Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الرحلة إلى إفريقيا _ للشنقيطي

الرحلة إلى إفريقيا _ للشنقيطي

Published by كتاب فلاش Flash Book, 2020-05-11 07:37:01

Description: ط المجمع

Search

Read the Text Version

‫جاء بشرعنا من الامر باتباع داود أننا مأمورون به‪.‬‬ ‫إذا عرفتم هذا فالله يقول لداود ‪ < :‬ن اعل شبفمخ وقدرفى لممر)‬ ‫‪ 1‬سبأ‪ ]11 /‬وهذا أعظم كفاح عسكري في وقته ؛ لان معنى ‪ < :‬ن تر‬ ‫شبفت> ي ‪ :‬دروعا سابغات تحصن بها نفسك وجيشك في الميدان‬ ‫لممط ) ‪ 1‬سبأ‪ ]11 /‬علمه بها‬ ‫إذا التقت الصفوف ‪ ،‬وقوله ‪< :‬وقدرفى‬ ‫أصول الحدادة ؛ لان السرد في لغة العرب ‪ :‬نسح الدرع ‪ ،‬ومعنى‪:‬‬ ‫<وقدر فى السرر ) اجعل الحلق والمسامير بأقدار متناسبة ؛ لان‬ ‫المسمار إن كان أكبر من الحلقة كسرها ‪ ،‬وإن كان أصغر منها لم يشدها‬ ‫كما ينبغي ‪ ،‬ولما بين له هذا الاحتياط العسكري في الميدان قال بعده ‪:‬‬ ‫< واعملوا ص!لحا > ‪ 1‬سبأ‪ ]11 /‬ونحن مأمورون باتباعهم كما بينا ‪ ،‬فعلينا‬ ‫أن نستعد لكفاح العدو ‪ ،‬و ن نعمل صالحا ونطيع خالق الكون ‪ ،‬والله‪-‬‬ ‫جل وعلا ‪ -‬يقول ‪ < :‬وأعدوا لهم ما شتظعتم من قؤؤ) [الانفال‪ ]06 /‬هذا‬ ‫أمر من خالق الكون ‪ ،‬وخالق السموات والارض أوامره صعبة‪،‬‬ ‫والتكاسل والتناوم عنها ليس بالامر الهين ؛ لأن الله يقول ‪< :‬ففيحذر‬ ‫لذين يخالفون عن ضهء ان تصيبهم فتنهب أو يصيبهم عذاب ألؤ) [النور‪]63 /‬‬ ‫ويقول ‪ < :‬وما كان لمؤمن ولامومنة إذ قضى الله وريتوله‪ ،‬أمرا أن يكون لهم الخيرة‬ ‫من أ!ىهثم ) ‪ 1‬الاحزاب‪ ]36 /‬فجعل أمر الرسول مانعا من الاختيار موجبا‬ ‫للامتثال ‪ ،‬وقد قال لابليس ‪ < :‬قال ما منعك ألا تسجد إذ أصيك ) ‪ 1‬الاعر ف‪/‬‬ ‫‪ :‬مالكم أن لا تعدوا القوة الكافية‬ ‫‪ ] 12‬كأنه يقول للمتواكلين المتكاسلين‬ ‫إذ أمرتكم ؟ والنبي ع!يو وهو القدوة الاكبر والمربي الاعظم ‪ ،‬وسيد‬ ‫الخلق ‪ -‬صلوات الله وسلامه عليه ‪ -‬هكذا كان يفعل ‪ ،‬كان يعمل‬ ‫بالامور الدينية ‪ ،‬ويتقدم أعظم التقدم في الميادين الحيوية الدنيوية‪،‬‬ ‫‪51‬‬

‫وهو مرض ربه ‪ ،‬وعلى صلة بربه‪.‬‬ ‫و نا اضرب لكم بعض الامثال في انه ينتفع بالامور الدنيوية ولو‬ ‫كان إنتاجها من الكفرة الفجرة الخنازير أبناء الخنازير‪ ،‬نضرب لكم‬ ‫ثلائة أمثلة من هذا نضرب المثل بها دائما‪:‬‬ ‫منها ‪ :‬أن النبي ع!م لما حاصره الاحزاب ذلك الحصار العسكري‬ ‫التاريخي العطيم المذكور في قوله ‪ < :‬ذ حاءكم من فوقكم ومن أسقل‬ ‫منكتم وإذ زاغت الأبصحرولبغت لقلوب الضاجر وتظنون بالله الظنونا!‬ ‫هنالك تتلى لمؤمنو‪ %‬دزلزلوا زلزالاشديدا !) [الاحزاب‪ ]11 - 01 /‬قال لى‬ ‫‪ ،‬الاذهان التي‬ ‫سلمان ‪ :‬كنا إذا خفنا خندقنا(‪ . )1‬هذه مثلا خطة عسكرية‬ ‫أنتجتها من الدنيا ذهان كفرة فجرة مجوس يسجدون للنار ‪ ،‬فالنبيعم‬ ‫لم يقل‪ :‬هذه خطة عسكرية نجسة ؛ لان أصلها من الكفار‪ ،‬وقد‬ ‫اخترعها المجوس إ! لا‪ ،‬أخذ الخطة الدنيوية من الكافر وهو مرضيى‬ ‫ربه ‪ ،‬محافط على اداب السماء والاداب الروحية‪.‬‬ ‫ومن أمثلة هذا ‪ :‬أن النبي !م لما تكالبت عليه قوى الشر ‪ ،‬واضطر‬ ‫إلى الخروج من وطنه ‪ ،‬ودخل هو وصاحبه في الغار كما نص الله في‬ ‫سورة براءة ‪< :‬ثاث اننين إد هما ف لغار) [التوبة‪ ]04 /‬وجميع‬ ‫الدنيا حرب عليه ‪ ،‬والطريق تبث فيها العيون والرصد ‪ ،‬وجد خبيرا كاقرا‬ ‫واسمه ‪ :‬عبدالله بن الا!ريقط الدولي ‪ ،‬كافر يسجد للصنم إلا أنه عنده‬ ‫خبرة دنيوية ‪ ،‬فهو يعرف الطرق ‪ ،‬ويحاشي الطرق المعهودة ‪ ،‬ويأتي به‬ ‫(‪ )1‬تاريخ الطبري (‪.)44 /3‬‬ ‫‪52‬‬

‫من طرق لم يعلمها الناس حتى يسلم من الرصد والعيون المبثوثة‬ ‫أمامه ؛ النبي لم يقل ‪ :‬هذه خبرة كافر يسجد للصنم فهي خبرة نجسة‬ ‫قذرة أتركها ! ! لا ‪ ،‬استعان بخبرته و عطاه مراكبه هو وصاحبه ‪ ،‬ثم سار‬ ‫منتفعا بخبرته حتى أوصله المدينة بسلام ‪.‬‬ ‫وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي غ!يم أنه هم أن يمنع وطء‬ ‫النساء المراضع ؛ لان الغيلة التي هي وطء المرضع ‪ ،‬كان العرب‬ ‫يزعمون أنها تضعف عظم الولد‪ ،‬وإذا ضرب الرجل بسيفه فنبا سيفه‬ ‫عن الضريبة قالوا‪ :‬هذا رجل غيلت أمه‪ ،‬يعني ‪ :‬وطئت أمه وهو‬ ‫يرضع ‪ ،‬وكان شاعرهم يقول في هذا الميدان (‪: )1‬‬ ‫فتنبو في أكفهم السيوف‬ ‫فوارس لم يغالوا في رضغ‬ ‫فلما أخبرته فارس والروم أنهم يفعلون ذلك ولا يضر أولادهم‪،‬‬ ‫أخذ بهذه الخطة الطبية ولم يقل ‪ :‬أصل تجاربها من الكفرة (‪. )2‬‬ ‫وهذه أمور و مثلة تدل على ن النبي ع!يم وهو سيد [الخلق](‪)3‬‬ ‫ياخذ الامور الدنيوية ولو اخترعتها أذهان كافرة فاجرة على حد قولهم‪:‬‬ ‫\"اجتن الثمار و لق الخشبة في النار\" وهو فيما بينه وبين ربه مرض ربه‬ ‫جل وعلا ‪ .‬وعلى كل حال فنحن نضرب دائما الأمثال ؛ لان الأمثال‬ ‫(‪ )1‬البيت في الكامل (ص ‪.)177‬‬ ‫(‪ )2‬الحديث أخرجه مسلم ‪ ،‬كتاب النكاح ‪ ،‬باب‪ :‬جواز الغيلة ‪ ،‬حديث رقم‬ ‫(‪.2/6601 )1442‬‬ ‫(‪ )3‬في الأصل ‪ :‬الكون ‪ ،‬ومابين المعقوفين زيادة على الأصل‪.‬‬ ‫‪53‬‬

‫تقرب المعقولات كالمحسوسات ‪.‬‬ ‫والاستقراء الصحيح دل على أن الحضارة الغربية فيها نا غاية‬ ‫النفع ‪ ،‬وضار غاية الضرر‪ ،‬أما النافبع منها فهو ما أنتجته في الميادين‬ ‫الحيوية في الماديات والتنظيميات ‪ ،‬وما خدمت به الانسان من حيتث‬ ‫إنه جسم في جميع أنواع الحياة ‪ ،‬والضار منها ‪ :‬هو الافلالس الروحي‬ ‫والتمرد على نظام السماء الذي وضعه خالق الكون ‪ -‬جل وعلا ‪ ،-‬فاذا‬ ‫عرفنا ن منها تافعا ومنها ضارا فنضرب لذلك الامثال ‪ -‬مثل الموقف‬ ‫الطبيعي منها ‪ -‬مثل رجل بعيد عن العمران في آخر رمق من العطش‪،‬‬ ‫وجد سما فتاكا وماء عذبا زلالا ‪ ،‬فالعقل الصحيح يحصر الاقسام عنده‬ ‫في أربعة ‪ :‬إما أن يشرب السم والماء معا ‪ ،‬أو يتركهما معا‪ ،‬أو يشرب‬ ‫السم ويترك الماء ‪ ،‬أو يشرب الماء ويترك السم ‪ .‬فان شربهما معا لم ينتفع‬ ‫بالماء؛ لان السم يهلكه ‪ ،‬وإن تركهما معا مات في الطريق ولم يلحق‬ ‫بالقافلة ‪ ،‬وسقط دون الركب ‪ ،‬وان شرب السم وترك الماء فهو رجل‬ ‫احمق أهوج لا يدري خيرا من شر ‪ ،‬وان كان عاقلا فطبعا نه يشرب الماء‬ ‫ويترك السم ‪ ،‬ونحن يؤسفنا كل الاسف أن المنتشبين للسياسة الذين‬ ‫يحركون دفة الامور عكسوا القضية ‪ ،‬فشربوا من الحضارة الغربية سمها‬ ‫القاتل الفتاك وهو ماجنته من الانحطاط الخلقي والرذالة والتمرد على‬ ‫نظام السماء ‪ ،‬وتركوا نافعها وهو التقدم الدنيوي في ميادين الحياة ! !‬ ‫ما حسن الدين والدنيا إذا اجتمعا و قبح الكفر والافلالس بالرجل (‪)1‬‬ ‫(‪ )1‬البيت لابي العتاهية ‪ ،‬وهو في ديوانه (ص ‪.)174‬‬ ‫‪54‬‬

‫فعلينا جميعا أن نعلم هذا‪ ،‬ونعلم أن دين الاسلام دين ميدان ‪،‬‬ ‫ودين كفاح ليس دين نوم ولا تكاسل ‪ ،‬ومن نام وتكاسل داسته نعال‬ ‫الاراذل ‪ ،‬وكان حمارا يقوده من شاء ن يقوده ‪ ،‬فلابد من التقدم في‬ ‫الميد ن ‪ ،‬والدنيا كفاح لابد من العمل ‪ ،‬ولكن الانسان يعمل في دنياه‬ ‫وهو مرض ربه ‪ ،‬ولا يمنع العقل أن يكون الانسان محافظا على دينه في‬ ‫جميع السمت ‪ ،‬وجميع الحركات والسكنات ‪ ،‬وهو متقدم في الميادين‬ ‫الدنيوية كل التقدم كما عرفه التاريخ بالنبي ! و صحابه ‪ ،‬نعم هنالك‬ ‫مشكلة عظمى هي محك المشكلات في هذا الزمن ؛ ذلك لان الكفار‬ ‫عرفوا من قيمة دين الاسلام ما جهله أو تجاهله المسلمون ‪ ،‬وعلموا ن‬ ‫أ‬ ‫الدين الاسلامي إذا كان عند المسلمين على الوجه الصحيح لا يقف‬ ‫مام المسلمين شيء‪ ،‬و ن قوة الاسلام تدك الجبال ‪ ،‬فمن زمن الدولة‬ ‫العباسية وهم يعملون بضربه بالمعاول ليضعفوه ‪[ ،‬وصار](‪ )1‬جميع‬ ‫الميادين الحيوية مؤلفوها كفرة ‪ ،‬ولم يؤلفوا تأليفا ينتفع به الانسان في‬ ‫ميدان من ميادين الحياة لا في تجارة ‪ ،‬ولا سياسة ‪ ،‬ولا عسكرية ‪ ،‬ولا‬ ‫هندسة ‪ ،‬ولا كيمياء إلا حطوا في تلك التآليف أفكارا هدامة وعقائد‬ ‫زائفة مضللة تفصل الشخص عن دينه ‪ ،‬ومرادهم بذلك أحد أمرين ‪ :‬إما‬ ‫أن يتخلف أولاد المسلمين عن ميادين الحياة فيبقون لقمة سائغة لمن‬ ‫جاءهم ‪ ،‬أو يدحلوا في ميادين الحياة فينشبوا في الفخ الذي وضعوا‬ ‫لهم ‪ ،‬وعلى المسلمين أن يتنبهوا لهذا‪ ،‬ويعلموا أولادهم العلوم‬ ‫الدنيوية ‪ ،‬ويحذروا عليهم من تلك العقائد الهدامة و لامور التي‬ ‫(‪ ) 1‬في الاصل ‪ \" :‬وصاروا\" ‪.‬‬ ‫‪55‬‬

‫تصدهم عن دينهم ‪ ،‬وهذا يكون بالمراقبة ‪ ،‬وباجتماع المسلمين‪،‬‬ ‫وتثقيف أولادهم ثقافة صحيحة ‪ ،‬وبجمع أموال طائلة على حساب‬ ‫الناس والمسلمين واستجلاب مدرسين يتقنون العلوم الدنيوية‬ ‫ويميزونها مما جاء في الطريق من شوك و لغام ‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فنحن الان لايمكن أن نسترسل لان فضيلة أخينا‬ ‫القاضي عنده أسئلة و جوبة يريد أن يسجلها فلا يمكن أن نستغرق عليه‬ ‫الوقت ‪ ،‬والسلام عليكم جميغا ورحمة الله وبركاته ‪ ،‬ونرجو الله لنا‬ ‫‪...‬‬ ‫الله ورسوله‬ ‫ولكم جميعا العافية والتوفيق والسداد إلى ما يرضي‬ ‫**‪***-‬‬ ‫‪56‬‬

‫[‪13‬‬ ‫الإسلام دين القوة‬ ‫تكريم الإسلام للمراة‬ ‫‪57‬‬

‫‪ ). . .( )1(/‬لان الطرق المعهودة بث الكفار عليها العيون والرصد‬ ‫لياخذوا النبي كليو ومن معه ‪ ،‬فالنبي مج!بلما وجد هذا الخبير الكافر لم‬ ‫يقل ‪ :‬خبرة هذا الخبير خبرة نجسة قذرة لانها من كافر‪ ،‬لا‪ .‬انتفع‬ ‫بخبرته ‪ ،‬وأعطاه المراكيب ‪ ،‬وراح به ومن معه ‪ ،‬وساحل بهم ‪ ،‬وتجنب‬ ‫الطرق التي عليها العيون والرصد حتى اوصله إلى المدينة بسلام ‪ ،‬وهذا‬ ‫يبين أن المسلم يأخذ الخطة الدنيوية من الكفار وهو فيما بينه وبين ربه‬ ‫مرض ربه ‪ ،‬وقد ثبت في صحيح مسلم ‪ -‬وهو اصح كتاب بعد كتاب الله‬ ‫وبعد صحيح البخاري ‪ -‬أن النبي ع!ير هم أن يمنع وطء النساء‬ ‫المراضع ؛ لان العرب كانوا يعتقدون أن المرأة إذا وطئها زوجها ولها‬ ‫ولد ترضعه أن ذلك الوطء يضعف عظم الولد ويضره ‪ ،‬وكانوا إذا‬ ‫ضرب الرجل ونبا سيفه عن الضريبة قالوا‪ :‬هذا رجل غيلإ! يعني‬ ‫وطئت أمه [وهو يرضع ](‪)2‬؛ لان هذا الذي أضعف عظمه ‪ ،‬وشاعرهم‬ ‫يقول في هذا الميدان (‪.)3‬‬ ‫فتنبو في أكفهم السيوف‬ ‫فوارس لم يغالوا في رضاع‬ ‫(‪ )1‬من الشريط السابع ‪ ،‬و ول المحاضرة غير موجود في التسجيل الذي بين‬ ‫يدينا‪.‬‬ ‫عن الاسلام وأنه دين القوة والتقدم في جميع‬ ‫والشيخ رحمه الله يتحدث‬ ‫الميادين ‪ ،‬و نه لا يمنع من الاستفادة مما عند الكفار من الامور النافعة ‪ .‬وقد‬ ‫سبق الكلام في ذلك في المحاضرة رقم (‪ ،)2‬كما سياتي ضمن المحاضرة‬ ‫رقم (‪ .)4‬كما تجد نظائره في العذب النمير في مواضع متعددة ‪.‬‬ ‫ما بين المعقوفين زيادة يتم بها الكلام ‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪ )3‬تقدم قريئا في المحاضرة الثانية‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫فالنبي جمقه هم أن يمنع وطء النساء المراضع لهذا السبب فأخبرته‬ ‫فارس والروم بانهم يفعلون هذا ولا يضر أولادهم ‪ ،‬فأخذ هذه الخطة‬ ‫الطبية من الكفرة الفجرة الخنازير أبناء الخنازير فارس والروم ‪ ،‬ولم‬ ‫يقل ‪ :‬هذه الخطة الطبية قذرة نجسة ‪ ،‬لان أصلها من الكفار ! ! لا‪.‬‬ ‫هذه أمثلة وأضواء نلقيها لاخواننا ليتحققوا بها الموقف الطبيعي‬ ‫لهذه المشاكل الراهنة التي خيمت على الدنيا‪ ،‬فعلينا جميعا ن نفهم‬ ‫الوضع على حقيقته ‪ ،‬ونعلم أن دين الاسلام ليس حجر عثرة في طريق‬ ‫التقدم ‪ ،‬بل هو دين التقدم في جميع الميادين ‪ ،‬ومن لم يتقدم في‬ ‫الميادين فهو مخالف امر الله ؛ لان الله يقول ‪ < :‬وأعدوا لهم ما اشتظعتم‬ ‫من قؤ ) [الانفال‪ ]06 /‬فقوله ‪< :‬وأعدوا ) أمر من خالق هذا الكون ‪،‬‬ ‫وأوامر الله ليست بالشيء الهين ‪ ،‬بل هي أوامر خالق الكون ‪ ،‬وقد قال‬ ‫مره ‪ < :‬ما ممعك الا لسجد إذ أميتك> [الأعراف ‪ ] 1 2 /‬ه‬ ‫لابليس لما عصى‬ ‫فالذين لا يعدون القوة بل يتواكلون ويتكاسلون وينامون من أين‬ ‫لهم أن الله لا يقول لهم كما قال لابليس ‪ :‬مالكم الا تعدوا القوة إ ذ‬ ‫أمرتكم ؟ وهذا يبين أن الضعف والعجز والتواكل هو تمرد على نطام‬ ‫السماء‪ ،‬ومخالفة لاوامر القران ‪ ،‬وأن دين الاسلام دين تقدم في‬ ‫الميدان وكفاح ‪.‬‬ ‫حتى يراق على جوانبه الدم (‪)1‬‬ ‫لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى‬ ‫ومن المؤسف كل الاسف الذي يأسف له المسلم ويحزن أن كثيرا‬ ‫(‪ )1‬يتيمة الدهر (‪ ،)1/258‬الخزانة (‪ ،)1/391‬صيح الاعثى (‪.)11/991‬‬ ‫‪95‬‬

‫ممن يحركون الدفة السياسية في أقطار الدنيا عكسوا القضية إ ! إنا لله‬ ‫وإنا إليه راجعون ‪ ،‬فأخذوا من الحضارة الغربية سمها الفتاك وضررها‬ ‫المحض ‪ ،‬وهو ما أنتجته من الانحطاط الخلقي ‪ ،‬والتمرد على نظام‬ ‫السماء ‪ ،‬والطعن في الدين الذي هو وضع خالق هذا الكون ‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي لم يحصلوا فيه على شيء مما أنتجته من الفوائد الدنيوية‪،‬‬ ‫فعكسوا القضية على خط مستقيم ! !‬ ‫وأقيح الكفر والافلاس بالرجل (‪)1‬‬ ‫ما حسن الدين والدنيا إذا اجتمعا‬ ‫ثم إنا هنا نلقي بعض الكلام يخص بأخواتنا‪ :‬أيتها الأخوات‬ ‫عليكن‬ ‫في أقطار الدنيا ‪ :‬اعلمن أن الله تبارك وتعالى أوجب‬ ‫المسلمات‬ ‫مكارم الأخلاق اللائقة بشرفكن من الصيانة والستر والعفاف ‪ ،‬وارضاء‬ ‫الفضيلة ‪ ،‬فالتي تريد منكن أن تعمل إذا تيسر لها أن تعمل في بيت‬ ‫زوجها فإن ذلك معاونة عظمى في بناء المجتمع الانساني ؛ لان المرأة‬ ‫بصفتها الطبيعية تقوم بخدمات هائلة للمجتمع الانساني قد لا يقوم‬ ‫وهناك بعض الخدمات لا يمكن أن يقوم بها غيرها‪،‬‬ ‫الرجل !ا‪،‬‬ ‫لأنها هي التي تحمل الاولاد في بطنها‪ ،‬وهي التي تضعها في النفاس ‪،‬‬ ‫وهي التي ترضع ‪ ،‬وتقوم على الرضيع ‪ ،‬وعلى الفطيم ‪ ،‬وتعالج‬ ‫المريض ‪ ،‬وتقوم بخدمات البيت ‪ ،‬فاذا خرج زوجها في ميدان من‬ ‫ميادين الحياة إلى جهاد أو إلى عمل من الاعمال جاء فوجد قرينه الاخر‬ ‫وقيمه الكبير يحفظ كل شيء‪ ،‬وجد طفله الرضيع مرضعا‪ ،‬والفطيم‬ ‫(‪ )1‬تقدم قريبا في المحاضرة الثانية‪.‬‬ ‫‪06‬‬

‫محفوظا‪ ،‬والمريض معالجا‪ ،‬وجميع لوازم البيت مهيأة‪ ،‬وهذه‬ ‫خدمات إنسانية ترضي الله ‪ ،‬وهي للمجتمع الانساني مساهمة لا يوجد‬ ‫نظيرها‪ ،‬زيادة على هذا أن هذا يكون مع العفاف والكرامة التي تليق‬ ‫بالشرف والمروءة ‪ ،‬وترضي الله والرسول ‪ ،‬وترضي الضمير الانساني‪.‬‬ ‫فالشيطان لاشك يغيظه هذا الامر أن يتعاون هذان النوعان هذه‬ ‫المعاونة الفعالة العظيمة على بناء المجتمع في دينه ودنياه فينخس في‬ ‫دائما إ! ئم‬ ‫دجاجة ‪ ،‬وأنت محبوسة‬ ‫أذن المرأة ويقول ‪ :‬جعلوك‬ ‫يخرجها في الميدان لتكون مائدة لخونة الأعين ! ! المرأة جمالها يتلذذ‬ ‫به الانسان ‪ ،‬والتلذذ بها خير متاع يوجد في متاع الدنيا ‪ ،‬والعين الخائنة‬ ‫إذا نظرت إلى جمالها فقد ظلمت ذللش الجمال ‪ ،‬واستغلت ذللش‬ ‫الجمال مكرا وخديعة وخيانة لله ولرسوله وللضمير الانساني وللشرف‬ ‫والفضيلة‪.‬‬ ‫فعلى بناتنا و خواتنا أن يعلمن قيمتهن ومكانتهن التي أعظاهن الله‪،‬‬ ‫و ن الوحي السماوي صانهن عن الابتذال ‪ ،‬وأنه جعلهن يقمن بخدمات‬ ‫لا يقوم بها غيرهن في المجتمع ‪ ،‬فهي أعظم من خدمات الرجال ‪ ،‬إلا‬ ‫أنها في صيانة وعفاف وكرم وستر‪.‬‬ ‫ثم إنه لاشك ان المرأة قد تضطر إلى أن تخرج في ميدان الحياة‬ ‫كأن لا يكون لها زوج ولا قئم يقوم بشؤونها فلها أن تعمل ‪ ،‬ولكن إذا‬ ‫اضظرت إلى العمل فعليها‪ -‬أيتها الأخوات ‪ -‬أن تخرج في ستر‬ ‫وعفاف ‪ ،‬وصيانة وعدم ابتذال ‪ ،‬وتزاول كل ما شاءت من الأعمال في‬ ‫ستر وعفاف ‪.‬‬ ‫‪61‬‬

‫أما خروجها في حالات لا تليق بالشرف ولا بالفضيلة ولا‬ ‫منه الانسان إ ! والبلاد‬ ‫بالإنسانية فهو أمر يعرق منه الجبين ‪ ،‬ويخجل‬ ‫التي انتشر فيها ذلك كمصر والشام والعراق ضاع فيها الشرف‬ ‫والفضيلة ‪ ،‬وكانت أولاد الزنا تعد فيها بالملايين ‪ ،‬فعلى المسلمات أ ن‬ ‫يرعين الله في أنفسهن ‪ ،‬ويعلمن ان الله جعل لهن احتراما وشرفا‬ ‫إلى الخيانات‬ ‫وكرامة ‪ ،‬وأن لا يضيعن كرامتهن بالابتذال والتعرض‬ ‫والامور التي لا تنبغي‪.‬‬ ‫و ظن أن الوقت قد قرب ‪ ،‬والسلام عليكم جميعا ورحمة الله‬ ‫وبركاته ‪ ،‬نرجو الله لنا ولكم جميعا العافية والتوفيق‪.‬‬ ‫*****‬ ‫‪62‬‬

‫[‪14‬‬ ‫(اضواء على مسمائل مهمة يكثر الغلط في تصورها)‬ ‫وينتطم ذلك ست مسائل‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الاعتقاد الصحيح في نصوعر الصفات ‪.‬‬ ‫\" لا اله الا الله \" ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مفهوم‬ ‫‪ - 3‬بيان ان الإس!لام دين القوة والتقدم في جم!يع الميادين‪.‬‬ ‫‪ - 4‬بيان الموقف الصحيح من الحضارة الغربية‪.‬‬ ‫‪ - 5‬بيان ان الاس!لام ينظم جم!يع شؤون الحياة ‪.‬‬ ‫‪ - 6‬الرابطة الأيمانية‪.‬‬ ‫‪63‬‬

‫لئه لرخن!ص لريض‬ ‫‪ )1( /‬والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وأصحابه ومن تبعهم‬ ‫بإحسان إلى يوم الدين ‪ ،‬والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته ‪. . .‬‬ ‫وبعد‪:‬‬ ‫فإني بهذه المناسبة أريد أن ألقي أضواء على بعض المسائل التي‬ ‫لها أهميتها في الاسلام مع أنها يتصورها كثير من ذويه بمفاهيم غير‬ ‫صحيحة‪:‬‬ ‫من ذلك ‪ :‬ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه !يم من الصفات التي‬ ‫تمذح بها خالق الكون ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬أو أثنى بها عليه نبيه ع!فه ‪ ،‬كصفة‬ ‫الاستواء ونحو ذلك ‪ ،‬فإن كثيرا من أهل الملة الاسلامية يتصورون ذلك‬ ‫بغير المفاهيم الحقيقية ‪ ،‬والذي أريد أن أقوله ‪ :‬إن المفهوم الصحيح‬ ‫لذلك يتركز على ثلاث أسس موضحة غاية الإيضاح في القران العظيم‪.‬‬ ‫الأول منها ‪ :‬تنزيه خالق السموات والارض التنزيه التام الكامل عن‬ ‫مشابهة شيء من حلقه في الذوات والصفات والأفعال ‪ ،‬وهذا الاصل‬ ‫[الشورى‪] 11 /‬‬ ‫العظيم مستفاد من قوله تعالى ‪ < :‬لبد ممثله ‪-‬كتبنو‬ ‫‪ < :‬فلا‬ ‫‪ ] 4‬وقوله‬ ‫[‪ 1‬لاخلاص‪/‬‬ ‫وقوله ‪ < :‬ولم يكن ل! كفوا أحا *>‬ ‫تضربو لله الامثاذ> [النحل‪ ]74 /‬ونحو ذلك من الايات ‪.‬‬ ‫الله به نفسه أ و‬ ‫]لثاني من تلك الاسس ‪ :‬هو الايمان بما وصف‬ ‫(‪ )1‬من الشريط الثامن‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫وصفه به من قال في حقه ‪ < :‬وما يخلب عن االوى جم!إن هو إلاوش يوحى بي)‬ ‫الله اعلم بالله من الله <ءأنتم اغلم ام اللهأ)‬ ‫[النجم‪ ]3،4 /‬لانه لا يصف‬ ‫الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله ع!يم الذي قال‬ ‫[البقرة‪ ] 14 0 /‬ولا يصف‬ ‫فيه ‪< :‬وما يخظق عن الوى !إن هو إلا وحى يوحى *> وذلك الايمان‬ ‫بالصفات مبني على أساس تنزيه الخالق عن مماثلة حلقه في شيء من‬ ‫هو لسمييع‬ ‫ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم على نحو < لتس ساه‪-‬لثئ!‬ ‫لبصعير *> فاتيانه ‪ -‬جل وعلا‪ -‬بقوله ‪ < :‬وهو السميع المصحير ! )‬ ‫بعد قوله ‪ < :‬ليس كمثله ‪-‬لثئ لا له مغزى عظيم وسر كبير وتعليم‬ ‫واضح لا ليس في الحق معه ؛ لان السمع والبصر من حيث هما سمع‬ ‫وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات ‪ -‬ودله المثل الاعلى ‪ -‬فكأنه يقول ‪:‬‬ ‫لا تتنطع يا عبدي فتنفي عني صفة سمعي وبصري مدعيا ن الحيوانات‬ ‫تسمع وتبصر‪ ،‬و ن إثبات سمعي وبصري لي والايمان بهما يستلزم‬ ‫التشبيه بما يسمع ويبصر من خلقي ‪ ،‬لا‪ ،‬بل آمن بسمعي وبصري‬ ‫و ثبتهما لي ‪! ،‬لكن لاحظ في ذلك الاثبات قولي قبله مقترنا به ‪ < :‬لتس‬ ‫؟‪.‬‬ ‫كمعله‪-‬شئ‬ ‫فأول الاية دليل على التنزيه الكامل من غير تعطيل ‪ ،‬واخرها دليل‬ ‫على الايمان بالصفات من غير تشبيه ولا تمثيل ‪ ،‬فيلزم من ذلك إيمان‬ ‫وتتزيه ‪ ،‬فمن تقدم بين يدي الله وتجرأ على أن ينفي عنه وصفا ثنى به‬ ‫على نفسه أو أثنى عليه به نبيه ع!يم فكانه يجعل نفسه أعلم بالئه من الله‬ ‫هذا بهتان عظيم ! ! ‪.‬‬ ‫! ! سبحانك‬ ‫ورسوله‬ ‫ومن اعتقد أن وصفا ثنى الله به على نفسه يشبه شيئا من صفات‬ ‫‪65‬‬

‫خلقه فهو أجهل خلق الله بالله ‪ ،‬ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه في حال‬ ‫كونه منزها ربه غاية التنزيه عن مشابهة صفات الخلق فهو مؤمن منزه‬ ‫سالم من ورطة التشبيه والتعطيل مستضيء بنور قوله تعالى ‪ < :‬لدش‬ ‫[الشورى ‪. ] 1 1 /‬‬ ‫كمثله ‪ -‬لثف ء وهو السميع ألبصحير !)‬ ‫الثالث من تلك الأسس ‪ :‬قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف ؛‬ ‫لان العقول لا تحيط علما بمن خلقها ‪ ،‬قال تعالى ‪ < :‬يع!مابئن أيد!م‬ ‫وما ظفهم ولا مجيطون به‪ -‬كا !) [طه‪ ] 1 1 0 /‬فقوله ‪ < :‬ولا يجحظون>‬ ‫فعل في سياق النفي ‪ ،‬وهو صيغة عموم كما هو مقرر في الأصول ‪ ،‬ومن‬ ‫المعلوم أن الفعل قسمان ‪ :‬فعل حقيقي ‪ ،‬وفعل صناعي ‪ ،‬أما الحقيقي‪:‬‬ ‫فهو الحدث المتجذر المعبر عنه في علم النحو بالمصدر‪ ،‬و ما‬ ‫الصناعي ‪ :‬فهو المعروف في الصناعة النحوية بفعل الأمر والماضي‬ ‫والمضارع ‪ ،‬والفعل الصناعي ينحل عن مصدر وزمن عند النحويين‪،‬‬ ‫وعن مصدر وزمن ونسبة عند جماعة من البلاغيين ‪ ،‬كما حرروه في‬ ‫مبحث الاستعارة التبعية ‪ ،‬والمقصود أن المصدر كامن في مفهوم الفعل‬ ‫الصناعي إجماعا؛ وذلك المصدر لم يتعرف بمعرف فهو في معنى‬ ‫النكرة ‪ ،‬فالنفي المقترن بالفعل يتسلط على المصدر الكامن في‬ ‫مفهومه ‪ ،‬فيؤول إلى معنى النكرة في سياق النفي ‪ ،‬وهي من صيغ‬ ‫العموم كما هو معروف في محله‪.‬‬ ‫فقوله اذا ‪ < :‬ولا يحيطون به‪ -‬كا *> [طه‪ ]011 /‬في معنى ‪ :‬لا‬ ‫إحاطة للدلم البشري بخالق الكون ‪-‬جل وعلا ‪. -‬‬ ‫وأنا أوكد لكم كل التوكيد أنكم إن لقيتم ربكم يوم القيامة معتقدين‬ ‫‪66‬‬

‫في ايات الصفات هذا المعنى الصحيح المتركز على هذه الأسس الثلاثة‬ ‫القرانية لا يلومكم الله ولا يوبخكم على ذلك ‪ ،‬فلا يقول لكم ‪ :‬لم‬ ‫تنزهونني عن مشابهة خلقي ؟ ولا يقول لكم ‪ :‬لم تؤمنون بصفاتي‬ ‫وتصدقونني فيما مدحت به نفسي أو ثنى به علي نبيي ؟ ولا يقول لكم‪:‬‬ ‫لم لا تقولون ‪ :‬ان علمكم محيط بمن خلقكم؟‬ ‫فهذا المفهوم الصحيح طريق سلامة محققة ؛ لانه في نور القران‬ ‫العظيم ‪ ،‬ولو تنطع متنطع فقال ‪ :‬بينوا لنا كيفية للاستواء منزهة عن كيفية‬ ‫استواء المخلوقين لنعتقد صفة استواء منزهة عن مشابهة صفات‬ ‫الخلق؟‬ ‫قلنا ‪ :‬أعرفت كيفية الذات المقدسة المتصفة بتلك الصفات ؟ فلابد‬ ‫متوقفة على معرفة كيفية‬ ‫أن يقول ‪ :‬لا ‪ .‬فنقول ‪ :‬معرفة كيفية الاتصاف‬ ‫الذات ‪ ،‬فسمبحان من أحاط بكل شيء علفا < ولايحيطون به‪ -‬علما*>‬ ‫‪ 1‬طه‪. ] 1 1 0 /‬‬ ‫وبالجملة فالله ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬حق ‪ ،‬وصفاته حق ‪ ،‬والمخلوقون‬ ‫حق ‪ ،‬وصفاتهم حق ‪ ،‬وللخالق صفات لائقة بكماله وجلاله ‪ ،‬وللخلق‬ ‫لائقة بحالهم ‪ ،‬وبين صفة الخالق والمخلوق من التغاير‬ ‫صفات‬ ‫والمنافاة مثل مابين ذات الخالق والمخلوق ‪ ،‬ألا ترون أن الله تعالى‬ ‫وصف نفسه بالقدرة فقال ‪< :‬و لله على كل شىش قدلز !) [البقرة‪/‬‬ ‫‪ ]284‬ووصف بعض حلقه بالقدرة قال ‪، < :‬لا الذلى تابوا من قتل أن‬ ‫نفسه بالحياة قال ‪ < :‬الله لآ إلةإلأ‬ ‫تقددو علتهخ) [المائدة‪ ]34 /‬ووصف‬ ‫هو لحن القيوئم ) [البقرة ‪ < ]255 /‬هو الى لا إله إلا هو> ‪ 1‬غافر‪]65 /‬‬ ‫‪67‬‬

‫ووصف بعض خلقه بالحياة ‪ ،‬قال ‪< :‬وجعلنا من أئضا ص شئء حى>‬ ‫[مريم ‪ < ] 1 5 /‬نخرءج الس من‬ ‫[الانبياء‪ < ]3 0 /‬وئؤم يموت ويوم يتعث حيا !)‬ ‫[الروم ‪. ] 1 9 /‬‬ ‫!نحرج الميت من الس)‬ ‫الميت‬ ‫فلله قدرة وحياة لائقتان بكماله وجلاله ‪ ،‬وللمخلوقين قدرة وحياة‬ ‫مناسبة لحالهم وفقرهم وفنائهم ‪ ،‬وبين قدرة الخالق وحباته وقدرة‬ ‫المخلوق وحياته من المنافاة مثل مابين ذات الخالق والمخلوق ‪.‬‬ ‫نفسه بالعلم قال ‪ < :‬و لله بئى شئ‪:‬عليم > [البقرة‪]282 /‬‬ ‫ووصف‬ ‫< فلنقصر عدئهم بعدو ) [الاعراف‪ < ]7 /‬لبهن ألله يشهد بما أنزل إليئث‬ ‫أنزله‪ -‬لعتمه‪[ >-‬النساء‪ ]166 /‬ووصف بعض حلقه بالعلم قال ‪ < :‬وإنه‪-‬‬ ‫و علم لما !ته ) [يوسف‪ < ]68 /‬ودبمثروه بغغ عليم > [الذاريات‪]28 /‬‬ ‫[الانفطار‪ < ]12 /‬هل يستوى أئذين يعلموق ؤالذين لا‬ ‫< يغلموق ما !علون !)‬ ‫يعلمون ) [الزمر‪ ]9 /‬فعلم الله مناف لعلم المخلوق كما بينا‪.‬‬ ‫ولو تتبعنا الايات الواردة بنحو ذلك لجئنا منها بالمئات ‪ ،‬ولكن‬ ‫القصد مطلق التمثيل‪.‬‬ ‫وكذلك وصف نفسه بالاستواء على العرلش في سبع ايات من‬ ‫كتابه ‪ ،‬ووصف بعض حلقه بالاستواء على بعض المخلوقات كقوله‪:‬‬ ‫< لتستو! على ظهود!ء ثض تذكروا نعمة رفي ذا ستويتم علئه ) [الزخرف‪]13 /‬‬ ‫وقوله ‪ < :‬و لسوت على الجودئ ) [هود‪ < ]4 4 /‬الإذا ستويتت أنت ومن معك على‬ ‫به وأثنى به‬ ‫الذي تمدح‬ ‫عرشه‬ ‫الله على‬ ‫القفك > [ دمؤمنون ‪ ]28 /‬فاستواء‬ ‫على نفسه بالغ من الكمال والجلال ما يقطع علائق أوهام المشابهة بينه‬ ‫وبين استواء حلقه ‪ ،‬كقدرته وعلمه وحياته ؛ لان ذاته حق ‪ ،‬وجميع‬ ‫‪68‬‬

‫صفاته حق ‪ ،‬ولا يشبهه شيء من حلقه في ذاته ولا في شيء من صفاته‪،‬‬ ‫فالذات وجميع الصفات من باب واحد‪ ،‬كلها حق ‪ ،‬وكلها منزهة عن‬ ‫مشابهة الخلق ‪ ،‬والايمان بكلها واجب‪.‬‬ ‫ثم إنه من المقرر في الاصول ‪ :‬أن الكلام المفيد المعبر عنه في‬ ‫المعاني ‪ :‬ب(الاسناد الخبري )‪ ،‬وفي النحو ‪ :‬ب(الجملة الاسمية ) و‬ ‫أ‬ ‫(الفعلية)‪ ،‬وفي المنطق ‪ :‬ب(القضية) بالنظر إلى مادل عليه معناه‬ ‫التركيبي له حالتان ‪:‬‬ ‫الأولى ‪ :‬أن يدل على معنى واحد لا يحتمل غيره بوجه ‪ ،‬وهو‬ ‫المعروف ب(النص ) في أشهر اصطلاحاته‪.‬‬ ‫والثانية ‪ :‬أن يحتمل أكثر من معنى واحد‪ ،‬وهذا القسم الاخير له‬ ‫حالتان ‪:‬‬ ‫الأولى ‪ :‬أن يكون أظهر في بعض الاحتمالات من بعض‪.‬‬ ‫والثانية ‪ :‬أن تستوي الاحتمالات ‪.‬‬ ‫فان كان أظهر في بعضها فما هو أظهر فيه يسمى ب(الظاهر)‬ ‫والمصير إليه واجب إلا بدليل صارف عنه يجب الرجوع إليه ‪ ،‬وصرفه‬ ‫عن ظاهره لذلك الدليل هو المعروف في اصطلاح أهل الاصول‬ ‫ب(التأويل) ومنه تاويل صحيح وفاسد‪ ،‬ومثال الصحيح منه قوله ع!يم‪:‬‬ ‫\"الجار أحق بسقبه\"(‪ )1‬فان ظاهره المتبادر منه ‪ :‬ثبوت الشفعة للجار‬ ‫الشفعة على صاحبها قبل البيع ‪= ،‬‬ ‫(‪ )1‬اخرجه البخاري في الشفعة ‪ ،‬باب ‪ :‬عرض‬ ‫‪96‬‬

‫الشريك‬ ‫مطلقا‪ ،‬وهو محتمل لان يكودط المراد في ال!حار خصوص‬ ‫المقاسم ‪ ،‬وهذا الاحتمال المرجوح دل عليه حديث جابر‪\" :‬فاذا‬ ‫صرفت الطرق وضربت الحدود فلا شفعة \"(‪ . )1‬وأمثلة الفاسد منه كثيرة‬ ‫معروفة في الاصول ‪ ،‬وهو ينقسم إلى ما يسمى تاويلا بعيدا وفاسدا‪،‬‬ ‫والى ما يسمى لعبا كما هو معروف في الاصولط ‪.‬‬ ‫وان تساوت الاحتمالات فهو المعروف ب(المجمل) ويجب‬ ‫التوقف عنه حتى يوجد دليل يعين الاحتمال المقصود‪ ،‬فلو قالت بينة‪:‬‬ ‫\"نشهد أن زيدا غريم عمرو بألف دينار\" فكلامها هذا مج!مل ؛ لان‬ ‫الغريم مشترك بين طالب الذين والمطلوب به ؛ واللفظ محتمل لكلا‬ ‫الاحتمالين دون ترجح ‪ .‬وكما لو فيل ‪\" :‬عدا اللصوص على عين زيدأ\"‬ ‫فانه يحتمل أن تكون عينه الباصرة عوروها‪ ،‬و ن تك!ون عينه ال!جارية‬ ‫عوروها ‪ ،‬وأن تكدون ذهبه وفضته انتهبوها‪.‬‬ ‫فاذا علمت هذا التقسيم فاعلم أنا نريد ن نطبقه على المفهوم‬ ‫الطاهر المتبادر من آيات الصفات و حاديثها ‪ ،‬فنتساءل ونقول ‪ :‬أرأيتم‬ ‫إذا أثنى الله على نفسه المقدسة الكريمة بصفة ‪ ،‬فماهو الطاهر المتبادر‬ ‫الى أذهالط الم!سلمين من مفهومها‪ ،‬أهو تشبيه الخالق بخلقه حتى يلجأ‬ ‫حدبث رقم (‪ ، 4/437 )2258‬و طرافه في (‪.)0896 ،7896 ،7796‬‬ ‫(‪ )1‬أخرجه البخاري في البيوع ‪ ،‬باب ‪ :‬بيع الشريك من شريكه ‪ ،‬حديث رقم‬ ‫‪،)6924،7696‬‬ ‫(‪ ،4/704 )2313‬و طرافه في ‪،2214،2257،5924( :‬‬ ‫وأخرجه مسلم في ]لمسالاة ‪ ،‬باب ‪ :‬الشفعة ‪ ،‬حديث رقم (‪3/9122 )8016‬‬ ‫بلقظ مغايره‬ ‫‪07‬‬

‫ذلك إلى التأويل؟ و هو مجمل محتمل للتشبيه والتنزيه احتمالا‬ ‫متساويا؟ أو الظاهر المتبادر هو تنزيه الله عن مشابهة خلقه أكمل تنزيه‬ ‫و تمه؟‬ ‫الجواب طبعا ‪ :‬أن كل وصف وصف الله به نفسه فظاهره المتبادر‬ ‫منه أنه بالغ من غايات الكمال والجلال ما يقطع علائق أوهام المشابهة‬ ‫بينه وبين صفات الخلق ‪ ،‬ولا ينكر عاقل أن الظاهر المتبادر هو منافاة‬ ‫الخالق لخلقه في صفاتهم وذواتهم و فعالهم ‪ ،‬وكيف يشبه الخلق خالقه‬ ‫والخلق أثر من اثار قدرته وإرادته؟‬ ‫فعلينا جميعا أن نصدق ربنا فيما وصف به نفسه ‪ ،‬ونصدق نبينا قي‬ ‫ذلك ‪ ،‬وننزه ربنا عن مشابهة الخلق على نحو < ليس كمثله ءلثئ‬ ‫[ لشورى ‪. ] 1 1 /‬‬ ‫وهو لسميع البصحير *>‬ ‫ومن ذلك ‪ :‬أن كثيرا من المتسمين بالاسلام لا يحققون المفهوم‬ ‫لكلمة الا إله إلا الله ) وهي مركبة من نفي وإثبات ‪ ،‬فمعنى‬ ‫الصحيح‬ ‫نفيها‪ :‬خلع جميع أنواع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع‬ ‫العبادات ‪ ،‬ومعنى إثباتها ‪ :‬إفراده ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬بالعبادة وحدده ‪ ،‬وهي‬ ‫التقرب إلي!ه بما شرع ب!خلاص على وجه المحبة والذل والخضوع ‪.‬‬ ‫والذي نريد أن نقوله هنا ‪ :‬هو أذا يجب علينا ن نعلم أن كل أمر أمر‬ ‫الله بالتقرب به إلي!ه فهو حقه الخالص له ‪ -‬جل وعلا ‪ ،-‬واخلاصنا له في‬ ‫حعقه ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬هو عين المحبة والتعظيم لنب!ينا ع!ي! ‪ ،‬ولا يجوز صرف‬ ‫شيء من ذلك لغيره تعالى ‪ ،‬وعنوان المحبة الصادقة لله ورسوله هي‬ ‫طاعة سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه ‪ < :‬قل ن كنترتحئون ألله‬ ‫‪71‬‬

‫فائيعوني يخبتكم الله > [آل عمران ‪ < ]31 /‬من يطع الزسول فقذ أطاع الله>‬ ‫[النساء‪.]08 /‬‬ ‫لوكان حبك صادقا لاطعته إن المحب لمن يحب مطيع (‪)1‬‬ ‫قالت وقد سألت عن حال عاشقها بالله صفه ولا تنقص ولا تزد‬ ‫وقلت ‪ :‬قف عن ورود الماء لم يرد(‪)2‬‬ ‫فقلت ‪ :‬لو كان رهن الموت من ظما‬ ‫ومن ذلك ‪ :‬ما تلفقه الدعاية المغرضة ضد دين الاسلام من أنه ينافي‬ ‫التقدم في ميادين الحياة ‪ ،‬ولا يساير التطور الجديد‪ ،‬وهذه الدعاية ‪ -‬مع‬ ‫الاسف ‪ -‬راجت في الاكثرية من شباب أبناء المسلمين ‪ ،‬وجعلتهم‬ ‫يحاولون التخلص من الدين بكل الوسائل ليحصلوا على التقدم الذي‬ ‫تتطلبه الاوضاع الراهنة للحياة البشرية ‪ ،‬ومعلوم أن العقل الساذج إذا لم‬ ‫ينور بنور المعرفة فأسرته المفاهيم الزائفة فأغوته عن قصد السبيل‪،‬‬ ‫فالتبست عليه النسب القائمة بين المعقولات ‪ ،‬ألا ترون أن المدلول عليه‬ ‫بدلالة المطابقة من لفظة \"البياض\" ينافي في حقيقته ومفهومه المدلول‬ ‫عليه بالمطابقة من لفظ \" البرودة \"؟ فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه معنى‬ ‫(‪ )1‬البيت في تاريخ دمشق (‪.)13/937‬‬ ‫(‪ )2‬البيتان في ديوان يزيد (ص ‪ ،)83‬وفي قرى الضيف (ص ‪ ،)118‬والمستطرف‬ ‫(‪ ،)2/385‬والمدهث! لابن الجوزي (ص ‪ ،)314‬بدائع الفوائد (‪.)3/216‬‬ ‫بالثه صفه ولا تنقص ولا تزد‬ ‫ولفظهما هناك ‪:‬‬ ‫وقلت ‪ :‬قف عن ورود الماء لم يرد‬ ‫قالت لطيف خيال زارها ومضى‬ ‫فقال ‪ :‬حلفته لو مات من ظما‬ ‫يابرد ذاك الذي قالت على كبدي‬ ‫قالت ‪ :‬صدقت الوفا قي الحب شيمته‬ ‫‪72‬‬

‫البياض انتفى عنه ضرورة أنه معنى البرودة كعكسه ‪ ،‬والبياض أيضا‬ ‫ينافي في حقيقته ومفهومه السواد ‪ ،‬فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه معنى‬ ‫البياض انتفى عنه ضرورة أنه معنى السواد كعكسه ‪ ،‬وكذلك الكلام فإنه‬ ‫ينافي في حقيقته ومفهومه السكوت ‪ ،‬فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه‬ ‫معنى السواد انتفى عنه أنه معنى الحلاوة كعكسه ‪ ،‬وكذلك الكلام فإنه‬ ‫ينافي في حقيقته ومفهومه السكوت ‪ ،‬فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه‬ ‫معنى الكلام انتفى عنه أنه معنى السكوت كعكسه ‪ ،‬كما أن الكلام ينافي‬ ‫في حقيقته ومفهومه القعود‪ ،‬فكل مفهوم ثبت له أنه معنى الكلام انتفى‬ ‫عنه أنه معنى القعود‪ ،‬ولكن منافاة البياض للسواد ليست كمنافاة‬ ‫البياض للبرودة ‪ ،‬فإن السواد و لبياض ضدان يستحيل اجتماعهما في‬ ‫نقطة بسيطة من اللون ‪ ،‬بخلاف البياض والبرودة فلا تضاد بينهما‪،‬‬ ‫فيجوز أن يكون الجرم الواحد أبيض من جهة باردا من جهة أخرى‬ ‫كالثلج ‪ ،‬ومنافاة السواد للبياض ليست كمنافاة السواد للحلاوة ‪ ،‬ولا‬ ‫مانع من كون الجرم الواحد أسود من جهة حلوا من جهة أخرى كالتمرة‬ ‫السوداء ‪ ،‬بخلاف البياض فإنه لا يجامع السواد في وقت واحد من جهة‬ ‫و حدة لاستحالة اجتماع الضدين ‪ .‬ومنافاة الكلام للسكوت ليست‬ ‫كمنافاة الكلام للقعود‪ ،‬فلا مانع من أن يكون الشخص الواحد قاعدا‬ ‫من جهة متكلما من جهة أخرى ‪ ،‬ولا يجوز أن يكون ساكتا متكلفا في‬ ‫وقت واحد ‪ .‬ومن المعلوم أن المتقابلين لا يجتمعان سواء كانا نقيضين‬ ‫أو ضدين أو متضايفين أو عدما وملكة ‪ ،‬بخلاف الخلافين فلا مانع عقلا‬ ‫من اجتماعهما كما رأيت أمثلة ذلك‪.‬‬ ‫وإذا علمت هذا فاعلم أن الدعاية المغرضة ضد الاسلام خيلت‬ ‫‪73‬‬

‫للسذج من ذويه أن النسبة بين التقدم وبين التمسك بالدين هي النسبة‬ ‫بين المتقابلين الذين لا يمكن اجتماعهما كالسواد والبياض ‪ ،‬فسببت‬ ‫تلك الفلسفة السوفسطائية انسلاخ حلق لا يحصى من دين الاسلام حين‬ ‫اعتقدوا أنه ينافي التقدم منافاة المتقابلين ‪ ،‬حرصا منهم على التقدم‬ ‫المزعوم وتفضيلا له على الدين ‪ ،‬ولو علموا الحقيقة لعلموا أن النسبة‬ ‫بين التقدم والتمسك بالدين لها نظران من جهتين‪:‬‬ ‫الوحي‪.‬‬ ‫الاولى ‪ :‬النظر إليها بحكم العقل مجردا عن نصوص‬ ‫الثانية ‪ :‬النظر إليها بحكم ما جاء في ذلك من الوحي السماوي ‪.‬‬ ‫أما بالنظر إلى الحكم العقلي مجردا عن النقل فالنسبة بين الدين‬ ‫والتقدم كالنسبة بين البياض والبرودة ‪ ،‬فكما أن الجرم الابيض لا مانع‬ ‫عقلا من أن يكون باردا‪ ،‬فكذلك المتمسك بالاداهب السماوية لا مانع‬ ‫عقلا من ن يكون متقدما في جميبع ميادين الحياة كما عرفه التاريخ‬ ‫للنبي !يم وأصحابه ومتابعيهم متابعة صحيحةه‬ ‫وأما بالنسبة إلى ما جاء في الكتاهب والسنة من وعد الله الصادق‬ ‫بالدين كقوله تعالى ‪ < :‬وعد ادثه ألذين ءامنوا منكؤ وصعملوا‬ ‫للمتمسكين‬ ‫لضخلحه! لبهتخلفنه!في لأزض> [النور‪ ]55 /‬ونحوها من الايات الكثيرة‬ ‫بالدين والتقدم هي النسبة بين‬ ‫والاحاديث ‪ ،‬فالنسبة بين التمسك‬ ‫الملزوم ولازمه ؛ لان التمسك بالدين على الوجه الكامل الصحيح‬ ‫ملزوم بالتقدم الكامل ‪ ،‬والنصر النهائي ‪ ،‬والتقدم لازم له ‪ ،‬ومعلوم أ ن‬ ‫النسبة بين الملزوم واللازم لا تعدو حد أمرين ‪ :‬إما أن تكون المساواة ‪،‬‬ ‫المطلق ؛ لان اللازم لا يكون أخص‬ ‫وإما ن تكون العموم والخصوص‬ ‫‪74‬‬

‫من ملزومه مطلفا ولا من وجه ‪ ،‬ولا يكون مبايئا له كما هو معلوم ‪،‬‬ ‫فالانسان مثلا ملزوم بالحيوانية والناطقية ‪ ،‬وهما لازمان له ‪ ،‬وأحد‬ ‫هذين اللازمين مساو له في الماصدق وهو الناطق ‪ ،‬والثاني أعم منه‬ ‫وهو الحيوان ‪ ،‬ومعلوم أن الوحي الصحيح ناقل عن حكم العقل كما هو‬ ‫معروف ‪ ،‬فالنسبة بين الامرين على الحق الذي اقتضاه الوحي المنزل‬ ‫هي النسبة بين الملزوم واللازم ‪.‬‬ ‫فانظر كيف استطاع أولئك الاعداء أن يصوروا عند هؤلاء من‬ ‫المتسمين باسم الاسلام نسبة الملزوم للازمه بصورة مضادة أخرى هي‬ ‫نسبة الضد للضد ‪ ،‬فقطعوا بذلك صلتهم بربهم ودينهم‪.‬‬ ‫ثم إنا نريد هنا أن نسلط بعض الاضواء على حقيقة الموقف‬ ‫الطبيعي للاسلام والمسلمين من الحضارة الغربية بفلسفة منطقية تترك‬ ‫ليل المسالة نهازا‪ ،‬وذلك بكشف نقابها واستبانة ما وراء بابها بدليل‬ ‫اصطلاحي متقدم مشهور يسميه علماء الجدل (التقسيم و لترديد)‪،‬‬ ‫ويسميه علماء المنطق (الشرطي المنفصل )‪ ،‬ويسميه علماء الاصول‬ ‫(السبر والتقسيم )‪ ،‬ولما كان هذا الدليل العظيم هو السبيل الوحيد إلى‬ ‫إيضاج هذه المسألة إيضاخا لا يختلف بعده اثنان أردنا أن نشير إليه‬ ‫إشارة ‪ ،‬خاطفة ثم نذكر أمثلة له في القرآن العظيم ‪ ،‬واثازا من آثاره‬ ‫التاريخية ‪ ،‬ثم نطبقه على مسألتنا تطبيفا واضخا يكشف ظلامها وينير‬ ‫دجاهاه‬ ‫اعلم أولا أن مبنى هذا الدليل العظيم على أمرين‪:‬‬ ‫احدهما‪ :‬حصر أوصاف المحل بطريق من طرق الحصر‪،‬‬ ‫‪75‬‬

‫كالعقل ‪ ،‬والاستقراء ‪ ،‬وهذا هو المعبر عنه ب(التقسيم ) ‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬اختبارها بعد الحصر اختبارا صحيحا يتميز به فاسدها من‬ ‫وهو المعبر عنه ب(السبر)؛ لان السبر في لغة العرب هو‬ ‫صحيحها‪،‬‬ ‫الاختبار‪.‬‬ ‫والاصوليون يستعملون هذا الدليل في استنباط علة الحكم‬ ‫الشرعي بطريق من طرق الحصر‪ ،‬ئم يبطلون الباطل منها بطريق من‬ ‫طرق الابطال المعروفة عندهم ‪ ،‬ويبقون الصالح منها للتعليل كما هو‬ ‫معلوم في محله‪.‬‬ ‫والمنطقيون يستخدمون هذا الدليل لغرض اخر وهو استنتاج‬ ‫وجود النقيض من عدم نقيضه ‪ ،‬أو عدمه من وجوده ‪ ،‬أو استنتاج عدم‬ ‫الضد من وجود ضده ‪ ،‬ونحو ذلك كما هو مفصل في أقسام قياس‬ ‫الشرطي المنفصل الثلائة ‪ ،‬كما هو معلوم في محله‪.‬‬ ‫والجدليون يستعملون هذا الدليل لافحام الخصم وإقناع القاصر‬ ‫الاوصاف ويسبرونها بعد الحصر فيتبين‬ ‫عن الدليل ‪ ،‬فيحصرون‬ ‫صحيحها من فاسدها‪.‬‬ ‫وسنذكر هنا ربعة امثلة لهذا الدليل في القران العظيم كل واحد‬ ‫منها فيه إفحام لبعض المجادلين من الكفار‪:‬‬ ‫لأالة إلها‬ ‫الأول منها ‪ :‬قوله تعالى ردا على الذين قالوا ‪< :‬أجعل‬ ‫!بم ) [الطور‪]35 /‬‬ ‫وحدا) [ص‪ < : ]5 /‬أم خلقوا من غير لثئء اتم هم لخلقون‬ ‫فكأنه يقول لهؤلاء المنكرين توحيده في عبادته ‪ :‬لا يخلو الامر بالتقسيم‬ ‫‪76‬‬

‫الصحيح من واحدة من ثلاث حالات ‪:‬‬ ‫الاولى ‪ :‬أن يكونوا خلقوا من غير خالق خلقهم أصلا‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬أن يكونوا خلقوا أنفسهم‪.‬‬ ‫الثالثة ‪ :‬أن يكون لهم خالق غير أنفسهم هو ربهم ومعبودهم‬ ‫الواحد جل وعلا‪.‬‬ ‫وإذا رجعنا إلى هذه الاقسام الثلاثة ‪ -‬التي انحصرت فيها الاوصاف‬ ‫بالسبر ‪ -‬وجدنا الاولين منها باطلين بطلانا ضروريا لا يحتاج إلى دليل‪،‬‬ ‫فتعين صحة القسم الثالث وهو أنهم خلقهم خالق هو ربهم ومعبودهم‪.‬‬ ‫فدلالة هذا السبر والتقسيم على عبادة الله وحده قطعية ‪ ،‬وقد عرف‬ ‫في الاية القسم الصحيح من الاقسام لظهوره ؛ ولانه ذكر في ايات‬ ‫اخرى ‪.‬‬ ‫ما يعلم جائز\"(‪. )1‬‬ ‫\" وحذف‬ ‫المثال الثاني والثالث ‪ :‬هما المذكوران في سورة البقرة وسورة‬ ‫مريم ‪ ،‬فان الله ‪ -‬تعالى ‪ -‬بطل في كل واحدة من السورتين الكريمتين‬ ‫المذكورتين مقالة كاذبة بهذا الدليل بعينه ‪ ،‬وحذف في كلا الموضعين‬ ‫بعض الاقسام ‪ ،‬وما حذف في كل واحد منهما أثبت في الآخر ليدل‬ ‫الثابت على المحذوف في كل الموضعين‪.‬‬ ‫(‪ )1‬من ألفية ابن مالك (ص ‪ )18‬وهو جزء من بيت ‪ ،‬وتمامه‪:‬‬ ‫تقول زيد بعد من عندكما‬ ‫وحذف ما يعلم جائز كما‬ ‫‪77‬‬

‫ما المقالة التي كذبها الله ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬بهذا الدليل فيم سورة‬ ‫البقرة ‪ :‬فهي قول اليهود ‪ < :‬لن تمسنا افار إلا أئاما معدو\") فقد‬ ‫قال تعالى ردا عليهم ‪ < :‬قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عفد ‪ ،5‬أنم‬ ‫‪ 1‬البقرة‪ ]08 /‬فكأنه يقول لهم ‪ :‬لا‬ ‫!)‬ ‫تفولون على الله ما لا لغلمون‬ ‫يخلو مستندكم في دعواكم أن النار لن تمسكم إلا ياما معدودة من‬ ‫واحدة من ثلاث حالات ‪:‬‬ ‫الاولى ‪ :‬أن يكون الله اعطاكم عهدا بذلك ‪ ،‬فانه لا يخلف الميعاد‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬أن تكونوا اطلعتم على الغيب فعلمتم أن الله كتب ذلك‬ ‫على اللوح المحفوظ أن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة ‪.‬‬ ‫الثالثة ‪ :‬أن تكونوا قلتم ذلك افتراء وكذبا على الله‪.‬‬ ‫وإذا رجعنا إلى الاقسام الثلاثة وجدنا الاولين باطلين بطلانا‬ ‫ضروريا‪ ،‬فتعين صحة الثالث وهو أنهم قالوا ذلك كذبا وافتراء دون‬ ‫علم‪.‬‬ ‫وقسم اطلاع العيب المحذوف في اية البقرة هذه مذكور في مريم‬ ‫في الدليل المذكور بعينه في رده تعالى بالدليل المذكور على العاص بن‬ ‫‪ 1‬مريم‪ ]77 /‬فان الله قال‬ ‫وائل (‪ )1‬في قوله له ‪ < :‬لاوتب مالا وولدا !)‬ ‫(‪ )1‬نزول الاية فيه اخرجه البخاري في التفسير‪ ،‬باب < فؤتت اللأى صفرئمايفا‬ ‫حديث رقم (‪ ،8/942 )4732‬ومسلم في‬ ‫ومال لأوتب مالا وولدا *>‪.‬‬ ‫صفات المنافقين و حكامهم ‪ ،‬باب سؤال اليهود النبي مج! عن الروج ‪ .‬حديث‬ ‫رقم (‪.4/2153 )5927‬‬ ‫‪78‬‬

‫ردا عليه ‪ < :‬طلع الغيف أم اتخذ عند الرحمن عقدرا ! !لأ ) [مريم‪/‬‬ ‫‪ ]78،97‬فحذف في مريم القسم الصحيح الذي هو أن الجميع كاذبون‬ ‫المشار إليه في البقرة بقوله ‪< :‬أتم لفولون على الله ما لا لغلمون !)‬ ‫‪ 1‬البقرة‪. ]08 /‬‬ ‫فالحاصل أن التقسيم الصحيح يحصر الاوصاف في ثلاثة ‪ :‬هي‬ ‫العهد من الله بذلك ‪ ،‬واطلأع الغيب ‪ ،‬والكذب على الله ‪ ،‬افنان باطلان ‪،‬‬ ‫وواحد صحيح بالسبر الصحيح ‪ ،‬وقسم اطلاع الغيب محذوف في‬ ‫البقرة مثبت في مريم ‪ ،‬وقسم الكذب محذوف في مريم مثبت في‬ ‫البقرة ‪ ،‬فكانت المثبت دليلا على المحذوف في كلا الموضعين‪.‬‬ ‫وسنذكر الان إن شاء الله تعالى أثرين تاريخيين من اثار هذا الدليل‬ ‫العظيم‪:‬‬ ‫الأول منهما‪ :‬أثره في العقائد‪ ،‬وذلك هو ما ذكره الخطيب في‬ ‫تاريخ بغداد وغيره مما يدل على أن أول مصدر تاريخي لكبح جماح‬ ‫المحنة العظمى ‪ -‬أعني محنة القول بخلق القران ‪ -‬هو هذا الدليل‬ ‫العظيم ؛ وذلك أن محنة القول بخلق القران نشأت في أيام المأمون‬ ‫واستمرت في شدتها على ساق وقدم أيام المعتصم و لواثق حتى أزالها‬ ‫الله على يد المتوكل ‪ ،‬وقد عرف في التاريخ ما أصاب العلماء فيها من‬ ‫الاذى والضرب والقتل حتى اضطر كثير منهم إلى المداهنة بالقول‬ ‫خوفا‪ ،‬وقد ضرب فيها سيد المسلمين في زمانه الامام أبوعبدالله‬ ‫أحمد بن محمد بن حنبل ‪ -‬تغمده الله برحمته وجزاه عن الاسلام‬ ‫والمسلمين خيرا ‪ -‬في أيام المعتصم ضربا مبرحا كما هو معلوم ‪ ،‬وقد‬ ‫‪97‬‬

‫ذكر الخطيب في تاريخ بغداد في كلامه على ترجمة أحمد بن أبي دواد‬ ‫من طريق محمد بن الواثق ما ملخصه ‪ :‬قال ‪ :‬كان أبي إذا أراد قتل‬ ‫إنسان أحضرنا فجيء بشيخ مكبل بالحديد يريدون قتله ‪ -‬يعني في محنة‬ ‫القول بخلق القران ‪ -‬فقال للواثق ‪ :‬السلام عليك يا أمير المؤمنين‪.‬‬ ‫يا أمير‬ ‫مؤدبك‬ ‫الله ‪ .‬فقال الشيخ ‪ :‬بئسما أدبك‬ ‫فقال ‪ :‬لا سلمك‬ ‫المؤمنين ‪ ،‬قال الله تعالى ‪ < :‬وإذا حئيخ بتحية فحيزا باحسن مئهآ أؤ‬ ‫ر؟وها ) [النساء‪ ]86 /‬والله ما حييتني بأحسن منها ولا رددتها ‪ .‬وقال‬ ‫الواثق ‪ :‬ائذنوا لابي عبدالله و صحابه ‪ -‬يعني ابن أبي دواد ‪ -‬وقال الواثق‬ ‫لابن أبي دواد ‪ :‬كلم هذا الشيخ وناظره ‪ .‬فقال ابن أبي دواد ‪ :‬ما تقول‬ ‫في القرآن ؟ فقال الشيخ ‪ :‬ما أنصفتني ‪ -‬يعني ولي السؤال ‪ -‬فقال له ابن‬ ‫أبي دواد‪ :‬سل ‪ .‬فقال ‪ :‬ما تقول في القران ؟ فقال ‪ :‬مخلوق ‪ ،‬فقال‬ ‫الشيخ ‪ :‬مقالتك هذه التي تدعو الناس إليها هل كان رسول الله لمج! و بو‬ ‫بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون (‪[ )1‬عالمين بها و غير‬ ‫الله ! ! شيء لم يعلمه النبي‬ ‫عالمين ؟ فقال ‪ :‬غير عالمين ‪ .‬فقال ‪ :‬سبحان‬ ‫جم! ولا ابو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الخلفاء الراشدون‬ ‫! ! فقال ‪ :‬أقلني والمسألة بحالها ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم]‬ ‫علمته أنت ؟ قال ‪ :‬فخجل‬ ‫‪ .‬فقال الشيخ ‪ :‬هذا شيء‬ ‫ثم قال له ‪ :‬ما تقول في القرآن ؟ فقال ‪ :‬مخلوق‬ ‫علمه رسول الله لمج! وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه أ و‬ ‫شيء جهلوه ؟ فقال ابن أبي دواد‪ :‬هذا شيء علموه فلم يدعوا الناس‬ ‫(‪ )1‬في هذا الموضع انقطع لتسجيل ‪ ،‬وما بين المعقوفين زيادة يتم بها الكلام ‪.‬‬ ‫انظر ‪ :‬تاريخ بغداد (‪.)152 /4‬‬ ‫‪08‬‬

‫ما وسعهم ؟ فقام الواثق إلى محل‬ ‫إليه ‪ .‬فقالى له الشيخ ‪ :‬هلا وسعك‬ ‫حلوته واضطجع وجعل يقولى ‪ :‬سبحان الله شيء لم يعلمه رسولى الله!‬ ‫ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت؟ سبحان الله شيء علموه ولم يدعوا‬ ‫الناس إليه ألم يسعك ما وسعهم ؟ وسقط من عينه ابن أبي دواد ولم‬ ‫يمتحن بعد ذلك أحدا‪ ،‬و مر بفك القيود عن الشيخ وإعطائه مالا‬ ‫والاذن له بالانصراف إلى أهله‪.‬‬ ‫وهذه القضية وإن كانت أسانيدها لا تخلو من بعض من لا يعرف‬ ‫فهي مشهورة عند العلماء متلقاة منهم بالقبولى ‪ ،‬والاحتجاج بها صحيح‬ ‫لاشك فيه‪.‬‬ ‫ومضمون احتجاج هذا الشيخ على ابن أبي دواد هو هذا الدليل‬ ‫العظيم فكانه يقولى ‪ :‬لا يخلو الامر بالتقسيم الصحيح من أحد امرين‪:‬‬ ‫إما أن يكون النبي وحلفاؤه الراشدون كانوا عالمين بمقالتك هذه ‪ ،‬واما‬ ‫أن يكونوا كانوا جاهلين بها‪ ،‬ثم رجع بالسبر الصحيح إلى القسمين‬ ‫فبين أن ابن أبي دواد مرتكب غير الصواب على كل تقدير ‪ ،‬فعلى أنهم‬ ‫كانوا عالمين بها ولم يدعوا الناس إليها فله فيهم أسوة في عدم الدعوة‬ ‫إليها‪ ،‬ولاشك أنه يسعه ما وسعهم ‪ ،‬وعلى أنهم كانوا غير عالمين بها‬ ‫فدعواه هو أنه عالم بما لم يعلموا أمرها و ضح‪.‬‬ ‫ومن اثار هذا الدليل التاريخية الأدبية ‪ :‬ما ذكروه أن عبدالله بن همام‬ ‫السلولي وشى به واش إلى ابن زياد فدعا ابن زياد ابن همام السلولي‬ ‫على أن تقولى فيئ كيت وكيت؟ فقالى ‪ :‬صلح الله الامير‬ ‫وقال ‪ :‬ما حملك‬ ‫والله ما قلت شيئا من ذلكإ! فأحطر ابن زياد الواشي وقالى ‪ :‬هذا‬ ‫أخبرني أنك قلته ‪ .‬فسكت ابن همام هنيهة ثم قالى مخاطبا للواشي‪:‬‬ ‫‪81‬‬

‫فخنت وإما فلت قولا بلا علم‬ ‫و نت امرو إما ائتمنتك خاليا‬ ‫فأنت من الامر الذي كان بيننا بمنزلة بين الخيانة والاثم‬ ‫فقال ابن زياد‪ :‬صدقت ‪ ،‬وطرد الواشي ‪ ،‬ولم يصدر منه سوء‬ ‫للسلولي(‪.)1‬‬ ‫والبيتان مضمنان هذا الدليل المذكور‪ ،‬فكأنه يقول ‪ :‬لا تخلو‬ ‫بالتقسيم الصحيح من أحد أمرين ‪ :‬إما يكون اشمنك على سر فأقشيته‪،‬‬ ‫واما أن تكون قلت ذلك عليه كذبا وبهتانا ‪ ،‬ورجع بالسبر الصحيح إلى‬ ‫القسمين فوجد الواشي مرتكبا ما لا ينبغي على كل تقدير؛ لانه إما‬ ‫خائن لأمانته أو كاذب ذو بهتان ‪.‬‬ ‫فإذا عرفت هذا الدليل ورأيت بعض أمثلته في القران وبعض ائاره‬ ‫التاريخية ‪ ،‬فاعلم أنا نريد الان أن نوضح به الموفف الطبيعي للاسلام‬ ‫من الحضارة الغربية ‪ :‬اعلم أولا ن الحضارة الغربية قد دل الاستقراء‬ ‫التام القطعي الصحيح على أن منها ما هو نافع غاية النفع لا غنى عنه‬ ‫للبشر في ميادين الحياة في حالاتها الراهنة وتطوراتها المتتابعة ‪ ،‬وذلك‬ ‫ما خدمت به الإنسان من حيث إنه جسد‪ ،‬فقد خدمت الانسان من‬ ‫ناحية عنصره الجسدي خدمات هائلة ما كانت تدخل في تصور البشر‪،‬‬ ‫وتقدمها المادي ‪ -‬في جميع النواحي والميادين ‪ -‬والتنظيمي أظهر من‬ ‫أن يحتاج إلى التنويه عنه ‪ ،‬ومنها ماهو ضار غاية الضرر وهو عام بجميع‬ ‫اتجاهاتها الروحية ‪ ،‬وهي غنية من جهة الناحية المادية مفلسة من‬ ‫(‪ )1‬انظر ‪ .‬مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (‪.)14/127‬‬ ‫‪82‬‬

‫الناحية الروحية ‪ ،‬وطغيان المادة على الروج يهدد البشر بخطر داهم‪،‬‬ ‫ومن المعلوم أن الانسان مركب من عنصرين مختلفين في الحقيقة‬ ‫تختلف‬ ‫والمفهوم والصفات النفسية ‪ ،‬وباختلاف جوهريهما‬ ‫متطلباتهما ‪ ،‬فللجسم متطلبات وللروج متطلبات ‪ ،‬ولايسد أحدها مكان‬ ‫الاخر ‪ ،‬فالحضارة استطاعت تحصيل متطلبات الجسم ‪ ،‬وعجزت عن‬ ‫تحصيل متطلبات الروج ‪ ،‬والعالم إن لم تدبره الروج المهذبة المرباة‬ ‫تربية سماوية على ضوء الوحي الصادر من خالق السموات والارض‬ ‫كان في خطر وقلق دائمين ؛ لان الروج البهيمية من طبيعتها الافتراس‬ ‫والابتزاز والظلم مهما قدرت ‪ ،‬واثار عدم التربية الروحية الصحيحة‬ ‫ظاهرة في أقطار الدنيا من الكوارث والمصالمجما و نواع الظلم الفادح‬ ‫الواقع على كل دولة ضعيفة وكل شعب ضعيف كما لا يخفى‪.‬‬ ‫والذي نريد أن نقوله هنا ‪ :‬هو أن التقسيم الصحيح يحصر موقف‬ ‫الاسلام من الحضارة الحالية في أربعة أقسام لا خامس لها ألبتة‪:‬‬ ‫]لأول ‪ :‬أخذها كلها ضارها ونافعها‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬تركها كلها نافعها وضارها‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬أخذ ضارها وترك نافعها‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬أخذ نافعها وترك ضارها‪.‬‬ ‫فنزجع إلى هذه الأقسام الاربعة بالسبر الصحيح فنجد ثلائة أقسام‬ ‫أما الثلاثة الباطلة‪:‬‬ ‫منها باطلة وواحدّا صحيخا‪،‬‬ ‫فالاول منها‪ :‬هو اخذها كلها؛ لان مافيها من الكفر والالحاد‬ ‫‪83‬‬

‫والانحطاط الخلقي والتمرد على خالق السموات والارض أوضح من‬ ‫ان ننوه عنه ‪ ،‬ولا يقول باخذه إلا مطموس البصيرة طمسا كليا‪.‬‬ ‫والثاني من الأقسام الباطلة ‪ :‬تركها كلها؛ لان ما فيها من التقدم‬ ‫المادي و لتنظيمي لايصح التفريط فيه ؛ لأن ذلك يؤدي إلى العجز‬ ‫الدائم والتواكل والتكاسل ‪ ،‬ويخالف الامر السماوي في قوله تعالي‪:‬‬ ‫من قؤؤ) [الاناد ‪. ] 6 0 /‬‬ ‫< وأعدوا لهم ما ستطعتم‬ ‫و]لثالث من الأقسام الباطلة ‪ :‬أخذ ضارها وترك نافعها‪ ،‬وهذا لا‬ ‫يفعله من يصدق عليه اسم العاقل‪.‬‬ ‫‪ :‬أخذ النافع منها وترك الضار ‪ ،‬وذلك‬ ‫الرابع وهو القسم الصح‬ ‫بالسعي البالغ في تحصيل ما اشتملت عليه من الانتاجات المادية‬ ‫والتنظيمية ‪ ،‬وقضية تحصيل ذلك ممكنة مع الجد لا مستحيلة ‪ ،‬مع‬ ‫التباعد الكامل عن ما جنته من الكفر والالحاد والتمرد على نظام‬ ‫السماء الذي وضعه خالق الكون ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬على لسان سيد البشر‪-‬‬ ‫كان النبي جمقي! يفعل ‪ ،‬فانه لما‬ ‫الله وسلامه عليه ‪ -‬وكذلك‬ ‫صلوات‬ ‫حاصره الاحزاب في غزوة الخندق وقال له سلمان ‪\" :‬كنا إذا خفنا‬ ‫خندقنا\"(‪ )1‬انتفع في دنياه بتلك الخطة العسكرية ‪ -‬التي هي حفر‬ ‫الخندق ‪ -‬ولم يمنعه من ذلك أن الاذهان التي ابتكرتها ذهان كفار‬ ‫يعبدون النار ‪ .‬وقد هم جم!يط أن يمنع وطء النساء المراضع ؛ لان‬ ‫مجوس‬ ‫العرب كانوا يظنون أن وطء المرضع يضر بولدها ويضعف عظمه ‪ ،‬وفي‬ ‫(‪ )1‬تقدم في المحاضرة الثانية‪.‬‬ ‫‪84‬‬

‫ذلك يقول شاعرهم (‪: ) 1‬‬ ‫فتنبو في أكفهم السيوف‬ ‫فوارس لم يغالوا في رضاع‬ ‫فأخبرته فارس والروم أنهم يفعلون ذلك ولا يضر أولادهم ‪ ،‬فأخذ‬ ‫ع!يم تلك الخطة الطبية من الكفار‪ ،‬ولم يمنعه من الانتفاع الدنيوي بها‬ ‫أنهم كفار ‪ .‬وقد انتفع غ!ي! في سفر الهجرة بخبرة عبدالله بن الاريقط‬ ‫الدولي حين دله على الطريق حتى وصل المدينة بسلام (‪ ،)2‬ولم يمنعه‬ ‫من الانتفاع بخبرته الدنيوية كونه كافرا ‪ ،‬وفي المثل ‪ \" :‬اجتن الثمار وألق‬ ‫الخشبة في النار\" ‪.‬‬ ‫ومن الموسف أن أكثر المثقفين في الاقطار الاسلامية في جميع‬ ‫أنحاء الدنيا يعكسون القضية ‪ ،‬فيأخذون من حضارة الغرب كل ما فيها‬ ‫من إفلاس روحي ‪ ،‬وانحطاط حلقي ‪ ،‬وإلحاد كفري ‪ ،‬وتمرد على نظام‬ ‫السماء الذي وضعه خالق الكون ‪ ،‬في الوقت الذي لم يحصلوا فيه على‬ ‫شيء من إنتاجاتها المادية والتنظيمية ‪ ،‬فخسروا الدنيا والاخرة ذلك هو‬ ‫الخسران المبين‪.‬‬ ‫ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والافلاس بالرجل (‪)3‬‬ ‫فدين الاسلام دين التقدم في جميع ميادين الحياة ‪ ،‬ودين تهذيب‬ ‫(‪ )1‬تقدم في المحاضرة الشانية‪.‬‬ ‫(‪ )2‬كما في البخاري ‪ ،‬كتاب مناقب الانصار‪ ،‬باب هجرة النبي لجد و صحابه إلى‬ ‫المدينة ‪ ،‬حديث رقم (‪. 023 /7 ) 5013‬‬ ‫(‪ )3‬تقدم في المحاضرة الشانية‪.‬‬ ‫‪85‬‬

‫الروح التقدمية وتصفيتها من الامراض المخلة بمعنى إنسانيتها على‬ ‫ضوء تعليم خالق الكون ‪ -‬جل وعلا ‪. -‬‬ ‫ومن أراد بعض الامثلة الرائعة على جمع الاسلام بين التقدم في‬ ‫الميادين والمحافظة على الاداب الروحية السماوية فليقرأ قوله تعالى‪:‬‬ ‫<ورإذاكنت فيم فاقمت لهم الصلو هلتقخ طايفة منهم معك وليأخذوا‬ ‫) الايتين [النساء‪ ] 1 0 2 /‬فإنك‬ ‫أشلحتهغ فاذا سجدوا فليكلنوا من ورال!تم‬ ‫تراه ينظم الخطة العسكرية احسن تنظيم وأدقه في الوقت الذي يحافظ‬ ‫فيه على ذلك الادب الروحي السماوي في وقت التحام الكفاح المسلح‬ ‫والرؤوس تنزل عن الاعناق ‪ ،‬ألا وهو الصلاة جماعة ‪ ،‬في ذلك الوقت‬ ‫الضنك‪.‬‬ ‫واقرأ قوله تعالى ‪ < :‬يهأيها الذرن ءامنو إذا لقيتص خة فاثبتوا‬ ‫واذكرو الله كثيرا لعلكم نفلحوت *> [ا!نفال‪ ]45 /‬فتراه يامر بذكر‬ ‫الله وتقوية الصلة به ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬عند التقاء الصفين في ميدان القتال ‪،‬‬ ‫ومن ذلك ما يعتقده الكثيرون من أن الايمان ليس بسلاح يقاوم كل‬ ‫سلاح مهما بلغ من التطور‪.‬‬ ‫فنريد هنا أن نلقي الضوء على أن الايمان هو أعظم سلاح كما شهد‬ ‫بذلك التاريخ القراني ‪ ،‬الا ترون أن النبي مج!ي! لما حاصره هو وأصحابه‬ ‫الاحزاب ذلك الحصار العسكري التاريخي العظيم المذكور في قوله‬ ‫تعالى ‪ < :‬اذ حا كم من فوقكم ومن اشفل صبهتم وإذ زاغت الابضرولبغت‬ ‫القلوب لشاحر وتظنون بالله ألظنونا ! هنالك اصللى لمؤمنون دزلزلوا‬ ‫زلزالا شديها ! ) [الاحزاب‪ ]11 ، 01 /‬وجميع أهل الارض في ذلك‬ ‫‪86‬‬

‫الوقت يقاظعون النبي وأصحابه سياسة واقتصادا‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬ ‫غدرت يهود قريطة فلم يبق للمسلمين في ذلك الوقت من أهل الارض‬ ‫صديق ولا معين ‪ ،‬ألا ترون أنهم لم يقاوموا هذا الحصار العسكري‬ ‫التاريخي العظيم في هذا الموقف الحرج إلا بسلاج الايمان الصادق‬ ‫وصدق الالتجاء إلى الله ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬كما قال تعالى عنهم <ولماؤ ا‬ ‫المومنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الئه ورشول! وصدق الله ورسول! وما زادهم‬ ‫إلا إيمناولمحئمليما> ‪ 1‬الاحزابلم ‪ ]22‬وقد كان من نتائح هذا الايمان العظيم‬ ‫والتسليم الخالص لله ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬ما قصه الله علينا في كتابه في قوله‪:‬‬ ‫< ورد الله الذين كؤوا بغتظهم لؤيخالوا خيرا وشفى الله لمؤ‪-‬منين القتال وكات‬ ‫الله قويا صريزا ! وأثزل الذين طهروهم من أقل ألكتث من صياصحيهم>‬ ‫يعني من حصونهم < وقذف في قلوبهم ألرغب فرلقا تقتلو‪ %‬ونا!ن‬ ‫فرلقا !وأوزيكم أرضهتم وديرهم وأفولهتم وأرضا لم تاوهأ وكات لمحه علىنر‬ ‫لفئء قديرا ) [الاحزابلم ‪ ]27-25‬وهذا الذي نصرهم الله به ماكان‬ ‫بحسبانهم ولا ظنهم كما قال تعالى ‪ < :‬ياأيها ين ءامنوأ ايمروا نعمة ادده‬ ‫عليهؤ إذ جا تكتم جنرو فازسلنا عليهم ريحا وجغ ا لم تروهأ ) [الاحزاب لم ‪. ] 9‬‬ ‫ولما علم الله ‪ -‬جل وعلا ‪ -‬من أهل بيعة الرضوان ذلك الايمان‬ ‫والاخلاص الذي نوه عنه بالاسم المبهم الذي هو اسم الموصول في‬ ‫قوله تعالى ‪ ! < :‬لد رضى دئه عن المؤمنب إد يايعونلث تخت الشحرؤ‬ ‫‪ ،‬كان من نتائج!‬ ‫فعلم ما فى قثوبهم) [الفتجلم ‪ ] 18‬أي من الايمان والاخلاص‬ ‫ذلك الايمان ما ذكره في قوله ‪ < :‬وأخري لؤتدرو علئهاقد أحارو الله بها‬ ‫طن دله عك كل شىء قديرا !) [الفتجلم ‪ ]21‬فصرج بان إمكانياتهم‬ ‫العددية والعددية لا تقدرهم عليها‪ ،‬فاقدرهم الله عليها لاخلاصهم‬ ‫‪87‬‬

‫وايمانهم‪.‬‬ ‫وفي الختام نقول ‪ :‬إن دين الاسلام صالح لتنظيم أحوال البشرية‬ ‫في جميع أطوارها واتجاهاتها ‪ ،‬ومعلوم أن المصالح التي يدور حولها‬ ‫المصالح‪،‬‬ ‫والثانية ‪ :‬جلب‬ ‫التشريع ثلاثة ‪ :‬الاولى ‪ :‬درء المفاسد‪،‬‬ ‫العادات ‪.‬‬ ‫والثالثة ‪ :‬الجري على مكارم الاخلاق ومحاسن‬ ‫ودين الاسلام متضمن من المحافظة على تلك المصالح مالا‬ ‫يخفى إلا على جاهل ‪ ،‬ومعلوم أن المفاسد التي يحاول دروها عن‬ ‫البشر واردة على ستة أشياء على حفظها مدار العدالة والانصاف في‬ ‫هذه الحياة الدنيا‪:‬‬ ‫الأول منها ‪ :‬الدين ‪ ،‬فظلم الانسان بإضاعة دينه وإفساد عقيدته هو‬ ‫أعظم أنواع الظلم‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬النفس‪.‬‬ ‫‪ :‬العقل‪.‬‬ ‫والثالث‬ ‫والراببع ‪ :‬النسب‪.‬‬ ‫وا لخامس ‪ :‬العرض ‪.‬‬ ‫‪ :‬الما ل ‪.‬‬ ‫وا لسادس‬ ‫فما في الدين الاسلامي من الأمر بإدخال الناس في الدين بكل‬ ‫الوسائل وقتل المرتدين عنه والزنادقة المضللين ونحو ذلك كله‬ ‫محافظة على دين الإسلام ‪.‬‬ ‫‪88‬‬

‫ومحافظته على الأنفس معروفة ‪ ،‬ومن اجلها شرع القصاص‬ ‫]‪.‬‬ ‫‪917‬‬ ‫< ولكم في ئقصاص [‪ 1‬لبقرة‪/‬حيوه >‬ ‫ومحافظته على العقول معروفة ‪ ،‬ومن اجلها حرم شرب الخمر‪،‬‬ ‫الحد الرادع في ذلك < يأيها الذين ‪ 0‬امنو إنما ]لحتر ‪ ). . .‬الآية‬ ‫و وجب‬ ‫[المائدة‪\" ]09 /‬بر فر حرام \"(‪. )1‬‬ ‫(‪ )1‬هذه الجملة رواها عن النبي عخب!و جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم‪:‬‬ ‫‪ - 1‬عبدالله بن عمر رضي الله عنه ‪ :‬أخرجه مسلم ‪ ،‬كتاب الاشربة ‪ ،‬باب بيان‬ ‫ان كل مسكر خمر و ن كل خمر حر م ‪ ،‬برقم (‪. 3/1587 )3002‬‬ ‫‪ - 2‬أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ‪ :‬أخرجه البخاري ‪ ،‬كتاب الوضوء ‪ ،‬باب لا‬ ‫يجوز الوضوء بالنبيذ ولا لمسكر‪ ،‬برقم (‪ ، 354 / 1 )242‬و طرافه في (‪، 5585‬‬ ‫‪ ، )5586‬ومسلم في الأشربة ‪ ،‬باب بيان أن كل مسكر خمر و ن كل خمر حرام ‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫برقم ( ‪ 1 585 /3 ) 2 0 0 1‬بلفظ (كل شراب أسكر فهو حرام ) ‪.‬‬‫‪1‬‬ ‫‪ -3‬جابر بن عبدالله رضي الله عنه ‪ :‬خرجه مسلم في كتاب الاشربة ‪ ،‬باب‬ ‫‪1‬‬ ‫بيان ان كل مسكر خمر و ن كل خمر حرام ‪ ،‬برقم (‪. 3/1587 )2002‬‬ ‫‪ - 4‬أبو موسى الاشعري رضي الله عنه ‪ :‬أخرجه البخاري في المغازي ‪ ،‬باب‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫بعث بي موسى ومعاذ إلى ليمن قبل ججة الوداع ‪ ،‬برقم (‪،4343،4344‬‬ ‫‪ ،8/62 )4345‬و طرافه في (‪ ،)7172 ،6124‬و خرجه مسلم في الاشربة‪،‬‬ ‫باب بيان ان كل مسكر خمر‪ ،‬وكل خمر حرام ‪ ،‬برقم (‪. 3/1586 )1733‬‬ ‫‪ - 5‬بريدة رضي الله عنه أخرجه مسلم في ]لاشربة ‪ ،‬باب النهي عن الانتباذ في‬ ‫واشج عبدالقيس‪،‬‬ ‫المزفت ‪ .‬حديث رقم (‪. 1585 /3 )779‬‬ ‫وفي الباب ‪ -‬في غير الصحيحين ‪ -‬عن بن مسعود‪،‬‬ ‫و بي هريرة ‪ ،‬وعمر بن الخطاب ‪ ،‬و بي وهب الجيشاني‪ ،‬ووائل بن حجر‪،‬‬ ‫وابن عباس ‪ ،‬و نس ‪ ،‬وعبدالله بن عمرو‪ ،‬وقيس بن سعد بن عبادة ‪ ،‬وبريدة‪،‬‬ ‫لخدري ‪ ،‬وعلي ‪ ،‬وعبدالله بن ]لمغفل‪،‬‬ ‫وفيروز بن الديلمي ‪ ،‬و بي سعيد‬ ‫‪98‬‬

‫ومحافظته على الانساب معروفة ولاجلها شرع تحريم الزنا لئلا‬ ‫تختلط أنساب المجتمع ‪ ،‬وأوجب الحد فيه < ولا تقربوا الزني‪ +‬في كان‬ ‫‪ 1‬الاسراء‪ < ]32 /‬الزاية والزافى فاخلدو) كل وحو منهما>‬ ‫فحفمة وساء سبيلا !)‬ ‫أ النور‪ ]2 /‬ومن أجل المحافظة على النسب أوجب العدة على النساء عند‬ ‫المفارقة لئلا يختلط ماء رجل بماء رجل اخر في رحم امراة‬ ‫< و لمطلمت جم!بصى‪ %‬بانفسهن ثبثة قروة ) أ البقرة ‪ < ]2 28 /‬وا لذين يتوفون‬ ‫منكم ويذرون أزؤجا يتريصن ) الاية [البقرة‪ ]234 /‬ومن أجل ذلك منع‬ ‫سقي زرع الرجل بماء غيره ‪ ،‬فمنغ نكاج الحامل حتى تضع حملها‬ ‫< و ولت لاخال أطهن ان يضعن حمين ) [ا!روق‪] 4 /‬‬ ‫ومحافظته على الاعراض معروفة ‪ ،‬ومن أجلها شرع حد القذف مع‬ ‫رد شهادة القاذف والحكم بتفسيقه < والذين يرمون المخصنت ثم لض يأتؤا بارلبة‬ ‫شهداء فا!دوهضثمنين طدص ولا لقبلو الئم ثهذ أبدصأ وأول!ك هم القسقون !إلا الذين‬ ‫‪. ] 5، 4‬‬ ‫[ا لنور‪/‬‬ ‫تابوا )‬ ‫ومحافظته على المال معروف ‪ ،‬ومن جلها أوجب حد السرقة‬ ‫< والسارق والشارقة فاقطعوا أيذيهما> الاية [المائدة‪ ]38 /‬فتلك اليد‬ ‫التي خلقها الله وجعلها ببديع صنعه في غاية الاستعداد الى مزاولة‬ ‫الاعمال النافعة لتكون أداة فعالة في نفع الدنيا والاخرة لما مدت‬ ‫أصابعها الخائنة الخسيسة الى هذه الرذيلة التي هي في غاية الانحطاط‬ ‫والخسة أمر الله بإزالتها كعملية تطهيرية كإزالة عضو فاسد لتصح بإزالته‬ ‫وقرة بن إياس ‪ ،‬وميمونة رضي الله عنهم اجمعينه‬ ‫‪09‬‬

‫بقية البدن ؛ ولذلك إذا قطعت يد السارق طهر جميع بدنه من النجاسة‬ ‫المعنوية الروحية التي لطخته بها تلك اليد الخائنة ‪ ،‬وقد ثبت في‬ ‫الصحيحين (‪ )1‬من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن الحدود‬ ‫الشرعية كفارات ومطهرات من تلك الرذائل كما هو معروف ‪.‬‬ ‫ومحافظة دين الاسلام على جلب المصالح معروفة ‪ ،‬ألا ترون أ ن‬ ‫طول آية في المصحف الشريف هي آية الدين ؟ فانظروا كيف علم الله‬ ‫خلقه فيها كتابة الوثائق واشهاد البينات ؛ لئلا يضيع كبير ولا صغير من‬ ‫موالهم ‪ ،‬وفتح لهم الابواب ‪ ،‬ورسم لهم الخطط الحكيمة لاستجلاب‬ ‫ماينفعهم من جميع النواحي ‪ ،‬و مرهم بمكارم الاخلاق وحسن‬ ‫المعاملات ‪ ،‬وبين لهم أصول الاقتصاد ‪.‬‬ ‫ومن المعلوم عند جميع العقلاء أن مسائل الاقتصاد راجعة إلى‬ ‫اصلين‪:‬‬ ‫الاول ‪ :‬حسن النظر في طريق اكتساب المال ‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬حسن النظر في صرف المال في مصارفه‪.‬‬ ‫والدين يوضح ذلك كله على ضوء تنظيم خالق البشر لوجوه‬ ‫الاكتساب ووجوه الصرف في حدود معروفة معينة ‪ ،‬فيمنع الاكتساب‬ ‫المنطوي على مالا ينبغي ‪ ،‬كقوله ‪ < :‬وحرم الربرأ) [البقرة‪ ]275 /‬ومنع‬ ‫(‪ )1‬اخرجه البخاري في الحدود‪ ،‬باب ‪ :‬الحدود كفارة ‪ .‬حديث رقم ‪،)6784( :‬‬ ‫ومسلم في الحدود‪ ،‬باب ‪ :‬الحدود كفارة لأهلها‪ .‬حديث رقم‬ ‫‪،12/84‬‬ ‫(‪.3/1333 )9017‬‬ ‫‪19‬‬

‫الصرف فيما لا ينبغي ‪ ،‬كقوله ‪ < :‬فسينفقونها ثم تكوت عليهضحتمزة)‬ ‫‪ 1‬الانفال ‪. ]36 /‬‬ ‫والقصد الاشارة إلى رؤوس أقلام من المسائل ؛ لان المقام لا يسع‬ ‫كمال البحث ‪ ،‬وتبيين أن دين الاسلام هو الرابطة العظمى التي تجمع‬ ‫المختلف ‪ ،‬وتلم الشعث ‪ ،‬فتجعل بعضنا ولياء‬ ‫المفترق ‪ ،‬وتؤلف‬ ‫بعض ‪ ،‬فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ‪ ،‬وتجعل الله ولينا‪،‬‬ ‫منا أولياء الله ‪ ،‬وكذلك الرسول !يو < إنيا ول!كم الله ورسومي)‬ ‫والصالحين‬ ‫أوليا الله‬ ‫‪ 1‬المائدة‪ < ]55 /‬لله وك الذيف ءامنوا)[البقرة‪ < ]257 /‬ألا إن‬ ‫لاخوف علتهم ولا هئم يحزنون !) [يونس‪ ]62 /‬وتجعل الملائكة‬ ‫‪ . . .‬إلى قوله < نخن‬ ‫أولياءنا < ن الذيف دالوا رنجا دده ثئم اشتقموا)‬ ‫‪. ]3 1‬‬ ‫ؤلاجمتم فى الحيةة الديخا) ا لاية [فصلت‪/‬‬ ‫ولاجل هذه الولاية الايمانية بيننا وبينهم دعوا لنا ذلك الدعاء‬ ‫القراني العظيم < الذين !لون ائعئتش ومن حردله يسبحون بحمد رئهت! ويؤمنون‬ ‫به‪! -‬لمحئشغفرون لقذين ءامنوأ رشا وشا !ل شئع زخمة وعقا فاكى‬ ‫لقذين تابواواتبعوا سبياد > [غافر‪ ]7 /‬إلى اخر الدعاء ‪.‬‬ ‫ويبين لنا أن جميع الروابط تتلاشى أمام هذه الرابطة السماوية < لا‬ ‫تجد قؤما يؤمنوت بادله واليوم الأخر يواذوت من حاد دئه ورسولة ولو‬ ‫نبانو ءابا هتم أو إشا صم أو إخوانهؤ أو عشيرتهم > ‪ 1‬المجادلة ‪ ]2 2 /‬اذ‬ ‫لا رابطة نسبية أعظم من رابطة الاباء والابناء والاخوان والعشائر ‪ ،‬وقد‬ ‫رأيت تلاشيها أمام رابطة الايمان ‪ ،‬فالدين الاسلامي مع ذلك لا ينكر‬ ‫أصل الروابط ‪ ،‬ولا يريد اذابة الاسرة النسبية و واصر القرابات ‪ ،‬فقد‬ ‫‪29‬‬

‫بالميراث القرباء مراعاة لتلك الرابطة ‪ ،‬وأوجب صلات‬ ‫خصص‬ ‫الأرحام وشدد في قطعها مراعاة لتلك الرابطة ‪ ،‬ولا ننكر أن الله ‪ -‬جل‬ ‫وعلا ‪ -‬قد نفع بعض رسله الكرام بعصبيات نسبية لا تمت إلى الدين‬ ‫بصلة ‪ ،‬وجعل لذلك اثارا حسنة على الاسلام و هله ‪ ،‬قال تعالى ‪ < :‬الم‬ ‫إلى عمك أبي‬ ‫بأن ضمك‬ ‫اواك‬ ‫يعني‬ ‫‪]6‬‬ ‫[‪ 1‬دضحى‪/‬‬ ‫مجدل يتيما فاوى *>‬ ‫طالب وذلك بعصبة نسبية لا تمت إلى الدين بصلة ‪ ،‬وقد بين الله لنبيه أن‬ ‫ذلك منة منه عليه ‪ ،‬ومن اثار تلك القرابة النسبية قول أبي طالب (‪: )1‬‬ ‫حتى أوسد في التراب دفينا‬ ‫والله لن يصلوا إليك بجمعهم‬ ‫فقد عرف النبي !ي! هذه القرابة النسبية لبني المطلب بن عبد‬ ‫مناف ‪ ،‬فانهم ناصروا الهاشميين مناصرة عصبية لا دينية كما هو معلوم ؛‬ ‫ولذلك لما قسم !شي! خمس غنيمة خيبر جعل نصيب ذي القربى من‬ ‫الخمس لبني هاشم وبني المطلب ‪ ،‬ومنع منه إخوتهم الاخرين من بني‬ ‫عبد شمس وبني نوفل ؛ لان أولاد عبد مناف بن قصي أربعة ‪ :‬هاشم‪،‬‬ ‫والمطلب ‪ ،‬وعبد شمس ‪ ،‬ونوفل ‪ ،‬ولما جاء عثمان بن عفان وجبير بن‬ ‫مطعم يكلمان النبي !سيد في إعطائه بني المطلب من الخمس دون بني‬ ‫عبد شمس وبني نوفل بين لهم أن المطلبيين لم يفترقوا مع الهاشميين‬ ‫في جاهلية ولا إسلام (‪ ،)2‬ومعلوم أن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن‬ ‫أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ‪ .‬وجبير بن مطعم بن عدي بن‬ ‫(‪ )1‬البداية و لنهاية (‪.)42 /3‬‬‫‪1‬‬ ‫(‪ )2‬كما في البخاوي ‪ :‬فرض الخمس ‪ ،‬باب من الدليل على ان الخمس للامام ‪،‬‬ ‫حديث وقم (‪ ،244 /6 )0314‬و طرافه في (‪.)9422 ،2035‬‬ ‫‪39‬‬

‫نوفل بن عبد مناف ‪ .‬وقد قال أبو طالب في لاميته المشهورة (‪: )1‬‬ ‫جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شر عاجل غير اجل‬ ‫له شاهد من نفسه غير عائل‬ ‫ميزان قسط لا يخيس شعيرة‬ ‫وقد نفع الله بالرابطة النسبية نبيه شعيبا ونبيه صالحا‪ ،‬قال تعالى‬ ‫عن قوم شعيب ‪ < :‬قالوا يشفب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لزنك فينا‬ ‫ضعما ولولارهطك لرخلأ وما أشاعلتنا بعزجمؤ !) [هود‪ ]19 /‬وقال في‬ ‫قوم صالح ‪ < :‬فالوا تقاسموا بالله فبيتنهه وأفل! ثم لنقولن لولهه ‪ -‬ماشحهدنا‬ ‫ار‪[ )!4‬النمل‪ ]94 /‬ولما كان لوط ليس له‬ ‫مفهلرهص أهله‪ -‬وإنا لصدفون‬ ‫في قومه عصبة ظهر فيه أثر ذلك حتى قال ذلك الكلام المحزن ‪ < :‬لوأن‬ ‫لى بكم قؤة أوءاوي إك كز شديد يم) [هود‪ ]8 0 /‬ه‬ ‫فالاسهلام هو رابطتنا الحةة التي تجعلنا كالجسد الواحد ‪ ،‬ولا ينافي‬ ‫ذلك أن لكل منا بعض الروابط الخاصة في حدود الدين الحنيف ‪ ،‬فاذابة‬ ‫معنى الاسرة إذابة كلية اقرب إلى الشيوعية منه إلى الاسهلام ‪ ،‬أما رابطة‬ ‫الاسهلام فهي التي ينادى بها ‪ ،‬ولا يجوز أن ينادى بغيرها محاولة للةضاء‬ ‫على الرو بط السماوية التي هي الرابطة حما ‪ ،‬وكل تضامبئ يخالفها فهو‬ ‫باطل ‪ ،‬و لله تعالى يقول ‪ < :‬وجعلهنبهؤ نهعوبا وقبإئل لنهعارفوم > [الحجر ت‪/‬‬ ‫‪ ]13‬أي ‪ :‬لئلا يتعصب كل شخص‪.‬‬ ‫‪ )11‬وهي في البداية و لنهاية ‪ ،)57 - 31/53‬الاضواء (‪.)2/363‬‬ ‫‪49‬‬

‫[‪]5‬‬ ‫الرابطة الإيمانية‬ ‫‪59‬‬

‫الله وبركاته ‪. .‬‬ ‫‪ )1( /‬السلام عليكم ورحمة‬ ‫أما بعد ‪ :‬فان رابطة الاسلام التي جمعتنا بكم في هذا السفر البعيد‬ ‫هي أعظم رابطة ‪ ،‬ونحن دائما في المناسبات نبين أنها أقوى من رابطة‬ ‫النسب ‪ ،‬والدليل على أن رابطة الاسلام أقوى من رابطة النسب أن الله‬ ‫تعالى يقول في كتابه ‪ < :‬لا تجد قؤما يؤمنوت بالله واليؤم الأخر يواذوت‬ ‫من حا الله ورسولة ولو!انوآ ءاباءفم و نجاءهم أو اختنهو و‬ ‫عشيرتهم > ‪]1‬لمجادلة‪ ]22 /‬لأن أقرب العصبات الاباء والابناء والاخوان‬ ‫والعشائر‪ ،‬كما أننا نبين دائما بالمناسبات أن رابطة الاسلام لقوتها‬ ‫ربطت بين السماء والارض ‪ ،‬وربطت بين الخلق والخالق ؛ ولذلك كان‬ ‫الله ولي المومنين من أجل رابطة الايمان ‪ ،‬قال تعالى ‪ < :‬لله ولة الذرن‬ ‫ءامنوا ) ‪ 1‬البقرة ‪ ]2 57 /‬وقال تعالى ‪! < :‬نيا ولئكم ألله > ا لاية ‪ 1‬المائدة ‪] 5 5 /‬‬ ‫وقال تعالى ‪ < :‬ذلك بأن ادله مولي الذين ءامنوا) ‪ 1‬محمد‪ ] 1 1 /‬هذه الايات تبين‬ ‫أن الله هو ولي المومنين ؛ لقوة رابطة الايمان ‪ ،‬كما بين أن المومنين‬ ‫أيضا المتقين أولياء الله ‪ ،‬قال ‪ < :‬ألا إن أولا الله لاخوف علئهو ولا‬ ‫هتم ئحزنون *> ‪ 1‬يونس‪ ]62 /‬ثم بين أن سبب ولايتهم لله هو الايمان‬ ‫والتقوى حيث قال بعد قوله ‪ < :‬ألا إت أولا ادله لاخوف عليهم ولاهتم‬ ‫ذلك‪:‬‬ ‫‪ ]62‬مبينا أولياء الله ‪ ،‬قال الله في‬ ‫يونس‪/‬‬ ‫يحزنون *>‬ ‫‪1‬‬ ‫< الذجمت ءامعواو!انوايتقوت *> ‪ 1‬يونس‪]63 /‬ه‬ ‫ولأجل هذه الرابطة العظمى رابطة الاسلام كان النبي ع!يو ولي‬ ‫(‪ )1‬من الشريط السادس ‪.‬‬ ‫‪69‬‬

‫المؤمنين ‪ ،‬لان الله يقول ‪ < :‬نيا ولئكم الله ورسومي > ‪ 1‬المائدة‪.]55 /‬‬ ‫من أ!سهتم) [الاحزاب ‪. ] 6 /‬‬ ‫ويقول ‪ < :‬لنبى اوك با لمؤمنين‬ ‫كذلك هذه الرابطة جعلت الملائكة أولياء المؤمنين ‪ ،‬قال الله تعالى‬ ‫في ذلك ‪< :‬إن ألذيت مالوا رنجا ده ثم ستقموأ تتترل عليهم‬ ‫ألا تخافوا ولا تخزنوا وأبشروا بالجنة لتي كنتم‪-‬‬ ‫لملحطكلِ‬ ‫توعدوت ! نخن أولاجمئم في الحيةة الدنيا !في الأ!ش ) [فصدت‪/‬‬ ‫‪ ]03،31‬ولأجل هذه الرابطة القوية ‪ -‬رابطة الايمان ‪ -‬التي ربطت بين‬ ‫بني ادم والملائكة فوق السموات من شدة ربطها عطفت قلوب‬ ‫الملائكة من فوق سبع سماوات على بني ادم في الأرض ‪ ،‬فدعوا لهم‬ ‫بذلك الدعاء العظيم المذكور في القران في قوله تعالى ‪ < :‬اتذين علون‬ ‫العرتن ومن حوله يسسحون بحمد ربهم ويؤمنون به‪ 1 >-‬غافر‪ ]7 /‬فوصف‬ ‫الادميين‬ ‫الملائكة بالايمان ثم قال ‪! < :‬لمحئشغفرويئ للذين ءامنوأ ) فوصف‬ ‫بالايمان فعرف من ذلك أن الرابطة بين الادميين والملائكة ‪ :‬الايمان ‪،‬‬ ‫كان من نتائج ذلك الرابط ‪ -‬وهو الايمان ‪ -‬أن دعوا للادميين كما ذكره‬ ‫الله عنهم في قوله ‪ < :‬ربناوسعت !ل شئء زخمة وعقافلقر طذين‬ ‫تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب المحيم ! رثنا وأدضلهم حتت عدن لتى‬ ‫وعدتهم ومن صحلع من ءابآئهم وأزؤجهم وذريتهم ‪ ) . . .‬إلى اخر الايات‬ ‫[غافر‪. ]8 ، 7 /‬‬ ‫هذه الرابطة عطفت علينا قلوب الملائكة من فوق سبع سماوات‬ ‫مع اختلافنا معهم في الاصل والعنصر‪ ،‬فدل ذلك على أنها تربط بيننا‬ ‫ونحن أبناء رجل واحد وامرأة واحدة ربطا وثيقا؛ ولاجل ذلك بين‬ ‫‪79‬‬

‫النبي جم!يه أن جميبع المسلمين في أقطار الارض من مشارقها ومغاربها‬ ‫وجنوبها وشمالها كأنهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر‬ ‫الجسد بالسهر والحمى ‪ ،‬فعلينا ن نتساعد ونتعاون في الخير‪ ،‬و ن‬ ‫نحافظ على أعمالنا حتى تكون صالحة ترضي الله ‪ ،‬وقد بين لنا الله في‬ ‫كتايه أن العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة أمور اذا اجتمعت هذه الامور‬ ‫الثلاثة فالعمل صالح يرضي الله ‪ ،‬وإذا اختل و حد منها فالعمل غير صالح‪:‬‬ ‫الأول من هذه الأمور الثلاثة ‪ :‬هو أن يكون ذلك العمل مطابقا لما‬ ‫جاء به سيدنا محمد !و؛ لان الله يقول في هذا‪< :‬وما ءائئكم لرسول‬ ‫‪ < :‬من يظع لرسول فقذ‬ ‫[الحشر‪ ]7 /‬ويقول‬ ‫عنه فانحهوا )‬ ‫وما نهنم‬ ‫فخذوه‬ ‫ا‬ ‫الئه فاتبعوفي يخبتكم‬ ‫أطاع لله > [ لنساء‪ ]08 /‬ويقول ‪ < :‬قل ن كنتوتحبون‬ ‫افه ويغفر لر بؤلبئ> [ال عمران ‪ ]31 /‬ه‬ ‫الثاني من تلك الأمور الثلاتة ‪ :‬هو كون العمل فيما بين الانسان‬ ‫لوجه الله ‪ ،‬لا لقثهد‬ ‫وبين ربه في نيته التي لا يعلمها الا الله خالصا‬ ‫دنيوي ‪ ،‬ولا مال ولا جاه ؛ لان الله يقول ‪ < :‬وما أصوا إلا ليعدو‬ ‫غرض‬ ‫افه محلصين له الذين ) [البينة‪ ]5 /‬ويقول ‪ < :‬قل الله أغد نخيصحا لو ديتي * >‬ ‫[الزمر‪ ] 1 4 /‬ه‬ ‫الأمر الثالث ‪ :‬أن يكون العمل مبنيا على أساس العقيدة الصحيحة؛‬ ‫لان العمل كالسقف ‪ ،‬والعقيدة كالاساس ؛ لان الله يقول ‪ < :‬ورن‬ ‫يعمل من الف!علخت من ذ!ر أؤ أنثى وهو مؤمن ) [النساء‪ ]124 /‬فقيد‬ ‫العمل بالايمان ‪ ،‬ثم بين أن الاعمال الصالحة من غير المؤمنين باطلة‪،‬‬ ‫قال ثعالى ‪ < :‬وقدفنا ‪،‬لت ما عملوا من عمل قجمئة هبا مانثورا ! )‬ ‫‪89‬‬

‫ممرماد‬ ‫[الفرقان‪ ]23 /‬وقال تعالى في أعمال الكفار في آية ‪< :‬أ!لهؤ‬ ‫اشتدت به الرياح في يؤم عاصف ) [إبراهيم‪ ]18 /‬وقال في آية أخرى ‪:‬‬ ‫< أ!كعس!ابم ) [النور‪. ]93 /‬‬ ‫فتبين مما قلنا أن على المؤمن أن يتحافط على هذه الامور الثلاثة‪،‬‬ ‫فيكون عمله مطابفا للشرع ‪ ،‬مخلصا فيه لله ‪ ،‬ويكون على أساس العقيدة‬ ‫الصحيحة ‪ ،‬وخير ما تؤخذ منه العقيدة الصحيحة ‪ :‬القران العطيم ‪ ،‬كما‬ ‫بينه الشيخ عثمان فودي في أول كتابه إحياء السنة ‪ ،‬فعلينا ن نثبت ما‬ ‫ثبته القران ‪ ،‬وأن ننفي ما نفاه القران ‪ ،‬وأن نسكت عما سكت عنه‬ ‫القرآن لنهتدي دائفا بكتاب الله‪.‬‬ ‫ومما دلنا القران عليه ‪ :‬انا لا نامن مكر الله ؛ لان الله يقول ‪< :‬فلا‬ ‫لله إلا لقوم ألخسروبئ *> [الاعراف‪ ]99 /‬وان نخاف من‬ ‫يأمن مكر‬ ‫الله ‪ ،‬وإذا كان أحدنا عنده أسلاف صالحون لا نتكل على ذلك ؛ لان‬ ‫عمله ‪ ،‬والله يقول ‪< :‬ليس بأمانيكم ولا أمافي أهل‬ ‫الانسان بحسب‬ ‫من يعمل سوصا عز به‪ -‬ولا جمذ لم من دون دله ولئا ولا‬ ‫ل!تنب‬ ‫من ذ!ر أؤ أنثى وهو مؤمن فأؤلبهك‬ ‫ببعمل من لصدت‬ ‫لفيرا!ومى‬ ‫يدظون لجنة>‪ 1‬النساء‪ 24، 123 /‬ا]‪.‬‬ ‫أمثالأ في القران ؛ لان الانسان لا يتكل إلا على الله ثم‬ ‫وسنضرب‬ ‫على عمله ‪ :‬أفصل البشر على الاطلاق سيدنا محمد حكفي! ‪ ،‬وأبو طالب‬ ‫مسلم‬ ‫عمه الذي رباه لما حضرته الوفاة كما ثبت في صحيح‬ ‫والبخاري ‪ -‬وذلك أصح الصحيح ‪ -‬جاءه النبي ع!يم فقال ‪ :‬يا عم قل لي‬ ‫كلمة أشهد لك بها عند الله ‪ ،‬فأنزل الله عليه جبريل بهذه الاية ‪ < :‬إنك لا‬ ‫‪99‬‬

‫تهدي من اختت ولبهن الئه جقدى من يمثاة وهو أغلم باتم!قدجمت !)(‪)1‬‬ ‫‪.)2() 0 0 0 (]56‬‬ ‫[القصص‪/‬‬ ‫‪**!-‬كل!*‬ ‫‪ ،) . . .‬حديث‬ ‫في التفسير ‪ ،‬باب ‪ < :‬إنلث لا تهدي من أتجبت‬ ‫البخاري‬ ‫خرجه‬ ‫(‪)1‬‬ ‫رقم (‪ ،)8/605( ،)4772‬و طرافه في (‪،)0136،3884،4675،6681‬‬ ‫ومسلم في الإيمان ‪ ،‬باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت مالم‬ ‫يشرع في التزع ‪ .‬حديث رقم (‪.)54 /1( ،)24‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫في هذا الموضع انقطع التسجيل ‪ ،‬وقد تقدم كلام الشيخ رحمه الله على هذا‬ ‫الموضوع ضمن المحاضرة رقم (‪ ،)4‬وسيأتي أيضا في المحاضرة رقم (‪.)6‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook