لها أجر؛ لأنها تسببت في حج هذا الغلام أو هذا الصبي ،فهي التي عقدت الإحرام عنه ،وقامت بشئونه ،ومنعته من محظورات الإحرام ،وسافرت به، وطافت وسعت ،فكل ذلك لا شك أنه تس ُّب ٌب في حصول النسك. وفي الحدي ِث من الفوائد ما ساقه المؤلف من أجله ،وهو أن من أعان شخصا على طاعة فله أجر؛ لأن هذه المرأة سوف تقوم برعاية ولدها إذا أحرم ،وفي الطواف ،وفي السعي ،وفي الوقوف ،وكل شيء ،قال( :له حج ولك أجر) ومن فوائد الحديث :أن الصبي إذا حج به وليه فله أجر ،والحج يكون للصبي لا للولي ،وقد اشتهر عند عامة الناس أن الصبي يكون حجه لوالديه، وهذا لا أصل له ،بل حج الصبي له لقول النبي صلى الله عليه وسلم ،لما قالت المرأة؟ ألهذا حج؟ قال \" :نعم ولك أجر\" فالحج له وليعلم أن الصبي بل كل من دون البلوغ يكتب له الأجر ولا يكتب عليه الوزر وفي هذا الحديث أيضا ما يدل على أن الصبي وإن كان غير مميز فإنه يصح منه الحج ،ولكن كيف تصح نيته وهو غير مميز ،قال العلماء :ينوي عنه وليه بقلبه أنه أدخله في الإحرام ،ويفعل وليه كل ما يعجز عنه
الحديث الثمانون بعد المائة عن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن ال َّنبي صلى الله عليه وسلم أ َّنه َقالَ: ((ال َخا ِز ُن ال ُم ْسلِ ُم الأ ِمي ُن الَّ ِذي ُينفِ ُذ َما أُ ِم َر ِب ِه ف ُي ْعطي ِه َكا ِملا ُم َو َّفرا َط ِّي َبة ِب ِه َن ْف ُس ُه َف َي ْد َف ُع ُه إِ َلى ا َّل ِذي أُ ِم َر َل ُه ِب ِه ،أ َح ُد ال ُم َت َص ِّدقين)) ُم َّت َف ٌق َع َلي ِه وفي رواية(( :ا َّل ِذي ُي ْع ِطي َما أُ ِم َر بِ ِه)) شرح الحديث في هذا الحديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شروطا للخازن: الشرط الأول :الإسلام ،لأن الكافر لا يثاب ولا يؤجر وليس له حسنات عند الله الشرط الثاني :الأمانة ،يعني الذي أدى ما ائتمن عليه ،فحفظ المال ولم يفسده ولم يفرط فيه ،أما الخازن الخائن فلا يدخل في هذا الوعد. الشرط الثالث :الذي ُينفذ ما أُمر به .يعني يفعل ما أمر به ولا يتكاسل فهو يجمع بين القوة والأمانة الشرط الرابع :أن يعطيه كاملا موفرا ،ويخرج من ذلك الذي ُينقصه ،وهذا حال الكثير ممن يقومون على مثل هذه الأمور ،كأنه يعطي الناس من ماله، ف ُينقص من ذلك ،ولربما يؤذيهم ولهذا قال :طيبة به نفسه ،وهو الشرط الرابع ،فلا يلاقيهم بوجه عبوس، ولا يؤذيهم بالقول ولا يمن على المعطى فإذا تحققت فيه الشروط المذكورة في الحديث فهو أحد المتصدقين فهذا الخازن لم يتصدق ،ولكن لأمانته صار أحد المتصدقين ،وهذا فضل عظيم جدا
وفي رواية( :الذي ُيع ِطي ما أُ ِمر به) وفي الحدي ِث عبرة عظيمة جدا ،وهو أن فضل الله واسع ،فالإنسان قد لا يكون متصدقا ،ولكن يجري له أجر المتصدق ،وذلك أن الله يجري الخير على يده وفيه دليلٌ على فضل الأمانة ،وعلى فضل التنفيذ فيما ُوكل فيه وعدم التفريط فيه ،ودليلٌ على أن التعاون على البر والتقوى يكتب لمن أعان مثل ما يكتب لمن فعل ،وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء
المقدمة باب النصحية الحديث الحادي والثمانون بعد المائة عن أَبي ُر َق َّي َة َت ِميم بن أوس الدار ِّي رضي الله عنه :أ َّن ال َّنبي صلى الله عليه وسلمَ ،قالَ(( :ال ِّدي ُن ال َّن ِصيح ُة)) قلنا :لِ َم ْن؟ َقالَ(( :لِل ِه َولِ ِك َتا ِب ِه َولِ َر ُسو ِل ِه َولأ ِئ َّم ِة ال ُم ْسلِ ِمي َن َو َعا َّم ِت ِه ْم)) (رواه مسلم) شرح الحديث ومعنى الحديث أن عماد الدين وقوامه النصحية النصيحة هي الدين ،وهي الإخلاص في الشيء ،والصدق فيه ،حتى يؤدى كما أوجب الله ،فالدين هو النصيحة في جميع ما أوجب الله ،وفي ترك ما حرم الله ،وهذا عام يعم حق الله ،وحق الرسول ،وحق القرآن ،وحق الأئمة، وحق العامة النصيحة لله :النصيحة لله تتضمن أمرين: الأول :إخلاص العبادة له. الثاني :الشهادة له بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته ،وأسمائه وصفاته، وذلك بالإيمان به ونفي الشريك عنه ،وترك الإلحاد في صفاته ،ووصفه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ،وتنزيهه عن جميع النقائص .والرغبة في محابه بفعل طاعته ،و الرهبة من مساخطه بترك معصيته ،والاجتهاد في رد العصاة إليه. ولكتابه :والنصيحة لكتابه تتضمن أمورا منها: الأول :الذب عنه ،بأن يذب الإنسان عنه تحريف المبطلين ،ويبين بطلان تحريف من حرف.
الثاني :تصديق خبره تصديقا جازما لا مرية فيه ،فلو كذب خبرا من أخبار الكتاب لم يكن ناصحا ،ومن شك فيه وتردد لم يكن ناصحا. الثالث :امتثال أوامره فما ورد في كتاب ة من أمر فامتثله ،فإن لم تمتثل لم تكن ناصحا له. الرابع :اجتناب ما نهى عنه ،فإن لم تفعل لم تكن ناصحا. الخامس :أن تؤمن بأن ما تضمنه من الأحكام هو خير الأحكام ،وأنه لا حكم أحسن من أحكام القرآن الكريم. السادس :أن تؤمن بأن هذا القرآن كلام الله عز وجل حروفه ومعناه ،تكلم به حقيقة ،وتلقاه جبريل من الله عز وجل ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين. والنصيحة لرسوله تكون بأمور منها: الأول :تجريد المتابعة له ،وأن لا تتبع غيره ،لقول الله تعالىَ ( :ل َق ْد َكا َن َل ُك ْم فِي َر ُسو ِل ال َّلهِ أُ ْس َو ٌة َح َس َن ٌة ِل َم ْن َكا َن َي ْر ُجو ال َّل َه َوا ْل َي ْو َم ا ْلآ ِخ َر َو َذ َك َر ال َّل َه َك ِثيرا) (الأحزاب)21: الثاني :الإيمان بأنه رسول الله حقا ،لم َيك ِذب ،ولم ُيك َذب ،فهو رسول صادق مصدوق. الثالث :أن تؤمن بكل ما أخبر به من الأخبار الماضية والحاضرة والمستقبلة. الرابع :أن تمتثل أمره و أن تجتنب نهيه. الخامس :نصرة النبي صلى الله عليه وسلم إن كان حيا فمعه وإلى جانبه، وإن كان ميتا فنصرة سنته صلى الله عليه وسلم. والنصيحة للكتاب وللرسول متلازمان ،فإذا نصح للكتاب نصح للرسول ، وإذا نصح للرسول نصح للكتاب.
ولأئمة المسلمين :مناصحتهم ببيان الحق وغير ذلك من حقوقهم المعروفة ومساعدتهم ،وإعانتهم على ما حملوا القيام به وطاعتهم وجمع الكلمة عليهم ،وأمرهم بالحق ورد القلوب النافرة إليهم ،وتبليغهم حاجات المسلمين ، والجهاد معهم والصلاة خلفهم ،وأداء الزكاة إليهم والدعاء لهم بالصلاح. وأما أئمة العلم فالنصيحة لهم بث علومهم ونشر مناقبهم ،وتحسين الظن بهم. وعامتهم :والنصيحة لعامة المسلمين: أي سائر المسلمين هي أيضا بذلا للنصيحة لهم بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليمهم الخير ،والشفقة عليهم ،وإرشادهم إلى مصالحهم ،والسعي فيما يعود نفعه عليهم ،وكف الأذى عنهم ،وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ،و يكره لهم ما يكره لنفسه. من فوائد هذا الحديث: أن مواطن النصيحة خمسة: لله ،ولكتابه ،ولرسوله ،لأئمة المسلمين ،وعامتهم. وفيه الحث على النصيحة في هذه المواطن الخمسة
الحديث الثاني والثمانون بعد المائة عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه َقالَ: َبا َي ْع ُت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم َعلَى إ َقا ِم ال َّصلا ِةَ ،وإِي َتا ِء ال َّز َكا ِة، وال ُّن ْص ِح لِ ُكلِّ ُم ْسلِم ( ُم َّت َف ٌق َعلَي ِه) شرح الحديث عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال :بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،والنصح لكل مسلم وإذا بايع النبي صلى الله عليه وسلم أحد على شيء لا يختص به فهو عام لجميع الناس ،كل الناس مبايعون الرسول عليه الصلاة والسلام على النصح لكل مسلم؛ بل على إقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،والنصح لكل مسلم والمبايعة هنا بمعنى المعاهدة هذه ثلاثة أشياء: حق محض لله وحق للآدمي محض وحق مشترك أما الحق المحض لله؛ فهو قوله\" أقام الصلاة\" ومعني \" إقام الصلاة \" أن يأتي بها الإنسان مستقيمة على الوجه المطلوب، فيحافظ عليها في أوقاتها ،ويقوم بأركانها وواجباتها وشروطها ،ويتمم ذلك بمستحباتها ومن هذا بالنسبة للرجال إقامة الصلاة في المساجد مع الجماعة ،فإن هذا من إقامة الصلاة ،ومن تخلف عن الجماعة بلا عذر فهو آثم
ومن إقامة الصلاة :الخشوع فيها ،والخشوع هو حضور القلب وتأمله بما يقوله المصلي وما يفعله ،وهو أمر مهم وأما قوله \" :إيتاء الزكاة\" يعني :إعطاءها لمستحقها ،وهذه جامعة بين حق الله وحق العباد ،أما كونها حقا لله فلأن الله فرض على عباده الزكاة وجعلها من أركان الإسلام ،وأما كونها حقا للآدمي فلما فيها من قضاء حوائج المحتاجين ،وغير ذلك من المصالح المعلومة في معرفة أهل الزكاة. وأما قوله \" :النصح لكل مسلم\" فهذا هو الشاهد من الحديث أي :أن ينصح لكل مسلم :قريب أو بعيد ،صغير أو كبير ،ذكر أو أنثى والمراد بالنصح :أن يخلص المسلم مع أخيه في تعامله ،وأن يصدق معه في بيعه وشرائه ،وفيما يحبه له ،ومن تمام النصح للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ،وكذلك أيضا أن يبين له عيوب ذلك المبيع ،وما يحصل له من تقصير ولذلك كان الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي إذا بايع أحدا نصح له ويذكر أن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه حين بايع النبي عليه الصلاة والسلام على النصح لكل مسلم ،أنه اشترى فرسا من شخص بدراهم ،فلما اشتراه وذهب به وجد أنه يساوي أكثر ،فرجع إلى البائع وقال له :إن فرسك يساوي أكثر ،فأعطاه ما يرى أنها قيمته ،فانصرف وجرب الفرس فإذا به يجده يساوي أكثر مما أعطاه أخيرا ،فرجع إليه وقال له :إن فرسك يساوي أكثر فأعطاه ما يرى أنها قيمته ،وكذلك مرة ثالثة حتى بلغ من مائتي درهم إلى ثمان مائة درهم؛ لأنه بايع الرسول صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم
الحديث الثالث والثمانون بعد المائة عن أنس رضي الله عنه عن ال َّنبي صلى الله عليه وسلم َقالَ: ((لا ُيؤ ِم ُن أ َح ُد ُك ْم َح َّتى ُي ِح َّب ل َأ ِخي ِه َما ُيح ُّب لِ َن ْف ِس ِه)) ( ُم َّت َف ٌق َعلَي ِه) شرح الحديث كل الأحاديث التي ورد فيها نفي الإيمان ،المراد به :نفي الكمال الواجب، أي :إذا لم يفعل ذلك العمل ،فقد نقص من كمال إيمانه الواجب فهذا كله في نقص الإيمان الواجب ،فالذي لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه ،لا يكون إيمانه قد اكتمل ،الكمال الواجب ،وهذه قاعدة عامة في كل تعامل يتعامل به المسلم مع الآخرين \" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه\" هذه هي النصيحة أن تحب لإخوانك ما تحب لنفسك ،يسرك ما يسرهم، ويسوءك ما يسوؤهم ،وتعاملهم بما تحب أن يعاملوك به ،فنفى النبي عليه الصلاة والسلام الإيمان الكامل عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه في كل شيء ،يعني لا يكمل إيمانك حتى تحب لأخيك ما تحب لنفسك ،وليس المراد انتفاء الإيمان بالكلية
المقدمة باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحديث الرابع والثمانون بعد المائة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه َقالََ :س ِمعت َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( َم ْن َرأى ِم ْن ُك ْم ُم ْن َكرا َف ْل ُي َغ ِّي ْرهُ بِ َي ِد ِهَ ،فإ ْن لَ ْم َي ْس َت ِط ْع َفبِلِ َسا ِن ِهَ ،فإ ْن َل ْم َي ْس َت ِط ْع َفبِ َق ْل ِب ِهَ ،و َذلِ َك أ ْض َع ُف الإي َما ِن)) رواه مسلم شرح الحديث (من رأى منكم منكرا) \" َمن\" هنا شرطية ،وهي للعموم ،فكل من رأى ذلك أو علم؛ لأن العلم يقوم مقام الرؤية (فليغيره بيده) وهذه أعلى المراتب وهي أبلغها ،وهي إزالة المنكر باليد، لأن التغيير باللسان هو إعذار وبيان ونصح ،لكن التغيير باليد هو إزالة لهذا المنكر ،وهذا هو الواجب ،أن يزول المنكر ،وليس المقصود هو تخفيفه، وإنما المقصود إلغاؤه بالكلية (من رأى منكم منكرا فليغيره) ولم يخصه بفئة من الأمة؛ ولهذا فإن التغيير باليد لا يختص بالسلطان ،وإنما يكون للسلطان ولغيره ممن هو قادر على التغيير باليد ،فليس المقصود به الملِك أو الأمير أو الخليفة ،أو نحو ذلك، فالرجل سلطان في بيته ،فيغير في بيته ،فهو لكل من يستطيع أن يغير ولا يترتب على تغييره مفسدة راجحة فإن عجز عن التغيير باليد فإنه ينتقل إلى المرحلة التي دونه وهي (باللسان) ،ويكون بالحسنى وبالكلام الطيب
قال الإمام أحمد -رحمه الله\" :ما أغضب َت أحدا ف َقبل منك\" قال( :فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أي :إذا لم يستطع أن يغير باللسان فيسقط عنه الواجب ،والتغيير بالقلب هو: أن يكره المنكر ،وأن يرفضه بقلبه ،وهذا ليس موقفا سليبا بل هو موقف إيجابي تجاه المنكر ،وذلك أن هذا الإنسان الذي أعلن رفضه للمنكر قام ففارقه فالمقصود أن الإنكار بالقلب أضعف الإيمان باعتبار هذه المراتب ،لأن الإيمان قول وعمل ،فأعلى شيء فيما يتعلق بالمنكر التغيير باليد ،فإن لم يستطع فباللسان ،فإن لم يستطع فبالقلب ،وهذا أضعف عمل يدخل في مسمى الإيمان تجاه المنكر والتغيير باليد إيمان ،والتغيير باللسان إيمان ،والتغيير بالقلب إيمان ،ومعنى ذلك أنه لم يبق عمل من الإيمان بعد ذلك وليس المعنى أن الذي لا ينكر بقلبه يكون كافرا ،ليس هذا المراد ،وكثير من المسلمين قد يترك هذا الأمر لغلبة الشهوة عليه ،فلا يتحرك قلبه تجاه المنكر ،وقد يكون بسبب كثرة رؤيته للمنكر تبلد إحساسه.
الحديث الخامس والثمانون بعد المائة عن ابن مسعود رضي الله عنه :أن َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم َقالََ (( :ما ِم ْن َنب ٍّي َب َع َث ُه اللهُ في أ َّمة َق ْبلِي إلا َكا َن َل ُه ِم ْن أُ َّمتِ ِه َح َوا ِر ُّيو َن َوأ ْص َحا ٌب َيأ ُخ ُذو َن بِس َّنتِ ِه َو َي ْق َت ُدو َن بِأَ ْم ِر ِهُ ،ث َّم إِ َّن َها َت ْخلُ ُف ِم ْن َب ْع ِد ِه ْم ُخلُو ٌف َي ُقولُو َن َما لا َي ْف َعلُو َن َو َي ْف َعلُو َن َما لا ُي ْؤ َمرو َنَ ،ف َم ْن َجا َه َد ُه ْم بِ َي ِد ِه َف ُه َو ُم ْؤ ِم ٌنَ ،و َم ْن َجا َه َد ُه ْم ِب َقل ِب ِه َف ُه َو ُمؤ ِم ٌنَ ،و َم ْن َجا َه َد ُه ْم بِل َسانِ ِه َف ُه َو ُمؤ ِم ٌنَ ،ولَي َس َو َرا َء ذلِ َك ِم َن الإي َما ِن َح َّب ُة َخ ْر َدل)) رواه مسلم. شرح الحديث ( إلا كان له من أمته حواريون) أي :خلاصة الأصحاب وصفوة الأتباع، والأصحاب أعم من الحواريين؛ لأن الصاحب يطلق على كل من حصل منه صحبة ،وأما الوصف بالحواري فإنه لا يكون إلا لخاصتهم وخلاصتهم، وأصفيائهم ( وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره) أي :أنهم يتبعونه اتباعا حقيقيا، ظاهرا وباطنا (ثم إنها ت ْخلُف من بعدهم خلوف) أي :يأتي بعدهم تبع فاسد ( ثم إنها ت ْخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون) وهذه هي الصفة الأولى ،وهي :أن كلامهم لا يطابق أفعالهم (ويفعلون ما لا يؤمرون) وذلك أنهم يفعلون أشياء لم يطالبوا بها، ويضيعون واجباتهم الملقاة على عواتقهم ،فمثل هؤلاء اشتغلوا بما يضرهم عملا ،فصار ذلك شغلا لهم عما هم بصدده من الاتباع والعمل الصالح والنافع.
( فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن) وهذه أعلى الدرجات ،وهذا هو الشاهد، أي :أن ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فمثل هؤلاء يحصل على أيديهم فساد وإفساد ،فهم بحاجة إلى إنكار واحتساب؛ حتى لا يضيع المعروف ،ويفشو المنكر ،وتكون هذه الصورة المزرية هي النموذج الذي يعم مجتمعاتنا وهؤلاء هم الذين يمثلونها ،وهم ليسوا بكفء لذلك ( ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ،ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ،وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) وهذا يوافق حديث أبي سعيد السابق ،وفي هذه الرواية لم يرتب هذه الأمور على الترتيب الذي في الحديث السابق ،من الأقوى إلى الأوسط إلى الأضعف فقد بدأ هنا بذكر المجاهدة باليد ،ثم بالقلب ،ثم باللسان ،والواو لا تقتضي الترتيب وإنما تدل على مطلق الجمع والعطف فحسب ،فهنا ليست مر ِّتبة (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) أي :أن الإيمان هنا باعتبار أنه قول وعمل ،فإزاء المنكر أعلى عمل يمكن أن يفعله الإنسان هو التغيير باليد ،ثم يليه باللسان ،ثم يليه بالقلب ،فمن لم يغير المنكر لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه فلم يبق بعد ذلك عمل هو من الإيمان يمكن أن يقوم به تجاه المنكر ومن أهل العلم من قال :إن هذا يدل على ترحل الإيمان من قلبه ،إذ لا يتصور أن يبقى لهذا شيء من الإيمان في قلبه يحركه لتغيير المنكر ،فمثل هذا قد انعدم الإيمان في قلبه
الحديث السادس والثمانون بعد المائة عن أبي الولي ِد عبادة بن الصا ِمت رضي الله عنه َقالََ :با َي ْع َنا َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم َعلَى ال َّس ْم ِع وال َّطا َع ِة في ال ُع ْس ِر وال ُي ْس ِر ،وال َم ْن َش ِط َوال َم ْك َر ِه، َو َعلَى أ َث َرة َع َل ْي َناَ ،و َع َلى أ ْن لا ُننا ِز َع الأ ْم َر أ ْه َل ُه إلا أ ْن َت َر ْوا ُك ْفرا َب َواحا ِع ْن َد ُك ْم ِم َن الل ِه َت َعا َلى فِي ِه ُب ْر َها ٌنَ ،و َع َلى أ ْن َن ُقولَ بال َح ِّق أ ْي َن َما ُك َّنا لا َن َخا ُف في اللهِ َل ْو َم َة لاَ ِئم ( ُم َّت َف ٌق َعلَي ِه) شرح الحديث المنشط والمكره بفتح ميمهما :أي في السه ِل والصع ِب \" بواحا\" أي ظاهرا لا يحتملُ تاويلا. عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ،قال :بايعنا رسول الله صلى الله علي وسلم ،أو \" بايعنا\" رسول الله صلى الله على السمع والطاعة ،في العسر واليسر ،والمنشط والمكره ،وعلى أثرة علينا (بايعنا) أي بايع الصحابة رضي الله عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ،يعني لمن ولاه الله الأمر يقول :بايعناه على السمع والطاعة ،ويستثنى من هذا معصية الله عز وجل فلا يبايع عليها أحد؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ،ولهذا قال أبو بكر -رضي الله عنه-حين تولى الخلافة\" :أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم\" فإذا أمر ولي الأمر بمعصية من المعاصي فإنه لا يجوز لأحد أن يسمع له أو يطيع؛ فيستثنى من قوله السمع والطاعة ما دلت عليه النصوص من أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق \" في العسر واليسر\" يعني سواء كنا معسرين في المال أو كنا مؤسرين، يجب علينا جمعيا أغنيائنا وفقرائنا أن نطيع ُولاة أمورنا ونسمع لهم
وكذلك في منشطنا ومكرهنا ،يعني سواء كنا كارهين لذلك لكونهم أمروا بما لا نهواه ولا نريده ،أو كنا نشيطين في ذلك ،لكونهم أمروا بما يلائمنا ويوافقنا .المهم أن نسمع ونطيع في كل حال إلا ما استثني مما سبق \" وأثرة علينا\" أثرة يعني استئثارا علينا ،يعني لو كان ُولاة الأمر يستأثرون على الرعية بالمال أو غيره ،مما يرفهون به أنفسهم ويحرمون من ولاهم الله عليهم ،فإنه يجب علينا السمع والطاعة \" وألا ننازع الأمر أهله\" يعني لا ننازع ُولاة الأمور ما ولاهم الله علينا، لنأخذ الإمرة منهم ،فإن هذه المنازعة توجب شرا كثيرا ،وفتنا عظيمة وتفرقا بين المسلمين \" إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان\" ثلاثة شروط ،إذا رأينا هذا وتمت الشروط الثلاثة فحينئذ ننازع الأمر أهله ،ونحاول إزالتهم عن ولاية الأمر ،لكن بشروط: الأول :أن تروا ،فلابد من علم ،أما مجرد الظن ،فلا يجوز الخروج على الأئمة. الثاني :أن نعلم كفرا لا فسقا .الفسوق ،مهما فسق ُولاة الأمور لا يجوز الخروج عليهم؛ لكن إذا رأينا كفرا صريحا يكون بواحا. الثالث :الكفر البواح :وهذا معناه الكفر الصريح ،البواح الشيء البين الظاهر ،إذا كان بواحا صريحا ،مثل :لو أن وليا من ُولاة الأمور قال :إن الخمر حلال .اشربوا ما شئتم ،وإن الزنى حلال ازنوا بمن شئتم ،فهذا كفر بواح ليس فيه إشكال ،هذا يجب على الرعية أن يزيلوه بكل وسيلة ولو بالقتل؛ لأن هذا كفر بواح الشرط الرابع :عندكم فيه من الله برهان ،يعني عندنا دليل قاطع على أن هذا كفر ؛ لأن الخروج فيه شر كثير جدا ومفاسد عظيمة.
ولا تجوز المنازعة حتى يكون لدينا قدرة على إزاحته ،فإن لم يكن لدينا قدرة فلا تجوز المنازعة؛ لأنه ربما إذا نازعنا وليس عندنا قدرة يقضي على البقية الصالحة ،وتتم سيطرته. فهذه الشروط شروط للجواز أو للوجوب -وجوب الخروج على ولي الأمر- لكن بشرط أن يكون لدينا قدرة ،فإن لم يكن لدينا قدرة ،فلا يجوز الخروج فهذا دليلٌ على احترام حق ولاة الأمور ،وأنه يجب على الناس طاعتهم في اليسر والعسر ،والمنشط والمكره والأثرة التي يستأثرون بها ،ولكن بقي أن نقول :فما حق الناس على ولاة الأمر؟ حق الناس على ولاة الأمر أن يعدلوا فيهم ،وأن يتقوا الله تعالى فيهم ،وأن لا يشقوا عليهم ،وأن لا يولوا عليهم من يجدون خيرا منه ،فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال \" :اللهم من ولي من أمر امتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه\" وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه \" :ما من عبد يسترعيه الله رعية ،يموت يوم يموت وهو غا ٌش لرعيته ،إلا حرم الله عليه الجنة\" فولاة الأمور عليهم حقوق عظيمة لمن ولاهم الله عليهم ،كما على المولى عليهم حقوقا عظيمة يجب عليهم أن يقوموا بها لولاة الأمر قوله رضي الله عنه فيما بايعوا عليه النبي صلى الله عليه وسلم \" :وأن نقول بالحق أينما كنا\" يعني أن نقوم بالحق الذي هو دين الإسلام وشرائعه العظام أينما كنا ،يعني في أي مكان؛ سواء في بلاد الكفر ،أو في بلاد الإسلام ،نقوم بالحق أينما كنا. \" لا نخاف في الله لومة لائم\" يعني لا يهمنا إذا لامنا أحد في دين الله؛ لأننا نقوم بالحق. وفي الحدي ِث :دليل عل وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وإ ْن جاروا ،وأنه لا يجوز الخروج عليهم ما لم يظهروا كفرا واضحا لا يحتمل التأويل.
الحديث السابع والثمانون بعد المائة عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن ال َّنبي صلى الله عليه وسلم َقالَ: (( َم َثلُ ال َقائِ ِم في ُح ُدو ِد الل ِه َوال َواق ِع ِفي َهاَ ،ك َم َث ِل َقوم ا ْس َت َه ُموا َع َلى َسفِي َنة َف َصا َر َب ْع ُض ُه ْم أ ْعلاها َو َب ْع ُض ُه ْم أَ ْس َف َل َهاَ ،و َكا َن ا َّل ِذي َن في أَ ْس َف ِل َها إِ َذا ا ْس َت َقوا ِم َن ال َما ِء َم ُّروا َعلَى َم ْن َف ْوق ُه ْمَ ،ف َقالُواَ :ل ْو أ َّنا َخ َر ْق َنا في َن ِصي ِب َنا َخ ْرقا َولَ ْم ُنؤ ِذ َم ْن َفو َق َناَ ،فإِ ْن َت َر ُكو ُه ْم َو َما أ َرا ُدوا َه َل ُكوا َجميعاَ ،وإ ْن أ َخ ُذوا َع َلى أي ِدي ِه ْم َن َجوا َو َن َج ْوا َجميعا)) (رواه البخاري) شرح الحديث عن النعمان بن بشير الإنصاري رضي الله عنهما ،عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: \" مثل القائم في حدود الله والواقع فيها\" القائم فيها يعني الذي استقام على دين الله فقام بالواجب ،وترك المحرم ،والواقع فيها أي في حدود الله ،أي الفاعل للمحرم أو التارك للواجب (كمثل قوم استهموا على سفينة) يعني ضربوا سهما ،وهو ما يسمى بالقرعة ،أيهم يكون الأعلى؟ \"فصار بعضهم أعلاها ،وبعضهم أسفلها ،وكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء\" يعني إذا طلبوا الماء ليشربوا منه \" مروا على من فوقهم\" يعني الذين في أعلاها؛ لأن الماء لا يقدر عليه إلا من فوق \" فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا\" يعني لو نخرق خرقا في مكاننا نستقي منه ،حتى لا نؤذي من فوقنا ،هكذا قدروا وأرادوا
قال النبي عليه الصلاة والسلام \" :فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا\" لأنهم إذا خرقوا خرقا في أسفل السفينة دخل الماء ،وغرقت السفينة \" وإن أخذوا على أيديهم\" ومنعوهم من ذلك \" نجوا ونجوا جميعا\" يعني نجا هؤلاء وهؤلاء هكذا دين الله ،إذا أخذ العقلاء وأهل العلم والدين على الجهال والسفهاء نجوا جميعا وإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وفي الحدي ِث :دليل على أن عقوبة المعاصيَ ،ت ُعم إذا ُترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،كما قال تعالىَ { :وا َّتقُو ْا ِف ْت َنة لا ُت ِصي َب َّن ا َّل ِذي َن َظ َل ُمو ْا ِمن ُك ْم َخآ َّصة} [الأنفال.]25 : وفيه إثبات القرعة وأنها جائزة والقرعة من الأمور المشروعة الثابتة بالكتاب والسنة
الحديث الثامن والثمانون بعد المائة عن أُ ِّم المؤمنين أم سلمة هند بنت أَبي أمية حذيفة رضي الله عنها ،عن ال َّنبي صلى الله عليه وسلم أنه َقالَ(( :إ َّن ُه ُي ْس َت ْع َملُ َع َل ْي ُك ْم أُ َم َرا ُء َف َتع ِر ُفو َن و ُت ْن ِك ُرو َنَ ،ف َم ْن َك ِر َه َف َق ْد َب ِر َئَ ،و َم ْن أ ْن َك َر َف َق ْد َسلِ َمَ ،ولَ ِك ْن َم ْن َر ِض َي َو َتا َب َع)) َقالواَ :يا َر ُسول الل ِه ،ألا ُن َقا ِتلهم؟ َقالَ(( :لاَ ،ما أَ َقا ُموا في ُك ُم ال َّصلا َة)) (رواه مسلم) شرح الحديث للأَ ْم ِر بالمعرو ِف وال َّنهيِ عن المن َك ِر منزل ٌة كبرى ومكانة ُعظمى؛ وقد نال ْت بها أ َّم ُة الإسلام الخير َّي َة على سائ ِر الأُمم ،ولو ُط ِوي بسا ُط الأمر بالمعرو ِف وأُ ْه ِمل ،ل َف َش ِت ال َّضلالة ،وشاع ِت ال َجهالة ،وا ْس َتشرى الفسا ُد ،و َهلَك العبا ُد \" إنه يستعمل عليكم أمراء\" يعني يولون علينا من قبل ولي الأمر \" فتعرفون وتنكرون\" من صفاتهم أنهم يعملون فيكم بأعمال بعضها حسن وتعرفونه بصفاته وبعضها قبيح تنكرونها عليهم بمعنى أنهم لا يقيمون حدود الله ،ولا يستقيمون على أمر الله ،تعرف منهم وتنكر ،وهم أمراء لولي الأمر ( فمن كره فقد برىء ،ومن أنكر فقد سلم ،ولكن من رضي وتابع) يعني أنه يهلك كما هلكوا معناه :من كره بقلبه ولم يستطع إنكارا بيد ولا لسان فقد برى من الإثم، وأدى وظيفت ُه ،ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية ،ومن رضي بفعلهم وتابعهم ،فهو العاصي ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم :يارسول الله ألا نقاتلهم؟ قال \" :لا ،ما أقاموا فيكم الصلاة\" فدل هذا على أنهم -أي الأمراء -إذا رأينا منهم ما ننكر ،فإننا نكره ذلك، وننكر عليهم ،فإن اهتدوا فلنا ولهم ،وإن لم يهتدوا فلنا وعليهم
وأنه لا يجوز أن نقاتل الأمراء الذين نرى منهم المنكر؛ ما أقاموا الصلاة\" فدل على أنه إذا لم يقيموا الصلاة فإننا نقاتلهم وفي الحدي ِث :دليل على وجوب إنكار المنكر على حسب القدرة ،ولا يجوز الخروج على ُولاة الأمر ،إلا إذا تركوا الصلاة ،لأنها الفارقة بين الكفر والإسلام. وفيه دليلٌ على أن ترك الصلاة كفر ،وذلك لأنه لا يجوز قتال ُولاة الأمور إلا إذا رأينا كفرا بواحا عندنا فيه من الله برهان ،فإذا إذن لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقاتلهم إذا لم يقيموا الصلاة ،دل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح
الحديث التاسع والثمانون بعد المائة عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بن ِت جحش َر ِضي الله عنها :أن ال َّنبي صلى الله عليه وسلم دخل َع َل ْي َها َف ِزعا ،يقول(( :لا إل َه إلا اللهَ ،ويلٌ ل ْل َع َر ِب ِم ْن َش ٍّر َق ِد ا ْق َت َر َب ،فُ ِت َح ال َي ْو َم ِم ْن َر ْد ِم َيأ ُجو َج َو َمأ ُجو َج ِمثلَ ه ِذ ِه)) ،وحلق بأُص ُبعي ِه الإبها ِم والتي تليها ،فقل ُتَ :يا َر ُسول الله ،أ َن ْه ِل ُك َو ِفي َنا ال َّصالِ ُحو َن؟ َقالَ: (( َن َع ْم ،إِ َذا َك ُث َر ال َخ َب ُث)) ( ُم َّت َف ٌق َع َلي ِه) شرح الحديث يأجو ُج ومأجو ُج ه ُم ا ْل َق ْوما ِن ال َّلذا ِن َبنى عليهما ذو ال َقرني ِن ال َّس َّد المذكو َر في قولِه تعالىَ { :فأَ ِعي ُنونِي ِب ُق َّوة أَ ْج َعلْ َب ْي َن ُك ْم َو َب ْي َن ُه ْم َر ْدما} [الكهف،]95 : و ُخرو ُجهما ِمن هذا ال َّرد ِم أ ِو ال َّس ِد علام ٌة ِمن علاما ِت ال َّساع ِة وفي هذا الحدي ِث ُتخبرنا زين ُت بن ُت جحش ر ِضي اللهُ عنها \"أ َّن ال َّنب َّي ص َّلى الله عليه وسلَّم َدخلَ عليها ف ِزعا يقول :لا إل َه إ َّلا اللهُ\" أي :دخلَ عليها خائفا ُمضط ِربا يله ُج لِسا ُنه ِبكلم ِة ال َّتوحي ِد إِيذانا ِِبتو ُّق ِع أمر مكروه يحد ُث ولا نجا َة منه إ َّلا ِبالالتجا ِء إلى الل ِه والاستجار ِة ِبسلطا ِنه «ويلٌ لِلعر ِب ِمن ش ٍّر ق ِد اقتر َب؛ ُفت َح اليو َم ِمن ر ْد ِم يأجو َج ومأجو َج مثلُ هذه» وحلَّ َق ِبإصب ِعه الإبها ِم والَّتي تليها ،يعنيَ :جعلَ الإصب َع ال َّس َّباب َة في أص ِل الإبها ِم وض َّمها ح َّتى لم َي ْب َق بي َنهما إ َّلا َخللٌ يسي ٌر ،والمعنى أ َّنه لم ي ْب َق لِمجي ِء ال َّش ِّر إ َّلا اليسي ُر ِم َن ال َّزم ِن فل َّما سم َع ْت زين ُب بن ُت َج ْحش ذلك قالت :يا رسولَ الله ،أَ َن ْهلِ ُك وفِي َنا ال َّصالحو َن؟ فقال لها ص َّلى الله عليه وس ّلَمَ « :نعم ،إذا َك ُث َر ال َخ َب ُث» وال َخ َب ُث: هو ال ُفسو ُق والفجو ُر والمعاصيُ ،ث َّم ُيبع ُث كل على نِ َّيتِه ،وإ َّنما َخ َّص العر َب ِبال ِّذكر؛ لأ َّنهم أ َّولُ َمن َدخلَ في الإسلا ِم؛ ولِلإنذا ِر بأ َّن الفِت َن إذا وقع ْت كان الهلا ُك أسر َع إليهم.
فإذا كانت المعاصي والفجور سمة بارزة للمجتمعات ،وصار أهل الشر هم الذين يمثلون المجتمع ،وهم الذين يغلبون على مرادهم ،ومطلوبهم ،فيكثر المنكر ويقل المعروف ،وتستحكم غربة الدين ،فعند ذلك يهلك الجميع (أنهلك وفينا الصالحون؟) وهذا هو الشاهد في هذا الحديث ،فوجود الصالحين لا يكفي في دفع العذاب، فإذا كثر الشر والفساد وقعت العقوبات العامة ،ولذلك لابد من مدافعتها بإقامة هذه الشعيرة ،بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ولا خلاص ولا نجاة إلا بهذا
الحديث التسعون بعد المائة عن أَبي سعيد ال ُخدري رضي الله عنه عن ال َّنبي صلى الله عليه وسلم َقالَ: ((إ َّيا ُك ْم َوال ُجلُو َس في ال ُّط ُر َقا ِت!)) فقالواَ :يا َر ُسول اللهَ ،ما لنا ِم ْن مجالِ ِسنا ُبد ،نتحدث فِي َهاَ .ف َقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلمَ (( :فإ َذا أ َب ْي ُت ْم إلا ال َم ْجلِ َسَ ،فأَ ْع ُطوا ال َّطري َق َح َّق ُه)) .قالوا :وما َح ُّق ال َّطري ِق َيا رسولَ الله؟ َقالَ: (( َغ ُّض ال َب َص ِرَ ،و َك ُّف ال َأ َذىَ ،و َر ُّد ال َّسلا ِمَ ،والأ ْم ُر بِال َم ْع ُرو ِف ،وال َّنه ُي عن ال ُم ْن َك ِر)) ( ُم َّت َف ٌق َع َلي ِه) شرح الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ،أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \" إياكم والجلوس في الطرقات\" هذه الصيغة صيغة تحذير ،يعني أحذركم من الجلوس على الطرقات ،وذلك لأن الجلوس على الطرقات يؤدي إلى كشف عورات الناس؛ وإلى النظر إلى المحرمات ،والكلام والغيبة فيمن يمر ،فالجلوس على الطرقات يؤدي إلى مفاسد ولكن لما قال\" إياكم والجلوس في الطرقات\" وحذرهم قالوا :يا رسول الله ،ما لنا من مجالسنا بد يعني أننا نجلس نتحدث ،ويأنس بعضنا ببعض ،ويألف بعضنا بعضا ،ويحصل في ذلك خير فلما رأى النبي عليه الصلاة والسلام أنهم مصممون على الجلوس قال\" : فإن أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه\" ولم يشدد عليهم عليه الصلاة والسلام ،ولم يمنعهم من هذه المجالس التي يتحدث بعضهم فيها إلى بعض ،ويألف بعضهم بعضا ،ويأنس بعضهم ببعض، ولم يشق عليهم في هذا ،فقال: \" إن أبيتم إلا المجلس\" يعني إلا الجلوس \" فاعطوا الطريق حقه\"
قالوا :وما حقه يا رسول الله؟ قال \" غض البصر ،وك ٌف الأذى ،ور ُد السلام ،والأم ُر بالمعروف ،والنهي عن المنكر\" خمسة أشياء أولا :غض البصر :غض البصر عما لايحل أن تغضوا أبصاركم عمن يمر ،سواء كان رجلا أو امرأة ثانيا :كف الأذى :أي كف الأذى القولي والفعلي. أما الأذى القولي فبأن يتكلموا على الإنسان إذ مر ،أو يتحدثوا فيه بعد ذلك بالغيبة والنميمة. والأذى الفعلي :بان يضايقوه في الطريق ،بحيث يملؤون الطريق حتى يؤذوا المارة ،ولا يحصل المرور إلا بتعب ومشقة. ثالثا :ر ُد السلام :إذا سلم أحد فردوا عليه السلام ،هذا من حق الطريق؛ لأن السنة أن المار يسلم على الجالس ،فإذا كانت السنة أن يسلم المار على الجالس فإذا سلم فردوا السلام. رابعا :الأمر المعروف :فالمعروف هو كل ما أمر الله تعالى به أو أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك تأمر به ،فإذا رأيتم أحدا مقصرا سواء كان من المارين أو من غيرهم فأمروه بالمعروف ،وحثوه على الخير ورغبوه فيه. خامسا :النهي عن المنكر :فإذا رأيتم أحدا مر وهو يفعل المنكر ،فأنهوه عن ذلك ،فهذا حق الطريق. وفي الحدي ِث ُيحذر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين من الجلوس على الطرقات ،فإن كان لابد من ذلك ،فإنه يجب أن يعطى الطريق ح َّقه ،وحق الطريق خمسة أمور؛ بينها النبي عليه الصلاة والسلام وهي \" :غ ُّض البصر ،وكف الأذى ،ور ُد السلام ،والأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر \". هذه حقوق الطريق لمن كان جالسا فيه كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم
المقدمة باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحديث الحادي والتسعون بعد المائة عن ابن عباس رضي الله عنهما :أن َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خا َتما ِم ْن ذهب في ي ِد رجل ف َنزعه فطرحهَ ،وقالََ (( :ي ْعم ُد أ َح ُد ُك ْم إِ َلى َج ْم َرة ِم ْن َنار َف َي ْج َعلُ َها في َي ِد ِه!)) ف ِقيلَ لِل َّر ُج ِل َب ْع َد َما ذهب َر ُسول الل ِه صلى الله عليه وسلمُ :خ ْذ َخا َت َم َك ا ْن َت ِف ْع ِب ِهَ .قالَ :لا والله لا آ ُخ ُذ ُه أ َبدا َو َق ْد َط َر َح ُه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ( رواه مسلم) شرح الحديث الشاهد في هذا الحديث هو أن النبي صلي الله عليه وسلم أخذه بنفسه فطرحه ،فهذا فيه تغيير المنكر باليد ،وهو أعلى صور التغيير والإنكار ،وهو موافق لحديث ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه) فالنبي صلى الله عليه وسلم غيره بيده ،ولم يقل للرجل :اخلع عنك هذا الخاتم ،وإنما أزاله بنفسه صلي الله عليه وسلم ،ثم طرحه ،وهذا يدل أيضا على تحريم لبس الذهب للرجال ،سواء كان خاتما أو نظارة أو ما أشبه ذلك مما يستعمل كالقلم ،وما يوضع للمفاتيح ونحو هذا وقوله صلي الله عليه وسلم (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار) استنبط منه بعض أهل العلم أن لبس الذهب للرجال من الكبائر ،بناء على أن ضابط الكبيرة هو :ما جاء الوعيد عليه بعقوبة مخصوصة بالنار ،أو ورد فيه اللعن أو نحو ذلك ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده) وهذا باعتبار العاقبة والمآل أي :أن هذا الخاتم هو جمرة من نار يعذب بها الإنسان في نهاية
الأمر ،وذلك في يوم القيامة ،فعبر عنه بذلك باعتبار ما يئول إليه ،وهو أنه يكون جمرة من النار فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم خذ خاتمك وانتفع به ،فقال :لا ،والله لا آخذه أبدا ،وقد طرحه رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا من كمال تحرزه وتورعه وأدبه ،وهذا يدل على أنه ما كان يعلم أنه محرم ،مع أنه يجوز له أن يأخذ هذا الخاتم وينتفع به بوجه من الانتفاع غير اللبس ،كأن يبيعه مثلا ،وينتفع بثمنه ،ومع ذلك لشدة خوفه من الله ، وتباعده من المنكر ،ومن أسباب العذاب قال ( :والله لا آخذه أبدا) ،فتركه ليأخذه من ينتفع به من الفقراء ،هذا هو أدب المسلم اللائق في مراعاة حدود الله -تبارك وتعالى -والخوف منه
الحديث الثاني والتسعون بعد المائة عن أَبي سعيد الحسن البصري :أن عا ِئ َذ بن عمرو رضي الله عنه دخل َعلَى ُع َب ْي ِد الل ِه ب ِن زيادَ ،ف َقالَ :أي ُب َن َّي ،إني سمعت َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم ،يقول(( :إ َّن َش َّر ال ِّر َعا ِء ال ُح َط َم ُة)) َفإِ َّيا َك أ ْن َت ُكو َن ِم ْن ُه ْمَ ،ف َقالَ َل ُه: اجلِ ْس َفإِ َّن َما أ ْن َت ِم ْن ُن َخا َل ِة أ ْص َحا ِب ُم َح َّمد صلى الله عليه وسلمَ ،ف َقالَ :وهل َكا َن ْت َل ُهم ُن َخا َل ٌة إِ َّن َما َكا َن ِت ال ُّن َخا َل ُة َب ْع َد ُه ْم َوفي َغ ْي ِر ِه ْم ( رواه مسلم) شرح الحديث (الحطمة) :العنيف في رعيته لا يرفق بها في سوقها ،ومرعاها ،وشربها. عائذ بن عمرو رضي الله عنه من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم من أهل الحديبية ممن بايع تحت الشجرة ،وكان من خيار الصحابة ،ويكفي أن الله قد أخبر عن رضوانه عنهم ،قال تعالى { :لَ َق ْد َر ِض َي ال َّلهُ َع ِن ا ْل ُم ْؤ ِمنِي َن إِ ْذ ُي َبايِ ُعو َن َك َت ْح َت ال َّش َج َر ِة َف َعلِ َم َما فِي ُقلُو ِب ِه ْم َفأَن َزلَ ال َّس ِكي َن َة َع َل ْي ِه ْم َوأَ َثا َب ُه ْم َف ْتحا َق ِريبا} [الفتح ]81:فهذه شهادة من الله لمثل هؤلاء دخل على عبيد الله بن زياد ،وكان واليا ليزيد بن معاوية على العراق ،وكان غشوما جهولا ظلوما ،فقال عائذ بن عمرو :أ ْي ُبني ،يريد أن ينصحه لما رأى من ظلمه وسوء تعامله مع رعيته ،فتلطف به ،فقال :أ ْي ُبني ويؤخذ من هذا أنه ممن ُتو َّجه إليه النصيحة الأمرا ُء والأئمة والعلماء ومن يرجع الناس إليهم كرؤساء القبائل والعشائر وما أشبه ذلك من الكبراء، هؤلاء الرفق معهم يكون مطلوبا كما يكون مطلوبا مع غيرهم؛ لأنه كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله\" :ليس من الحكمة أن ترد على المطاع أمره أمام الملأ ،فيحمله ذلك على العسف والظلم ورد النصيحة\"
فالحاصل أنه يتلطف به يقول :أي بني ،لأنه صغير بالنسبة إليه ،سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول( :إن ش َّر ال ِّرعاء الحطمة) (شر ال ِّرعاء) -وهذا في رعاة الإبل -الذي يعسفها ويسوقها سوقا عنيفا إلى الماء ،ثم بعد ذلك تصدر منه بسوق عنيف فقيل ذلك للأئمة والأمراء الذين يسوسون رعيتهم بالقهر والظلم والعسف والجبروت ،فإياك أن تكون منهم، كلام جيد ،لم يقل له :أنت من شر الرعاء ،وأنت تسوس الناس كهذا الذي وصف النبي صلى الله عليه وسلم ،وإنما قال :إياك أن تكون منهم فقال له( :اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ) نخالة الدقيق هي القشر الذي لا شأن له ولا قيمة له ويقال :نخالة الناس، أي :الحثالة الذين لا وزن لهم ولا قيمة فهذا يقول لرجل بايع بيعة الرضوان من أجل أنه نصحه هذه النصيحة ، يقول له :اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ، فإذا كان مثل هذا يو َّجه إليه هذا الكلام ،فماذا يقال لغيره؟ فلم تأخذ عائذ رضي الله عنه العزة بالإثم حينما رد عليه مثل هذا الرد البذيء ،الذي لم يتأدب فيه الأدب الواجب مع أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ،فتطاول عليه ،فلم تأخذه العزة بالإثم ،ولم ينتصر لنفسه ،وهكذا من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ،فإنه قد يؤذى وقد يو َّجه إليه كلام من سباب أو شتم أو نحو ذلك ،فلا ينبغي له أن يتحول من محتسب لوجه الله إلى منتصر لنفسه ،فإنه ُيخذل بسبب ذلك ،فقيامه لله ،ولا يجوز أن يتحول قيامه إلى حظ نفسه. فقال :وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم فينبغي للإنسان أن يأمر بالمعروف وأن ينهى عن المنكر ،وأن يصبر على ما يناله من الأذى ،ولا يكون بعد ذلك متطلبا للانتصار للنفس ،فإن ذلك ينافي الإخلاص ،ويخرج عما هو بصدده حيث قام لله -تبارك وتعالى
الحديث الثالث والتسعون بعد المائة عن حذيفة رضي الله عنه عن ال َّنبي صلى الله عليه وسلم َقالََ (( :وا َّل ِذي َن ْفسي ِب َي ِد ِهَ ،ل َتأْ ُم ُر َّن بِال َم ْع ُرو ِفَ ،ولَ َت ْن َه ُو َّن َع ْن ال ُم ْن َك ِر أَ ْو َل ُيو ِش َك َّن اللهُ أ ْن َي ْب َع َث َعلَ ْي ُك ْم ِع َقابا ِم ْن ُه ُث َّم َت ْد ُع ْو َن ُه َفلا ُي ْس َت َجا ُب لَ ُك ْم)) رواه الترمذيَ ،وقالَ( :حديث حسن) شرح الحديث النبي صلي الله عليه وسلم ذكر في هذا الحديث عقوبة معجلة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقع في الدنيا لهؤلاء التاركين ،مهما كانت حالهم من الصلاح في ذواتهم واستقامتهم وعبادتهم فالنبي يقسم هنا ،وانظروا إلى هذه المؤكدات: القسم \"والذي نفسي بيده\" ولام القسم \"لتأمرن\" والنون المؤكدة \"لتأمرن\" ثم عاد أيضا في النهي \"ولتنهون\" ،اللام تؤكد والنون تؤكد وهي بمنزلة إعادة الجملة مرتين \"لتأمرن\" \"ولتنهون\" أي :إن لم تفعلوا فالبديل \"ليوشكن الله أن يبعث عليكم\" والفعل أوشك يدل على قرب وقوع الشيء، فهو أمر ليس بمؤجل في الآخرة ،وإنما يكون في الدنيا بوقت قريب لهؤلاء المعرضين التاركين لما أمرهم الله به (أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه) وهذا العقاب لم يحدد ،فقد يكون في الأموال ،وقد يكون بأمراض وأوبئة عامة يعجز الأطباء عن علاجها، وقد يكون بكثرة الموت ،أو بتسليط عدوهم عليهم ،فيجتاحهم ،ويأخذ بعض ما في أيديهم ،ويسومهم الخسف والذل ،أو يكون بأي أمر من الأمور التي
يمكن أن تقع ،وليس ذلك فحسب بل إن العقوبة إذا وقعت فإن الناس يضرعون إلى الله من أجل أن يرفعها. (ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)فيستحكم البلاء عندئذ ،فالمسألة لا تختص بهؤلاء الناس الذين يعملون المنكر ،بل يجب علينا أن ننقذهم ،وأن ننقذ المجتمع ،وأن ننقذ أنفسنا من هذه العقوبات العامة فالمسألة ليست كما يفهمها البعض ،أو كما يريد أن يصورها آخرون من أنها حريات شخصية ،وأن َمن أمرهم أو نهاهم فهذا متدخل في الحريات الشخصية ،هؤلاء يتسببون في استجلاب نقمة الله على الجميع ،لكن إن وجد من يأمر وينهى فإن الله ينجي الذين يأمرون وينهون ،يخلصهم فلا يقع لهم ذلك المكروه فهذا دليلٌ على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو فرض ،وهو من أهم واجبات الدين وفروضه
الحديث الرابع و التسعون بعد المائة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضلُ ال ِجها ِد كلم ُة َع ْدل ِع ْن َد ُسلطان جائر) ((رواهُ أبو داوو َد والترمذي ،وقال َح ِدي ٌث َح َس ٌن)) شرح الحديث للسلطان ِبطانتان :بطانة السوء ،وبطانة الخير. (( ِبطانة السوء)) :تنظ ُر ماذا يريد السلطان ،ثم تزينه له وتقول :هذا هو الحق ،و أحسنت ،و لو كان ِمن َأ ْج َو ِر ما يكون ،تفعلُ ذلك ُمداهنة للسلاطي ِن و طلبا للدنيا. و أما ((بطانة الحق)) :فإنها تنظ ُر ماذا ُيرضي الله تعالى و رسوله صلي الله عليه وسلم ،و ُت ِدلُّ الحاكم عليه ،هذه هي الباطنة الحسنة. و قول كلمة ((الحق عند سلطان جائر)) ِمن أعظ ِم الجهاد .و قال ((عند سلطان جائر)) لأن السلطان العادل ،كلمة الحق عنده لا ُت ِضر قائلها؛ لأنه يقبل ،أما الجائر فقد ينتقم من صاحبها و يؤذيه. و كلم ُة ((أفضلُ الجها ِد)) علي ظاهرها اي:افضل الجهاد علي الأطلاق على الإطلا ِق ،أفضلُ من الجها ِد في ساح ِة المعركة. ولماذا يكون أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر؟ الدخول على السلطان بحد ذاته فيه ما فيه من دواعي الهيبة ،فكيف إذا أراد أن ينكر عليه ،أو أن يغير عليه منكرا من المنكرات؟! ،ولهذا لا يثبت في هذا ولا يجترئ عليه إلا من له قلب ثابت ويقين راسخ وشجاعة يجرؤ على سلطان وهو يشعر أنه بين يديه فقد يفتك به ،وقد يعاقبه بألوان العقوبات وقد انفرد بذلك؟! ،لا شك أن هذا أمر عظيم ،ولهذا كان هذا أفضل الجهاد كما قال النبي صلي الله عليه وسلم .
الحديث الخامس والتسعون بعد المائة عن أَبي عب ِد الله طا ِر ِق بن ِشهاب ال َب َجل ِّي الأَ ْح َم ِسي رضي الله عنه :أ َّن رجلا سأل ال َّنبي صلى الله عليه وسلم وقد وضع ِرجله في ال َغ ْر ِز :أ ُّي ال ِجها ِد أفضلُ؟ َقالََ (( :كلِ َم ُة َح ٍّق ِع ْن َد ُس ْل َطان َجائر)) رواه النسائي بإسناد صحيح شرح الحديث يقول :أن رجلا سأل النبي صلي الله عليه وسلم وقد وضع رجله في ال َغ ْرز - سيركب الدابة -فقال :أي الجهاد أفضل؟ قال ( :كلمة حق عند سلطان جائر) وهذا يؤكد الحديث السابق ،وال َغ ْرز: ركاب الجمل وهو بمنزلة السرج من الفرس ،يقال له :ركاب معناه :أن إبلاغ السلطان الظالم الحق بالمشافهة أو الكتابة ونحوهما أفضل أنواع الجهاد قال المناوي :لأن ظلم السلطان يسري إلى جم غفير ،فإذا كفه فقد أوصل النفع إلى خلق كثير ،بخلاف قتل الكافر ،وهو من مناصحة ولاة الأمور في كل زمان لمن قدر عليه ،مع العلم والحلم والصبر وإنما كان ذلك من أعظم الجهاد ،لما فيه من المخاطرة بالنفس وتوطينها على تحمل الأذى في ذات الله تعالى وقال الخطابي :إنما صار ذلك أفضل الجهاد ،لأن من جاهد العدو وكان مترددا بين رجاء وخوف لا يدري هل َي ْغلِب أو ُيغلَب ،وصاحب السلطان مقهور في يده ،فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض للتلف وأهدف نفسه للهلاك ،فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجل غلبة الخوف.
الحديث السادس والتسعون بعد المائة عن ابن مسعود رضي الله عنه َقالََ :قالَ َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إ َّن أ َّولَ َما َد َخلَ ال َّن ْق ُص َعلَى َب ِني إ ْس َرائِيلَ أ َّن ُه َكا َن ال َّر ُجلُ َي ْل َقى ال َّر ُجلَ، َف َي ُقولَُ :يا َه َذا ،ا َّت ِق الله و َد ْع َما َت ْص َن ُعَ ،فإِ َّن ُه لاَ َي ِحلُّ َل َكُ ،ث َّم َي ْل َقا ُه ِم َن ال َغ ِد َو ُه َو َع َلى َحالِ ِهَ ،فلا َي ْم َن ُع ُه ذلِ َك أ ْن َي ُكو َن أ ِكي َل ُه َو َش ِري َب ُه َو َق ِعي َد ُهَ ،ف َل َّما َف َعلُوا ذلِ َك َض َر َب اللهُ ُقلُو َب َب ْع ِض ِه ْم بِ َب ْعض)) ُث َّم َقالَ{ :لُ ِع َن ا َّل ِذي َن َك َف ُروا ِم ْن َب ِني إِ ْسرائيلَ َع َلى لِ َسا ِن َدا ُو َد َو ِعي َسى ا ْب ِن َم ْر َي َم َذلِ َك بِ َما َع َص ْوا َو َكا ُنوا َي ْع َت ُدو َن * َكا ُنوا لا َي َت َنا َه ْو َن َع ْن ُم ْن َكر َف َعلُوهُ َلبِ ْئ َس َما َكا ُنوا َي ْف َعلُو َن * َت َرى َكثِيرا ِم ْن ُه ْم َي َت َو َّل ْو َن الَّ ِذي َن َك َف ُروا َل ِب ْئ َس َما َق َّد َم ْت َل ُه ْم أَ ْن ُف ُس ُه ْم} إِلَى قوله{ :فا ِسقُو َن} [المائدة: ُ .]81 -78ث َّم َقالََ (( :كلاَ ،والل ِه َل َتأ ُم ُر َّن بال َم ْع ُرو ِفَ ،ولَ َت ْن َه ُو َّن َع ِن ال ُم ْن َك ِر، َو َل َتأ ُخ ُذ َّن َعلَى َي ِد ال َّظالِ ِمَ ،و َل َتأ ِط ُر َّن ُه َعلَى ال َح ِّق أَ ْطراَ ،و َل َت ْق ُص ُر َّنه َع َلى ال َح ِّق َق ْصرا ،أَ ْو َل َي ْض ِر َب َّن اللهُ ب ُقلُو ِب َب ْع ِض ُك ْم َعلَى َب ْعضُ ،ث َّم ل َي ْل َع َن َّن ُك ْم َك َما َل َع َن ُه ْم)) رواه أَ ُبو داود والترمذيَ ،وقالَ( :حديث حسن) َه َذا لفظ أَبي داود ولفظ الترمذيَ ،قالَ َر ُسول الله صلى الله عليه وسلمَ (( :ل َّما َو َق َع ْت َب ُنو إ ْس َرا ِئيلَ في ال َم َعاصي َن َه ْت ُه ْم ُع َل َماؤ ُه ْم َفلَ ْم َي ْن َت ُهواَ ،ف َجالَ ُسو ُه ْم في َم َجالِ ِسه ْم، َو َوا َكلُو ُه ْم َو َشا َر ُبو ُه ْمَ ،ف َضر َب اللهُ ُقلُو َب َبع ِض ِه ْم بِب ْعضَ ،ولَ َع َن ُه ْم َعلَى لِسا ِن َدا ُود و ِعي َسى اب ِن َم ْر َي َم ذلِ َك بما َع َصوا َو َكا ُنوا َيع َت ُدو َن)) َف َج َل َس َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ُم َّت ِكئاَ ،ف َقالَ(( :لا ،والَّ ِذي َن ْف ِسي ِب َي ِد ِه َح َّتى َتأ ِط ُرو ُه ْم َع َلى ال َح ِّق أ ْطرا)) ( ضعيف ) ضعفه الألباني ( تحقيق رياض الصالحين ) شرح الحديث (( َتأ ِط ُروهم)) :أي تعطفوهم وتحملوهم على الحق حتى يستقيموا عليه ((ولت ْق ُص ُر َّن ُه)) :أي لتحبِ ُس َّنه.
هؤلاء الملعونون جمعوا بين فعل المنكر والتجاه َر به (أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول :يا هذا اتق الله ودع ما تصنع ،فإنه لا يحل لك ،ثم يلقاه من الغد وهو على حاله )..أي :أن الرجل من بني إسرائيل يلقى الآخر وهو يعمل المنكر فينكر عليه ،ثم يلقاه مرة أخرى من الغد ،ولا زال مقيما على هذا المنكر ،أي :أنه لم يغير ذلك المنكر ،فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده (فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض) أي :أن الله -تبارك وتعالى- شتت شملهم ،وجعل قلوبهم متفرقة ،وصار بعضهم يبغض بعضا ،ويعرض الرجل عن أخيه ،وصاروا في حالة من العداوة وفساد المقاصد والقلوب ثم قال (:لُ ِع َن ا َّل ِذي َن َك َف ُرو ْا ِمن َبنِي إِ ْس َرائِيلَ َع َلى لِ َسا ِن َدا ُوو َد َو ِعي َسى ا ْب ِن َم ْر َي َم َذلِ َك ِب َما َع َصوا َّو َكا ُنو ْا َيع َت ُدو َن)[المائدة ]78:و\"الباء\" هنا للسببية، أي :أن ذلك اللعن بسبب عصيانهم واعتدائهم ،وتجاوزهم حدود الله ،ثم بين ذلك فقالَ (:كا ُنو ْا لاَ َي َت َنا َه ْو َن َعن ُّمن َكر َف َعلُو ُه َل ِب ْئ َس َما َكا ُنو ْا َي ْف َعلُو َن) [المائدة ]79:لا يتناهون أي :لا ينهى بعضهم بعضا ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)وقد سمى الله تركهم للتناهي فعلا ،وذلك أن الإنسان إذا ترك ما أمره الله -تبارك وتعالى- به فإن ذلك من جملة الأفعال التي يحاسب عليها ثم قال (:كلا ،والله لتأمرن بالمعروف ،ولتنهون عن المنكر ،ولتأخذن على يد الظالم ،ولتأط ُرنه على الحق أطرا) أي :لتحملنه على الحق أطرا ،ولتقصرنه على الحق قصرا أيُ :يحصر على سلوك الحق ،فالمسألة ليست حرية شخصية ،يعبث كما يشاء ،ويظهر المنكرات في المجتمع ،ثم يقول :هذه أشياء تخصني ،هي لا تخصه ،وإنما تخص المجتمع جميعا؛ لأن الجميع سيعذبون والعذاب إذا نزل فإنه يعم
قال( :أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ،ثم ليلعننكم كما لعنهم) وهنا في قوله صلي الله عليه وسلم كلا ،والله جاء بعدة مؤكدات : جاء بالقسم ،وجاء بلام القسم وهي تؤكده ،وجاء بالنون الثقيلة التي تؤكد الكلام أيضا ،كل ذلك لتقرير هذا المعنى وتأكيده غاية التأكيد وفي لفظ آخر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا ،فجالسوهم في مجالسهم ،وواكلوهم وشاربوهم ،فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ،ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ،فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال :لا ،والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا) فالمقصود أن هؤلاء نهوهم عن المنكر في بادئ الأمر ثم بعد ذلك تركوا الإنكار ،وصاروا يجالسونهم ويواكلونهم ويشاربونهم ،فلعنهم الله على لسان هؤلاء الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام ،فما حال من لا يأمر أصلا ولا ينهى ،ولا يرفع لذلك رأسا ،ولا يحرك له ساكنا؟ لا شك أن هذا أعظم ممن أمر مرة ثم ترك بعد ذلك وهذا الحديث يدل على القول الراجح من قول أهل العلم وهو أن الإنسان إذا أمر أو نهى ثم بعد ذلك لم يحصل التغيير والامتثال فإنه يجب عليه أن يعود ثانية وثالثة طالما أن المنكر لا يزال قائما ،حتى يزول المنكر ،ولا تبرأ الذمة إلا بزواله وفي الحدي ِث :وجوب الأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،والنهي عن مجالسة أهل المعاصي
الحديث السابع والتسعون بعد المائة عن أَبي بكر الصديق رضي الله عنه َقالََ :يا أيها ال َّناس ،إنكم ل َتقر ُؤون ه ِذ ِه الآيةَ { :يا أَ ُّي َها الَّ ِذي َن آ َم ُنوا َعلَ ْي ُك ْم أَ ْنفُ َس ُك ْم لا َي ُض ُّر ُك ْم َم ْن َضلَّ إِ َذا ا ْه َت َد ْي ُت ْم} [المائدة ]105 :وإني سمعت َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(( :إ َّن ال َّنا َس إِ َذا َرأَ ُوا ال َّظالِ َم َفلَ ْم يأ ُخ ُذوا َع َلى َي َد ْي ِه أو َش َك أ ْن َي ُع َّم ُه ُم اللهُ بِ ِع َقاب ِم ْن ُه)) رواه أَ ُبو داود والترمذي والنسائي شرح الحديث معناه :أنكم تقرؤون هذه الآية وتتو َّهمون أن من فعل ما أُمر به وترك ما ُنهي عنه في نفسه أ ْن لا حرج عليه في عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،بل َي ِجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :أيها الناس ،إنكم لتقرؤون هذه الآية ( َيا أَ ُّي َها ا َّل ِذي َن آ َم ُنوا َعلَ ْي ُك ْم أَ ْن ُف َس ُك ْم لا َي ُض ُّر ُك ْم َم ْن َضلَّ إِ َذا ا ْه َت َد ْي ُت ْم) (المائدة )105 :وهذه الآية ظاهرها أن الإنسان إذا اهتدى بنفسه فإنه لا يضره ضلالُ الناس؛ لأنه استقام بنفسه ،فإذا استقام بنفسه فشأن غيره على الله عز وجل ولكن معناها َ { :يا أَ ُّي َها ا َّل ِذي َن آ َم ُنو ْا َع َل ْي ُك ْم أَن ُف َس ُك ْم} أي :الزموا طاعة الله واعملوا بمرضاته ،فإن فعلتم ذلك فإنه لا يضركم ضلال من ضل حينما يضل ،لاَ َي ُض ُّر ُكم َّمن َضلَّ إِ َذا ا ْه َت َد ْي ُت ْم ،ولا يكون الإنسان بحال من الأحوال مهتديا مستقيما على طاعة الله ،إلا إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ،وإلا فإن الذين تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله على ألسنة الرسل {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} إذا قمتم بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وامتثلتم فلا عليكم بعد ذلك أن يضل من ضل ،بمعنى أنكم
أمرتموهم ونهيتموهم وعملتم بطاعة الله فيأتون يوم القيامة يحملون أوزارهم على ظهورهم ،لا تتحملون منها شيئاَ { ،ولاَ َت ِز ُر َوا ِز َرةٌ ِو ْز َر أُ ْخ َرى} [الأنعام.]164: ولهذا قال رضي الله عنه:وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول \":إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده\" ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه) أي :لم يمنعوه من ظلمه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه يعني أنهم يضرهم من ضل إذا كانوا يرون الضال ولا يأمرونه بالمعروف ،ولا ينهونه عن المنكر ،فإنه يوشك أن يعمهم الله بالعقاب؛ الفاعل والغافل ،الفاعل للمنكر ،والغافل الذي لم ينه عن المنكر فالإنسان لا يسلم بحال من الأحوال ،ولا ينجو عند الله إلا إذا قام بهذه الفريضة على الوجه الذي أمره الله به ،وإلا فإنه لا ينفك من التبعة بحال من الأحوال وفي الحدي ِث الوعيد على من قال في القرآن برأيه ،أي فسره بما يرى ويهوى ،لا بمقتضى اللغة العربية والشريعة الإسلامية ،فيجب على الإنسان أن يكون فاهما لمراد الله عز وجل في كتابه ،وكذلك لمراد النبي صلى الله عليه وسلم في سنته ،حتى لا يفسرهما إلا بما أراد الله ورسوله
المقدمة باب تغليظ عقوبة من أمر بالمعروف او نهي عن منكر وخالف قوله فعله الحديث الثامن والتسعون بعد المائة عن أَبي زيد أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهماَ ،قالَ :سمعت َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ (( :ي ْؤ َتى بال َّر ُج ِل َي ْو َم الق َيا َم ِة َف ُي ْل َقى في ال َّنا ِر، َف َت ْن َدلِ ُق أ ْق َتا ُب َب ْط ِن ِه َفي ُدو ُر ِب َها َك َما َي ُدو ُر ال ِح َما ُر في ال َّر َحىَ ،ف َي ْج َت ِم ُع إِلَ ْيه أ ْهلُ ال َّنا ِرَ ،ف َي ُقولُو َنَ :يا ُفلا ُنَ ،ما َل َك؟ أَ َل ْم َت ُك َتأ ُم ُر بالم ْع ُرو ِف َوتن َهى َع ِن ال ُم ْن َك ِر؟ َفي ُقولَُ :بلَىُ ،ك ْن ُت آ ُم ُر بِال َم ْع ُرو ِف َولا آ ِتي ِه ،وأ ْن َهى َع ِن ال ُم ْن َك ِر َوآتِي ِه)) ( ُم َّت َف ٌق َع َليه) شرح الحديث تندل ُق\" :معناه تخر ُج \" .الأقتا ُب \" :الأمعا ُء ،واح ُدها قتب \" هذا الحديث فيه التحذير الشديد من الرجل الذي يأمر بالمعروف ولا يأتيه، أي تأتي به الملائكة\" ،وينهى عن المنكر ويأتيه ،يؤتى بالرجل يوم القيامة ،لا يدخلها برفق ،ولكنه يلقى فيها كما يلقى الحجر في \"فيلقى في النار إلقاء ،أي تخرج أمعاءه ،تخرج من بطنه من شدة \"وتندلق أقتاب بطنه\"البحر، الإلقاء وهذا التشبيه للتقبيح ،شبهه \" فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى \" بالحمار الذي يدور على الرحى والرحى :هو الحجر الكبير الذي يطحن به الحب ويربط بحمار ،يدور هذا الحجر الذي يجره الحمار حتى يطحن الحب فهذا الرجل الذي يلقى في النار يدور على أمعائه ،كما يدور الحمار على الرحى
(فيجتمع إليه أهل النار ،فيقولون :يافلان مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟) أي شيء جاء بك إلى هنا ،وأنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟كانوا يظنون أنه من الناجين لما كانوا يرون من دعوته إلى الخيرفيقول مقرا على نفسه \" :بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه\"أي كان يأمرهم بالمعروف ولكنه لا يأتيه \"وأنهى عن المنكر وآتيه\" وينهى الناس عن المنكر ويأتيه فهو يأمر بالمعروف ولا يفعله وينهى عن المنكر ويفعله لذلك يعذب هذا العذاب فالواجب على المرء أن يبدأ بنفسه فيأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر؛ لأن أعظم الناس حقا عليك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسك ابدأ بها ثم حاول نصح إخوانك ،وأمرهم بالمعروف ،وانههم عن المنكر ،لتكون صالحا مصلحا يدل على وعيد من خالف قوله فعله ،إذا تباينت الأقوال وهذا الحديث والأفعال ،وصار الإنسان يتكلم بما لا يعمل فهو متو َّعد بهذا. مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الناس في هذه القضية على مراتب متعددة فأكمل المراتب وأعظمها هو الذي يأمر بالمعروف ويفعله ،وينهى عن المنكر .ويجتنبه ،وهذا هو الكمال والمرتبة التي تحته هو من يفعل المعروف لكن لا يأمر به ،ويترك المنكر لكن لا ينهى عنه ،وهذا حال كثير من المسلمين ،لا يجترئ ،فتراه يجبن أو يستحيي أو يخجل
والمرتبة الثالثة وهو الذي يأمر بالمعروف لكن لا يفعل ،وينهى عن المنكر .ويفعل المنكر والمرتبة الرابعة هو الذي لا يأمر بالمعروف ولا يفعل المعروف ،ولا ينهى عن المنكر ويفعل المنكر والمرتبة الخامسة وهي أسوأ هذه المراتب هو الذي ينهى عن المعروف ولا يفعل المعروف ،ويأمر بالمنكر ويفعل المنكر ،هؤلاء هم الشياطين ،الشياطين الذين يضلون الناس ،من شياطين الإنس والجن ،لا يحبون طاعة الله، وينكرون على من فعل ذلك ،فهذا شر المراتب.
المقدمة باب الأمر بأداء الأمانة الحديث التاسع والتسعون بعد المائة عن أَبي هريرة رضي الله عنه :أن َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم َقالَ: ((آي ُة ال ُمناف ِق ثلا ٌث :إِ َذا َح َّد َث َك َذ َبَ ،وإِ َذا َوع َد أ ْخلَ َفَ ،وإِ َذا ا ْؤ ُت ِم َن َخا َن)) ( ُم َّت َف ٌق َع َلي ِه) وفي روايةَ (( :وإِ ْن َصا َم َو َص َّلى َو َز َع َم أ َّن ُه ُم ْسلِ ٌم)) شرح الحديث ((آية المنافق)) أي :علامة المنافق التي يعرف بها ،وهي علامة ظاهرة؛ لأن النفاق علة باطنية لا يعلمها إلا الله ،ولكن قد تظهر بعض أماراتها ودلائلها وعلاماتها ،مما يصدر عن الإنسان من قول أو فعل ،وهذه الأمور التي ذكرها النبي صلي الله عليه وسلم هي علامات يعرف بها المنافق. وقد جاء في بعض الأحاديث(( :ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها)) أي :حتى يتركها. فهذه الصفات إذا استحكمت في الإنسان فإن النبي صلى الله عليه وسلم حكم عليه بالنفاق ،وكان صاحبها منافقا خالصا ثم قال: (( وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)) ومن أهل العلم من حمل ذلك على النفاق العملي؛ لأن النفاق كما هو معلوم نوعان: نفاق عملي :حملوه على مثل هذه الأشياء. ونفاق اعتقادي :وهو أن يبطن الإنسان الكفر ويظهر الإسلام. والمقصود أن هذه الأمور التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وهي ثلاث في هذا الحديث ،وفي بعض الأحاديث ذكر أربعا ((وإذ عاهد غدر))
وهي(( :إذا حدث كذب)) فإذا رأيت الإنسان يكذب؛ فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق. الثاني((:إذا وعد أخلف)) يعد ولكن يخلف ،والمؤمن إذا وعد وفى كما قال الله تعالىَ ( :وا ْل ُمو ُفو َن بِ َع ْه ِد ِه ْم إِ َذا َعا َه ُدوا) (البقرة )177 :لكن المنافق يعدك ويغرك ،فإذا وجدت الرجل يغدر كثيرا بما يعد ،ولا يفي، فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق. الثالث((:إذا اؤتمن خان)) وهذا الشاهد من هذا الحديث .فالمنافق إذا ائتمنته على مال خانك ،وإذا ائتمنته على سر بينك وبينه خانك ،وإذا ائتمنته على أهلك خانك ،كلما ائتمنته على شيء يخونك ،يدل ذلك على أن في قلبه شعبة من النفاق. فهذه الأمور المذكورة جميعا ترجع إلى شيء واحد عليه مدار النفاق وهو :الكذب ،والمؤمن لا يجتمع فيه الإيمان مع الكذب بأي حال من الأحوال قال تعالىَ { :وال َّلهُ َي ْش َه ُد إِ َّن ا ْل ُم َنافِ ِقي َن َل َكا ِذ ُبو َن} لأن الإيمان حقيقته عائدة إلى الصدق ،الصدق بالقول ،والصدق بالاعتقاد ،والصدق بالعمل وبالجوارح؛ ولهذا يكون الكذب أيضا بالجوارح كأن ُيظهر الإنسان أعمالا وقلبه ينطوي على شيء آخر ،ويكون بالقول كما ذكرنا ،ويكون أيضا بالحالُ ،يظهر حالا من العبادة والنسك والزهد وإذا رآه الناس اغتروا به، وحقيقته وواقعه أنه غير ذلك. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر لأمرين: الأمر الأول :أن نحذر من هذه الصفات الذميمة؛ لأنها من علامات النفاق، ويخشى أن يكون هذا النفاق العملي مؤديا إلى نفاق في الاعتقاد ،فيكون الإنسان منافقا نفاقا اعتقاديا فيخرج من الإسلام وهو لا يشعر فأخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام لنحذر من ذلك.
الأمر الثاني :لنحذر من يتصف بهذه الصفات ،ونعلم أنه منافق يخدعنا فلا نثق به ولا نعتمد عليه في شيء؛ لأنه منافق. وعكس ذلك يكون من علامات الإيمان .فالمؤمن إذا وعد أوفى .والمؤمن إذا ائتمن أدى الامانة على وجهها ،وكذلك إذا حدث كان صادقا في حديثه مخبرا بما هو الواقع فعلا
الحديث المائتين عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه َقالَ :حدثنا َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم ح ِدي َثي ِن َق ْد رأ ْي ُت أ َح َد ُه َما وأنا أنتظ ُر الآخر :حدثنا أن الأمانة َنزلت في َجذ ِر قلو ِب الرجالُ ،ث َّم نزل القرآن فعلموا ِم َن القرآن ،وع ِلموا من السن ِة. ُث َّم حدثنا عن رفع الأمانةَ ،ف َقالََ (( :ي َنا ُم ال َّر ُجلُ ال َّن ْو َم َة َف ُت ْق َب ُض ال َأ َما َن ُة ِم ْن َق ْلب ِهَ ،ف َي َظلُّ أ َث ُر َها ِمثلَ ال َو ْك ِتُ ،ث َّم َي َنا ُم ال َّنو َم َة َف ُت ْق َب ُض الأَ َما َن ُة ِم ْن َق ْلب ِهَ ،ف َي َظلُّ أ َث ُر َها ِمثلَ أَ َث ِر ال َم ْج ِلَ ،ك َج ْمر َد ْح َر ْج َت ُه َعلَى ِر ْجلِ َك َف َن ِف َطَ ،ف َت َرا ُه ُم ْن َتبرا َو َلي َس فِي ِه َشي ٌء)) ُث َّم أ َخ َذ َح َصاة َف َد ْح َر َج ُه َعلَى ِر ْج ِل ِه (( َف ُي ْصب ُح ال َّنا ُس َي َت َباي ُعو َنَ ،فلا َي َكا ُد أح ٌد ُي َؤدي ال َأ َما َن َة َح َّتى ُي َقالَ :إ َّن في َبني ُفلان َر ُجلا أميناَ ،ح َّتى ُي َقالَ ِلل َّر ُج ِلَ :ما أ ْج َل َد ُه! َما أَ ْظ َر َف ُه! َما أ ْع َق َل ُه! َو َما في َق ْل ِب ِه ِم ْث َقالُ َح َّبة ِمن َخ ْر َدل ِم ْن إي َمان َو َلق ْد أ َتى َع َل َّي َز َما ٌن َو َما أُ َبالِي أ ُّي ُك ْم َبا َي ْع ُتَ :لئن َكا َن ُم ْسلِما لَ َي ُر َّد َّن ُه عل َّي ِدين ُه، َوإ ْن َكا َن َن ْصرا ِنيا أَ ْو َي ُهو ِديا َل َي ُر َّد َّن ُه َع َل َّي َسا ِعي ِهَ ،و َأ َّما ال َي ْو َم َف َما ُك ْن ُت أُ َباي ُع ِم ْن ُك ْم إلا فُلانا َوفُلانا)) ( ُم َّت َف ٌق َعلَي ِه) شرح الحديث (( َج ْذ ُر)) َ :و ُه َو أصل الشيء َو((الوكت)) :الأثر اليسير. َو((ال َم ْجلُ)) َ :و ُه َو َت َن ُّف ٌط في الي ِد ونحوها من أث ِر عمل وغي ِره (( ُم ْن َتبرا)) :مرتفِعا .قوله(( :سا ِعي ِه)) :الوالي َع َلي ِه عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه -قال :حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا انتظر الآخر ،وكان النبي صلى الله عليه
وسلم يحدث أصحابه أحيانا بما يراه مناسبا ،والنبي عليه الصلاة والسلام إذا حدث بشيء ،فإنه حديث له وللأمة إلى يوم القيامة وحذيفة بن اليمان -رضي الله عنهُ -يقال له :صاحب السر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسمل حدثه عن قوم من المنافقين ،علمهم النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بهم حذيفة ،وكانوا نحو ثلاثة عشر رجلا ،سماهم بأسماءهم فذكر رضي الله عنه ما حدثه به النبي صلى الله عليه وسلم من نزع الأمانة من قلوب الرجال ،فقوله صلى الله عليه وسلم: \"إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال\" يعني في أصلها ،ثم أنزل عليهم من القرآن والسنة ما يثبت ويؤيد هذا الأصل ،فجاء القرآن والسنة مؤيدا الفطرة التي فطر الناس عليها ،وعلموا من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فازدادوا بذلك إيمانا وثباتا وأداء للأمانة ولكن أخبر بالحديث الثاني أن هذه الأمانة سوف تنزع من قلوب الرجال، تنزع فيصبح الناس يتحدثون أن في بني فلان رجلا أمينا ،يعني أنك لا تكاد تجد في القبيلة رجلا واحدا أمينا ،والباقي كلهم على خيانة ،لم يؤدوا الأمانة والأرجح من أقوال أهل العلم في تفسير الأمانة أنها التكاليف الشرعية ،فالله قد ائتمن العباد عليها وكلفهم القيام بها ،ويدخل تحت هذا العموم سائر الأمانات ،مما يتعامل به الناس ويتعاطونه مما يصدق عليه أنه أمانة ( ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه) وذلك لذنب ارتكبه ،أو أن النبي صلى الله عليه وسلم يحدث عما سيكون في آخر الزمان ،إذا رفعت الأمانة من قلوب الناس يقول :ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه ،فيظل أثرها مثل ال َو ْكت، أي :يبقى أثر الأمانة في قلبه مثل الوكت
والوكت هو :لون يغاير اللون الذي وقع عليه ،كأن يكون ثوبا أبيض وقع عليه شيء فيه سواد ،فهذا مثل الوكت ،وبعضهم قال :الوكت هو شيء من السواد ،فيظل أثرها مثل ال َو ْكت هذا يحتمل معنيين: الأول :أن يبقى لها أثر ضعيف ولا تمحى تماما. والثاني :أن ذلك يعني أنها ظلمة في القلب مكان هذا الجزء الذي رفع من الأمانة ،يبقى مكانه سواد يقول (:ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه ،فيظل أثرها مثل أثر ال َم ْجل كجمر دحرج ْت ُه رجلُك ف َن ِفط ،فتراه منتبرا وليس فيه شيء) ،ثم اخذ النبي صلي الله عليه وسلم حصاة فدحرجه على رجله،.. وقوله :نفِ َط أي انتفخ ،فتراه منتبرا أي :جلدا منتفخا ،فيه ماء يسير ،مثل ما يظهر في يد الإنسان حينما يضرب بالمعول مثلا ،فيظهر في يده هذا الأثر الذي يقال له :ال َم ْجل وهكذا الحروق في أولها ،التي يسمونها الحروق السطحية ،إذا تدحرج الجمر على الجلد ما الذي يحصل من أثره؟ ينتفخ ويكون فيه ماء تحت الجلد ،فهذا يبقى أثرها مثل المجل على المعنى الأول الذي ذكرناه يبقى أثرها مثل المجل بمعنى أنه يبقى لها أثر ثم بعد ذلك تزول ،وشبه الزوال بدحرجة هذا الحجر الذي دحرجه النبي صلى الله عليه وسلم على رجله فتفارق القلب بالكلية وعلى المعنى الثاني أن الوكت بمعنى أنه ُيرفع جزء فيبقى سواد ،فإذا رفع هذا بقي انتفاخوهذا أشد وأثبت ،وأسوأ أثرا من مجرد السواد ،فيبقى أثرها بهذه المثابة قال :حتى يقال للرجل :ما أجلده ،ما أظرفه ،ما أعقله ،وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان
ذكر هنا ثلاثة أوصاف مما يتمادح به الناس فقال: ما أجلده ،أي :أنه يعمل بجد واجتهاد وجلد عظيم ،من غير كلل ولا ملل، وما أظرفه وهذا مما يستملح في أوصاف الناس عادة ،يستلطفونه ويستملحونه ،ويخف عليهم في المجالس لطرافته أو غير ذلك وما أعقله ،الناس يثنون عليه بالجلد والعقل واللطافة والظرافة ،ويثنون على ما عنده من مهارات ،وهو خال من الداخل ،وما في قلبه مثقال حبة من ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايع ُت تحمل هنا المبايعة خردل من إيمان .على البيع والشراء يقول :ليردنه علي دينه ،وإن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه علي ساعيه يعني من له ولاية عليه يقول :وأما اليوم فما كنت أبايع منكم إلا فلانا وفلانا هذا في زمن َمن؟ هذا في زمن الصحابة ،فكيف بزماننا هذا؟ كيف بزماننا هذا؟
المراجع شرح رياض الصالحين – ابن عثيمين شرح رياض الصالحين – ابن باز شرح رياض الصالحين – خالد السبت الدرر السنية تطريز رياض الصالحين قسم السنة المطهرة مشروع النور المبين
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198