جاء بشرعنا من الامر باتباع داود أننا مأمورون به. إذا عرفتم هذا فالله يقول لداود < :ن اعل شبفمخ وقدرفى لممر) 1سبأ ]11 /وهذا أعظم كفاح عسكري في وقته ؛ لان معنى < :ن تر شبفت> ي :دروعا سابغات تحصن بها نفسك وجيشك في الميدان لممط ) 1سبأ ]11 /علمه بها إذا التقت الصفوف ،وقوله < :وقدرفى أصول الحدادة ؛ لان السرد في لغة العرب :نسح الدرع ،ومعنى: <وقدر فى السرر ) اجعل الحلق والمسامير بأقدار متناسبة ؛ لان المسمار إن كان أكبر من الحلقة كسرها ،وإن كان أصغر منها لم يشدها كما ينبغي ،ولما بين له هذا الاحتياط العسكري في الميدان قال بعده : < واعملوا ص!لحا > 1سبأ ]11 /ونحن مأمورون باتباعهم كما بينا ،فعلينا أن نستعد لكفاح العدو ،و ن نعمل صالحا ونطيع خالق الكون ،والله- جل وعلا -يقول < :وأعدوا لهم ما شتظعتم من قؤؤ) [الانفال ]06 /هذا أمر من خالق الكون ،وخالق السموات والارض أوامره صعبة، والتكاسل والتناوم عنها ليس بالامر الهين ؛ لأن الله يقول < :ففيحذر لذين يخالفون عن ضهء ان تصيبهم فتنهب أو يصيبهم عذاب ألؤ) [النور]63 / ويقول < :وما كان لمؤمن ولامومنة إذ قضى الله وريتوله ،أمرا أن يكون لهم الخيرة من أ!ىهثم ) 1الاحزاب ]36 /فجعل أمر الرسول مانعا من الاختيار موجبا للامتثال ،وقد قال لابليس < :قال ما منعك ألا تسجد إذ أصيك ) 1الاعر ف/ :مالكم أن لا تعدوا القوة الكافية ] 12كأنه يقول للمتواكلين المتكاسلين إذ أمرتكم ؟ والنبي ع!يو وهو القدوة الاكبر والمربي الاعظم ،وسيد الخلق -صلوات الله وسلامه عليه -هكذا كان يفعل ،كان يعمل بالامور الدينية ،ويتقدم أعظم التقدم في الميادين الحيوية الدنيوية، 51
وهو مرض ربه ،وعلى صلة بربه. و نا اضرب لكم بعض الامثال في انه ينتفع بالامور الدنيوية ولو كان إنتاجها من الكفرة الفجرة الخنازير أبناء الخنازير ،نضرب لكم ثلائة أمثلة من هذا نضرب المثل بها دائما: منها :أن النبي ع!م لما حاصره الاحزاب ذلك الحصار العسكري التاريخي العطيم المذكور في قوله < :ذ حاءكم من فوقكم ومن أسقل منكتم وإذ زاغت الأبصحرولبغت لقلوب الضاجر وتظنون بالله الظنونا! هنالك تتلى لمؤمنو %دزلزلوا زلزالاشديدا !) [الاحزاب ]11 - 01 /قال لى ،الاذهان التي سلمان :كنا إذا خفنا خندقنا( . )1هذه مثلا خطة عسكرية أنتجتها من الدنيا ذهان كفرة فجرة مجوس يسجدون للنار ،فالنبيعم لم يقل :هذه خطة عسكرية نجسة ؛ لان أصلها من الكفار ،وقد اخترعها المجوس إ! لا ،أخذ الخطة الدنيوية من الكافر وهو مرضيى ربه ،محافط على اداب السماء والاداب الروحية. ومن أمثلة هذا :أن النبي !م لما تكالبت عليه قوى الشر ،واضطر إلى الخروج من وطنه ،ودخل هو وصاحبه في الغار كما نص الله في سورة براءة < :ثاث اننين إد هما ف لغار) [التوبة ]04 /وجميع الدنيا حرب عليه ،والطريق تبث فيها العيون والرصد ،وجد خبيرا كاقرا واسمه :عبدالله بن الا!ريقط الدولي ،كافر يسجد للصنم إلا أنه عنده خبرة دنيوية ،فهو يعرف الطرق ،ويحاشي الطرق المعهودة ،ويأتي به ( )1تاريخ الطبري (.)44 /3 52
من طرق لم يعلمها الناس حتى يسلم من الرصد والعيون المبثوثة أمامه ؛ النبي لم يقل :هذه خبرة كافر يسجد للصنم فهي خبرة نجسة قذرة أتركها ! ! لا ،استعان بخبرته و عطاه مراكبه هو وصاحبه ،ثم سار منتفعا بخبرته حتى أوصله المدينة بسلام . وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي غ!يم أنه هم أن يمنع وطء النساء المراضع ؛ لان الغيلة التي هي وطء المرضع ،كان العرب يزعمون أنها تضعف عظم الولد ،وإذا ضرب الرجل بسيفه فنبا سيفه عن الضريبة قالوا :هذا رجل غيلت أمه ،يعني :وطئت أمه وهو يرضع ،وكان شاعرهم يقول في هذا الميدان (: )1 فتنبو في أكفهم السيوف فوارس لم يغالوا في رضغ فلما أخبرته فارس والروم أنهم يفعلون ذلك ولا يضر أولادهم، أخذ بهذه الخطة الطبية ولم يقل :أصل تجاربها من الكفرة (. )2 وهذه أمور و مثلة تدل على ن النبي ع!يم وهو سيد [الخلق]()3 ياخذ الامور الدنيوية ولو اخترعتها أذهان كافرة فاجرة على حد قولهم: \"اجتن الثمار و لق الخشبة في النار\" وهو فيما بينه وبين ربه مرض ربه جل وعلا .وعلى كل حال فنحن نضرب دائما الأمثال ؛ لان الأمثال ( )1البيت في الكامل (ص .)177 ( )2الحديث أخرجه مسلم ،كتاب النكاح ،باب :جواز الغيلة ،حديث رقم (.2/6601 )1442 ( )3في الأصل :الكون ،ومابين المعقوفين زيادة على الأصل. 53
تقرب المعقولات كالمحسوسات . والاستقراء الصحيح دل على أن الحضارة الغربية فيها نا غاية النفع ،وضار غاية الضرر ،أما النافبع منها فهو ما أنتجته في الميادين الحيوية في الماديات والتنظيميات ،وما خدمت به الانسان من حيتث إنه جسم في جميع أنواع الحياة ،والضار منها :هو الافلالس الروحي والتمرد على نظام السماء الذي وضعه خالق الكون -جل وعلا ،-فاذا عرفنا ن منها تافعا ومنها ضارا فنضرب لذلك الامثال -مثل الموقف الطبيعي منها -مثل رجل بعيد عن العمران في آخر رمق من العطش، وجد سما فتاكا وماء عذبا زلالا ،فالعقل الصحيح يحصر الاقسام عنده في أربعة :إما أن يشرب السم والماء معا ،أو يتركهما معا ،أو يشرب السم ويترك الماء ،أو يشرب الماء ويترك السم .فان شربهما معا لم ينتفع بالماء؛ لان السم يهلكه ،وإن تركهما معا مات في الطريق ولم يلحق بالقافلة ،وسقط دون الركب ،وان شرب السم وترك الماء فهو رجل احمق أهوج لا يدري خيرا من شر ،وان كان عاقلا فطبعا نه يشرب الماء ويترك السم ،ونحن يؤسفنا كل الاسف أن المنتشبين للسياسة الذين يحركون دفة الامور عكسوا القضية ،فشربوا من الحضارة الغربية سمها القاتل الفتاك وهو ماجنته من الانحطاط الخلقي والرذالة والتمرد على نظام السماء ،وتركوا نافعها وهو التقدم الدنيوي في ميادين الحياة ! ! ما حسن الدين والدنيا إذا اجتمعا و قبح الكفر والافلالس بالرجل ()1 ( )1البيت لابي العتاهية ،وهو في ديوانه (ص .)174 54
فعلينا جميعا أن نعلم هذا ،ونعلم أن دين الاسلام دين ميدان ، ودين كفاح ليس دين نوم ولا تكاسل ،ومن نام وتكاسل داسته نعال الاراذل ،وكان حمارا يقوده من شاء ن يقوده ،فلابد من التقدم في الميد ن ،والدنيا كفاح لابد من العمل ،ولكن الانسان يعمل في دنياه وهو مرض ربه ،ولا يمنع العقل أن يكون الانسان محافظا على دينه في جميع السمت ،وجميع الحركات والسكنات ،وهو متقدم في الميادين الدنيوية كل التقدم كما عرفه التاريخ بالنبي ! و صحابه ،نعم هنالك مشكلة عظمى هي محك المشكلات في هذا الزمن ؛ ذلك لان الكفار عرفوا من قيمة دين الاسلام ما جهله أو تجاهله المسلمون ،وعلموا ن أ الدين الاسلامي إذا كان عند المسلمين على الوجه الصحيح لا يقف مام المسلمين شيء ،و ن قوة الاسلام تدك الجبال ،فمن زمن الدولة العباسية وهم يعملون بضربه بالمعاول ليضعفوه [ ،وصار]( )1جميع الميادين الحيوية مؤلفوها كفرة ،ولم يؤلفوا تأليفا ينتفع به الانسان في ميدان من ميادين الحياة لا في تجارة ،ولا سياسة ،ولا عسكرية ،ولا هندسة ،ولا كيمياء إلا حطوا في تلك التآليف أفكارا هدامة وعقائد زائفة مضللة تفصل الشخص عن دينه ،ومرادهم بذلك أحد أمرين :إما أن يتخلف أولاد المسلمين عن ميادين الحياة فيبقون لقمة سائغة لمن جاءهم ،أو يدحلوا في ميادين الحياة فينشبوا في الفخ الذي وضعوا لهم ،وعلى المسلمين أن يتنبهوا لهذا ،ويعلموا أولادهم العلوم الدنيوية ،ويحذروا عليهم من تلك العقائد الهدامة و لامور التي ( ) 1في الاصل \" :وصاروا\" . 55
تصدهم عن دينهم ،وهذا يكون بالمراقبة ،وباجتماع المسلمين، وتثقيف أولادهم ثقافة صحيحة ،وبجمع أموال طائلة على حساب الناس والمسلمين واستجلاب مدرسين يتقنون العلوم الدنيوية ويميزونها مما جاء في الطريق من شوك و لغام . وعلى كل حال فنحن الان لايمكن أن نسترسل لان فضيلة أخينا القاضي عنده أسئلة و جوبة يريد أن يسجلها فلا يمكن أن نستغرق عليه الوقت ،والسلام عليكم جميغا ورحمة الله وبركاته ،ونرجو الله لنا ... الله ورسوله ولكم جميعا العافية والتوفيق والسداد إلى ما يرضي *****- 56
[13 الإسلام دين القوة تكريم الإسلام للمراة 57
). . .( )1(/لان الطرق المعهودة بث الكفار عليها العيون والرصد لياخذوا النبي كليو ومن معه ،فالنبي مج!بلما وجد هذا الخبير الكافر لم يقل :خبرة هذا الخبير خبرة نجسة قذرة لانها من كافر ،لا .انتفع بخبرته ،وأعطاه المراكيب ،وراح به ومن معه ،وساحل بهم ،وتجنب الطرق التي عليها العيون والرصد حتى اوصله إلى المدينة بسلام ،وهذا يبين أن المسلم يأخذ الخطة الدنيوية من الكفار وهو فيما بينه وبين ربه مرض ربه ،وقد ثبت في صحيح مسلم -وهو اصح كتاب بعد كتاب الله وبعد صحيح البخاري -أن النبي ع!ير هم أن يمنع وطء النساء المراضع ؛ لان العرب كانوا يعتقدون أن المرأة إذا وطئها زوجها ولها ولد ترضعه أن ذلك الوطء يضعف عظم الولد ويضره ،وكانوا إذا ضرب الرجل ونبا سيفه عن الضريبة قالوا :هذا رجل غيلإ! يعني وطئت أمه [وهو يرضع ]()2؛ لان هذا الذي أضعف عظمه ،وشاعرهم يقول في هذا الميدان (.)3 فتنبو في أكفهم السيوف فوارس لم يغالوا في رضاع ( )1من الشريط السابع ،و ول المحاضرة غير موجود في التسجيل الذي بين يدينا. عن الاسلام وأنه دين القوة والتقدم في جميع والشيخ رحمه الله يتحدث الميادين ،و نه لا يمنع من الاستفادة مما عند الكفار من الامور النافعة .وقد سبق الكلام في ذلك في المحاضرة رقم ( ،)2كما سياتي ضمن المحاضرة رقم ( .)4كما تجد نظائره في العذب النمير في مواضع متعددة . ما بين المعقوفين زيادة يتم بها الكلام . ()2 ( )3تقدم قريئا في المحاضرة الثانية. 58
فالنبي جمقه هم أن يمنع وطء النساء المراضع لهذا السبب فأخبرته فارس والروم بانهم يفعلون هذا ولا يضر أولادهم ،فأخذ هذه الخطة الطبية من الكفرة الفجرة الخنازير أبناء الخنازير فارس والروم ،ولم يقل :هذه الخطة الطبية قذرة نجسة ،لان أصلها من الكفار ! ! لا. هذه أمثلة وأضواء نلقيها لاخواننا ليتحققوا بها الموقف الطبيعي لهذه المشاكل الراهنة التي خيمت على الدنيا ،فعلينا جميعا ن نفهم الوضع على حقيقته ،ونعلم أن دين الاسلام ليس حجر عثرة في طريق التقدم ،بل هو دين التقدم في جميع الميادين ،ومن لم يتقدم في الميادين فهو مخالف امر الله ؛ لان الله يقول < :وأعدوا لهم ما اشتظعتم من قؤ ) [الانفال ]06 /فقوله < :وأعدوا ) أمر من خالق هذا الكون ، وأوامر الله ليست بالشيء الهين ،بل هي أوامر خالق الكون ،وقد قال مره < :ما ممعك الا لسجد إذ أميتك> [الأعراف ] 1 2 /ه لابليس لما عصى فالذين لا يعدون القوة بل يتواكلون ويتكاسلون وينامون من أين لهم أن الله لا يقول لهم كما قال لابليس :مالكم الا تعدوا القوة إ ذ أمرتكم ؟ وهذا يبين أن الضعف والعجز والتواكل هو تمرد على نطام السماء ،ومخالفة لاوامر القران ،وأن دين الاسلام دين تقدم في الميدان وكفاح . حتى يراق على جوانبه الدم ()1 لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى ومن المؤسف كل الاسف الذي يأسف له المسلم ويحزن أن كثيرا ( )1يتيمة الدهر ( ،)1/258الخزانة ( ،)1/391صيح الاعثى (.)11/991 95
ممن يحركون الدفة السياسية في أقطار الدنيا عكسوا القضية إ ! إنا لله وإنا إليه راجعون ،فأخذوا من الحضارة الغربية سمها الفتاك وضررها المحض ،وهو ما أنتجته من الانحطاط الخلقي ،والتمرد على نظام السماء ،والطعن في الدين الذي هو وضع خالق هذا الكون ،في الوقت الذي لم يحصلوا فيه على شيء مما أنتجته من الفوائد الدنيوية، فعكسوا القضية على خط مستقيم ! ! وأقيح الكفر والافلاس بالرجل ()1 ما حسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ثم إنا هنا نلقي بعض الكلام يخص بأخواتنا :أيتها الأخوات عليكن في أقطار الدنيا :اعلمن أن الله تبارك وتعالى أوجب المسلمات مكارم الأخلاق اللائقة بشرفكن من الصيانة والستر والعفاف ،وارضاء الفضيلة ،فالتي تريد منكن أن تعمل إذا تيسر لها أن تعمل في بيت زوجها فإن ذلك معاونة عظمى في بناء المجتمع الانساني ؛ لان المرأة بصفتها الطبيعية تقوم بخدمات هائلة للمجتمع الانساني قد لا يقوم وهناك بعض الخدمات لا يمكن أن يقوم بها غيرها، الرجل !ا، لأنها هي التي تحمل الاولاد في بطنها ،وهي التي تضعها في النفاس ، وهي التي ترضع ،وتقوم على الرضيع ،وعلى الفطيم ،وتعالج المريض ،وتقوم بخدمات البيت ،فاذا خرج زوجها في ميدان من ميادين الحياة إلى جهاد أو إلى عمل من الاعمال جاء فوجد قرينه الاخر وقيمه الكبير يحفظ كل شيء ،وجد طفله الرضيع مرضعا ،والفطيم ( )1تقدم قريبا في المحاضرة الثانية. 06
محفوظا ،والمريض معالجا ،وجميع لوازم البيت مهيأة ،وهذه خدمات إنسانية ترضي الله ،وهي للمجتمع الانساني مساهمة لا يوجد نظيرها ،زيادة على هذا أن هذا يكون مع العفاف والكرامة التي تليق بالشرف والمروءة ،وترضي الله والرسول ،وترضي الضمير الانساني. فالشيطان لاشك يغيظه هذا الامر أن يتعاون هذان النوعان هذه المعاونة الفعالة العظيمة على بناء المجتمع في دينه ودنياه فينخس في دائما إ! ئم دجاجة ،وأنت محبوسة أذن المرأة ويقول :جعلوك يخرجها في الميدان لتكون مائدة لخونة الأعين ! ! المرأة جمالها يتلذذ به الانسان ،والتلذذ بها خير متاع يوجد في متاع الدنيا ،والعين الخائنة إذا نظرت إلى جمالها فقد ظلمت ذللش الجمال ،واستغلت ذللش الجمال مكرا وخديعة وخيانة لله ولرسوله وللضمير الانساني وللشرف والفضيلة. فعلى بناتنا و خواتنا أن يعلمن قيمتهن ومكانتهن التي أعظاهن الله، و ن الوحي السماوي صانهن عن الابتذال ،وأنه جعلهن يقمن بخدمات لا يقوم بها غيرهن في المجتمع ،فهي أعظم من خدمات الرجال ،إلا أنها في صيانة وعفاف وكرم وستر. ثم إنه لاشك ان المرأة قد تضطر إلى أن تخرج في ميدان الحياة كأن لا يكون لها زوج ولا قئم يقوم بشؤونها فلها أن تعمل ،ولكن إذا اضظرت إلى العمل فعليها -أيتها الأخوات -أن تخرج في ستر وعفاف ،وصيانة وعدم ابتذال ،وتزاول كل ما شاءت من الأعمال في ستر وعفاف . 61
أما خروجها في حالات لا تليق بالشرف ولا بالفضيلة ولا منه الانسان إ ! والبلاد بالإنسانية فهو أمر يعرق منه الجبين ،ويخجل التي انتشر فيها ذلك كمصر والشام والعراق ضاع فيها الشرف والفضيلة ،وكانت أولاد الزنا تعد فيها بالملايين ،فعلى المسلمات أ ن يرعين الله في أنفسهن ،ويعلمن ان الله جعل لهن احتراما وشرفا إلى الخيانات وكرامة ،وأن لا يضيعن كرامتهن بالابتذال والتعرض والامور التي لا تنبغي. و ظن أن الوقت قد قرب ،والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته ،نرجو الله لنا ولكم جميعا العافية والتوفيق. ***** 62
[14 (اضواء على مسمائل مهمة يكثر الغلط في تصورها) وينتطم ذلك ست مسائل: - 1الاعتقاد الصحيح في نصوعر الصفات . \" لا اله الا الله \" . - 2مفهوم - 3بيان ان الإس!لام دين القوة والتقدم في جم!يع الميادين. - 4بيان الموقف الصحيح من الحضارة الغربية. - 5بيان ان الاس!لام ينظم جم!يع شؤون الحياة . - 6الرابطة الأيمانية. 63
لئه لرخن!ص لريض )1( /والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته . . . وبعد: فإني بهذه المناسبة أريد أن ألقي أضواء على بعض المسائل التي لها أهميتها في الاسلام مع أنها يتصورها كثير من ذويه بمفاهيم غير صحيحة: من ذلك :ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه !يم من الصفات التي تمذح بها خالق الكون -جل وعلا -أو أثنى بها عليه نبيه ع!فه ،كصفة الاستواء ونحو ذلك ،فإن كثيرا من أهل الملة الاسلامية يتصورون ذلك بغير المفاهيم الحقيقية ،والذي أريد أن أقوله :إن المفهوم الصحيح لذلك يتركز على ثلاث أسس موضحة غاية الإيضاح في القران العظيم. الأول منها :تنزيه خالق السموات والارض التنزيه التام الكامل عن مشابهة شيء من حلقه في الذوات والصفات والأفعال ،وهذا الاصل [الشورى] 11 / العظيم مستفاد من قوله تعالى < :لبد ممثله -كتبنو < :فلا ] 4وقوله [ 1لاخلاص/ وقوله < :ولم يكن ل! كفوا أحا *> تضربو لله الامثاذ> [النحل ]74 /ونحو ذلك من الايات . الله به نفسه أ و ]لثاني من تلك الاسس :هو الايمان بما وصف ( )1من الشريط الثامن. 64
وصفه به من قال في حقه < :وما يخلب عن االوى جم!إن هو إلاوش يوحى بي) الله اعلم بالله من الله <ءأنتم اغلم ام اللهأ) [النجم ]3،4 /لانه لا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله ع!يم الذي قال [البقرة ] 14 0 /ولا يصف فيه < :وما يخظق عن الوى !إن هو إلا وحى يوحى *> وذلك الايمان بالصفات مبني على أساس تنزيه الخالق عن مماثلة حلقه في شيء من هو لسمييع ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم على نحو < لتس ساه-لثئ! لبصعير *> فاتيانه -جل وعلا -بقوله < :وهو السميع المصحير ! ) بعد قوله < :ليس كمثله -لثئ لا له مغزى عظيم وسر كبير وتعليم واضح لا ليس في الحق معه ؛ لان السمع والبصر من حيث هما سمع وبصر يتصف بهما جميع الحيوانات -ودله المثل الاعلى -فكأنه يقول : لا تتنطع يا عبدي فتنفي عني صفة سمعي وبصري مدعيا ن الحيوانات تسمع وتبصر ،و ن إثبات سمعي وبصري لي والايمان بهما يستلزم التشبيه بما يسمع ويبصر من خلقي ،لا ،بل آمن بسمعي وبصري و ثبتهما لي ! ،لكن لاحظ في ذلك الاثبات قولي قبله مقترنا به < :لتس ؟. كمعله-شئ فأول الاية دليل على التنزيه الكامل من غير تعطيل ،واخرها دليل على الايمان بالصفات من غير تشبيه ولا تمثيل ،فيلزم من ذلك إيمان وتتزيه ،فمن تقدم بين يدي الله وتجرأ على أن ينفي عنه وصفا ثنى به على نفسه أو أثنى عليه به نبيه ع!يم فكانه يجعل نفسه أعلم بالئه من الله هذا بهتان عظيم ! ! . ! ! سبحانك ورسوله ومن اعتقد أن وصفا ثنى الله به على نفسه يشبه شيئا من صفات 65
خلقه فهو أجهل خلق الله بالله ،ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه في حال كونه منزها ربه غاية التنزيه عن مشابهة صفات الخلق فهو مؤمن منزه سالم من ورطة التشبيه والتعطيل مستضيء بنور قوله تعالى < :لدش [الشورى . ] 1 1 / كمثله -لثف ء وهو السميع ألبصحير !) الثالث من تلك الأسس :قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتصاف ؛ لان العقول لا تحيط علما بمن خلقها ،قال تعالى < :يع!مابئن أيد!م وما ظفهم ولا مجيطون به -كا !) [طه ] 1 1 0 /فقوله < :ولا يجحظون> فعل في سياق النفي ،وهو صيغة عموم كما هو مقرر في الأصول ،ومن المعلوم أن الفعل قسمان :فعل حقيقي ،وفعل صناعي ،أما الحقيقي: فهو الحدث المتجذر المعبر عنه في علم النحو بالمصدر ،و ما الصناعي :فهو المعروف في الصناعة النحوية بفعل الأمر والماضي والمضارع ،والفعل الصناعي ينحل عن مصدر وزمن عند النحويين، وعن مصدر وزمن ونسبة عند جماعة من البلاغيين ،كما حرروه في مبحث الاستعارة التبعية ،والمقصود أن المصدر كامن في مفهوم الفعل الصناعي إجماعا؛ وذلك المصدر لم يتعرف بمعرف فهو في معنى النكرة ،فالنفي المقترن بالفعل يتسلط على المصدر الكامن في مفهومه ،فيؤول إلى معنى النكرة في سياق النفي ،وهي من صيغ العموم كما هو معروف في محله. فقوله اذا < :ولا يحيطون به -كا *> [طه ]011 /في معنى :لا إحاطة للدلم البشري بخالق الكون -جل وعلا . - وأنا أوكد لكم كل التوكيد أنكم إن لقيتم ربكم يوم القيامة معتقدين 66
في ايات الصفات هذا المعنى الصحيح المتركز على هذه الأسس الثلاثة القرانية لا يلومكم الله ولا يوبخكم على ذلك ،فلا يقول لكم :لم تنزهونني عن مشابهة خلقي ؟ ولا يقول لكم :لم تؤمنون بصفاتي وتصدقونني فيما مدحت به نفسي أو ثنى به علي نبيي ؟ ولا يقول لكم: لم لا تقولون :ان علمكم محيط بمن خلقكم؟ فهذا المفهوم الصحيح طريق سلامة محققة ؛ لانه في نور القران العظيم ،ولو تنطع متنطع فقال :بينوا لنا كيفية للاستواء منزهة عن كيفية استواء المخلوقين لنعتقد صفة استواء منزهة عن مشابهة صفات الخلق؟ قلنا :أعرفت كيفية الذات المقدسة المتصفة بتلك الصفات ؟ فلابد متوقفة على معرفة كيفية أن يقول :لا .فنقول :معرفة كيفية الاتصاف الذات ،فسمبحان من أحاط بكل شيء علفا < ولايحيطون به -علما*> 1طه. ] 1 1 0 / وبالجملة فالله -جل وعلا -حق ،وصفاته حق ،والمخلوقون حق ،وصفاتهم حق ،وللخالق صفات لائقة بكماله وجلاله ،وللخلق لائقة بحالهم ،وبين صفة الخالق والمخلوق من التغاير صفات والمنافاة مثل مابين ذات الخالق والمخلوق ،ألا ترون أن الله تعالى وصف نفسه بالقدرة فقال < :و لله على كل شىش قدلز !) [البقرة/ ]284ووصف بعض حلقه بالقدرة قال ، < :لا الذلى تابوا من قتل أن نفسه بالحياة قال < :الله لآ إلةإلأ تقددو علتهخ) [المائدة ]34 /ووصف هو لحن القيوئم ) [البقرة < ]255 /هو الى لا إله إلا هو> 1غافر]65 / 67
ووصف بعض خلقه بالحياة ،قال < :وجعلنا من أئضا ص شئء حى> [مريم < ] 1 5 /نخرءج الس من [الانبياء < ]3 0 /وئؤم يموت ويوم يتعث حيا !) [الروم . ] 1 9 / !نحرج الميت من الس) الميت فلله قدرة وحياة لائقتان بكماله وجلاله ،وللمخلوقين قدرة وحياة مناسبة لحالهم وفقرهم وفنائهم ،وبين قدرة الخالق وحباته وقدرة المخلوق وحياته من المنافاة مثل مابين ذات الخالق والمخلوق . نفسه بالعلم قال < :و لله بئى شئ:عليم > [البقرة]282 / ووصف < فلنقصر عدئهم بعدو ) [الاعراف < ]7 /لبهن ألله يشهد بما أنزل إليئث أنزله -لعتمه[ >-النساء ]166 /ووصف بعض حلقه بالعلم قال < :وإنه- و علم لما !ته ) [يوسف < ]68 /ودبمثروه بغغ عليم > [الذاريات]28 / [الانفطار < ]12 /هل يستوى أئذين يعلموق ؤالذين لا < يغلموق ما !علون !) يعلمون ) [الزمر ]9 /فعلم الله مناف لعلم المخلوق كما بينا. ولو تتبعنا الايات الواردة بنحو ذلك لجئنا منها بالمئات ،ولكن القصد مطلق التمثيل. وكذلك وصف نفسه بالاستواء على العرلش في سبع ايات من كتابه ،ووصف بعض حلقه بالاستواء على بعض المخلوقات كقوله: < لتستو! على ظهود!ء ثض تذكروا نعمة رفي ذا ستويتم علئه ) [الزخرف]13 / وقوله < :و لسوت على الجودئ ) [هود < ]4 4 /الإذا ستويتت أنت ومن معك على به وأثنى به الذي تمدح عرشه الله على القفك > [ دمؤمنون ]28 /فاستواء على نفسه بالغ من الكمال والجلال ما يقطع علائق أوهام المشابهة بينه وبين استواء حلقه ،كقدرته وعلمه وحياته ؛ لان ذاته حق ،وجميع 68
صفاته حق ،ولا يشبهه شيء من حلقه في ذاته ولا في شيء من صفاته، فالذات وجميع الصفات من باب واحد ،كلها حق ،وكلها منزهة عن مشابهة الخلق ،والايمان بكلها واجب. ثم إنه من المقرر في الاصول :أن الكلام المفيد المعبر عنه في المعاني :ب(الاسناد الخبري ) ،وفي النحو :ب(الجملة الاسمية ) و أ (الفعلية) ،وفي المنطق :ب(القضية) بالنظر إلى مادل عليه معناه التركيبي له حالتان : الأولى :أن يدل على معنى واحد لا يحتمل غيره بوجه ،وهو المعروف ب(النص ) في أشهر اصطلاحاته. والثانية :أن يحتمل أكثر من معنى واحد ،وهذا القسم الاخير له حالتان : الأولى :أن يكون أظهر في بعض الاحتمالات من بعض. والثانية :أن تستوي الاحتمالات . فان كان أظهر في بعضها فما هو أظهر فيه يسمى ب(الظاهر) والمصير إليه واجب إلا بدليل صارف عنه يجب الرجوع إليه ،وصرفه عن ظاهره لذلك الدليل هو المعروف في اصطلاح أهل الاصول ب(التأويل) ومنه تاويل صحيح وفاسد ،ومثال الصحيح منه قوله ع!يم: \"الجار أحق بسقبه\"( )1فان ظاهره المتبادر منه :ثبوت الشفعة للجار الشفعة على صاحبها قبل البيع = ، ( )1اخرجه البخاري في الشفعة ،باب :عرض 96
الشريك مطلقا ،وهو محتمل لان يكودط المراد في ال!حار خصوص المقاسم ،وهذا الاحتمال المرجوح دل عليه حديث جابر\" :فاذا صرفت الطرق وضربت الحدود فلا شفعة \"( . )1وأمثلة الفاسد منه كثيرة معروفة في الاصول ،وهو ينقسم إلى ما يسمى تاويلا بعيدا وفاسدا، والى ما يسمى لعبا كما هو معروف في الاصولط . وان تساوت الاحتمالات فهو المعروف ب(المجمل) ويجب التوقف عنه حتى يوجد دليل يعين الاحتمال المقصود ،فلو قالت بينة: \"نشهد أن زيدا غريم عمرو بألف دينار\" فكلامها هذا مج!مل ؛ لان الغريم مشترك بين طالب الذين والمطلوب به ؛ واللفظ محتمل لكلا الاحتمالين دون ترجح .وكما لو فيل \" :عدا اللصوص على عين زيدأ\" فانه يحتمل أن تكون عينه الباصرة عوروها ،و ن تك!ون عينه ال!جارية عوروها ،وأن تكدون ذهبه وفضته انتهبوها. فاذا علمت هذا التقسيم فاعلم أنا نريد ن نطبقه على المفهوم الطاهر المتبادر من آيات الصفات و حاديثها ،فنتساءل ونقول :أرأيتم إذا أثنى الله على نفسه المقدسة الكريمة بصفة ،فماهو الطاهر المتبادر الى أذهالط الم!سلمين من مفهومها ،أهو تشبيه الخالق بخلقه حتى يلجأ حدبث رقم ( ، 4/437 )2258و طرافه في (.)0896 ،7896 ،7796 ( )1أخرجه البخاري في البيوع ،باب :بيع الشريك من شريكه ،حديث رقم ،)6924،7696 ( ،4/704 )2313و طرافه في ،2214،2257،5924( : وأخرجه مسلم في ]لمسالاة ،باب :الشفعة ،حديث رقم (3/9122 )8016 بلقظ مغايره 07
ذلك إلى التأويل؟ و هو مجمل محتمل للتشبيه والتنزيه احتمالا متساويا؟ أو الظاهر المتبادر هو تنزيه الله عن مشابهة خلقه أكمل تنزيه و تمه؟ الجواب طبعا :أن كل وصف وصف الله به نفسه فظاهره المتبادر منه أنه بالغ من غايات الكمال والجلال ما يقطع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات الخلق ،ولا ينكر عاقل أن الظاهر المتبادر هو منافاة الخالق لخلقه في صفاتهم وذواتهم و فعالهم ،وكيف يشبه الخلق خالقه والخلق أثر من اثار قدرته وإرادته؟ فعلينا جميعا أن نصدق ربنا فيما وصف به نفسه ،ونصدق نبينا قي ذلك ،وننزه ربنا عن مشابهة الخلق على نحو < ليس كمثله ءلثئ [ لشورى . ] 1 1 / وهو لسميع البصحير *> ومن ذلك :أن كثيرا من المتسمين بالاسلام لا يحققون المفهوم لكلمة الا إله إلا الله ) وهي مركبة من نفي وإثبات ،فمعنى الصحيح نفيها :خلع جميع أنواع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ،ومعنى إثباتها :إفراده -جل وعلا -بالعبادة وحدده ،وهي التقرب إلي!ه بما شرع ب!خلاص على وجه المحبة والذل والخضوع . والذي نريد أن نقوله هنا :هو أذا يجب علينا ن نعلم أن كل أمر أمر الله بالتقرب به إلي!ه فهو حقه الخالص له -جل وعلا ،-واخلاصنا له في حعقه -جل وعلا -هو عين المحبة والتعظيم لنب!ينا ع!ي! ،ولا يجوز صرف شيء من ذلك لغيره تعالى ،وعنوان المحبة الصادقة لله ورسوله هي طاعة سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه < :قل ن كنترتحئون ألله 71
فائيعوني يخبتكم الله > [آل عمران < ]31 /من يطع الزسول فقذ أطاع الله> [النساء.]08 / لوكان حبك صادقا لاطعته إن المحب لمن يحب مطيع ()1 قالت وقد سألت عن حال عاشقها بالله صفه ولا تنقص ولا تزد وقلت :قف عن ورود الماء لم يرد()2 فقلت :لو كان رهن الموت من ظما ومن ذلك :ما تلفقه الدعاية المغرضة ضد دين الاسلام من أنه ينافي التقدم في ميادين الحياة ،ولا يساير التطور الجديد ،وهذه الدعاية -مع الاسف -راجت في الاكثرية من شباب أبناء المسلمين ،وجعلتهم يحاولون التخلص من الدين بكل الوسائل ليحصلوا على التقدم الذي تتطلبه الاوضاع الراهنة للحياة البشرية ،ومعلوم أن العقل الساذج إذا لم ينور بنور المعرفة فأسرته المفاهيم الزائفة فأغوته عن قصد السبيل، فالتبست عليه النسب القائمة بين المعقولات ،ألا ترون أن المدلول عليه بدلالة المطابقة من لفظة \"البياض\" ينافي في حقيقته ومفهومه المدلول عليه بالمطابقة من لفظ \" البرودة \"؟ فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه معنى ( )1البيت في تاريخ دمشق (.)13/937 ( )2البيتان في ديوان يزيد (ص ،)83وفي قرى الضيف (ص ،)118والمستطرف ( ،)2/385والمدهث! لابن الجوزي (ص ،)314بدائع الفوائد (.)3/216 بالثه صفه ولا تنقص ولا تزد ولفظهما هناك : وقلت :قف عن ورود الماء لم يرد قالت لطيف خيال زارها ومضى فقال :حلفته لو مات من ظما يابرد ذاك الذي قالت على كبدي قالت :صدقت الوفا قي الحب شيمته 72
البياض انتفى عنه ضرورة أنه معنى البرودة كعكسه ،والبياض أيضا ينافي في حقيقته ومفهومه السواد ،فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه معنى البياض انتفى عنه ضرورة أنه معنى السواد كعكسه ،وكذلك الكلام فإنه ينافي في حقيقته ومفهومه السكوت ،فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه معنى السواد انتفى عنه أنه معنى الحلاوة كعكسه ،وكذلك الكلام فإنه ينافي في حقيقته ومفهومه السكوت ،فكل مفهوم مطابقي ثبت له أنه معنى الكلام انتفى عنه أنه معنى السكوت كعكسه ،كما أن الكلام ينافي في حقيقته ومفهومه القعود ،فكل مفهوم ثبت له أنه معنى الكلام انتفى عنه أنه معنى القعود ،ولكن منافاة البياض للسواد ليست كمنافاة البياض للبرودة ،فإن السواد و لبياض ضدان يستحيل اجتماعهما في نقطة بسيطة من اللون ،بخلاف البياض والبرودة فلا تضاد بينهما، فيجوز أن يكون الجرم الواحد أبيض من جهة باردا من جهة أخرى كالثلج ،ومنافاة السواد للبياض ليست كمنافاة السواد للحلاوة ،ولا مانع من كون الجرم الواحد أسود من جهة حلوا من جهة أخرى كالتمرة السوداء ،بخلاف البياض فإنه لا يجامع السواد في وقت واحد من جهة و حدة لاستحالة اجتماع الضدين .ومنافاة الكلام للسكوت ليست كمنافاة الكلام للقعود ،فلا مانع من أن يكون الشخص الواحد قاعدا من جهة متكلما من جهة أخرى ،ولا يجوز أن يكون ساكتا متكلفا في وقت واحد .ومن المعلوم أن المتقابلين لا يجتمعان سواء كانا نقيضين أو ضدين أو متضايفين أو عدما وملكة ،بخلاف الخلافين فلا مانع عقلا من اجتماعهما كما رأيت أمثلة ذلك. وإذا علمت هذا فاعلم أن الدعاية المغرضة ضد الاسلام خيلت 73
للسذج من ذويه أن النسبة بين التقدم وبين التمسك بالدين هي النسبة بين المتقابلين الذين لا يمكن اجتماعهما كالسواد والبياض ،فسببت تلك الفلسفة السوفسطائية انسلاخ حلق لا يحصى من دين الاسلام حين اعتقدوا أنه ينافي التقدم منافاة المتقابلين ،حرصا منهم على التقدم المزعوم وتفضيلا له على الدين ،ولو علموا الحقيقة لعلموا أن النسبة بين التقدم والتمسك بالدين لها نظران من جهتين: الوحي. الاولى :النظر إليها بحكم العقل مجردا عن نصوص الثانية :النظر إليها بحكم ما جاء في ذلك من الوحي السماوي . أما بالنظر إلى الحكم العقلي مجردا عن النقل فالنسبة بين الدين والتقدم كالنسبة بين البياض والبرودة ،فكما أن الجرم الابيض لا مانع عقلا من أن يكون باردا ،فكذلك المتمسك بالاداهب السماوية لا مانع عقلا من ن يكون متقدما في جميبع ميادين الحياة كما عرفه التاريخ للنبي !يم وأصحابه ومتابعيهم متابعة صحيحةه وأما بالنسبة إلى ما جاء في الكتاهب والسنة من وعد الله الصادق بالدين كقوله تعالى < :وعد ادثه ألذين ءامنوا منكؤ وصعملوا للمتمسكين لضخلحه! لبهتخلفنه!في لأزض> [النور ]55 /ونحوها من الايات الكثيرة بالدين والتقدم هي النسبة بين والاحاديث ،فالنسبة بين التمسك الملزوم ولازمه ؛ لان التمسك بالدين على الوجه الكامل الصحيح ملزوم بالتقدم الكامل ،والنصر النهائي ،والتقدم لازم له ،ومعلوم أ ن النسبة بين الملزوم واللازم لا تعدو حد أمرين :إما أن تكون المساواة ، المطلق ؛ لان اللازم لا يكون أخص وإما ن تكون العموم والخصوص 74
من ملزومه مطلفا ولا من وجه ،ولا يكون مبايئا له كما هو معلوم ، فالانسان مثلا ملزوم بالحيوانية والناطقية ،وهما لازمان له ،وأحد هذين اللازمين مساو له في الماصدق وهو الناطق ،والثاني أعم منه وهو الحيوان ،ومعلوم أن الوحي الصحيح ناقل عن حكم العقل كما هو معروف ،فالنسبة بين الامرين على الحق الذي اقتضاه الوحي المنزل هي النسبة بين الملزوم واللازم . فانظر كيف استطاع أولئك الاعداء أن يصوروا عند هؤلاء من المتسمين باسم الاسلام نسبة الملزوم للازمه بصورة مضادة أخرى هي نسبة الضد للضد ،فقطعوا بذلك صلتهم بربهم ودينهم. ثم إنا نريد هنا أن نسلط بعض الاضواء على حقيقة الموقف الطبيعي للاسلام والمسلمين من الحضارة الغربية بفلسفة منطقية تترك ليل المسالة نهازا ،وذلك بكشف نقابها واستبانة ما وراء بابها بدليل اصطلاحي متقدم مشهور يسميه علماء الجدل (التقسيم و لترديد)، ويسميه علماء المنطق (الشرطي المنفصل ) ،ويسميه علماء الاصول (السبر والتقسيم ) ،ولما كان هذا الدليل العظيم هو السبيل الوحيد إلى إيضاج هذه المسألة إيضاخا لا يختلف بعده اثنان أردنا أن نشير إليه إشارة ،خاطفة ثم نذكر أمثلة له في القرآن العظيم ،واثازا من آثاره التاريخية ،ثم نطبقه على مسألتنا تطبيفا واضخا يكشف ظلامها وينير دجاهاه اعلم أولا أن مبنى هذا الدليل العظيم على أمرين: احدهما :حصر أوصاف المحل بطريق من طرق الحصر، 75
كالعقل ،والاستقراء ،وهذا هو المعبر عنه ب(التقسيم ) . والثاني :اختبارها بعد الحصر اختبارا صحيحا يتميز به فاسدها من وهو المعبر عنه ب(السبر)؛ لان السبر في لغة العرب هو صحيحها، الاختبار. والاصوليون يستعملون هذا الدليل في استنباط علة الحكم الشرعي بطريق من طرق الحصر ،ئم يبطلون الباطل منها بطريق من طرق الابطال المعروفة عندهم ،ويبقون الصالح منها للتعليل كما هو معلوم في محله. والمنطقيون يستخدمون هذا الدليل لغرض اخر وهو استنتاج وجود النقيض من عدم نقيضه ،أو عدمه من وجوده ،أو استنتاج عدم الضد من وجود ضده ،ونحو ذلك كما هو مفصل في أقسام قياس الشرطي المنفصل الثلائة ،كما هو معلوم في محله. والجدليون يستعملون هذا الدليل لافحام الخصم وإقناع القاصر الاوصاف ويسبرونها بعد الحصر فيتبين عن الدليل ،فيحصرون صحيحها من فاسدها. وسنذكر هنا ربعة امثلة لهذا الدليل في القران العظيم كل واحد منها فيه إفحام لبعض المجادلين من الكفار: لأالة إلها الأول منها :قوله تعالى ردا على الذين قالوا < :أجعل !بم ) [الطور]35 / وحدا) [ص < : ]5 /أم خلقوا من غير لثئء اتم هم لخلقون فكأنه يقول لهؤلاء المنكرين توحيده في عبادته :لا يخلو الامر بالتقسيم 76
الصحيح من واحدة من ثلاث حالات : الاولى :أن يكونوا خلقوا من غير خالق خلقهم أصلا. الثانية :أن يكونوا خلقوا أنفسهم. الثالثة :أن يكون لهم خالق غير أنفسهم هو ربهم ومعبودهم الواحد جل وعلا. وإذا رجعنا إلى هذه الاقسام الثلاثة -التي انحصرت فيها الاوصاف بالسبر -وجدنا الاولين منها باطلين بطلانا ضروريا لا يحتاج إلى دليل، فتعين صحة القسم الثالث وهو أنهم خلقهم خالق هو ربهم ومعبودهم. فدلالة هذا السبر والتقسيم على عبادة الله وحده قطعية ،وقد عرف في الاية القسم الصحيح من الاقسام لظهوره ؛ ولانه ذكر في ايات اخرى . ما يعلم جائز\"(. )1 \" وحذف المثال الثاني والثالث :هما المذكوران في سورة البقرة وسورة مريم ،فان الله -تعالى -بطل في كل واحدة من السورتين الكريمتين المذكورتين مقالة كاذبة بهذا الدليل بعينه ،وحذف في كلا الموضعين بعض الاقسام ،وما حذف في كل واحد منهما أثبت في الآخر ليدل الثابت على المحذوف في كل الموضعين. ( )1من ألفية ابن مالك (ص )18وهو جزء من بيت ،وتمامه: تقول زيد بعد من عندكما وحذف ما يعلم جائز كما 77
ما المقالة التي كذبها الله -جل وعلا -بهذا الدليل فيم سورة البقرة :فهي قول اليهود < :لن تمسنا افار إلا أئاما معدو\") فقد قال تعالى ردا عليهم < :قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عفد ،5أنم 1البقرة ]08 /فكأنه يقول لهم :لا !) تفولون على الله ما لا لغلمون يخلو مستندكم في دعواكم أن النار لن تمسكم إلا ياما معدودة من واحدة من ثلاث حالات : الاولى :أن يكون الله اعطاكم عهدا بذلك ،فانه لا يخلف الميعاد. الثانية :أن تكونوا اطلعتم على الغيب فعلمتم أن الله كتب ذلك على اللوح المحفوظ أن النار لن تمسكم إلا أياما معدودة . الثالثة :أن تكونوا قلتم ذلك افتراء وكذبا على الله. وإذا رجعنا إلى الاقسام الثلاثة وجدنا الاولين باطلين بطلانا ضروريا ،فتعين صحة الثالث وهو أنهم قالوا ذلك كذبا وافتراء دون علم. وقسم اطلاع العيب المحذوف في اية البقرة هذه مذكور في مريم في الدليل المذكور بعينه في رده تعالى بالدليل المذكور على العاص بن 1مريم ]77 /فان الله قال وائل ( )1في قوله له < :لاوتب مالا وولدا !) ( )1نزول الاية فيه اخرجه البخاري في التفسير ،باب < فؤتت اللأى صفرئمايفا حديث رقم ( ،8/942 )4732ومسلم في ومال لأوتب مالا وولدا *>. صفات المنافقين و حكامهم ،باب سؤال اليهود النبي مج! عن الروج .حديث رقم (.4/2153 )5927 78
ردا عليه < :طلع الغيف أم اتخذ عند الرحمن عقدرا ! !لأ ) [مريم/ ]78،97فحذف في مريم القسم الصحيح الذي هو أن الجميع كاذبون المشار إليه في البقرة بقوله < :أتم لفولون على الله ما لا لغلمون !) 1البقرة. ]08 / فالحاصل أن التقسيم الصحيح يحصر الاوصاف في ثلاثة :هي العهد من الله بذلك ،واطلأع الغيب ،والكذب على الله ،افنان باطلان ، وواحد صحيح بالسبر الصحيح ،وقسم اطلاع الغيب محذوف في البقرة مثبت في مريم ،وقسم الكذب محذوف في مريم مثبت في البقرة ،فكانت المثبت دليلا على المحذوف في كلا الموضعين. وسنذكر الان إن شاء الله تعالى أثرين تاريخيين من اثار هذا الدليل العظيم: الأول منهما :أثره في العقائد ،وذلك هو ما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وغيره مما يدل على أن أول مصدر تاريخي لكبح جماح المحنة العظمى -أعني محنة القول بخلق القران -هو هذا الدليل العظيم ؛ وذلك أن محنة القول بخلق القران نشأت في أيام المأمون واستمرت في شدتها على ساق وقدم أيام المعتصم و لواثق حتى أزالها الله على يد المتوكل ،وقد عرف في التاريخ ما أصاب العلماء فيها من الاذى والضرب والقتل حتى اضطر كثير منهم إلى المداهنة بالقول خوفا ،وقد ضرب فيها سيد المسلمين في زمانه الامام أبوعبدالله أحمد بن محمد بن حنبل -تغمده الله برحمته وجزاه عن الاسلام والمسلمين خيرا -في أيام المعتصم ضربا مبرحا كما هو معلوم ،وقد 97
ذكر الخطيب في تاريخ بغداد في كلامه على ترجمة أحمد بن أبي دواد من طريق محمد بن الواثق ما ملخصه :قال :كان أبي إذا أراد قتل إنسان أحضرنا فجيء بشيخ مكبل بالحديد يريدون قتله -يعني في محنة القول بخلق القران -فقال للواثق :السلام عليك يا أمير المؤمنين. يا أمير مؤدبك الله .فقال الشيخ :بئسما أدبك فقال :لا سلمك المؤمنين ،قال الله تعالى < :وإذا حئيخ بتحية فحيزا باحسن مئهآ أؤ ر؟وها ) [النساء ]86 /والله ما حييتني بأحسن منها ولا رددتها .وقال الواثق :ائذنوا لابي عبدالله و صحابه -يعني ابن أبي دواد -وقال الواثق لابن أبي دواد :كلم هذا الشيخ وناظره .فقال ابن أبي دواد :ما تقول في القرآن ؟ فقال الشيخ :ما أنصفتني -يعني ولي السؤال -فقال له ابن أبي دواد :سل .فقال :ما تقول في القران ؟ فقال :مخلوق ،فقال الشيخ :مقالتك هذه التي تدعو الناس إليها هل كان رسول الله لمج! و بو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون ([ )1عالمين بها و غير الله ! ! شيء لم يعلمه النبي عالمين ؟ فقال :غير عالمين .فقال :سبحان جم! ولا ابو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا الخلفاء الراشدون ! ! فقال :أقلني والمسألة بحالها ،قال :نعم] علمته أنت ؟ قال :فخجل .فقال الشيخ :هذا شيء ثم قال له :ما تقول في القرآن ؟ فقال :مخلوق علمه رسول الله لمج! وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنه أ و شيء جهلوه ؟ فقال ابن أبي دواد :هذا شيء علموه فلم يدعوا الناس ( )1في هذا الموضع انقطع لتسجيل ،وما بين المعقوفين زيادة يتم بها الكلام . انظر :تاريخ بغداد (.)152 /4 08
ما وسعهم ؟ فقام الواثق إلى محل إليه .فقالى له الشيخ :هلا وسعك حلوته واضطجع وجعل يقولى :سبحان الله شيء لم يعلمه رسولى الله! ولا الخلفاء الراشدون علمته أنت؟ سبحان الله شيء علموه ولم يدعوا الناس إليه ألم يسعك ما وسعهم ؟ وسقط من عينه ابن أبي دواد ولم يمتحن بعد ذلك أحدا ،و مر بفك القيود عن الشيخ وإعطائه مالا والاذن له بالانصراف إلى أهله. وهذه القضية وإن كانت أسانيدها لا تخلو من بعض من لا يعرف فهي مشهورة عند العلماء متلقاة منهم بالقبولى ،والاحتجاج بها صحيح لاشك فيه. ومضمون احتجاج هذا الشيخ على ابن أبي دواد هو هذا الدليل العظيم فكانه يقولى :لا يخلو الامر بالتقسيم الصحيح من أحد امرين: إما أن يكون النبي وحلفاؤه الراشدون كانوا عالمين بمقالتك هذه ،واما أن يكونوا كانوا جاهلين بها ،ثم رجع بالسبر الصحيح إلى القسمين فبين أن ابن أبي دواد مرتكب غير الصواب على كل تقدير ،فعلى أنهم كانوا عالمين بها ولم يدعوا الناس إليها فله فيهم أسوة في عدم الدعوة إليها ،ولاشك أنه يسعه ما وسعهم ،وعلى أنهم كانوا غير عالمين بها فدعواه هو أنه عالم بما لم يعلموا أمرها و ضح. ومن اثار هذا الدليل التاريخية الأدبية :ما ذكروه أن عبدالله بن همام السلولي وشى به واش إلى ابن زياد فدعا ابن زياد ابن همام السلولي على أن تقولى فيئ كيت وكيت؟ فقالى :صلح الله الامير وقال :ما حملك والله ما قلت شيئا من ذلكإ! فأحطر ابن زياد الواشي وقالى :هذا أخبرني أنك قلته .فسكت ابن همام هنيهة ثم قالى مخاطبا للواشي: 81
فخنت وإما فلت قولا بلا علم و نت امرو إما ائتمنتك خاليا فأنت من الامر الذي كان بيننا بمنزلة بين الخيانة والاثم فقال ابن زياد :صدقت ،وطرد الواشي ،ولم يصدر منه سوء للسلولي(.)1 والبيتان مضمنان هذا الدليل المذكور ،فكأنه يقول :لا تخلو بالتقسيم الصحيح من أحد أمرين :إما يكون اشمنك على سر فأقشيته، واما أن تكون قلت ذلك عليه كذبا وبهتانا ،ورجع بالسبر الصحيح إلى القسمين فوجد الواشي مرتكبا ما لا ينبغي على كل تقدير؛ لانه إما خائن لأمانته أو كاذب ذو بهتان . فإذا عرفت هذا الدليل ورأيت بعض أمثلته في القران وبعض ائاره التاريخية ،فاعلم أنا نريد الان أن نوضح به الموفف الطبيعي للاسلام من الحضارة الغربية :اعلم أولا ن الحضارة الغربية قد دل الاستقراء التام القطعي الصحيح على أن منها ما هو نافع غاية النفع لا غنى عنه للبشر في ميادين الحياة في حالاتها الراهنة وتطوراتها المتتابعة ،وذلك ما خدمت به الإنسان من حيث إنه جسد ،فقد خدمت الانسان من ناحية عنصره الجسدي خدمات هائلة ما كانت تدخل في تصور البشر، وتقدمها المادي -في جميع النواحي والميادين -والتنظيمي أظهر من أن يحتاج إلى التنويه عنه ،ومنها ماهو ضار غاية الضرر وهو عام بجميع اتجاهاتها الروحية ،وهي غنية من جهة الناحية المادية مفلسة من ( )1انظر .مختصر تاريخ دمشق لابن منظور (.)14/127 82
الناحية الروحية ،وطغيان المادة على الروج يهدد البشر بخطر داهم، ومن المعلوم أن الانسان مركب من عنصرين مختلفين في الحقيقة تختلف والمفهوم والصفات النفسية ،وباختلاف جوهريهما متطلباتهما ،فللجسم متطلبات وللروج متطلبات ،ولايسد أحدها مكان الاخر ،فالحضارة استطاعت تحصيل متطلبات الجسم ،وعجزت عن تحصيل متطلبات الروج ،والعالم إن لم تدبره الروج المهذبة المرباة تربية سماوية على ضوء الوحي الصادر من خالق السموات والارض كان في خطر وقلق دائمين ؛ لان الروج البهيمية من طبيعتها الافتراس والابتزاز والظلم مهما قدرت ،واثار عدم التربية الروحية الصحيحة ظاهرة في أقطار الدنيا من الكوارث والمصالمجما و نواع الظلم الفادح الواقع على كل دولة ضعيفة وكل شعب ضعيف كما لا يخفى. والذي نريد أن نقوله هنا :هو أن التقسيم الصحيح يحصر موقف الاسلام من الحضارة الحالية في أربعة أقسام لا خامس لها ألبتة: ]لأول :أخذها كلها ضارها ونافعها. الثاني :تركها كلها نافعها وضارها. الثالث :أخذ ضارها وترك نافعها. الرابع :أخذ نافعها وترك ضارها. فنزجع إلى هذه الأقسام الاربعة بالسبر الصحيح فنجد ثلائة أقسام أما الثلاثة الباطلة: منها باطلة وواحدّا صحيخا، فالاول منها :هو اخذها كلها؛ لان مافيها من الكفر والالحاد 83
والانحطاط الخلقي والتمرد على خالق السموات والارض أوضح من ان ننوه عنه ،ولا يقول باخذه إلا مطموس البصيرة طمسا كليا. والثاني من الأقسام الباطلة :تركها كلها؛ لان ما فيها من التقدم المادي و لتنظيمي لايصح التفريط فيه ؛ لأن ذلك يؤدي إلى العجز الدائم والتواكل والتكاسل ،ويخالف الامر السماوي في قوله تعالي: من قؤؤ) [الاناد . ] 6 0 / < وأعدوا لهم ما ستطعتم و]لثالث من الأقسام الباطلة :أخذ ضارها وترك نافعها ،وهذا لا يفعله من يصدق عليه اسم العاقل. :أخذ النافع منها وترك الضار ،وذلك الرابع وهو القسم الصح بالسعي البالغ في تحصيل ما اشتملت عليه من الانتاجات المادية والتنظيمية ،وقضية تحصيل ذلك ممكنة مع الجد لا مستحيلة ،مع التباعد الكامل عن ما جنته من الكفر والالحاد والتمرد على نظام السماء الذي وضعه خالق الكون -جل وعلا -على لسان سيد البشر- كان النبي جمقي! يفعل ،فانه لما الله وسلامه عليه -وكذلك صلوات حاصره الاحزاب في غزوة الخندق وقال له سلمان \" :كنا إذا خفنا خندقنا\"( )1انتفع في دنياه بتلك الخطة العسكرية -التي هي حفر الخندق -ولم يمنعه من ذلك أن الاذهان التي ابتكرتها ذهان كفار يعبدون النار .وقد هم جم!يط أن يمنع وطء النساء المراضع ؛ لان مجوس العرب كانوا يظنون أن وطء المرضع يضر بولدها ويضعف عظمه ،وفي ( )1تقدم في المحاضرة الثانية. 84
ذلك يقول شاعرهم (: ) 1 فتنبو في أكفهم السيوف فوارس لم يغالوا في رضاع فأخبرته فارس والروم أنهم يفعلون ذلك ولا يضر أولادهم ،فأخذ ع!يم تلك الخطة الطبية من الكفار ،ولم يمنعه من الانتفاع الدنيوي بها أنهم كفار .وقد انتفع غ!ي! في سفر الهجرة بخبرة عبدالله بن الاريقط الدولي حين دله على الطريق حتى وصل المدينة بسلام ( ،)2ولم يمنعه من الانتفاع بخبرته الدنيوية كونه كافرا ،وفي المثل \" :اجتن الثمار وألق الخشبة في النار\" . ومن الموسف أن أكثر المثقفين في الاقطار الاسلامية في جميع أنحاء الدنيا يعكسون القضية ،فيأخذون من حضارة الغرب كل ما فيها من إفلاس روحي ،وانحطاط حلقي ،وإلحاد كفري ،وتمرد على نظام السماء الذي وضعه خالق الكون ،في الوقت الذي لم يحصلوا فيه على شيء من إنتاجاتها المادية والتنظيمية ،فخسروا الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين. ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والافلاس بالرجل ()3 فدين الاسلام دين التقدم في جميع ميادين الحياة ،ودين تهذيب ( )1تقدم في المحاضرة الشانية. ( )2كما في البخاري ،كتاب مناقب الانصار ،باب هجرة النبي لجد و صحابه إلى المدينة ،حديث رقم (. 023 /7 ) 5013 ( )3تقدم في المحاضرة الشانية. 85
الروح التقدمية وتصفيتها من الامراض المخلة بمعنى إنسانيتها على ضوء تعليم خالق الكون -جل وعلا . - ومن أراد بعض الامثلة الرائعة على جمع الاسلام بين التقدم في الميادين والمحافظة على الاداب الروحية السماوية فليقرأ قوله تعالى: <ورإذاكنت فيم فاقمت لهم الصلو هلتقخ طايفة منهم معك وليأخذوا ) الايتين [النساء ] 1 0 2 /فإنك أشلحتهغ فاذا سجدوا فليكلنوا من ورال!تم تراه ينظم الخطة العسكرية احسن تنظيم وأدقه في الوقت الذي يحافظ فيه على ذلك الادب الروحي السماوي في وقت التحام الكفاح المسلح والرؤوس تنزل عن الاعناق ،ألا وهو الصلاة جماعة ،في ذلك الوقت الضنك. واقرأ قوله تعالى < :يهأيها الذرن ءامنو إذا لقيتص خة فاثبتوا واذكرو الله كثيرا لعلكم نفلحوت *> [ا!نفال ]45 /فتراه يامر بذكر الله وتقوية الصلة به -جل وعلا -عند التقاء الصفين في ميدان القتال ، ومن ذلك ما يعتقده الكثيرون من أن الايمان ليس بسلاح يقاوم كل سلاح مهما بلغ من التطور. فنريد هنا أن نلقي الضوء على أن الايمان هو أعظم سلاح كما شهد بذلك التاريخ القراني ،الا ترون أن النبي مج!ي! لما حاصره هو وأصحابه الاحزاب ذلك الحصار العسكري التاريخي العظيم المذكور في قوله تعالى < :اذ حا كم من فوقكم ومن اشفل صبهتم وإذ زاغت الابضرولبغت القلوب لشاحر وتظنون بالله ألظنونا ! هنالك اصللى لمؤمنون دزلزلوا زلزالا شديها ! ) [الاحزاب ]11 ، 01 /وجميع أهل الارض في ذلك 86
الوقت يقاظعون النبي وأصحابه سياسة واقتصادا ،وفي الوقت نفسه غدرت يهود قريطة فلم يبق للمسلمين في ذلك الوقت من أهل الارض صديق ولا معين ،ألا ترون أنهم لم يقاوموا هذا الحصار العسكري التاريخي العظيم في هذا الموقف الحرج إلا بسلاج الايمان الصادق وصدق الالتجاء إلى الله -جل وعلا -كما قال تعالى عنهم <ولماؤ ا المومنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الئه ورشول! وصدق الله ورسول! وما زادهم إلا إيمناولمحئمليما> 1الاحزابلم ]22وقد كان من نتائح هذا الايمان العظيم والتسليم الخالص لله -جل وعلا -ما قصه الله علينا في كتابه في قوله: < ورد الله الذين كؤوا بغتظهم لؤيخالوا خيرا وشفى الله لمؤ-منين القتال وكات الله قويا صريزا ! وأثزل الذين طهروهم من أقل ألكتث من صياصحيهم> يعني من حصونهم < وقذف في قلوبهم ألرغب فرلقا تقتلو %ونا!ن فرلقا !وأوزيكم أرضهتم وديرهم وأفولهتم وأرضا لم تاوهأ وكات لمحه علىنر لفئء قديرا ) [الاحزابلم ]27-25وهذا الذي نصرهم الله به ماكان بحسبانهم ولا ظنهم كما قال تعالى < :ياأيها ين ءامنوأ ايمروا نعمة ادده عليهؤ إذ جا تكتم جنرو فازسلنا عليهم ريحا وجغ ا لم تروهأ ) [الاحزاب لم . ] 9 ولما علم الله -جل وعلا -من أهل بيعة الرضوان ذلك الايمان والاخلاص الذي نوه عنه بالاسم المبهم الذي هو اسم الموصول في قوله تعالى ! < :لد رضى دئه عن المؤمنب إد يايعونلث تخت الشحرؤ ،كان من نتائج! فعلم ما فى قثوبهم) [الفتجلم ] 18أي من الايمان والاخلاص ذلك الايمان ما ذكره في قوله < :وأخري لؤتدرو علئهاقد أحارو الله بها طن دله عك كل شىء قديرا !) [الفتجلم ]21فصرج بان إمكانياتهم العددية والعددية لا تقدرهم عليها ،فاقدرهم الله عليها لاخلاصهم 87
وايمانهم. وفي الختام نقول :إن دين الاسلام صالح لتنظيم أحوال البشرية في جميع أطوارها واتجاهاتها ،ومعلوم أن المصالح التي يدور حولها المصالح، والثانية :جلب التشريع ثلاثة :الاولى :درء المفاسد، العادات . والثالثة :الجري على مكارم الاخلاق ومحاسن ودين الاسلام متضمن من المحافظة على تلك المصالح مالا يخفى إلا على جاهل ،ومعلوم أن المفاسد التي يحاول دروها عن البشر واردة على ستة أشياء على حفظها مدار العدالة والانصاف في هذه الحياة الدنيا: الأول منها :الدين ،فظلم الانسان بإضاعة دينه وإفساد عقيدته هو أعظم أنواع الظلم. والثاني :النفس. :العقل. والثالث والراببع :النسب. وا لخامس :العرض . :الما ل . وا لسادس فما في الدين الاسلامي من الأمر بإدخال الناس في الدين بكل الوسائل وقتل المرتدين عنه والزنادقة المضللين ونحو ذلك كله محافظة على دين الإسلام . 88
ومحافظته على الأنفس معروفة ،ومن اجلها شرع القصاص ]. 917 < ولكم في ئقصاص [ 1لبقرة/حيوه > ومحافظته على العقول معروفة ،ومن اجلها حرم شرب الخمر، الحد الرادع في ذلك < يأيها الذين 0امنو إنما ]لحتر ). . .الآية و وجب [المائدة\" ]09 /بر فر حرام \"(. )1 ( )1هذه الجملة رواها عن النبي عخب!و جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم: - 1عبدالله بن عمر رضي الله عنه :أخرجه مسلم ،كتاب الاشربة ،باب بيان ان كل مسكر خمر و ن كل خمر حر م ،برقم (. 3/1587 )3002 - 2أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :أخرجه البخاري ،كتاب الوضوء ،باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا لمسكر ،برقم ( ، 354 / 1 )242و طرافه في (، 5585 ، )5586ومسلم في الأشربة ،باب بيان أن كل مسكر خمر و ن كل خمر حرام . 1 برقم ( 1 585 /3 ) 2 0 0 1بلفظ (كل شراب أسكر فهو حرام ) .1 -3جابر بن عبدالله رضي الله عنه :خرجه مسلم في كتاب الاشربة ،باب 1 بيان ان كل مسكر خمر و ن كل خمر حرام ،برقم (. 3/1587 )2002 - 4أبو موسى الاشعري رضي الله عنه :أخرجه البخاري في المغازي ،باب 1 1 بعث بي موسى ومعاذ إلى ليمن قبل ججة الوداع ،برقم (،4343،4344 ،8/62 )4345و طرافه في ( ،)7172 ،6124و خرجه مسلم في الاشربة، باب بيان ان كل مسكر خمر ،وكل خمر حرام ،برقم (. 3/1586 )1733 - 5بريدة رضي الله عنه أخرجه مسلم في ]لاشربة ،باب النهي عن الانتباذ في واشج عبدالقيس، المزفت .حديث رقم (. 1585 /3 )779 وفي الباب -في غير الصحيحين -عن بن مسعود، و بي هريرة ،وعمر بن الخطاب ،و بي وهب الجيشاني ،ووائل بن حجر، وابن عباس ،و نس ،وعبدالله بن عمرو ،وقيس بن سعد بن عبادة ،وبريدة، لخدري ،وعلي ،وعبدالله بن ]لمغفل، وفيروز بن الديلمي ،و بي سعيد 98
ومحافظته على الانساب معروفة ولاجلها شرع تحريم الزنا لئلا تختلط أنساب المجتمع ،وأوجب الحد فيه < ولا تقربوا الزني +في كان 1الاسراء < ]32 /الزاية والزافى فاخلدو) كل وحو منهما> فحفمة وساء سبيلا !) أ النور ]2 /ومن أجل المحافظة على النسب أوجب العدة على النساء عند المفارقة لئلا يختلط ماء رجل بماء رجل اخر في رحم امراة < و لمطلمت جم!بصى %بانفسهن ثبثة قروة ) أ البقرة < ]2 28 /وا لذين يتوفون منكم ويذرون أزؤجا يتريصن ) الاية [البقرة ]234 /ومن أجل ذلك منع سقي زرع الرجل بماء غيره ،فمنغ نكاج الحامل حتى تضع حملها < و ولت لاخال أطهن ان يضعن حمين ) [ا!روق] 4 / ومحافظته على الاعراض معروفة ،ومن أجلها شرع حد القذف مع رد شهادة القاذف والحكم بتفسيقه < والذين يرمون المخصنت ثم لض يأتؤا بارلبة شهداء فا!دوهضثمنين طدص ولا لقبلو الئم ثهذ أبدصأ وأول!ك هم القسقون !إلا الذين . ] 5، 4 [ا لنور/ تابوا ) ومحافظته على المال معروف ،ومن جلها أوجب حد السرقة < والسارق والشارقة فاقطعوا أيذيهما> الاية [المائدة ]38 /فتلك اليد التي خلقها الله وجعلها ببديع صنعه في غاية الاستعداد الى مزاولة الاعمال النافعة لتكون أداة فعالة في نفع الدنيا والاخرة لما مدت أصابعها الخائنة الخسيسة الى هذه الرذيلة التي هي في غاية الانحطاط والخسة أمر الله بإزالتها كعملية تطهيرية كإزالة عضو فاسد لتصح بإزالته وقرة بن إياس ،وميمونة رضي الله عنهم اجمعينه 09
بقية البدن ؛ ولذلك إذا قطعت يد السارق طهر جميع بدنه من النجاسة المعنوية الروحية التي لطخته بها تلك اليد الخائنة ،وقد ثبت في الصحيحين ( )1من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن الحدود الشرعية كفارات ومطهرات من تلك الرذائل كما هو معروف . ومحافظة دين الاسلام على جلب المصالح معروفة ،ألا ترون أ ن طول آية في المصحف الشريف هي آية الدين ؟ فانظروا كيف علم الله خلقه فيها كتابة الوثائق واشهاد البينات ؛ لئلا يضيع كبير ولا صغير من موالهم ،وفتح لهم الابواب ،ورسم لهم الخطط الحكيمة لاستجلاب ماينفعهم من جميع النواحي ،و مرهم بمكارم الاخلاق وحسن المعاملات ،وبين لهم أصول الاقتصاد . ومن المعلوم عند جميع العقلاء أن مسائل الاقتصاد راجعة إلى اصلين: الاول :حسن النظر في طريق اكتساب المال . والثاني :حسن النظر في صرف المال في مصارفه. والدين يوضح ذلك كله على ضوء تنظيم خالق البشر لوجوه الاكتساب ووجوه الصرف في حدود معروفة معينة ،فيمنع الاكتساب المنطوي على مالا ينبغي ،كقوله < :وحرم الربرأ) [البقرة ]275 /ومنع ( )1اخرجه البخاري في الحدود ،باب :الحدود كفارة .حديث رقم ،)6784( : ومسلم في الحدود ،باب :الحدود كفارة لأهلها .حديث رقم ،12/84 (.3/1333 )9017 19
الصرف فيما لا ينبغي ،كقوله < :فسينفقونها ثم تكوت عليهضحتمزة) 1الانفال . ]36 / والقصد الاشارة إلى رؤوس أقلام من المسائل ؛ لان المقام لا يسع كمال البحث ،وتبيين أن دين الاسلام هو الرابطة العظمى التي تجمع المختلف ،وتلم الشعث ،فتجعل بعضنا ولياء المفترق ،وتؤلف بعض ،فالمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ،وتجعل الله ولينا، منا أولياء الله ،وكذلك الرسول !يو < إنيا ول!كم الله ورسومي) والصالحين أوليا الله 1المائدة < ]55 /لله وك الذيف ءامنوا)[البقرة < ]257 /ألا إن لاخوف علتهم ولا هئم يحزنون !) [يونس ]62 /وتجعل الملائكة . . .إلى قوله < نخن أولياءنا < ن الذيف دالوا رنجا دده ثئم اشتقموا) . ]3 1 ؤلاجمتم فى الحيةة الديخا) ا لاية [فصلت/ ولاجل هذه الولاية الايمانية بيننا وبينهم دعوا لنا ذلك الدعاء القراني العظيم < الذين !لون ائعئتش ومن حردله يسبحون بحمد رئهت! ويؤمنون به! -لمحئشغفرون لقذين ءامنوأ رشا وشا !ل شئع زخمة وعقا فاكى لقذين تابواواتبعوا سبياد > [غافر ]7 /إلى اخر الدعاء . ويبين لنا أن جميع الروابط تتلاشى أمام هذه الرابطة السماوية < لا تجد قؤما يؤمنوت بادله واليوم الأخر يواذوت من حاد دئه ورسولة ولو نبانو ءابا هتم أو إشا صم أو إخوانهؤ أو عشيرتهم > 1المجادلة ]2 2 /اذ لا رابطة نسبية أعظم من رابطة الاباء والابناء والاخوان والعشائر ،وقد رأيت تلاشيها أمام رابطة الايمان ،فالدين الاسلامي مع ذلك لا ينكر أصل الروابط ،ولا يريد اذابة الاسرة النسبية و واصر القرابات ،فقد 29
بالميراث القرباء مراعاة لتلك الرابطة ،وأوجب صلات خصص الأرحام وشدد في قطعها مراعاة لتلك الرابطة ،ولا ننكر أن الله -جل وعلا -قد نفع بعض رسله الكرام بعصبيات نسبية لا تمت إلى الدين بصلة ،وجعل لذلك اثارا حسنة على الاسلام و هله ،قال تعالى < :الم إلى عمك أبي بأن ضمك اواك يعني ]6 [ 1دضحى/ مجدل يتيما فاوى *> طالب وذلك بعصبة نسبية لا تمت إلى الدين بصلة ،وقد بين الله لنبيه أن ذلك منة منه عليه ،ومن اثار تلك القرابة النسبية قول أبي طالب (: )1 حتى أوسد في التراب دفينا والله لن يصلوا إليك بجمعهم فقد عرف النبي !ي! هذه القرابة النسبية لبني المطلب بن عبد مناف ،فانهم ناصروا الهاشميين مناصرة عصبية لا دينية كما هو معلوم ؛ ولذلك لما قسم !شي! خمس غنيمة خيبر جعل نصيب ذي القربى من الخمس لبني هاشم وبني المطلب ،ومنع منه إخوتهم الاخرين من بني عبد شمس وبني نوفل ؛ لان أولاد عبد مناف بن قصي أربعة :هاشم، والمطلب ،وعبد شمس ،ونوفل ،ولما جاء عثمان بن عفان وجبير بن مطعم يكلمان النبي !سيد في إعطائه بني المطلب من الخمس دون بني عبد شمس وبني نوفل بين لهم أن المطلبيين لم يفترقوا مع الهاشميين في جاهلية ولا إسلام ( ،)2ومعلوم أن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف .وجبير بن مطعم بن عدي بن ( )1البداية و لنهاية (.)42 /31 ( )2كما في البخاوي :فرض الخمس ،باب من الدليل على ان الخمس للامام ، حديث وقم ( ،244 /6 )0314و طرافه في (.)9422 ،2035 39
نوفل بن عبد مناف .وقد قال أبو طالب في لاميته المشهورة (: )1 جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شر عاجل غير اجل له شاهد من نفسه غير عائل ميزان قسط لا يخيس شعيرة وقد نفع الله بالرابطة النسبية نبيه شعيبا ونبيه صالحا ،قال تعالى عن قوم شعيب < :قالوا يشفب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لزنك فينا ضعما ولولارهطك لرخلأ وما أشاعلتنا بعزجمؤ !) [هود ]19 /وقال في قوم صالح < :فالوا تقاسموا بالله فبيتنهه وأفل! ثم لنقولن لولهه -ماشحهدنا ار[ )!4النمل ]94 /ولما كان لوط ليس له مفهلرهص أهله -وإنا لصدفون في قومه عصبة ظهر فيه أثر ذلك حتى قال ذلك الكلام المحزن < :لوأن لى بكم قؤة أوءاوي إك كز شديد يم) [هود ]8 0 /ه فالاسهلام هو رابطتنا الحةة التي تجعلنا كالجسد الواحد ،ولا ينافي ذلك أن لكل منا بعض الروابط الخاصة في حدود الدين الحنيف ،فاذابة معنى الاسرة إذابة كلية اقرب إلى الشيوعية منه إلى الاسهلام ،أما رابطة الاسهلام فهي التي ينادى بها ،ولا يجوز أن ينادى بغيرها محاولة للةضاء على الرو بط السماوية التي هي الرابطة حما ،وكل تضامبئ يخالفها فهو باطل ،و لله تعالى يقول < :وجعلهنبهؤ نهعوبا وقبإئل لنهعارفوم > [الحجر ت/ ]13أي :لئلا يتعصب كل شخص. )11وهي في البداية و لنهاية ،)57 - 31/53الاضواء (.)2/363 49
[]5 الرابطة الإيمانية 59
الله وبركاته . . )1( /السلام عليكم ورحمة أما بعد :فان رابطة الاسلام التي جمعتنا بكم في هذا السفر البعيد هي أعظم رابطة ،ونحن دائما في المناسبات نبين أنها أقوى من رابطة النسب ،والدليل على أن رابطة الاسلام أقوى من رابطة النسب أن الله تعالى يقول في كتابه < :لا تجد قؤما يؤمنوت بالله واليؤم الأخر يواذوت من حا الله ورسولة ولو!انوآ ءاباءفم و نجاءهم أو اختنهو و عشيرتهم > ]1لمجادلة ]22 /لأن أقرب العصبات الاباء والابناء والاخوان والعشائر ،كما أننا نبين دائما بالمناسبات أن رابطة الاسلام لقوتها ربطت بين السماء والارض ،وربطت بين الخلق والخالق ؛ ولذلك كان الله ولي المومنين من أجل رابطة الايمان ،قال تعالى < :لله ولة الذرن ءامنوا ) 1البقرة ]2 57 /وقال تعالى ! < :نيا ولئكم ألله > ا لاية 1المائدة ] 5 5 / وقال تعالى < :ذلك بأن ادله مولي الذين ءامنوا) 1محمد ] 1 1 /هذه الايات تبين أن الله هو ولي المومنين ؛ لقوة رابطة الايمان ،كما بين أن المومنين أيضا المتقين أولياء الله ،قال < :ألا إن أولا الله لاخوف علئهو ولا هتم ئحزنون *> 1يونس ]62 /ثم بين أن سبب ولايتهم لله هو الايمان والتقوى حيث قال بعد قوله < :ألا إت أولا ادله لاخوف عليهم ولاهتم ذلك: ]62مبينا أولياء الله ،قال الله في يونس/ يحزنون *> 1 < الذجمت ءامعواو!انوايتقوت *> 1يونس]63 /ه ولأجل هذه الرابطة العظمى رابطة الاسلام كان النبي ع!يو ولي ( )1من الشريط السادس . 69
المؤمنين ،لان الله يقول < :نيا ولئكم الله ورسومي > 1المائدة.]55 / من أ!سهتم) [الاحزاب . ] 6 / ويقول < :لنبى اوك با لمؤمنين كذلك هذه الرابطة جعلت الملائكة أولياء المؤمنين ،قال الله تعالى في ذلك < :إن ألذيت مالوا رنجا ده ثم ستقموأ تتترل عليهم ألا تخافوا ولا تخزنوا وأبشروا بالجنة لتي كنتم- لملحطكلِ توعدوت ! نخن أولاجمئم في الحيةة الدنيا !في الأ!ش ) [فصدت/ ]03،31ولأجل هذه الرابطة القوية -رابطة الايمان -التي ربطت بين بني ادم والملائكة فوق السموات من شدة ربطها عطفت قلوب الملائكة من فوق سبع سماوات على بني ادم في الأرض ،فدعوا لهم بذلك الدعاء العظيم المذكور في القران في قوله تعالى < :اتذين علون العرتن ومن حوله يسسحون بحمد ربهم ويؤمنون به 1 >-غافر ]7 /فوصف الادميين الملائكة بالايمان ثم قال ! < :لمحئشغفرويئ للذين ءامنوأ ) فوصف بالايمان فعرف من ذلك أن الرابطة بين الادميين والملائكة :الايمان ، كان من نتائج ذلك الرابط -وهو الايمان -أن دعوا للادميين كما ذكره الله عنهم في قوله < :ربناوسعت !ل شئء زخمة وعقافلقر طذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب المحيم ! رثنا وأدضلهم حتت عدن لتى وعدتهم ومن صحلع من ءابآئهم وأزؤجهم وذريتهم ) . . .إلى اخر الايات [غافر. ]8 ، 7 / هذه الرابطة عطفت علينا قلوب الملائكة من فوق سبع سماوات مع اختلافنا معهم في الاصل والعنصر ،فدل ذلك على أنها تربط بيننا ونحن أبناء رجل واحد وامرأة واحدة ربطا وثيقا؛ ولاجل ذلك بين 79
النبي جم!يه أن جميبع المسلمين في أقطار الارض من مشارقها ومغاربها وجنوبها وشمالها كأنهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ،فعلينا ن نتساعد ونتعاون في الخير ،و ن نحافظ على أعمالنا حتى تكون صالحة ترضي الله ،وقد بين لنا الله في كتايه أن العمل الصالح هو ما استكمل ثلاثة أمور اذا اجتمعت هذه الامور الثلاثة فالعمل صالح يرضي الله ،وإذا اختل و حد منها فالعمل غير صالح: الأول من هذه الأمور الثلاثة :هو أن يكون ذلك العمل مطابقا لما جاء به سيدنا محمد !و؛ لان الله يقول في هذا< :وما ءائئكم لرسول < :من يظع لرسول فقذ [الحشر ]7 /ويقول عنه فانحهوا ) وما نهنم فخذوه ا الئه فاتبعوفي يخبتكم أطاع لله > [ لنساء ]08 /ويقول < :قل ن كنتوتحبون افه ويغفر لر بؤلبئ> [ال عمران ]31 /ه الثاني من تلك الأمور الثلاتة :هو كون العمل فيما بين الانسان لوجه الله ،لا لقثهد وبين ربه في نيته التي لا يعلمها الا الله خالصا دنيوي ،ولا مال ولا جاه ؛ لان الله يقول < :وما أصوا إلا ليعدو غرض افه محلصين له الذين ) [البينة ]5 /ويقول < :قل الله أغد نخيصحا لو ديتي * > [الزمر ] 1 4 /ه الأمر الثالث :أن يكون العمل مبنيا على أساس العقيدة الصحيحة؛ لان العمل كالسقف ،والعقيدة كالاساس ؛ لان الله يقول < :ورن يعمل من الف!علخت من ذ!ر أؤ أنثى وهو مؤمن ) [النساء ]124 /فقيد العمل بالايمان ،ثم بين أن الاعمال الصالحة من غير المؤمنين باطلة، قال ثعالى < :وقدفنا ،لت ما عملوا من عمل قجمئة هبا مانثورا ! ) 89
ممرماد [الفرقان ]23 /وقال تعالى في أعمال الكفار في آية < :أ!لهؤ اشتدت به الرياح في يؤم عاصف ) [إبراهيم ]18 /وقال في آية أخرى : < أ!كعس!ابم ) [النور. ]93 / فتبين مما قلنا أن على المؤمن أن يتحافط على هذه الامور الثلاثة، فيكون عمله مطابفا للشرع ،مخلصا فيه لله ،ويكون على أساس العقيدة الصحيحة ،وخير ما تؤخذ منه العقيدة الصحيحة :القران العطيم ،كما بينه الشيخ عثمان فودي في أول كتابه إحياء السنة ،فعلينا ن نثبت ما ثبته القران ،وأن ننفي ما نفاه القران ،وأن نسكت عما سكت عنه القرآن لنهتدي دائفا بكتاب الله. ومما دلنا القران عليه :انا لا نامن مكر الله ؛ لان الله يقول < :فلا لله إلا لقوم ألخسروبئ *> [الاعراف ]99 /وان نخاف من يأمن مكر الله ،وإذا كان أحدنا عنده أسلاف صالحون لا نتكل على ذلك ؛ لان عمله ،والله يقول < :ليس بأمانيكم ولا أمافي أهل الانسان بحسب من يعمل سوصا عز به -ولا جمذ لم من دون دله ولئا ولا ل!تنب من ذ!ر أؤ أنثى وهو مؤمن فأؤلبهك ببعمل من لصدت لفيرا!ومى يدظون لجنة> 1النساء 24، 123 /ا]. أمثالأ في القران ؛ لان الانسان لا يتكل إلا على الله ثم وسنضرب على عمله :أفصل البشر على الاطلاق سيدنا محمد حكفي! ،وأبو طالب مسلم عمه الذي رباه لما حضرته الوفاة كما ثبت في صحيح والبخاري -وذلك أصح الصحيح -جاءه النبي ع!يم فقال :يا عم قل لي كلمة أشهد لك بها عند الله ،فأنزل الله عليه جبريل بهذه الاية < :إنك لا 99
تهدي من اختت ولبهن الئه جقدى من يمثاة وهو أغلم باتم!قدجمت !)()1 .)2() 0 0 0 (]56 [القصص/ **!-كل!* ،) . . .حديث في التفسير ،باب < :إنلث لا تهدي من أتجبت البخاري خرجه ()1 رقم ( ،)8/605( ،)4772و طرافه في (،)0136،3884،4675،6681 ومسلم في الإيمان ،باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت مالم يشرع في التزع .حديث رقم (.)54 /1( ،)24 ()2 في هذا الموضع انقطع التسجيل ،وقد تقدم كلام الشيخ رحمه الله على هذا الموضوع ضمن المحاضرة رقم ( ،)4وسيأتي أيضا في المحاضرة رقم (.)6
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166