Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore استراتيجية التوحيد القرآنية ومنطق السياسة المحمدية - الجزء الأول استراتيجية التوحيد القرآنية - الفصل الرابع توحيد الجماعة - أبو يعرب المرزوقي

استراتيجية التوحيد القرآنية ومنطق السياسة المحمدية - الجزء الأول استراتيجية التوحيد القرآنية - الفصل الرابع توحيد الجماعة - أبو يعرب المرزوقي

Published by أبو يعرب المرزوقي, 2017-03-01 09:12:15

Description: فالفرد كما بينا لامتناهي التعدد ووحدته هي بنية كيانه التي هي عين بنية المعادلة الوجودية فنسيجه هو نسيج الوعي الكوني بالوجود وبما ورائه.
وهو خليفة بهذا الوعي إذا حقق ما يترتب عليه لكأنه مستخلف ليكون مرآة المعادلة الوجودية بقطبيها (الله والإنسان) ووسيطيها (الطبيعة والتاريخ) وفعل الوصل بين القطبين بالوسيطين (الحضارة).
فإذا تحقق له ذلك أو بعض ذلك كان عابدا بحق أو كان مطابقا لمقصد وجوده الوحيد: أحسن خلقه وتلك هي العبادة.
لكنه يرد أسفل سافلين فيغرق في الوسيطين.
وعندئذ لا تتحقق شروط الخلية الأولى السوية للجماعة أو الأسرة كما وصفناها:
هي تشبه خلية المخ العصبية بنسيجها وصلا بمنبعها وبمصبها كما وصفنا.
والنقلة من النسيج الأسري إلى الأمة مشروطة -في نظرية ابن خلدون- بما يميز الإنسان:
 الوعي بالحاجة إلى التعاون
 والوازع الناظم لمنع العدوان: الدولة

Search

Read the Text Version

‫أبو يعرب المرزوقي‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪2017-02-16 /1438 -05-19‬‬ ‫الأسماء والبيان‬

‫‪1‬‬ ‫الفصل الرابع توحيد الجماعة الأمة‬ ‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪1‬‬ ‫النقلة من النسيج الأسري الى الأمة‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الجماعة بين الطبيعة والتاريخ‬ ‫‪2‬‬ ‫المعادلة الوجودية شرط وحدة الجماعة‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الرسول الخاتم وتأسيس الامة‬ ‫‪5‬‬ ‫المال لاحم الجماعة وعائقها الاول‬ ‫‪6‬‬ ‫علة حاجة التعدد في المخلوقات للحام بين مقوماتها العنصرية‬ ‫‪6‬‬ ‫طبيعة عناصر الجماعة‬ ‫الهوية الحضارية و علاقتها بالجماعة‬ ‫خاتمة‬



‫والنقلة من النسيج الأسري إلى الأمة مشروطة ‪-‬‬ ‫في نظرية ابن خلدون‪ -‬بما يميز الإنسان‪:‬‬ ‫‪ ‬الوعي بالحاجة إلى التعاون‬‫‪ ‬والوازع الناظم لمنع العدوان‪ :‬الدولة ‪30‬‬ ‫التلازم بين الجماعة والحكم السياسي وظيفة‬ ‫نشرع في الكلام على وحدة الجماعة أو الأمة‬ ‫لمنظومة مؤسسات ترعى التعاون لسد‬ ‫وسيطا بين الأسرة والفرد دونها من حيث الحجم لا ‪5‬‬ ‫الحاجات(العمران) والتآنس للعيش السعيد‬‫(الاجتماع) هما موضوع المقدمة ‪35‬‬ ‫الدلالة فبعض الأفراد أمة والإنسانية والكون‬ ‫فوقها‪.‬‬ ‫وذلك هو المميز العقلي أو العلم من بين اللواحم‬ ‫أي القدرة على إدراك شروط المنشود وتحقيقها‬ ‫فالفرد كما بينا لامتناهي التعدد ووحدته هي ‪10‬‬ ‫بعمل على علم‪ :‬يصل بين الطبيعي والتاريخي بما‬ ‫بنية كيانه التي هي عين بنية المعادلة الوجودية‬ ‫فنسيجه هو نسيج الوعي الكوني بالوجود وبما‬ ‫ورائهما‪.‬‬ ‫ورائه‪.‬‬ ‫وهو خليفة بهذا الوعي إذا حقق ما يترتب عليه‬‫وما وراؤهما في باب المقدمة الأول‪ :‬الجغرافيا ‪40‬‬ ‫الطبيعية ثم إدراك الغيب أو ما وراء شروط حياة‬ ‫لكأنه مستخلف ليكون مرآة المعادلة الوجودية ‪15‬‬ ‫الإنسان والتفاعل بين هذين العاملين‪ :‬بداية‬ ‫بقطبيها (الله والإنسان) ووسيطيها (الطبيعة‬ ‫التاريخ‬ ‫والتاريخ) وفعل الوصل بين القطبين بالوسيطين‬ ‫(الحضارة)‪.‬‬ ‫وإذن فابن خلدون يعتبر المعادلة الوجودية‬ ‫فإذا تحقق له ذلك أو بعض ذلك كان عابدا بحق‬‫حاضرة من البداية‪ :‬الطبيعة والتاريخ والقطب ‪45‬‬ ‫أو كان مطابقا لمقصد وجوده الوحيد‪ :‬أحسن خلقه ‪20‬‬ ‫الإنساني يطلب القطب الإلهي وصلا بين القطبين‬ ‫وتلك هي العبادة‪.‬‬ ‫بالوسيطين‬ ‫لكنه يرد أسفل سافلين فيغرق في الوسيطين‪.‬‬ ‫لا وجود لجماعة من دون طبيعة وتاريخ كائن حي‬ ‫وعندئذ لا تتحقق شروط الخلية الأولى السوية‬ ‫هو الإنسان الذي يطلب ما وراءهما فتتكون جماعة‬‫في شكل عمران (سد الحاجات) واجتماع (الأنس) ‪50‬‬ ‫للجماعة أو الأسرة كما وصفناها‪:‬‬ ‫هي تشبه خلية المخ العصبية بنسيجها وصلا ‪25‬‬ ‫بشرائع‬ ‫بمنبعها وبمصبها كما وصفنا‪.‬‬ ‫والشرائع تنسب إما إلى قوى الطبيعة أو إلى قوى‬ ‫التاريخ أو إلى ما ينسب إليه خلق الطبيعة والتاريخ‬ ‫وهي معرفة ذات شكل ديني طبيعي أو من ّزل‪.‬‬‫‪71‬‬

‫‪ ‬وفي الوجود‪25 .‬‬ ‫ولذلك يبقى الفرد من حيث الدلالة لا من حيث‬ ‫والرسل مبدعون فيها جميعا‪.‬‬ ‫الحجم أشمل من الأسرة والجماعة لأن وعيهما مؤلف‬ ‫دائما من وعيه بالمعادلة الوجودية وبما يبدعه ‪5‬‬ ‫وتلك هي العلة في اعتبار ابراهيم أمة لأنه أبدع‬ ‫في الصفات الخمس بخلاف النخب التي تتوزع بحسب‬ ‫للوصل‪.‬‬ ‫هذه الصفات‪.‬‬ ‫والقرآن يؤكد على ذلك لأن كلا يأتي ربه فردا‪:‬‬‫ومثله أولو العزم والرسول الخاتم‪30 .‬‬ ‫يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه‬ ‫لكل أمرئ منهم أمر يغنيه بسبب الخلافة‬ ‫وسأكتفي بالإشارة إلى ذلك في حالة الرسول الخاتم‪:‬‬ ‫والمسؤولية‪10 1‬‬ ‫فهو النموذج الأسمى في الإرادة وفي العلم وفي‬ ‫وكل تخريف يعتبر الفردية والذاتية معجزة‬ ‫القدرة وفي الحياة وفي الوجود‬ ‫الفكر الحديث سخافة ببغاوية‪:‬‬‫وما أظن أحدا يجادل في ذلك ‪35‬‬ ‫الدين عامة والإسلام خاصة اساسه الوعي‬ ‫ألم يكن سياسيا؟‬ ‫الفردي بالمعادلة الوجودية شرط وحدته‪.‬‬ ‫واستراتيجيا؟‬ ‫ومنظما للاقتصاد؟‬ ‫وذلك لعلتين‪15 :‬‬ ‫ومحررا للمتعة المشروعة؟‬ ‫‪-1‬فالوعي كفاعلية فردي وينتج عنه شكل‬‫ومؤسسا لرؤية وجودية هي الإسلام؟ ‪40‬‬ ‫الانفعالية في الجماعة بالسياسة أي بالتربية والحكم‪.‬‬ ‫طبعا‬ ‫‪-2‬والفرد كما هو كيانه هو عين معادلة الوجود‪.‬‬ ‫وذلك كله دون شك من فضل الله‪.‬‬ ‫لكن إخراس المتعنتين يجعلني أضع الامر وكأنه‬ ‫ولولا العلة الاولى لما كان معنى لدور المبدعين في‬ ‫الصفات الخمس‪20 :‬‬ ‫منسوب إليه‬‫لأن الملحدين والماديين كما أسلفنا يقفون عند ‪45‬‬ ‫‪ ‬في الإرادة‬ ‫‪ ‬وفي العلم‬ ‫الطبيعة ولا يتجاوزونها إلى ما ورائها‪.‬‬ ‫‪ ‬وفي القدرة‬ ‫‪ ‬وفي الحياة‬ ‫‪{ 1‬فَإِ َذا جَا َء ِت ال َّصا َّخةُ (‪ )33‬يَوْ َم يَفِ ُرّ الْ َمرْءُ ِم ْن أَ ِخيهِ‬ ‫(‪َ )34‬وأُ ِّمهِ َوأَ ِبيهِ (‪َ )35‬وصَاحِ َب ِت ِه َوبَنِيهِ (‪ )36‬لِ ُك ِلّ‬ ‫امْرِ ٍئ مِنْهُمْ َيوْ َم ِئ ٍذ شَْأنٌ يُغْ ِني ِه (‪ })37‬عبس‬‫‪72‬‬

‫والسلطان عليهما يحرر من الغرق فيهما‪ :‬المال في‬ ‫فلنقبل جدلا الاحتكام إلى الطبيعة‪:‬‬ ‫الجماعة‪.‬‬ ‫الرسول أمة لأن ما حققه في التاريخ بإرادة وعلم‬ ‫وقدرة وحياة ووجود كلها متعدية لأنها انتجت أمة‬ ‫ولهذه العلة كانت بداية الآية ‪ 238‬من الشورى‬ ‫التي تحدد طبيعة نظام الحكم الإسلامي وأسلوبه‬ ‫لها صفاته‪.‬‬‫“الذين استجابوا لربهم\" ونهايتها “ومما رزقناهم ‪25‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ينفقون\"‪.‬‬ ‫اللواحم في الفرد والأسرة والجماعة واحدة وهي‬ ‫وكما هو معلوم فالآية ‪3177‬من البقرة وصلت بين‬ ‫الجنس والمال والعلم والحكم ورؤية برهان الرب فيها‬ ‫وجهي البعد العقدي من الدين‪:‬‬ ‫ولكن بتقديم وتأخير كما رأينا في الفرد‬ ‫والأسرة‪10 .‬‬ ‫‪ ‬الإيمان بما اشارت إليه‬‫‪ ‬والانفاق بوجوهه الشرعية ‪30‬‬ ‫ففي توحيد الفرد كان الوعي (علم) مقدما‬ ‫وفي توحيد الاسرة كان الجنس مقدما‬ ‫لتحقق لحمة الجماعة‪.‬‬ ‫أما في توحيد الجماعة فالمال هو المقدم‪.‬‬ ‫ومن أراد أن يفهم قانون الإسلام الجنائي الخاص‬ ‫لكن باقي اللواحم حاضرة وأن بترتيب للمقدم‪.‬‬ ‫بالملكية والمال وقانون الفرائض فعليه ألا ينسى أن‬ ‫وكما أسلفنا فكل لاحم مقدم في الفرد أو الأسرة ‪15‬‬ ‫لاحم الجماعة وعائق لحمتها الاول هو سياسة المال‪.‬‬ ‫أو في الجماعة هو في آن عائق‪:‬‬‫فتبعية سياسة رعاية الشأن العام وحمايته للمال ‪35‬‬ ‫فوعي الفرد وجنس الأسرة ومال الجماعة هو‬ ‫هي التي تفسده وتحول دون وحدة الجماعة التي‬ ‫تصبح في حرب أهلية عليه فتكون نهبة للعدوان‬ ‫اللاحم الأول والعائق الأول‪.‬‬ ‫الخارجي‪.‬‬ ‫والإعاقة تأتي من نسيان رؤية برهان الرب ومن‬ ‫نسيان الوصل بين القطبين ومن تجاوز الوسيطين ‪20‬‬ ‫وابن خلدون الذي يدرك هذه الحقيقة جيد‬‫الإدراك كاد يحصر مفهوم الظلم في المال والأعمال ‪40‬‬ ‫وخاصة ظلم الحاكم فيستعمله لمصادرة حقوق‬ ‫الجماعة‪4‬‬‫َوال َسّا ِئلِي َن وَ ِفي ال ِّرقَابِ َوأَقَامَ ال َّصلَا َة َوآتَى ال َزّكَاةَ‬ ‫‪َ { 2‬واَلّذِي َن ا ْس َتجَا ُبوا ِل َر ِبّهِمْ َوأَ َقا ُموا ال َّصلَاةَ َوأَمْ ُرهُمْ‬‫َوا ْلمُو ُفونَ ِبعَ ْهدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا َوال َصّابِرِينَ ِفي الْبَْأسَاءِ‬ ‫شُو َرى بَيْنَهُمْ َومِ َّما َرزَ ْقنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (‪ })38‬الشورى‬‫َوال َّض َرّا ِء َوحِينَ ا ْلبَْأ ِس ُأوَل ِئ َك اَّل ِذينَ صَدَقُوا َوُأوَل ِئكَ‬ ‫‪ { 3‬لَ ْي َس الْبِ َرّ َأ ْن تُوَُّلوا ُو ُجوهَ ُك ْم قِ َب َل الْ َم ْش ِرقِ‬ ‫ُهمُ الْ ُم َتّ ُقونَ (‪ })177‬البقرة‬ ‫َوا ْل َمغْ ِر ِب َوَلكِ َنّ الْ ِب َّر مَنْ آ َمنَ بِالَلّهِ َوا ْل َيوْ ِم ا ْلآخِرِ‬‫‪\" 4‬ولا تحسبنّ الظّلم إّنما هو أخذ المال أو الملك من يد‬ ‫َوا ْلمَلَائِكَةِ َوالْ ِكتَابِ َوال َنّبِ ِّيينَ َوآتَى الْمَالَ عَلَى حُ ِّبهِ‬‫مالكه من غير عوض ولا سبب كما هو المشهور بل‬ ‫َذ ِوي الْقُ ْر َبى َوالْ َي َتا َمى َوالْ َم َسا ِكينَ َوا ْبنَ ال َسّ ِبيلِ‬‫‪73‬‬

‫فحروف كل لغة متعددة لكنها متناهية (بين ‪20‬‬ ‫وهو ما يقصده بعبارته الشهيرة الواردة عنوانا‬ ‫و‪ )28‬وقوانين تأليفها متناهية (أحكام الصرف) لكن‬ ‫لكلامه على الظلم‪\" :‬في أن الظلم مؤذن بخراب‬ ‫تأليفها في التقطيع الثاني يمكن أن يكون لا متناهيا‪.‬‬ ‫العمران\"‪.5‬‬‫وإذن فهذا الأمر يمكن تسميته بقانون الكثرة ‪25‬‬ ‫ذلك أنه يجعل الدولة عدوة الجماعة فتنهار‪.‬‬ ‫المنتظمة الذي هو قانون اقتصادي يجعل اللسان‬ ‫فبدلا من أن تكون الدولة راعية للجماعة وحامية ‪5‬‬ ‫بقليل من الحروف (الفونام) يعبر على لا متناهي‬ ‫لها تتحول إلى عدوان مستمر على علة قيام الجماعة‬ ‫المعاني‪.‬‬ ‫أي التعاون على سد الحاجات والأنس بالعشير‪.‬‬ ‫وحينها لا تكون الجماعة مستعدة لحماية الدولة‬ ‫والمثال الثاني رياضي ويتمثل في حل مشكل‬ ‫التي بدلا من أن تكون صورة العمران رعاية وحماية‬‫اللامتناهي بالمتناهي كما في العلاقة بين الترقيم ‪30‬‬ ‫تتحول إلى معول تخريب تستغل الجماعة ‪10‬‬ ‫والعدد بأي قاعدة كانت ثنائية أو عشرية أو اثنا‬ ‫وتستعبدها‪.‬‬ ‫عشرية‪.‬‬ ‫كيف نفهم علة الحاجة إلى التعدد في المخلوقات‬ ‫فاعتماد عدد محدود من علامات الأرقام مع‬ ‫واللحام بين مقوماتها العنصرية ليتفرد الله ‪15‬‬ ‫الرتبة يجعل الإنسان قادرا على كتابة اي عدد شاء‬‫وقس عليه كل أنواع العدد من الطبيعي إلى ‪35‬‬ ‫بالوحدانية؟‬ ‫سؤال لا جواب عنه فس ّر الخلق من الغيب‪.‬‬ ‫الحقيقي إلخ‪.‬‬ ‫لكن لو أخذنا نظير هذه الإشكالية في عالم‬ ‫ولما كان الخلق رياضي البنية فإن اعتماده على‬ ‫الشهادة لكان لنا مثالان‪:‬‬ ‫تعدد متناه وقانون التوليف بين العناصر يمكن من‬ ‫الأول عام وهو كون جميع اللغات تحتوي على ‪20‬‬ ‫الخلق اللامتناهي بعدد محدود من المكونات‬‫العنصرية‪40 .‬‬ ‫التعدد وقانون اللحام في تقطيعيها‪.‬‬ ‫لكن هذا قياس للغيب على الشاهد لا يفيد علما‬ ‫بل هو يفيد تمثيلا لحدس الفكرة التي نفكر فيها ولا‬ ‫نعلمها بلغة كنط أو طور ما وراء العقل بلغة الغزالي‪.‬‬‫بخراب العمران اّلذي هو مادّتها لإذهابه الآمال من‬ ‫ال ّظلم أعمّ من ذلك وكلّ من أخذ ملك أحد أو غصبه‬ ‫أهله\"‬ ‫في عمله أو طالبه بغير حقّ أو فرض عليه حقّا لم‬ ‫يفرضه ال ّشرع فقد ظلمه فجباة الأموال بغير حقّها‬‫المقدمة الكتاب الأول الباب الثالث الفصل الحادي‬ ‫ظلمة والمعتدون عليها ظلمة والمنتهبون لها ظلمة‬ ‫والأربعون‬ ‫والمانعون لحقوق النّاس ظلمة وخ ّصاب الأملاك على‬ ‫العموم ظلمة ووبال ذلك كّله عائد على الدّولة‬‫‪ 5‬المقدمة الكتاب الأول الباب الثالث الفصل الثالث‬ ‫والأربعون‬‫‪74‬‬

‫فحضور الافراد يكون بغلبة إحدى الصفات‪:‬‬ ‫فما طبيعة العناصر التي لابد من لحمها لتحقيق‬‫الإرادة أو العلم أو القدرة أو الحياة أو الوجود ‪30‬‬ ‫وحدة الجماعة؟‬ ‫وتلك هي النخب السياسية والعلمية والاقتصادية‬ ‫المبدأ العام هو أن كل توحيد لاحق مشروط بما‬ ‫والفنية‪.‬‬ ‫تقدم عليه من توحيد سابق‪ :‬الفرد والأسرة‪5 .‬‬ ‫والنخبة الجامعة هي النخبة التي تتكلم في الرؤى‬ ‫توحيد الجماعة يعالج أمورا تهدد وحدة الجماعة‬ ‫الشاملة وهي مرجعيات فلسفية ودينية‪.‬‬ ‫بذاتها وبما هي جماعة أسر وجماعة أفراد‪.‬‬‫وهؤلاء النخب في كل مجتمع يعتبرون أساس ‪35‬‬ ‫وكل توحيد مشروط ولو سلبا بكل ما تأخر عنه‪:‬‬ ‫التفريق والتوحيد‪.‬‬ ‫البشرية والعالم‪.‬‬ ‫والأمة اعتبرت من تختارهم ممثلين لهذه النخب‬ ‫فلكأننا قلنا إن كل مستوى من التوحيد يتضمن ‪10‬‬ ‫الهيئة الانتخابية أو أهل الحل والعقد الذين‬ ‫باقي المستويات (ما تقدم عليه وما تأخر)‪:‬‬ ‫يختارون باسم الأمة من ينوبها في إدارة شأنها العام‪.‬‬ ‫فالتوحيد هو في كل حالة ثمرة المعادلة الوجودية‬‫ويمكن اعتبار توحيد الجماعة ما سماه ابن ‪40‬‬ ‫وعيا بها لأن كلامنا على الإنسان‪.‬‬ ‫خلدون صورة العمران او الدولة التي هي راعية‬ ‫سياسة الشأن العام تربية وحكما أو شروط الرعاية‬ ‫فينتج من ثم أن توحيد الجماعة لا بد فيه مما‬ ‫والحماية‪.‬‬ ‫وحد الفرد والأسرة وما يوحد البشرية والعالم ثم ‪15‬‬ ‫والدولة التي تحقق شروط الرعاية والحماية‬ ‫ما في الجماعة مما يحتاج إلى التوحيد‪.‬‬‫فتوحد الأمة تقوم على خمس اساطين‪45 :‬‬ ‫وهي إذن خمسة مستويات‪.‬‬ ‫‪ ‬نخبة الإرادة ‪ -‬السياسيون‬ ‫‪ ‬ونخبة المعرفة ‪ -‬العلماء‬ ‫ذلك أن الجماعة هي جماعة أفراد وأسر على‬ ‫أرضية الإنسانية والعالم لكأنها صورة على خلفية‬ ‫‪ ‬ونخبة القدرة ‪ -‬الإقتصاديون‬ ‫تحديدها يكون إضافيا إليها لإبراز مقوماتها ووعيها ‪20‬‬ ‫‪ ‬ونخبة الحياة – الفنانون والرياضيون‬‫‪ ‬ونخبة الوجود – الفلاسفة وأهل الدين ‪50‬‬ ‫بها‪.‬‬ ‫وهذه النخب رغم تعددها حصيلتها هي الوعي‬ ‫وإبراز مقوماتها الفردية والأسرية والجماعية‬ ‫الجماعي الذي تتألف منه حياة هوية الامة أو بما به‬ ‫على أرضية الإنسانية (النسبة التاريخية) وعلى‬ ‫تصبح وكأنها شخص يعي صورتها عن المعادلة‬ ‫أرضية العالم (النسبة الطبيعية) هو فرادتها في‬ ‫التاريخ الكوني‪25 .‬‬ ‫الوجودية‪.‬‬ ‫وكلامنا على توحيد الامة هدفه الكلام على كل‬ ‫امة معتبرين الامة الإسلامية العينة من النموذج‬ ‫الكوني الذي حققه الخاتم باستراتيجية القرآن‪.‬‬‫‪75‬‬

‫فإذا كان هذا الوعي بالمعادلة الوجودية كوني‬ ‫ورغم أن كل نخبة متعددة ‪-‬السياسية والمعرفية‬ ‫الطبيعة فهو إذن قد بلغ ذروة الوصل بين الهوية‬ ‫والاقتصادية والفنية والوجودية‪ -‬إلا أن الحصيلة في‬ ‫نفس الجماعة هي هوية حضارية محايثة للأحياز ‪5‬‬ ‫العينية والمرجعية الكونية‬ ‫الخمسة‪.‬‬‫وتلك هي خاصية الإسلام‪30 .‬‬ ‫فكيانها المتعين في المكان والزمان وحصيلة فعل‬ ‫لذلك فهو بالضرورة تجاوز للدين القبلي‬ ‫الزمان في المكان أو الثروة وفعل المكان في الزمان أو‬ ‫كاليهودية والدين الكوني بالعرض كالمسيحية التي‬ ‫لا تؤمن بالكونية بل تعتبر الدين حكرا على الشعب‬ ‫التراث بمرجعية هي رؤيتها للمعادلة الوجودية‪.‬‬ ‫المختار‬ ‫فتكون وحدة الجماعة هي وحدة الاحياز التي ‪10‬‬ ‫هي قيامها المتعين‬‫ففي اليهودية لا يتصل الله إلا بالشعب المختار ولا ‪35‬‬ ‫يخاطب غيره والبقية عبيد لهم‬ ‫فحصتها من المكان هي جغرافيتها‬ ‫وفي المسيحية تعين الله في أحد أبناء الشعب‬ ‫وحصتها من الزمان هي تاريخها‬ ‫المختار وسيطا وشفيعا‪.‬‬ ‫ومنهما الثروة والتراث‪.‬‬ ‫أما الإسلام فيعتبر كل البشر لهم رسل بألسنتهم‬‫والرسول الخاتم لجميع البشر‪40 .‬‬ ‫وبذلك تتعين هويتها الحضارية ومرجعيتها ‪15‬‬ ‫الروحية أي الوصل بين مقومات المعادلة الوجودية‬ ‫فالبشر كلهم أخوة والرسالة واحدة والتعدد‬ ‫للجماعة التي بها تتحدد ذاتية الامة في سياسة‬ ‫لتسابق الأحرار في الخيرات‪.‬‬ ‫المعمورة‬ ‫وبذلك تتحدد موضوعات السياسة الدولية حول‬ ‫وهنا يتدخل عامل المحدد الخارجي القادم من‬‫الجغرافيا والثروة والتاريخ والتراث والمرجعيات ‪45‬‬ ‫المنزلة في الإنسانية وفي العالم ‪20‬‬ ‫المحددة للخيارات الوجودية‬ ‫ذلك أن القسط من المكان ومن الزمان هو المنزلة‬ ‫في تاريخ العالم‪.‬‬ ‫وهو ما يوجب توحيد البشرية‪.‬‬ ‫توحيد الجماعة محكوم بالتوحيدين المتقدمين‬ ‫وعلامة الختم في المرجعية الدينية هي أن يكون‬ ‫عليه وبالتوحيدين المتأخرين عنه‬ ‫مجال فعلها كل المكان وكل الثروة وكل الزمان وكل‬‫التراث والمرجعية الواحدة للإنسانية‪50 :‬‬ ‫ومن ثم فتحديد هوية أمة ذات دور كوني يكون ‪25‬‬ ‫وعيها بالمعادلة الوجودية‪.‬‬ ‫ذلك هو الإسلام‪.‬‬ ‫والمعمورة كلها تصبح معبدا وأينما تولوا فثم وجه‬ ‫الله والأرض كلها مصلى والدولة تتجاوز حدود‬ ‫الجغرافيا والتاريخ فتلغي الصراع‪ :‬سلم عالمية‪.‬‬‫‪76‬‬

‫وينبغي إن صح أن الرسالة الخاتمة كونية أن‬ ‫تكون سياسة الدولة الإسلامية في آن سياسة لكل‬ ‫المعمورة وأن تتضمن قانونا دوليا في السلم والحرب‬ ‫ولا بد أن يكون في المرجعية الدينية تسليما‬ ‫بالتعدد الديني واعتباره شرطا في التسابق في ‪5‬‬ ‫الخيرات‪6‬‬ ‫ومن ثم فلا بد من وجود الحرية العقدية‪ 7‬فيها‪.‬‬ ‫وتشبه هذه العلامات ما يمثله تأييد التجربة‬ ‫للفرضية العلمية‪:‬‬ ‫فرضيتنا هي ان القرآن استراتيجية توحيد ‪10‬‬ ‫بالمعاني التي ذكرنا وخاصة توحيد الإنسانية‪.‬‬ ‫وذلك ما تبين من خلال ما بينا بخصوص توحيد‬ ‫الشخص والزوجين والجماعة التي هي في آن جماعة‬ ‫معينة لكنها عينة من الإنسانية في صلتها بالعالم كله‪.‬‬‫إِلَى الَّل ِه َم ْر ِجعُ ُك ْم جَ ِميعًا َفيُنَ ِّبئُ ُك ْم بِمَا كُ ْن ُتمْ فِي ِه‬ ‫‪{ 6‬وََأ ْنزَلْنَا إِلَ ْيكَ الْ ِكتَابَ بِالْحَ ِّق ُم َص ِدّقًا لِمَا بَيْنَ َي َد ْيهِ‬ ‫َت ْخ َتلِ ُفونَ (‪ })48‬المائدة‬ ‫مِ َن الْ ِكتَا ِب وَمُهَيْمِنًا َعلَ ْي ِه فَاحْكُمْ بَ ْينَ ُهمْ ِبمَا َأنْزَ َل الَلّهُ‬ ‫وَلَا َت َتّبِ ْع أَ ْه َواءَهُ ْم عَ َمّا َجاءَ َك مِ َن ا ْل َح ِقّ لِ ُك ٍّل َجعَلْنَا‬‫‪َ{ 7‬لا إِكْ َراهَ فِي ال ِدّي ِن قَ ْد تَبََيّنَ ال ُرّشْ ُد ِمنَ الْغَ ِيّ َفمَنْ‬ ‫مِ ْنكُ ْم شِرْ َعةً وَمِنْهَا ًجا وََلوْ شَاءَ الَّلهُ َل َج َعَلكُمْ أُ َّمةً‬‫يَكْفُرْ بِال َطّاغُو ِت وَ ُيؤْمِ ْن بِالَلّهِ فَ َقدِ ا ْستَ ْم َس َك بِا ْلعُ ْر َو ِة‬ ‫وَاحِ َدةً َولَكِنْ لِيَ ْبلُوَ ُكمْ فِي مَا آ َتاكُمْ فَا ْستَبِقُوا ا ْل َخيْ َراتِ‬‫ا ْلوُثْ َقى لَا انْفِصَامَ لَ َها َوالَّلهُ َس ِمي ٌع َعِليمٌ (‪})256‬‬‫البقرة‬‫‪77‬‬





‫‪02 01‬‬ ‫‪01‬‬ ‫‪02‬‬‫تصميم الأسماء والبيان – المدير التنفيذي‪ :‬محمد مراس المرزوقي‬