Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore مجلة شؤون عراقية – العدد الحادي عشر – تعديل قانون الانتخابات

مجلة شؤون عراقية – العدد الحادي عشر – تعديل قانون الانتخابات

Published by info, 2021-05-31 12:23:03

Description: مجلة شؤون عراقية – العدد الحادي عشر – تعديل قانون الانتخابات

Search

Read the Text Version

‫‪151‬‬ ‫اسـتثمارا مباشـرا وفقـا لمقتضيـات التخطيـط العـام للاقتصـاد الوطنـي»((( ؛بيـد ان هـذه الثـروات‬ ‫قـد اسـتنفذت فـي بنـاء القـدرات العسـكرية‪ ،‬والدخـول فـي حـروب اقليميـة علـى حسـاب المواطـن‬ ‫العراقــي‪ ،‬فعلــى ســبيل المثــال ان تكلفــة الحــرب العراقيــة الايرانيــة للفتــرة مــن عــام ‪-1980‬‬ ‫‪ 1988‬بلغـت نحـو ‪ 10‬مليـار دولار سـنويا اي مـا يقـارب ‪ 80‬مليـار دولار‪ ((( ،‬وقـد انخفضـت‬ ‫عـواد النفـط خـال الحقبـة نفسـها مـن ‪ 26‬بليـون دولار الـى ‪ 10‬بليـون دولار‪ ،‬فـي حيـن قفـزت‬ ‫الـواردات العسـكرية مـن ‪ 8.7‬الـى ‪21‬بليـون دولار((( ‪.‬‬ ‫وهكـذا فشـل الاقتصـاد العراقـي فـي جهـود التنميـة وتعزيز الامن الغذائي او تحسـين مسـتوى‬ ‫معيشــة المواطــن‪ ،‬وشــهد تدهــورا ملحوظــا بســبب الحــروب (‪ )1988-1980‬وحــرب(‪-1990‬‬ ‫‪ )1991‬وفـرض الحصـار الدولـي علـى العـراق ‪ 1991‬الـى ‪ ،2003‬ثـم انهيـاره فـي ظـل الاحتلال‬ ‫الامريكـي‪ (((.‬كل ذلـك يعـد مبـرر الـى ضـرورة اعـادة النظـر بالاقتصـاد العراقـي وبمـا ينسـجم مـع‬ ‫التحـول فـي المرحلـة التـي شـهدها العـراق بعـد عـام ‪.2003‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الدوافع الاجتماعية والثقافية‬ ‫تاسســت الدولــة العراقيــة عــام ‪ 1921‬مــن بنيــة اجتماعيــة قائمــة علــى التعــدد والتنــوع‬ ‫العرقـي والدينـي ‪ ،‬ووصفـت بانهـا بنيـة اجتماعيـة غيـر منسـجمة (((‪ ،‬وبذلـت جهـود كبيـرة لتحقيـق‬ ‫((( ‪ -‬ينظر المادة ‪ 13‬من دستور الع ارق لعام ‪1970‬‬ ‫((( ‪ -‬محمـد علـي زينـي‪ ،‬الاقتصـاد الع ارقـي فـي ظـل نظـام صـدام حسـين‪ :‬تطـور او تقهقـر‪( ،‬دار ال ارفـد للنشـر‪ ،‬لنـدن‪،‬‬ ‫‪ ،)1995‬ص ص ‪240-239‬‬ ‫((( ‪ -‬عبد الوهاب رشيد‪ :‬ص ‪202‬‬ ‫((( المصدر نفسه‬ ‫((( ‪ -‬ينظـر نـص رسـالة الملـك فيصـل بشـان الاصـول السياسـية والاجتماعيـة فـي العـ ارق‪ ،‬بغـداد‪ ،1923 ،‬المنشـورة‬ ‫فـي الملـف الع ارقـي‪( ،‬اصـدر المركـز الع ارقـي‪ ،‬العـددان ‪ ،145-144‬ايلـول‪ ،)2005 ،‬ص ‪6‬‬

‫‪152‬‬ ‫هـذا الهـدف؛ بيـد ان السياسـات التـي اتبعتهـا الانظمـة السياسـية المتعاقبـة علـى الحكـم فـي العـراق‪،‬‬ ‫لاسـيماعام ‪ 1958‬قـد حالـت دون ذلـك‪ ،‬وتعمقـت بصـورة كبيـرة فـي سياسـات النظـام السـابق‪ ،‬اذ‬ ‫اتخـذ مجموعـة مـن القـرارات التـي عمقـت الشـرخ فـي البنيـة الاجتماعيـة العراقيـة‪ ،‬ولعـل مـن‬ ‫ابرزهـا قـرار رقـم ‪ 666‬لعـام ‪ ،1980‬التـي تـم بموجبـه اسـقاط الجنسـية عـن الاف العراقييـن مـن‬ ‫اصـول ايرانيـة‪ ،‬تـم تهجيرهـم الـى ايـران((( ‪ .‬وهـو مـا عـرف بحمـات التهجيـر والتـي شـملت‬ ‫نحــو ‪ 400‬الــف فــرد وتجريدهــم مــن ممتلكاتهــم وجنســيتهم‪ ،‬فضــا عــن اكتشــاف العديــد مــن‬ ‫المقابـر الجماعيـة فـي مناطـق عراقيـة عـدة فـي جنـوب العـراق‪(((.‬‬ ‫ويبـدو ان المشـكلة الاجتماعيـة الرئيسـة كانـت فـي المحافظـات المختلطـة( الموصـل‪ ،‬صلاح‬ ‫الديــن‪ ،‬ديالــى) اذ اشــتكت بعــض القوميــات لاســيما الاكــراد والتركمــان مــن سياســة التهميــش‬ ‫والتهجيـر‪ ،‬والصـورة كانـت اوضـح فـي محافظـة كركـوك المعروفـة بتنوعمكوناتهـا الاجتماعيـة‪،‬‬ ‫فقـد تـم اعـادة التقسـيم الاداري لهـذه المحافظـة مـرات عـدة‪ ،‬واسـتقطعت منهـا اقضيـة ونواحـي عدة‬ ‫اضيفـت الـى محافظـات اخـرى بغيـة اعـادة التركيبـة السـكانية فيهـا‪ ،‬فضـا عـن عمليـات الترحيـل‬ ‫التـي طالـت المكونيـن الكـوردي والتركمانـي‪ ،‬وازالـة قراهـم فـي عمليـات الانفـال وتهجيرهـم الـى‬ ‫المحافظـات الغربيـة والجنوبيـة(((‬ ‫ولعــل مــن ابــرز الظواهــر الاجتماعيــة التــي خلفتهــا الحــروب التــي جــرت فــي العــراق‬ ‫وســنوات الحصــار الاقتصــادي مــا ياتــي‪(((:‬‬ ‫((( ‪ -‬أحمد عباس ازهد‪ ،‬انتهاكات الحقوق المدنية والسياسية في ظل النظام البائد ‪ 2003-1986‬الجزء الاول‪،‬‬ ‫و ازرة حقوق الانسان‪ ،‬بغداد‪ ،2013 ،‬ص ‪61‬‬ ‫((( ‪ -‬غانم جواد ‪:‬ص ‪200‬‬ ‫((( ‪ -‬احمد عباس ازهر‪ ،: ،‬ص ص ‪ ،73-72‬كذلك غانم جواد‪ ،: ،‬ص ص ‪181-179‬‬ ‫((( ‪ -‬نقـا عـن كاظـم حبيـب‪ ،‬لمحـات مـن عـ ارق القـرن العشـرين‪:‬الع ارق فـي العهـد الجمهـوري (دار ا ارس للطباعـة‪،‬‬ ‫اربيـل‪ ،)2013 ،‬ص ص ‪21-18‬‬

‫‪153‬‬ ‫ ‪ -1‬انتشــار عصابــات الجريمــة المنظمــة والاتجــار بالنســاء والاطفــال‪ ،‬بســبب تــردي‬ ‫الوضــع الاقتصــادي‪ ،‬فضــا عــن الاتجــار بالاعضــاء البشــرية‬ ‫ ‪ -2‬تغييـب الطبقـة الوسـطى مـن المجتمـع العراقـي‪ ،‬اذ اصبـح المجتمـع منقسـما بيـن غنـي‬ ‫متخـم مرتبـط بالسـلطة وفقـر مدقـع دفـع الكثيـر للهـرب او الهجـرة‬ ‫ ‪ -3‬انتشــار ظاهــرة الانتهازيــة فــي المجتمــع العراقــي بغيــة الحصــول علــى المكاســب‬ ‫والمنافــع الذاتيــة‬ ‫ ‪ -4‬انتشـار ظاهـرة العنـف داخـل المجتمـع بسـبب عسـكر المجتمـع مـن جهـة ومسـتوى‬ ‫الفقـر وتـراج المعيشـة مـن جهـة اخـرى‪ ،‬لقـد خلقـت الحـروب اجـواء مناسـبة لنمـو ذهنيـة ممارسـة‬ ‫العنـف والقـوة‪ ،‬والحصـول علـى الحقـوق بالقـوة دون اي اعتبـار للمؤسسـات القانونيـة‬ ‫ ‪ -5‬تنامــي شــعور الانتمــاءات الفرعيــة علــى حســاب الانتمــاءات الرئيســية‪ ،‬فقــد ســاد‬ ‫الانتمـاء للعشـيرة والارتبـاط القبلـي والتقاليـد والاعـراف العشـائرية بـدلا مـن الروابـط الوطنيـة‬ ‫وتجـدر الاشـارة الـى ان كل هـذه الظواهـر الاجتماعيـة وغيرهـا سـادت المجتمـع العراقـي‪،‬‬ ‫والكثيـر منهـا مـازال عامـا وثابتـا فـي الارض العراقيـة‪ ،‬وهـو مـا توضحـت صـورة بعـد الاحتلال‬ ‫الامريكـي للعـراق ومـا شـهده مـن اقتتـال داخلـي لاسـيما بيـن السـنة والشـيعة ‪.‬‬ ‫ان الملاحظــات الاجتماعيــة الســالفة هــي بالحقيقــة لهــا انعكاســاتها الثقافيــة علــى ثقافــة‬ ‫المجتمـع العراقـي وسـلوكه العـام‪ ،‬بيـد ان اوضـح انعـكاس ثقافـي فـي العـراق تجسـد فـي انتشـار‬ ‫ثقافـة الخضـوع فـي المجتمـع العـراق وذلـك بسـبب سياسـة التدجيـن التـي مارسـها النظـام القائمـة‬ ‫علـى العنـف والقـوة ضـد معارضيـة ومنتقديـه‪ ،‬واضحـت هـذه الثقافة(ثقافـة الخـوف) ثقافـة شـمولية‬ ‫داخـل المجتمـع العراقـي ولا ترتبـط بفئـة معينـة او مكـون معيـن وانمـا طالـت جميـع المكونـات‪،‬‬

‫‪154‬‬ ‫الامــر الــذي قيــد حريــة التفكيــر والابــداع ن وانتشــار ثقافــة واحــدة هــي ثقافــة الحــزب الواحــد‬ ‫وتبعيـث المجتمـع بـكل فئاتـه‬ ‫كل ذلـك دفـع العديـد مـن الشـباب والكفـاءات العراقيـة الـى الهجـرة الـى خـارج العـراق‬ ‫ومـن مختلـف الاختصاصـات‪ ،‬وتشـير الاحصـاءات ان عـدد الذيـن غـادروا العـراق بيـن ‪-01991‬‬ ‫‪ )1998‬بلـغ نحـو ‪ 7350‬احتضنتهـم دول اوربيـة والولايـات المتحـدة منهـم ‪%67‬اسـاتذة جامعـة‪،‬‬ ‫‪ %23‬يعملــون فــي مراكــز بحثيةو‪%83‬درســوا فــي جامعــات امريكيــة واوربيــة امــا البقيــة فهــم‬ ‫درسـوا فـي جامعـات عربيـة واوربـا الشـرقية(((‪.‬‬ ‫يتضـح ممـا تقـدم ان العـراق قـد شـهد قبـل احتلالـة تداعيـات كبيـرة طالـت مختلـف الصعـد‬ ‫السياسـية والاقتصاديـة‪ ،‬والاجتماعيـة‪ ،‬الثقافيـة؛ انعكسـت علـى بنيـة المجتمـع والدولـة بصـورة‬ ‫عامـة‪ ،‬واتسـمت بظاهـرة عـدم الاسـتقرار ‪ ،‬ومـن اجـل انجـاح عمليـة التحـول الديمقراطـي فيـه‪،‬‬ ‫وتحقيـق الاسـتقرار فيـه‪ ،‬لابـد مـن تجـاوز هـذ التداعيـات وفـق سياسـة انتقاليـة تتيـع مجموعـة‬ ‫مـن الخطواتوالاليـات المحـددة‪ ،‬تقتضـي ضـرورة البحـث الغـوص فـي مضامينهـا والتعـرف علـى‬ ‫اساسـياتها‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تطبيق اليات العدالة الانتقالية في العراق‬ ‫تتبايــن اليــات تطبيــق العدالــة الانتقاليــة مــن بلــد الــى اخــر كل حســب تجربتــه وظروفــه‬ ‫الاقتصاديـة‪ ،‬والاجتماعيـة‪ ،‬والسياسـية؛بيد ان ذلـك لايعفـي مـن ان هنـاك مجموعـة مـن الاليـات‬ ‫الرئيسـة التـي يمكـن تطبيقهـا فـي مختلـف دول العالـم‪ ،‬ولعـل مـن ابرزهـا مـا ياتـي‪:‬‬ ‫((( ‪-‬منذر الفضل‪ ،‬حول مستقبل القضية الكوردية ومستقبل الع ارق‪( ،‬ط‪ ،2‬دار ا ارس‪ ،‬اربيل‪ ،)2004 ،‬ص ‪190‬‬

‫‪155‬‬ ‫اولا‪ :‬المحاكمات‪.‬‬ ‫تعـد المحاكمـات مـن اولـى الاليـات التـي اتبعتهـا السـلطة السياسـية العراقيـة لتحقيـق العدالـة‬ ‫الانتقاليــة‪ ،‬والخــروج فــي البلــد مــن مرحلــة عــدم الاســتقرار السياســي الــى مرحلــة الاســتقرار‬ ‫السياســي‪ ،‬ومــن اجــل ذلــك تــم تشــكيل (المحكمــة العراقيــة المختصــة بالجرائــم ضــد الانســانية‬ ‫بموجـب الامـر الاداري المرقـم ‪ 48‬فـي ‪ 2003‬مـن سـلطة الائتـاف المؤقتـه لمحاسـبة مرتكبـي‬ ‫الجرائـم فـي ظـل النظـام السـابق (((‪ ،‬ثـم اعيـد تشـكيلها فـي عـام ‪ 2005‬باسـم )المحكمـة الجنائيـة‬ ‫العراقيـة العليـا(‪ ،‬واسـتهلت المحكمـة عملهـا بقضيـة الدجيـل(((‪ ،‬فـي الخامـس مـن تشـرين الثانـي‬ ‫عـام ‪ ،2006‬واسـتمرت الـى‪ 26‬كانـون الاول ‪ ،2006‬واصـدرت احكامـا باعـدام صـدام حسـين‬ ‫وسـت اخريـن مـن اقطـاب النظـام السـابق (((‪ ،‬وبعدهـا بـدات محاكمـة الانفـال (((‪ ،‬فـي ‪ 24‬حزيـران‬ ‫‪ ،2007‬واتهـم فيهـا عـدد مـن رمـوز النظـام السـابق((( مـع رئيسـهم صـدام حسـين بتهـم سـجن‬ ‫واعـدام و ترحيـل الاكـراد‪ ،‬واسـتخدام الغـازات المحرمـة ضدهـم‪ ،‬واصـدرت المحكمـة احكامـا‬ ‫((( ينظر نص الامر الاداري المرقم ‪ 48‬في ‪2003‬‬ ‫((( ‪ -‬احـدى القـرى التابعـة لمحافظـة صـاح الديـن‪ ،‬تعـرض فيهـا الرئيـس الع ارقـي السـابق صـدام حسـين لمحاولـة‬ ‫اغتيـال عـام ‪ ،1982‬واعقبهـا سلسـلة مـن الاجـ ارءات مثـل التعـذب والقتـل والترحيـل القسـري ضـد هـذه المنطقـة‬ ‫((( ‪internati0nan� of journal, Fair Trail Dujail the War, Bassin Aris and Sisson Miranda‬‬ ‫‪’272-285l pp,vol5.2007,Justice Crimina‬‬ ‫((( ‪ -‬الانفـال هـي السـورة رقـم ‪ 4‬فـي القـ ارن الكريـم اطلقهـا صـدام حسـين علـى العمليـات التـي قـام بهـا ضـد الاكـ ارد‬ ‫خـال عامـي ‪ 1988 -1987‬وهـي علـى ثمـان م ارحـل تـم فيهـا قتـل نحـو ‪ 182‬الـف كـردي‪ ،‬وترحيـل اخريـن‬ ‫بصـورة قسـرية‪ ،‬واختفـاء اعـداد اخـرى‪،‬‬ ‫((( ‪ -‬ابـرز المتهميـن كان(صـدام حسـين‪ ،‬علـي حسـن المجيـد‪ ، ،‬وطاهـر توفيـق يحيـى‪ ،‬وصابـر عبـد العزيـز الـ اروي‪،‬‬ ‫وحسـين رشـيد التكريتـي سـلطان هاشـم وزيـر الدفـاع زمـن صـدام ومـا ازل بالسـجن علـى الرغـم مـن صـدور حكـم‬ ‫باعدامـه لاسـباب سياسـية‪) ،‬‬

‫‪156‬‬ ‫بالاعـدام علـى كل علـى ثلاثـة منهم(علـي حسـن المجيـد‪ ،‬سـلطان هاشـم‪ ،‬حسـين رشـيد)‪ ،‬بينمـا‬ ‫حكـم الاخريـن بالسـجن المؤبـد( علـي فرحـان صالـح‪ ،‬صابـر الـدوري) واسـقطت التهـم عن(طاهـر‬ ‫توفيـق العانـي ) لعـدم كفايـة الادلـة‪(((.‬‬ ‫القضيـة الثالثـة التـي نظـرت بهـا المحكمـة هـي قضيـة الانتفاضـة الشـعبانية عـام (((‪،1991‬‬ ‫ومثـل امامهـا ‪ 15‬مـن رمـوز النظـام السـابق بتهمـة قمـع الانتفاضـة فـي مـدن النجـف وكربـاء‬ ‫والحلـة والبصـرة والناصريـة والعمـارة(((‪ ‬‬ ‫يتضـح ممـا تقـدم ان المحاكمـات اقتصـرت علـى قضايـا ثـاث فقـط وهـي (الدجيـل‪ ،‬الانفـال‪،‬‬ ‫الانتفاضــة الشــعبانية) دون النظــر فــي قضايــا اخــرى عانــا منهــا الشــعب العراقــي طيلــة حكــم‬ ‫النظـام السـابق‪ ،‬وهـي بحاجـة الـى ادخالهـا فـي العدالـة الانتقاليـة‪ ،‬وتعطـي جـدوى اكبـر لتحقيـق‬ ‫الاسـتقرار السياسـي‪ ،‬فضـا عـن الانتقـادات التـي وجهـت لهـذه المحاكمـات والتـي سـيتم مناقشـتها‬ ‫فـي المبحـث القـادم‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تطهير مؤسسات الدولة من البعث‬ ‫ان عمليــة محاســبة المســؤولين عــن ارتــكاب الجرائــم وعزلهــم عــن الســلطة‪ ،‬تعــد مــن‬ ‫((( ‪ -‬المحكمة الجنائية العاليا تصدق على حكم الاعدام‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪ 2019-3-3‬متاح على ال اربط الاتي‪:‬‬ ‫‪http://www.ekurds.com/arabic/anfals7.htm‬‬ ‫((( ‪ -‬واندلعـت الانتفاضـة الشـعبانية‪  ‬فـي شـهر شـعبان الـذي صـادف اذار مـارس عـام ‪ 1991‬بعـد انسـحاب القـوات‬ ‫الع ارقيـة مـن الكويـت واسـتطاع خلالهـا المنتفضـون فـي شـمال وجنـوب العـ ارق مـن السـيطرة علـى ‪ 14‬محافظـة مـن‬ ‫مجمـوع ‪ 18‬محافظـة لفتـرة مـن الوقـت قبـل ان تسـتعيد قـوات النظـام العفلقـي السـابق قدرتهـا وتتمكـن مـن القضـاء‬ ‫عليهـم منتصـف نيسـان ابريـل مـن العـام نفسـه‬ ‫((( بـدء جلسـات محاكمـة المتهميـن بقمـع الانتفاضـة الشـعبانية‪ ،‬تاريـخ الزيـارة ‪ 32019-3‬متـ�اح علـ�ى ال اربـ�ط الاتـ�ي‪:‬‬ ‫‪http://burathanews.com/arabic/news/25832‬‬

‫‪157‬‬ ‫ضـرورات العمليـة الانتقاليـة‪ ،‬وتحقيـق الاصـاح السياسـي‪ ،‬وهـذه الاليـة وجـدت لهـا انعـكاس فـي‬ ‫اليـات العدالـة الانتقاليـة المطبقـة فـي العـراق بعـد عـام ‪ ،2003‬وبدائهـا الحاكـم المدنـي الامريكـي‬ ‫فـي العـراق السـفير بـول بريمـر فـي ‪ 16‬نيسـان ‪ 2003‬باصـدر القانـون رقـم (‪ )2‬الخـاص باجتثاث‬ ‫البعـث(((‪ ،‬وأنشـئت الهيئـة الوطنيـة العليـا لاجتثـاث البعـث بقانـون صـادر عـن سـلطة الائتـاف‬ ‫المؤقتـة برئاسـة الحاكـم الأميركـي بـول بريمر‪ ‬بتاريـخ ‪ 16‬أبريـل‪ /‬نيسـان ‪ 2003‬لاجتثـاث هيـكل‬ ‫حـزب البعـث فـي العـراق «وإزالـة قيادتـه فـي مواقـع السـلطة»‪.‬ولغرض تنفيـذ القانـون تـم تشـكيل‬ ‫هيئــة ســميت(الهيئة الوطنيــة لاجتثــاث البعــث) وكانــت وظيفتهــا توفيــر معلومــات تكشــف عــن‬ ‫هويـة البعثييـن مـن ذوي درجـات (عضـو فرقـة فمـا فوق)‪ ‬ليتـم عزلهـم مـن مرافـق الدولـة‪ .‬فتـم‬ ‫وفقــا لذلك‪ ‬حــل الجيــش‪ ،‬وطــرد آلاف المدرســين والموظفيــن مــن وظائفهــم‪ ،‬وحرمــان كل مــن‬ ‫يعتقـد أنـه كان عضـوا فـي حـزب البعث‪ ‬مـن تولـي الوظائف‪ ‬الحكوميـة‪(((.‬‬ ‫وقـد اقـر الدسـتور العراقـي لعـام ‪ 2005‬باسـتمرار عمـل الهيئـة فـي المـادة ‪– 135‬اولا التـي‬ ‫نصـت علـى «تواصـل الهيئـة الوطنيـة العليـا لاجتثـاث البعـث أعمالهـا بوصفهـا هيئـة مسـتقلة‪،‬‬ ‫بالتنسـيق مـع السـلطة القضائيـة والاجهـزة التنفيذيـة فـي اطـار القانـون المنظـم لعملهـا وترتبـط‬ ‫بمجلـس النـواب» واعطـت هـذه المـادة فـي الفقـرة ثالثـا الاحقـة فـي شـمول المناصـب كافـة باحـكام‬ ‫اجتثـاث البعـث‪ ،‬فضـا عـن اقرارهـا باسـتمرار العمـل بشـروط الهيئـة دون ان تحـدد سـقفا زمنيـا‬ ‫((( ‪ -‬بـول بريمـر ‪ :‬ص‪ 78-62‬يهـدف القانـون الـى اجتثـاث هيـكل حـزب البعـث مـن العـ ارق وا ازلـة قياداتـه مـن مواقـع‬ ‫السـلطة‪ ،‬وحـدد القانـون مـن هـم بدرجـة فرقـة فـي حـزب البعـث ومـا فـوق‬ ‫((( الهيئـة الوطنيـة العليـا لاجتثـاث البعـث وقانـون المسـائلة والعدالـة‪ ،‬تاريـخ المشـاهدة ‪ 2019-7-3‬متـاح علـى‬ ‫ال اربـط الاتـي‬ ‫‪https://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/6310227e-0334-4f1c-9a86-‬‬ ‫‪616125d1e8fb‬‬

‫‪158‬‬ ‫لهـا‪ ،‬فقـد جـاء فـي الفقـرة الرابعـة مـن المـادة ذاتهـا «يسـتمر العمـل بالشـروط المذكـورة فـي البنـد‬ ‫ثالثـا مـن هـذه المـادة مالـم تحـل الهيئـة المنصـوص عليهـا فـي البنـد اولا مـن هـذه المـادة»(((‪.‬‬ ‫وتعرضـت الهيئـة المذكـورة وقانـون اجتثـاث البعـث ومـا ورد فـي الدسـتور فـي هـذا الشـأن‬ ‫لانتقـادات واعتراضـات مـن أطـراف عراقيـة عـدة‪ ،‬فـي ظـل اتهامـات سـيقت حـول سـوء اسـتخدام‬ ‫هـذا القانـون «لصالـح الأحـزاب الشـيعية»‪ ،‬فتـم فـي ‪ 14‬كانـون الثانـي ‪ 2008‬اقرار قانون المسـالة‬ ‫والعدالـة‪ ،‬وتشـكلت هيئـة جديـدة وفـق المــادة الثانيـة مـن قانـون المســائلة والعدالـة‪ ،‬التـي جـاء‬ ‫فيها»تحـل بموجـب هـذا القانـون تسـمية الهيئـة الوطنيـة العليـا للمسـاءلة والعدالـة بوصفهـا هيئـة‬ ‫مسـتقلة ماليـاً وإداريـاً محـل تسـمية الهيئـة الوطنيـة العليـا لاجتثـاث البعـث وتتمتع بكافـة صلاحياتها‬ ‫الدسـتورية وبالشـخصية المعنويـة ذاتهـا وترتبـط بمجلـس النـواب وتواصـل أعمالهـا بالتنسـيق مـع‬ ‫السـلطة القضائيـة والأجهـزة التنفيذيـة»((( وقـد تـم التعامـل مـع هـذه القضيـة بازدواجيـة واضحـة‬ ‫اذ حـول مجلـي النـواب السـيد رئيـس الـوزراء باعفـاء بعـض البعثييـن وادخالهـم فـي مؤسسـات‬ ‫الدولـة لاسـيما الامنيـة منهـا‪ ،‬فتـم اعفـاء بعـض الطوائـف لاسـيما مـن الشـيعة والكـورد بينمـا لـم‬ ‫يشـمل العفـو العـرب السـنة الامـر الـذي زاد مـن انقسـام المجتمـع العراقـي‬ ‫ثالثا‪ :‬كشف الحقيقة‬ ‫ان مـن المسـتلزمات الاساسـية للمرحلـة الانتقاليـة ان تتشـكل لجـات تحـري وكشـف الحقيقـة‬ ‫عــن الانتهــاكات والجرائــم المتعلقــة بحقــوق الانســان‪ ،‬وغالبــا مــا تتــم هــذه اللجــان مــن خــال‬ ‫المشـاورة والمدولـة مـع الجماهيـر وفـي مختلـف انحـاء البـاد‪ ،‬ويكـون الهـدف مـن هـذه اللجـان‬ ‫((( ‪ -‬ينظر نص المادة ‪ 135‬من الدستور الع ارقي لعام ‪2005‬‬ ‫((( ينظر المادة الثانية‪:‬اولا من قانون المسائلة والعدالة‪ ،‬تاريخ المشاهدة ‪2019-7-3‬المتاح على ال اربط‪:‬‬ ‫‪http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/21083.html‬‬

‫‪159‬‬ ‫كشـف الحقيقـة بغيـة ان تكـون اليـة للتصالـح والعفـو‪ ،‬او مـا يعـرف بالمصالحـة الوطنيـة والسـلم‬ ‫الاهل ـي‪(((.‬‬ ‫امـا فـي العـراق فقـد اقتصـرت اليـة كشـف الحقيقـة علـى المحاكمـات التـي طالـت عـدد‬ ‫محـدود مـن القضايـا‪ ،‬فضـا علـى انهـا اقتصـرت علـى النخـب والاحـزاب السياسـية‪ ،‬ولـم يشـرك‬ ‫اي قطـاع اخـر‪ ،‬واكتفـت اليـة المصالحـة الوطنيـة علـى عقـد العديـد مـن المؤتمـرات للمصالحـة‬ ‫الوطنيـة‪ ،‬ومواثيـق الشـرف التـي لـم تـات اكلهـا بصـورة صحيحـة فـي العـراق‪(((.‬‬ ‫وهنـاك مـن يـرى بـان تشـكيل لجـان مـن هـذا القبيـل لـم تنجـح فـي العـراق بسـبب طبيعـة‬ ‫تركيبـة مجتمعـه المتعـدد والمتنـوع‪ ،‬وداياهـم فـي ذلـك علـى ان ايـا ممـن شـارك فـي المحاكمـات‬ ‫مــن المســؤولين العراقييــن لــم يقــدم اعتــذاره للشــعب العراقــي او لضحايــا الانتهــاكات او حتــى‬ ‫اعترافـه بالذنـب(((‪.‬‬ ‫ويبـدو ان هـذا التوجـه فيـه مبالغـة كبيـرة‪ ،‬لان الـذي جـرى فـي العـراق ليـس كشـف الحقيقـة‬ ‫‪(1) Iraq Vioces : Attiudes Toward Transitional Justice and social Reconstruction, Human‬‬ ‫‪rights center University of California ,Berkeley ,and icth,May,2004,p.p 55-56‬‬ ‫((( ‪ -‬الملاحـظ ان فـي عهـد كل حكومـة ع ارقيـة تتبنـى عقـد مؤتمـر للمصالحـة الوطنيـة كمـا حـدث فـي عهـد السـيد‬ ‫المالكـي وشـكل هيئـة خاصـة للمصالحـة الوطنيـة تعاقـب علـى رئاسـة الهيئـة اكـرم الحكيم(‪)2010-2006‬وعامـر‬ ‫الخ ازعـي (‪ )2014-2010‬مزيـد مـن التفاصيـل ينظـر هيفـاء احمـد محمـد‪ ،‬المصالحـة الوطنيـة وافاقهـا فـي العـ ارق‪،‬‬ ‫مجلـة او ارق دوليـة‪ ،‬العـدد ‪ ،180‬مركـز الد ارسـات الدوليـة‪ ،‬جامعـة لبغـداد‪ ،2009 ،‬ص ‪ 6‬ومـا بعدهاثـم فـي‬ ‫عهـد حيـدر العبـادي وبحضـور الرئاسـات الثـاث لكـن دون ان تحقـق اي نتيجـة تذكـر ينظـر‪ :‬انعقاد‪-‬مؤتمـر‪-‬‬ ‫المصالحة‪-‬الوطني�ة‪ ،-‬تاريـخ المشـاهدة ‪2019-7-5‬متـاح علـى ال اربـط‪:‬‬ ‫‪https://www.alghadpress.com‬‬ ‫((( ‪-‬طارق حرب‪ ،‬العدالة الانتقالية‪ ،‬تاريخ المشاهدة ‪ 2019-7-5‬متاح على ال اربط الاتي‪:‬‬ ‫‪www.iraqmimory.orq‬‬

‫‪160‬‬ ‫وانمـا ادانـات ومحاكمـات‪ ،‬واقـرار قوانيـن وسياسـات انتقاميـة دفعـت اقطـاب النظـام السـابق الـى‬ ‫التنكـر عـن اي جريمـة‪ ،‬فضـا عـن السياسـة الطائفيـة التـي اتبعـت فـي الادانـات‪ ،‬علـى العكـس‬ ‫ممـا قامـت بـه دول اخـرى مثـل كنـدا النمـوذج قيـد الدراسـة ونمـاذج اخـرى مثـل جنـوب افريقيـا‬ ‫وغيرهـا مـن الـدول‪.‬‬ ‫رابعا التعويضات‬ ‫تعـد اليـة التعويضـات مـن الاليـات المهمـة فـي المرحلـة الانتقاليـة مـن اجـل تخفيـف الضـرر‬ ‫علـى اهالـي الضحايـا وقـد تكـون التعويضـات ماديـة او معنويـة‪ ،‬وقـد سـلك العـراق بهـذا الصـدد‬ ‫مسـلكا واسـعا‪ ،‬اذ شـرع عـدد مـن القوانيـن((( وشـكل عـدد مـن الهيئـات لتعويـض المتضرريـن مـن‬ ‫سياسـة النظـام السـابق لاسـيما‪ ،‬فيمـا يتعلـق بالسـجناء السياسـيين ‪.‬‬ ‫ويبـدو ان هـذ القوانيـن قـد شـرعت اسـتنادا الـى الدسـتور العراقـي لعـام ‪ ،2005‬اذ نـص‬ ‫الدسـتور فـي المـادة ‪« 104‬تؤسـس هيئـة باسـم مؤسسـة الشـهداء ترتبـط بمجلـس الـوزراء وينظـم‬ ‫عملهـا واختصاصاتهـا بقانـون»((( فضـا عـن مـا جـاء فـي نـص المـادة ‪ 132‬التـي الزمـت الدولـة‬ ‫برعايـة الشـهداء والسـجناء السياسـيين والمتضرريـن مـن الممارسـات التعسـفية للنظـام الدتاتـوري‬ ‫البائـد‪« (((.‬كمـا اقـر الدسـتور العراقـي اسـتمرار عمـل هيئـة دعـوى الملكيـة» فـي المـادة ‪:136‬اولا‬ ‫((( ‪ -‬منهـا قانـون حـل ن ازعـات الملكيـة رقـم ‪ 2‬لسـنة ‪ ،2006‬وقانـون مؤسسـة الشـهداء رقـم ‪ 3‬لسـنة ‪ ،2006‬وقانـون‬ ‫رقـم ‪ 4‬الخـاص مؤسسـة السجناءالسياسـيين‪ ،‬وكذلـك قانـون الجنسـية الع ارقيـة رقـم ‪ 26‬فـي ‪ 2005‬الـذي تضمـن‬ ‫اعـادة الجنسـية الع ارقيـة لمـن اسـقطها عنـه النظـام السـابق ينظـر فـي ذلـك اهـم القوانيـن الع ارقيـة لعـام ‪ 2006‬متـاح‬ ‫علـى ال اربـط الاتـي‪:‬‬ ‫‪http://www.niqash.org/ar/articles/society/176/‬‬ ‫((( ‪ -‬ينظر نص المادة ‪ 104‬من الدستور الع ارقي لعام ‪ 2005‬‬ ‫((( ‪ -‬ينظـر المـادة ‪: 132‬اولا‪ :‬مـن الدسـتور الع ارقـي لعـام ‪ 2005‬واسـتنادا الـى ذلـك صـدر قانـون ‪ 5‬لعـام ‪2009‬‬

‫‪161‬‬ ‫ونصـت «تواصـل هيئـة دعـاوى الملكيـة اعمالهـا بوصفهـا هيئـة مسـتقلة بالتنسـيق مـع السـلطة‬ ‫القضائيـة والاجهـزة التنفيذيـة وفقـا للقانـون وترتبـط بمجلـس النـواب»(((‬ ‫واسـتنادا الـى ذلـك بـادرت الحكومـة العراقيـة الـى اتخـاذ سلسـة مـن الاجـراءات الاداريـة‬ ‫لتنفيـذ هـذه القوانيـن فتـم اعـادة مـن تـم فصلـه مـن الوظيفـة لاسـباب سياسـية مـع احتسـاب مـدة‬ ‫بقائـه خـارج الوظيفـة لاغـراض الخدمـة بغيـة ازالـة الضـرر الـذي اصابهـم‪ ،‬فضـا عـن تشـكيل‬ ‫لجنـة اعـادة الملكيـة وصـرف مبالـغ تعويضيـة للمتضرريـن‪ ،‬وتعويـض السـجناء السياسـين بمنـح‬ ‫ماليـة‪ ،‬وقطـع اراضـي‪ ،‬ورواتـب عـن الضـرر الـذي اصابهـم ؛وان كان هنـاك انتقـادات عـدة‪،‬‬ ‫حـول هـذا الموضـوع ولاجـل تعويـض هـؤلاء‪ ،‬حـدد قانـون رقـم ‪ 4‬لسـنة ‪ 2006‬تعريفـا السـجين‬ ‫والمعتقــل السياســي “ كل مــن ُحبــس او ُســجن بســبب معارضتــه للنظــام البائــد فــي الــراي او‬ ‫المعتقـد او الانتمـاء السياسـي او تعاطفـــــــه مـع معارضيـه او مسـاعدته لهـم‪ .‬كمـا عـرف ‪ ‬المعتقـل‬ ‫السياسـي‪ :‬كل مـن ا ُعتقـل لنفـس الاسـباب المذكـورة فـي تعريـف السـجين السياسـي(((‪ .‬وفـي عـام‬ ‫‪ 2013‬تـم تعديـل هـذا القانـون وأصبـح النـص القانونـي كالأتـي‪ « :‬تسـري احـكام هـذا القانـون‬ ‫علـى السـجين والمعتقـل السياسـي ومحتجـزي رفحـاء(((»‪.‬‬ ‫المتعلق بتعويض المتضررين‬ ‫((( ينظر نص المادة ‪ 136‬اولا من الدستور الع ارقي لعام ‪2005‬‬ ‫((( ‪ -‬ينظر نص قانون رقم ‪ 4‬لعام ‪2006‬‬ ‫((( ‪ -‬مخيـم رفحـاء هـو ميخيـم انشـأ للاجئيـن الع ارقييـن بعـد حـرب الخليـج والانتفاضـة الشـعبانية فـي العـ ارق‪ .‬ويقـع‬ ‫قـرب الحـدود الع ارقيـة ‪-‬السـعودية يبعـد عـن محافظـة رفحـاء السـعودية ‪ 20‬كـم‪ .‬ضـم المخيـم اكثـر مـن ‪ 40‬الـف‬ ‫محتجـز خـال المـدة ‪ 2003 - 1991‬بعـد غلقـه نهائيـاً‪ ،‬اذ تبنـت المفوضيـة العليـا لشـؤون اللاجئيـن حصـول‬ ‫المحتجزيـن علـى اقامـة فـي دول عديـد منهـا أسـت ارليا والولايـات المتحـدة وكنـدا والدنمـارك وفلنـدا والمملكـة المتحـدة‬ ‫وإيـ ارن وهولنـدا والنرويـج والسـويد وسويسـ ار وسـوريا مزيـد ينظـر روافـد الطيـار‪ ،‬مسـتحقات مخيـم رفحـاء متـاح علـى‬ ‫ال اربـط الاتـي تاريـخ الزيـارة ‪http://fcdrs.com/humanrights/867 :2019 -3-5‬‬

‫‪162‬‬ ‫خامسا‪ :‬احياء الذكرى‬ ‫تعـد اليـة احيـاء ذكـرى انتهـاكات حقـوق الانسـان فـي الانظمـة الدكتاتوريـة مـن الاليـات‬ ‫المهمـة فـي المراحـل الانتقاليـة وتحقيـق الاسـتقرار السياسـي فـي البـاد‪ ،‬ويكـون الهـدف منهـا‬ ‫تخليـد الشـهداء وضحايـا الانتهـاكات مـن اجـل الاسـتفادة مـن تجـارب الماضـي فـي بنـاء المسـتقبل‬ ‫علــى ان لا تكــون مــن اجــل الترويــج للانتقــام او زيــادة الكــره والحقــد بيــن الفئــات الاجتماعيــة‬ ‫داخـل المجتمـع‪.‬‬ ‫واتخــذت تجربــة العدالــة الانتقاليــة فــي العــراق سلســلة مــن الاجــراءات لتخليــد واحيــاء‬ ‫ذكـرى الانتهـاكات لعـل مـن بينهـا عـد يـوم ‪ 5/16‬يومـا وطنيـا لتخليـد ضحايـا المقابـر الجماعيـة‪،‬‬ ‫بوصفـه اليـوم الـذي اكتشـف فيـه اول مقبـرة جماعيـة فـي العـراق بعـد سـقوط النظـام السياسـي‬ ‫السـابق(((‪ .‬كمـا تـم تحديـد يـوم ‪ 3-16‬يومـا وطنيـا لتخليـد شـهداء ضحايـا قصـف مدينـة حلبجـة‬ ‫بالاسـلحة الكيمياويـة ‪ ،‬فضـا عـن اصـدار قانـون رقـم ‪ 26‬فـي ‪ 2008-9-10‬الـذي نـص علـى‬ ‫وصـف مـا تعـرض لـه الشـعب الكـوردي فـي كوردسـتان العـراق بالابـادة الجماعيـة((( ‪.‬‬ ‫يتضــح ممــا تقــدم ان هنــاك اليــات عدالــة انتقاليــة فعالــة قــد اقــرت مــن الناحيــة النظريــة‬ ‫القانونيـة او السياسـية لتحقيـق العدالـة الانتقاليـة فـي العـراق مـن اجـل تحقيـق الاسـتقرار السياسـي‪،‬‬ ‫بيـد ان تطبيـق هـذه الاليـات علـى ارض الواقـع اشـابها الشـكوك والفشـل ولـم تحقـق هـذه الاليـات‬ ‫الاهـداف المرجـوه منهـا‪ ،‬وبغيـة تقديـم تصـور واضـح عـن ذلـك لابـد مـن تقديـم تقويـم لتطبيـق‬ ‫هـذه الاليـات وهـو مـا سـيتم توضيحـة فـي المطلـب القـادم‪.‬‬ ‫((( ‪ -‬في ذكرى المقابر الجماعية ينظر ال اربط الاتي تاريخ المشاهدة ‪:2019-3-5‬‬ ‫‪https://www.iraqcenter.net/vb/showthread.php?t=34123‬‬ ‫((( ‪-‬ينظر في ذلك قاعدة التشريعات الع ارقية ‪ ،‬تاريخ المشاهدة‪ 2019-3-6 ،‬متوفر على ال اربط‬ ‫‪http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/21120.html‬‬

‫‪163‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬تقويم تجربة العدالة الانتقالية في العراق‬ ‫منـذ احتـال الولايـات المتحـدة الامريكيـة للعـراق عـام ‪ 2003‬وتغييـر نظامـه السياسـي‬ ‫الـى ‪ ،2020‬تعـد المرحلـة الانتقاليـة العراقيـة‪ ،‬التـي حـددت اهدافهـا بتحقيـق الامـن والسـلم ورفـع‬ ‫الظلـم والطغيـان عـن الشـعب العراقـي‪ ،‬فقـد مـر علـى المرحلـة الانتقاليـة فـي العـراق نحـو سـبعة‬ ‫عشـر عامـا‪ ،‬وهـي حقبـة زمنيـة كافيـة لتحقيـق اهدافهـا فـي الاسـتقرار السياسـي فـي العـراق‪ ،‬وهنـا‬ ‫تقتضـي معرفـة مـا ياتـي‪:‬‬ ‫المطلب الاول‪:‬النتائج المترتبة على تطبيق العدالة الانتقالية‬ ‫ان تقويـم اي تجربـة لاسـيما فـي الـدول التـي تمـر بمرحلـة انتقاليـة لابـد مـن الخـوض فـي‬ ‫النتائـج التـي ترتبـت علـى تطبيـق اليـات العدالـة الانتقاليـة‪ ،‬وبخصـوص تجربـة العدالـة الانتقاليـة‬ ‫فـي العـراق‪ ،‬فقـد خلصـت الـى النتائـج الاتيـة‪:‬‬ ‫اولا‪ :‬على المستوى السياسي‪:‬‬ ‫ ‪ -1‬ان مـن الاهـداف الرئيسـة للعدالـة الانتقاليـة‪ ،‬هـو تمكيـن النظـام السياسـي للانتقـال مـن‬ ‫نظـام دكتاتـوري الـى نظام ديمقراطي‪ ،‬وبعد مرور نحو سـلعة عشـر عاما على التحـول الديمقراطي‬ ‫فـي العـراق‪ ،‬تبيـن بوضـوح تراجـع الديمقراطيـة فيـه بصـورة ملفتـة للنظر؛لاسـيما بعـد ان سـيطرة‬ ‫مجموعـة مـن الاحـزاب السياسـية علـى السـاحة العراقيـة‪ ،‬جلهـا تملـك فصائـل مسـلحة‪ ،‬واتباعهـا‬ ‫مختلـف الاسـاليب للسـيطرة علـى مفاصـل الحكـم ؛بمـا فيهـا الاقصـاء والتهميـش للخصـوم‪ ،‬فضال‬ ‫عـن تزويـر الانتخابـات‪ ،‬كمـا تبيـن مـن انتخابات عـام ‪ ،2018‬مـا اعلنتـه التقارير الامنيـة العراقية‪،‬‬ ‫والتقاريـر الدوليـة لاسـيما تقريـر الاتحـاد الاوربـي حـول انتخابـات ‪(((.2018‬‬ ‫((( ‪ -‬نـص تقريـر بعثـة الاتحـاد الاوربـي حـول الانتخابـات الع ارقيـة لعـام ‪ ،2018‬تاريـخ الزيـارة ‪ 2019-3-7‬متـاح‬ ‫علـى ال اربـط الاتـي‪:‬‬

‫‪164‬‬ ‫ ‪ -2‬اخفـاق جهـود المصالحـة الوطنيـة فـي العـراق‪ ،‬علـى الرغـم مـن المؤتمـرات والنـدوات‬ ‫التــي اقيمــت وصرفــت عليهــا امــوال طائلــة دون نتيجــة تذكــر‪ ،‬وقــد تــردى وضــع المصالحــة‬ ‫الوطنيـة فـي العـراق بصـورة اكثـر عمقـا فقـد ازداد الانقسـام المجتمعـي علـى مسـتوى المكـون‬ ‫الواحـد‪ ،‬اذ ظهـرت خلافـات سـنية –سـنية وخلافـات شـيعية –شـيعية‪ ،‬وخلافـات كوردية‪-‬كورديـة‪،‬‬ ‫فضـا عـن انقسـام المكونـات الـذي تعمـق بعـد ظهـور داعـش‪ ،‬وميـل عـدد مـن العشـائر اليهـم‬ ‫او قبـول بالامـر الواقـع‪ ،‬وكذلـك مـا شـهدته مدينـة كركـوك وتمكـن القـوات الاتحاديـة مـن اعـادة‬ ‫انتشـار فيهـا علـى حسـاب قـوات البيشـمركة‪(((.‬‬ ‫ ‪ -3‬غيــاب المعارضــة السياســية فــي العــراق‪ ،‬اذ ان اغلــب الاحــزاب السياســية تحبــذ‬ ‫الاشـتراك فـي الحكومـة مـن اجـل الحصـول علـى المناصـب والمكاسـب الماديـة ورفضهـا القبـول‬ ‫بالمعارضـة‪ ،‬واعتمـدت علـى تقاسـم النفـوذ والسـلطة فـي العـراق‪ ،‬مـع اصـرار الحكومـة علـى‬ ‫عـدم الانفتـاح علـى القـوى المعارضـة لنهـج النظـام السياسـي الجديـد‪ ،‬وتكيـل لهـم التهـم بالانتسـاب‬ ‫لحـزب البعـث المنحـل او اتهامهـم بالارهـاب‪ ،‬ومـن ثـم اضحـت الاحـزاب الحاكمـة هـي التـي‬ ‫تمـارس السـلطة وتراقـب نفسـها فـي البرلمـان‪ ،‬الامـر الـذي شـوه صـورة النظـام السياسـي الجديـد‪.‬‬ ‫ ‪ -4‬اسـتمرار الانتهـاكات لحقـوق الانسـان فـي العـراق مـن خـال تعـدد المرجعيـات الامنية‬ ‫مـن وزارة الداخليـة ووزارة الدفـاع وقـوات الحشـد الشـعبي‪ ،‬وقـد سـجلت منظمـة هيومـن رايتـس‬ ‫وتـش فـي تقريرهـا لسـنة ‪ 2018‬انتهـاكات هـذه القـوات لحقـوق الانسـان فـي معركتهـا مـع داعـش‬ ‫او بعــد الانتصــار عليهــا‪ ،‬وقــد كشــفت عــن نــزوح ‪2‬ز‪ 3‬مليــون نــازح‪ ،‬ووجــود معتقليــن غيــر‬ ‫‪https://afaq.tv/static/uploads/1/pdf/155082023420c143ce3e6bde8336c001d3e583ac73‬‬ ‫((( ‪-‬حمد جاسم محمد‪ ،‬المصالحة الوطنية في الع ارق‪ ،‬تاريخ الزيارة ‪ 2019-3-8‬متاح على ال اربط الاتي‪:‬‬ ‫‪https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/2167‬‬

‫‪165‬‬ ‫رسـميين فضـا عـن اختفـاء الالـف العراقييـن بتهمـة الانتمـاء الـى داعـش او موالاتهـم لهـا‪(((.‬‬ ‫ ‪ -5‬اسـتمرار الخلافـات بيـن الحكومـة الاتحاديـة وحكومـة اقليـم كوردسـتان وحتـى مـع‬ ‫الحكومــات المحليــة فــي المحافظــات غيــر المنتظمــة باقليــم الــى الدرجــة التــي تراوحــت بيــن‬ ‫اسـلوبين‪ :‬امـا المركزيـة المفرطـة فـي دول فدراليـة اتحاديـة او اسـتقلال مفـرط دون وجـود تنسـيق‬ ‫بيـن الطرفيـن ‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬على المستوى الامني‬ ‫ت ارجـع الوضـع الامنـي بسـبب تعـدد المرجعيـات الامنيـة‪ ،‬ووجـود فصائـل مسـلحة تعمـل داخـل‬ ‫وخـارج العـ ارق ومنهـا مـن لا يلتـزم بالمرجعـات الرسـمية الع ارقيـة وتاتمـر باوامـر مـن خـارج العـ ارق‪.‬‬ ‫وقـال ضابـط فـي قيـادة العمليـات المشـتركة‪ ،‬إ ّن “هنـاك تصعيـداً يوميـاً بأعمـال العنـف‪ ،‬فـي بغـداد‬ ‫والمحافظـات المحـررة‪ ،‬ومنهـا الموصـل‪ ،‬وكركـوك‪ ،‬وصـاح الديـن‪ ،‬والأنبـار‪ ،‬وديالـى”‪ ،‬مبينـاً‬ ‫أ ّن “تفجيــرات يوميــة تســ ّجل فــي تلــك المحافظــات‪ ،‬قــد يحــاط بعضهــا بتكتــم إعلامي”‪.‬وأكــد أ ّن‬ ‫“القيـادة تسـ ّجل يوميـاً ضحايـا بيـن قتلـى وجرحـى‪ ،‬لا تقـل عـن ‪ 20‬ضحيـة بشـكل يومـي‪ ،‬علـى‬ ‫أقـل تقديـر”‪ ،‬مضيفـاً “كمـا تسـ ّجل فيهـا أعمـال عنـف كالاغتيـالات‪ ،‬والخطـف‪ ،‬وتفجيـر المنـازل‬ ‫الفارغـة بعبـوات ناسـفة‪ ،‬ومـا إلـى ذلـك مـن أعمـال”(((‬ ‫مـن جانـب اخـر فقـد اسـتمر التواجـد الامريكـي فـي العـراق‪ ،‬بـل وعودتـه بصـورة اكثـر‬ ‫فاعليـة بعـد عـام ‪ 2014‬علـى اثـر سـقوط مـدن عراقيـة عـدة بيـد تنظيـم داعـش‪ ،‬اذ تشـهد السـاحة‬ ‫((( ‪ -‬نص بيان هيومن ارتس وتش متاح على ال اربط الاتي‪:‬تاريخ الزيارة ‪2019-3-8‬‬ ‫‪https://www.hrw.org/ar/world-report/2018/country-chapters/313124‬‬ ‫((( ‪-‬الامن في الع ارق‪ ،‬تاريخ المشاهدة ‪2019-2-8‬متاح على ال اربط‬ ‫‪/http://aliraqnews.com‬‬

‫‪166‬‬ ‫العراقيـة تحـرك ملفـت للنظـر للقـوات الامريكيـة فـي مناطـق عـدة‪ ،‬اذ زار ترامـب رئيـس الولايـات‬ ‫المتحــدة قاعــدة عيــن الاســد فــي الانبــار دون علــم الحكومــة او التقائــه بــاي مــن المســؤولين‬ ‫العراقييــن‪ ،‬فضــا عــن تحــركات الجيــش الامريكــي واتخــاذه لقواعــد عســكريةفي العــراق بعــد‬ ‫سـحب القـوات مـن سـوريا ‪(((.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬على المستوى الاقتصادي‪(((:‬‬ ‫‪ -1‬انتشــار الفســاد الاداري والاقتصــادي فــي العــراق‪ ،‬وقــد احتــل منــذ عــام ‪ 2003‬الــى‬ ‫يومنــا هــذا ترتيبــات متقدمــة بنســب الفســاد الــذي نخــر الاقتصــاد العراقــي‪ ،‬حــل العــراق فــي‬ ‫المرتبــة ‪ 168‬فــي تقريــر منظمــة الشــفافية الدوليــة لعــام ‪ ،2018‬وغطــى أوضــاع ‪ 180‬دولــة‪.‬‬ ‫وحصـل العـراق علـى ‪ 18‬نقطـة مـن مجمـوع ‪ 100‬نقطـة‪ ،‬مـع تعطـل كل القطاعـات الاقتصاديـة‬ ‫باسـتثناء النفـط واضحـى اقتصـادا وحيـدا للدخـل فـي العـراق‪ ،‬فـي حيـن تراجـع القطـاع الزراعـي‬ ‫والصناعـي واعتمـد العـراق علـى الاسـتيراد مـن دول الجـوار‬ ‫‪ -2‬تدميـر البنـى التحتيـة لمـدن عـدة فـي العـراق علـى اثـر الحـرب ضـد داعـش‪ ،‬وتهجيـر‬ ‫اكثـر مـن مليـون عراقـي داخـل وخـارج العـراق‪ ،‬اسـتمرار الاعتقـالات والقتـل علـى الهويـة وان‬ ‫((( ‪-‬وصـل الرئيـس الأمريكـي دونالـد ت ارمـب‪ ،‬يـوم الأربعـاء الماضـي ‪ 26‬ديسـمبر‪ 2018‬العـ ارق فـي زيـارة مفاجئـة‪،‬‬ ‫مـا ولـد ردود أفعـال سياسـية وشـعبية غاضبـة‪ ،‬فيمـا أعلـن مكتـب عبـد المهـدي‪ ،‬أن السـلطات الأمريكيـة أعلمـت‬ ‫الس�لطات الع ارقي�ـة بالزي�ارة‪ ،‬مشـي ار إل�ى أن ت ارمبــ وج�ه دع�وة لعب�د المه�دي لزي�ارة واش�نطن‪:.‬تاريخ المشـاهدة ‪-3-8‬‬ ‫‪ 2019‬متـاح علـى ال اربـط الاتـي‬ ‫‪https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201812301037906539‬‬ ‫((( ‪ -‬وتجـدر الاشـار الـى ان الدولـة التـي تحصـل علـى ‪ 100‬نقطـة فهـي دولـة ” خاليـة مـن الفسـاد”‪ .‬وهـو مـا لـم‬ ‫تحققـه أي دولـة مزيـد مـن التفاصيـل ينظرالعـراق فـي تقريـر الشـفافية الدوليـة‪ ،‬تاريـخ المشـاهدة ‪2019-3-8‬‬ ‫متـاح علـى الرابـط الاتـي‬ ‫‪https://www.nasnews.com‬‬

‫‪167‬‬ ‫تراجـع بنسـب كبيـرة عـن السـابق‪.‬‬ ‫ ‪ -1‬انتشــار البطالــة وتــردي المســتوى المعيشــي للمواطنيــن بازديــاد نســبة الشــرائح‬ ‫الاجتماعيــة التــي تعيــش دون مســتوى خــط الفقــر‬ ‫على المستوى الاجتماعي والثقافي‬ ‫ ‪ -1‬تــردي الوضــع الخدمــي فــي العــراق علــى مســتوى التعليــم اذ اخرجــت الجامعــات‬ ‫العراقيـة مـن تصنيـف العالمـي للجامعـات وعـدم الثقـة بمسـتوى التعليـم فضـا عـن مشـاكل التربيـة‬ ‫وضعـف ادائهـا‪ ،‬فضـا عـن تـردي الاوضـاع فـي الصحـة وخدمـات الكهربـاء والميـاه وغيرهـا‬ ‫مـن الخدمـات‪.‬‬ ‫ ‪ -2‬تراجـع المسـتوى الثقافـي فـي البـاد وانتشـار ظواهـر الشـعوذة والدجـل فضـا عـن‬ ‫سـيادة القيـم العشـائرية التـي تتناقـض مـع القوانيـن والشـرائع المعمـول بهـا فـي العـراق واضحـى‬ ‫المواطـن يلجـا الـى انتمائـه الفرعـي علـى حسـاب الانتمـاء الوطنـي‪ ،‬الـى الدرجـة التـي خرجـت‬ ‫عـن الاطـار المقبـول ممـا اضطـر القضـاء العراقـي ان يعـد بعـض الممارسـات العشـائرية ارهابا(((‬ ‫ ‪ -3‬تراجـع الثقـة بالقضـاء العراقـي ونزاهتـه مـن المواطنيـن العراقييـن‪ ،‬فضـا عـن عـدم‬ ‫اعتـراف المجتمـع الدولـي ومؤسسـاته القضائيـة بنزاهـة القضـاء العراقـي وخضوعـه للضغـوط‬ ‫السياسـية التـي تمارسـها الاحـزاب المتنفـذة‪((( .‬‬ ‫((( ‪ -‬عد القضاء الع ارقي الدكة العشائرية ارهابا يصل الى عقوبة الاعدام‪ ،‬تاريخ المشاهدة ‪2019-3-7‬مزيد ينظر‬ ‫‪-https://www.mc-doualiya.com/articles/20181118‬الدكة‪-‬العش‬ ‫((( ‪-‬عالية بايزيد اسـماعيل‪ ،‬مدى اسـتقلال القضاء الع ارقيتسـاؤلات وحقوق مشـروعة‪ ،‬متاح على ال اربط الاتي‪ :‬تاريخ‬ ‫المشاهدة ‪2019-3-7‬‬ ‫‪http://almasalah.com/ar/news/5138‬‬

‫‪168‬‬ ‫يتضـح ممـا تقـدم ان العـراق يعيـش حالـة مـن عـدم الاسـتقرار السياسـي‪ ،‬علـى الرغـم مـن‬ ‫تطبيـق اليـات العدالـة الانتقاليـة‪ ،‬وهنـا يثـار تسـاؤل هـل شـكلت هـذه الاليـات جـزء مـن حالـة عـدم‬ ‫الاسـتقرار السياسـي ؟‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬تقويم اليات العدالة الانتقالية في العراق‪.‬‬ ‫اسـتنادعلى مـا تقـدم لابـد مـن دراسـة ابـرز الاسـباب التـي قـادت الـى هـذه النتائـج ؛مـن‬ ‫خـال تقويـم اليـات العدالـة الانتقاليـة التـي طبقـت فـي العـراق بعـد ‪ ،2003‬وكمـا ياتـي‪:‬‬ ‫اولا ‪ :‬علـى صعيـد المحاكمـات التـي جـرت مـن اجـل تحقيـق العدالـة فـي المرحلـة الانتقاليـة‬ ‫تعرضـت الـى مجموعـة مـن الانتقـادات لعـل مـن ابرزهـا مـا ياتـي‪:‬‬ ‫ان هــذه المحاكمــات قــد جــرت بتاثيــر مــن دولــة الاحتــال‪ ،‬فقــد اسســت ســلطة التحالــف‬ ‫المؤقتـه المحكمـة العراقيـة الخاصـة بالجرائـم ضـد الانسـانية‪ ،‬بموجـب الامـر الاداري المرقـم ‪48‬‬ ‫لسـنة (((‪ ،200‬ويتضـح هـذا التاثيـر فـي نـص المـادة السادسـة التـي نصـت علـى» يحتفـظ المديـر‬ ‫الإداري لسـلطة الائتـاف المؤقتـة سـلطة تعديـل التشـريع الـذي بموجبـه نشـاء المحكمـة العراقيـة‬ ‫((( ‪ -‬الامـر الـداري المرقـم ‪ 48‬لسـنة فـي ‪ 9‬كانـون الاول ‪ ،2003‬تاريـخ المشـاهدة ‪2019-3-8‬متـاح علـى ال اربـط‬ ‫الاتـي‬ ‫_‪https://govinfo.library.unt.edu/cpa iraq/arabic/regulations/20031210_CPAORD48_IST‬‬ ‫‪and_Appendix_A..Arabic_.pdf‬‬ ‫وبموجبـه تـم تشـكيل المحكمـة وفقـا لمـا جـاء بالامـر» «يخـول مجلـس الحكـم بموجـب هـذا الأمـر سـلطة‬ ‫إنشـاء محكمـة عراقيـة خاصـة لمحاكمـة المواطنيـن العراقييـن أو الأشـخاص المقيميـن فـي العـراق المتهميـن‬ ‫ارتـكاب جرائـم الإبـادة الجماعيـة أو جرائـم ضـد الانسـانية أو جرائـم حـرب أو انتهـاكات لقوانيـن عراقيـة‬ ‫معينـ�ة‪ .‬ينشـىء مجلـس الحكـم هـذه «المحكمـة» بموجـب تشـريع يصـدر عنـه بعـد مناقشـة تدابيـره المقترحـة‬ ‫الـواردة فـي الملحـق (‪ )1‬بحثه��ا بالتفصيـل م��ع س��لطة الائتـاف المؤقتـ�ة‪ .‬ينظـر القسـم الاول المـادة الاولـى‬ ‫مـن الامـر الاداري ‪ 48‬لسـنة ‪2003‬‬

‫‪169‬‬ ‫الخاصـة‪ ،‬كمـا يحتفـظ بسـلطة تعديـل أي مـن ناصـر الجرائـم أو قواعـد إجـراءات المحكمـة التـي‬ ‫تمــت صياغتهــا مــن أجــل «المحكمــة»‪ .‬ويمــارس المديــر الإداري هــذه الســلطة إذا اقتضــت‬ ‫الأوضـاع ذلـك لأسـباب أمنيـة‪ (((».‬مـن خـال مـا تقـدم يؤكـد الامـر سـلطة تعديـل التشـريع‪ ،‬وبذلـك‬ ‫كان نفـوذ الولايـات المتحـدة فـي التاسـيس والتعديـل وهـو امـر غيـر مقبـول فـي محاكمـات العدالـة‬ ‫الانتقاليـة التـي يجـب ان تخضـع للقوانوديـن الوطنيـة ‪.‬‬ ‫وقـد انتقـدت منظمـة مراقبـة حقـوق الانسـان والمركـز الدولـي للعدالـة الانتقاليـة عـدم تشـاور‬ ‫سـلطة التحالـف مـع الشـعب العراقـي فـي تاسـيس هـذه المحكمـة ولا الاف الضحايـا وعوائلهـم ‪.‬‬ ‫مـن جانـب اخـر انتقـدت الامـم المتحـدة هـذه المحكمـة ولـم تقـدم لهـا المسـاعدة‪ ،‬لاسـيما وان‬ ‫القضـاء العراقـي لا يتمتـع بالخبـرة الكافيـة‪ ،‬واضطـاع القضـاة بوظيفتهـم بشـكل مسـتقل وغيـر‬ ‫متحيـز‪ ،‬وتوضـح ذلـك عمليـا عندمـا قـدم القاضـي رزكار علـي اسـتقالته مـن رئاسـة المحكمـة‬ ‫بسـبب الضغـوط السياسـية‪(((.‬‬ ‫وكان الانتقـاد الرئيـس ان المحكمـة اقتصـرت علـى قضايـا ثـاث فقـد هـي (قضيـة الدجيـل‪-‬‬ ‫حلبجـة والانفـال –والانتفاضـة الشـعبانية) فـي حيـن ان النظـام حكـم اكثـر مـن ‪ 25‬سـنة وكان هناك‬ ‫قضايـا كثيـرة تتعلـق بالجوانـب الاقتصاديـة والاجتماعيـة والسياسـية لـم تعـرض علـى المحكمـة‪.‬‬ ‫والانتقـاد الاسـوء كان حـول طريقـة تنفيـذ حكـم الاعـدام بالرئيـس العراقـي السـابق‪ ،‬ومـا‬ ‫اثيـر حولهـا مـن جـدل؛ لاسـيما وانهـا جـرت فـي اول ايـام اعيـاد المسـلمين‪ ،‬وتعبـر عـن طريقـة‬ ‫((( ينظر المادة السادسة من الامر ‪ ،48‬المرجع نفسه‬ ‫((( ‪ -‬عاليـة بايزيـد اسـماعيل‪ ،‬مـدى اسـتقلالية القضـاء الع ارقـي تسـاؤلات وحقـوق مشـروعة‪ ،‬متـاح علـى ال اربـط‬ ‫الاتي‪:‬تاريـخ المشـاهدة‪2019-3-7‬‬ ‫‪http://almasalah.com/ar/news/5138‬‬

‫‪170‬‬ ‫انتقاميـة طائفيـة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تطهير المؤسسات من رموز النظام السابق‪:‬‬ ‫علـى الرغـم مـن اهميـة عـزل المسـؤولين عـن الانتهـاكات مـن مواقـع السـلطة‪ ،‬ويمكـن ان‬ ‫تكـون جـزء مـن الاصـاح المؤسسـي‪ ،‬الا ان تطبيقهـا فـي العـراق قدجـرت بطريقـة اقـرب الـى‬ ‫عمليـة تطهيـر وانتقـام عرقـي وطائفـي‪ ،‬فقـد جـرت سياسـة الاجتثـاث بطريقـة ازدواجيـة‪ ،‬فقـد اتبـع‬ ‫اقليـم كوردسـتان سياسـة عفـى الله عمـا سـلف عـن المتعاونيـن مـع البعـث او مـا يعـرف (بالجـاش )‬ ‫(((وحتـى القيـادات البعثيـة الكورديـة‪ ،‬وكذلـك تـم اعفـاء اغلـب الشـيعة بموجـب سياسـات الاسـتثناء‬ ‫التـي اتبعهـا المسـؤولين عـن هيئـة اجتثـاث البعـث‪ ،‬وطبقـت بطريقـة مفرطـة اتجـاه السـنة‪ ،‬الامـر‬ ‫الـذي اعطـى انطباعـا بـان سياسـة الاجتثـاث تثمـل السـنة فقـط‪.‬‬ ‫كانــت الغايــة مــن اصــدار قانــون اجتثــاث البعــث هــو ابعــاد اعضــاء حــزب البعــث مــن‬ ‫بدرجـة عضـو فرقـة فمـا فـوق مـن الخدمـة الحكوميـة علـى فـرض ان هـؤلاء ارتكبـوا انتهـاكات‬ ‫لحقـوق الانسـان‪ ،‬وهـو امـر لـم يثبـت صحتـه‪ ،‬فقـد شـملت الاف المدرسـين والمعلميـن والموظفيـن‬ ‫الحكومييـن الذيـن لـم يرتكبـوا اي اسـاءة‪ ،‬لكنهـا لـم تبعـد عـدد كبيـر مـن المسـيئين الذيـن تولـوا‬ ‫مناصـب دنيـا فـي الحـزب‪ ،‬فضـا عـن انهـا سياسـه كانـت مجحفـة وغيـر شـفافة‪ ،‬اذ كان الافـراد‬ ‫يفصلـون بشـكل تلقائـي دون اتبـاع اي اجـراءات قانونيـة سـليمة‪ ،‬مثـل اخطـار الشـخص بالبلاغـات‬ ‫المقدمـة ضـده والحـق فـي الاسـتماع لوجهـة نظـره قبـل تنفيـذ الفصـل ‪(((.‬‬ ‫وقــد بلغــت انتقــادات تطبيــق الاجتثــاث الــى مشــرع (قانــون الاجتثــاث) الحاكــم المدنــي‬ ‫((( ‪ -‬يشـير مصطلـح الجـاش باللغـة الكورديـة الـى حيـوان الجحـش وهـو لصغـر مـن الحصـان واكبـر مـن الحمـار فـي‬ ‫وصـف للمتعاونيـن مـن الكـورد مـع النظـام السـابق‬ ‫((( ‪ -‬اريك ستوفر واخرون‪ ،‬العدالة المؤجلة‪( ،‬المركز الدولي للعدالة الانتقالية‪ ،)2008 ،‬ص‪19‬‬

‫‪171‬‬ ‫الامريكـي للعـراق بـول بريمرواكـد علـى ان جهـوده فـي اجتثـاث البعـث قـد تعرضـت للتشـويه‬ ‫وان القليـل مـن اللـوم ألقـي علـى المسـؤولين العراقييـن الذيـن تولـوا السـلطة فـي أعقـاب الإجتيـاح‪.‬‬ ‫واضــاف ان الخطــأ الــذي ارتكبتــه هــو أننــي أوكلــت هــذا الأمــر الــى مجموعــة صغيــرة مــن‬ ‫السياسـيين العراقييـن وهـم الذيـن قامـوا بتوسـيعه‪ .‬أعتقـد ان ذلـك أضـر بنـا لأنـه أعطـى انطباعـا‬ ‫بأننـا كنـا مهيئيـن لتنفيـذ اجتثـاث بالجملـة لـكل المجتمـع وهـو فـي الواقـع مـا لـم يكـن فـي نيتنـا”‪(((.‬‬ ‫وبسـبب هـذه الانتقـادات وغيرهـا شـرع البرلمـان العراقـي قانـون (المسـائلة والعدالة)رقـم‬ ‫‪ 10‬لسـنة (((‪ ،2008‬بيـد ان هـذا القانـون‪ ،‬هـو الاخـر لـم يجـد حـل للمشـكلة‪ ،‬واسـتمرت الهيئـة‬ ‫الوطنيـة العليـا لاجتثـاث البعـث فـي اجراءاتهـا ومنحـت صلاحيـات اوسـع‪ ،‬واسـتغل الاجتثـاث فـي‬ ‫التصفيـات السياسـية‪ ،‬والعـزل السياسـي للمنافسـين والمعارضين‪.‬ممـا افشـل مهمـة العدالـة الانتقاليـة‬ ‫فـي تحقيـق الاسـتقرار السياسـي لاسـتمرار سياسـة الانتقـام ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬المصالحة الوطنية‬ ‫تعــد المصالحــة مــن اهــم مرتكــزات العدالــة الانتقاليــة التــي تقــود الــى تحقيــق الانســجام‬ ‫والاسـتقرار للبـاد‪ ،‬وان التطبيـق العراقـي للمصالحـة الوطنيـة يشـوبه الكثيـر مـن الشـك‪ ،‬فالحكومة‬ ‫العراقيـة لـم تقـدم اعتذارهـا للضحايـا والمتضرريـن مـن سياسـات النظـام السـابق‪ ،‬بالمقابـل لـم‬ ‫يعتــرف اي مســؤول مــن حــزب البعــث ممــن شــملهم الاجتثــاث بالمســؤولية وتقديــم الاعتــذار‪،‬‬ ‫وهوبحـد ذاتـه خلـل فـي بـدا المصالحـة الوطنيـة‪.‬‬ ‫((( ‪-‬بريمـر‪ ،‬الع ارقيـون يؤيـدون اجتثـاث البعـث لكـن بغـداد شـوهت اج ارءاتـه‪ ،‬تاريـخ المشـاهدة‪2019-8-3 ،‬متـاح‬ ‫علـى ال اربـط الاتيـى‪:‬‬ ‫‪https://almadapaper.net/Details/139083‬‬ ‫((( ‪ -‬انظر نص الق ارر في الموقع الاتي‪:‬تاريخ المشاهدة‪3-8-2019‬‬ ‫‪http://www.parliament.iq/modules.php?name=News&file=article&sid=1307‬‬

‫‪172‬‬ ‫مــن جانــب اخــر فــان مؤتمــرات المصالحــة الوطنيــة لــم تجــد الاليــات الناجعــة لتنفيــذ‬ ‫مخرجـات هـذه المؤتمـرات واكتفـت بالبيانـات والتوصيـات دون اجـراءات عمليـة‪ ،‬والملاحـظ ان‬ ‫الحكومـة والبرلمـان العراقـي اصـدر قانـون للعفـو العـام عـن المسـيئين بعد عـام (((‪ ،2003‬وشـملت‬ ‫مـزوري الشـهادات وسـارقي الامـوال العراقيـة لكنهـا لـم تصـدر عفـوا عامـا عـن البعثيـن الذيـن لـم‬ ‫يرتكبـوا جرائـم او اسـاءة لحقـوق الانسـان فـي العـراق‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬التعويضات‬ ‫علــى الرغــم مــن بعــض الخطــوات الايجابيــة التــي اتخذتهــا الحكومــة العراقيــة اتجــاه‬ ‫المتضرريـن مـن سياسـة النظـام السـابق‪ ،‬وتعويضهـم عـن الضـرر الـذي لحـق بهـم مثـل السـجناء‬ ‫السياسـيين‪ ،‬وضحايـا الانفـال‪ ،‬والانتفاضـة الشـعبانية؛ بيـد ان هـذه التعويضـات خضعـت للمسـاومة‬ ‫الساسـية‪ ،‬والازدواجيـة الواضحـة‪ ،‬فلـم تقـدم التعويضـات مجزيـة لضحايـا جريمـة حلبجـة‪ ،‬بينمـا‬ ‫هنـاك تعويضـات كبيـرة للسـجناء السياسـيين مثـل (معتقـل رفحـاء )(((الـذي منـح راتبـا تعويضيـا‬ ‫حتـى للطفـل الرضيـع وسـمح بازدواجيـة الرواتـب وغيرهـا مـن الامتيـازات‪ ،‬كمـا منـح السـجناء‬ ‫السياسـيين تعويـض ووظائـف واعتبـر مـدة معارضتهـم للنظـام خدمـة جهاديـة يتقاضـون عليهـا‬ ‫رواتـب(((‪ ،‬فـي حيـن ان اغـب الشـباب العراقـي بـا وظيفـة لـو عمـل‪ ،‬فضـا عمـا اصـاب هـذه‬ ‫الاجـراءات مـن فسـاد لصالـح المسـؤولين العراقييـن وعوائلهـم‪ .‬الامـر الـذب دفـع السـيد رئيـس‬ ‫الـوزاء العراقـي مصطفـى الكاظمـي الـى تحديـد راتـب واحـد لـرب الاسـرة فقـط‪ ،‬الامـر الـذي‬ ‫((( ينظر قانون رقم ‪ 27‬لعام ‪ 2016‬قانون العفو العام الوقائع الع ارقية رقم‪ 4417‬في ‪ 26‬ايلول ‪2016‬‬ ‫((( ‪ -‬رفحـاء هـي منطقـة فـي الا ارضـي السـعودية قـرب الحـدود الع ارقيـة‪ ،‬خصـص فيهـا مخيـم للنازحيـن مـن العـ ارق بعـد‬ ‫الانتفاضـة الشـعبانية‪ ،‬واضيـف لهـم اكثـر مـن ‪ 13‬الـف اسـير ع ارقـي ممـن اسـرو فـي الحـرب الامريكيـة لاخـ ارج‬ ‫القـوات الع ارقيـة مـن الكويـت‪ ،‬وتـم شـمول الجميـع بقانـون السـجناء السياسـيين‬ ‫((( ‪ -‬انظر القانون رقم ‪ 3‬لسنة ‪ 2006‬بشان مؤسسة الشهداء الوقائع الع ارقية رقم ‪ 4018‬في ‪2006 -3-6‬‬

‫‪173‬‬ ‫اثـار حفيظـم هـذه الشـريحة المسـتفيدة والخـروج بمظاهـرات ضـد الكاظمـي‪ ،‬انعكـس ذلـك علـى‬ ‫المجتمــع العراقــي ســلبا اذ انقســم المجتمــع العراقــي بيــن مؤيــد ومعــارض‪ ،‬لاســيما وان اغلــب‬ ‫العراقييـن يشـعرون بوجـود تمييـز فـي قانـون السـجناء السياسـيين وعلـى الاخـص مخيـم رفحـاء‬ ‫والامتيـازات التـي منحـت لهـم وحرمـان بقيـة العراقييـن مـن اي امتيـاز لاسـيما وان الكثبـر مـن‬ ‫الرفحاوييـن لديهـم لجـوء فـي دول اجنبيـة ويتمتعـون هـم واولادهـم وزوجاتهـم برواتـب خياليـة‬ ‫تصـل ثـاث اضعـاف الراتـب التقاعـدي للعراقـي كمـا ورد فـي تعديـل قانـون السـجناء السياسـيين‬ ‫لعـام ‪ ،2013‬وامـر كهـذا دفـع الـى مزيـد مـن الانقسـام المجتمعـي فـي العـراق ‪.‬‬ ‫يتضـح ممـا تقـدم ان الاجـراءات والاليـات التـي اتبعتهـا العدالـة الانتقاليـة فـي العـراق منـذ‬ ‫‪ 2003‬الـى ‪2020‬علـى الرغـم مـن اهميتهـا مـن الناحيـة النظريـة ؛الا انهـا لـم توفـق مـن الناحيـة‬ ‫التطبيقيـة واصابهـا التشـويه‪ ،‬وسـوء الادارة الامـر الـذي انعكـس سـلبا علـى الاسـتقرار السياسـي‬ ‫فـي العـراق مـن جهـة واسـتمرار فتـرة العدالـة الانتقاليـة كل هـذه المـدة مـن جهـة اخـرى‪.‬‬ ‫فضـا عـن ان العـراق يعـد ‪ 2014‬مـر بظـروف قاسـية علـى اثـر سـيطرة تنظيـم الدولـة‬ ‫الاسـامية فـي العـراق وبـاد الشـام(داعش)على اكثـر مـن ثلـث العـراق‪ ،‬وقـد ارتكـب جرائـم عـدة‬ ‫وازداد عـدد الشـهداء والمقابـر الجماعيـة‪ ،‬ومـا رافـق ذلـك مـن دمـار وتخريـب لمحافظـات عراقيـة‬ ‫عــدة لاســيما علــى اثــر عمليــات التحريــر فضــا عــن تخيــب عشــرات الالاف مــن العراقييــن‬ ‫فـي السـجون او الاختفـاء‪ ،‬وربمـا يحتـاج العـراق الـى عدالـة انتقاليـة جديـدة لمعالجـة الاخطـاء‬ ‫وانتهـاكات حقـوق الانسـان التـي ارتكبـت بعـد عـام ‪ 2003‬وربمـا تكـون اشـد وطئـة واكثـر عمقـا‬ ‫مـن الانتهـاكات قبـل عـام ‪ ،2003‬لاسـيما بعـد ان سـيطر تنظيـم داعـش علـى محافظـات عـدة ومـا‬ ‫ارتكبـه مـن جرائـم وحشـية بحـق الكثيـر مـن العراقييـن‪ ،‬فضـا عـن الدمـار والانتهـاكات التـي‬ ‫تعـرض لهـا المواطـن العراقـي فـي عمليـة محاربـة داعـش او بعـد القضـاء عليـة‪ ،‬فمـا زال الاف‬

‫‪174‬‬ ‫العراقييــن فــي النــزوح‪ ،‬وهنــاك الاف المعتقليــن دون محاكمــات او حتــى المغيبيــن فضــا عــن‬ ‫التدميـر الـذي لحـق محافظـات عـدة ومـن ابرزهـا الموصـل‪.‬‬ ‫الاستنتاجات‪.‬‬ ‫يتضــح مــن خــال دراســى العدالــة الانتقاليــة فــي العــراق وانعكاســاتها علــى الاســتقرار‬ ‫السياســي مــا ياتــي‪:‬‬ ‫ ‪ -1‬ان العـراق قـد تعـرض مواطنـوه الـى انتهـاكات جسـيمة لحقـوق الانسـان‪ ،‬اسـتمرت‬ ‫لسـنوات طويلـة‪ ،‬و اصـاب الضـرر مختلـف جوانـب الحيـاة الاقتصاديـة والاجتماعيـة والسياسـية‪.‬‬ ‫ ‪ -2‬اتبـع العـراق بعـد عـام ‪ 2003‬اليـات ووسـائل كثيـرة لمعالجـة هـذه الانتهـاكات‪ ،‬تتوافـق‬ ‫مـع المعاييـر الدوليـة التـي تسـتطيع مـن خلالهـا ان تعالـج المشـاكل التـي تعرضـت لهـا جـراء‬ ‫السياسـات السـابقة‪.‬‬ ‫ ‪ -3‬ان العــراق نجــح الــى حــد مــا فــي تحديــد المشــكلة التــي يعانــي منهــا‪ ،‬والخطــوات‬ ‫المطلوبــه لمعالجــة هــذه المشــكلة‪ ،‬بيــد ان معالجاتــه كانــت خاطئــة‬ ‫ ‪ -4‬ان نجــاح العدالــة الانتقاليــة يعكــس الارادة الحقيقيــة للمســؤولين فيهــا لايجــاد حــل‬ ‫للمشـاكل التـي تعـرض لهـا المواطنيـن فيهـا‪ ،‬بينمـا غابـت هـذه الارادة عـن التجربـة الانتقاليـة فـي‬ ‫العــراق لاعتبــارات كثيــرة ‪.‬‬ ‫ ‪ -5‬ان طريقــة الانتقــال الديمقراطــي فــي العــراق‪ ،‬اثــرت علــى تطبيــق اليــات العدالــة‬ ‫الانتقاليـة‪ ،‬اذ تمـت بـأرادة خارجيـة وان تصميـم وتوجيـه اليـات العدالـة الانتقاليـة كانـت بتخطيـط‬ ‫خارجــي وتنفيــذ داخلــي ‪.‬‬ ‫ ‪ -6‬ان الاليـات التـي اتبعهـا الحكومـات العراقيـة بعـد عـام ‪ 2003‬لا تنسـجم مـع تحققيـق‬

‫‪175‬‬ ‫عدالـة انتقاليـة حقيقيـة داخـل كل المجتمـع العراقـي‪ ،‬اذ طبقـت اليـات العدالـة بانتقائيـة واضحـة‬ ‫لاسـيما فيمـا يتعلـق بسياسـة اجتثـاث البعـث‪ ،‬فلـم تطبـق فـي اقليـم كوردسـتان العـراق الخـاص‬ ‫بالاكــراد وتــم اعفــاء المتعاونييــن والبعثييــن الســابقين بقــرار مــن حكومــة الاقليــم‪ ،‬فضــا عــن‬ ‫اسـتخدام صلاحيـة رئيـس الـوراء المخولـة لـه بموجـب قانـون المسـائلة والعدالـة لاعفـاء الكثيـر‬ ‫مـن القـادة العسـكريين والسياسـيين البعثيـن مـن الشـيعة‪ ،‬وطبـق قانـون الاجتثـاث بصرامـة مفرطـة‬ ‫ضـد السـنة وحرمـان الكثيـر منهـم حتـى مـن رواتـب تقاعديـة‬ ‫ ‪ -7‬ان تطبيـق العدالـة الانتقاليـة فـي العـراق قـد تـم فـي ظـروف واوضـاع غيـر مناسـبة‬ ‫لتطبيقهـا فقـد كان الاحتـال الامريكـي هـو صاحـب القـرار‪ ،‬فضـا عـن ظاهـرة عـدم الثقـة بيـن‬ ‫النخـب السياسـية الممثلـة للمكونـات الاجتماعيـة العراقيـة‪ ،‬فضـا عـن طغيـان الخـوف وعـدم الثقـة‬ ‫مـن اسـتمرار النظـام الجديـد وعـدم توافـق العراقييـن عليـه‪.‬‬ ‫ ‪ -8‬اخيـر ان اسـتمرار النحـب السياسـية فـي العـراق بهـذا الاسـلوب سـوف لـن يقـود الـى‬ ‫الاسـتقرار السياسـي فـي البلـد وسـوف يسـتمر العـراق بحاجـة لعدالـة انتقاليـة لـكل مرحلـة تمـر‬ ‫مـن مراحلـة السياسـية‪ ،.‬وعلـى النخـب العراقيـة ان تعيـد النظـر باليـات العدالـة الانتقاليـة نصوصـاً‬ ‫وتطبيقـات‪.‬‬ ‫المصادر‬ ‫اولا‪ :‬القران الكريم‬ ‫ثانيا ‪:‬الدساتير‬ ‫ ‪ -1‬الدستور العراقي لعام ‪1970‬‬ ‫ ‪ -2‬الدستور العراقي لعام ‪2005‬‬

‫‪176‬‬ ‫ثالثا‪ :‬الكتب‬ ‫ ‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪1980 ،‬‬ ‫ ‪ -2‬اريك ستوفر واخرون‪ ،‬العدالة المؤجلة‪ ،‬المركز الدولي للعدالة الانتقالية‪2008 ، ،‬‬ ‫ ‪ -3‬احمـد زاهـد عبــاس‪ ،‬انتهـاكات الحقـوق المدنيـة والسياسـية فـي ظـل النظــام البائـد‪،‬‬ ‫الجــزء الاول‪ ،‬وزارة حقــوق الانســان‪ ،‬العــراق‪ ، ،‬بغــداد‪2013 ،‬‬ ‫ ‪ -4‬اثيـر ادريـس عبـد الزهـرة‪ ،‬مسـتقبل التجربـة الدسـتورية فـي العـراق‪ ،‬دار البصائـر‪،‬‬ ‫بيــروت‪2011 ،‬‬ ‫ ‪ -5‬باقـر ياسـين‪ ،‬قـول مـا لا يقـال عـن المعارضـة العراقيـة‪ ،‬الطبعـة الاولـى‪ ،‬دار الكنـوز‬ ‫الادبيـة‪ ،‬بيـروت‪2001 ،‬‬ ‫ ‪ -6‬بـول بريمـر‪ ،‬عـام قضيتـه فـي العـراق‪ ،‬ترجمـة علـى الايوبـي‪ ،‬دار الكتـاب العربـي‪،‬‬ ‫بيــروت‪2006 ،‬‬ ‫ ‪ -7‬بـول ريكـور‪ ،‬الانتقـاد والاعتقـاد‪ ،‬ترجمـة حسـن عمرانـي‪ ،‬دار توبقـال للنشـر‪ ،‬الـدار‬ ‫البيضــاء‪2011 ،‬‬ ‫ ‪ -8‬جوزيـف س نـاي القـوة الناعمـة وسـيلة النجـاح فـي السياسـة الدوليـة‪ ،‬ترجمـة محمـد‬ ‫توفيــق‪ ،‬مكتبــة العبيــكان‪ ،‬الســعودية‪،2004 ،‬‬ ‫ ‪ -9‬خالــد ناصــر ونيفيــن محمــد توفيــق‪ ،‬دراســة عــن العدالــة الانتقاليــة‪ ،‬مركــز وحــدة‬ ‫الدراســات والبحــوث البرلمانيــة والاكاديميــة‪ ،‬القاهــرة‪،2012 ،‬‬ ‫ ‪ -10‬صموائيـل هنتنغتـون‪ ،‬الموجــه الثالثــة ‪:‬التحــول الديمقراطــي فــي القــرن العشــرين‪،‬‬

‫‪177‬‬ ‫ترجمــة عبــد الوهــاب علــوب‪ ،‬دار ســعاد الصبــاح‪ ،‬القاهــرة‪1993 ،‬‬ ‫‪ -12‬عبـد الحسـين شـعبان‪ ،‬العدالـة الانتقاليـة ‪:‬مقاربـات عربيـة للتجربـة الدوليـة فـي مجموعـة‬ ‫مؤلفيـن‪ ،‬الطائفيـة والتسـامح والعدالـة الانتقاليـة مـن الفتنـة الـى دولـة القانـون‪ ،‬مركـز د ارسـات الوحـدة‬ ‫العربيـة‪ ،‬بيـروت‪2013 ،‬‬ ‫‪ -13‬علـي شـم ارن‪ ،‬صـ ارع الاضداد‪:‬المعارضـة الع ارقيـة بعـد حـرب الخليـج‪ ،‬الطبـع الأولـى‪ ،‬دار‬ ‫الحكمـة‪ ،‬لنـدن‪- 2003 ،‬‬ ‫‪ -14‬عزيـز قـادر الصمانجـي‪ ،‬قطـار المعارضـة الع ارقيـة مـن بيـروت ‪ 1991‬إلـى بغـداد ‪،2003‬‬ ‫الطبعـة الأولـى‪ ،‬دار الحكمـة‪ ،‬لنـدن‪،2009 ،‬‬ ‫‪ -15‬عبـد الجبـار احمـد‪ ،‬واقـع ومسـتقبل الخيـار الديمق ارطـي والدسـتوري فـي العـ ارق ‪:‬فـي التحـولات‬ ‫الديمق ارطيـة فـي العـ ارق‪ :‬القيـود والفـرص‪ ،‬مركـز الخليـج للابحـاث‪ ،‬الامـا ارت العربيـة‪،2005 ،‬‬ ‫‪ -16‬عبـد الوهـاب رشـيد‪ ،‬التحـول الديمق ارطـي فـي العـ ارق‪ ،‬مركـز د ارسـات الوحـدة العربيـة‪،‬‬ ‫بيـروت‪2006 ،‬‬ ‫‪ -17‬غانـم جـواد‪ ،‬مشـروع التغييـر فـي العـ ارق‪ ،‬مجلـة الحقوقـي‪ ،‬جمعيـة الحقوقييـن الع ارقييـن‪،‬‬ ‫لنـدن‪ ،‬العـدد‪2002‬‬ ‫‪ -18‬كاظـم حبيـب‪ ،‬لمحـات مـن عـراق القـرن العشـرين‪:‬العراق فـي العهـد الجمهوريـدار‬ ‫اراس للطباعــة‪ ،‬اربيــل‪2013 ،‬‬ ‫‪ -19‬كاظـم هاشـم النعمـة‪ ،‬فـي السياسـة المقارنـة ‪:‬مداخـل نظريـة‪ ،‬تالـة للطباعةوالنشـر‪،‬‬ ‫طرابلــس‪1998 ،‬‬

‫‪178‬‬ ‫‪ -20‬محمـد علـي زينـي‪ ،‬الاقتصـاد العراقـي فـي ظـل نظـام صـدام حسـين‪ :‬تطـور او تقهقـر‪،‬‬ ‫دار الرافـد للنشـر‪ ،‬لنـدن‪،1995 ،‬‬ ‫‪ -21‬منـذر الفضـل‪ ،‬حـول مسـتقبل القضـي الكورديـة ومسـتقبل العـراق‪ ،‬ط‪ ،2‬دار اراس‪،‬‬ ‫اربيـل‪2004 ،‬‬ ‫ثالثا‪ :‬البحوث‬ ‫ ‪ -1‬حمـد الصالـح بـو عافيـة‪ ،‬الاسـتقرار السياسـي قـراءة فـي المفهـوم والغايـات‪ ،‬دفاتـر‬ ‫القانــون والسياســة‪ ،‬العــدد ‪ 16‬جامعــة كاصــد مربــاح ورقلــة‪ ،‬الجزائــر‪2016 ،‬‬ ‫ ‪ -2‬رشـيد عمـارة‪ ،‬النفـوذ الامريكـي فـي العراقـي‪ ،‬فـي مؤتمـر مسـتقبل النظـام السياسـي‬ ‫العراقـي‪ ،‬جامعـة جـه رمـوو السـليمانية ‪.2013‬‬ ‫‪ -3‬عزمـي بشـارة‪ ،‬نوعـان مـن مراحـل الانتقاليـة ومـا مـن نظريـة‪ ،‬المؤتمـر السـنوي الثالـث‬ ‫للعلـوم الاجتماعيـة والانسـانية‪ ،‬المركـز العربـي للابحـاث ودراسـة السياسـات‪ ،‬قطر‪2014 ،‬‬ ‫‪ -4‬رسـالة الملـك فيصـل بشـان الاصـول السياسـية والاجتماعية فـي العراق‪ ،‬بغـداد‪،1923 ،‬‬ ‫المنشـورة فـي الملـف العراقـي‪ ،‬اصـدر المركز العراقـي‪ ،‬العـددان ‪ ،145-144‬ايلول‪2005 ،‬‬ ‫‪ -5‬هيفـاء احمـد محمـد‪ ،‬المصالحـة الوطنيـة وافاقهـا فـي العـراق‪ ،‬مجلـة اوراق دوليـة‪ ،‬العـدد‬ ‫‪ ،180‬مركـز الدراسـات الدوليـة‪ ،‬جامعة لبغـداد‪.2009 ،‬‬ ‫رابعا‪ :‬الرسائل‪:‬‬ ‫ ‪ -‬مصطفــى عثمــان احمــد‪ ،‬اشــكالية ممارســة الســلطة فــي المراحــل الانتقاليــة ‪:‬دراســة‬ ‫مقارنــة بيــن العــراق وجنــوب افريقيــا‪ ،‬كليــة العلــوم السياســية‪ ،‬جامعــة الســليمانية‪2017 ،‬‬

179 :‫ القوانين‬:‫خامسا‬ 26 ‫ فـي‬4417‫ قانـون العفـو العـام الوقائـع العراقيـة رقـم‬2016 ‫ لعـام‬27 ‫ينظـر قانـون رقـم‬ 2016 ‫ايلـول‬ 2003 ‫ في‬48 ‫ينظر نص الامر الاداري المرقم‬ ‫المصادر الاجنبية‬ 1- Naomi Roht - Arriaza,the led scope of Transition justice ,in Naomi Roht – Arriaza and Javier , Mariezeurrena (eds) Transition jus- tice ,in the twenty-first century, beyond truth versus justice ,Cam- bridge university press,cambridg,2006, 2- louis Bickford, The Encyclopedia of Genocide and Crimes Against Humanity ,vol3,Macmillan Reference,usa,2004, ‫مصادر الانترنت‬ ‫ القضاء ومحاكمة اقطاب النظام البائد متاح على الصفحة الالكترونية‬،‫ زهير كاظم عبود‬-1 2019/1/15 ‫ تاريخ الزيارة‬www.iraqgatse.net/lawgate/indx.htm ‫ متـاح‬2019-3-3 ‫ تاريـخ الزيـارة‬،‫ المحكمـة الجنائيـة العاليـا تصـدق علـى حكـم الاعـدام‬-2 :‫علـى الرابـط الاتـي‬ http://www.ekurds.com/arabic/anfals7.htm

‫‪180‬‬ ‫‪ -3‬بـدء جلسـات محاكمـة المتهميـن بقمـع الانتفاضـة الشـعبانية‪ ،‬تاريـخ الزيـارة ‪32019-3‬‬ ‫متـاح علـى الرابـط الاتـي‪25832/http://burathanews.com/arabic/news :‬‬ ‫‪ -4‬الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث وقانون المسائلة والعدالة متاح على الرابط الاتي‬ ‫‪https://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/6310227e-0334-‬‬ ‫‪4f1c-9a86-616125d1e8fb‬‬ ‫‪ -5‬المادة الثانية‪:‬اولا من قانون المسائلة والعدالة المتاح على الرابط‬ ‫‪http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/21083.html‬‬ ‫‪ : -6‬انعقاد‪-‬مؤتمر‪-‬المصالحة‪-‬الوطنية‪-‬متاح على الرابط‪:‬‬ ‫‪https://www.alghadpress.com‬‬ ‫‪ -7‬طارق حرب‪ ،‬العدالة الانتقالية متاح على الرابط ااتي‬ ‫ص ‪ 3‬وما بعدها ‪www.iraqmimory .orq‬‬ ‫‪ -8‬اهم القوانين العراقية لعام ‪ 2006‬متاح على الرابط الاتي‪:‬‬ ‫‪http://www.niqash.org/ar/articles/society/176/‬‬ ‫‪ -9‬روافــد الطيــار‪ ،‬مســتحقات مخيــم رفحــاء متــاح علــى الرابــط الاتــي تاريــخ الزيــارة‬ ‫‪2019 -3-5‬‬ ‫‪http://fcdrs.com/humanrights/867‬‬ ‫‪ -10‬فــي ذكــرى المقابــر الجماعيــة ينظــر الرابــط الاتــي تاريــخ الزيــارة ‪:2019-3-5‬‬ ‫‪https://www.iraqcenter.net/vb/showthread.php?t=34123‬‬

‫‪181‬‬ ‫‪ -11‬ينظـر فـي ذلـك قاعـدة التشـريعات العراقيـة متـاح علـى الرابـط الاتـي تاريـخ الزيـارة‬ ‫‪2019-3-6‬‬ ‫‪http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/21120.html‬‬ ‫‪ -12‬نـص تقريـر بعثـة الاتحـاد الاوربـي حـول الانتخابـات العراقيـة لعـام ‪ ،2018‬تاريـخ‬ ‫الزيـارة ‪ 2019-3-7‬متـاح علـى الرابـط الاتـي‪:‬‬ ‫‪https://afaq.tv/static/uploads/1/pdf/155082023420c143ce3e6bd-‬‬ ‫‪e8336c001d3e583ac73--‬‬ ‫‪ -13‬حمــد جاســم محمــد‪ ،‬المصالحــة الوطنيــة فــي العــراق‪ ،‬تاريــخ الزيــارة ‪2019-3-8‬‬ ‫متـاح علـى الرابـط الاتـي‪:‬‬ ‫‪https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/2167‬‬ ‫‪ -14‬نص بيان هيومن راتس وتش متاح على الرابط الاتي‪:‬تاريخ الزيارة ‪2019-3-8‬‬ ‫‪https://www.hrw.org/ar/world-report/2018/country-chapters/313124‬‬ ‫‪-15‬الامن في العراق متاح على الرابط‬ ‫‪/http://aliraqnews.com‬‬ ‫‪ -16‬متاح على الرابط الاتي‪:‬تاريخ الزيارة ‪2019-3-8‬‬ ‫‪https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201812301037906539‬‬ ‫‪ -17‬العراق في تقرير الشفافية الدولية متاح على الرابط الاتي‬ ‫‪https://www.nasnews.com‬‬

‫‪182‬‬ ‫‪ -18‬عــد القضــاء العراقــي الدكــة العشــائرية ارهابــا يصــل الــى عقوبــة الاعــدام‪ ،‬تاريــخ‬ ‫الزيــارة ‪2019-3-7‬مزيــد ينظــر‬ ‫‪- https://www.mc-doualiya.com/articles/20181118‬الدكة‪-‬العش‬ ‫‪-19‬عاليـة بايزيـد اسـماعيل‪ ،‬مـدى اسـتقلال القضـاء العراقـي تسـاؤلات وحقـوق مشـروعة‪،‬‬ ‫متـاح علـى الرابـط الاتـي‪ :‬الزيـارة ‪2019-3-7‬‬ ‫‪http://almasalah.com/ar/news/5138‬‬ ‫‪ -20‬الامر الداري المرقم ‪ 48‬لسنة في ‪ 9‬كانون الاول ‪ 2003‬متاح على الرابط الاتي‬ ‫_‪https://govinfo.library.unt.edu/cpa iraq/arabic/regulations/20031210‬‬ ‫‪CPAORD48_IST_and_Appendix_A..Arabic_.pdf‬‬ ‫‪ -21‬بريمـر‪ ،‬العراقيـون يؤيـدون اجتثـاث البعـث لكـن بغـداد شـوهت اجراءاتـه‪ ،‬متـاح علـى‬ ‫الرابـط الاتـي‪:‬‬ ‫‪https://almadapaper.net/Details/139083‬‬ ‫‪ -22‬انظر نص القرار في الموقع الاتي‪:‬تاريخ الزيارة ‪3-8-2019‬‬ ‫‪http://www.parliament.iq/modules.php?name=News&file=arti-‬‬ ‫‪cle&sid=1307‬‬

‫‪183‬‬ ‫مقالات في القضايا السياسية والدولية‬

‫‪184‬‬ ‫الإصلاح يبدأ بإعادة فهم السياسة‬ ‫د‪ .‬إياد العنبر‬ ‫يصـف الدكتـور علـي الـوردي اهتمـام الشـعب العراقي بالسياسـة بـ»حـ ّدة الوعي السياسـي»‪،‬‬ ‫وفـي الصفحـات الأخيـرة مـن كتابـه «دراسـة فـي طبيعـة المجتمـع العراقـي»‪ ،‬يقـول‪« :‬لعلَّنـي لا‬ ‫أغالـي إن قلـت الشـعب العراقـي فـي مرحلتـه الراهنـة هـو مـن أكثـر شـعوب العالـم‪ ،‬إن لـم يكـن‬ ‫أكثرهـا‪ ،‬ولعـاً بالسياسـة وانهمـاكاً فيهـا‪ .‬فـك ّل فـرد فيـه تقريبـاً هـو رجل سياسـة مـن الطـراز الأول‪.‬‬ ‫فأنـت لا تـكاد تتحـدث إلـى بقـال أو عطـار حتـى تجـده يـزن لـك البضاعـة وهـو يحـاورك بالسياسـة‬ ‫أو يسـألك عنهـا‪ .‬وقـد يحمـل الحمـال لـك البضاعـة‪ ،‬فيحـاول فـي الطريـق أن يجـرك إلـى الحديـث‬ ‫فـي السياسـة‪ ،‬وهـو يزعـم أنـه لـو تسـلم مقاليـد الأمـور لأصلـح نظـام الحكـم بضربـة واحـدة”‪.‬‬ ‫قبـل سـبعين عامـا‪ ،‬كان ذلـك تشـخيص العَ ّلمـة الـوردي لتض ّخـم السياسـة فـي حيـاة المجتمـع‬ ‫العراقــي‪ ،‬ويمكــن وصــف هــذا الاهتمــام بالمفــرط (‪ ، )Overload‬الــذي بــات فــي أيامنــا هــذه‬ ‫أكثـر تضخمـاً وإفراطـاً؛ وذلـك مـا تعكسـه السـجالات السياسـية فـي منصـات وسـائل التواصـل‬ ‫الاجتماعـي والقنـوات الفضائيـة‪.‬‬ ‫المفارقـة هـي‪ ،‬أن مفهـوم السياسـة فـي الإدراك الشـعبي هـو مـن المفاهيـم الملتبسـة‪ ،‬وحتـى‬ ‫فـي دراسـاتنا الأكاديميـة لا تـزال تُعـ َّرف بمعـا ٍن بعيـدة عـن الممارسـة‪ ،‬التـي تتعلـق بمبـدأ الدولـة‬ ‫الحديثـة‪ .‬فالسياسـة فـي أدبيـات العلـوم السياسـية المعاصـرة‪ ،‬ترتبـط بمفهـوم المصلحـة‪ ،‬وعلـى‬ ‫أساسـها يؤسـس العمـل السياسـي مشـروعيته‪ .‬ومـن ثـم‪ ،‬يكـون مفهـوم الدولـة ووظيفتهـا فـي المقـام‬ ‫الأول‪ ،‬جهـاز لإدارة المصالـح العامـة‪.‬‬

‫‪185‬‬ ‫المـأزق الحقيقـي الـذي يواجـه مفهـوم السياسـة‪ ،‬هـو انعـدام مفهـوم المصلحـة العامـة فـي‬ ‫ثقافــة مجتمعنــا‪ ،‬أو أن دلالــة مفهــوم المصلحــة تؤشــر معنــى ســلبياً أو لا أخلاقيــا! وهنــا تكمــن‬ ‫إشـكالية سـوء الفهـم‪ ،‬التـي تنعكـس علـى ممارسـة العمـل السياسـي‪ .‬فـي حيـن تشـيرعملية الاقتـران‬ ‫بيــن السياســة والمصلحــة العامــة‪ ،‬إلــى أن المصلحــة المقصــودة هنــا كل مــا يجتمــع عليــه رأي‬ ‫المواطنيـن فـي المجتمـع مـن سـيادة حكـم القانـون‪ ،‬وحفـظ السـلم والأمـن‪ ،‬والرغبـة بالحيـاة الحـ ّرة‬ ‫والكريمـة‪ .‬وهـذه المحـددات هـي المعيـار‪ ،‬الـذي يؤسـس للسياسـة مشـروعيتها‪ ،‬وليـس المصلحـة‬ ‫الخاصـة لمـن يديـر الشـأن السياسـي‪.‬‬ ‫ولذلـك تكسـب السياسـةُ مشـروعيتَها ِمـن أدائهـا وظائـ َف تُحقـق المصلحـةَ العامـة‪ ،‬وهـذه هـي‬ ‫الغايـة الرئيسـة مـن التأكيـد علـى أحقيـة المجتمـع فـي إدارة الشـأن العـام‪ ،‬باعتبارهـا السـبيل إلـى‬ ‫تحقيـق المصلحـة العامـة التـي تجسـدها السياسـة‪ .‬وتكـون إدارة المصالـح المتعارضـة والمتناقضـة‬ ‫مـع المصالـح العامـة هـي مسـؤولية الدولـة‪ ،‬ولذلـك لا يمكـن أن نتحـدث عـن سياسـة بهـذا المفهـوم‬ ‫مالَـم تكـن لدينـا دولـة تحكمهـا المؤسسـات‪ ،‬وليـس توافقـات وصفقـات المافيـات التـي تعمـل بعناوين‬ ‫سيا سية ‪.‬‬ ‫فـي بلـد مثـل العـراق لـم يعـرف الاسـتقرار السياسـي فـي العهـد الملكـي‪ ،‬وتنـاوب علـى‬ ‫حكمـه العسـكر وحـزب شـمولي وزعيـم دكتاتـوري‪ ،‬تتحـول السياسـة فيـه إلـى فـن البقـاء بالسـلطة‬ ‫مـن خـال تصفيـة الخصـوم‪ ،‬وتحويـل الشـعب إلـى قطيـع يتغنـى بأمجـاد القائـد الملهـم‪ .‬وعندمـا‬ ‫ترسـخ السـلطةُ هـذا النمـط مـن التفكيـر‪ ،‬فبالتأكيـد لـن يتغيـر فهـم المجتمـع للسياسـة‪ ،‬وممارسـتها‬ ‫مـن خـال تغيّـر شـكل النظـام‪.‬‬ ‫وبالتحديــد هــذه هــي معضلــة العراقييــن‪ ،‬فبعــد ســبعة عشــر عامــاً علــى تغييــر النظــام‪،‬‬ ‫أثبـت الواقـع أن كل القـوى التـي كانـت تدعـي المعارضـة لنظـام صـدام والبعـث الشـمولي‪ ،‬لـم‬

‫‪186‬‬ ‫تعارضــه مــن مبــدأ معارضــة الفكــر والنظــام الدكتاتــوري‪ ،‬بــل عارضتــه‪ ،‬لأن الموضــوع هــو‬ ‫رغبـة الحصـول علـى السـلطة‪ ،‬وهـي اليـوم تسـتخدم أسـاليب تصفيـة الخصـوم السياسـيين‪ ،‬لكـن‬ ‫ليــس باســتخدام ســاح الدولــة‪ ،‬وإنمــا بســاح الجماعــات الموازيــة للدولــة‪.‬‬ ‫تحـدد منظومـة العمـل السياسـي فـي العـراق معيار ضعـف وقوة التأثيـر في القرار السياسـي‪،‬‬ ‫وفقـاً لحجـم جمهـور الأتبـاع والمريديـن لهذا الكيان أو ذاك‪ ،‬وحجم التمثيل في المؤسسـات الرسـمية‪،‬‬ ‫وقـوة السالح الـذي تملكـه تلـك الجماعـات التـي تسـمي نفسـها أحزابـاً سياسـية! ويغيـب تمامـاً عـن‬ ‫قاموسـها مفهـوم المصلحـة العامـة‪ ،‬التي تؤسـس مشـروعية العمل السياسـي‪.‬‬ ‫لا يمكــن للسياســة أن تجســد مفهــوم المصلحــة العامــة‪ ،‬إذا كان العمــل فيهــا وممارســتها‬ ‫يجــري علــى أســاس تقاســم الحكــم وغنائــم الدولــة بيــن عناويــن سياســية‪ ،‬تدعــي تمثيــاً طائفيــاً‬ ‫وقوميـاً‪ ،‬ويهميـن علـى المجـال العـام فيهـا جماعـات تملـك السـاح بطريقـة غيـر شـرعية‪ ،‬لأ َّن ذلـك‬ ‫سـيحول كل فعـل وممارسـة سياسـية لخدمـة مصلحـة مجموعـة معيّنـة‪ ،‬ولا يخـدم مصلحـةً عا ّمـة‪.‬‬ ‫ومـن ثـ َّم لا يسـتحق هـذا النظـام صفـة السياسـي؛ لأنـه يخـدم مصلحـة إقطاعيـات حزبيـة‬ ‫وقوميـة وعائليـة‪ ،‬وتقاسـم فيـه مؤسسـات الدولـة ومنافذهـا الاقتصاديـة‪ ،‬فـي ظـ ّل غيـاب مسـتمر‬ ‫للمحاسـبة والمسـاءلة‪ ،‬ليكـون فـي النهايـة نمـوذج للنظـام الكليبتوكراسـية ‪KLEPTOCRACY‬‬ ‫«حكـم اللصـوص»‪ .‬وهـو النظـام الـذي يسـمح بالفسـاد وسـرقة المـال العـام والخـاص مـن خـال‬ ‫اسـتغلال المناصـب الإداريـة والسياسـية‪ ،‬وهـو مـا وثقـه الصحفـي الأميركـي‪ ،‬روربـت روث‪ ،‬فـي‬ ‫تقريـر نشـرته صحيفـة نيويـورك تايمـز‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬أضحـى ك ُّل شـيء فـي مجتمعاتنـا يف ّسـر بأنـه سياسـي! بيـد أنـه بعيـد تمامـاً عـن العمـل‬ ‫السياســي المرتبــط بمفهــوم المصلحــة العامــة‪ .‬ومــن ثــ َّم‪ ،‬يبــدأ الإصــاح الحقيقــي مــن التثقيــف‬ ‫للسياسـة بمفهومهـا المرتبـط بالمصلحـة العامـة‪ ،‬وليـس مصلحـة الشـخصيات‪ ،‬ولا الجماعـات التـي‬

‫‪187‬‬ ‫تمارسـها عمليـاً بعناويـن التغالـب والغنيمـة‪.‬‬ ‫وبالتالـي‪ ،‬تكـون شـرعية السياسـة‪ -‬كمـا يحددهـا المفكـر المغربـي عبـد الإلـه بلقزيـز‪ -‬فيمـا‬ ‫تؤديـه مـن وظائـف؛ فهـي إذ تنصـرف إلـى خدمـة المشـترك الاجتماعـي العـام‪ ،‬وتحاسـب علـى‬ ‫مــا أ ّدتــهُ‪ ،‬أو لــم تُــؤ ّد ِه فــي هــذا البــاب‪ ،‬أي تُحاســب طبقــاً لمعيــار مطابقتهــا أو عــدم مطابقتهــا‬ ‫للمصلحــة العامــة‪ ،‬فإنهــا فــي النهايــة‪ ،‬تكليــف مجتمعــي بشــري‪ ،‬لا يطلــب مــن الموكليــن إليهــم‬ ‫أ ْمـ ُرهُ سـوى أدائـه علـى النحـو المرضـي‪ ،‬باحتـرام الأمانـة‪ ،‬التـي هـي تفويـض مـن المجتمـع‪،‬‬ ‫واحتـرام القوانيـن‪ ،‬التـي تمثّـل تعبيـراً عـن إرادة المواطنيـن‪ ،‬علـى النحـو الـذي يحصـل معـه حسـن‬ ‫الإنجـاز‪ ،‬أي تحقيـق التطابـق بيـن السياسـة وموضوعهـا (المصلحـة العامـة)‪.‬‬ ‫نشر المقال في الحرة‪ 25 ،‬آب ‪2020‬م‬

‫‪188‬‬ ‫أهمية الحوار بين القوميات الكبرى في الإقليم‬ ‫الأمير الحسن بن طلال‬ ‫التحديــات التــي يمــر بهــا الإقليــم اليــوم تؤكــد الحاجــة إلــى تعزيــز الحــوار بيــن مختلــف‬ ‫مكوناتـه القوميـة والدينيـة والمذهبيـة‪ ،‬مـن أجـل مواجهـة ظواهـر التعصـب الأعمـى وتداعياتهـا‬ ‫الإنســانية المريــرة‪.‬‬ ‫صراعات قوميّة حادة‬ ‫تســتند القوميــات الكبــرى فــي مشــرقنا إلــى أعمــدة أربعــة‪ :‬العــرب والفــرس والأتــراك‬ ‫والأكـراد‪ .‬وقـد أغنـى وجـود هـذا التعـدد القومـي وذلـك التنـوع الدينـي واللغـوي الحيـاة الاقتصاديـة‬ ‫والاجتماعيـة والثقافيـة فـي الإقليـم‪ .‬كانـت الهويـة العربيّـة منفتحـة علـى التعـ ّدد‪ ،‬ويمكـن القـول‬ ‫إن تاريخنـا العربـي الإسـامي يشـهد أ ّن جوهـر الهويـة العربيـة لا يتناقـض مـع التنـوع الدينـي‬ ‫والإثنـي والثقافـي‪ ،‬الـذي احتضنتـه أمتنـا منـذ قـرون‪.‬‬ ‫وإذ تتسـم المجتمعــات الإنسـانية بالتعدديـة الثقافيـة التـي تعكـس الهويـات الوطنيـة المتنوعـة‪،‬‬ ‫فــإن حضارتنــا الإســامية ضمــت تراثــا ثقافيــا عريقــا اســتند إلــى الحــوار بيــن أتبــاع الثقافــات‬ ‫والديانـات والإثنيـات‪ ،‬وإلـى قيـم العيـش المشـترك‪ .‬واليـوم هنالـك شـعور لـدى مختلـف المجتمعـات‬ ‫الإنســانية بوجــود أخطــار مشــتركة تتجــاوز حــدود الثقافــات والعقائــد الدينيــة والقوميــات مثــل‬ ‫تحديـات الفقـر والعنـف والميـاه والطاقـة والبيئـة‪.‬‬ ‫إن التحديـات التـي يمـر بهـا الإقليـم اليـوم تؤكـد الحاجـة إلـى تعزيـز الحـوار بيـن مختلـف‬ ‫مك ّوناتـه القوميـة والدينيـة والمذهبيـة مـن أجـل مواجهـة ظواهـر التعصـب الأعمــى وتداعياتهـا‬

‫‪189‬‬ ‫الإنسـانية المريـرة‪ .‬وعندمـا يضعـف الحـوار بيـن القوميـات الكبـرى فـي دول الإقليـم‪ ،‬يصعـب‬ ‫الحفـاظ علـى السـلم المجتمعـي والدولـي‪.‬‬ ‫لقـد أدت المتغيّـرات السياسـية والاجتماعيـة إلـى تحـ ّول العـرب فـي القـرن الماضـي مـن‬ ‫كونهـم قوميـة كبـرى إلـى ُدول قطريـة متنوعـة المك ّونـات‪ .‬ورافـق ذلـك ظهـور تحـدي الهويـات‬ ‫الإثنيـة داخـل حـدود تلـك الـدول‪ .‬وأصبحـت تسـعى جاهـدة لبنـاء هويـة عربيـة جامعـة تحتضـن‬ ‫التنـوع الدينـي والثقافـي والقومـي بشـكل عـادل‪.‬‬ ‫وفـي وجـود النسـيج المجتمعـي المتماسـك‪ ،‬تخبـو التوتـرات السياسـية والنزاعـات المسـلحة‪،‬‬ ‫وتعلــو نبــرة الحــوار بيــن أتبــاع الديانــات والثقافــات بمــا يحقــق الصالــح العــام‪ .‬ولا ريــب فــي‬ ‫أن ترســيخ خطــاب المواطنــة يعــزز الانســجام بيــن مكونــات المجتمعــات المتن ّوعــة‪ ،‬ويقــدم لهــا‬ ‫الضوابـط والضمانـات المطلوبـة التـي تصـون دعائـم الدولـة وتج ّسـد المصيـر المشـترك‪.‬‬ ‫إن القـدرة علـى الإدارة الحكيمـة للاختلاف ستسـهم في صياغـة العلاقات الحضارية بين بلدان‬ ‫المشـرق‪ ،‬التـي تملـك إطـارا متينـا للتعـاون والتلاقي‪ .‬لكن العائـق الأول الذي يحـول دون تحقيق هذا‬ ‫الطمـوح‪ ،‬يكمـن فـي الأنمـاط الفكرية المسـتندة إلى مبدأ الطوائـف أو المذاهب أو الإثنيات‪.‬‬ ‫ويمكـن للوعـي العـام بالهويـة المدنيـة‪ ،‬أن يقـ ّرب بيـن شـعوب المنطقـة‪ ،‬خاصـة عنـد ارتكازه‬ ‫علـى منظومـة قانونيـة تُعلّـي مـن كرامـة الإنسـان وتحتـرم حقوقـه وواجباتـه‪ .‬فهـل يمكـن أن نراهـن‬ ‫علـى بـروز عصـر عربـي جديـد تتمتـع داخلـه أطيـاف التنـوع بالعيـش المشـترك‪ ،‬وتعيـد تحقيـق‬ ‫التـوازن ورسـم الحـدود فـي مـا بينهـا مهمـا كلّـف الأمـر؟‬ ‫إن قـراءة المشـهد الراهـن تجعلنـا نتسـاءل‪ :‬هـل انتقلنـا مـن الحديـث عمـا يسـمى بصـدام‬ ‫الحضـارات إلـى صـراع القوميّـات؟ وهـل يمكـن لمـا تتعـرض لـه القوميـة العربيـة فـي المنطقـة‬

‫‪190‬‬ ‫مـن تحديـات مصيريـة أن يرفـع وتيـرة ذلـك الصـراع؟‬ ‫وفـي هـذا الإطـار‪ ،‬نأمـل ألا تـؤدي العمليـات العسـكرية التـي تشـهدها الآن الغوطـة الشـرقية‬ ‫بدمشـق وعفريـن فـي شـمال غربـي سـوريا إلـى المزيـد مـن التـردي فـي الوضـع الإنسـان ّي هنـاك‪،‬‬ ‫أو تف ّجـر صراعـات قوميّـة حـادة تسـهم فـي زعزعـة الاسـتقرار وتهديـد وحـدة أراضـي سـوريا‬ ‫الحبيبـة‪ .‬يجـب ألا يكـون الحفـاظ علـى مصالـح القوميـات الكبـرى فـي الإقليـم سـببا فـي المزيـد مـن‬ ‫التشـرذم والانقسـام والمعانـاة الإنسـانية‪.‬‬ ‫لقـد شـكلت النهضـة العربيـة فـي بدايـات القـرن الماضـي فرصـة ثمينـة لتحقيـق التحـ ّول‬ ‫المنشـود‪ ،‬لكنّهـا لـم تحقـق النتائـج المرجـوة لأسـباب قـد تضيـق الصـدور والسـطور عـن ذكرهـا‪.‬‬ ‫يمكـن للوعـي العـام بالهويـة المدنيـة أن يقـ ّرب بيـن شـعوب المنطقـة‪ ،‬خاصـة عنـد ارتـكازه‬ ‫علـى منظومـة قانونيـة تُعلّـي مـن كرامـة الإنسـان وتحتـرم حقوقـه وواجباتـه‬ ‫وفـي بدايـات القـرن الماضـي وتحـت لـواء النهضـة العربيـة المباركـة‪ ،‬التـي حمـل جـدي‬ ‫الشـريف الحسـين بـن علـي‪ ،‬طيّـب الله ثـراه‪ ،‬فيهـا مطالـب هـذه الأمـة‪ ،‬انطلقـت ثـورة العـرب‬ ‫الوطنييــن القومييــن فــي ســبيل التحــرر والنهــوض والوحــدة العربيــة‪ .‬فانبثقــت الــروح العربيــة‬ ‫الجديـدة‪ ،‬حيـث كانـت الوطنيّـة انتمـاء للأصـول التـي تو ّحـد ولا تفـ ّرق‪ ،‬وتحتـرم الآخـر وتؤ ّكـد‬ ‫التنـ ّوع‪.‬‬ ‫وقـد تـرك الأميـر فيصـل الأول – طيّـب الله ثـراه‪ -‬بصمـة ناصعـة فـي تحقيـق مبـادئ هـذه‬ ‫النهضــة وأهدافهــا وقيمهــا التــي تطالــب بتحــرر العــرب مــن الظلــم والطغيــان‪ ،‬وتحقيــق ســيادة‬ ‫القانـون والعـدل والمسـاواة‪ .‬وتج ّسـد ذلـك فـي صياغـة مـا ُعـرف بدسـتور ‪ ،1925‬ومـن بنـوده‬ ‫“لا فـرق بيـن العراقييـن فـي الحقـوق أمـام القانـون‪ ،‬وإ ْن اختلفـوا فـي القوميّـة والديـن واللغـة”؛‬

‫‪191‬‬ ‫والعراقيــون متســاوون فــي التمتــع بالحقــوق المدنيّــة والسياســية‪ ،‬وفيمــا عليهــم مــن الواجبــات‬ ‫والتكاليـف العامـة‪ ،‬لا تمييـز بينهـم فـي ذلـك بسـبب الأصـل أو اللغـة أو الديـن؛ وإليهـم وحدهـم‬ ‫يُعهـد بالوظائـف العامـة أمدنيـة كانـت أم عسـكرية”‪.‬‬ ‫ولطالمـا دعـوت إلـى ضـرورة اسـتكمال مسـارات النهضـة العربيـة التـي حصلـ ْت فـي القرن‬ ‫التاسـع عشـر وأوائـل القـرن الماضـي‪ .‬إن تواصـل الجهـود التنويريـة يؤسـس لنهضـة فكريـة تغنـي‬ ‫المشـهد الثقافـي العربـي‪ ،‬وتفسـح المجـال أمــام تعميـق مفاهيـم الحــوار بيـن أتبـاع الثقافـات‪ ،‬بـدلا‬ ‫مـن الصـراع الـذي يـؤدي إلـى زعزعـة اسـتقرار العالـم ويهـ ّدد الأمـن والسـام الدولييـن‪ .‬وتكمـن‬ ‫نقطـة البدايـة فـي عمليـة النهـوض فـي المجتمـع المدنـي ذاتـه؛ فـي عمليـة بنائـه وتطــويره‪ .‬فحيـن‬ ‫يسـتقيم المجتمـع بمؤسسـاته وآلياتـه‪ ،‬تنتظـم كل جوانـب حياتنـا السياسـية والفكريـة والاجتماعيـة‪،‬‬ ‫بمـا يحقـق السـلم المجتمعـي والوحـدة الوطنيـة‪.‬‬ ‫إن التاريـخ والموقـع الجيوسـتراتيجي والجيوسياسـي للمشـرق يشـكلان النقطـة التـي تربـط‬ ‫بيــن أطــراف الكــون وتشــبّك بينهــا‪ .‬وممــا يثيــر الأســى‪ ،‬أن يصبــح المحتــوى الدينــي والثقافــي‬ ‫لمشـرقنا مدعـاة لتأجيـج الصراعـات فيـه وعليـه؛ فـي تناقـض صـارخ مـع كونـه مهـ ًدا للحضـارات‬ ‫ومهب ًطـا للديانـات السـماوية الثـاث‪ .‬وعنـد الحديـث عـن التنـ ّوع الدينـي والتع ّدديـة الثقافيـة فـي‬ ‫مشــرقنا‪ ،‬أســتذكر مــا ورد فــي خطــا ٍب للشــريف الحســين بــن علــي فــي الوفــد الســوري ال ُمقيــم‬ ‫بمكـة‪ ،‬عندمـا دخـل الأميـر فيصـل بـن الحسـين دمشـق ورفـع العلـم العربـي‪ ،‬قـال “أؤ ّكـد لكـم يـا‬ ‫أبنائـي بأنّـه لا فـ ْرق عنـدي بيـن أحـد مـن بنـي قومـي مهمـا اختلفـت أوطانهـم‪ ،‬فهـم جميعـا فـي‬ ‫نظـري بمنزلـة الأشـخاص المقيميـن معـي فـي هـذا المنـزل وتحـت هـذا السـقف‪ ..‬وإنـي إذا ذكـرت‬ ‫أبنـاء سـوريا‪ ،‬فـا أُفـ ّرق بيـن أحـد منهـم بمذهـب أو غيـره بـل كلّكـم فـي نظـري سـواء”‪.‬‬

‫‪192‬‬ ‫وأعـاد مقولتـه المشـهورة عليهـم “ولطالمـا قلـت إن العـرب عـرب قبـل أ ْن يكونـوا مسـلمين‬ ‫أو مسـيحيين أو موسـويين”‪ .‬وهـي كلمـات صادقـة تنـ ّم عـن وعـي عميـق وانتمـاء وطنـي للأصـول‬ ‫التـي تو ّحـد ولا تفـ ّرق‪ ،‬وتحتـرم الآخـر وتؤ ّكـد التنـ ّوع‪.‬‬ ‫إن الحــوار حــول القوميــات الكبــرى فــي الإقليــم يرافقــه التأكيــد علــى مركزيــة القضيــة‬ ‫الفلسـطينية بالنسـبة للشـعوب العربيـة والإسـامية‪ .‬ففـي ضـوء التطـورات الأخيـرة فـي الصـراع‬ ‫الفلسـطيني – الإسـرائيلي‪ ،‬يجـب التشـديد علـى دور الحاضنـة العربيـة فـي إنهـاء حالـة الجمـود‬ ‫فـي العمليـة السـلمية‪ ،‬واسـتئناف المفاوضـات بيـن الفلسـطينيين والإسـرائيليين علـى أسـاس حـل‬ ‫الدولتيـن‪ ،‬وبمـا يحقـق الحـل العـادل والشـامل للقضيـة الفلسـطينية‪.‬‬ ‫تمثّـل الثقافـة منطلقـا للحـوار مـن أجـل تعميـق التقـارب بيـن الشـعوب العربيـة والقوميـات‬ ‫المتعّـددة التـي تنتمـي إلـى المجتمعـات العربيـة‪.‬‬ ‫فالحـوار التفاعلـي يضمـن الحفـاظ علـى التمايـز‪ .‬كذلـك‪ ،‬فـإ ّن العمـل علـى تحقيـق التقـارب‬ ‫بيـن القوميـات الكبـرى فـي الإقليـم‪ ،‬لا يقـل أهميـة عـن بنـاء التحالفـات الدوليـة‪ .‬كمـا يصـب فـي‬ ‫مصلحـة شـعوبها التـي اشـتركت علـى مـ ّر العصـور فـي قيمهـا الروحيـة وتراثهـا الثقافـي‪ ،‬ويعـزز‬ ‫الأمـل بالمسـتقبل والمصيـر المشـترك‪.‬‬ ‫الخميس ‪ 22‬شباط‪2018 ،‬‬

‫‪193‬‬ ‫مقاربات حول مفهوم الدولة الوطنية‬ ‫د‪ .‬يوسف مكي‬ ‫معضـات كثيـرة واجههـا الفكـر العربـي‪ ،‬غـداة اضطلاعـه بمقارعـة الهيمنـة العثمانيـة‪ ،‬ومـا‬ ‫أعقبهـا مـن نتائـج تمخضـت عـن هزيمـة الأتـراك‪ ،‬فـي الحـرب الكونيـة الأولـى‪ .‬وقـد حكمـت تلـك‬ ‫النتائـج‪ ،‬الموقـف مـن الدولـة الوطنيـة العربيـة‪ ،‬وأدت إلـى وجـود مقاربـات عربيـة عـدة حولهـا‪.‬‬ ‫ولعـل المعضلـة البنيويـة‪ ،‬هـي مـن أكثـر المشـاكل إلحاحـا وقـوة‪ .‬وقـد تناولناهـا فـي أحاديـث‬ ‫ســابقة عــدة‪ .‬وســوف نركــز علــى معضــات أخــرى‪ ،‬ذات علاقــة باختــاف التأثيــر لمشــروع‬ ‫الهيمنـة العثمانـي‪ ،‬علـى الوطـن العربـي‪ ،‬مـن بلـد إلـى آخـر‪ .‬وأيضـا اختـاف طبيعـة المواجهـة‬ ‫للاسـتعمار التقليـدي الغربـي‪ ،‬بيـن مشـرق الوطـن العربـي ومغربـه‪ .‬ومـا يهـم فـي هـذا الحديـث‪،‬‬ ‫هــو التأثيــرات اللاحقــة لهــذه المقاربــة‪ ،‬علــى مســار الحركــة القوميــة‪ ،‬وإعاقــة تطورهــا‪ ،‬فــي‬ ‫جناحـي الأمـة‪ ،‬وكيـف أسـهمت فـي ألا يتعـزز المشـروع القومـي‪ ،‬بشـكل متـوازن ومتكافـئ‪.‬‬ ‫إحـدى هـذه المعضـات‪ ،‬أن الهيمنـة التركيـة علـى المشـرق العربـي‪ ،‬كانـت مباشـرة‪ ،‬وأن‬ ‫بلدانـه لـم تنعـم فـي ظـل هـذه الهيمنـة‪ ،‬بـأي شـكل مـن أشـكال الاسـتقلال‪ .‬وعلـى العكـس مـن ذلـك‪،‬‬ ‫تمتعـت بلـدان المغـرب العربـي‪ ،‬بنـوع مـن الاسـتقلال الذاتـي‪ ،‬فـي ظـل تلـك الهيمنـة‪.‬‬ ‫المعضلـة الأخـرى‪ ،‬أن الدولـة الوطنيـة بالمغـرب العربي‪ ،‬هي من صنع التاريـخ‪ .‬وقد تكونت‬ ‫عبـر حقـب تاريخيـة‪ ،‬امتـد بعضهـا لآلاف السـنين‪ ،‬فـي حيـن أنهـا بالوطـن العربـي نتاج القسـمة بين‬ ‫المنتصريـن فـي الحـرب الكونيـة الأولـى‪ ،‬وخلافا لحقائـق الجغرافيا والتاريـخ‪ ،‬وإرادة أبنائها‪.‬‬ ‫كان لذلـك تأثيـره المباشـر‪ ،‬فـي مسـار الحركـة الوطنيـة اللاحق‪ ،‬في شـطري الوطـن العربي‪.‬‬ ‫ففـي المغـرب‪ ،‬هنـاك علاقـة تكامـل ووحـدة بيـن الفكـرة الوطنيـة وبيـن مناهضـة الاسـتعمار‪ .‬ولـم‬

‫‪194‬‬ ‫تكـن هنـاك تناقضـات لـدى القومييـن العـرب المغاربـة‪ ،‬بيـن الانتمـاء الوطنـي والانتمـاء القومـي‪،‬‬ ‫فالأولـى مقدمـة لازمـة لبلـوغ المسـتوى الأعلـى‪ ،‬المسـتوى القومـي المتجسـد فـي بلـوغ فكـرة الأمـة‬ ‫أوجهـا بتحقيـق الوحـدة العربيـة‪.‬‬ ‫الأمـر لـم يكـن كذلـك‪ ،‬فـي المشـرق العربـي‪ ،‬فنتائـج القسـمة التـي تمخضت عـن تنفيـذ اتفاقية‬ ‫سـايكس‪ -‬بيكـو‪ ،‬وتأسـيس الكيانـات الوطنيـة علـى المقاسـات التـي تضمنتهـا تلـك الاتفاقيـة‪ ،‬خلقـت‬ ‫حالـة مـن العـداء القومـي تجـاه تلـك الكيانـات‪ .‬وكان مـن نتائـج ذلـك‪ ،‬أن بـات العـداء العروبـي‬ ‫موجهـا للدولـة الوطنيـة‪ ،‬ولمـن رسـم حدودهـا وهويتهـا‪ .‬غـدت التجزئـة فـي أدبيـات النهضـة‪ ،‬سـببا‬ ‫لـكل الأمـراض التـي تحيـق بالواقـع العربـي‪ ،‬بمـا فـي ذلـك النزعـات الطائفيـة والقبليـة والعشـائرية‬ ‫والجهويـة‪ ...‬مـع أن مقـص التجزئـة لـم يشـمل‪ ،‬بشـكل واضـح سـوى المشـرق العربـي‪.‬‬ ‫ولذلـك نـرى أن فكـرة العروبـة‪ ،‬نمـت مغربيـا فـي ظـل تمـاه بيـن الوطنـي والقومـي‪ ،‬منطلقـة‬ ‫مـن الدولـة الوطنيـة إلـى الحالـة الأعلـى‪ .‬وبذلـك لـم يعـف المغاربـة أنفسـهم مـن معالجـة القضايـا‬ ‫المحليـة‪ .‬وكانـت النظـرة السـلبية للدولـة الوطنيـة ولا تـزال‪ ،‬مـن أهـم المعضـات التـي عانـي منهـا‬ ‫الفكـر العربـي‪ ،‬فـي الشـطر الشـرقي مـن الوطـن‪..‬‬ ‫معضلـة أخـرى‪ ،‬واجههـا الفكـر العربـي‪ ،‬هـي الافتـراق فـي النظـرة إلـى الأمـة بيـن مشـرق‬ ‫الوطـن العربـي ومغربـه‪ .‬وتعـود هـذه المعضلـة إلـى تنـوع طبيعـة المواجهـة التـي حكمـت مفهـوم‬ ‫الهويــة بالبلــدان العربيــة‪ .‬ففــي المشــرق‪ ،‬انبثقــت العربيــة‪ ،‬لغــة وثقافــة مــن هــذه البيئــة‪ ،‬حيــث‬ ‫سـبقت انفجـار حضـارة الإسـام بوقـت طويـل‪ .‬وقـد أدى بـروز الديـن الحنيـف‪ ،‬ونـزول القـرآن‬ ‫علـى العـرب وبلغتهـم‪ ،‬إلـى تعزيـز دور اللغـة العربيـة‪ .‬وببلـوغ الفتـح العربـي بـاد الشـام ومصـر‪،‬‬ ‫اعتنـق معظـم السـكان الديـن الجديـد‪ ،‬لكـن نسـبة كبيـرة منهـم أبقـت علـى دياناتهـا الأصليـة‪.‬‬

‫‪195‬‬ ‫فــي هــذا الواقــع‪ ،‬بقيــت العربيــة‪ ،‬عامــا توحيديــا‪ ،‬وتجســيدا للوحــدة الوطنيــة بالمشــرق‬ ‫العربـي‪ ،‬وبقـي هـذا الوضـع قائمـا‪ ،‬حتـى إبـان الحـروب الصليبيـة‪ ،‬وبعـد سـقوط الدولـة العثمانيـة‪،‬‬ ‫ومواجهـة العـرب للاسـتعمار الأوروبـي التقليـدي‪ .‬وكان رفـع المصرييـن لشـعار «يحيـا الهـال‬ ‫مـع الصليـب»‪ ،‬تجسـيدا عمليـا لبقـاء العربيـة‪ ،‬عامـا توحيديـا وطنيـا أصيـا لهـذا الشـعب‪.‬‬ ‫يضـاف إلـى ذلـك‪ ،‬أن تعـرض الثقافـة العربيـة‪ ،‬دون الديـن الإسـامي‪ ،‬فـي الجـزء المشـرقي‬ ‫مـن الأمـة‪ ،‬أثنـاء الهيمنـة العثمانيـة‪ ،‬للتخريـب والتدميـر‪ ،‬لـم يوجـه النضـال الوطنـي ضد المسـتعمر‬ ‫وجهـة دينيـة‪ .‬فكانـت النتيجـة اتحـاد المشـارقة بجميـع طوائفهـم ومعتقداتهـم الدينيـة فـي مواجهـة‬ ‫العثمانيين‪.‬‬ ‫فـي المغـرب العربـي‪ ،‬تداخلـت المعانـي القوميـة والدينيـة‪ ،‬فقـد تجسـدت المعانـاة‪ ،‬وبشـكل‬ ‫خـاص الجزائـر فـي خضوعهـا لاسـتعمار اسـتيطاني عسـكري مباشـر‪ ،‬قـل أن يوجـد لـه نظيـر فـي‬ ‫وحشـيته وشراسـته‪ .‬وقـد تعـرض لمقاومـات الشـعب وتخريـب ثقافتـه‪ ،‬وفـي المقدمـة منهـا معتقداتـه‬ ‫الدينيـة‪ ،‬فـكان أن تداخلـت المعانـي الدينيـة والوطنيـة‪ ،‬فـي الكفـاح مـن أجـل الاسـتقلال‪.‬‬ ‫هــذا الموقــف لــم يكــن وليــدا للتحــدي‪ ،‬وطبيعــة الاســتجابة لــه فحســب‪ ،‬بــل يجــد جــذوره‬ ‫التاريخيــة فــي الطريقــة التــي جــرى بهــا تعريــب بلــدان المغــرب العربــي‪ .‬ففــي حيــن اكتســبت‬ ‫بلـدان المشـرق‪ ،‬العربيـة لغـة لهـا قبـل الإسـام‪ ،‬فـإن انتشـار العربيـة فـي أقطـار المغـرب ارتبـط‬ ‫بالإسـام‪ ،‬الـذي جـرى اعتناقـه أولا‪ ،‬ثـم لحقـت ذلـك بعـد عقـود طويلـة عمليـة التعريـب‪.‬‬ ‫بمعنــى آخــر‪ ،‬العروبــة بالمغــرب العربــي‪ ،‬جــاءت ملحقــة بالإســام‪ ،‬الــذي احتــل مكانــة‬ ‫حيويـة فـي بنـاء التجربـة التاريخيـة المغاربيـة‪ ،‬وارتبطـت بـه ثقافـة المجتمـع وطقوسـه اليوميـة‪.‬‬ ‫وكانــت عمليــة الصهــر بالمجتمــع المغاربــي‪ ،‬إســامية بالدرجــة الأولــى‪ ،‬وعربيــة فــي مراحــل‬ ‫لاحقـة‪ .‬ونتيجـة لذلـك‪ ،‬لـم يـرق الشـعور بالعروبـة إلـى مصـاف الشـعور بالإسـام‪ .‬بـل نشـأ فـي‬

‫‪196‬‬ ‫الوعـي أنـه لا يمكـن إدراك العروبـة إلا مـن خـال الإسـام‪ ،‬وليـس بمعـزل عنـه‪.‬‬ ‫إلــى جانــب ذلــك‪ ،‬خلــق التنــوع القومــي بالمجتمــع المغاربــي‪ ،‬حاجــة ملحــة لأيديولوجيــا‬ ‫توحيديـة‪ ،‬تجمـع العـرب والأمازيـغ‪ .‬فحركـة التعريـب علـى الرغـم مـن نجاحهـا بشـكل واسـع‪،‬‬ ‫فـإن الازدواجيـة العرقيـة والثقافيـة اسـتمرت قائمـة فـي البـاد‪ .‬ونظـرا لغيـاب عناصـر التوحيـد‬ ‫الأخـرى‪ ،‬بقـي الإسـام وحـده القـادر علـى ردم الهـوة القائمـة بيـن المتكلميـن بالعربيـة والناطقيـن‬ ‫بالأمازيغيـة‪ ..‬لقـد أدى ذلـك إلـى إنشـاء علاقـة خاصـة بيـن الإسـام والعروبـة‪ ،‬اتسـمت بالتداخـل‬ ‫والتحـاور والتعايـش‪.‬‬ ‫هـذا التمايـز فـي الرؤيـة للعروبـة‪ ،‬بيـن المشـرق والمغـرب‪ ،‬إضافـة إلـى معضـات أخـرى‪،‬‬ ‫خلـق مقاربـات مختلفـة للموقـف مـن الدولـة الوطنيـة‪ ،‬ومـن مفهـوم الأمـة‪ .‬ولا يـزال الفكـر القومـي‬ ‫العربـي يعانـي منهـا‪ ،‬حتـى يومنـا هـذا‪.‬‬

‫‪197‬‬ ‫اختفاء العراق من أجندة بايدن خطأ كبير‬ ‫تقدم الانتخابات المقبلة فرصة لتغيير الوضع في العراق واحتواء إيران في هذه العملية‪.‬‬ ‫منى العريبي‪« /‬الفورين بولسي» ‪ 21‬يناير ‪2021‬‬ ‫يـوم الخميـس الماضـي‪ ،‬شـهدت بغـداد تفجيريـن انتحارييـن فـي سـوق مزدحمـة‪ ،‬نجـم عنـه‬ ‫مقتـل ‪ 32‬شـخصاً‪ ،‬وجـرح نحـو ‪ 100‬آخريـن‪ .‬وكان الهجـوم هـو الأكثـر دمويـة منـذ سـنوات عـدة‪.‬‬ ‫ويذكـر هـذا التفجيـر‪ ،‬الـذي وقـع بعـد يـوم واحـد مـن أداء الرئيـس جـو بايـدن اليميـن الدسـتورية‪،‬‬ ‫بـأن الأخطـار المحدقـة بالدولـة العراقيـة حقيقيـة‪ ،‬وأن وضـع هـذا البلـد لايـزال غيـر مسـتقر بطـرق‬ ‫عد ة ‪.‬‬ ‫ويلفـت هـذا الهجـوم الانتبـاه إلـى أن العـراق بحاجـة لأن يكـون علـى جـدول أعمـال إدارة‬ ‫بايــدن‪ ،‬علــى الرغــم مــن أنــه ليــس مــن الأولويــات لهــذه الإدارة علــى مــا يبــدو‪ .‬وبالنظــر إلــى‬ ‫التأثيـر الاسـتراتيجي للولايـات المتحـدة فـي سياسـة الشـرق الأوسـط‪ ،‬وآثـار نجـاح أو فشـل العـراق‬ ‫فـي موقـف الولايـات المتحـدة بالعالـم‪ ،‬فـإن الطريقـة التـي سـيتعامل بهـا بايـدن وفريقـه مـع العـراق‬ ‫سـتكون مركـز اهتمـام وثيـق فـي الشـرق الأوسـط والعالـم‪.‬‬ ‫فترة حرجة‬ ‫ويعيـش العـراق فتـرة حرجـة‪ ،‬فـي الوقـت الـذي يسـتعد فيـه للانتخابـات الوطنيـة فـي أكتوبـر‬ ‫المقبــل‪ ،‬والتــي يمكــن أن تســاعد الدولــة فــي الخــروج‪ ،‬أخيــراً‪ ،‬مــن قبضــة الفســاد‪ ،‬والأحــزاب‬ ‫الطائفيـة‪ ،‬أو تخسـر كل المكتسـبات التـي حققتهـا حتـى الآن‪.‬‬ ‫ويدخـل فريـق بايـدن إلـى البيـت الأبيـض بعـد ‪ 10‬سـنوات مـن «الربيـع العربـي»‪ ،‬الـذي لـم‬ ‫تحسـن واشـنطن التعامـل معـه‪ .‬ويوجـد فـي عـراق اليـوم حركـة وليـدة‪ ،‬لكنهـا مهمـة بيـن صفـوف‬

‫‪198‬‬ ‫الشـبان العراقييـن لرفـض الهويـة السياسـية المسـتندة إلـى الطائفيـة‪ ،‬والتـي تنطـوي علـى تاريـخ‬ ‫دمـوي‪ ،‬نتيجـة اسـتغلالها لتعميـق الانقسـام بيـن مكونـات الشـعب العراقـي الدينيـة والعرقيـة‪ .‬وإذا‬ ‫لجـأت الولايـات المتحـدة إلـى الاقتراحـات القديمـة‪ ،‬التـي تعمـق الانقسـامات الطائفيـة فـي العـراق‬ ‫كطريقـة لحكـم الدولـة‪ ،‬كمـا اقتـرح بايـدن فـي السـابق‪ ،‬فـإن الأسـوأ سـيقع فـي العـراق‪ .‬لذلـك يتعيـن‬ ‫علـى واشـنطن دعـم السـيادة‪ ،‬والاسـتقرار‪ ،‬والحكـم الرشـيد فـي العـراق‪.‬‬ ‫إرث العراق‬ ‫وكمـا هـي الحـال لـدى بايـدن‪ ،‬فـإن العديـد مـن المسـؤولين فـي الإدارة الجديـدة يمتلكـون‬ ‫إرثـاً فـي العـراق‪ ،‬فالرئيـس الجديـد زار العـراق مـرات عـدة‪ ،‬عندمـا كان عضـواً فـي الكونغـرس‬ ‫الأميركـي ونائـب الرئيـس‪.‬‬ ‫وعندمـا كان بايـدن رئيسـاً للجنـة العلاقـات الخارجيـة فـي الكونغـرس‪ ،‬لعـب دوراً مهمـاً فـي‬ ‫منـح الرئيـس جـورج بـوش الابـن التفويـض لغـزو العـراق عـام ‪ .2002‬وفـي عـام ‪ ،2006‬كتـب‬ ‫بايـدن مقالـة رأي فـي صحيفـة نيويـورك تايمـز‪ ،‬اقتـرح فيهـا تقسـيم العـراق إلـى مناطـق طائفيـة‪،‬‬ ‫وعرقيـة‪ .‬وعلـى الرغـم مـن أن مصـادر مقربـة مـن بايـدن قالـت إنـه تخلـى عـن هـذا الموقـف منـذ‬ ‫زمـن طويـل‪ ،‬فإنـه يتعيـن عليـه إلغـاؤه مباشـرة‪ .‬وعندمـا كان بايـدن نائبـاً للرئيـس كلفـه الرئيـس‬ ‫السـابق‪ ،‬بـاراك أوبامـا‪ ،‬بالإشـراف علـى ملـف العـراق‪ ،‬واعتبـر حينهـا علـى نطـاق واسـع أنـه‬ ‫صانــع الملــوك‪ ،‬عندمــا ألقــى بــكل ثقلــه خلــف رئيــس الحكومــة الســابق نــوري المالكــي‪ ،‬كــي‬ ‫يحكـم فتـرة ثانيـة عـام ‪ .2010‬لكـن فـي الوقـت ذاتـه‪ ،‬بذلـت إدارة أوبامـا كل مـا بوسـعها لتجاهـل‬ ‫تدخـات إيـران الهدامـة فـي العـراق‪.‬‬ ‫وبايــدن ليــس وحــده الــذي يملــك تاريخــاً مهمــاً فــي العــراق‪ ،‬والــذي ظــل مســكوتاً عنــه‬ ‫خـال فتـرة الحملـة الانتخابيـة‪ ،‬فقـد رشـح شـخصين‪ :‬الأول لويـد أوسـتن لـوزارة الدفـاع‪ ،‬والثانـي‬

‫‪199‬‬ ‫أنتونـي بلينكـن لـوزارة الخارجيـة‪ ،‬وكلاهمـا يعـرف العـراق جيـداً‪ .‬وخـدم أوسـتن كجنـرال فـي‬ ‫حـرب العـراق عـام ‪ ،2003‬ومـن ثـم أصبـح رئيـس القيـادة المركزيـة الأميركيـة‪ ،‬حيـث أشـرف‬ ‫علـى انسـحاب القـوات الأميركيـة مـن العـراق‪ ،‬ومـن ثـم عودتهـا مـن أجـل قتـال تنظيـم «داعـش»‬ ‫الإرهابــي‪ .‬وعــن طريــق تعييــن باربــرا ليــف فــي منصــب مديــر أول للشــرق الأوســط وشــمال‬ ‫إفريقيــا بمجلــس الأمــن القومــي‪ ،‬وبريــت ماكغــورك كمنســق للشــرق الأوســط وشــمال إفريقيــا‪،‬‬ ‫يكـون بايـدن قـد جلـب اثنيـن مـن الدبلوماسـيين المخضرميـن‪ ،‬إذ عمـا فـي العـراق إلـى قمـة صنـع‬ ‫القـرار فـي مجلـس الأمـن القومـي‪.‬‬ ‫جلب الخبرة إلى طاولة صنع القرار‬ ‫ويجلـب هـؤلاء المسـؤولون خبرتهـم وعلاقاتهـم الشـخصية فـي العـراق إلـى طاولـة صنـع‬ ‫القــرار‪ ،‬لكــن العــراق تغيــر بصــورة جذريــة منــذ أن كان يعمــل هــؤلاء فيــه‪ .‬ويعتبــر رئيــس‬ ‫الحكومـة الحالـي‪ ،‬مصطفـى الكاظمـي‪ ،‬أول رئيـس حكومـة غيـر إسـامي منـذ عـام ‪ .2005‬وهـو‬ ‫مـن أنصـار الحكـم المدنـي وغيـر الطائفـي فـي العـراق‪ .‬وكذلـك الرئيـس برهـم صالـح‪ ،‬فهـو مـن‬ ‫أنصـار الحكـم غيـر الطائفـي‪ ،‬وهـو سياسـي تقدمـي‪ ،‬ويجـب عـدم تضييـع الفرصـة للعمـل معهمـا‪.‬‬ ‫وثمـة فرصـة ضيقـة لكـن مهمـة‪ ،‬لتغييـر مسـار العـراق بصـورة جذريـة‪ ،‬لكـن ذلك لـن يكون‬ ‫سـهلاً‪ .‬وبالنظـر إلـى أن الانتخابـات سـتكون فـي أكتوبـر المقبـل فـإن فرصـة العمـل مـع الكاظمـي‬ ‫وصالـح محـدودة‪ ،‬تقـل عـن تسـعة أشـهر‪ .‬ومـع إجـراء الانتخابـات المقبلـة وتشـكيل الحكومـة‪،‬‬ ‫ســيبذل قــادة الميليشــيات الفاســدون‪ ،‬ووكلاء إيــران‪ ،‬كل طاقتهــم لإبعــاد الأحــزاب‪ ،‬والسياســيين‬ ‫العلمانييـن والتقدمييـن عـن السـلطة‪ .‬ولتجنـب حـدوث ذلـك‪ ،‬يتعيـن علـى الإدارة الأميركيـة الجديـدة‬ ‫أن تكـون لهـا ثـاث أولويـات فـي العـراق‪:‬‬ ‫أولاً‪ :‬يتعيـن علـى الولايـات المتحـدة ألا تسـمح للعناصـر المتطرفـة بالهجـوم علـى المصالـح‬

‫‪200‬‬ ‫الأميركيــة فــي الدولــة‪ ،‬والتــي لا تتضمــن أمــن الســفارة‪ ،‬والقواعــد العســكرية الأميركيــة فقــط‪،‬‬ ‫وإنمـا اسـتقرار العـراق بصـورة عامـة‪ ،‬بمـا فيـه حكومتـه‪ ،‬والبنـى التحتيـة والمنشـآت النفطيـة‪،‬‬ ‫والحــدود مــع دول الجــوار‪ ،‬خصوصــاً المملكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬والأردن والكويــت‪ .‬ويتعيــن‬ ‫علـى الولايـات المتحـدة دعـم الحكومـة الحاليـة‪ ،‬عـن طريـق تعزيـز قدرتهـا علـى توفيـر الأمـن‬ ‫والخدمـات الأساسـية للشـعب العراقـي‪ ،‬ودعـم الحكـم المدنـي والتقدمـي كـي يحصـل علـى مزيـد‬ ‫مـن الشـرعية‪.‬‬ ‫ثانيـاً‪ :‬ثمـة صـراع أفـكار و ُمثـل يـدور فـي الشـرق الوسـط‪ ،‬والولايـات المتحـدة جـزء مـن‬ ‫هـذا الصـراع‪ .‬فسـواء فـي لبنـان أو العـراق يرفـض الشـبان الطائفيـة والفسـاد والمحسـوبية‪ .‬ومضى‬ ‫‪ 30‬عامـاً علـى انتفاضـة ‪ ،1991‬عندمـا طالـب العراقيـون بالتغييـر فـي بلدهـم‪ .‬وعندمـا تـم قمـع‬ ‫هـذه الانتفاضـة إثـر حـرب عاصفـة الصحـراء‪ ،‬التـي قادتهـا الولايـات المتحـدة لإخـراج الجيـش‬ ‫العراقـي مـن الكويـت‪ ،‬وقفـت الولايـات المتحـدة متفرجـة علـى مقتـل الآلاف مـن العراقييـن‪ .‬وقبـل‬ ‫نحـو عـام‪ ،‬خـرج العراقيـون إلـى الشـوارع مطالبيـن بحيـاة أفضـل‪ .‬ويجـب علـى الولايـات المتحـدة‬ ‫ألا تقـف مكتوفـة الأيـدي مـرة أخـرى إزاء طموحـات العراقييـن‪ ،‬بـل يجـب عليهـا مسـاعدتهم لدعـم‬ ‫الحكـم المدنـي والتقدمـي‪.‬‬ ‫ثالثـاً‪ :‬يجـب علـى واشـنطن أن تواجـه سياسـة التوسـع الإيرانيـة فـي المنطقـة عـن طريـق‬ ‫مسـاعدة العـراق فـي الحصـول علـى سـيادته‪ ،‬وإبعـاد التدخـات الأجنبيـة فيـه‪ .‬وفـي الحقيقـة‪ ،‬إن‬ ‫ضمـان سـير العـراق بثبـات نحـو وضـع الدولـة المسـتقرة واللاعـب المحايـد والفعـال فـي المنطقـة‪،‬‬ ‫يمثـل فائـدة للمصالـح الأميركيـة‪ ،‬ومصـدراً للاسـتقرار فـي المنطقـة‪.‬‬ ‫والغريـب أنـه لا يأتـي ذكـر العـراق فـي واشـنطن‪ ،‬علـى الرغـم مـن أنـه يوجـد شـبه إجمـاع‬ ‫علـى أن إيـران سـتكون مـن ضمـن قضايـا السياسـة الخارجيـة لإدارة بايـدن‪ ،‬التـي سـتعمل علـى‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook