستيق ُظ رسو ُل الله صلى الله عليه وآله‬ ‫وسلم‪ ،‬ويبتد ُئ يو ٌم نبو ٌّي جدي ٌد‪ ،‬مع َّط ٌر بأنفاس النب َّوة‪ُ ،‬منَ َّور بأنوار ال ِّرسالة‪.‬‬ ‫‪ (25‬ينظر‪« :‬مسند الطيالسي» (‪ ،)1585‬و«مسند أحمد» (‪ ،)25698 ،25278‬و«صحيح‬ ‫البخاري» (‪ ،)1133‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)742‬و«سنن أبي داود» (‪ ،)1318‬و«مسند أبي‬ ‫يعلى» (‪ ،)4662‬و«صحيح ابن حبان» (‪ ،)2637‬و«سنن البيهقي» (‪.)3/3‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪115‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 116‬النبوي‬

‫قراءة لليوم النبوي‬ ‫اليو ُم النبو ُّي يش ِّكل َم ْق َط ًعا عمود ًّيا للحياة النبوية العريضة‪ ،‬يتجلىَّ لنا من‬ ‫خلاله باقة من ال ِّدلالات العميقة‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن هذا اليوم النبوي هو الوعاء الزماني للإنجازات الكبرى التي تح َّققت‬ ‫على يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم‪ ،‬فلم َيعر ِف التاريخ إنجا ًزا تح َّقق على يد‬ ‫بشر كالإنجاز الذي تح َّقق على يد هذا الرسول الكريم العظيم‪.‬‬ ‫‪ -2‬ألم يلف ْت نظ َرك ش َّد َة الوضوح إلى درجة ال ُّسطوع في حياته صلى الله عليه‬ ‫وآله وسلم اليومية‪ ،‬فليس في حياته زوايا مظلمة أو حلقات مفقودة‪ ،‬بل كل‬ ‫حاله َجِي ٌّل ظاهر باهر‪ ،‬حتى إنا نعلم حاله في بيته إذا أغلق بابه‪ ،‬وحاله على فراشه‬ ‫إذا نام مع أهله‪ ،‬وصوت َن َف ِسه إذا نام‪ ،‬وأول ما يقول إذا استيقظ‪.‬‬ ‫لقد شعر ُت وأنا أتت َّبع برنامج اليوم النبوي أني أعر ُف عن نبيي أكثر مما‬ ‫أعرف عن أبي الذي ولدني‪ ،‬فف ًدى له نفسي وأمي وأبي؛ فقد كان صلى الله عليه‬ ‫وآله وسلم ُمشرْ َ َق الحياة‪ ،‬كان نب ًّيا يمشي تحت الشمس‪.‬‬ ‫‪ -3‬ي َّتضح من هذا اليوم أن أعمق عباداته صلى الله عليه وآله وسلم وأكثرها‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪117‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫استغرا ًقا‪ ،‬هي عبادات السر التي كان يفعلها في بيته وفي سكون الليل‪ ،‬والتي‬ ‫لزمها وداوم عليها حتى لقي ربه‪.‬‬ ‫وتلك دلالة من دلالات النبوة؛ إذ لا يمكن أن يكون هذا التب ُّتل المستغرق‬ ‫المنتظم‪ ،‬والذي استمر عليه عمره كله‪ ،‬صني ًعا ُم َّد ًعى ولا ُم َت َق َّولاً ‪-‬وحاشاه صلى‬ ‫الله عليه وآله وسلم‪ -‬لكنه دلالة على يقين صادق وإيمان عميق بما يقوله صلى الله‬ ‫عليه وآله وسلم ويب ِّلغه‪.‬‬ ‫‪ -4‬يلفت نظ َرك إلى حد الإدهاش أن هذا النب َّي الذي تلقى بشائر الله له أنه‬ ‫قد ُغ ِف َر له ما تق َّدم من ذنبه وما تأ َّخر‪ ،‬هو أكث ُر الناس استغفا ًرا؛ فهو َيستقبل‬ ‫َصبِيح َة كل يوم بالاستغفار مائة مرة‪ ،‬و ُي َع ُّد له في المجلس الواحد أكثر من مائة‬ ‫مرة‪« :‬أستغفر الله‪ ،‬وأتوب إليه»‪ .‬ثم يستغفر ر َّبه بضراعة وخشوع في صلاته‬ ‫الليلية‪« :‬ال َّله َّم اغف ْر لي ما ق َّدم ُت‪ ،‬وما أخر ُت‪ ،‬وما أسرر ُت‪ ،‬وما أعلن ُت‪ ،‬وما‬ ‫أنت أعل ُم به منِّي‪ ،‬أن َت المق ِّدم‪ ،‬وأنت المؤ ِّخر‪ ،‬لا إله إلا أنت»(‪.)259‬‬ ‫يستغف ُر هذا الاستغفار‪ ،‬وهو الذي ُغ ِف َر له ما تق َّدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬وهو‬ ‫المعصوم أن يقارف ذن ًبا أو يكسب إثماً ‪ ،‬ماذا نقول نحن؟! أوقات حياتنا لا تكاد‬ ‫تفلت من وقوع في خطأ‪ ،‬أو مقارفة لخطيئة‪ ،‬اللهم ُغ ْف ًرا‪.‬‬ ‫‪ُ -5‬يلاَ حظ لهَ َ ُج النب ِّي صلى الله عليه وآله وسلم بال ِّذكر؛ بحيث تستشعر أن‬ ‫هذا النبي الكريم يعيش حالة من الحب والشوق لله عز وجل‪ ،‬وكأنه يتراءى‬ ‫جلا َل ربه‪ ،‬فلا يفترُ لسانه عن ذكره‪ ،‬فهو أول ما ينطق به إذا استيقظ‪ ،‬وآخر‬ ‫ما تتح َّرك به شفتاه إذا نام‪ ،‬يستقبل بالذكر َص َباحات نهاره‪ ،‬و َم َساءات ليله‪،‬‬ ‫‪  (25‬تقدم تخريجه في موضعه‪.‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 118‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫ولا يزال لسانه َر ْط ًبا بذكر الله فيما بين ذلك كله‪ ،‬إنه الاستحضار العميق لمعاني‬ ‫العبودية والحب لله عز وجل‪.‬‬ ‫‪ -6‬نلاحظ تبكير النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أداء الصلوات في أول‬ ‫وقتها‪ ،‬إلا العشاء‪ ،‬فربما تراخى فيها قليلاً ‪.‬‬ ‫‪ -7‬حدي ُث النب ِّي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أصحابه يكون عقب‬ ‫الصلوات‪ ،‬فكثي ًرا ما يكون بعد الفجر والظهر؛ لأن النا َس في حال نشاط‬ ‫وراحة‪ ،‬فهاتان الصلاتان مسبوقتان بنوم الليل وقيلولة الضحى‪ ،‬ويتح َّدث‬ ‫ناد ًرا بعد العصر والعشاء؛ لأن النا َس في حال كلال وحاجة إلى الراحة‪ ،‬ولم‬ ‫ُينقل أنه تح َّدث بعد المغرب؛ لأن الناس بعدها بحاجة إلى عشائهم؛ فلذا يبادر‬ ‫بها في أول وقتها‪ ،‬ولا يطيل القراءة فيها‪ ،‬ولا يتح َّدث بعدها‪.‬‬ ‫‪ -8‬التوازن في أداء الحقوق‪ ،‬والتوازن في استيعاب مناشط الحياة؛ فأداؤه‬ ‫لعباداته‪ ،‬وبلاغه لرسالاته‪ ،‬وقيامه بحقوق أهله‪ ،‬وعشرته لأصحابه‪ ،‬ومراعاة‬ ‫حق نفسه‪ ،‬وغير ذلك من متطلباته؛ كل ذلك يسير متواز ًيا متواز ًنا‪ ،‬من غير‬ ‫أن َت َرى تقصي ًرا في ح ٍّق أو إخلالاً بواجب‪ ،‬وإنما الاستيعاب المتوازن للحقوق‬ ‫الخاصة والعامة‪ ،‬بحيث ترى في حياته التطبيق العملي ل َوصاته يوم قال‪« :‬إ َّن‬ ‫لجسد َك عليك ح ًّقا‪ ،‬وإ َّن لعين َك علي َك ح ًّقا‪ ،‬وإ َّن لزوج َك عليك ح ًّقا‪ ،‬وإ َّن‬ ‫لضيف َك عليك ح ًّقا‪ ،‬وإ َّن لولد َك عليك ح ًّقا‪ ،‬وإ َّن لصديق َك عليك ح ًّقا»(‪.)260‬‬ ‫‪  (26‬ينظر‪« :‬مسند أحمد» (‪ ،)26308 ،6867 ،6832‬و«صحيح البخاري» (‪،1968‬‬ ‫‪ ،)6139 ،1975 ،1974‬و«صحيح مسلم» (‪ ،)1159‬و«سنن أبي داود» (‪،1369‬‬ ‫‪ ،)2432‬و«جامع الترمذي» (‪ ،)2413 ،748‬و«سنن النسائي» (‪ ،)2391‬و«مسند أبي‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪119‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫وقد َأعطى ك َّل ذي ح ٍّق ح َّقه‪.‬‬ ‫‪ُ -9‬يلاَ حظ أن حياته مزدحمة وحافلة‪ ،‬ولكنها ليست متو ِّترة ولا مرتبكة؛‬ ‫فبرغم كثرة المشاغل وازدحامها‪ ،‬فإن ن ْف َسه هادئة مسترخية‪ ،‬فلا تجد اضطرا ًبا‬ ‫ولا تو ُّت ًرا‪ ،‬وإذا نظرت إليه في حا ٍل ظنن َت أن ليس له عمل قبلها ولا بعدها‪،‬‬ ‫فحاله في بيته لا تدل على أن أعباء الحياة ومشاغلها تنتظره في الخارج‪ ،‬وجلوسه‬ ‫مع أصحابه لا َي ُد ُّل َك أنه في حال تح ُّفز أو قلق لعمل آخر ينتظره؛ فهو مقبل عليهم‬ ‫بك ِّله‪ ،‬مستر ٍخ بنفسه معهم‪َ ،‬ي َس ُع ُهم جمي ًعا حس ُن خلقه‪ ،‬وكأن عمله الوحيد هو‬ ‫هذا المجلس الذي هو فيه‪ ،‬إن هذه حالة استواء نفسي تستوعب الأعمال دون أن‬ ‫تتوتر أو ترتبك‪.‬‬ ‫‪ -10‬نلاحظ أن حياته صلى الله عليه وآله وسلم حياة ُم َر َّتبة وليست َرتِيبة‪،‬‬ ‫فهي مر َّتبة‪ ،‬ولكنها أي ًضا َم ِر َنة‪ ،‬بحيث تسمح بالتم ُّوج تب ًعا لمقتضيات الحال؛‬ ‫فليس في حياته فوضى وارتباك‪ ،‬وليس في حياته َر َتابة و رَ َصامة‪ ،‬ولكن ترتيب‬ ‫ومرونة؛ فوقت الصلوات وقت مح َّدد ير ِّتب ما بينها‪ ،‬ومجل ُسه صلى الله عليه وآله‬ ‫وسلم يمكن أن يطول ويقصر بحسب مستجدات الأحوال‪ ،‬وبذلك تح َّققت في‬ ‫حياته إيجابيات التنظيم‪ ،‬وتخ َّلص من سلبيات ال َّر َتابة و ِح ِّد َّية الصرامة‪.‬‬ ‫‪ -11‬نلاحظ في حياته صلى الله عليه وآله وسلم َع َفوية الحياة وبساطتها‪،‬‬ ‫فحياته صلى الله عليه وآله وسلم بعيدة عن التواقر المتك َّلف والجدية الصارمة‪.‬‬ ‫يعلى» (‪ ،)7242 ،898‬و«صحيح ابن خزيمة» (‪ ،)2144‬و«صحيح ابن حبان» (‪،316‬‬ ‫‪ ،)3571‬و«المستدرك» (‪ ،)60/4‬و«سنن البيهقي» (‪ ،)299 ،275/4‬و«فتح الباري»‬ ‫(‪.)218/4( ،)39/3‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 120‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫ولكن للعفوية والبساطة حضورها‪ ،‬فهو الذي يبتهج مع البهجة‪ ،‬ويأنس‬ ‫مع الأُنس‪ ،‬ويتو َّثب في نشوة الفرح‪ ،‬حتى يسقط رداؤه ليتل َّقى حبي ًبا جاء بعد‬ ‫طول غياب(‪ ،)261‬ويسير في طريقه ثم يحيد إلى شاب يسلخ شاة‪ ،‬فيحسرِ عن‬ ‫ذراعه؛ ليرُ ِ َيه كيف يحُ ْ ِس ُن ال َّس ْلخ(‪ ،)262‬ويم ُّر برجل يطبخ لحماً في ُب ْرمة‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫«إن كانت نضجت فأطعمنا»(‪.)263‬‬ ‫إن هذه ال َع َفو َّية في التعامل مع الناس َح َّطمت كل الحواجز‪ ،‬بحيث أفضى‬ ‫إليهم بقلبه‪ ،‬و َأ ْف َض ْوا بقلوبهم إليه‪ ،‬وشعروا أنهم مع النبي صلى الله عليه وآله‬ ‫وسلم أبنا ٌء مع أ ٍب لهم‪.‬‬ ‫‪ -12‬الأُ ْنس والبهجة حاضرة في بيته؛ فقد كان في بيته َض ُحو ًكا َب َّسا ًما‪،‬‬ ‫حاضر ًة في مجلسه؛ ففيه ُفسحة لل ُّط ْر َفة الجميلة والمداعبة ال ُم ْؤنِسة‪ ،‬وحاضر ًة في‬ ‫حياته‪ ،‬فهو الذي يخرج وينظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد‪ ،‬فيستمتع‬ ‫بمنظر لهوهم مؤ ِّصلاً ‪ ،‬ويدعو زوجه لتشاركه ُأ ْنس المنظر‪ ،‬ثم يقول مؤ ِّصلاً لهذا‬ ‫الهَ ْدي‪« :‬العبوا بني َأ ْرفِدة؛ حتى تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا َسعة»(‪.)264‬‬ ‫لقد كان في دينه َسعة‪ ،‬وفي حياته َسعة لل ُأ ْنس والبهجة‪.‬‬ ‫‪ -13‬قوة العلاقة العاطفية الزوجية‪ ،‬وإشباع هذه العاطفة‪ ،‬التي تظهر في‬ ‫مناولة قدح الماء‪ ،‬ومناولة لقمة الطعام‪ ،‬والمؤانسة في الحديث الليلي‪ ،‬والتعاهد‬ ‫‪ (26‬‬ ‫‪  (26‬تقدم تخريجه في موضعه‪.‬‬ ‫‪  (26‬تقدم تخريجه في موضعه‪.‬‬ ‫‪ (26‬‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪121‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫بالزيارة النهارية‪ ،‬والمشاركة في ِم ْهنة البيت‪ ،‬والتواصل الزوجي الحميم على‬ ‫فراش الزوجية وتحت لحافها‪.‬‬ ‫‪ -14‬تف ُّهمه ل ِف َطر الناس وحاجاتهم ومشاغلهم‪ ،‬حتى في أدائه للعبادة‪،‬‬ ‫فكان أقصر الناس صلاة إذا صلىَّ بالناس‪ ،‬مع أنه كان أطولهم صلاة إذا صلىَّ‬ ‫لنفسه‪ ،‬وكان يدخل الصلاة وهو يريد إطالتها‪ ،‬فيسمع بكاء الصب ِّي فيخ ِّففها؛ لمَِا‬ ‫يعلم من َو ْج ِد أمه(‪.)265‬‬ ‫‪ -15‬صلاته بالليل هي أعمق صلاته حضو ًرا واستغرا ًقا وتل ُّذ ًذا بالمناجاة؛‬ ‫بل هي حالة من حالات التج يِّل الروحي والاستغراق العبادي‪.‬‬ ‫‪ -16‬يمكن تقسيم فترات النشاط إلى ثلاث فترات‪:‬‬ ‫فترة النشاط والحيوية والصفاء في قيام الليل؛ لأن قيامه للتهجد هو بعد‬ ‫أطول فترة نوم ينامها في نصف الليل الأول‪ ،‬فكأنما كان يستجمع صفو نشاطه‬ ‫لهذا الحال؛ إذ صلاته هي راحته و ُق َّرة عينه‪ ،‬ثم بعد الفجر؛ إذ هي َتعقب إغفاءة‬ ‫السحر‪ ،‬فيص ّيِل الفجر ويذكر ربه‪ ،‬ثم يجلس لأصحابه وع ًظا وتعليماً وتربية‪،‬‬ ‫ثم بعد صلاة الظهر؛ إذ هي تعقب القيلولة‪ ،‬فيص ّيِل الظهر ويخطب إن كان قد‬ ‫حدث أمر‪ ،‬أو يجلس لأصحابه يح ِّدثهم ويقضي حوائجهم‪.‬‬ ‫‪ -17‬يلاحظ أن الصلوات هي فواصل الأوقات‪ ،‬فالوقت يقسم إلى‬ ‫وحدات زمنية تفصلها الصلوات‪.‬‬ ‫‪ -18‬يمكن تقسيم برنامج اليوم النبوي تقسيماً تقريب ًيا على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ (26‬‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 122‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫أ‪ -‬الفجر‪ ،‬وفيه‪ :‬يستيقظ لصلاة الفجر بعد نومة ال َّس َحر‪ ،‬فيص ِّيل الفجر‪،‬‬ ‫ويمكث في مصلاَّ ه مع أصحابه إلى طلوع الشمس‪ ،‬ثم يقوم بجولة صباحية على‬ ‫زوجاته‪ ،‬ثم يجلس في أول الضحى مع أصحابه في المسجد‪ ،‬وهذا مجلس ذكر‬ ‫وعلم وتربية‪ ،‬ثم يقوم أحيا ًنا بزيارات بعد هذا المجلس‪ ،‬فربما زار ُبنَ َّياته‪ ،‬أو زار‬ ‫بعض أصحابه‪ ،‬وربما ذهب لقضاء بعض شأنه الخاص‪.‬‬ ‫فإذا تعالى الضحى‪ ،‬فإنه وقت النوم والقيلولة‪ ،‬ف َي ِقيل قبل صلاة الظهر‪،‬‬ ‫وهذه النومة إراحة للبدن‪ ،‬و َم َدد لقيام الليل‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬الظهر‪ :‬يستيقظ لصلاة الظهر‪ ،‬فيص ِيّل الظه َر‪ ،‬فإن كان ح َد َث أم ٌر‬ ‫َخ َط َب بعد صلاة الظهر‪ ،‬وأكث ُر خطبِه في هذا الوقت‪ ،‬ثم يعود إلى بيته فيص يِّل‬ ‫ال ُّسنة الراتبة‪ ،‬ثم يخرج فيجلس إلى أصحابه‪ ،‬أو يذهب لقضاء بعض شأنه‪ ،‬فقد‬ ‫كان ما بين الظهر والعصر وقت عمل وقضاء حاجات‪.‬‬ ‫ج‪ -‬العصر‪ :‬يص ِّيل العصر في أول وقتها‪ ،‬ثم يقوم بعد صلاة العصر بجولة‬ ‫مسائية على زوجاته وربما اجتمعن له في بيت التي هو عندها‪ ،‬وكأنما ما بين‬ ‫العصر والمغرب وقت استرخاء ُأسرَ ي في الغالب‪.‬‬ ‫د‪ -‬المغرب‪ :‬يص ِّيل المغرب في أول وقتها‪ ،‬ثم يتع َّشى‪ ،‬ويبقى في بيته‪ ،‬وهذا‬ ‫هو وقت تناول الوجبة الرئيسية‪ ،‬وهي وجبة العشاء‪.‬‬ ‫هـ ‪ -‬العشاء‪ :‬يص ّيِل العشاء‪ ،‬ثم يعو ُد إلى بيته‪ ،‬فيس ُمر مع أهله‪ ،‬وربما ذه َب‬ ‫في زيارات لبعض الأنصار‪ ،‬أو َس َمر مع أبي بكر وعم َر في بيت أبي بكر رضي‬ ‫الله عنهما؛ للتشاور في شؤون الدولة وقضايا المسلمين‪ ،‬ثم يعود بعد سمره إلى‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪123‬‬

‫اليوم النبوي‬ ‫بيته‪ ،‬فينام إلى منتصف الليل‪ ،‬ويستيقظ إذا انتصف الليل ليص يِّل صلاة الليل‪،‬‬ ‫وهو في ِذروة نشاطه بعد أطول نومة‪ ،‬فيستمر في حاله هذه من الصلاة والمناجاة‬ ‫بقدر ثلث الليل‪ ،‬حتى إذا لم يبق إلا سدس الليل عاد إلى فراشه ليستريح ويغفي‬ ‫إغفاءة ال َّس َحر إلى صلاة الفجر‪.‬‬ ‫***‬ ‫اليوم‬ ‫‪ 124‬النبوي‬

‫اليوم النبوي‬ ‫اليوم‬ ‫النبوي ‪125‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook