www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فق�ال قومه :لقد خرج محم�د بن عبد الله فينا يزعم أنه نبي آخر الزمان ،وقد تبعه أبو بكر. وتذك�ر طلح�ة قول الراهب ل�ه ،ثم فكر قليًل�اً :محمد بن عب�د الله ،إنه الصادق الأمين ال�ذي لم يجرب الناس عليه كذ ًبا، وأب�و بكر ذلك الرجل الذي كانت قريش جميعها تعرف أمانته وحسن أخلاقه. وانطل�ق طلحة إلى دار أبي بكر يس�أله عن أم�ر هذا الدين الجدي�د ،والنبي الأخير ،واس�تقبله الصديق في حف�اوة بالغة، وراح يحدثه عن الإسلام في رقة وعذوبة ،وهو يس�تمع منص ًتا إلى أبي بكر وقد أعجبه الإسلام ،ولم يجد طلحة فر ًقا بين كلام الراهب وكلام أبي بكر. وأحس الصديق بأن الإيمان قد غزا قلب طلحة فأخذه إلى رس�ول الله ،0وفي دار النب�ي 0جل�س طلحة أمام�ه وهو يتلو عليه آيات الله من الق�رآن ،ورأى طلحة النور يغشاه ،والطمأنينة تسكن قلبه. 100 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فس�الت الدموع على خديه وهو يعلن :أشهد أن لا إله إلا الله وأن محم ًدا رسول الله. ولم يسبق أحد طلحة إلى الإسلام إلا ثلاثة فقط ،وتحققت نبوءة الراهب البصري. وخ�رج طلحة من عند رس�ول الله 0قد أشرقت ش�مس الإيامن في قلبه ،وس�طع نور الح�ق في نفس�ه ،فأصبح الإسلام خي ًرا له م�ن الدني�ا وما عليه�ا ،وأصبح رس�ول الله 0أحب الناس إلى قلبه. ولكن قري ًش�ا علمت بإسلام طلحة بن عبيد الله التيمي، ولم يك�ن طلحة عب ًدا ممل�و ًكا كبلال وخباب ولكنه كان س�ي ًدا شري ًفا ،فأثر ذلك في نفوس�هم ،فدعوه بالرف�ق أولاً ليعود عن الإسلام إلى دين قومه ،لكنه كان ق�د ذاق حلاوة الإيمان فأبى إلا أن يظل على الإسلام ولو كلفه ذلك حياته. ولم تس�كت قري�ش عن�ه ،فق�د أمروا أس�د قري�ش ،وهو «نوفل ب�ن خويلد» ليعذب طلحة ومعه أبا بكر الصديق ،فقام n 101
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M «نوفل» وهو القوي الشديد فربط أبا بكر وطلحة في حبل واحد وتركهما للغلمان والس�فهاء يضربونهما بالحج�ارة ،ويعذبونهما، ولكن خرجت كلمات الإيمان منهما. لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولما يئست قريش منهما تركوهما وقد زادهما التعذيب إيما ًنا وقوة وصلابة ،وسمي الرجلان :بـ «القرينين»؛ فقد جمع بينهما الإيمان والتضحية في سبيل الله. جهاد طلحة بن عبيد الله ثلاثة عشر عا ًما هي عمر الإسلام في مكة ذاق المس�لمون فيه�ا صن�وف العذاب والإي�ذاء ،لكنهم صبروا على ما أوذوا حتى أتاهم نصر الله تعالى. وكلما اش�تدت ن�ار الع�ذاب في مكة ،اش�تعلت في القلب حرارة الإيمان وتوهجت ،ووسط ظلمات مكة كان النور يشرق في قلوب بعض الناس ليدخلوا في دين الله. 102 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M لك�ن العذاب ي�زداد يو ًما بعد يوم ،ولذل�ك أمر الله تعالى نبيه بالهجرة من مكة إلى المدينة. ونظ�ر أبو طلحة إلى المدينة ليجدها هي تلك الأرض التي فيه�ا «نخيل وم�اء» ،وتذكر كلمات راهب بصري ،واس�تبشر بنصر الله تعالى للمسلمين. ونادى منادي الجهاد ،فركب طلحة فرسه مجاه ًدا في سبيل الله؛ ليك�ون في مقدمة جيش المس�لمين المقات�ل ضد المشركين، وقب�ل غ�زو ب�در أرس�له النب�ي م�ع س�عيد ب�ن زي�د في مهمة اس�تطلاعية ،وذل�ك ليعرفا ع�دد المشركين وم�كان تجمعهم، وعادا إلى المدينة ليجدا نصرالله قد تنزل على المسلمين ،فأعطاهما النبي 0من الغنائم ،ف�كان طلحة هو الحاضر الغائب يوم بدر. وكان ي�وم «أحد» هو يوم طلحة بح�ق ،وكان أبو بكر إذا ذك�ر أمامه م�ا حدث في ُأحد ق�ال« :ذاك يوم طلح�ة» ،في يوم أحد كان النصر حلي ًفا للمسلمين في بداية الأمر. n 103
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ولكن المس�لمين من الرم�اة عصوا أمر رس�ولهم ،وتركوا أماكنهم ،فانكشف المسلمون. وجاء خالد بن الوليد -وكان كاف ًرا وقتها -فهجم هجو ًما ش�دي ًدا على مؤخرة جيش المس�لمين فارتب�ك الجيش ووقع في صفوفه الخوف ،وانقلب النصر إلى هزيمة. وكان غ�رض المشركين قت�ل رس�ول الله ،0 فأح�اط المشركون بالنبي 0يريدون قتله ،ورأى طلحة رس�ول الله ق�د أحاط ب�ه المشركون من كل جان�ب ،وهذه هي دم�اء النب�ي قد س�الت على وجهه ،ف�إن المشركين ق�د أصابوه وأوشكوا على قتله. فانربى طلح�ة يش�ق الصف�وف حت�ى وص�ل إلى النب�ي ،0وراح طلح�ة يهج�م بس�يفه على المشركين فكان جي ًش�ا وحده والمشركون يتراجعون أم�ام صيحاته ،وضرباته، وطعناته ،وأسرع أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح إلى رس�ول الله ،0ليمسحا الدم عن وجهه ورأسه. 104 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فقال لهما« :عليكم بصاحبكما فقد أوجب». أي أن طلح�ة ق�د اس�تحق الجنة ،فاحملاه ،وحم�ل أبو بكر طلح�ة وكان قد وقع على الأرض وفي جس�ده س�تون طعنة أو يزيد. ونظ�ر أب�و عبيدة إلى طلح�ة فوجده بلا كف في ي�ده ،فإذا بكفه قد وقع بجواره ليس بعي ًدا عنه ،فقد قطع المشركون كف طلح�ة ،Iوكان قد حمل رس�ول الله 0على كتفه بعي ًدا عنهم. وي�ا للروع�ة فإن�ه ش�هيد يمشي على الأرض ،حت�ى قال رس�ول الله« :0من س��ره أن ينظر إلى ش��هيد يمشي على الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله». ومن يومها سمي طلحة «الشهيد الحي». مواقف إيمانية لطلحة بن عبيد الله كانلطلحة Iمواقفإيمانيةكثيرة،فقدكانI يسمي أبناءه بأسماء الأنبياء ،وأمهاتهم ،فكان من أولادهn: 105
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M محم�د ،وعم�ران ،وموس�ى ،ويعق�وب ،وإسامعيل، وإسحاق ،وزكريا ،ويوسف ،ويحيى ،وعيسى. ومن بناته كانت :مريم ،وعائشة ،وأم إسحاق. وم��ن مواقف��ه الإيماني��ة أي ًض�ا أ ن�ه كان كثير الصدق�ة والإنفاق في س�بيل الله حتى سماه النبي 0طلحة الخير، وطلحة الجود((( ،وطلحة الفياض((( .فقد كان غن ًيا كثير المال يتصدق به كله في سبيل الله ،يوزعه على الفقراء والمساكين. وتحكي زوجته عنه أنه تصدق يو ًما بمائة ألف درهم. وتحك�ي أن�ه ذات ليل�ة ظ�ل مس�تيق ًظا لم ين�م ،فقالت له: م�اذا بك يا أبا محمد؟ فقال:كيف ينام من في بيته س�بعمائة ألف درهم؟. فقالت :أين أنت من المحتاجين والفقراء من المسلمين؟. ( )1الكرم. ( )2الفياض :هو الذي يفيض بالمال ،كما يفيض النهر بالماءn. 106
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فقام طلحة ومعه بع�ض أصحابه ،قد وضع المال في صرة ليوزعه على فقراء المس�لمين ،حتى لم يبق درهم واحد في داره، وتكرر هذا الموقف كثي ًرا. ولك�ن لم تهنأ الحياة للمس�لمين بعد وف�اة النبي0 وصاحبيه أبي بكر وعمر فاش�تعلت نار الفتنة ،حتى قتل عثمان اب�ن عف�ان Iش�هي ًدا مظلو ًما ،وتبعه كثير من المس�لمين الصالحين م�ن أصح�اب رس�ول الله 0بع�د أن ُس�ل سيف الفتنة. وفي هذه الفتنة استشهد طلحة رضي الله وبكاه المسلمون، وتذكر علي Iقول النبي« :0طلحة والزبير ابن العوام جاراي في الجنة». ووق�ف أح�د المس�لمين يق�ول[ :ﭑﭒﭓﭔ ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠ] []23 :2 n 107
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ث�م دخ�ل طلح�ة وعلي�ه ثوب�ان أخرضان فق�ال رس�ول الله :0ه�ذا منه�م وأش�ار إلى طلح�ة .ولح�ق طلح�ة بالمؤمنين الذي�ن صدقوا ما عاه�دوا الله عليه ليمرح في جن�ات النعيم ،وكانت وفاته Iعام (36هـ) بعد معركة الجمل. sss 108 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M عبد الرحمن بن عوف I عبد الرحمن بن عوف :هو عبد الرحمن بن عوف بن عبد ابن الحارث بن زهرة القرش�ى الزهري ،أحد العشرة المبشرين بالجنة ،هاجر إلى أرض الحبشة وحضر المعارك والغزوات كلها مع رسول الله .0 أمه :الشفاء بنت عوف ،أسلمت مع الأوائل وهاجرت. إسلام عبد الرحمن بن عوف كان عبد الرحمن بن عوف واح ًدا ممن هاجروا إلى الحبش�ة فرا ًرا بدينهم ،وبح ًثا عن العدل في مملكة النجاشي. لك�ن كي�ف لقلب عب�د الرحم�ن أن يتحم�ل الابتعاد عن رس�ول الله 0فعاد سري ًعا يس�تقبل آي�ات الله ُتتلى عليه فيحفظها بقلبه ولسانه. n 109
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وع�اد عب�د الرحمن م�رة أخرى مهاج� ًرا ولكن ه�ذه المرة إلى المدين�ة ،حيث أقام رس�ول الله 0هن�اك دولته التي أسسها على القرآن والسنة. وآخ�ي رس�ول الله 0بين عبد الرحم�ن بن عوف وبين سعد بن الربيع أحد الأنصار الذين آمنوا بالله ورسوله. وانطلق س�عد بن الربيع بعب�د الرحمن إلى داره ،وكأنما عاد بمكس�ب وربح وخير لأهله ،فق�د كان الأنصار أه�ل الكرم والإيث�ار((( ،وجاء س�عد بماله ووضعه بين ي�دي عبد الرحمن وقال له: هذا مالي اقس�مه نصفين ،واختر نص ًفا تأخذه لنفسك .ثم ج�اء بزوجتين وقال :وهاتان زوجت�اي اختر إحداهما فأطلقها لك فتتزوجها. ث�م قال :وهذه داري م�ن طابقين ،اختر الطابق الذي تحبه واسكن فيه. ( )1تفضيل الغير على النفسn. 110
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وأمام نهر العطاء المتدفق ،تبسم عبد الرحمن بن عوف. وقال لس�عد ب�ن الربيع :ي�ا أخي بارك الله ل�ك في مالك، وزوجتيك ،ودارك ،ولكن ُد ّلني على السوق. وخرج عبد الرحمن بن عوف ليحمل على كتفه حط ًبا يبيعه للن�اس ،ويبدأ حياة الكد والجه�اد ،ومعها تبدأ حياة الإيمان في مدينة رسول الله.0 إنفاق عبد الرحمن بن عوف مضى قليل م�ن الوقت على عب�د الرحمن وه�و في المدينة، وإذا برس�ول الله 0يعل�م أن عب�د الرحم�ن ب�ن عوف سيتزوج. ولم يكن الزواج وقتها بالأمر اليسير؛ لأنه يحتاج إلى ما يدفعه مه ًرا لزوجته الجديدة ،وما يدفعه ثمنًا للدار التي سيسكنها. فجاء رسول الله 0مهن ًئا لعبد الرحمن بن عوف. فقال ل�ه :تزوجت يا عبد الرحمن بن عوف! وكأنه يس�أله n 111 عن صحة هذا الخبر.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فقال عبد الرحمن :نعم يا رسول الله تزوجت. فق�ال رس�ول الله :0وما دفعت مه� ًرا لزوجتك، قال وزن نواة من ذهب يا رسول الله. فق�ال النبي له :اذبح ولو ش�اة للمس�لمين ،ب�ارك الله لك في مال�ك .وذب�ح عب�د الرحمن هذه الش�اة ،واس�تجيبت دعوة النب�ي ،0وب�ارك الله في مال عبد الرحم�ن فصار واح ًدا من أغنى أغنياء المدينة .I ليجم�ع عب�د الرحمن بين العل�م ،والجه�اد ،والغني وهو ما لم يجتمع إلا لقليل من الصحابة وقتها. وي�وم بدر خرج عب�د الرحمن في جيش الإيامن مجاه ًدا في س�بيل الله يرجو إما النصر أو الش�هادة ،وتجل�ت بطولته ،وهو يقطع رق�اب المشركين بس�يفه ،حتى ص�دق الله وعده ،ونصر المسلمين من جنده. 112 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وبج�وار طلح�ة والزبير يوم ُأح�د كان عب�د الرحمن أحد المدافعين عن رسول الله .0 وأح�د الذي�ن ثبتوا في ه�ذه المعركة التي أوش�ك رس�ول الله فيه�ا أن يقتل�ه المشركون ،حتى وجدوا في جس�ده أكثر من عشرين طعنة رمح ،أو ضربة سيف ،حتى أصابه عرج في قدمه .I وش�هد عب�د الرحم�ن الغ�زوات والمع�ارك كله�ا م�ع رس�ول الله ،0فل�م يش�غله مال�ه ،ولم تله�ه تجارته عن الجهاد ،أو العلم ،بل كان المال عو ًنا له على الطاعة ،والجهاد. وإذا كان عثامن Iق�د تربع بامل وفير حت�ى قال رسول الله :0اللهم عثمان رضيت عنه فارض عنه. فق�د دفع عب�د الرحمن نصف ماله لرس�ول الله 0 لكي يجهز به جي ًشا خرج لقتال المشركين. فدع�ا ل�ه رس�ول الله 0قائًل�اً :ب�ارك الله لك فيما أعطيت ،وبارك لك فيما أمسكتn . 113
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ويظ�ل ي�وم «تب�وك» ه�و الأش�هر والأفض�ل في أي�ام عبد الرحمن بن عوف .I ففي ذلك اليوم أمر الله نبيه بالخروج إلى تبوك لغزو الروم في بلادهم. ولم تكن الثمار قد نضجت بعد على الشجر ليبيعها المسلمون ويتبرعوا بثمنها ،وكان الجميع يشتكي الفقر وقتها ،ولكن أمر الله تعالى يجب أن يطاع. فج�اء أبو بكر بمال�ه كله ،وجاء عمر بنص�ف ماله ،وأنفق عثمان ما استطاع من ماله. ولكن هذا كله لم يكف لتجهيز جيش العسرة الذي سيقاتل الروم. فج�اء عبد الرحمن بن ع�وف يحمل في صرة له مائتي أوقية م�ن ذه�ب ،ووضعه�ا في حج�ر رس�ول الله ،0حتى تعجب الصحابة جمي ًعا ،وظن عمر بن الخطاب أن عبد الرحمن قد أذنب ذن ًبا ويريد التوبة منه فدفع هذا المالn. 114
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ولكن الله تعالى يظهر براءة عبد الرحمن ،ونقاء قلبه فيقول ل�ه « :0م��اذا أبقيت لأهلك يا عب��د الرحمن؟» قال: كثي ًرا يا رسول الله ،أكثر مما أنفقت ،فقال النبي« :وكم أبقيت لهم» ،فقال :أبقيت لهم الله ورسوله. ومضى جي�ش المس�لمين إلى تب�وك ،وأقيم�ت الصلاة، ورسول الله وقتها غائب. فق�د كان يتطه�ر ،فتق�دم عب�د الرحم�ن بن ع�وف ليصلي بالمس�لمين ،وج�اء رس�ول الله ،0فصلى خل�ف عبد الرحمن ،وبعد أن انتهى من صلاته قال :أحسنتم ،وما توفى الله نب ًيا حتى يصلي وراء رجل صالح من أمته. فنع�م الرج�ل الصال�ح عب�د الرحمن بن ع�وف ،I يتص�دق بمال�ه ،ويجاه�د بس�يفه ،ويصيل خلف�ه رس�ول الله 0الذي جعله الله إما ًما للعالمين. n 115
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M زهده وورعه ت�وفي النب�ي 0وبقي�ت دعوت�ه لعب�د الرحم�ن: بارك الله لك في مالك. فلا ي�زال عبد الرحمن يربح الربح الوفير في تجارته ،حتى ص�ار م�ا في بيته من ا لمال أكثر مما في بيت مال المس�لمين جمي ًعا، ولكن�ه مال الرج�ل الصالح ال�ذي يتصدق به على المس�لمين، ويتقرب به إلى الله تعالى. قال رس�ول الله لزوجاته أمهات المؤمنين قبل موته« :لن يحنو عليكن بعدي إلا الصالحون» فكان من هؤلاء الصالحين «عبد الرحمن بن عوف». فقد باع أر ًضا له ثمنها أربعون ألف دينار. فقسم المال في بني زهرة -وهم قومه -ثم بعث إلى أمهات المؤمنين بامل وفير ،وف�ا ًء لرس�ول الله ،0فدعت له أم المؤمنين عائش�ة فقالت :س�قى الله ابن عوف من سلس�بيل 116 n الجنة.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M لم يكن مال عبد الرحمن ميرا ًثا من أحد ،لكنه كان يكس�به بعرقه وكده في التجارة ،وكان هدفه واح ًدا دائماً :المال ُيكتسب من أجل أن ينفق في سبيل الله. ويو ًما من الأيام قامت المدينة كلها على صوت قوي ،فظن الجمي�ع أن الأع�داء قد أغاروا على المدينة ،ولك�ن الحقيقة أن قافل�ة تجارية لعبد الرحمن بن عوف قوامها س�بعمائة بعير محملة بكل شيء من الخيرات فاهتزت المدينة لذلك. وهن�ا قال�ت عائش�ة :Jس�معت رس�ول الله 0يق�ول« :ق��د رأيت عب��د الرحمن بن ع��وف يدخل الجنة حبًوا»(((. ولأن عائش�ة هي الصادقة الت�ي لا تكذب ،وكانت أحب الن�اس إلى رس�ول الله ،0فق�د س�ارع عب�د الرحم�ن ليتصدق بهذه القافلة وهو يقول: n 117 ( )1زح ًفا.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M إني أش�هدك أن هذه القافلة بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله.D على قدر ه�ذا الث�راء لم يكن عب�د الرحمن بن ع�وف يهتم بالدنيا ،وزينتها ،بل كل ماله لله Dلا يبقي منه شي ًئا لنفسه، ونال بذلك احترام الصحابة جمي ًعا كأبي بكر ،وعمر الذي جعله أحد المرشحين للخلافة بعد موته. ولكن عبد الرحمن كان زاه ًدا في الخلافة فخلع نفسه منها، ثم كان هو القائم بمش�ورة المسلمين حتى صار عثمان بن عفان خليفة للمسلمين. وذات يوم كان عبد الرحمن صائماً ،فجاءوا له بالطعام وفيه خبز ولحم ،فنظر إلى الطعام وهو يقول: م�ات رس�ول الله 0ولم يش�بع هو وأه�ل بيته من خبز الش�عير ،وقتل مصعب بن عمير وهو خير مني ،فكفن في بردة((( إن غطي رأسه بدت((( رجلاه ،وإن غطي رجلاه بدت ( )2ظهرتn. ( )1غطاء. 118
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M رأس�ه ،وقتل حمزة وهو خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة ،وإني أخشى أن يكون الله قد عجل لنا بحسناتنا. ث�م بكى عب�د الرحمن ،وت�رك الطع�ام ،ولم يأكل�ه بعد أن أخذه الش�وق للقاء الله ،ورس�وله ،وأصحابه الذين سبقوه إلى الفردوس الأعلى. ولم يطل الشوق به إلى الله ورسوله. فف�ي ي�وم م�ن أيام الع�ام الث�اني والثلاثين للهج�رة رقد عبد الرحمن في فراشه ينتظر قدوم رسل الله ليتو َّفو ُه ،حتى يدفن بجوار أصحابه الذين سبقوه إلى الجنة ،وأحس عبد الرحمن بأن الجنة قد تزينت له. وسمع بشارة ملائكة الرحمن له برضوان الله تعالى ،فأسلم الروح لله ،فج�اء الصحابة يحملونه إلى قبره ،ويودعونه بدموع عيونهم ،وحزن قلوبهم. وأراح الله عب�د الرحم�ن م�ن الفتن�ة فلم يش�هدها ،فأدرك صفو الدنيا ،ولحق بركب الصالحين في الآخرة. n 119
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M سعد بن أبي وقاص I س��عد بن أبي وقاص :هو مال�ك بن وهيب بن عبد مناف اب�ن زهرة ب�ن كلاب الزهرى ،أح�د العشرة المبشري�ن بالجنة، وأول من رمى بس�هم في س�بيل الله ،ش�هد الغ�زوات كلها مع رسول الله .0 إسلام سعد بن أبي وقاص عاش سعد بن أبي وقاص بن وهيب بن عبد مناف في بني زهرة أخوال رسول الله.0 وكان وهي�ب ج�د س�عد ،ه�و ع�م آمن�ة بنت وه�ب ،أم النب�ي ،Oف�كان الن�اس يعرفون س�ع ًدا بأنه خال رس�ول الله ،0وحينام رآه رس�ول الله0فخ�ر ب�ه لش�جاعته ،وقوته ،وص�دق إيمانه ،فقال :ه�ذا خالي فليرني امرؤ خاله. 120 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وقد كان إسلامه مبك� ًرا ،فقد كان يعرف النبي0 جي ًدا ،ويعرف صدقه وأمانته. وكثي ًرا ما التقاه قبل البعث�ة ،وعرف عنه النبي حبه للقتال وشجاعته. وكان سعد مغر ًما بالرماية ،فكان يدرب نفسه على الرماية بالس�هام ،ف�كان إسلام «س�عد بن أبي وقاص» س�هلاً يسي ًرا ولم يكن صع ًبا ،بل إنه أسرع للإسلام فكان ثالث ثلاثة أسلموا، وكان يقول: لقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام. ولم تختلف الحال كثي ًرا مع سعد ،فحينما علمت أمه «حمنة» بإسلامه غضبت غض ًبا شدي ًدا. وقالت له :يا س�عد ،أتترك دين�ك ودين آبائك ،وتتبع دينًا جدي� ًدا؟ والله لا أذوق طعا ًم�ا ولا شرا ًب�ا حتى تع�ود عن هذا الدين .فقال سعد :والله لا أدع ديني ولا أفارقه. n 121
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وصمم�ت الأم على موقفها ،وه�ي أن س�ع ًدا يحبها وأنه سيرق قلبه إذا رآها ضعيفة الجس�د معتلة الصحة ،ومضت في طريقها. ولكن سع ًدا أح ّب الله ورسوله فقال لأمه: والله ي�ا أماه لو أن لك س�بعين نف ًس�ا خرجت نف ًس�ا وراء نفس ما تركت ديني أب ًدا ،وأيقنت الأم بأن ولدها قد تغير ولن يعود لسابق عهده أب ًدا ،فأكلت حزينة غاضبة. ويجعل الله تعالى س�ع ًدا آية من آيات القرآن فأنزل سبحانه قوله تع�الى[ :ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮐﮑﮒ ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ] [.]15 :x وأم�ا أن�ه أول م�ن رم�ى بس�هم في س�بيل الله ،فق�د كان المسلمون في مكة يصلون في شعاب((( مكة س ًّرا ،فرآهم بعض المشركين فقاتلوهم ،فقام س�عد ب�ن أبي وقاص فقاتلهم ورمى أحدهم فسال دمه ،فكان أول دم أريق في الإسلام. ( )1شعاب :جمع شعب ،وهو الطريق الضيق الذي يمكن للإنسان الا َختباء 122 n فيه.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ودخل سعد مع رسول الله 0في شعب أبي طالب ليتحمل الجوع معه ثلاثة أعوام كاملة. فأكل ورق الش�جر حتى أذن الله لهذه المحنة أن تنجلي ،ثم هاجر سعد Iإلى المدينة مع من هاجر في سبيل الله. جهاد سعد بن أبي وقاص هاج�ر «عمير بن أبي وق�اص» مع أخيه س�عد إلى المدينة، ودعا داعي الجهاد :حي على الجهاد. فخ�رج س�عد حاملاً س�يفه ورمح�ه وكان س�عد وقتها قد تعدى العشرين من عمره. أما عمير فكان صغي ًرا لم يتجاوز الثالث�ة أو الرابعة عشرة م�ن عمره ،وم�ن عادة رس�ول الله 0أن يرى جيش�ه، فيرد الصغار الذين لا طاقة لهم على القتال ولا قوة. ورأى رس�ول الله 0عمي ًرا وه�و يتخف�ى حت�ى لا يرده النبي ،ولا يقاتل مع المسلمين ،ولكن النبي 0رآه n 123
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ف�رده ،فبكى عمير حتى رق النبي ل�ه وأخرجه مع جيش بدر، وبجوار سعد وقف عمير يجاهد في سبيل الله. وانجلى الغبار عن أربعة عشر ش�هي ًدا من المس�لمين ،كان أصغرهم عمير بن أبي وقاص. وع�اد س�عد يحمل النصر في ي�د ،والبكاء على أخيه في يد أخرى. ومضت حياة الجهاد سريعة تن ُق ُل المس�لمين من معركة إلى أخرى. فجاءت «أح�د» وعصى رماة نبينا 0قوله وتركوا أماكنه�م ،وهجم المشركون على جيش المس�لمين حتى وصلوا إلى رس�ول الله الذي لم يثبت بج�واره إلا نفر قليل من أصحابه منهم سعد بن أبي وقاص ،Iورآه النبي 0فقال له :ارددهم ،أي :صد المشركين. 124 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فقال س�عد :وكي�ف أفعل ذلك وحدي؟ ثم أخرج س�هماً م�ن كنانته((( ،ورمى ب�ه رجلاً من المشركين فقتله ،فأخذ نفس السهم فقتل به آخر من المشركين. وهك�ذا قتل هذا الس�هم عد ًدا كبي ًرا م�ن المشركين ،فأخذ سعد هذا السهم. وقال :هذا سهم مبارك ،وكان لا يخوض معركة إلا ومعه هذا السهم حتى مات . I وفي هذا اليوم الحزين جاءت «أم أيمن» تسقي الجرحى في ساحة المعركة ،فضربها كافر بسهم فوقعت وتكشفت عورتها، فضحك منها الكافر ،فأخذ رس�ول الله 0س�هماً وقال لسعد :ارم فداك أبي وأمي. وهك�ذا جمع رس�ول الله 0لس�عد بين أبي�ه وأمه، ولم يكن هذا لأحد س�وى س�عد ،Iفلما رمى س�عد هذا ( )1الكنانة :جعبة السهام. n 125
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M الس�هم أصاب به الكاف�ر في رقبته فمات ،فضحك رس�ول الله .0 وقال :استقاد((( لها سعد ،أجاب الله دعوته. وصار سلاح سعد في كل معاركه «سهم مبارك»« ،ودعاء متقبل» ،ولازال سعد يذكر قول الرسول 0له« :أطب مطعمك يا سعد تكن مجاب الدعوة». ويذك�ر تلك الدع�وة الأخرى :اللهم س�دد رميته وأجب دعوت�ه .واس�تجاب الله لدع�اء نبي�ه 0فص�ار س�عد Iصاحب رمية سديدة ،ودعاء مقبول. سعد ومعركة القادسية أما الرمية السديدة ،والسهم الصائب فقد ظهر واض ًحا في معارك الإسلام التي خاضها سعد ضد جحافل المشركين قائ ًدا للمسلمين في فتوحات فارس ينشر الإسلام في ربوعها. ( )1اقتص وأخذ بالثأرn . 126
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M قبل المعركة الشهيرة في بلاد فارس وهي «القادسية» ،كان الفرس قد جمعوا للمسلمين جمو ًعا كثيرة. وأراد عم�ر ب�ن الخط�اب أمير المؤمنين في ذل�ك الوقت الخروج بنفس�ه للق�اء الفرس ،وقيادة جيش المس�لمين ،ولكن علي بن أبي طالب Iأقنعه بالعدول عن هذه الفكرة. ولم يك�ن لمثل هذه المهمة الصعب�ة إلا رجل قوي في إيمانه، وجسده ،وهنا قال عبد الرحمن بن عوف لعمر :إليك الأسد في براثنه((( .سعد بن أبي وقاص. ونظر عمر فرأى س�ع ًدا هو الأس�د الذي ت�وكل إليه هذه المهمة الشاقة ،فعينه على جيشه وقال له :يا سعد لا يغرنك من الله أن قيل :خال رس�ول الله ،0وصاحب رسول الله، ف�إن الله Dلا يمح�و الَس�يَ ِء بالسيَّ ِ ء ،ولكنه يمحو الس�يئة بالحس�نة ،ي�ا س�عد ...إن الله لي�س بين�ه وبين أحد نس�ب إلا الطاعة... ( )1براثن :جمع برثن وهي المخالب ،والمقصود أن لسعد مخالب ينتصر بها كما ينتصر الأسد بمخالبهn . 127
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وخرج سعد بن أبي وقاص أس ًدا لله ورسوله يقود المسلمين في معركة فاصلة في القادسية. وهناك أطفأ الله بس�عد نار المج�وس ،وطهر أرض فارس من النَّجس ،واتخذ من معابد النار مساج َد ُيعبد فيها الله ،D وس�قطت «المدائن» عاصمة الفرس في يد المس�لمين ،وأعز الله جنده. ورغم أن س�ع ًدا كان يعاني م�ن الآلام وقتها إلا أنه تحامل على نفس�ه ،وقاد المسلمين إلى نصر الله الموعود ،وهم يرددون: حسبنا الله ونعم الوكيل. وس�ار س�عد والمس�لمون على مي�اه ِد ْج َلة حت�ى عبروا إلى المشركين ،وقضوا على الفرس تما ًما ،وقائدهم صاحب الس�هم الصائب والرمية السديدة. سعد و دعاوه المستجاب أما الدعاء المس�تجاب ،فكان سلا ًحا ثان ًيا يستخدمه سعد 128 n ضد أعداء الله.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فقد كانت أبواب السامء مفتوحة لدعاء س�عد ،يستجيب الله له متى دعاه ورجاه. لق�د كان لس�عد صبي�ة صغار وكان س�نه كبي ًرا ،إذ تأخر إنجابه للولد فترة من الوقت ،ومرض سعد ،حتى أوشك على الوفاة ولكنه دعا الله. فق�ال :ي�ا رب إن لي بنين صغا ًرا ،فأخ�ر عني الموت حتى يبلغ�وا ،فأخ�ر الله تعالى س�ع ًدا عشرين عا ًما أخ�رى حتى كبر أولاده. ويو ًم�ا من الأيام خ�اض((( أحد الن�اس في علي،I وطلحة والزبير ،فنهاه س�عد عن ذلك ،فلم ينته الرجل ،وكرر ما قال. فقام س�عد :انته وإلا دعوت عليك .فقال الرجل ساخ ًرا: كأنك نبي ستستجاب دعوتك؟. n 129 ( )1قال قولاً سي ًئا.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فقال سعد ،Iفتوضأ ،وصلى ركعتين ،ودعا على هذا الرجل ،وما هي إلا لحظات حتى كان الرجل عبرة وآية تش�هد لس�عد بأن الله قد قب�ل دعوته ،لقد خرجت ناقة قوية ،ش�اردة كأنها تبحث عن الرجل الذي دعا عليه س�عد ،فلما رأته ضربته بأقدامها حتى أسقطته أر ًضا ،ولا زالت تضربه حتى مات غير مأسوف عليه. زهد وورع سعد ولم يب�ق من خير الدنيا كثير بعد وفاة الرس�ول 0 وأبي بك�ر ،وعم�ر ،وعثامن ،وعيل فبق�ي المس�لمون يقاتلون بعضهم البعض. واعتزل سعد الفتنة فلم يقاتل مع علي أو معاوية ،وآثر((( البقاء في المدينة بعي ًدا عن هذه الفتنة ،وبقي وال ًيا عليها. 130 n ( )1ف ّضل.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وجاء يوم�ه الذي مات فيه ،فق�ال لأولاده :إن لي ُج َّبة((( م�ن صوف ،لقيت بها المشركين في ب�در ،وإني أريد أن ألقى الله فيها ،فكفنوني بها إذا مت. وفي صبيحة يوم من أيام العام الخامس والخمسين للهجرة، نعى المس�لمون س�ع ًدا ،ودفنوه في قبره بالبقي�ع بجوار صحابة النب�ي ،0فصلت علي�ه أمهات المؤمنين ،وبكينه بكا ًء شدي ًدا ،فمات صاحب الرمية السديدة ،والدعوة المجابة. ف�إلى جن�ات الله ،ورضوان�ه ،ومغفرت�ه ،وبقي�ت كلم�ة رسول الله« :0ارم سعد فداك أبي وأمي». sss n 131 ( )1ثوب من صوف.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M سعيد بن زيد I ه��و :س�عيد ب�ن زيد ب�ن عمرو ب�ن ُنفي�ل الع�دوي ،أحد العرشة المبشرين بالجن�ة ،حضر الغزوات كلها مع رس�ول الله 0إلا غزوة بدر. أمه :فاطمة بنت بعجة بن أمية. إسلام سعيد بن زيد كان إسلام س�عيد ب�ن زي�د قديًم�اً ومبك� ًرا قب�ل دخ�ول رسول الله 0دار الأرقم بن أبي الأرقم. وظل س�عيد يخفي إيمانه وهو صابر على أذى قومه ،حتى لا يطرد من مكة كما ُطرد أبوه من ذي قبل ،وعلم عمر بإسلامه فأراد أن يقتله ،وضربه حتى أدمى وجهه. ولكن كان صبر س�عيد على عمر من أس�باب إسلام عمر Iكما ذكرناه في قصة إسلام عمر. 132 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M جهاد سعيد بن زيد وهاج�ر س�عيد إلى المدين�ة مع زوجت�ه فاطم�ة ،وقبل بدر اخت�اره رس�ول الله 0ليذهب مع طلحة ب�ن عبيد الله ليعرف عدد المشركين ،ويس�تطلع تحركاتهم ،فغاب س�عيد عن «ب�در» ولكن رس�ول الله 0أعطاه م�ن غنائمها فكان كمن حضرها وشهدها. ثم شهد سعيد المشاهد كلها مع رسول الله 0يقاتل بسيفه ،ويؤمن بقلبه حتى كان مع رسول الله ذات يوم على جبل حراء ومعه بعض المسلمين من الصحابة ،فاهتز جبل حراء. فق�ال النب�ي :0اثبت ح�راء -أي اس�كن -فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد. ولم�ا س�أل الناس س�عي ًدا م�ن كان مع�ك قال :أب�و بكر، وعم�ر ،وعثامن ،وعيل ،والزبير ،وطلحة ،وعب�د الرحمن بن عوف ،وس�عد بن مالك ،وقال عنه النبي :0سعيد بن n 133 زيد في الجنة.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فكان س�عيد واح ًدا من العرشة المبشرين بالجنة ،I وظ�ل على عهده مع رس�ول الله 0يقات�ل المشركين في بلاد «ف�ارس» حتى أطفأ الله به وبأصحابه نار المجوس ،وآمن أهل فارس بالله تعالى. ولم�ا انتهت الفت�وح في بلاد فارس ،لم يهدأ س�عيد بل حمل سيفه ومتاعه إلى ناحية أخرى من البلاد التي غزاها المسلمون، وكانت هذه المرة هي بلاد الشام ،حيث كانت المعركة الفاصلة بين المسلمين والروم ،وهي معركة «اليرموك». وكان انتص�ار الروم في هذه المعركة قري ًبا ج ًدا منهم لكثرة عددهم وعدتهم ،وقلة عدد المسلمين. أما هزيمة الروم فكات تعني سقوط الشام كاملة في أيدي المسلمين ،فاستعد الفريقان جي ًدا لهذه المعركة. وج�اء جيش ال�روم تع�داده مائة وعرشون أل ًف�ا ،وعدد المسلمين أربعة وعشرون أل ًفا ،وتراءى الجيشان. 134 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وج�اء الرهب�ان والقساوس�ة يحمل�ون صلبانه�م ويعلون أصواتهم بالصلوات ،فدب الرعب في قلوب المس�لمين ،حينما ردد جيش الروم هذه الصلوات. فكان صوتهم كالجبال حين تتحرك من مكانها ،وقام قائد المسلمين أبو عبيدة بن الجراح يخطب في المسلمين. ي��ا عب��اد الله :انرصوا الله ينصرك�م ويثب�ت أقدامك�م، اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر ،ومرضاة للرب ..والزموا الصم�ت حت�ى آمركم ،واذك�روا الله ،Dومن بين صفوف المسلمين خرج رجل فقال لأبي عبيدة: ي�ا أب�ا عبيدة إني ذاهب للش�هادة الآن ،وخ�ارج لمقاتلة هؤلاء ،فهل لك من رسالة تبعثها إلى رسول الله0؟. فقال أبو عبيدة ،نعم ،أقرئه منا السلام ،وقل له :إنا وجدنا ما وعدنا ربنا ح ًقا. وهنا يقول س�عيد بن زي�د :Iفلما رأيت هذا الرجل قد ركب جواده ،وس�ل س�يفه ،ومضى إلى أعداء الله يقاتلهمn، 135
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M حت�ى أس�ندت ركبتي إلى الأرض ،ورمي�ت بِ ُرمحِْ ي أول فارس م�ن ال�روم ،ثم ن�زع الله ما في قلب�ي من الخ�وف ،ودخلت بين صفوف الأعداء ،أقاتلهم حتى نصرنا الله تعالى. وكان أبو عبيدة يعلم جي ًدا صدق إيمان سعيد. فأس�ند إليه فتح «دمش�ق» ث�م جعله وال ًي�ا عليها ،ومضى الجميع إلى الله ،وبقي سعيد بن زيد حتى عصر بني أمية. تقواه وزهده وورعه في عهد الدولة الأموية عاش س�عيد بن زيد يبكي صحابة رس�ول الله 0الذين ماتوا قبله ،وبقي هو يش�هد الفتنة ودخ�ول الدنيا بزينتها على المس�لمين ،ففضل العودة إلى المدينة والإقام�ة بها ،وكان واليها في ذلك الوقت مروان بن الحكم بن العاص. وخرجت امرأة تسمى «أروى بنت أويس». فقالت :إن س�عي ًدا سرق م�ن أرضي ،وأدخلها في أرضه، وشق ذلك على سعيد بن زيد صحابي رسول الله وأحد العشرة 136 n المبشرين بالجنة.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فق�ال :اللهم إن كانت كاذب�ة ،فأذهب بصرها ،واقتلها في أرضها. ون�زل المطر من السامء حتى بين الحد ال�ذي زعمت المرأة أن س�عي ًدا قد جاوزه ،ثم عمي بصره�ا ،وما هي إلا أيام حتى وقعت في حفرة من أرضها فماتت فيها. واستجاب الله لسعيد بن زيد المظلوم ،والمدعي عليه كذ ًبا وبهتا ًنا. وذات صب�اح ،ف�زع أهل المدينة على ص�وت الناعي ينعي «س�عيد ب�ن زي�د» ،Iوكان ذل�ك في خلاف�ة معاوية بن أبي سفيان في العام الخمسين للهجرة. ودفن�ه س�عد بن أبي وقاص ،وعب�د الله بن عمر ،L فسلام عليه في الآخرين. sss n 137
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح I ه��و :عام�ر ب�ن عب�د الله ب�ن الج�راح الق�رشي الفه�ري، أب�و ُعبيدة بن الجراح ،هاجر إلى الحبش�ة الهج�رة الثانية ،حضر الغ�زوات كله�ا مع رس�ول الله ،0وهو أح�د العشرة المبشرين بالجنة ،وهو أمين هذه الأمة. إسلام أبي ُعبيدة أس�لم أبو عبي�دة في اليوم التالي لإسلام أبي بكر الصديق .I ف�كان واح� ًدا ممن هداهم الله إلى الإسلام على يد أبي بكر .I وكبقية إخوانه ممن أسلموا تحمل أبو عبيدة العذاب في مكة صاب� ًرا راض ًيا لا يصده الأذى عن دين الله ،بل يزيده التعذيب إيما ًنا بالله ،واتبا ًعا لرسول الله .0 138 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وكان أحد المهاجرين إلى الحبش�ة في الهجرة الثانية ،ولكنه لم يج�د هن�اك ما يرج�وه ،فلئن عاش آمنً�ا بدين�ه ،إلا أنه عاش محرو ًم�ا من رؤية نبي�ه ،0فلملم متاعه القليل وعاد إلى مكة يقاس�م إخوانه أيام العذاب في مك�ة ،وكأن العذاب صار بر ًدا وسلا ًما عليهم جمي ًعا. ون�زل وح�ي الله آم� ًرا نبي�ه بالهجرة م�ن مك�ة إلى المدينة، ففارق أبو عبيدة وطنه ودياره ،وفر بدينه ،ليلحق بفئة المؤمنين في المدينة ويسكن الإيمان المدينة ،ويسكن المؤمنون المدينة حتى كانت المدينة دار الإيمان والمؤمنين سو ًيا. شجاعة أبي عبيدة وولاؤه للإسلام كان سيف أبي عبيدة بن الجراح نعم السيف للرجل المؤمن الذي لا يرفعه إلا في وجه الكفار حين يأبون إلا الكفر والفسوق والعصيان ،ولكن سيف أبي عبيدة من طراز خاص. فقد كان الجميع في شبه الجزيرة العربية يخشون بطش هذا الس�يف وقوته ،فكانوا يبتعدون عنه خش�ية الموت تحت حده، n 139
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ولم يتص�ور أح�د من الن�اس يو ًما أن س�يف أبي عبيدة س�وف يحصد رقبة أبيه ،نعم لقد قتل أبو عبيدة والده ولكن كيف؟. كان عب�د الله بن الجراح والد أبي عبيدة رجلاً كاف ًرا ،كثي ًرا ما عذب المس�لمين وآذاهم ،حتى هاجر أبو عبيدة والمس�لمون إلى المدينة. وجاءت مكة برجالها تريد حرب الإسلام فكان اللقاء في «بدر» ،وفي معسكر المسلمين وقف أبو عبيدة بن الجراح خلف راية «لا إله إلا الله». أما عبد الله فقد وقف في معسكر الشرك تحت راية الأصنام والكف�ر ،وهاج�م عب�د الله جي�ش المس�لمين برضاوة ،وكان أبو عبيدة يرى أباه ،فيختبىء منه ويتوارى ،ولكن يعود الرجل للهج�وم مرة أخرى ،وكلما حاول أبو عبي�دة أن يبتعد عن أبيه تعرض له والده ،وأراد قتله ،وقتل رجالاً من المسلمين. وهن�ا تداخلت الأفكار في قلب أبي عبيدة ،من ينصر؟ الله 140 n أم أبوه؟.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وجاء الجواب س��ري ًعا :الله ،فضرب أبو عبيدة والده فقتله وهو الكافر المشرك الذي انتهى نسبه بولده يوم أن اختار ولده الإيمان ورفضه هو. ويظل أبو عبيدة حزينًا حتى أنزل الله تعالى[ :ﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮄ ﮅﮆﮇﮈ] [.]22:q وفي « ُأح�د» كان المشرك�ون ق�د أحاط�وا برس�ول الله 0يري�دون قتله والخلاص منه ،وأصيب رس�ول الله 0بعد انكش�اف المس�لمين وتفرقهم ،وكسرت رباعية رسول الله ،وشجت رأسه. واقرتب أح�د المشركين واس�مه «اب�ن قمئ�ة» فرضب رس�ول الله 0بس�يفه ،ودخل�ت حلقت�ان م�ن درع n 141 الرسول في وجنتيه.
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M واقرتب أب�و بكر ،وأب�و عبي�دة ،وأراد أبو بك�ر أن ينتزع الحلقتين م�ن وجنتي رس�ول الله ،0ولك�ن أبا عبيدة أراد أن تكون له مكرمة مع رسول الله فقال: أقسم بالله عليك أن تترك هذا الأمر لي. وبثنيتي�ه ،انتزع أبو عبيدة الحلقتين من وجنتي رس�ول الله ،0فوقعت ثنيت�اه فأصابه الهتم حتى صار كما قال عنه أبو بكر :Iكان أبو عبيدة أحسن الناس هتماً . أبو ُعبيدة أمين هذه الأمة كان رس�ول الله 0يحُ ب أبا عبيدة ح ًبا شدي ًدا حتى قال« :إن لكل أمة أميًنا وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح». وجاء وفد من اليمن ،فس�ألوا رسول الله 0رجلاً يك�ون معه�م يعلمهم القرآن والس�نة فبعث معه�م أبا عبيدة، وأخذ بيده وهو يقول :هذا أمين هذه الأمة. وفي واحدة من روائع القصص عن أبي عبيدةn. 142
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M ر ُوي أن رس�ول الله 0بعث�ه قب�ل صل�ح الحديبية ليعترض عِي�رِ ً ا((( لقريش وكان أمير المس�لمين أبا عبيدة ومعه ثلاثمائة من الصحابة. وأثناء الغزوة أصابهم جوع ش�ديد ،حتى أكلوا((( الخبط، فسمي الجيش :جيش الخبط ،ولم يبق للجيش سوى التمر الذي كان معهم يأكلونه ،ف�كان أبو عبيدة يعطي الرجل تمرة واحدة كل يوم يمصها الرجل ثم يشرب بعدها الماء فتكفيه إلى الليل. ويم�ن الله على المس�لمين ،وإذا هم في س�اعة جوع ش�ديد يق�ذف البح�ر عليه�م حيوا ًنا اس�مه «العنرب» وهو م�ن أنواع الحيتان ،يستخرج منه العنبر. فأخ�ذه المس�لمون وانتفع�وا بلحم�ه ،ودهنوا أجس�امهم بزيت�ه ،فطعموا وش�بعوا بعد الجوع ،ولما عادوا إلى رس�ول الله 0ذكروا له قصة هذا العنبر. ( )1قافلة. ( )2الخبط :هو ورق الشجر الذي يسقط حينما يهز الإنسان الشجرةn. 143
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فق�ال لهم :هو رزق أخرج�ه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء؟. فأخرج أبو عبيدة لحم العنبر وأطعم رسول الله 0 وصحابت�ه ،فأكلوا من�ه ،وهكذا أطعم الجوع�ى من أصحاب سرية «الخبط» أهل المدينة من رزق الله.D جهاد أبي عبيدة ووفاته وبعد وفاة النبي 0كان س�يف أبي عبيدة في خدمة الإسلام ،فكان قائ ًدا لجيش المس�لمين في فتوحات الش�ام ،بل كان هو قائد جيش «اليرموك» الذي قضى على وجود الروم في الش�ام ورد بيت المقدس إلى ُملك المس�لمين،وولاه عمر حكم الشام فكان وال ًيا عليها. وأراد عمر أن يختبر واليه أمين الأمة وصحابي رسول الله، فذه�ب عمر إلى الش�ام ،وخرج الجميع يتلق�اه ،ولم يكن معهم أبو عبيدة بن الجراح. 144 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فقال عمر :أين أخي؟ فقالوا :من أخوك يا أمير المؤمنين؟. قال :أبو عبيدة بن الجراح .فقالوا :يأتيك الآن. وجاء أبوعبيدة فتعان�ق مع عمر ،Iوذهب عمر إلى دار أبي عبي�دة فنظ�ر فيه�ا ،فلم يجد س�وى الس�يف ،والترس، وسرج الدابة. فقال عمر :ألا اتخذت ما اتخذ أصحابك؟ يقصد بذلك أن يجهز بيته بالمتاع. فقال أبو عبيدة :هذا يبلغني المقيل. فعلم عمر صدق أخيه أبي عبيدة ،أنه مجاهد لا يحتاج إلا إلى الس�يف يضرب به العدو ،والرتس يصد به ،والفرس يركبها، ولا شيء آخر لأنه يريد الشهادة. وكان أب�و عبي�دة يق�ول للن�اس :ما م�ن الناس م�ن أحمر ولا أسود ،ولا حر ولا عبد ،عجمي ولا عربي ،أعلم أنه أفضل مني بتقوى إلا أحببت أن أكون معه. n 145
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M فهو يسير على ق�ول الح�ق [ :Dﮁ ﮂﮃﮄ ﮅ] [.]13 :Y وفي الش�ام كان�ت حي�اة أبي عبي�دة م�ن ي�وم فتحها حتى مات ،وفي أواخر حياة أبي عبيدة نزل بالمس�لمين طاعون شهير حصد أرواح عدد من الصحابة الكرام ،وهو طاعون ُس�مي بـ «طاعون عمواس». ولما وق�ع هذا الطاعون ،تحدث الن�اس أنه غضب من الله على المسمين ،فقام أبو عبيدة خطي ًبا في المسلمين فقال: أيه�ا الن�اس إن ه�ذا الوجع رحم� ُة ربكم ،ودع�وة نبيكم، وموت الصالحين من قبلكم ،وإن أبا عبيدة يس�أل الله أن يقسم له منه حظه. واس�تجاب الله لدع�اء أمين الأمة فما لب�ث إلا قليلاً حتى توف�اه رب�ه Dفي العام الثامن عشر للهج�رة في خلافة عمر ابن الخطاب. 146 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M وحينام حرضت الوف�اة عم�ر ق�ال لم�ن حول�ه :ل�و كان أبو عبيدة بن الجراح ح ًيا لا ستخلفته. sss n 147
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M معاذ بن جبل I ه��و :مع�اذ ب�ن جب�ل ب�ن عم�رو ب�ن أوس ،كان رس�ول الله 0يحب�ه كثي ًرا وكان يحمل�ه خلف�ه على دابت�ه في بعض الأحي�ان ،وحضر المعارك والغ�زوات كلها مع رسول الله.0 إسلام معاذ بن جبل أس�لم مع�اذ بن جب�ل وهو ابن ثامني عشرة س�نة ،لما رأى رس�ول الله 0وس�كن الإيمان والنور في قلبه حين جاء إلى رؤية رسول الله 0في المدينة. أعلم الأمة بالحلال والحرام معاذ بن جبل لق�د كانت حياة مع�اذ قصيرة للغاي�ة ،فلقد توفى I وعم�ره ثماني�ة وثلاثون عا ًم�ا فقط ،وإذا أردن�ا أن نحدد عمره 148 n
www.alukah.net ﺷﺒﻜﺔ M الإيمان َّي لوجدن�اه عشرين عا ًما فقط ،ورغم ذلك فإننا لو أردنا أن نملأ كت ًبا عن معاذ لفعلنا. لم يك�ن مع�اذ ليضيع لحظة واحدة من حيات�ه بجوار النبي ،0فالتزم�ه يحرض جلس�اته في المس�جد النبوي ،حتى اس�تطاع أن يحف�ظ القرآن على عهد النب�ي 0في وقت لم يكن حفظة القرآن إلا قليلاً من قليل. وكان معاذ إذا س�مع ش�ي ًئا من رسول الله 0وعاه وحفظ�ه حتى قال عنه النبي « :0أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل». وفي م�رة ق�ال ل�ه النب�ي « :0ي��ا مع��اذ والله إني أحب��ك فلا تن��س أن تقول ُدبر كل ص�ل�اة :اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك». وأي فخر ووسام أعظم من أن يقول النبي لأحد صحابته: إني أحب�ك والله ،لقد كان رس�ول الله 0يعلم الخير في n 149
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162