Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore قصص الصحابة

قصص الصحابة

Published by كتاب فلاش Flash Book, 2021-03-28 18:49:42

Description: قصص الصحابة

Search

Read the Text Version

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وذات ي�وم قام عمر من نومه ليروي للمس�لمين عن رؤيا‬ ‫رآها في نومه‪ ،‬فلقد رأى في نومه كأن دي ًكا نقره نقرتين‪ ،‬والديك‬ ‫عن�د الع�رب هو الأجنب�ي‪ ،‬فقال عم�ر‪ :‬يرزقني الله الش�هادة‪،‬‬ ‫ويقتلني أعجمي(((‪.‬‬ ‫استشهاد عمر‬ ‫ومرت الأيام والمس�لمون يرتقبون تحقق هذه الرؤيا‪ ،‬وهم‬ ‫يعلمون أن عمر صادق في كل ما يقول‪ ،‬لكنهم تمنوا أن يمد الله‬ ‫في عمره‪ ،‬ولوأخذ من أعمارهم‪ ،‬ولكن س�يف القدر أسرع من‬ ‫درع الحذر‪.‬‬ ‫كان في المدين�ة رجل يس�مى «فيروز»‪ ،‬وه�و من الأعاجم‬ ‫‪-‬أي ليس من العرب ‪ -‬بل كان فارس ًيا‪ ،‬وكان قد اشتكى لعمر‬ ‫من كثرة الضرائب‪.‬‬ ‫فسأله عمر‪ :‬ما عملك؟ قال‪ :‬نجار‪ ،‬حداد‪ ،‬نقاش‪.‬‬ ‫قال عمر‪ :‬فما ضريبتك؟ قال‪ :‬درهم واحد‪.‬‬ ‫(‪ )1‬الأعجمي‪ :‬هو من كان من غير العرب‪n.‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فقال عمر‪:‬أعمالك كثيرة وضريبتك قليلة‪.‬‬ ‫فقال عمر‪ :‬س�معت أنك تصن�ع رحى تدور بالرياح قال‪:‬‬ ‫نع�م س�أصنع لك رح�ى يتحدث بها م�ن بالمرشق والمغرب‪،‬‬ ‫فق�ال عمر‪ :‬ه�ددني العبد‪ ،‬وكان في نية عم�ر أن يخفف ضريبة‬ ‫الرجل‪.‬‬ ‫وخ�رج عم�ر يو ًم�ا لصلاة الصب�ح‪ ،‬وس�وى صف�وف‬ ‫المس�لمين‪ ،‬ودخ�ل في الصلاة‪ ،‬فخ�رج ه�ذا الكاف�ر الفارسي‬ ‫فطع�ن عم�ر ثلاث طعن�ات‪ ،‬كان�ت طعنة منهن تح�ت السرة‪،‬‬ ‫ولم يستطع عمر أن يكمل الصلاة‪.‬‬ ‫فصلى بالمس�لمين عبد الرحمن بن عوف ‪ ،I‬فلما أفاق‬ ‫عمر قال‪ :‬هل صلى المسلمون؟‪.‬‬ ‫قال�وا‪ :‬نع�م‪ ،‬ولم�ا عل�م أن قاتل�ه لي�س م�ن الع�رب ولا‬ ‫م�ن المس�لمين ق�ال‪ :‬الحم�د لله ال�ذي لم يجع�ل قاتيل يس�جد‬ ‫سجدة لله‪.‬‬ ‫‪n 51‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫ث�م توج�ه إلى الله تعالى يدعوه قائًل�اً ‪ :‬اللهم أتعبت نفسي‪،‬‬ ‫وحرم�ت أهلي‪ ،‬وإني أرج�و أن أخرج من الدنيا لا لي ولا عل ّي‪،‬‬ ‫لا أجر لي‪ ،‬ولا وزر علي‪.‬‬ ‫واش�تدت س�كرات الم�وت على الف�اروق‪ ،‬فبع�ث ولده‬ ‫يس�تأذن م�ن أم المؤمنين عائش�ة ك�ي يدفن بجوار رس�ول الله‬ ‫وأبي بكر الصديق ‪ L‬فأذنت له‪.‬‬ ‫وفاض�ت نفس الف�اروق‪ ،‬وصعدت روح�ه إلى الله تعالى‬ ‫وحمل�ه المس�لمون إلى قربه‪ ،‬فدفن بج�وار صاحبيه رس�ول الله‬ ‫‪ 0‬وأبي بكر‪ ،‬فلق�د جمعهما الموت بعد أن فرقهما‪ ،‬وبقي‬ ‫قول النبي ‪« :0‬إن الإس�ل�ام ليبكي على موت عمر بن‬ ‫الخطاب»‪.‬‬ ‫‪sss‬‬ ‫‪52 n‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫عثمان بن عفان ‪I‬‬ ‫عثم��ان بن عف��ان‪ :‬هو عثمان بن عفان ب�ن أبي العاص بن‬ ‫أمية بن عبد شمس الأموي‪.‬‬ ‫أم��ه‪ :‬أروي بنت كريز بن ربيعة أس�لمت م�ع ابنها عثمان‬ ‫‪.I‬‬ ‫زوج�ه رس�ول الله ‪ 0‬أم كلث�وم بع�د وف�اة رقي�ة‬ ‫وقال‪« :‬لو كانت عندي ثالثة لزوجتها عثمان»‪.‬‬ ‫وس�مى ذا النوري�ن؛ لأن�ه ت�زوج بنت�ي رس�ول الله‬ ‫‪.0‬‬ ‫إسلام عثمان ‪I‬‬ ‫لم يك�ن عثمان ب�ن عفان يعل�م أن الله قد بعث رس�ول الله‬ ‫‪ 0‬إلى الن�اس جمي ًع�ا‪ ،‬وكان قليل م�ن الناس هم الذين‬ ‫عرفوا ببعثته ورسالته ومنهم أبو بكر الصديق‪.‬‬ ‫‪n 53‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫أم�ا عثامن بن عفان فقد دخ�ل يو ًما بيت�ه حزينًا حين علم‬ ‫بزواج رقية بنت رسول الله بعتبة بن أبي لهب‪ ،‬وكانت رقية ذات‬ ‫جمال‪ ،‬فجاءت خالة لعثمان اسمها «سعدي بنت كريز» وكانت‬ ‫كاهنة‪ ،‬فبشرته بأنه س�يتزوج منها‪ ،‬وأنه سيكون من أتباع النبي‬ ‫الذي يدعو إلى توحيد الله وترك عبادة الأصنام‪.‬‬ ‫ولما عاد عثمان من رحلة الش�ام ف ّكر فيما سمعه من خالته‪،‬‬ ‫وم�ا س�معه من الصوت ال�ذي ن�اداه في رحلت�ه‪ ،‬وتمنى عثمان‬ ‫لو قابل هذا النبي الجديد‪ ،‬ولكن من يدله عليه؟‪.‬‬ ‫وإذا بالله تعالى يجعل من أبي بكر الصديق طري ًقا لعثمان كي‬ ‫يصل إلى رسول الله‪ ،‬فدله عليه فذهب إلى بيت رسول الله فقال‬ ‫ل�ه النبي‪ :‬أجب يا عثامن داعي الله‪ ،‬فأجاب عثامن داعي الله‪،‬‬ ‫وأسلم ليكون هو الخامس أو السادس بين من أسلموا‪.‬‬ ‫كان عثامن بن عفان هو فتى قريش الأول‪ ،‬فلقد كان غن ًيا‬ ‫في ماله‪ ،‬كريم الأخلاق في نفسه‪ ،‬شريف النسب في قومه‪ ،‬حتى‬ ‫أن المرأة في قريش حين كانت تداعب طفلها تقول له‪:‬‬ ‫‪54 n‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫أح����ب����ك وال����رحم����ن‬ ‫ح���ب ق���ري���ش ع��ث��م��ان‬ ‫فلما علموا بإسلامه تحول الحب إلى كراهية ش�ديدة‪ ،‬لأن‬ ‫رجلاً في وزن عثمان وغناه وشرفه سيتس�بب إسلامه في إسلام‬ ‫عدد كبير من شباب مكة الذين يحبون عثمان ويتشبهون به‪.‬‬ ‫وكام أوذي كثير من الصحابة قام «الحكم بن أبي العاص»‬ ‫ع�م عثامن بن عف�ان‪ ،‬ف�كان يربط عثامن بالحب�ال ويمنع عنه‬ ‫الطعام‪ ،‬ويقول له‪ :‬ارجع إلى دين آبائك‪ ،‬فوالله لا أتركك حتى‬ ‫تترك دين محمد‪.‬‬ ‫وعثامن صاب�ر محتس�ب‪ ،‬يتحم�ل الأذى في س�بيل الله‪،‬‬ ‫ولم يجد الحكم وسيلة أخرى لتعذيب عثمان غير وسيلة شيطانية‪،‬‬ ‫فق�د كان يلف عثامن في الحصير‪ ،‬ثم يوقد الن�ار تحته‪ ،‬فيخرج‬ ‫الدخان يكاد عثمان أن يختنق منه ويموت‪ ،‬ولكن يرتفع صوت‬ ‫عثامن‪ :‬لا والله لا أت�رك دين�ي‪ ،‬لا والله لا أف�ارق نبيي‪ ،‬وكلما‬ ‫ازداد تعذي�ب الحكم لعثمان‪ ،‬ازداد تمس�ك عثامن بدينه‪ ،‬حتى‬ ‫يئس عمه منه فتركه يفعل ما يشاء‪.‬‬ ‫‪n 55‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫زواج عثمان من رقية بنت رسول الله‬ ‫كان أب�و لهب أش�د الناس ع�داوة للنب�ي وزوجته خديجة‬ ‫بنت خويلد‪ ،‬وكانت زوجته «أم جميل بنت حرب» امرأة س�يئة‬ ‫الخلق‪ ،‬سماها القرآن «حمالة الحطب»؛ لأنها كانت تكيد لرسول‬ ‫الله وتحاربه وتكرهه‪.‬‬ ‫وأراد أب�و له�ب وزوجت�ه أن يؤذيا رس�ول الله ‪0‬‬ ‫فأمرا ولديهما عتبة وعتيبة أن يطلقا رقية وأم كلثوم ابنتي رسول‬ ‫الله‪ ،‬وكا ن عثمان يريد الزواج برقية‪.‬‬ ‫فلام طلق�ت ذه�ب إلى رس�ول الله ‪ 0‬فخطبه�ا‬ ‫من�ه‪ ،‬فزوجها إياه‪ ،‬وكان عثمان ش�ا ًبا جميل الوجه بهي الطلعة‪،‬‬ ‫وكذلك كانت رقية حسنة الوجه‪ ،‬بهية الطلعة‪ ،‬وكيف لا وهي‬ ‫بن�ت رس�ول الله ‪ ،0‬وبن�ت خديج�ة ‪ ،J‬ف�كان‬ ‫ُعرس عثمان ورقية عر ًسا رائ ًعا حتى غنت جواري مكة‪:‬‬ ‫أجمل زوجين رآهما إنسان رق��ي��ة وزوج��ه��ا عثمان‬ ‫‪56 n‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وازدادت كراهي�ة قريش لعثمان بعد زواجه من رقية‪ ،‬فقد‬ ‫علموا حب عثمان لرسول الله‪ ،‬وحب رسول الله لعثمان‪ ،‬فاشتد‬ ‫الأذى لعثمان وزوجته‪ ،‬فحاربته قريش في تجارته‪ ،‬حتى ضاقت‬ ‫مكة بعثمان ورقية‪ ،‬فهاجر عثمان إلى الحبشة ومعه رقية‪.‬‬ ‫وهن�ا نظر النبي ‪ 0‬إلى عثمان ورقية وهما مهاجران‬ ‫فقال‪« :‬صحب الله عثمان ورقية‪ ،‬إن عثمان لأول من هاجر بأهله‬ ‫بعد نبي الله لوط»‪.‬‬ ‫ولكن ش�وق رقي�ة إلى مكة ع َّج�ل بعودة عثامن إليها من‬ ‫الحبش�ة‪ ،‬فلام عادا وجدا أم المؤمنين خديج�ة قد ماتت فحزنت‬ ‫رقيةعلى أمها‪ ،‬وتأثر عثمان لوف�اة خديجة‪ ،‬وعوضهما الله بطفل‬ ‫صغير سماه رسول الله‪« :‬عبد الله»‪.‬‬ ‫وهاج�ر عثامن بع�د ذل�ك إلى المدينة م�ع بقية المس�لمين‪،‬‬ ‫ون�ادى منادي الجه�اد‪ :‬يا خي�ل الله اركبي‪ .‬ولك�ن عثمان كان‬ ‫بجوار زوجته رقية التي مرضت مر ًضا شدي ًدا بعد وفاة ولدها‬ ‫«عبد الله»‪.‬‬ ‫‪n 57‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فاس�تأذن عثمان من النب�ي ‪ 0‬ليظل بجوار زوجته‬ ‫المريضة فأذن له‪ ،‬ولذلك تخلف عثمان عن غزوة «بدر»‪ ،‬غير أن‬ ‫النب�ي ‪ 0‬أعط�اه من غنائ�م هذه الغزوة فيام بعد فكان‬ ‫كمن حضر هذه الغزوة‪.‬‬ ‫وع�اد المس�لمون م�ن ب�در منتصري�ن‪ ،‬واختلطت بس�مة‬ ‫الانتصار بدموع الحزن‪ ،‬فقد ماتت رقية بنت رس�ول الله وظل‬ ‫عثمان بلا زوجة‪ ،‬فقد كا ن صه ًرا للنبي ‪ ،S‬أما الآن فقد‬ ‫انقطع النسب مع رسول الله ‪.0‬‬ ‫وأراد عمر أن ي�زوج عثمان من ابنته حفصة‪ ،‬ولكن عثمان‬ ‫لم يقب�ل بذلك‪ ،‬فاش�تكى عمر للنبي ‪ ،0‬فقال رس�ول‬ ‫الله لعمر‪ :‬يتزوج حفصة من هو خير من عثمان‪ ،‬ويتزوج عثمان‬ ‫من هي خير من حفصة‪ ،‬وتزوج رسول الله بحفصة‪.‬‬ ‫أما عثامن فقد زوجه النبي ‪ 0‬م�ن أم كلثوم التي‬ ‫ظل�ت بلا زوج منذ طلقه�ا ابن أبي له�ب‪ ،‬فكأنام ادخرها الله‬ ‫لعثمان كي تكون زوجة له‪.‬‬ ‫‪58 n‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وي�وم أن تزوج عثامن بأم كلث�وم صار ه�و «ذا النورين»‬ ‫لزواج�ه بابنت�ي رس�ول الله‪ ،‬ولم يت�زوج بنت�ي نبي غير عثمان‬ ‫‪ ،I‬وظل�ت أم كلث�وم زوجة لعثمان حت�ى ماتت في العام‬ ‫التاس�ع للهج�رة‪ ،‬فلام مات�ت «أم كلث�وم» ح�زن عثامن حز ًنا‬ ‫ش�دي ًدا؛ لعلمه أن رس�ول الله ليس عنده بن�ت يتزوجها‪ ،‬فقال‬ ‫رسول الله لعثمان‪ :‬لو كان عندي ثالثة لزوجتها عثمان‪.‬‬ ‫حياء عثمان وإنفاقه في سبيل الله‬ ‫ارتبطت بعض الأسامء ببعض الأعمال والصفات‪ ،‬فعمر‬ ‫ابن الخطاب مثلاً ارتبط اس�مه بالعدل‪ ،‬وأبو بكر ارتبط اس�مه‬ ‫باللين والرحمة‪.‬‬ ‫أما عثمان فإن اسمه قد ارتبط بشيئين مهمين وهما‪:‬‬ ‫إنفاق المال في سبيل الله‪ ،‬والحياء‪ .‬فأما الإنفاق في سبيل الله‬ ‫فعثامن واحد من رواد ه�ذا المجال‪ ،‬فقد كانت أموال عثمان في‬ ‫خدمة المسلمين والإسلام منذ اللحظة التي فارق فيها الكفر‪،‬‬ ‫وأعلن فيها الإسلام‪.‬‬ ‫‪n 59‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫كان�ت بئر «رومة» هي البئر التي يشرب منها أهل المدينة‪،‬‬ ‫وكان يملكها يهودي يتحكم في المسلمين‪.‬‬ ‫فق�ال النب�ي‪« :0‬م��ن يش�ت�ري لن��ا «بئ��ر رومة»‬ ‫ويكون دلوه مع المسلمين لا يزيد عنهم في شيء؟»‪.‬‬ ‫وخ�رج عثمان من بين الصفوف‪ ،‬فذهب إلى هذا اليهودي‬ ‫يطل�ب منه شراء ه�ذه البئر‪ ،‬فأبى اليه�ودي إلا أن يبيع نصفها‬ ‫لعثامن باثن�ي عشر ألف دره�م‪ ،‬وهو مبلغ يصل�ح لأن يكون‬ ‫رأس م�ال لخمس�ة تجار في ذل�ك الوقت‪ ،‬فواف�ق عثمان‪ ،‬ودفع‬ ‫المال شريطة أن يكون البئر يو ًما لعثمان‪ ،‬ويو ًما آخر لليهودي‪.‬‬ ‫وفي ي�وم عثامن كان المس�لمون يشربون‪ ،‬ويدخ�رون الماء‬ ‫لي�وم آخر‪ ،‬فلما رأى اليهودي أنه لا يبي�ع الماء‪ ،‬ذهب إلى عثمان‬ ‫وباع�ه النص�ف الباق�ي بثماني�ة آلاف دره�م‪ .‬ويو ًما م�ا نادى‬ ‫رس�ول الله‪« :0‬من يوس��ع لنا مس��جدنا هذا ويكون‬ ‫له بيت في الجنة؟»‪.‬‬ ‫‪60 n‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫ولم يك�ن إلا م�ا ل عثامن هو الذي يدفع ليتس�ع المس�جد‬ ‫النب�وي م�ن أجل المس�لمين حتى رضي رس�ول الله ‪0‬‬ ‫عن عثمان ‪ ،I‬أما غزوة تبوك فكانت هي «غزوة ال ُعسرة»‬ ‫الت�ي لم يك�ن رس�ول الله يمل�ك فيه�ا أم�والاً يجهر بها جيش�ه‬ ‫للذه�اب لح�رب ال�روم أكرب دول الأرض في ذل�ك الوقت‪،‬‬ ‫وج�اء عمر بنص�ف ماله‪ ،‬وجاء أب�و بكر بماله كل�ه‪ ،‬ودفع كل‬ ‫المس�لمين ما يقدرون عليه‪ ،‬ولك�ن لم تكف هذه الأموال‪ ،‬فقام‬ ‫النبي ‪ 0‬يخطب في المس�لمين يحثهم على الصدقة‪ ،‬فقال‬ ‫عثمان‪ :‬يا رسول الله عل ّي مائة بعير بكل ما يلزمها‪.‬‬ ‫ث�م ق�ام رس�ول الله ‪ 0‬خطي ًب�ا م�رة أخ�رى‪ ،‬فقام‬ ‫عثمان يقول‪ :‬يا رسول الله عل ّي مائة أخرى‪.‬‬ ‫وفي الثالثة قام عثمان يقول‪ :‬يا رسول الله عل ّي مائة أخرى‪.‬‬ ‫وعاد رس�ول الله ‪ 0‬إلى بيته فوج�د عثمان ينتظره‪،‬‬ ‫ليصب ألف درهم أخرى في حجر رسول الله ‪.0‬‬ ‫‪n 61‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وأمام هذا لم يجد رس�ول الله ‪ 0‬خي ًرا من أن يظل‬ ‫طيل�ة اللي�ل يدعو لعثامن قائًل�اً ‪« :‬اللهم عثم��ان رضي ُت عنه‬ ‫ف��ارض عنه» حتى طل�ع الفجر‪ ،‬وعلم رس�ول الله ‪0‬‬ ‫أن ربه قد استجاب له‪.‬‬ ‫وبع�د وفاة النب�ي‪ ،0‬وفي عام الرم�ادة صحا أهل‬ ‫المدين�ة في ج�وف الليل على ص�وت قافلة تجاري�ة‪ ،‬وصلت إلى‬ ‫المدين�ة‪ ،‬وكانت مليئة بكل أصناف الأطعمة ‪ ،‬وقام التجار ك ٌل‬ ‫يريدها لنفسه لكي يحقق مكس ًبا وفي ًرا منها‪.‬‬ ‫وكان صاح�ب القافل�ة ه�و عثمان ‪ ،I‬فق�ال التجار‬ ‫لعثمان‪ :‬ندفع لك ضعف القافلة؟ قال‪ :‬لا‪.‬‬ ‫قالوا‪ :‬ثلاثة أضعافها‪ .‬قال‪ :‬لا أقبل؛ فهناك من س�يدفع لي‬ ‫زيادة‪.‬‬ ‫قال�وا‪ :‬كيف‪ ،‬ونحن أول من ج�اء إليك‪ ،‬وليس في المدينة‬ ‫تجار غيرن�ا؟ فقال‪ :‬إن تاج ًرا س�يعطيني الدرهم بعشرة دراهم‬ ‫‪62 n‬‬ ‫قد اشتراها مني‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وتعج�ب الجمي�ع من يك�ون ه�ذا التاجر؟‪ ،‬فنظ�ر عثمان‬ ‫وق�ال‪ :‬إنه الله يعطي بالحس�نة عشر أمثاله�ا‪ ،‬لقد تصدقت بهذه‬ ‫القافلة على المسلمين‪.‬‬ ‫واليشء الث�اني الذي ارتب�ط بعثمان ‪ I‬ه�و «الحياء»‬ ‫والحياء هو خلق الإسلام الأول‪.‬‬ ‫ولق�د كان عثامن ‪ I‬حي ًيا م�ن الله تع�الى‪ ،‬حتى قال‬ ‫عنه الحسن البصري‪ :‬كان عثمان في بيته ليس معه أحد‪ ،‬والباب‬ ‫علي�ه مغلق‪ ،‬ولم يكن يضع ثوبه ليفيض عليه الماء‪ ،‬فكان الحياء‬ ‫يمنعه من ذلك‪.‬‬ ‫وتروي أم المؤمنين عائش�ة أن النبي ‪ 0‬كان جال ًسا‬ ‫كاش ًفا عن فخذه فاستأذن أبو بكر‪ ،‬فأذن له وهو على حاله‪.‬‬ ‫ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله‪ ،‬ثم استأذن عثمان‪،‬‬ ‫فشد رسول الله ثيابه‪ ،‬فسألته أم المؤمنين عائشة عن سبب شده‬ ‫ثياب�ه لما دخل عثمان‪ ،‬فقال رس�ول الله ‪« :0‬يا عائش��ة‬ ‫ألا أستحيي من رجل والله إن الملائكة لتستحيي منه»‪.‬‬ ‫‪n 63‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫والحي�اء لا يكون إلا من رجل مؤمن‪ ،‬كان الإيمان قو ًيا في‬ ‫قلبه‪ ،‬وعثمان ‪ I‬قوي الإيمان بلا شك‪.‬‬ ‫ولع�ل كثي ًرا من الن�اس لا يعرف أن عثامن ‪ I‬كان‬ ‫يحفظ القرآن الكريم كاملاً ‪ ،‬بل وكان كات ًبا للوحي أي ًضا‪ ،‬فكان‬ ‫عثمان يحب القرآن ح ًّبا شدي ًدا‪.‬‬ ‫وه�و الذي قال للناس‪ :‬لو طهرتم قلوبكم ما ش�بعتم من‬ ‫كلام ربكم‪.‬‬ ‫ولك�ن العمل الأعظم الذي يظل ش�اه ًدا لعثامن إلى يوم‬ ‫القيام�ة ه�و جمعه الق�رآن في مصحف واح�د لازال حتى الآن‬ ‫يعرف باسمه وهو «المصحف العثماني»‪.‬‬ ‫فلقد نظر عثمان إلى المسلمين فوجد عددهم يزداد يو ًما عن‬ ‫الآخر‪ ،‬وغير العرب حين ينطقون القرآن‪ ،‬كانوا ينطقونه بطريقة‬ ‫خاطئة‪ ،‬فخاف عثمان على القرآن من التغيير والتحريف‪.‬‬ ‫فأمر «زيد بن ثابت» ‪ I‬أن يجمع القرآن من المصحف‬ ‫ال�ذي جمع�ه أيام أبي بكر وعم�ر‪ ،‬ويكتب ه�ذا المصحف لكل‪n‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫البلاد الإسلامية‪ ،‬ويحرق المصاحف الأخرى ففعل‪ ،‬ولا زال‬ ‫ه�ذا المصح�ف هو الذي نق�رأ فيه حت�ى يومنا هذا‪ ،‬وس�يقرأه‬ ‫الناس إلى يوم القيامة‪.‬‬ ‫ولق�د كان الصحابة جمي ًعا يوافق�ون عثمان في هذه الخطوة‬ ‫ومنهم علي بن أبي طالب‪ ،‬وحذيفة بن اليمان‪.‬‬ ‫وكي�ف لا يوافقونه وهم يعرف�ون أن عثمان محب للقرآن‪،‬‬ ‫وإن عثمان نفسه آية من آيات القرآن‪.‬‬ ‫فه�و الذي أنزل الله تعالى فيه قوله‪[ :‬ﯦﯧﯨﯩﯪ‬ ‫ﯫﯬﯭ ﯮ ﯯﯰﯱ] [‪.]9 :E‬‬ ‫ف�كان الصحاب�ة يقول�ون‪ :‬ه�ذا ه�و عثامن ب�ن عف�اف‬ ‫‪.I‬‬ ‫خلافة عثمان ‪I‬‬ ‫تولى عثامن الخلافة بعد موت عم�ر بن الخطاب‪،I‬‬ ‫فكان خير المس�لمين وأفضلهم بعد أبي بكر وعمر‪ ،‬وفي خلافة‬ ‫عثمان زادت مس�احة البلاد الإسلامية‪ ،‬وفتح الله على المسلمين‪n‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫بلا ًدا كثيرة منها جزيرة «قبرص» وبلاد «خراسان» و«أرمينية»‬ ‫وبلاد المغرب العربي‪.‬‬ ‫وزادت الأم�وال الت�ي كان�ت ت�أتي للمس�لمين م�ن كل‬ ‫مكان‪.‬‬ ‫أما عثمان فكان ‪ I‬لا يريد من الدنيا شي ًئا فرغم غناه‬ ‫قبل الإسلام وبعده‪ ،‬إلا أنه حينما تولى الخلافة‪ ،‬كان يعيش حياة‬ ‫البسطاء‪ ،‬فكان يطعم طعام الإمارة ويأكل الخل والزيت‪.‬‬ ‫وكان يدخل إلى المس�جد ينام على الحصير وقد جعل يده‬ ‫وس�ادة له‪ ،‬وأثر الحصير في جنبه‪ ،‬والمس�لمون ينظ�رون إليه‪،‬‬ ‫فيقولون‪:‬‬ ‫هذا أمير المؤمنين‪ ،‬وكان إذا جاء الرجل يطلب منه ش�ي ًئا‬ ‫يقوم معه فلا يرده إلا وقد قضيت حاجته‪.‬‬ ‫وفي اللي�ل كان عثمان يقوم ليصلي ويتهجد لله تعالى‪ ،‬فكان‬ ‫لا يوق�ظ خدم�ه وه�و الش�يخ الكبير ال�ذي يحت�اج إلى م�ن‬ ‫‪66 n‬‬ ‫يساعده‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فقال له بعض الناس‪ :‬أيقظ الخدم ليساعدوك‪.‬‬ ‫فيقول عثمان‪ :‬إننا نستخدمهم بالنهار‪ ،‬والليل لهم فدعوهم‬ ‫ليناموا‪.‬‬ ‫ولم يك�ن عثامن في حزم�ه وش�دته أقل من عم�ر‪ ،‬بل كان‬ ‫ش�دي ًدا قو ًي�ا م�ع المخطئين في عمله�م‪ ،‬وفي عه�ده انترشت‬ ‫عادات س�يئة كثيرة مثل صيد الحامم‪ ،‬فكان يعين من يقبض له‬ ‫على الش�باب الذي يلهو ويصي�د الحمام أو يشرب الخمر‪ ،‬حتى‬ ‫عاد الناس مرة أخرى إلى الصواب‪.‬‬ ‫وعاش المس�لمون أفض�ل عصورهم‪ ،‬واغتن�وا أيام عثمان‬ ‫غني كبي ًرا‪ ،‬فكان عثمان ينادي في الناس‪ ،‬هيا لأُ ْعطِ َياتِ ُكم ‪ -‬أي‬ ‫م�ا تأخ�ذون من بيت الم�ال ‪ -‬فيذهبون إليه ليأخ�ذوا المال‪ .‬ثم‬ ‫ينادي‪ :‬هيا إلى السمن والعسل‪ ،‬فيذهبون إليه ليأخذوا السمن‬ ‫والعس�ل‪ .‬والقامش‪ ،‬والمس�ك والزبي�ب‪ ،‬وق�د امتألت ديار‬ ‫المسلمين بالخيرات‪ ...‬ولكن‪...‬‬ ‫‪n 67‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫استشهاد عثمان ‪I‬‬ ‫كان رس�ول الله ‪ 0‬يو ًم�ا في حديق�ة م�ن حدائ�ق‬ ‫المدينة ومعه أبو موسى الأشعري‪ ،‬فطرق رجل الباب‪.‬‬ ‫فقال رسول الله ‪ 0‬لأبي موسى‪ :‬افتح الباب وبشره‬ ‫بالجن�ة‪ ،‬فوجده أبا بكر فبشره بالجنة‪ ،‬ثم كان الطارق الثاني هو‬ ‫عم�ر ‪ I‬فبرشه بالجنة‪ ،‬وطرق رجل ثال�ث الباب‪ ،‬فقال‬ ‫النبي ‪ 0‬لأبي موس�ى‪ :‬افتح له وبشره بالجنة على بلوى‬ ‫تصيبه‪ ،‬فكان هو عثمان ‪ ،I‬فلما سمع عثمان هذا قال‪ :‬الله‬ ‫المستعان‪.‬‬ ‫فعل�م عثمان أن الله س�يبتليه يو ًما من الأيام ف�إذا صبر فله‬ ‫الجنة‪ ،‬فكان يصبر على كل من يؤذيه حتى جاء وعد الله ورسوله‬ ‫لعثمان‪.‬‬ ‫فقام�ت الفتن�ة في عه�د عثامن‪ ،‬حي�ث كان س�ببها رجل‬ ‫يهودي أس�لم ظاه ًرا‪ ،‬ولكنه كان مبغ ًضا للإسلام والمس�لمين‬ ‫وهو «عبد الله بن سبأ»‪n .‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فأش�اع هذا الرج�ل كذ ًبا أن عثمان قد غير في شريعة الله‪،‬‬ ‫وأن�ه ظالم يح�ابي أقرباءه‪ ،‬ويع�زل الولاة الذي�ن عينهم عمر بن‬ ‫الخطاب‪.‬‬ ‫وفتح المس�لمون أذنهم لهذا اليه�ودي‪ ،‬فكانت فتنة عمياء‬ ‫صامء‪ ،‬وج�اء الثوار من المس�لمين الجدد الذي�ن لم يعرفوا قدر‬ ‫عثمان ‪ ،I‬وسبقه للإسلام‪.‬‬ ‫جاءوا فحاصروا دار عثمان ومنعوا عنه الطعام وهو الذي‬ ‫أطعم من قبل بماله المس�لمين‪ ،‬ومنعوا عنه الشراب وهو الذي‬ ‫اشرتى بئر رومة للمس�لمين‪ ،‬وحاصروا بيته وهو الذي وسع‬ ‫المسجد من ماله من ذي قبل‪.‬‬ ‫وظ�ل حصارهم لعثمان أربعين يو ًما وهو صابر محتس�ب‪،‬‬ ‫حتى جاءه رسول الله وأبو بكر وعمر في نومه‬ ‫فقالوا له‪ :‬إنك تفطر عندنا الليلة‪.‬‬ ‫وص�ام عثامن هذا الي�وم‪ ،‬وجع�ل المصحف ال�ذي جمعه‬ ‫أمامه يق�رأ فيه‪ ،‬حتى دخل هؤلاء الثوار عليه وهو يتلو القرآن‪n‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فلم يلتفت إليهم حتى ضرب أحدهم المصحف بقدمه‪ ،‬ولطم‬ ‫عثمان بيده‪ ،‬فوقع عثمان وبين يديه المصحف‪ ،‬ثم طعنوه فقتلوه‬ ‫شهي ًدا مظلو ًما‪ ،‬قد سالت دماؤه على كتاب الله ‪.D‬‬ ‫ومنذ ذلك اليوم الذي قتل فيه عثمان‪ ،‬و ُس� ّل سيف الفتنة‪،‬‬ ‫لم تخم�د ن�ار الفتنة‪ ،‬ولم يغمد س�يفها‪ ،‬فلا زال�ت الأمة تحارب‬ ‫بعضها البعض‪.‬‬ ‫وهناك في السماء حيث العدل الإلهي‪ ،‬يقف عثمان أمام ربه‬ ‫يش�كوه ما فعله المسلمون به‪ ،‬ويقول‪ :‬يار ب انظر ماذا فعل بي‬ ‫عبادك المؤمنون!!!‪.‬‬ ‫‪sss‬‬ ‫‪70 n‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫علي بن أبي طالب ‪I‬‬ ‫علي بن أبي طالب‪ :‬هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب‬ ‫ابن هاشم الهاشمي‪ ،‬ابن عم رسول الله‪ ،0‬وزوج ابنته‬ ‫فاطمة الزهراء‪ ،‬وأحد العشرة المبشرين بالجنة‪ ،‬وأول من أسلم‬ ‫من الصبيان‪.‬‬ ‫لم�ا ت�وفي أبو طال�ب عاد رس�ول الله ‪0‬م�ن عنده‬ ‫ومع�ه أفضل وخير أبنائ�ه وأكرمهم وأصغره�م وهو على بن‬ ‫أبي طالب‪.‬‬ ‫ع�اد به رس�ول الله ‪ 0‬إلى بيته الكري�م‪ ،‬ليرعاه في‬ ‫بيته‪ ،‬و ُيربيه على عينه‪.‬‬ ‫علي في رعاية رسول الله ‪0‬‬ ‫ع�اش عيل ب�ن أبي طال�ب في رعاي�ة النب�ي‪،0‬‬ ‫فلم يسجد لصنم في الجاهلية‪ ،‬ولم َي ْل ُه كبقية الصبيان‪ ،‬ولكنه كان‬ ‫ينظ�ر إلى ابن عمه محمد ‪0‬فيراه خير الناس وأفضلهم‪n،‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فراح يتعلم من�ه الأخلاق القويمة‪ ،‬والأفع�ال الكريمة‪ ،‬فكان‬ ‫صورة ثانية منه‪.0‬‬ ‫ووس�ط ظلمات مك�ة الحالك�ة‪ ،‬يبزغ ن�ور النب�وة‪ ،‬وينزل‬ ‫جبري�ل ‪ ،S‬في غ�ار ح�راء برس�الة الإسلام‪ ،‬ليتلو أول‬ ‫كلمة من كلمات القرآن [ﭻ]‪.‬‬ ‫ويصب�ح محم�د ‪0‬رس�ولاً للن�اس جمي ًع�ا‪ ،‬ويعود‬ ‫رس�ول الله إلى داره لتؤم�ن خديج�ة ب�ه‪ ،‬ث�م يتبعه�ا عيل ب�ن‬ ‫أبي طال�ب الذي لم يكن عمره وقتها قد جاوز السادس�ة‪ ،‬وهو‬ ‫أمر عجيب ح ًقا‪.‬‬ ‫ولي�س العج�ب في إسلام علي ب�ن أبي طال�ب؛ لأنه تربي‬ ‫صغي ًرا في حجر النبي‪ ،0‬بل العجب هو الطريقة التي‬ ‫أس�لم به�ا‪ ،‬لق�د ع�رض رس�ول الله ‪ 0‬الإسلام عليه‬ ‫فوافق فو ًرا‪.‬‬ ‫ولكن النبي أمره أن يستأذن أباه في ذلك‪.‬‬ ‫فقال علي‪ :‬وهل استأذن الله أبي يوم خلقني؟‪n.‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫ومنذ هذه اللحظة كان علي يتبع رس�ول الله ‪ 0‬في‬ ‫كل خطوات�ه وحركات�ه‪ ،‬ويصلي خلفه‪ ،‬ويبك�ي من أجله‪ ،‬كان‬ ‫يتبع�ه كما يتبع الجم�ل الصغير أمه لا ينفص�ل عنها‪ ،‬ثم يصرخ‬ ‫قائًل�اً حين ي�رى المشركين ي�ؤذون رس�ول الله ‪ :0‬أنا‬ ‫أنصرك عليهم يا رسول الله‪.‬‬ ‫كان رس�ول الله يرى في علي المؤمن الصغير الس�ن‪ ،‬الكبير‬ ‫القلب والعقل‪ ،‬حتى صار بحق «فتى الإيمان»‪ ،‬وكان علي يرى‬ ‫في رس�ول الله ‪ 0‬القدوة الحس�نة‪ ،‬والأسوة‪ ،‬ويرى فيه‬ ‫العلم‪ ،‬والأدب‪ ،‬فاكتس�ب منه أمو ًرا كثيرة‪ ،‬فبينما كان صبيان‬ ‫مك�ة يلعب�ون ويله�ون‪ ،‬كان علي خلف رس�ول الله ‪0‬‬ ‫يتعل�م علمه‪ ،‬ويتخلق بخلق�ه‪ ،‬وبكل ما يقوله‪ ،‬حتى صار علي‬ ‫أسد الله في غابة الكفر‪.‬‬ ‫فدى علي رسول الله ‪0‬بنفسه‬ ‫خرج رس�ول الله‪ 0‬ومع�ه علي بن أبي طالب حتى‬ ‫وصلا إلى الكعبة‪.‬‬ ‫‪n 73‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وهن�اك قال النبي ‪ 0‬لعيل‪ :‬اجلس‪ ،‬فجلس علي‪،‬‬ ‫فصعد رسول الله على َكتِ َف ْي عل ٍّي‪.‬‬ ‫فق�ام عيل لك�ي ينه�ض برس�ول الله ‪ ،0‬ولكن�ه‬ ‫كان ضعي ًف�ا فلم يس�تطع أن ينهض به‪ ،‬فق�ال النبي ‪0‬‬ ‫لِ َعِل�يِ ّ ‪ :‬اصع�د أن�ت على كتف�ي‪ ،‬وصع�د عيل ف�وق كتف�ي‬ ‫رس�ول الله ‪ ،0‬فنه�ض ب�ه النب�ي ‪ ،0‬حت�ى‬ ‫تصور علي أنه لو أراد أن يمس�ك نجوم السامء لأمس�كها‪ ،‬ثم‬ ‫صعد عيل الكعبة‪ ،‬وكان عليها تمثال م�ن نحاس‪ ،‬فجعل يهزه‬ ‫يمينًا وشمالاً حتى سقط فانكسر كما يتكسر الزجاج‪.‬‬ ‫ث�م انطل�ق علي ورس�ول الله ‪ 0‬بعد ذل�ك يجريان‬ ‫حت�ى لا يراهما أح�د‪ ،‬وهما يختبئان في البيوت خش�ية أن يراهما‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫وفي مهم�ة ه�ي الأصع�ب في حي�اة عيل ‪ I‬يأم�ره‬ ‫رس�ول الله ‪ 0‬أن ين�ام في سري�ره ليل�ة الهج�رة ليصبح‬ ‫علي أول فدائي في الإسلام‪ ،‬ولكن تعالوا لنرى كيف س�ارت‬ ‫‪74 n‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫الأم�ور في ه�ذه الليل�ة؟ إن النب�ي ‪0‬خ�رج م�ن بيته‪،‬‬ ‫والكفار حوله قد جاءوا لقتله والتخلص منه‪.‬‬ ‫ولك�ن الله تع�الى أرس�ل الن�وم عليهم فخرج رس�ول الله‬ ‫‪ 0‬وه�م نائم�ون فل�م ي�روه وه�و يض�ع الرتاب على‬ ‫رؤوس�هم‪ ،‬ووصل النب�ي ‪ 0‬إلى دار علي وق�ال له‪ :‬نم‬ ‫على فراشي‪ ،‬وتس�ج((( بربدي((( الأخضر‪ ،‬فنم في�ه‪ ،‬فإنه لن‬ ‫يخل�ص إلي�ك شيء تكرهه منهم‪ ،‬وكان رس�ول الله ‪0‬‬ ‫إذا نام تغطى بهذا البرد‪.‬‬ ‫ودخل علي ‪ I‬ليتغطى بغطاء رس�ول الله ‪0‬‬ ‫الذي طالما نزل فيه الوحي‪.‬‬ ‫ون�ال بذلك شر ًفا عظيماً ‪ ،‬لقد نام دون أن يخش�ى الواقفين‬ ‫على باب رس�ول الله ‪ 0‬بس�يوفهم‪ ،‬يري�دون قتله‪ ،‬فلم‬ ‫يك�ن يهاب أبا جهل ورفاقه؛ لأن رس�ول الله ‪ 0‬طمأنه‬ ‫أنه لن يصاب بالأذى‪.‬‬ ‫(‪ )2‬غطائي‪n.‬‬ ‫(‪ )1‬تغطى‪.‬‬ ‫‪75‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫ودخ�ل المشركون عليه‪ ،‬فلما كش�فوا الغط�اء وجدوه عل ًيا‬ ‫لا رس�ول الله‪ ،‬فقالوا‪ :‬أين محم�د؟ فقال في ثبات وثقة‪ :‬لا علم‬ ‫لي به‪.‬‬ ‫إنها الش�جاعة التي تعلمها علي من رسول الله ‪،0‬‬ ‫ث�م هي الثقة في وع�د الله لنبيه أنه لن يصاب ب�أي أذى‪ ،‬وهذه‬ ‫هي صفات المؤمنين الصادقين‪.‬‬ ‫ورح�ل النب�ي ‪ 0‬إلى المدين�ة‪ ،‬وبق�ي عيل في مكة‬ ‫ليؤدي مهمة أخرى‪ ،‬وهي رد الودائع والأمانات لأهلها والتي‬ ‫تركوه�ا لرس�ول الله ‪ ،0‬فرده�ا علي إليه�م‪ ،‬فكان هو‬ ‫القوي الأمين‪.‬‬ ‫فتح علي لخيبر‬ ‫ب�دأ النب�ي ‪0‬حيات�ه في المدين�ة ب�أن آخ�ي بين‬ ‫المهاجرين والأنصار‪ ،‬ف�كان الرجل من الأنصار يأخذ الرجل‬ ‫م�ن المهاجرين إلى داره ليقيم بها ويقاس�مه ماله وداره‪ ،‬وذهب‬ ‫‪76 n‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫الناس ولم يبق إلا علي‪ I‬لم ُي َؤا ِخ رسول الله ‪ 0‬بينه‬ ‫وبين أحد‪.‬‬ ‫فقال علي‪ :‬يا رسول الله آخيت بين الناس جمي ًعا وتركتني‪.‬‬ ‫فق�ال النب�ي‪« :0‬ي��ا عل��ي أن��ت أخ��ي في الدني��ا‬ ‫والآخرة»‪.‬‬ ‫وفي غ�زوة بدر ع َّز الإسلام‪ ،‬وكان�ت المعارك قديًم�اً تبدأ‬ ‫أولاً بالمب�ارزة بين بع�ض الجنود‪ ،‬ثم تنش�ب المعرك�ة ويلتحم‬ ‫الجيشان‪.‬‬ ‫ويوم بدر خرج رؤوس الكفر عتبة بن ربيعة وأخوه َشيبة‪،‬‬ ‫وول�ده الولي�د ب�ن عتب�ة‪ ،‬فقالوا‪ :‬هل م�ن مب�ارز؟ فخرج من‬ ‫المس�لمين معاذ ومع�وذ ابنا عفراء‪ ،‬وعبد الله ب�ن رواحة‪ ،‬وهم‬ ‫من الأنصار‪ ،‬فقال المشركون‪ :‬إنما نريد أولاد عمنا ‪ -‬يقصدون‬ ‫المهاجرين‪.‬‬ ‫فنادى رس�ول الله ‪ :0‬قم يا حمزة بن عبد المطلب‪،‬‬ ‫قم يا عبيدة بن الحارث‪ ،‬قم يا علي بن أبي طالب‪n.‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فق�ام الثلاثة من آل بيت رس�ول الله ‪0‬فقتل حمزة‬ ‫ش�يبة‪ ،‬وبارز عيل الوليد بن عتبة فتى مكة وفارس�ها‪ ،‬فصرعه‬ ‫وقتل�ه‪ ،‬وأصاب عتبة ب�ن ربيعة عبيدة بن الح�ارث‪ ،‬فقام حمزة‬ ‫وعيل فقتلا عتب�ة‪ ،‬وع�اد عيل إلى صف�وف المس�لمين يحم�ل‬ ‫الراي�ة لرس�ول الله ‪ ،0‬ويرى المس�لمون في علي أس� ًدا‬ ‫هصو ًرا(((‪ ،‬وبطلاً قو ًيا يصرع المشركين بسيفه ورمحه‪.‬‬ ‫وفي غزوة خيبر‪ ،‬أعطى رس�ول الله ‪ 0‬اللواء لعمر‬ ‫ابن الخطاب ليفتح حصون خيبر ولكنه لم يقدر فعاد‪.‬‬ ‫فأعط�ى رس�ول الله ‪ 0‬الل�واء للمق�داد بن عمرو‬ ‫فعاد ولم يستطع أن يفتح حصون خيبر هو الآخر‪.‬‬ ‫فقال النب�ي ‪« :0‬لأعطين الراية غ ًدا رجلاً يحب‬ ‫الله ورس��وله‪ ،‬ويحب��ه الله ورس��وله»‪ ،‬فق�ام الصحاب�ة جمي ًعا في‬ ‫الي�وم الت�الي ك ٌل يريد أن يأخذ الراية‪ ،‬ولكن من لها س�وى علي‬ ‫‪.I‬‬ ‫‪78 n‬‬ ‫(‪ )1‬شجا ًعا مغوا ًرا‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فقال رسول الله ‪« :0‬أين علي بن أبي طالب»؟‪.‬‬ ‫فقال�وا‪ :‬إن�ه مري�ض يش�تكي عين�ه؟‪ ،‬ولكن رس�ول الله‬ ‫‪ 0‬قال‪« :‬أرس��لوا إليه»‪ ،‬فجاء علي‪ ،‬فبصق رس�ول الله‬ ‫‪ 0‬في عيني�ه ودعا له فش�فاه الله كأن لم يك�ن في عينه ألم‬ ‫ولا وجع‪ ،‬ثم أعطى رسول الله ‪ 0‬الراية عل ًيا‪.‬‬ ‫وق�ال له‪« :‬لأن يهدي الله ب��ك رجلاً واح ًدا خير لك مما‬ ‫طلعت عليه الشمس وغربت»‪.‬‬ ‫وذه�ب على ليق�ف على ب�اب حصن من حص�ون خيبر‪،‬‬ ‫وحاول الصحابة أن يخلعوا هذا الباب‪ ،‬فلم يستطع أحد منهم‬ ‫أن يرفعه‪ ،‬فقام إليه علي فرفعه بيد واحدة‪ ،‬فسألوه عن سر قوته‬ ‫فقال‪ :‬هذا عون الله ومدده‪.‬‬ ‫وص�اح علي في يه�ود خبير ففزع�وا وخاف�وا‪ ،‬وتفرقوا في‬ ‫البلاد‪ ،‬وفتح الله خيبر على يديه‪.‬‬ ‫وفي غ�زوة الخندق قام فارس من المشركين اس�مه «عمرو‬ ‫اب�ن ود»‪ ،‬وكان أش�هر ف�ارس في الجزي�رة العربي�ة حتى قدره‬ ‫‪n 79‬‬ ‫أعداؤه بألف رجل‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وأراد هذا الكافر رجلاً من المس�لمين يبارزه‪ ،‬فقام الأس�د‬ ‫من مخبئه‪ ،‬ليقول‪ :‬أنا لك يا عمرو بن ود‪.‬‬ ‫ولم يكن هذا الأس�د س�وى علي ‪ I‬الذي كان صغير‬ ‫الس�ن وقته�ا‪ ،‬فق�ال عم�رو ب�ن ود‪ :‬إن أب�اك كان لي صدي ًق�ا‬ ‫ولا أريد أن أقتلك‪.‬‬ ‫فقال علي‪ :‬ولكني أريد أن أقتلك‪ ،‬وبارز علي عمرو بن ود‬ ‫حتى صرعه‪ ،‬وطرحه على الأرض ثم قطع رأس�ه وجاء بها إلى‬ ‫رس�ول الله ‪ ،0‬فكبر المسلمون فر ًحا بنصر الله لعلي بن‬ ‫أبي طالب فتى الإيمان‪ ،‬ورجل الإسلام‪.‬‬ ‫حب رسول الله ‪ 0‬لعلي‬ ‫أح�ب رس�ول الله ‪ 0‬عل ًي�ا ح ًب�ا ش�دي ًدا‪ ،‬حت�ى‬ ‫أن بع�ض المس�لمين جاءوا يش�تكون من علي فقام رس�ول الله‬ ‫‪ 0‬خطي ًبا في المسلمين على منبره وفي مسجده‪.‬‬ ‫ث�م قال‪« :‬أيها الناس لا تش��كوا علًي��ا‪ ،‬فوالله إنه لجيش‬ ‫‪80 n‬‬ ‫في ذات الله»‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وكان�ت آخ�ر غ�زوة غزاه�ا النب�ي ‪ 0‬ه�ي غزوة‬ ‫تبوك‪ ،‬ويومها ترك رس�ول الله ‪ 0‬عل ًيا في المدينة ليدافع‬ ‫عنها ضد أي عدوان وليكون على النساء والأطفال‪.‬‬ ‫ولكن عل ًيا بكى شو ًقا إلى الجهاد في سبيل الله ليقاتل أعداء‬ ‫الله‪.‬‬ ‫فن�زل رس�ول الله ‪ 0‬إلي�ه وق�ال ل�ه‪« :‬يا عيل أما‬ ‫ت�رضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موس�ى إلا أنه لا نبي‬ ‫بعدي»‪.‬‬ ‫وهذه مكانة عظيمة‪ ،‬فلقد كان هارون ‪ S‬نب ًيا وزي ًرا‬ ‫لأخيه موسى كليم الله‪ ،‬وهكذا كان علي ‪ I‬لكنه ليس نب ًّيا‬ ‫كهارون ‪.S‬‬ ‫وكان رس�ول الله ‪0‬يقول عن عيل‪« :‬لا يحبه إلا‬ ‫مؤمن ولا ُيْب ِغ ُضه إلا منافق»‪.‬‬ ‫وقال عنه في مرة أخرى‪« :‬من كنت مولاه فعلي مولاه»‪.‬‬ ‫‪n 81‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫ومن ش�دة حب رس�ول الله ‪ 0‬لعلي زوج�ه بابنته‬ ‫الطاهرة المطهرة السيدة فاطمة الزهراء‪ ،‬وقال لها في ليلة الزفاف‪:‬‬ ‫«لقد تركت�ك وديعة((( عند أقوى الناس إيما ًنا‪ ،‬وأكثرهم علماً‪،‬‬ ‫وأفضلهم أخلا ًقا‪ ،‬وأشجعهم نف ًسا»‪.‬‬ ‫وكانعليهو الذي يداويرسولالله‪0‬فيمرضه‪،‬‬ ‫وكان رسول الله يستند عليه حين ينتقل من دار إلى أخرى وهو‬ ‫مريض‪ ،‬فلما توفي النبي ‪ 0‬لم يغسله إلا علي‪.‬‬ ‫وكان هو الوحيد الذي نزل مع رس�ول الله ‪ 0‬إلى‬ ‫قبره‪ ،‬فدفنه بعد أن بكاه وحزن عليه حز ًنا شدي ًدا‪.‬‬ ‫عدل وتقوي علي‬ ‫كان عبد الله بن عباس ‪ L‬يسمى «حبر الأمة» لكثرة‬ ‫علم�ه‪ ،‬وه�و ال�ذي دعا له رس�ول الله بأن يفقه�ه الله في الدين‬ ‫وب�أن يعلمه التأويل‪ ،‬وكان الصحاب�ة جمي ًعا يتعجبون من كثرة‬ ‫‪82 n‬‬ ‫(‪ )1‬أمانة‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫علمه‪ ،‬وسئل ابن عباس ذات مرة‪ :‬أين علمك من علم علي بن‬ ‫أبي طالب؟ فقال‪ :‬كقطرة مطر إلى البحر العظيم‪.‬‬ ‫وح ًقا كا ن علي ‪ I‬عال ًما يعرف خبايا القرآن وأسراره‪،‬‬ ‫ويعرف أس�باب نزوله‪ ،‬ويحفظه ع�ن ظهر قلب حتى قال‪ :‬لقد‬ ‫آتاني الله قل ًبا عقولاً ‪ ،‬ولسا ًنا سؤولاً ‪.‬‬ ‫فكان يعقل بقلبه ما يس�معه من النبي‪ ،0‬ويس�أله‬ ‫ع�ن كل شيء حتى ص�ار بح ًرا عظيًم�اً من العل�م‪ ،‬ومن الذين‬ ‫عرف�وا للإمام علي حقه وق�دره كان عمر بن الخطاب ‪I‬‬ ‫الذي قال‪ :‬لا أبقاني الله في أرض ليس فيها علي بن أبي طالب‪.‬‬ ‫ولعل الناس جمي ًعا يعرفون من هو عمر؟ إنه العادل العالم‬ ‫صاحب الش�دة في دي�ن الله‪ ،‬وذو الرأي الس�ديد‪ ،‬هذا الرجل‬ ‫يقول عن علي بن أبي طالب‪ :‬لو لا علي لهلك عمر‪.‬‬ ‫وهك�ذا أصبح علي ‪ I‬حام ًيا لدولة عمر من الضياع‬ ‫والسقوط باعتراف عمر نفسه‪.‬‬ ‫‪n 83‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫في ذات مرة اختصم علي مع أحد اليهود في درع ادعى على‬ ‫أنها له‪ ،‬وادعى اليهودي أنها له‪ ،‬فاحتكما إلى عمر بن الخطاب‪.‬‬ ‫فلام دخلا علي�ه‪ ،‬قال عم�ر لليه�ودي‪ :‬اجلس ي�ا فلان‪،‬‬ ‫ون�اداه باس�مه‪ ،‬ث�م توج�ه إلى عيل ‪ I‬وق�ال له‪:‬اجلس‬ ‫يا أبا الحسن‪.‬‬ ‫وكان العربي إذا أراد تكريم صاحبه ناداه يا أبا فلان‪.‬‬ ‫ثم قال عمر لعلي‪ :‬هل لديك دليل على أن هذه الدرع لك؟‬ ‫فقال‪ :‬لا‪.‬‬ ‫فقال عمر لليهودي‪ :‬تقسم بالله أن هذه درعك؟‪.‬‬ ‫ق�ال اليه�ودي‪ :‬نعم‪ ،‬ثم أقس�م ب�الله فحكم عم�ر بالدرع‬ ‫لليهودي‪ ،‬ثم انصرف اليهودي‪ ،‬وبقي علي بن أبي طالب‪ ،‬وقد‬ ‫ظه�رت على وجهه علام�ات الغضب‪ ،‬فقال عم�ر‪ :‬أظنك قد‬ ‫غضبت لأني أعطيت الدرع لليهودي‪.‬‬ ‫فقال علي‪ :I‬لا يا أمير المؤمنين‪ ،‬ولكنك حينما دخلنا‬ ‫علي�ك قلت ل�ه‪ :‬اجلس يا فلان وناديته باس�مه‪ ،‬ث�م ناديتني‬ ‫‪84 n‬‬ ‫«يا أبا الحسن»‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وإن من العدل أن ُت َّس�وي بيننا حتى في النداء‪ ،‬وفرح عمر‬ ‫ابن الخطاب بعلي بن أبي طالب الذي حفظ له دولته‪ ،‬وكان عو ًنا‬ ‫له على إقامة العدل‪ ،‬ولم لا وهو ابن عم رسول الله‪ ،‬والذي تربي‬ ‫في حجر النبي‪.0‬‬ ‫ولق�د قالوا عنه‪ :‬كان علي س�هماً صائ ًبا من س�هام الله على‬ ‫ع�دوه‪ ،‬ورب�اني هذه الأمة‪ .‬وكان علي يدع�و ربه فيقول‪ :‬كفاني‬ ‫ع ًزا أن تكون لي ر ًبا‪ ،‬وكفى بي فخ ًرا أن أكون لك عب ًدا‪ ،‬أنت لي‬ ‫كما أحب‪ ،‬فوفقني لما تحب‪.‬‬ ‫م�ات عمر بن الخط�اب‪ ،‬ثم تولى الخلافة عثامن بن عفان‬ ‫‪ ،I‬وحاصره الثوار في داره ومنعوا عنه الطعام والشراب‪،‬‬ ‫فأسرع علي بن أبي طالب ‪ I‬ينصحهم ويقول لهم‪:‬‬ ‫اسمعوا قولي‪ ،‬فإن فارس والروم تأسر أعداءها فتطعمهم‬ ‫وتسقيهم‪،‬وإنعثمانبريءلميفعللكمشي ًئافأطعموهواسقوه‪،‬‬ ‫ولكن الثوار لم يستمعوا له‪ ،‬فخلع عمامته‪ ،‬وألقاها في دار عثمان‬ ‫ليعلم أنه قد حضر ولم يستطع أن يفعل مع الثوار شي ًئا‪.‬‬ ‫‪n 85‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وبع�ث بالحس�ن والحسين يدافعان ع�ن عثمان ‪.I‬‬ ‫ولكن سيف الفتنة قطع رأس عثمان ‪.I‬‬ ‫وفي ظروف س�يئة تولى عيل ‪ I‬الخلافة ليصبح رابع‬ ‫الخلفاء الراشدين‪.‬‬ ‫وكان ق�د رفض الخلافة حتى أرغم�ه الناس عليها‪ ،‬فاتخذ‬ ‫الكوفة عاصمة للخلافة‪ ،‬ودارت حروب بينه وبين معاوية بن‬ ‫أبي سفيان ‪ I‬في معركة الجمل‪ ،‬ومعركة صفين‪.‬‬ ‫وكان عيل وه�و خليفة للمس�لمين يحمل طع�ام أهله من‬ ‫السوق لا يسمح لأحد أن يحمله عنه‪ ،‬ويقول‪ :‬صاحب العيال‬ ‫أولى بحمل طعامه‪.‬‬ ‫وج�اع هو وأهل�ه ذات مرة ولي�س معه مال وه�و خليفة‬ ‫للمسلمين‪ ،‬فحمل س�يفه وذهب إلى السوق ونادى قائلاً ‪ :‬من‬ ‫يشرتي هذا الس�يف مني؟ فوالله لقد دافعت به عن رسول الله‬ ‫‪ ،0‬وكان يلبس ثو ًبا مرق ًعا يسير به بين المسلمين‪.‬‬ ‫‪86 n‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وجاءه س�من وعسل ليوزعه على المس�لمين فجاءت ابنته‬ ‫أم كلثوم فأخذت منه‪ ،‬فبعث إلى الوزانين((( فقدروا ما أخذته‬ ‫أم كلثوم بخمسة دراهم‪.‬‬ ‫فبع�ث إليه�ا قائًل�اً ‪ :‬ابعث�ي إلى بخمس�ة دراه�م‪ ،‬ورفض‬ ‫‪ I‬أن يأكل هو وآل بيته من مال المسلمين‪.‬‬ ‫وفي معرك�ة «صفين» انقس�م جيش عيل ‪ ،I‬حتى‬ ‫ظهرت فرقة «الخوارج» الذين رأوا أن يقتلوا عل ًيا ‪.I‬‬ ‫وقبل موته بيوم أو يومين‪ ،‬رأى علي عبد الرحمن بن ملجم‬ ‫وهو الذي قتله‪.‬‬ ‫فقال علي له‪ :‬ما الذي يمنعك يا أش�قى الناس من بيعتي‪،‬‬ ‫والله ليسيلن الدم من رأسي أو لحيتي‪.‬‬ ‫وتعج�ب القاتل كيف عرف علي أنه س�يقتله‪ ،‬ولم يكن قد‬ ‫أبلغ أح ًدا بهذا‪.‬‬ ‫وقال له بعض الناس‪ :‬اتق الله يا علي فإنك ميت‪.‬‬ ‫(‪ )1‬الذين يزنون الأشياء بدقة‪n .‬‬ ‫‪87‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫فقال لهم‪ :‬بل مقتول إن شاء الله‪.‬‬ ‫وم�ا هي إلا أيام قلائل حت�ى خرج علي إلى الصلاة فطعنه‬ ‫عبد الرحمن بن ملجم فقتله ش�هي ًدا‪ ،‬ويفقد الإسلام رجلاً من‬ ‫العرشة المبشري�ن بالجن�ة‪ ،‬وصع�دت روح عيل إلى الله ‪D‬‬ ‫لتلح�ق بأخي�ه واب�ن عمه ورس�وله ‪ 0‬بع�د أن جاهد‬ ‫جهاد الأبطال‪ ،‬ومات موت الشهداء ‪.I‬‬ ‫‪sss‬‬ ‫‪88 n‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫الزبير بن العوام ‪I‬‬ ‫الزب�ي�ر ب��ن الع��وام‪ :‬ه�و الزبير ب�ن العوام ب�ن خويلد بن‬ ‫عب�د العزى بن قصى ب�ن كلاب‪ .‬أمه‪ :‬صفية بنت عبد المطلب‪،‬‬ ‫عمة رس�ول الله ‪ .0‬كان أول س�يف ُسل في سبيل الله‪،‬‬ ‫وأول جندي من جنود الإسلام‪.‬‬ ‫إسلام الزبير بن العوام‬ ‫أسلم الزبير مبك ًرا في مكة وكان عمره وقتها ثمانى سنوات‬ ‫فق�ط‪ ،‬لكن الإيامن لا ُيفرق بين صغير وكبير‪ ،‬ب�ل لا يعترف‬ ‫الإيمان إلا بالقلب الطاهر النقي‪.‬‬ ‫وكالعادة فمن كان يؤمن بالله ورسوله في مكة يذوق ألوا ًنا‬ ‫م�ن الع�ذاب والأذى‪ ،‬ووقع الزبير بن العوام كبقية المس�لمين‬ ‫تحت أصناف الأذى والعذاب‪.‬‬ ‫لقد علم عمه بإسلامه‪ ،‬فلفه في حصير من ورق الشجر‪،‬‬ ‫ثم يش�عل النار تحته‪ ،‬فيصعد الدخ�ان كثي ًفا يكاد الزبير يموت‪n‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫مختن ًق�ا منه‪ ،‬ولكن�ه لن يعود إلى نار الكفر بع�د أن رعى في جنة‬ ‫الإيامن‪ ،‬فكان�ت نيران عمه كظل ظلي�ل يتمتع في�ه‪ ،‬فقد نور‬ ‫الإيامن قلبه‪ ،‬فلم يهتم بام يلاقيه من الأذى والعنت في س�بيل‬ ‫الله‪ ،‬وعلا صوت الزبير يرد على عمه‪:‬‬ ‫«لا والله لا أعود للكفر أب ًدا»‪.‬‬ ‫وثب�ت الزبير على إسلامه‪ ،‬وزاد اضطه�اد المشركين له‪،‬‬ ‫ولما هاجر المس�لمون إلى الحبش�ة هاجر الزبير معهم في المرتين‪،‬‬ ‫إلا أن�ه لم يتحم�ل الابتعاد عن رس�ول الله‪ ،0‬فاس�تبد‬ ‫به الش�وق‪ ،‬وعاد إلى مكة ليش�ارك رسول الله ‪ 0‬آلامه‬ ‫ومحنته في مكة‪.‬‬ ‫وهاجر الزبير مع المسلمين إلى المدينة ليبدأ جهاده في سبيل‬ ‫الله ضد معسكر الشرك والكفر‪.‬‬ ‫شجاعة الزبير في غزوة بدر‬ ‫خ�رج ثلاثمائة رجل وس�بعة عشر إلى بدر لملاقاة المشركين‬ ‫في أعظ�م غزوة في الإسلام‪ ،‬وكان عدد المشركين يومها ألف‪n‬‬ ‫‪90‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫رجل أي أن كل مقاتل من ا لمسلمين أمامه ثلاثة رجال يقاتلهم‬ ‫وح�ده‪ ،‬ولك�ن الرجل من المس�لمين وقتها كان يس�اوي ألف‬ ‫فارس وحده‪.‬‬ ‫وكان الزبير ‪ I‬ق�د لب�س عب�اءة صف�راء‪ ،‬وجعل�ه‬ ‫رس�ول الله ‪0‬على ميمنة الجيش لعلمه بش�جاعة الزبير‬ ‫وقوته‪ ،‬وأبلي الزبير يوم بدر بلا ًء حسنًا‪.‬‬ ‫ورأى النبي ‪0‬الزبير فقال له‪ :‬قاتل يا زبير‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬لست الزبير‪.‬‬ ‫فعل�م رس�ول الله ‪0‬أنه ملك م�ن الملائكة قد نزل‬ ‫على ص�ورة الزبير ‪ ،I‬وكان الزبير يوم أح�د من الذين‬ ‫ثبت�وا ح�ول رس�ول الله‪ ،0‬وداف�ع عن�ه يومه�ا ض�د‬ ‫المشركين ثم انطل�ق وراء جيش المشركين بعد غ�زوة أحد مع‬ ‫أبي بك�ر ‪ I‬يطاردانهم‪ ،‬فخشي المشركون وعادوا سري ًعا‪،‬‬ ‫لما رأوا الزبير فارس مكة وجندي الإسلام‪.‬‬ ‫‪n 91‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫أمافييومالخندقفقدكانالوضعسي ًئابالنسسبةللمسلمين‬ ‫حت�ى أن الرج�ل منهم لم يكن يس�تطع أن يدخل إلى الخلاء من‬ ‫ش�دة الحصار خش�ية أن يقتل‪ ،‬وزاد الأمر س�و ًءا حينما أخلف‬ ‫بن�و قريظ�ة من اليه�ود عهدهم م�ع النب�ي ‪ 0‬وفتحوا‬ ‫الطري�ق للمشركين للدخ�ول إلى المدين�ة‪ .‬فن�ادى رس�ول الله‬ ‫‪ 0‬في المسلمين‪ :‬من يذهب إلى بني قريظة ليقاتلهم؟‪.‬‬ ‫ووس�ط ه�ذه الأج�واء المليئ�ة بالخ�وف لم يش�أ أح�د من‬ ‫المسلمين أن يخرج لحرب هؤلاء‪.‬‬ ‫فقام الزبير قائلاً أنا يا رسول الله أخرج‪.‬‬ ‫وكررها رسول الله ‪ 0‬فلم يخرج سوى الزبير‪ ،‬فقال‬ ‫ل�ه النبي‪« :0‬فداك أبي وأمي‪ ،‬إن لكل نبي حوارًّيا(((‪،‬‬ ‫وحواريي الزبير»‪ .‬ومن يومها صار الزبير «حواري رسول الله‬ ‫‪.»0‬‬ ‫(‪ )1‬الحواري‪ :‬الصاحب المؤمن‪ ،‬الشديد الصداقة لصاحبه‪n.‬‬ ‫‪92‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وخرج الزبير لقتال بني قريظة‪ ،‬فوجد أمه صفية قد قتلت‬ ‫يهود ًيا كان يتجس�س على نس�اء المس�لمين‪ ،‬وهك�ذا كان الابن‬ ‫وأمه في خدمة دين الله‪.D‬‬ ‫حياة الزبير في خلافة أبي بكر الصديق‬ ‫وم�ات رس�ول الله‪ ، 0‬وولي الخلاف�ة أب�و بك�ر‬ ‫‪ ،I‬وبعده عمر بن الخطاب ‪.I‬‬ ‫وكان الزبير ‪ I‬أحد جنود الإسلام الأقوياء الذين‬ ‫يقف�ون في مقدمة الجيوش الغازية لتفت�ح بلاد الشرك طم ًعا في‬ ‫دخول أهلها في الإسلام‪ ،‬وإنقاذهم من نار الكفر‪.‬‬ ‫وانطل�ق الزبير بس�يفه يحص�د رق�اب المشركين‪ ،‬ويفتح‬ ‫البلدان فيدخل أهلها في دين الله أفوا ًجا‪.‬‬ ‫ه�ا هو يتذكر يوم بني قريظة حين صرخ قائلاً ‪ :‬يوم كيوم‬ ‫حمزة‪ ،‬وصعد إلى الحصن ومعه علي بن أبي طالب ففتحا حصون‬ ‫اليهود‪ ،‬وظل مش�هد مقتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله‬ ‫‪ 0‬وأس�د الله ورس�وله‪ ،‬وخ�ال الزبير في عين الزبير‪n‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫باق ًي�ا حتى م�ات‪ ،‬فكان إذا دخل إلى معرك�ة تذكره وهو يقاتل‬ ‫المشركين قتال الليوث المهتاجة(((‪.‬‬ ‫ه�ا ه�و يوم «اليرم�وك» في فتوح الش�ام تس�اوي صرخته‬ ‫وحدها جي ًش�ا كاملاً فينهزم أعداء الله أمام�ه‪ ،‬ويفرون كما تفر‬ ‫الفئران المذعورة‪.‬‬ ‫ومن حس�ن الطال�ع أن الزبير ‪ I‬كان ضمن جيش‬ ‫عم�رو بن الع�اص الذي ج�اء ليفتح مصر‪ ،‬ويدخل الإسلام‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫وأم�ام حص�ن بابلي�ون وق�ف المس�لمون وق�د تحطم�ت‬ ‫جهودهم على صخرة هذا الحصن المنيع فلم يقدروا على فتحه‪،‬‬ ‫وطال الحصار شهو ًرا‪ ،‬حتى ه ّب الزبير في عمل بطولي رائع‪.‬‬ ‫فق�ال في ثبات المؤمنين‪ :‬إني أهب((( نفسي لله‪ ،‬أرجو أن‬ ‫يفتح الله بذلك على المسلمين‪.‬‬ ‫‪94 n‬‬ ‫(‪ )1‬الأسود القوية‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أعطى وأمنح‪.‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫ووض�ع الزبير س�لماً على ج�دار الحصن ثم صع�د وقال‬ ‫لأصحابه‪ :‬إذا سمعتم تكبيري فكبروا‪.‬‬ ‫وصع�د الزبير على س�لم الحص�ن‪ ،‬وتبعه المس�لمون‪ ،‬ثم‬ ‫كرب((( الزبير‪ ،‬وكبر المس�لمون وراءه‪ ،‬ود ّب الرعب في قلوب‬ ‫ال�روم فتركوا الحصن‪ ،‬ففتح�ه الزبير ‪ I‬وحده‪ ،‬وفتحت‬ ‫مصر كلها بعد ذلك مدينة تلو الأخرى‪.‬‬ ‫ولقد عرف المس�لمون تضحيات الزبير وجهاده حتى قال‬ ‫أح�د المس�لمين‪ :‬لقد نظ�رت إلى صدر الزبير‪ ،‬وفي صدره مثل‬ ‫عيون الماء(((من ضرب السيوف‪ ،‬وطعن الرماح‪.‬‬ ‫كان الزبير ‪ I‬يتمنى الش�هادة والموت في س�بيل الله‪،‬‬ ‫وكثي ًرا ما دخل المعارك وهو يحمل روحه على كفه‪ ،‬ولكن طيلة‬ ‫معارك الإسلام لم يقتل الزبير ‪.I‬‬ ‫ومن ش�دة حبه للش�هادة س�مى أولاده بأسامء الشهداء‪،‬‬ ‫فسمى ولده عبد الله على اسم عبد الله بن جحش أول من سمي‬ ‫أمير المؤمنين‪ ،‬وهو الشهيد المجدع الذي استشهد يوم أحد‪.‬‬ ‫(‪ )2‬الآبار‪n.‬‬ ‫(‪ )1‬قال‪ :‬الله أكبر‪.‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫أما ولده «مصعب» فهو س�م ّي «مصعب بن عمير» شهيد‬ ‫أحد وأول س�فير في الإسلام‪« ،‬وحمزة» هو الس�مي لأسد الله‬ ‫ورسوله حمزة بن عبد المطلب‪.‬‬ ‫وهكذا كان أولاده جمي ًعا‪.‬‬ ‫ولق�د كان الزبير مث�ل طلحة ب�ن عبي�د الله ‪ I‬غن ًيا‬ ‫بماله‪ ،‬كريماً في عطائه‪ ،‬كثير الصدقة‪ ،‬يوزع على الفقراء ماله كله‬ ‫لا يبقي لنفسه شي ًئا‪ ،‬بل نفسه وماله في سبيل الله‪.‬‬ ‫وع�اش طلح�ة والزبير أخ�وان في الله حت�ى ق�ال النب�ي‬ ‫‪« :0‬طلحة والزبير جاراي في الجنة»‪.‬‬ ‫وبعد موت عثمان ‪ I‬حارب الزبير وطلحة ضد علي‬ ‫اب�ن أبي طالب ‪ I‬في معركة الجمل‪ ،‬فخرج علي إلى الزبير‬ ‫وقال له‪ :‬يا زبير‪ ،‬ألم تس�مع قول رس�ول الله لك‪ :‬إنك ستقاتل‬ ‫عل ًيا وأنت له ظالم‪.‬‬ ‫فلام س�مع الزبير ذل�ك تذكر ق�ول النبي‪ ،‬وانس�حب من‬ ‫المعركة هو وطلحة بن عبيد الله‪.‬‬ ‫‪96 n‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫ولك�ن أهل الفتنة أب�وا((( إلا قتل الزبير‪ ،‬وطلحة‪ ،‬فقتل‬ ‫طلحة أولاً ‪.‬‬ ‫وبينام الزبير يصيل إذ رماه رجل يس�مى «اب�ن جرموز»‬ ‫بسهم فقتله‪.‬‬ ‫فع�اد «اب�ن جرم�وز» إلى عيل ب�ن أبي طال�ب يس�تأذن في‬ ‫الدخول عليه‪ ،‬فقال علي‪ :‬لقد س�معت رس�ول الله يقول‪ :‬بشر‬ ‫قاتل ابن صفية ‪ -‬يعني الزبير ‪ -‬بالنار‪.‬‬ ‫وذه�ب عيل ‪ I‬ليرى الزبير ق�د أضرج في دمائ�ه‬ ‫شهي ًدا‪ ،‬فانكب عليه يقبله وهو يبكي ويقول‪ :‬سيف والله طالما‬ ‫دافع عن رسول الله‪.0‬‬ ‫وبجوار جث�ة طلحة‪ ،‬كانت جثة الزبير‪ ،‬ليترافقا في قبريهما‬ ‫كام كان�ا في الدني�ا أخوي�ن‪ ،‬وبقي ق�ول رس�ول الله‪« :‬طلحة‬ ‫والزبير جاراي في الجنة»‪.‬‬ ‫(‪ )1‬رفضوا‪.‬‬ ‫‪n 97‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫وكان مقتل�ه ‪ I‬أي ًض�ا في الع�ام الس�ادس والثلاثين‬ ‫للهجرة‪.‬‬ ‫‪sss‬‬ ‫‪98 n‬‬ ‫‪ ‬‬

‫‪www.alukah.net‬‬ ‫ﺷﺒﻜﺔ‬ ‫‪M‬‬ ‫طلحة بن عبيد الله ‪I‬‬ ‫طلح��ة بن عبيد الله‪ :‬هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن‬ ‫عمرو بن كعب‪ ،‬أحد العشرة المبشرين بالجنة‪.‬‬ ‫أم��ه‪ :‬الصعب�ة بن�ت الحضرمى‪ ،‬أخ�ت العلاء‪ ،‬أس�لمت‬ ‫قديًم�اً ‪ ،‬كان أبو بكر الصديق ‪ I‬إذا ذكر يوم أحد ‪ -‬غزوة‬ ‫أحد‪ -‬قال‪ :‬ذاك كله يوم طلحة‪.‬‬ ‫إسلام طلحة ‪I‬‬ ‫لم يكن طلحة بن عبيد الله يعرف أن رسول الله ‪0‬قد‬ ‫بعث�ه الله‪ ،‬فلم يكن قد مضى على بعثت�ه إلا وقت قصير‪ ،‬ولكن‬ ‫الأقدار الس�عيدة كانت تخفي وراءها الخير لطلحة‪ ،‬فطلحة من‬ ‫بن�ي تيم‪ ،‬وهو ج�ار لأبي بكر الصديق الذي أس�لم وآمن بالله‬ ‫ورس�وله‪ ،‬ووص�ل طلحة إلى مكة يس�أل عما ح�دث فيها بعد‬ ‫خروجه منها‪.‬‬ ‫‪n 99‬‬ ‫‪ ‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook