ﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﺍﻹﺭﺴﺎل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺭﺴﺎل ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻕ )ﺘﺎﺒ ﻊ( -ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻜﻘﻴﻡ ﻭﺘﻌﺎﻤﻠﻬﺎ ﻤﻊ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺴﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ1 ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ -2 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﺴﻌﺎﺩﺘﻪ ﻭﻤﺼﻴﺭﻩ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ -1 ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ -2 ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻡ -3 ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﻴﺎﺕ -4 ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ -ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﺎﻤﺩﺓ -ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺔ
ﺍﻹﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ )ﺘﺎﺒﻊ( ﻤﺒﺤﺙ ﺍﻷﺨﻼﻕﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻜﻘﻴﻡ ﻭﺘﻌﺎﻤﻠﻬﺎ ﻤﻊ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺴﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﺩﺭﺱ ﺃﻤﺜﻠﺔ ﺘﻤﻬﻴﺩ: ﻤﻼﺤﻅﺎﺕ: _1 ﺍﻟﻘﻴﻤ ﺔValeur : _2 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺴﺭﻴ ﺔ: _3 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴ ﺔ: _4 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ:
ﺃﻤﺜﻠﺔﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ ﺓﺭﺴﺃ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺔﺴﺎﻴﺴ ﺩﺎﺼﺘﻗﺍ × × × ﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻔﺭﺩ ،ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻕﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ. ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ × × × ﻫﻭ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺇﻟﺯﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﺯﺍﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺩﻴﻨﻲ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ. ﺍﻟﺴﻌﺭ × × × ﻫﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ،ﻭﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﻭﺍﺠﺏ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ. × ﻫﻭ ﺍﻟﺜﻤﻥ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺒل ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺴﻠﻊ ﻭﺍﻟﺨﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ، ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺎﺩﻻ ﻭﻤﺴﺘﺤﺒﺎ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻭﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﻨﺎﻓﻌﺎ ﻭﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻫﻅﺎ ،ﺃﻭﺭﺨﻴﺼﺎ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻤﺫﻤﻭﻤﺎ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻭﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﻤﻀﺭﺍ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ. × ﺇﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﺍﻟﺨﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺒﺎﻋﺘﺩﺍل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﻜﺭﻡ × ﻭﺍﻷﻫل ﻭﺍﻟﻀﻴﻭﻑ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ،ﻭﻫﻭ ﻓﻌل ﺨﻴﺭ ﻭﺠﻤﻴل ﺍﻟﺒﺨل × ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ،ﻭﻤﺴﺘﺤﺏ ﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﻨﺎﻓﻊ ﻭﺇﻴﺠﺎﺒﻲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ. × ﻫﻭ ﺍﻟﺸﺢ ﻭﺍﻟﺘﻘﺘﻴﺭ ،ﻭﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺇﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺎل ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻭﺍﻷﻫل ﻭﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺠﻴﻥ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﺩﻡ ﺘﻭﻅﻴﻑﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﺨﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺘﻭﻅﻴﻔﺎ ﻤﻌﺘﺩﻻ ﻋﺎﺩﻻ ،ﻭﻫﻭ ﻓﻌل ﺸﺭﻴﺭ ﻭﻗﺒﻴﺢ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ،ﻭﻤﻜﺭﻭﻩ ﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﻤﻀﺭ
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ.× ﺍﻹﺴﺭﺍﻑ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﺒﺫﻴﺭ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺼﺭﻑ ﺍﻟﻤﺎل، ﺍﻹﺴﺭﺍﻑﻭﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ،ﺒﻐﻴﺭ ﺍﻋﺘﺩﺍل ,ﻭﻫﻭ ﺴﻭﺀﺘﺼﺭﻑ ،ﻭﻓﻌل ﺸﺭﻴﺭ ﻭﻗﺒﻴﺢ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ،ﻭﻤﺤﺭﻡ ﺩﻴﻨﻴﺎ،ﻭﻤﺫﻤﻭﻡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ.ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ﻭﺍﺠﺒﺔ ﻟﻠﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻭﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩل ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ × ×ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻭﺩﻴﻨﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ.× ﻤﻨﺢ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﻏﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﻟﻭﺍﺯﻡ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﻟﻤﻥ ﻴﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻹﺤﺴﺎﻥﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺠﻴﻥ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ﺃﻭ ﻤﻥ ﻏﻴﺭﻫﻡﻟﻭﺠﻪ ﺍﷲ.× ﺍﺨﺘﻼﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺴﺭﻗﺔﺴﻠﻭﻙ ﻤﺤﺭﻡ ﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﺸﺭﻴﺭ ﻭﻗﺒﻴﺢ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ،ﻭﻤﻤﻨﻭﻉﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ
ﺘﻤﻬﻴﺩ:ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﻗﻴﻤﻬﺎ ،ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻹﻟﻤﺎﻡ ﺒﺄﻫﻤﻬﺎ،ﻗﺒل ﺘﻨﺎﻭل ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺸﺘﻤل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﻴﺭﻭﺍﻟﺸﺭ ﺍﻟﻘﻴﻤﺘﺎﻥ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻋﺩﻴﺘﺎﻥ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻴﺘﻔﺭﻉ ﻋﻨﻪ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻪ ﻭﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﻪ.ﺃﺨﻼﻕ /ﻋﻠﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ : Ethique ﻋﻠﻡ ﻴﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲﺘﻨﺼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺨﻴﺭﺍ ﺃﻭ ﺸﺭﺍ .ﻭ ﻫﻭ ﺃﺤﺩﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻀﺭﺒﺎﻥ :ﺃﻭﻟﻬﻤﺎ ﻋﻤﻠﻲ ﻭ ﻴﺴﻤﻰ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺃﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻭ ﺜﺎﻨﻴﻬﻤﺎ ﻨﻅﺭﻱ ﻭ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭ ﺍﻟﺸﺭ ﻭ ﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻫﻲ ﻤﻌﺎﻴﻴﺭ .ﺍﻟﺨﻴ ﺭ Bien :ﻫﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﻭﻴﺔ ،ﺇﺴﻡ ﺘﻔﻀﻴل ،ﻤﺜل ﻗﻭﻟﻬﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺨﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻭﻫﻭ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺴﻥ ﻟﺫﺍﺘﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﻴﻪﻨﻔﻊ ﺃﻭ ﻟﺫﺓ ﺃﻭ ﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﺍﻟﻁﻴﺏ ﺍﻟﺤﻼل ،ﻭﻴﺩل ﺃﻴﻀﺎﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ .ﻭﻫﻭ ﻋﺎﻤﺔ ﻀﺩ ﺍﻟﺸﺭ ،ﻭﻴﻌﻨﻲ ﻜﻤﺎل ﺍﻟﺸﻲﺀ،ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺭﺍﺒﻪ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻤﺎل ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺍﻟﺸﺭ ﻋﻜﺱ ﺫﻟﻙ.
ﺍﻟﺨﻴﺭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ :ﻫﻭ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺭﻏﻭﺒﺎ ﻟﻜل ﺇﻨﺴﺎﻥ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺱ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻭﻥ ﺨﻴﺭﺍ ﻟﻠﺒﻌﺽ ﻭﺸﺭﺍ ﻟﻠﺒﻌﺽ ﺍﻵﺨﺭ .ﻭﻴﻁﻠﻕ ﺒﻌﺽﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،ﻭﺍﻟﺸﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩﻡ ،ﻓﺎﻟﻭﺠﻭﺩ ﻋﻨﺩﻫﻡ ﺨﻴﺭﻤﺤﺽ ،ﻭﺍﻟﻌﺩﻡ ﺸﺭ ﻤﺤﺽ .ﻭﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻫﻭ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻜﻠﻬﺎ ،ﻷﻨﻪ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﻌﻤل ﻟﻠﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﻓﻲﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ .ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻓﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ،ﻴﺘﻀﻤﻥ ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ،ﻭﺍﻻﻨﻘﻴﺎﺩ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺨﻴﺭﺫﻟﻙ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻤﺎل .ﻭﺍﻟﻔﻌل ﻴﻜﻭﻥ ﺨﻴﺭﺍ ﺒﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺤﺴﺏﻨﻴﺔ ﺼﺎﺤﺒﻪ. ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﻡ \" :ﻴﺭﻯ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺌﻠﻭﻥ ﺃﻥ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻋﻨﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ، ﻫﻭ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺯﻤﺎﻥ ﺼﺒﺎﻩ ،ﻷﻨﻪ ﻤﺨﻠﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻁﺭﺓ ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺔﻟﻠﺨﻴﺭﺍﺕ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻏﺎﻟﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺭ ،ﻭﺃﻥ ﻤﻨﺎﻓﻊ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺃﻜﺜﺭﻤﻥ ﻤﻀﺎﺭﻫﺎ،ﻓﻠﻴﺱ ﻴﻨﺎﺴﺏ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ،ﺃﻥ ﻴﺘﺭﻙ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻷﺠل ﺍﻟﺸﺭﺍﻟﻘﻠﻴل .ﻓﺈﻥ ﻗﺎل ﻗﺎﺌل :ﺇﻥ ﺍﷲ ﻜﺎﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻕ ﺨﻴﺭ ﻤﺤﺽ ،ﻻ ﻴﺸﻭﺒﻪﺸﺭ ،ﻗﻠﻨﺎ :ﺇﻥ ﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﻴﻨﺌﺫ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﻤﻁ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،ﻭﻻ ﻤﺘﻔﻘﺎﻤﻊ ﻤﺎ ﺘﻘﻀﻴﻪ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻨﺤﻥﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﺘﺼﻭﺭ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍ ﻜﺎﻤﻼ ،ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻪ ﺸﺭ ﺃﺼﻼ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﻟﻜﺎﻤل ﻫﻭ ﺍﷲ\".
ﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻁﻴﺒ ﺔ -Bonté :ﻭﺘﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺘﺼﻑ ﺒﻪ ﻜل ﻤﻭﺠﻭﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻤﺎل ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﻪ .ﻗﺎل ﺍﺒﻥ ﺴﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺸﻕ \" :ﻜل ﻜﺎﺌﻥﻓﻬﻭ ﻴﻨﺯﻉ ﺒﻁﺒﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﻜﻤﺎﻟﻪ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺨﻴﺭﻴﺔ ﻫﻭﻴﺘﻪ \" .ﻭﺇﻟﻰ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺫﻫﺏﺩﻴﻜﺎﺭﺕ ،ﺤﻴﺙ ﻗﺎل \" :ﻜل ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺤﻘﻴﻘﻴﺎ ،ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺒﺫﺍﺘﻪ ﺸﻲﺀ ﻤﻥﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ \" .ﻭﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ﺘﻜﻭﻥ ﺼﻔﺔ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ،ﻜﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺼﻔﺔ ﻟﻠﺸﻲﺀ ،ﻓﺈﺫﺍﻜﺎﻨﺕ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ،ﺩﻟﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻴﺤﺏ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭﻴﻔﻌﻠﻪ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﺂﻻﻡﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻴﺩﻓﻊ ﺍﻷﺫﻯ ﻋﻨﻬﻡ ،ﻭﻴﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺴﻌﺎﺩﺘﻬﻡ .ﻭﺇﺫﺍ ﻭﺼﻑﺍﻟﺸﻲﺀ ﺒﺎﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ،ﺩل ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺘﺼﻑ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻜﻤﺎل ﺨﺎﺹ ﺒﻪ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰﻤﺎ ﻴﺠﺩﻩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻴﻪ ،ﺇﺫﺍ ﺤﺼل ﻋﻠﻴﻪ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻠﺫﺓ ﻭﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ .ﺍﻟﺸﺭ – Mal : ﻤﻌﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺴﻭﺀ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ،ﻴﻘﺎل ﺭﺠل ﺸﺭ ،ﺃﻱ ﺫﻭ ﺸﺭ ،ﻭﻫﻭ ﺸﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻱ ﺃﺴﻭﺅﻫﻡ ﻭﺃﻜﺜﺭﻫﻡ ﻓﺴﺎﺩﺍ .ﻭﺍﻟﺸﺭ ﻀﺩ ﺍﻟﺨﻴﺭ،ﻷﻥ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻜﻤﺎل ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩﻡ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻨﻘﺼﺎﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻋﻥ ﻜﻤﺎﻟﻪ .ﻴﻘﻭل ﺍﺒﻥ ﺴﻴﻨﺎ ﻓﻲﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ \" :ﺍﻟﺸﺭ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﺩﻡ ،ﻭﻻ ﻜل ﻋﺩﻡ ،ﺒل ﻋﺩﻡ ﻤﻘﺘﻀﻰ ﻁﺒﺎﻉﺍﻟﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﻟﻨﻭﻋﻪ ﻭﻁﺒﻴﻌﺘﻪ .ﻭﺍﻟﺸﺭ ﺒﺎﻟﻌﺭﺽ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﺩﻡ ﺃﻭﺍﻟﺤﺎﺒﺱ ﻟﻠﻜﻤﺎل ﻋﻥ ﻤﺴﺘﺤﻘﻪ ،ﻭﻻ ﺨﻴﺭ ﻋﻥ ﻋﺩﻡ ﻤﻁﻠﻕ ﺇﻻ ﻋﻥ ﻟﻔﻅﻪ ،ﻓﻠﻴﺱ ﻫﻭ ﺒﺸﻲﺀ ﺤﺎﺼل ،ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﺤﺼﻭل ﻤﺎ ،ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ \". ﻭﻟﻠﺸﺭ ﺜﻼﺙ ﻤﻌﺎﻥ ،ﺒﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﻫﻲ : _1 ﺍﻟﺸﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ،ﻭﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻨﻘﺹ ،ﻤﺜل ﺍﻟﻀﻌﻑ،ﻭﺍﻟﺘﺸﻭﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻘﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺭﺽ ،ﻭﺍﻵﻻﻡ ،ﻭﻤﺎ ﺸﺎﺒﻪ ﺫﻟﻙ.
_ ﺍﻟﺸﺭ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ،ﻭﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﻤﺫﻤﻭﻤﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺒﺎﺩﺌﻬﺎ2 ﻤﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﺎ ﻴﺤﻕ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﺃﻥ ﺘﻘﺎﻭﻤﻪ .ﻓﺎﻟﺸﺭ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ _ﺇﺫﻥ _ ﻫﻭ ﺍﻟﺭﺫﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺨﻁﻴﺌﺔ ._ ﺍﻟﺸﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ \" ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻲ \" ،ﻭﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﻨﻘﺼﺎﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ3 ﻋﻥ ﻜﻤﺎﻟﻪ .ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﺒﺱ ﻟﻠﻜﻤﺎل ﻋﻥ ﻤﺴﺘﺤﻘﻪ ،ﺤﺴﺏ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺍﺒﻥ ﺴﻴﻨﺎ.ﻴﻘﻭل ﺼﻠﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﺠﻤﻪ \" :ﺍﻟﺸﺭﻴﺔ ﻀﺩ ﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ...ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻤﻭﺭﺘﻐﻠﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﻴﺭﻴﺔ ،ﻭﺃﻤﻭﺭ ﺘﻐﻠﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺭﻴﺔ .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺌﻠﻭﻥ ،ﻴﺭﻭﻥﺃﻥ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻤﻘﺘﻀﻰ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﺸﺭ ﻤﻘﺘﻀﻰ ﺒﺎﻟﻌﺭﺽ ،ﻭﺃﻥ ﻜل ﺸﺭ ﺠﺯﺌﻲﻓﻬﻭ ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺨﻴﺭ ﻜﻠﻲ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺌﻤﻴﻥ ﻴﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺸﺭ،ﻷﻨﻬﺎ ﺠﺩ ﻭﺠﻬﺎﺩ ،ﻭﺘﻌﺏ ،ﻭﻤﺤﻨﺔ ،ﻭﺸﻘﺎﺀ ،ﻭﻗﻠﻕ ،ﻭﺍﻀﻁﺭﺍﺏ ،ﻻ ﻴﻅﻔﺭ ﻓﻴﻬﺎﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒﻠﺫﺓ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﺇﻻ ﻟﻴﻘﻊ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺒﺭﺍﺜﻥ ﺍﻷﻟﻡ .ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺨﻴﺭﻭﺍﻟﺸﺭ ﺃﻤﺭﺍﻥ ﺇﻀﺎﻓﻴﺎﻥ ،ﻻ ﻤﻌﻨﻰ ﻷﺤﺩﻫﻤﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﺨﺭ .ﺃﻤﺎ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺸﺭ ،(Problème du mal) ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻋﻥ ﺴﺒﺏ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺸﺭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﻭﻭﺠﻭﺩ ﺇﻟﻪ ﺨﺎﻟﻕ ،ﺭﺤﻴﻡ، ﻋﺎﻟﻡ ،ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺸﻲﺀ ،ﻤﺘﺼﻑ ﺒﺎﻟﻜﻤﺎل ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ؟ \".
ﻤﻼﺤﻅﺎﺕ: _1 ﺍﻟﻘﻴﻤ ﺔValeur :– ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻠﻐﺔ :ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺘﻌﻨﻲ ﻗﺩﺭﻩ ،ﻭﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺘﻌﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺜﻤﻨﻪ ،ﻭﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﺘﺘﻤﺜل ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻌﺭﻓﻪ ﻭﻴﺘﻘﻨﻪﻤﻥ ﺼﻨﻌﺔ ﻭﻋﻠﻡ ﻭﺤﺭﻓﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ .ﻭﻴﻘﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺃﻥﻓﻼﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻪ ﻏﻴﺭ ﺼﺎﺩﻕ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﺤل ﺜﻘﺔ ﻭﻻ ﻴﺜﺒﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﺭ.ﻤﻥ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺇﺫﻥ ﺍﻟﺜﻤﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻤلﻭﺍﻟﺘﺒﺎﺩل ﻭﻤﺎ ﺸﺎﺒﻪ ﺫﻟﻙ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺴﺎﻭﻴﺎ ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ ،ﺃﻭ ﺯﺍﺌﺩﺍﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﺃﻭ ﻨﺎﻗﺼﺎ ﻋﻨﻬﺎ .ﻭﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﻭﺽ ﺍﻟﺸﻲﺀﻋﻨﺩ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻥ ﻨﻘﻭﺩ ﻫﻭ ﺍﻟﺜﻤﻥ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﺠﺩﻴﺭﺒﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻴﺔ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺃﻭ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔﺃﻭ ﺠﻤﺎﻟﻴﺔ .ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﻤﺎﺩﻱ ﻤﺎﻟﻲ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﺄﻭﺴﻊ ﺒﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻜﺜﻴﺭ،ﺇﺫ ﺘﺸﻤل ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻭﻜل ﻤﺎﻴﺘﺼل ﺒﻪ ﻤﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ،ﻭﺍﻟﺜﻤﻥ ﻻ ﻴﺴﺎﻭﻱ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻨﺯﻴﻬﺎ ﻭﻋﺎﺩﻻ ،ﻓﺭﺒﻤﺎ ﺍﻗﺘﺭﺏ ﺍﻷﻤﺭﺍﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ.ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻌﺠﻡ ﺼﻠﻴﺒﺎ \" :ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻔﺔﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻤﻁﻠﻭﺒﺎ ﻭﻤﺭﻏﻭﺒﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻋﻨﺩ ﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ ،ﺃﻭ ﻋﻨﺩ
ﻁﺎﺌﻔﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ،ﻤﺜﺎل ﺫﻟﻙ ﻗﻭﻟﻨﺎ :ﺇﻥ ﻟﻠﻨﺴﺏ ﻋﻨﺩ ﺍﻷﺸﺭﺍﻑ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ \". ﻭﻗﻴﻤﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎل ،Valeur d’ u sage ﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﻗﺩﺭ ﻭﻗﻴﻤﺔﻓﻲ ﻨﻅﺭ ﻤﻥ ﻴﻁﻠﺒﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀﺫﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻨﻅﺭﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﻤﻨﻔﻌﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ .ﻭﻴﺘﻀﺢ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎل ﻭﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﺒﺎﺩل … Echange ﺤﻴﺙ ﺘﻁﻕ ﺍﻷﻭﻟﻰﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻟﻪ ﻨﻔﻊ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﻤﺜل ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻘﺼﺩ ﺒﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﺒﺎﺩل ﺍﻟﺜﻤﻥﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺒﺎﺩل ﺒﻪ ﺸﻲﺀ ﻤﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﻭﺯﻤﺎﻥ ﻤﻌﻴﻨﻴﻴﻥ ،ﻭﻫﻭ ﺜﻤﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻱ،ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺘﺒﺎﺩل ﺸﻲﺀ ﻤﻌﻴﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﻤﺎ ﻟﻠﺸﻲﺀ ﻤﻥﻤﻨﻔﻌﺔ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻨﻪ ﺸﻲﺀ ﻨﺎﺩﺭ ،ﺃﻭ ﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺃﻤﻭﺭ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ،ﻭﺫﻟﻙ ﻜﺎﻟﺫﻫﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻟﻜﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻪ ﺘﺠﻌل ﺜﻤﻨﻪ ﻏﺎﻟﻴﺎ.ﺘﻁﻠﻕ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺩل ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﻅ ﺍﻟﺨﻴﺭ ،ﺒﺤﻴﺙﺘﻜﻭﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﻌل ﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﺨﻴﺭ ،ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﻁﺎﺒﻘﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻌل،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻐﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺨﻴﺭ ،ﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻔﻌلﺃﻜﺒﺭ .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺼﻭﺭ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﻓﺘﺴﻤﻰ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ،Valeures Idéales - ﻭﻫﻲﺍﻷﺼل ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻴﻡ ،Jugements de valeurs – ﺃﻱ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻹﻨﺸﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺄﻤﺭ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺭﻙ.ﻭﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﺘﺘﺒﻊ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻴﻪﺃﻜﺒﺭ ،ﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺃﻜﺒﺭ .ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺸﻲﺀValeur ،r éelle ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻴﺔ Valeur Fiduciaire ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ،ﻤﺜل ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻴﺔﺃﺴﺎﺴﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻭﺍﻻﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ،ﻭﻤﺎﺸﺎﺒﻪ ﺫﻟﻙ .ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﻓﺔﺇﻟﻴﻪ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺸﺄ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻤﺒﺫﻭل ﻓﻲ ﺇﻨﺘﺎﺠﻪ ،ﺃﻭ ﻋﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﺃﻭ ﻋﻥﻨﺩﺭﺓ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﺃﻭ ﻋﻥ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﺩﺍﻭل .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﻓﺔ ﻻ ﺘﻜﻭﻥﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻨﺎﺸﺌﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻤﺒﺫﻭل ﻓﻲ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺸﻲﺀ .ﻗﺎل ﺍﺒﻥﺨﻠﺩﻭﻥ \" :ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺴﺏ ﻫﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ \" .ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤلﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﻨﻭﻉ \" ﺃﻜﺜﺭ ﻓﻘﻴﻤﺘﻪ ﺃﻜﺜﺭ\" .ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻋﺘﺒﺭ ﻤﺎﺭﻜﺱ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻨﺎﺸﺌﺔ ﻋﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ.ﻭﻗﺩ ﻴﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻜﻡ ،ﻓﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻤﻥ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒلﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺸﻲﺀ ،ﻤﺜل ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ،ﺃﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤل ،ﺃﻱ ﺜﻤﻨﻬﻤﺎ .ﻜﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﻨﻅﺭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ،ﻤﺜل ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻷﺴﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ،ﺃﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ،ﺃﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻡ. ﺃﻜﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ : Axiologie ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭ ﻫﻭ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ )ﻭ ﻫﻲ ﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ/ﺍﻷﻨﻁﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ،ﻤﺒﺤﺙﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ/ﺍﻹﺒﻴﺴﺘﻴﻤﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ،ﻤﺒﺤﺙ ﺍﻟﻘﻴﻡ/ﺍﻷﻜﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ( .ﻭ ﺍﻟﻤﺭﺍﺩ ﺒﻪ ﺍﻟﺒﺤﺙﻓﻲ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭ ﺃﺼﻨﺎﻓﻬﺎ ﻭ ﻤﻌﺎﻴﻴﺭﻫﺎ ،ﻭ ﻫﻭ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﻠﻭﻡ : ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻭ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎل. ﺃﻤﻬﺎﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺌل : Vertus cardinales ﻫﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺌل ﺍﻷﺭﺒﻊ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺔﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺘﺄﻯ ﺃﻓﻼﻁﻭﻥ ،ﻭ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺒﻲ ﻤﻥ ﺒﻌﺩﻩ ،ﺃﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻘﻭﻤﺔ ﻟﻜﻤﺎل ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭ ﻫﻲ :ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻔﺔ ﺜﻡ ﺍﻟﻌﺩل.
ﻟﻘﺩ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﺃﻥ ﺘﺼل ﺇﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺜﻼﺙ)ﺍﻟﺤﻕ _ ﺍﻟﺨﻴﺭ _ ﺍﻟﺠﻤﺎل( ﻫﻲ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،ﻭﺃﻨﻪ ﺘﺤﺕ ﻤﻅﻠﺔﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺘﻨﺩﺭﺝ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ﻓﺭﻭﻋﺎﹰ ﻟﻬﺎ ،ﻭﻗﻴﻤﺔ\"ﺍﻟﺨﻴﺭ\" ﺘﻠﻙ ﺘﻨﺒﺜﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺭﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺭﺫﻴﻠﺔ ﻭﺸﺭ ،ﻭﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻀﻴﻠﺔﻭﺨﻴﺭ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻔﺭﻗﺔ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﻤﻔﻜﺭ ﻤﻭﻫﻭﺏ _ﻁﺒﻘﹰﺎ ﻟﻠﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ _ﻴﺘﻤﻴﺯ ﺒﺩﻗﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ،ﻭﻨﻔﺎﺫ ﺍﻟﺒﺼﻴﺭﺓ ،ﻓﻴﺼﻭﻍ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺴﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻰﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻏﻴﺎﺒﻬﺎ ﺘﺒﻨﻰ ﺍﻟﺭﺫﻴﻠﺔ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺘﺤﻘﻕ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩﻩ ،ﻋﺩﺩﻨﺎﻩ ﻓﻴﻠﺴﻭﻓﺎﹰ ،ﻭﻋﺩﺩﻨﺎ ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ \"ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺃﺨﻼﻕ\". ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ:ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺸﺎﺴﻊ ،ﻭﻟﻌل ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻜﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔﺍﻟﺘﻲ ﻨﺤﻥ ﺒﺼﺩﺩﻫﺎ ،ﺇﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺘﻠﻙﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﺍﻟﺭﺍﺴﺨﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺜﺒﺘﺕ ﺃﺠﻴﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭ ﺠﻴ ﹰﻼ ﺒﻌﺩ ﺠﻴل ،ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺭﺘﺒﻁﺔﺒﺎﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ،ﻭﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻷﺨﻼﻕﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﺍﻨﻪ ﻻ ﻴﺘﻌﺩﺩ ﻭﺃﻥ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭﺍﻟﺸﺭ ﻭﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﻟﺒﺎﻁل ،ﻭﺃﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻴﺤﺭﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﺴﺩ ﻭﺘﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﺸﻬﻭﺓ ﻭﺘﺄﻟﻴﻪ ﺍﻟﺒﺎﻁل.ﻭﻗﺩ ﺤﺭﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻤﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻐﻴﺏ ،ﻓﻘﺩﻡ ﻟﻪ ﻤﻨﻬﺠﺎﹰ ﻜﺎﻤﻼﹰ ﻴﺭﻀﻲ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻴﺴﺩ ﺤﺎﺠﺘﻪﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺤﺘﻰ ﻴﻔﺭﻍ ﻟﻤﻬﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺘﻌﻤﻴﺭ ﺍﻟﻜﻭﻥ ،ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻌﺩل ﻭﺍﻹﺨﺎﺀ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ.
_2 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺴﺭﻴﺔ:ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺭﺓ ،ﻫﻲ ﺍﻹﺨﻼﺹ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ،ﻭﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ﻤﺼﺤﻭﺒﺔ ﺒﺎﻟﺤﺏ ﻤﻥ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﻡ،ﻓﺎﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ .ﻭﺍﻷﺴﺭﺓ ﻤﺜل ﺃﻱ ﻭﺴﻁ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺁﺨﺭ ،ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﺴﻭﺩﻓﻴﻬﺎ ﻓﻀﺎﺌل ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ،ﺃﻭ ﺘﺘﻜﻴﻑ ﺘﺒﻌﺎ ﻟﻠﻭﺴﻁ ﺍﻟﺫﻱﺘﻤﺎﺭﺱ ﻓﻴﻪ .ﻭﺘﺠﺩﺭ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻗﻨﺎ ﻫﺫﺍ ،ﺃﻥ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻓﻲﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻭﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻤﺎ ﺸﺎﺒﻬﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻴﺵ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻤﻁﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﻗﺩ ﺤل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﺤل ﺍﻷﺨﻼﻕ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻴﻼﺤﻅ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻭﻥ ،ﺃﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﻭﻗﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍل ،ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻙﻴﻜﻭﻥ ﻋﻼﻤﺔ ﺩﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻗﺩ ﺃﺼﻴﺒﺕ ﺒﻁﻌﻨﺔ ﺨﻁﻴﺭﺓ ،ﻷﻥ ﺍﻷﺴﺭﺓﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻭﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺭﻏﻡ ﻭﺠﻭﺩ ﻫﺫﺍﻨﻅﺭﻴﺎ ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻠﺠﺄ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﺒﺩﺍ ،ﻭﻫﻭ ﻻ ﻴﻌﻨﻴﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎ .ﻭﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﻤﺜل ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥﻤﻌﺘﻤﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺤﺩﻩ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻓﺈﻥ ﺃﻭﺍﺼﺭﻫﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺘﻔﻜﻜﺕ،ﻭﺘﺯﻋﺯﻋﺕ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺸﺩﻴﺩﺓ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﺍﺴﺘﻤﺭﺕ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ـﻅﺎﻫﺭﻴﺎ ـ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ .ﻭﻁﺒﻌﺎ ﻓﺎﻷﻤﺭ ﺃﺸﺩ ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺭﺓ،ﺒﺤﻴﺙ ﺇﻨﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻠﺠﺄ ﺃﻓﺭﺍﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺸﺅﻭﻨﻬﺎ ،ﻓﺫﻟﻙ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥﺍﻷﺴﺭﺓ ،ﻗﺩ ﺍﻨﺘﻬﺕ ﻋﻤﻠﻴﺎ ،ﻗﺒل ﺍﻟﺸﺭﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﻨﻅﺎﻤﻬﺎ ،ﻭﻋﻼﻗﺎﺕ ﺃﻓﺭﺍﺩﻫﺎ ﺒﺒﻌﻀﻬﻡ.
ﺍﻷﺴﺭﺓ ﺍﻟﻤﻠﺴﻤﺔ:ﻜﺎﻥ ﻗﺘل ﺍﻷﻭﻻﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺸﺎﺌﻌﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ،ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺜﻨﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻘﺒﺎﺌل ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﺘﻘﺘل ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻓﻘﻁ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﻔﻘﺭ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺠﺎﻑ،ﺤﻴﺙ ﻴﺸﺘﺩ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﻭﺘﻀﻴﻕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺤﺭﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻴﺼﺎﺏ ﺒﺄﺫﻯ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺒﻨﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﺒﺭ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﺃﻥ ﻤﺴﺄﻟﺔﺍﻟﺸﺭﻑ ﺫﺍﺕ ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﻤﻔﺭﻁﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻭﻥ ﻴﺌﺩﻭﻥﺒﻨﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺍﺕ ،ﺃﻱ ﻴﺩﻓﻨﻭﻫﻥ ﺃﺤﻴﺎﺀﺍ ،ﺨﺸﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﻤﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻬﻼﻙ،ﺃﻭ ﺍﺤﺘﻴﺎﻁﺎ ﻤﺭﻀﻴﺎ ﻟﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﺼﻴﺏ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺃﻭ ﻴﻤﺱ ﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل.ﻭﻴﺭﻭﻯ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺃﻥ ﺃﺤﺩ ﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻡ ،ﻗﺎل ﻤﺎﻤﻌﻨﺎﻩ ،ﺃﻤﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺘﺫﻜﺭ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺃﻀﺤﻙ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺘﺫﻜﺭﺍﻵﺨﺭ ﺃﺒﻜﻲ ،ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﺍﻹﻟﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺤﻤﻠﻪ ﻤﻌﻲ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺼﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻠﻭﻯ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺠﻭﻉ ﺃﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺒﺎﻷﻜل ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻭﺜﻨﻴﻴﻥ ﻴﻌﺒﺩﻭﻥ ﺍﻷﺼﻨﺎﻡ ،ﻭﻴﺸﻜﻠﻭﻨﻬﺎﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺔ ﺘﻤﺎﺜﻴل ،ﻭﻷﺴﺒﺎﺏ ﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ،ﻴﺼﻨﻌﻭﻥ ﻨﻤﺎﺫﺝ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻵﻟﻬﺔﺍﻟﻭﺜﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻠﻭﻯ ،ﻟﺒﻴﻌﻬﺎ ﻭﺍﻟﺭﺒﺢ ﻤﻨﻬﺎ .ﺃﻤﺎ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﻜﻲﺍﻟﺼﺤﺎﺒﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴل ،ﻓﻬﻭ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺫﻜﺭ ﺍﺒﻨﺘﻪ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻫﺏ ﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻴﺌﺩﻫﺎ،ﺃﻱ ﻴﺩﻓﻨﻬﺎ ﺤﻴﺔ ،ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻴﺤﻔﺭ ﻗﺒﺭﻫﺎ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ﻴﺘﻨﺎﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻴﺘﻪ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻁﻔﻠﺔ ﺍﻟﺒﺭﻴﺌﺔ ﺘﻨﻔﺽ ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ﻋﻥ ﻟﺤﻴﺔ ﺃﺒﻴﻬﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﺼﺎﺭ ﻤﺴﻠﻤﺎ،ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺜﺔ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﻅﻴﻌﺔ ﺘﺒﻜﻴﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺫﻜﺭﻫﺎ ،ﺫﻟﻙ ﻷﻥﺍﻹﺴﻼﻡ ﺠﺎﺀ ﻟﻴﻘﻴﻡ ﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻟﻴﺭﺴﻲ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﻤﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻋﻠﻰﺃﺴﺱ ﻤﺘﻴﻨﺔ ﻻ ﺘﺘﺯﻋﺯﻉ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺭﻀﻴﺔ ﺭﺍﺴﺨﺔ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺼﻴﺎﻨﺔ
ﺤﻘﻭﻗﻪ .ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ،ﻭﻀﻊ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻨﻅﺎﻡﺍﻷﺴﺭﺓ .ﻓﻤﻨﻊ ﻤﻨﻌﺎ ﺒﺎﺘﺎ ﻗﺘل ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺒﻐﻴﺭ ﺤﻕ ،ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻭﺃﺩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺨﻭﻓﺎﻤﻥ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻋﺔ ،ﺃﻭ ﺭﻋﺒﺎ ﻤﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﺩﻨﺱ ﺍﻟﺸﺭﻑ ،ﺒﻌﺩ ﺴﻨﻴﻥ ﻁﻭﻴﻠﺔ، ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺼﺒﺢ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﻀﻴﻌﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻁﻔﻠﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻓﺘﺎﺓ ﺃﻭ ﺍﻤﺭﺃﺓ.ﻟﻘﺩ ﺤﺭﻡ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻗﺘل ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺒﻐﻴﺭ ﺤﻕ ،ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻭﺃﺩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻏﺩﺭﺍﻭﻅﻠﻤﺎ ﻭﻋﺩﻭﺍﻨﺎ ،ﻻ ﻟﺴﺒﺏ ﺇﻻ ﻟﻜﻭﻥ ﺍﷲ ﺤﻠﻘﻬﻥ ﺒﻨﺎﺕ ،ﺤﻴﺙ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻤﺤﻜﻡﺍﻟﺘﻨﺯﻴل ،ﻗﻭﻟﻪ ﻋﺯ ﻭﺠل ) :ﻭﻻ ﺘﻘﺘﻠﻭﺍ ﺃﻭﻻﺩﻜﻡ ﺨﺸﻴﺔ ﺇﻤﻼﻕ ( ،ﺃﻱ ﻤﺨﺎﻓﺔﺍﻟﻔﻘﺭ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻋﺔ ،ﻟﺫﻟﻙ ﺃﻀﺎﻑ ﺍﻟﻤﻭﻟﻰ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ) :ﻨﺤﻥ ﻨﺭﺯﻗﻜﻡﻭﺇﻴﺎﻫﻡ ( ،ﺃﻭ ﻜﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻋﺎﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ \" :ﺍﻟﺭﺯﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ \" .ﻓﻘﺩﺃﻋﺎﺩ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻟﻸﻨﺜﻰ ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﺤﻬﺎ ﺍﷲ ﺇﻴﺎﻫﺎ ،ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﻥﺍﻵﺩﻤﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺭﻤﻬﻡ ،ﻭﺠﻌﻠﻬﻡ ﺨﻠﻔﺎﺀﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺩﻭﻥ ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺠﻨﺴﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺘﺜﻰ ﻭﺍﻟﺫﻜﺭ.ﻟﻘﺩ ﻭﻀﻊ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﻤﺤﻜﻤﺎ ﻟﻸﺴﺭﺓ ،ﺤﺩﺩ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺃﻓﺭﺍﺩﻫﺎﻭﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ،ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻜل ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻤﺘﻴﻥ .ﺤﻴﺙ ﺠﻌل ﻟﻸﻭﻻﺩﺤﻕ ﺍﻟﺭﻋﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﻤﺎﺩﻴﺎ ﻭﻤﻌﻨﻭﻴﺎ ﻭﺨﻠﻘﻴﺎ ،ﻭﺇﻋﺩﺍﺩﻫﻡ ﻟﻼﻨﺴﺠﺎﻡ ﻤﻊﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻟﺯﻡ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀﺒﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻷﺒﻭﻴﻥ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻜﺒﺭ ﻭﺍﻟﻌﺠﺯ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺭﺽ ،ﺃﻱ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﻋﻤﻭﻤﺎ،ﺤﻴﺙ ﻨﺠﺩ ﺍﻵﻴﺔ ﺍﻟﻜﺭﻴﻤﺔ ﺘﻘﻭل ) :ﻭﺒﺎﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺇﺤﺴﺎﻨﺎ ﺇﻤﺎ ﻴﺒﻠﻐﻥ ﻋﻨﺩﻙ ﺍﻟﻜﺒﺭﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺃﻭ ﻜﻼﻫﻤﺎ ﻓﻼ ﺘﻘل ﻟﻬﻤﺎ ﺃﻑ ﻭﻻ ﺘﻨﻬﺭﻫﻤﺎ ﻭﻗل ﻟﻬﻤﺎ ﻗﻭﻻ ﻜﺭﻴﻤﺎ (.ﻭﻗﺩ ﺸﻤﻠﺕ ﺍﻟﺭﻋﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻷﻗﺎﺭﺏ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﺤﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ) :ﻭﺍﻷﻗﺭﺒﻭﻥ ﺃﻭﻟﻰ ﺒﺎﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ( .ﻭﺇﻨﻬﺎ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﺒﻠﻴﻐﺔ ،ﺃﻥ ﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺴﺭﻴﺔ
ﻭﺼﻼﺕ ﺍﻟﺭﺤﻡ ﻭﺍﻟﻘﺭﺒﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﺭﺍﺴﺨﺔ ،ﻓﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔﺍﻟﻤﺜﻠﻰ ﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﻜﺭﺍﻤﺘﻪ .ﻟﻘﺩ ﺤﺭﺹ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰﻭﻀﻊ ﻨﻅﺎﻡ ﻤﺤﻜﻡ ﻭﻤﺘﻜﺎﻤل ﻟﻸﺴﺭﺓ ﺃﺴﺎﺴﻪ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﻫﺩﻓﻪ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻷﺴﺭﺓﻭﺭﻋﺎﻴﺔ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﻜﺭﺍﻤﺘﻪ ،ﻓﺤﺩﺩ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝ ،ﻭﺃﺤﻜﻡ ﻗﻭﺍﻋﺩﺍﻟﻁﻼﻕ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰﺃﺒﻐﺽ ﺍﻟﺤﻼل ﻋﻨﺩ ﺍﷲ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻁﻼﻕ .ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺩﺕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕﻭﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺒﺔﻋﻠﻰ ﻜل ﺤﺎﻟﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻭﺭﺍﺜﺔ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩ ﻨﺴﺒﻬﺎﺒﺩﻗﺔ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻀﺎﻨﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﻘﺔ ،ﻭﻜل ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺃﺨﻼﻗﻲﺇﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻻ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺎﻟﺨﻠل ،ﺃﻭ ﺒﺈﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺒﺄﻱﻁﺭﻑ ﻤﻥ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻷﺴﺭﺓ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻭﻓﺎﻕ ﻭﺍﻟﻭﺌﺎﻡﻭﺍﻟﻌﻴﺵ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻻﻨﻔﺼﺎل ﻭﺍﻟﻔﺭﺍﻕ ،ﺇﺫﺍﺍﻗﺘﻀﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﺫﻟﻙ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﻤﺼﻴﺭﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ،ﻭﻻ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺄﻱ ﺤﺎل ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل،ﻭﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺒﺈﻟﺤﺎﻕ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﺒﺈﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺱ ﺒﻜﺭﺍﻤﺘﻪ،ﻓﻘﺩ ﺍﺘﺨﺫﺕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻜل ﺍﻻﺤﺘﻴﺎﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺫﺓ ،ﻤﺜل ﺍﻟﻁﻼﻕ ،ﻓﺎﻹﻨﺴﺎﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻷﺴﻤﻰﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﺤﻤﺎﻴﺘﻪ ﺒﻜل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﻭﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ،ﻭﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻜﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ،ﻭﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﺘﻁﺒﻴﻘﻪ.
_3 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ:ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﺘﻁﻭﺭ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥﺍﻟﺸﻐل ﺍﻟﻤﺼﻨﻊ ،ﺘﺴﺘﻐﻨﻲ ـ ﺇﺭﺍﺩﻴﺎ ـ ﻋﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﺘﺴﺘﺒﺩﻟﻬﺎ ﺒﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﻗل ﺘﻘﺩﻴﺭ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺃﻤﺭﺍ ﺜﺎﻨﻭﻴﺎ.ﻟﻘﺩ ﺍﺭﺘﺒﻁ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﻨﻊ ﺒﻅﻬﻭﺭ ﺍﻵﻟﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﺼﻨﻊ ﺸﺒﻴﻬﺔ ﺒﻤﺎ ﻫﻭ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺜﻜﻨﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭل ﻫﻭﻟﺘﻁﻴﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺒﺼﺭﺍﻤﺔ ﻭﻗﺴﻭﺓ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ،ﻭﺘﺴﺭﻴﺢ ﻤﻥﺍﻟﻌﻤل ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺭﺩﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺨﺫ ﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ،ﻭﺒﺒﺴﺎﻁﺔ ﺘﺎﻤﺔ ،ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻴﺘﻡ ﻤﻊ ﺁﻟﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻊ ﻜﺎﺌﻥ ﺒﺸﺭﻱ ،ﺒل ﺇﻥﺍﻵﻟﺔ ﺃﺤﺴﻥ ﺤﻅﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﻴﺔ ﻭﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤل ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺱ ﻤﺎ ﻜﺎﻥﺍﻷﻤﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻴﺩﻭﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻟﻸﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺠﻭﻤﺸﺒﻊ ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ .ﻟﻘﺩ ﻋﺒﺭ ﺃﺤﺩ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔﺒﻘﻭﻟﻪ \" :ﺇﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺼﻨﻊ ،ﻴﺅﻟﻑ ﻗﺎﻨﻭﻨﺎ ﺤﻘﻴﻘﻴﺎ ،ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ،ﻗﺎﻨﻭﻨﺎ ﻻﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ،ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻬﻨﻲ ،ﺍﻟﻤﺎﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ \".ﻨﻌﻡ ﺇﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻌﻤل ،ﻗﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﻴﺤﺩ ﻤﻥ ﺘﻌﺴﻑ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺃﻭ ﺼﺎﺤﺏﺍﻟﻌﻤل ﻋﺎﻤﺔ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﻤل ﻴﻅل ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ،ﻤﻴﺯﺓ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ـﻟﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻌﻤل ـ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻟﻠﻌﻤل ﺃﻴﻀﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻤﻴﺯﺓ ﻻ ﻤﻔﺭ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﻤﻥﺇﺴﺎﺀﺘﻬﺎ ـ ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ـ ﻟﻠﻌﺎﻤل .ﺇﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺸﻐل ﺍﻟﻤﺼﻨﻊ ،ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺴﻠﺦﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻋﻥ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ـ ﻜﻤﺎ ﻗﻴل ـ ﻓﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻨﺘﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺎلﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺭﻤﻬﻡ ﻤﻥ ﺼﻔﺘﻬﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺃﺤﺩ
ﻤﻔﻜﺭﻴﻬﻡ ،ﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻤﺎ ﺘﻔﻌﻠﻪ ﻫﻨﺎﻙ ،ﺃﻱ ﻓﻲ ﻤﺤل ﺍﻟﺸﻐل .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊﺘﻜﻭﻥ ﺍﻷﻁﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤل ،ﺃﻭ ﻨﻅﻤﻬﺎ ،ﻗﺩ ﺤﺭﻤﺕ ﻤﻥ ﺼﺒﻐﺘﻬﺎﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺘﻨﻅﻴﻤﻬﺎ ،ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﻻ ﻤﻜﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻟﻼﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺴﺘﻠﺯﻡ ﺤﺭﻤﺎﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺴﻠﻔﺎ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ،ﻓﻜﺄﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻟﺨﺎﻀﻌﻴﻥ ﻟﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ،ﻟﻴﺴﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ .ﺇﻨﻬﻡ ﻤﺠﺭﺩ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﻴﻴﻥ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ،ﺃﻭ ﺃﻗل ﺸﺄﻨﺎ.ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﻨﻌﺔ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﺤﺘﻔﻅﺒﺼﻔﺎﺘﻪ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻤﺜل ﻗﻭﻟﻬﻡ \" :ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﺤﺎﻁ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﺍﻟﻌﻤل ،ﺒﺠﻤﻴﻊﺍﻻﺤﺘﻴﺎﻁﺎﺕ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻻﺕ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺸﺭﻭﻁﻪ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻭﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﺤﻤﺎﻴﺔﺍﻟﻌﻤﺎل ﺒﻭﺠﻪ ﺨﺎﺹ ،ﻤﻥ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ...ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﺱﻤﻥ ﻜل ﺍﻨﺤﺭﺍﻑ ﻗﺩ ﻴﺤﻭل ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺇﻟﻰ ﺁﻟﺔ ﺃﻭﺘﻭﻤﺎﺘﻴﻜﻴﺔ ،ﻭﻴﺤﺭﻤﻪ ﻋﻤﻠﻴﺎ ،ﻤﻥﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻤﻠﻜﺎﺘﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ \" .ﺇﻨﻪ ﺨﻁﺎﺏ ﺠﻤﻴل ،ﻭﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺃﺨﻼﻗﻲ،ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻪ ـ ﻟﻸﺴﻑ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ـ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ .ﺇﻥ ﺍﻹﺠﻤﺎﻉﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺤﺎﺼل ،ﻟﻜﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻘﻴﺔ ﺘﺘﺄﺭﺠﺢ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﻡ،ﻭﺍﻟﻨﻘﺹ ﺍﻟﻔﺎﺩﺡ ،ﻟﻘﺩ ﻭﻗﻊ ﺘﻘﺩﻡ ﻜﺒﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ،ﻤﻨﺫﻅﻬﻭﺭ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺩﻫﺸﺔ ﺘﺼﺩﻤﻨﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻼﺤﻅ ﻤﺎﻴﺠﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ،ﺤﻴﺙ ﺘﺘﺨﻠﻑ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﻋﻥ ﺍﻷﻗﻭﺍل ،ﺤﺘﻰ ﺘﻜﺎﺩ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﺘﻨﻘﻁﻊ ﻨﻬﺎﺌﻴﺎ .ﺇﻥﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﻤﺘﻔﺸﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤل ،ﺃﻭ ﻤﺎ ﻴﻌﺭﻑ ﺒﺸﺭﻭﻁﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺴﻼﻤﺔ ﻏﺎﺌﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻷﺤﻭﺍل ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﻭﺠﻭﺩﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﺘﺎﺯﺓ ،ﻟﻜﻥ ﻜﻴﻑ ﺘﻁﺒﻕ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ،ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺼﺎﺭﻤﺔ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺕ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻤﻬﻤﻠﺔ؟ ﻨﻌﻡ ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺘﺠﺩ ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﻨﺴﺒﻴﺎ ،ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﻭﻴﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ،ﻭﻋﻥ ﺇﺼﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺤﻭﺍﺩﺜﻪ ،ﻟﻜﻥ ﻴﺘﺨﻠل ﺫﻟﻙ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻼﺒﺴﺎﺕ،ﻤﺜل ﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺃﻭ ﺍﻹﺼﺎﺒﺔ ﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺨﻁﺄ ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺃﻡ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻨﻪ ،ﺃﻭ ﻤﺎﻴﺴﻤﻰ ﺒﺎﻷﺨﻁﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻐﺘﻔﺭ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺘﺭﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺃﻭ ﺭﺏﺍﻟﻌﻤل .ﺇﻥ ﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻨﺘﺸﺎﺭ ﺍﻷﺨﻁﺎﺭ ﻓﻤﺸﻜﻠﺔﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻜﻼﻫﻤﺎ ﻤﺘﻤﻴﺯ ﻭﻤﺴﺘﻘل ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺤل ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻗﺩ ﻴﺅﺜﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻴﺴﺘﻭﺠﺏﻭﺠﻭﺩ ﺠﻭ ﺃﺨﻼﻗﻲ ﻤﻨﺎﺴﺏ .ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻭﻟﻭ ﻨﺴﺒﻴﺎ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺨﺽ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻅﻬﻭﺭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤﺎلﻭﺴﻼﻤﺘﻬﻡ .ﻭﺠﻭﻫﺭ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓل ﺒﻴﻥﺍﻟﻌﻤﺎل ،ﻭﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺸﻌﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻜل ﻋﺎﻤل ﺒﺎﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺠﻌﻠﻪ ﻴﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻓل ﻴﻭﻤﺎ ﻤﺎ.ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺘﺸﻤل ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﺫﺍﺕﺃﻫﻤﻴﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ،ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺎل ،ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻘﻭﺩ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻬﻠﺕ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻻﺕ ،ﻤﻤﺎﺠﻌل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻜل ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﻌﻤل ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ،ﺘﺘﻌﺎﻤل ﺒﻬﺎﻭﺘﻌﺘﻤﺩﻫﺎ ﻜﺄﺴﺎﺱ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﻻﺕ .ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺘﺤﺩﺜﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺒﺎﻋﺙ ﻋﻠﻰﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺙ ﺍﻤﺘﻼﻜﻪ ﻭﺍﺸﺘﻬﺎﺅﻩ ﺃﻀﺭﺍﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻭﺍﻟﻨﻔﺱ .ﺇﻥﺍﻟﻐﻨﻲ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﺎﻟﺭﻓﺎﻩ ،ﻭﻴﻨﺴﻰ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ـ ﺭﻓﺎﻕ ﺸﻘﺎﻩ ﻭﺒﺅﺴﻪ ،ﻗﺒل ﺃﻥﻴﺼﺒﺢ ﻏﻨﻴﺎ .ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺎل ﺃﺩﺍﺓ ﺴﻴﻁﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻪ ﺃﺩﺍﺓ ﻤﺘﻌﺔ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ،ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺴﻴﻁﺭﺓ ﻓﺭﺩ ﻭﺍﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺴﻴﻁﺭﺓ ﻻ ﺘﺴﺘﻬﺩﻑﺭﻓﺎﻩ ﺍﻷﺘﺒﺎﻉ ،ﺒل ﺘﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﻨﻰ ﻟﻠﺴﻴﺩ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻟﻠﻤﺎل ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﺒل
ﺃﺩﻭﺍﺭﺍ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺎﻟﻌﻤل ،ﻓﻬﻭ ﺤﻴﻨﺌﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻴﺽ ﻤﻥﺍﻟﺸﺢ ﻭﺍﻟﺒﺨل ،ﻭﻫﻭ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﻤﺸﺨﺼﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﻤﻨﺘﺠﺎﺘﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻁﻴﺏ ،ﻓﻬﻭ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﺘﻲ ﺘﺴﻤﺢ ﺒﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻭﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺘﺩﺇﻟﻰ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺠﻴل ﺍﻟﺭﺍﻫﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺎﻹﺭﺙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺩﻑ ﺍﻟﻌﺎﻤلﺇﻟﻰ ﺘﺭﻜﻪ ﻷﺒﻨﺎﺌﻪ ،ﻓﺎﻟﻤﺎل ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﻘﺩﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕﺍﻟﻌﻤل ،ﻭﻫﻭ ﺃﺩﺍﺓ ﻴﻭﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻅﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺭﻓﻊ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻴﺘﻴﺢﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ،ﻭﻫﻭ ﻴﻘﺩﻡ ﻟﻪ ﺜﻭﺍﺏ ﺠﻬﻭﺩﻩ ﻭﻤﻌﻨﺎﻫﺎﺃﻴﻀﺎ .ﺜﻡ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺎل ﻴﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻷﻤﺎﻨﺔ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ.ﺇﻥ ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻟﺤﻴﻁﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺫﺭ ،ﺘﻘﺩﻡ ﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻻﺩﺨﺎﺭ ﺃﻓﻀلﺍﻷﺴﺱ ،ﻓﺎﻟﺘﻭﻓﻴﺭ ﻫﻭ ﻓﻌل ﺘﻀﻴﻴﻕ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻟﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ ﺍﻟﻼﺯﻡﻟﻤﺠﺎﺒﻬﺔ ﺍﻟﺸﻴﺨﻭﺨﺔ ﺃﻭ ﻓﺼل ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻁﻠﺔ ﺍﻟﺴﻨﻭﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺠﻌل ﺍﻷﺒﻨﺎﺀﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﺃﺭﻗﻰ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﺭ ﻓﻌل ﻓﺎﻀل ﻤﻥ ﺤﻴﺙﻨﻭﻉ ﺘﺄﺜﻴﺭﻩ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﻓﻴﺭﻴﻤﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻭﺴﺎﺌل ﺘﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺜﺭﻭﺘﻪ .ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻭﻓﻴﺭﻓﻀﻴﻠﺔ ﺘﻨﺠﻡ ﻋﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻗﺎﺴﻴﺔ ﻤﺩﻴﺩﺓ ،ﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﺸﻙ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺘﺤﺴﻴﻥﺸﺭﻭﻭﻁ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻭﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﺃﻤﺭ ﻤﺤﻤﻭﺩ .ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻐﺎﻻﺓ ﻴﺤﻭلﺍﻷﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺒﺨل ﻭﺸﺢ .ﻭﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﻓﺈﻥ ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻟﻤﺎل ،ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥﺍﻟﻔﻀﺎﺌل ،ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﺒﺎﻟﻌﻘﻭﺩ ﻭﺍﻷﻤﺎﻨﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ .ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺩﻓﻊﺃﺠﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺯل ﻤﺜﻼ ﻓﻲ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺤﺩﺩ ،ﻭﺭﺩ ﻤﺎل ﺍﻟﺩﺍﺌﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻋﺩ ﺍﻟﻤﺘﻔﻕﻋﻠﻴﻪ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﺭﻓﺎﺕ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎل ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻱ ﻓﻲ ﺘﻨﺸﺌﺔ
ﺍﻷﺠﻴﺎل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻀﺎﺌل ،ﻭﻤﺎ ﻴﻨﺘﺞ ﻋﻥ ﺍﻨﺘﺸﺎﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺭﻓﺎﻩ ﻭﺍﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.ﻤﻥ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﻜﺫﻟﻙ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﻌﺩﺍﻟﺔ.ﻭﺘﻬﺘﻡ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺒﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﻡ ،ﺒل ﺤﺘﻰ ﺒﻌﻼﻗﺘﻬﻡ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ،ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺃﻭ \" ﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ \" .ﻟﻜﻥ ﻫلﺘﻭﺠﺩ ﺃﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ؟ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ،ﻜﻤﺎﻴﺼﻁﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﻭﻥ ،ﺭﺒﻤﺎ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻬﻜﻡ ،ﻜﻤﺎ ﻗﻴل .ﺇﻥ ﻋﺎﻤﺔﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻴﻅﻨﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺭﻕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻻﻴﺴﺭﻕ ﺃﺤﺩﺍ،ﻭﻴﻨﺴﺤﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻅﻥ ﺃﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻤﻲ ﺍﻟﺨﺎﻁﺊ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺸﺨﺹ ﻤﻌﻨﻭﻱ،ﻴﺴﺘﻨﺩ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﻨﺼﻭﺹ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺇﻟﻰ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻥﻫﺫﺍ \" ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ \" ﻫﻭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺃﻭ ﺃﻴﺔ ﻫﻴﺌﺔ ﺃﺨﺭﻯ \" ﻤﺠﺭﺩﺓ \" ،ﻤﺜلﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ،ﻭﻤﺎ ﺸﺎﺒﻪ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻴﺂﺕ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴﺔﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺩﺨل ﻀﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻜﺎﻹﻨﺴﺎﻥﻭﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺕ ،ﻭﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ .ﺇﻨﻪ ﺭﺃﻱ ﺨﺎﻁﺊﻭﺨﻁﻴﺭ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺭﻕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺒﺎﻟﻐﺵ ﻭﺍﻟﺘﺯﻭﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ،ﺃﻭ ﺒﻌﺩﻡ ﺩﻓﻊ ﺜﻤﻥ ﺍﻟﺭﻜﻭﺏ ،ﻓﻲ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻤﻭﺍﺼﻼﺕ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻭﻤﺎ ﻴﺸﺒﻪ ﻫﺫﻩﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻴﺴﺭﻕ ﺠﻴﺭﺍﻨﻪ ﻭﺃﻫﻠﻪ ،ﻭﻴﻠﺤﻕ ﺍﻟﻀﺭﺭﺒﺎﻟﻤﺎل ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻤﻠﻙ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻠﻙ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﻤﺩﻴﺭﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﺃﻭ ﻤﺩﻴﺭ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺃﻭ ﻤﺤﺼل ﺜﻤﻥ ﺍﻟﺘﺫﺍﻜﺭ ﻓﻲ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﻟﻨﻘلﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ،ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﻭﻅﺎﺌﻑ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ
ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻭﻤﻌﻘﺩﺓ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ _ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ _ ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩﻟﺔ .ﻭﻟﺘﻭﻀﻴﺢﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﻋﻥ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﺇﻥ ﺃﺒﺴﻁ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﺫﻟﻙ ﻫﻲ ﺠﻤﻊ ﺍﻹﻴﺭﺍﺩﺍﺕﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺠﻤﻌﻬﺎ ﻭﻗﺴﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺃﻭلﻭﻫﻠﺔ ،ﻴﺘﺒﻴﻥ ﻟﻨﺎ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﺸﺎﻜل ﻭﺼﻌﻭﺒﺎﺕ ،ﻭﺒﺎﻷﺨﺹ ﻤﺎﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﻅﺎﻟﻡ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ،ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﻨﺎﺘﺠﺔ ﻋﻥﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ،ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻻ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ ،ﻻ ﺘﺄﺤﺫ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ،ﻭﺘﺤﻤل ﺍﻷﺴﺭ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻋﺩﺩﺍ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏﺍﻷﻋﻅﻡ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻤﻤﺎ ﻴﻠﺤﻕ ﻀﺭﺭﺍ ﺒﻨﻤﻭ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ،ﻜﻤﺎﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺼﻨﻌﺔ ﺨﺎﺼﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻤﺘﻨﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻥ ﺍﻟﺯﻭﺍﺝﻭﺍﻹﻨﺠﺎﺏ ،ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻤﻨﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻲ ،ﻭﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﻌﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻴﺨﻭﺨﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺘﻌﻴﺵ ﻜﺎﺒﻭﺱ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﺭﻋﺏ ﻤﻥﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ،ﺇﻥ ﻫﻲ ﺍﺴﺘﻤﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ .ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻭﻗﻌﺕﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﻹﻀﻔﺎﺀ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﺜﻴﺭ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻤﺭﺩﻭﺩﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ،ﻭﻗﺩ ﺘﺒﻴﻥ _ ﻟﺴﻭﺀ ﺍﻟﺤﻅ _ ﺃﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻤﺭﺩﻭﺩﻴﺔ ،ﻫﻲ ﺃﺴﻭﺃﻫﺎ ﻋﺩﻻ ،ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺤﻭﺍل ،ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل.ﻫﻨﺎﻙ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﺸﻜﻼﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ،ﻫﻤﺎ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻓﻊ ﻋﻨﺩ ﺸﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻠﻊ ،ﻭﻜل ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻴﺎﺕﻋﺎﻤﺔ ،ﻀﻤﻥ ﺜﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ،ﺃﻭ ﺒﻁﺭﻕ ﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ﻤﺜﻼ .ﻭﺃﻴﻀﺎﺍﻗﺘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻤﻥ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻭﺍﻟﻤﺭﺘﺒﺎﺕ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﺩﺨل،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺘﺜﺎﺭ ﻤﺸﺎﻜل ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻻﺼﻁﺩﺍﻡ ﺒﺎﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻤﻥ
ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺃﻓﻀل ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻤﺭﺩﻭﺩﺍ ،ﻨﺠﺩﻫﺎ ﻤﺜﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﺍﺀ ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩﺍﻟﻭﺍﺴﻌﺔ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ﻤﺜل ﺍﻟﺴﻜﺭ ،ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻫﻨﺎ ﺘﺘﻌﺎﺭﺽﻤﻊ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺃﻓﻘﺭ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺘﻌﺎﺭﻀﺎ ﺸﺩﻴﺩﺍ ،ﺨﺎﺼﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺄﻜﺜﺭﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻟﻠﺼﺤﺔ ،ﻭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺍﻟﺩﻭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺴﻜﺭ .ﻭﻤﻥﺍﻟﻤﻼﺤﻅ ﺃﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﺍﻟﻀﺭﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻠﺤﻕ ﺒﺄﺭﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺎﺌﻼﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﺩﺩ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ.ﻟﻘﺩ ﺒﺫﻟﺕ ﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﻟﺠﻌل ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﻤﺘﻨﺎﺴﺒﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﺨل ،ﺒﻔﺭﺽ ﺭﺴﻭﻡﻀﺭﻴﺒﻴﺔ ﻤﺜﻼ ﻤﺭﺘﻔﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﻌﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ،ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴﻌﻰ ﺘﻌﺘﺭﻀﻪ ﺼﻌﻭﺒﺎﺕﺃﺨﺭﻯ ،ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺍﻟﺜﺭﻭﺍﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻴلﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺩﻗﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﺘﺯﺩﺍﺩ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻋﻥﻨﺸﺎﻁ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻻ ﻴﺨﻀﻊ ﻟﻠﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ،ﺃﻭ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل.ﻭﻫﻨﺎ ﻴﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ﺒﻤﺩﺍﺨﻴل ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺍﻟﻤﻭﻅﻔﻴﻥﻟﺩﻴﻪ ،ﺤﺘﻰ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻡ .ﻟﻜﻥ ﻤﻤﻥ ﻴﻁﻠﺏﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ﺒﻤﺩﺍﺨﻴل ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺫﺍﺘﻪ؟ ﻻ ﺃﺤﺩ ﺴﻭﺍﻩ ،ﺇﻥ ﺇﺩﺍﺭﺓﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺘﻠﺠﺄ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻠﺘﺼﺭﻴﺢ ﺒﻤﺩﺍﺨﻴﻠﻪ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺃﺨﺭﻯﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﺎ ﻟﻠﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﻤﺩﺍﺨﻴل ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ،ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﺫﻱﻴﻘﺩﻤﻪ ﻫﻭ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ،ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ،ﻭﻫﻲﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺼﻔﺔ ﺒﺎﻟﻌﺩل ،ﻟﻜﻥ ﺒﺸﺭﻁ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻥ ﺸﻌﻭﺭ ﺃﺨﻼﻗﻲﻤﺅﻜﺩ ،ﻭﻋﻥ ﺍﻟﺤﺱ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﺩﻯ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ،ﻓﻬﻭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰﺘﻘﺩﻴﺭ ﺩﺨﻠﻪ ،ﻷﻨﻪ ﻴﻤﻠﻙ ﻜل ﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﺃﺭﺒﺎﺤﻪ ﻭﻨﻔﻘﺎﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻨﻪ
ﻴﻌﺭﻑ ﺒﻜل ﺩﻗﺔ ﺭﺒﺤﻪ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ ،ﻭﻫﺫﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ .ﻫﻨﺎ ﻤﻌﻀﻠﺔﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ،ﻓﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ﻴﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﻀﻤﺎﻨﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓﻟﻠﺼﺩﻕ ﻫﻲ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺼﺎﺤﺒﻪ .ﻭﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﻋﺩﺍﻟﺔﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﺩﺍﻟﺔ ﻭﻫﻤﻴﺔ .ﻭﻴﻼﺤﻅ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭ ﻭﺠﻭﺩﻤﺅﺴﺴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ،ﺘﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ،ﻤﺜل ﻫﺫﺍﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺘﺎﻡ .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ،ﺘﻜﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻫﻲ ﻤﺼﺩﺭ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺒﺤﺴﺏ ﻤﺩﺍﺨﻴﻠﻬﺎ ﻴﺘﺤﺩﺩﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻭﺩﻓﻊ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺒﺄﻥﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻗﺩ ﻁﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻟﺩﻯﺍﻟﻤﺠﺘﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﺒﺼﻔﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻟﺩﻯ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻴل ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﻤﻥﺭﺠﺎل ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻥ ﻗﺩ ﻻ ﺤﻅﻭﺍ ﺃﻤﺭﺍﺍﻋﺘﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﺍﺒﺔ ﺒﻤﻜﺎﻥ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺵ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻲ ،ﻴﺯﺩﺍﺩ ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻌﻠﻕ ﺍﻷﻤﺭﺒﺎﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻷﻗل ﻨﻤﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ،ﻓﺎﻷﻗل ﻤﻨﻬﺎ ﺘﻁﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻐﺵ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻲﻓﻴﻬﺎ ﺃﻜﺒﺭ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻟﺩﻯ ﺩﺍﻓﻌﻲﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺼﺭﺤﻭﻥ ﻫﻡ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺩﺍﺨﻠﻴﻬﻡ ،ﻤﺴﺘﻭﻯﺍﻷﺨﻼﻕ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺃﺸﺒﺎﻫﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﻁﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ .ﻭﻤﻥﺍﻟﻤﻼﺤﻅ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﺒﻬﺎ ﻋﻥ ﻤﺩﺍﺨﻴﻠﻬﻡ،ﻫﻲ ﻀﺭﺍﺌﺏ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺼﺭﺤﻴﻥ ﺒﻤﺩﺍﺨﻴﻠﻬﻡ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻤﺭﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﺍﻟﺘﻲﺘﺴﺘﻬﺩﻑ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺱ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻬﺩﻑ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ .ﻭﻴﻨﺘﺞ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺭﺩﻭﺩ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ،ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻔﺭﻭﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺴﺎﻭﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭ ﻭﺍﻟﻐﻨﻲ )ﻤﺜﺎلﺍﻟﺩﻭﺍﺀ ﻭﺍﻟﺴﻜﺭ( ،ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﻓﻌﻬﺎ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺼﺭﺡﻏﻴﺭﻫﻡ ﺒﻤﺩﺍﺨﻴﻠﻬﻡ ،ﻤﺜل ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﻋﻤﺎل ﻭﻤﻭﻅﻔﻴﻥ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥﺍﻷﺠﺭﺍﺀ ،ﻓﻬﺅﻻﺀ ﻴﺩﻓﻌﻭﻥ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻜﺎﻤﻠﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻤﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻅﻠﻡﻭﻗﻠﺔ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻷﻗل ﺩﺨﻼ ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﻭﻟﻭﻥﺩﻓﻊ ﺃﻜﺒﺭ ﻗﺴﻁ ﻤﻥ ﻤﺩﺍﺨل ﺍﻟﺨﺯﻴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﻐﺵ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻲ ﻴﺠﺭ ﻭﺭﺍﺀﻩﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻅﻠﻡ ﻭﺴﻭﺀ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻨﺫﻜﺭ ﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻻﻨﺘﺎﺝ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻓﻊ ﺃﺴﺎﺴﺎ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺒﻴﻌﻭﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ،ﻭﺒﺎﻟﻁﺒﻊﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ،ﻭﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻥ ،ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﻭﻟﻭﻥﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ﺒﻤﺩﺍﺨﻴﻠﻬﻡ ﺃﻭﺃﺭﺒﺎﺤﻬﻡ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺙ ﻋﺎﺩﺓ ،ﻫﻭ ﺃﻥ ﻗﺴﻤﺎ ﻤﻥﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺒﻴﻌﺎﺕ ،ﻻ ﻴﺼﺭﺡ ﺒﻪ ،ﻭﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺎﺌﻊ ،ﻴﻘﺒﺽ ﻤﻊﺍﻟﺴﻠﻊ ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻬﺎ ،ﻭﻴﺩﻤﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﺴﻌﺭ ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ،ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻻﻴﺩﻓﻊ ﻟﻠﺨﺯﻴﻨﺔ ﺸﻴﺌﺎ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺨﻔﻴﺕ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥﻀﺭﻴﺒﺘﻬﺎ ﻻ ﺘﺤﺫﻑ ،ﻓﻴﺩﻓﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻙ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺯﻴﻨﺔ ،ﺒلﺇﻟﻰ ﺠﻴﺏ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺎﺠﺭ ،ﺃﻭ ﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻤﺭ ﻴﻤﺱ ﻤﺴﺎ ﺨﻁﻴﺭﺍ ﺒﺎﻟﻌﺩﺍﻟﺔﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﺒﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻭﻗﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻤﻥ ﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﺼﺤﺔ ﻭﻨﻘل ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﻴﻭﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ.ﺇﻥ ﺍﻟﻼﺘﺨﻠﻕ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ،ﻴﻤﻜﻥ ﻗﻴﺎﺴﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻻ ﺘﺨﻠﻕ ﻤﺯﺩﻭﺝ ،ﻻﺘﺨﻠﻕ ﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻬﺭﺏ ﻤﻥ ﺩﻓﻊ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻻ ﺘﺨﻠﻕﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺒﺎﻟﻅﻠﻡ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ
ﻨﻔﺴﻬﺎ ـ ﺇﻥ ﺼﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ـ ﻀﺩ ﻻ ﺘﺨﻠﻕ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺘﻬﺭﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﺩﻓﻊﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ،ﺒﻔﺭﺽ ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻫﻡ ﺘﺤﺕ ﺭﺤﻤﺘﻬﺎﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﻴﻥ ،ﻤﻥ ﺍﻷﺠﺭﺍﺀ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻟﻼﺃﺨﻼﻕ ﺒﻼ ﺃﺨﻼﻕﺃﺨﺭﻯ ،ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﺩﻨﻴﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻅﻠﻡ ﺼﺎﺭﺥ ،ﻭﻟﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔﻓﻲ ﺍﻷﻓﻌﺎل ،ﻤﻘﻴﺩﺓ ﺒﺎﻤﺘﻼﻙ ﺤﺭﻴﺔ ﺇﻨﺠﺎﺯﻫﺎ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻐﺵ ﻓﻲﺘﺼﺭﻴﺤﻪ ﺒﻀﺭﺍﺌﺒﻪ ،ﻫﻭ ﺃﺼل ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﻭﺠﻭﺩ ﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎﻟﻬﺎ ﻟﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻅﺎﻟﻡ ﻭﺍﻟﻼﺃﺨﻼﻗﻲ.ﻟﻘﺩ ﺍﺘﺨﺫﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻤﺜﺎﻻ ،ﺒﺤﺜﻨﺎﻩ ﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴل ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺘﺘﻀﺢ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺃﻜﺜﺭ ،ﻭﻓﻲ ﺒﻘﻴﺔﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ،ﻨﻜﺘﻔﻲ ﺒﺎﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﻗﺩ ﻨﺫﻜﺭ ـ ﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ ـ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺫﻜﺭﻫﺎ.ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﻤﻤﺎﺭﺴﺔﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ،ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺎﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻴﻤﻴﺯﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻋﻥ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﺨﻔﻴﺎ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔﺍﻻﻜﺘﺸﺎﻑ ﻭﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻱ ،ﻨﺠﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲﻤﻥ ﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ﻤﺘﺨﻔﻴﺎ ،ﻓﻲ ﻭﻀﻌﻴﺎﺕ ﻻ ﺘﻌﺩ ﻭﻻ ﺘﺤﺼﻰ ،ﻴﻜﺎﺩ ﻴﺴﺘﺤﻴل ﻋﻠﻰﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺃﻥ ﺘﻜﺘﺸﻔﻪ ،ﻭﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺘﻁﻭﺭﺓ ،ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺩ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ،ﻫﻭ ﻤﻨﻅﻤﺔ ﺃﻭ ﻨﻘﺎﺒﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﻤﺜﻼ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﺎﺠﺭ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﺨﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﺸﻜل ﺴﻌﺭ ﺒﺎﻫﻅﻟﺴﻠﻌﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﻟﻡ ﻴﻘﺭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺠﺭ ،ﺒل ﺤﺩﺩﺘﻬﺎ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﺍﻷﻤﻭﺭﺍﻟﺘﺒﺎﺴﺎ ﻭﺘﻌﻘﻴﺩﺍ ،ﻫل ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻟﻠﺘﺎﺠﺭ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﺒﺽ ﻟﺜﻤﻥ
ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩل ﺘﺴﻘﻁ ،ﻷﻨﻪ ﻤﻠﺯﻡ ﺒﺎﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺩﺩﺘﻬﺎ ﻤﻨﻅﻤﺘﻪ ﺃﻭﻨﻘﺎﺒﺘﻪ؟ ﺇﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺩ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻙ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺩﺨلﺍﻟﻀﻌﻴﻑ ،ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺘﻀﺭﺭﺍ ﻭﻀﺤﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﻤﺒﺭﺭ ،ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻋﻥﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ؟ ﻜﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ﻗﺩ ﺘﺭﺘﻔﻊ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺘﻘﻠﺒﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ،ﺃﻭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻻﺭﺘﻔﺎﻉ ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺭﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻴﺴﺘﻐﻠﻭﻨﻪ ﻟﻔﺎﺌﺩﺘﻬﻡ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻴﺎﺘﺭﻯ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩﺍﻷﺤﻭﺍل ﺍﻟﻤﺸﺒﻭﻫﺔ؟ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﻤﺎﺜﻠﺔ؟ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊﺃﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺃﺤﻭﺍل ﻤﺤﺩﺩﺓ ،ﻤﺜل ﺍﺤﺘﻜﺎﺭﺍﻟﺴﻠﻊ ﻭﺘﺨﺯﻴﻨﻬﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﺘﻭﻗﻊ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﺴﻌﺭﻫﺎ ،ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻻﺤﻕ ﻗﺭﻴﺏ .ﻭﺫﺍﺕﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻐﻼل ﻨﺩﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﻤﺜل ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺤﺭﺏ،ﺤﻴﺙ ﻴﺭﻓﻊ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ،ﺃﻭ ﺃﻏﻠﺒﻬﻡ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ﺩﻭﻥ ﻤﺒﺭﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ،ﻤﺎﺩﺍﻤﻭﺍ ﻗﺩ ﺍﺸﺘﺭﻭﺍ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺒﺜﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ،ﺃﻱ ﺩﻭﻥ ﺯﻴﺎﺩﺓ.ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻼﺃﺨﻼﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎﺭﺴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻲﺘﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺼﻨﻌﺔ ،ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ﺒﺎﻟﺩﻭل ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺘﺤﺕﻨﻔﻭﺫﻫﺎ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺍﺤﺘﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ،ﺃﻭ ﻭﻗﻭﻋﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ .ﺤﻴﺙ ﺘﺘﺭﺠﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﻭﺫﺍﻙ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺎﻓﻊ ﻭﻤﻭﺍﺭﺩﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﻐﻴﺭ ﻭﺠﻪ ﺤﻕ ،ﻓﻬﻲ ﺘﺘﻡ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻤﻘﻬﻭﺭﺓ ،ﻭﻫﻲ ﻨﻭﻉﻤﻥ ﺍﻟﻨﻬﺏ ﻟﺜﺭﻭﺍﺕ ﺍﻟﻐﻴﺭ ،ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻐﻼﻟﻬﻡ ﺘﺠﺎﺭﻴﺎ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺴﺭﻗﺔ ﻜﺒﺭﻯ ﻭﻓﺎﺩﺤﺔ.ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ـ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ـ ﻤﻔﺭﻭﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭﺍﺕ ﺃﻥ ﺘﺸﺘﺭﻱﻤﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭ ﻤﺎ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﺘﻔﻭﻕ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﻴﺘﻌﻴﻥﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺃﻥ ﺘﺒﻴﻊ ﻤﺎ ﻟﺩﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺜﺭﻭﺍﺕ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﻓﻼﺤﻴﺔ
ﻭﻗﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻌﻤﺭﻫﺎ ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺩﺓ .ﻭﻟﻌل ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻵﻥ ،ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ ،ﻻ ﺘﺒﻌﺩ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻋﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻻﺴﺘﻐﻼﻟﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﻻﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺎﻑ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺴﺭﻗﺔ ﺼﺭﻴﺤﺔ ،ﻭﺇﺜﺭﺍﺀ ﻓﺎﺤﺵﻟﻠﻤﺴﺘﻌﻤﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺒﺅﺱ ﺸﻌﻭﺏ ،ﺘﻤﺜل ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺤﻘﺔ ﻤﻥﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻤﻭﺭﺓ .ﻓﻌﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻭﻀﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻻ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻨﻬﺎ ﻜﺜﻴﺭﺍ ،ﻗﻴل \":ﺇﻥ ﺍﻟﻬﻭﺓ ﺍﻟﺴﺤﻴﻘﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻗﻭﺍلﻭﺍﻷﻓﻌﺎل ﺘﺜﻴﺭ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ـ ﺤﻔﻴﻅﺘﻨﺎ ،ﻭﺸﻌﻭﺭﻨﺎ ﺒﺎﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺩﻭﺭﺓ،ﻭﻟﻌل ﺃﻜﺒﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﺭ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ـ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ـ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﻭﺍﺌﺩ ﺍﻟﺨﻀﺭﺍﺀﻓﻲ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ...ﺇﻥ ﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺠﺘﻤﻌﻭﻥ ـ ﻟﻠﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺸﺅﻭﻥﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎل ـ ﻤﺭﻏﻤﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﻤﺄﻟﻭﻑ ،ﻋﻥ ﻤﺤﺎﺴﻥ ﺤﺭﻴﺔﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ،ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻤﻡ ﻗﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﺤﻘﺎﺌﺒﻬﻡ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﺒﺨﻨﻘﻬﺎ ! ﻭﻟﻜﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻨﺎ ﺘﻌﻭﺩﻨﺎ ﺍﻟﺭﻴﺎﺀ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻜﻤﺎ ﻨﻌﻠﻡ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﺭﺫﻴﻠﺔ ﻟﻠﻔﻀﻴﻠﺔ \".ﻟﻘﺩ ﻅﻥ ﻤﻔﻜﺭﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ،ﺃﻥ ﺘﺩﺨل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻴﻔﺴﺩ ﺴﻴﺭﻩ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩل ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺒﺎﻟﻔﻁﺭﺓ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻓﻲﻨﻅﺭﻫﻡ ﺤﺎﻜﻡ ،ﻴﺘﺼﻑ ﺒﺎﻟﻜﻤﺎل ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺩ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻪ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻜﺎﻓﻴﺔﻭﺤﺩﻫﺎ ﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ﻭﺍﻷﺠﻭﺭ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ،ﻭﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﻭﺍﻟﻁﻠﺏ .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻴﻌﻭﻥﻭﻋﻴﺎ ﻜﺎﻓﻴﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻓﻴﺘﺩﺨﻠﻭﻥ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﻨﺎﻨﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻨﻪﺍﻹﺨﻼل ﺒﺎﻟﺴﻴﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺴﻭﻕ ،ﻭﻋﻨﺩﻫﺎ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﺘﻨﻅﻡ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ،ﻭﻴﺘﺩﺨل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺴﻼﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﻭﺍﻟﻁﻠﺏ ،ﻤﻥ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥﻴﺘﻤﺭﺩﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻷﻨﻬﻡ ﻴﻌﺘﻘﺩﻭﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺄﺨﺫﻭﻥ ﺃﻗل ﻤﻤﺎ ﻴﺴﺘﺤﻘﻭﻥ ،ﺃﻭ ﻤﻥﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﺎﻭﻟﻭﻥ ﺍﻏﺘﺼﺎﺏ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻋﻤل ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺇﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺴﻭﻕ ﺒﺎﻻﺤﺘﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ ﻭﻏﻴﺭﻫﻤﺎ ،ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺎﻟﻴﺏﺍﻟﻔﻭﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﻼﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻅﺎﻟﻤﺔ .ﻟﻜﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺒﻭﺴﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻡ ،ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻤﺭ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔﻲ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻋﻠﻴﻪ ﻨﻘﺽ ﻀﺭﻭﺭﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔﺒﻤﺎ ﻴﺨﻔﻴﻪ ﻤﻥ ﺠﺒﺭﻴﺔ ،ﻭﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻤﻅﺎﻟﻡ ﻭﺘﻌﺴﻑ ﻭﺤﺭﻤﺎﻥ ﻟﻠﻌﻤﺎلﻤﻥ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺒﻤﺎ ﻴﻨﺘﺠﻭﻨﻪ ،ﻤﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ،ﻭﻤﻨﻪﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺤﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺼﻔﻪﺃﺼﺤﺎﺒﻪ ،ﻭﺍﻟﺤﻠﻭل ﻤﺤﻠﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ـ ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ـ ﺇﻻﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻭﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺘﻘﻴﻡ ﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩل ،ﻭﻫﺫﻩ ﻫﻲﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺄﺨﺫ ﻓﻴﻬﺎ ﻜل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻥ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺤﺴﺏ ﺤﺎﺠﺘﻬﻡ،ﻋﻤﻼ ﺒﺸﻌﺎﺭﻫﻡ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ) :ﻤﻥ ﻜل ﺤﺴﺏ ﻁﺎﻗﺘﻪ ،ﻭﻟﻜل ﺤﺴﺏ ﺤﺎﺠﺘﻪ ( .ﺇﻻﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﻟﻡ ﻴﻌﻤﺭ ﻁﻭﻴﻼ ،ﻷﻨﻪ ﺃﺜﺎﺭ ﻤﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻅﻠﻡ ﻟﺩﻯ ﺃﻭﻟﺌﻙﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺴﺎﻫﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺘﺎﺝ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻏﻴﺭﻫﻡ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺘﻤﻴﺯﻫﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ،ﺃﻭ ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻭﺍﻫﺏ ﺃﺨﺭﻯ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻤﻠﻴﺔ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻥﻤﻘﺎﺭﻨﺘﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻟﺩﻯ ﻋﺎﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻗﺩ ﺃﺩﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺜﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻤﻤﺎﺠﻌل ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﻴﺘﻐﻴﺭ ،ﻭﻴﻘﻊ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺤﻕ ﻜل ﻭﺍﺤﺩ ،ﺒﺤﺴﺏ ﻁﺎﻗﺘﻪ،ﺃﻱ ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﺠﺘﻪ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺫﻟﻙ ،ﻭﻷﻥﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺃﺜﺒﺘﺕ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﻓﺸﻠﻬﺎ ،ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ
ﺘﻀﻤﻥ ﺘﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﺠﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻴﻤﻨﻊ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻤﺘﻊﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻏﻴﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺒﻤﻴﺯﺍﺕ ﺇﻀﺎﻓﻴﺔ ،ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺩﻭﺩﺍﻟﺤﺎﺠﺎﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻁﺔ؟ ﺃﻟﻴﺱ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩل ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻲ؟ﺜﻡ ﺇﻨﻪ ﺃﻤﺭ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﺍﻗﺘﻀﺘﻪ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻓﺭﻀﺘﻪ ﻓﺭﻀﺎ،ﻭﺒﺫﻟﻙ ﺍﻀﻁﺭﺕ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺩﻭﺩﺓ ﺃﻭﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺒﻌﻀﻬﻡ ﺍﻟﺒﻌﺽ .ﻟﻘﺩ ﻗﺎﻡﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻭﺩﻭﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻻ ﻏﺒﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻜﺎﻥﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺇﺭﺴﺎﺀ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻻ ﺭﻴﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ .ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴل ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺍﺠﻬﺘﻪﻜﺎﻨﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻭﻋﻭﻴﺼﺔ ،ﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﺴﺒﻘﺕ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﻓﺸل ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻜﺕ ﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﻟﻠﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﻓﺸل ﺍﻹﺩﺍﺭﺓﺒﺄﺴﺎﻟﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﻨﻘﺔ ﻓﻲ ﺘﺴﻴﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺘﻁﻭﻴﺭﻩ ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﺭﺏﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴل ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﻴﺴﺘﻤﻴﺕ ﻓﻲ ﻭﻀﻌﻬﺎ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻭﺩﻭﻟﺘﻪ ﺍﻟﺒﺭﻭﻟﻴﺘﺎﺭﻴﺔ ،ﺒﺄﻱ ﺜﻤﻥ .ﻭﻫﺎ ﻫﻭ ﺫﻟﻙﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩل ﻴﻨﻬﺎﺭ ﺒﻌﺩ ﻤﺩﺓ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺎﻟﻁﻭﻴﻠﺔ ،ﺇﺫﺍ ﻗﺎﺭﻨﺎﻫﺎ ﺒﻌﻤﺭﺍﻟﻨﻅﻡ ﻭﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ،ﻭﻴﻌﻭﺩ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻟﺒﺴﻁ ﻨﻔﻭﺫﻩ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﻴﺭﻓﻊ ـ ﻜﻌﺎﺩﺘﻪ ـ ﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺒﺭﺍﻗﺔ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺤﻘﻭﻕﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊﻴﻤﺎﺭﺱ ﺍﻻﺴﺘﻐﻼل ﻭﺍﻟﻨﻬﺏ ﺒﺸﺭﺍﺴﺔ ،ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺯﺍﺌﻔﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﻔﻲﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ،ﻭﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ
ﻓﻲ ﺃﺒﺸﻊ ﺼﻭﺭﻩ ﺍﻟﻼﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻨﻪ ﻴﻤﻠﻙ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻔﺘﻙﻭﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻘﺎﺭﻨﺘﻬﺎ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﺩﻯ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻱﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ،ﻤﻥ ﺃﺴﻠﺤﺔ ﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ﻭﻤﺎﻟﻴﺔﻋﻤﻼﻗﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻬﺎﺌل ﻓﻲ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻻﺘﺼﺎل ﻭﺍﻹﻋﻼﻡﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻤﻭﻤﺎ .ﻭﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ﺘﺸﻬﺩ ﻋﻠﻰ ﺇﺸﻌﺎلﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻭﺯﺭﻉ ﺍﻟﻔﺘﻥ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ،ﻭﺇﺯﻫﺎﻕ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺒﺭﻴﺌﺔ ﺒﺎﺴﺘﻌﻤﺎلﺃﻓﺘﻙ ﺍﻷﺴﻠﺤﺔ ،ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻭﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﻋﻴﺩ ،ﺒﺎﻟﺤﺭﺏﻭﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﻏﻴﺭﻫﻤﺎ ،ﻭﻓﺭﺽ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﻔﻅﻴﻊ ﻋﻠﻰﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﺒﺼﻔﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﺩﻓﺔﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ .ﻜل ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺜﺭﻭﺍﺕﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ﻟﻸﻭﻁﺎﻥ ﻭﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ،ﻭﺒﺴﻁ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﺍﻟﻬﺩﻑ ﻫﻭ ﺇﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﺎﺒﻊ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺜﺭﻭﺍﺕﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﺒﺴﻁ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻡ ﻓﻴﻪ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻜﺔ ـ ﺨﺎﺼﺔ ـ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ .ﻟﻘﺩ ﺤﺎﺭﺏ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻅﺎﻟﻡ ﻭﺍﻟﻼﺃﺨﻼﻗﻲ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺒﻜل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﻋﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﻟﺼﺎﻟﺢﺍﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺒﻠﺩﺍﻨﻪ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ،ﻭﻭﻀﻊ ﺤﺎﺠﺯ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﻐﺯﻭﻩ ﻓﻲ ﻋﻘﺭ ﺩﺍﺭﻩ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁﺎﺭﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻲ ،ﺃﻥ ﻴﺼﺭﻑ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺒﻠﺩﺍﻨﻪ ،ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡﺒﺎﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻷﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺘﻤﺘﻌﻭﻥ ﺒﺎﻟﻌﻴﺵ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ،ﺃﻓﻀل ﻤﻥ
ﺯﻤﻼﺌﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻔﻀل ﺍﻟﻀﻐﻁ ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻤﻠﻙﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ،ﻤﻤﺎ ﺠﻌﻠﻪ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻻﺼﻼﺤﺎﺕﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎل ،ﺒﺎﻗﺘﻁﺎﻉ ﻨﺴﺒﺔ ﻜﺎﻓﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺒﺎﺡﺍﻟﻔﺎﺤﺸﺔ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﻴﻥ ،ﻭﺘﻭﺯﻴﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﻤﺭﺘﺒﺎﺕ ﻭﻋﻼﻭﺍﺕﻭﻤﻨﺢ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ،ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﺎل ،ﻤﻤﺎ ﺠﻌﻠﻬﻡ ﺒﺎﻟﻔﻌل ،ﻴﺼﺭﻓﻭﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡﺒﺎﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻭﻴﻬﻨﺄﻭﻥ ﺒﻤﺎ ﺘﺤﻘﻕ ﻟﻬﻡ ﻤﻥ ﻋﻴﺵ ﻜﺭﻴﻡ،ﻭﻴﻐﻀﻭﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺍﻻﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻅل ﻤﻬﻴﻤﻨﺎ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺘﻠﻙﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ،ﻭﺒﺫﻟﻙ ﺘﻔﺭﻍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﺤﺭﺏ ﺍﻟﺸﺭﺴﺔ،ﻭﺒﻜل ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺨﺭﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﺜﻡ ﺘﻔﺭﻍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﻨﻔﻭﺫﻩ ﻋﻠﻰﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﻫﻴﻤﻨﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻭﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ،ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻋﻭﺽ ﺍﻟﺘﺤﻀﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻤﺩﻴﻥ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻓﻌﻪﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻱ ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﻭﻫﻨﺎ ﻴﺒﺭﺯ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻴﻥ ﺘﻤﻀﻲﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ؟ ﻭﻤﺎ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﻌﺩل ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻭ ﺍﻟﻤﻀﻁﺭﺏ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺭﻜﻬﺎ ﺍﻷﻁﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﺴﺔ؟ ﻓﻬل ﻤﻥﺴﺒﻴل ﻟﻠﻨﺠﺎﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﺔ ﺨﺎﺼﺔ؟ ﻭﻫل ﻤﻥ ﻤﻨﺠﺎﺓ ﻟﻠﻌﺩﺍﻟﺔﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺤﺸﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺘﻴﺔ؟ ﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﺴﻭﻑ ﻴﺘﻀﺢ ﻤﻥ ﺨﻼلﺍﻟﻐﻠﻴﺎﻥ ﺍﻟﺒﺭﻜﺎﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﺯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻫﺯﺍ ،ﻭﻴﺯﻋﺯﻉ ﺃﺭﻜﺎﻨﻪ ،ﺒﻔﻌل ﺍﻟﻬﺠﻤﺔﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺸﺭﺴﺔ .ﻭﻫل ﻴﻌﻭﺩ ﺍﻹﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺭﺸﺩﻫﻡ،ﻭﻴﻘﺘﻨﻌﻭﻥ ﺒﻤﺎ ﻨﺎﺩﻯ ﺒﻪ ﻤﻔﻜﺭﻭﻫﻡ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﻭﻫﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺩﺍﻤﺎﺕ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻷﺤﺩ ﺃﻥ ﻴﻨﺠﻭ ﻤﻥ ﺃﺨﻁﺎﺭﻫﺎ ،ﺒل ﺇﻥﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻤﻬﺩﺩﺓ ﺒﺎﻟﺴﻘﻭﻁ ﻭﺍﻻﻨﺤﻁﺎﻁ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﺩﺍﻤﺎﺕﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺩﻤﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻤﻔﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﻻ ﺨﻼﺹ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ، ﺒل ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻟﺯﺍﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ؟ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ:ﻴﺠﺩﺭ ﺒﻨﺎ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻴﻬﺩﻑﺒﺼﻔﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﻤﺭﺠﻌﻴﺎﺕ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻋﻥ ﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺃﻭﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻟﻠﺘﻁﺒﻴﻕ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺴﺒﺏﻅﺭﻭﻑ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻴﺘﻌﺫﺭ ﺍﻹﻟﻤﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﺍﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﻲ ،ﻟﻜﻥ ﻻ ﺒﺄﺱ ﻤﻥ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺔ،ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻠﻙ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﻭﻤﺒﺎﺩﺉﻻ ﻤﺜﻴل ﻟﻬﺎ ،ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ،ﻭﺍﻟﺴﻤﻭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻻﻴﻨﺘﺞ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺘﻁﺒﻴﻕ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ .ﻴﻘﺎل ﺇﻥ ﺒﺎﺏ ﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩ ﻗﺩ ﺃﻏﻠﻕ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ،ﻭﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﻭﺍﻷﻤﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﺘﻌﻴﺵ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺭﺍﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺨﻠﻔﻪ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ ﻓﻲﺸﺘﻰ ﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ،ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ – ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل –ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻘﻲ ﻤﻨﻪ .ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻴﻌﻴﺸﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ،ﺇﻨﻪ – ﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ _ﻭﻀﻊ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ،ﻭﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻌﻠﻭﻡ ،ﻓﺈﻥ ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺤﻀﺎﺭﻱ،ﻭﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ،ﻭﺒﺎﺏ ﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩ ﻤﻐﻠﻕ ،ﺃﻱ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻨﻊ
ﻭﻋﺠﺯ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﻤﻨﻪ ﺒﺎﻟﻤﻴﺎﺩﻴﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻭﺍﺴﻊ ﻟﻠﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻭﻜﺫﺍ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻓﻲ ﻜلﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ،ﻭﺠﻤﻴﻊ ﻤﻴﺎﺩﻴﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ؟ ﻭﻫﺫﻩ ﻫﻲﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻤﺸﻠﻭﻟﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻤﺤﻨﻁﺔ،ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺃﺤﺩﻫﻡ ﺒﺤﻕ .ﻨﻌﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻓﻲﻏﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻴﺎﺩﻴﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺸﻜل ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ ،ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺠﻭﺍﻨﺒﻬﺎﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ،ﻟﻜﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ،ﻭﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻭﺼلﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﺘﺒﻘﻰ ﻤﻬﻤﻠﺔ ،ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﻠﺘﻔﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻭﺫﺍﻟﻙ ﻟﻐﺭﺍﺒﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ،ﻭﻋﻥ ﺍﻻﻨﺤﻁﺎﻁ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺨﺒﻁ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻭﻥ ﻁﻭﻴﻠﺔ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺒﺴﺒﺒﻪ ﻭﻗﻌﺕ ﺘﺤﺕ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻭﺒﻌﺩ ﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺘﺤﺭﺭﺕ ،ﻟﺘﻘﻊﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ،ﺘﺤﺕ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺒﺭﺍﺜﻥ ﻭﺤﺵ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻭﻫﻲﺍﻟﻘﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺯﺭﻜﺵ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻌﻪ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻟﻴﺨﻔﻲ ﺒﻪ ﻭﺠﻬﻪ ﺍﻟﺒﺸﻊﺍﻟﻤﻨﻔﺭ .ﻭﻓﻴﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ ﻨﺤﺎﻭل ﺃﻥ ﻨﻌﻁﻴﻜﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺎﺭﺴﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺒﻌﺽ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺤﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺔﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ،ﻭﺍﻟﻘﺼﺩ ﻫﻭ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻀﺤﺔ – ﻗﺩﺭ ﺍﻹﻤﻜﺎﻥ _ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ،ﻭﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻪ ﺒﺎﻷﺨﻼﻕ ،ﻷﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻜﺎﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ،ﺸﺩﻴﺩ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﺒﺎﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﺭ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ.ﺫﻫﺏ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻴﻌﻭﺩ – ﺃﺴﺎﺴﺎ _ ﺇﻟﻰﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻟﻼﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻅﻠﺕ ﺤﺒﻴﺴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ) ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ( ﻭ ﻋﺩﻡ ﺘﺤﺭﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﻤﻨﻬﺠﻴﺘﻬﺎ ﻭ ﻻ ﻤﻥ ﻤﺎﻫﻴﺘﻬﺎ.
ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ،ﺘﺤﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﺤﻭل ﺍﻟﺩﻭﺭﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﻼﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﻭ ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻟﺒﻠﺩﺍﻥﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ،ﻓﺈﻨﻙ ﺘﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻨﺘﺸﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺢ ﻭ ﻫﺫﺍﺍﻟﺘﺤﻠﻴل .ﻭ ﺒﺭﺯﺕ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭ ﻗﺩﻅﻬﺭﺕ ﺃﺤﺎﺩﻴﺙ ﻭ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﺘﺩﻋﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻨﻲ ،ﻭ ﺘﺅﻜﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ،ﺤﺘﻰُﺃﻟﺼﻘﺕ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻋﻨﻬﻡ ﺘﻭﺠﻬﺎﺕ ﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ! ﺜﻡ ﻟﻤﺎ ﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺅﻯ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ،ﻏﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲﺍﻟﻤﻨﺤﻰ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ،ﻤﻊ ﺇﻁﺎﺭ ﺇﺴﻼﻤﻲ ﺸﻜﻠﻲ ﻭﻤﻅﻬﺭﻱ .ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﻤﻨﻬﺠﻴﺔﺍﻟﺒﺤﺙ ﻭ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﻡ ،ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﻘﻠﺩﺓ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻏﺭﺒﻴﺔ ﻤﻌﺭﻭﻓﺔ .ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻫﻡ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﻭ ﻫﺩﻓﻪ ﺍﻷﺴﻤﻰ ،ﻻ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻤﺎ ﻴﻁﺭﺤﻪ ﺯﻤﻴﻠﻪﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﺎ ،ﻤﻊ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻁﻔﻴﻑﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﺩﻭﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭ ﺇﻥ ﺤﻠﻬﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻜﺫﻟﻙ .ﻓﻜل ﺍﻷﻫﺩﺍﻑﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻫﻲ ﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻁﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻭ ﺍﺴﺘﻬﻼﻙ ﺃﻋﻅﻡ ،ﻓﻲ ﻅل ﺭﻓﺎﻫﻴﺔ ﺃﻜﺒﺭ، ﻴﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﺨﻼﻕ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ! ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺴﺎﻫﻤﺎﺕ ﻫﺎﻤﺔ ،ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﺤﺎﺕ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺩﺭﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﺨﻼل ﻋﺎﻡ 2006 ﻡ ،ﻭﻗﺩ ﺠﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ ﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ:
_ ﺇﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻴﺩﺨل ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻌﺭﻑ ﻋﻨﺩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﺒﺎﻟﺘﺩﺍﻭل؛ ﻭ ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺩﺍﻭل ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻻ ﻴﻌ ﺩ ﺴﺎﺌﺒﺎ،ﺒل ﻴﺠﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻨﺴﻕ ﻤﺘﻤﻴﺯ ﻋﻤﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﻴﻥ ﺴﺎﺒﻘﺎ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍﻴﻠﻐﻭﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻤﻴﺯﻋﻤﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺭﻜﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺘﻴﺢ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻟﻸﻗﻭﻴﺎﺀ ﻻﻟﺘﻬﺎﻡ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ._ ﺇ ﻥ ﺍﻟﺸﺎﺌﻊ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻭﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﺎﻻﺕﺍﻟﺘﺒﺎﺩل ﻭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ،ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺘﺘﻨﺎﻓﻰ ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩﺓ،ﺤﻴﺙ ﺘﻁﻐﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﺘﺘﺤﻜﻡ ،ﺩﻭﻥ ﻀﻭﺍﺒﻁ ،ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ._ ﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻴﻌﻴﺵ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺇﻋﺎﺩﺓﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻭ ﺍﻟﻘﻴﻡ ،ﻭ ﺫﻟﻙ ﻟﻤلﺀ ﺍﻟﻔﺭﺍﻍ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﺤﺎﻟﻴﺎ .ﻭﻗﺩ ﺃﻭﺼﻰ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻵﺘﻲ:_ ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﻨﺸﺭ ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻟﺘﻁﻬﻴﺭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﻁﺌﺔ ﻭﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ،ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻭﻤﻥ ﻜلّ ﺼﻭﺭ ﺃﻜل ﺃﻤﻭﺍل ﺍﻟﻨﺎﺱﺒﺎﻟﺒﺎﻁل؛ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﺭ ﻭﺍﻟﺭﺒﺎ ﻭ ﺍﻟﺭﺸﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺁﺨﺭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﺇﻨﺘﺎﺠﺎ، ﻭﺘﻭﺯﻴﻌﺎ ،ﻭ ﺍﺴﺘﻬﻼﻜﺎ.
_ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﺜﻭﺍﺒﺕ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻭﺘﻔﻌﻴل ﺩﻭﺭ ﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺩﺍﺕ. _ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺭﻑ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺒﺢ ﻭﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ،ﺒﺩﻴﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺩﺍﻴﻨﺔ ﺒﺎﻟﻔﺎﺌﺩﺓ. _ ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟ ﺴﻭﻕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺠﺴﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺭﺒﻁ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻭﻴﺘﺤﻘﻕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﺎﻤل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺘﻨﻤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ. ﻭﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ،ﻓﺈﻥ ﻗﻭﺓ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺡ ،ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ،ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﺜﻡ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﺒﺎﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻭﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﺘﺒﺭﺯ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﻤﻘﺘﺭﺤﺎﺕ ﻤﺩﺭﻭﺴﺔ ﻭﺫﺍﺕ ﻭﺠﺎﻫﺔ ﻭﺍﻀﺤﺔ.====================
_4 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ:ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ :ﺒﻌﺩ ﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ،ﻀﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ،ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺒﺩﺍﺌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ،ﺜﻡ ﺍﻹﻗﻁﺎﻋﻴﺔ ،ﺠﺎﺀﺕ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺴﺎﺱﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ،ﻭﺃﺒﺭﺯﻤﻔﻜﺭﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻫﻡ ﺍﻹﻨﺠﻠﻴﺯﻱ :ﻫﻭﺒﺯ1588 /T homas Hobbes ) ،( 1679 _ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﺃﻨﻪ ﻗﺒل ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ﻁﺎﻏﻴﺔ ،ﻻ ﺴﻴﻤﺎﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭ ﻤﻴل ﻁﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ .ﻴﻘﻭل ﻫﻭﺒﺯ \" :ﺇﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺫﺌﺏ ﻷﺨﻴﻪﺍﻹﻨﺴﺎﻥ \" ،ﻓﻬﻭ ﻤﻔﻁﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻭﺍﻟﺸﺭ ،ﻭﻤﻴﺎل ﺒﻁﺒﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎلﺍﻟﻘﻭﺓ ،ﻓﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻫﻡ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ \" ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻐﺎﺏ\" ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ،ﻗﺒل ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﻲ -ﻨﻅﺭﻩ -ﺘﺘﺼﻑ ﺒﺎﻟﻔﻭﻀﻰﻭﺍﻟﻌﻨﻑ .ﻭﺃﻤﺎﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴﺒﺒﺔ ﻟﻠﺸﻘﺎﺀ ،ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺭﻋﺏ،ﻭﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻀﻐﻁ ﻏﺭﻴﺯﺓ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ،ﺍﻗﺘﻨﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﺤل ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊﺍﻟﺭﻫﻴﺏ ،ﻓﺎﻫﺘﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﻭﻀﻊ ﺤﺩ ﻟﻠﺤﺭﻭﺏﻭﺍﻟﺘﻁﺎﺤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ،ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍل ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻓل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﻴﻥ .ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻴﺘﻨﺎﺯل ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻋﻥ ﻜل ﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﻟﻤﻥ ﻴﻤﻨﺤﻭﻨﻪﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻤﻘﺎﺒل ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﻥ ،ﻭﺤﻔﻅ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﻱ ﺍﻏﺘﺼﺎﺏ.ﺃﻤﺎ ) ﺠﻭﻥ ﻟﻭﻙ ـ ،( 1704 _ 1632 / John Lock ﻭﻫﻭ ﻜﺫﻟﻙﻤﻥ ﻓﻼﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺜل ﻫﻭﺒﺯ ﺇﻨﺠﻠﻴﺯﻱ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻤﻥﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻭﻗﻑ ﻫﻭﺒﺯ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﺯﻡ ﻋﻘﺩﻩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻜل ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ،ﺒﺎﻟﺘﻨﺎﺯل ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻋﻥ ﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﻠﻙ .ﺃﻤﺎ ﻟﻭﻙ ﻓﻴﺅﻜﺩ ﺃﻥﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﻟﻠﻤﻠﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻓﻘﻁ ،ﺃﻱ ﺒﺎﻟﻤﻘﺩﺍﺭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﻘﻴﺎﻡ ﺴﻠﻁﺔ ﻋﺎﻤﺔ ،ﺘﻘﻭﻡ ﺒﻭﻅﺎﺌﻔﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺘﻬﺎ ﻨﺤﻭ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ،ﻭﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﻥ ﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ،ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل،ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﺃﻥ ﻴﺘﺩﺨل ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﻭﺍﺠﺒﻪ ﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻤﻬﺎ ،ﻭﺇﻻﻭﺠﺒﺕ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻋﻠﻴﻪ .ﻴﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ \" ﻟﻭﻙ\" ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﻴﺽ ﻤﻥ ﻫﻭﺒﺯ،ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻴﻜﻭﻥ ﻁﺭﻓﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺨﺎﺭﺠﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﻜﻤﺎ ﺫﻫﺏﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻫﻭﺒﺯ .ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻴﻌﺘﺒﺭ \" ﻟﻭﻙ \" ﺃﻥ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﺤﻕ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻋﻥ ﻁﺎﻋﺔﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﺇﺫﺍ ﺃﺨل ﺒﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻘﺩ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻘﻡ ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﺯﻤﻪ ﺒﻬﺎ ،ﻭﻴﺘﺭﺘﺏﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﻥ ﻤﺩﺓ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ـ ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻩ ـ ﻤﺤﺩﻭﺩﺓ ﻭﻤﺅﻗﺘﺔ ،ﻭﺴﻠﻁﺘﻪ ﻤﻘﻴﺩﺓﺒﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻘﺩ ،ﻋﻠﻰ ﺨﻼﻑ ﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻭﺒﺯ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭل ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻭﻤﺩﺓ ،ﻤﻤﺎ ﺠﻌل ﻤﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻓﻼﺴﻔﺘﻬﺎ ،ﻴﻌﺘﺒﺭﻭﻥ \" ﻟﻭﻙ \"ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﺩ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﺎﻫﻤﻭﺍ ﻓﻲ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ،ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ.ﺃﻤﺎ ﺭﻭﺴﻭ ،( 1778 _ 1712 /J .J. Rousseau ) ﻭﻫﻭ ﻓﻴﻠﺴﻭﻑﻓﺭﻨﺴﻲ ،ﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤل ﻨﻔﺱﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ \" ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ \" ،ﻓﻴﻤﺜل ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺠﻭﻥ ﻟﻭﻙ ،ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻤﺜلﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻤﺘﻊﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻗﺒل ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻌﻴﺩﺓ ،ﻟﻜﻪ ﻻﺤﻅ ﻭﺠﻭﺩﻋﻘﺒﺎﺕ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ،ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻉ ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﺩﻡ ﺒﻴﻥﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺘﺸﺎﺒﻙ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﻭﺘﻌﻘﺩﻫﺎ ﻭﺘﻨﺎﻗﻀﻬﺎ ،ﻓﺴﻌﻭﺍ ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻬﻡ ﺍﻟﺤﺭﺓ،
ﻭﺒﻜﺎﻤل ﻭﻋﻴﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺘﻜﻭﺒﻥ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻴﻪ ،ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﺔﻋﻠﻰ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ .ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﻫﻭ ﻋﻘﺩﻻ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﻋﻨﺩ ﻫﻭﺒﺯ ،ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔﺃﻴﻀﺎ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺼﻴﻐﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ،ﺇﻥﺍﻟﻔﺭﺩ ﻋﻨﺩ \" ﺭﻭﺴﻭ \" ،ﻻ ﻴﺘﻨﺎﺯل ﻟﺸﺨﺹ ﻤﻌﻴﻥ ،ﻜﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻜل ﻤﻥ\"ﻫﻭﺒﺯ\" ﻭ\" ﻟﻭﻙ \" ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﺘﻨﺎﺯل ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﺃﻱ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺏﻭﺘﺠﺴﺩ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺘﺒﻘﻰ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺘﻨﺼﻴﺏ ﻭﻜﻴل ﺃﻭﻤﻤﺜل ﻟﻪ ،ﻭﻻ ﻴﺘﻨﺎﺯل ﻟﻪ ،ﻴﻘﻭل \"ﺭﻭﺴﻭ \" ) :ﺇﻥ ﻤﻥ ﻴﻬﺏ ﺘﻔﺴﻪ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻻﻴﻬﺏ ﻨﻔﺴﻪ ﻷﺤﺩ ( .ﻓﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻨﺎﻗﻀﺔ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕﻜﻤﺎ ﻴﺘﺼﻭﺭ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﻤﺜل ﺃﺼﺤﺎﺏ \" ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬﻲ \" ،ﻭ\"ﻫﻭﺒﺯ \" ،ﻤﺘﻌﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩ ،ﺒل ﻫﻲ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ،ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺁﻤﺎﻟﻪ ﻭﻤﻁﺎﻤﺤﻪ ﻭﺃﻤﻨﻪ.ﻭﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻗﺩ ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﻓﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ـ ﺍﻟﻴﻭﻡ ـﺒﺎﻟﺨﺩﺍﻉ ﻭﺍﻟﻤﻜﺭ ﻭﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﺘﺴﻠﱡﻁ ﺍﻷﻗﻭﻴﺎﺀﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻴﻤﻭﺍ ﻭﺯﻨﹰﺎ ﻟﻠﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﺩﻭﻥ ﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻤﻠﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﻜﺭﺴﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺯﻋﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ.ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻨﺠﺩ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺼﻠﺤﻴﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﻴﻥ ،ﻴﻨﻔﺭﻭﻥ ﻤﻥﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻭﻴﻌﺭﻀﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻌل ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻅﻬﻭﺭ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ،ﺘﻨﺯﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻜ ّل ﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﺒﺎﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﺘﺩﻋﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﻌل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﺒﺩﺍ ﻷﺨﻴﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﺠﺎﺀ ﺍﻹﻴﻁﺎﻟﻲﻤﻜﻴﺎ ﻓﻴﻠﻲ ،ﻭﻜﺘﺏ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ )ﺍﻷﻤﻴﺭ( ،ﻭﻓﻴﻪ ﻴﻔﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺒﻴﻥ
ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﺼﻼ ﺘﺎﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ،ﻤﻌﻠﻨﺎ ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻋﻥﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﻨﺸﺭ ﻤﺫﻫﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﱠﻨﻪ :ﻻ ﻭﺠﻪ ﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﻗﻭﺍﻋﺩﺍﻷﺨﻼﻕ ﻓﻲ ﺃﻤﻭﺭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ .ﻭﺃﺒﺎﺡ ﻟﻸﻤﻴﺭ ﺃﻥ ﻴﺘﻅﺎﻫﺭ ﺒﺎﻟﺭﺤﻤﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻭﺍﻟﺘﺩﻴﻥ ،ﻭﻴﻔﻌل ﻋﻜﺱ ﺫﻟﻙ ﻤﺘﻰ ﺩﻋﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ .ﻭﻜﺎﻥﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃ ﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﺘﺘﻤﻴﺯ ﺒﺎﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ﻭﺤﺏ ﺍﻟﺫﺍﺕ ،ﻭﻴﺩﻋﻭ ﺭﺠﺎلﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺠﻌﻠﻭﺍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﻬﻡ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺤﻜﻤﻭﻥﺍﻟﺸﻌﻭﺏ؛ ﻓﻬﻭ ﻴﺅﻤﻥ ﺒﺄ ﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺸ ﺭﻴﺭ ﺒﻁﺒﻌﻪ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻌﺎﻗل ﻴﻘﻴﻡﺴﻴﺎﺴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻓﺘﺭﺍﺽ .ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺘﻜﻭﻴﻥﺩﻭل ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻹﻤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻐﺭﻯ ،ﻟﺘﻨﺸﺭ ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﻌﺒﺭﺓ ـ ﻋﻨﺩﻩـ ﺒﺎﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺒﺎﻟﻨﺘﺎﺌﺞ .ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺎﻴﺔ ﺘﺒﺭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻠﺔ ،ﻭ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﺸﺭﻴﺭﺓ ﻭ ﺴﻴﺌﺔ ،ﻭﻻ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ.ﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ﺘﻌﺎﻟﻴﻡ ﻤﻜﻴﺎ ﻓﻴﻠﻲ ،ﻭﺩﺍﻨﺕ ﺒﻬﺎ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ،ﻭﺍﺘﺨﺫﻫﺎ ﺍﻟﻤﻠﻭﻙ ﻭﺍﻟﻘﺎﺩﺓﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﻭﻥ ﺸﻌﺎﺭﺍ ﻟﻬﻡ .ﻭﺍﺘﺠﻬﺕ ﻤﻴﻭل ﺍﻟ ﺴﺎﺴﺔ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ،ﻭﻗﺎﻤﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻐﺵ ﻭﺍﻟﺨﺩﺍﻉ ﻭﺍﻟﻭﻗﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺩﺴﺎﺌﺱ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻓﻲﻏﺎﻴﺔ ﺍﻟﻘﺴﻭﺓ ﻭﺍﻟﻐﺩﺭ ﻭﺍﻟﻅﻠﻡ ،ﻭﺍﻟﺒﻁﺵ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴل ﻭﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺎل ﻜل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﻥ ،ﻭﻤﻥ ﻜل ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ.ﻭﻟﺌﻥ ﺤﺎﺭﺏ ﺒﻌﺽ ﺍﻟ ﺴﺎﺴﺔ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻤﻜﻴﺎ ﻓﻴﻠﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ .ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺫﻫﺒﺎ ﻤﻨﺘﺸﺭﺍ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ.ﺜﻡ ﺠﺎﺀ ﺍﻹﻨﺠﻠﻴﺯﻱ ﺘﻭﻤﺎﺱ ﻫﻭﺒﺯ 1679 - 1588) ﻡ( ،ﻜﻤﺎ ﺃﺴﻠﻔﻨﺎ ،ﻭﻗﺩﻋﺎﺼﺭ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺇﻨﺠﻠﺘﺭﺍ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﻴﻥﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻠﻙ ،ﻭﻜﺘﺏ ﻜﺘﺎﺒﻪ )ﺍﻟﻭﺤﺵ( .ﻭﻴﻘﺼﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺤﺵ ،ﻭﺼلﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻻ ﻴﻌﻴﺵ ﻤﻨﻌﺯﻻ ﻋﻥﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﻜل ﺇﻨﺴﺎ ﹴﻥ ﻤﻨﺎﻓ ﺱ ﻷﺨﻴﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ .ﻭﻟﻡ ﻴﺭ »ﻫﻭﺒﺯ« ﺃﺼﻠﺢ
ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ،ﻓﺎﻟﻤﻠﻙ ﻫﻭ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﻴﻠﻐﻴﻬﺎ ،ﻭﻻ ﻴﻠﺘﺯﻡ ﺒﻬﺎ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻻ ﻴﻠﺯﻡ ﻨﻔﺴﻪﺒﻨﻔﺴﻪ .ﻭﻟﻡ ﻴﻜﺘﻑ ﺒﺫﻟﻙ ،ﺒل ﺃﺨﻀﻊ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ.ﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺃﻤﺜﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻭﻗﺩﻻﻗﺕ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺸﻴﺌﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﺘﺨﺫﻫﺎﻤﻨﻬﺠﺎ ﻟﻪ .ﻭﺨﻴﺭ ﺸﺎﻫﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ،ﻤﺎ ﻨﺠﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ،ﻤﻥ ﻅﻠﻡ ﻭﺘﺴﻠﻁ ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ،ﻭﺼﺭﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ،ﻭﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﻘﻭﺓ،ﻭﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺒﺄﻨﻭﺍﻋﻬﺎ .ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﻑ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺉ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻫﻲ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺎﻨﻲ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﻌﻔﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﺃﻴﻀﺎﹰ.ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ :ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ،ﻫﻭ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭﻟﻠﺸﺨﺹ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺸﺎﻭﺭ ﺍﻟﻭﺍﺴﻊ ﻗﺩﺭ ﺍﻹﻤﻜﺎﻥ ،ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﺒﺘﻁﺒﻴﻕ ﻨﻅﺎﻡ ﺃﻭ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺴﺘﻘﺭ ﺍﻷﻤﺭ ،ﺃﻭ ﻴﺤﺴﻡﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺒﺩﺌﻲ ،ﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﺡ ﻟﺘﻭﻟﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﺘﺼﺩﻴﻕﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻩ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ\" ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ \" ،ﻭﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺘﺠﺭﻱ ﺃﻤﻭﺭﺘﺴﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ \" ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺸﻭﺭﻯ \" .ﺇﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡﻴﻘﺭ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺒﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ،ﺘﺄﺨﺫ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ ﺃﻥﺍﻟﺸﻌﺏ ﺒﺄﺠﻤﻌﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﻨﻔﺴﻪ ،ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ،ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺃﺜﻴﻨﺎ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺘﺨﺘﻠﻑ ،ﻓﺎﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﻭﺍﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﻋﻨﺩﻫﻡ ،ﻜﺎﻨﺕ ﻻ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﻻ ﻴﻘﻭل ﺒﺯﻭﺍل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺎﻑ،
ﻜﻤﺎ ﺫﻫﺒﺕ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ،ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻀﺭﻭﺭﻱ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥﺍﻻﺴﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻨﻪ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﺃﻭﺍﻟﻤﺸﺭﻋﻴﻥ ،ﻗﺩ ﺫﻫﺒﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻪ ﺒﺎﻹﻤﻜﺎﻥ ﺍﻻﺴﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻥ ﺍﻹﻤﺎﻡ ،ﺃﻱ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺃﻭﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻁﺒﻕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ،ﻭﻴﺴﺘﺘﺏ ﺍﻷﻤﻥ ،ﻭﻴﻨﺘﺸﺭﺍﻟﻌﺩل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺒﻤﺎ ﻫﻭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁﻋﻘﺩﺓ ﺍﻟﻨﻘﺹ ﻟﺩﻴﻨﺎ ،ﻨﻘﻭل ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ\" ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ \" ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ،ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻡ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻗﺩ ﻤﺎﺭﺴﻭﻩ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻁﻠﻘﻭﺍﻋﻠﻴﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺴﻡ ،ﻭﻻ ﻓﻜﺭﻭﺍ ﺃﺼﻼ ﺒﺎﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻜﺭ ﺒﻬﺎ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﻫﺫﺍﺍﻟﻌﻘﺩ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻋﻤﻭﻤﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻭﺤﺕ ﻤﻨﻪﺩﺴﺎﺘﻴﺭﻫﺎ ،ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻬﺎ ﻭﻨﻅﻤﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ،ﻓﺎﻟﺘﻔﻜﻴﺭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻨﺎﺒﻊ ﻤﻥ ﻋﻘﻴﺩﺘﻬﻡ ﻭﻤﻥ ﺘﺎﺭﻴﺨﻬﻡ ﻭﻅﺭﻭﻓﻬﻡﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺇﻥ ﻜﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻨﺭﻴﺩ ﺘﺸﺒﻴﻪ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻟﺩﻴﻨﺎ ـ ﺍﻵﻥ ـ ﺃﻭ ﻓﻲﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﻘﺎﺒﻠﻪ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﻓﺈﻥ ﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﻤﺸﻜﻠﺘﻨﺎ ﻭﻁﺭﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻓﻲﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻐﻠﻭﺏ ﻴﻘﻠﺩﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﻓﻲ ﻜل ﺸﻲﺀ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺄﻜل ﻭﺍﻟﻤﻠﺒﺱ ،ﻭﺴﺎﺌﺭ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﻌﻴﺵ،ﻭﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺒﻜﻴﻔﻴﺔ ﻤﺤﻤﻭﻤﺔ ﻭﻤﺭﻀﻴﺔ ) ،ﺍﻟﻤﻐﻠﻭﺏ ﻤﻭﻟﻊ ﺒﺘﻘﻠﻴﺩ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ( .ﺃﻤﺎ ﺃﺴﻼﻓﻨﺎ ﺍﻟﻘﺩﻤﺎﺀ ،ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻗﺩ ﻤﺎﺭﺴﻭﺍ ﻤﺎ ﺍﺼﻁﻠﺤﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺎﻟﺸﻭﺭﻯﻭﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﺴﺠﻠﻪ ﻤﻔﻜﺭﻭﻫﻡ ﻭﻤﺸﺭﻋﻭﻫﻡ ﻭﻓﻼﺴﻔﺘﻬﻡ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺸﺒﻬﻭﻩ ﺒﺄﻱﺘﺸﺭﻴﻊ ﺃﻭ ﻓﻜﺭ ﺃﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻷﻱ ﻜﺎﻥ ،ﻭﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻔﻬﻡ ﻤﺎﻜﺎﻥ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﺃﻥ ﻨﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﺍﻟﻔﻘﻬﻲﻭﻏﻴﺭﻩ ،ﻟﻨﺭﺴﻡ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻴﻘﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻔﻌل ﺫﻟﻙ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺘﺤﻠﻴﻨﺎ ﺒﺎﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔﺍﻟﺼﺎﺭﻤﺔ ،ﻭﺘﺤﺭﺭﻨﺎ ﻤﻥ ﻋﻘﺩﺓ ﺍﻟﻨﻘﺹ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌﻠﻨﺎ ﻨﺼﺭ ﻋﻠﻰﺘﺸﺒﻴﻪ ﻜل ﻤﺎ ﻟﺩﻴﻨﺎ ،ﻭﻜل ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ،ﺒﻤﺎ ﻴﻭﺠﺩ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺠﻪ ﺸﺒﻪ ،ﺃﻭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﺼﻼ.ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻻ ﻋﻼﻗﺔﻟﻪ ﺒﻨﻅﺭﻴﺔ \" ﺍﻟﺘﻔﻭﻴﺽ ﺍﻹﻟﻬﻲ \" ،ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺎﺌﺩﺓ ﻓﻲﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺭﻭﻥ ﺍﻟﻭﺴﻁﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻤﻤﺜﻼ ﷲﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ،ﻴﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﺩﻭﻥ ﺤﺴﻴﺏ ﻭﻻﺭﻗﻴﺏ ،ﻭﻻ ﻴﺩﺨل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺃﻭ ﺘﻘﺩﻴﺭﻩ ،ﻷﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﻤﺼﺩﺭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻤﺼﺩﺭﻫﺎ ﻫﻭ ﺍﷲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻨﺤﻬﺎ ﻟﻪ ﺃﻭ ﻷﺴﻼﻓﻪ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ،ﻭﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻭﺭﺍﺜﺔ ،ﻭﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺘﺯﻜﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ.ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻴﺱ ﻫﻜﺫﺍ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺇﻁﻼﻗﺎ ،ﻓﺎﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻴﺱ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ،ﺒل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺃﻱ ﻜل ﻓﺭﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺭﻤﻪ ﺍﷲ ﺒﺨﻼﻓﺘﻪ ﻓﻲﺍﻷﺭﺽ ،ﻓﺎﻟﻨﺎﺱ ﻜﻠﻬﻡ ﻤﺘﺴﺎﻭﻭﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ،ﻷﻨﻬﻡ ﺒﻨﻭ ﺁﺩﻡ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺤﻜﺎﻤﺎﺃﻭ ﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ،ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﺃﻭ ﻓﻘﺭﺍﺀ ،ﺃﺤﺭﺍﺭﺍ ﺃﻭ ﻋﺒﻴﺩﺍ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻭﻀﻌﻬﺎﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻟﺨﻼﻓﺔ ﺍﻟﻨﺒﻭﺓ ،ﻓﻲ ﻤﻬﻤﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ ،ﻫﻲ ﺤﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﻭﺇﺩﺍﺭﺓﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺩﻨﻴﻭﻴﺔ .ﻓﻘﺩ ﻨﻘل ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﻋﻥ ﺃﺒﻲ ﺒﻜﺭ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ،ﺭﻓﻀﻪ ﺘﺴﻤﻴﺔ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﷲ ،ﻗﺎﺌﻼ ) :ﻟﺴﺕ ﺒﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﷲ ،ﻭﻟﻜﻨﻲ ﺨﻠﻴﻔﺔﺭﺴﻭﻟﻪ ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ ،ﻭﻷﻥ ﺍﻻﺴﺘﺨﻼﻑ ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺍﻟﻐﺎﺌﺏ،ﻭﺃﻤﺎ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻓﻼ ( ،ﻭﺍﻟﻐﺎﺌﺏ ﻫﻭ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻏﺎﺏﺒﺎﻟﻤﻭﺕ ،ﺃﻤﺎ ﺍﷲ ﻓﻬﻭ ﺤﺎﻀﺭ ،ﺤﻲ ﻻ ﻴﻤﻭﺕ ،ﻓﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺴﺘﺨﻼﻑ
ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﺍﻟﺤﻲ؟ ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻤﻨﺤﻬﺎ ﻟﻜل ﺍﻟﻨﺎﺱﺒﺎﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻔﺭﺩ ﻭﺍﺤﺩ ﺤﺎﻜﻡ ﻜﺎﻥ ﺃﻭ ﻤﺤﻜﻭﻡ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻴﻌﻭﺩﺍﻷﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﻡ ،ﻴﻤﻨﺤﻭﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻟﻤﻥ ﺸﺎﺀﻭﺍ ،ﺒﻤﻭﺠﺏ ﺒﻴﻌﺔ ﺃﻭﻋﻘﺩ ﻴﻠﺯﻡ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ ،ﻭﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﺤﻕ ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻗﺎﺌﻤﺎﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻪ ﻨﺤﻭﻫﻡ ،ﻭﺤﺎﻓﻅﺎ ﻟﺩﻴﻨﻬﻡ ﻭﻷﻤﻨﻬﻡ ﻭﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻨﺤﺭﻑ ﻋﻥ ﺫﻟﻙﻀﺎﻉ ﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ،ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﺘﻌﻭﻴﻀﻪ ﺒﻐﻴﺭﻩ،ﻟﻴﺤﻤﻲ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﻭﺴﻼﻤﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ،ﺃﻤﺎ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎلﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ \" ﺤﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ \" ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ،ﺩﻭﻥ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﺃﻭﻨﻘﺼﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺅﻫل ﻭﺤﺩﻩ ﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺘﺄﻭﻴﻠﻪ ،ﻜﻤﺎ ﺍﺩﻋﺕﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﺤﻕ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺒﺼﻔﺘﻪ ﺤﺎﻜﻤﺎ ،ﺍﻟﻠﻬﻡ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥﺃﻫل ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ،ﻤﻤﻥ ﻴﻤﺎﺭﺴﻭﻥ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ،ﻤﻌﺘﻤﺩﻴﻥ ﻓﻲﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺠﻤﺎﻉ،ﺃﻱ ﺍﺘﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ،ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩ ،ﻓﺎﻟﺤﺎﻜﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ،ﻴﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﻭﺍﻻﺠﺘﻬﺎﺩ ﻤﺜﻠﻬﻡ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺒﺼﻔﺘﻪ ﺤﺎﻜﻤﺎ.ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻤﻘﻴﺩﺓ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻓﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻤﻠﻙﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﻭﺽ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻤﺭ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ،ﻭﻫﺫﺍﺍﻟﺘﻔﻭﻴﺽ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ \" ﺒﻴﻌﺔ \" ،ﺃﻱ ﺘﻜﻠﻴﻔﺎ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ،ﻤﻘﺎﺒل ﺍﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺕ ﻤﻌﻴﻨﺔ،ﺇﻥ ﻭﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺨﻠل ﺃﻭ ﺘﻘﺼﻴﺭ ،ﻓﺴﺩﺕ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻭﻓﺴﺦ ﺍﻟﻌﻘﺩ ،ﻭﺯﺍﻟﺕ ﺸﺭﻋﻴﺔﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﻭﻭﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﺯﻟﻪ ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﻟﻪ ﺒﻐﻴﺭﻩ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥﺍﻟﻤﺸﺭﻋﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻤﻥ ﻴﻘﻭل ﺒﺠﻭﺍﺯ ﺨﻠﻊ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺇﺫﺍ ﺃﺨل ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺘﻪ ﻓﻲﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﻪ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺘﺴﻴﻴﺭ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺤﻔﻅﻪ ،ﻭﻓﺭﻕ ـ
ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ـ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﺠﻭﺏ ﻭﺍﻟﺠﻭﺍﺯ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ،ﻭﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺭﺭ ﺍﻟﻭﺠﻭﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﻭﺍﺯ ،ﺘﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﻴﻨﺠﺭﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻗﺏ ﻤﺘﻭﻗﻌﺔ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﺏ ـ ﺭﺒﻤﺎ ـ ﻗﺎل ﺍﻟﺒﻌﺽﺒﺎﻟﺠﻭﺍﺯ ،ﻭﺍﻟﻤﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺭﺭ ﻤﻨﺤﻬﺎ ﺃﻭ ﺴﺤﺒﻬﺎ ﺤﺴﺏ ﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺩﻨﻴﻭﻴﺔ.ﻟﻘﺩ ﺸﺭﺡ ﺍﻟﺒﺎﻗﻼﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻘﻭﻟﻪ ) :ﺇﻥ ﺍﻹﻤﺎﻡ \" ﻴﻌﻨﻲ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ \" ﺇﻨﻤﺎﻴﻨﺼﺏ ﻹﻗﺎﻤﺔ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻭﺤﺩﻭﺩ ﻭﺃﻤﻭﺭ ،ﻗﺩ ﺸﺭﻋﻬﺎ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪﻭﺴﻠﻡ ،ﻭﻗﺩ ﺘﻘﺩﻡ ﻋﻠﻡ ﺍﻷﻤﺔ ﺒﻬﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﻤﺎ ﻴﺘﻭﻻﻩ ﻭﻜﻴل ﻟﻸﻤﺔ ﻭﻨﺎﺌﺏﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺌﻪ ﻓﻲ ﺘﺴﺩﻴﺩﻩ ﻭﺘﻘﻭﻴﻤﻪ ﻭﺇﺫﻜﺎﺭﻩ ﻭﺘﻨﺒﻴﻬﻪ ،ﻭﺃﺨﺫ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﻨﻪ ،ﺇﺫﺍ ﻭﺠﺏ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺨﻠﻌﻪ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍل ﺒﻪ ﻤﺘﻰ ﺍﻗﺘﺭﻑ ﻤﺎ ﻴﻭﺠﺏ ﺨﻠﻌﻪ (.ﻭﻟﻨﺘﻭﻗﻑ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻨﺩ ﻋﺒﺎﺭﺓ \" ﺃﺨﺫ ﺍﻟﺤﻕ ﻤﻨﻪ \" ﻷﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﻟﺩﻯﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺍﻷﻭﺍﺌل ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻬﻡ ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﻨﺤﻭ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻌﺩل ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ،ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺃﺜﻤﻥ ﺍﻟﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﺤﻬﻡ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻜﺎﻨﻭﺍﻴﺸﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺍﻴﺎﺕ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻻﺓ ﻭﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺴﺘﺩﻋﻭﻨﻬﻡ ،ﻭﻴﺤﺎﻜﻤﻭﻨﻬﻡ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻋﺎﺩﻴﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎ ،ﻭﻴﺄﺨﺫﻭﻥﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﺤﻕ ،ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻅﺎﻟﻤﺎ ،ﻭﻴﻌﻴﺩﻭﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺼﺎﺤﺒﻪ ،ﻭﻤﻤﺎ ﻴﺫﻜﺭ ﻓﻲﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻗﻭل ﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻲ ﺘﺄﻨﻴﺏ ﺃﺤﺩ ﻭﻻﺘﻪﻋﻠﻰ ﺘﻌﺴﻔﻪ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺒﺴﻁﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ) :ﻤﺘﻰ ﺍﺴﺘﻌﺒﺩﺘﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺩﻭﻟﺩﺘﻬﻡ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ ﺃﺤﺭﺍﺭﺍ؟ ( ،ﻭﻓﻲ ﺤﺎﺩﺜﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻀﺭﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﺒﺴﻴﻁﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻌﻨﻔﺎ ﻟﻪ ﻋﻥ ﺘﺠﺭﺌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺒﻥ ﺍﻷﻜﺭﻤﻴﻥ،ﻓﺎﺴﺘﺩﻋﺎﻩ ﻋﻤﺭ ﻭﺃﻗﺎﻡ ﺒﻴﻥ ﻴﺩﻴﻪ ﻤﺠﻠﺱ ﻗﻀﺎﺀ ،ﺜﺒﺕ ﻓﻴﻪ ﺤﻕ ﺫﺍﻟﻙ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ
ﺍﻟﺒﺴﻴﻁ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﻋﻤﺭ ،ﻭﻗﺩ ﺜﺒﺕ ﺍﻟﺤﻕ ،ﻭﻭﺠﺏ ﺍﻟﻘﺼﺎﺹ ) :ﺍﻀﺭﺏ ﺍﺒﻥ ﺍﻷﻜﺭﻤﻴﻥ ( ،ﺃﻱ ﺨﺫ ﺤﻘﻙ ﻤﻨﻪ ﺒﺎﻟﻘﺼﺎﺹ ،ﻭﺍﻀﺭﺒﻪ ﻜﻤﺎ ﻀﺭﺒﻙ.ﻭﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﻘﻭل ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ،ﻴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﺎﻟﻭﺤﻲ،ﻭﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﻭﻀﻤﺎﻥ ﺍﻷﻤﻥ ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﻭﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺍﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺨﺭﺝﻋﻥ ﺠﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻭﺍﺏ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺒﻭﻴﻊ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻪ ﻤﻥ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔﻭﺍﻟﺩﻨﻴﻭﻴﺔ ،ﻭﺠﻨﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ،ﻭﺃﻋﺭﺽ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺘﻪ ،ﺃﻭ ﻋﺠﺯﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﻬﺎ ،ﻭﺠﺒﺕ ﺇﻗﺎﻟﺘﻪ ،ﺃﻭ ﺠﺎﺯﺕ ﻓﻲ ﺭﺃﻱ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺸﺭﻋﻴﻥﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ .ﻓﻜل ﺨﺭﻭﺝ ﻋﻥ ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﺎﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻴﺠﻌلﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻅﺎﻟﻤﺎ ،ﺩﻋﺎ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﺸﺭﻋﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﻭﺠﻭﺏﻨﺯﻉ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻤﻨﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﺩﻴﺩ ﺒﻪ ،ﻭﻋﺩﻡ ﻁﺎﻋﺘﻪ ،ﻷﻥ ﻁﺎﻋﺔ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻟﻴﺴﺕ ﻭﺍﺠﺒﺔﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻋﺎﺩﻻ ﻨﺯﻴﻬﺎ ،ﻭﻏﻴﺭ ﻤﺭﺘﻜﺏ ﻟﻠﻤﻌﺎﺼﻲ ﻭﻻ ﺁﻤﺭ ﺒﻬﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻨﻪ )ﻻ ﻁﺎﻋﺔ ﻟﻤﺨﻠﻭﻕ ﻓﻲ ﻤﻌﺼﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻕ( .ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻋﺘﺒﺭ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀﻭﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻤﻨﻬﻡ ﺍﻟﻤﻌﺘﺯﻟﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺨﻠﻌﻪﺃﻤﺭﺍ ﻭﺍﺠﺒﺎ .ﻭﻴﻼﺤﻅ ﻤﻥ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻤﺭﺘﺒﻁﺔﺒﺎﻟﺩﻴﻥ ،ﺒﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻤﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﻜﻥﻜﻠﻬﺎ ،ﻗﺎﻤﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻤﻨﺎﻩ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻤﻌﻨﻰﺍﻟﺤﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻔﻭﻴﺽ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﺇﺫ ﺃﻨﻪ ﻻ ﺭﻫﺒﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻓﺎﻷﺴﺱ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩﺓ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻓﻬﻡ ﻤﺩﻨﻴﻭﻥ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻴﻥ،ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﻡ ﺒﺎﷲ ﻫﻲ ﻜﻌﻼﻗﺔ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻬﻡ ﺃﻱ ﺼﺒﻐﺔ ﻗﺩﺴﻴﺔ ،ﻭﻴﻁﻠﺏﻤﻨﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﺃﻫل ﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﻨﺯﺍﻫﺔ ﻭﺍﻟﺘﺯﺍﻡ ،ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ،ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻫﻭ ﻤﺎ ﻨﺴﻤﻴﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺴﺘﻨﺘﺞ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻭﻥ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻗﺎﻤﺕ ﻋﻠﻰﺃﺴﺱ ﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﻻﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﺩﻴﻤﺔ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﻌﻭﺍﻤلﺍﻷﺨﺭﻯ ﺍﻟﻤﺅﺜﺭﺓ ﻓﻲ ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺩﻭل ﻭﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ،ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻤﺜل ﺍﻟﻌﻭﺍﻤلﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ،ﻭﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻭﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺜﺭ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻨﺸﺄﺓ ﺍﻟﺩﻭل ﻭﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ،ﻭﺘﺩﻫﻭﺭﻫﺎ ﻭﺴﻘﻭﻁﻬﺎ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥﻟﻜل ﻋﺼﺭ ﻁﺎﺒﻌﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﺍﺨﺘﻼﻓﺎ ﺠﻭﻫﺭﻴﺎ ﺒﻴﻥﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻗﺎﻤﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺩﻴﻥﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻤﻥ ﺩﻴﻥ ﻵﺨﺭ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻫﻲﺇﻗﺎﻤﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻤﻥ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊﻭﺭﻋﺎﻴﺘﻪ ﻭﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﺭﻤﺎﺘﻪ ﻭﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻪ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺘﻘﻭﻡ – ﺃﺴﺎﺴﺎ_ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ .ﺜﻡ ﺇﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺼﺭﺍﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺴﻠﻁﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻏﻴﺭ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓﺃﺼﻼ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻨﻪ ﻻ ﻜﻬﻨﻭﺕ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻟﻡ ﺘﻌﺭﻑ ـﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺴﺒﺏ ـ ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ،ﻤﻥ ﺴﺎﻁﺎﻥ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺴﻠﻁﺎﻥ ﺩﻴﻨﻲ، ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﺍﻟﺒﺎﺒﺎ ﺃﻭ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ.
ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﺒﻌﺔ :ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺴﻌﺎﺩﺘﻪ ﻭﻤﺼﻴﺭﻩ ﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﺩﺭﺱ ﺃﻤﺜﻠﺔ ﻤﻼﺤﻅﺎ ﺕ: _1 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎ ﻥ: _2 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ: _3 ﺍﻷﺨﻼﻕ ﻭﻤﺼﻴﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ: ﺘﻁﺒﻴﻘﺎﺕ ﺘﻤﺎﺭﻴﻥ ﺴﺅﺍل ﺍﻟﺘﻘﻭﻴﻡ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺠﻭﺍﺏ ﺴﺅﺍل ﺍﻟﺘﻘﻭﻴﻡ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺘﺩﺭﺏ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ...
ﺘﺒﺭﻴﺭ ﺔﻤﺍﺭﻜ ﺃﻤﺜﻠﺔ ﺓﺩﺎﻌﺴ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺭﻴﺼﻤ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺃﻭ ﻤﺅﺩﻴﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﻠﻨﺕ ﺨﻴﺭﺓ ،ﺃﻱ × ﺍﻟﻤﺘﻌﺔﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻔﻌل ﻤﻤﺘﻊ ﻷﻨﻪ ﺃﺨﻼﻗﻲ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻷﻨﻪ × ﺍﻟﻠﺫﺓ ×× ﺍﻟﻌﻔﺔ ﻤﻤﺘﻊ ﻓﻘﻁ. ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺃﻭ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺨﻴﺭﺓ ,ﺃﻭ × ﺍﻟﺼﺩﻕ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﺃﻱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﻭﺩﻴﻨﻴﺎ × ﻋﻘﻴﺩﺓ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ. ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻫﻲ ﺍﻻﻨﻀﺒﺎﻁ ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌل ﺍﻟﻌﻔﻴﻑ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﺎﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ. ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻭﺴﻁ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺨﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﻀﻊ ﺍﻟﻤﺼﻁﻨﻊ ،ﺤﺴﺏ ﺃﺭﺴﻁﻭ ،ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﻤﺴﺒﺒﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺴﻠﻭﻙ ﺨﻴﺭ ﻭﺠﻤﻴل ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ،ﻭﻭﺍﺠﺏ ﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﻤﺤﻤﻭﺩ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ. ﻫﻲ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ،ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﻤﺼﻴﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻲ ،ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﺘﻠﺯﻡ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﺒﻬﺎ ﺒﺎﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﻀﺒﺎﻁ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﻀﻤﺎﻥ ﻤﺼﻴﺭ ﺴﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻵﺨﺭﺓ.
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177