Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore الحوار الحضاري-المادة العلمية

الحوار الحضاري-المادة العلمية

Published by kacndtrainer, 2020-07-20 10:37:19

Description: الحوار الحضاري-المادة العلمية

Search

Read the Text Version

‫المادة العلمية‬ ‫‪www.academy.kacnd.org‬‬ ‫الحقائب التدريبية‬ ‫‪ 1440‬هـ ‪ 2019 -‬م‬

2

3

4

‫مقدمة‬ ‫الأوســع للمجتمعــات»‪ ،‬وبهــذا فــإن‬ ‫وخاصة بعــد انهيار أحد قطبي الصراع‪،‬‬ ‫أدركــت البشــرية منــذ نهايــة الحــرب‬ ‫خطــوط التمــاس الحضاري ستشــهد –‬ ‫ثــم بعد صــدور كتــاب (فوكويامــا) حول‬ ‫العالميــة الثانيــة أهميــة العمــل فــي‬ ‫وقد شهدت فعلًا – صدام ًا دموي ًا في‬ ‫نهايــة التاريخ ومقالــة (هنتنجتون) حول‬ ‫إطــار وحــدة المصيــر‪ ،‬والاشــتراك في‬ ‫العديــد مــن الأقطــار؛ ولذلــك ســارعت‬ ‫صدام الحضارات‪ ،‬حيث بشــر فوكوياما‬ ‫القضايا الكبرى‪ ،‬والارتباط في علاقاتها‬ ‫الأمــم المتحــدة وبعــض الــدول التــي‬ ‫بســيادة قيــم الديمقراطيــة الليبراليــة‬ ‫بشــكل يوحــد هم ّهــا وتطلعاتهــا كمــا‬ ‫تــدرك جيــدا مــآلات هــذا الصــدام إلى‬ ‫وهيمنتهــا علــى العالــم وتحولهــا إلــى‬ ‫يوحد شــعورها بالمخاطر المحدقة بها‪،‬‬ ‫تبنــي مفهوم حــوار الحضارات وأعلنت‬ ‫المصير الواحد للإنسانية الذي يجب أن‬ ‫ممــا يدفعهــا إلــى التعايــش والعمــل‬ ‫الأمــم المتحــدة عــام ‪ 2001‬عامــا لحوار‬ ‫تقبله‪ ،‬بينمــا تنبأ هنتنجتون بأن الصراع‬ ‫المشــترك بــدلًا مــن منطــق الصــراع‬ ‫الحضــارات‪ ،‬ثــم شــاع أدب الحــوار بيــن‬ ‫فــي المســتقبل لــن يكــون بيــن الدول‬ ‫الحضــارات في مختلف الدوائر الفكرية‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬ولا بيــن المحــاور السياســية‬ ‫والاحتراب‪.‬‬ ‫والسياســية والدينيــة والاجتماعيــة‪،‬‬ ‫الأيديولوجيــة‪ ،‬بــل بيــن المحــاور‬ ‫وقــد تعمــق هــذا الوعــي بشــكل أكبــر‬ ‫وممــا زاد الأمــر أهميــة تعاظــم ظاهرة‬ ‫الحضاريــة‪ ،‬أي بيــن الحضــارات التــي‬ ‫علــى المســتوى الفكــري عندمــا بــدأت‬ ‫العولمــة‪ ،‬واقترانها بمرحلة تاريخية من‬ ‫تشــكل فــي نظــره «الإطــار الثقافــي‬ ‫الكتابات تتوالى في الغرب عن طبيعة‬ ‫العلاقات الدولية التي ستحكم العالم‪،‬‬ ‫‪5‬‬

6

‫مقدمة‬ ‫ورفــض الآخــر‪ ،‬كما نظمــت العديد من‬ ‫الاحتقان وأوجد مناخا لما يمكن تسميته‬ ‫حياة الإنســانية اتســمت بمحاولــة إزالة‬ ‫المؤتمــرات والمناشــط وقدمــت عددا‬ ‫بــ «القلق الحضاري»‪.‬‬ ‫كل الحواجز في وجه القوى الإمبيريالية‬ ‫مــن المشــروعات الدوليــة وأسســت‬ ‫التي تســتعمل في ذلــك كل الأدوات‬ ‫مراكز محلية وعالمية لنشر ثقافة الحوار‬ ‫ولــم تكــن المملكــة بمعــزل عــن هــذا‬ ‫مــن أجــل فــرض هيمنتها علــى العالم‬ ‫والتســامح ونبــذ الكراهيــة والتطــرف‬ ‫الحــراك الحضــاري فقــد ظلــت تدعــو‬ ‫وتوجيهــه وفــق تطلعــات مراكــز القــرار‬ ‫والإرهــاب‪ ،‬وفــي هــذا الســياق جــاء‬ ‫فــي مناســبات عديــدة ومــن خــال‬ ‫والأبحــاث والدراســات الاســتراتيجية‬ ‫حــرص مركــز الملــك عبدالعزيــز للحــوار‬ ‫منابر متنوعة إلى إحلال الســام محل‬ ‫التابعــة لهــا؛ الأمــر الــذي أوجــ َد نزعــة‬ ‫الوطنــي علــى تبنــي هــذا البرنامــج‬ ‫النزاعاتوالصراعاتواتخاذالحوارمنهج ًا‬ ‫لــدى عدد مــن الحضارات إلــى مقاومة‬ ‫التدريبي؛ نشر ًا لثقافة الحوار الحضاري‪،‬‬ ‫لتقريب المسافات بين أتباع الرسالات‬ ‫محاولات الهيمنة تلك‪ ،‬مقاوم ًة حملت‬ ‫وإكســاب ًا لمهاراتــه‪ ،‬ورفعــ ًا لمســتوى‬ ‫الإلهيــة والثقافــات والحضــارات وذلك‬ ‫فــي بعــض صورها تطرفــا وخروجا عن‬ ‫وعــي المجتمعات بالمصير الإنســاني‬ ‫إيمان ًا منها بأهمية الحوار الحضاري في‬ ‫أدبيــات العلاقــات الحضارية بين الأمم‬ ‫عالــم اليــوم المشــبع بالتوتــر والمليء‬ ‫والشعوب وتشويها لقيمها الحضارية‬ ‫المشترك بين الحضارات‪.‬‬ ‫بالتحديات التي تواجه البشرية‪ ،‬وإدراك ًا‬ ‫ممــا و ّلــد حالــة مــن الاســتقطاب بيــن‬ ‫منهــا خطــورة التعصــب العقائــدي‬ ‫أتباع الحضارات المختلفة وأجج مشــاعر‬ ‫والعرقي وما تنتجه من مظاهر العنف‬ ‫‪7‬‬

‫اسم البرنامج‬ ‫الهدف العام‬ ‫تنمية قدرات المشاركين‬ ‫لممارسة مهارات الحوار‬ ‫الحضاري بوعي‪.‬‬ ‫‪6.6‬يوظف المشتركات الإنسانية لتطوير العلاقات الحضارية‪.‬‬ ‫الأهداف التفصيلية‬ ‫‪7.7‬يحافظ على مك ّونات هويته عند تواصله الحضاري‪.‬‬ ‫‪8.8‬يطبق مهارة الحوار الحضاري بإيجابية‪.‬‬ ‫في نهاية البرنامج يتوقع من المشارك أن‪:‬‬ ‫‪9.9‬يبتكر حلولا عملية لنشر ثقافة الحوار الحضاري‪.‬‬ ‫‪1.1‬يحدد مفهوم الحوار الحضاري‪.‬‬ ‫‪2.2‬يبين أهمية الحوار الحضاري للفرد والمجتمع‪.‬‬ ‫‪3.3‬يكتشف الأسباب الكامنة وراء نشوب الصراعات الحضارية‪.‬‬ ‫‪4.4‬يضع الحوار الحضاري في سياقه التاريخي المناسب‪.‬‬ ‫‪5.5‬يربط بين الحوار الحضاري والعلاقات الدولية المعاصرة‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫الفئة المستهدفة‬ ‫جميع شرائح المجتمع‬ ‫المدة الزمنية‬ ‫‪ 4‬أيام بواقع ‪ 20‬ساعة‬ ‫تدريبية‬ ‫‪9‬‬

‫اليوم الأول‬ ‫الوحدة الأولى‪:‬‬ ‫لماذا نتحاور ؟‬ ‫الجلسة الأولى‬ ‫‪10‬‬

‫المدة الزمنية‬ ‫نوع النشاط‬ ‫عنوان النشاط‬ ‫الجلسة والنشاط‬ ‫النشاط الأول‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ 15‬د‬ ‫توقعات‬ ‫ي‪- 1‬ج‪- 1‬ن‪1‬‬ ‫الجلسة الأولى‬ ‫(‪)KWL‬‬ ‫استهلال‪:‬‬ ‫يظــل التنــوع والاختــاف مصــدرا مــن مصادر‬ ‫الجمال متى ما ُأحســن اســتثمارها وتوظيفها‬ ‫لتكويــن صــورة مــن التناغــم والانســجام‬ ‫والتكامل بين العناصر المختلفة‪ ..‬تأمل عزيزي‬ ‫القــارئ الصــور الآتية ســتلاحظ أن أكثر الصور‬ ‫جمــالا هــي تلــك التــي احتــوت أكبــر عــدد من‬ ‫التنوع في الأشــكال والألوان والأنواع‪ ،‬وفي‬ ‫المقابــل فقــد كانــت الصور الأقــل تنوعا هي‬ ‫الأقل جمالا وإثارة للتأمل‪.‬‬ ‫إن اختــاف التنــوع الــذي يحظــى بــه عالمنــا‬ ‫بحضاراتــه المختلفــة بــل وحتــى التنــوع داخــل‬ ‫الحضــارة الواحدة والوطــن الواحد يعد مصدرا‬ ‫مــن مصــادر القــوة وفرصــة من فــرص النمو‬ ‫والتطور والرقي متى ما تم التعامل معه في‬ ‫إطار من الاحترام والاعتراف والاستكشاف‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫المدة الزمنية‬ ‫نوع النشاط‬ ‫عنوان النشاط‬ ‫الجلسة والنشاطمفهوم الحوار‬ ‫النشاط الثااني‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ 20‬د‬ ‫مفهوم‬ ‫الجلسة الأولى‬ ‫الحوار‬ ‫الحضاري‬ ‫ي‪- 1‬ج‪- 1‬ن‪2‬‬ ‫الحضاري‬ ‫التعريفات‬ ‫المصطلح‬ ‫التعايش‬ ‫الرغبــة المتبادلــة بيــن المختلفيــن دينيــا أو مذهبيــا أو عرقيــا أو سياســيا فــي العيــش‬ ‫المشـترك علـى أسـاس احتـرام الحقـوق والخصوصيـات بالتركيـز علـى دائرة القيم المشـتركة‬ ‫الحوار‬ ‫والمصالـح العليـا بمـا يضمـن تحقيـق الأمـن والسـلم والاسـتقرار فـي جميـع جوانـب الحيـاة‬ ‫السلام‬ ‫الصراع الحضاري‬ ‫الاجتماعيـة والاقتصاديـة والسياسـية والعسـكرية‪.‬‬ ‫التسامح‬ ‫حديـث بيـن طرفيـن أو أكثـر حـول موضـوع محـدد يتبنـى فيـه كل طـرف وجهـة نظـر خاصـة؛‬ ‫الحضارة‬ ‫بهـدف الوصـول إلـى اتفـاق أو تفاهـم بعيـدا عـن الخصومـة والتعصـب‪.‬‬ ‫الأمن والطمأنينة وسيادة الوئام والتعاون‪.‬‬ ‫إطـار َتحـاوري بيـن عـد ٍد مـن الثقافـات المختلفـة فيمـا بينهـا‪ ،‬تسـعى ك ٌل منهـا إلـى فـرض‬ ‫ذاتهـا وثقافتهـا علـى الأخـرى‪.‬‬ ‫قيمـة أخلاقيـة وسياسـية ودينيـة وقانونيـة‪ ،‬أساسـها المبـادئ الأساسـية لحقـوق الإنسـان‬ ‫وفـي مقدمتهـا‪ :‬التعدديـة واحتـرام المعتقـد والـرأي والعـدل‪ ،‬قائمـة علـى مبـدأ الانسـجام‬ ‫فــي الاختــاف‪ ،‬تهــدف إلــى تحقيــق الســلم والأمــن والتقــدم الاقتصــادي والاجتماعــي‬ ‫للأفـراد والشـعوب‪.‬‬ ‫تعبيـر عـن منظومـة العقائـد والقيـم والمبـادئ‪ ،‬وحصيلـة النشـاط البشـري في شـتى حقول‬ ‫الفكـر والعلـوم والآداب والفنـون ومـا يتولـد عـن ذلـك مـن ميـول ومشـارب وأذواق تصـوغ‬ ‫نمطـ ًا للسـلوك وأسـلوب ًا للحيـاة ومنهجـ ًا للتفكيـر ومثـالًا يقتـدى بـه‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪4.4‬عمليــة يتــم مــن خلالهــا تنظيم‬ ‫التهديــدات للســام العالمــي‬ ‫المصطلحــات الســابقة ذات علاقة‬ ‫الاجتماعــات بيــن المنتميــن‬ ‫والتحديــات المشــتركة للقيــم‬ ‫لصيقة بالحوار الحضاري وتدور في‬ ‫لحضارات متنوعة من أجل تبادل‬ ‫والمنجزات البشــرية‪ ،‬مع مراعاة‬ ‫فلكه‪ ،‬يمكننا فــي ضوئها أن نطور‬ ‫وجهات النظــر حول موضوعات‬ ‫أمــور منها التعاون والشــراكات‬ ‫مفهومنا الخاص والمعبر عن الحوار‬ ‫مختلفة‪ ،‬وكذلك شــتى الجهود‬ ‫والإدمــاج والتســامح العالمي‪،‬‬ ‫الحضــاري‪ ،‬وبالعــودة إلــى الأدب‬ ‫المبذولــة في مجــالات الثقافة‬ ‫واحترام التعدد الثقافي والتنوع‬ ‫النظــري في هذا الموضوع ســنجد‬ ‫والعلــوم والآداب لتبــادل‬ ‫البشــري الخــاق وتعزيــز حقوق‬ ‫أن الحوار الحضاري يعرف بعديد من‬ ‫علاقــات التأثيــر والتأثــر بيــن‬ ‫الإنسان وحمايتها‪.‬‬ ‫التعريفات منها‪:‬‬ ‫الحضارات المختلفة‪.‬‬ ‫‪3.3‬عملية تهدف في المقام الأول‬ ‫‪1.1‬التشاور والتفاعل الثقافي بين‬ ‫‪5.5‬عمليــة يتــم مــن خلالهــا تبــادل‬ ‫إلى التعريف بالذوات الحضارية‬ ‫الشعوب‪ ،‬والقدرة على التكيف‬ ‫علاقــات التأثيــر والتأثــر بيــن‬ ‫والتعــرف علــى الآخــر المختلف‬ ‫مــع الأفــكار المخالفــة والتفاعل‬ ‫الحضــارات المختلفة في جميع‬ ‫حضاريــا وإســقاط الصــورة‬ ‫مع جميع الآراء الثقافية والدينية‬ ‫المجــالات وتتــم هــذه العمليــة‬ ‫النمطيــة الجامــدة عن الــذات أو‬ ‫بصــورة لغويــة أو عمليــة مــن‬ ‫عــن الآخر من أجل التوصل في‬ ‫والسياسية‪.‬‬ ‫أجــل التوصل إلى مجموعة من‬ ‫النهاية إلى الاتفاق على صياغة‬ ‫كمــا أورد (مــرواد‪2016،‬م‪،‬‬ ‫القيم العالمية المشــتركة التي‬ ‫مجموعــة متناغمــة مــن القيــم‬ ‫ص‪ )27-26:‬مجموعــة مــن‬ ‫تأخــذ فــي اعتبارها احتــرام الآخر‬ ‫العالمية التي تأخذ في اعتبارها‬ ‫المختلــف حضاريــا والاعتــراف‬ ‫التنوع الإنساني الخلاق والتركيز‬ ‫التعريفــات منهــا‪:‬‬ ‫بالتعــدد الثقافــي والتنــوع‬ ‫علــى القواســم المشــتركة بين‬ ‫‪2.2‬تعرفــه الأمــم المتحــدة بأنــه‪:‬‬ ‫الحضاري الخلاق في العالم‪.‬‬ ‫حضارات العالم جميعا‪.‬‬ ‫عمليــة يتــم مــن خلالهــا البحــث‬ ‫عــن القواســم المشــتركة بيــن‬ ‫الحضــارات وداخلهــا لمواجهــة‬ ‫‪13‬‬

‫هذيـن المصطلحيـن‪ ،‬حيـث يـرى أن‬ ‫ما الفرق بين الحضارة والثقافة؟‬ ‫الثقافـة تبـدأ “بالتمهيد السـماوي”‬ ‫بمــا اشــتمل عليــه مــن ديــن وفــن‬ ‫يشــير (مــرواد‪2016،‬م) إلــى أن‬ ‫وأخــاق وفلســفة‪ ،‬وســتظل‬ ‫هنـاك بعـض الآراء التـي تفـرق بيـن‬ ‫الثفاقــة ُتعنــى بعلاقــة الإنســان‬ ‫الحضــارة ‪ Civilization‬والثقافــة‬ ‫بتلـك السـماء التـي هبـط منهـا‪ ،‬أما‬ ‫‪ Culture‬علــى اعتبــار أن الحضــارة‬ ‫الحضـارة فهـي التبـادل المـادي بيـن‬ ‫نركــز علــى الجوانــب الماديــة فــي‬ ‫المجتمــع مثــل الاقتصــاد وإنتــاج‬ ‫الإنســان والطبيعــة‪.‬‬ ‫الســلع والتقنيــات‪ ،‬وأن الثقافــة‬ ‫تركــز علــى الجوانــب الاجتماعيــة‬ ‫الثقافــة هــي تأثيــر الديــن علــى‬ ‫والثقافيــة كالأديــان واللغــات‬ ‫الإنســان أو تأثيــر الإنســان علــى‬ ‫والآداب والفلســفة والعــادات‬ ‫نفســه‪ ،‬بينمــا الحضــارة هــي تأثيــر‬ ‫الــذكاء علــى الطبيعــة أو العالــم‬ ‫والتقاليــد‪.‬‬ ‫الخارجــي‪ .‬الثقافــة معناهــا “الفــن‬ ‫الـذي يكـون بـه الإنسـان إنسـان ًا”‪،‬‬ ‫وهنــاك بعــض الآراء التــي تجعــل‬ ‫أمـا الحضـارة فتعنـي “فـن العمـل‬ ‫الحضـارة جـز ًء لا يتجـزأ مـن الثقافـة‬ ‫والســيطرة وصناعــة الأشــياء‬ ‫علــى اعتبــار أن مصطلــح الثقافــة‬ ‫صناعــ ًة دقيقــة”‪ ،‬الثقافــة هــي‬ ‫أقـدم نسـبيا مـن مصطلـح الحضارة‬ ‫“الخلــق المســتمر للــذات”‪ .‬أمــا‬ ‫الحضـارة‪ ،‬فهـي “التغييـر المسـتمر‬ ‫وأنـه أعـم وأشـمل منهـا‪.‬‬ ‫للعالـم”‪ .‬وهذا هو تضاد‪ :‬الإنسـان‬ ‫والشــيء‪ ،‬الإنســانية والشــيئية‪.‬‬ ‫ويســوق (بيغوفتــش‪1994،‬م‪،‬‬ ‫ص‪ )94:‬بعــض الفــوارق بيــن‬ ‫‪14‬‬

‫وربمـا يرجـع هـذا الخلـط إلـى كتـاب‬ ‫البشــري‪ .‬فــإن طــارق الســويدان‬ ‫الديــن والعقائــد والدرامــا والشــعر‬ ‫إدوارد تايلــور (الثقافــة البدائيــة)‬ ‫يميـل إلـى أن الحضـارة مزيج بينهما‬ ‫والألعــاب والفنــون الشــعبية‬ ‫الـذي نشـر فـي عـام ‪1871‬م حينمـا‬ ‫حيـث يعـرف الحضـارة بقولـه‪ :‬هـي‬ ‫والقصــص الشــعبية والأســاطير‬ ‫عـرف الثقافة والحضـارة كمترادفين‬ ‫المنهــج الفكــري لأمــة‪ ،‬المتشــكل‬ ‫والأخـاق والجمـال‪ ،‬وعناصـر الحيـاة‬ ‫بقولــه‪ :‬الثقافــة أو الحضــارة هــي‬ ‫الأساسـية والقانونيـة التـي تؤكـد‬ ‫ذلــك الــكل المركــب الــذي يشــمل‬ ‫فـي إنتـاج مـادي وإنتـاج معنـوي‪.‬‬ ‫علــى قيــم الشــخصية والحريــة‬ ‫المعرفـة والعقائـد والفن والأخلاق‬ ‫والتســامح‪ ،‬والفلســفة والمســرح‬ ‫والقانــون والعــرف وكل القــدرات‬ ‫أمــا عالــم الاجتمــاع الفرنســي‬ ‫والمعــارض والمتاحــف والمكتبــات‬ ‫والعــادات الأخــرى التــي يكتســبها‬ ‫(لوســيان جولدمــان) صاحــب كتــاب‬ ‫– يمثــل هــذا كلــه الخــط المتصــل‬ ‫الإنسـان مـن حيـث هـو عضـو فـي‬ ‫(الإلــه الخفــي) فيضيــف للحضــارة‬ ‫مفهومــا واســعا وهــو (رؤيــة‬ ‫للثقافــة الإنســانية‬ ‫المجتمــع‪.‬‬ ‫العالــم) ويقصــد بذلــك‪ :‬النظــرة‬ ‫للكـون والمجتمـع والإنسـان‪ ،‬وفي‬ ‫حامــل الثقافــة هــو الإنســان‪،‬‬ ‫ضـوء هـذا المفهـوم يمكـن القـول‬ ‫وحامــل الحضــارة هــو المجتمــع‪،‬‬ ‫إن الحضـارة العربيـة الإسـامية لهـا‬ ‫الحضـارة ُتع ِّلـم أمـا الثقافـة ف ُتنـ ّور‪،‬‬ ‫رؤيـة محـددة للعالـم وهـذه الرؤيـة‬ ‫تحتــاج الأولــى إلــى تع ُّلــم‪ ،‬أمــا‬ ‫عـادة مـا تتشـكل بنـاء علـى القيـم‬ ‫الأساسـية الحاكمـة بالإضافـة إلـى‬ ‫الثانيــة فتحتــاج إلــى تأ ُّمــل‪.‬‬ ‫التعامــل الثقافــي الواســع المــدى‬ ‫بيــن الأنــا ولآخــر والــذي يجعــل‬ ‫وفـي حيـن يـرى بعـض الباحثيـن أن‬ ‫هــذه الرؤيــة فريــدة حقــا ولا تتكــرر‬ ‫الحضـارة تركز علـى الجوانب المادية‬ ‫بالضــرورة فــي حضــارات أخــرى‪.‬‬ ‫فـي المجتمـع ‪-‬الـذي تمثلهـا جميـع‬ ‫مظاهر النشـاط البشـري‪ -‬بينما تركز‬ ‫(عبدالمؤمــن‪)2004 ،‬‬ ‫الثقافــة علــى الجوانــب المعنويــة‬ ‫والقيـم باعتبارهـا موجهات النشـاط‬ ‫‪15‬‬

‫المدة الزمنية‬ ‫نوع النشاط‬ ‫عنوان النشاط‬ ‫الجلسة والنشاط‬ ‫ثمن الصراع‬ ‫النشاط اثالث‬ ‫‪1‬‬ ‫الحضاري‬ ‫‪ 50‬د‬ ‫ثمن الصراع‬ ‫ي‪- 1‬ج‪- 1‬ن‪3‬‬ ‫الجلسة الأولى‬ ‫الحضاري‬ ‫التعريفات‬ ‫المصطلح‬ ‫الحرب الفيتنامية (‪)1955-1975‬‬ ‫اندلعـت الحـرب أولا ًبيـن فيتنـام الشـمالية المدعومـة مـن الصيـن وحلفائهـا‬ ‫الشـيوعيين وفيتنـام الجنوبيـة المدعومـة مـن الولايـات الأمريكيـة المتحدة‪،‬‬ ‫ثــم تدخلــت أمريــكا بشــكل مباشــر عــام ‪.1965‬وذلــك بشــن الحــرب علــى‬ ‫فيتنــام الشــمالية‪ .‬وهــي تعــد مــن أكبــر النزاعــات فــي جنــوب شــرقي‬ ‫آســيا وقــد ُقســمت فيتنــام إلــى معســكرين شــمالي وجنوبــي‪ ،‬فيتنــام‬ ‫الشـمالية يحكمهـا الشـيوعيين وفيتنـام الجنوبيـة غيـر الشـيوعية‪ ،‬سـاعدت‬ ‫الولايــات الأمريكيــة المتحــدة فــي الحــرب المعســكر الجنوبــي خوفــا ًمــن‬ ‫سـقوط أجـزاء مـن أسـيا فـي يـد الشـيوعيين وبالتالـي سـقوط دول أخـرى‪،‬‬ ‫ولـم تنتـه الحـرب إلا عندمـا استسـلمت فيتنـام الجنوبيـة عـام ‪.1975‬وأودت‬ ‫تلـك الحـرب بـأرواح مـا لايقـل عـن مليـون ونصـف مـن البشـر‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫التعريفات‬ ‫المصطلح‬ ‫حرب الثلاثون عام (‪)1618-1648‬‬ ‫سلسـلة صراعـات داميـة مزقـت أوروبـا بدايـة مـن الإمبراطوريـة الرومانيـة‬ ‫وباقـي الإمبراطوريـات الأوربيـة آنـذاك كانـت حربـ ًا دينية بامتيـاز في البداية‬ ‫ثــم تحولــت إلــى حــرب سياســية اشــتركت فيهــا كل مــن فرنســا وإيطاليــا‬ ‫وهولنــدا والدنمــارك والســويد وألمانيــا ……وغيرهــا‪ ،‬وقــد انطلقــت‬ ‫الشـرارة الأولـى للحـرب عندمـا أمـر رئيـس أسـاقفة بـراغ بتحطيـم كنيسـة‬ ‫بروتسـتانتية فلجـأ النـاس وهـم غاضبـون إلـى الامبراطـور ماتيـاس الـذي‬ ‫تجاهـل احتجاجهـم فانتفـض البروتسـتانت ثائريـن وقـد كلفـت تلـك الحـرب‬ ‫أوروبـا صراعـ ًا طويـ ًا‪ ،‬فقـد اختفـت مـدن وقـرى كاملـة ودمـرت الممتلـكات‬ ‫وتدهــورت العلــوم والفنــون والصناعــة واحتاجــت أوروبــا إلــى ســنوات‬ ‫طويلـة لتسـتعيد قدرتهـا علـى النهـوض مـن أثـار هـذه الحـرب التـي خلفـت‬ ‫وراءهـا خمسـة ملاييـن ضحيـة‪.‬‬ ‫حرب التايبينغ (‪)1850-1864‬‬ ‫حــرب أهليــة دينيــة واســعة فــي جنــوب الصيــن ضــد حكــم مملكــة كينــغ‬ ‫بقيـادة مانشـو‪ ،‬واحـدة مـن أعنـف الحـروب والصراعـات عبـر التاريـخ‪ ،‬بـدأت‬ ‫هــذه الحــرب علــى شــكل تمــرد شــعبي ضــد الظلــم والطغيــان‪ ،‬قبــل أن‬ ‫تتحـول إلـى حـرب دينيـة أهليـة تسـتهدف القضـاء علـى جميـع الديانـات غيـر‬ ‫المسـيحية وذلـك بسـبب ادعـاء أحـد قـادة التمـرد بأنـه الأخ الأصغـر ليسـوع‬ ‫المسـيح بعـد زعمـه نـزول وحـي مـن السـماء عليـه‪ ،‬راح ضحيـة هـذه الحـرب‬ ‫أعـداد كبيـرة مـن البشـر وصلـت إلـى عشـرين مليـون ضحيـة‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫التعريفات‬ ‫المصطلح‬ ‫الحرب العالمية الأولى (‪)1914-1918‬‬ ‫‪18‬‬ ‫بــدأت شــرارة الحــرب بعــد اغتيــال ولــي عهــد النمســا‪ ،‬وانقســمت قــوى‬ ‫العالــم إلــى محوريــن‪ ،‬المحــور البريطانــي الفرنســي وحلفائهــم والمحــور‬ ‫الألمانـي النمسـاوي وحلفاءهـم وانتهـت بهزيمـة الألمـان ومحورهـم وقـد‬ ‫شــهدت الحــرب ضحايــا بشــرية لــم يشــهدها التاريــخ مــن قبــل وســقطت‬ ‫السـالات الحاكمـة والمهيمنـة علـى أوروبـا وتـم تغيـر الخريطـة السياسـية‬ ‫لأوروبــا حيــث كانــت تلــك الحــرب هــي البــذرة الأولــى لظهــور حــركات‬ ‫أيديولوجيــة كالشــيوعية‪ ،‬والتــي جهــزت الأرضيــة الخصبــة لنشــؤ الحــرب‬ ‫العالميـة الثانيـة‪ ،‬بـل وحتـى لاحقـا ًالحـرب البـاردة كانـت البدايـة لعالـم جديـد‬ ‫ونهايـة لأرسـتقراطيات وملكيـات أوربيـة عديـدة‪ ،‬تحولـت هـذه الحـرب مـن‬ ‫حـرب تقليديـة بيـن الجيـوش فـي سـاحة المعركـة بعيـد ًا عـن المـدن إلـى‬ ‫حــرب مــدن شــارك فيهــا المدنيــون ممــا أدى إلــى ســقوط الضحايــا التــي‬ ‫وصــل عددهــا إلــى خمســون مليــون‪.‬‬ ‫الحروب المغولية (‪)1206-1368‬‬ ‫الحــرب التــي اســفرت عــن توســيع الإمبراطوريــة المغوليــة‪ ،‬فــي أجــزاء‬ ‫كبيــرة مــن آســيا وشــرق أوروبــا وهــي واحــد مــن أعنــف الحــروب فــي‬ ‫التاريــخ الإنســاني‪ ،‬حيــث كانــت الإمبراطوريــة المغوليــة تعتبــر أضخــم‬ ‫الإمبراطوريـات ككتلـة واحـدة بالتاريـخ البشـري فالقرنيـن الثالث والرابع عشـر‬ ‫كانـا ُيسـميان بعصـر المغـول‪ ،‬الذيـن انتشـروا انتشـارا ًسـريعا ًفـي العالـم‬ ‫واحتلـوا العديـد مـن البلـدان بسـبب قـوة الجيـش المغولـي والانضباطيـة‬ ‫العســكرية فيــه وعــدم التســامح أو التهــاون مــع مــن هــو بغيــر صفهــم‪،‬‬ ‫وتقــدر اعــداد الضحايــا التــي تســببت بوقوعهــا تلــك الحــروب والغــزوات‬ ‫المغوليـة مـن قتـل وتجويـع وتشـريد بالملاييـن التـي وصـل عددهـا إلـى‬ ‫مــا يقــارب الســتين مليــون ضحيــة‪.‬‬

‫التعريفات‬ ‫المصطلح‬ ‫الحرب العالمية الثانية (‪)1939-1945‬‬ ‫مـن أكبـر وأشـهر الحـروب فـي التاريـخ‪ ،‬والتـي ضمـت دول المحـور المانيـا‬ ‫إيطاليــا اليابــان ودول التحالــف التــي ضمــت الاتحــاد الســوفيتي بريطانيــا‬ ‫– امريــكا وانتهــت بهزيمــة دول المحــور هــي نــزاع دولــي مدمــر بــدأ فــي‬ ‫العـام ‪.1939‬فـي أوروبـا وشـاركت فيـه غالبيـة الـدول الكبـرى فـي العالـم‬ ‫حيــث وضعــت الــدول الرئيســية فــي الحــرب كافــة إمكاناتهــا العســكرية‬ ‫والماليـة والصناعيـة فـي خدمـة المجهـود الحربـي‪ ،‬وتعتبـر الحـرب العالميـة‬ ‫الثانيــة أكثــر الحــروب كلفــة لأتســاع بقعــة الصــراع فقــد شــارك فيهــا ‪100‬‬ ‫مليـون جنـدي وتسـببت بمقتـل مـا يزيـد عـن سـبعين مليـون مـن المدنييـن‬ ‫والعســكريين‪.‬‬ ‫ •كم بلغت الخسائر المادية والبشرية في هذه الحروب الستة فقط؟‬ ‫ •هل شهدت البشرية حروبا حضارية أخرى غير هذه الحروب الستة؟‬ ‫ •هل كان خوض هذه الحروب حتميا؟ أم كان بالإمكان تجنب ويلاتها؟‬ ‫ •هل خرج المنتصر في هذه الحروب أفضل حالا منه قبلها؟‬ ‫ •كيف يمكن تجنب مثل هذه الصراعات مستقبلا؟‬ ‫‪19‬‬

‫إن المتأمــل فــي التســاؤلات‬ ‫الســابقة ســيدرك يقينــا‬ ‫الثمــن الباهــض الــذي تدفعــه‬ ‫الإنســانية جــراء الصراعــات‬ ‫الحضاريــة‪ ،‬صراعــات كان‬ ‫بالإمــكان تجنــب ويلاتها بضبط‬ ‫النفــس وتحكيــم العقــل وعدم‬ ‫الاستســام لفكــرة حتميــة‬ ‫الصــراع بــل الإيمان بالحــوار‪ ،‬و‬ ‫اســتبدال منطق (فائز وخاســر)‬ ‫بمنطــق (الفــوز المشــترك)‬ ‫و(المنفعــة المتبادلــة)‪ ،‬وإحلال‬ ‫قيــم التعايش والتســامح على‬ ‫حساب نبذ الآخر وإقصائه‪.‬‬ ‫في الحرب‪ ...‬حتى‬ ‫المنتصر يخرج خاسر ًا‬ ‫‪20‬‬

21

‫ألمانيا‬ ‫المقارنــة بيــن مســاحة المناطــق‬ ‫اليابان‬ ‫الخاضعــة لنفوذهــا قبــل الحــروب‬ ‫الدولة العثمانية‬ ‫العالميــة وبعدهــا‬ ‫تأثيرات الحرب على بناها التحتية‬ ‫تأثيـرات الحـرب علـى نسـبة الذكـور‬ ‫إلــى الإناث‬ ‫المقارنــة بيــن مســاحة المناطــق‬ ‫الخاضعــة لنفوذهــا قبــل الحــروب‬ ‫العالميــة وبعدهــا‬ ‫تأثيرات الحرب المادية والبشرية‬ ‫المقارنــة بيــن مســاحة المناطــق‬ ‫الخاضعــة لنفوذهــا قبــل الحــرب‬ ‫العالميــة الأولــى وبعدهــا‬ ‫‪22‬‬

‫اضطلعـت بـه المـرأة الألمانيـة فـى‬ ‫دمــر ثلثــا البــاد بالكامــل خاصــة‬ ‫تعــد الصــور الســابقة بالإضافــة‬ ‫هــذه الفتــرة الصعبــة التــي بــرزت‬ ‫المــدن الألمانيــة الكبــرى التــى‬ ‫إلـى التسـاؤلات الملحقـة بهـا ذات‬ ‫فيهــا ظاهــرة “نســاء الأنقــاض”‪..‬‬ ‫سـويت أكثـر مـن نصـف مسـاكنها‬ ‫دلالـة عميقـة حيـث تشـير إلـى حجـم‬ ‫فقــد وجــدت النســاء الألمانيــات‬ ‫بــالأرض… وفقــدت ألمانيــا ‪3.3‬‬ ‫التغيــرات الكارثيــة التــي لحقــت‬ ‫أنفسـهن مـع أطفالهـن بـا مـأوى‬ ‫مليــون عســكري‪ .‬و ‪ 3.8‬مليــون‬ ‫ببعـض الـدول التـي خاضـت حروبـا‬ ‫ولا مــأكل ولا مشــرب‪ .‬لكنهــن‬ ‫مدنــي‪ .‬وبلــغ عــدد أســرى الحــرب‬ ‫حضاريــة كلفتهــا الكثيــر‪ .‬فألمانيــا‬ ‫شــمرن عــن ســواعدهن وكانــت‬ ‫الالمـان نحـو ‪ 11‬مليـون أسـير بقـي‬ ‫خســرت بنهايــة الحــرب العالميــة‬ ‫مهمتهــن الأولــى هــي اســتخراج‬ ‫‪ 6‬ملاييـن منهـم فـي المعسـكرات‬ ‫الأولى مسـاحة كبيرة من الأراضي‬ ‫الحجـارة السـليمة مـن بين الأنقاض‬ ‫الســوفييتية حتــى عــام ‪.1948‬‬ ‫التـي كانـت خاضعة لسـلطانها‪ ،‬كما‬ ‫لإعـادة اسـتخدامها مـرة أخـرى فـي‬ ‫وأرســلت قــوات الحلفــاء عــدة‬ ‫أنهــا تكبــدت خســائر فادحــة علــى‬ ‫البنـاء‪ .‬وإخـاء الأبنية والشـوارع من‬ ‫ملاييـن مـن الأسـرى الآخريـن إلـى‬ ‫مسـتوى البنـى الأساسـية وأعـداد‬ ‫الأنقـاض ونقلهـا إلـى خـارج المدن‪.‬‬ ‫كل مــن فرنســا وبولونيــا وإنكلتــرا‬ ‫الضحايـا خـال الحربيـن العالميتيـن‪،‬‬ ‫وكذلـك العمـل فـي المصانـع التي‬ ‫للعمــل بالســخرة مــن أجــل إعــادة‬ ‫لقــد كانــت الأوضــاع الاقتصاديــة‬ ‫لــم تضــرر مــن القصــف‪ ..‬وعــاش‬ ‫بنـاء هـذه الـدول وإصـاح مـا دمرتـه‬ ‫والماليــة بعــد استســامها فــي ‪8‬‬ ‫الألمـان ثـاث سـنوات بعـد الحـرب‬ ‫مايــو ‪1945‬كارثيــة نتيجــة للأضــرار‬ ‫فــي ظــروف تشــبه المجاعــة مــع‬ ‫جيــوش النازيــة‪..‬‬ ‫الجســيمة التــي ألحقتهــا الحــرب‬ ‫تقنيــن الغــذاء وانعــدام الرعايــة‬ ‫ببنيتهــا الأساســية وبمرافقهــا‬ ‫الطبيــة بعــد حــل الصليــب الأحمــر‬ ‫كان التحــدي الأول الــذى جابهتــه‬ ‫الاقتصاديــة‪ .‬ونتيجــة للديــون‬ ‫الألمانــي ونقــص المحروقــات‬ ‫ألمانيــا المدمــرة والمحتلــة بعــد‬ ‫والمبالــغ الطائلــة التــي تعهــدت‬ ‫للتدفئــة فــي الشــتاء القــارس‪..‬‬ ‫الحــرب هــو نقــص الرجــال (عــدد‬ ‫المانيـا بدفعهـا كتعويضـات لـدول‬ ‫فتضاعفـت معـدلات الوفيـات عمـا‬ ‫ســكان ألمانيــا بعــد الحــرب ‪27‬‬ ‫مليــون‪ 20 .‬مليــون منهــم نســاء)‪.‬‬ ‫الحلفــاء المنتصــرة‪.‬‬ ‫وينظر الألمان بفخر كبير للدور الذى‬ ‫‪23‬‬

‫فقـد أدت الحـرب إلـى نهايـة الدولـة‬ ‫الســوفياتي‪ -‬الولايــات المتحــدة‪-‬‬ ‫كانــت عليــه اثنــاء الحــرب نفســها!!‬ ‫العثمانيــة وقيــام جمهوريــة تركيــا‬ ‫بريطانيــا‪ -‬فرنســا‪..‬‬ ‫رغـم ذلـك تضافـرت جهـود النسـاء‬ ‫مــع اللاجئيــن الوافديــن مــن عــدة‬ ‫الاتحاديــة لاحقــا‪.‬‬ ‫وفــي شــهر أيــار مــن عــام ‪1948‬‬ ‫بلـدان فـي أوروبـا الشـرقية لإزالـة‬ ‫قــررت الــدول الغربيــة توحيــد‬ ‫آثــار الدمــار وإعــادة بنــاء مــا يمكــن‬ ‫وبالنسـبة لليابـان فقـد فقـدت جـز ًءا‬ ‫المناطـق الثـاث التـي كانـت تحـت‬ ‫كبيــ ًرا مــن ســكانها خــال الحــرب‬ ‫ادارتهـا لتشـكل مـا سـمي (ألمانيـا‬ ‫بنــاؤه‪.‬‬ ‫العالميـة الثانيـة‪ ،‬منهـم ‪ 210‬آلاف‬ ‫الغربيــة)‪ ..‬أمــا المنطقــة التــي‬ ‫شــخص تقري ًبــا فــي كارثتــي إلقــاء‬ ‫كانــت خاضعــة لســيطرة الاتحــاد‬ ‫خــال الســنوات الاولــى التــي‬ ‫القنابــل النوويــة علــى مدينتــي‬ ‫الســوفياتي فأصبحــت منــذ عــام‬ ‫أعقبــت الحــرب فقــدت العملــة‬ ‫«هيروشــيما»‪ ،‬و»نجازاكــي»‪،.‬‬ ‫الألمانيــة (المــارك) قيمتهــا‬ ‫وبلغـت خسـائر اليابـان الاقتصاديـة‬ ‫‪( 1949‬ألمانيــا الشــرقية)‪.‬‬ ‫ومكانتهــا كعملــة متداولــة وكان‬ ‫جــراء الحــرب نحــو ربــع ثروتهــا‬ ‫التعامـل يجـري غالبا” بعمـات دول‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬قبــل أن ُتحتــل مــن قبــل‬ ‫وبالنسـبة للدولـة العثمانيـة فتظهـر‬ ‫الحلفــاء المكلفــة بــإدارة المناطــق‬ ‫القوات الأمريكية بعد استسـامها‬ ‫الصــور حجــم المســاحات الهائلــة‬ ‫اﻷربـع التـي قسـمت إليهـا الدولـة‬ ‫التــي فقدتهــا الدولــة العثمانيــة‬ ‫الالمانيــة بعــد استســامها عــام‬ ‫الشــهير‪.‬‬ ‫بنهايــة الحــرب العالميــة الأولــى‬ ‫‪ . 1945‬وهـذه الـدول هـي‪ :‬الاتحـاد‬ ‫بــل لــم يقتصــر الأمــر علــى ذلــك‬ ‫‪24‬‬

‫اليوم الأول‬ ‫الوحدة الأولى‪:‬‬ ‫لماذا نتحاور ؟‬ ‫الجلسة الثانية‬ ‫‪25‬‬

‫المدة الزمنية‬ ‫نوع النشاط‬ ‫عنوان النشاط‬ ‫الجلسة والنشاط‬ ‫النشاط الرابع‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ 30‬د‬ ‫ثمن الصراع‬ ‫صناعة الطغيان ي‪- 1‬ج‪- 2‬ن‪4‬‬ ‫الجلسة الثانية‬ ‫الحضاري‬ ‫من هم هؤلاء؟ وكم بلغ عدد ضحاياهم؟‬ ‫هل ُولد هؤلاء سفاحين؟‬ ‫‪26‬‬

‫الشــيوعي‪ ،‬واســتمرت حوالــي‬ ‫قتــل ‪ 70‬مليــون شــخص‪ ،‬كان‬ ‫«ماو تسي تونغ “زعيم الصين”‬ ‫ســبع ســنوات قتــل خلالهــا مــا‬ ‫يمتلــك ســلطة مطلقــة علــى‬ ‫ربـع سـكان الكـرة الأرضيـة خـال‬ ‫يقــارب المليــون صينــي‪.‬‬ ‫‪ 27‬عا ًمــا‪ ،‬وهــو المســؤول عــن‬ ‫مقتــل ســبعين مليــون صينــي‬ ‫وفــي إحــدى نوبــات ماوتســي‬ ‫علـى الأقـل فـي زمـن السـلم لا‬ ‫قــاد حملــة للقضــاء علــى‬ ‫مــا أســماهم الآفــات الأربــع‬ ‫الحــرب‪.‬‬ ‫“العصافيــر‪ ،‬النامــوس‪ ،‬ال ُّذبــاب‬ ‫والفئـران” حيـث بـدأت الحكومـة‬ ‫ولـه العديـد مـن المواقـف التـي‬ ‫فـي اصطياد الحشـرات والفئران‬ ‫لا يمكــن وصفهــا بالعقلانيــة‪،‬‬ ‫وقتــل الطيــور وانتشــر بســبب‬ ‫حيــث دشــن عــام ‪1966‬‬ ‫ذلــك الجــراد فــي الصيــن‪ ،‬ممــا‬ ‫الثــورة الثقافيــة لترســيخ حكــم‬ ‫تسـبب فـي مجاعـة راح ضحيتهـا‬ ‫الشـيوعية‪ ،‬لكنهـا لـم تكـن سـوى‬ ‫محاولــة للتخلــص مــن جميــع‬ ‫‪ 20‬مليــون صينــي!‬ ‫معارضيه ومنافسـيه في الحزب‬ ‫‪27‬‬

‫جالســا علــى كرســي ذهبــي‪ ،‬ثــم‬ ‫صيفــا‪ ،‬وثــاث وأربعيــن درجــة‬ ‫جنكيز خان‬ ‫أصـدر أوامـره بـأن يعدمـوا إعدامـا‬ ‫فهرنهايــت تحــت الصفــر شــتاء‪،‬‬ ‫جماعيــا‪ .‬اســتغرقت هــذه المجــزرة‬ ‫قبــل أن يبلــغ الرابعــة عشــرة‪،‬‬ ‫صــدر كتــاب عنوانــه «جنكيــز خــان‪:‬‬ ‫أربعــة أيــام بلياليهــا‪ ..‬هكــذا لــم‬ ‫كان قــد قتــل أخــا لــه غيــر شــقيق‪،‬‬ ‫الرجــل الــذي غــزا العالــم» مــن‬ ‫يختلـف أبنـاء جنكيـز خـان كثيـرا عـن‬ ‫تأليــف فرنــك ماكليــن (الناشــر‪:‬‬ ‫لأنهمــا تنازعــا علــى ســمكة‪.‬‬ ‫«بودلـي هيـد») فـي ‪ 648‬صفحـة‬ ‫أبيهــم‪.‬‬ ‫يسـتعرض حيـاة هـذا الرجـل ويعيـد‬ ‫يوصــف بأنــه غــزا وأفنــى نصــف‬ ‫كان الرعب ‪ -‬واليقين من أنه قادم‬ ‫العالــم‪ ،‬لقــد أخضــع (وفيمــا بعــد‬ ‫تقييمــه ‪.‬‬ ‫‪ -‬مـن أكبـر الأسـلحة النفسـية فـي‬ ‫أفنــى تقريبــا) قبائــل شــمال‬ ‫ترســانة جنكيــز خــان‪ .‬وكان يعلــق ‪-‬‬ ‫غربــي الصيــن‪ ،‬قبــل أن يغــزو‬ ‫عــاش جنكيــز خــان بيــن مراعــي‬ ‫كــي يــرى الجميــع ‪ -‬جثــث النســاء‬ ‫الاسـبتس الجديبـة فـي منغوليـا‪،‬‬ ‫مقطوعـي الـرؤوس‪ ،‬والأطفـال‪،‬‬ ‫إمبراطوريتهــا عــام ‪..1211‬‬ ‫حيــث درجــات الحــرارة يمكــن أن‬ ‫بــل حتــى القطــط والــكلاب‪.‬‬ ‫تتـراوح بيـن مائـة درجـة فهرنهايـت‬ ‫ويحــرص فرنــك ماكليــن علــى ألا‬ ‫اسـتولى طولـي (أحـد أبنـاء جنكيـز‬ ‫يبالـغ فـي عـدد ضحايـا جنكيـز خـان‪،‬‬ ‫خــان ومــن أكثرهــم دمويــة) علــى‬ ‫ولكنـه يقـدر عددهـم بنحـو سـبعة‬ ‫مدينــة ميــرف (وهــي الآن جــزء‬ ‫وثلاثيـن مليونـا ونصـف المليـون‬ ‫مـن تركمانسـتان) وكانـت مـن أكبـر‬ ‫قتيــل‪ .‬لقــد كان يمــارس إبــادة‬ ‫مـدن العالـم آنـذاك‪ ،‬ووعـد طولـي‬ ‫عنصريــة علــى أعدائــه علــى نحــو‬ ‫ســكانها بالأمــان‪ ،‬فألقــوا الســاح‬ ‫وخرجـوا مـن وراء جـدران مدينتهـم‬ ‫غيــر مســبوق‪.‬‬ ‫رافعيــن رايــة الاستســام‪.‬‬ ‫واســتعرضهم طولــي بناظريــه‪،‬‬ ‫‪28‬‬

‫حـدث فـي عـام ‪ 1553‬أول خـاف‬ ‫قـازان وإسـقاط القبيلـة القازانيـة‪،‬‬ ‫ايفان الرهيب‬ ‫لــه مــع مســاعديه ارتكــب علــى‬ ‫وارتكــب فيهــا مجــازر جماعيــة ضــد‬ ‫إثرهــا مجــزرة بحــق أكثــر المقربيــن‬ ‫المسـلمين بسـبب دينهـم وحـاول‬ ‫عــرف إيفــان بلقــب الرهيــب لأنــه‬ ‫اليـه حـدث ذلـك قبـل أن يصبح أكثر‬ ‫تنصيــر الكثيــر منهــم عنــوة‪ ،‬كان‬ ‫كان يقمـع بقسـوة وعنـف الثـورات‬ ‫وحشــية وقســوة‪ ،‬أصبــح إيفــان‬ ‫يتعامــل بقســوة مــع معارضيــه‬ ‫التــي حدثــت ضــده‪ ،‬وقــاد حروبــ ًا‬ ‫الرهيــب مســكون ًا بعدهــا بالشــك‬ ‫فقـد كانـت الطريقـة المفضلـة لـه‬ ‫تو ّســعية اســتعمارية احتلاليــة‬ ‫والارتيــاب مــن إمكانيــة تعرضــه‬ ‫فـي التعذيـب هي تهشـيم الأرجل‬ ‫وأضــاف مناطــق شاســعة مــن‬ ‫إلـى العقـاب الصـارم جـراء ارتكابـه‬ ‫قبـل أن يلقـي بالضحايـا فـي الثلـج‬ ‫سـيبيريا إلـى ممتلكاتـه‪ .‬قـام إيفان‬ ‫لتلــك المجــازر‪ ،‬وهــذا مــا دفعــه‬ ‫أو جعلهــم يزحفــون ويطلبــون‬ ‫الرهيــب عــام ‪ 1552‬بمحاصــرة‬ ‫لقتــل ابنــه عــام ‪ 1582‬ســاهمت‬ ‫الرحمــة‪ ، ،‬وكانــت تجــرى عمليــات‬ ‫هـذه الحادثـة فـي تحويـل القيصـر‬ ‫اغتصــاب وقتــل جماعــي للنســاء‬ ‫وحتــى نهايــة حياتــه إلــى طاغيــة‬ ‫الارســتقراطيات‪ ،‬وفــي بعــض‬ ‫مســتبد‪ ،‬ومســؤول عــن ارتــكاب‬ ‫الأحيــان كانــت تبــاد مجتمعــات‬ ‫عــدد كبيــر مــن المجــازر الوحشــية‪،‬‬ ‫بأكملهـا أو يتـم التخلـص منهـا بـأي‬ ‫لذلــك ســمي بالرهيــب‬ ‫شــكل مــن الأشــكال‪.‬‬ ‫‪29‬‬

‫لـــه أثناء محاكمتـــه طويل ِة فلم يكن‬ ‫عرف باســـم (جزار البلقان) بســـبب‬ ‫سلوبودان ميلوسوفيتش‬ ‫ميلوســـوفيتش مســـؤولا فقـــط‬ ‫إراقتـــه الكثيـــر مـــن الدمـــاء فـــي‬ ‫عـــن انهيـــار الاتحاد اليوغســـافي‬ ‫الدولـــة العرقيـــة التـــي كان يتحكم‬ ‫او قتل وتشـــريد واعتقال عشـــرات‬ ‫بهـــا‪ ،‬كان والـــداه قـــد انتحـــرا فـــي‬ ‫الألـــوف مـــن ســـكان الاقليـــم‬ ‫وقـــت مبكـــر مـــن حياتـــه‪ ،‬مـــا ترك‬ ‫الصغير الذي لا يزال رســـميا ضمن‬ ‫أثـــر ًا فـــي شـــخصيته‪ ،‬كانـــت أفكار‬ ‫حـــدود صربيـــا وهو كوســـوفو‪ ،‬بل‬ ‫الزعيـــم الصربـــي تنبـــع مـــن فكرة‬ ‫كان مســـؤولا وبشـــكل كبيـــر عـــن‬ ‫اعـــادة بنـــاء صربيـــا الكبـــرى التـــي‬ ‫المجـــازر التـــي شـــهدتها البوســـنة‬ ‫تضـــم كل الـــدول المحيطـــة بهـــا‪،‬‬ ‫وكرواتيـــا وخاصـــة فـــي اقليـــم‬ ‫بمـــا فـــي ذلـــك ألبانيـــا والـــدول‬ ‫كرايينا المعروف باســـم سلافونيا‬ ‫الاخرى التي انفصلـــت عن الاتحاد‬ ‫الشـــرقية فـــي كرواتيـــا‪ ،‬ومذبحـــة‬ ‫اليوغســـافي القديـــم وهـــي‬ ‫سربرنتســـا فـــي البوســـنة عـــام‬ ‫ســـلوفينيا وكرواتيـــا والبوســـنة‬ ‫‪ 1995‬والتـــي راح ضحيتهـــا نحـــو‬ ‫والهرســـك ومقدونيـــ ِا وهـــي‬ ‫عشـــرة الاف مســـلم فـــي يـــوم‬ ‫الفكـــرة نفســـها التـــي ادت الـــى‬ ‫واحـــد علـــى مـــرأى ومســـمع مـــن‬ ‫انهيـــار الاتحـــاد وانـــدلاع الحـــروب‬ ‫فيمـــا بعـــ ِد مجـــازر لا تحصـــى لقد‬ ‫القـــوات الدوليـــ ِة‪.‬‬ ‫كانـــت لائحـــة الاتهامـــات الموجهة‬ ‫‪30‬‬

‫التحريـــر الكوســـوفي بثـــورة ضـــد‬ ‫وتشـــريد مئـــات الآلاف الآخريـــن‪.‬‬ ‫أرســـل الجيـــش اليوغســـافي‬ ‫حكـــم ميلوســـيفيتش العنصـــري‪.‬‬ ‫اســـتمرت العمليـــات العســـكرية‬ ‫الصربـــي للتدخـــل فـــي كرواتيـــا‬ ‫وبعـــد أشـــهر على الحـــرب العرقية‬ ‫ضد المســـلمين حتـــى عام ‪،1995‬‬ ‫لدعـــم الصـــرب‪ .‬وأســـفرت هـــذه‬ ‫الرابعـــة‪ ،‬تـــم تشـــريد نحـــو ‪800‬‬ ‫عندمـــا و ّقعـــت صربيـــا اتفاقيـــة‬ ‫الحرب عن مقتل ‪ 10‬آلاف شـــخص‬ ‫ألـــف ألبانـــي مســـلم إلـــى الدول‬ ‫(ســـام!) فـــي دايتـــون‪ ،‬توقـــع‬ ‫على الأقل‪ ،‬ود ّمـــرت مئات القرى‬ ‫المجاورة‪ ،‬حاولـــت دول حلف الناتو‬ ‫العالـــم أن ينهـــي اتفـــاق دايتـــون‬ ‫والبلـــدات الكرواتيـــة‪ ،‬ولـــم تنتـــه‬ ‫إقنـــاع ميلوســـيفيتش بتوقيـــع‬ ‫الحـــروب الصربيـــة المجنونـــة‪ .‬إلا‬ ‫المجـــازر إلا عندمـــا وقـــع الطرفـــان‬ ‫معاهـــدة وقـــف إطـــاق نـــار‪،‬‬ ‫أن حربـــ ًا أخـــرى كان ميلوســـيفيتش‬ ‫علـــى اتفاقية وقـــف إطـــاق النار‬ ‫نظمتهـــا فرنســـا‪ ..‬إلا أنـــه رفـــض‬ ‫يســـتعد فيهـــا لقتـــل المســـلمين‬ ‫في الأمـــم المتحـــدة عـــام ‪.1992‬‬ ‫أي هدنـــة‪ .‬فأطلـــق الحلـــف فـــي‬ ‫عـــام ‪ 1999‬حربـــ ًا دوليـــة اســـتمرت‬ ‫ا لأ لبا ن ‪.‬‬ ‫بعد ثلاثة أشـــهر‪ ،‬أعلنت البوســـنة‬ ‫‪ 78‬يومـــ ًا‪ ،‬أرغمت ميلوســـيفيتش‬ ‫والهرسك (ذات الأغلبية المسلمة)‬ ‫على الاستســـام‪ ،‬بعد أن استغل‬ ‫وفـــي فبرايـــر ‪ ،1998‬أرســـل‬ ‫اســـتقلالها‪ .‬فبدأ ميلوســـيفيتش‬ ‫القصـــف الدولـــي عليـــه لإحـــداث‬ ‫ميلوســـيفيتش جنـــوده مـــرة‬ ‫بتمويـــل الصـــرب البوســـنيين‬ ‫المزيـــد مـــن الإبـــادة الجماعية ضد‬ ‫أخـــرى‪ ،‬لقتـــل المســـلمين الألبـــان‬ ‫هناك‪ ،‬ودعمهم بالســـاح والعتاد‪،‬‬ ‫فـــي كوســـوفا‪ ،‬حيـــث خرجـــت‬ ‫وأطلـــق حربـــ ًا دمويـــة عنصرية ضد‬ ‫المســـلمين فـــي كوســـوفا‪.‬‬ ‫مظاهـــرات غاضبة في كوســـوفا‪،‬‬ ‫المســـلمين‪ ،‬أســـفرت عـــن مقتـــل‬ ‫بســـبب الأوضـــاع البائســـة التـــي‬ ‫أكثر من ‪ 200‬ألف شـــخص مسلم‪.‬‬ ‫تعيشـــها البـــاد‪ .‬كمـــا جيـــش‬ ‫‪31‬‬

‫عــداد ضحايــا هتلــر لا يتجــاوز‬ ‫اختــارت مجلــه التايــم البريطانيــة‬ ‫أدولف هتلر‬ ‫الاربعيــن مليو ًنــا مــن الضحايــا‪.‬‬ ‫ادولــف هتلــر فــي قائمــه المائــة‬ ‫بعــض الاحصــاءات تذهــب الــي‬ ‫شــخصيه التــي تركــت اكبــر الاثــر‬ ‫يعتبــر أدولــف هتلــر الديكتاتــور‬ ‫اعتبــار ضحايــاه ‪ 17‬مليو ًنــا فقــط‪،‬‬ ‫فــي تاريــخ البشــرية فــي القــرن‬ ‫“الأعظـم” فـي التاريخ طب ًقا لمجلة‬ ‫بينمـا يعتبرهـا البعـض قـد وصلـت‬ ‫العشـرين‪ُ .‬يذكـر دو ًمـا هتلـر باعتبـاره‬ ‫التايمــز البريطانيــة‪ ،‬وتفــوق علــى‬ ‫الـي ‪ 27‬مليـون مق َّسـمين كالتالي‪:‬‬ ‫الديكتاتـور «الاعظـم»‪ ،‬يذكـر بالطبع‬ ‫ســتالين فــي حربــه علــى الغــرب‬ ‫‪ 15‬مليـون سـوفياتي‪ ،‬و‪ 6‬ملاييـن‬ ‫ســتالين الــي جانبــه لكنــه لا ُيذكــر‬ ‫“أمريـكا وأوروبـا”‪ .‬وقـد تجـاوز عـدد‬ ‫يهــودي (فــي الهولوكوســت)‪،‬‬ ‫باعتبــاره كان خطــ ًرا علــي البشــرية‬ ‫ضحايا هتلر الأربعين مليو ًنا‪ ،‬منهم‬ ‫مضا ًفــا اليهــم ‪ 6‬مليــون المانــي‬ ‫كمـا ُيذكـر هتلـر‪ .‬بالمقارنـة بين اعداد‬ ‫‪ 15‬مليـون سـوفيتي‪ ،‬و‪ 6‬ملاييـن‬ ‫قتلــوا فــي حــروب المانيــا‪ .‬خــال‬ ‫ضحايـا ال َّشـخصين يبدو ا َّن سـتالين‬ ‫يهــودي “فــي الهولوكوســت”‪،‬‬ ‫الســنوات الثــاث الاولــي مــن‬ ‫يتفــ َّوق علــي هتلــر بعــدد لا بــاس‬ ‫مضا ًفــا إليهــم ‪ 6‬ملاييــن ألمانــي‬ ‫الحــرب العالميــة الثانيــة كان هتلــر‬ ‫بـه مـن الملاييـن‪ .‬ربمـا ُيذكـر هتلـر‬ ‫قتلــوا فــي حــروب ألمانيــا خــال‬ ‫قــد ســيطر علــي معظــم القــاره‬ ‫باعتبــاره كان خطــ ًرا علــي البشــرية‬ ‫الســنوات الثــاث الأولــى مــن‬ ‫الأوروبيــة (باســتثناء بريطانيــا)‬ ‫فقـط لأنـه كان ُيحارب الغرب (امريكا‬ ‫واحتــل ثلــث مســاحه الاتحــاد‬ ‫واوروبــا) الــذي انتصــر عليــه الــي‬ ‫الحــرب العالميــة الثانيــة‪.‬‬ ‫السـوفيتي‪ .‬السـوفييت كانـوا اكثـر‬ ‫جانـب سـتالين‪ .‬المقـولات التاريخية‬ ‫ضحايــاه‪ ،‬الــي ان فــازوا عليــه فــي‬ ‫الكبـرى يكتبهـا المنتصـرون‪ ،‬انتصـر‬ ‫معركــه ســتالين غــراد التــي دامــت‬ ‫ســتالين وحلفــاؤه و ُهــزم هتلــر‬ ‫لشــهور واذا بالســوفييت يدخلــون‬ ‫فاعتبـر الخطـر الاكبـر علـي البشـرية‬ ‫برليـن لينتحـر الفوهـرر ادولـف هتلـر‬ ‫تـار ًكا المانيـا لتشـهد علـي المأسـاة‪.‬‬ ‫عبــر القــرن العشــرين‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫ال ُّســمعه يقــ ِّدرون قتــاه مــا بيــن‬ ‫عـدد قتـاه عشـرين مليونـا وهـي‬ ‫جوزيف ستالين‬ ‫‪ 20‬الـــي ‪ 60‬مليـــون‪.‬‬ ‫التقديــرات الأقــل حســب روايــات‬ ‫ثلاثـون عا ًمـا عانـى خلالهـا الـروس‬ ‫هـــذه الملاييـــن لـــم ت ُمـــت فـــي‬ ‫المؤرخيـــن‪.‬‬ ‫مـــن رجـــل يح ُكـــم فـــي قصـــر‬ ‫وقـــت الحـــرب العالميـــة الثانيـــة‬ ‫الكرمليــن بروســيا يدعــى جوزيــف‬ ‫فقـط‪ ،‬وإنمـا كانـت هنـاك عمليـات‬ ‫وكتـــب المـــؤرخ الجورجـــي روي‬ ‫ســـتالين‪ ،‬حيـــث لقـــي مليونـــا‬ ‫تطهيـــر عرقـــي اســـتم َّرت لفتـــرات‬ ‫ألكندروفيتـش ميدفيديـف‪ ،‬عـن أن‬ ‫شــخص مصرعهــم كل ســنة فــي‬ ‫بعيـدة وبشـكل شـبه دائـم‪ ،‬وطـرد‬ ‫هـذه الأعـداد متضمنـة ‪ 20‬مليو ًنـا‬ ‫عهـــد ســـتالين‪ ،‬بمـــا يعـــادل ‪40‬‬ ‫وتهجيـــر قســـري ومعســـكرات‬ ‫راحـــوا ضح َّيـــة نـــزوات ســـتالين‬ ‫ألفــ ًا كل أســبوع‪ ،‬وهــو مــا يعنــي‬ ‫العمـــل فـــي ســـيبيريا المتجمـــدة‬ ‫فـــي القتـــل غيـــر المســـؤول‪،‬‬ ‫أن عــدد قتــاه يصــل يوم ًيــا إلــى‬ ‫والتـي كان يرسـل اليهـا معارضيـه‬ ‫ومكافحـــة الإرهـــاب‪ ،‬والتهجيـــر‬ ‫‪ 1830‬قتيـــ ًا علـــى افتـــراض أن‬ ‫فيموتـــون خـــال ايـــام‪ .‬أعلـــن‬ ‫القسـري ومعسـكرات العمـل و‪20‬‬ ‫ســـتالين عـــام ‪ 1937‬عـــن قانـــون‬ ‫مليو ًنــا آخريــن قتلــوا فــي الحــرب‬ ‫مكافحـــه الارهـــاب واقـــر القانـــون‬ ‫العالميــة الثانيــة مــن الســوفييت‪،‬‬ ‫الاعـدام لمـن تثبـت عليـه التهمـه‪،‬‬ ‫أمـــا الأديـــب الروســـي الكســـندر‬ ‫الجديـــر بالذكـــر ا َّن نفـــس القانـــون‬ ‫سولجينتسـين فقـد كتـب عـن عـدد‬ ‫يمنـــع مـــن حضـــور محامـــي دفـــاع‬ ‫القتلــى انهــم وصلــوا ‪ 60‬مليو ًنــا‬ ‫بالفعـــل‪ .‬ومعظـــم تقديـــرات‬ ‫للمتهميـــن !‬ ‫الاكاديمييـــن والمؤرخيـــن حســـني‬ ‫‪33‬‬

‫أسباب صناعة الطغيان‬ ‫أجرى عدد من العلماء تجارب علمية لمحاكاة ما اعتبروه سببا‬ ‫من أسباب صناعة الطغيان في النفوس البشرية‪ ،‬استهدف‬ ‫تلك التجارب والأبحاث مراقبة السلوك البشري تحت ظروف‬ ‫معينة للتوصل إلى الأسباب التي تدفع الإنسان إلى التخلي‬ ‫عن النمط السوي والقيام بما يخالف مبادئه ومسلماته‪،‬‬ ‫وإليك عزيزي القارئ بعضا من تلك التجارب والأبحاث‪:‬‬ ‫‪34‬‬

‫تجربة المعلمة الأمريكية (جين‬ ‫اليوت)‪ :‬نحن وهم‬ ‫‪35‬‬

‫واســـتغرابهم‪ ،‬ورفـــض بعضهـــم‬ ‫منـــذ بدايـــة الفصـــل الدراســـي‬ ‫بتاريـــخ ‪ 4‬نيســـان ‪ ،1968‬اغتيـــل‬ ‫هـذا التصنيـف‪ ،‬إلا أنهـا اسـتطاعت‬ ‫والمعلمــة إليــوت تتحــدث لطــاب‬ ‫«مارتـــن لوثـــر كينـــغ»‪ ،‬وانتبهـــت‬ ‫إقناعهـم بصحـة كلامهـا‪ ،‬فمـا كان‬ ‫صفهـــا الثالـــث الابتدائـــي عـــن‬ ‫جيــن إليــوت ‪-‬المدرســة الأمريكيــة‬ ‫منهـــم إلا أن استســـلموا للأمـــر‬ ‫العنصريـة‪ ،‬فالوقـت حـان للتعامـل‬ ‫والناشــطة المناهضــة للعنصريــة‪-‬‬ ‫الواقـــع‪ ،‬ولكـــن مـــاذا بعـــد هـــذا‬ ‫مـــع المســـألة بشـــكل ملمـــوس‪:‬‬ ‫لأمــر جعلهــا تشــعر بالفــزع وهــي‬ ‫«هـــل توافقـــون أن يحكـــم علـــى‬ ‫تشـــاهد التلفزيـــون‪« :‬كان هنـــاك‬ ‫الـــكلام؟‬ ‫الإنســان مــن لــون عينيــه» ســألت‬ ‫صحفـــي أبيـــض يقـــول لضيفـــه‬ ‫المعلمـــة‪ ،‬وبصـــوت واحـــد أجـــاب‬ ‫الأسـود‪ :‬عندمـا قتـل منـذ سـنوات‬ ‫«يحـــق لـــذوي العيـــون الزرقـــاء‬ ‫قائدنـــا «جـــون كينيـــدي» أرملتـــه‬ ‫خمـــس دقائـــق إضافيـــة لمـــدة‬ ‫الأطفـــال‪ :‬نعـــم!»‪.‬‬ ‫جمعتنــا‪ ،‬مــاذا عنكــم؟ مــن يمتلــك‬ ‫الفرصــة‪ ،‬ولا يحــق لــذوي العيــون‬ ‫زمـام المبـادرة بالنسـبة لشـعبكم؟‬ ‫البنيــة الشــرب مــن صنبــور المــاء‪،‬‬ ‫اقترحـــت إليـــوت المشـــاركة فـــي‬ ‫كانـت معظـم اللقـاءات تتـم علـى‬ ‫عليهـــم اســـتعمال الأكـــواب‬ ‫لعبـــة أســـمتها «عيـــون زرقـــاء‪،‬‬ ‫النحـو التالـي رجـال بيـض يسـألون‬ ‫الورقيــة‪ ،‬يجــب أن يرتــدوا الياقــات‬ ‫عيـــون بنيـــة»‪ ،‬رحـــب الأطفـــال‬ ‫قـادة مـن السـود‪ :‬مـن يملـك زمـام‬ ‫التـــي تـــدل علـــى لـــون عيونهـــم‬ ‫بحــرارة‪ ،‬وبــدأت بتقســيمهم إلــى‬ ‫الأمــور بالنســبة لشــعبكم؟‪ ..‬مــاذا‬ ‫عــن بعــد‪ ،‬وممنــوع اللعــب معهــم‬ ‫فريقيـــن‪ :‬ذوي العيـــون الزرقـــاء‬ ‫ســـتفعلون للســـيطرة عليهـــم؟»‪.‬‬ ‫لأنهـــم أقـــل ذكاء‪ ،‬وهـــذا يؤثـــر‬ ‫وذوي العيـــون البنيـــة‪ ،‬وقالـــت‪:‬‬ ‫ســـلب ًا علـــى ذوي العيـــون الزرقـــاء‬ ‫«إننـي المعلمـة‪ ،‬وعيونـي زرقـاء‪،‬‬ ‫إذا؛ هنـــاك شـــعبنا وشـــعبكم‪،‬‬ ‫فأنـا أعتقـد أن ذوي العيـون الزرقـاء‬ ‫وتكريـس هـذا الأمـر فـي الإعـام‬ ‫الأذكيـــاء»‪.‬‬ ‫علـــى هـــذا النحـــو بـــدا مرعبـــ ًا‬ ‫هـــم الأفضـــل والأذكـــى»‪.‬‬ ‫كانـــت وجـــوه الأطفـــال «ذوي‬ ‫بالنســـبة إليهـــا‪.‬‬ ‫العيــون البنيــة» تــدل علــى أنهــم‬ ‫تجاهلـــت دهشـــة الأطفـــال‬ ‫‪36‬‬

‫فـي حياتهـم‪ ،‬وذلـك حيـن دعتهـم‬ ‫اليـــوم التالـــي‪ ،‬عندمـــا اعترفـــت‬ ‫فـي حالـة صدمـة وخيبـة وأسـف‪،‬‬ ‫جيـــن إليـــوت إلـــى مشـــاهدة‬ ‫إليــوت أنهــا لــم تكــن صادقــة بمــا‬ ‫بـــدت نظراتهـــم حزينـــة وقلقـــة‪،‬‬ ‫أنفســـهم داخـــل الفيلـــم‪ ،‬لتكتمـــل‬ ‫قالتـه البارحـة‪« :‬لقـد كذبـت عليكـم‪،‬‬ ‫مقابـل وجـوه فرحـة‪ ،‬وعيـون زرقـاء‬ ‫الحقيقـــة هـــي أن ذوي العيـــون‬ ‫تظهـــر تعاليـــ ًا وابتهاجـــ ًا وترحيبـــ ًا‬ ‫التجربـــة‪.‬‬ ‫البنيـــة هـــم الأفضـــل والأذكـــى»‪.‬‬ ‫بهـــذه القـــرارات التـــي أصدرتهـــا‬ ‫المعلمـــة بطريقـــة جديـــة‪ ،‬أخرجـــت‬ ‫بعـــد مشـــاهدة فيلـــم «عيـــون‬ ‫قلبـــت الأدوار بيـــن الفريقيـــن‪ ،‬إلا‬ ‫الجميـــع مـــن حـــال اللعبـــة‪ ،‬وبـــدا‬ ‫زرقـــاء‪ ،‬عيـــون بنيـــة»‪ ،‬تســـاءلت‪:‬‬ ‫أن ذوي العيـــون البنيـــة أظهـــروا‬ ‫الأمـــر بالنســـبة إليهـــم واقعـــ ًا‬ ‫«مـــاذا لـــو كانـــت التجربـــة أطـــول‬ ‫تعاطفـــ ًا ولطفـــ ًا وحساســـية فـــي‬ ‫زمنيـ ًا‪ ،‬مـاذا لـو بقـي ذوو العيـون‬ ‫التعبيـــر عـــن تميزهـــم‪ ،‬مقارنـــة‬ ‫حقيقيـــ ًا ‪.‬‬ ‫الزرقـــاء محتفظيـــن بامتيازاتهـــم‬ ‫بـــذوي العيـــون الزرقـــاء‪ ،‬الذيـــن‬ ‫حتـــى نهايـــة الفصـــل الدراســـي؟‬ ‫عبــروا عــن رفضهــم هــذه التجربــة‬ ‫مطأطـــأ رأســـه‪ ،‬مخفيـــ ًا عينيـــه‪،‬‬ ‫مـــاذا لـــو لـــم تمنـــح ذوي العيـــون‬ ‫وبصـوت خافـت‪« :‬لقـد حرمـت مـن‬ ‫البنيـــة فرصـــة لتبـــادل الأدوار؟»‪.‬‬ ‫بغضـــب وحـــزن شـــديدين‪.‬‬ ‫اللعــب مــع صديقــي المفضــل»‪،‬‬ ‫قـــال أحدهـــم لصديقـــه‪ ،‬وشـــكا‬ ‫هـل سـتقدر حينهـا أن تعيـد الصـف‬ ‫فـــي اليـــوم الثالـــث أعلنـــت جيـــن‬ ‫آخـــر للمعلمـــة زميلـــه ذا العينيـــن‬ ‫إلــى مــا كان عليــه؟ هــل ســتحدث‬ ‫إليـــوت نهايـــة اللعبـــة‪ ،‬وعـــاد‬ ‫الزرقاويــن الــذي ع ّيــره بلــون عينيــه‬ ‫ثــورة مــن قبــل الأطفــال قبــل أن‬ ‫الصـــف كمـــا كان‪ ،‬ولكـــن بعـــد أن‬ ‫يسـتعينوا بأهاليهـم؟ مـن ذا الـذي‬ ‫تعلـــم الأطفـــال درســـ ًا لا ينســـى‬ ‫البنيتيـــن»‪.‬‬ ‫يســـتطيع أن يقنـــع ذوي العيـــون‬ ‫عـــن العنصريـــة التـــي اختبروهـــا‬ ‫الزرقـــاء أنهـــم ليســـوا الأفضـــل‬ ‫بأنفســهم‪ ،‬وأكــدوا فيمــا بعــد أن‬ ‫بـــدا اليـــوم الأول حزينـــ ًا وصعبـــ ًا‬ ‫هـــذه التجربـــة كان لهـــا تأثيـــر كبيـــر‬ ‫علـــى الأطفـــال ذوي العيـــون‬ ‫والأذكـــى؟»‪.‬‬ ‫البنيـــة‪ ،‬وكانـــت المفاجـــأة فـــي‬ ‫‪37‬‬

‫تجربة (ستانلي ميلغرام)‪ :‬الانصياع للسلطة‬ ‫‪38‬‬

‫الكهربائــ ّي تتــراوح شــ ّدته بيــن ‪30‬‬ ‫نتيجـة أن أولئـك المتو ِّرطيـن كانـوا‬ ‫فـــي محاولـــة منـــه لفهـــم حجـــم‬ ‫إلـى ‪ 450‬فولـت ‪(.‬ضعفيـن القـوة‬ ‫يتبعـــون الأوامـــر‪ ،‬بغـــض النظـــر‬ ‫وكميـــة العنـــف الـــذي مارســـته‬ ‫الكهربائيـة فـي الوصـل الكهربائـي‬ ‫عـن مخالفتهـا أو تعارضهـا مـع مـا‬ ‫البشـــرية إبـــان الحربيـــن الأولـــى‬ ‫يؤمنـــون بـــه مـــن أخـــاق وقيـــم‪.‬‬ ‫والثانيـة‪ ،‬أجـرى عالـم النفـس فـي‬ ‫فـــي بيتـــك )‬ ‫التجربـــة تكـــررت أكثـــر مـــن مـــرة‪،‬‬ ‫جامعـــة ييـــل ســـتانلي ميلغـــرام‬ ‫وفـــي أكثـــر مـــن مجتمـــع‪ ..‬ومـــع‬ ‫تجربــة نفســية اجتماعيــة‪ ،‬ليوضــح‬ ‫فـــي الواقـــع جهـــاز ال ّصعـــق‬ ‫ذلــك جــاءت نتائجهــا متقاربــة جــد ًا‪.‬‬ ‫علـــى ضوئهـــا كيفيـــة انصيـــاع‬ ‫الكهربائـ ّي لا يعمـل ولكـ ّن ال ّتلميـذ‬ ‫النـــاس لشـــخص الســـلطة‪ ،‬حتـــى‬ ‫يم ّثـــل الإصابـــة بال ّتزامـــن مـــع‬ ‫التجربـــة تشـــمل ثلاثـــة مشـــاركين‪:‬‬ ‫وإن كان فـــي هـــذا الانصيـــاع‬ ‫أصــوات صــرا ٍخ مســ ّجل ٍة مســب ًقا‪،‬‬ ‫يجلـــس ال ّرئيـــس والمع ّلـــم‬ ‫والطاعـة مـا يتناقـض مـع مبادئهـم‬ ‫ومـع ارتفـاع الفولت ّيـة يبـدأ ال ّتلميـذ‬ ‫“المتطــ ْوع” فــي نفــس المــكان‪،‬‬ ‫بضـــرب جســـده فـــي الحائـــط‬ ‫ويجلـس التلميـذ فـي غرفـة أخـرى‬ ‫و ضما ئر هـــم ‪.‬‬ ‫والشـكوى مـن مـرض فـي قلبـه‪،‬‬ ‫على أن يتم ّكن المع ّلم من سماعه‬ ‫هنـــا أتو ّقـــف لأســـأل نفســـي‬ ‫كمــا نشــاهد فــي ال ّصــورة‪ ،‬يقــرأ‬ ‫تجربـــة ميلغـــرام هـــذه بـــدأت فـــي‬ ‫وأســألكم‪ :‬هــل يمكــن لــي أو لــك‬ ‫المع ّلـــم علـــى التلميـــذ مجموعـــة‬ ‫يوليـــو ‪ ،1961‬وبعـــد ثلاثـــة أشـــهر‬ ‫أن نســـتم ّر بإجـــراء تجربـــ ٍة نمـــارس‬ ‫مـــن المفـــردات ويطلـــب إليـــه‬ ‫مــن محاكمــة مجرمــي الحــرب مــن‬ ‫فيهـــا مثـــل هـــذه القســـوة علـــى‬ ‫حفظهـــا‪ ،‬ثـــ ّم يبـــدأ بســـؤاله عنهـــا‬ ‫إنســـان بـــريء مقابـــل ‪ 20‬دولار؟‬ ‫وهـذه هـي ال ّنقطـة الحاسـمة مـن‬ ‫النازييـــن‪.‬‬ ‫الاختبـار‪ ،‬فعنـد ك ّل خطـأ يقـع فيـه‬ ‫فـــي ال ّظـــروف العاد ّيـــة نحـــن‬ ‫ال ّتلميـذ علـى المع ّلـم أن يسـتخدم‬ ‫الســـؤال الـــذي طرحـــه ميلغـــرام‬ ‫ن ّدعـــي الطيبـــة والمثال ّيـــة‪ ،‬ولا‬ ‫بشـــكل متصاعـــد جهـــاز للصعـــق‬ ‫فـــي تجربتـــه تلـــك هـــو عمـــا إذا‬ ‫نتصـــ ّور بأ ّننـــا – أو أ ّي شـــخ ٍص‬ ‫كان هنـــاك إحســـاس مشـــترك‬ ‫عاقــل – يمكنــه فعــل ذلــك‪ ،‬لكــ ّن‬ ‫بأخلاقيـة تلـك الجرائـم عنـد الذيـن‬ ‫تو َّرطــوا بهــا‪ ،‬ليصــل بعدهــا إلــى‬ ‫‪39‬‬

‫بأنهـــا تشـــرح كيـــف أنـــه وبإمـــكان‬ ‫إذا ظـل المشـارك عنـد رغبتـه فـي‬ ‫نتائـــج اختبـــار ملغـــرام أثبتـــت أ ّن‬ ‫أي مواطـن عـادي أن يسـبب آلامـ ًا‬ ‫التوقـــف بعـــد ذلـــك‪ ،‬يتـــم وقـــف‬ ‫الكثيـــر مـــن ال ّنـــاس قادريـــن علـــى‬ ‫لأشـخاص قـد لا يعرفهـم‪ ،‬لسـبب‬ ‫الاختبــار‪ ،‬وإلا فــإن قيامــه بتوجيــه‬ ‫بسـيط‪ ،‬وهـو أنـه يتلقـى الأوامـر‬ ‫الصعقــة ذات الشــدة ‪ 450‬فولــت‬ ‫الاســـتمرار فـــي تجربـــة مخيفـــة‬ ‫مـــن المســـؤول عـــن التجربـــة‪،‬‬ ‫يعتبـــر جـــرس النهايـــة للاختبـــار‪،‬‬ ‫فمـــا نحـــن إلّا مو ّظفون‪/‬أتبـــاع‪/‬‬ ‫ومـــع تنفيـــذ المشـــارك لهـــا يتـــم‬ ‫كهـذه بـد ٍم بـارد‪ ،‬فحوالـي ‪ ٪٦٥‬مـن‬ ‫مســـ ّيرون‪ ...‬وبـــأن درجـــة انصيـــاع‬ ‫الأفـــراد لأوامـــر الســـلطة هـــي‬ ‫التوقـــف‪.‬‬ ‫المشـــتركين وصلـــوا إلـــى الدرجـــة‬ ‫مســـألة تتطلـــب بحثـــ ًا وتفســـير ًا‬ ‫قـــد ُيلقـــي الضـــوء‪ ،‬ولـــو قليـــ ًا‪،‬‬ ‫فـــي هـــذه ال ّتجربـــة أثبـــت ملغـــرام‬ ‫الأقصـــى مـــن الفولتيـــة‪450 ،‬‬ ‫علـــى مـــا تشـــهده البشـــرية مـــن‬ ‫كيـــف يقـــع ال ّنـــاس فـــي الجريمـــة‬ ‫قتـــل ودمـــار وعنـــف بأيـــدي بشـــر‬ ‫والعنـــف إذا أصبحـــوا متبوعيـــن‬ ‫فولـت ‪ .‬بـل إ ّن بعـض المشـاركين‬ ‫و ُأقنعـــوا بـــألّا ذنـــب لهـــم فـــي‬ ‫أظهـــر متعـــ ًة بســـماع أصـــوات‬ ‫يشـــاركونهم الهـــواء والأرض‪.‬‬ ‫الأمـــر‪ ،‬فك ّلمـــا أظهـــر أحـــد‬ ‫المشـتركين تـر ّدده فـي الاسـتمرار‬ ‫صـــراخ الضح ّيـــة!‬ ‫كان ال ّرئيـس يسـتخدم معـه ألفـاظ‬ ‫تحفيز ّيـــة ُتخلـــي مســـؤوليته م ّمـــا‬ ‫إذا أبـــدى المشـــارك فـــي أي‬ ‫يفعـــل‪ ،‬تصـــ ّوروا أ ّن ‪ 100%‬مـــن‬ ‫ال ّرجـال لـم يظهـروا عز ًمـا علـى عـدم‬ ‫مرحلــة مــن مراحــل الاختبــار رغبتــه‬ ‫الاســـتمرار قبـــل ‪ 300‬فولـــت!!‬ ‫فـــي التوقـــف‪ ،‬كان (المشـــرف)‬ ‫يفســـر ميلغـــرام نتائـــج تجربتـــه‬ ‫يوجـــه إليـــه سلســـلة متتابعـــة‬ ‫مــن التنبيهــات‪ ،‬وفــق التسلســل‬ ‫التالـــي‪:‬‬ ‫‪1.1‬الرجاء الاستمرار‪.‬‬ ‫‪2.2‬الاختبـــار يتطلـــب منـــك أن‬ ‫تســـتمر‪ ،‬اســـتمر رجـــاء‪.‬‬ ‫‪3.3‬من الضروري أن تستمر‪.‬‬ ‫‪4.4‬ليـس لديـك خيـار‪ ،‬يجـب عليـك‬ ‫الاســتمرار‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫ليقومـوا بالتجربة‪ ،‬غي َر أ ّنهم شـاركوا‬ ‫تجربة (سلمون آش) ‪ :‬تأثير الجماعة على الفرد أو الامتثال للأغلبية‬ ‫فيهـا ظا ّنيـن ‪-‬كمـا أخبرهـم آش‪ -‬أنها‬ ‫تجربــة لفحــص النظــر ليــس إلا‪.‬‬ ‫كانــت تجربــة العالــم البولنــدي‬ ‫ثــ ّم قــام بتقســيم التجربــة علــى‬ ‫“سـولمون آش” التـي أجراهـا عـام‬ ‫مجموعــات مــن ‪ 8‬أشــخاص ‪ -‬كل‬ ‫‪ 1951‬لدراسـة إلـى أ ّي مـدى يمكـن‬ ‫مجموعــة تحتــوي ‪ 6‬مــن مســاعديه‬ ‫للفــرد أن يغ ّيــر أفــكاره أو أفعالــه‬ ‫بينهــم متطــ ّوع واحــد فقــط مــن‬ ‫تحـت تأثيـر أقرانـه أو المجموعـة مـن‬ ‫الطــاب‪.-‬‬ ‫حولــه‪.‬‬ ‫وانطلقـت التجربـة مـن مبـدأ بسـيط‬ ‫اسـتعان “آش” بطـا ٍب متطوعيـن‬ ‫جــد ًا‪ ،‬إذ ُعــر َض للمتطوعيــن ‪3‬‬ ‫مــن كليــة ســوارثمور فــي أمريــكا‬ ‫خطــوط عموديــة بأطــوال مختلفــة‬ ‫وإلــى جانبهــا خــط واحــد عمــود ّي‬ ‫طولـه مشـابه لطـول أحـد الخطـوط‬ ‫الثلاثــة‪ ،‬ثــ ّم ُطلــب منهــم تحديــد‬ ‫الخـط المطابـق طولـه لطـول الخـط‬ ‫الوحيــد المجــاور‪.‬‬ ‫الإجابـة كانـت واضحة ج ًدا‪ .‬مسـاعدو‬ ‫“آش” الــ‪ 7‬كانـوا متفقيـن ُمسـب ًقا‬ ‫علــى إجابــة مو ّحــدة‪ .‬والمتطــ ّوع‬ ‫الحقيقــي كان الأخيــر دو ًمــا فــي‬ ‫إعطــاء الإجابــة‪.‬‬ ‫‪41‬‬

‫المعيــاري (‪Normative Social‬‬ ‫ •‪ % 75‬مـن المتطوعيـن ق ّدمـوا‬ ‫ضمــت التجربــة ‪ 18‬مرحلــة‪،‬‬ ‫‪ ،”)Influence‬فـإذا كنـ َت قد شـعر َت‬ ‫إجابـ ًةواحـدةخاطئـةعلـىالأقـل‪.‬‬ ‫ومســاعدو “آش” ق ّدمــوا إجابــ ًة‬ ‫بال ّســخرية‪ ،‬أو تع ّرضــت للته ّكــم‪،‬‬ ‫خاطئـة فـي ‪ 12‬منهـا‪“ .‬آش” راقـ َب‬ ‫أو ح ّتــى ال ّرفــض فــي يــو ٍم مــن‬ ‫ •‪ % 25‬فقــط مــن المتطوعيــن‬ ‫‪-‬مسـتمت ًعا‪ -‬فيمـا إذا كان المتطـ ّوع‬ ‫الأ ّيـام لمجـ ّرد خروجـك عـن المألـوف‬ ‫كانــوا مســتقلين تما ًمــا ولــم‬ ‫الحقيقــي ســيغ ّير رأيــه ويخضــع‬ ‫أو لاختلافــك ع ّمــن حولــك‪ ،‬فلقــد‬ ‫لإجابـات بق ّيـة مجموعتـه الخاطئة أم‬ ‫ج ّربــت ال ّضغــط ال ّناتــج عــن التأثيــر‬ ‫يغ ّيــروا إجاباتهــم‪.‬‬ ‫سـيجيب الإجابة الصحيحـة الواضحة‬ ‫ضار ًبــا بعــرض الحائــط إجاباتهــم‬ ‫الاجتماعــي المعيــار ّي‪.‬‬ ‫ماذا نستنتج؟‬ ‫معظــم المتطوعيــن بعــد التجربــة‬ ‫الغريبــة وغيــر المتوقعــة‪.‬‬ ‫السبب الثاني‪ :‬الرغبة في أن نكون‬ ‫ص ّرحـوا أنـه علـى الرغـم مـن ثقتهـم‬ ‫مح ّقيـن‪ .‬فعندمـا نكـون غيـر واثقيـن‬ ‫بأنفســهم ومــن إجاباتهــم إلا‬ ‫ماذا كانت نتيجة التجربة؟‬ ‫أو متشـ ّككين فـي قراراتنـا أو ص ّحـة‬ ‫أنهــم كانــوا خائفيــن مــن مواجهــة‬ ‫ُحكمنــا علــى الأمــور‪ ،‬فإ ّننــا ننظــر‬ ‫المجموعــة‪ ،‬بينمــا خشــ َي البعــض‬ ‫لاح َظ “آش” ما يلي‪:‬‬ ‫إلـى مـن حولنا كمصـدر للمعلومات‬ ‫الآخـر مـن السـخرية فـي حـال قاموا‬ ‫الموثوقــة أو الصحيحــة‪ .‬ظاهــرة‬ ‫بالإجابــة الصحيحــة إلــى درجــة أ ّن‬ ‫ •‪ 32%‬مــن المتطوعيــن ‪-‬أي‬ ‫ُتعـ َرف علم ًّيـا بـِـ “التأثيـر الاجتماعـي‬ ‫مــا يقــارب ثلثهــم‪ ،-‬رضخــوا‬ ‫المعلوماتــي (‪Informational‬‬ ‫الشــك تســ ّلل إلــى عقولهــم‪.‬‬ ‫لإجابــات المجموعــة وق ّدمــوا‬ ‫إجابــات خاطئــة فــي أكثــر مــن‬ ‫‪”)Social Influence‬‬ ‫تو ّصل “آش” إلى سببين رئيسيين‬ ‫نصــف المراحــل رغــم إبدائهــم‬ ‫لامتثــال الأفــراد وخضوعهــم لــرأي‬ ‫للاســتغراب والتع ّجــب ‪-‬كمــا‬ ‫تجربـة “آش” لـم تكـن الأخيـرة‪ ،‬فقـد‬ ‫يظهـر فـي فيديـو التجربـة‪ -‬على‬ ‫تبعتهـا عـدة تجـارب ودراسـات حـول‬ ‫الأغلبية‪:‬‬ ‫الإجابــات الخاطئــة التــي ت ّمــت‬ ‫هــذا الموضــوع‪ .‬والمتم ِّعــن جيــد ًا‬ ‫بالتجربـة يسـتطيع الربـط بينهـا وبين‬ ‫السـبب الأول‪ :‬الرغبـة فـي القبـول‬ ‫أمامهــم‪.‬‬ ‫مـن ِقبـل المجموعـة‪ ،‬فيمـا ُيعـ َرف‬ ‫علم ًّيـا بظاهـرة “التأثيـر الاجتماعـي‬ ‫‪42‬‬

‫لآراء‪ ،‬أذواق‪ ،‬مواقــف‪ ،‬ســلوك ّيات‪،‬‬ ‫ح ّتـى ولـو كان الـرأي ال ّشـائع خاط ًئـا؟‬ ‫كثيــ ٍر مــن الأحــداث الواقعيــة فــي‬ ‫ومعتقــدات الأغلب ّيــة‪ ،‬ح ّتــى بــدون‬ ‫حياتنــا فــي الآونــة الأخيــرة‪ .‬بــدء ًا‬ ‫ضغـوط اجتماعيـة مباشـرة؟ هنالـك‬ ‫إذا كنـت قـد غ ّيـرت رأيك أو سـلوكك‬ ‫مـن خضـوع الفـرد لأفـكار أصدقائـه‬ ‫العشــرات مــن ال ّدراســات فــي‬ ‫فــي يــو ٍم مــن الأ ّيــام ليوافــق‬ ‫أو أســرته علــى مســتو ًى صغيــر‪،‬‬ ‫علــم ال ّنفــس التــي تحــاول ســبر‬ ‫رأي الأغلب ّيــة فــي إحــدى ال ّدوائــر‬ ‫أو خضوعــه لحــز ٍب أو مؤسســة‬ ‫أغــوار العوامــل ال ّديناميك ّيــة التــي‬ ‫الاجتماعيـة‪ ،‬فتص ّرفـك هـذا ُيعـ َرف‬ ‫سياسـية علـى مسـتو ًى أكبـر‪ ،‬الأمـر‬ ‫تلعــب دو ًرا ها ًّمــا فــي خضــوع‬ ‫فــي علــم ال ّنفــس بالامتثــال أو‬ ‫الـذي يـؤدي فـي أحيـا َن كثيـرة إلـى‬ ‫الأفـراد وامتثالهـم لـرأي المجموعة‪،‬‬ ‫أخطـاء كبـرى فـي المجتمـع كان مـن‬ ‫ابتــدا ًء مــن دراســات عالــم ال ّنفــس‬ ‫الإ ّمع ّيــة (‪ .)Conformity‬الامتثــال‬ ‫الممكــن تجاوزهــا‪ .‬والإفــراط فــي‬ ‫الأمريكــ ّي ســولومون آش‬ ‫يحــدث عندمــا نغ ّيــر تص ّرفاتنــا‪،‬‬ ‫التبعيــة يوّلــد مجتم ًعــا يحــرم الفــرد‬ ‫(‪ )Solomon Asch‬فـي الخمسـينات‬ ‫ســلوك ّياتنا‪ ،‬مواقفنــا‪ ،‬أو ح ّتــى‬ ‫مــن قدرتــه علــى التفكيــر وا ّتخــاذ‬ ‫من القرن الماضي وح ّتى دراسـات‬ ‫معتقداتنــا كــر ّدة فعــل لضغــ ٍط‬ ‫القــرار‪ ،‬فــكأ َّن المجموعــة تقــول‪:‬‬ ‫عالـم ال ّنفـس البريطانـي رود بونـد‬ ‫اجتماعــي حقيقــ ّي أو ُمتخ ّيــل‬ ‫لا تض ّيــع وقتــ َك بالتفكيــر فنحــن‬ ‫(‪ )Rod Bond‬وغيــ ِر ِه فــي الأعــوام‬ ‫(‪ .)Kiesler & Kiesler, 1969‬ليــس‬ ‫نف ّكـر عنـك‪ .‬وهـذا مـع الأسـف هـو‬ ‫مــا ت ّتبعــه الأنظمــة والسياســات‬ ‫القليلــة الفائتــة‪.‬‬ ‫هنالـك أ ّي شـ ّك بـأ ّن جميعنـا يخضـع‬ ‫الحاكمــة فــي بعــض الــدول‬ ‫لعــادات‪ ،‬تقاليــد‪ ،‬أو مفاهيــم‬ ‫معظــم هــذه ال ّدراســات تشــير‬ ‫والمؤسســات‪.‬‬ ‫إلــى ســببين مركزييــن لامتثــال‬ ‫اجتماعيـة مع ّينـة وبدرجـا ٍت مختلفـة‪.‬‬ ‫الأفــراد لــرأي الأغلب ّيــة‪ :‬ال ّســبب‬ ‫مــاذا يخضــع الأفــراد تحــت ســطوة‬ ‫الأ ّول هـو رغبتنـا فـي القبـول مـن‬ ‫لكــ ّن الأســئلة المركز ّيــة التــي‬ ‫ال ّضغــط الاجتماعــي؟ ولمــاذا نغ ّيــر‬ ‫قبــل المجموعــة‪ ،‬ظاهــر ٌة ُتعــ َرف‬ ‫يجــب أن ُتطــ َرح فــي إطــار دراســتنا‬ ‫آراؤنــا ومعتقداتنــا ال ّشــخص ّية‬ ‫علم ًّيـا بالتأثيـر الاجتماعـي المعيـاري‬ ‫لظاهــرة الامتثــال هــي‪ :‬إلــى أ ّي‬ ‫لتوافــق الــرأي ال ّســائد أو ال ّشــائع‪،‬‬ ‫مـدى سـنذهب فـي محاولـة تغييـر‬ ‫مفاهيمنــا وآراؤنــا ال ّشــخص ّية‬ ‫لتوافـق رأي الأغلب ّيـة؟ لمـاذا نمتثـل‬ ‫‪43‬‬

‫تسـاعد فـي كسـر حاجـز الخـوف‬ ‫ •عندمــا تواجــه وتختلــف فــي‬ ‫(‪.)Normative Social Influence‬‬ ‫الـرأي مـع مجموعـة (مك ّونة على‬ ‫إذا تع ّرضــت لل ّســخرية‪ ،‬الته ّكــم‪ ،‬أو‬ ‫وتعــ ّدي الامتثــال أو الإ ّمع ّيــة‪،‬‬ ‫الأقــ ّل مــن ‪ 4‬أو ‪ 5‬أشــخاص)‬ ‫ح ّتـى ال ّرفـض فـي يـو ٍم مـن الأ ّيـام‬ ‫وبالإمـكان تلخيصهـا كالآتـي‪:‬‬ ‫متوافقــة تما ًمــا علــى مســألة‬ ‫لمجــ ّرد خروجــك عــن المألــوف أو‬ ‫الم ّتفـق عليـه‪ ،‬فلقـد ج ّربـت ال ّضغط‬ ‫عندمــا يكــون لديــك حليــف ضــ ّد‬ ‫مــا‪.‬‬ ‫ال ّناتــج عــن التأثيــر الاجتماعــي‬ ‫رأي الأغلب ّيــة‪ ،‬غال ًبــا مــا يضعــف‬ ‫المعيــار ّي‪ .‬ال ّســبب ال ّثانــي هــو‬ ‫التأثيــر الاجتماعــي للأغلب ّيــة‪،‬‬ ‫ •عندمــا تض ّطــر لل ّتصريــح بآرائــك‬ ‫رغبتنـا فـي أن نكـون مح ّقيـن‪ .‬عندما‬ ‫وتكـون أكثـر جـرأة علـى الخـروج عـن‬ ‫ومعتقداتــك علانيــة وأمــام‬ ‫نكــون غيــر واثقيــن أو متشــ ّككين‬ ‫فــي ص ّحــة حكمنــا علــى الأشــياء‪،‬‬ ‫المألـوف‪ .‬احتماليـة مخالفـة الأفـراد‬ ‫ا لمجمو عــة ‪.‬‬ ‫عــادة مــا ننظــر إلــى المجموعــة‬ ‫كمصــدر للمعلومــات ال ّدقيقــة أو‬ ‫لــرأي المجموعــة تــزداد ح ّتــى مــع‬ ‫ •عندمــا لا تكــون قــد ص ّرحــت‬ ‫الموثوقــة‪ ،‬ظاهــر ٌة ُتعــ َرف علم ًّيــا‬ ‫ُمسـب ًقا بإلتزامـك لفكـرة أخرى أو‬ ‫بالتأثيــر الاجتماعــي المعلوماتــي‬ ‫وجــود مجــ ّرد شــخص آخــر مخالــف‪.‬‬ ‫(‪.)Informational Social Influence‬‬ ‫الأبحـاث تشـير أي ًضـا أ ّن المعارضـة‬ ‫رأي آخــر‪.‬‬ ‫بالإضافــة إلــى هذيــن ال ّســببين‬ ‫والانشـقاق عـن رأي الأغلب ّيـة‪ ،‬ح ّتـى‬ ‫المركز ّييــن‪ ،‬أبحــاث آش (‪Asch,‬‬ ‫لـو كان الـ ّرأي المنشـ ّق خاط ًئـا‪ ،‬مـن‬ ‫ •عندمـا تجـد أ ّن المه ّمـة صعبة أو‬ ‫‪ )1955‬وغيــره مــن علمــاء ال ّنفــس‬ ‫شــأنها أن تشــ ّجع علــى مقاومــة‬ ‫غامضة‪.‬‬ ‫أشــارت إلــى أ ّن الإنســان معــ ّرض‬ ‫ســلطة الأغلب ّيــة وســلطة آراؤهــم‪.‬‬ ‫أكثــر للخضــوع لــرأي الأغلب ّيــة إذا‬ ‫الأمــر المثيــر للاهتمــام أي ًضــا‪ ،‬أ ّن‬ ‫ •عندمـا تشـ ّك فـي معرفتـك أو‬ ‫الامتثـال لـرأي الأغلب ّيـة يقـ ّل ح ّتـى‬ ‫قدراتـك فـي حالـة أو مرحلـة مـا‪.‬‬ ‫تو ّفــرت ال ّشــروط الآتيــة‪:‬‬ ‫لو كان هنالك شـكوك حقيق ّية حول‬ ‫كفـاءة‪ ،‬أهل ّيـة‪ ،‬أو مقـدرة ال ّشـخص‪،‬‬ ‫ •عندمــا تكــون منجذ ًبــا جــ ًّدا‬ ‫‪44‬‬ ‫المجموعــة‪ ،‬أو الجهــات المنشــ ّقة‪.‬‬ ‫للمجموعــة وتــو ّد أن تكــون‬ ‫عضــ ًوا أو جــز ًء منهــا‪.‬‬ ‫ •لك ّن دراسات آش (‪ )Asch‬وغي ِر ِه‬ ‫أظهـرت أي ًضـا أ ّن هنالـك عوامـل‬

‫إلـى اثنتيـن متسـاويتين مسـاجين‬ ‫تجربة (فيليب زيمباردو) ‪:‬تأثير السلطة المطلقة‬ ‫وحـراس‪ .‬مـن المثيـر أن المسـاجين‬ ‫قالـوا فيمـا بعـد أنهـم كانـوا يظنون‬ ‫‪ 70‬شـخص‪ ،‬اختـار زيمبـاردو منهـم‬ ‫قامــت البحريــة الأمريكيــة بتمويــل‬ ‫أن اختيــار الســجانين تــم بنــاء علــى‬ ‫‪ 24‬كانـوا الأكثـر ملائمـة مـن حيـث‬ ‫الدراســة لفهــم الصراعــات فــي‬ ‫أجســادهم الأكبــر‪ .‬لكــن الواقــع‬ ‫الاســتقرار النفســي والصحــة‬ ‫نظـام السـجن عندهـا‪ .‬تـم الإعـان‬ ‫أنهــم فــرزوا بالقرعــة باســتخدام‬ ‫البدنيـة‪ .‬غالبيتهم كانوا من البيض‪،‬‬ ‫عـن التجربـة فـي الجرائـد للحصـول‬ ‫قطعـة نقـود‪ ،‬ولـم تكـن هنـاك أيـة‬ ‫الذكــور‪ ،‬ومــن الطبقــة الوســطى‪،‬‬ ‫علــى مشــاركين مقابــل ‪15$‬‬ ‫فـروق موضوعيـة مـن حيـث البنيـة‬ ‫وهــم جميعــ ًا طــاب فــي المرحلــة‬ ‫كل يــوم (‪ 75$‬بأســعار ‪)2006‬‬ ‫للمشــاركة فــي ((محــاكاة لســجن))‬ ‫بيــن المجموعتيــن‪.‬‬ ‫الجامعيــة‪.‬‬ ‫مدتهـا أسـبوعين‪ .‬اسـتجاب للإعلان‬ ‫الســجن أعــد فــي قبــو جامعــة‬ ‫قســمت المجموعــة عشــوائي ًا‬ ‫ســتانفورد‪ ،‬وقــد وضــع زيمبــاردو‬ ‫مجموعــة مــن القيــود علــى‬ ‫المشــاركين أمــ ًا فــي أن تمنــع‬ ‫الهذيــان والاختــالات فــي‬ ‫الشــخصية‪ ،‬وانتفــاء الهويــة‬ ‫ا لفر د يــة ‪.‬‬ ‫تســلم الحــراس عصــي شــرطة‪،‬‬ ‫وبــزات اختاروهــا بأنفســهم مــن‬ ‫محـل أزيـاء عسـكرية‪ ،‬وتـم تزويدهم‬ ‫بنظــارات عاكســة لتجنــب التواصــل‬ ‫البصــري مــع المســاجين (زيمبــاردو‬ ‫‪45‬‬

‫الطــرق‪ .‬بالنتيجــة ســيقود كل هــذا‬ ‫مســجونون ومضطهــدون‪.‬‬ ‫قـال بـأن هـذه الفكـرة جاءتـه مـن أحد‬ ‫إلـى شـعور بفقـدان السـيطرة مـن‬ ‫الأفـام)‪ .‬وعلـى عكـس المسـاجين‬ ‫طرفهــم‪ .‬بهــذا الشــكل ســوف‬ ‫قبــل بــدء الاختبــار بيــوم واحــد‪،‬‬ ‫تمتــع الحــراس بــدوام علــى شــكل‬ ‫تكـون لنـا السـلطة المطلقـة ولـن‬ ‫تــم جمــع الحــراس لحضــور جلســة‬ ‫دوريــات‪ ،‬يعــودون إلــى بيوتهــم‬ ‫تمهيديــة‪ ،‬لكنهــم لــم يتلقــوا أيــة‬ ‫بعــد انقضائهــا‪ ،‬لكــن عــدد ًا منهــم‬ ‫تكــون لهــم أي ســلطة»‪.‬‬ ‫خطــوط أو توجيهــات‪ ،‬باســتثناء‬ ‫صــاروا يتطوعــون أحيانــا لســاعات‬ ‫عــدم الســماح باســتخدام العنــف‬ ‫فــي المقابــل قيــل للســجناء بــأن‬ ‫الجســدي‪ .‬قيــل لهــم بــأن إدارة‬ ‫إضافيــة رغــم أنهــا بــدون أجــر‪.‬‬ ‫ينتظـروا فـي بيوتهـم حتـى يحيـن‬ ‫الســجن تقــع علــى عاتقهــم‪ ،‬وان‬ ‫الموعـد ويتـم اسـتدعاؤهم‪ .‬بـدون‬ ‫لهــم أن يديــروه كمــا يشــاؤون‪.‬‬ ‫كان علــى المســاجين أن يلبســوا‬ ‫أي تحذيــر تــم اتهامهــم بالســطو‬ ‫ردا ًء فضفاضــ ًا مــن دون ملابــس‬ ‫المســلح واعتقالهــم مــن قبــل‬ ‫قــدم زيمبــاردو الجمــل التاليــة‬ ‫داخليــة وصنــادل مطاطيــة‪ ،‬وهــو‬ ‫قســم شــرطة حقيقــي‪ ،‬قــدم‬ ‫للحــراس خــال ملخــص‪:‬‬ ‫أمــر رجــح زيمبــاردو أنــه ســيجبرهم‬ ‫مسـاعدته فـي هـذه المرحلـة فقـط‬ ‫علـى التأقلم مـع عادات ووضعيات‬ ‫«يمكنكــم أن تولــدوا إحساســ ًا‬ ‫جســمانية غيــر مألوفــة ومزعجــة‪.‬‬ ‫مــن الاختبــار‪.‬‬ ‫بالخمـول لـدى السـجناء‪ ،‬ودرجـة مـا‬ ‫وقــد رمــز إلــى كل ســجين برقــم‬ ‫مـن الخوف‪ ،‬مـن الممكن أن توحوا‬ ‫عوضــ ًا عــن اســمه‪ ،‬وقــد خيطــت‬ ‫تــم إخضــاع الســجناء لإجــراءات‬ ‫بشــيء مــن التعســف يجعلهــم‬ ‫الأرقــام علــى ملابســهم‪ ،‬وكان‬ ‫الاعتقــال التقليديــة بمــا فيهــا‬ ‫يشـعرون بأنكـم وبأن النظـام وبأننا‬ ‫عليهـم أن يعتمـروا قبعـات ضيقـة‬ ‫التســجيل‪ ،‬وأخــذ البصمــات‪،‬‬ ‫جميعــ ًا نســيطر علــى حياتهــم‪،‬‬ ‫مــن النايلــون لتبــدوا رؤوســهم‬ ‫والتقـاط الصـور‪ ،‬كمـا تليـت عليهـم‬ ‫سـوف لـن تكـون لهـم خصوصيات‬ ‫كمــا لــو أنهــا محلوقــة تمامــ ًا‪ .‬كمــا‬ ‫حقوقهـم تحـت الاعتقـال‪ .‬ثم نقلوا‬ ‫ولا خلــوات‪ .‬سنســلبهم مــن‬ ‫وضعــت سلســلة صغيــرة عنــد‬ ‫إلـى السـجن المعـد للاختبـار حيـث‬ ‫شــخصياتهم وفرديتهــم بمختلــف‬ ‫الكاحــل كمنبــه دائــم علــى أنهــم‬ ‫تــم تفتيشــهم عــراة‪ ،‬و((تنظيفهــم‬ ‫مــن القمــل)) ومنحهــم هويــات‬ ‫‪46‬‬

‫اســتجابوا بأحــد ثــاث طــرق‪ :‬إمــا‬ ‫الخطــة وآتــت الجهــود أكلهــا‪ ،‬فلــم‬ ‫جديــدة‪.‬‬ ‫المقاومــة بنشــاط‪ ،‬أو الانهيــار‪،‬‬ ‫يظهــر بعــد ذلــك أي تمــرد كبيــر‪.‬‬ ‫أو بالرضــوخ والطاعــة وهــي حالــة‬ ‫وقـد ذكـر بعـض المستشـارين بـأن‬ ‫ســرعان مــا خرجــت التجربــة عــن‬ ‫((الســجين النموذجــي))‪ .‬كمــا أن‬ ‫هــذه الخطــة تســتخدم بنجــاح فــي‬ ‫الســيطرة‪ .‬فعانــى الســجناء‬ ‫زيمبــاردو نفســه أخــذ بالانغمــاس‬ ‫الســجون الحقيقيــة فــي أمريــكا‪.‬‬ ‫واحتملــوا ممارســات ســادية‬ ‫والتورط في الاختبار شـيئ ًا فشـيئ ًا‪.‬‬ ‫ومهينــة علــى أيــدي الحــراس‪،‬‬ ‫ففــي اليــوم الرابــع‪ ،‬وعلــى أثــر‬ ‫ســرعان مــا تحــول الســجن إلــى‬ ‫بــدت علــى عــدد منهــم علامــات‬ ‫سـريان إشـاعة عن خطة فرار يعدها‬ ‫مــكان منفــر وغيــر صحــي‪ .‬وصــار‬ ‫الســجناء‪ ،‬حــاول الدكتــور زيمبــاردو‬ ‫الدخــول إلــى الحمامــات امتيــاز ًا‪،‬‬ ‫الاضطــراب العاطفــي‪.‬‬ ‫والحــراس أن يحولــوا التجربــة إلــى‬ ‫قــد يحــرم منــه الســجين‪ ،‬وكثيــر ًا‬ ‫حقيقـة‪ ،‬فـأرادوا اسـتخدام بنـاء غيـر‬ ‫مــا حصــل ذلــك‪ .‬وقــد أجبــر بعــض‬ ‫فبعــد اليــوم الأول الــذي مــر دون‬ ‫مسـتخدم مـن سـجن حقيقـي تابـع‬ ‫السـجناء علـى تنظيـف المراحيـض‬ ‫مـا يسـتحق الذكـر‪ ،‬اشـتعل عصيـان‬ ‫للشـرطة المحليـة‪ ،‬ونقـل السـجناء‬ ‫بأيديهــم المجــردة‪ .‬وتــم إخــراج‬ ‫فـي اليـوم الثاني‪ ،‬وتطـوع الحراس‬ ‫إليـه بهـدف ضمـان ((الأمـن))‪ ،‬لكـن‬ ‫الفـرش والوسـائد مـن مـا سـميت‬ ‫للعمــل ســاعات إضافيــة للقضــاء‬ ‫قســم الشــرطة رفــض طلبهــم‬ ‫زنزانـة ((السـيئين))‪ ،‬وأجبـر السـجناء‬ ‫علــى التمــرد‪ ،‬دون أي إشــراف‬ ‫بهـذا الخصـوص‪ .‬ويتذكـر زيمبـاردو‬ ‫علـى النـوم عـراة علـى البـاط‪ .‬أمـا‬ ‫مـن قبـل الطاقـم المشـرف علـى‬ ‫لاحقـ ًا أنـه كان غاضبـ ًا ومسـتا ًء مـن‬ ‫الطعــام فكثيــر ًا مــا حــرم الســجناء‬ ‫الاختبـار‪ .‬بعـد ذلـك‪ ،‬حـاول الحـراس‬ ‫شــح التعــاون مــن قبــل الشــرطة‬ ‫منـه كوسـيلة للعقـاب‪ .‬لقـد فـرض‬ ‫أن يفرقــوا الســجناء ويحرضوهــم‬ ‫المحليـة وعـدم وضـع مرافقهـا في‬ ‫العــري علــى الســجناء وتعرضــوا‬ ‫ضــد بعضهــم البعــض مــن خــال‬ ‫خدمـة الاختبـار‪ .‬مـع تقـدم التجربـة‪،‬‬ ‫للتحــرش الجنســي والإذلال مــن‬ ‫تقســيمهم إلــى زنزانتيــن واحــدة‬ ‫ازداد السـلوك السـادي عنـد بعـض‬ ‫((للجيديــن)) والأخــرى ((للســيئين))‪،‬‬ ‫قبــل الســجانين‪.‬‬ ‫ليوهمــوا الســجناء مــن وراء ذلــك‬ ‫إلـى أن هنـاك مخبريـن تـم زرعهـم‬ ‫زيمبــاردو قــال بــأن الســجناء‬ ‫ســر ًا بيــن الســجناء‪ .‬لقــد نجحــت‬ ‫‪47‬‬

‫نتائــج هــذه التجربــة متوافقــة مــع‬ ‫تعتبــر هــذه التجربــة عرضــ ًا لأنمــاط‬ ‫الحـراس ـ وخاصـة خـال الليـل حيـث‬ ‫اختبـار (ميلغـرام)‪ ،‬وهـو كذلـك مـن‬ ‫الطاعــة والانصيــاع التــي يبديهــا‬ ‫ظنـوا أن الكاميـرات كانـت مطفـأة‪.‬‬ ‫حيــث أنــه يدعــم فكــرة ((التنســيب‬ ‫النــاس عندمــا يتعرضــون لنظــام‬ ‫قـال المشـرفون علـى الاختبـار بـأن‬ ‫المكانـي)) التـي تقـول بـأن الوضـع‬ ‫أيديولوجـي يحظى بدعم اجتماعي‬ ‫واحــد مــن كل ثلاثــة حــراس تقريبــ ًا‬ ‫أو الواقـع هـو الـذي سـبب سـلوك‬ ‫ومؤسســاتي‪ .‬لقــد تــم توظيــف‬ ‫أظهـر ميولًا سـادية حقيقة‪ .‬معظم‬ ‫الأفــراد فــي الاختبــار أكثــر مــن أي‬ ‫هــذا الاختبــار لتوضيــح وفهــم‬ ‫الحـراس انزعجـوا عندمـا تـم إجهـاض‬ ‫شـيء مـوروث فـي شـخصياتهم‪.‬‬ ‫معالــم قــوة (الســلطة)‪ ،‬وتبــدو‬ ‫التجربــة قبــل الوقــت المحــدد لهــا‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫المدة الزمنية‬ ‫نوع النشاط‬ ‫عنوان النشاط‬ ‫الجلسة والنشاط‬ ‫أهداف الحوار‬ ‫النشاط الخامس‬ ‫‪2‬‬ ‫الحضاري‬ ‫‪ 30‬د‬ ‫أهداف الحوار‬ ‫ي‪- 1‬ج‪- 2‬ن‪5‬‬ ‫الجلسة الثانية‬ ‫الحضاري‬ ‫من خلال الجدول الآتي اربط بين كل هدف ونتيجته وغايته ومخرجاته في الجدول اللاحق‪:‬‬ ‫مخرجات‬ ‫غايات‬ ‫نتائج‬ ‫أهداف‬ ‫حضارات رائدة في‬ ‫‪1‬‬ ‫تلبية حاجات الناس وتحسين ظروف‬ ‫‪1‬‬ ‫التوازن في النظرة إلى‬ ‫‪1‬‬ ‫التعارف بين الأجناس‬ ‫‪1‬‬ ‫ميادين متعددة‬ ‫حياتهم وتذليل الصعوبات التي‬ ‫الذات الذي يتضمن‬ ‫البشرية والحضارات‬ ‫تواجههم‬ ‫الاعتزاز بالهوية بمعزل‬ ‫المتعددة‪ ،‬تعريفا بالذات‬ ‫عن الفوقية والاستعلاء‬ ‫وتعرفا على الآخر بعيدا‬ ‫واعتقاد التفوق المطلق‬ ‫عن الصورة النمطية‬ ‫على الحضارات الأخرى‬ ‫‪ -‬التحالفات الدولية‬ ‫‪2‬‬ ‫التسامح والتعايش السلمي بين‬ ‫‪2‬‬ ‫الانفتاح على‬ ‫‪2‬‬ ‫تلاقح الحضارات وتبادل‬ ‫‪2‬‬ ‫لمكافحة إرهاب الدول‬ ‫الحضارات ونبذ الكراهية والحد من‬ ‫الاخرين واكتشاف‬ ‫الأفكار والمعارف‬ ‫‪3‬‬ ‫القيم المشتركة بين‬ ‫والخبرات الثقافية‬ ‫أو التنظيمات‬ ‫الصراعات الإثنية المختلفة‬ ‫والفكرية والعلمية‬ ‫‪ -‬الاتفاقيات العالمية‬ ‫الحضارات‬ ‫والاقتصادية‬ ‫‪ -‬المنظمات الدولية‬ ‫الإحاطة بتاريخ‬ ‫‪ -‬الاكتشافات‬ ‫‪3‬‬ ‫التعاون بين ‪4‬الحضارات لتكريس‬ ‫‪3‬‬ ‫التحسين المتبادل‬ ‫‪3‬‬ ‫الحضارات الأخرى‬ ‫‪ -‬الاختراعات العلمية‬ ‫القيم العليا في النفوس وتمكينها‬ ‫للصور النمطية عن‬ ‫‪4‬وأثرها في صناعة‬ ‫الحضارات المختلفة‪،‬‬ ‫الحاضر‪ ،‬بالإضافة إلى‬ ‫‪ -‬التبادلات التجارية‬ ‫في الواقع‪ ،‬مثل قيم‪ :‬العدل‬ ‫الاطلاع على إمكاناتها‬ ‫والمساواة وإحلال السلام ومكافحة‬ ‫واحترام التنوع‬ ‫المستقبلية وفرص‬ ‫الفقر والقضاء على التمييز العنصري‬ ‫والاختلاف الديني‬ ‫النمو والتطور لديها‬ ‫والاستعلاء العرقي والتطرف الديني‬ ‫والحضاري‬ ‫مجتمعات متصالحة‬ ‫‪4‬‬ ‫الاعتراف بتميز الآخرين وتثمين‬ ‫‪4‬‬ ‫التكامل بين الحضارات‬ ‫‪4‬‬ ‫شرح المواقف‬ ‫‪4‬‬ ‫ومنسجمة ذات مكونات‬ ‫مآثرهم والاستفادة من تجاربهم‬ ‫في مراحل بناء مجتمع‬ ‫الدينية والسياسية‬ ‫المعرفة العالمي (إنتاج‬ ‫والخصوصيات الثقافية‬ ‫حضارية متنوعة‬ ‫وإنجازاتهم الحضارية‬ ‫المعرفة وتوظيفها‬ ‫وإزالة الشبهات‬ ‫واستثمارها)‬ ‫المطروحة حولها‬ ‫‪49‬‬

‫المخرجات‬ ‫الغاية‬ ‫النتيجة‬ ‫الهدف‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الاختراع أو الاكتشاف‬ ‫س‪ /‬من خلال ما سبق‪ ،‬ما‬ ‫الكتابة‬ ‫هي الغاية العظمى من حوار‬ ‫‪4‬‬ ‫الورق‬ ‫السفن‬ ‫الحضارات؟‬ ‫المخترع أو المكتشف‬ ‫الصفر‬ ‫الحضارة السومرية‬ ‫الساعة‬ ‫تمكيــن الإنســان مــن القيــام‬ ‫الحضارة الصينية‬ ‫النقود‬ ‫بوظيفتــه فــي الأرض وهــي‪:‬‬ ‫الحضارة المصرية‬ ‫عمارتهـا بالخيـر‪ ،‬مسـتغلا مـا سـخره‬ ‫المسلمون‬ ‫النقود الورقية‬ ‫اللـه مـن مـوارد وقـدرات فـي بيئـة‬ ‫قدماء المصريين‬ ‫البوصلة‬ ‫عالميــة ســليمة ومســتقرة تقــوم‬ ‫علــى أســاس الاحتــرام المتبــادل‬ ‫الليديون بآسيا الصغرى‬ ‫المصباح الكهربائي‬ ‫بيــن الثقافــات والحضــارات‬ ‫الصينيون‬ ‫الهاتف‬ ‫البنسلين‬ ‫ا لمختلفــة ‪.‬‬ ‫العرب المسلمون‬ ‫الأمريكي توماس اديسون‬ ‫الجاذبية الأرضية‬ ‫‪50‬‬ ‫الإيطالي أنطونيو ميوتشي‬ ‫الاسكتلندي الكسندر فلمنج‬ ‫الإنجليزي إسحاق نيوتن‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook