Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore دليل المسلم الميسر - المؤلف : فهد بن سالم باهمام

دليل المسلم الميسر - المؤلف : فهد بن سالم باهمام

Published by Ismail Rao, 2021-03-19 07:28:23

Description: وقد حرصنا في هذا الكتاب أن نعرض لجميع مهمات الإسلام من تصورات واعتقادات وشرائع وأخلاقيات بأسلوب ميسر واضح المقصود، محدد الإجراءات والخطوات.مع عدد من الصور التي تزيد الإدراك والتأمل في المعاني، ليكون مرجعا ودليلا تعليميا مشوقا للمسلمين باختلاف تخصصاتهم.
وستجد بعون الله أن الكتاب بين يديك يحرص على استلهام الأسلوب القرآني في ذكر أحكام الدين وشرائعه، فلم يركز على ما يجب فعله أو تركه فقط، ولكنه فوق ذلك يعرج على روح تلك العبادات ومقاصدها وآثارها. ويجيب عن أسئلة غاية في الأهمية لتعلم الدين، لا سيما في هذا العصر سريع التغيرات، مثل: لماذا؟ كيف؟ وماذا علي إن تغيرت الأحوال؟

Search

Read the Text Version

‫‪ 150‬زكاة المسلم‬ ‫الزكاة‬ ‫مقاصد الزكاة‬ ‫الزكاة واجب مالي فر�ضه الله على الأغنياء ليعطوا الفقراء والمحتاجين وغيرهم من الم�ستحقين‬ ‫ما يرفع معاناتهم ولا ي�ضر بالغني‪ ،‬ولها مقا�صد عظيمة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ 2‬أ�داء الزكاة يتحقق به مبد�أ الترابط‬ ‫‪ 1‬أ�ن حب المال غريزة إ�ن�سانية تحمل‬ ‫والألفة‪ ،‬ذلك ألن النف�س الب�شرية جبلت على‬ ‫ا إلن�سان على أ�ن يحر�ص كل الحر�ص على‬ ‫حب من �أح�سن إ�ليها‪ ،‬وبذلك يعي�ش �أفراد‬ ‫المحافظة والتم�سك به‪ ،‬ف أ�وجب ال�شرع �أداء‬ ‫المجتمع الم�سلم متحابين متما�سكين كالبنيان‬ ‫الزكاة تطهي ًرا للنف�س من رذيلة البخل والطمع‪،‬‬ ‫المر�صو�ص ي�شد بع�ضه بع�ضا‪ ،‬وتقل حوادث‬ ‫ومعالجة لحب الدنيا والتم�سك ب�أهدابها‪ ،‬قال‬ ‫الله تعالى‪ُ } :‬خ ْذ ِم ْن �َأ ْم َوا ِل ِه ْم َ�ص َد َق ًة ُت َط ِّه ُر ُه ْم‬ ‫ال�سرقة والنهب والاختلا�س‪.‬‬ ‫َو ُت َز ِّكي ِه ْم ِب َها{ (التوبة‪.)103 :‬‬ ‫جبلت النفو�س على محبة من �أح�سن إ�ليها‬

‫‪151‬‬ ‫‪ 3‬يتحقــــق بها معنى العبوديـة‬ ‫والخ�ضــوع المطلق والا�ست�سلام‬ ‫التام لله رب العالمين‪ ،‬عندما‬ ‫يخرج الغني زكاة ماله فهو مطبق‬ ‫ل�شرع الله‪ ،‬منفذ ألمره‪ ،‬وفي‬ ‫�إخراجها �شكر المنعم على تلك‬ ‫النعمــة‪َ  }،‬ل ِئ ْن �َش َك ْر ُت ْم َ أل ِزي َد َّن ُك ْم{‬ ‫( إ�براهيم‪.)7 :‬‬ ‫‪ 4‬يتحقـــق ب�أدائها مفهــوم ال�ضمــان لااجتماعــي‪ ،‬والتوازن الن�سبي بين فئات المجتمع‪ ،‬فب إ�خراجها‬ ‫�إلى م�ستحقيها لا تبقى الثروة المالية مكد�سة في �أيدي فئات مح�صورة من المجتمع ومحتكرة لديهم‪.‬‬ ‫يقول الله تعالى‪َ }:‬ك ْي َال َي ُكو َن ُدو َل ًة َب ْي َن ا ْ َأل ْغ ِن َيا ِء ِم ْن ُك ْم{ (الح�شر‪.)7 :‬‬

‫‪ 152‬زكاة المسلم‬ ‫ما الأموال التي تجب فيها الزكاة؟‬ ‫لا تجب الزكاة فيما يملكه الم�سلم للانتفاع بذاته كمنزله الذي ي�سكن فيه مهما غلا‬ ‫ثمنه‪،‬ولا في�سيارتهالتيي�ستخدمهاو�إنكانتفارهة‪،‬وهكذاملاب�سهو أ�كلهوم�شربه‪.‬‬ ‫و�إنما أ�وجب الله الزكاة في �أنواع من الأموال تت�صف ب�أنها لي�ست من حاجاته‬ ‫الم�ستخدمة‪ ،‬ومن طبيعتها النماء والزيادة كالتالي‪:‬‬ ‫‪ 1‬الذهب والفضة الذي لا يستخدم في اللباس والتحلي‪:‬‬ ‫ولا تجب الزكاة فيه �إلا �إذا بلغ المقدار ال�شرعي‬ ‫(الن�صاب) ومرت عليه �سنة قمرية كاملة ومقدارها ‪354‬‬ ‫يو ًما‪.‬‬ ‫ون�صاب الزكاة فيهما كالتالي‪:‬‬ ‫الذهب ‪ 85‬جرا ًما تقري ًبا‪ ،‬الف�ضة ‪ 595‬جرا ًما‪.‬‬ ‫ف إ�ذا كان في ملك الم�سلم هذا المقدار ومرت �سنة‬ ‫فيخرج زكاتها ‪.%2.5‬‬ ‫‪ 2‬الأموال والسيولة من العملات باختلاف أنواعها سواء كانت تحت يده أو‬ ‫أرصدة في البنوك‪:‬‬ ‫�إخراج زكاتها‪ :‬يح�سب ن�صاب الأموال والعملات بما يقابله من‬ ‫الذهب‪ ،‬ف إ�ن كان ي�ساوي ن�صاب الذهب أ�و أ�كثر منه‪ ،‬وهو ‪ 85‬جرام‬ ‫تقري ًبا في وقت وجوب الزكاة‪،‬ومر على المال �سنة قمرية وهو في ملكه‪،‬‬ ‫فيخرج منه ‪.%2،5‬‬ ‫مثال‪� :‬سعر الذهب متغير ولو افتر�ضنا �أن �سعر جرام الذهب حال‬ ‫وجوب الزكاة ي�ساوي (‪ )25‬دولا ًرا فيكون ن�صاب المال كالتالي‪:‬‬ ‫‪�( 25‬سعر جرام الذهب وهو متغير) × ‪( 85‬عدد الجرامات وهو ثابت) = ‪ 2125‬دولار هو ن�صاب المال‪.‬‬

‫‪153‬‬ ‫‪ 3‬عروض التجارة‪:‬‬ ‫والمراد بها‪ :‬كل ما أ�عد للتجارة من أ��صول كالعقار والمباني‬ ‫والعمارات‪� ،‬أو عرو�ض كالمواد الغذائية والا�ستهلاكية‪.‬‬ ‫كيفية إ�خراج زكاتها‪:‬يح�سب ال�شخ�ُص قيمة جميع ما‬ ‫اتخذه للتجارة �إذا مر عليه عام كامل‪ ،‬ويكون التقويم ب�سعر‬ ‫ال�سوق في ذلك اليوم الذي �أراد �أن يز ِّكي فيه‪ ،‬ف�إذا بلغ ذلك‬ ‫ن�صاب المال �أخرج عنه ربع الع�شر ‪.%2،5‬‬ ‫‪ 4‬الخارج من الأرض من الزروع والثمار والحبوب‪:‬‬ ‫َك�َس ْب ُت ْم‬ ‫َما‬ ‫َط ِّي َبا ِت‬ ‫ِم ْن‬ ‫أ�َ ْن ِف ُقوا‬ ‫�َأ ُّي َها ا َّل ِذي َن �آ َم ُنوا‬ ‫َو ِم َّقماالأ�َ ْاخل َرلهْج َتناعاَلل ُكىْ‪:‬م ِ}م َيَان‬ ‫‪.)267‬‬ ‫ا ْ َأل ْر�ض{ (البقرة‪:‬‬ ‫وتجب الزكاة في أ�نواع محددة من المزروعات ولي�س فيها كلها‪،‬‬ ‫ب�شرط أ�ن تبلغ قد ًرا محد ًدا �شر ًعا‪.‬‬ ‫ويفرق بين ما ي�سقى بالأمطار وا ألنهار وما ي�سقى بالم ؤ�ونة والعمل‬ ‫في مقدار الواجب من الزكاة مراعاة ألحوال النا�س‪.‬‬ ‫شروط وجوب زكاة الزروع والثمار‪:‬‬ ‫‪ .1‬أ�ن يبلغ الناتج ن�صا ًبا‪:‬‬ ‫وقد حدد النبي �صلى الله عليه و�سلم الن�صاب الذي تجب فيه‬ ‫الزكاة ولا تجب في أ�قل منه فقال‪\" :‬لي�س فيما دون خم�سة �أو�سق‬ ‫من التمر �صدقة\" (البخاري ‪ ،1447‬م�سلم ‪.)979‬‬ ‫وهو مقيا�س كيل ولكنه يقدر وز ًنا من القمح وا ألرز الثقيل مابين ‪ 600 -580‬كيلوجرام ‪ ،‬ولي�س في أ�قل من ذلك‬ ‫زكاة‪.‬‬ ‫‪ .2‬أ�ن تكون المزروعات من الأ�صناف التي تجب فيها الزكاة‪:‬‬ ‫ولا تجب الزكاة �إلا في المحا�صيل الزراعية التي يمكن ادخارها وتخزينها من غير أ�ن تف�سد كالقمح وال�شعير‬ ‫والزبيب والتمر وا ألرز والذرة‪� ،‬أما �أ�صناف الفواكه والخ�ضروات التي لا يمكن ادخارها فلا تجب فيها الزكاة‪،‬‬ ‫كالبطيخ والرمان والخ�س والبطاطا و نحو ذلك‪.‬‬ ‫‪ .3‬أ�ن يتم ح�صاده‪:‬‬ ‫فتجب الزكاة في الزروع والثمار إ�ذا ح�صدت وقطفت ‪ ،‬ولا تعلق بمرور ال�سنة ف إ�ذا كان المح�صول يجنى مرتين‬ ‫في ال�سنة‪ ،‬ف�إن الزكاة تجب في كل ح�صاد وهكذا‪ ،‬و�إذا زكاه ثم خزنه وادخره ل�سنوات فلا زكاة عليه فيه في تلك‬ ‫ال�سنوات‪.‬‬

‫‪ 154‬زكاة المسلم‬ ‫‪ 5‬الثروة الحيوانية ‪:‬‬ ‫المق�صود بالثروة الحيوانية ما ينتفع به الإن�سان من الأنعام‪ ،‬وهي خا�صة ‪ :‬با إلبل‪ ،‬والبقر‪ ،‬والغنم‪.‬‬ ‫وقد امتن الله بها على عباده بخلقه تلك الأنعام لي�أكل النا�س من لحمها ويلب�سوا من �صوفها وتحملهم وتحمل‬ ‫• َو َل ُك ْم ِفي َها‬ ‫ِفي َها ِد ْف ٌء َو َم َنا ِف ُع َو ِم ْن َها َت ْ�أ ُك ُلو َن‬ ‫َخ َل َق َها َل ُك ْم‬ ‫ُتا ِلر�يسُحفور َنو َاول ِاحريت َنح َتا�ْلس‪َ،‬ر ُفحقوا َنل ت•ع َاولَت ْىح‪ِ :‬م ُل}‪� ‬أََو ْثا ََْقلأاْنَل َعُكا َْمم‬ ‫أ�ثقالهم في‬ ‫َر َّب ُك ْم َل َر ُءو ٌف‬ ‫َت ُكو ُنوا َبا ِل ِغي ِه إ�ِ اَّل ِب�ِش ِّق ا ْلَأ ْن ُف� ِس ِ�إ َّن‬ ‫ِ�إ َلى َب َل ٍد َل ْم‬ ‫َج َما ٌل ِحي َن‬ ‫َر ِحي ٌم{ (النحل‪.)7-5 :‬‬ ‫الشروط العامة لزكاة الأنعام‪:‬‬ ‫‪� 1‬أن تبلغ الأنعام الن�صاب ال�شرعي؛ لأنها لا تجب �إلا على الأغنياء‪ ،‬و أ�ما من يملكون �أعدا ًدا‬ ‫ي�سيرة منها لحاجتهم فلا زكاة فيها؛ والن�صاب في ا إلبل خم�س‪ ،‬وفي الغنم �أربعون �شاة‪،‬‬ ‫وفي البقر ثلاثون بقرة‪ ،‬وما دون ذلك فلا زكاة فيه‪.‬‬ ‫‪ 2‬أ�ن يحول على الأنعام �سنة قمرية كاملة عند مالكها‪.‬‬ ‫‪ 3‬أ�ن تكون الأنعام �سائمة‪ ،‬وهي التي ترعى ا ألع�شاب ولا يتكلف لها �صاحبها م ؤ�ونة العلف‬ ‫�أكثر العام‪.‬‬ ‫‪ 4‬أ�لا تكون عاملة‪ ،‬وهي التي ي�ستخدمها �صاحبها في حرث الأر�ض‪ ،‬أ�و نقل المتاع‪� ،‬أو حمل‬ ‫الأثقال ولا زكاة فيها‪.‬‬ ‫�أوجب الله الزكاة في ا إلبل والبقر والغنم �إذا كانت ترعى الأع�شاب ولا يتكلف لها �صاحبها م�ؤونة‬

‫‪155‬‬ ‫كيفية زكاة الماشية‬ ‫أول ًا‪ :‬الإبل‪:‬‬ ‫وتجب في جميع أ�نواعها‪� ،‬سواء �أكانت ب�سنام واحد �أم ب�سنامين �إذا زاد عددها عن خم�سة كالتالي‪:‬‬ ‫الواجب‬ ‫العدد‬ ‫الواجب‬ ‫العدد‬ ‫من إ�لى‬ ‫من �إلى‬ ‫ناقة‬ ‫‪45 36‬‬ ‫�شاة‬ ‫‪95‬‬ ‫(تم لها �سنتان ودخلت في الثالثة)‬ ‫ناقة‬ ‫‪60 46‬‬ ‫�شاتان‬ ‫‪14 10‬‬ ‫(تم لها ثلاث �سنين ودخلت في الرابعة)‬ ‫ناقة‬ ‫‪75 61‬‬ ‫ثلاث �شياه‬ ‫‪19 15‬‬ ‫(تم لها أ�ربع �سنين ودخلت في الخام�سة)‬ ‫‪90 76‬‬ ‫‪24 20‬‬ ‫‪120 91‬‬ ‫�أربع �شياه‬ ‫‪35 25‬‬ ‫ناقتان‬ ‫ناقة‬ ‫(تم لهما �سنتان ودخلتا في الثالثة)‬ ‫(تم لها �سنة ودخلت في الثانية)‬ ‫ناقتان‬ ‫(تم لهما ثلاث �سنين ودخلتا في الرابعة)‬ ‫ف إ�ذا زادت عن مائة وع�شرين فالواجب في كل �أربعين من ا إلبل ناقة تم لها �سنتان ودخلت في الثالثة‪ ،‬وفي كل‬ ‫خم�سين من ا إلبل ناقة تم لها ثلاث �سنين ودخلت في الرابعة‪ .‬وهكذا مهما زادت‪.‬‬

‫‪ 156‬زكاة المسلم‬ ‫ثان ًيا‪ :‬البقر‪:‬‬ ‫وتجب في كل �أنواع البقر كالجوامي�س وغيرها إ�ذا زاد عددها عن ثلاثين كالتالي‪:‬‬ ‫الواجب‬ ‫العدد‬ ‫من �إلى‬ ‫عجل‬ ‫‪39 30‬‬ ‫(تم له �سنة كاملة)‬ ‫‪59 40‬‬ ‫‪69 60‬‬ ‫بقرة‬ ‫(تمت لها �سنتان كاملتان)‬ ‫ِعجلان‬ ‫(تم لكل واحد منهما �سنة كاملة)‬ ‫بقرة(تمت لها �سنتان كاملتان) ‪ +‬عجل (تم له �سنة كاملة)‬ ‫‪79 70‬‬ ‫�إذا بلغت ‪ 80‬فما فوق‪ ،‬ففي كل ‪ 30‬من البقر (عجل تم له �سنة‬ ‫‪... 80‬‬ ‫كاملة)‪ ،‬وفي كل �أربعين (بقرة تمت لها �سنتان كاملتان)‪.‬‬ ‫ثال ًثا‪ :‬الغنم‪:‬‬ ‫تجب الزكاة في الأغنام بكل �أنواعها من ال�ض�أن والمعز �إذا زاد عددها عن أ�ربعين كالتالي‪:‬‬ ‫الواجب‬ ‫العدد‬ ‫من �إلى‬ ‫‪� 120 40‬شاة‬ ‫‪� 200 121‬شاتان‬ ‫ثلاث �شياه‬ ‫‪399 201‬‬ ‫�إذا بلغت ‪ 400‬فالزكاة في كل مائة �شاة = �شاة واحدة‬ ‫‪000 400‬‬ ‫ففي ‪� 400‬شاة ‪� 4‬شياه‪ ،‬وفي ‪� 500‬شاة ‪� 5‬شياه وهكذا‬

‫‪157‬‬ ‫لمن تصرف الزكاة؟‬ ‫حدد ا إل�سلام الم�صارف التي ت�صرف فيها الزكاة‪ .‬ويجوز للم�سلم أ�ن ي�ضعها في �صنف واحد أ�و أ�كثر من هذه‬ ‫الأ�صناف‪ ،‬أ�و يعطيها للم�ؤ�س�سات والهيئات الخيرية التي تقوم بتوزيعها على م�ستحقيها من الم�سلمين‪ ،‬وا ألولى أ�ن‬ ‫توزع في داخل البلد‪.‬‬ ‫وأصناف المستحقين للزكاة كالتالي‪:‬‬ ‫‪ 1‬الفقراء والم�ساكين وهم من لا يجدون‬ ‫كفايتهم من الأمور ال�ضرورية والاحتياجات‬ ‫الأ�سا�سية‪.‬‬ ‫‪ 2‬من يعملون على جباية الزكاة وتوزيعها‪.‬‬ ‫‪ 3‬الرقيق الذي ي�شتري نف�سه من �سيده‬ ‫فيعان ويعطى من الزكاة ليكون ح ًرا‪.‬‬ ‫‪ 4‬من تحمل دي ًنا ولا ي�ستطيع �سداده �سواء‬ ‫كان الدين لم�صلحة عامة وعمل الخير للنا�س أ�و‬ ‫لم�صلحته الخا�صة‪.‬‬ ‫‪ 5‬المجاهدون في �سبيل الله‪ ،‬وهم الذين‬ ‫يقاتلون دفا ًعا عن دينهم و أ�وطانهم ويدخل فيه‬ ‫كل عمل فيه ن�شر للإ�سلام و إ�عزاز لكلمة الله‪.‬‬ ‫‪ 6‬الم ؤ�لفة قلوبهم‪ ،‬وهم الكفار الذين �أ�سلموا‬ ‫حدي ًثا أ�و من يرجى إ��سلامه من الكفار‪ ،‬وهذا‬ ‫ال�صنف لا يعطى من قبل الأفراد و�إنما هي‬ ‫وظيفة ولي �أمر الم�سلمين والم ؤ��س�سات الخيرية‬ ‫التي تق ّدر الم�صلحة في ذلك‪.‬‬ ‫الفقراء والم�ساكين �أول �صنف ذكرهم القر آ�ن‬ ‫‪ 7‬الم�سافر الغريب الذي انقطعت به ال�سبل‬ ‫من الم�ستحقين للزكاة‬ ‫واحتاج للمال حتى ولو كان يملك في بلده ما ًال‬ ‫كثي ًرا‪.‬‬ ‫قال الله تعالى مبي ًنا م�صارف الزكاة الواجبة‪� } :‬إ َّن َما ال َّ�ص َد َقا ُت ِل ْل ُف َق َرا ِء َوا ْل َم�َسا ِكي ِن َوا ْل َعا ِم ِلي َن َع َل ْي َها َوا ْل ُم َؤ� َّل َف ِة‬ ‫ُق ُلو ُب ُه ْم َو ِفي ال ِّر َقا ِب َوا ْل َغا ِر ِمي َن َو ِفي �َس ِبي ِل الل ِه َوا ْب ِن ال�َّس ِبي ِل{ (التوبة ‪.) 60 :‬‬

‫‪ 158‬حج المسلم‬

‫حج المسلم‬ ‫‪6‬‬ ‫الح��ج �إلى مك��ة ه��و الرك��ن الخام�س م��ن �أركان الإ�س�ل�ام‪،‬‬ ‫وه��و عبادة تجتم��ع فيها �أنواع العب��ادات البدنية والقلبية‬ ‫والمالي��ة‪ ،‬ويجب أ�دا ؤ�ه على القادر بدن ًيا ومال ًيا مرة واحدة‬ ‫في العم��ر‪ .‬ق��ال تعالى‪َ } :‬و لِه ِل َعلَ��ى ال َّنا� ِس ِح�� ُّج ا ْل َب ْي ِت َم ِن‬ ‫ا�ْس�� َت َطا َع إ�ليه �َس ِبيلاً َو َم ْن َك َف َر َف ِ�إ َّن الل َه َغ ِن ٌّي َع ِن ا ْل َعالمَِين{‬ ‫( آ�ل عمران‪.)97 :‬‬ ‫مقا�صد الحج‬ ‫ف�ضائل الحج‬ ‫ف�ضائل مكة‬ ‫زيارة المدينة النبوية‬ ‫�صفة الحج‬ ‫معنى الحج‬ ‫�أحوال الا�ستطاعة‬ ‫العمرة‬

‫‪ 160‬حج المسلم‬ ‫الحـــج‬ ‫فضائل مكة والمسجد الحرام‬ ‫يقع الم�سجد الحرام في مكة المكرمة غرب الجزيرة العربية‪،‬‬ ‫وله في ا إل�سلام ف�ضائل كثيرة منها‪:‬‬ ‫وقد ا�شترك ال ّنبي محمد �صلى الله عليه و�سلم مع‬ ‫‪ 1‬أ�ن فيه الكعبة الم�شرفة‪:‬‬ ‫قبائل مكة المكرمة في و�ضع الحجر الأ�سود في مكانه‬ ‫والكعبة هي بنا ٌء ُم َر َّب ٌع و ُم َك َّع ٌب تقري ًبا‪ ،‬وتقع في‬ ‫حينما أ�عادوا بناءها‪.‬‬ ‫و�سط الم�سجد الحرام بمكة المكرمة‪.‬‬ ‫وهي ال ِق ْب َل ُة التي يتو َّجه �إليها الم�سلمون حال‬ ‫‪ 2‬أ�نه أ�ول م�سجد على وجه الأر�ض‪:‬‬ ‫ولما �س�أل ال�صحابي الجليل �أبو ذر ر�ضي الله عنه‬ ‫ال�صلاة وغيرها من العبادات التي �أمر الله بها‪.‬‬ ‫ر�سو َل الله �صلى الله عليه و�سلم‪ :‬يا ر�سول الله أ�ي م�سجد‬ ‫و�ضع في الأر�ض أ�ول؟ قال‪\" :‬الم�سجد الحرام\" قال‪:‬‬ ‫وقد بناها �إبراهيم الخليل وابنه �إ�سماعيل عليهما‬ ‫قلت‪ :‬ثم �أي؟ قال‪\" :‬الم�سجد ا ألق�صى\" قلت‪ :‬كم كان‬ ‫ال�صلاة وال�سلام ب�أمر من الله َع َّز و َج َّل‪ ،‬ثم ُج ِّد َد‬ ‫بينهما؟ قال‪�\" :‬أربعون �سنة‪ ،‬ثم أ�ينما أ�دركتك ال�صلاة‬ ‫بعد ف َ�ص ِّله‪ ،‬ف�إن الف�ضل فيه\" (البخاري ‪ ،3186‬م�سلم ‪.)520‬‬ ‫بنا ؤ�ها مرا ًرا‪.‬‬ ‫قال الله َع َّز و َج ّل‪َ } :‬و�إِ ْذ َي ْر َف ُع �إِ ْب َرا ِهي ُم ا ْل َق َوا ِع َد‬ ‫ِم َن ا ْل َب ْي ِت َو�إِ�ْس َما ِعي ُل َر َّب َنا َت َق َّب ْل ِم َّنا إ�ِ َّن َك �أَن َت ال�َّس ِمي ُع‬ ‫ا ْل َع ِليم{ (البقرة‪.)127 :‬‬

‫‪161‬‬ ‫‪ 3‬م�ضاعفة أ�جر ال�صلوات فيه‪:‬‬ ‫فقد قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬صلاة‬ ‫في م�سجدي هذا ‪-‬يعني م�سجد المدينة‪ -‬أ�ف�ضل‬ ‫من أ�لف �صلاة فيما �سواه من الم�ساجد �إلا الم�سجد‬ ‫الحرام‪ ،‬و�صلاة في الم�سجد الحرام �أف�ضل من أ�لف‬ ‫�صلاة فيما �سواه\" (ابن ماجه ‪ ،1406‬أ�حمد ‪.)14694‬‬ ‫‪ 4‬أ�نها حرم الله ور�سوله‪:‬‬ ‫أَ�َرُك َّوب َن َهِمِذَِهن‬ ‫�ُأ�َشِم ْْير ٍءُت َو أ�ُأ�َ ِمْن ْر �أَُتْع ُأ�َب َْدن‬ ‫} إِ� َّن َما‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال الله‬ ‫َو َل ُه ُك ُّل‬ ‫َح َّر َم َها‬ ‫ا ْل َب ْل َد ِة ا َّل ِذي‬ ‫ا ْل ُم�ْس ِل ِمين{ (النمل‪.)91 :‬‬ ‫فمكة حرمها الله على خلقه أ�ن ي�سفكوا فيها د ًما‪ ،‬أ�و‬ ‫يظلموا فيها �أح ًدا‪ ،‬أ�و ي�صاد �صيدها‪� ،‬أو يقطع �شيء من‬ ‫�أ�شجارها وح�شائ�شها‪.‬‬ ‫قال �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬إ�ن مكة حرمها الله‪،‬‬ ‫ولم يحرمها النا�س‪ ،‬فلا يحل لامرئ ي ؤ�من بالله واليوم‬ ‫ا آلخر �أن ي�سفك فيها دما‪ ،‬ولا يع�ضد فيها �شجرة\"‬ ‫(البخاري ‪ ،104‬م�سلم ‪.)1354‬‬ ‫‪ 6‬أ�ن الله فر�ض الحج لبيته الحرام لمن ا�ستطاع‬ ‫‪� 5‬أنها �أحب البلاد إ�لى الله و�إلى ر�سوله محمد‬ ‫إ�ليه �سبيلا‪:‬‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫فقد نادى إ�براهيم عليه ال�سلام النا� َس ب أ�ن يحجوا‪،‬‬ ‫قال �أحد ال�صحابة‪ :‬ر�أيت ر�سول الله �صلى الله عليه‬ ‫فتوافد النا�س عليه من كل مكان‪ ،‬وحج �إليه الأنبياء‬ ‫و�سلم وهو على راحلته واق ًفا بالحزورة (وهو حي بمكة)‬ ‫عليهم ال�سلام‪ ،‬كما �أخبر بذلك الر�سول �صلى الله‬ ‫يقول‪\" :‬والله �إنك لخير �أر�ض الله و أ�حب أ�ر�ض الله �إلى‬ ‫لإبراهيم‪:‬‬ ‫�أمره‬ ‫ع}ل‪ ‬يَوهَ�أ ِّذو ْ�نسلِفمي‪،‬الق َّانال�ِاسل ِلبها ْلت َعحاِّجل َيى�أْ ُ�إتوخ َبكا ًِررا َجاع ًالن‬ ‫الله‪ ،‬ولولا أ�ني �أُخ ِرجت منك ما خرجت\" (الترمذي ‪،3925‬‬ ‫ُك ِّل َ�ضا ِم ٍر‬ ‫َو َع َلى‬ ‫َي ْ�أ ِتي َن ِم ْن ُك ِّل َف ٍّج َع ِميق{ (الحج‪.)27 :‬‬ ‫الن�سائي في الكبرى ‪.)4252‬‬

‫‪ 162‬حج المسلم‬ ‫معنى الحج‬ ‫والحج هو ق�صد بيت الله الحرام لأداء المنا�سك‪ ،‬وهي أ�فعال‬ ‫و�أقوال جاءت عن النبي �صلى الله عليه و�سلم‪ ،‬كا إلحرام والطواف‬ ‫بالبيت الحرام �سبع مرات وال�سعي �سبعا بين جبلي ال ّ�صفا والمروة‬ ‫والوقوف في عرفة ورمي الجمرات بمنى وغير ذلك‪.‬‬ ‫وفيه منافع عظيمة للعباد من �إعلان التوحيد لله‪ ،‬والمغفرة‬ ‫العظيمة التي تح�صل للحجاج‪ ،‬والتعارف بين الم�سلمين‪ ،‬وتع ّلم‬ ‫أ�حكام ال ّدين‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫وقت الحج‪:‬‬ ‫ترتكز �أعمال الحج بين اليوم الثامن والثالث ع�شر من �شهر‬ ‫ذي الحجة‪ ،‬وهو ال�شهر الثاني ع�شر من ا أل�شهر القمرية في التقويم الإ�سلامي‪.‬‬ ‫على من يجب الحج؟‬ ‫ي�شترط لوجوب الحج أ�ن يكون الم�سلم المكلف م�ستطي ًعا (ومعنى المكلف ‪ -‬كما �سبق ‪ -‬العاقل البالغ)‪.‬‬ ‫ومعنى الا�ستطاعة‪:‬‬ ‫إ�مكان الو�صول �إلى البيت الحرام بالطرق ال�صحيحة والقانونية‪ ،‬و�أداء منا�سك الحج بلا م�شقة عظيمة‬ ‫زائدة على م�شقة ال�سفر العادية‪ ،‬مع ا ألمن على النف�س والمال‪ ،‬و أ�ن يكون ما يحتاجه لحجه من النفقة زائ ًدا عن‬ ‫حوائجه ا أل�صلية ونفقات من يلزمه نفقتهم‪.‬‬ ‫أحوال استطاعة المسلم للحج‬ ‫‪� 1‬أن ي�ستطيع الحج بنف�سه‪ ،‬بمعنى أ�ن يكون قاد ًرا على الو�صول إ�لى البيت بنف�سه دون م�شقة زائدة على‬ ‫المعتاد‪ ،‬ولديه المال الكافي لذلك‪ ،‬فيجب عليه أ�داء فري�ضة الحج بنف�سه‪.‬‬ ‫‪� 2‬أن ي�ستطيع بغيره لا بنف�سه‪ ،‬وهو من لا يقدر الحج بنف�سه لمر�ض وكبر‪ ،‬ولكنه يجد من يحج عنه‪،‬‬ ‫وي�ستطيع بذل المال له ليحج عنه‪ ،‬فيلزمه �أن يبذل المال لمن يحج عنه‪.‬‬ ‫‪ 3‬من لا ي�ستطيع الحج بنف�سه ولا بغيره فهذا لا يجب عليه الحج ما دام غير م�ستطيع‪ .‬مثل من لي�س‬ ‫لديه المال الزائد عن احتياجاته ونفقته على أ�هله الذي يكفيه لأداء الحج‪ ،‬ولا يلزمه أ�ن يجمع المال‬ ‫لي�ستطيع الحج‪ ،‬ولكن متى ما ح�صلت الا�ستطاعة وجب الحج‪.‬‬

‫‪163‬‬ ‫اشتراط المحرم لحج المرأة‬ ‫ي�شترط لوجوب الحج على المر أ�ة وجود ال َم ْح َرم‪ ،‬فلا يجب الحج على المر أ�ة إ�لا إ�ن كان مراف ًقا لها في الحج‬ ‫�أحد محارمها‪ ،‬وهم‪ :‬زوجها �أو من يحرم زواجه منها دائ ًما كالأب والجد والابن وابن الابن وا إلخوة و�أبنائهم والعم‬ ‫والخال‪( .‬انظر �ص‪)244‬‬ ‫ف�إن حجت المر أ�ة بدون محرم بطريقة ت أ�من فيها على نف�سها �صح حجها و�أجز�أها ذلك‪.‬‬ ‫هل لديك المال الكافي والقدرة البدنية على الحج ؟‬ ‫فضائل الحج‬ ‫لا نعم‬ ‫ورد في الحج الكثير من الف�ضائل والخيرات‪،‬‬ ‫يجب عليك الحج بنف�سك‪.‬‬ ‫ومن ذلك‪:‬‬ ‫هل لديك المال الكافي ولكنك لا تملك القدرة البدنية‬ ‫‪� 1‬أنه من أ�ف�ضل ا ألعمال‪ ،‬لما �ُسئل النبي �صلى‬ ‫على الحج ب�سبب مر�ضك الذي لا يتوقع �شفا�ؤه‬ ‫الله عليه و�سلم‪� :‬أي الأعمال أ�ف�ضل؟ قال‪�\" :‬إيمان‬ ‫أ�و كبر �سنك؟‬ ‫بالله ور�سوله\" قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪\" :‬جهاد في‬ ‫لا نعم‬ ‫�سبيل الله\"‪ .‬قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪\" :‬حج مبرور\"‬ ‫يجب عليك �أن تبذل المال‬ ‫(البخاري ‪ ،1447‬م�سلم ‪.)83‬‬ ‫لمن يحج عنك‪.‬‬ ‫‪ 2‬مو�سم عظيم للمغفرة‪ ،‬قال �صلى الله عليه‬ ‫و�سلم‪\" :‬من حج فلم يرفث‪ ،‬ولم يف�سق‪ ،‬رجع‬ ‫�إذا كنت لا تملك المال الكافي للحج الزائد عن حاجاتك‬ ‫كيوم ولدته أ�مه\" (البخاري ‪ ،1449‬م�سلم ‪ ،)1350‬أ�ي‬ ‫وحاجات من تلزمك نفقتهم فلا يجب عليك الحج ولا‬ ‫رجع خال ًيا من الذنوب ك أ�نه ولد لتوه‪.‬‬ ‫يلزمك �أن تجمع المال لت ؤ�دي الحج‪.‬‬ ‫‪ 3‬فر�صة كبيرة للعتق من النار‪ ،‬قال الر�سول �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم‪\" :‬ما من يوم �أكثر من أ�ن يعتق الله‬ ‫فيه عب ًدا من النار من يوم عرفة\" (م�سلم ‪.)1348‬‬ ‫‪ 4‬أ�ن جزاءه الجنة‪ ،‬قال �صلى الله عليه و�سلم‪:‬‬ ‫\"الحج المبرور لي�س له جزاء �إلا الجنة\" (البخاري‬ ‫‪ ،1683‬م�سلم ‪.)1349‬‬ ‫وهذه الف�ضائل وغيرها إ�نما تكون لمن �صدقت‬ ‫و�صلحت نيته‪ ،‬وطهرت �سريرته‪ ،‬و�صحت متابعته‬ ‫لر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬

‫‪ 164‬حج المسلم‬ ‫صفة الحج‬ ‫‪ 1‬يحرم الحاج يوم الثامن من ذي الحجة وهو بمكة فينوي الحج بقلبه‪� ،‬أي‪ :‬الدخول في عبادة الحج‪،‬‬ ‫ويقول بل�سانه‪\" :‬لبيك اللهم ح ًّجا\" ويلبي بعدها معلنا العبودية والت�سليم والا�ستجابة للخالق �سبحانه دون‬ ‫ما �سواه قائلاً ‪\" :‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك لا �شريك لك لبيك‪�،‬إن الحمد والنعمة لك والملك‪ ،‬لا �شريك لك\"‪.‬‬ ‫ويلب�س ثياب الإحرام ‪ ،‬ويمتنع عن المحظورات التي ُيمنع المحرم من فعلها حتى يحل وينتهي كما في ال�صفحة‬ ‫المقابلة‪.‬‬ ‫‪ 2‬وي�شرع له بعد أ�ن يحرم يوم الثامن من �شهر ذي الحجة أ�ن يذهب �إلى منى �ضح ًى‪ ،‬ويمكث ويبيت فيها‪،‬‬ ‫وي�صلي بها الظهر والع�صر والمغرب والع�شاء والفجر‪ ،‬كل �صلاة في وقتها بلا جمع مع ق�صر الرباعية إ�لى‬ ‫ركعتين‪.‬‬ ‫‪ 3‬في اليوم التا�سع من ذي الحجة يذهب �إلى عرفة بعد ال�شروق وي�صلي الظهر والع�صر جم ًعا وق�ص ًرا‬ ‫ب أ�ذان واحد و�إقامتين‪ ،‬ثم يلهج النا�س بالدعاء والانك�سار بين يدي الله‪ ،‬وهو �أعظم مواقف الحج حتى �أن‬ ‫ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم أ�خبر أ�ن الله يباهي ب�أهل عرفات ملائكته لماهم عليه من دعاء وت�ضرع‬ ‫و�إقبال على الله فيقول‪( :‬ه ؤ�لاء عبادي أ�توني �شع ًثا غب ًرا‪� ،‬أ�شهدكم �أني قد غفرت لهم) (�أحمد ‪.)7089‬‬

‫محظورات الإحرام‪:‬‬ ‫‪ 1‬حلق ال�شعر �أو تق�صيره ‪ ،‬ومثله ق�ص ا ألظافر ‪.‬‬ ‫‪ 2‬ا�ستعمال الطيب والعطور �سواء في‬ ‫ثوبه �أو بدنه ‪.‬‬ ‫‪ 3‬الجماع و إ�تيان الرجل لزوجته وكذلك‬ ‫اللم�س والمبا�شرة �إذا كانت ل�شهوة‪.‬‬ ‫‪ 4‬عقد النكاح �سواء كان المحرم رجلا أ�و‬ ‫امر�أة ‪.‬‬ ‫‪ 5‬يمنع المحرم من ال�صيد فلا يجوز له‬ ‫�صيد الطيور والحيوانات البرية‪.‬‬ ‫‪ 6‬من المحظورات الخا�صة بالرجال‪:‬‬ ‫ • لب�س ما يف�صل ا ألع�ضاء على البدن‬ ‫بحيث يكون لكل ع�ضو ما يحيط به‬ ‫ويف�صله‪ ،‬كالقمي�ص والثوب وال�سراويل والبنطال ونحو ذلك‪.‬‬ ‫ • تغطية الر�أ�س ب�شيء ملا�صق‪� ,‬أما ما يغطي الر�أ�س من �أ�سقف البنايات والمراكب والمظلات‬ ‫فلا ب�أ�س به‪.‬‬ ‫‪ 7‬ومن المحظورات الخا�صة بالمر أ�ة ‪:‬‬ ‫ • النقاب وتغطية الوجه والم�شروع أ�ن تك�شف وجهها إ�لا �إذا م ّر الرجال غير المحارم بها ‪،‬‬ ‫فيمكن لها أ�ن ت�ستر وجهها ولا ي�ضرها �إذا م�س وجهها هذا الغطاء‪.‬‬ ‫ • لب�س القفازين‪.‬‬ ‫ومن فعل �شي ًئا من هذه المحظورات نا�س ًيا �أو جاهلاً أ�و مكر ًها ‪ ،‬فلا �شيء عليه ‪ ،‬لقول الله تعالى‪:‬‬ ‫} َو َل ْي� َس َعلَ ْي ُك ْم ُج َنا ٌح ِفي َما �أَ ْخ َط أ�ْ ُت ْم ِب ِه َو َل ِك ْن َما َت َع َّم َد ْت ُق ُلو ُب ُك ْم{ (ا ألحزاب‪ ، )5 :‬ولكن �إذا تذكر أ�و علم‬ ‫وجب عليه التخلي عن المحظور فو ًرا‪.‬‬

‫‪ 166‬حج المسلم‬ ‫م�سجد الخيف ‪ ،‬وتظهر خيام الحجاج بمنى‪.‬‬ ‫‪ 4‬ين�صرف من عرفة بعد غروب ال�شم�س بهدوء إ�لى مزدلفة‪ ،‬في�صلي المغرب والع�شاء جم ًعا‪ ،‬ويبيت‬ ‫بمزدلفة وي�صلي بها الفجر‪ ،‬وي�سن له أ�ن يذكر الله ويدعوه حتى يظهر النور قبل ا إل�شراق‪ ،‬ويجوز الخروج‬ ‫من مزدلفة بعد منت�صف الليل للن�ساء وال�ضعفاء وكبار ال�سن ومن في رفقتهم‪.‬‬ ‫‪ 5‬ين�صرف من مزدلفة قبل ال�شروق �إلى منى وهذا يوم العيد‪ ،‬وي�شرع للحاج يوم العيد عدد من أ�فعال‬ ‫الحج‪:‬‬ ‫• �أن يرمي الجمرة الكبرى ب�سبع ح�صيات مكب ًرا مع كل ح�صاة‪ ،‬والجمار هي الموا�ضع التي تعر�ض فيها‬ ‫ال�شيطان ألبي الأنبياء إ�براهيم عليه ال�سلام فرماه إ�براهيم عليه ال�سلام ب�سبع ح�صيات‪ ،‬وقد �شرع الله‬ ‫لنا ذلك فنفعله تعب ًدا لله عز وجل وت�سلي ًما لما أ�مرنا به‪ ،‬واقتداء بر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم الذي‬ ‫فعلها‪ ،‬ولنعطي نفو�سنا دع ًما لمواجهة ال�شيطان والانحراف في نفو�سنا واختياراتنا‪.‬‬ ‫ • يذبح هديه بمنى �أو بمكة يوم العيد ويمتد الوقت ثلاثة �أيام بعده وي�أكل ويهدي ويت�صدق‪ ،‬ويجب الهدي‬ ‫على من أ�تى بعمرة أ�ثناء الحج أ�و قبله في أ��شهر الحج‪ ،‬ف إ�ن لم يمتلك ثمن الهدي �صام ثلاثة أ�يام في الحج‬ ‫و�سبعة إ�ذا رجع �إلى أ�هله‪ ،‬ويمكن للحاج �أن يو ِّكل جهة موثوقة بذبح هديه وتوزيعه للمحتاجين‪.‬‬ ‫• يحلق �شعره أ�و يق�صره وبهذا يتحلل التحلل الأول‪ ،‬فيجوز له كل �شيء حرم عليه بالإحرام �إلا زوجته‪.‬‬ ‫ • يتوجه �إلى مكة ليطوف طواف ا إلفا�ضة �سبع مرات حول الكعبة الم�شرفة‪ ،‬وهو أ�حد أ�ركان الحج‪ ،‬ثم‬ ‫ي�سعى بعده �سعي الحج‪ ،‬وبالطواف يكون قد تحلل من كل محظورات ا إلحرام فيحل له كل �شيء حرم عليه‬ ‫ب�سبب ا إلحرام حتى زوجته‪ ،‬ويمكن له ت�أخير الطواف عن يوم العيد �إذا �شق عليه‪.‬‬

‫‪167‬‬ ‫‪ 6‬ثم يرجع �إلى منى فيبيت بها ليلتين‬ ‫للمتعجل �أو ثلاث ليال للمت أ�خر ي�شرع له‬ ‫فيها كل يوم بعد زوال ال�شم�س �أن يرمي‬ ‫الجمرات الثلاث‪ :‬ال�صغرى (الأقرب إ�لى‬ ‫م�سجد الخيف) ثم الو�سطى ثم الكبرى‬ ‫(التي كان قد رماها يوم العيد)‪.‬‬ ‫‪ 7‬و�إذا أ�راد الخروج من مكة لزمه قبل‬ ‫�سفره أ�ن يطوف للوداع ليكون �آخر عهده‬ ‫بالبيت الطواف بالكعبة الم�شرفة‪.‬‬ ‫وي�سقط هذا الطواف عن المر�أة إ�ذا كانت‬ ‫حائ ً�ضا‪.‬‬ ‫العمرة‬ ‫وهي التعبد لله بالإحرام والطواف‬ ‫بالكعبة �سبع مرات وال�سعي بين ال�صفا‬ ‫والمروة �سبع مرات ثم الحلق �أو التق�صير‪.‬‬ ‫حكمها‪ :‬هي واجبة على الم�ستطيعين‬ ‫مرة في العمر‪ ،‬وي�ستحب تكرارها‪.‬‬ ‫وقتها‪ :‬يجوز �أدا�ؤها طوال العام‪ ،‬ولكنها‬ ‫في �شهر رم�ضان لها أ�جر م�ضاعف كما قال‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬عمرة في رم�ضان‬ ‫تق�ضي حجة معي\" (البخاري ‪.)1863‬‬

‫‪ 168‬حج المسلم‬ ‫مقاصد الحج‬ ‫للحج مقا�صـــد وغايات عظيمة في النفــ�س والمجتمــع‪ ،‬ولهذا قال تعالى بعد �أن ذكر ما يجب على الحاج من‬ ‫الهدي الذي يذبحه الحاج تقر ًبا إ�لى الله يوم النحر‪َ } :‬ل ْن َي َنا َل الل َه ُل ُحو ُم َها َو اَل ِد َما ُؤ� َها َو َل ِك ْن َي َنا ُل ُه ال َّت ْق َوى ِم ْن ُك ْم{‬ ‫(الحج‪ .)37 :‬قال �صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬إنما جعل الطواف بالبيت وبين ال�صفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر‬ ‫الله\" ( أ�بو داود ‪.)1888‬‬ ‫ومن هذه الغايات والمقا�صد‪:‬‬ ‫‪ 1‬إ�ظهار التذلل والخ�ضوع لله‪:‬‬ ‫وذلك لأن الحاج يرف�ض أ��سباب الترف والتزين‪ ،‬ويلب�س ثياب ا إلحرام مظه ًرا فقره لربه‪ ،‬ويتجرد عن الدنيا‬ ‫و�شواغلها التي ت�صرفه عن الخلو�ص لمولاه‪ ،‬فيتعر�ض بذلك لمغفرته ورحماه‪ ،‬ثم يقف في عرفة �ضار ًعا لربه حام ًدا‬ ‫�شاك ًرا نعماءه وف�ضله‪ ،‬وم�ستغف ًرا لذنوبه وعثراته‪.‬‬ ‫‪� 2‬شكر النعمة‪:‬‬ ‫يتمثل ال�شكر في �أداء فري�ضة الحج من جهتين‪� :‬شكر على نعمة المال‪ ،‬و�شكر على �سلامة البدن‪ ،‬وهما �أعظم ما‬ ‫يتمتع به الإن�سان من نعم الدنيا‪ ،‬ففي الحج �شكر هاتين النعمتين العظيمتين‪ ،‬حيث يجهد الم�سلم نف�سه وينفق ماله‬ ‫في طاعة ربه والتقرب إ�ليه �سبحانه‪ ،‬ولا �شك �أن �شكر النعمة واجب تقرره بداهة العقول وتفر�ضه �شريعة الدين‪.‬‬ ‫الحج رحلة إ�يمانية ُيظهر فيها العبد ت�ضرعه وافتقاره إ�لى الله ويحقق فيها معاني التقوى والعبودية‪ ،‬وتعلم أ�حكام‬ ‫الحج يجنب الم�سلم كثي ًرا من الم�شاق التي لم يكلفنا الله بها‪.‬‬

‫‪169‬‬ ‫‪ 3‬اجتماع الم�سلمين‪:‬‬ ‫يجتمع الم�سلمون من أ�قطار ا ألر�ض‬ ‫في الحج‪ ،‬فيتعرف بع�ضهم على بع�ض‪،‬‬ ‫وي�ألف بع�ضهم بع ً�ضا‪ ،‬هناك تذوب الفوارق‬ ‫بين النا�س‪ ،‬فوارق الغنى والفقر‪ ،‬فوارق‬ ‫الجن�س واللون‪ ،‬فوارق الل�سان واللغة‪ ،‬تتحد كلمة‬ ‫الم�سلمين في أ�عظم م�ؤتمر ب�شري اجتمعت كلمة‬ ‫أ��صحابه على البر والتقوى وعلى التوا�صي بالحق‬ ‫والتوا�صي بال�صبر‪ ،‬هدفه العظيم ربط �أ�سباب الحياة‬ ‫ب�أ�سباب ال�سماء‪.‬‬ ‫‪ 4‬تذكير باليوم ا آلخر‪:‬‬ ‫فالحج يذ ّكر الم�سلم بيوم اللقاء وذلك إ�ذا تجرد‬ ‫الحاج من ثيابه ولبى محر ًما ووقف ب�صعيد عرفات‬ ‫ور أ�ى كثرة النا�س ولبا�سهم واحد ي�شبه ا ألكفان‪ ،‬فهنا‬ ‫يجول بخاطره مواقف �سيتعر�ض لها الم�سلم بعد‬ ‫وفاته فيدعوه ذلك للا�ستعداد لها و�أخذ الزاد قبل‬ ‫لقاء الله‪.‬‬ ‫‪ 5‬إ�ظهار توحيد الله عز وجل‬ ‫و�إفراده بالعبادة بالقول والفعل‪:‬‬ ‫ف�شعار الحجاج هو التلبية (لبيك اللهم لبيك‪ ،‬لبيك لا �شريك لك لبيك‪ ،‬إ�ن الحمد والنعمة لك والملك‪ ،‬لا �شريك‬ ‫لك)‪ ،‬ولهذا قال �أحد ال�صحابة في و�صف تلبية النبي �صلى الله عليه و�سلم‪\":‬ف�أهل بالتوحيد\" (م�سلم ‪ ،)1218‬ويظهر‬ ‫التوحيد جل ًيا في كل �شعائر الحج و�أفعاله و�أقواله‪.‬‬

‫‪ 170‬حج المسلم‬ ‫زيارة المدينة النبوية‬ ‫لقد ع ُظم �شرف المدينة المنورة المباركة بهجرة النبي �صلى الله عليه و�سلم إ�ليها‪ ،‬حتى ف�ضلت‬ ‫على �سائر بقاع الأر�ض بعد مكة المكرمة وزيارتها م�شروعة في كل وقت ولي�ست مرتبطة بفري�ضة الحج‪ ،‬قال‬ ‫النبي �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬لا ت�شد الرحال إ�لا إ�لى ثلاثة م�ساجد‪ :‬الم�سجد الحرام‪ ،‬وم�سجدي هذا‪ ،‬والم�سجد‬ ‫الأق�صى\" (البخاري ‪ ،1139‬م�سلم ‪�،1397‬أبو داود ‪.)2033‬‬ ‫فضائل المدينة‬ ‫للمدينة ف�ضائل كثيرة منها‪:‬‬ ‫‪ 1‬وجود الم�سجد النبوي فيها‪:‬‬ ‫وقد كان أ�ول ما فعله النبي �صلى الله عليه و�سلم ل َّما قدم المدينة بناء الم�سجد النبوي ال�شريف الذي �صار‬ ‫مرك ًزا للعلم والدعوة ون�شر الخير بين النا�س‪ .‬وقال �صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬صلاة في م�سجدي هذا خير من‬ ‫أ�لف �صلاة فيما �سواه �إلا الم�سجد الحرام\" (البخاري ‪ ،1133‬م�سلم ‪.)1394‬‬ ‫‪� 2‬أنها حرم �آمن‪:‬‬ ‫فقد حرمها النبي �صلى الله عليه و�سلم بوحي من الله فلا يراق فيها دم‪ ،‬ولا يحمل فيها �سلاح‪ ،‬ولا يروع فيها‬ ‫أ�حد‪ ،‬ولا يقطع فيها �شجر وغير ذلك مما يدخل في تحريمها‪،‬قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬لا يختلى خلاها‪ ،‬ولا‬ ‫ينفر �صيدها‪ ،‬ولا تلتقط لقطتها �إلا لمن �أ�شار بها‪ ،‬ولا تقطع منها �شجرة إ�لا أ�ن يعلف رجل بعيره‪ ،‬ولا يحمل فيها‬ ‫ال�سلاح لقتال\" (البخاري ‪� ,1736‬أبو داود ‪ ,2035‬أ�حمد ‪.)959‬‬

‫‪171‬‬ ‫‪ 3‬المباركة في الرزق والثمار وطيب العي�ش‪:‬‬ ‫قال �صلى الله عليه و�سلم ‪\" :‬اللهم بارك لنا في ثمرنا‪ ،‬وبارك لنا في مدينتنا‪ ،‬وبارك لنا في �صاعنا‪ ،‬وبارك لنا‬ ‫في ُمدنا‪ ،‬اللهم �إن �إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك و�إني عبدك ونبيك‪ ،‬و إ�نه دعاك لمكة‪ ،‬و إ�ني أ�دعوك للمدينة‬ ‫بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه\" (م�سلم ‪.)1373‬‬ ‫‪ 4‬حفظ الله لها من الطاعون والدجال‪:‬‬ ‫قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬على �أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال\" (البخاري‬ ‫‪ ,1781‬م�سلم ‪.)1379‬‬ ‫توفي النبي �صلى الله عليه و�سلم بالمدينة‪ ،‬ودفن‬ ‫‪ 5‬ف�ضيلة �سكناها والعي�ش والموت فيها‪:‬‬ ‫في بيت عائ�شة ر�ضي الله عنها‪.‬‬ ‫فقد وعد النبي �صلى الله عليه و�سلم من �صبر على‬ ‫�شدة المدينة و�ضيق عي�شها بال�شفاعة يوم القيامة‪،‬‬ ‫فعن �سعد بن �أبي وقا�ص ر�ضي الله عنه قال‪ :‬قال‬ ‫ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬المدينة خير‬ ‫لهم لو كانوا يعلمون لا يدعها أ�حد رغبة عنها إ�لا‬ ‫أ�بدل الله فيها من هو خير منه‪ ،‬ولا يثبت �أحد على‬ ‫ألوائها وجهدها �إلا كنت له �شفيعا �أو �شهيدا يوم‬ ‫القيامة\" (م�سلم ‪.)1363‬‬ ‫وقال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬من‬ ‫ا�ستطاع أ�ن يموت بالمدينة فليمت بها‪ ،‬ف إ�ني �أ�شفع‬ ‫لمن يموت بها\" (الترمذي ‪ ,3917‬ابن ماجه ‪.)3112‬‬ ‫‪ 6‬المدينة كهف الإيمان وتنفي ال�سوء والخبث عنها‪:‬‬ ‫فالإيمان يلج�أ �إليها مهما �ضاقت به البلاد‪ ،‬والأخباث وا أل�شرار لا مقام لهم فيها ولا ا�ستمرار‪ ،‬قال ر�سول الله‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬إن الإيمان لي أ� ِرز إ�لى المدينة كما ت أ� ِرز الحية إ�لى جحرها\" (البخاري ‪ ,1777‬م�سلم ‪،)147‬‬ ‫وقال �صلى الله عليه و�سلم‪...\" :‬والذي نف�سي بيده لا يخرج منهم �أحد رغبة عنها �إلا �أخلف الله فيها خي ًرا‬ ‫منه‪ ،‬أ�لا �إن المدينة كالكير‪ ،‬تخرج الخبث لا تقوم ال�ساعة حتى تنفي المدينة �شرارها كما ينفي الكير خبث‬ ‫الحديد\"(م�سلم ‪.)1382‬‬ ‫‪ 7‬تنفي الذنوب والأوزار‪:‬‬ ‫عن زيد بن ثابت ر�ضي الله عنه قال‪ :‬قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬إ�نها ‪�-‬أي المدينة‪ -‬طيبة تنفي‬ ‫الذنوب كما تنفي النار خبث الف�ضة\" (البخاري ‪.)3824‬‬

‫‪ 172‬حج المسلم‬ ‫ما الذي يشرع زيارته في المدينة النبوية؟‬ ‫ينبغي أ�ن يكون مق�صد الم�سلم من زيارة المدينة زيارة م�سجد ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم وال�صلاة فيه‪،‬‬ ‫ف�إذا جاء المدينة �شرع له ق�صد �أمور منها‪:‬‬ ‫‪ 1‬ال�صــــلاة في الرو�ضــــة ال�شريفــــــة‪ :‬وهي منطقة محددة في مقدمة الم�سجد بين بيت النبي �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم ومنبره‪ ،‬فلل�صلاة هنالك ف�ضل عظيم‪ ،‬قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬ما بين بيتي ومنبري‬ ‫رو�ضة من ريا�ض الجنة\" (البخاري ‪ ،1137‬م�سلم ‪.)1390‬‬ ‫‪ 2‬ال�سلام على ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪ :‬فيذهب إ�لى قبر النبي �صلى الله عليه و�سلم فيقف أ�مام‬ ‫قبره م�ستقبلا له والقبلة خلفه‪ ،‬ويقول ب أ�دب وخف�ض �صوت‪ :‬ال�سلام عليك يا ر�سول الله ورحمة الله وبركاته‪،‬‬ ‫أ��شهد �أنك قد بلغت الر�سالة‪ ،‬و أ�ديت الأمانة‪ ،‬ون�صحت الأمة‪ ،‬وجاهدت في الله حق جهاده‪ ،‬فجزاك الله عن‬ ‫�أمتك أ�ف�ضل ما جزى نب ًيا عن أ�مته‪ .‬وقد قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬ما من أ�حد ي�سلم علي إ�لا رد‬ ‫الله علي روحي حتى أ�رد عليه ال�سلام\" (�أبو داود ‪.)2041‬‬ ‫ثم يتجه نحو اليمين لي�سلم على أ�بي بكر ال�صديق ر�ضي الله عنه خليفة ر�سول الله و أ�ف�ضل ال�صحابة بعده‪.‬‬ ‫ثم يتنحى يمي ًنا لي�سلم على عمر ر�ضي الله عنه وهو الخليفة الثاني بعد ر�سول الله و�أف�ضل �صحابته بعد أ�بي بكر‪.‬‬ ‫ور�سول الله �صلى الله عليه و�سلم وهو �أف�ضل الب�شر لا يملك لأحد نف ًعا ولا �ض ًرا‪ ،‬فلا يجوز دعا ؤ�ه �أو الا�ستغاثة به‬ ‫بل الدعاء وجميع �أنواع العبادة لله وحده لا �شريك له‪.‬‬ ‫‪ 3‬زيارة م�سجد قباء‪ :‬وهو �أول‬ ‫م�سجد بني في الإ�سلام قبل‬ ‫أ�ن يبني النبي �صلى الله عليه‬ ‫و�سلم م�سجده‪ ،‬وي�ستحب لمن‬ ‫كان بالمدينة �أن يزور م�سجد‬ ‫قباء‪ ،‬وقد كان ر�سول الله �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم يزوره‪ ،‬وقال‬ ‫�أي ً�ضا‪\" :‬من تطهر في بيته ثم‬ ‫�أتى م�سجد قباء ف�صلى فيه‬ ‫�صلاة كان له ك�أجر عمرة\"‬ ‫(ابن ماجه ‪.)1412‬‬

‫‪173‬‬ ‫‪ 4‬زيارة مقبرة البقيع‪ :‬وهي المقبرة التي دفن فيها �أغلب ال�صحابة الكرام‪ ،‬وكان ر�سول الله يزورها ويدعو‬ ‫ألهلها‪ ،‬وي�شرع للم�سلم إ�ذا قدم المدينة �أن يزورها‪ ،‬وي�سلم على الموتى‪ ،‬ويدعو لهم بما ورد عن النبي �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم‪ ،‬ولمَّا �س�ألت عائ�شة ر�ضي الله عنها ر�سول الله عن الم�شروع لها عند زيارتهم‪ ،‬قال‪\" :‬قولي‪:‬‬ ‫ال�سلام على �أهل الديار من الم ؤ�منين والم�سلمين ويرحم الله الم�ستقدمين منا والم�ست�أخرين و�إنا إ�ن �شاء الله‬ ‫بكم للاحقون\" (م�سلم ‪.)974‬‬ ‫ويحذر الم�سلم من الانحراف والابتداع بالتم�ُّسح بالقبور �أو التبرك بها‪ ،‬ولو كان في ذلك خير ل�سبقنا �إليه ال�صحابة‬ ‫لمن‬ ‫دعا�ؤهم أ�و الا�ستغاثة بهم فجميع أ�نواع الدعاء توجه‬ ‫�َوسل�أَا َل َ�كض ًرِاع َباف ِلدايي َعج ِّنوزي‬ ‫والتابعون‪ ،‬والموتى لا يملكون لأحد نف ًعا‬ ‫يِل‬ ‫َف ِ�إ ِيّن َق ِري ٌب �ُأ ِجي ُب َد ْع َو َة ال َّدا ِع إِ� َذا َد َعا ِن َف ْل َي�ْس َت ِجي ُبوا‬ ‫بيده ملكوت ال�سماوات وا ألر�ض } َو�إِ َذا‬ ‫َو ْل ُي ؤْ� ِم ُنوا ِبي َل َع َّل ُه ْم َي ْر�ُش ُدو َن{ (البقرة‪.)186 :‬‬ ‫‪ 5‬زيارة مقبرة �شهداء أ�حد‪ :‬وهي المقبرة التي دفن فيها ال�شهداء عند جبل أ�حد‪ ،‬وقد ا�ست�شهد عدد من‬ ‫ال�صحابة ودفن فيها‪ ،‬منهم حمزة بن عبد المطلب وم�صعب بن عمير ر�ضي الله عنهم‪ ،‬وكان ر�سول الله �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم يزورهم ويدعو لهم‪.‬‬ ‫وي�شرع لزائر المدينة أ�ن يزور المقبرة وي�سلم على أ��صحابها ويدعو لهم‪ ،‬ولا ي�شرع التعبد ب�صعود جبل �أحد أ�و جبل‬ ‫الرماة‪ ،‬ولا مانع من تذاكر غزوة �أحد وما ت َّم فيها من أ�حداث‪ ،‬و�شرح الغزوة على �أر�ض الواقع‪.‬‬ ‫مقبرة ال�شهداء حيث ُدفن �سبعون من‬ ‫ال�صحابة‪ ،‬ويظهر خلفها جبل �أحد‪.‬‬

‫‪ 174‬الموت والجنازة‬

‫‪175‬‬ ‫الموت والجنازة‬ ‫‪7‬‬ ‫الم��وت لي���س نهاية ا ألمر ولكنه مرحلة جديدة ل إلن�س��ان‬ ‫وبداي��ة للحياة الكاملة في ا آلخ��رة وكما حر�ص الإ�سلام‬ ‫عل��ى رعاية الحق��وق منذ الولادة فقد أ�ك��د على الأحكام‬ ‫التي تحفظ حقوق الميت وتراعي حال أ�هله و�أقاربه‪.‬‬ ‫زيارة المقابر‬ ‫من يقوم بالتغ�سيل‬ ‫حقيقة الموت والحياة‬ ‫الو�صية‬ ‫�صلاة الجنازة‬ ‫عند الاحت�ضار‬ ‫الميراث‬ ‫غ�سل الميت‬ ‫مكان �صلاة الجنازة‬

‫‪ 176‬الموت والجنازة‬ ‫الموت والجنازة‬ ‫حقيقة الموت والحياة‬ ‫خلقنا الله عز وجل و أ�وجدنا في هذه الحياة الدنيا ليبلونا ويختبرنا‪ ،‬كما قال تعالى‪} :‬ا َّل ِذي‬ ‫َخ َل َق ا ْل َم ْو َت َوا ْل َح َيا َة ِل َي ْب ُل َو ُك ْم َأ� ُّي ُك ْم �أَ ْح�َس ُن َع َم ًال{ (الملك‪ )2 :‬فمن آ�من واتقى دخل الجنة ‪ ،‬ومن اختار ال�ضلال‬ ‫والانحراف دخل النار‪.‬‬ ‫وحياة المرء في هذه الحياة مهما‬ ‫طالت فهي منتهية زائلة‪ ،‬والبقاء والخلود‬ ‫والحياة الأبدية في ا آلخرة‪ ،‬كما قال‬ ‫تعالى‪َ } :‬و ِإ� َّن ال َّدا َر ا ْلآ ِخ َر َة َل ِه َي ا ْل َح َي َوا ُن َل ْو‬ ‫َكا ُنوا َي ْع َل ُمو َن{ (العنكبوت‪.)64:‬‬ ‫و أ�ف�ضل الخلق عند الله‪ :‬ر�سول الله‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪ ،‬قال له الله عز وجل‬ ‫�إنك �ستموت كما يموت النا�س والجميع‬ ‫يوم القيامة بين يدي الله ليف�صل بينهم‬ ‫} إ�ِ َّن َك َم ِّي ٌت َو�ِإ َّن ُهم َّم ِّي ُتو َن ُث َّم �ِإ َّن ُك ْم َي ْو َم‬ ‫ا ْل ِق َيا َم ِة ِعن َد َر ِّب ُك ْم َت ْخ َت ِ�ص ُمو َن{ (الزمر‪:‬‬ ‫‪.)31-30‬‬ ‫وقد و�صف لنا ر�سول الله �صلى الله‬ ‫عليه و�سلم حال الدنيا وق�صرها مقارنة‬ ‫بالآخرة ب أ�نه كم�سافر ا�ستراح ونام‬ ‫قليلا تحت ظل �شجرة ثم ذهب وتركها‪.‬‬ ‫(الترمذي ‪ ،2377‬ابن ماجه ‪.)4109‬‬ ‫ما الدنيا �إلا رحلة ق�صيرة �إلى الدار ا آلخرة‬ ‫كما ق�ص الله لنا و�صية يعقوب عليه‬ ‫ال�سلام لأبنائه حينما قال‪ِ } :‬إ� َّن الل َه‬ ‫ا ْ�ص َط َفى َل ُك ُم ال ِّدي َن َفلاَ َت ُمو ُت َّن �ِإلاَّ َو�أَن ُتم‬ ‫ُّم�ْس ِل ُمو َن{ (البقرة‪.)132 :‬‬

‫‪177‬‬ ‫و إ�ذا كان أ�حد لا يعلم متى يحين �أجله الذي قدره له الله عز وجل‬ ‫و�أين يكون ذلك ولا يملك �أحد تغييره فعلى العاقل أ�ن يملأ �أيامه‬ ‫} َو ِل ُك ِّل �أُ َّم ٍة‬ ‫و�ساعاته بالخير وال�صلاح والديانة؛ لأنه كما قال تعالى‪:‬‬ ‫(ا ألعراف‪.)34:‬‬ ‫�َأ َج ٌل َف ِ�إ َذا َجا َء أ�َ َج ُل ُه ْم لاَ َي�ْس َت ْأ� ِخ ُرو َن �َسا َع ًة َولاَ َي�ْس َت ْق ِد ُمو َن{‬ ‫وكل من مات بخروج روحه عن ج�سده فقد قامت قيامته وابتد أ� رحلته‬ ‫في الدار الآخرة والتي هي من علم الغيب فلا يمكن للعقل الب�شري معرفة‬ ‫كيفياتها على التف�صيل (انظر‪.)77‬‬ ‫وكما �أن ال�شرع قد راعى الأحكام وا آلداب للإن�سان منذ ولادته ثم ن�ش�أته‬ ‫وطفولته‪ ،‬ف إ�نه قد �شرع لنا من الأحكام وا آلداب ما يحفظ حقوق الميت‪ ،‬ويراعي حال �أهله و أ�قاربه‪ ،‬فالحمد لله‬ ‫الذي �أكمل الدين‪ ،‬و أ�تم النعمة‪ ،‬وهدانا لهذا الدين العظيم‪.‬‬ ‫عند الاحتضار‬ ‫ينبغي لمن زار مري ً�ضا �أن يدعو له بال�شفاء والعافية و أ�ن يكون ذلك المر�ض تطهي ًرا للذنوب وتكفي ًرا للخطايا كما‬ ‫كان �صلى الله عليه و�سلم يقول للمري�ض‪\" :‬لا ب�أ�س‪ ،‬طهور �إن �شاء الله\" (البخاري ‪.)3616‬‬ ‫وعليه اختيار ا أللفاظ والعبارات التي تدعم المري�ض لمقاومة الداء والتماثل لل�شفاء‪ ،‬وا�ستغلال المواقف‬ ‫المنا�سبة للدعوة إ�لى الله‪ ،‬وتذكير المري�ض بالله واليوم ا آلخر بالحكمة والموعظة الح�سنة‪ ،‬وقد �ضرب ر�سول الله‬ ‫أ�عظم الأمثلة لذلك‪ ،‬كما يروي لنا أ�حد ال�صحابة الكرام‪\" :‬كان غلام يهودي يخدم النبي �صلى الله عليه و�سلم‪،‬‬ ‫فمر�َض ف�أتاه النبي �صلى الله عليه و�سلم يعوده فقعد عند ر�أ�سه‪ ،‬فقال له‪� \" :‬أ�سلم\" فنظر إ�لى �أبيه وهو عنده‪ ،‬فقال‬ ‫له‪� :‬أ ِطع أ�با القا�سم‪ ،‬ف�أ�سلم‪ ،‬فخرج النبي �صلى الله عليه و�سلم وهو يقول‪ \" :‬الحمد لله الذي �أنقذه من النار\"‬ ‫(البخاري ‪.)1260‬‬ ‫ف إ�ن بدت أ�مارات قرب الأجل والموت على المري�ض في�ستحب تلقينه وت�شجيعه لقول كلمة التوحيد ومفتاح الجنة‬ ‫(لا إ�له �إلا الله) بحكمة و أ��سلوب منا�سب‪ ،‬قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬لقنوا موتاكم لا إ�له إ�لا الله\" (م�سلم ‪.)916‬‬ ‫وهي أ�عظم ما يقوله المرء في حياته وعند مماته‪ ،‬ومن وفق لتكون �آخر كلامه فقد نال �شر ًفا عظي ًما‪ ،‬كما قال‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬من كان آ�خر كلامه من الدنيا \"لا إ�له �إلا الله\" دخل الجنة\" ( أ�بو داود ‪.)3118‬‬

‫‪ 178‬الموت والجنازة‬ ‫بعد الموت‬ ‫�إذا ثبت الموت وفارقت الروح الج�سد في�ستحب فعل عدد من الأمور‪:‬‬ ‫‪ 1‬إ�غما�ض عينـــي الميـــــــت برفق‬ ‫إ�كرا ًما له‪.‬‬ ‫‪ 2‬ال�صبر وتمالك النف�س وعدم‬ ‫الان�سياق لرفع ال�صوت بالبكاء‬ ‫والنياحة‪ ،‬وت�صبير �أهل الميت و�أقاربه‪،‬‬ ‫وقد أ�مر النبي �صلى الله عليه و�سلم‬ ‫أ�حد بناته لما مات وليدها بال�صبر‬ ‫والاحت�ساب (البخاري ‪ ،1284‬م�سلم ‪.)923‬‬ ‫‪ 3‬الدعاء له بالرحمة والمغفرة‬ ‫ولأهله بال�صبر وال�سلوان‪.‬‬ ‫ي�سن إ�غما�ض عيني الميت عند وفاته‬ ‫كما فعل النبي �صلى الله عليه و�سلم مع‬ ‫�أبي �سلمة ‪-‬وهو أ�حد ال�صحابة الكرام‪ -‬عندما توفي‪ ،‬فقال‪ \" :‬إ�ن الروح �إذا ُقب�ض تبعه الب�صر\" ثم قال‪\" :‬اللهم‬ ‫اغفر ألبي �سلمة‪ ،‬وارفع درجته في المهديين‪ ،‬واخلفه في عقبه في الغابرين‪ ،‬واغفر لنا وله يا رب العالمين‪،‬‬ ‫واف�سح له في قبره‪ ،‬ونور له فيه\"(م�سلم ‪.)920‬‬ ‫‪ 4‬الإ�سراع في تجهيز الميت وتغ�سيله وال�صلاة عليه ودفنه‪ ،‬وقد قال �صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬أ�سرعوا‬ ‫بالجنازة‪ ،‬ف�إن تك �صالحة فخير تقدمونها إ�ليه‪ ،‬و�إن تكن غير ذلك ف�شر ت�ضعونه عن رقابكم\" (البخاري‬ ‫‪ ،1315‬م�سلم ‪.)944‬‬ ‫‪ 5‬إ�عانة �أهل الميت وم�ساعدتهم بالقيام ببع�ض �أعبائهم‪ ،‬وقد أ�مر النبي �صلى الله عليه و�سلم �أن ُي�صنع‬ ‫الطعام لأهل ابن عمه جعفر بن �أبي طالب لما قتل ر�ضي الله عنه فقال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬ا�صنعوا‬ ‫آلل جعفر طعاما ف�إنه قد أ�تاهم �أمر �شغلهم\" (�أبو داود ‪ ،3132‬الترمذي ‪ 998‬و�صححه‪ ،‬ابن ماجه ‪.)1610‬‬

‫‪179‬‬ ‫غسل الميت‬ ‫يجب غ�سل الميت قبل تكفينه ودفنه‪ ،‬ويقوم بالغ�سل �أحد �أهله أ�و �أقاربه أ�و غيرهم من‬ ‫الم�سلمين‪ ،‬وقد ُغ�ِّسل النبي �صلى الله عليه و�سلم لما مات وهو الطاهر المطهر‪.‬‬ ‫يعمم ج�سد الميت بالماء مع العناية ب�ستر عورته‬ ‫طريقة الغسل‪:‬‬ ‫يكفي في غ�سل الميت أ�ن يعمم جميع الج�سد بالماء‪،‬‬ ‫وتزال منه النجا�سة إ�ن وجدت‪ ،‬مع العناية ب�ستر عورته‬ ‫عند الغ�سل‪.‬‬ ‫وي�ستحب �أن تراعى ا ألمور التالية‪:‬‬ ‫‪ 1‬أ�ن ت�ستر عورته ما بين �سرته وركبته‪ ،‬وذلك‬ ‫بعد تجريده من ملاب�سه‪.‬‬ ‫‪ 2‬أ�ن ي�ضع الغا�سل قفا ًزا أ�و خرقة على‬ ‫يده‪ ،‬وهو يغ�سل عورة الميت‪.‬‬ ‫‪ 3‬يبتدئ ب إ�زالة الأذى والنجا�سة عن الميت‪.‬‬ ‫‪ 4‬ثم يغ�سل �أع�ضاء الو�ضوء بالترتيب‬ ‫الم�شهور‪.‬‬ ‫‪ 5‬ثم يغ�سل الر�أ�س وبقية الج�سد‪ ،‬وي�ستحب‬ ‫أ�نيغ�سلهبال�سدر(وهوورقالنبق)‪ ،‬أ�وبال�صابون‬ ‫ثم يفي�ض عليه الماء بعد ذلك‪.‬‬ ‫‪ 6‬ي�ستحب �أن يغ�سل ال�شق الأيمن‪ ،‬ثم ا ألي�سر‪.‬‬ ‫‪ 7‬ي�ستحب تكرار الغ�سل ثلا ًثا أ�و أ�كثر إ�ن‬ ‫احتيج �إلى ذلك‪ ،‬كما قال �صلى الله عليه و�سلم‬ ‫للن�ساء اللاتي كن يغ�سلن ابنته زينب ر�ضي الله‬ ‫عنها‪\" :‬اغ�سلنها ثلا ًثا �أو خم�سً ا أ�و أ�كثر من ذلك‬ ‫إ�ن ر أ�يتن ذلك\" (البخاري ‪.)1195‬‬

‫‪ 180‬الموت والجنازة‬ ‫‪ 8‬يمكن و�ضع قما�ش وقطن ونحو ذلك في الدبر والقبل والأذنين والأنف والفم؛ حتى لا يخرج منه �شيء من‬ ‫نجا�سة أ�و دم‪.‬‬ ‫‪ 9‬ي�ستحب تطييب الميت أ�ثناء غ�سله وبعد غ�سله‪ ،‬وقد �أمر ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم اللاتي كن‬ ‫يغ�سلن ابنته زينب أ�ن يجعلن في �آخر غ�سلة كافو ًرا (وهو نوع من الطيب) (البخاري ‪ ، 1195‬م�سلم ‪.)939‬‬ ‫ي�ستحب غ�سل الميت بورق ال�سدر المجفف والمخلوط بالماء‪� ،‬أو ب أ�ي �صابون �أو منظف لا ي�ؤذي‬ ‫من يقوم بالتغسيل‬ ‫‪� 1‬إذا و�صى الميت أ�ن يغ�سله فلان ُنفذت و�صيته ‪.‬‬ ‫‪ 2‬الذكور وا إلناث دون ال�سابعة‪ ،‬يجوز �أن يغ�سل ك اًل منهما الرجال �أو الن�ساء‪ ،‬و إ�ن كان ا ألف�ضل أ�ن يغ�سل‬ ‫الغلام الرجال‪ ،‬والجارية الن�ساء‪.‬‬ ‫‪� 3‬إن كان الميت فوق ال�سابعة فلا ُي َغ�ِّسل الرج َل إ�لا رجال ولا المر�أة �إلا ن�ساء‪.‬‬ ‫‪ 4‬يجوز للزوج �أن يغ�سل زوجته وللزوجة أ�ن تغ�سل زوجها‪ ،‬وقد غ�سل علي بن �أبي طالب فاطمة ر�ضي الله‬ ‫عنهما‪.‬‬ ‫وقالت عائ�شة ر�ضي الله عنها‪\" :‬لو ا�ستقبل ُت من أ�مري ما ا�ستدبر ُت ما غ�سل ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم �إلا‬ ‫ن�سا�ؤه\" (�أبو داود ‪ ،3141‬ابن ماجه ‪.)1464‬‬

‫‪181‬‬ ‫تكفين الميت‬ ‫تكفين الميت من الحقوق الواجبة له‪ ،‬على �أهله والم�سلمين ‪.‬‬ ‫وت ؤ�خذ نفقات التكفين من تركته �إن كان له مال‪ ،‬ف�إن لم يكن قد ترك ما ًال فتجب تكاليف الكفن على من تلزمهم‬ ‫نفقته في حال الحياة ك�أبيه وجده وابنه وابن ابنه‪ ،‬ف إ�ن لم يتي�سر فعلى جماعة الم�سلمين ا ألغنياء‪.‬‬ ‫صفة الكفن‪:‬‬ ‫يكفي في الكفن الواجب ما ي�ستر بدن الميت من الثياب الطاهرة رج ًال كان الميت �أو امر�أة‪.‬‬ ‫وي�ستحب ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 1‬أ�ن يكفن الرجل في ثلاثة �أثواب بي�ض‪ ،‬كما كفن ر�سول الله‪ ،‬وي�ستحب للمر�أة أ�ن تكفن في خم�سة‬ ‫�أثواب زيادة في ال�ستر لها‪.‬‬ ‫‪ 2‬ي�ستحب �أن يكون لون الكفن �أبي�ض‬ ‫إ�ن تي�سر‪ ،‬وقد قال �صلى الله عليه و�سلم‪:‬‬ ‫\"الب�سوا من ثيابكم البيا�ض‪ ،‬ف إ�نها من‬ ‫خيرثيابكم‪،‬وكفنوافيهاموتاكم\"( أ�بوداود‬ ‫‪ ،4061‬الترمذي ‪ 994‬و�صححه‪ ،‬ابن ماجه ‪.)3566‬‬ ‫‪ 3‬ي�ستحب تطييب الكفن ب�أنواع الطيب‬ ‫المباحة‪.‬‬ ‫‪ 4‬ينبغي العناية ب إ�تقان التكفين‬ ‫ولف الثياب على الميت عند ر أ��سه‬ ‫وقدميه‪ ،‬وقد قال ر�سول الله �صلى الله‬ ‫عليه و�سلم‪ \" :‬إ�ذا كفن أ�حدكم �أخاه‬ ‫فليح�سن كفنه\" (م�سلم ‪.)943‬‬ ‫تنبغي العناية ب إ�تقان الكفن و�إحكامه‬

‫‪ 182‬الموت والجنازة‬ ‫صلاة الجنازة‬ ‫تجب �صلاة الجنازة على مجموع الم�سلمين الحا�ضرين لا على كل فرد منهم‪ ،‬بحيث إ�ذا �صلى عليه بع�ضهم‬ ‫�سقط ا إلثم عن الباقين‪ ،‬وقد ب�ّشر النبي �صلى الله عليه و�سلم الم�صلي على الجنازة ب�أن له قدر جبل عظيم من الأجر‬ ‫فقال‪\" :‬من �شهد الجنازة حتى �صلى فله قيراط‪ ،‬ومن �شهد حتى تدفن كان له قيراطان ‪ -‬قيل‪ :‬وما القيراطان؟‪-‬‬ ‫قال‪ :‬مثل الجبلين العظيمين\" (البخاري ‪ ،1325‬م�سلم ‪.)945‬‬ ‫صفة صلاة الجنازة‪:‬‬ ‫‪� 1‬صفتها أ�نيجعلالميتبينالم�صليوالقبلةويقفا إلمامعند ر�أ�سالرجل‪،‬وعندو�سطالمر أ�ة‪،‬‬ ‫كما ورد عن النبي �صلى الله عليه و�سلم ( أ�بوداود‪.)3196‬‬ ‫‪ 2‬ي�ستحب �أن ت ؤ�دى �صلاة الجنازة جماعة‪ ،‬و�أن يتقدم ا إلمام على الم�أمومين كما في �صلاة‬ ‫الجماعة‪.‬‬ ‫ب�َّشر النبي �صلى الله عليه و�سلم الم�صلي على الجنازة با ألجر العظيم‬

‫‪183‬‬ ‫‪ 3‬يكبر الم�صلي على الجنازة أ�ربع تكبيرات‪ ،‬كالتالي‪:‬‬ ‫التكبيرة الأولى‪ :‬ويقر�أ بعدها �سورة الفاتحة‪.‬‬ ‫التكبيرة الثانية‪ :‬وي�صلي بعدها على النبي �صلى الله عليه و�سلم ب أ�ي �صيغة ك أ�ن يقول‪ :‬اللهم �صل و�سلم‬ ‫على نبينا محمد‪ ،‬و�إن �أتى بال�صلاة الأتم وهي ما يقوله الم�صلي في الت�شهد الأخير فهو �أكمل‪ ،‬و�صفتها‪:‬‬ ‫(ال ّله َّم �ص ّل على محم ٍد و َع َلى �آ ِل محم ٍد كما �صلي َت على �إِبراهي َم وعلى آ� ِل �إبراهي َم �إن َك َحمي ٌد َمجيد‪ ،‬ال ّله َّم‬ ‫بارك على محم ٍد وعلى آ� ِل محم ٍد كما بارك َت على إِ�براهيم وعلى �آ ِل �إبراهي َم إِ� َّن َك َحمي ٌد َمجيد)‪.‬‬ ‫التكبيرة الثالثة‪ :‬ويدعو بعدها للميت بالرحمة والمغفرة والجنة‬ ‫والرفعة بما يفتحه الله على قلبه ول�سانه ‪ ،‬و�إن كان يحفظ بع�ض‬ ‫ا ألدعية التي وردت عن النبي �صلى الله عليه و�سلم في ذلك‬ ‫فهي �أولى‪ ،‬ومن تلك الأدعية الواردة‪\" :‬اللهم اغفر‬ ‫له وارحمه‪ ،‬وعافه واعف عنه‪ ،‬و أ�كرم نزله‪ ،‬وو�ِّسع‬ ‫مدخله‪ ،‬واغ�سله بالماء والثلج والبرد‪ ،‬ونقه من‬ ‫الخطايا كما ن َّقيت ال َّثوب الأبي�ض من ال َّدن�س‪،‬‬ ‫و أ�بدله دا ًرا خي ًرا من داره‪ ،‬و�أه ًال خي ًرا من‬ ‫أ�هله‪ ،‬وزو ًجا خي ًرا من زوجه‪ ،‬و أ�دخله الج َّنة‪،‬‬ ‫و أ�عذ ُه من عذاب ال َّنار\" (م�سلم ‪. )963‬‬ ‫التكبيرة الرابعة‪ :‬ويمكث بعدها قلي ًال ثم‬ ‫ي�سلم عن يمينه فقط‪ ،‬أ�و عن يمينه وي�ساره‪ ،‬كل‬ ‫ذلك ورد عن النبي �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫مكان صلاة الجنازة‪:‬‬ ‫يجوز �أن ت�ؤدى �صلاة الجنازة في الم�سجد‪ ،‬أ�و في مكان خا�ص معد لذلك خارج الم�سجد‪ ،‬أ�و �أن ت ؤ�دى في‬ ‫المقبرة‪ ،‬كل ذلك ورد عن النبي �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬

‫‪ 184‬الموت والجنازة‬ ‫دفن الميت‬ ‫ي�شرع دفن الميت في الأر�ض كما هي عادة �أغلب �شعوب الأر�ض من لدن ابني �آدم عليه ال�سلام‪ ،‬وفيها إ�كرام‬ ‫للميت من ناحية و إ�بعاد للأذى عن الأحياء من ناحية �أخرى‪.‬‬ ‫ويكفي في الدفن القدر الذي يحمي الجثة من ال�سباع وجرف ال�سيول ويمنع من الرائحة‪.‬‬ ‫وينبغي مراعاة عدد من ا ألمور‪:‬‬ ‫‪ 1‬ي�ستحب التعجيل بدفن الميت بعد تغ�سيله وتكفينه وال�صلاة عليه ‪.‬‬ ‫‪ 2‬يندب إ�عماق القبر وتو�سعته على قدر الحاجة ويجزئ من ذلك ما يمنع الرائحة‪ ،‬ويحفظ من نب�ش‬ ‫ال�سباع وجرف ال�سيل للقبر والجثة‪.‬‬ ‫‪ 3‬يجوز �أن يكون القبر على هيئة اللحد أ�و على هيئة ال�شق‪ ،‬ولكل بلد ما ينا�سبه بح�سب طبيعة الأر�ض‬ ‫وق�ساوتها‪.‬‬ ‫‪ 4‬ي�ستحب و�ضع الميت على �شقه ا أليمن وتوجيهه �إلى القبلة‪.‬‬ ‫‪ 5‬ي�ستحب�أنيقولالدافنعندو�ضعالميت‪\":‬با�سماللهوعلىملةر�سولالله\"(الترمذي‪،1046‬ابنماجه‪.)1550‬‬ ‫القبر �إما رو�ضة من ريا�ض الجنة �أو حفرة من حفر النار‬

‫‪185‬‬ ‫‪ 6‬ينبغي تغطية مكان الجثة ـ �سواء كان القبر لح ًدا أ�و �ش ًّقا ـ باللبن (وهو الطوب ي�صنع من الطين والق�ش‬ ‫ويترك حتى ين�شف) أ�و الق�صب أ�و الحجر أ�و غير ذلك قبل البدء بحثو التراب على الميت‪.‬‬ ‫‪ 7‬ي�ستحب لمن ح�ضر �أن ي�شارك في و�ضع التراب على الميت‪ ،‬وقد حثى �صلى الله عليه و�سلم على �أحد‬ ‫الموتى ثلاث حثيات بيده (الدارقطني ‪.)1565‬‬ ‫‪ 8‬ي�ستحب رفع القبر قدر �شبر ليعرف‪ ،‬فيبتعد النا�س عن إ�يذائه �أو الم�شي عليه‪ ،‬ويحرم المبالغة في ذلك‬ ‫بالبناء على القبر ‪ ،‬وقد ورد النهي عن ذلك؛ ألنه ذريعة لتعظيم الميت والإ�شراك بالله عز وجل‪.‬‬ ‫‪ 9‬يكره الدفن في التابوت (وهو ال�صندوق الذي تو�ضع فيه الجنازة) ويجوز ذلك عند ال�ضرورة‪.‬‬ ‫ي�شرع الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة والتثبيت بعد دفنه‬ ‫ما بعد الدفن‬ ‫ي�ستحب بعد الدفن مبا�شرة لمن ح�ضر �أن يدعو للميت بالثبات والمغفرة كل على حدة‪ ،‬وقد قال النبي �صلى الله‬ ‫عليه و�سلم بعد دفن �أحد ال�صحابة‪\" :‬ا�ستغفروا لأخيكم‪ ،‬وا�س�ألوا له التثبيت ف�إنه الآن ي�س أ�ل\" (�أبو داود ‪.)3223‬‬

‫‪ 186‬الموت والجنازة‬ ‫العزاء‬ ‫• ي�ستحب تعزية أ�هل الميت وت�سلية أ�قاربه‪ ،‬وتقويتهم على ما �أ�صابهم ب�أي كلام ح�سن‪ ،‬فيه دعاء للميت وتثبيت‬ ‫وت�صبير لأهله وذويه‪ ،‬وتذكيرهم باحت�ساب الأجر عند الله‪ ،‬وقد قال �صلى الله عليه و�سلم تعزية لقريب الميت‪�\" :‬إن‬ ‫لله ما �أخذ ‪ ،‬وله ما أ�عطى ‪ ،‬وكل �شيء عنده ب�أجل م�سمى\"(البخاري‪،1284‬م�سلم‪.)923‬‬ ‫• يمكن أ�ن يعزى �أقارب الميت قبل الدفن وبعده‪ ،‬في أ�ي مكان كان‪� ،‬سواء كان ذلك في الم�سجد‪ ،‬أ�و المقبرة‪،‬‬ ‫أ�و البيت‪ ،‬أ�و في العمل‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫ • لا ينبغي المبالغة في مرا�سم العزاء بن�صب الخيام‪� ،‬أو عمل الولائم واجتماع النا�س لها‪ ،‬فلي�س من �سنة‬ ‫ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم و�صحابته الكرام‪ ،‬ثم �إنها لي�ست منا�سبة فرح و�سرور حتى يعمل لها مثل ذلك‪.‬‬ ‫الحزن والإحداد على الميت‬ ‫البكاء رحمة طبعية وتعبير عن �شعور بالفقد والحزن‪ ،‬وقد ذرفت عين النبي �صلى الله عليه و�سلم لوفاة ابنه‬ ‫إ�براهيم (البخاري ‪ ،1303‬م�سلم ‪.)2315‬‬ ‫ولكن الإ�سلام و�ضع لذلك عددا من ال�ضوابط‪:‬‬ ‫‪ 1‬حرم الإ�سلام تكلف البكاء ورفع ال�صوت به و إ�تباعه ب�أعمال مخالفة لل�شرع كاللطم و�ضرب النف�س و�شق‬ ‫الملاب�س ونحو ذلك‪.‬‬ ‫‪ 2‬منع المر�أة أ�ن تترك الزينة ب�سبب موت �أحد أ�قاربها أ�كثر من ثلاثة �أيام إ�لا �إن كان زو ًجا لها‪.‬‬ ‫‪ 3‬إ�حداد الزوجة‪:‬‬ ‫يجب على المر�أة التي توفي عنها زوجها �أن تلتزم عد ًدا من ا ألمور فترة عدة الوفاة‪.‬‬ ‫وفترة عدة الوفاة‪ :‬هي أ�ربعة �أ�شهر وع�شرة �أيام‪� ،‬أو �أن ت�ضع حملها إ�ن كانت حام ًال‪.‬‬ ‫ما الذي على المرأة في عدة وفاة زوجها؟‬ ‫‪ 1‬عليها اجتناب الطيب والعطورات والحلي وملاب�س الزينة والحناء وجميع الأ�صباغ التجميلية‪.‬‬ ‫‪ 2‬ويجوز لها أ�ن تلب�س الثياب المعتادة ب أ�ي لون �أو �شكل كانت ما لم تكن ثياب تجمل وزينة‪ ،‬كما أ�نها لا‬ ‫ُتمنع من الاغت�سال وت�سريح �شعرها‪ ،‬ويجوز لها �أن تخرج للحاجة نها ًرا لا لي ًال‪ ،‬و�أن تكلم الرجال ا ألجانب‬ ‫من غير ريبة ‪.‬‬

‫‪187‬‬ ‫زيارة المقابر‬ ‫تنق�سم زيارة القبور إ�لى ثلاثة �أق�سام‪:‬‬ ‫‪ 1‬زيارة م�ستحبة وهي زيارة القبور لتذكر الموت والقبر والدار ا آلخرة‪ ,‬قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪:‬‬ ‫\"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها\"‪ ،‬وفي رواية‪\" :‬ف�إنها تذكر الآخرة\"(م�سلم‪,977‬الترمذي‪.)1054‬وهي‬ ‫زيارة للقبور في ذات البلد‪ ,‬ولي�س فيها �سفر و�شد للرحال‪ ,‬والذي لا يكون قربة �إلا للم�ساجد الثلاثة‪.‬‬ ‫‪ 2‬زيارة مباحة وهي الزيارة لمق�صد مباح ولي�س لتذكر الموت‪ ،‬ولا ت�شتمل على محرم‪ ،‬مثل �أن يزور قبر‬ ‫قريب له �أو �صديق‪ ،‬ولي�س في نيته وق�صده تذكر الدار ا آلخرة‪.‬‬ ‫‪ 3‬زيارة محرمة وهي الزيارة التي ي�صاحبها �شيء من المحرمات والبدع وال�شركيات كالجلو�س على القبر‬ ‫والم�شي عليه‪ ,‬واللطم والعويل ورفع ال�صوت بالبكاء‪ ,‬أ�و أ�ن ي�صاحبها �شيء من البدع وال�شركيات كالتبرك‬ ‫بالقبر والتم�سح به‪� ،‬أو �س�ؤال �صاحب القبر والا�ستغاثة به‪� ،‬أو التو�سل به‪.‬‬ ‫ينبغي عند زيارة القبور الانتباه لعدم الجلو�س أ�و الم�شي على القبر احترا ًما للميت‪ ،‬وتكري ًما له‪ ،‬ولهذا ب َّين‬ ‫النبي �صلى الله عليه و�سلم عقوبة ذلك فقال‪\" :‬لأن يجل�س �أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخل�ص �إلى‬ ‫جلده‪ ،‬خي ٌر له من أ�ن يجل�س على قبر\" (م�سلم ‪.)971‬‬

‫‪ 188‬الموت والجنازة‬ ‫الوصية‬ ‫ي�شرع للم�سلم أ�ن يو�صي قبل وفاته فيما يتعلق ب�أموره المالية‪ ،‬وقد قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬ما حق‬ ‫امرئ م�سلم له �شيء يو�صي فيه يبيت ليلتين �إلا وو�صيته مكتوبة عنده\" قال ابن عمر‪ :‬ما مرت عل ّي ليلة منذ �سمعت‬ ‫ر�سول الله‪�-‬صلى الله عليه و�سلم‪-‬يقول ذلك إ�لا وعندي و�صيتي‪( .‬البخاري ‪ ،2738‬م�سلم ‪.)1627‬‬ ‫َو ِ�ص َّي ٍة‬ ‫َب ْع ِد‬ ‫} ِم ْن‬ ‫المواريث‪:‬‬ ‫عن‬ ‫فقال‬ ‫المواريث‪،‬‬ ‫ق�سمة‬ ‫على‬ ‫الديون‬ ‫ووفاء‬ ‫الو�صية‬ ‫الله في كتابه تنفيذ‬ ‫ُيو َ�صوىق ِدب َهقا َّدَأ� ْوم‬ ‫َد ْي ٍن{ (الن�ساء‪.)11 :‬‬ ‫ولهذه الو�صية عدة �أحوال‪:‬‬ ‫‪ 1‬و�صية واجبة‪� :‬إذا كان على الم�سلم ديون �أو حقوق مالية ولا بينة أ�و وثائق تظهر ذلك‪ ،‬فتجب الو�صية‬ ‫لتوثيق تلك الحقوق؛ وذلك ألن وفاء الدين واجب‪ ،‬وما لا يتم الواجب �إلا به فهو واجب‪.‬‬ ‫‪ 2‬و�صية م�ستحبة‪ :‬وهي تبرع الم�سلم بعد موته بجزء من ماله في �شيء من مجالات الخير؛ كال�صدقة على‬ ‫بع�ض الأقارب الفقراء ونحو ذلك‪ ،‬وي�شترط لها عدد من الأمور‪:‬‬ ‫ • �أن لا تكون الو�صية لأحد الورثة‪،‬‬ ‫فالله قد ق�ّسم لهم ن�صيبهم‪ ،‬وقال‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬لا و�صية‬ ‫لوارث\" ( أ�بو داود ‪ ،3565‬الترمذي‬ ‫‪ ،2120‬ابن ماجه ‪.)2713‬‬ ‫• ينبغي أ�ن تكون الو�صية ب�أقل من‬ ‫ثلث المال‪ ،‬ويجوز أ�ن تكون بثلث‬ ‫المال‪ ،‬ويحرم �أكثر من ذلك‪،‬‬ ‫ول َّما أ�راد �أحد ال�صحابة الكرام‬ ‫أ�ن يو�صي ب�أكثر من ثلث ماله نهاه‬ ‫النبي �صلى الله عليه و�سلم وقال‪:‬‬ ‫\"الثلث والثلث كثير\" (البخاري‪،2744‬‬ ‫م�سلم ‪.)1628‬‬ ‫قال �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬أ�ف�ضل ال�صدقة �سقي الماء\"‪.‬‬ ‫ • �أن يكون المو�صي غن ًّيا وما يتبقى‬ ‫من المال يكفي الورثة‪ ،‬أ�ما إ�ن‬ ‫كان المو�صي فقي ًرا أ�و كان الورثة‬ ‫محتاجين لذلك المال‪ ،‬فتكره‬

‫‪189‬‬ ‫الو�صية؛ لأن في ذلك ت�ضيي ًقا على الورثة‪ ،‬وقد قال �صلى الله عليه و�سلم لل�صحابي �سعد بن أ�بي وقا�ص‬ ‫ر�ضي الله عنه ل َّما �أراد �أن يو�صي‪�\" :‬إنك إ�ن تذر ورثتك �أغنياء خير من أ�ن تذرهم عالة يتكففون النا�س\"‬ ‫(البخاري ‪ ،2744‬م�سلم ‪.)1628‬‬ ‫الميراث‬ ‫�إذا مات الإن�سان لم يعد يملك �أمواله التي ك�سبها في حياته‪ ،‬وقد �شرع لنا ا إل�سلام ق�سمة الميراث و إ�عطاء كل‬ ‫ذي حق حقه‪ ،‬وذلك بعد �سداد الديون التي على الميت و�إنفاذ و�صاياه‪.‬‬ ‫وقد و�ضح لنا القر آ�ن و�سنة ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم طريقة ق�سمة المواريث‪ ،‬حتى لا يح�صل خلاف بين‬ ‫الورثة‪ ،‬فالحاكم في الإرث هو �أحكم الحاكمين �سبحانه ‪ ،‬فلا يجوز لأحد تغييرها أ�و تبديلها بحجة مخالفة ذلك‬ ‫َج َّنا ٍت‬ ‫ُي ْد ِخ ْل ُه‬ ‫َو َر�ُسو َل ُه‬ ‫الل َه‬ ‫ُي ِط ِع‬ ‫َو َم ْن‬ ‫الل ِه‬ ‫ُح ُدو ُد‬ ‫المواريث‪ِ } :‬ت ْل َك‬ ‫عز وجل بعد �آية‬ ‫لعادات البلد والنا�س‪ ،‬ولهذا قال‬ ‫‪.)13‬‬ ‫ا ْل َع ِظي ُم{ (الن�ساء‪:‬‬ ‫ِفي َها َو َذ ِل َك ا ْل َف ْو ُز‬ ‫َت ْج ِري ِم ْن َت ْح ِت َها ا ْ ألَ ْن َها ُر َخا ِل ِدي َن‬ ‫وينبغي لأولاد الميت و�أقاربه بعد وفاة قريبهم الرجوع ألهل العلم والق�ضاء ليعرفوا كيفية ق�سمة الميراث‬ ‫ال�شرعية على التف�صيل‪ ،‬والبعد عن المنازعات المالية والمخا�صمات‪.‬‬ ‫أ�موال ا إلرث مهما بلغت �أحقر من �أن تف�سد علاقة الم�سلم ب إ�خوته وعائلته‪.‬‬

‫‪ 190‬أخلاق المسلم‬

‫‪191‬‬ ‫أخلاق المسلم‬ ‫‪8‬‬ ‫الأخ�ل�اق في ا إل�س�ل�ام لي�س��ت تر ًف��ا ولا تكمي�ًل اً ‪ ،‬ولكنه��ا‬ ‫ج��زء را�س��خ مرتب��ط بالدين م��ن كل جوانب��ه‪ ،‬ف ِل ألخلاق‬ ‫في الإ�س�ل�ام �أعظ��م المراتب و أ�على المن��ازل‪ .‬ويظهر ذلك في‬ ‫جمي��ع أ�حكام ا إل�س�ل�ام وت�شريعاته‪ ،‬وقد ُبع��ث النبي �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم ليتمم مكارم ا ألخلاق‪.‬‬ ‫مكانة الأخلاق في ا إل�سلام �صور من حياة النبي �صلى الله عليه و�سلم‬ ‫مزايا ا ألخلاق في الإ�سلام‬

‫‪ 192‬أخلاق المسلم‬ ‫أخلاق المسلم‬ ‫مكانة الأخلاق في الإسلام‬ ‫�أن ا ألخلاق من أ�هم مقا�صد بعثة النبي‬ ‫‪1‬‬ ‫محمد �صلى الله عليه و�سلم للنا�س‪:‬‬ ‫قال تعالى‪ُ } :‬ه َو ا َّل ِذي َب َع َث ِفي لْ ُأا ِّم ِّيي َن َر�ُسولاً‬ ‫ِم ْن ُه ْم َي ْت ُلو َع َل ْي ِه ْم آ� َيا ِت ِه َو ُي َز ِّكي ِه ْم{ (الجمعة‪ ،)2 :‬فيمتن‬ ‫الله على الم ؤ�منين ب�أنه أ�ر�سل ر�سوله لتعليمهم القر�آن‬ ‫وتزكيتهم‪ ،‬والتزكية بمعنى تطهير القلب من ال�شرك‬ ‫ول أاخلاق الرديئة كالغل والح�سد وتطهير لاأقوال‬ ‫ولاأفعال من لاأخلاق والعادات ال�سيئة‪ ،‬وقد قال عليه‬ ‫ال�صلاة وال�سلام بكل و�ضوح‪�\" :‬إنما بعثت لأتمم مكارم‬ ‫لاأخلاق\" (البيهقي ‪ )21301‬ف أ�حد أ�هم أ��سباب البعثة هو‬ ‫الرقي وال�سمو ب أ�خلاق الفرد والمجتمع‪.‬‬ ‫أ�ن الأخلاق جزء وثيق من ا إليمان‬ ‫‪2‬‬ ‫والاعتقاد‪:‬‬ ‫( إ�نما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)‬ ‫ولما �ُسئل الر�سول �صلى الله عليه و�سلم‪ :‬أ�ي‬ ‫‪� 3‬أن الأخلاق مرتبطة بكل �أنواع العبادة‪:‬‬ ‫الم�ؤمنين �أف�ضل �إيما ًنا؟ قال �صلى الله عليه و�سلم‪:‬‬ ‫فلا تجد الله ي�أمر بعبادة إ�لا وينبه إ�لى مق�صدها‬ ‫لاأخلاقي �أو �أثرها على النف�س والمجتمع‪ ،‬و أ�مثلة هذا‬ ‫\" أ�ح�سنهم �أخلا ًقا\" (الترمذي ‪� ،1162‬أبو داود ‪.)4682‬‬ ‫كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫فقال تعالى‪َ } :‬ل ْي� َس ا ْل ِب َّر‬ ‫�سمى الله لاإيمان ب ًرا‪،‬‬ ‫وقد‬ ‫أَ� ْن‬ ‫ال�صلاة‪َ }:‬و َأ� ِق ِم ال َّ�صلاَ َة ِ�إ َّن ال َّ�صلاَ َة َت ْن َهى َع ِن‬ ‫َوا ْل َم ْغ ِر ِب َو َل ِك َّن ا ْل ِب َّر َم ْن‬ ‫ُو ُجو َه ُك ْم ِق َب َل ا ْل َم�ْش ِر ِق‬ ‫ُت َو ُّلوا‬ ‫آ� َم َن ِبالل ِه َوا ْل َي ْو ِم لْاآ ِخ ِر َوا ْل َملاَ ِئ َك ِة َوا ْل ِك َتا ِب َوال َّن ِب ِّيي َن{‬ ‫ا ْل َف ْح�َشا ِء َوا ْل ُم ْن َك ِر{ (العنكبوت‪.)45 :‬‬ ‫(البقرة‪ ،)177 :‬والبر ا�سم جامع لأنواع الخير من‬ ‫الزكاة‪ُ }:‬خ ْذ ِم ْن َ�أ ْم َوا ِل ِه ْم َ�ص َد َق ًة ُت َط ِّه ُر ُه ْم َو ُت َز ِّكي ِه ْم‬ ‫ل أاخلاق ول أاقوال ول أافعال‪ ،‬ولهذا قال النبي �صلى الله‬ ‫ِب َها{ (التوبة‪ ،)103 :‬فمع أ�ن حقيقة الزكاة �إح�سان للنا�س‬ ‫عليه و�سلم‪\" :‬البر ح�سن الخلق\" (م�سلم ‪.)2553‬‬ ‫وموا�ساتهم فهي كذلك تهذب النف�س وتزكيها من‬ ‫ويظهر ل أامر بجلاء في قول النبي �صلى الله عليه‬ ‫ل أاخلاق ال�سيئة‪.‬‬ ‫و�سلم‪\" :‬لاإيمان ب�ضع و�ستون �شعبة‪ ،‬ف أ�ف�ضلها قول لا‬ ‫إ�له �إلا الله‪ ،‬و أ�دناها إ�ماطة ل أاذى عن الطريق‪ ،‬والحياء‬ ‫�شعبة من لاإيمان\" (م�سلم ‪.)35‬‬

‫‪193‬‬ ‫ال�صيام‪ُ }:‬ك ِت َب َع َل ْي ُك ُم ال ِّ�ص َيا ُم َك َما ُك ِت َب َع َلى ا َّل ِذي َن ِم ْن َق ْب ِل ُك ْم‬ ‫َل َع َّل ُك ْم َت َّت ُقو َن{ (البقرة‪ )183 :‬فالمق�صد هو تقوى الله بفعل �أوامره‬ ‫واجتناب نواهيه‪ ،‬ولذلك يقول �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬من لم‬ ‫يدع قول الزور والعمل‬ ‫به فلي�س لله حاجة في‬ ‫أ�ن يدع طعامه و�شرابه\"‬ ‫(البخاري ‪ )1804‬فمن لم ي ؤ�ثر �صيامه‬ ‫في نف�سه و أ�خلا ِقه مع النا�س لم يحقق هدف ال�صوم‪.‬‬ ‫لح�سن‬ ‫الله‬ ‫أ�عده‬ ‫الذي‬ ‫الكبيـر‬ ‫وا ألجر‬ ‫العظيمة‬ ‫الف�ضائل‬ ‫ ‬ ‫‪4‬‬ ‫الخلق‪:‬‬ ‫ول أادلة على ذلك كثيرة من الكتاب وال�سنة ومن ذلك‪:‬‬ ‫• �أنه أ�ثقل ا ألعمال ال�صالحة في الميزان يوم القيامة‪:‬‬ ‫يقول النبي �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬ما من �شيء يو�ضع في الميزان أ�ثقل من ح�سن الخلق‪ ،‬و�إن‬ ‫�صاحب ح�سن الخلق ليبلغ به درجة �صاحب ال�صوم وال�صلاة\" (الترمذي ‪.)2003‬‬ ‫ • �أنه �أكبر الأ�سباب لدخول الجنة‪:‬‬ ‫يقول النبي �صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬أكثر ما يدخل النا�س الجنة تقوى الله وح�سن الخلق\"‬ ‫(الترمذي ‪ ،2004‬ابن ماجه ‪.)4246‬‬ ‫• �أن َح�َسن الخلق أ�قرب النا�س منزلة من ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم يوم القيامة‪:‬‬ ‫كما قال �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬إ�ن من �أحبكم �إلي و�أقربكم مني مجل�ًسا يوم القيامة أ�حا�سنكم‬ ‫أ�خلا ًقا\" (الترمذي ‪.)2018‬‬ ‫• أ�ن منزلته في �أعلى الجنة ب�ضمان الر�سول �صلى الله عليه و�سلم وت أ�كيده‪:‬‬ ‫قال �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬أ�نا زعيم ببيت في رب�ض الجنة لمن ترك المراء و إ�ن كان محقا‪،‬‬ ‫وببيت في و�سط الجنة لمن ترك الكذب و�إن كان مازحا‪ ،‬وببيت في أ�على الجنة لمن ح�سن خلقه\"‬ ‫(�أبو داود ‪ )4800‬ومعنى زعيم �أي‪� :‬ضامن‪.‬‬

‫‪ 194‬أخلاق المسلم‬ ‫مزايا الأخلاق في الإسلام‬ ‫تتميـز الأخلاق في ا إل�سـلام بعدد من المزايا والخ�صائ�ص التي ينفرد بها هذا الدين العظيم ومن ذلك‪:‬‬ ‫‪ 1‬ا ألخلاق الفا�ضلة لي�ست خا�صة بنوع من النا�س‪:‬‬ ‫فالله خلق النا�س �أ�شكالاً و�ألوا ًنا وبلغات �شتى‪ ،‬وجعلهم في ميزان الله �سوا�سية لا ف�ضل لواحد منهم على ل آاخر‬ ‫�ُش ُعو ًبا‬ ‫َو َج َع ْل َنا ُك ْم‬ ‫َو أُ� ْن َثى‬ ‫َذ َك ٍر‬ ‫ِم ْن‬ ‫َخ َل ْق َنا ُك ْم‬ ‫ِ�إ َّنا‬ ‫ال َّنا� ُس‬ ‫ِإ�وتَّنق َ�أو ْاكهَر َوم ُك�صْملاِع ْنح َهد‪،‬الكل ِهما َ�أ ْتقَقاالُك ْمج{ل(اولعحلجا‪:‬رات}‪َ:‬يا‪�13‬أَ ُّي) َ‪.‬ها‬ ‫إ�لا بقدر �إيمانه‬ ‫َو َق َبا ِئ َل ِل َت َعا َر ُفوا‬ ‫ولاأخلاق الح�سنة تميز علاقة الم�سلم بجميع النا�س لا فرق بين غني وفقير‪ ،‬أ�و رفيع �أو و�ضيع‪ ،‬ولا أ��سود ولا‬ ‫أ�بي�ض‪ ،‬ولا عربي ولا عجمي‪.‬‬ ‫الأخلاق مع غير الم�سلمين‪:‬‬ ‫ي أ�مرنا الله عز وجل ب إ�ح�سان الخلق مع الجميع‪ ،‬فالعدل ولاإح�سان والرحمة خلق الم�سلم الذي يتمثله في �سلوكه‬ ‫و أ�قواله مع الم�سلم والكافر‪ ،‬ويحر�ص أ�ن يكون ذلك الخلق الح�سن هو طريقه لدعوة غير الم�سلمين لهذا الدين‬ ‫العظيم‪.‬‬ ‫قال تعالى‪} :‬لاَ َي ْن َها ُك ُم الل ُه َع ِن ا َّل ِذي َن َل ْم ُي َقا ِت ُلو ُك ْم ِفي ال ِّدي ِن َو َل ْم ُي ْخ ِر ُجو ُك ْم ِم ْن ِد َيا ِر ُك ْم �أَ ْن َت َب ُّرو ُه ْم َو ُت ْق�ِس ُطوا‬ ‫ِإ� َل ْي ِه ْم ِ�إ َّن الل َه ُي ِح ُّب ا ْل ُم ْق�ِس ِطي َن{(الممتحنة‪.)8 :‬‬ ‫َي ْن َها ُك ُم‬ ‫َاعلَلكىف�إِر ْخو َارلا�ِشج ُرك ْمك‪�،‬أَ ْنك َتم َاو َّل ْقواُهل ْمتع َوا َلم ْىن‪َ :‬ي َت}َوِإ�َّلَّن ُهَم ْام‬ ‫الل ُه‬ ‫َف ُأ�و َل ِئ َك‬ ‫و�إنما حرم الله علينا موالاة الكفار ومحبة ما هم عليه من‬ ‫َع ِن‬ ‫ُه ُم‬ ‫ا َّل ِذي َن َقا َت ُلو ُك ْم ِفي ال ِّدي ِن َو َأ� ْخ َر ُجو ُك ْم ِم ْن ِد َيا ِر ُك ْم َو َظا َه ُروا‬ ‫ال َّظا ِل ُمو َن{ (الحجرات‪.)9 :‬‬

‫‪195‬‬ ‫‪ 2‬الأخلاق الفا�ضلة لي�ست خا�صة بالإن�سان‪:‬‬ ‫ا ألخلاق مع الحيوانات‪:‬‬ ‫فالر�سول �صلى الله عليه و�سلم يخبرنا عن امر�أة‬ ‫دخلت النار ب�سبب حب�سها لهرة فماتت من الجوع‪ ،‬كما‬ ‫يخبرنافيالمقابلعنرجلغفراللهلهذنوبهب�سبب�سقيه‬ ‫لكلب ا�شتد به العط�ش‪ ،‬قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬دخلت‬ ‫امر�أ ٌة النا َر في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها ت�أكل‬ ‫من خ�شا�ش ل أار�ض\" (البخاري‪،3140‬م�سلم‪.)2619‬‬ ‫وقال عليه ال�صلاة وال�سلام‪\" :‬بينما رجل يم�شي‬ ‫بطريق ا�شتد عليه العط�ش‪ ،‬فوجد بئ ًرا فنزل فيها‬ ‫ف�شرب‪ ،‬ثم خرج ف إ�ذا كلب يلهث ي أ�كل الثرى من العط�ش‪،‬‬ ‫فقال الرجل‪ :‬لقد بلغ هذا الكلب من العط�ش مثل الذي‬ ‫كان بلغ مني‪ ،‬فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أ�م�سكه بفيه‬ ‫حتى رقي ف�سقى الكلب‪ ،‬ف�شكر الله له فغفر له\" قالوا‪:‬‬ ‫يا ر�سول الله و�إن لنا في هذه البهائم ألجرا؟ فقال‪\" :‬في‬ ‫كل كبد رطبة أ�جر\" (البخاري ‪ ،5663‬م�سلم ‪.)2244‬‬ ‫(في كل كبد رطبة أ�جر)‬ ‫ا ألخلاق للمحافظة على البيئة‪:‬‬ ‫قامت ال�ساعة وبيد أ�حدكم ف�سيلة ف�إن ا�ستطاع أ�ن لا‬ ‫في�أمرنا لاإ�سلام بعمارة ل أار�ض بمعنى العمل فيها‬ ‫تقوم حتى يغر�سها فليفعل\" ( أ�حمد ‪.)12981‬‬ ‫والتطوير ول إانتاج وت�شييد الح�ضارة مع المحافظة على‬ ‫هذه النعمة والنهي عن �إف�سادها ولاإ�سراف في ا�ستغلال‬ ‫مواردها‪� ،‬سواء �أكان ذلك ل إاف�ساد يعود على ل إان�سان أ�و‬ ‫الحيوان أ�و النبات‪ ،‬ف إ�نه عمل يرده ل إا�سلام ويبغ�ضه‪،‬‬ ‫فالله �سبحانه لا يحب الف�ساد في جميع جوانب الحيـاة‪،‬‬ ‫كما قـال تعالى‪َ } :‬والل ُه لاَ ُي ِح ُّب ا ْل َف�َسا َد{ (البقرة‪.)205 :‬‬ ‫وي�صل هذا الاهتمام إ�لى حد أ�ن يو�صي النبي �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم الم�سلمين بفعل الخير وزراعة لاأر�ض‬ ‫حتى في �أ�صعب الظروف و أ�حرج اللحظات فيقول‪�\" :‬إن‬

‫‪ 196‬أخلاق المسلم‬ ‫‪ 3‬ا ألخلاق الفا�ضلة في جميع مجالات الحياة‪:‬‬ ‫الأ�سرة‪:‬‬ ‫ي ؤ�كدل إا�سلامعلى أ�هميةل أاخلاقفيمجالل أا�سرةبينجميع�أفرادالعائلة‪:‬فيقول‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬خيركم خيركم ألهله‪ ،‬و أ�نا خيركم لأهلي\"(الترمذي‪.)3895‬‬ ‫وكان �صلى الله عليه و�سلم وهو أ�ف�ضل الب�شر يقوم ب�أعمال المنزل‬ ‫وي�ساعد �أهله في كل �صغيرة وكبيرة‪ ،‬كما تروي زوجتــه عائ�شـــة‬ ‫ر�ضي الله عنها فتقول‪\" :‬كان يكون في مهنة أ�هله\" (البخاري ‪ )5048‬أ�ي‬ ‫ي�ساعدهم ويقوم بما يقومون به من �أعمال البيت‪.‬‬ ‫وكان يمازح �أهله ويلاعبهم‪ ،‬فتروي زوجته عائ�شة ر�ضي الله عنها‬ ‫فتقول‪\" :‬خرجت مع النبي �صلى الله عليه و�سلم في بع�ض أ��سفاره و�أنا‬ ‫جارية لم �أحمل اللحم ولم �أبدن‪ ،‬فقال للنا�س‪\" :‬تقدموا\"‪ ،‬فتقدموا‪ ،‬ثم‬ ‫قال لي‪\" :‬تعالي حتى �أ�سابقـك\"‪ ،‬ف�سابقتـه ف�سبقته‪ ،‬ف�سكت عني حتى �إذا‬ ‫حملت اللحم وبدنت ون�سيت خرجت معه في بع�ض �أ�سفاره‪ ،‬فقال للنا�س‪:‬‬ ‫\"تقدموا\"‪ ،‬فتقدموا‪ ،‬ثم قال‪\" :‬تعالي حتى أ��سابقك\"‪ ،‬ف�سابقته‪ ،‬ف�سبقني‪ ،‬فجعل‬ ‫ي�ضحك وهو يقول‪\" :‬هذه بتلك\" (�أحمد ‪.)26277‬‬ ‫التجارة‪:‬‬ ‫فربما طغى حب المال على لاإن�سان فتجاوز الحد ووقع في المحرم‪ ،‬في�أتي لاإ�سلام للت�أكيد على أ�همية �ضبط‬ ‫ذلك بالأخلاق الفا�ضلة‪ ،‬ومن هذه الت�أكيدات‪:‬‬ ‫ •ينهى‬ ‫اا َّلل ِتذيج َانوِ�إزَذاواالْك َتظالُلوماف َع َيل اىلاملوَّنااز�ِيسنَيو�ْسي َتت ْوو ُفعودَنم•ن َو�ِإف َعذال َكذا ُللوكُهبْم�أ َ�أ� ْشوـ َود َزا ُنلوع ُقهوْمبـ ُاي ْخت�‪ِ،‬س ُكرمواَنقا{(لالتمباطرففيكنو‪:‬ت‪1‬عا‪-‬ل‪)3‬ى‪.:‬‬ ‫ا إل�سلام عن‬ ‫} َو ْي ٌل‬ ‫ِل ْل ُم َط ِّف ِفي َن •‬ ‫ •يحث على ال�سماحة واللين في البيع وال�شراء‪ ،‬كما قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬رحم الله رجلاً �سم ًحا �إذا باع‬ ‫و�إذا ا�شترى و�إذا اقت�ضى\" (البخاري ‪.)1970‬‬ ‫ال�صناعة‪:‬‬ ‫ي ؤ�كد لاإ�سلام على ال ُ�ص َّناع عد ًدا من ل أاخلاق والمعايير‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ •�إتقان العمل و إ�خراجه في �أح�سن �صورة‪ ،‬كما قال �صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬إن الله يحب إ�ذا عمل �أحدكم عملاً‬ ‫أ�ن يتقنه\" (�أبو يعلى ‪ ،4386‬البيهقي في �شعب ل إايمان ‪.)5313‬‬ ‫ •الالتزام بالمواعيد المبرمة مع النا�س‪ ،‬قال �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬آ�ية المنافق ثلاث\" وذكر منها‪\" :‬و�إذا‬ ‫وعد �أخلف\" (البخاري ‪.)33‬‬

‫‪197‬‬ ‫‪ 4‬الأخلاق الفا�ضلة في جميع الحالات‪:‬‬ ‫فلا يوجد في لاإ�سلام ا�ستثناءات في باب لاأخلاق‪ ،‬والم�سلم محكوم بتطبيق �شرع الله وامتثال ل أاخلاق الح�سنة‬ ‫حتى في الحروب و أ��شد الظروف‪ ،‬فنبل الهدف والغاية لا يبرر الو�سيلة ال�سيئة ولا يغطي خط أ�ها و�ضلالها‪.‬‬ ‫ولهذا و�ضع ل إا�سلام القواعد التي تحكم الم�سلم وت�ضبط ت�صرفاته حتى عند العداوة والحرب‪ ،‬حتى لا يكون‬ ‫لاأمر خ�ضو ًعا لغرائز الغ�ضب والتع�صب‪ ،‬و إ��شبا ًعا لنوازع الحقد والق�سوة ولاأنانية‪.‬‬ ‫من أخلاق الإسلام في الحرب‬ ‫‪ 1‬ا ألمر بالعدل والإن�صاف مع الأعداء والنهي عن ظلمهم والاعتداء عليهم‪:‬‬ ‫كما قال تعالى‪َ } :‬ولاَ َي ْج ِر َم َّن ُك ْم �َش َن�آ ُن َق ْو ٍم َع َلى �أَلاَّ َت ْع ِد ُلوا ا ْع ِد ُلوا ُه َو �َأ ْق َر ُب ِلل َّت ْق َوى{ (المائدة‪ )8 :‬أ�ي‪ :‬لا يحملكم‬ ‫بغ�ضكم ألعدائكم �أن تتجاوزوا وتظلموا‪ ،‬بل التزموا بالعدل في أ�قوالكم و أ�فعالكم‪.‬‬ ‫‪ 2‬النهي عن الغدر والخيانة مع ا ألعداء‪:‬‬ ‫فالغـدر والخيانة محرمة حتى مع لاأعداء‪ ،‬كما‬ ‫قال تعالى‪ }:‬إِ� َّن الل َه لاَ ُي ِح ُّب ا ْل َخا ِئ ِني َن{ (ل أانفال‪.)58 :‬‬ ‫‪ 3‬النهي عن التعذيب والتمثيل بالجثث‪:‬‬ ‫فيحرم التمثيل بالموتى‪ ،‬كما قال �صلى الله عليه‬ ‫و�سلم‪\" :‬ولا تمثلوا\" (م�سلم ‪.)1731‬‬ ‫‪ 4‬النهي عن قتل المدنيين الذي لا ي�شاركون‬ ‫في الحروب وعن �إف�ساد الأر�ض والبيئة‪:‬‬ ‫وهذا �أبو بكر ال�صديق ر�ضي الله عنه خليفة‬ ‫الم�سلمين و أ�ف�ضل ال�صحابة يو�صي �أ�سامة بن زيد‬ ‫حين بعثه قائ ًدا لجي�ش �إلى ال�شام‪..\" :‬لا تقتلوا طفلاً‬ ‫�صغي ًرا‪ ،‬ولا �شي ًخا كبي ًرا‪ ،‬ولا امر أ�ة‪ ،‬ولا تعقروا نخلاً‬ ‫وتحرقوه‪ ،‬ولا تقطعوا �شجرة مثمرة‪ ،‬ولا تذبحوا �شاة‪،‬‬ ‫ولا بقرة‪ ،‬ولا بعي ًرا إ�لا لم أ�كلة‪ ،‬و�سوف تمرون ب أ�قوام‬ ‫قد فرغوا أ�نف�سهم في ال�صوامع فدعوهم وما فرغوا‬ ‫أ�نف�سهم له\" (ابن ع�ساكر ‪.)50/2‬‬ ‫الم�سلم ملتزم ب�أخلاقه حتى في �أحلك الظروف‬

‫‪ 198‬أخلاق المسلم‬ ‫صور من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه‬ ‫�صفات وف�ضائل للنبي �صلى الله عليه و�سلم منقو�شة على قبلة الم�سجد النبوي‪.‬‬ ‫كان ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم مثا اًل ألرقى الأخلاق الإن�سانية‪،‬‬ ‫ولهذا و�صف القر�آن خلقه بالعظمة‪ ،‬ولم تجد زوجته عائ�شة ر�ضي الله‬ ‫عنها و�ص ًفا أ�دق في التعبير عن خلقه فقالت‪\" :‬كان خلقه القر�آن\" أ�ي‪ :‬كان‬ ‫نموذ ًجا عمل ًيا لتطبيق تعاليم القر آ�ن و�أخلاقه‪.‬‬ ‫التواضع‬ ‫• لم يكن ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم ير�ضى من أ�حد �أن يقوم له تعظي ًما ل�شخ�صه‪ ،‬بل كان ينهى‬ ‫�أ�صحابه عن فعل ذلك؛ حتى �إن ال�صحابة ر�ضوان الله عنهم‪ ،‬مع �شدة حبهم له‪ ،‬لم يكونوا يقومون له‬ ‫�إذا ر�أوه قاد ًما‪ ،‬وما ذلك �إلا لعلمهم �أنه كان يكره ذلك‪�( .‬أحمد ‪ ،12345‬الب ّزار ‪.)6637‬‬ ‫• جاءه عدي بن حاتم ر�ضي الله عنه قبل أ�ن ي�سلم وكان من وجهاء العرب‪ ،‬يريد معرفة حقيقة دعوته‪،‬‬ ‫قال عدي‪\" :‬ف أ�تيته ف�إذا عنده امر�أة و�صبيان �أو �صبي ‪-‬فذكر قربهم من النبي �صلى الله عليه و�سلم‪-‬‬ ‫فعرفت أ�نه لي�س ملك ك�سرى ولا قي�صر\" ( أ�حمد ‪ )19381‬فالتوا�ضع خلق لاأنبياء جمي ًعا‪.‬‬

‫‪199‬‬ ‫ • كان يجل�س مع أ��صحابه كواحد منهم‪ ،‬ولم يكن يجل�س مجل�ًسا يميزه عمن حوله‪ ،‬حتى إ�ن الغريب الذي‬ ‫لا يعرفه‪ ،‬إ�ذا دخل مجل�ًسا هو فيه‪ ،‬لم ي�ستطع أ�ن يفرق بينه وبين �أ�صحابه‪ ،‬فكان ي�س أ�ل‪ :‬أ�يكم محمد؟‬ ‫(البخاري ‪.)63‬‬ ‫ • عن أ�ن�س بن مالك ر�ضي الله عنه قال‪\" :‬كانت ل أامة من �إماء أ�هل المدينة لت أ�خذ بيد ر�سول الله �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم فتنطلق به حيث �شاءت\"(البخاري ‪ )5724‬والمق�صود من لاأخذ باليد‪ :‬الرفق والانقياد‬ ‫لل�صغير وال�ضعيف‪ ،‬وقد ا�شتمل على أ�نواع من المبالغة في توا�ضعه �صلى الله عليه و�سلم؛ لذكره المر�أة دون‬ ‫الرجل‪ ،‬ول أامة دون الحرة‪ ،‬و أ�نها ت�أخذه حيث �شاءت لق�ضاء حوائجها‪.‬‬ ‫ • قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر\" (م�سلم ‪.)91‬‬ ‫ي�سجد الم�سلم على الأر�ض في كل �صلاة ليتذكر أ�نه مخلوق من‬ ‫تراب فيمحو كل �أثر للكبر من قلبه‪.‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook