انتهاك حرمة الصوم ،فإن دفعته نفسه للرد عليه فليقل في نفسه مرة أخرى إني صائم ثم أقسم صلى الله عليه وسلم بربه الذي روحه بيده على أن خلوف الصائم وتغير رائحة فمه أجمل رائحة عند الله من رائحة المسك الذي هو أطيب الطيب \" يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي \" يعني يقول الله تعالى :إن هذا الصائم ترك شهوة بطنه وفرجه طاعة لي وامتثالاً لأمري \" الصيام لي \" أي الصيام أخلص العبادات لي وأبعدها عن الرياء والسمعة \" وأنا أجزي به \" أي ولذلك فإني أجزي عليه من الأجر والمثوبة ما لا أجزي على غيره ،أو أتولى المثوبة عليه بنفسي قال الشرقاوي :وقد علم أن الكريم إذا تو ّلى الإِعطاء بنفسه كان ذلك إشارة إلى عظم العطاء \" والحسنة بعشر أمثالها \" أي وإذا كان الجزاء على الحسنات العادية الحسنة بعشر أمثالها ،فما بالك بالصوم الذي تولى الله بنفسه الجزاء عليه فإنه يجزي عليه بغير حساب قال الزرقاني قوله\" :وأنا أجزي به \" أي بلا عدد ولا حساب ،كقوله تعالى( :إِ هن َما ُي َو هفى ال هصابِ ُرو َن أَ ْج َر ُه ْم ِب َغ ْي ِر ِح َسا ٍب). فقه الحديث :دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً :فضائل الصوم ومزاياه فمن فضائله إصلاح الغريزة ،وترويضها على الوقوف عند حدود الشرع والعقل ،والالتزام بمنهج الدين وتقوية الإِرادة وسد
مداخل الشيطان ،مما يؤدي إلى تحقيق السعادة النفسية في الدنيا والنجاة من النار في الآخرة كما في رواية أخرى عن أبي هريرة \" الصوم جنة من النار \" أي وقاية منها أخرجه الترمذي ومن مزاياه مضاعفة حسنات الصائمين بغير حساب ،وهو معنى \" وأنا أجزي به\" أي أضاعف الثواب عليه بلا حدود ثانياً :أن للعبادات روائح زكية يختلف بعضها عن بعض يوم القيامة فريح الصيام بين العبادات كالمسك ،وطيب فم الصائم كرائحة المسك الذي هو أجمل الطيب ثالثاً :أن الصيام الذي تضاعف له الحسنات هو الذي يجمع بين الكف عن الطعام والشراب والمحرمات قال أحمد بن قدامة المقدسي :للصوم ثلاث مراتب ▪صوم العموم وهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة ▪وصوم الخصوص :وهو كف النظر واللسان والجوارح من اليد والرجل والسمع والبصر عن الآثام ▪وصوم خصوص الخصوص :وهو صوم القلب عما سوى الله
الحديث السادس و الثمانون َع ْن َس ْه ٍل رضي الله عنه َع ِن ال هنبِ ِّي صلى الله عليه وسلم َقالَ« :إِ هن ِفي ا ْل َج هن ِة َبا ًبا ُي َقالُ َل ُه ال هر هيا ُن َي ْد ُخلُ ِم ْن ُه ال هصائِ ُمو َن َي ْو َم ا ْلقِ َيا َم ِة لا َي ْد ُخلُ ِم ْن ُه َأ َح ٌد َغ ْي ُر ُه ْمُ ،ي َقالُ: أَ ْي َن ال هصا ِئ ُمو َن؟ َف َي ُقو ُمو َن لا َي ْد ُخلُ ِم ْن ُه أَ َح ٌد َغ ْي ُر ُه ْمَ ،فإِ َذا َد َخلُوا أُ ْغلِ َق َف َل ْم َي ْد ُخ ْل ِم ْن ُه أَ َح ٌد» (البخاري )١٨٩6 : شرح الحديث (إِ هن فِي ال َج هن ِة َبا ًبا ُي َقالُ َل ُه :ال هر هيا ُنَ ،ي ْد ُخلُ ِم ْن ُه ال هصائِ ُمو َن َي ْو َم ال ِق َيا َم ِة ،لاَ َي ْد ُخلُ ِم ْن ُه أَ َح ٌد َغ ْي ُر ُه ْم) قال ال هز ْي ُن بن الم ِنير\" :إ ّنما قال في الج هنة ولم يقل للج ّنة ،ل ُيشع َر بأ ّن في الباب المذكور من ال ّنعيم وال ّراحة في الج هنة فيكو َن أبل َغ في ال هتش ُّوق إليه\" و(ال ّر ّيان) من ال ِّر ِّي الذي هو ضد العطش ،فهو بنفسه ر ّيان؛ لكثرة الأنهار الجارية إليه ،أو لأ ّن من وصل إليه يزول عنه عطش يوم القيامة ،ويدوم له ال ّطراوة في دار المقامة ،أو لأ ّنه جزاء ال ّصائمين على عطشهم وجوعهم وقد اكتفى بذكر ال ّري عن ال ّشبع؛ لأ ّنه يدلّ عليه ،وقيل :لأ ّنه أش ّق على ال ّصائم من الجوع؛ إذ كثيراً ما يصبر على الجوع دون العطش وقد خ ّص الله تعالى ال ّصائمين بباب (ال ّر ّيان) ،لمكانة الصوم ومنزلته عنده سبحانه وتعالى.
ثم ُيكمل عليه ال ّصلاة وال ّسلام فيقولُ ( :ي َقالُ :أَ ْي َن ال هصائِ ُمو َن؟ َف َي ُقو ُمو َن لاَ َي ْد ُخلُ ِم ْن ُه َأ َح ٌد َغ ْي ُر ُه ْمَ ،فإِ َذا َد َخلُوا أُ ْغلِ َق َف َل ْم َي ْد ُخلْ ِم ْن ُه َأ َح ٌد) ُينادى على ال ّصائمين ال ُمخلصين يوم القيامة فيدخلون من باب \"ال ّر ّيان\" الّذي خ ّصهم الله ع ّز وجلّ وأكرمهم به ،فلا يدخل أح ٌد غيرهم ،حيث ُيغلق بعد اكتمال عددهم ،وهكذا حال أبواب الجنة بعد دخول أهلها إليها وعندها تتحق الفرحة الثانية التي ذكرها ال ّنب ّي ص ّلى الله عليه وسلّم بقوله( :للصائم فرحتان يفرحهما :إذا أفطر فرح ،وإذا لقي ربه فرح بصومه) م ّتف ٌق عليه. المرجع الإسلام ويب
الحديث السابع و الثمانون َع ْن أَ ِبي ُه َر ْي َر َة رضي الله عنه أَ هن َر ُسولَ ال هل ِه -صلى الله عليه وسلم َقالََ « :م ْن أَ ْن َف َق َز ْو َج ْي ِن فِي َسبِي ِل ال هلهِ ُنو ِد َي ِم ْن أَ ْب َوا ِب ا ْل َج هن ِةَ :يا َع ْب َد ال هل ِهَ ،ه َذا َخ ْي ٌرَ ،ف َم ْن َكا َن ِم ْن أَ ْه ِل ال هصلا ِة ُد ِع َي ِم ْن َبا ِب ال هصلا ِةَ ،و َم ْن َكا َن ِم ْن أَ ْه ِل ا ْل ِج َها ِد ُد ِع َي ِم ْن َبا ِب ا ْل ِج َها ِدَ ،و َم ْن َكا َن ِم ْن أَ ْه ِل ال ِّص َيا ِم ُد ِع َي ِم ْن َبا ِب ال هر هيا ِنَ ،و َم ْن َكا َن ِم ْن أَ ْه ِل ال هص َد َق ِة ُد ِع َي ِم ْن َبا ِب ال هص َد َق ِة» َف َقالَ أَ ُبو َب ْك ٍر -رضي الله عنه :-بِأَبِي أَ ْن َت َوأُ ِّمي َيا َر ُسولَ ال هل ِهَ ،ما َع َلى َم ْن ُد ِع َي ِم ْن ِت ْل َك الأَ ْب َوا ِب ِم ْن َض ُرو َر ٍة َف َهلْ ُي ْد َعى أَ َح ٌد ِم ْن ِت ْل َك الأَ ْب َوا ِب ُك ِلّ َها؟ َقالََ « :ن َع ْم َوأَ ْر ُجو أَ ْن َت ُكو َن ِم ْن ُه ْم» (البخاري)١٨٩٧ : شرح الحديث \"من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة :يا عبد الله هذا خير\" أي من تصدق بعدد اثنين من أي شيء من المأكولات أو الملبوسات أو النقود، فأعطى درهمين ،أو رغيفين ،أو ثوبين لمن هو في حاجة إليهما ابتغا ًء لرضوان الله نادته الملائكة من أبواب الجنة مرحبة بقدومه إليها ،وهي تقول :لقد ق هدمت خيراً كثيراً تثاب عليه اليوم ثواباً كبيرا \" فمن كان م ْن أهل الصلاة دعي من باب الصلاة \" أي وقد جعل لكل عبادة في الجنة باباً مخصوصاً لها ،فالمكثرون من الصلاة ينادون من باب الصلاة، ويدخلون منه ،وهكذا الأمر بالنسبة إلى سائر العبادات \" ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان \" أي والمكثرون من الصوم تستقبلهم الملائكة عند باب الريان داعية لهم بالدخول منه ،وسمي بذلك ،لأنه كما في رواية الترمذي \" من دخله لم يظمأ أبداً \"
فقال أبو بكر رضي الله عنه \" طامعاً في فضل الله تعالى \" :فهل يدعى أحد من تلك الأبواب \" ومعناه أنه تساءل قائلاً \" فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال :نعم \" أي يوجد من المؤمنين من ُيدعى من أبواب الجنة الثمانية لكثرة عباداته وتنوعها واختلافها \"وأرجو أن تكون منهم \" لاجتهادك في كل العبادات وحرصك على جميع الخيرات. فإذا كان المسلم س هبا ًقا لأعمال الب ِّر المتن ِّوعة ،فإ ّنه يكون مؤ ّهلاً لأن ُيدعى من كلّ أبواب الج ّنة لدخولها ،وهذا ما ب ّشر به ال ّنب ّي صلّى الله عليه وسلّم أبا بكر ال ّص ّديق رضي الله عنه وأرضاه فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً :أن للجنة أبواباً متعددة بتعدد الأعمال لكل عبادة باب يختص بأهلها المتفوقين فيها ثانياً :أن من بين هذه الأبواب باب الصائمين ،ويقال له :الريان ،لأن من دخل منه يرتوي فلا يظمأ أبد ًا
الحديث الثامن والثمانون َع ْن أَ ِبي ُه َر ْي َر َة رضي الله عنه قال َر ُسولَ ال هل ِه صلى الله عليه وسلم : «إِ َذا َد َخلَ َش ْه ُر َر َم َضا َن فُ ِّت َح ْت أَ ْب َوا ُب ال هس َما ِء َو ُغلِّ َق ْت أَ ْب َوا ُب َج َه هن َم َو ُس ْل ِسلَ ِت ال هش َيا ِطي ُن» (البخاري)١٨٩٩ : شرح الحديث وفي رواية َع ْن ُه رضي الله عنه أَ هن َر ُسولَ ال هل ِه صلى الله عليه وسلم َقالَ« :إِ َذا َجا َء َر َم َضا ُن ُف ِت َح ْت أَ ْب َوا ُب ا ْل َج هن ِة» (بخاري)١٨٩٨ : إن أبواب السماء تفتح عند قدوم رمضان حقيقة لا مجازاً إحتفا ًء بهذا الشهر الكريم .وترحيباً به في الملأ الأعلى ،وتنويهاً بفضله وشرفه ،وإعلاماً للملائكة بدخوله \" وغلقت أبواب جهنم \" حقيقة عن الصائمين ،فمن مات منهم صائما قائما كان من العتقاء في شهر رمضان \" وسلسلت الشياطين \" أي وربطت الشياطين بالسلاسل ،حقيقة أيضاً وحمله بعضهم على شياطين الوسوسة والإِغواء فقه الحديث :دل هذا الحديث على ما يأتي: فضل شهر رمضان ،حيث تفتح فيه أبواب السماء وأبواب الجنة كما في الرواية الأخرى \" ،وتغلق أبواب النار \" وفيه بشارة عظيمة لمن مات فيه قائماً بحقوقه، والواجبات التي عليه وأنه تربط فيه الشياطين عن الناس وتمنع عن الوسوسة لهم ،ولا يقال كيف تربط ونحن نرى الناس يذنبون في رمضان؟ فالجواب أن هذا لا يتعارض مع الحديث ،فإن الإِنسان توسوس له نفسه أيضاً، فالمعاصي التي يرتكبها في رمضان نتيجة لغرائزه وشهواته النفسية
الحديث التاسع و الثمانون َع ْن أَ ِبي ُه َر ْي َر َة رضي الله عنه َقالََ :قالَ َر ُسولُ ال هلهِ -صلى الله عليه وسلم َ « :-م ْن َل ْم َي َد ْع َق ْولَ ال ُّزو ِر َوا ْل َع َملَ بِ ِه َف َل ْي َس َِّ هل ِل َحا َج ٌة ِفي أَ ْن َي َد َع َط َعا َم ُه َو َش َرا َب ُه» (البخاري)١٩٠٣ : شرح الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم \" :من لم يدع قول الزور والعمل به \" أي من لم يترك القول الباطل والكلام المح ّرم أثناء صومه من الكذب وشهادة الزور ،والغيبة والنميمة والقذف والشتيمة \" والعمل به \" أي ولم يترك الأعمال الباطلة من الظلم والغش والخيانة وأكل الربا وغيرها \" فليس َّلل حاجة في أن يدع طعامه وشرابه \" أي فإن صيامه لا يكون مرضياً عنه ،ولا يقبل قبول ًا كاملاً ،ولا يثاب عليه ثواب الصائمين الذين يو هفون أجرهم بغير حساب ،وإن كان الصوم في حد ذاته صحيحاً مسقطاً للفرض الذي عليه فقوله \" :وليس َّلل حاجة \" مجاز يراد به َعد ُم القبول الكامل للصيام قال ابن المنير :هو كناية عن عدم قبول الصوم فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً :تحذير الصائم من الأقوال الباطلة والأفعال المحرمة ،لأ ّنها تسخط الله وتنقص من ثواب الصوم فلا يجازى الصائم على صومه بغير حساب ،إلاّ إذا صام عن المحرمات ،أما إذا اقترفها فإنه لا يستفيد منه إلا إسقاط الفرض فقط
ثانياً :أنه ليس الغرض من الصيام الحرمان من الطعام والشراب ،بل ما يترتب عليه من تهذيب النفس ،وتقويم السلوك الإِنساني قال البيضاوي في قوله صلى الله عليه وسلم \" :-فليس َّلل حاجة في أن يدع طعامه وشرابه \" أي ليس المقصود من شرعية الصيام نفس الجوع والعطش ،بل ما يتبعه من كسر الشهوات ،وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة ،فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر قبول المرجع منار القاري شرح صحيح البخاري
الحديث التسعون َع ِن ا ْب ِن ُع َم َر رضي الله عنهما َقالََ :س ِم ْع ُت َر ُسولَ ال هله صلى الله عليه وسلم َي ُقولُ: «إِ َذا َرأَ ْي ُت ُمو ُه َف ُصو ُمواَ ،وإِ َذا َرأَ ْي ُت ُموهُ َفأَ ْف ِط ُرواَ ،فإِ ْن ُغ هم َعلَ ْي ُك ْم َفا ْق ُد ُروا َل ُه» َي ْع ِني ِه َلالَ َر َم َضا َن (البخاري)١٩٠٠ : شرح الحديث (إذا رأيتموه) المقصود به الهلال ،وفي راية للبخاري \" :لا تصوموا حتى تروا الهلال\" وفي رواية له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه \" :إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا\" وقوله \"رأيتموه\" :ليس المراد أن يراه كلّ فرد ولا بد ،وإنما المراد :ثبوت الرؤية الشرعية م ّمن ي ْث ُبت برؤيته وجوب الصوم. (فصوموا) يعني انووا و َب ِّيتوا الصيام ؛ لأن الليل ليس محلا للصوم ،وإنما َم َحلٌّ لل ّنية ،وفيه دليل على وجوب تبييت نية الصيام من الليل (إذا رأيتموه) الأولى لدخول هلال رمضان ،والثانية لدخول هلال شوال (فإن ُغـ ّم عليكم) أي حال بينكم وبينه غيم أو غبار وفي رواية البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه \" :فإن ُغـ ّم عليكـم فصوموا ثلاثين يوما\"
و َع ْن َع ْب ِد ال هلهِ ْب ِن ُع َم َر رضي الله عنهما أَ هن َر ُسولَ ال هل ِه صلى الله عليه وسلم َ -قالَ: «ال هش ْه ُر ِت ْس ٌع َو ِع ْش ُرو َن لَ ْي َل ًة َفلا َت ُصو ُموا َح هتى َت َر ْو ُهَ ،فإِ ْن ُغ هم َع َل ْي ُك ْم َفأَ ْك ِملُوا ا ْل ِع هد َة َثلاثِي َن» (البخاري) وجاءت رواية لهذا اللفظ ( ُغـ ّم ) بلفظ ُ :غـ ّبـي فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم \" :صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم ، فأكملوا ِعدة شعبان ثلاثين\" (فاقدروا له) جمهور العلماء على أ ّن \"اقدروا له\" بمعنى :أك ِملوا العد َد ثلاثين هذا فيما يتعلق بشهر شعبان وفيما يتعلق بشهر رمضان فالمعتبر شرعاً هو أحد أمرين : لأجل الصيام : ▪إما رؤية هلال رمضان ▪وإما إكمال شعبان ثلاثين يوماً وبالنسبة للإفطار : ▪رؤية هلال شهر شوال ▪أو إكمال رمضان ثلاثين يوماً ولا ِعبرة بمعرفة منازل القمر ،أو الحساب الفلكي . إذ المعتبر شرعاً ما كان ُمعتبراً في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والمعتبر كما في الأحاديث المتقدمة هو الرؤية أو إكمال ال ِعـ ّدة والحديث ح ّجة على من قال بوجوب صوم يوم الشك احتياطا ،وأنه يجزئه إن ص ّح أنه من رمضان
فعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال\" :من صام اليوم الذي ُيش ّك فيه ،فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم\" صححه الألباني فوائد الحديث : لا يجب صيا ُم رمضان حتى يث ُب َت دخول الشهر ،و ُيح َكم بدخو ِل شهر رمضان بواح ٍد من أمرين: ▪الأول :رؤية هلال شهر رمضان عقب غروب الشمس من يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان؛ ولا يشترط أن يراه كلُّ واحد بنفسه ،بل إذا رآه من يث ُب ُت بشهادته دخولُ الشهر ،وجب الصوم على الجميع. ▪الثاني :إكمال شه ِر شعبا َن ثلاثين يو ًما إذا لم ُي َر هلال رمضان ،أو حال دون رؤي ِته غي ٌم أو غبار أو غيرهما ،يدلُّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث(( :فاقدروا له)) ،ومعناه :ق ِّدروا له تمام العد ِد ثلاثين يو ًما. المراجع شرح أحاديث عمدة الأحكام عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عبد السلام محمد ابو عبد الرحمن
الحديث الحادي والتسعون َع ْن ابن مسعود رضي الله عنه َقالَُ :ك هنا َم َع ال هن ِب ِّي صلى الله عليه وسلم َف َقالَ: « َم ِن ا ْس َت َطا َع ا ْل َبا َء َة َف ْل َي َت َز هو ْج َفإِ هن ُه أَ َغ ُّض لِ ْل َب َص ِر َوأَ ْح َص ُن ِل ْل َف ْر ِجَ ،و َم ْن َل ْم َي ْس َت ِط ْع َف َعلَ ْي ِه ِبال هص ْو ِم َفإِ هن ُه َل ُه ِو َجا ٌء» )البخاري(١٩٠5 : شرح الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم-: \"من استطاع الباءة \"وهي لغ ًة الجما ُع والمراد بها هنا مؤونة (تكلفه) النكاح والقدرة عليه \"فليتزوج\" أي :أ هن النبي صلى الله عليه وسلم يأ ُم ُر بالزواج كله من كان قادراً عليه جسمياً ومادياً إحصاناً لنفسه ودينه ،فالزواج هو الوقاية والحماية للنفس من الخبائث كما قال -صلى الله عليه وسلم\" -:فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج\" أي فإن النكاح أمنع للبصر والفرج من اقتراف الخطايا \"ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء\" أي فإن الصوم يكسر الشهوة ويضعفها فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً :الترغيب في الزواج لكل من يقدر عليه مالياً ونفسياً وجسمياً ثانياً ًُ :استحباب الصوم لمن خاف على نفسه من العزوبة ،وخشي الفاحشة لأ ّن الصوم يضعف الشهوة
الحديث الثاني والتسعون َع ْن أَ ِبي ُه َر ْي َر َة رضي الله عنه َع ِن ال هنبِ ِّي صلى الله عليه وسلم َقالَ: \"لا َي َت َق هد َم هن أَ َح ُد ُك ْم َر َم َضا َن بِ َص ْو ِم َي ْو ٍم َأ ْو َي ْو َم ْي ِن إِ هلا أَ ْن َي ُكو َن َر ُجلٌ َكا َن َي ُصو ُم َص ْو َم ُه َف ْل َي ُص ْم َذلِ َك اا ْل َي ْوم\" (البخاري(١٩١٤ : شرح الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم -:لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين أي لا يجوز لأحد أن يستقبل رمضان بصيام آخر شعبان ،فيصوم قبله يوماً أو يومين ،بنية كونهما من رمضان ،لاحتمال كونهما منه ،سواء كان الجو صحواً أو غائماً ،وإنما ذكر اليومين لأنه قد يحصل الشك في يومين لوجود غيم أو ظلمة في شهرين أو ثلاثة وإنما ،نهى عن ذلك لأن الصيام بنية رمضان قبله مخالفة لحكم الشارع الذي علق الصيام على الرؤية ثم قال \" :إلاّ أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم \" وهذا استثناء منقطع \" معناه \" لكن إذا كان للصائم أ ّيام معتادة يصومها آخر الشهر تطوعاً ،أو كان نذراً أو قضا ًء فصادف آخر شعبان ،فلا مانع من صيامه ،لأن ذلك ليس من الصيام المنهي عنه شرعا فقه الحديث:دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً :كراهية صيام آخر يوم من شعبان المسمى بيوم الشك مطلقاً .سواء صامه وحده أو مع يوم قبله للحديث السابق ،ولقول عمار رضي الله عنه:
\"من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم\" قال الترمذي :والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ثانياً :أنه يجوز صيام يوم الشك اذا كان في صيام أ ّيام معتادة أو نذر أو قضاء صادف ذلك اليوم قال الحافظ :والحكمة في النهي عن صيامه بنية أنه من رمضان أ ّن الحكم علق بالرؤية فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم
الحديث الثالث والتسعون عن أَ َنس ْب َن َمالِ ٍك رضي الله عنه َقالََ :قالَ ال هن ِب ُّي -صلى الله عليه وسلم: » َت َس هح ُروا َفإِ هن فِي ال هس ُحو ِر َب َر َك ًة« )البخاري(١٩2٣ : شرح الحديث أن الله أودع في السحور خيراً كثيراً ،ونفعاً عظيماً لأنه ينشط البدن ،ويقوي الجسم ،ويعين على الصيام الذي هو من أفضل القربات وأعظم الطاعات ،ولذلك أمر به صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ،ورغب فيه وبين صلى الله عليه وسلم أنه الفارق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب ،كما في حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم -قال \" :إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر\" فقه الحديث: دل هذا الحديث على أن السحور سنة مستحبة ،لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به
الحديث الرابع والتسعون عن َعا ِئ َش َة وأُ ِّم َس َل َم َة َرضي اللهُ َع ْن ُه َما: \"أ هن َر ُسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم َ -كا َن ُي ْد ِر ُك ُه ال َف ْج ُر َو ُه َو ُج ُن ٌب ِم ْن أ ْه ِل ِهُ ،ث هم َي ْغ َت ِسلُ وي ُصو ُم\". )البخاري(١٩25 : شرح الحديث معنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يجامع أهله في ليالي رمضان ولا يغتسل بعد جماعه بل يبيت وهو جنب من أهله أي وهو جنب من جماع أهله لا من احتلام ،ويطلع عليه الفجر وهو على حال الجنابة ،فيصوم ،ثم يغتسل ولا يرى في ذلك بأساً. ) ُيدركه الفجر( يعني وقت الفجر ،فيلزمه الصوم وهو ُج ُنب ،لا أنها ُتدركه الصلاة فيتأخر عنها. )وهو ُجنب من أهله( ُتف ّسره الروايات الأخرى ،ومنها ُ ( :يصبح ُج ُنباً من جما ٍع لا ِمن ُحلُم) لا يعني ذلك أن الذي ُيدركه الفجر من احتلام أنه لا يجوز له الصيام ،فليس ال ُحـكم خاص بمن أصابته الجنابة من أهله وإنما المعنى أن ذلك كان باختياره ،فغيره الذي لا يقع باختياره كالمحتلم أولى بأن ُيعذر )ثم يغتسل ويصوم( لا علاقة للصيام بالجنابة ،فلو أن إنساناً لا يستطيع الاغتسال أو كان فاقداً للماء فإن صومه صحيح وعليه التيمم للصلاة لا للصيام
فمن أدركه الفجر وهو ُج ُنب فإنه يصوم ولا ُيفطر يومه ذلك ولا يجب عليه قضاء فقه الحديث: يدل الحديث على أنه يجوز للصائم أن يصبح جنباً ،وهو مذهب جمهور العلماء والفقهاء قال النووي :وقد أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب ،سواء كان من احتلام أو جماع ،وبه قال جماهير الصحابة والتابعين لا فرق بين صوم النفل وصوم الفرض في ذلك. ومثله في الحكم الحائض فإنها إذا طهرت قبل الفجر فإنها تصوم ولو لم تغتسل إلا بعـد طلـوع الفجر لكن إذا لم تطهر ولم ينقطع الدم إلا بعد طلوع الفجر ،فإنه لا يلزمها الإمسـاك وعليها القضاء المراجع منار القاري شرح صحيح البخاري شرح أحاديث عمدة الأحكام
الحديث الخامس والتسعون َع ْن أَبِي ُه َر ْي َر َة رضي الله عنه َع ِن ال هن ِب ِّي صلى الله عليه وسلم َقالَ: »إِ َذا َن ِس َي َفأَ َكلَ َو َش ِر َب َف ْل ُي ِت هم َص ْو َم ُه َفإِ هن َما أَ ْط َع َم ُه ال هلهُ َو َس َقا ُه« )البخاري(١٩٣٣ : شرح الحديث معنى الحديث :أن الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً فإن عليه أن يتم بقية نهاره ،ولا يفسد صومه ،ولا يوجب عليه ذلك الأكل أو الشرب إثماً ولا قضا ًء فقد روي عن أبي هريرة أنه نسي صيام أول يوم من رمضان فأصاب طعاماً قال: ف َذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال \" :أتم صيامك ،فإن الله أطعمك وسقاك ولا قضاء عليك\" وإنما لم يترتب على الناسي شيء لأنه أكل وشرب دون إرادته واختياره ،وهو معنى قوله \" :أطعمه الله وسقاه\" نسب الإِطعام والإِسقاء إلى الله تعالى ،لأن العبد لم يكن له اختيار لنسيانه ،فلا يعد إفطاره جناية على صومه فقه الحديث: استدال به الجمهور على أن من أكل أو شرب ناسياً لا يفسد صومه ولا يلزمه قضاء لقوله صلى الله عليه وسلم \" :-فليتم صومه\" ولا تلزمه كفارة من باب أولى
الحديث السادس والتسعون َع ْن َجا ِب ِر ْب ِن َع ْب ِد ال هلهِ رضي الله عنهما َقالََ :كا َن َر ُسولُ ال هلهِ صلى الله عليه وسلم فِي َس َف ٍر َف َرأَى ِز َحا ًما َو َر ُج ًلا َق ْد ُظ ِّللَ َع َل ْي ِهَ ،ف َقالََ « :ما َه َذا؟» َف َقالُواَ :صائِ ٌمَ ،ف َقالَ: «لَ ْي َس ِم َن ا ْل ِب ِّر ال هص ْو ُم ِفي ال هس َف ِر» )البخاري(١٩٤6 : شرح الحديث )كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر(في رواية أنها غزوة الفتح. )فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه( وفي رواية كعب بن عاصم الأشعري سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في حر شديد فإذا رجل من القوم قد دخل تحت ظل شجرة وهو مضطجع كضجعة الوجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \":ما لصاحبكم أي وجع به\" فقالوا :ليس به وجع ولكنه صائم وقد أشتد عليه الحر فقال النبي صلى الله عليه وسلم \" :ليس البر أن تصوموا في السفر عليكم برخصة الله التي رخص لكم\" )ليس من البر الصوم في السفر( كان قوله صلى الله عليه وسلم ذلك لمن كان في مثل ذلك الحال قال ابن دقيق العيد أخذ من هذه القصة أن كراهة الصوم في السفر مختصة بمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه فينزل قوله ليس من البر الصوم في السفر على مثل هذه الحالة قال الحافظ :وفي الحديث استحباب التمسك بالرخصة عند الحاجة إليها
فالحاصل أن الصوم لمن قوي عليه أفضل من الفطر والفطر لمن شق عليه الصوم أو أعرض عن قبول الرخصة أفضل من الصوم وأن من لم يتحقق المشقة يخير بين الصوم والفطر ف َع ْن َعا ِئ َش َة رضي الله عن َها أن َحم َز َة ْب َن َع ْمر ٍو الأ ْس َل ِم هي َقالَ للِ هنبِ ِّي صلى الله عليه وسلم :-أأ ُصو ُم في ال هس َف ِر؟ َو َكا َن َك ِثي َر ال َص هياَ ِمَ ،ف َقالَ \" :أن ِش ْئ َت َف ُص ْمَ ،وإ ْن ِش ْئ َت َفأف ِط ْر\" فخيره النبي صلى الله عليه وسلم بين الصيام وال ِإفطار معاً ،قال له \" :إن شئت فصم ،وإن شئت فأفطر\" أي فيجوز لك هذا وهذا وقد ورد التصريح بأنه سأله عن صوم رمضان في رواية أخرى حيث قال \" :قلت يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه أسافر عليه وأكرمه وأنه ربما صادفني هذا الشهر يعني رمضان ،وأنا أجد القوة ،وأنا شاب، فأجد بأن أصرم يا رسول الله أهون علي من أن أأخره فيكون ديناً،أفأصوم أعظم لأجري أم أفطر؟ قال \" :أي ذلك شئت يا حمزة\" فقه الحديث: دل هذا الحديث كما قال النووي على أن الصوم والفطر جائزان في السفر لقوله صلى الله عليه وسلم للسائل \" :إن شئت فصم وإن شئت فأفطر\" ولهذا قال الجمهور يجوز في السفر صوم رمضان وإفطاره معاً ،والصوم أفضل لمن يقوى عليه الصيام في السفر أفضل لمن قوي عليه والإِفطار أفضل لمن لم يقو عليه ،وحمل الشافعي نفي البر في الحديث على من أبى قبول الرخصة عند الشدة والمشقة وعدم القدرة على الصوم
الحديث السابع والتسعون َع ْن َعائِ َش َة رضي الله عنها أَ هن َر ُسولَ ال هلهِ صلى الله عليه وسلم َقالَ: » َم ْن َما َت َو َع َل ْي ِه ِص َيا ٌم َصا َم َع ْن ُه َولِ ُّي ُه« )البخاري(١٩52 : شرح الحديث معنى الحديث :أن من لم يصم رمضان أو أياماً منه لعذر من الأعذار الشرعية ،ثم مات ولم يقض ما عليه من صوم ذلك الشهر أو أيام منه ،فإنه يجوز لقريبه أن يصوم عنه ،ويصح صيامه عنه ،ويجزؤه ،ويسقط عن الميت ذلك الفرض الذي عليه ،يكون قضاؤه عنه بمنزلة قضائه هو عن نفسه كما جاء ذلك موضحاً في حديث ،ابن عباس رضي الله عنهما ،قال \" :جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله إ ّن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضيه عنها؟ قال :نعم ،فدين الله أحق أن ُيقضى\" فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم قضاء الصوم عن الميت بمنزلة قضاء الدين عنه ،وقاسه عليه قياساً أولوياً ،حيث قال \" :فدين الله أحق أن يقضى\" فقه الحديث: أولاً :جواز قضاء الصوم عن الميت ،وقبوله عنه ،وانتفاعه بذلك الصوم ثانياً :ترغيب أقارب الميت وح ُّثهم على قضاء الحقوق التي عليه سواء كانت من حقوق الله كالصوم والحج وغيره ،أو من حقوق الناس كالديون ،لأن الرجلَ عندما سأل عن قضاء الصوم عن أمه قال :نعم ،فحثه على قضائه ،ثم ضرب له مثل ًا بقضاء الديون عن الميت ،وفيه ترغيب في قضائه
الحديث الثامن والتسعون َع ْن َس ْه ِل ْب ِن َس ْع ٍد رضي الله عنه أَ هن َر ُسولَ ال هلهِ صلى الله عليه وسلم َقالَ« :لا َي َزالُ ال هنا ُس ِب َخ ْي ٍر َما َع هجلُوا ا ْل ِف ْط َر\" )البخاري(١٩5٧ : شرح الحديث معنى الحديث :يحدثنا سهل بن سعد رضي الله عنهما \" أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال :لا يزال الناس بخير\" أي لا يزال المسلمون على خير وحق وهدى من الله متمسكين بسنة نبيهم، واقفين عند حدوده ،غير مبدلين ولا مغ ّيرين \"ما عجلوا الفطر\" أي مدة تعجيلهم بالإفطار من صومهم عند غروب شمس يومهم مباشرة ،لما في ذلك من المبادرة إلى قبول الرخصة من الله تعالى فقه الحديث: دل هذا الحديث على استحباب تعجيل الفطر عند تحقق غروب الشمس مباشرة، لئلا يزاد في النهار من الليل ،ولأنه أرفق بالصائم وأقوى في قبول الرخصة، وشكر النعمة قال الشافعي :تعجيل الفطر مستحب ،ولا يكره تأخيره إل ّا لمن تعمد ذلك ،ورأى الفضل فيه
الحديث التاسع والتسعون عن َعا ِئ َش َة َرضي اللهُ َع ْن َها َقالَ ْت \" :كا َن َر ُسولُ الله صلى الله عليه وسلم َي ُصو ُم َح هتى َن ُقولَ لا ُي ْفط ُرَ ،و ُي ْف ِط ُر حتى َنق ْولَ لا َي ُصو ُم ،فما رأي ُت َر ُسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم ا ْس َت ْك َملَ صيا َم َش ْه ٍر إِ هلا َر َم َضا َنَ ،و َما َرأي ُت ُه أ ْك َثر ِصياماً ِم ْن ُه في َش ْع َبا َن\" )البخاري (١٩6٩ : شرح الحديث كان النبي ص هلى الله عل ْيه وسلهم َيحتفي بشعبان ويصوم فيه أكث َر من غيره من ال ُّشهور ،ح هتى ُيقال :لا يفطر معنى الحديث :أن النبي -صلى الله عليه وسلم كان يصوم أحياناً أياماً كثيرة من الشهر حتى نظن أنه سيصوم الشهر كله ،أحياناً يفطر أياماً كثيرة حتى نظن أنه لن يصوم منه شيئاً ،ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يصم شهراً كاملاً سوى رمضان ،وما رأيته صام في شهر من السنة أكثر من شعبان \" باستثناء رمضان طبعاً\" فقه الحديث: دل هذا الحديث على أنه يستحب الإكثار من الصوم في شعبان
الحديث المائة َع ْن أبِي ُه َر ْي َر َة َر ِض َي اللهُ َع ْن ُه َقالَ: َس ِم ْع ُت النبي -صلى الله عليه وسلم َ -يقُولُ \" :لا َي ُصو َم هن أ َحد ُك ْم َي ْو َم ال ُج ُم َع ِة إ هلا َي ْوماً َق ْب َل ُه أ ْو َب ْع َد ُه\" )البخاري (١٩٨5 : شرح الحديث يقول أبو هريرة \" :سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم -يقول: \"لا يصومن\" بنون التوكيد ،وهو َن ْفي المراد به النهي لا يصومن \"أحدكم يوم الجمعة إلاّ يوماً قبله أو بعده\" أي لا يجوز لأحد من المسلمين سواء كان ذكر ًا أو أنثى أن يصوم يوم الجمعة تطوعاً إلاّ أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده وقد ورد الحديث بلفظ النهي الصريح في رواية أخرى حيث قال -صلى الله عليه وسلم \" :-لا يصم أحدكم يوم الجمعة إ ّلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده \" أخرجه مسلم. وفي الصحيح َع ْن ُج َو ْي ِر َي َة بِ ْن ِت ا ْل َحا ِر ِث َر ِض َي ال هلهُ َع ْن َها أَ هن ال هنبِ هي َصلهى ال هلهُ َع َل ْي ِه َو َس هل َم َد َخلَ َعلَ ْي َها َي ْو َم ا ْل ُج ُم َع ِة َو ِه َي َصا ِئ َم ٌة َف َقالَ \":أَ ُص ْم ِت أَ ْم ِس \"َ ،قا َل ْت :لا، َقالَُ \":ت ِري ِدي َن أَ ْن َت ُصو ِمي َغ ًدا\"َ ،قالَ ْت :لا َقالَ َ \":فأَ ْف ِط ِري\" قال ابن قدامة ُ \" :ي ْك َر ُه إ ْف َرا ُد َي ْو ِم ا ْل ُج ُم َع ِة ِبال هص ْو ِم ،إلا أَ ْن ُي َوافِ َق َذلِ َك َص ْو ًما َكا َن َي ُصو ُم ُه ِ ،م ْثلُ َم ْن َي ُصو ُم َي ْو ًما َو ُي ْف ِط ُر َي ْو ًما َف ُي َوافِ ُق َص ْو ُم ُه َي ْو َم ا ْل ُج ُم َع ِة َ ،و َم ْن َعا َد ُت ُه َص ْو ُم أَ هو ِل َي ْو ٍم ِم ْن ال هش ْه ِر ،أَ ْو آ ِخ ِر ِه ،أَ ْو َي ْو ِم ِن ْص ِف ِه.
والحكمة في النهي عن صيامه وحده على أرجح الأقوال ،كونه يوم عيد والعيد لا يصام كما جاء مصرحاً بذلك في رواية أخرى عن أبي هريرة مرفوعا \" :يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم ،إلا أن تصوموا قبله أو بعده \" فقه الحديث: دل الحديث على أنه لا يجوز إفراد يوم الجمعة وحده بالصيام ،لأنه صلى الله عليه وسلم -نهى المسلمين عن صومه إلاّ إن يصوموا يوماً قبله أو بعده وقد ورد النهي الصريح عن تخصيصه بالصوم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال صلى الله عليه وسلم \" :-لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا يوم الجمعة بصوم من بين الأ ّيام إلاّ أن يكون ،في صوم يصومه أحدكم\" أخرجه مسلم المرجع منار القاري شرح صحيح البخاري
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176