ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﻬﺎ ﻜل ﻤﺘﺫﻭﻕ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﺘﺫﻭﻗﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺒﺎﻟﻐـﺎ ﺤـﺩ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻱ ﻋﻤل ﻓﻨﻲ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺃﺼﻴل .ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﻥ؟ -1ﺍﻟﻔﻥ :Artﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻌﺠﻡ ﺼﻠﻴﺒﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻗﻭﻟﻪ \" :ﺍﻟﻔﻥ ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺠﻤﻠـﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋـﺩﺍﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﻟﺘﺤﺼﻴل ﻏﺎﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﺠﻤﺎﻻ ﻜﺎﻨﺕ ،ﺃﻭ ﺨﻴﺭﺍ ،ﺃﻭ ﻤﻨﻔﻌﺔ .ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨـﺕ ﻫـﺫﻩﺍﻟﻐﺎﻴﺔ ﻫﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺠﻤﺎل ،ﺴﻤﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﺒﺎﻟﻔﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴل ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺨﻴـﺭﺴﻤﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﺒﻔﻥ ﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﺴﻤﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﺒﺎﻟﺼﻨﺎﻋﺔ... .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻔﻥ ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﻓﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘـﻲ ﻴـﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﺍﻹﻨـﺴﺎﻥﻹﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ،ﻜﺎﻟﺘﺼﻭﻴﺭ ،ﻭﺍﻟﻨﺤﺕ ،ﻭﺍﻟـﻨﻘﺵ ،ﻭﺍﻟﺘـﺯﻴﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﻌﻤـﺎﺭﺓ،ﻭﺍﻟﺸﻌﺭ ،ﻭﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ،ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ .ﻭﺘﺴﻤﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﺒﺎﻟﻔﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ Beaux Arts ...ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺴﺘﻌﻤل ﻟﻔﻅ ﺍﻟﻔﻥ ﺒﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩ )ﺍﻟﻔﻥ ( ،ﺩل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﻤـﺸﺘﺭﻜﺔﺒﻴﻥ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺴﺘﻌﻤل ﺒﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺠﻤﻊ )ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ( ،ﺩل ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻭﺴـﺎﺌلﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ،ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎل ،ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﺍﻟﺨﻁـﻭﻁ ،ﺃﻭ ﺍﻷﻟـﻭﺍﻥ ،ﺃﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ،ﺃﻭ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ،ﺃﻭ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ .ﻭﻜل ﻤﻥ ﻤﻬـﺭ ﻓـﻲ ﺘـﺫﻭﻕ ﺍﻟﺠﻤـﺎل ﺃﻭﺘﺤﺼﻴﻠﻪ ،ﺃﻭ ﺇﺒﺩﺍﻋﻪ ﻴﺴﻤﻰ ﻓﻨﺎﻨﺎ .ARTISTEﻭﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﻤﻠﺘﺯﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﻔـﻥ ﺍﻟﻤﻭﺠـﻪ، ﻭﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﺤﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻟﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻁﻠﻘﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺼﻁﻼﺡ ﺍﻟﻔﻥ ﻟﻠﻔﻥ\".ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻔﻥ ﺃﻱ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ﻭﻭﻋﻴﻪ ،ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺏ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻭﺍﻟﺒـﺎﻟﻎﺤﺩ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺃﻗﺼﻰ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻭﺍﻟﻐﺒﻁﺔ ﻭﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙﻟﻴﺱ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ ﺒل ﺫﺍﺘﻴﺎ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ \"ﺒﻨﺩﻴﺘﻭ ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ\" ﺍﻹﻴﻁﺎﻟﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺃﺸﻬﺭ ﻓﻼﺴﻔﺔﺍﻟﺠﻤﺎل ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﻟﺤﺩ ﺍﻵﻥ ،ﻜﺎﻥ ﻴﻘﻭل \" :ﻟﻴﺱ ﻟﻠﺠﻤﺎل ﻭﺠﻭﺩ ﻓﻴﺯﻴـﺎﺌﻲ\" .ﺃﻱ
ﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ،ﺒل ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ،ﺃﻭ ﻓـﻲﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻙ ﻟﻠﻔﻥ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻴﻥ ،ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤـﻥﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻗﻴﻥ ﻟﺸﺘﻰ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﺍﻟﻔﻨﻲ .ﻓﺎﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ﺇﻨﻤـﺎ ﺘﻘـﻭﻡ ﺒـﻪ ﺫﻭﺍﺕﺍﻟﻤﻨﺘﺞ )ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ( ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻙ )ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ( ،ﺃﻭ ﺍﻟﻭﺴﻴﻁ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﺭﺠﻡ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻥ ﻤﻘﻠﺩﺍﻤﻭﻫﻭﺒﺎ ،ﺃﻭ ﻤﺠﺭﺩ ﺘﺎﺠﺭ ﻤﺭﻭﺝ ﻟﻸﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻜﺒﺎﺌﻊ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻠﻭﺤﺎﺕﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﻭﺭﺓ ،ﺃﻭ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻟﻤﻨﺤﻭﺘﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻘﻭﺸﺔ ،ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺴـﻁﺎﺀ ﺒـﻴﻥﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻙ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ .ﻭﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻓـﺈﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤـﺎل ﻭﺒﻠـﻭﻍﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻨﺸﻭﺓ ﻭﺍﻟﺫﻫﻭل ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﺘﻭﺼل ﺇﻟﻴـﻪﻤﻥ ﻁﺭﻕ ﺜﻼﺙ ،ﻫﻲ :ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻠﻕ ،Créationﻭﺍﻟﺘﺄﻤـل ، Contemplationﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ،Exécutionﻭﻫﻨﺎﻙ ﻓﻜﺭﺓ – ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ – ﻤﻨـﺴﻭﺒﺔ ﺇﻟـﻰ \"ﻜـﺎﻨﻁ\"،ﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ \" ﺃﻥ ﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺸﻲﺀ ﻤﺎ ،ﻟﻴﺴﺕ ﺼﻔﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﺒـل ﻨـﺸﺎﻁﺎﺫﺍﺘﻴﺎ ،ﻤﻭﻗﻔﺎ ﻨﺘﺨﺫﻩ ﺇﺯﺍﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ\" .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻟﻺﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ،ﺘﺤﺼل ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺇﺫﺍ ﺒﻠﻐﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﻤﺩﺍﻫﺎ ﻭﻤﻨﺘﻬﺎﻫﺎ .ﻓﺎﻟﺘﺄﻤل ﻴﻨﻤـﻭﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺒﻠﻎ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﺤﺒﻭﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺒﺎﻟﻐﺔ ﺤﺩ ﺍﻟﺫﻫﻭل ،ﺃﻭ ﺍﻻﻨﺨﻁﺎﻑ ﻭﺍﻻﻗﺘﻼﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻌﻬﺎ ﻏﻴﺭ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺍﻟﻔﻨـﻲﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ﻤﻨﻔﺭﺩﺍ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﻭﺤﺩﻩ ﻤﻜﻭﻨﺎ ﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤل ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﺫﻭﻕ ﻟﺠﻤﺎلﻓﻨﻲ ﻤﻌﻴﻥ .ﻭﻗﺩ ﻭﻀﺤﻭﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺒﻬﺠـﺔﻭﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻭﺍﻟﻐﺒﻁﺔ ،ﺃﻱ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺒﻤﺎ ﻤﻠﺨﺼﻪ :ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤل ﻟﻠﻭﺤﺔ ﻤﺎ ،ﺇﻤﺎ ﺃﻥﻻ ﻴﻜﺜﺭﺕ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﺄﻱ ﺍﻨﻔﻌﺎل ،ﻭﻻ ﺒﺄﻴﺔ ﻟﺫﺓ ﻓﻨﻴﺔ ،ﻭﺇﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﺭﺘـﺎﺡﻟﻬﺎ ،ﻓﺘﻨﻘﻠﺏ ﺒﺭﻭﺩﺘﻪ ﻭﻻ ﻤﺒﺎﻻﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻟﺫﺓ ،ﺘﺯﺩﺍﺩ ﺤﺩﺓ ،ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﺄﻤﻠـﻪ ﺃﻜﺜـﺭﺇﻤﻌﺎﻨﺎ ،ﻟﻜﻥ ﺇﺫﺍ ﺒﻠﻎ ﺘﺄﻤﻠﻪ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﻬﻴﺞ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌﻠﻪ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﺒﻬﺠﺔ ،ﺘﺭﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ
ﺃﺴﻤﻰ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺤﺯﻥ ،ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒـﺎﻷﻟﻡﺍﻟﻌﻤﻴﻕ ﻴﺘﻨﺎﻓﻰ ﻭﻴﺨﺘﻔﻲ ﺒﺤﺼﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺒﻬﺠﺔ .ﻟﻘﺩ ﻤﺜل ﺃﺤـﺩﻫﻡﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﺒﻤﻥ ﻴﺼﻐﻲ ﻟﻔﺭﻗﺔ ﻤﻭﺴﻴﻘﻴﺔ ﺘﻌﺯﻑ ﺴﻤﻔﻭﻨﻴﺔ ﺸﻬﻴﺭﺓ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﺘﻌـﺩﺩﻨﻐﻤﺎﺕ ﺍﻵﻻﺕ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ،ﻻ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤل ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﻭﺠـﻭﺩ ﺃﺸـﻴﺎﺀﺃﺨﺭﻯ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﻤﺜﻼ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻟﻨﻭﺍﻓﺫ ﻭﺍﻟﺴﺘﺎﺌﺭ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺠﺎﻭﺭﻭﻨﻪ ﻓﻲﺍﻟﻘﺎﻋﺔ .ﻭﻟﻜﻥ ﻓﺠﺄﺓ ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻴﻨﻌﺩﻡ ﻜل ﺸﻲﺀ ،ﻻ ﻗﺎﻋﺔ ،ﻭﻻ ﺠﻤﻬﻭﺭ ،ﻭﻻﺸﻲﺀ ﻤﻁﻠﻘﺎ ﺴﻭﻯ ﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﺼﻭﺕ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺴﺩ ﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﺴﻤﻔﻭﻨﻴﺔ ،ﺒل ﺼـﺎﺤﺒﻬﺎﺍﻟﺫﻱ ﺃﺒﺩﻋﻬﺎ ،ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤل ﻭﺤﻴﺩﺍ ،ﻟﻘﺩ ﺍﻨﺨﺭﻁ ﻓﻲ ﺤﻭﺍﺭ ﻤﻊ ﻤﺒﺩﻉ ﺍﻟـﺴﻤﻔﻭﻨﻴﺔ،ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻗﺘﻠﻌﻪ ﻭﺨﻁﻔﻪ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻥﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ﺍﻨﻌﺩﻤﺕ ،ﻓﻠﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺎﺩﻱ ﻗـﺩ ﺍﺨﺘﻔـﻰ،ﻭﺘﺤﻭل ﺇﺩﺭﺍﻜﻪ ﺍﻟﺒﺼﺭﻱ ﻟﻠﻌﺎﺯﻓﻴﻥ ،ﻭﺃﺤﺎﺴﻴﺴﻪ ﺍﻟﺴﻤﻌﻴﺔ ﻷﺼﻭﺍﺕ ﺍﻵﻻﺕ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔﺴﺎﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺒل ﺍﻟﺠﺫﺭﻱ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺎﻤل ،ﺇﻟﻰ ﺸﻌﻭﺭ ﻴﻨﻘﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻓـﻭﻕ ﺫﺍﺘـﻪ ،ﺇﻨـﻪﺍﻟﺫﻫﻭل .ﺤﺩﺜﺕ ﺇﺫﻥ ﺼﺩﻤﺔ ،ﻓﻨﺠﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﻅﻴﻡ ﺍﻟﻤﺫﻫل ﺒﺎﻟﻔﻌل .ﺇﻨﻪ ﺍﻻﻨﺴﻼﺏﺒﻤﻌﻨﻴﻴﻪ ،ﺇﺫ ﻴﺤﺩﺙ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺒﺒﻬﺠﺔ ﻤـﺴﺘﻘﺭﺓ ،ﻟﻴـﺴﺕ ﺴـﻭﻯ ﺍﻟﺭﻀـﻰﺍﻷﻗﺼﻰ ،ﻭﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺒﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻻﻗﺘﻼﻉ ،ﻤﻥ ﺍﻻﺨﺘﻁﺎﻑ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺸـﺅﻭﻥﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺯﻤﻨﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ .ﻭﻫﺫﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺎﻥ ﻴﺸﻜﻼﻥ ﻭﺤﺩﺓ ﻻ ﺘﺘﺠـﺯﺃ .ﻓﺎﻟـﺫﻫﻭلﻜﻠﻲ ،ﻭﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﺘﺎﻡ ،ﻭﻫﻭ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺃﻱ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺁﺨﺭ ﻴﺸﺎﺭﻜﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺠـﻭﺩ ،ﻭﻻ ﺃﻱﺘﺄﺜﻴﺭ ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻴﺠﺎﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺫﺍﺕ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺫﻫﻭ ل ﻭﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻟﻴﺴﺎ ﻤﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔﻨﻘﻴﺔ ،ﺒل ﻫﻤﺎ ﺤﺎﻟﺘﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻁ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺃﻥ ﺭﺍﺌﻌﺔ \" ﻨـﺸﻴﺩ ﺍﻟﻔـﺭﺡ\"ﻤﺜﻼ ،ﻻ ﺘﺩﻓﻌﻨﺎ ﺒﺘﺎﺘﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺭﺡ ،ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺃﺤﺩﻫﻡ ،ﻷﻨﻬﺎ \" ﻓﻥ ﻤﺸﻭﺏ ،ﺘﺯﺩﺤﻡ ﻓﻴـﻪﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺘﺒـﺎﻁ ﻭﺜﻴـﻕ ﺒﺎﻟﺤﻴـﺎﺓ\".
ﻭﻴﺫﻫﺒﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ \" ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺫﻫﻭل ﺜﺎﺒﺘﺔ .ﻓﺎﻟﺤﺒﻭﺭ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﺯﻴـﺎﺕ ﺍﻷﺸﺩ ﺼﻔﺎﺀ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﻤﺠﻠﺒﺔ ﻟﻠﻌﺯﺍﺀ ،ﺃﻭ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻨﺎ\".ﺃﻤﺎ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ،ﻓﻼ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺒﻠﻎ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﺩﺭﺠـﺔ ﺍﻟﺤﺒـﻭﺭ ،ﺃﻭ ﺍﻟـﺴﻌﺎﺩﺓﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺇﻨﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﻭﻻﺩﺓ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺃﻫﻭﺍل ﺍﻵﻻﻡ ﺍﻟﺠﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻓﻘﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴـﺔﺍﻟﻭﻀﻊ \" ،ﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺨﻠﻕ )ﺇﺒﺩﺍﻉ ( ،ﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻨـﺕ ﺍﻟﻜﺂﺒـﺔﻭﺍﻟﺸﻙ ﻭﺍﻟﻘﻠﻕ ﻤﻘﺩﻤﺔ\" ﻟﺸﻌﻭﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒﺈﻨﻪ ﺃﺤﺭﺯ ﺍﻟﻨﺼﺭ ،ﻓﻘﺩ ﻜـﺎﻥ \"ﺒﺭﻏـﺴﻭﻥ\"،ﻴﺅﻜﺩ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﻜﺘﺎﺒﻪ \" ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ\" \" :ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻴﻨﺒﺊ ﺩﺍﺌﻤـﺎ ﺒـﺄﻥﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻨﺠﺤﺕ ،ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻜﺴﺒﺕ ﺃﺭﻀﺎ ﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺃﺤﺭﺯﺕ ﻨﺼﺭﺍ ،ﻭﺤﻴﺜﻤـﺎ ﻴﻭﺠـﺩﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻴﻭﺠﺩ ﺍﻟﺨﻠﻕ )ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ( .ﻭﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻠـﻕ ﺜـﺭﺍ)ﻜﺎﻤﻼ ﻭﺃﺼﻴﻼ(\" .ﻟﻘﺩ ﻗﻴل\" :ﻻ ﺸﻲﺀ ﻴﺴﻤﻭ ﺒﻨﺎ ﻜﺎﻷﻟﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ،ﻭﺍﻷﻏـﺎﻨﻲ ﺍﻷﺸـﺩﺇﻤﻌﺎﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﺄﺱ ،ﻫﻲ ﺍﻷﺠﻤل\" .ﻜﻤﺎ ﻗﻴل \" :ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﻫﻭ ﺒﻬﺠﺔ ﺃﺒﺩﻴـﺔ\" .ﺃﻱﺴﻌﺎﺩﺓ ﺩﺍﺌﻤﺔ ﻭﻤﻁﻠﻘﺔ .ﻭﻴﻭﻟﺩ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ _ ﻋﻔﻭﻴﺎ _ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﺃﻭ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ،ﻭﻜل ﺨﻠﻕﻴﺴﺘﻠﺯﻡ ﺍﻟﺫﻫﻭل ﺸﻜﻠﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﻏﻴﺭ ﻤﻬﻡ ،ﻭﺍﻟﻘﻭل ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﺒﺩﻭﻥ ﺒﻬﺠـﺔﻴﻌﻨﻲ ﺇﻨﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺸﺎﺒﻪ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻨﺨﻁﺎﻓﻴﻥ) ﺍﻟﺫﻫﻭﻻﻥ( :ﺍﻟﺠﻤـﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟـﺩﻴﻨﻲ .ﺇﻥﻏﺒﻁﺔ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ _ ﻜﻤﺎ ﻗﻴل _ ﻫﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻬﺫﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﻭﻕ ﺇﻟـﻰ ﺤـﺩ ﺒﻌﻴـﺩ ﺃﻋﻠـﻰﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﻨﺸﻭﺓ ﺍﻟﺠﺴﺩﻴﺔ ،ﻓﻠﺫﺓ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺃﻜﺜﺭ ﺒﻘﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﺫﻫﻭل ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻱ ﺃﺴـﻤﻰ ﻤـﻥﺍﻟﺫﻫﻭل ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﺴﻤﻲ .ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﺍﻟﻨﺎﺒﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﺃﺩﻨﻰ ﻗﻴﻤﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﺤﺒـﻭﺭﺍﻟﻤﺘﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻥ .ﻓﻘﺩ ﻗﻴل ﺇﻥ ﺍﻻﻨﺨﻁﺎﻑ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻭﺍﻻﻨﺨﻁﺎﻑ ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻗﺭﺍﺒـﺔﻤﺭﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ،ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻜﻴﻨﻭﻨﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺏ ﺍﻟﻜﺎﺌﻥ ،ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻨـﺎﻜل ﺸﻲﺀ ،ﻭﻓﻲ ﺒﺩﻴﻬﻴﺔ \"ﻜﻭﻨﻨﺎ ﻻ ﺸﻲﺀ\"\" ،ﻫﻭ ﺍﻟﺠﻼل ﻭﺩﻋﺔ ﺍﻟﺼﺤﻭ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺤﺩ\".ﻓﺎﻟﺒﻬﺠﺔ ﺨﺩﺭ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻨﺸﺎﻁ ﻤﺴﺘﻔﻴﺽ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻫﻲ ﺍﻤﺘﻼﺀ ﻭﻓﺭﺍﻍ ،ﻫﻲ ﻜﻤﺎل ﻭﺸﻌﻭﺭﺒﺎﻟﻨﻘﺹ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﺍﻨﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺯﻤﻥ ،ﺘﺄﺒﻴﺩ
ﻟﻠﺤﻅﺔ ،ﺘﺠﺎﻭﺯ ﻟﻠﻭﻗﺘﻲ ،ﺍﻗﺘﻼﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ،ﻓﻘﺩ ﻗﻴل ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻭﺭﺠل ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﻴﺭﺩﺩﺍﻥ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻨﺩﺍﺀ\" :ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺯﻤﻥ ،ﺃﻭﻗـﻑﻁﻴﺭﺍﻨﻙ\" .ﻭﺍﻟﺨﻠﻕ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ \" ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ \" ،ﻭﺍﻟﺘـﻲﺒﻔﻀﻠﻬﺎ ،ﻴﺒﻠﻎ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺘﻠﻙ \" ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ\" ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻤﻭﻉ \" ،ﺩﻤﻭﻉ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ\" ،ﻭ\" ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﺇﻟـﻰﺍﻷﺒﺩ\" ،ﻭﻟﻘﺩ ﻟﺨﺹ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ،ﻭﺍﻻﻨﺨﻁﺎﻑ ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﻓـﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻥ ،ﻭﻻ ﺸﻲﺀ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻤﺎ ﻴﻤﺘﻨﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ.ﺃﻤﺎ ﺍﻷﺩﺍﺀ ،ﻓﺘﺘﻨﻭﻉ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺒﺸﺄﻨﻪ ،ﻭﻴﻘﻊ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜـﺎﻥ ﺍﻟﻌـﺎﺯﻑ ﻫـﻭﻤﺠﺭﺩ ﻤﺭﺩﺩ ﻟﻘﻁﻌﺔ ﻤﻭﺴﻴﻘﻴﺔ ﺃﻟﻔﻬﺎ ﻓﻨﺎﻥ ﻤﻥ ﻗﺒل؟ ﺃﻭ ﻫﻭ ﻤﺘﺄﻤل ﻜﻜل ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻴﻥ ،ﺃﻭﻫﻭ ﻤﺒﺩﻉ ﻭﻟﻭ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ؟ ﺃﻭ ﻫﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻤﺸﺎﺭﻙ ﻭﻟﻭ ﺇﻟﻰ ﺤـﺩ ﻤـﺎ ﻓـﻲﺍﻹﺒﺩﺍﻉ؟ ﻭﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﻤﻤﺜل ﺃﻥ ﻴﺠﺴﺩ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺴﻤﻪ ﺍﻟﻜﺎﺘـﺏ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺒﻠـﻎﺩﺭﺠﺔ ﻗﺼﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﺩﻭﺭ ،ﻜﻤـﺎ ﺴـﺒﻕ ﻟﻠﻜﺎﺘـﺏ ﺃﻥﺃﺩﺭﻜﻪ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﺁﺨﺭ ﻻ ﻴﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺇﺒﺩﺍﻋﻲ؟ ﻭﻫل ﻟﻘﺎﺭﺉ ﺃﻥ ﻴﻨﻔﺫ ﺇﻟـﻰﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻘﺎﺼﺩ ﺃﺩﻴﺏ ﻭﺨﻠﺠﺎﺘﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺎﺤﺒﺕ ﺇﺒﺩﺍﻉ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺃﻭﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺒﻠﻎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﺴﺎﻭﻴﺔ ،ﺃﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻤﺸﺎﺒﻬﺔ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﻴﺸﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻤﺨﺎﺽ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ؟ ﻴـﺼﻑ ﺃﺤـﺩﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻥ ﺤﺎﻟﺘﻪ ﻓﻭﻕ ﺨﺸﺒﺔ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ،ﻭﺘﻌﺎﻤﻠﻪ ﻤﻊ ﺯﻤﻼﺌﻪ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻴﻥ ﻷﺩﻭﺍﺭ ﻤﻌﻴﻨﺔ ﻓﻲﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻀﺭﺏ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺜل ،ﻭﻫﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﻟﻠﻜﺎﺘـﺏ ﺍﻹﻨﺠﻠﻴـﺯﻱ ﺍﻟـﺸﻬﻴﺭ\"ﺸﻜﺴﺒﻴﺭ\" ،ﻓﻴﻘﻭل \":ﺇﻨﻨﻲ ﺃﻨﺴﻰ ﻜﻠﻴﺎ ﺃﻨﻨـﻲ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤـﺴﺭﺡ ،ﻭﺃﻨـﺴﻰ ﻭﺠـﻭﺩﻱﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ،ﻭﻻ ﺃﺤﺱ ﺇﻻ ﺒﻤﺸﺎﻋﺭ ﺃﺸﺨﺎﺹ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ،ﻓﺘﺎﺭﺓ ﺃﻫﺫﻱ ﻤﻊ ) ﺃﻭﺘﻠـﻭ (،ﻭﻁﻭﺭﺍ ﺃﺭﺘﻌﺵ ﻤﻊ ) ﺩﻴﺩﻤﻭﻨﺔ ( ،ﻭﻗﺩ ﺃﺭﻴﺩ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ ﻗﺼﺩ ﺘﻨﺠﻴﺘﻬﻤﺎ ،ﻭﺃﻨﻘﺫﻑﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺨﺭﻯ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﻓﺎﺌﻘﺔ ،ﻻ ﺃﻋﻭﺩ ﺃﻤﺘﻠﻙ ﻨﻔﺴﻲ ﻤﻌﻬﺎ ،ﺨـﺼﻭﺼﺎ ﻓـﻲﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺼﺭﻴﺔ\" .ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﻴﺒﺩﺃ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻨﺴﻰ ) ﻟﻤﺎﺫﺍ؟ ( ،ﻭﻻ ﻨﻬﺘﻡ ﺇﻻ
) ﺒﺎﻟﻜﻴﻑ ( .ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻋﺘﺒﺭﻨﺎ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻤﺜل ﻤﺸﺎﺭﻜﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺒـﺩﺍﻉ ،ﺒـﺴﺒﺏ ﺤﺎﻟﺘـﻪﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﺎﺒﻘﺔ ﻟﻤﺜﻴﻠﺘﻬﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ،ﻓﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﻋﻥ ﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻟﻤـﺸﺎﺭﻜﺔ ،ﺃﻨﻬـﺎﺤﺭﻜﻴﺔ ﺘﺄﺜﺭﻴﺔ ﺒﺩﺍﺌﻴﺔ ﺃﻭ ﻓﻁﺭﻴﺔ ،ﻴﻌﻴﺵ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴـﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴـﺔﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﺍﻟﻨﺸﻴﻁ .ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤل ﻋﻘﻼﻨﻲ ،ﺜﺎﻨﻭﻱ ،ﻭﻤﻭﻀـﻭﻋﻲ ،ﻋﻠـﻰﻋﻜﺱ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻙ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺫﺍﺘﻲ ﻤﺤﺽ .ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻨﻔﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﻤﺜل ﻤﺘﺄﻤﻼﺃﻴﻀﺎ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻜﻭﻨﻪ ﻤﺸﺎﺭﻜﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺤﺎل ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﺍﻷﻜﻴﺩﺓﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻔﻥ ،ﻟﻜﻥ ﻤﻬﻼ ،ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻴﻔﻀل \"ﺍﻷﻓﻼﻡ ﺍﻟﺤﺯﻴﻨﺔ\" ،ﺃﻭ \"ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺎﺕﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ\" ،ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﺒﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﻴﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻘﻴﺔ .ﻟﻬﺫﺍ ﻴﺘﺴﺎﺀل ﺍﻟﺒﻌﺽ ،ﺃﻻﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل \" ﺘﺩﻟﻪ\" ﺒﺩﻻ ﻤﻥ \" \"ﺤﺒﻭﺭ\" ،ﻓﻴﻨﺤل ﺍﻹﺸﻜﺎل ،ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﻟﻔﻅ \" ﺘﺩﻟﻪ \"،ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﻴﻥ ،ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﺍﻷﺸـﺩ،ﺇﻨﻪ \"ﺍﻟـﺫﻫﻭل\"ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ؟ ﻟﻜﻥ ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺘﺄﺘﻲ ﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﻓﺎﺼﻠﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺭﻯ ﺃﻫلﺍﻻﺨﺘﺼﺎﺹ ،ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻐﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﻋﻤل ﻓﻨﻲ ﻨﺎﺠﺢ ،ﻭﺤﺘـﻰ ﻓـﻲﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻜﺂﺒﺔ ﺍﻟﻤﺯﻤﻨﺔ ،ﻓﺈﻨﻬﻡ ﺇﺫﺍ ﺘﺫﻭﻗﻭﺍ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﻴﺸﻌﺭﻭﻥ ﺒﻠﺫﺓﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻜﺌﻴﺒﺔ ،ﺃﻭ ﺫﺍﺕ ﻤﺴﺤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺂﺒﺔ .ﻟﻘﺩ ﺫﻫﺏ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﺇﻟﻰ ﺃﻨـﻪ ﺇﺫﺍﺃﺤﺎﻁ ﺒﻨﺎ ﺇﺒﺩﺍﻉ ﻓﻨﻲ ﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﺒﻌﻴﻨﻴﻪ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺘﻴﻥ ،ﺍﻟﻤﺘﺄﻟﻘﺘﻴﻥ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ،ﻓﻼ ﻤﻨﺎﺹ ﻟﻨـﺎﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺨﻼﺒﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻘﻬﺭ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﺍﺘﺨﺫ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎ ﻟﻪ ﻤـﻥﻤﺠﻤﻭﻉ ﺁﻻﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻨﺘﻭﻏل ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ ،ﻴﻁﺎﻟﻌﻨﺎ ﺍﻟﺤﺒﻭﺭ ﻭﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﻓﻲ ﺜﻨﺎﻴﺎ ﺍﻟﻤﻨﺠﺯﺍﺕ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﻬﺎ ﻤﺄﺴﺎﻭﻴﺎ. ﺜﺎﻨﻴﺎ -ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻜﺸﻑ: -1ﺍﻟﺘﺼﻭﻑMysticisme ; Mystique:
ﻴﻘﻭل ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ \" :ﺍﺨﺘﺹ ﻫﺅﻻﺀ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻻﻴﻭﺠﺩ ﻟﻐﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻪ .ﻭﺼﺎﺭ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻋﻠـﻰ ﺼـﻨﻔﻴﻥ:ﺼﻨﻑ ﻤﺨﺼﻭﺹ ﺒﺎﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﻭﺃﻫل ﺍﻟﻔﺘﻴﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺤﻜـﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﺒـﺎﺩﺍﺕﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻤﻼﺕ ،ﻭﺼﻨﻑ ﻤﺨﺼﻭﺹ ﺒﺎﻟﻘﻭﻡ ) ﻴﻘﺼﺩ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ( ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴـﺎﻡﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺓ ،ﻭﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺫﻭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺠﺩ ﺍﻟﻌﺎﺭﻀـﺔﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ،ﻭﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﺭﻗﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺫﻭﻕ ﺇﻟﻰ ﺫﻭﻕ ،ﻭﺸﺭﺡ ﺍﻻﺼﻁﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘـﻲﺘﺩﻭﺭ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ\" .ﻭﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ \" ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ \" ،ﻴﺼﺭﺡ ﺍﺒـﻥﺨﻠﺩﻭﻥ ﺒﻐﻤﻭﺽ ﻤﺯﺍﻋﻡ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺒﺎﻟﻐﻭﻥ ﻓـﻲ ﺍﺩﻋـﺎﺀﺍﺘﻬﻡ ،ﻭﻴﺘﺠـﺎﻭﺯﻭﻥﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺯﻫﺩ ،ﻭﻴﻘﻌﻭﻥ ﻓﻲ ﺨﻴﺎﻻﺕ ﻏﺭﻴﺒﺔ ﻫﻲ ﻤـﻥ ﻗﺒﻴـل ﺍﻟﺩﺭﻭﺸـﺔ ﺃﻭﺍﻟﻭﻫﻡ ،ﻟﻜﻥ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﻻ ﻴﺭﻓﺽ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺠﻤﻠﺔ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺎﺕ ﻭﺍﺩﻋﺎﺀﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺒﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺭﻀﻰ ،ﻭﺍﻻﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺴﻭﻑ ﻴﺠﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﺒل ﺇﻨﻪﻴﻘﻭل ﺒﺼﺤﺔ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺘﻪ \" :ﻓﺄﻤﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ﻭﻤﺎ ﻴﺤﺼل ﻤﻥ ﺍﻷﺫﻭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﺠﺩ ﻓﻲ ﻨﺘﺎﺌﺠﻬـﺎ ﻭﻤﺤﺎﺴـﺒﺔﺍﻟﻨﻔﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻘﺼﻴﺭ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺒﻬﺎ ﻓﺄﻤﺭ ﻻ ﻤﺩﻓﻊ )ﺼﺤﻴﺢ( ﻓﻴﻪ ﻷﺤﺩ ،ﻭﺃﺫﻭﺍﻗﻬﻡ ﻓﻴـﻪﺼﺤﻴﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻕ ﺒﻬﺎ ﻫﻭ ﻋﻴﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ\" .ﻭﻴﻀﻴﻑ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ \" :ﻭﺃﻤﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓـﻲﻜﺭﺍﻤﺎﺕ ﺍﻟﻘﻭﻡ ﻭﺃﺨﺒﺎﺭﻫﻡ ﺒﺎﻟﻤﻐﻴﺒﺎﺕ ﻭﺘﺼﺭﻓﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ،ﻓﺄﻤﺭ ﺼـﺤﻴﺢ ﻏﻴـﺭﻤﻨﻜﺭ ،ﻭﺇﻥ ﻤﺎل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺇﻨﻜﺎﺭﻫﺎ ﻓﻠﻴﺱ ﺫﻟﻙ ﻤـﻥ ﺍﻟﺤـﻕ \" .ﺃﻤـﺎ ﻓـﻲﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻓﺈﻥ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﻴﺘﺨﺫ ﻤﻭﻗﻔﺎ ﺤـﺫﺭﺍ ،ﻭﻻ ﻴـﺼﺭﺡ ﺒﺎﻟﻤﻭﺍﻓﻘـﺔ ﺃﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﻭﻕ ﻁﺎﻗﺘﻪ ،ﻭﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺎﻟﺼﺩﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻜـﺫﺏ،ﻓﻴﻘﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ \" :ﻭﺃﻤﺎ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻭﺇﻋﻁﺎﺀ ﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﻌﻠﻭﻴـﺎﺕ ﻭﺘﺭﺘﻴـﺏﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﻓﺄﻜﺜﺭ ﻜﻼﻤﻬﻡ ﻓﻴﻪ ﻤﺘﺸﺎﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﺃﻨـﻪ ﻭﺠـﺩﺍﻨﻲ ...ﻓﻴﻨﺒﻐـﻲ ﺃﻥ ﻻ
ﻨﺘﻌﺭﺽ ﻟﻜﻼﻤﻬﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ،ﻭﻨﺘﺭﻜﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺘﺭﻜﻨﺎﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺒﻪ ) ﺍﻟﻐﺎﻤﺽ ﻭﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﺽﻅﺎﻫﺭﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل( .ﻭﻤﻥ ﺭﺯﻗﻪ ﺍﷲ ﻓﻬﻡ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤـﺎﺕ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻭﺠـﻪﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻕ ﻟﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻓﺄﻜﺭﻡ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺴﻌﺎﺩﺓ \" .ﻭﻴﺩﺍﻓﻊ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔﻀﺩ ﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻬﻡ ﻭﻤﻨﺘﻘﺩﻴﻬﻡ ،ﻓﻴﻘﻭل ﻓﻲ ﻤﻭﻀﻊ ﺁﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ \" :ﻭﺃﻤـﺎ ﺍﻷﻟﻔـﺎﻅﺍﻟﻤﻭﻫﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺒﺎﻟﺸﻁﺤﺎﺕ ﻭﻴﺅﺍﺨﺫﻫﻡ ﺒﻬﺎ ﺃﻫـل ﺍﻟـﺸﺭﻉ ،ﻓـﺎﻋﻠﻡ ﺃﻥﺍﻹﻨﺼﺎﻑ ﻓﻲ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻘﻭﻡ ﺃﻨﻬﻡ ﺃﻫل ﻏﻴﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺱ ) ﺍﻟﺫﻫﻭل ﻭﺍﻟﻐﻴﺒﻭﺒـﺔ ﻭﻓﻘـﺩﺍﻥﺍﻟﻭﻋﻲ( ﻭﺍﻟﻭﺍﺭﺩﺍﺕ ﺘﻤﻠﻜﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﻴﻨﻁﻘﻭﺍ ﻋﻨﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻻ ﻴﻘﺼﺩﻭﻨﻪ ،ﻭﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻐﻴﺒـﺔﻏﻴﺭ ﻤﺨﺎﻁﺏ ) ﻻ ﻴﻼﻡ ﻭﻻ ﻴﺤﺎﺴﺏ( ،ﻭﺍﻟﻤﺠﺒﻭﺭ ﻤﻌﺫﻭﺭ .ﻓﻤﻥ ﻋﻠﻡ ﻤـﻨﻬﻡ ﻓـﻀﻠﻪﻭﺍﻗﺘﺩﺍﺅﻩ ﺤﻤل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺼﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﻭﺃﻤﺜﺎﻟﻪ \" .ﺜﻡ ﻴﻭﻀﺢ \" :ﻭﺃﻤﺎ ﻤﻥ ﺘﻜﻠـﻡﺒﻤﺜﻠﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﺤﺎﻀﺭ ﻓﻲ ﺤﺴﻪ ﻭﻟﻡ ﻴﻤﻠﻜﻪ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻤﺅﺍﺨﺫ ...ﻭﻟﻬـﺫﺍ ﺃﻓﺘـﻰ ﺍﻟﻔﻘﻬـﺎﺀﻭﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﺒﻘﺘل ﺍﻟﺤﻼﺝ ﻷﻨﻪ ﺘﻜﻠﻡ ﻓﻲ ﺤﻀﻭﺭ ﻭﻫﻭ ﻤﺎﻟﻙ ﺤﺎﻟﻪ ) ﻓـﻲ ﺤﺎﻟـﺔﻭﻋﻲ ﻭﻴﻘﻅﺔ( .ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻡ ﻭﺴﻠﻑ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ ﻭﺃﻋﻼﻡ ﺍﻟﻤﻠﺔ ) ﻤﺜـلﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﺭﻀﻭﺍﻥ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻬﻡ ( ...ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻬﻡ ﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﻜﺸﻑ ﺍﻟﺤﺠـﺎﺏ ،ﻭﻻﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻤﻬﻡ ﺍﻻﺘﺒﺎﻉ ﻭﺍﻻﻗﺘﺩﺍﺀ ﻤﺎ ﺍﺴـﺘﻁﺎﻋﻭﺍ .ﻭﻤـﻥﻋﺭﺽ ﻟﻪ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺃﻋﺭﺽ ﻋﻨﻪ ﻭﻟﻡ ﻴﺤﻔل ﺒﻪ ،ﺒل ﻴﻔﺭﻭﻥ ﻤﻨﻪ ﻭﻴﺭﻭﻥ ﺃﻨـﻪﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﺌﻕ ﻭﺍﻟﻤﺤﻥ ،ﻭﺃﻨﻪ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻤﻥ ﺇﺩﺭﺍﻜـﺎﺕ ﺍﻟـﻨﻔﺱ ﻤﺨﻠـﻭﻕ ﺤـﺎﺩﺙ ،ﻭﺃﻥﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﻻ ﺘﻨﺤﺼﺭ ﻓﻲ ﻤﺩﺍﺭﻙ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ) ﻴﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘـﺔ(،ﻭﻋﻠﻡ ﺍﷲ ﺃﻭﺴﻊ ،ﻭﺨﻠﻘﻪ ﺃﻜﺒﺭ ،ﻭﺸﺭﻴﻌﺘﻪ ﺒﺎﻟﻬﺩﺍﻴﺔ ﺃﻤﻠﻙ ،ﻓﻠﻡ ﻴﻨﻁﻘـﻭﺍ ﺒـﺸﻲﺀ ﻤﻤـﺎﻴﺩﺭﻜﻭﻥ ،ﺒل ﺤﻅﺭﻭﺍ ﺍﻟﺨﻭﺽ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ،ﻭﻤﻨﻌﻭﺍ ﻤﻥ ﻴﻜﺸﻑ ﻟـﻪ ﺍﻟﺤﺠـﺎﺏ ﻤـﻥﺃﺼﺤﺎﺒﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﺽ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻨﺩﻩ ،ﺒل ﻴﻠﺘﺯﻤﻭﻥ ﻁﺭﻴﻘﺘﻬﻡ ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻓـﻲﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺤﺱ )ﺍﻟﻭﻋﻲ( ﻗﺒل ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻤﻥ ﺍﻻﺘﺒﺎﻉ ﻭﺍﻻﻗﺘـﺩﺍﺀ ،ﻭﻴـﺄﻤﺭﻭﻥ ﺃﺼـﺤﺎﺒﻬﻡﺒﺎﻟﺘﺯﺍﻤﻬﺎ .ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺎل ﺍﻟﻤﺭﻴﺩ .ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻡ ﺒﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﺎل \" .ﻭﻭﺍﻀﺢ
ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺍﻟﺸﺭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺴﻠﻑ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﺍﻓﻊﻋﻨﻪ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﻭﻴﻨﺯﻫﻪ ،ﻭﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﺼﺤﺎﺒﻪ ﻓﻭﻕ ﻜل ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺼﺎﺩﻗﻴﻥ ،ﺒﺩﻟﻴل ﺃﻨﻬﻡﻻ ﻴﺩﻋﻭﻥ ﺸﻴﺌﺎ ﻷﻨﻔﺴﻬﻡ ،ﻭﻻ ﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﻠـﻡ ﺍﻟﻐﻴـﺏ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤـﺎﺕﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺒﺎﻟﻤﻌﺠﺯﺍﺕ ،ﺒل ﻴﻜﺘﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺃﻱ ﺃﻤﺭ ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩﻱ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺤـﺼلﻟﻬﻡ .ﻟﻜﻥ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﺅﺭﺨﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ،ﺫﻫﺒﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻨﻭﻋﺎﻥ :ﺸﺭﻋﻲ ،ﻴﻠﺘﺯﻡ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﻘﻁـﺎﻉﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺯﻫﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻤـﺎﺩﻱ ﻤﻨﻬـﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻘﻠﻴـل ﺍﻟﻨـﺎﺩﺭﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻻ ﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻫﻭ ﺘﺼﻭﻑ ﻴﺘﺼﻑ ﺒﻪ ﺍﻷﺨﻴﺎﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤـﺴﻠﻤﻴﻥ،ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﻤﺘﻌﻭﻥ ﺒﺎﻹﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﻭﻱ ﺍﻟﻌﻤﻴﻕ ،ﻭﻴﻨﺼﺭﻓﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ،ﻭﻴﺘﻘـﺸﻔﻭﻥﻓﻲ ﻤﻌﺎﺸﻬﻡ ،ﻭﻴﺘﻘﻭﻥ ﺍﷲ ﺤﻕ ﺘﻘﺎﺘﻪ ،ﻭﻻ ﻴﺼﺭﺤﻭﻥ ﺒﺄﻱ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﺍﺭﻕ ،ﺍﻟﺘﻲﻗﺩ ﺘﺤﺩﺙ ﻟﻬﻡ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﻭﺍﻟﻬﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺭﺒﺎﻨﻴﺔ .ﻭﺘﺼﻭﻑ ﻓﻠﺴﻔﻲ ،ﻴﺩﻋﻲ ﺃﺼﺤﺎﺒﻪﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ،ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺒﺎﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ،ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻟﻐﻴﺏ ،ﻭﻤـﺎ ﺇﻟـﻰﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺸﻁﺤﺎﺕ ﻭﺩﺭﻭﺸﺔ ،ﻭﺇﺒﻁﺎل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ،ﻭﻫﺅﻻﺀ ﺼﺩﺭﺕ ﻓﻲ ﺤﻘﻬﻡﺃﺤﻜﺎﻡ ﺒﻠﻐﺕ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﻭﺍﻹﻋﺩﺍﻡ ،ﻜﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻟﻠﺤﻼﺝ ﻤﺜﻼ ،ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﺭﺠﺕ ﻋﻥ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺒﻌﺽ ﺃﺭﻜﺎﻨﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﺔ.ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻤﻌﺠﻡ ﺼﻠﻴﺒﺎ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ \" :ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ﻗﻭﺍﻤﻬـﺎ ﺍﻟﺘﻘـﺸﻑﻭﺍﻟﺯﻫﺩ ،ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺫﺍﺌل ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻲ ﺒﺎﻟﻔﻀﺎﺌل ،ﻟﺘﺯﻜﻭ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻭﺘﺴﻤﻭ ﺍﻟـﺭﻭﺡ،ﻭﻫﻭ ﺤﺎﻟﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻴﺸﻌﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺒﺄﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺼﺎل ﺒﻤﺒـﺩﺃ ﺃﻋﻠـﻰ ...ﻭﺃﺼـلﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺍﻹﻋﺭﺍﺽ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﺼﺒﺭ ،ﻭﺘﺭﻙ ﺍﻟﺘﻜﻠﻑ ،ﻭﻨﻬﺎﻴﺘﻪ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺒـﺎﻟﻨﻔﺱ،ﻭﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺒﺎﷲ ،ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﺎﺌﻊ ،ﻭﺍﻻﺘﺼﺎل ﺒﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ .ﻟﺫﻟﻙ ﻗﻴـل :ﺃﻭلﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻋﻠﻡ ،ﻭﺃﻭﺴﻁﻪ ﻋﻤل ،ﻭﺁﺨﺭﻩ ﻤﻭﻫﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﷲ .ﻭﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻴﻌﺘﻘﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻓﻲﻭﺴﻊ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺒﻐﻴﺭ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﻘل ،ﺇﻨﻪ ﻴـﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴـﺼﺩﻕ
ﺒﺎﻟﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﺒﻴﻥ ﻟﻪ ﺃﺴﺒﺎﺒﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺘﺎﺒﻊ ﻟﻠﻌﺎﻁﻔـﺔ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ. ...ﻭﻴﻁﻠﻕ ﻟﻔﻅ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻴﺎﻤﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﺍﻟـﺫﻴﻥ ﻴﻘﻭﻟـﻭﻥ ﺒﺈﻤﻜـﺎﻥﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻭﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،ﺒﺤﻴﺙ ِﻴﻠﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩﺤﺎﻟﺘﻲ ﻭﺠﻭﺩ ﻭﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﻌﻴﺩﺘﻴﻥ ﻋﻥ ﺤﺎﻟﺘﻲ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺘـﻴﻥ ﻭﺃﻋﻠـﻰﻤﻨﻬﻤﺎ .ﻭﻴﻁﻠﻕ ﻟﻔﻅ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻻﺴـﺘﻌﺩﺍﺩﺍﺕ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔﻭﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ .ﻭﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺠـﺩ ، Extaseﻭﻫﻭ ﺤﺎﻟﺔ ﺘﺸﻌﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺒﺎﻻﺘﺤﺎﺩ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺩﺍﺨﻠﻴـﺔ ﻫـﻲﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻜﺎﻤل ،ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻼﻨﻬﺎﺌﻲ ،ﺃﻱ ﺍﷲ ،ﻻﻨﻘﻁﺎﻉ ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ\" .ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻓﻭﻕ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ\" ،ﻭﻤﺭﺍﺤـلﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻁﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ )ﺍﷲ( ،ﺜﻡ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺓ ﻟﺘﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻭﺘﺠﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺱ،ﻭﺍﻟﺯﻫﺩ ،ﻭﺍﻹﻋﺭﺍﺽ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ،ﺜﻡ ﺍﻟﻭﺠﺩ ،ﺜﻡ ﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﺭﻁﻪﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﺜﻡ ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺘﻭﺠﻴﻬﺎ ﺠﺩﻴﺩﺍ ،ﺜـﻡ ﺘﺤﻘﻴـﻕ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ .ﻭﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻫﻭ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟـﺴﻠﻭﻜﻴﺔﺍﻟﻤﻭﺼﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ...ﻭﻗﺩ ﻴﻁﻠﻕ ﻟﻔﻅ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻬﻴﻡﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺒﻴﺩﺍﺀ ﺍﻟﻭﻫﻡ ،ﻭﻴﻌﺘﻤﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔـﺔ ﻭﺍﻟﺤـﺩﺱﻭﺍﻟﺨﻴﺎل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅـﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔ ﺍﻟﺤـﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴـﺘﺩﻻل،ﻭﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ﺃﻥ ﻓﻲ ﻭﺴﻌﻬﻡ ﺍﻥ ﻴﺩﺭﻜﻭﺍ ﺒﺎﻹﻟﻬﺎﻡ ﺃﺴﺭﺍﺭﺍ ﻻ ﻴﺩﺭﻜﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺒﻌﻘﻭﻟﻬﻡ\".ﻭﻭﺍﻀﺢ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻤﻥ ﺨﻠل ﻭﻀﻌﻑ ،ﻭﻭﻗﻭﻉ ﻓﻲ ﻤﺘﺎﻫـﺎﺕ ﻭﺃﻭﻫـﺎﻡ ﻻ ﻁﺎﺌل ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺌﻬﺎ.ﻭﻓﻲ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ،Mystiqueﻗﻴل \" :ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﻤﻥ ﺍﺘﺒﻊ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑﻭﺍﺘﺴﻡ ﺒﺴﻤﺎﺕ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ .ﻭﺃﺸﻬﺭ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺘﺴﻤﻴﺘﻪ ﺍﻨﻪ ﺴﻤﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﻷﻨـﻪ ﻴﻔـﻀلﻟﺒﺱ ﺍﻟﺼﻭﻑ ﺘﻘﺸﻔﺎ .ﻭﻗﻴل ﺃﻴﻀﺎ ﺇﻥ ﺍﺴﻤﻪ ﻤﺄﺨﻭﺫ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻔﺎﺀ ،ﻷﻨـﻪ ﻫـﻭ ﺍﻟـﺫﻱ
ﻴﺼﻔﻭ ﻗﻠﺒﻪ ﺒﻜﻑ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻋﻥ ﺍﻟﻬﻭﻯ ،ﻭﺍﻻﺴﺘﻐﺭﺍﻕ ﺒﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﻜـﺭ ﺍﷲ\" .ﻴـﻀﻴﻑﺼﻠﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﺠﻤﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ \" :ﻭﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﺼﻁﻼﺡ ﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺯﻋﻡ ﺃﻨﻪﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺭﺘﻘﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﻤﻭﺯﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﻜـﺸﻑ ﻋـﻥﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺯﻋﻡ ﺃﻨﻪ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺩﺭﻙ ﺍﻟﺤﻘـﺎﺌﻕ ﺍﻹﻟﻬﻴـﺔ ﺒﺤـﺩﺱﻤﺘﻌﺎل ،ﺇﻤﺎ ﺒﻁﺭﻴﻕ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ،ﻭﻫﻭ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ،ﻭﺇﻤﺎ ﺒﻁﺭﻴـﻕ ﺍﻟـﻭﺤﻲ ،ﻭﻫـﻭﻁﺭﻴﻕ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻋﺘﻘﺩ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﷲ ﺴﺎﻡ ﻭﻤﺘﻌﺎل ،ﺠﺩ ﻭﺍﺠﺘﻬـﺩ ،ﻭﺼـﻔﻰﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺼﻌﺩ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺤﺘﻰ ﻴﺼل ﺇﻟﻴﻪ )ﻜﻤﺎ ﻴﺯﻋﻤـﻭﻥ( ،ﻭﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﻘـﺩ ﺃﻥ ﺍﷲﻜﺎﻤﻥ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻏﻴﺭ ﻤﻨﻔﺼل ﻋﻨﻬﺎ ،ﺘﻌﻤﻕ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺫﺍﺘﻪ ﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺤﺠـﺏﻋﻨﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ) ﻜﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭﻥ ( .ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﻴﻥ ﻤﺭﺍﺩﻓﺔ ﻟﻠﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ\".ﻗﺼﺩﻨﺎ ﻫﻭ ﺘﻭﻀﻴﺢ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ،ﻭﻏﻴﺭﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻜﺸﻑ ،ﺃﻱﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺃﻭ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻴﺼﺎﺤﺏ ﺫﻟﻙ ﻤـﻥ ﺴـﻌﺎﺩﺓ ﻏـﺎﻤﺭﺓﻭﻜﺎﻤﻠﺔ .ﻟﻜﻥ ﻓﻬﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﺍﻹﻟﻤﺎﻡ ﺒﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ،ﻭﻟﻭ ﺒﺈﻴﺠﺎﺯ ،ﺜـﻡﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻭﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ،ﺘـﺘﻠﺨﺹ ﻓـﻲﺍﻟﺘﺼﺩﻴﻕ ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﻭﻤﺎ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻴﻪ ﻤـﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻜـﺸﻔﻲ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘـﺔﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﷲ ﺠل ﺠﻼﻟﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻴﻨﺠﺭ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﻏﺎﻤﺭﺓ ﻭﺘﺎﻤﺔ .ﻭﻫﻨﺎﻙﺭﺃﻱ ﻤﻨﺎﻗﺽ ﻟﻬﺫﺍ ،ﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺃﻭﻫﺎﻤﺎ ﻭﻫﺫﻴﺎﻨﺎ ﻤﺭﻀﻴﺎ ،ﻗﺩ ﻴﺅﺩﻱ ﺒﺼﺎﺤﺒﻪﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﺭﻭﺸﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﺠل ﻭﺍﺩﻋﺎﺀ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻐﻴﺏ ،ﻭﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻹﺘﻴـﺎﻥ ﺒـﺎﻟﺨﻭﺍﺭﻕ،ﻭﺇﺸﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﺭﻀﻰ ،ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻤﺭﺍﻀﻬﻡ ﻤﺯﻤﻨﺔ ﺃﻭ ﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ،ﻭﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻤـﻥﺍﻹﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﻁﻠﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺃﻭﻫﺎﻡ ﻤﺭﻀﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺩﺠل ﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺤﺘﻴﺎلﻭﺍﻟﻜﺴﺏ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻻﺤﺘﻴﺎل ﻭﺍﻟﺸﻌﻭﺫﺓ .ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺃﻱ ﻻ ﻴﺒﺎﻟﻲ ﺒﻬﺫﻩ
ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﻭﻻ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺤﻜﻤﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻨﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻭﺠـﻭﺩﺓ ،ﻓﻬـﻭ ﻻﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺇﺩﺭﺍﻜﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﻥ ﻭﺴﺎﺌل ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻤﺘﻤﺜﻠـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻘـل ﻭﺍﻟﺤـﺱ ،ﻭﻻﻴﺴﺘﻁﻴﻊ – ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ – ﺃﻥ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻭﺴﻴﻠﺘﻪ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺇﺼﺩﺍﺭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﺒﺭﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﺤﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺒﻁﻼﻨﻬﺎ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻬـﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀـﻭﻉ ،ﻤﻭﻀـﻭﻉﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﻨﺎﺘﺢ ﻋﻨﻪ ،ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺎﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺘﺠﺔ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ،ﻻﺘﻌﻨﻴـﻪﺃﺼﻼ ،ﻭﻴﺭﻓﺽ ﺍﻟﺨﻭﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻟﻭ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﺨﻭﺽ .ﻭﺇﻟﻰ ﻗﺭﻴﺏ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗـﻑﻴﻘﻊ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺸﺭﻋﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻁﺭﻴﻘﺎ ﻤﻭﺼﻼ ﺇﻟـﻰﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻭﺍﻟﺒﺭﻴﺌﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﻤﻀﺔ ،ﻭﺍﻟﺘـﻲ ﻗـﺩﺘﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﺍﻋﻡ ﻫﻲ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﻤﻀﻴﻌﺔ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻓﺎﺌﺩﺓ ﻤﻨﻪ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻗﺩ ﺘـﺅﺩﻱﺇﻟﻰ ﺍﻨﺯﻻﻗﺎﺕ ،ﺃﻭ ﺍﻨﺤﺭﺍﻓﺎﺕ ﺨﻁﻴﺭﺓ ،ﻗﺩ ﺘﺼل ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺸﺭﻙ ،ﺒﺎﺩﻋـﺎﺀ ﻋﻠـﻡ ﺍﻟﻐﻴﺏ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺎﺕ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺸﻌﻭﺫﺓ ﻭﺍﻻﺤﺘﻴﺎل. - 2ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺠﻡ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ) :ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻨﺎﻭل ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﺱ ﻭﺍﻟﺨﻴـﺎل ﻭﺍﻟـﻭﻫﻡﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﻓﻜﺫﻟﻙ ﻴﺘﻨﺎﻭل ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺤﺎﺼـﻠﺔﻤﻥ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻲ ،ﻓﻴﻘﺎل ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺫﻫﻥ ﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﺩﺱ ،( .ﻭﻤﻌﻠﻭﻡ ﺃﻥ ﺤﺼﻭلﺃﻴﺔ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﺼﺤﻭﺏ ﺒﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺼل ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻐﺒﻁﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺤﺎﻟﺔﻓﻭﻕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﺃﻭ ﺇﻥ ﺸﺌﺕ ﻗل :ﻫﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺃﻜﻤﻠﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢﺃﻥ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﺘﺭﺍﻓﻘﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴل .ﻭﻓﻲ ﻭﺼﻑ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜـﺸﻑﻫﺫﻩ ،ﻴﻘﻭل ﺃﺒﻭ ﺤﺎﻤﺩ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ،ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺤﺩﻴﺜﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺒﻭﺓ ) :ﺃﻤﺎ ﻤﺎ ﻋﺩﺍ ﺫﻟﻙ ﻤـﻥﺨﻭﺍﺹ ﺍﻟﻨﺒﻭﺓ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺩﺭﻙ ﺒﺎﻟﺫﻭﻕ ،ﻤﻥ ﺴﻠﻭﻙ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ،(.ﻭﺍﻟـﺫﻭﻕ ﻫـﻭﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﻤﺼﺎﺤﺒﺔ ﻟﻠﻜﺸﻑ ،ﺃﻭ ﻫﻲ ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻪ ،ﻭﺩﻭﻥ ﺸﻙ ﻓﻬـﻲﻤﺭﻓﻭﻗﺔ ﺒﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ،ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺭﻭﺤﻴﺔ ،ﻻ ﺘﺭﻗﻰ ﺇﻟﻴﻬﺎﺴﻭﻯ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﺯﻜﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺭﺍﺘﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺨـﺎﻟﻕ
ﺠل ﺠﻼﻟﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺯﻋﻡ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ .ﻭﻴﻀﻴﻑ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ،ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﻤﻨﻘﺫ ﻤـﻥﺍﻟﻀﻼل ) :ﺒل ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺒﺎﻟﻨﺒﻭﺓ ﺒﺄﻥ ﻴﻘﺭ ﺒﺈﺜﺒﺎﺕ ﻁﻭﺭ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻌﻘل ،ﺘﺘﻔﺘﺢ ﻓﻴﻪ ﻋـﻴﻥﻴﺩﺭﻙ ﺒﻬﺎ ﻤﺩﺭﻜﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﻘل ﻤﻌﺯﻭل ﻋﻨﻬﺎ ،ﻜﻌـﺯل ﺍﻟـﺴﻤﻊ ﻋـﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ،ﻭﺍﻟﺒﺼﺭ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ،ﻭﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭﻻﺕ(.ﻴﻘﻭل ﺼﻠﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﺠﻤﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ \" :ﻭﻓﻲ ﺍﺼﻁﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﺍﻹﺩﺭﺍﻙﺍﻟﺒﺴﻴﻁ ﻫﻭ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﺫﻫﻭل ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﻭﻋﻥ ﺃﻥﺍﻟﻤﺩﺭﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨـــﻪ - ،ﻴﻘﺼﺩ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺒﻪ -ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙﺍﻟﻤﺭﻜﺏ ﻫﻭ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ،ﻭﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﺩﺭﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ\" .ﻭﺩﻭﻥ ﺭﻴﺏ ﻓﺈﻥ ﺒﻠﻭﻍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﺔ ﻤﻥﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼل ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺨﺎﻟﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ،ﻻ ﻋﻥﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﻘل ،ﺒل ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﺩﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺭﻴﺎﻀﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻴﺔﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺼﺤﻭﺒﺔ ﺒﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺎﻤﺔ ،ﻭﻫﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﻨﻭﺍﺭﺍﻟﺘﻲ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻋﻥ ﺃﻱ ﻭﺼﻑ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﺩﺭﻙ ﻤﺩﺍﻫﺎﻭﺒﻬﺎﺀﻫﺎ ﻭﺭﻭﻨﻘﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﺨل ﺩﺍﺌﺭﺘﻬﺎ ،ﻭﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻭﻟﻭﺠﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻭﺍﻟﺫﻭﻕ ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﺩﻭﻥ ﺴﻭﺍﻫﻡ. -2ﺁﺭﺍﺀ ﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ:ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﻴﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ ﺇﻟـﻰﺤﺩ ﺍﻟﺘﻜﺫﻴﺏ ﻭﺍﻟﺘﺸﻨﻴﻊ ،ﻭﻤﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﻴﺅﻴﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻓﻜﺭﺍ ﺤـﺩﺍﺜﻴﺎ ﻭﻋﻠﻤﻴـﺎﻋﻤﻴﻘﺎ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻘﻪ ﺒﺠﺩﺍﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ،ﻭﻤﻨﻬﻡ ﻤﻥﻴﺭﺍﻩ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺭﻭﺤﻴﺔ ﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺎﺕ
ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﺩﺭﺝ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴـﺔ ،ﻭﻫـﻲﻟﻴﺴﺕ ﺒﺎﻹﺸﻜﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻻﻨﺸﻌﺎل ﺒﻪ ﻭﺍﻟﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩﻩ ،ﻭﻟﻌﻠﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻁﻠﻊﺍﻟﺩﺍﺭﺱ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺘﻁﻔﺎﺕ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﺭﺍﺀ ،ﻟﻴﺘﻌﻤﻕ ﻓﻬﻤﻪ ﻟﻠﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ .ﻭﺍﻟﻜﺸﻑ ﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ ،ﻤﺎ ﺩﻤﻨﺎ ﺒﺼﺩﺩ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻴﻪ. - 3ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ:\" ﻟﻌل ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺠﺎﺌﺏ ﻭﺍﻟﻐﺭﺍﺌﺏ ﺃﻥ ﻴﺴﻘﻁ ﺭﺠل ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻜـﺎﻟﻐﺯﺍﻟﻲﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ ﻭﻋﻔﺎ ﻋﻨﻪ ...ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ...ﻭﻗـﺩ ﺍﻏﺘـﺭ ﺒﻤـﺎ ﻋﻠﻴـﻪﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻤﻥ ﻅﺎﻫﺭﻫﻡ ،ﻭﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭﻨﻪ ﻭﻴﻌﻘﻠﻭﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺭﻉ ﻭﺍﻟﺘﻘﻭﻯ ،ﻭﻟﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻋﻨـﺩﻩﻤﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺒﻁﻨﻬﺎ ﻭﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﻗـﻭلﺘﻠﻤﻴﺫﻩ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﺒﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻗﺩ ﺩﻭﻥ ﻟﻠﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﻓـﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ .ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﻨﻘﻠﻪ ﻋﻨﻬﻡ ﻓﻲ ﺯﻋﻤﻬﻡ ﺒﺎﻟﻜﺸﻑ ﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭل:\" ﻓﺎﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻨﻜﺸﻑ ﻟﻬﻡ ﺍﻷﻤﺭ ،ﻭﻓﺎﺽ ﻋﻠﻰ ﺼﺩﻭﺭﻫﻡ ﺍﻟﻨﻭﺭ ،ﻻ ﺒـﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻡﻭﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻟﻠﻜﺘﺏ ،ﺒل ﺒﺎﻟﺯﻫﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﺒﺭﺅ ﻤﻥ ﻋﻼﺌﻘﻬﺎ ،ﻭﺘﻔﺭﻴﻎ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻤﻥ ﺸﻭﺍﻏﻠﻬﺎ ،ﻭﺍﻹﻗﺒﺎل ﺒﻜﻨﻪ ﺍﻟﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ .ﻓﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﷲ ،ﻜـﺎﻥ ﺍﷲ ﻟـﻪ - ﻭﺯﻋﻤﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ،ﺃﻭﻻ ﺒﺎﻨﻘﻁﺎﻉ ﻋﻼﺌﻕ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﺒﺎﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻭﺘﻔﺭﻴﻎ ﺍﻟﻘﻠـﺏﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﺒﻘﻁﻊ ﺍﻟﻬﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻷﻫل ﻭﺍﻟﻤﺎل ﻭﺍﻟﻭﻟﺩ ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﻋـﻥ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ﻭﺍﻟﻭﻻﻴـﺔﻭﺍﻟﺠﺎﻩ ،ﺒل ﻴﺼﻴﺭ ﻗﻠﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﻴﺴﺘﻭﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻭﻋﺩﻤﻪ .ﺜﻡ ﻴﺨﻠﻭ ﺒﻨﻔﺴﻪ
ﻓﻲ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺭﺍﺌﺽ ﻭﺍﻟﺭﻭﺍﺘﺏ ،ﻭﻴﺠﻠﺱ ﻓﺎﺭﻍ ﺍﻟﻘﻠﺏ ،ﻭﻻ ﻴﻔﺭﻕﻓﻜﺭﻩ ﺒﻘﺭﺍﺀﺓ ﻗﺭﺁﻥ ،ﻭﻻ ﺒﺎﻟﺘﺄﻤل ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭﻩ ،ﻭﻻ ﻴﻜﺘﺏ ﺤﺩﻴﹰﺜﺎ ﻭﻻ ﻏﻴﺭﻩ .ﺒل ﻴﺠﺘﻬﺩﺃﻻ ﻴﺨﻁﺭ ﺒﺒﺎﻟﻪ ﺸﻲﺀ ﺴﻭﻯ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ .ﻓﻼ ﻴﺯﺍل ،ﺒﻌﺩ ﺠﻠﻭﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠـﻭﺓ ،ﻗـﺎﺌﻼﺒﻠﺴﺎﻨﻪ :ﺍﷲ ..ﺍﷲ ..ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﺍﻡ ،ﻤﻊ ﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﻘﻠﺏ ،ﺤﺘﻰ ﻴﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﻴﺘـﺭﻙﺘﺤﺭﻴﻙ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ،ﻭﻴﺭﻯ ﻜﺄﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺠﺎﺭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻨﻪ .ﺜﻡ ﻴـﺼﻴﺭ ﻋﻠﻴـﻪ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥﻴﻤﺤﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻠﻔﻅ ﻭﺤﺭﻭﻓﻪ ﻭﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﻴﺒﻘﻲ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻤﺠﺭ ًﺩﺍﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﺤﺎﻀ ًﺭﺍ ﻓﻴﻪ ،ﻜﺄﻨﻪ ﻻﺯﻡ ﻟﻪ ،ﻻ ﻴﻔﺎﺭﻗﻪ ،ﻭﻟﻪ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﻫـﺫﺍﺍﻟﺤﺩ ،ﻭﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺩﺍﻤﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺒﺩﻓﻊ ﺍﻟﻭﺴﻭﺍﺱ .ﻭﻟﻴﺱ ﻟـﻪ ﺍﺨﺘﻴـﺎﺭ ﻓـﻲﺍﺴﺘﺠﻼﺏ ﺭﺤﻤﺔ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ .ﺒل ﻫﻭ ﺒﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺼﺎﺭ ﻤﺘﻌﺭ ًﻀﺎ ﻟﻨﻔﺤﺎﺕ ﺭﺤﻤﺔ ﺍﷲ ،ﻓﻼﻴﺒﻘﻰ ﺇﻻ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ﻟﻤﺎ ﻴﻔﺘﺢ ﺍﷲ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻤﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻓﺘﺤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ. ﻭﻋﻨﺩ ﺫﻟﻙ ﺇﺫﺍ ﺼﺩﻗﺕ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻭﺼﻔﺕ ﻫﻤﺘﻪ ،ﻭﺤﺴﻨﺕ ﻤﻭﺍﻅﺒﺘـﻪ ،ﻓﻠـﻡ ﺘﺠﺎﺫﺒـﻪﺸﻬﻭﺍﺘﻪ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺸﻐﻠﻪ ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺒﻌﻼﺌﻕ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ -ﺘﻠﻤﻊ ﻟﻭﺍﻤﻊ ﺍﻟﺤـﻕ ﻓـﻲ ﻗﻠﺒـﻪ،ﻭﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﺒﺘﺩﺍﺌﻪ ﻜﺎﻟﺒﺭﻕ ﺍﻟﺨﺎﻁﻑ ﺜﻡ ﻴﻠﺒﺙ ﺜﻡ ﻴﻌﻭﺩ ﻭﻗﺩ ﻴﺘﺄﺨﺭ .ﻭﺇﻥ ﻋـﺎﺩ ﻓﻘـﺩﻴﺜﺒﺕ ،ﻭﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺨﺘﻁﻔﺎ .ﻭﺇﻥ ﺜﺒﺕ ﻗﺩ ﻴﻁﻭل ﺜﺒﺎﺘﻪ ﻭﻗﺩ ﻻ ﻴﻁﻭل ،ﻭﻗـﺩ ﻴﺘﻅـﺎﻫﺭ ﺃﻤﺜﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻼﺤﻕ ﻭﻗﺩ ﻴﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﻓﻥ ﻭﺍﺤﺩ.ﻭﻤﻨﺎﺯل ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻪ ﻻ ﺘﺤﺼﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻻ ﻴﺤﺼﻰ ﺘﻔﺎﻭﺕ ﺨﻠﻘﻬﻡ ﻭﺃﺨﻼﻗﻬﻡ -ﻭﻗﺩ ﺭﺠﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺇﻟﻰ ﺘﻁﻬﻴﺭ ﻤﺤﺽ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻙ ،ﻭﺘـﺼﻔﻴﺔ ﻭﺘﺠﻠﻴـﺎﺕ ،ﺜـﻡ ﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩ ﻭﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﻓﻘﻁ\".
ﻓﺎﻨﻅﺭ ﻗﻭل ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺸﻑ )ﻭﻴﺠﻠﺱ ﻓﺎﺭﻍ ﺍﻟﻘﻠﺏ ،ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﻬﻡ ،ﻭﻻ ﻴﻔﺭﻕ ﻓﻜﺭﻩ ﺒﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﻭﻻ ﺒﺎﻟﺘﺄﻤل ﻓﻲ ﺘﻔـﺴﻴﺭ ﻭﻻﻴﻜﺘﺏ ﺤﺩﻴﹰﺜﺎ ﻭﻻ ﻏﻴﺭﻩ ...ﺒل ﻴﻘﻭل ..ﺍﷲ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﺍﻡ (..ﻓﻬل ﻭﺠﺩ ﻤﺜـل ﻫـﺫﺍﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺃﻭ ﺴﻨﺔ ﺃﻭ ﺃﻨﻪ ﻋﻤل ﻤﺒﺘﺩﻉ ﻴﺭﻴﺩ ﺒﻪ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻏﺎﻴﺔ ﻻ ﺘﺤﺼل ﻟـﻪ، ﻭﻫﻲ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﷲ ﺃﻭ ﺃﻨﻭﺍﺭ ﺍﷲ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ ﺃﻭ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ؟!...ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﺠﺎﺭﻯ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺯﺍﻋﻤﻬﻡ ﻫﺫﻩ ،ﻭﻗـﺭﺭ ﻤـﺎﺍﺒﺘﺩﻋﻭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻠﻭﺓ ﻭﺍﻟﻅﻼﻡ ،ﻭﻟﻑ ﺍﻟﺭﺃﺱ ﻭﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺇﻨﻜـﺎﺭﻩ ﻨـﺯﻭلﺍﻟﻤﻠﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﻟﻡ ﻴﻌﺠﺏ ﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﻭﺃﻫل ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻨﻬﻡ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻋﻨﻔـﻭﻩﻭﺠﻬﻠﻭﻩ ،ﻭﺠﻌﻠﻭﺍ ﻫﺫﺍ ﻤﻨﻪ ﻟﻘﻠﺔ ﺍﻟﺫﻭﻕ ،ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﺤﻘﻕ ﺒﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻋﺩﻡ ﻤﻘﺎﺒﻠﺘﻪ ﻟﻤﻥ ﻫﻭﺃﻋﻠﻰ ﻤﻨﻪ ﻤﻘﺎ ًﻤﺎ ،ﻭﺃﺤﺴﻥ ﻤﻨﻪ ﺤﺎﻻ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻟﻭ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺒﻤﻥ ﻫﻭ ﺃﻋﻅﻡ ﻤﻨﻪ ﻭﺃﻜﺒﺭ ﻤﻨـﻪﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ،ﻟﻌﻠﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ ﻴﻨﺯﻟﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﻤﺎ ﻴﻨﺯﻟﻭﻥﻋﻠﻰ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻓﺭﻕ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻨﻭﻉ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﻓﻘﻁ ﻻ ﻓﻲ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻨـﺯﻭل ،ﻭﻟـﺫﻟﻙﻜﺘﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ \"ﺍﻟﻴﻭﺍﻗﻴﺕ ﻭﺍﻟﺠﻭﺍﻫﺭ\" ﺍﻋﺘـﺭﺍﺽ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟـﻲﻭﺇﻨﻜﺎﺭﻩ ﻟﻨﺯﻭل ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ،ﻭﺃﺘﻰ ﺒﺎﻟﺠﻭﺍﺏ ﻤﻥ \" ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ\" ﺍﻟﺫﻱ ﺨﻁـﺄ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ،ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺠﻭﺍﺯ ﻨﺯﻭل ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﻓﻘﺎل:\")ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺕ( ﻗﺩ ﺫﻜﺭ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﻜﺘﺒﻪ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺘﻨﺯل ﺍﻟﻭﺤﻲ ﻋﻠـﻰﻗﻠﺏ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ﻭﺘﻨﺯﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻭﺏ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻨﺯﻭل ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻭﻟﻲ ﻴﻠﻬـﻡ ﻭﻻ ﻴﻨـﺯل ﻋﻠﻴﻪ ﻗﻁ ،ﻭﺍﻟﻨﺒﻲ ﻻ ﺒﺩ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺤﻲ ﻤﻥ ﻨﺯﻭل ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺒﻪ ﻓﻬل ﺫﻟﻙ ﺼﺤﻴﺢ؟
)ﻓﺎﻟﺠﻭﺍﺏ( ﻜﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ...ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﻏﻠﻁ ﻭﺍﻟﺤﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻨﻬﻤـﺎ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻲ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﻨﺯل ﺒﻪ ﺍﻟﻤﻠﻙ ،ﻻ ﻓﻲ ﻨﺯﻭل ﺍﻟﻤﻠﻙ ،ﺇﺫ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺯل ﺒﻪ ﺍﻟﻤﻠـﻙﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺨﻼﻑ ﻤﺎ ﻴﻨﺯل ﺒﻪ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻟﻲ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻠـﻙ ﻻﻴﻨﺯل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻟﻲ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ ﺇﻻ ﺒﺎﻻﺘﺒﺎﻉ ﻟﻨﺒﻴﻪ ،ﻭﺒﺈﻓﻬﺎﻡ ﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﺒﻪ ﺒﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﻟﻪ ﻋﻠﻤﻪﻜﺤﺩﻴﺙ ﻗﺎل ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺒﻀﻌﻔﻪ ﻤﺜﻼ ،ﻓﻴﺨﺒﺭﻩ ﻤﻠﻙ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﺒﺄﻨﻪ ﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﻠﻠﻭﻟﻲ ﺍﻟﻌﻤـلﺒﻪ ﻓﻲ ﺤﻕ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺸﺭﻭﻁ ،ﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ﺃﻫل ﺍﷲ ﻋﺯ ﻭﺠل ،ﻻ ﻤﻁﻠﹰﻘﺎ .ﻭﻗﺩ ﻴﻨﺯل ﺍﻟﻤﻠـﻙﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻟﻲ ﺒﺒﺸﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﷲ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻗـﺎﻟﻭﺍﺭﺒﻨﺎ ﺍﷲ ﺜﻡ ﺍﺴﺘﻘﺎﻤﻭﺍ؛ ﻭﻫﺫﺍ ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻘﻊ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻓﻘﺩ ﻴﻌﺠل ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﺒﻪﻟﻤﻥ ﻴﺸﺎﺀ ﻤﻥ ﻋﺒﺎﺩﻩ .ﻗﺎل ﺍﻟﺸﻴﺦ :ﻭﺴﺒﺏ ﻏﻠﻁ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﻭﻏﻴﺭﻩ ﻓﻲ ﻤﻨﻊ ﺘﻨﺯل ﺍﻟﻤﻠﻙﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻟﻲ ،ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺫﻭﻕ ،ﻭﻅﻨﻭﺍ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﻗﺩ ﻋﻠﻤﻭﺍ ﺒﺴﻠﻭﻜﻬﻡ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎﻤـﺎﺕ ،ﻓﻠﻤـﺎﻅﻨﻭﺍ ﺫﻟﻙ ﺒﺄﻨﻔﺴﻬﻡ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺭﻭﺍ ﻤﻠﻙ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﻨﺯل ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻨﻜﺭﻭﻩ ،ﻭﻗﺎﻟﻭﺍ ﺫﻟﻙ ﺨـﺎﺹﺒﺎﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ،ﻓﺫﻭﻗﻬﻡ ﺼﺤﻴﺢ ،ﻭﺤﻜﻤﻬﻡ ﺒﺎﻁل .ﻤﻊ ﺃﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻤﻨﻌﻭﺍ ﻗﺎﺌﻠﻭﻥ ﺒـﺄﻥﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻤﻘﺒﻭﻟﺔ ،ﻭﺃﻫل ﺍﷲ ﻜﻠﻬﻡ ﺜﻘﺎﺕ .ﻗﺎل ﻭﻟﻭ ﺃﻥ ﺃﺒﺎ ﺤﺎﻤﺩ ﻭﻏﻴﺭﻩ ﺍﺠﺘﻤﻌﻭﺍ ﻓﻲﺯﻤﺎﻨﻬﻡ ﺒﻜﺎﻤل ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﷲ ،ﻭﺃﺨﺒﺭﻫﻡ ﺒﺘﻨﺯل ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻟﻲ ﻟﻘﺒﻠـﻭﺍ ﺫﻟـﻙ ﻭﻟـﻡﻴﻨﻜﺭﻭﻩ .ﻗﺎل ﻭﻗﺩ ﻨﺯل ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻤﻠﻙ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﺒﻤﺎ ﻻ ﻴﺤﺼﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﻭﺃﺨﺒﺭﻨﺎ ﺒـﺫﻟﻙ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻤﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻻ ﻴﻘﻭل ﺒﻘﻭﻟﻨﺎ ﻓﺭﺠﻌﻭﺍ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻭﷲ ﺍﻟﺤﻤﺩ\".ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻴﻘﺭﺭ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ،ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻭﻑ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﻭﻨﻪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻷﻜﺒﺭ ،ﺠﻭﺍﺯ،ﺒل ﻭﻗﻭﻉ ﻨﺯﻭل ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﻴﻭﺥ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﻗﺩ ﻭﻗﻊ ﻟﻪ ﻭ ﻟﻤﺸﺎﻴﺦﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻤﻥ ﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﻜﻠﺘﻪ ،ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﺔ ﻭﺍﻟﺩﺭﻭﺸﺔ .ﻭﺇﻟﻴﻙ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ ﻁﺎﺌﻔﺔ ﻤﻥ ﻜﻼﻡ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ: - 4ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻋﻨﺩ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ:
ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻜﺎﺘﺏ ﺼﻭﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺯﻋﻤﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤـﻥ ﺍﺒـﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﺍﻷﻨﺩﻟﺴﻲ ﺍﻷﺼل ،ﺍﻟﻤﻐﺭﺒﻲ ،ﺜﻡ ﺍﻟﺸﺎﻤﻲ ،ﺴﻜﻨﺎ ﻭﻭﻓﺎﺓ.ﻟﻘﺩ ﻤﻸ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻜﺘﺒﻪ ﻤﺩ ًﺤﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﺤﺩ ﻤﺠﺎﺭﺍﺘﻪ ﻗﻁ .ﻓﻘﺩ ﺯﻋﻡﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻹﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﺎ ﺴﻁﺭﻩ ﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﻗﺩﻴ ًﻤﺎ ﻭﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩ ﻭﺍﻟﻨـﺼﺎﺭﻯ...ﻭﺃﻥ ﺘﺂﻟﻴﻔﻪ ﻜﻠﻬﺎ ﻤﻌﺼﻭﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻜﺘﺏ ﺸﻴًﺌﺎ ﺇﻻ ﻋﻥ ﻭﺤﻲ ﻴﻭﺤﻰ ،ﺒل ﺯﻋﻡ ﺃﻥ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﻜﺘﺎﺒﻪ \"ﺍﻟﻔﺘﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻜﻴﺔ\" ﺘﻭﻗﻴﻔﻲ ،ﻴﺘﺒﻊ ﻓﻴﻪ ﻤﺎ ﻴﻭﺤﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﻴﺩ ﻓﻲ ﺘﺭﺘﻴﺏ ﻓﺼﻭﻟﻪ ﻭﺃﺒﻭﺍﺒﻪ.. ﻭﺃﻨﻪ ﺃﺤﻴﺎﹰﻨﺎ ﻴﺘﻜﻠﻡ ﺒﺸﻲﺀ ﺒﻌﺩ ﺸﻲﺀ ﻻ ﺭﺍﺒﻁ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻜﻤﺎ ﻨﺯل ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ :) ﺤﺎﻓﻅﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻠﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ (] .ﺍﻟﺒﻘﺭﺓ .[238 :ﺒﻌﺩ ﺁﻴﺎﺕ ﺍﻟﻁﻼﻕﻭﻻ ﺭﺍﺒﻁ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ..ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻭﻤﻪ ﻜﻠﻬﺎ ﻤﺤﻔﻭﻅﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ .ﻗﺎل :ﺠﻤﻴﻊ ﻤﺎ ﺃﻜﺘﺒﻪ ﻓـﻲﺘﺼﺎﻨﻴﻔﻲ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﻋﻥ ﻓﻜﺭ ﻭﻻ ﺭﻭﻴﺔ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﻥ ﻨﻔﺙ ﻓﻲ ﺭﻭﻋﻲ ﻤـﻥ ﻤﻠـﻙﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﻭﻗﺎل :ﻟﻴﺱ ﻋﻨﺩﻱ ﺒﺤﻤﺩ ﺍﷲ ﺘﻘﻠﻴﺩ ﻷﺤﺩ ﻏﻴﺭ ﺭﺴﻭل ﺍﷲ ـ ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪﻭﺴﻠﻡ ـ ﻓﻌﻠﻭﻤﻨﺎ ﻜﻠﻬﺎ ﻤﺤﻔﻭﻅﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻭﻗﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺘﻭﺤـﺎﺕ:ﻨﺤﻥ ﺒﺤﻤﺩ ﺍﷲ ﻻ ﻨﻌﺘﻤﺩ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﻤﺎ ﻨﻘﻭﻟﻪ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻘﻴﻪ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻗﻠﻭﺒﻨـﺎ،ﻻ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺘﺤﺘﻤﻠﻪ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﻗﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻭﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻥ ﻭﺜﻼﺜﻤﺎﺌﺔ :ﺠﻤﻴـﻊ ﻤـﺎﻜﺘﺒﺘﻪ ﻭﺃﻜﺘﺒﻪ ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﻥ ﺇﻤﻼﺀ ﺇﻟﻬﻲ ﻭﺇﻟﻘﺎﺀ ﺭﺒﺎﻨﻲ ﺃﻭ ﻨﻔﺙ ﺭﻭﺤـﺎﻨﻲ ﻓـﻲ ﺭﻭﻉﻜﻴﺎﻨﻲ ،ﻜل ﺫﻟﻙ ﻟﻲ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻹﺭﺙ ﻻ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻔﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﻉ ﻤـﻨﺤﻁ ﻋﻥ ﺭﺘﺒﺔ ﻭﺤﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻭﺤﻲ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ،ﻓﻔﺭﻕ ﻴﺎ ﺃﺨﻲ ﺒﻴﻥ ﻭﺤﻲ ﺍﻟﻜـﻼﻡﻭﻭﺤﻲ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ .ﻭﻗﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻭﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺘﻭﺤﺎﺕ :ﺍﻋﻠﻡ ﺃﻥ ﻋﻠﻭﻤﻨـﺎﻭﻋﻠﻭﻡ ﺃﺼﺤﺎﺒﻨﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻴﺽ ﺍﻹﻟﻬﻲ .ﻭﻗﺎل ﻓـﻲ
ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻥ ﻭﻤﺎﺌﺘﻴﻥ :ﻤﻨﻬﺎ ﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻭﻤﻨﺎ ﻤﻥ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺫﻭﻕ ﻻ ﻤﻥ ﻋﻠﻡﺒﻼ ﺫﻭﻕ ،ﻓﺈﻥ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺫﻭﻕ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﻥ ﺘﺠل ﺇﻟﻬﻲ .ﻭﻗﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺒـﺎﺏ ﺍﻟﺘﺎﺴـﻊﻭﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﻭﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻥ ﻭﺜﻼﺜﻤﺎﺌـﺔ :ﺍﻋﻠـﻡ ﺃﻥ ﺘﺭﺘﻴـﺏ ﺃﺒـﻭﺍﺏﺍﻟﻔﺘﻭﺤﺎﺕ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻋﻥ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻤﻨﻲ ﻭﻻ ﻋﻥ ﻨﻅﺭ ﻓﻜﺭﻱ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﻕ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻴﻤﻠـﻲ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻤﻠﻙ ﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﺠﻤﻴﻊ ﻤﺎ ﻨﺴﻁﺭﻩ. ...ﻭﻟﻡ ﻴﻜﺘﻑ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﺃﻴ ًﻀﺎ ،ﺒل ﺯﻋﻡ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﺠﻤﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻤﺎ ﻟﻡﻴﻌﻠﻤﻪ ﺭﺴل ﺍﷲ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﻡ ﺴﻴﺩﻫﻡ ﻭﺨﺎﺘﻤﻬﻡ ﻤﺤﻤﺩ ـ ﺼـﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴـﻪ ﻭﺴﻠﻡ ـ ﻓﻘﺩ ﺯﻋﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﺃﺤﻴﺎﹰﻨﺎ ﻴﻨﺯل ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺍﻟﻭﺤﻲ ﻤﻜﺘﻭًﺒﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ.ﻭﺃﻨﻪ ﺃﻱ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻴﻌﻠﻡ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻭﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔﻭﻅ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﻭﻤـﺎ ﻴﻜﺘﺒـﻪﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﻭﻥ ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ ﺍﻟﻨﺎﺯل ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺏ ﻓﻲﺍﻷﺭﺽ ..ﻗﻠﺕ ﻟﻡ ﻴﻘل ﻨﺒﻲ ﻗﻁ ﻭﻻ ﺃﺨﺒﺭﻨﺎ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺒﺸ ًﺭﺍ ﺍﻁﻠﻊﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻭﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔﻭﻅ ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ ﺃﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻹﺤﺎﻁﺔ ﺒﻪ.ﺒل ﻨﻘل ﺍﻟﺸﻌﺭﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻋﻥ ﺸﻴﺨﻪ ،ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻠﻡ ﻤﺎ ﻴﻜﺘﺏ ﻓﻲﺍﻟﻠﻭﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔﻭﻅ ﺴﺎﻋﺔ ﺒﺴﺎﻋﺔ ...ﻭﺯﻋﻡ ﺁﺨﺭ ﺃﻥ ﺸﻴﺨﻪ ﺍﻷﻤﻲ ﻴﻌﻠﻡ ﺍﻟﻠﻭﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔﻭﻅ،ﻭﻴﻌﻠﻡ ﻜﺘﺎﺒﺘﻪ ،ﻭﺃﻨﻪ ﺒﺎﻟﺴﺭﻴﺎﻨﻴﺔ! ﻭﺍﻟﻤﻬﻡ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻴﻘﺭﺭ ﻓـﻲ ﻓﺘﻭﺤﺎﺘـﻪ ﺃﻥ ﻭﺤﻲ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻜﺜﻴ ًﺭﺍ ﻤﺎ ﻴﻨﺯل ﻤﻜﺘﻭًﺒﺎ ﻜﻤﺎ ﻨﺯﻟﺕ ﺍﻟﺘﻭﺭﺍﺓ ﻤﻜﺘﻭﺒﺔ...ﻓﺎﻨﻅﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﺤﻲ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯﺓ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺯل ﻓﻲ ﻴﺩﻫﺎ ﻭﺍﻨﻁﺒﻘﺕ ﻋﻠﻴﻪﺜﻡ ﺍﺒﺘﻠﻌﺘﻪ ..ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻨﺤﺭﻴﺭ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻋﺭﻑ ﺒﺎﻟﻜـﺸﻑ ﻤـﺭﺍﺩ ﺍﷲ ﻓﻘـﺎل ﺍﺒﺘﻠﻌﻴﻬﺎ ..ﺇﻟﺦ ..ﺴﺒﺤﺎﻨﻙ ﻴﺎ ﺭﺏ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻨﺕ ﻨﺴﺘﻐﻔﺭﻙ ﻭﻨﺘﻭﺏ ﺇﻟﻴﻙ..
ﻭﻟﻡ ﻴﻜﺘﻑ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﺒﻜل ﻤﺎ ﻗﺭﺭﻩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻲ ﻟﻠﺼﻭﻓﻴﺔ ﻤـﻥ ﺃﻨـﻪﺘﻨﺯل ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ ،ﻭﻴﺸﺎﻫﺩﻭﻥ ﺍﷲ ﻭﻴﺴﻤﻌﻭﻥ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﻭﻴﺄﺘﻴﻬﻡ ﺍﻟﻭﺤﻲ ﻤﻜﺘﻭًﺒﺎ ﺒلﻗﺭﺭ ﺃﻴ ًﻀﺎ ﺃﻥ ﻗﻠﻭﺏ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺘﻨﻜﺸﻑ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﺠﺏ ﻓﻴﺸﺎﻫﺩﻭﻥ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻤـﺎ ﻓﻴﻬـﺎ، ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺘﻤﺎ ًﻤﺎ ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻟﻠﺭﺴﻭل ـ ﺼﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺴﻠﻡ ـ. ...ﻗﻴل :ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻡ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻭﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﻜﻠﺘﻪ ﺃﻥ ﺩﻋﺎﻭﺍﻫﻡ ﻫﺫﻩ ﻟﻥ ﺘﻨﻁﻠـﻲ ﺇﻻﻋﻠﻰ ﺠﺎﻫل ﻤﻥ ﺃﻫل ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻔﺭﻭﻫﻡ ﻭﻴﺯﻨـﺩﻗﻭﻫﻡ،ﻓﺈﻨﻪ ﺍﺤﺘﺎﻁ ﻟﺫﻟﻙ ﻭﺃﺠﺎﺏ ﻋﻤﺎ ﺭﻤﺎﻩ ﺒﻪ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻭﻥ ،ﻭﺭﻤﻭﺍ ﺒﻪ ﺃﻴ ًﻀﺎ ﻤﻥﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﻜﻠﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﻐﻴﺒﻲ ﻭﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ .ﺃﺠﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺒـﺄﻨﻬﻡﻋﻠﻰ ﺸﺭﻴﻌﺔ ﺨﺎﺼﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﻤﻠﻭﺍ ﻜﻼﻡ ﺍﻟـﺼﻭﻓﻴﺔ ﻋﻠـﻰﺨﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺤﺎﺩﺙ ﺒـﻴﻥ ﺍﻟـﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﺍﻟﺤﻨﻔـﻲ ،ﺃﻭ ﻴﻨﺯﻟـﻭﺍ ﻜـﻼﻡ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻜﺄﻨﻪ ﻜﻼﻡ ﺃﻫل ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻓﻼ ﻴﺼﺩﻗﻭﻨﻬﻡ ﻭﻻ ﻴﻜﺫﺒﻭﻨﻬﻡ...ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻻﻋﺘﺫﺍﺭ ﻭﺍﻟﺠﻭﺍﺏ ﻋﻥ ﺭﻓﺽ ﺃﻫل ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﻓﻲ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﻟﺔ ﺃﻴ ًﻀﺎﻷﻥ ﻤﺎ ﺃﺘﻰ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻤﻤﺎ ﻴﺴﻤﻭﻨﻪ ﻜﺸﹰﻔﺎ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺭﺃﻱ ،ﻭﻻ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﻔﺭﻋﻲ ،ﺒل ﻫﻭ ﻤﺼﺎﺩﻡ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ \". - 5ﻤﻨﺎﺼﺭﺓ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ:ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﻨﺎﺼﺭﻭﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﻭﻥ ﻟﻠﺘﺼﻭﻑ \" :ﻤﻥ ﻓﺎﺤﺵ ﺍﻟﻐﻠﻁ ﺃﻥ ﻴﻨﻅﺭ ﺍﻟﻤﺭﺀﺇﻟﻰ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻀﺭﺒﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺨﺭﻴﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻬﺫﻴﺎﻥ .ﻓﺎﻟﻜﺸﻑ ،ﻓﻲﺍﻟﺤﻕ ،ﻻ ﻴﻘل ﺃﺒﺩﺍ ﻋﻥ ﻜﻭﻨﻪ ﺍﺴﺘﻨﻔﺎﺭﹰﺍ ﻟﻠﻁﺎﻗﺔ ﺍﻻﺤﺘﻴﺎﻁﻴـﺔ ﺍﻟﺠﺎﺜﻤـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺫﻫﻥﺍﻟﺒﺸﺭﻱ .ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻬﺩ ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻨﻲ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻬﻠﻙ ﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ
ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻤﺎﻏﻴﺔ؛ ﺒل ﻫﻭ ﻻ ﻴﻜﺎﺩ ﺃﻥ ﻴﻔﻴﺩ ﺇﻻ ﻤﻥ ﺠﺯﺀ ﻴﺴﻴﺭ ﻤﻥ ﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺠـ َﻭﺍﻨﻲﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﺍﻟﺯﺨﻡ ﻭﺍﻟﻐﺯﺍﺭﺓ .ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻨﺴﱢﻠﻡ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻻ ﺘﻤﻠـﻙ ﺃﻥﺘﻭ ﱢﻅﻑ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻜﱢﻠﻪ .ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺭﺍﺡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻴﺘﻔﻠﺴﻑ ﻭﻴﺘﻔﱠﻨﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻔﻀل ﺍﻟﻁﺎﻗـﺔﺍﻟ َﺠ ﱠﻭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﺯﺍﺌﺩﺓ ﻋﻥ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻲ .ﺇﻥ ﻨﻴﺭﺍﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﺎﺘﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﺍﻡ ،ﻭﻻﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﺩ .ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻓﺎﺌﺽ ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﺃﻜﺒﺭ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻤﻤﺎ ﻴﺤﺘﺎﺠﻪﺍﻟﺠﻬﺩ ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻨﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻲ .ﻭﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺘﻭﻅﻴﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺎﺌﺽ ﻓﻲ ﻤﻀﻤﺎﺭ ﺁﺨـﺭ، ﺸﺭﻴﻁﺔ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﺭﺹ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻤﻬﱠﻴﺄﺓ ﻟﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﻅﻴﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ. ﻭﺃﻴﹰﺎ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﺎل ،ﻓﺈﻥ ﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﻤﺭ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟـﺼﻭﻓﻲ ﺃﻨـﻪ \"ﻴﻠ ﱢﻁـﻑ ﺍﻟﻜﺜﻴﻑ\" ...ﻷﻨﻪ ﻴﺸﺎﻫﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺠﻭﻫﺭﻩ ﺍﻟﺼﺎﻓﻲ .ﻓﻬﻭ ﻨﻅﺭﺓ ﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ﻤﻼﺌﻜﻴﺔ، ﺘﺨﱢﻠﺹ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻤﻥ ﺃﻋﺭﺍﻀﻬﺎ ﻭﺸﻭﺍﺌﺒﻬﺎ ﻭﻤﺎ ﻓﻀل ﻋﻥ ﺼﻤﻴﻤﻬﺎ ،ﺍﺒﺘﻐﺎﺀ ﺍﻟﺒﻠﻭﻍ ﺇﻟﻰ ﻨﻭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺃﻭ ﻴﻨﺒﻭﻋﻬﺎ ﺍﻷﺼﻠﻲ .ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺁﻤﻥ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ،ﻭﻤـﻥ ﺒﻌـﺩﻩ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ،ﺒﺄﻥ \"ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺃﹶﺘ ﱡﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤـﺸﺎﻫﺩﺓ\" ،ﻷﻥ ﺍﻟﻜـﺸ ﹶﻑ \"ﺇﺩﺭﺍ ٌﻙ ﻤﻌﻨـﻭ ٌﻱ\" ﻤﺨﺘ ٌﺹ ﺒﺄﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﻭﻤﻨﻁﻭﻴﺎﺘﻬﺎ ،ﺩﻭﻥ ﻅﻭﺍﻫﺭﻫﺎ ﻭﻗﺸﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ \". ﻭﻋﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻜـﺸﻔﻲ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﻗﻴل \" :ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺜﻤﺔ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺼﻭﻓﻲ ﻋﺭﻓﺎﻨﻲ ،ﻴﻘـﺭ ﺃﻥ : ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﻻ ﺍﻟﺠﺴﺩ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺘﺘﺄﺘﻰ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫـﺩﺓ ﻤـﻥ ﺃﺠل ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻤﻥ ﺭﻏﺒﺎﺘﻬﺎ ﻭﺸﻬﻭﺍﺘﻬﺎ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﻋﻤﻠﻴﺘـﻲ ﺍﻟﺘﺨﻠﻴــﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﺔ ) ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺫﺍﺌل ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻲ ﺒﺎﻟﻔﻀﺎﺌل( ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ ﻷﻨﻭﺍﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴـﺔ ،ﺤﻴـﺙ ﺘﺭﻓﻊ ﺍﻟﺴﺘﺎﺌﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﺒﺩ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻪ ﺃﻫل ﺍﻟﺘـﺼﻭﻑ ﺒﺎﻹﺸﺭﺍﻕ.
ﻴﺅﻤﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ،ﻻ ﻴـﺩﺭﻜﻬﺎ ﺃﺼـﺤﺎﺏﺍﻟﻨﻅﺭ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻫﻲ ﻓﻴﺽ ﺍﻟﻬﻲ ﻴﻤﻸ ﺍﻟﻘﻠﺏ ،ﻓﺎﻟﺼﻭﻓﻲ ﻴﺭﻭﻡ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﺴـﻴﺱﺘﻘﻠﻴﺩ ﻤﻐﺎﻴﺭ ﻟﻠﺤﻅﺔ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻔﺩﻱ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﺘﻘـﺩﻴﻡ ﺠـﺴﺩﻩﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻭﺩ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺍﻻﺒﺘﻌﺎﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻠﺫﺍﺕ ﻭﻁﻠﺏ ﺍﻟﺨﻠـﻭﺓ ،ﻭﺍﻻﻨﻘﻁـﺎﻉﻋﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﻭﺍﻟﻜـﺸﻑ ،ﺤﻴـﺙﺍﺤﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﺠﺴﺩ ،ﺍﻟﺫﻜﺭ ،ﺍﻟﺴﻤﺎﻉ ،ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﺄﻤل ،ﺍﻟﺤﺩﺱ ،ﺍﻟﺨﻠـﻭﺓ ﻜﻠﻬـﺎ ﻤﺩﺍﺭﺝ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻭﻋﻭﺩ ،ﻭﺍﻟﺤﻠﻭل ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩ ﺒﺎﻟﺨﺎﻟﻕ ) ﻟﺤﻅﺔ ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﺒﺩ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻑ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ،ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ(.ﻭﻗﺩ ﻟﺨﺹ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﻭﻟﻪ \" ﺍﻟﺨﻠـﻭ ﺒـﺎﻟﻨﻔﺱ ﻓـﻲ ﺯﺍﻭﻴـﺔﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺭﺍﺌﺽ ﻭﺍﻟﺭﻭﺍﺘﺏ ،ﻭﺍﻟﺠﻠﻭﺱ ﺒﻘﻠﺏ ﻓـﺎﺭﻍ ﻤﺠﻤـﻭﻉﺍﻟﻬﻤﺔ ﻤﻘﺒﻼ ﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭ ﺍﷲ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻻﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻭﺕ ،ﻭﺍﻻﻁـﻼﻉﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻭﺡ ﺍﻟﻤﺤﻔﻭﻅ ،ﻟﻜﻥ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘـﺼﻭﻑ ﺍﻟـﺴﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘـﺼﻭﻑ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ .ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺍﻟﺴﻨﻲ ﻜﻁﺭﻴﻕ ﻭﺃﺴﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻟﻡ ﻴﺘﺼﺎﺩﻡ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤل ﺭﺅﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻤﺘﺄﺜﺭﺓ ﺒﺎﻟﻤـﺫﺍﻫﺏﻭﺍﻟﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ ،ﺨﺼﻭﺼﺎ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ،ﻗﺩ ﺨﻠـﻕ ﻋـﺩﺓﺍﺸﻜﺎﻻﺕ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻤﻊ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ،ﺍﻟﺤـﻼﺝ ،ﺍﻟﺒـﺴﻁﺎﻤﻲ ،ﺫﻭ ﺍﻟﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ،ﺍﻟﺴﻬﺭﻭﺭﺩﻱ .ﻭﺭﻏﻡ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻬﻡ ﻓـﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺼـﻭل ﺇﻟـﻰﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺒﺭﺓ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻨﻘـل ،ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻜﻤـﺔﻭﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻴﻜﻭﻥ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻭﺠﺩﺍﻨﻴـﺔ ﺸـﺎﻗﺔ ﻻﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﺄﻤل ﻭﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻭﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻓﺭﺩﻴﺔﺨﺎﺼﺔ ﻭﺴﺭﻴﺔ ،ﺤﻴﻥ ﺘﺘﺄﺴﺱ ﻭﻓﻕ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﺜﻼﺙ :ﺘﺨﻠﻴﺔ ،ﺘﺤﻠﻴﺔ ،ﻭﺘﺠﻠﻴﺔ ،ﺃﻱ
ﺤﻴﻨﻤﺎ ﺘﺘﺠﻠﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻑ .ﻨﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩ ﻟﺤﻅـﺔ ﺍﺒـﻥ ﻋﺭﺒـﻲ ﻜﻤﻤﺜل ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﻭﻨﻭﺭﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻟﻔﻬﻡ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﺍﻟﻔﻠـﺴﻔﻲ: ﺴﺄل ﺍﺒﻥ ﺭﺸﺩ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻗﺎﺌﻼ :ﻜﻴﻑ ﻭﺠﺩﺕ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜـﺸﻑ ﻭﺍﻟﻔـﻴﺽ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﻫل ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﻋﻁﺎﻩ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭ؟ ﺃﺠﺎﺏ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ :ﻨﻌﻡ ،ﻭﻻ ،ﻭﺒﻴﻥ ﻨﻌـﻡ ﻭﻻ ،ﺘﻁﻴﺭ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﺩﻫﺎ ،ﻭﺍﻷﻋﻨﺎﻕ ﻤﻥ ﺃﺠﺴﺎﺩﻫﺎ . ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺘﺤﺩﺩ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻤﻭﺼل ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﻬﻭ ﻟﻴﺱ ﺘﺄﻤﻼ ﻭﻟﻴﺱ ﻭﺤﻴﺎ ،ﻭﺘﻘﻭﻡ ﻨﻅﺭﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ :ﺴﺒﺤﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻅﻬﺭ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﻫﻭ ﻋﻴﻨﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﻫﻲ ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻑ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺭﺤﻠﺔ ﻤﻌﺎﻜﺴﺔ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﻨﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺼل ﻭﺍﻟﺤﻠﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ،ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺒﺎﻁﻨﻴﺔ ﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﺘﻠﻐﻲ ﺍﻟﺠﺴﺩ ﻭﺘﻠﻐﻲ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺱ ،ﺒﺤﻴﺙ ﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻨﻭﺭﺍ ﻴﻘﺫﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻹﺸﺭﺍﻗﻲ ،ﻴﺫﻜﺭﻨﺎ ﺒﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﺭﺍﻫﺏ ﺒﻭﻟﺹ :ﺼﻠﺒﺕ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ،ﻓﺄﻨﺎ ﻻ ﺃﺤﻴﻰ ﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻴﺤﻴﻰ ﻓﻲ \" ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﺤﻠﻭﻟﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻼﺝ ﻭﻫﻭ ﻴﺴﺘﺒﻁﻥ ﻗﺩﺴﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻗﺎﺌـﻼ : ﺃﻨﺎ ﻤﻥ ﺃﻫﻭﻯ ﻭﻤﻥ ﺃﻫﻭﻯ ﺃﻨﺎ • ﻨﺤﻥ ﺭﻭﺤﺎﻥ ﻗﺩ ﺤﻠﻠﻨﺎ ﺒﺩﻨﺎ ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺒﺼــﺭﺘﻪ ﺃﺒﺼﺭﺘـﻨﻲ • ﺇﺫﺍ ﺃﺒﺼﺭﺘـﻪ ﺃﺒﺼﺭﺘـﻨﺎ ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻜﺘﺠﺭﺒﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻭﺴﺭﻴﺔ ﺘﻌﻜﺱ ﺭﻏﺒﺔﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺘﻔﺎﺩﻱ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻤﻊ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﻌﺩ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺒﻲ . ﺍﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺝ:
ﻴﻠﺘﻘﻲ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺭﻏﻡ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻁﺒﻴﻌﺘﻬﻤﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻥ ﺍﻷﻭلﻨﻔﺴﺎﻨﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺭﻭﺤﻲ ،ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ ﻴﺒﻠﻐﺎﻥ ﻫﺩﻓﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔﻟﻠﻔﻥ ،ﻭﻓﻲ ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﺘﻁﺎﺒﻘﺔ ﺃﻭ ﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ ﺇل ﺤﺩ ﺒﻌﻴﺩ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻌﺘﻤﺩﻜﻼﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺫﻭﻕ ،ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻭل ،ﻭﺍﻟﺭﻭﺤﻲ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔﻟﻠﺜﺎﻨﻲ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻜﻼﻫﻤﺎ ﻴﺴﻠﻙ ﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﺃﻱ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺍﻹﺸﺭﺍﻗﻲ ﺍﻹﻟﻬﺎﻤﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻭﻻﺒﺎﻟﺘﺠﺭﻴﺩ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻕ .ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴﻠﻙ ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺒﻪ ﻴﺼل ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻌﺎﻡﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﻓﻴﻜﻭﻥ ﻓﻨﻪ ﻜﻭﻨﻴﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﺩﺭﺍﻜﻪ ﻟﻠﺠﻤﺎل ﻤﻁﻠﻘﺎ ،ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪﺒﺎﻟﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻭﻻ ﺒﺄﻱ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺁﺨﺭ ﺠﺯﺌﻴﺎ ﺨﺎﺼﺎ ،ﺇﻨﻪ ﺤﺩﺱ ﻤﺤﺽ ،ﺤﺩﺱﻏﻨﺎﺌﻲ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل \" ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ \" ،ﻻ ﺼﻠﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻜﻡﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ .ﻭﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻜﺫﻟﻙ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺤﺩﺴﻲ ﺭﻭﺤﻲ ﻤﺒﺎﺸﺭ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪﺒﺎﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﻭﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﻓﻌﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺓ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ،ﻴﺼلﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺸﻑ ،ﺃﻭ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺃﻱ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ،ﻴﻘﻭلﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ \" ﻗﺫﻑ ﺍﷲ ﻨﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﺼﺩﺭﻱ \" .ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ؟ ﻻ ﺩﻟﻴل،ﻷﻥ ﻻ ﻫﺫﺍ ﻭﻻ ﺫﺍﻙ ﻴﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺃﺩﻭﺍﺘﻪ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ،ﻓﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﺩﻟﻴل ﻭﻫﻭﻴﺠﻬل ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺃﻭ ﻴﺘﺠﺎﻫﻠﻪ ﻭﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﻭﻻ ﻴﻌﺒﺄ ﺒﻪ ،ﻭﻴﻌﺘﺒﺭﻩ ﻗﺎﺼﺭﺍ ﻋﻥ ﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﻬﺩﻑﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻌﻰ ﺇﻟﻴﻪ؟ ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ ﺒﺩﺭﺏ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﺎﺩﻴﻴﻥ ﻤﻥﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺃﻱ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺩﻟﻴل ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻫﻭ ﺇﻨﺘﺎﺠﻪ ﻭﺇﺒﺩﺍﻋﻪ ﺍﻷﺼﻴلﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﺤﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ،ﺃﻱ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻑ ﻓﺩﻟﻴﻠﻪ ﻫﻭﻤﺎ ﻴﺼﺭﺡ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻭﺼﻑ ﻟﻠﻜﺸﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺼل ﻟﻪ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺠﺯ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩﻤﻌﺎﻟﻤﻪ ،ﻷﻨﻪ ﻤﻁﻠﻕ ،ﻭﻫﻲ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻨﺴﺒﻲ ،ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ
ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ،ﻟﻬﺫﺍ ﻗﺎل ﻗﺎﺌﻠﻬﻡ ،ﻤﺎ ﻤﻌﻨﺎﻩ :ﺭﺃﻴﺕ ﻤﺎ ﻻ ﻋﻴﻥ ﺭﺃﺕ ﻭﻻ ﺃﺫﻥﺴﻤﻌﺕ ،ﻓﻅﻥ ﺨﻴﺭﺍ ،ﻭﻻ ﺘﺴﺄل ﻋﻥ ﺍﻟﺨﺒﺭ .ﻫل ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ،ﻫﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ؟ ﻭﻫل ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺤﻲ ﻟﻠﻜﺸﻑ ﻫﻭ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻟﻠﻤﻁﻠﻕ،ﻭﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ؟ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺅﺍل ،ﺃﻭ ﺍﻹﺸﻜﺎل ،ﻭﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻘﻰ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﻤﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ. ﺗﻄﺒﻴﻘﺎت :ﻨﺤﻥ ﺒﺼﺩﺩ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﻟﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﻭﺍﻟﻜﺸﻑ ﻓﻲﺼﻭﺭﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﺯﻋﻡ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻭﻥ ﻭﻤﺘﺫﻭﻗﻭ ﺍﻟﻔﻥ ،ﺇﻥﺍﻷﻤﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﻻ ﻴﺨﻠﻭ ﻤﻥ ﺼﻌﻭﺒﺔ ،ﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻊ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻟﺫﻟﻙ ﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻁﺎﻟﺏ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻌﻴﻥ ﺒﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻫﻨﺎ ﻤﻥ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ،ﻭﻴﺤﺎﻭل ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺜﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﻓﻬﻲ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺤﻘﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕﻤﻌﺩﻭﻤﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻭﺠﺩ ﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﺘﺭﺍﺜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺠﺩ ﻋﺎﺩﺓ ﻓﻲﻤﻜﺘﺒﺎﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻌﺎﺌﻼﺕ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺯﻭﺍﻴﺎ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺎﺠﺩ .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻔﻥ ﻓﺈﻥﻫﻨﺎﻙ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻜﺘﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺒﺎﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻼﺕﻭﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺘﻁﺭﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎل ،ﻭﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺨﺎﺹﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻭﺼﻑ _ ﺭﺒﻤﺎ _ ﺒﺎﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺒﻠﻎ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻴﻭﺼﻑ ﺒﺎﻟﻌﺎﻟﻤﻲ. ﺘﻁﺒﻴﻕ 1ﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻜﺸﻑ ﺠﻤﺎل ﺍﻟﺭﻗﻡ 1ﺍﻟﻜﻭﻤﻴﺩﻴﺎ
ﺘﻁﺒﻴﻕ 2 2ﺍﻟﻭﺠﺩ 3ﺍﻟﺩﺭﺍﻤﺎﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ ﻜﺸﻑ 4ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺠﻤﺎل 5ﺍﻟﻤﻠﺤﻤﺔ ﺍﻟﺭﻗﻡ 6ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺓ 7ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ 8ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ 9ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ 10ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ 1ﺍﻟﺨﻠﻭﺓ 2ﺍﻟﺤﻠﻭل 3ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ 4ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺎﺕ 5ﺍﻨﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ 6ﺍﻟﺤﻀﺭﺓ 7ﺍﻟﻨﺤﺕ 8ﺍﻟﻠﺤﻥ 9ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ 10ﺍﻟﺸﻜل
ﺘﻁﺒﻴﻕ 3ﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ ﻜﺸﻑ ﻜﺸﻑ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺠﻤﺎل ﺠﻤﺎل ﺍﻟﺭﻗﻡ ﺍﻟﺭﻗﻡ 1ﺍﻟﺘﻨﺎﺴﺏ 2ﺍﻟﺘﻨﺎﻏﻡ 3ﺍﻟﺸﻁﺤﺎﺕ 4ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﺎﺕ 5ﺍﻟﻜﺸﻑ 6ﺍﻟﻭﺭﻉ 7ﺍﻟﻁﻤﺄﻨﻴﻨﺔ 8ﺘﻤﺜﺎل 9ﺍﻟﺯﻫﺩ 10ﺍﻟﻌﻜﻭﻑ ﺘﻁﺒﻴﻕ 4ﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ 1 ﺍﻟﻤﺭﺍﻗﺒﺔ 2 3 ﻟﻭﺤﺔ 4 ﺭﻭﺍﻴﺔ 5 ﺍﻷﺤﻭﺍل 6 ﻗﺼﻴﺩﺓ 7 ﺍﻟﻴﻘﻴﻥ
ﺘﻁﺒﻴﻕ 5 8ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ 9ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩﺓﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ 10ﺍﻟﺘﻤﺜل ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﻜﺸﻑ ﺠﻤﺎل ﺍﻟﺭﻗﻡ 1ﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺭﻀﻰ 2ﺍﻟﺘﺨﻴل 3ﺍﻟﺘﺄﻤل 4ﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺤﺏ 5ﺭﺅﻴﺎ 6ﺍﻻﺴﺘﻌﺎﺭﺓ 7ﺃﻫل ﺍﻟﻠﻴل 8ﺍﻟﺤﺩﺱ 9ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ 10ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ============================= ﺃﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻘﻭﻴﻡ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻷﻭل – ﺘﺼﻤﻴﻡ ﻤﻘﺎﻟﺔ:
ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻫﻭ ﺃﺴﻠﻭﺏ ﻤﻥ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺘﺤﺼﻴل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﺃﻭ ﻫﻭ ﻤﻨﻬﺞ ﻤﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺫﻭﻗﻴﺔ. ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ – ﺘﺤﻠﻴل ﻨﺹ ﺘﺤﻠﻴل ﻨﺹ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ ﻜﻠﻲ ﻤﺤﺽﺇﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ ﻤﺤﺽ ﺃﻭ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻤﺤﺽ ،ﻟﻴﺱ ﺤﺩﺴﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﻜﻤﺎ ﺯﻋﻡ \" ﺸـﻠﻨﺞ \") ،(1ﻭﻻ ﻫﻭ ﺤﺩﺱ ﻤﻨﻁﻘﻲ ﻜﻤﺎ ﻴﺭﻯ \" ﻫﻴﺠل \" ) ،(2ﻭﻻ ﻫﻭ ﺤﻜﻡ ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ .ﺇﻨﻪ ﺤﺩﺱ ﻤﺠﺭﺩ ﺇﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﻭﻤـﻥ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ،ﺇﻨـﻪﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﻓﺠﺭﻫﺎ ،ﺇﻨﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺒـﺩﻭﻨﻬﺎ ﺃﻥﻨﻔﻬﻡ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻘﺩﺓ .ﻭﻟﻜﻲ ﻨﻔﻬﻡ ﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻼﺤﻅ ﻓﻴﻪ ،ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺒﻨﺎﺤﺎﺠﺔ ﻗﻁ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻨﻤﻀﻲ ﺨﺎﺭﺝ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺽ ،ﻭﻻ ﺃﻥ ﻨﺩﺨل ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻌـﺽ) ﻭﻫﺫﺍ ﺸﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﺭ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴﻼﺕ ﻭﻻ ﻨﻀﻴﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻹﻀﺎﻓﺎﺕ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺌﻴﺔ( ﺒل ﻜﻔﺎﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻠﺘﺯﻡ ﺤﺩﻭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﺒﺩﻗﺔ ،ﻭﻨﺭﺍﻋﻴﻪ ﻜل ﺍﻟﻤﺭﺍﻋـﺎﺓ ،ﻭﺃﻥ ﻨﺘﻌﻤـﻕﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ،ﻤﺴﺘﺨﺭﺠﻴﻥ ﻤﺎ ﻴﺤﺘﻭﻴﻪ ﻤﻥ ﻜﻨﻭﺯ ﻻ ﺘﻨﻀﺏ.ﻭﻗﺩ ﺃﺘﻴﺢ ﻟﻨﺎ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﻟﻴﺱ ﺤﺩﺴـﺎﺒل ﻋﺎﻁﻔﺔ ،ﺃﻭ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺤﺩﺴﺎ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﻋﺎﻁﻔـﺔ ﺃﻴـﻀﺎ ،ﻭﻴـﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤـﺩﺱﺍﻟﻤﺤﺽ ﺒﺎﺭﺩ ﻻ ﺤﺭﺍﺭﺓ ﻓﻴﻪ ،ﺃﺘﻴﺢ ﻟﻨﺎ ﺤﻴﻨﺌﺫ ﺃﻥ ﻨﺒﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺽ ،ﻟﻜﻭﻨـﻪﻏﻴﺭ ﺫﻱ ﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ،ﻴﻔﻴﺽ ﺒﺎﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ،ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺨﻠﻊﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺩﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﻴﺔ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺤﺭﺍﺭﺓ ﺘﺄﺠﺠﺕ ﺘﺤﺕﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﺭﻭﺩﺓ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻜل ﺨﻠﻕ ﻓﻨﻲ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻭ ﺤﺩﺱ ﻤﺤﺽ ،ﺸـﺭﻴﻁﺔ ﺃﻥﻴﻜﻭﻥ ﻏﻨﺎﺌﻴﺔ ﻤﺤﻀﺔ .ﻭﺤﻴﻥ ﺃﺘﻴﺢ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺭﻯ ﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﻤﺤﺩﺜﻴﻥ ﻴـﺼﻠﻭﻥ ﺃﺨﻴـﺭﺍ،
ﺒﺎﻟﺤﻴل ﺍﻟﻤﺘﻌﺒﺔ ﻭﺍﻟﻁﺭﻕ ﺍﻟﻤﻠﺘﻭﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ ﻭﻋﺎﻁﻔﺔ ،ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻬﻡ ﺇﻨﻬﻡﻻ ﻴﺄﺘﻭﻥ ﺒﺠﺩﻴﺩ ،ﺒل ﻴﺭﺩﺩﻭﻥ ﺸﻴﺌﺎ ﺴﻤﻌﻨﺎﻩ ﻋﺩﺩﺍ ﻻ ﻴﺤﺼﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺩ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺭﺩﺩﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻗﻭﺍل ﻭﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ،ﻭﺃﻨﻬﻡ ﺒﻬﺫﻩ \"ﺍﻟـﻭﺍﻭ\" ﺍﻟﻌﻁﻔﻴـﺔ)ﻭ( ،ﻴﺘﻨﻜﺒﻭﻥ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﺜﻡ ﻻ ﻴﺼﻠﻭﻥ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘـﺼل ﺒﻔﻠـﺴﻔﺔﺍﻟﻔﻥ ،ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻠﻲ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﻥ ﺤﻴﻥ ﻨﻘﺭﺭﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍﺍﻟﻨﺤﻭ ﻴﺒﺩﻭﺍﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﻴﻥ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﺨﺭ ،ﺃﻭ ﻤﻠﺘﺼﻘﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻘـﺩﻴﺭ ،ﻓـﻲ ﺤﻴﻥ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻨﺠﺩ ﻜﻼ ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻷﻭل ﻋﻴﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ.ﺃﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﺍﻟﻜﻭﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺼﻑ ﺒﻪ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨـﻲ...ﻓﺈﻨﻙ ﺘﺠﺩ ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺇﺫﺍ ﺃﻨﺕ ﺃﻨﻌﻤﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ .ﺇﺫ ﻤـﺎﻫﻲ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ؟ ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺸﻲﺀ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻨﻔـﺼل ﻋـﻥ ﺍﻟﻜﻠـﻲﻭﻴﺘﻁﻭﺭ ﺒﺫﺍﺘﻪ؟ ﻫل ﻟﻠﺠﺯﺀ ﻭﺍﻟﻜل ،ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻟﻠﻨﻬﺎﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﻨﻬﺎﻴﺔ ،ﻤـﻥ ﻭﺠـﻭﺩﻷﺤﺩﻫﻤﺎ ﻤﺴﺘﻘل ﻋﻥ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﺨﺎﺭﺝ ﻋﻨﻪ؟ ﺇﻥ ﻜل ﻓـﺼل ﺃﻭ ﻋـﺯل ﻷﺤـﺩﺍﻟﺤﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﻟﻬﻭ ﻋﻤل ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻔﻀﻠﻪ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨـﺎﻙﺇﻻ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺭﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﻼﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺭﺩﺓ .ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨـﻲﻴﻨﻔﺭ ﻤﻥ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩ ﺒﻜل ﻜﻴﺎﻨﻪ .ﺒل ﺇﻨﻪ ﻻ ﻴﻨﻔﺭ ﻤﻨﻪ ﻗﻁ ،ﻷﻨـﻪ ﻴﺠﻬﻠـﻪ ﻜـلﺍﻟﺠﻬل ،ﻻ ﻟﺸﻲﺀ ﺇﻻ ﻷﻨﻪ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﺴﻤﻴﻨﺎﻫﺎ ﻓﺠﺭﻴﺔ .ﺇﻥ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻴﻨـﺒﺽ ﻓـﻲﺍﻟﺤﺩﺱ ﺒﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ،ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻟﻴﺴﺭﻱ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﺎﺹ .ﺇﻥ ﻜل ﺘـﺼﻭﺭﻓﻨﻲ ﻤﺤﺽ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﻫﻭ ﻭﺍﻟﻜﻭﻥ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴـﺔﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺒﺎﻟﻜﻭﻥ .ﻜل ﻜﻠﻤﺔ ﺘﻨﻔﺭﺝ ﻋﻨﻬﺎ ﺸﻔﺘﺎ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ،ﻭﻜل ﺼﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲﻴﺒﺩﻋﻬﺎ ﺨﻴﺎﻟﻪ ،ﻟﺘﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ﻜﻠﻪ ،ﻭﺘﻀﻡ ﻜل ﺍﻵﻤﺎل ﻭﺍﻷﻭﻫـﺎﻡﻭﺍﻵﻻﻡ ﻭﺍﻷﻓﺭﺍﺡ ﻭﺍﻷﻤﺠﺎﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﺘﺤﻭﻱ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻓﻲ ﺼﻴﺭﻭﺭﻩ ،ﻓﻲ ﻨﻤﻭﻩ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ،ﻭﻫﻭ ﻴﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺠﻭﻫﺭ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻋﺫﺍﺒﺎ ﻭﺴﻌﺎﺩﺓ.
ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻜﻨﺎ ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﺘﺨﻴل ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺫﺍﺘﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨـﻲﻤﻘﺭﺭﺍ ﻟﻠﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﺽ ،ﻟﻠﻔﺭﺩﻱ ﺍﻟﺼﺭﻑ ،ﻟﻠﻤﻨﺘﻬﻲ ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺩﻩ .ﻭﺤﻴﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﻜﺫﻟﻙ_ ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺤﺼل ﺒﻤﻌﻨﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻨﻲ _ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻨﻴـﺎ ﺘﻤﺎﻤـﺎ .ﺤـﻴﻥﻨﺤﺎﻭل ﺃﻥ ﻨﻨﺘﻘل ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﻤل ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﻭﺇﺩﺨﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻥ ،ﺤـﻴﻥﻨﺤﺎﻭل ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻤﻠﻴﺔ ،ﺃﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻭﺍﻟـﺼﺒﻭﺓ) (3ﻭﺍﻹﺭﺍﺓ ﺇﻟﻰ ﻓﻌل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﻨﻴﺔ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺼـﻭل ﺇﻟـﻰ ﻏﺎﻴـﺔﺍﻟﻤﻁﺎﻑ ،ﻨﻘﻑ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ،ﻓﻼ ﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﻼﻡ ﻭﻻ ﻨﺤﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟﻨـﻭﺭ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻙ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻨﺨﺭﺝ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﻔﻌل ﺇﺭﺍﺩﻱ ﺤﺭ ،ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻤﺎ.ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﻻ ﻴﺴﺘﻌﻤﻠﻭﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻫﻭ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﺘﺄﻤل ﺍﻨﻔﻌﺎﻟﻬﻡ ﻭﺇﺒﺭﺍﺯﻩ ﺇﻟﻰﺍﻟﻨﻭﺭ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻫﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﻨﻔـﺴﻪ ﻜـﺫﻟﻙ ،ﺃﻱ ﻭﺴـﻴﻠﺔ ﻟﻠﺒـﻭﺡﻭﺍﻹﻓﻀﺎﺀ ) .(4ﻓﻬﺅﻻﺀ ﻴﺩﻋﻭﻥ ﺼﺭﺨﺎﺕ ﺭﻏﺒﺎﺘﻬﻡ ﻭﺁﻻﻤﻬﻡ ﻭﺍﻀﻁﺭﺍﺒﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔﺘﻨﻔﺫ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻨﺸﺄﻭﻩ ،ﻓﺘﺴﺒﻎ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺸﺎﺌﺒﺔ ﻤﻅﻬـﺭﺍ ﻓﺭﺩﻴـﺎ ﻨﻬﺎﺌﻴـﺎﻀﻴﻘﺎ .ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﺼﺎﺌﺹ ﻻ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ـ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻤﻌـﺎ ﻓـﻲ ﻜـلﺼﻭﺭﺓ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻜل ﻓﻌل ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ـ ﻭﻻ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺩﺱ ـ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻌﺎ ـﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻋﺎﻁﻔﺔ ﻓﺤﺴﺏ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻥ ﻴـﺼﺒﺢﺒﻌﺩ ﺤﺩﺴﺎ ﻤﺤﻀﺎ .ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻟﻭﺤﻅ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﻴﻥ ﻴﻤﺩﻭﻨﻨﺎ ﺒﺩﻗﺎﺌﻕ ﻋـﻥﺤﻴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺯﻤﺎﻨﻬﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤـﻥ ﻋﻅﻤـﺎﺀ ﺍﻟﻔﻨـﺎﻨﻴﻥ ﺍﻟـﺫﻴﻥﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻭﻥ ﺤﺩﻭﺩ ﻋﺼﺭﻫﻡ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﻬﻡ ﻭﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻫﻡ ﻴﺸﺎﺭﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓﺍﻟﻭﺍﻗﻌﻴﺔ .ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻜﺫﻟﻙ ﻴﻨﺸﺄ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺩﺜﻪ ﻓﻴﻨﺎ ﺁﺜﺎﺭ ﺘﻔـﻴﺽﻭﻻ ﺸﻙ ﺒﺎﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺨﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﺒﺎﻟﻌﺎﻁﻔـﺔ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟـﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺩﺴـﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻀﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺨﺹ ﺨﺼﺎﺌﺹ ﺍﻟﻔﻥ.
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺇﻨﻤﺎ ﻨﺼﺤﺕ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻲ \" ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻥ \" ﺃﻥ ﻻ ﻨﺨﻠﻁ ﺒﻴﻥ -ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ -ﺍﻟﺫﻱ ﻭﺤﺩﺘﻪ ﺒﺎﻟﺤﺩﺱ ﻭﺠﻌﻠﺘﻪ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻔﻥ ،ﺃﻋﻨﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ -ﺍﻟﻔﻨﻲ -ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ -ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ -ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﻭﻨﻪ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻭﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻭﺍﻟﺼﺒﻭﺓ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓﻭﺍﻟﻔﻌل ﻨﻔﺴﻪ ،ﻓﻲ ﺘﻠﻘﺎﺌﻴﺘﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﺒﺢ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﻤﻔـﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻤﻨﻁـﻕﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ،ﺃﻋﻨﻲ ﻋﻼﻤﺔ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻼﺤـﻅ ﺫﻟـﻙ،ﻤﺜﻼ ،ﻓﻲ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﺍﻟﺩﻭﺭﺍﻨﻴﺔ ﺒﺼﺩﺩ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻁﻑ ﻋﻨـﺩ ﺍﻹﻨـﺴﺎﻥ ﻭﻋﻨـﺩﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﺎﺕ .ﻭﻗﺩ ﺩﻟﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺒﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻤـﻥ ﻓـﻲﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻐﻀﺏ ﻓﻴﻅﻬﺭﻩ ﻭﻴﺴﺘﻨﻔﺩﻩ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻤﺜل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺜل ﺍﻟﻐﻀﺏ ،ﻭﻴﻅلﺴﻴﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺎﺼﻔﺔ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻨﺎﺸﺭﺍ ﻓﻭﻗﻬﺎ ﻗﻭﺱ ﻗﺯﺡ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨـﻲ .ﺇﻥ ﺍﻟـﺴﻭﺭﺓ) (5ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺍﺨﺘﻼﻓﺎ ﻋﻤﻴﻘﺎ ﺠﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴـﺔ .ﺃﻻ ﺘﺘـﺫﻜﺭﻭﻥ ﺫﻟـﻙﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﻔﻅﻴﻊ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ \" ﺃﺩﻤﻭﻥ ﺩﻱ ﺠﻭﻨﻜﻭﺭ \" ،ﺤﻴﺙ ﻴﺤﺩﺜﻨﺎ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻥ ﻤﻤﺜﻠﺔﻭﺍﻗﻔﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺴﺭﻴﺭ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﻴﺤﺘﻀﺭ ،ﻭﻤﻨﺴﺎﻗﺔ ﺒﻌﺒﻘﺭﻴﺘﻬـﺎ ﺇﻟـﻰ ﺘﻤﺜﻴـل ﺃﻋﺭﺍﺽ ﺍﻻﺤﺘﻀﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻼﺤﻅﻪ ﻓﻲ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺘﻤﺜﻴﻼ ﻓﻨﻴﺎ؟ !ﻓﺄﻥ ﺘﺼﺏ ﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﻓﻨﻴﺔ ،ﻓﻤﻌﻨﻰ ﻫﺫﺍ ﻜﺫﻟﻙ ﺃﻨﻙ ﺃﻀﻔﻴﺕﻋﻠﻴﻪ ﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ،ﻭﻨﻔﺜﺕ ﻓﻴﻪ ﻨﻔﺤﺔ ﻜﻭﻨﻴﺔ ،ﻭﺒﻬـﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨـﻰ ﻓﻠﻴـﺴﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺸﻴﺌﻴﻥ ﺍﺜﻨﻴﻥ ﺒل ﺸﻲﺀ ﻭﺍﺤﺩ. ﺒﻨﺩﺘﻭ ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ ـ Croce, Bendetto ﺍﻟﻤﺠﻤل ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻥ ـ ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺴﺎﻤﻲ ﺍﻟﺩﺭﻭﺒﻲ ﻨﺸﺭ ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻭﺍﺒﺩ ـ ﻁ 2ـ ﺩﻤﺸﻕ 1964 ﺹ 181ـ 182ـ 183ـ 184ـ 185ـ 186
ﺠﻭﺍﺏ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻘﻭﻴﻡ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻷﻭل -ﺘﺼﻤﻴﻡ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺠﺩﻟﻴﺔ ) ﻗﻀﻴﺔ ـ ﻨﻔﻲ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ـ ﺍﻟﻤﺭﻜﺏ ﻤﻨﻬﻤﺎ ( Iـ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ )ﻁﺭﺡ ﺍﻹﺸﻜﺎل ( :ﻫل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﺤﻘﺎ؟ ﻭﻫل ﻫﻲ ﻤﺠﺩﻴﺔ؟ ﻭﻫل ﻟﻬﺎ ﻤﻥﻤﺭﺩﻭﺩ ﻋﻤﻠﻲ ﺃﻭ ﻤﻌﻨﻭﻱ؟ ﻫل ﻫﻲ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻡ ﻫﻲ ﺃﻭﻫﺎﻡﻭﺨﺭﺍﻓﺎﺕ ﻭﻤﺘﺎﻫﺎﺕ ﻻ ﻁﺎﺌل ﻤﻥ ﻭﺭﺍﺌﻬﺎ؟ ﺃﻡ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻹﻴﻬﺎﻡﻭﺍﻟﺘﻀﻠﻴل ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻴل ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺴﺘﻌﻤل ﻻ ﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﺎﺩﻴﺎ ،ﺒﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺠﻠﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻭﺇﻟﺤﺎﻕ ﺍﻷﻀﺭﺭ؟ IIـ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل : ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ :ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻻ ﺭﻴﺏ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﺤﺠﺔ :ـ ﺃﻗﻭﺍل ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ،ﻭﻤﻨﻬﻡ ﺍﻟﺜﻘﺎﺕ ،ﻤﺜل ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺃﺒﻭ ﺤﺎﻤﺩﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ،ﺍﻟﻤﻠﻘﺏ ﺒﺤﺠﺔ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻭﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺅﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻫﻤﻬﺎ \" ﺇﺤﻴﺎﺀﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ \" ،ﻭﻫﻭ ﻓﻭﻕ ﻜل ﺸﺒﻬﺔ ،ﻭﺃﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﻜل ﻤﻅﻨﺔ .ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻏﻴﺭﻩ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥﺍﻟﻨﺴﺎﻙ ﺍﻟﺯﻫﺎﺩ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺘﻁﺭﻕ ﺍﻟﺸﻙ ﺇل ﺃﻗﻭﺍﻟﻬﻡ ،ﻭﻗﺩ ﺸﻬﺩﻭﺍ ﺒﻭﺼﻭﻟﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺃﻱ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ.ـ ﺘﺄﻭﻴل ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻟﻠﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻵﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﺁﻨﻴـﺔ ﻭﺍﻷﺤﺎﺩﻴـﺙﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ ﻟﻠﺒﺭﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻨﺠﺎﻋﺘﻬﺎ ﻭﺠﺩﻭﺍﻫﺎ ﻜﻁﺭﻴـﻕﻭﺤﻴﺩ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ،ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴـﻕ ﻫـﻭﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺒﺼﻴﺭﺓ ،ﻭﻫﻲ ﻗﻭﺓ ﺭﻭﺤﻴﺔ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﻌﻘل ،ﺘﺩﺭﻙ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺩﺭﻜﻪ ،ﻭﺘﻌﺭﻑ ﻤـﺎﻴﺴﺘﺤﻴل ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﻓﻪ ،ﻫﻲ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺒﻠﻭﻍ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻜﺸﻑ ،ﻭﻫﻭ ﻋـﺎﺠﺯ ﻋـﻥﺫﻟﻙ ،ﻫﻲ ﺒﺎﻟﻐﺔ ﺤﺩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻻ ﻴﻘﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ.ﻨﻘﺩ ﺍﻟﺤﺠﺔ :ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻤﺨﺎﻟﻑ ﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤـﺩﻭﺩﺓ ﺒﺤـﺩﻭﺩﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺠﻌل ﻤﻌﺭﻓﺘﻪ ﻤﺤﺩﻭﺩﺓ ﺒﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺤﺱ ﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻘـﻭل ﺒﻪ ﺍﻟﻔﻼﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﺤﺴﻴﻭﻥ. ﻨﻘﻴﺽ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ :ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ ﺍﻟﺤﺠﺔ:ـ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺭﻯ ﺃﻴﺔ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﻺ ﻨﺴﺎﻥ ﺴـﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻡ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﻘل ،ﻭﻤﻥ ﻗﺎل ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻓﻠﻴﺄﺕ ﺒﺎﻟﺩﻟﻴل. ـ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺤﺴﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺱ ﻫﻭ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻟﻠﻤﻌﺭﻓﺔ.ـ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻘﻴﺩ ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔ، ﻭﻤﻌﺭﻓﺘﻪ ﺘﺒﻌﺎ ﻟﺫﻟﻙ ،ﺇﻨﻤﺎ ﺘﻘﻊ ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ ﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﻭﻻ ﺸﻲﺀ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ.
-ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺸﺭﻋﻲ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻌﺎﺭﺽ ﻋﻠﻤـﺎﺀ ﺍﻟـﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘـﺼﻭﻑ ﺍﻟﻔﻠـﺴﻔﻲ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ ،ﺘﺒﻠﻎ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺒﺎﻟﺸﺭﻙ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ. ﺍﻟﻤﺭﻜﺏ ﻤﻨﻬﻤﺎ :ﻻ ﺇﺜﺒﺎﺕ ﻭﻻ ﻨﻔﻲ ﻟﻠﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺤﺠﺔ :ـ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﺩﺱ ﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﺇﻨﻬﻡ ﻴﺴﺘﻌﻤﻠﻭﻥ ﻭﺴﺎﺌل ﺃﺨﺭﻯ ﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻤﺜل ﺍﻟﺒﺼﻴﺭﺓﻭﻫﻲ ﻭﺴﺎﺌل ﻓﻭﻕ ﺍﻟﻌﻘل ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﺜﺒﺎﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﻨﻔﻴﻬﺎ ﻋـﻥ ﻁﺭﻴـﻕ ﺍﻟﺤـﺱﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﻭﻻ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﻟﻠﺤﺴﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻨﻁـﻕ ﻭﺍﻟﻌﻘـل ،ﺃﻱ ﺒﻁﺭﻕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩﺓ. IIIـ ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ ) ﺍﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺝ (:ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﻤﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻫﻭ ﻴﺠﻬﻠﻬﺎ ﺠﻬﻼ ﻋﻠﻤﻴﺎ ﻟﺤﺩ ﺍﻵﻥ،ﻭﻗﺩ ﻴﺄﺘﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻴﻭﻡ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺘﻁﻭﺭ ﻗﺩ ﻴﺤﺼل ﻓـﻲ ﻭﺴـﺎﺌلﻭﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﻌﻠﻡ ،ﺃﻭ ﻗﺩ ﻴﺘﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻡ ﺠﺩﻴﺩ ﻻ ﻴﻤﺭ ﺒﺎﻟـﻀﺭﻭﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﻁﺭﻴـﻕﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ،ﻭﻴﻜﻭﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻭﺽ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺭﻭﺡ .ﺃﻤﺎ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﻓﻼ ﺴﺒﻴل ﺇﻟﻰﺍﻟﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻭﺍﻷﺠﺩﺭ ﺒﺎﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﻫﻭ ﺘﻀﺎﻓﺭ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﻤﻥﺃﺠل ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﻤﻨﺎﻫﺠﻪ ﻭﻭﺴﺎﺌﻠﻪ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﺴﻤﻰ ﻭﺤﻴـﺎﺓ ﺃﺴـﻌﺩ ،ﻭﻻﺠﺩﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﺠﺩل ﺍﻟﻌﻘﻴﻡ ﺤﻭل ﺇﺜﺒﺎﺕ ﺃﻭ ﻨﻔﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻴﺤلﺍﻹﺸﻜﺎل ﻴﻭﻤﺎ ،ﺒﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺤﻠﺕ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻹﺸﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﻌﺩﻴـﺩﺓ،ﻭﺇﻻ ﻓﻠﻴﺒﻕ ﻓﻲ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺩﺍﻓﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﺫل ﺍﻟﺠﻬﺩ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﻁـﻭﻴﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓـﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻤﺭ ﻓﺎﺌﻕ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ. ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ – ﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﻨﺹ ﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﻨﺹ:
Iـ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ: ﺍ ـ ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ: ) (1ﺸﻠﻨﺞ ) :ﻓﺭﺩﺭﻴﻙ ﻓﻠﻬﻠﻡ ﺠﻭﺯﻴﻑ ﻓﻭﻥ ( ـ ) 1775ـ ( 1854ـ ﻓﻴﻠﺴﻭﻑ ﻤﺜﺎﻟﻲ ﺃﻟﻤﺎﻨﻲ ،ﺫﻭ ﻨﺯﻋﺔ ﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل ﺒـ \" ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻜﺸﻑ \" ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻌﻘل ﻓﻲ \" ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ \".) (2ﻫﻴﺠل ) :ﺠﻭﺭﺝ ﻭﻴﻠﻴﺎﻡ ﻓﻴﺭﺩﺭﻴﻙ ﻫﻴﺠل ( ـ ) 1770ـ ( 1831ـ ﻓﻴﻠﺴﻭﻑ ﻤﺜﺎﻟﻲ ﺃﻟﻤﺎﻨﻲ ،ﺍﺸﺘﻬﺭ ﺒﻤﻨﻬﺠﻪ ﺍﻟﺠﺩﻟﻲ ) ﺍﻟﺩﻴﺎﻟﻜﺘﻴﻙ (.) (3ﺍﻟﺼﺒﻭﺓ :ﺍﻟﻔﺘﻭﺓ ﺍﻟﻁﺎﻏﻴﺔ ﺍﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﻫﻨﺎ ﻫـﻭ ﻗـﻭﺓ ﺍﻟﺭﻏﺒـﺔ ﻭﺠﻤﻭﺤﻬﺎ ﻭﺇﻟﺤﺎﺤﻬﺎ.) (4ﺍﻟﺒﻭﺡ ﻭﺍﻹﻓﻀﺎﺀ :ﺃﺒﺎﺡ ﺍﻟﺴﺭ ﺃﻅﻬﺭﻩ ﻭﻜﺸﻔﻪ ﻭﺠﺎﻫﺭ ﺒﻪ ،ﻭﺍﻟﻤﻘـﺼﻭﺩﻫﻨﺎ ﻫﻭ ﺍﻹﻓﺼﺎﺡ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻁﻑ ﻭﺍﻨﻔﻌﺎﻻﺕ .ﻭﺍﻹﻓﻀﺎﺀ ﻫﻭ ﺘﻭﻀـﻴﺢﻭﺘﻭﻜﻴﺩ ﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﻭﺡ ،ﻭﻴﻔﻴﺩ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﺨﻔﻲ ﺩﺍﺨل ﺍﻟـﻨﻔﺱ ﻭﺇﻅﻬﺎﺭﻩ ﻭﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻨﻪ ،ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺒﻪ. ) (5ﺍﻟﺴﻭﺭﺓ :ﺍﻟﻐﻀﺏﺏ ـ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺒﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻨﺹ :ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ ) 1866ـ 1952ﻡ( ،ﻭﻟﺩ ﻓـﻲ \"ﺒﺴﻜﺎﺴﻴﺭﻭﻟﻲ \" ﺒﺈﻴﻁﺎﻟﻴﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻓﻴﻠﺴﻭﻑ ﻤﻥ ﺃﺘﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﻬﻴﺠﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺍﺸﺘﻬﺭﺒﻤﺴﺎﻫﻤﺘﻪ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻥ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎل ،ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺭﻉ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺫﺍﻋﺕ ﺸﻬﺭﺘﻪﻓﻴﻪ ،ﻭﻁﺒﻘﺕ ﺍﻵﻓﺎﻕ ،ﻻ ﻴﻀﺎﻫﻴﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺃﺤﺩ ،ﺭﺒﻤﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ .ﻭﻤﻥ ﺁﺜﺎﺭﻩ\" ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺭﻭﺡ \" ﻭ \"ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻥ \" ﻭ \" ﺍﻟﻤﺠﻤل ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻥ \" ،ﻭﻫﻭ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋـﻥ ﺨﻼﺼﺔ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻥ ،ﻭﻤﻥ ﻤﺠﻤل ﺍﻟﻔﻥ ﻫﺫﺍ ﺃﺨﺫﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺹ. ﺝ ـ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻨﺹ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭﻩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ :ﻴﻘﻭل ﻤﺘﺭﺠﻡ ﻜﺘﺎﺏ )ﻤﺠﻤل ﻟﻔﻥ(:
\" ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ ﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﺘﺘﺄﺜﺭ ﺨﻁﻰ ﻫﻴﺠل ...ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﺤﻘﻴﻘـﺔﻏﻴﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﻓﺎﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺸﻲﺀ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺇﺫﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻜـﺭﻭﻤﻭﻀﻭﻉ ﻤﺴﺘﻘل ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﺒل ﻫﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺫﺍﺘﻪ ﻓﻲ ﺇﺩﺭﺍﻜﻪ ﻟﺫﺍﺘﻪ ...ﻓﻘﺩ ﺘﺭﺘﺏ ﻋﻥﻫﺫﺍ ﺍﻨﻘﻼﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻱ ﻟﻠﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻓﻠﻴﺴﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺇﺫﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﻤﺠـﺭﺩﺍﺕ،ﺒل ﻫﻲ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﻴﺎﻨﻲ ،ﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﻋﻴﺎﻨﻲ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﻓﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻫﻭ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﻴﺎﻨﻲ ،ﻭﺃﻭﻟﻰ ﺒﺎﻟﻌﻠﻡ ﺃﻥ ﻴﻘﺎل ﺇﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﻪ ﺍﻟﻤﺠﺭﺩﺍﺕ...ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻔﻥ :ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻫﻭ ﺃﻭﻟﻰ ﺨﻁﻭﺍﺕ ﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﻜﺭ .ﺃﻭ ﻫـﻭ ﺍﻟـﺼﻭﺭﺓﺍﻟﻔﺠﺭﻴﺔ ﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻔﻜﺭ .ﻭﻫﻭ ﺤﺩﺱ ﺨﺎﻟﺹ ،ﻭﺍﻟﺤﺩﺱ ﻫﻭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﻟﺤﻘﻴﻘـﺔﻓﺭﺩﻴﺔ ﺠﺯﺌﻴﺔ ،ﻫﻭ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻋﻨﺼﺭ ﻤﻨﻁﻘﻲ ،ﻭﻫﻭ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻤﺨﻴﻠﺔ.ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﺫﻫﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﺭﻙ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎﺕ ﻜﻠﻴﺔ ﻋﺎﻤـﺔ.ﻓﺎﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺇﻤﺎ ﺤﺩﺴﻴﺔ ﻭﺇﻤﺎ ﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ،ﺇﻤﺎ ﺒﺎﻟﻤﺨﻴﻠﺔ ﻭﺇﻤﺎ ﺒﺎﻟﺫﻫﻥ ،ﺇﻤﺎ ﻟﻤﺎ ﻫـﻭ ﻓـﺭﺩﻱﻭﺇﻤﺎ ﻟﻤﺎ ﻫﻭ ﻜﻠﻲ ،ﺇﻤﺎ ﺨﺎﻟﻘﺔ ﻟﺼﻭﺭ ،ﻭﺇﻤﺎ ﻤﻜﻭﻨﺔ ﻟﻤﻔﻬﻭﻤﺎﺕ .ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺤﺩﺴـﻴﺔﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺴﺎﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ،ﻓﺘﻘﻭﻡ ﻫﺫﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻨﻬـﺎﻫﻲ ﻻ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻓﺠﺭ ﻜل ﻤﻌﺭﻓﺔ .ﻭﻜل ﺤـﺩﺱ ﻤﺤـﺽ ،ﺃﻱ ﻜـلﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﻨﻴﺔ ،ﻓﻬﻲ ﻏﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ .ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﻫـﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺸﻌﻭﺭ ،ﺃﻭ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺅ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﺴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨـﺎﻥ ﻭﺒـﻴﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺒﺭ ﺒﻬﺎ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ،ﺃﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ\". ﺩ ـ ﻁﺭﺡ ﺍﻹﺸﻜﺎل :ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺍﻟﺠﺯﺌﻲ ﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﻭﺍﻟﻤﻌﻀﻠﺔ ﻫﻲ ﺃﻥﺍﻟﻔﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﺠﺯﺌﻴﺎ ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻨﺎ ﻓﻲ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻜﻠﻴﺎ،ﻓﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺸﻲﺀ ،ﺃﻭ ﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﺯﺌﻴﺎ ﻭﻜﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ؟ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺤﻠﻴﺎ ﻭﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻜﻭﻨﻴﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ؟ ﺫﻟﻙ ﻫـﻭ ﺇﺸـﻜﺎلﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺭﻗﻰ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﻲ ﺇﻻ
ﺇﺫﺍ ﺍﺭﺘﻘﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺘﺒـﺔ ﺍﻟﻜﻠـﻲ ﺍﻟﻌـﺎﻡﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ،ﻭﺒﻠﻭﻍ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋـﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒـﺔﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺒﺭﻤﺘﻬﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻤﺎ ﻴﻌﺘﻠﺞ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﻜل ﻓﺭﺩ ﻤﻥ ﺃﻓﺭﺍﺩﺍﻟﺒﺸﺭ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻭﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﺨـﺎﺹ ﻭﻤﺤـﺩﻭﺩ ﻓـﻲﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ،ﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻹﻁﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭﺍﻟﻔﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻘﻰ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺴﺭﺍ ﻓﻨﻴﺎ ،ﻻ ﺯﺍل ﻓﻲ ﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟـﻰﻓﻬﻡ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺘﺒﺭﻴﺭ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺠﻤﻌـﻪﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﺯﺌﻲ ﻭﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨـﺴﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﻁﻠﻕ .ﻓﻬل ﻴﻤﻜﻥ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ،ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻓﻬﻤﻪ ﻭﺘﺒﺭﻴﺭﻩ؟ IIـ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل: ﺍ ـ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ :ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ ﻤﺤﺽ ﺏ ـ ﺍﻟﺤﺠﺔ: ـ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺴﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺒﺤﺩﺱ ﻤﻨﻁﻘﻲ ،ﻭﻻ ﻫﻭ ﺒﺤﻜﻡ ﻋﻘﻠﻲ. ـ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻫﻭ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﻓﺠﺭﻫﺎ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻌﺭﻓﺔ. ـ ﺍﻟﻔﻥ ﻜﻠﻲ.ـ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺽ ﻴﻔﻴﺽ ﻋﺎﻁﻔﺔ ﻭﺍﻨﻔﻌﺎﻻ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﻨﺯﻋـﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻕ.ـ ﻜل ﺨﻠﻕ ) ﺇﺒﺩﺍﻉ ( ﻓﻨﻲ ﺤﻴﻘﻲ ﻫﻭ ﺤﺩﺱ ﻤﺤﺽ ،ﻟﻜﻥ ﺒﺸﺭﻁ ﺃ ﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻏﻨﺎﺌﻴﺎﻤﺤﻀﺎ ،ﺃﻱ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻤﻥ ﻋﻭﺍﻁﻑ ﻭﺍﻨﻔﻌﺎﻻﺕ ﺒﻁﺭﻴﻘـﺔ ﻓﻨﻴـﺔ ﻏﻴـﺭ ﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ﻭﻻ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﻤﺠﺭﺩﺓ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻫﻲ ﺒﺤﻜﻡ ﻋﻘﻠﻲ.
ـ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ ﻭﻋﺎﻁﻔﺔ ﻻ ﻤﻌﻨﻰ ﻟﻪ ،ﻷﻨﻪ ﺒﻜﻠﻴﺘﻪ ﻴﺤﺘﻭﻱ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﺒﻁﺒﻌﻪ. ـ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﻋﺎﻁﻔﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﺤﺩﺱ ،ﺍﺤﺘﻭﺍﺀ ﻤﺘﺒﺎﺩل. ـ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻜﻠﻲ ﻜﻭﻨﻲ ﻋﺎﻟﻤﻲ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺒﺩﺃ ﻏﻨﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻥ.ـ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺽ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩ ،ﻷﻨﻪ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﺠﺭﻴﺔ ،ﺴﺎﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩ. ـ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ. ـ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﻤﺤﺽ ﻫﻭ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﻓﺭﺩﻴﺔ. ـ ﻜل ﺘﺼﻭﺭ ﻓﻨﻲ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻜﻠﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺴﻌﺎﺩﺘﻪ ﻭﺸﻘﺎﺌﻪ ﻤﻌﺎ. ـ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﺽ ﻟﻴﺱ ﻓﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ. ـ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﻟﻴﺱ ﻓﻨﺎ. ـ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﻤﻠﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺘﺩﺨل ﺍﻟﻌﻘل ،ﻟﻴﺱ ﻓﻨﺎ.ـ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ،ﻴﺠﻌل ﺍﻟﻔﻥ ﻓﺭﺩﻴﺎ ﻀﻴﻘﺎ ،ﻻ ﻫﻭ ﺒﺎﻟﺤﺩﺱ ،ﻭﻻ ﻫﻭ ﺒﺎﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺒﺎﻟﻔﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ.ـ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﺩ ﺒﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻟﻴﺱ ﺤﺩﺴﺎ ﻤﺤﻀﺎ ،ﻭﺒﺎﻟﺘـﺎﻟﻲ ﻻﻴﻤﻙ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺽ ﻫﻭ ﺃﺨﺹ ﺨﺼﺎﺌﺹ ﺍﻟﻔـﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ. ـ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻤﺤﺽ ﻤﺒﺩﺃ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ.ـ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ،ﻓﺎﻟﻐﻀﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻘـﻭﻡﺒﻪ ﺍﻟﻤﻤﺜل ،ﻟﻴﺱ ﻤﺜل ﺍﻟﻐﻀﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺎﻨﻴﻪ ﺃﻱ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻷﻥ ﺍﻷﻭل ﻜﻠـﻲ ﻓﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ،ﺨﺎﺹ ﻓﺭﺩﻱ ﺠﺯﺌﻲ ﻋﻤﻠﻲ ) ﻤﺜﺎل ﻤﻥ ﺭﻭﺍﻴﺔ (.ـ ﺍﻟﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﺃﻭ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻟﻲ ﻟﻠﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻜﻠﻲ ﻋﺎﻡ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻓﺭﺩﻴﺎ ﺠﺯﺌﻴـﺎ ﺨﺎﺼﺎ.
ـ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺸﻲﺀ ﻭﺍﺤﺩ. ﻨﺴﺘﻨﺘﺞ ﻤﻥ ﻤﺠﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺠﺞ ﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ: ـ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ ﻤﺤﺽ ـ ﺍﻟﺤﺩﺱ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻜﻠﻲ ـ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ ﻜﻠﻲ ﻤﺤﺽﻨﻘﺩ ﺍﻟﺤﺠﺔ :ـ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺘﻰ ﺒﻪ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻟﻠﻔﻥ ﻻ ﻴﺤـل ﺍﻹﺸـﻜﺎل ،ﻷﻨـﻪﺨﺎﺹ ﺒﻪ ،ﻓﻬﻭ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺨﺎﺼﺔ ﻭﻤﻭﻗﻑ ﻻ ﻴﻠﺯﻡ ﺇﻻ ﺼﺎﺤﺒﻪ ،ﻭﻟﻌـل ﺍﻟﻜﺎﺘـﺏﻴﺘﻨﺎﻗﺽ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﺼﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻤﻥ ﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻔﻥ ،ﻭﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺒﺭﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﺤﺔ ﻤﻭﻗﻔﻪ ﻭﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭﻩ ﻓﻲ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻔﻥ ،ﻭﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺒﺭﻫﺎﻥ ﺩﻭﻥ ﻤﻨﻁﻕ؟.ـ ﺍﺴﺘﻌﻤل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﻤﺜﻠﺔ ﺒﻬﺩﻑ ﺍﻟﺒﺭﻫﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﺎل ﻻ ﻴﺼﻠﺢ ﻟﻠﺒﺭﻫﻨـﺔ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻨﻔﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻭﻀﻴﺢ ﻭﺍﻟﺸﺭﺡ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺒﺩﻭﻥ ﺒﺭﻫﺎﻥ .ﺒـلﺇﻨﻪ ﻋﻤﻕ ﻁﺭﺡ ﺍﻹﺸﻜﺎل ،ﻭﺃﺒﺭﺯ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺃﻜﺜﺭ ،ﺒﺤﻴﺙ ﺠﻌل ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻔﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﺠﻤﻊﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺫﻜﺭﻫﺎ ،ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺒﺭﺯ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺤﺎﺩﺍ ،ﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﺃﺼـﻴﻼ ﻭﺭﺍﻗﻴﺎ ﻭﺤﻘﻴﻘﻴﺎ. IIIـ ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ :) ﺍﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ( :ﻷﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻨﺹ ﻋﺭﺽ ﻤﻭﻗﻔﻪ ﻭﺸﺭﺤﻪ ﺒـﻀﺭﺏ ﺍﻷﻤﺜﻠـﺔ،ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻴﻘﺼﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺭﻫﻨﺔ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﺒﺼﺩﺩ ﻁﺭﺡ ﺇﺸﻜﺎل ﻭﺍﺘﺨﺎﺫ ﻤﻭﻗـﻑﻤﻨﻪ ،ﻭﻫﻤﺎ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ﻤﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﻟﻴﺱ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻌﻴـﺏﻷﻥ ﺍﻟﻔﻥ ﻴﺠﻬل ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻭﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺒﻪ ﻭﻻ ﺒﺎﻟﺘﺠﺭﻴﺩ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻟﻪ ،ﺒـل ﻫـﻭﺴﺎﺒﻕ ﻟﻜل ﻫﺫﺍ ،ﻓﻬﻭ ﻓﺠﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ .ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺒﺭﻫﻨﺔ ﻤﻔﻘﻭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﻗـﻑ ﻓـﻲﺍﻟﻨﺹ ،ﻓﺈﻥ ﺇﺒﺭﺍﺯ ﺇﺸﻜﺎل ﺍﻟﻔﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺅﺍل ،ﺃﻱﻁﺭﺡ ﺍﻹﺸﻜﺎل ،ﻭﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴـﺔ ﺍﻟﺘﻔﻠـﺴﻑ.
ﻭﺒﺎﻹﻤﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﺘﺼﺭ ﻨﺹ ﻤﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﺡ ﺍﻹﺸﻜﺎل ،ﻭﻗﺩ ﻴﻀﻴﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﺘﺨﺎﺫﻤﻭﻗﻑ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﺒﺘﻭﻀﻴﺤﻪ ،ﻷﻨﻪ ﺭﺒﻤﺎ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﻤﺎ ﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻓﻲ ﻨﺼﻪ ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺒﺭﻫﺎﻥ. ﺘﺩﺭﺏ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ... -1ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻟﻠﺘﺼﻤﻴﻡـ ﻗﺎل ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ \" :ﺜﻡ ﺇﻨﻲ ﺃﻗﺒﻠﺕ ﺒﻤﻬﻤﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻤـﺕ ﺃﻥ ﻁﺭﻴﻘﺘﻬﻡ ﺇﻨﻤﺎ ﺘﺘﻡ ﺒﻌﻠﻡ ﻭﻋﻤل \".ـ ﻗﻴل :ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ،ﺇﻨﻤﺎ ﺘﺩﺭﻙ ﺒﺎﻟﺫﻭﻕ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺤﺩﺴﻴﺔ، ﻻ ﺒﺎﻟﻌﻘل ﻭﺍﻻﺴﺘﺩﻻل ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ.ـ ﻗﺎل ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ \" :ﻓﻠﻌل ﻭﺭﺍﺀ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﻘل ﺤﺎﻜﻤﺎ ،ﺇﺫﺍ ﺘﺠﻠﻰ ﻜﺫﺏ ﺍﻟﻌﻘل ﻓـﻲﺤﻜﻤﻪ ،ﻜﻤﺎ ﺘﺠﻠﻰ ﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻌﻘل ﻓﻜﺫﺏ ﺍﻟﺤﺱ ﻓﻲ ﺤﻜﻤﻪ ،ﻭﻋﺩﻡ ﺘﺠﻠﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ، ﻻ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺘﻪ \".ـ ﻗﺎل ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ \" :ﻤﻁﺎﻟﺒﺘﻨﺎ ...ﺒﻔﺼل ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻋﻥ ﺍﻟﻔـﻥ ،ﺘـﺩﺨﻠﻨﺎ ...ﻓـﻲ ﺃﺼﻌﺏ ﻭﺃﻫﻡ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﺘﻤﻠﻬﺎ ﻗﻭﻟﻨﺎ ﺍﻟﻔﻥ ﺤﺩﺱ \".ـ ﻗﺎل ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ\" :ﺤﺴﺒﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل ﺇﻥ ﺍﻟﻔﻥ )ﺤﺩﺱ( ﺤﺘﻰ ﻨﻌﺭﻑ ﺍﻟﻔﻥ ﺃﻜﻤـل ﺘﻌﺭﻴﻑ \".ـ ﻗﺎل ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ \" :ﺇﻥ ) ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ( ﺒﻠﻴﺩﺓ ،ﺇﺫﺍ ﻗﻴﺴﺕ ﺒﺎﻟﻔﻥ ،ﻭﺇﻨﻬﺎ ﺨﺭﺴﺎﺀ ،ﻤﺎﻟﻡ ﻴﻨﻁﻘﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ \".ـ ﻗﺎل ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ \" :ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎل ﻤﻔﻬﻭﻤﻴﻥ ﺍﺜﻨﻴﻥ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻤﺎ ﺇﻻ ﻤﻔﻬـﻭﻡ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺩﻋﻭﻩ ﺒﺄﺤﺩ ﺍﻟﻠﻔﻅﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻭﺍﺀ \".
ـ ﻗﺎل ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ \" :ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻭﺼﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴـﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴـﺔ ﺒﺄﻨـﻪﻤﺫﻨﺏ ،ﻭﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﺨﻁﺊ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻤـﺎﺩﺓ ﻓﻨـﻪ ﺃﺨﻼﻗـﺎﻤﻨﺤﻁﺔ ،ﺃﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﻤﻨﺤﻁﺔ ،ﻓﻬﻭ ﻜﻔﻨﺎﻥ ،ﻻ ﻴﻌﻤل ﻭﻻ ﻴﻔﻜﺭ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﻘﺭﺽ ﻭﻴـﺼﻭﺭ ﻭﻴﻐﻨﻲ ،ﺃﻱ ﻴﻌﺒﺭ \".ﻗﺎل ﻜﺭﻭﺘﺸﻲ \" :ﺇﻥ ﻜل ﺘﺼﻭﺭ ﻓﻨﻲ ﻤﺤﺽ ،ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ...ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ...ﺍﻟﺸﺒﻴﻬﺔ ﺒﺎﻟﻜﻭﻥ \". ============================== -2ﻨﺹ ﻟﻠﺘﺤﻠﻴل ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺍﻟﺼﻭﻓﻲﺼﺎﺭ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺔ) (1ﻋﻠﻤﺎ ﻤﺩﻭﻨﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻓﻘﻁ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺃﺤﻜﺎﻤﻬﺎ ﺇﻨﻤﺎ ﺘﺘﻠﻘﻰ ﻤﻥ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺭﺠﺎل ،ﻜﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺘـﻲ ﺩﻭﻨﺕ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﻔﻘﻪ ﻭﺍﻷﺼﻭل ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ.ﺜﻡ ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺓ ﻭﺍﻟﺨﻠﻭﺓ ﻭﺍﻟﺫﻜﺭ) (2ﻴﺘﺒﻊ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻜﺸﻑ ﺤﺠﺎﺏ ﺍﻟﺤﺱ،ﻭﺍﻻﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﻋﻭﺍﻟﻡ ﻤﻥ ﻤﻥ ﺃﻤﺭ ﺍﷲ ،ﻟﻴﺱ ﻟﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺤﺱ ﺇﺩﺍﻙ ﺸﻲﺀ ﻤﻨﻬﺎ.ﻭﺍﻟﺭﻭﺡ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﻭﺍﻟﻡ .ﻭﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺇﺫﺍ ﺭﺠﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺱﺍﻟﻅﺎﻫﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺎﻁﻥ ﻀﻌﻔﺕ ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﺤﺱ ﻭﻗﻭﻴﺕ ﺍﻟﺭﻭﺡ ،ﻭﻏﻠﺏ ﺴﻠﻁﺎﻨﻪ ﻭﺘﺠﺩﺩﻨﺸﻭﻩ ) ،(3ﻭﺃﻋﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺫﻜﺭ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻜﺎﻟﻐﺫﺍﺀ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﻻ ﻴﺯﺍل ﻓﻲ ﻨﻤﻭﻭﺘﺯﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻴﺼﻴﺭ ﺸﻬﻭﺩﺍ ) (4ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻤﺎ ،ﻭﻴﻜﺸﻑ ﺤﺠﺎﺏ ﺍﻟﺤﺱ ﻭﻴﺘﻡﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﻋﻴﻥ ﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ،ﻓﻴﺘﻌﺭﺽ ﺤﻴﻨﺌﺫ ﻟﻠﻤﻭﺍﻫﺏﺍﻟﺭﺒﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﻠﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺘﺢ ﺍﻹﻻﻫﻲ ،ﻭﺘﻘﺭﺏ ﺫﺍﺘﻪ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻕ ﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﻓﻕﺍﻷﻋﻠﻰ ،ﺃﻓﻕ ﺍﻟﻤﻼﺌﻜﺔ .ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﻴﻌﺭﺽ ﻷﻫل ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺓ ﻓﻴﺩﺭﻜﻭﻥﻤﻥ ﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺩﺭﻜﻪ ﺴﻭﺍﻫﻡ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻴﺩﺭﻜﻭﻥ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺎﺕ ﻗﺒل
ﻭﻗﻭﻋﻬﺎ) ،(5ﻭﻴﺘﺼﺭﻓﻭﻥ ﺒﻬﻤﻤﻬﻡ ﻭﻗﻭﻯ ﻨﻔﻭﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﻔﻠﻴﺔ ،ﻭﺘﺼﻴﺭﻁﻭﻉ ﺇﺭﺍﺩﺘﻬﻡ .ﻓﺎﻟﻌﻅﻤﺎﺀ ﻤﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﻌﺘﺒﺭﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻭﻻ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻭﻻﻴﺨﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺸﻲﺀ ﻟﻡ ﻴﺅﻤﺭﻭﺍ ﺒﺎﻟﺘﻜﻠﻡ ﻓﻴﻪ ،ﺒل ﻴﻌﺩﻭﻥ ﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻟﻬﻡ ﻤﻥ ﺫﻟﻙﻤﺤﻨﺔ ﻭﻴﺘﻌﻭﺫﻭﻥ ﻤﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻊ ﻟﻬﻡ .ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺜلﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺩﺓ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺤﻅﻬﻡ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺎﺕ ﺃﻭﻓﺭ ﺍﻟﺤﻅﻭﻅ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﻟﻡ ﻴﻘﻊ ﻟﻬﻡﺒﻪ ﻋﻨﺎﻴﺔ .ﻭﻓﻲ ﻓﻀﺎﺌل ﺃﺒﻲ ﺒﻜﺭ ﻭﻋﻤﺭ ﻭﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﻋﻠﻲ ﺭﻀﻲ ﺍﷲ ﻋﻨﻬﻡ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻨﻬﺎ،ﻭﺘﺒﻌﻬﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﻫل ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﻤﻥ ﺍﺸﺘﻤﻠﺕ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺸﻴﺭﻱ ) (6ﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭﻫﻡ، ﻭﻤﻥ ﺘﺒﻊ ﻁﺭﻴﻘﺘﻬﻡ ﻤﻥ ﺒﻌﺩﻫﻡ.ﺜﻡ ﺇﻥ ﻗﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﺄﺨﺭﻴﻥ ﺍﻨﺼﺭﻓﺕ ﻋﻨﺎﻴﺘﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﻜﺸﻑ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓـﻲﺍﻟﻤﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺍﺀﻩ .ﻭﺍﺨﺘﻠﻔﺕ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﺔ ﻋﻨﺩﻫﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﺨﺘﻼﻑ ﺘﻌﻠـﻴﻤﻬﻡﻓﻲ ﺇﻤﺎﺘﺔ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﻭﺘﻐﺫﻴﺔ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺎﻗل ﺒﺎﻟﺫﻜﺭ ،ﺤﺘﻰ ﻴﺤﺼل ﻟﻠﻨﻔﺱ ﺇﺩﺭﺍﻜﻬﺎﺍﻟﺫﻱ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺒﺘﻤﺎﻡ ﻨﺸﻭﻫﺎ) (7ﻭﺘﻐﺫﻴﺘﻬﺎ .ﻓﺈﺫﺍ ﺤﺼل ﺫﻟﻙ ﺯﻋﻤﻭﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺠـﻭﺩﻗﺩ ﺍﻨﺤﺼﺭ ﻓﻲ ﻤﺩﺍﺭﻜﻬﺎ ﺤﻴﻨﺌﺫ ،ﻭﺃﻨﻬﻡ ﻜﺸﻔﻭﺍ ﺫﻭﺍﺕ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ .ﻭﺘﺼﻭﺭﻭﺍ ﺤﻘﺎﺌﻘﻬـﺎﻜﻠﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺵ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺭﺵ .ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻗﺎل ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﺭﺤﻤﻪ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻹﺤﻴﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺫﻜﺭ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﺔ.ﺜﻡ ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺼﺤﻴﺤﺎ ﻜﺎﻤﻼ ﻋﻨﺩﻫﻡ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜـﺎﻥ ﻨﺎﺸـﺌﺎ ﻋـﻥﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻗﺩ ﻴﺤﺼل ﻟﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺠﻭﻉ ﻭﺍﻟﺨﻠﻭﺓ ﻭﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜـﻥ ﻫﻨـﺎﻙﺍﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ﻜﺎﻟﺴﺤﺭﺓ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﺘﺎﻀﻴﻥ .ﻭﻟـﻴﺱ ﻤﺭﺍﺩﻨـﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻜـﺸﻑ ﻋـﻥﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ .ﻭﻤﺜﺎﻟﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺭﺁﺓ ﺍﻟﺼﻘﻴﻠﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺤﺩﺒﺔ ﺃﻭ ﻤﻘﻌﺭﺓ ﻭﺤﻭﺫﻱ ﺒﻬﺎ ﺠﻬﺔﺍﻟﻤﺭﺌﻲ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺘﺸﻜل ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻌﻭﺠﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺭ ﺼﻭﺭﺘﻪ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺴﻁﺤﺔ ﺘﺸﻜل ﻓﻴﻬﺎﺍﻟﻤﺭﺌﻲ ﺼﺤﻴﺤﺎ .ﻓﺎﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ﻟﻠﻨﻔﺱ ﻜﺎﻻﻨﺒﺴﺎﻁ ﻟﻠﻤﺭﺁﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻨﻁﺒﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻭﺍل.ﻭﻟﻤﺎ ﻋﻨﻲ ﺍﻟﻤﺘﺄﺨﺭﻭﻥ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﺘﻜﻠﻤﻭﺍ ﻓﻲ ﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻭﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺴﻔﻠﻴﺔ ،ﻭﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻭﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﺍﻟﻌﺭﺵ ﻭﺍﻟﻜﺭﺴﻲ ﻭﺃﻤﺜـﺎل ﺫﻟـﻙ .ﻭﻗـﺼﺭﺕﻤﺩﺍﺭﻙ ﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﺸﺎﺭﻜﻬﻡ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻘﻬﻡ ﻋﻥ ﻓﻬﻡ ﺃﺫﻭﺍﻗﻬﻡ ﻭﻤﻭﺍﺠﺩﻫﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ .ﻓﺄﻫـلﺍﻟﻔﺘﻴﺎ ﺒﻴﻥ ﻤﻨﻜﺭ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻭﻤﺴﻠﻡ ﻟﻬﻡ .ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻟﻴل ﺒﻨﺎﻓﻊ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴـﻕ ﺭﺩﺍ ﻭﻗﺒﻭﻻ ،ﺇﺫ ﻫﻲ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺎﺕ.ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﺎﻥ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ_ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺩ /ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻭﺍﻓﻲ ﺝ 3 ﻁ _ 2ﻁﺒﻊ ﻭﻨﺸﺭ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ _ 1967ﺹ ﺹ .1202 _ 1201- 1200 ﺸﺭﺡ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺤﺎﺕ: ) (1ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﺃﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ.) (2ﺃﻨﻭﺍﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺭﻴﺎﻀﺎﺕ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺩﻴﺔ ﺇﻟـﻰ ﻏﺎﻴـﺎﺘﻬﻡ ،ﻭﻤﻨﻬـﺎ ﺍﻟﻜﺸﻑ.) (3ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺸﻭﺓ ﻭﺍﻻﻨﺘﺸﺎﺀ ﻭﺤﺼﻭل ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺤﺩ ﺍﻟﻐﺒﻁـﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ.) (4ﺃﻱ ﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺸﻑ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺼل ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻑ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻻﻁﻼﻉﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺃﻱ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻭﻟﻰ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﺸﺒﻴﻬﺔ ﺒﺎﻟﺤـﺩﺱﺍﻟﻌﻘل ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻻ ﻴﺼل ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻌﻘل ،ﺒل ﻁﺭﻴﻘﻪ ﺍﻟـﺭﻭﺡ ﻭﺍﻟﺭﻴﺎﻀـﺔﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ،ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺼﺤﻭﺒﺔ ﺒﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ.)(5ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺼﻭﻓﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻐﻴﺏ ،ﻭﻫﻭ ﺃﺤﺩ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﻜﺸﻑ ،ﻭﺒﻠﻭﻍ ﺩﺭﺠـﺔ ﻭﺤـﺩﺓ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺒﺎﻟﺨﺎﻟﻕ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺘﻡ ﺴﻌﺎﺩﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ.
) (6ﺍﻟﻘﺸﻴﺭﻱ ) ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻘﺎﺴﻡ (1072 – 987) :ﻡ( .ﻓﻘﻴﻪ ﺸﺎﻓﻌﻲ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ،ﻤﺘﺼﻭﻑ.ﺩﺭﺱ ﻓﻲ ﻨﻴﺴﺎﺒﻭﺭ ﻭﺭﺤل ﺇﻟﻰ ﺒﻐﺩﺍﺩ .ﻤﻥ ﻤﺅﻟﻔﺎﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻭﻑ \" ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﺸﻴﺭﻴﺔ\" ،ﻭﺘﺴﻤﻰ ﺃﻴﻀﺎ \"ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ\" ،ﻁﺒﻌـﺕ ﻓـﻲ ﺒـﻭﻻﻕ ﺒﺎﻟﻘـﺎﻫﺭﺓ )1867ﻡ( ،ﺘﺭﺠﻤﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ،ﻭﻁﺒﻌﺕ ﻓﻲ ﺭﻭﻤﺎ.) (7ﺍﻻﻨﺘﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﺸﻭﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﺍﻟﺤﺎﺼﻠﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻜﺸﻑﻭﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﷲ ﺠل ﺠﻼﻟﻪ ،ﻭﻋﻨﺩﻫﺎﺘﺤﺼل ﻟﻠﻤﺘﺼﻭﻑ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭﻥ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﺴﻴﻴل ﻟﻐﻴﺭﻫﻡ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﺎ ﻴﺤﺼل ﻟﻬﻡ ﻤﻥ ﺃﺤﻭﺍل.
ﺍﻹﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﻤﺴﺔ :ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﺩﺭﺱ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺘﺩﺭﺏ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺭﺱ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ:ﻫل ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻜﺈﻨﺘﺎﺝ ﺒﺸﺭﻱ ﺘﻨﺎﻗﺽ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﻜﻭﺤﻲ ﺭﺒﺎﻨﻲ ﺃﻡ ﺘﻭﺍﻓﻘﻬﺎ؟ ﻫل ﺘﺒﻴﺤﻬﺎ ﺃﻡ ﺘﺤﻅﺭﻫﺎ ﺃﻡ ﺘﺄﻤﺭ ﺒﻬﺎ؟ ﻟﺤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻨﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﺎﺏ \"ﻓﺼل ﺍﻟﻤﻘﺎل\" ﻻﺒﻥ ﺭﺸﺩ.ﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ ﺍﻟﺒﺭﻫﻨﺔ ﺍﻟﻨﺹ 1 ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻹﺸﻜﺎلﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻫل ﺃﻭﺠﺏ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ؟ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻐﺭﺽ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻥ X ﺘﺘﻀﺢ ﻟﻤﺎ ﻨﻘﺎﺒل ﺒﻴﻥ ﻜل ﻨﻔﺤﺹ ،ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺍﻟﺸﺭﻋﻲ، ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﻭﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺒﻲ. ﻫل ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻓﻬل ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻌﺎﺭﺽ ﺒﻴﻥ ﻤﺒﺎﺡ ﺒﺎﻟﺸﺭﻉ ،ﺃﻡ ﻤﺤﻅﻭﺭ ،ﺃﻡ ﻤﺄﻤﻭﺭ ﺒﻪ ،ﺇﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺔ ﺍﻟﻨﺩﺏ ،ﻭ ﺇﻤﺎ ﻋﻠﻰﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺃﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻭﺍﻓﻕ؟ ﺃﻱ ﻫل ﺠﻬﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺏ. ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺃﻤﺭ ﻴﺤﺙ ﻓﻨﻘﻭل :ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻌل ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﺃﻡ ﻴﺤﺭﻤﻪ؟ ﺸﻴﺌﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ، ﻤﻭﻗﻑ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻨﺹ/ ﻓﻬﻭ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻭ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺎﻨﻊ ،ﺃﻋﻨﻲ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻤﺎ ﻫﻲ X )ﺍﻟﺩﻴﻥ( ﺤﺙ ﺒل ﻭ ﺃﻭﺠﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻓﻲ ﻤﺼﻨﻭﻋﺎﺕ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺇﻨﻤﺎ ﺘﺩل ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺎﻨﻊ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺼﻨﻌﺘﻬﺎ ،ﻭ ﺍﻨﻪ ﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﺼﻨﻌﺘﻬﺎ ﺃﺘﻡ ﻜﺎﻨﺕ
ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻼ ﺘﻌﺎﺭﺽ ﺒﻴﻥ X ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﺎﻟﺼﺎﻨﻊ ﺃﺘﻡ ،ﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ)ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ( ﻭ ﺒﻴﻥ ﻗﺩ ﻨﺩﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ، ﺍﻟﺩﻴﻥ )ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ(. ﻭ ﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ. ﺍﻋﺘﻤﺩ ﺍﺒﻥ ﺭﺸﺩ ﻋﻠﻰ ﺒﺭﻫﺎﻨﻴﻥ: ﻓﺒﻴﻥ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﺩل ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﻡ ﺍﻷﻭل ﺒﻘﻭﻟﻪ ﺃﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺇﻤﺎ ﻭﺍﺠﺏ ﺒﺎﻟﺸﺭﻉ ،ﻭ ﺇﻤﺎ ﻤﻨﺩﻭﺏ ﺍﻟﺘﻔﻠﺴﻑ ﺘﺄﻤﻼ ﻭ ﻨﻅﺭﺍ ﺇﻟﻴﻪ) .ﺍﻟﻤﻨﺩﻭﺏ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﺏ( ﻋﻘﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ، ﻓﺄﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻓﺈﻨﻪ ﻜﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﻤﻌﺭﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺒﺎﻟﻌﻘل ﻭ ﺘﻁﻠﺏ ﻤﻌﺭﻓﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺒﻪ ،ﻓﺫﻟﻙ ﺒﻴﻥ ﻓﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﺎ ﺁﻴﺔ ﻤﻥ )ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺨﻠﻭﻗﺎﺕ( ،ﺘﺯﺩﺍﺩ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ،ﺘﺒﺎﺭﻙ ﻭ ﺘﻌﺎﻟﻰ ،ﻤﺜل ﻗﻭﻟﻪ ﻤﻌﺭﻓﺘﻨﺎ ﺒﻤﻥ ﺃﻭﺠﺩﻫﺎ )ﺃﻱ ﺘﻌﺎﻟﻰ \" ﻓﺎﻋﺘﺒﺭﻭﺍ ﻴﺎ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﺒﺼﺎﺭ\" ﺒﺎﻟﺨﺎﻟﻕ( ،ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﻭ ﻫﺫﺍ ﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺏ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎلﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻫﻲ ﺴﺒﻴل ﻤﻥ ﺴﺒل ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻭ ﺍﻟﺸﺭﻋﻲﺍﻟﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺎﻟﻕ ،ﻓﻼ ﻤﻌﺎ. ﻴﻌﻘل ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻨﺎﻗﻀﺔ ﻭ ﻤﺜل ﻗﻭﻟﻪ ﺘﻌﺎﻟﻰ \" ﺃﻭﻟﻡ ﻴﻨﻅﺭﻭﺍ ﻟﻠﺸﺭﻴﻌﺔ. ﻓﻲ ﻤﻠﻜﻭﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭ ﺍﻷﺭﺽ ﻭ ﻤﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻗﺎﻡ ﺨﻠﻕ ﺍﷲ ﻤﻥ ﺸﻲﺀ\"؟ -ﻭ ﻫﺫﺍ ﻨﺹ ﺒﺴﺭﺩ ﺁﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺒﺎﻟﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺘﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ. ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ،ﻭ ﻟﻤﺎ ﻭ ﺃﻋﻠﻡ ﺃﻥ ﻤﻤﻥ ﺨﺼﻪ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻴﺘﻡ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭ ﺸﺭﻓﻪ ﺒﻪ ،ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ .ﻓﻘﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ \" :ﻭ ﻜﺫﻟﻙ ﻨﺭﻱ
ﺒﺎﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ،ﻓﺎﻟﺸﺭﻉ ﺇﺫﻥ ﺒﺭﻫﻨﺔ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻤﻠﻜﻭﺕ ﺍﻟﺴﻤﻭﺍﺕ ﻭ ﺍﻷﺭﺽ\" ﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺏ ﺍﻵﻴﺔ .ﻭ ﻗﺎل ﺘﻌﺎﻟﻰ \":ﺃﻓﻼ ﻴﻨﻅﺭﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺒل ﻜﻴﻑ ﺨﻠﻘﺕ ﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻜﻴﻑﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ. ﻓﻜﺄﻨﻤﺎ ﺍﺒﻥ ﺭﺸﺩ ﻴﺒﻴﻥ ﺃﻥ ﺭﻓﻌﺕ\"؟ -ﻭ ﻗﺎل \" ﻭ ﻴﺘﻔﻜﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭ ﺍﻷﺭﺽ\" .ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺭ ﻤﻥ ﻭﻗﻑ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻵﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺤﺼﻰﺍﻟﻌﻘﻠﻲ – ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻔﻠﺴﻑ، - ﻜﺜﻴﺭﺓ. ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺘﻨﻜﺭ ﻟﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺁﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻜﺭﻴﻤﺔ ﻭ ﻤﺎ ﺍﻟﻨﺹ 2 ﺘﻭﺠﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﻨﻅﺭ ﻭ ﺒﺤﺙ ﻋﻘﻠﻲ. ﺍﻟﺘﺒﺭﻴﺭ * Xﺇﺫﺍ ﺘﻘﺭﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﻭﺇﺫﺍ ﺘﻘﺭﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻗﺩ ﺃﻭﺠﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺒﺎﻟﻌﻘل ﻓﻲﺍﻟﻌﻘل ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻟﻴﺱ ﺸﻴﺌﺎﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ،ﻭ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻤﺠﻬﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻡ،ﻫﺫﺍ ﺍﺴﺘﻨﺒﺎﻁﺎ ﻟﻠﻤﺠﻬﻭل ﻭﺍﺴﺘﺨﺭﺍﺠﻪ ﻤﻨﻪ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺃﻭ ﺒﺎﻟﻘﻴﺎﺱ.ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻡ ﻭ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻭﺍﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺠﻌل ﻨﻅﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺒﺎﻟﻘﻴﺎﺱﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ.ﺒﺭﻫﺎﻥ ،ﻓﻬﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻭﺒﻴﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺸﺭﻉ
ﺒﺎﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ﻨﻌﺭﻑ ﺍﷲ ﻭﺤﺙ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻫﻭ ﺃﺘﻡ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺒﺄﺘﻡ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺘﻌﺎﻟﻰ ﻭﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺘﻪ. ـ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ »ﺒﺭﻫﺎﻨﺎ« ـ ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺭﻉ ﻗﺩ * ﻭﻟﻜﻥ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎل ﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﷲ ﺘﻌﺎﻟﻰ )ﻭﺴﺎﺌﺭ( ﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺘﻪ ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻷﻓﻀل ـ ﺃﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﻨﻭﺍﻋﻪ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ـ ﻟﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻡ ﺍﷲ ﺘﺒﺎﺭﻙ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ،ﻭ ﻗﻭﺍﻋﺩﻩ ﻭ ﺃﺸﻜﺎﻟﻪ ،ﺃﻱ ﻭﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺒﺎﻟﺒﺭﻫﺎﻥ ،ﺃﻥ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﺃﻭﻻ ﻓﻴﻌﻠﻡ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺒﺭﺍﻫﻴﻥ ﻭﺸﺭﻭﻁﻬﺎ ،ﻭﺒﻤﺎ ﻴﺨﺎﻟﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺒﺩﺭﺍﺴﺔ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ. ﺍﻟﺒﺭﻫﺎﻨﻲ 1ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺠﺩﻟﻲ ،2ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺨﻁﺎﺒﻲ،3 ﻭ ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻥ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻐﺎﻟﻁﻲ.4 ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﻭ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻭ ﻜﺎﻥ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺫﻟﻙ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﻓﻴﻌﺭﻑ ﻗﺒل ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﻥ ﺃﻭﺠﺩﻫﺎ ﺃﻱ ﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﻭﻜﻡ ﺃﻨﻭﺍﻋﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻤﻨﻪ ﻗﻴﺎﺱ ،ﻭﻤﺎ ﻤﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺒﻘﻴﺎﺱ .ﻭﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻴﻀﺎ ﺍﻟﺨﺎﻟﻕ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﺒﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ. ﺍﻻ ﻭﻴﺘﻘﺩﻡ ﻓﻴﻌﺭﻑ ﻗﺒل ﺫﻟﻙ ﺃﺠﺯﺍﺀ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﻬﺎ ﺘﺭﻜﺏ ـ ﺃﻋﻨﻲ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺎﺕ ﻭﺃﻨﻭﺍﻋﻬﺎ .ﻓﻘﺩ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ * ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻟﻠﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﺒﺎﻟﺸﺭﻉ ﺍﻟﻤﻤﺘﺜل ﺃﻤﺭﻩ ﺒﺎﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺃﻥ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﻗﺒل ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻴﻌﺭﻑ ﻫﺫﻩ ﻻﺴﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻨﺯل ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻤﻨﺯﻟﺔ ﺍﻵﻻﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤل. ﻓﺈﻨﻪ ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻴﺴﺘﻨﺒﻁ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺎﻟﺘﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻭﺠﻭﺏ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ 5ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻭﺍﻋﻬﺎ ،ﻭﻤﺎ ﻤﻨﻬﺎ ﻗﻴﺎﺱ ﻭﻤﺎ ﻤﻨﻬﺎ ﻟﻴﺱ ﺒﻘﻴﺎﺱ،
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301