Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore دليل المسلم الميسر - المؤلف : فهد بن سالم باهمام

دليل المسلم الميسر - المؤلف : فهد بن سالم باهمام

Published by Ismail Rao, 2021-03-19 07:28:23

Description: وقد حرصنا في هذا الكتاب أن نعرض لجميع مهمات الإسلام من تصورات واعتقادات وشرائع وأخلاقيات بأسلوب ميسر واضح المقصود، محدد الإجراءات والخطوات.مع عدد من الصور التي تزيد الإدراك والتأمل في المعاني، ليكون مرجعا ودليلا تعليميا مشوقا للمسلمين باختلاف تخصصاتهم.
وستجد بعون الله أن الكتاب بين يديك يحرص على استلهام الأسلوب القرآني في ذكر أحكام الدين وشرائعه، فلم يركز على ما يجب فعله أو تركه فقط، ولكنه فوق ذلك يعرج على روح تلك العبادات ومقاصدها وآثارها. ويجيب عن أسئلة غاية في الأهمية لتعلم الدين، لا سيما في هذا العصر سريع التغيرات، مثل: لماذا؟ كيف؟ وماذا علي إن تغيرت الأحوال؟

Search

Read the Text Version

‫‪ 50‬إيمان المسلم‬ ‫ما حقيقة العبادة؟‬ ‫} َو َما َخ َل ْق ُت ا ْل ِج َّن َوا ْ إِل ْن� َس إ�ِ اَّل ِل َي ْع ُب ُدو ِن‬ ‫• َم��ا ُأ� ِري�� ُد ِم ْن ُه�� ْم ِم�� ْن ِر ْز ٍق َو َما ُأ� ِري�� ُد َ�أ ْن‬ ‫ُي ْط ِع ُم��و ِن ِإ� َّن الل َه ُه َو ال�� َّر َّزا ُق ُذو ا ْل ُق َّو ِة‬ ‫ا ْل َم ِتي ُن{ (الذاريات‪.)57-56 :‬‬ ‫العبادة هي‪ :‬الطاعة المط َلقة مع المحبة والتعظيم والخ�ضوع‪ ،‬وهي ح ّق الله على عباده‪ ،‬يخت�ّص‬ ‫بها وحده دون �سواه ‪ ،‬وت�شمل كل ما يح ّبه الله وير�ضاه من لاأقوال ولاأعمال التي �أمر بها وندب النا�س‬ ‫�إليها‪� ،‬سواء �أكانت من ل أاعمال الظاهرة كال�صلاة والزكاة والحج‪ ،‬أ�م من لاأعمال الباطنة مثل‬ ‫ذكرالله بالقلب والخوف منه‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬والا�ستعانة به‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫تنوع العبادات‬ ‫يتنوعون في ميولهم وقدراتهم‪ ،‬فمنهم من يجد ن�شا ًطا‬ ‫من رحمة الله بعباده �أن ن ّوع لهم العبادات‪ ،‬فمنها‪:‬‬ ‫وج ًّدا في عبادة أ�كثر من غيرها‪ ،‬فربما ُح ّبب لأحدهم‬ ‫عبادات قلبية‪ :‬كحب الله‪ ،‬والخوف منه‪،‬‬ ‫ل إاح�سان إ�لى النا�س‪ ،‬و آ�خر ُي�ِّسر له الازدياد من �صيام‬ ‫والتوكل عليه‪ ،‬وهي أ�جل العبادات و�أف�ضلها‪.‬‬ ‫النفل‪ ،‬وثالث تعلق قلبه بقراءة القر�آن وحفظه‪.‬‬ ‫عبادات بدنية‪ :‬منها ما يخت�ص بالل�سان‪ ،‬كذكر‬ ‫وقد قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬فمن كان من �أهل‬ ‫الله‪ ،‬وقراءة القر�آن‪ ،‬والقول الح�سن الجميل‪ .‬ومنها ما‬ ‫ال�صلاة دعي ( أ�ي‪ :‬إ�لى دخول الجنة) من باب ال�صلاة‪،‬‬ ‫يخت�ص ببقية الجوارح‪ ،‬كالو�ضوء‪ ،‬وال�صوم‪ ،‬وال�صلاة‪،‬‬ ‫ومن كان من �أهل الجهاد دعي من باب الجهاد‪ ،‬ومن‬ ‫كان من أ�هل ال�صدقة دعي من باب ال�صدقة‪ ،‬ومن كان‬ ‫و�إماطة لاأذى عن الطريق‪.‬‬ ‫من �أهل ال�صيام دعي من باب الريان\"‪ .‬قال �أبو بكر‪ :‬يا‬ ‫عبادات مالية‪ :‬كالزكاة‪ ،‬وال�صدقة‪ ،‬ول إانفاق في‬ ‫ر�سول الله‪ ،‬هل يدعى أ�حد من تلك لاأبواب كلها؟ قال‬ ‫ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬نعم‪ ،‬و�أرجو أ�ن تكون‬ ‫مجالات الخير‪.‬‬ ‫ومنها ما يجمع ذلك كله‪ ،‬كالحج والعمرة‪.‬‬ ‫منهم\"‪( .‬البخاري‪ ، 1798 :‬م�سلم‪.)1027 :‬‬ ‫وكما تتنوع هذه العبادات فالنا�س �أي ً�ضا‬

‫‪51‬‬ ‫العبادة هي الحكمة من الخلق‪:‬‬ ‫العبادة في جميع مجالات الحياة‪:‬‬ ‫العبادة �شاملة لكل ت�صرفات الم�ؤمن إ�ذا نوى‬ ‫أ�ُا ِْلريِجُد َّ َنأ� َْونلْ ُيِإا ْنْط� َِعسُم ِ�إلاوَّ ِن ِل َي•ْع ُب�إِ َُّدنواِنلل َ•ه‬ ‫تعالى‪َ } :‬و َما َخ َل ْق ُت‬ ‫قال‬ ‫َما‬ ‫بها التقرب �إلى الله تعالى‪ ،‬فلي�ست العبادة في ل إا�سلام‬ ‫ِم ْن ُه ْم ِم ْن ِر ْز ٍق َو َما‬ ‫ُ�أ ِري ُد‬ ‫قا�صرة على ال�شعائر المعروفة كال�صلاة وال�صيام‬ ‫ُه َو ال َّر َّزا ُق ُذو ا ْل ُق َّو ِة ا ْل َم ِتي ُن{(الذاريات‪.)58-56 :‬‬ ‫ونحوهما‪ ،‬بل جميع لاأعمال النافعة مع النية ال�صالحة‬ ‫والق�صد ال�صحيح ت�صير عبادات يثاب عليها‪ ،‬فلو �أكل‬ ‫ف�أخبر �سبحانه أ�ن الحكمة من خلق الجن ول إان�س‬ ‫الم�سلم أ�و �شرب أ�و نام بق�صد التق ّوي على طاعة الله‬ ‫هي قيامهم بعبادة الله‪ ،‬والله تعالى غني عن عبادتهم‪،‬‬ ‫و إ�نما هم المحتاجون إ�لى عبادته‪ ،‬لفقرهم �إلى الله‬ ‫تعالى؛ ف�إنه يثاب على ذلك‪.‬‬ ‫ولهذا يعي�ش الم�سلم حياته كلها لله‪ ،‬فهو ي�أكل ليتقوى‬ ‫تعالى‪.‬‬ ‫على طاعة الله فيكون �أكله بهذا الق�صد عبادة‪ ،‬وينكح‬ ‫ليعف نف�سه عن الحرام فيكون نكاحه عبادة‪ ،‬وبمثل‬ ‫و إ�ذا أ�همل ل إان�سان ذلك الهدف وانغم�س في‬ ‫هذا الق�صد تكون تجارته ووظيفته وك�سبه للمال عبادة‪،‬‬ ‫ملذات الدنيا بدون تذكر للحكمة الربانية من وجوده؛‬ ‫وتح�صيله للعلم وال�شهادة وبحثه واكت�شافه واختراعه‬ ‫تحول لمخلوق لا مزية له عن بقية مخلوقات هذا‬ ‫عبادة‪ ،‬ورعاية المر�أة لزوجها و�أولادها وبيتها عبادة‪،‬‬ ‫الكوكب‪ ،‬فالحيوانات ت أ�كل وتلهو �أي ً�ضا و إ�ن كانت لا‬ ‫وهكذا كل مجالات الحياة و أ�عمالها و�ش�ؤونها النافعة‬ ‫تحا�سب في ل آاخرة بخلاف ل إان�سان‪ ،‬وقد قال تعالى‪:‬‬ ‫مادام ذلك كله مقتر ًنا بالنية ال�صالحة والق�صد‬ ‫} َوا َّل ِذي َن َك َف ُروا َي َت َم َّت ُعو َن َو َي ْ�أ ُك ُلو َن َك َما َت ْأ� ُك ُل لْاأَ ْن َعا ُم‬ ‫َوال َّنا ُر َم ْث ًوى َل ُه ْم{(محمد‪ .)13 :‬فقد �شابهوا الحيوانات‬ ‫الح�سن‪.‬‬ ‫في أ�فعالها و أ�هدافها‪� ،‬إلا �أنهم �سيلقون جزاءهم على‬ ‫ذلك؛ لأن لهم عقولاً يفهمون ويدركون بها بخلاف تلك‬ ‫الحيوانات التي لا تعقل‪.‬‬ ‫من رحمة الله بعباده أ�ن نوع لهم في العبادات لي�ستغل‬ ‫الجميع قدراتهم وميولهم في �أبواب الخير‪.‬‬

‫‪ 52‬إيمان المسلم‬ ‫أركان العبادة‬ ‫تقوم العبادة التي �أمر الله بها على ثلاثة �أركان مهمة كل واحد منها مك ّمل ل آلخر‪:‬‬ ‫‪ 1‬الح ّب له �سبحانه‪.‬‬ ‫‪ 2‬الذ ّل والخوف منه‪.‬‬ ‫‪ 3‬الرجاء و�إح�سان الظن به‪.‬‬ ‫فالعبادة التي فر�ضها الله على عباده لا ب ّد فيها من كمال الذ ّل والخ�ضوع لله والخوف منه‪ ،‬مع كمال الحب‬ ‫وغايته والرغبة �إليه ورجائه‪.‬‬ ‫وعلى هذا فالمح ّبة التي لا ي�صاحبها خوف ولا تذلل ‪-‬كمحبة الطعام والمال‪ -‬لي�ست بعبادة‪ ،‬وكذلك الخوف‬ ‫بدون محبة ‪-‬كالخوف من حيوان مفتر�س وحاكم ظالم‪ -‬لا يع ّد عباد ًة‪ ،‬ف�إذا اجتمع الخوف والحب والرجاء في العمل‬ ‫كان عبادة‪ ،‬والعبادة لا تكون إ�لا لله وحده‪.‬‬ ‫ف إ�ذا �صلى الم�سلم أ�و �صام وكان باعثه على ذلك محبة الله ورجاء ثوابه‪ ،‬وخوف عقابه‪ ،‬كان في عبادة‪ .‬قال الله‬ ‫تعالى مثن ًيا على أ�نبيائه‪ِ } :‬إ� َّن ُه ْم َكا ُنوا ُي�َسا ِر ُعو َن ِفي ا ْل َخ ْي َرا ِت َو َي ْد ُعو َن َنا َر َغ ًبا َو َر َه ًبا َو َكا ُنوا َل َنا َخا�ِش ِعي َن{(ل أانبياء‪.)90:‬‬ ‫}�إِ َّن ُه�� ْم َكا ُن��وا ُي�َسا ِر ُع��و َن ِف��ي ا ْل َخ ْي َرا ِت‬ ‫َو َي ْد ُعو َن َن��ا َر َغ ًب��ا َو َر َه ًب��ا َو َكا ُن��وا َل َن��ا‬ ‫َخا�ِش ِعي َن{ (الأنبياء‪.)90 :‬‬

‫‪53‬‬ ‫أنواع العبادة‬ ‫‪ 1‬عبادات مح�ضة‪ :‬وهي ما أ�مر الله ور�سوله بها ل ُت ؤ� َّدى بطريقة محددة‪ ،‬ولا يمكن أ�ن تكون �إلا عبادة‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫ال�صلاة وال�صيام‪ ،‬والحج والدعاء‪ ،‬والطواف‪ ،‬ولا يجوز �صرفها لغير الله‪.‬‬ ‫وي�شترط ل�صحتها وقبولها �شرطان‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫الموافقة والمتابعة لسنة رسول‬ ‫إخلاص العبادة لله وحده‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫لا شريك له‪.‬‬ ‫كما قال تعالى‪َ } :‬ف َمن َكا َن َي ْر ُجو ِل َقاء َر ِّب ِه َف ْل َي ْع َم ْل َع َملاً َ�صا ِل ًحا َولا ُي�ْش ِر ْك ِب ِع َبا َد ِة َر ِّب ِه أَ� َح ًدا{(الكهف‪ .)110 :‬فمن‬ ‫أ�راد الله والدار ل آاخرة فعليه أ�ن يعبد الله وفق هذين ال�شرطين المذكورين في لاآية‪.‬‬ ‫فدل قوله‪َ }:‬ولا ُي�ْش ِر ْك ِب ِع َبا َد ِة َر ِّب ِه َ�أ َح ًدا{ على �إخلا�ص العبادة لله وحده دون ما �سواه‪.‬‬ ‫ود ّل قوله‪َ }:‬ع َملاً َ�صا ِل ًحا{ أ�ي �صحي ًحا‪ ،‬ولن يكون كذلك �إلا �إذا كان مواف ًقا لما جاء في كتاب الله و�سنة ر�سوله‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫كل عمل نافع يق�صد به وجه الله‪ ،‬ينال �صاحبه الأجر‬ ‫‪ 2‬أ�خلاق فا�ضلة‪� :‬أمر الله بها �أو ندب النا�س‬ ‫}�ِإ َّنا َال ُن ِ�ضي ُع �َأ ْج َر َم ْن �أَ ْح�َس َن َع َملاً { (الكهف‪.)30 :‬‬ ‫إ�ليها‪ ،‬مثل بر الوالدين ول إاح�سان �إلى النا�س‬ ‫ون�صرة المظلوم‪ ،‬وغيرها من مكارم العادات‬ ‫ول أاخلاق التي �أمر الله بها على وجه العموم‬ ‫وي أ�ثم الم�سلم بتركها‪.‬‬ ‫ولا يلزم في هذا النوع من العبادة المتابعة‬ ‫التف�صيلية للنبي �صلى الله عليه و�سلم‪ ،‬و إ�نما يكفي فيها‬ ‫عد ُم المخالفة والوقو ِع في المح َّرم‪.‬‬ ‫وهذه لاأعمال �إذا �أح�سن فاعلها النية‪ ،‬وق�صد أ�ن‬ ‫يتو�صل بها �إلى طاعة الله نال �صاحبها ل أاجر‪ ،‬و�إذا‬ ‫فعلت ولم يق�صد بها وجه الله لم ي�ؤجر فاعلها‪ ،‬ولكنه‬ ‫لا ي أ�ثم‪.‬‬ ‫ويلحق بذلك لاأمور الحياتية الدنيوية كالنوم‪،‬‬ ‫والعمل‪ ،‬والتجارة‪ ،‬والريا�ضة‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ 54‬إيمان المسلم‬ ‫الشرك‬ ‫• ال�شرك يناق�ض ل إايمان ب�ألوه َّية الله وحده‪ ،‬ف�إذا‬ ‫كان ل إايمان ب�ألوهية الله تعالى وحده و إ�فراد الله‬ ‫بالعبادة أ�هم الواجبات و�أعظمها‪ ،‬ف�إن ال�شرك‬ ‫أ�كبر المعا�صي عند الله تعالى‪ ،‬فهو الذنب‬ ‫الوحيد الذي لا يغفره الله‪� ،‬إلا بالتوبة‪ ،‬كما قال‬ ‫لاَ َي ْغ ِف ُر �َأ ْن ُي�ْش َر َك ِب ِه َو َي ْغ ِف ُر َما‬ ‫تعالى‪ِ�} :‬إ َّن الل َه‬ ‫َي�َشاء{(الن�ساء‪ .)48 :‬ول َّما �ُسئل‬ ‫ُدو َن َذ ِل َك ِل َم ْن‬ ‫ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم عن �أي الذنب‬ ‫أ�عظم عند الله؟ قال‪�\" :‬أن تجعل لله ن ًدا وهو‬ ‫خلقك\" (البخاري ‪ ،4207‬م�سلم ‪.)86‬‬ ‫• وال�شرك يف�سد الطاعات ويبطلها‪ ،‬كما قال‬ ‫�سبحانه‪َ } :‬و َل ْو �أَ�ْش َر ُكوا َل َح ِب َط َع ْن ُه ْم َما َكا ُنوا‬ ‫َي ْع َم ُلون{(ل أانعام‪.)88 :‬‬ ‫أ�عظم الذنوب أ�ن تجعل لله ن ًدا وهو خلقك‬ ‫ويوجب ال�شرك ل�صاحبه الخلود في نار جهنم‪،‬‬ ‫الحلي ُهث َع َلقْياِهلا ْلت َعجاَّنل َةى َو‪َ :‬م ْ�أ}َو�إِا َّنُه ُهال ََّنماْنر ُي{�ْ(شالِرماْئكد ِةب‪:‬ال‪2‬ل‪ِ7‬ه)‪َ.‬ف َق ْد َح َّر َم‬ ‫والشرك نوعان أكبر وأصغر‪:‬‬ ‫‪ 1‬ال�شرك الأكبر‪ :‬وهو أ�ن يتو ّجه العبد بعبادة من العبادات لغير الله تعالى‪ ،‬فكل قول �أو عمل يحبه الله‬ ‫تعالى‪ ،‬و ُيت َو َّج ُه به �إلى الله توحيد و�إيمان‪ ،‬و توجيهه لغيره �شرك وكفر‪.‬‬ ‫ومثال هذا ال�شرك‪ :‬أ�ن ي�س أ�ل الإن�سان غي َر الله ويدعوه �أن ي�شفيه من مر�ضه‪� ،‬أو يو�س َع رزقه‪ ،‬وكذلك �إذا تو َّك َل‬ ‫ا إلن�سان على غير الله‪ ،‬أ�و �سج َد لغير الله‪.‬‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬و َقا َل َر ُّب ُك ُم ا ْد ُعو ِني َأ��ْس َت ِج ْب َل ُك ْم{(غافر‪.)60 :‬‬ ‫وقال �أي ً�ضا ‪َ } :‬و َع َلى الل ِه َف َت َو َّك ُلوا ِإ� ْن ُك ْن ُت ْم ُم ؤْ� ِم ِني َن{(المائدة‪.)23 :‬‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬فا�ْس ُج ُدوا هلِ ِ َوا ْع ُب ُدوا{(النجم‪.)62 :‬‬ ‫فالتو ُّجه بهذه الدعوات ولاأعمال وما �أ�شبهها لغير الله �شر ٌك وكفر؛ ألن ال�شفاء والرزق من خ�صائ�ص الربوبية‪،‬‬ ‫والتو ّكل على الله وال�سجود له من حقائق توحيد لاألوهية ‪.‬‬

‫‪55‬‬ ‫هل ال�س�ؤال والطلب من جماد �أو ميت؟‬ ‫‪ 2‬ال�شرك ا أل�صغر‪ :‬هو كل قول أ�و عمل يكون‬ ‫لا نعم‬ ‫و�سيلة �إلى ال�شرك ل أاكبر‪ ،‬وطري ًقا للوقوع‬ ‫هذا �شرك يخالف ا إل�سلام‬ ‫فيه‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫وا إليمان؛ لأن الميت والجماد لا يقدر‬ ‫‪ 1‬الرياء الي�سير‪ :‬ك أ�ن يطيل الم�سلم في ال�صلاة‬ ‫على �سماع الطلب ولا على إ�جابته‪،‬‬ ‫أ�حيا ًنا ليراه النا�س‪ ،‬أ�و يرفع �صوته بالقراءة �أو‬ ‫والدعاء عبادة و�صرفها لغير الله‬ ‫الذكر أ�حيا ًنا لي�سمعه النا�س فيحمدوه‪ ،‬قال‬ ‫�شرك وقد كان �شرك العرب عند‬ ‫ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬إ�ن �أخوف‬ ‫البعثة دعاء الجمادات وا ألموات‪.‬‬ ‫ما �أخاف عليكم ال�شرك ل أا�صغر\" قالـوا‪ :‬وما‬ ‫ال�شرك ل أا�صغر يا ر�سول الله؟ قال‪\" :‬الرياء\"‬ ‫الدعاء والطلب من حي ي�سمع كلامك وطلبك‪.‬‬ ‫فهل هو قادر على �إجابتك وتلبية �س ؤ�الك ك�أن تطلب منه‬ ‫( أ�حمد ‪.)23630‬‬ ‫‪ 2‬الأقوال الممنوعة لمخالفتها كما َل التوحيد‪:‬‬ ‫أ�ن يعينك وي�ساعدك فيما يملكه ويقدر عليه ؟‬ ‫كالذي ُيق�سم و َيح ِلف بغير الله فيقول مثلاً ‪:‬‬ ‫لا نعم‬ ‫(وحيا ِتك)‪� ،‬أو (والنب ِّي)‪ ،‬ور�سول الله �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم يقول‪\" :‬من َحلف بغي ِر الل ِه فقد‬ ‫هذا طلب �سائغ لا ب�أ�س به وهو جزء من‬ ‫تعاملات النا�س وعلاقاتهم اليومية‪.‬‬ ‫َكفر أ�و �أ�ش َرك\"(الترمذي ‪.)1335‬‬ ‫إ�ن الطلب من الحي ما لا يقدر عليه ولا يملكه ك�أن يطلب‬ ‫هل يعتبر سؤال الناس والطلب‬ ‫العقيم من الحي أ�ن يرزقه الذرية ال�صالحة فهذا �شرك‬ ‫منهم شر ًكا؟‬ ‫�أكبر يخالف الإ�سلام ألنه دعاء لغير الله‪.‬‬ ‫لقد جاء لاإ�سلام لتحرير عقل ل إان�سان من‬ ‫الخرافة والدجل وتحرير نف�سه من الخ�ضوع لغير‬ ‫الله تعالى‪.‬‬ ‫فلا يجوز �س�ؤال الميت أ�و الجماد والخ�ضوع‬ ‫والتذلل له مطلقا‪ ،‬وهو من الخرافة و ال�شرك‪.‬‬ ‫�أما �س�ؤال الحي الحا�ضر ما يقدر عليه ك�إعانته‬ ‫�أو �إنقاذه من الغرق �أو أ�ن يطلب منه �أن يدعو الله له‬ ‫فهذا جائز‪.‬‬

‫‪ 56‬إيمان المسلم‬ ‫الإيمان بأسماء الله وصفاته‬ ‫أ�كد القر�آن على تعريف العباد‬ ‫بربهم وخالقهم وكرر ذلك في‬ ‫كثير من ل آايات؛ ألنه لا بد للم�سلم‬ ‫من معرفة ربه ب�أ�سمائه الح�سنى‬ ‫و�صفات الكمال والجلال التي‬ ‫يت�صف بها �سبحانه حتى يعبد الله‬ ‫على ب�صيرة ويمتثل مقت�ضيات تلك‬ ‫ل أا�سماء وال�صفات و آ�ثارها في حياته‬ ‫وعباداته‪.‬‬ ‫} ُق ِل ا ْد ُعوا الل َه أ�َ ِو ا ْد ُعوا ال َّر ْحم َن َ�أ ًّيا َّما َت ْد ُعوا َفلَ ُه ا ْ أَل�ْس َما ُء ا ْل ُح�ْس َنى{‬ ‫فالم�سلم ي�ؤمن بما أ�ثبته الله‬ ‫لنف�سه في كتابه أ�و �سنة ر�سوله �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم من لاأ�سماء وال�صفات على الوجه اللائق بالله تعالى‪.‬‬ ‫ولهَّ �سبحانه �أح�سن ل أا�سماء و أ�كمل ال�صفات‪ ،‬ولي�س له مثيل في أ��سمائه و�صفاته‪ ،‬كما قال تعالى‪َ  } :‬ل ْي� َس َك ِم ْث ِل ِه‬ ‫�َش ْي ٌء َو ُه َو ال�َّس ِمي ُع ا ْل َب ِ�صير{(ال�شورى‪ .)11 :‬فالله تعالى من ّزه عن مماثلة �أحد من مخلوقاته في جميع أ��سمائه و�صفاته‪.‬‬ ‫من أسماء الله تعالى‬ ‫ولما ر�أى ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم و�صحابته‬ ‫ال َّر ْح َم ِن ال َّر ِحيم‪:‬‬ ‫امر أ�ة تبحث عن ابن �صغير قد أ��ضاعته ‪ -‬فلما وجدته‬ ‫وهذان الا�سمان هما اللذان ابتد�أ الله بهما فاتحة‬ ‫�ضمته �إلى �صدرها و�أر�ضعته‪ ،-‬قال �صلى الله عليه‬ ‫كتابه و أ�ول ما ع َّرف به الله �سبحانه نف�سه إ�لى عباده‬ ‫و�سلم‪�\" :‬أترون هذه المر�أة طارحة ولدها في النار؟‬ ‫وجعلهما العنوان البارز لبداية كل �سورة من الهدى‬ ‫قالوا‪ :‬لا‪ ،‬وهي قادرة على �أن لا تطرحه‪ ،‬فقال ر�سول‬ ‫والبيان القر آ�ني في قولنا‪( :‬ب�سم الله الرحمن الرحيم)‬ ‫الله �صلى الله عليه و�سلم ‪ :‬الله �أرحم بعباده من هذه‬ ‫وقدتف�ضلربناب أ�نكتبعلىنف�سهالرحمة‪،‬ورحمته‬ ‫بوليدها\" (البخاري ‪ ،5653‬وم�سلم ‪.)2754‬‬ ‫�سبحانه و�سعت كل �شيء‪ ،‬حتى �أن رحمة المخلوقات‬ ‫فرحمة الخالق �سبحانه وتعالى �شيء �آخر �أعظم‬ ‫بع�ضها لبع�ض ورحمة الوالدة بولدها وتي�سير الطعام‬ ‫و أ�جل‪ ،‬وهي فوق كل تقدير �أو ظن �أو ت�صور‪ ،‬ولو علم‬ ‫للمخلوقات ما هو إ�لا أ�ثر من �آثار رحمة الله بمخلوقاته‪،‬‬ ‫العباد قدر رحمة الله عز وجل ما قنط من رحمته أ�حد‪.‬‬ ‫لكْ َاأم ْار�قَاضلَب ْتععَدالَم ْىو ِ‪:‬ت َها} َف{ا ْن(اُلظرْرو إ�ِم َ‪:‬ل ‪0‬ى‪�5‬آ َ)ث‪.‬ا ِر َر ْح َم ِت الل ِه َك ْي َف ُي ْح ِي‬

‫‪57‬‬ ‫ورحمة الله �سبحانه على نوعين‪:‬‬ ‫‪ 1‬رحمة لجميع المخلوقات ل إان�س‬ ‫والحيوان والجماد يح�صل لهم بها‬ ‫التي�سيرالدنيوي‪،‬كماقالتعالىمخب ًرا‬ ‫عن دعاء ملائكته‪َ } :‬ر َّب َنا َو�ِس ْع َت ُك َّل‬ ‫�َش ْي ٍء َر ْح َم ًة َو ِع ْل ًما{ (غافر‪.)7:‬‬ ‫رحمة خا�صة بعباده الم�ؤمنين‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫فيوفقهم للطاعة ويي�سر لهم الخير‬ ‫ويثبتهم عليه برحمته ويتمم رحمته‬ ‫بهم بالعفو والغفران و إ�دخالهم الجنة‬ ‫ونجاتهم من النار‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫َل• ُه َْتم ِح أَ�َّي ُتْجُهًرْام‬ ‫َر َوِ أَ�ح َيع ًمَّدا‬ ‫} َو َكا َن ِبا ْل ُم�ؤْ ِم ِني َن‬ ‫من لطيف رحمة الله في هذا الكون رحمة الوحو�ش ب�أولادها‪.‬‬ ‫َي ْو َم َي ْل َق ْو َن ُه �َسلاَ ٌم‬ ‫َك ِري ًما{ (ل أاحزاب‪.)44-43 :‬‬ ‫وقد قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬اعلموا أ�نه لن يدخل الجنة أ�حد منكم بعمله ‪ ،‬قالوا‪ :‬ولا �أنت يا ر�سول الله؟ قال‪:‬‬ ‫ولا أ�نا �إلا أ�ن يتغمدني الله برحمته\" (م�سلم ‪.)2816‬‬ ‫والعبد كلما عظمت طاعاته وزاد قربه و�إخباته لربه زاد ن�صيبه من ا�ستحقاق هذه الرحمة‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬ ‫} ِإ� َّن َر ْح َم َت الل ِه َق ِري ٌب ِم َن ا ْل ُم ْح�ِس ِني َن{ (ل أاعراف‪.)56 :‬‬ ‫ال َّس ِمي ُع ا ْل َب ِصير‪:‬‬ ‫فالله �سبحانه ي�سمع جميع ل أا�صوات على اختلاف اللغات وتغاير الحاجات‪� ،‬سواء عنده �سر القول وجهره‪،‬‬ ‫ولما ظن بع�ض الجهلة �أن الله �سبحانه لا ي�سمع أ��سرارهم وحديثهم الخفي نزل قول الله تبارك وتعالى توبي ًخا‬ ‫وتقري ًعا لهم‪ } :‬أ�َ ْم َي ْح�َس ُبو َن َ�أ َّنا لاَ َن�ْس َم ُع �ِس َّر ُه ْم َو َن ْج َوا ُه ْم َب َلى َو ُر�ُس ُل َنا َل َد ْي ِه ْم َي ْك ُت ُبو َن{ (الزخرف‪.)80 :‬‬ ‫والله �سبحانه يب�صر كل �شيء و�إن دق و�صغر لا تخفى عليه خافية �سبحانه‪ ،‬وقد أ�نكر إ�براهيم عليه‬ ‫ال�سلام على أ�بيه �أن يعبد �صن ًما لا ي�سمع ولا يب�صر‪ ،‬فقال كما في القر آ�ن‪َ } :‬يا أَ� َب ِت ِل َم َت ْع ُب ُد َما لاَ َي�ْس َم ُع َولاَ‬ ‫ُي ْب ِ�ص ُر َولاَ ُي ْغ ِني َع ْن َك �َش ْي ًئا{ (مريم‪.)42 :‬‬

‫‪ 58‬إيمان المسلم‬ ‫ف�إذا علم العبد �أن الله �سميع ب�صير لا يخفى عليه مثقال ذرة في ال�سماوات ولا في لاأر�ض و أ�نه يعلم‬ ‫ال�سر و�أخفى �أثمر ذلك مراقبة الله �سبحانه‪ ،‬فحفظ ل�سانه عن الوقوع في الكذب والوقيعة‪ ،‬وحفظ جوارحه‬ ‫وتوجهات قلبه عن كل ما يغ�ضب الله‪ ،‬و�سخر تلك النعم والقدرات فيما يحبه الله وير�ضاه؛ لأنه المطلع على‬ ‫�سره وعلانيته وظاهره وباطنه ولهذا قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬ل إاح�سان �أن تعبد الله ك�أنك تراه ف�إن لم‬ ‫تكن تراه ف�إنه يراك\" (البخاري ‪ ،50‬وم�سلم ‪.)9‬‬ ‫ا ْل َح ُّي ا ْل َق ُّيوم‪:‬‬ ‫فل َّله عز وجل الحياة الكاملة التي لم ت�سبق بعدم ولا يلحقها زوال �أو فناء ولا يعتريها نق�ص �أو عيب جل‬ ‫ربنا وتقد�س عن ذلك‪ ،‬حياة ت�ستلزم كمال �صفاته من العلم وال�سمع والب�صر والقدرة ول إارادة �إلى غير ذلك‬ ‫من �صفاته �سبحانه‪ ،‬ومن كان هذا �ش أ�نه ا�ستحق �أن يعبد ويركع له ويتوكل عليه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬و َت َو َّك ْل َع َلى‬ ‫ا ْل َح ِّي ا َّل ِذي لاَ َي ُموت{(الفرقان‪.)58 :‬‬ ‫ومعنى ا�سم الله الق ُّيوم يدل على أ�مرين‪:‬‬ ‫‪ 1‬كمال غناه �سبحانه فهو القائم بنف�سه الغني عن خلقه‪ ،‬كما قال تعالى‪َ }:‬يا �أَ ُّي َها ال َّنا� ُس َ أ� ْن ُت ُم ا ْل ُف َق َرا ُء‬ ‫ِ�إ َلى الل ِه َوالل ُه ُه َو ا ْل َغ ِن ُّي ا ْل َح ِمي ُد{ (فاطر‪ .)15 :‬فهو �سبحانه غني عن خلقه من كل وجه‪ ،‬فلا تنفعه‬ ‫طاعة الطائع ولا ت�ضره مع�صية العا�صي‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬و َم ْن َجا َه َد َف ِإ� َّن َما ُي َجا ِه ُد ِل َن ْف�ِس ِه إِ� َّن الل َه‬ ‫َللَْغأاَِنْر ٌّي�ِ َضع ِ َنج ِام ْلي َعًعاا َل َِفم ِإ�ي ََّننا{لل َ(هالَلعَغن ِنكبٌّويتَ‪:‬ح ِ‪6‬مي)‪ٌ،‬د{وق( إ�ابلراهعيلم‪:‬ى‪8‬ل)�‪.‬سان مو�سى عليه ال�سلام‪ِ�} :‬إ ْن َت ْك ُف ُروا �َأ ْن ُت ْم َو َم ْن ِفي‬ ‫كتابة عربية بخط الثلث‬ ‫لا�سم الله (الحي القيوم)‬

‫‪59‬‬ ‫‪ 2‬كمال قدرته وتدبيره للمخلوقات‪ ،‬فهو المقيم لها بقدرته �سبحانه‪ ،‬وجميع المخلوقات فقيرة محتاجة‬ ‫إ�ليه‪ ،‬لا غنى لها عنه طرفة عين‪ ،‬وما نراه من انتظام الكون و�سير الحياة ما هو إ�لا من �آثار قيوميته‬ ‫�سبحانه‪ ،‬كما قال تعالى إ�نكا ًرا على من ي�شرك بالله غيره‪َ } :‬أ� َف َم ْن ُه َو َقا ِئ ٌم َع َلى ُك ِّل َن ْف�ٍس ِب َما َك�َس َب ْت{‬ ‫(الرعد‪ )33 :‬وقال تعالى‪�ِ } :‬إ َّن الل َه ُي ْم�ِس ُك ال�َّس َما َوا ِت َولْاَأ ْر�َض َ�أ ْن َت ُزولاَ َو َل ِئ ْن َزا َل َتا إ�ِ ْن َ�أ ْم�َس َك ُه َما ِم ْن َ�أ َح ٍد‬ ‫ِم ْن َب ْع ِد ِه{ (فاطر‪.)41 :‬‬ ‫ولهذا كان اجتماع الا�سمين العظيمين له مكانة خا�صة في الدعاء‬ ‫والت�ضرع‪ ،‬وكان من دعائه �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬يا حي ياقيوم برحمتك‬ ‫�أ�ستغيث\"(الترمذي ‪.)3524‬‬ ‫ثمرات الإيمان بأسماء الله وصفاته‬ ‫‪ 1‬التع ّرف على الله تعالى‪ ،‬فمن �آمن ب�أ�سماء الله و�صفاته ازداد معرفة بالله تعالى‪ ،‬فيزداد �إيمانه بالله يقينا‪،‬‬ ‫ويقوى توحيده لله تعالى‪ ،‬وحق لمن عرف �أ�سماء الله و�صفاته أ�ن يمتلئ قلبه تعظيما ومحبة وخ�ضو ًعا له‬ ‫�سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫‪ 2‬الثناء على الله ب أ��سمائه الح�سنى‪ ،‬وهذا من �أف�ضل أ�نواع الذكر‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬يا أَ� ُّي َها ا َّل ِذي َن آ� َم ُنوا ا ْذ ُك ُروا الل َه‬ ‫ِذ ْك ًرا َك ِثي ًرا{(لاأحزاب‪.)41 :‬‬ ‫‪� 3‬س�ؤال الله ودعا�ؤه ب أ��سمائه و�صفاته‪ ،‬كما قال �سبحانه‪َ } :‬وهلِ ِ لْ أاَ�ْس َما ُء ا ْل ُح�ْس َنى َفا ْد ُعو ُه ِب َها{(ل أاعراف‪،)180 :‬‬ ‫ومثال ذلك أ�ن يقول‪ :‬يا رزاق ارزقني‪ ،‬ويا تواب تب علي‪ ،‬ويارحيم ارحمني‪.‬‬ ‫أعلى درجات الإيمان‪:‬‬ ‫ •ا إليم��ان درج��ات‪ ،‬وينق���ص �إيمان الم�سل��م بقدر غفلته وع�صيان��ه‪ ،‬ويزيد �إيمانه كلم��ا ازداد طاعة‬ ‫وعبادة وخ�شية لله‪.‬‬ ‫ •و�أعل��ى درج��ات الإيم��ان هو م��ا �سماه ال�ش��رع بالإح�س��ان‪ ،‬وقد عرف��ه النبي �صل��ى الله عليه و�سلم‬ ‫بقوله‪ \" :‬أ�ن تعبد الله ك�أنك تراه ف�إن لم تكن تراه ف إ�نه يراك\" (البخاري ‪ ،50‬م�سلم ‪.)8‬‬ ‫ •فتتذكـ��ر ف��ي قيام��ك وقعودك‪ ،‬وجدك وهزلك‪ ،‬وحالاتك كله��ا؛ أ�ن الله مطلع عليك‪ ،‬ناظر �إليك‪،‬‬ ‫فلا تع�صه و أ�نت تعلم �أنه يراك‪ ،‬ولا تجعل الخوف والي�أ�س يتملكانك و أ�نت تعلم �أنه معك‪ ،‬وكيف‬ ‫ت�شعر بالوح�شة و�أنت تناجيه بالدعاء وال�صلاة‪ ،‬وكيف ت�سول لك نف�سك المع�صية و أ�نت توقن �أنه‬ ‫يعلم �سرك وعلانيتك‪ ،‬ف إ�ن زللت �أو أ�خط�أت رجعت وتبت وا�ستغفرت فيتوب الله عليك‪.‬‬

‫‪ 60‬إيمان المسلم‬ ‫الإيمان بالملائكة‬ ‫معنى الإيمان بالملائكة‪:‬‬ ‫الت�صديق الجازم بوجود الملائكة‪ ،‬و أ�نهم عالم غيبي غير عالم ل إان�س وعالم الجن‪ ،‬وهم كرام أ�تقياء‪ ،‬يعبدون‬ ‫الله حق العبادة‪ ،‬ويقومون بتنفيذ ما ي أ�مرهم به‪ ،‬ولا يع�صون الله �أب ًدا‪.‬‬ ‫كما قال تعالى‪َ } :‬ب ْل ِع َبا ٌد ُم ْك َر ُمو َن • لاَ َي�ْس ِب ُقو َن ُه ِبا ْل َق ْو ِل َو ُه ْم ِب َأ� ْم ِر ِه َي ْع َم ُلون{ (ل أانبياء‪.)27-26 :‬‬ ‫ول إايمان بهم �أحد أ�ركان لاإيمان ال�ستة‪ ،‬قال تعالى‪�} :‬آ َم َن ال َّر�ُسو ُل ِب َما ُ�أ ْن ِز َل �إِ َل ْي ِه ِم ْن َر ِّب ِه َوا ْل ُم ؤْ� ِم ُنو َن ُك ٌّل آَ� َم َن ِبالل ِه‬ ‫َو َملاَ ِئ َك ِت ِه َو ُك ُت ِب ِه َو ُر�ُس ِله{ (البقرة‪.)285 :‬‬ ‫وقال �صلى الله عليه و�سلم عن لاإيمان‪�\" :‬أن ت ؤ�من بالله‪ ،‬وملائكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ور�سله‪ ،‬واليوم ل آاخر‪ ،‬وت ؤ�من بالقدر‬ ‫خيره و�شره\" (م�سلم ‪.)8‬‬ ‫أ�خبر �صلى الله عليه و�سلم أ�ن ال�سماء ثقلت بمن فيها‪ ،‬فما فيها مو�ضع �شبر �إلا وملك قائم أ�و راكع أ�و �ساجد‪.‬‬ ‫‪ 3‬الإيمان بما علمناه من �صفاتهم‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬ ‫ماذا يتضمن الإيمان بالملائكة؟‬ ‫ • أ�نهم عالم غيبي‪ ،‬مخلوقون عابدون لله تعالى‪،‬‬ ‫فلي�س لهم من �صفات الربوبية ول أالوهية �شيء‪ ،‬بل‬ ‫‪ 1‬ا إليمان بوجودهم‪ :‬فن�ؤمن أ�نهم مخلوقات‬ ‫هم عباد الله منقادون تماما لطاعة الله‪ ،‬كما قال‬ ‫لله تعالى‪ ،‬موجودة على الحقيقة‪.‬‬ ‫�سبحانه عنهم‪} :‬لاَ َي ْع ُ�صو َن الل َه َما أ�َ َم َر ُه ْم َو َي ْف َع ُلو َن‬ ‫‪ 2‬ا إليمان بمن علمنا ا�سمه منهم كجبريل‬ ‫َما ُي�ؤْ َم ُرون{ (التحريم‪.)6 :‬‬ ‫عليه ال�سلام‪ ،‬ومن لم نعلم ا�سمه ن�ؤمن بهم‬ ‫إ�جمالا‪.‬‬

‫‪61‬‬ ‫‪ 4‬ا إليمـــان بما علمنا من �أعمالهـــم التي‬ ‫ • أ�نهم خلقوا من نور‪ ،‬قال عليه ال�صلاة وال�سلام‪:‬‬ ‫يقومون بها ب أ�مر الله تعالى ومن ذلك‪:‬‬ ‫\" ُخلقت الملائكة من نور\" (م�سلم ‪.)2996‬‬ ‫• تبليغ الوحي من الله تعالى إ�لى ر�سله عليهم‬ ‫• أ�ن لهم �أجنحة‪ ،‬فقد أ�خبر الله تعالى �أنه جعل‬ ‫ال�سلام‪ ،‬والموكل به هو جبريل‪.‬‬ ‫للملائكة أ�جنحة يتفاوتون في �أعدادها‪ ،‬فقال‬ ‫�َجساب ِعح ِالنها ْ‪:‬ل َملاَ}اِئْل َك َِحة ْم ُُرد�ُسهللِاً ِ أُ� َفو ِال ِيط ِر�َأ ْاجلِن�ََّسح ٍَمةا َو َام ْثِ َنتى َولَْو ُاأَثلاَْر�ِ َثض‬ ‫• قب�ض لاأرواح‪ ،‬والموكل به ملك الموت و�أعوانه‪.‬‬ ‫َو ُر َبا َع َي ِزي ُد ِفي ا ْل َخ ْل ِق َما َي�َشا ُء �ِإ َّن الل َه َع َلى ُك ِّل �َش ْي ٍء‬ ‫• حفظ أ�عمال العبد وكتابتها �سوا ًء كانت خي ًرا‬ ‫َق ِدير{ (فاطر‪.)1 :‬‬ ‫�أو �ش ًرا‪ ،‬والموكلون بها هم الكرام الكاتبون‪.‬‬ ‫ثمرات الإيمان بالملائكة‪:‬‬ ‫ل إليمان بالملائكة ثمرات عظيمة في حياة الم ؤ�من‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬ ‫‪ 3‬ال�صبر على طاعة الله‪ ،‬وال�شعور بالأن�س‬ ‫‪ 1‬العلم بعظمة الله وقوته وكمال قدرته‪،‬‬ ‫والطم�أنينة‪ ،‬عندما يوقن الم ؤ�من أ�ن معه في‬ ‫ف إ�ن عظمة المخلوق من عظمة الخالق‪ ،‬فيزيد‬ ‫هذا الكون الف�سيح أُ�لوفا من الملائكة تقوم‬ ‫الم�ؤمن تقديرا لله وتعظيما له‪ ،‬حيث يخلق الله‬ ‫بطاعة الله على �أح�سن حال و أ�كمل �ش�أن‪.‬‬ ‫تعالى من النور ملائكة ذوي أ�جنحة‪.‬‬ ‫‪� 4‬شكر الله تعالى على عنايته ببني �آدم‪،‬‬ ‫‪ 2‬الا�ستقامة على طاعة الله تعالى‪ ،‬فمن‬ ‫حيث جعل من الملائكة من يقوم بحفظهم‬ ‫آ�من ب أ�ن الملائكة تكتب �أعماله كلها ف�إن هذا‬ ‫يوجب خوفه من الله تعالى‪ ،‬فلا يع�صيه في‬ ‫وحمايتهم‪.‬‬ ‫العلانية ولا في ال�سر‪.‬‬ ‫كثي ًرا ما نتعجب من نجاة امر ٍئ من‬ ‫حاد ٍث محقق‪ ..‬وعلينا �ألا نن�سى أ�ن‬ ‫من �أعمال الملائكة حفظ بني آ�دم‬ ‫من المهلكات ب�أمر الله‬

‫‪ 62‬إيمان المسلم‬ ‫الإيمان بالكتب‬ ‫معنى الإيمان بالكتب‪:‬‬ ‫الت�صديق الجازم ب أ�ن لله تعالى كتبا‬ ‫�أنزلها على ر�سله �إلى عباده‪ ،‬و أ�ن هذه الكتب‬ ‫كلام الله تعالى تك ّلم بها حقيقة كما يليق به‬ ‫�سبحانه‪ ،‬و أ�ن هذه الكتب فيها الحق والنور‬ ‫والهدى للنا�س في الدارين‪.‬‬ ‫وا إليمــان بالكتب أ�حد أ�ركان لاإيمان‪،‬‬ ‫كما قال �سبحانه‪َ } :‬يا َأ� ُّي َها ا َّل ِذي َن َآ� َم ُنوا �آَ ِم ُنوا‬ ‫ا َّل ِذي َن َّز َل َع َلى َر�ُسو ِل ِه‬ ‫�َأَوْنا َْلز َِكلَتاِم ِ ْبن‬ ‫ِبالل ِه َو َر�ُسو ِل ِه‬ ‫َق ْبل{(الن�ساء‪.)136 :‬‬ ‫َوا ْل ِك َتا ِب ا َّل ِذي‬ ‫ف أ�مر الله با إليمان به وبر�سوله وبالكتاب‬ ‫الذي ن ّزل على ر�سوله �صلى الله عليه و�سلم وهو‬ ‫القر آ�ن‪ ،‬كما أ�مر بالإيمان بالكتب المنزلة قبل‬ ‫القر�آن‪.‬‬ ‫لا ي�صح �إيمان الم�سلم إ�لا‬ ‫وقال �صلى الله عليه و�سلم عن لاإيمان‪ \" :‬أ�ن‬ ‫ت�ؤمن بالله‪ ،‬وملائكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ور�سله‪ ،‬واليوم‬ ‫بيقينه �أن الله �أنزل كت ًبا‬ ‫على ر�سله ال�سابقين‪.‬‬ ‫لاآخر‪ ،‬وت ؤ�من بالقدر خيره و�شره\" (م�سلم ‪.)8‬‬ ‫ما الذي يتضمنه الإيمان بالكتب؟‬ ‫ •الإيمان ب�أن نزولها من عند الله حقا‪.‬‬ ‫ •ا إليمان ب أ�نها كلام الله �سبحانه وتعالى‪.‬‬ ‫ •الإيم��ان بم��ا �س ّم��ى الله من كتب��ه‪ ،‬كالقر آ�ن الكريم الذي نزل على نبينا محمد �صل��ى الله عليه و�سلم‪ ،‬والتورا ِة‬ ‫التي أ�نزلت على مو�سى عليه ال�سلام‪ ،‬والإنجيل الذي �أنزل على عي�سى عليه ال�سلام‪.‬‬ ‫ •ت�صديق ما �صح من �أخبارها‪.‬‬

‫‪63‬‬ ‫ِبا ْل ِك َتا ِب ِل َت ْح�َس ُبو ُه ِم َن ا ْل ِك َتا ِب َو َما ُه َو ِم َن ا ْل ِك َتا ِب‬ ‫ما موقفنا مما في الكتب السابقة؟‬ ‫َو َي ُقو ُلو َن ُه َو ِم ْن ِع ْن ِد الل ِه َو َما ُه َو ِم ْن ِع ْن ِد الل ِه َو َي ُقو ُلو َن‬ ‫الم�سلم ي ؤ�من ب�أن التوراة التي أ�نزلت على مو�سى‬ ‫عليه ال�سلام‪ ،‬ول إانجيل الذي أ�نزل على عي�سى عليه‬ ‫َع َلى الل ِه ا ْل َك ِذ َب َو ُه ْم َي ْع َل ُمون{ ( آ�ل عمران‪.)78:‬‬ ‫ال�سلام حق من عند الله تعالى‪ ،‬وقد ا�شتملا على‬ ‫�أَ َخ ْذ َنا‬ ‫ل أاحكام والمواعظ ولاأخبار التي فيها هدى ونور للنا�س‬ ‫ِمي َثا َق ُه ْم‬ ‫َب ْي َن ُه ُم‬ ‫َن َف َ�أَ�صْغا ََرر ْي َىنا‬ ‫َقا ُلو ْا �إِ َّنا‬ ‫} َو ِم َن ا َّل ِذي َن‬ ‫ا ْل َع َدا َو َة‬ ‫ُذ ِّك ُرو ْا ِب ِه‬ ‫َف َن�ُسو ْا َح ًّظا ِّم َّما‬ ‫في معا�شهم وحياتهم و آ�خرتهم‪.‬‬ ‫َوا ْل َب ْغ َ�ضاء �ِإ َلى َي ْو ِم ا ْل ِق َيا َم ِة َو�َس ْو َف ُي َن ِّب ُئ ُه ُم الل ُه ِب َما َكا ُنو ْا‬ ‫َي ْ�ص َن ُعون{(المائدة‪.)14 :‬‬ ‫ولكن الله تعالى �أخبرنا في القر�آن الكريم �أن‬ ‫�أهل الكتاب من اليهود والن�صارى قد ح ّرفوا كتبهم‪،‬‬ ‫ولهذا نجد أ�ن ما ي�سمى الكتاب المقد�س في أ�يدي‬ ‫و�أ�ضافوا إ�ليها و أ�نق�صوا منها‪ ،‬فلم تبق كما أ�نزلها الله‬ ‫�أهل الكتاب اليوم والمحتوي على التوراة ول إانجيل‬ ‫ي�شتمل على كثير من العقائد الفا�سدة‪ ،‬ولاأخبار‬ ‫تعالى‪.‬‬ ‫الباطلة‪ ،‬والحكايات الكاذبة‪ ،‬ولا ن�ص ِّدق من �أخبار‬ ‫فالتوراة الموجودة ل آان لي�ست هي التوراة التي‬ ‫هذه الكتب �إلا ما �ص ّدقـه القر�آن الكريم‪ ،‬أ�و ال�سنة‬ ‫�أنزلت على مو�سى عليه ال�سلام‪ ،‬لأن اليهود حرفوا‬ ‫ال�صحيحـة‪ ،‬ونكـذب ما ك ّذبه القر آ�ن وال�سنة‪ ،‬ون�سكت‬ ‫وب ّدلوا‪ ،‬وتلاعبوا بكثير من �أحكامها‪ ،‬قال تعالى‪ِ } :‬م َن‬ ‫ا َّل ِذي َن َها ُدوا ُي َح ِّر ُفو َن ا ْل َك ِل َم َع ْن َم َوا ِ�ض ِعه{ (الن�ساء‪.)46:‬‬ ‫عــن الباقي فلا ن�صدقه ولا نكذبه‪.‬‬ ‫وكذلك ا إلنجيل الموجود ل آان لي�س هو لاإنجيل‬ ‫الذي �أنزل على عي�سى عليه ال�سلام‪ ،‬فقد حرف‬ ‫ومع ذلك فالم�سلم يحترم تلك الكتب ولا يهينها‬ ‫اعلنن�صاالرنى�صلااإرنىج‪:‬يل‪َ }،‬ووِإ�ب َّّندلوِما ْنكُهث ْيم ًراَل َفم ِرني ًأ�قاحكَياْل ُوموه َ‪،‬نقا�َأ ْلل�ِست َنعَتا ُله ْمى‬ ‫ولا يدن�سها؛ ألنها قد تحتوي في طياتها على �شيء من‬ ‫بقايا كلام الله الذي لم يحرف‪.‬‬ ‫م��ع إ�يماننا ب�أن الت��وراة وا إلنجيل الموجودة اليوم قد نالها التحريف والتبديل‬ ‫كم��ا أ�خب��ر الق��ر آ�ن‪� ،‬إلا �أن الم�سل��م يحترم تلك الكت��ب ولا يهينه��ا ولا يدن�سها؛‬ ‫لأنها قد تحتوي في طياتها على �شيء من بقايا كلام الله الذي لم يحرف‪.‬‬

‫‪ 64‬إيمان المسلم‬ ‫ما واجبنا نحو القرآن الكريم؟‬ ‫• يجب علينا محبة القر آ�ن‪ ،‬وتعظيم قدره واحترامه‪ ،‬إ�ذ هو كلام الخالق عز وجل‪ ،‬فهو �أ�صدق الكلام‬ ‫و�أف�ضله‪.‬‬ ‫• يجب علينا تلاوته وقراءته‪ ،‬مع تد ّبر �آياته و�سوره‪ ،‬فنتفكر في مواعظ القر آ�ن و أ�خباره وق�ص�صه‪،‬‬ ‫ونعر�ض عليه حياتنا لن�ستبين الحق من الباطل‪.‬‬ ‫• ويجب علينا اتباع أ�حكامه‪ ،‬والامتثال ألوامره و�آدابه وجعلها منهاج حياتنا‪.‬‬ ‫ولما �سئلت عائ�شة ر�ضي الله عنها عن ُخ ُلق النبي �صلى الله عليه و�سلم قالت‪\" :‬كان خلقه القر آ�ن\"‬ ‫(�أحمد ‪ ،24601‬م�سلم ‪.)746‬‬ ‫ومعنى الحديث‪ :‬أ�ن الر�سول �صلى الله عليه و�سلم في حياته و�أعماله هو التطبيق العملي‬ ‫ألحكام القر آ�ن و�شرائعه‪ ،‬فقد حقق �صلى الله عليه و�سلم كمال الاتباع لهدي القر آ�ن‪ ،‬وهو القدوة‬ ‫َي ْر ُجو‬ ‫َكا َن‬ ‫ِل َم ْن‬ ‫َح�َس َن ٌة‬ ‫�ُأ�ْس َو ٌة‬ ‫الل ِه‬ ‫َر�ُسو ِل‬ ‫ِفي‬ ‫َل ُك ْم‬ ‫قال �سبحانه‪َ  } :‬ل َق ْد َكا َن‬ ‫كما‬ ‫الح�سنة لكل واحد منا‪،‬‬ ‫َك ِثي ًرا{(ل أاحزاب‪.)21 :‬‬ ‫الل َه‬ ‫الل َه َوا ْل َي ْو َم لْ أاَ ِخ َر َو َذ َك َر‬ ‫تي�سير حفظ القر�آن وتلاوته في �شتى بقاع العالم مع اختلاف‬ ‫اللغات والظروف أ�عظم ا ألدلة على حفظ الله لهذا القر آ�ن‪.‬‬

‫‪65‬‬ ‫مزايا وخصائص القرآن الكريم‪:‬‬ ‫�إن القر آ�ن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على نبينا وقدوتنا محمد �صلى الله عليه و�سلم‪ ،‬ومن ثم ف�إن‬ ‫الم ؤ�من يع ّظم هذا الكتاب‪ ،‬وي�سعى �إلى التم�سك ب أ�حكامه‪ ،‬وتلاوته وتد ّبره‪.‬‬ ‫وح�سبنا أ�ن هذا القر آ�ن هو هادينا في الدنيا‪ ،‬و�سبب فوزنا في ل آاخرة‪ .‬وللقر آ�ن الكريم مزايا كثيرة وخ�صائ�ص‬ ‫متعددة ينفرد بها عن الكتب ال�سماوية ال�سابقة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ 1‬أ�ن القر�آن الكريم قد ت�ض ّمن خلا�صة ا ألحكام ا إللهية‪ ،‬وجاء م ؤ� ِّي ًدا وم ِّ�صد ًقا لما جاء في الكتب‬ ‫ال�سابقة من ل أامر بعبادة الله وحده‪.‬‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬و َأ� ْن َز ْل َنا �ِإ َل ْي َك ا ْل ِك َتا َب ِبا ْل َح ِّق ُم َ�ص ِّد ًقا ِل َما َب ْي َن َي َد ْي ِه ِم َن ا ْل ِك َتا ِب َو ُم َه ْي ِم ًنا َع َل ْيه{‬ ‫(المائدة‪ .)48 :‬ومعنى‪ُ } :‬م َ�ص ِّد ًقا ِل َما َب ْي َن َي َد ْي ِه ِم َن ا ْل ِك َتاب{‪� :‬أي يوافق ما جاء في أ�خبار الكتب‬ ‫ال�سابقة‪ ،‬وما جاء فيها من الاعتقادات‪ ،‬ومعنى } َو ُم َه ْي ِم ًنا َع َل ْيه{‪ :‬أ�ي ُم ْؤ� َت ِم ًنا و�شا ِه ًدا على‬ ‫ما قبله من الكتب‪.‬‬ ‫‪ 2‬أ�نه يجب على جميع النا�س ب�شتى لغاتهم و�أعراقهم التم�سك به‪،‬‬ ‫والعمل بمقت�ضاه‪ ،‬مهما ت�أخر زمانهم عن وقت نزول القر�آن‪ ،‬بخلاف‬ ‫ِ إ� َل َّي‬ ‫} َو ُ�أو ِح َي‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال‬ ‫ألقوام معينين في زمن محدد‪،‬‬ ‫الكتب ال�سابقة فهي‬ ‫ِب ِه َو َم ْن َب َل َغ{ (لاأنعام‪.)19 :‬‬ ‫َه َذا ا ْل ُق ْر آَ� ُن ِ ُأل ْن ِذ َر ُك ْم‬ ‫‪� 3‬أن الله تعالى قد تك ّفل بحفظ القر�آن الكريم‪ ،‬فلم تمتد �إليه يد‬ ‫التحريف‪ ،‬ولا تمتد إ�ليه �أب ًدا كما قال �سبحانه‪�ِ } :‬إ َّنا َن ْح ُن َن َّز ْل َنا ال ِّذ ْك َر‬ ‫َو ِ�إ َّنا َل ُه َل َحا ِف ُظو َن{(الحجر‪ )9 :‬ولذلك ف إ�ن جميع �أخباره �صحيحة واجبة‬ ‫الت�صديق‪.‬‬ ‫ثمرات الإيمان بالكتب‪:‬‬ ‫ل إليمان بالكتب ثمرات كثيرة منها‪:‬‬ ‫‪ 1‬العلم بعناية الله تعالى بعباده‪ ،‬وكمال رحمته‪ ،‬حيث أ�ر�سل لكل قوم كتا ًبا يهديهم به‪ ،‬ويحقق لهم‬ ‫ال�سعادة في الدنيا ول آاخرة‪.‬‬ ‫‪ 2‬العلم بحكمة الله تعالى في �شرعه‪ ،‬حيث �َش َرع لكل قوم ما ينا�سب �أحوالهم ويلائم أ��شخا�صهم‪ ،‬كما‬ ‫قال الله تعالى‪ِ } :‬ل ُك ٍّل َج َع ْل َنا ِم ْن ُك ْم �ِش ْر َع ًة َو ِم ْن َها ًجا{ (المائدة‪.)48 :‬‬ ‫‪� 3‬شكر نعمة الله في إ�نزال تلك الكتب‪ ،‬فهذه الكتب نور وهدى في الدنيا ولاآخرة‪ ،‬ومن ثم يتع ّين �شكر‬ ‫الله على هذه النعم العظيمة‪.‬‬

‫‪ 66‬إيمان المسلم‬ ‫الإيمان بالرسل‬ ‫وجه الدقة إ�لا من طريقهم‪ ،‬ومن أ�عر�ض عن الر�سالة‬ ‫حاجة الناس إلى الرسالة‪:‬‬ ‫ناله من الا�ضطراب والهم وال�شقاء بقدر مخالفته لها‬ ‫لا بد للنا�س من ر�سالة ربانية تبين لهم ال�شرائع‬ ‫وتهديهم �إلى ال�صواب‪ ،‬والر�سالة روح العالم ونوره‬ ‫و إ�عرا�ضه عنها‪.‬‬ ‫وحياته‪ ،‬ف�أ ّي �صلاح للعالم �إذا عدم الروح والحياة‬ ‫أحد أركان الإيمان‪:‬‬ ‫والنور؟‬ ‫ُرفوق ًدحاوتل ِمهالْنذاح أ�َي ْا�مسِةر‪،‬مَناىقاَامللالاهُكل ْنلرهَ�تستا َلتعتاْدلهِرىر‪:‬يو ًَمح}ااَو‪َ ،‬اك ْلوَذِاكِللَت َاركوُب�َأح ْوَو�إلاََحذْيا َنلاْعاِإ�ِإيدَلَمْيما َُكنت‬ ‫ا إليمان بالر�سل �أحد أ�ركان لاإيمان ال�ستة‪،‬‬ ‫َو َل ِك ْن َج َع ْل َنا ُه ُنو ًرا َن ْه ِدي ِب ِه َم ْن َن�َشا ُء ِم ْن ِع َبا ِد َنا{‬ ‫قال �سبحانه‪َ } :‬ءا َم َن ال َّر�ُسو ُل ِب َما أ�ُ ْن ِز َل ِ إ� َل ْي ِه ِم ْن َر ِّب ِه‬ ‫لاَ‬ ‫َو ُر�ُس ِل ِه‬ ‫َءا َم َن ِبالل ِه َو َملاَ ِئ َك ِت ِه َو ُك ُت ِب ِه‬ ‫َُنو َاف ْلِّرُم ُقْؤ� َِمب ُْنيوَنَن َ�أ َ ُحك ٌٍّدل‬ ‫(ال�شورى‪.)52 :‬‬ ‫ِم ْن ُر�ُس ِل ِه{ (البقرة‪.)285 :‬‬ ‫وذلك �أن العقل و إ�ن كان يعرف الخير من ال�شر‬ ‫فد ّلت لاآية على وجوب لاإيمان بجميع الر�سل عليهم‬ ‫على وجه العموم �إلا �أنه لا يمكنه معرفة تف�صيل ذلك‬ ‫ال�صلاة وال�سلام دون تفريق‪ ،‬فلا ن�ؤمن ببع�ض الر�سل‬ ‫وجزئياته‪ ،‬و أ�داء العبادات وكيفياتها إ�لا عن طريق‬ ‫ونكفر ببع�ض كحال اليهود والن�صارى‪.‬‬ ‫الوحي والر�سالة‪.‬‬ ‫فلا �سبيل إ�لى ال�سعادة والفلاح في الدارين �إلا على‬ ‫وقال �صلى الله عليه و�سلم عن ل إايمان‪ \" :‬أ�ن ت ؤ�من‬ ‫�أيدي الر�سل‪ ،‬ولا �سبيل �إلى معرفة الط ِّيب والخبيث على‬ ‫بالله وملائكته وكتبه ور�سله واليوم لاآخر وت ؤ�من بالقدر‬ ‫خيره و�شره\" (م�سلم ‪.)8‬‬ ‫أ�خبرنا الله تعالى أ�نه ما من أ�مة من الب�شر إ�لا بعث لها نب ًيا‪ ،‬و�أنه �سبحانه لا يعذب أ�ح ًدا ما لم تبلغه الر�سالة‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫معنى الإيمان بالرسل‪:‬‬ ‫هو الت�صديق الجازم ب�أن الله بعث في كل أ�مة ر�سولاً منهم يدعوهم إ�لى عبادة الله وحده لا �شريك له‪ ،‬و�أن الر�سل‬ ‫كلهم �صادقون م�ص ّدقون‪ ،‬أ�تقياء أ�مناء‪ ،‬هداة مهتدون‪ ،‬و أ�نهم ب ّلغوا جميع ما �أر�سلهم الله به‪ ،‬فلم يكتموا ولم يغ ّيروا‪ ،‬ولم‬ ‫يزيدوا فيه من عند أ�نف�سهم حرفا ولم ينق�صوه‪ ،‬كما قال �سبحانه‪َ } :‬ف َه ْل َع َلى ال ُّر�ُس ِل ِ إ�لاَّ ا ْل َبلاَ ُغ ا ْل ُم ِبين{(النحل‪.)35:‬‬ ‫آيات الرسل ومعجزاتهم‪:‬‬ ‫أ� ّيد الله تعالى ر�سله عليهم ال�سلام بالدلائل والقرائن المتنوعة على �صدقهم ونبوتهم‪ ،‬ومن ذلك ت أ�ييدهم‬ ‫بالمعجزات ولاآيات الظاهرة التي لي�ست في مقدور الب�شر؛ من أ�جل تقرير �صدقهم و إ�ثبات نبوتهم‪.‬‬ ‫والمراد بالمعجزات‪ :‬ل أامور الخارقة للعادة التي يظهرها الله تعالى على أ�يدي أ�نبيائه ور�سله على وجه يعجز‬ ‫الب�شر عن لاإتيان بمثله‪.‬‬ ‫ومن ذلك‪:‬‬ ‫ • تحويل ع�صا مو�سى عليه ال�سلام �إلى حية‪.‬‬ ‫• إ�خبار عي�سى عليه ال�سلام قو َم ُه بما ي أ�كلون وما ي ّدخرون في بيوتهم‪.‬‬ ‫ • ان�شقاق القمر لنبينا محمد �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫ماذا يتضمن الإيمان بالرسل؟‬ ‫ •ا إليم��ان ب���أن ر�سالتهم ح ّق من الله تعالى‪ ،‬و أ�ن الر�س��الات اتفقت دعوتها إ�لى عبادة الله وحده لا �شريك‬ ‫له‪ ،‬كما قال �سبحانه } َو َل َق ْد َب َع ْث َنا ِفي ُك ِّل �أُ َّم ٍة َر�ُسو ًال أَ� ِن ا ْع ُب ُدوا الل َه َوا ْج َت ِن ُبوا ال َّطا ُغوت{(النحل‪.)36 :‬‬ ‫وق��د تختل��ف �شرائ��ع ا ألنبي��اء في الفروع من الح�ل�ال والحرام بم��ا يتنا�سب مع تلك الأم��م‪ ،‬كما قال الله‬ ‫تعالى‪ِ } :‬ل ُك ٍّل َج َع ْل َنا ِم ْن ُك ْم �ِش ْر َع ًة َو ِم ْن َها ًجا{(المائدة‪.)48 :‬‬ ‫ •الإيم��ان بجمي��ع ا ألنبي��اء والمر�سلي��ن‪ ،‬فن ؤ�م��ن بم��ن �سم��ى الله م��ن ا ألنبياء‪ ،‬مث��ل‪ :‬محم��د و إ�براهيم‬ ‫ومو�س��ى وعي�س��ى ونوح عليهم ال�صلاة وال�سلام‪ ،‬و أ�ما من لم نعل��م ا�سمه منهم فن�ؤمن به إ�جمالا‪ ،‬ومن‬ ‫كفر بر�سال ِة واحد منهم فقد كفر بالجميع‪.‬‬ ‫ •ت�صدي��ق م��ا �ص��ح من أ�خب��ار الر�سل ومعجزاتهم ف��ي القر آ�ن وال�سن��ة‪ ،‬كق�صة فلق البح��ر لمو�سى عليه‬ ‫ال�سلام‪.‬‬ ‫ •العمل ب�شريعة الر�سول الذي �أر�سل �إلينا‪ ،‬وهو �أف�ضلهم وخاتمهم‪ :‬محمد �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬

‫‪ 68‬إيمان المسلم‬ ‫من صفات الرسل‬ ‫} َو َما‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قال‬ ‫والر�سالة‪،‬‬ ‫بالوحي‬ ‫أ�نهم ب�شر‪ ،‬والفرق بينهم وبين غيرهم �أن الله اخت�صهم‬ ‫ ‬ ‫‪1‬‬ ‫َأ� ْر�َس ْل َنا ِم ْن َق ْب ِل َكِ�إلاَّ ِر َجالاً ُنو ِحي ِإ� َل ْي ِه ْم{(لاأنبياء‪.)7:‬‬ ‫فلي�س لهم من خ�صائ�ص الربوبية ول أالوهية �شيء‪ ،‬ولكنهم ب�شر بلغوا الكمال في ال ِخلقة‬ ‫الظاهرة‪ ،‬كما بلغوا الذروة في كمال ل أاخلاق‪ ،‬كما �أنهم خير النا�س ن�سبا‪ ،‬ولهم من العقول‬ ‫الراجحة والل�سان المبين ما يجعلهم �أهلاً لتحمل تبعات الر�سالة والقيام ب�أعباء ال ُنب َّوة‪.‬‬ ‫و إ�نما جعل الله الر�سل من الب�شر ليكون قدوتهم من جن�سهم‪ ،‬وحينئذ ف�إن اتباع الر�سول‬ ‫والاقتداء به هو في مقدورهم وفي حدود طاقتهم‪.‬‬ ‫‪ 2‬اخت�صهم الله بالر�سالة‪ ،‬فالله عز وجل قد خ�صهم بالوحي دون بقية النا�س‪ ،‬كما قال‬ ‫�سبحانه‪ُ } :‬ق ْل إ�ِ َّن َما َ�أ َنا َب�َش ٌر ِم ْث ُل ُك ْم ُيو َحى ِ إ� َل َّي أ�َ َّن َما ِإ� َل ُه ُك ْم ِ�إ َل ٌه َوا ِحد{(الكهف‪.)110 :‬‬ ‫فلي�ست النبوة والر�سالة مكت�سبة بال�صفاء الروحي ولا الذكاء والمنطق العقلي‪ ،‬و إ�نما‬ ‫اختيار وا�صطفاء رباني‪ ،‬فقد اختار الله الر�سل وا�صطفاهم من بين �سائر النا�س‪ ،‬كما قال‬ ‫تعالى‪} :‬الل ُه َ�أ ْع َل ُم َح ْي ُث َي ْج َع ُل ِر�َسا َل َته{(ل أانعام‪.)124 :‬‬ ‫‪ 3‬أ�نهم مع�صومون فيما يب ِّلغونه عن الله‪ ،‬فهم لا يخطئون في التبليغ عن الله‪ ،‬ولا يخطئون في‬ ‫تنفيذ ما أ�وحى الله �إليهم‪.‬‬ ‫‪ 4‬ال�صدق‪ ،‬فالر�سل عليهم ال�سلام �صادقون في أ�قوالهم و أ�عمالهم‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬ه َذا َما َو َع َد‬ ‫ال َّر ْح َم ُن َو َ�ص َد َق ا ْل ُم ْر�َس ُلون{(ي�س‪.)52 :‬‬ ‫‪ 5‬ال�صبر‪ ،‬فقد دعوا إ�لى دين الله تعالى مب�شرين ومنذرين‪ ،‬وقد أ��صابتهم �صنوف لاأذى و أ�نواع‬ ‫الم�شاق‪ ،‬ف�صبروا وتح ّملوا في �سبيل إ�علاء كلمة الله‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬فا ْ�ص ِب ْر َك َما َ�ص َب َر �ُأو ُلو ا ْل َع ْز ِم‬ ‫ِم َن ال ُّر�ُسل{(ل أاحقاف‪.)35 :‬‬

‫‪69‬‬ ‫ثمرات الإيمان بالرسل‪:‬‬ ‫ل إليمان بالر�سل ثمرات عظيمة منها‪:‬‬ ‫‪ 1‬العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده‪ ،‬حيث أ�ر�سل الر�سل إ�ليهم ليهدوهم إ�لى الطريق ال�صحيح‪،‬‬ ‫ويبينوا لهم كيف يعبدون الله؛ ألن العقل الب�شري لا ي�ستقل بمعرفة ذلك‪ ،‬قال تعالى عن نبينا محمد �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم‪َ } :‬و َما أ�َ ْر�َس ْل َنا َك إِ�لاَّ َر ْح َم ًة ِل ْل َعا َل ِمين{(ل أانبياء ‪.)107 :‬‬ ‫‪� 2‬شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى‪.‬‬ ‫‪ 3‬محبة الر�سل عليهم ال�صلاة وال�سلام وتعظيمهم والثناء عليهم بما يليق بهم؛ ألنهم قاموا بعبادة الله‬ ‫وتبليغ ر�سالته والن�صح لعباده‪.‬‬ ‫‪ 4‬اتباع الر�سالة التي جاءت بها الر�سل من عند الله‪ ،‬وهي عبادة الله وحده لا �شريك له‪ ،‬والعمل بها‪،‬‬ ‫فيتحقق للم�ؤمنين في حياتهم الخير والهداية وال�سعادة في الدارين‪.‬‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬ف َم ِن ا َّت َب َع ُه َدا َي َفلاَ َي ِ�ض ُّل َولاَ َي�ْش َقى• َو َم ْن أ�َ ْع َر�َض َع ْن ِذ ْك ِري َف إ�ِ َّن َل ُه َم ِعي�َش ًة َ�ض ْن ًكا{(طه‪.)124-123:‬‬ ‫الجبل الذي ي�سمى جبل مو�سى في �شبه جزيرة �سيناء‪ ،‬ويقول بع�ض الباحثين أ�نه الجبل الذي ك َّلم الله عز وجل‬ ‫عنده مو�سى عليه ال�سلام‪.‬‬

‫‪ 70‬إيمان المسلم‬ ‫عقيدة المسلم في عيسى عليه السلام‬ ‫‪ 1‬أ�نه واحد من أ�عظم الر�سل و أ�جلهم �ش أ� ًنا وهم أ�ولو العزم من الر�سل‪ :‬محمد‪ ،‬و إ�براهيم‪ ،‬ونوح‪ ،‬ومو�سى‪،‬‬ ‫َو ِم ْن‬ ‫َو ِم ْن َك‬ ‫ِمي َثا َق ُه ْم‬ ‫} َو ِ�إ ْذ أَ� َخ ْذ َنا ِم َن ال َّن ِب ِّيي َن‬ ‫وقـد ذكرهم الله في قوله‪:‬‬ ‫وعي�سى عليهـم ال�صلاة وال�سلام‪.‬‬ ‫َغ ِلي ًظا{(لاأحزاب‪.)7 :‬‬ ‫َم ْر َي َم َو َأ� َخ ْذ َنا ِم ْن ُه ْم ِمي َثا ًقا‬ ‫ُنو ٍح َو ِ�إ ْب َرا ِهي َم َو ُمو�َسى َو ِعي�َسى ا ْب ِن‬ ‫‪ 2‬أ�ن عي�سى عليه ال�صلاة وال�سلام ب�شر من بني �آدم‪ ،‬تف�ضل الله عليه و أ�ر�سله لبني �إ�سرائيل و�أجرى على‬ ‫َع ْب ٌد‬ ‫تعالى‪�ِ } :‬إ ْن ُه َو �إِلاَّ‬ ‫يديه المعجزات‪ ،‬ولي�س له من خ�صائ�ص الربوبية ولاألوهية �شيء‪ ،‬كما قال الله‬ ‫أ�َ ْن َع ْم َنا َع َل ْي ِه َو َج َع ْل َنا ُه َم َثلاً ِل َب ِني إ�ِ�ْس َرا ِئيل{(الزخرف‪.)59 :‬‬ ‫}�َأ ِنو�أانْعهُب ُدعلوايهالالل َه�َرصِّبـليا َوة َروَّباُكل ْ�مسل{ا(اململائمدية�أ‪:‬م‪7‬ر‪11‬ق)و‪َ .‬م ُه ب�أن يتخـذوه و�أ َّم ُه �إلهين من دون الله‪ ،‬و إ�نما قال لهم ما �أمره الله به‬ ‫‪� 3‬أنه عي�سى بن مريم‪ ،‬و�أمه مريم امر�أة �صالحة �صديقة قانتة عابدة لربها عفيفة مح�صنة عذراء‪ ،‬وقد‬ ‫حملت بعي�سى عليه ال�سلام من غير �أب بقدرة الله عز وجل‪ ،‬فخلقه بمعجزة باقية‪ ،‬مثل ما خلق �آدم من غير‬ ‫�أب و أ�م‪ ،‬كما قال الله تعالى‪�} :‬إِ َّن َم َث َل ِعي�َسى ِع ْن َد الل ِه َك َم َث ِل �آ َد َم َخ َل َق ُه ِم ْن ُت َرا ٍب ُث َّم َقا َل َل ُه ُك ْن َف َي ُكون{( آ�ل‬ ‫عمران‪.)59 :‬‬ ‫‪� 4‬أنه لي�س بينه وبين محمد �صلى الله عليه و�سلم ر�سو ٌل‪ ،‬وقد ب�شر بنبينا محمد عليه ال�صلاة وال�سلام كما‬ ‫ِم َن‬ ‫إ�ِ�ْس َرا ِئي َل ِ�إ ِّني َر�ُسو ُل الل ِه �ِإ َل ْي ُك ْم ُم َ�ص ِّد ًقا ِل َما َب ْي َن َي َد َّي‬ ‫ََيأ�ا ْحَب َِمن ُدي‬ ‫َم ْر َي َم‬ ‫ِب َر} َو�ُ ِإ�س ْوذ ٍلَق َيا�أَْ ِلت ِيعيِم�َ ْسنىَب ْعا ِْبد ُني‬ ‫قال الله تعالى‪:‬‬ ‫‪.)6‬‬ ‫َف َل َّما َجا َء ُه ْم ِبا ْل َب ِّي َنا ِت َقا ُلوا َه َذا �ِس ْح ٌر ُم ِبين{(ال�صف‪:‬‬ ‫ا�ْس ُم ُه‬ ‫ال َّت ْو َرا ِة َو ُم َب�ِّش ًرا‬

‫‪71‬‬ ‫‪ 5‬ن�ؤمن بالمعجزات التي أ�جراها الله على يديه‪ ،‬كعلاجه للأبر�ص ولاأعمى و�إحيائه للموتى و�إخباره بما‬ ‫ي�أكل النا�س وما يدخرون في بيوتهم‪ ،‬وكل ذلك ب�إذن الله �سبحانه وتعالى‪ ،‬وقد جعل الله ذلك دلالة �صريحة‬ ‫على �صدق نبوته ور�سالته‪.‬‬ ‫‪ 6‬لا يتم �إيمان أ�حد من النا�س حتى ي ؤ�من ب�أن عي�سى عبد الله ور�سوله‪ ،‬و أ�نه مب َّر أ�ٌ ومن َّز ٌه ع َّما و�صفه به‬ ‫اليهود من لاأو�صاف ال�سيئة الباطلة‪.‬‬ ‫كما �أننا نتبر أ� من عقيدة الن�صارى الذين �ضلُّوا في فهم حقيقة عي�سى بن مريم‪ ،‬حيث اتخذوه و�أمه �إلهين من‬ ‫دون الله‪ ،‬وقال بع�ضهم‪ :‬إ�نه ابن الله‪ ،‬وقال بع�ضهم‪� :‬إنه ثالث ثلاثة‪ ،‬تعالى الله عن ذلك عل ًوا كبيرا‪.‬‬ ‫‪� 7‬أنه لم ُيقتل ولم ُي�صلب‪ ،‬بل رفعه الله إ�لى ال�سماء لما أ�راد اليهود قتله‪ ،‬و�ألقى الله ال�شبه على غيره فقتلوه‬ ‫و�صلبوه وظنوه عي�سى عليه ال�سلام‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬و َق ْو ِل ِه ْم ِ�إ َّنا َق َت ْل َنا ا ْل َم�ِسي َح ِعي�َسى ا ْب َن َم ْر َي َم َر�ُسو َل الل ِه‬ ‫َو َما َق َت ُلو ُه َو َما َ�ص َل ُبو ُه َو َل ِك ْن �ُش ِّب َه َل ُه ْم‬ ‫َو�إِ َّن ا َّل ِذي َن ا ْخ َت َل ُفوا ِفي ِه َل ِفي �َش ٍّك ِم ْن ُه‬ ‫اََقملَتالُل َُهلو ُُهه ََْيعم ِِقزِبييِهًنًزاِام ْ•نَحَبِِعكْ ْللي ًٍَممراَ�إِفلاَّع ُ•ها ِّتا ََبلوا�إِل َُهْعن ِإ�ا َللِ ْميَّ ِظْهن ِّ َنو أَ�ََكوْاهَمَِلان‬ ‫ا ْل ِك َتا ِب إِ�لاَّ َل ُي ْ�ؤ ِم َن َّن ِب ِه َق ْب َل َم ْو ِت ِه َو َي ْو َم‬ ‫ا ْل ِق َيا َم ِة َي ُكو ُن َع َل ْي ِه ْم �َش ِهي ًدا{(الن�ساء‪:‬‬ ‫‪.)159-157‬‬ ‫فقد حفظه الله �سبحانه ورفعه عنده إ�لى‬ ‫ال�سماء‪ ،‬و�سوف ينزل في �آخر الزمان �إلى‬ ‫لاأر�ض فيحكم ب�شريعة النبي محمد �صلى الله‬ ‫عليه و�سلم‪ ،‬ث َّم يموت في ل أار�ض ويدفن فيها‬ ‫ويخرجمنهاكمايخــرج�سائــربني آ�دم‪،‬لقول‬ ‫�أُ َ ْخخَل َْرق َنىا ُك{ ْ(مط َوه‪ِ:‬في‪5َ 5‬ها)‪ُ .‬ن ِعي ُد ُك ْم‬ ‫الله تعالى‪ِ } :‬م ْن َها‬ ‫َو ِم ْن َها ُن ْخ ِر ُج ُك ْم َتا َر ًة‬ ‫ي�ؤمن الم�سلم أ�ن عي�سى عليه ال�سلام من �أعظم ر�سل الله‪ ،‬ولكنه لم‬ ‫ُيقتل ولم ُي�صلب ولي�س إ�ل ًها‪.‬‬

‫‪ 72‬إيمان المسلم‬ ‫الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم نب ًيا ورسول ًا‬ ‫ • ن ؤ�من ب أ�ن محم ًدا �صلى الله عليه و�سلم هو عبد الله ور�سوله‪ ،‬و�أنه �س ّيد ل أاولين ولاآخرين‪ ،‬وهو خاتم‬ ‫ل أانبياء فلا نبي بعده‪ ،‬وقد ب ّلغ الر�سالة‪ ،‬و�أدى ل أامانة‪ ،‬ون�صح لاأمة‪ ،‬وجاهد في الله حق جهاده‪.‬‬ ‫• ون�صدقه فيما أ�خبر به‪ ،‬ونطيعه فيما �أمر‪ ،‬ونبتعد عما نهى عنه وزجر‪ ،‬ونعبد الله على وفق �سنته �صلى الله‬ ‫الل َه‬ ‫َي ْر ُجو‬ ‫َكا َن‬ ‫ِل َم ْن‬ ‫َح�َس َن ٌة‬ ‫ُأ��ْس َو ٌة‬ ‫الل ِه‬ ‫َر�ُسو ِل‬ ‫ِفي‬ ‫َل ُك ْم‬ ‫َكا َن‬ ‫} َل َق ْد‬ ‫دون غيره‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫عليه و�سلم‪ ،‬ونقتدي به‬ ‫َك ِثي ًرا{ (لاأحزاب‪.)21 :‬‬ ‫َوا ْل َي ْو َم لْ َاآ ِخ َر َو َذ َك َر الل َه‬ ‫ • وعلينا تقديم محبة النبي �صلى الله عليه و�سلم على محبة الوالد والولد وجميع النا�س‪ ،‬كما قال �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم‪\" :‬لا ي�ؤمن أ�حدكم حتى �أكون أ�ح ّب إ�ليه من والده وولده والنا�س أ�جمعين\" (البخاري ‪ ،15‬م�سلم ‪.)44‬‬ ‫ومحبته ال�صادقة تكون باتباع �سنته والاقتداء بهديه‪ .‬وال�سعادة الحقيقية والاهتداء التام لا يتحقق �إلا بطاعته‪،‬‬ ‫كما قال �سبحانه‪َ } :‬و ِإ� ْن ُت ِطي ُعو ُه َت ْه َت ُدوا َو َما َع َلى ال َّر�ُسو ِل ِ إ�لاَّ ا ْل َبلاَ ُغ ا ْل ُم ِبين{ (النور‪.)54 :‬‬ ‫• يجب علينا قبول ما جاء به النبي �صلى الله عليه و�سلم‪ ،‬و أ�ن ننقاد ل�سنته‪ ،‬و�أن نجعل هديه محل إ�جلال‬ ‫وتعظيم‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬فلاَ َو َر ِّب َك لاَ ُي ؤْ� ِم ُنو َن َح َّتى ُي َح ِّك ُمو َك ِفي َما �َش َج َر َب ْي َن ُه ْم ُث َّم لاَ َي ِج ُدوا ِفي �َأ ْن ُف�ِس ِه ْم َح َر ًجا‬ ‫ِم َّما َق َ�ض ْي َت َو ُي�َس ِّل ُموا َت�ْس ِلي ًما{ (الن�ساء‪.)65 :‬‬ ‫ • علينا أ�ن نحذر من مخالفة أ�مره �صلى الله عليه و�سلم؛ لأن مخالفة أ�مره �سبب للفتنة وال�ضلال والعذاب‬ ‫لاأليم‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬ف ْل َي ْح َذ ِر ا َّل ِذي َن ُي َخا ِل ُفو َن َع ْن �َأ ْم ِر ِه َأ� ْن ُت ِ�صي َب ُه ْم ِف ْت َن ٌة َأ� ْو ُي ِ�صي َب ُه ْم َع َذا ٌب َ�أ ِليم{(النور‪.)63 :‬‬

‫‪73‬‬ ‫�إحدى بوابات الم�سجد النبوي ال�شريف‬ ‫خصائص الرسالة المحمدية‪:‬‬ ‫تخت�ص الر�سالة المحمدية عن الر�سالات‬ ‫ال�سابقة بعدد من الخ�صائ�ص والمزايا منها‪:‬‬ ‫َ�ألَبلار�أَ� َسحا ٍلدا ِمت ْنالِر�سَجااب ِلقُكة ْ‪،‬م‬ ‫خاتمة‬ ‫الر�سالة المحمدية‬ ‫• ‬ ‫ُم َح َّم ٌد‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬ما َكا َن‬ ‫َو َل ِك ْن َر�ُسو َل الل ِه َو َخا َت َم ال َّن ِب ِّيين{(ل أاحزاب‪.)40 :‬‬ ‫ • الر�سالة المحمدية نا�سخة للر�سالات ال�سابقة‪،‬‬ ‫فلا يقبل الله من أ�حد دي ًنا بعد بعثة النبي �صلى الله‬ ‫عليه و�سلم إ�لا باتباع محمد �صلى الله عليه و�سلم‪،‬‬ ‫ولا ي�صل أ�حد �إلى نعيم الجنة �إلا من طريقه‪ ،‬فهو‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم �أكرم الر�سل‪ ،‬و أ�مته خير‬ ‫ل أامم‪ ،‬و�شريعته أ�كمل ال�شرائع‪ .‬قال تعالى‪َ  } :‬و َم ْن‬ ‫َي ْب َت ِغ َغ ْي َر لْ ِإا�ْسلاَ ِم ِدي ًنا َف َل ْن ُي ْق َب َل ِم ْن ُه َو ُه َو ِفي‬ ‫لْاآ ِخ َر ِة ِم َن ا ْل َخا�ِس ِري َن{( آ�ل عمران‪ .)85 :‬وقال �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم‪\" :‬والذي نف�س محمد بيده‪ ،‬لا ي�سمع‬ ‫بي �أحد من هذه ل أامة يهودي أ�و ن�صراني ثم يموت‬ ‫ولم ي�ؤمن بالذي �أر�سلت به �إلا كان من �أ�صحاب‬ ‫النار\" (م�سلم ‪� ،153‬أحمد ‪.)8609‬‬ ‫ • الر�سالة المحمدية عام ٌة إ�لى الثقلين‪ :‬الجن‬ ‫َتوق ْعولاَاإملنَن�ىا‪:‬س‪.‬أَ� ِ}جق َيوا ُبَملواات أَ�ع َْدارال�َِسعىْل ََنياحَاككلالِيهإ�لاةَّ{(علَكاأنا َّحف ًققةاو ِلفل‪:‬ل َّناال‪3ِ�1‬جس)ن‪َ :.‬ب�ِوش}قي‪ ‬اًَيرالا‬ ‫و�سلم‪:‬‬ ‫عليه‬ ‫‪ .)28‬وقال �صلى الله‬ ‫َو َن ِذي ًرا{(�سب أ�‪:‬‬ ‫الكلم‪،‬‬ ‫جوامع‬ ‫ل أانبياء ب�ست‪ :‬أُ�عطيت‬ ‫\" ُف ِّ�ضل ُت على‬ ‫و ُن�صرت بالرعب‪ ،‬و أ�حلت لي الغنائم‪ ،‬وجعلت لي‬ ‫ل أار�ض طهورا وم�سجدا‪ ،‬و أ�ر�سلت �إلى الخلق كافة‪،‬‬ ‫وختم بي النبيون\" (البخاري ‪ ،2815‬م�سلم ‪.)523‬‬

‫‪ 74‬إيمان المسلم‬ ‫صحابة رسول الله وآل بيته الكرام‬ ‫ما بعث الله نب ًيا إ�لا كان �أ�صحابه وحواريوه أ�ف�ضل �أتباعه‪ ،‬وكان جيلهم أ�عظم جيل من �أمته‪.‬‬ ‫اختار الله ل�صحبة نبيه خيرة خلقه بعد ل أانبياء والمر�سلين‪ ،‬ليحملوا هذا الدين ويبلغوه للنا�س‬ ‫�صاف ًيا نق ًيا من ال�شوائب‪ ،‬كما قال �صلى الله عليه و�سلم‪ \":‬خير �أمتي القرن الذي بعثت فيهم‪ ،‬ثم الذين‬ ‫يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم\" (م�سلم‪.)2534 :‬‬ ‫وقد جاء الثناء على �صحابة ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم وتعداد �صفاتهم وف�ضائلهم في‬ ‫مواطن متعددة من كتاب الله و�سنة ر�سوله �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫ويجب على الم�سلم تجاههم عدد من ل أامور‪:‬‬ ‫بعدهم إ�لى يوم القيامة ممن يعرف لل�صحابة ف�ضلهم‬ ‫‪ 1‬محبتهم وتوقيرهم والدعاء لهم‪:‬‬ ‫ومكانتهم ويحبهم‪ ،‬ويدعو لهم‪ ،‬ولا يكون في قلبه بغ�ض‬ ‫فقد �أثنى الله على المهاجرين الذين تركوا ديارهم‬ ‫و أ�موالهم في مكة وانتقلوا �إلى المدينة حر ً�صا على‬ ‫�أو كره لأحد منهم‪.‬‬ ‫دينهم‪ ،‬وابتغاء مر�ضاة الله‪ ،‬و�أعقب ذلك بالثناء‬ ‫َِومَي ْْنن ُِ�فدصَيق ُارا ِورل َِنهتْامعلالَولَهَ�أىَْمو‪ََ:‬ورا}�ُِلِلسِْلهو َُْفلم َُهق ََيرأُ�ْباوَتَِلءُغِئواََْلكن ُم ََُفههاُ ْم�ِضجلااًِلري َّ�َِصنما َِاند َّلُقاِذوليَلنَِهن•َوُ�أ ِروْخا ْ�َِّلرضِ َذوُجيا ًنوَناا‬ ‫على لاأن�صار �أهل المدينة‪ ،‬الذين نا�صروا إ�خوانهم‪،‬‬ ‫و�شاركوهم ما في �أيديهم من لاأموال والمتاع‪ ،‬بل‬ ‫قدموا �إخوانهم على �أنف�سهم‪ ،‬ثم أ�ثنى على من ي�أتي‬

‫‪75‬‬ ‫مكانة الصحابة‪:‬‬ ‫ََ�ِإتو�َُلَُبيشْيَّو�ؤَِّْحِأ�ُهثوَُْنرما ْوف َ�ِاَونسللَِّهاَدعاَلَفََرُي�أى ِوجَأ�ََول ْنُِئدلُفوَإِا�ِكَيسن َِمُهها ِْفَُممن َيوا َلِْلمْوُمُْ�نَْكفص ِلاُدَقَُنحوْب ِِلِورب َِِِههنه ْْمْمم• َُيخو َِاححََّل�اُّبِصذَواجيًَنةََ�نص ٌَةِمَمجَْوَّنام َاُمء ْوَنهاأ�ُا ُويَُِتموجوََْنقار‬ ‫َب ْع ِد ِه ْم َي ُقو ُلو َن َر َّب َنا ا ْغ ِف ْر َل َنا َولإ ْخ َوا ِن َنا ا َّل ِذي َن �َس َب ُقو َنا‬ ‫‪� 1‬صحابة ر�سول الله كلهم أ�هل ف�ضل‬ ‫ِبا ِإلي َما ِن َولا َت ْج َع ْل ِفي ُق ُلو ِب َنا ِغلاً ِل َّل ِذي َن �آ َم ُنوا َر َّب َنا‬ ‫و�إح�سان‪ ،‬ولكن أ�ف�ضلهم الخلفاء‬ ‫الرا�شدون لاأربعة‪ ،‬وهم على الترتيب‪� :‬أبو‬ ‫إ�ِ َّن َك َر ُ�ؤو ٌف َر ِحي ٌم{(الح�شر‪.)10-8 :‬‬ ‫بكر ال�صديق‪ ،‬وعمر بن الخطاب‪ ،‬وعثمان‬ ‫بن عفان‪ ،‬وعلي بن أ�بي طالب ر�ضي الله‬ ‫‪ 2‬التر�ضي عن جميع ال�صحابة‪:‬‬ ‫ينبغي للم�سلم �إذا ذكر �أح ًدا منهم �أن يقول‪:‬‬ ‫عنهم �أجمعين‪.‬‬ ‫(ر�ضي الله عنه)‪ ،‬فقد أ�خبر الله تعالى ب أ�نه ر�ضي‬ ‫‪� 2‬صحابة ر�سول الله �صلى الله عليه‬ ‫عنهم‪ ،‬وقبل طاعاتهم و أ�عمالهم‪ ،‬و أ�نهم ر�ضـوا عنه‬ ‫و�سلم ب�شر غير مع�صومين ويقع منهم‬ ‫بما وهبهم مـن نعــم الديــن والدنيــا‪ ،‬فقــال تعـالى‪:‬‬ ‫الخط أ�‪ ،‬ولكن خط أ�هم �أقل من خط�أ غيرهم‪،‬‬ ‫َال َّتُ}هَبَو ُْاعملو�ََُّهسجاَّْنِمباُقِبٍوِإ�ت َْنحَت�َلْسجَاأا َِّوٍر ُنلويَرَنَتِ� ِْضمح َََتين َهاااْلللُملُه َهَأااْنَعَِْهنجاُِهرُريْم َ َن َخو ََاورِلل ُِ�دَأاضنيو َا َن�صَِاعف ِْرني َُهَهواا ََّلو َ�أَأ�ِذَبَيعًدََّادن‬ ‫و�صوابهم أ�كثر من �صواب غيرهم‪ ،‬فقد اختار‬ ‫الله ل�صحبة نبيه خير النا�س لحمل هذا‬ ‫َذ ِل َك ا ْل َف ْو ُز ا ْل َع ِظي ُم{ (التوبة‪.)100:‬‬ ‫الدين‪\" :‬خير أ�متي القرن الذي بعثت فيهم ثم‬ ‫الذين يلونهم ثم الذين يلونهم\" (م�سلم‪.)2534 :‬‬ ‫‪ 3‬ن�شهد لجميع ال���ص�ح�اب�ة ال�ك�رام‬ ‫بالعدالة وا إلح�سان‪ ،‬ونذكر محا�سنهم‬ ‫ولا نخو�ض فيما ح�صل منهم من �أخطاء‬ ‫�أو اج�ت�ه�ادات مخالفة لل�صواب‪ ،‬فلديهم‬ ‫من �صدق ل إايمان وح�سن العمل والاتباع ما‬ ‫يفوق ذلك‪ ،‬كما قال �صلى الله عليه و�سلم‪:‬‬ ‫\"لا ت�سبوا أ��صحابي فلو أ�ن أ�حدكم �أنفق مثل‬ ‫�أحد ذه ًبا ما بلغ ُم َّد أ�حدهم ولا ن�صيفه\"‬ ‫(البخاري ‪.)3470‬‬ ‫مقبرة البقيع بجوار الم�سجد‬ ‫النبوي وقد دفن فيها الكثير من‬ ‫ال�صحابة الكرام ر�ضي الله عنهم‪.‬‬

‫‪ 76‬إيمان المسلم‬ ‫آل بيت النبوة‬ ‫�آل بيت ر�سول الله هم زوجاته و أ�ولاده‬ ‫وقرابته من �أبناء عمومته‪ :‬آ�ل عل ٍّي‪ ،‬و�آل‬ ‫عقيل‪ ،‬و�آل جعفر‪ ،‬و آ�ل العبا�س وذرياتهم‪.‬‬ ‫و�أف�ضلهم من لقي ر�سول الله �صلى الله‬ ‫عليه و�سلم‪ ،‬كعلي بن أ�بي طالب وفاطمة‬ ‫بنت النبي �صلى الله عليه و�سلم‪ ،‬وكذلك‬ ‫�أبنا�ؤهما‪ :‬الح�سن والح�سين �سيدا �شباب أ�هل‬ ‫الجنة‪ ،‬وزوجات ر�سول الله �أمهات الم�ؤمنين؛‬ ‫كخديجة بنت خويلد‪ ،‬وعائ�شة ال�صديقة ر�ضي‬ ‫الله عنهم �أجمعين‪.‬‬ ‫وقد قال تعالى عن زوجات النبي �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم بعد توجيههن إ�لى �أرقى‬ ‫ُي ِري ُد الل ُه‬ ‫وَعأ�ن ُحك�ُمس انل ِّرل ْاأج� َخسلا َ�أ ْقه َل‪ :‬ا}ْل�ِإَبَّنْيَم ِات‬ ‫ل آاداب‬ ‫َو ُي َط ِّه َر ُك ْم‬ ‫ِل ُي ْذ ِه َب‬ ‫َت ْط ِهي ًرا{ (ل أاحزاب‪.)33 :‬‬ ‫آل البيت غير معصومين‪:‬‬ ‫محبة آل البيت‪:‬‬ ‫�أهل البيت مثل غيرهم من القبائل‪ ،‬فيهم الم�سلم‬ ‫والكافر وال�صالح والعا�صي‪ ،‬فنحب الطائع منهم‬ ‫الم�سلم يحب أ�هل بيت النبي �صلى الله عليه و�سلم‬ ‫ونرجو له الثواب‪ ،‬ونخاف على العا�صي منهم وندعو‬ ‫الم ؤ�منين المتبعين ل�سنته‪ ،‬ويجعل ذلك من محبة النبي‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪ ،‬امتثالاً لحديث ر�سول الله في‬ ‫له بالهداية‪.‬‬ ‫الو�صية والعناية ب�آل بيته �صلى الله عليه و�سلم و ُح�سن‬ ‫وف�ضل آ�ل البيت لا يعني تف�ضيلهم في جميع‬ ‫الخلق معهم ‪ \":‬و أ�هل بيتي‪� ،‬أذكركم الله في أ�هل بيتي‪،‬‬ ‫لاأحوال‪ ،‬وعلى كل لاأ�شخا�ص ب أ�عيانهم‪ ،‬فالنا�س‬ ‫أ�ذكركم الله في �أهل بيتي\"(م�سلم‪ .)2408 :‬كما يقول‬ ‫يتفا�ضلون باعتبارات كثيرة‪ ،‬وقد يوجد في غيرهم من‬ ‫ل أاب الم�شفق‪ :‬الله الله في حق �أولادي‪.‬‬ ‫هو �أف�ضل و�أجل‪.‬‬ ‫ويتبر�أ الم�سلم من �صنفين‪:‬‬ ‫‪� 1‬صنف يغلو في �آل البيت‪ ،‬ويرفعهم إ�لى‬ ‫مرتبة التقدي�س‪.‬‬ ‫‪� 2‬صنف يجفو عنهم‪ ،‬ويعاديهم ويبغ�ضهم‪.‬‬

‫‪77‬‬ ‫الإيمان باليوم الآخر‬ ‫معنى الإيمان باليوم الآخر‪:‬‬ ‫الت�صديق الجازم ب�أن الله تعالى يبعث النا�س من القبور‪ ،‬ثم يحا�سبهم ويجازيهم على أ�عمالهم‪ ،‬حتى ي�ستقر‬ ‫�أهل الجنة في منازلهم‪ ،‬و أ�هل النار في منازلهم‪.‬‬ ‫ولاإيمــان باليوم لاآخر أ�حد �أركــان لاإيمــان‪ ،‬فلا ي�صـح لاإيمــان إ�لا به‪ ،‬قـال تعالــى‪َ } :‬و َلـ ِك َّن ا ْل ِب َّر َم ْن �آ َم َن ِبالل ِه‬ ‫َوا ْل َي ْو ِم لاآ ِخ ِر{(البقرة‪.)177 :‬‬ ‫لماذا أكد القرآن على الإيمان باليوم الآخر؟‬ ‫�أكد القر�آن الكريم على لاإيمان باليوم ل آاخر‪ ،‬ون ّبه �إليه في كل منا�سبة‪ ،‬و أ�كد وقوعه ب�شتى أ��ساليب العربية‪،‬‬ ‫وربط ل إايمان به با إليمان بالله عز وجل في أ�كثر من مو�ضع‪.‬‬ ‫وذلك لأن لاإيمان باليوم لاآخر نتيجة لازمة للإيمان بالله وعدله �سبحانه وتعالى‪ ،‬وتو�ضيح ذلك‪:‬‬ ‫أ�ن الله لا يقر الظلم ولا يدع الظالم بغير عقاب‪ ،‬ولا المظلوم بغير �إن�صاف‪ ،‬ولا يترك المح�سن بغير ثواب‬ ‫وجزاء‪ ،‬ويعطي كل ذي حق حقه‪ ،‬ونحن نرى في الحياة الدنيا من يعي�ش ظال ًما ويموت ظال ًما ولم يعاقب‪ ،‬ومن يعي�ش‬ ‫مظلو ًما ويموت مظلو ًما ولم ي�أخذ حقه‪ ،‬فما معنى هذا والله لا يقبل الظلم؟ معناه �أنه لا بد من حياة أ�خرى غير هذه‬ ‫الحياة التي نعي�شها‪ ،‬لا بد من ميعاد �آخر يكاف أ� فيه المح�سن ويعاقب فيه الم�سيء وي�أخذ كل ذي حق حقه‪.‬‬ ‫} َ�أ َو َل ْي� َس ا َّل ِذي َخ َل َق ال�َّس َما َوا ِت َولَْاأ ْر�َض‬ ‫ِب َقا ِد ٍر َع َلى َ�أ ْن َي ْخ ُل َق ِم ْث َل ُه ْم َب َلى َو ُه َو‬ ‫ا ْل َخلاَّ ُق ا ْل َع ِليم{ (ي�س‪.)81 :‬‬

‫‪ 78‬إيمان المسلم‬ ‫قال الله تعالى‪ُ } :‬ث َّم إ�ِ َّن ُك ْم َب ْع َد َذ ِل َك َل َم ِّي ُتو َن • ُث َّم‬ ‫ماذا يتضمن الإيمان باليوم الآخر؟‬ ‫إِ� َّن ُك ْم َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة ُت ْب َع ُثون{(الم�ؤمنون‪.)16-15:‬‬ ‫يت�ضمن �إيمان الم�سلم باليوم لاآخر عد ًدا من ل أامور‬ ‫وقد اتفقت جميع الكتب ال�سماوية عليه‪ ،‬وذلك هو‬ ‫منها‪:‬‬ ‫مقت�ضى الحكمة؛ حيث تقت�ضي �أن يجعل الله تعالى لهذه‬ ‫الخليقة معادا يجزيهم فيه على كل ما كلفهم به على‬ ‫‪ 1‬ا إليمان بالبعث والح�شر‪ :‬وهو �إحياء‬ ‫َخ َل ْق َنا ُك ْم‬ ‫الله تعالى‪�َ } :‬أ َف َح�ِس ْب ُت ْم َ�أ َّن َما‬ ‫�أل�سنة ر�سله‪ ،‬قال‬ ‫الموتى من قبورهم‪ ،‬و إ�عادة لاأرواح �إلى‬ ‫ُت ْر َج ُعون{ (الم�ؤمنون‪.)115 :‬‬ ‫َع َب ًثا َو أَ� َّن ُك ْم إ�ِ َل ْي َنا لاَ‬ ‫�أج�سادهم‪ ،‬فيقوم النا�س لرب العالمين‪ ،‬ثم‬ ‫يح�شرون ويجمعون في مكان واحد حفاة عراة‬ ‫كما خلقوا �أول مرة‪.‬‬ ‫ولاإيمان بالبعث مما د ّل عليه الكتاب وال�سنة‪،‬‬ ‫والعقل والفطرة ال�سليمة‪ ،‬فن�ؤمن يقينا ب�أن الله يبعث‬ ‫من في القبور‪ ،‬وتعاد لاأرواح �إلى لاأج�ساد‪ ،‬ويقوم‬ ‫النا�س لرب العالمين‪.‬‬ ‫من �أدلة القر�آن على إ�ثبات البعث‪:‬‬ ‫ • أ�ن الله تعالى خلق الب�شر ابتدا ًء‪ ،‬والقادر على ابتداء الخلق لا يعجز عن �إعادته‪ ،‬قال الله تعالى‪َ } :‬و ُه َو‬ ‫} ُق ْل‬ ‫رميم‪:‬‬ ‫وهي‬ ‫العظام‬ ‫إ�حياء‬ ‫�أنكر‬ ‫من‬ ‫على‬ ‫بالرد‬ ‫ُاي َّل ْ ِحذِييي َهَيا ْباَدَّل�أُِذا ْلي َخ�أَ ْلْن َ�َقشَ ُأ�ث ََّهما ُي أَ�ِع َّوي َُلده َم{َّر ٍ(ةال َور ُوهمَو‪ِ :‬ب‪ُ 7‬ك‪ِّ 2‬ل)‪َ .‬وخ ْلقاٍقل َعت ِلعيا ٌلمى{ آ�(يم�رسا‪:‬‬ ‫‪.)79‬‬ ‫ • أ�ن الأر�ض تكون ميتة هامدة لي�س فيها �شجرة خ�ضراء‪ ،‬فينزل عليها المطر‪ ،‬فتهتز خ�ضرا َء ح َّي ًة فيها من‬ ‫ُكم َبلا َرز ًوكاج َفب�أَ ْهن َيب ٍْتجَن‪،‬ا ِوباِهلقَجا َّندار ٍتع َلو َىح إ�َّبحايْلا َئحهاِ�صبيع ِدد•م َووتاله َّنا ْخقاَلد َبرا�ِعسل َقاى ٍإ�ت َحليَهااء َاطلْل ٌمعوَنت ِ�ىض‪،‬ي ٌدقا•ل ِرت ْعزاًقلا ِىل ْل‪ِ :‬ع َب}ا َوِدَن ََّوزَأ�ْل َْنحا َي ِْيمَن َان ِبا ِله�ََّبسْل ََمدا ًةِء َمَمْياًت ًءا‬ ‫َك َذ ِل َك ا ْل ُخ ُرو ُج{(ق‪.)11-9 :‬‬ ‫ • كل عاقل يعلم �أن من َق َدر على العظيم الكبير فهو على ما دونه بكثير �أقد ُر و أ�قدر‪ ،‬والله �سبحانه وتعالى‬ ‫ي�أبحديعيالع�سظاماموااقتدو�لص أاارر�تضروملي أامفال‪،‬اقاكلعتلعاىلىع‪:‬ظ}م َ�أ َو�َلشْيأ��نَهساا َّلو ِذ�سيعت َهخاَل‪َ،‬قوالع�َّسج َيماِ َوبا ِختل َوقلهْاأاَ‪ْ،‬ر و�َمض ِنب َقَثا ِّمد ٍرف َهع َلوى�أق�َأ ْدنر َي ْعخلُل َىق‬ ‫قد‬ ‫�أن‬ ‫ِم ْث َل ُه ْم َب َلى َو ُه َو ا ْل َخلاَّ ُق ا ْل َع ِليم{ (ي�س‪.)81 :‬‬

‫‪79‬‬ ‫} َو َُوه َُهو َوا َّلَأ� ِْذه َوي ُنَي ْبَع َدلَ أ�ُْياِه ْل{َخ(ْلالَقروُثم‪َّ:‬م‪ُ 7‬ي‪ِ)2‬ع‪.‬ي ُد ُه‬ ‫قال تعالى مرغ ًبا عباده للم�سارعة في الطاعات‬ ‫‪ 2‬ا إليمان بالح�ساب والميزان‪ :‬يحا�سب الله‬ ‫ودخول جنة عر�ضها كعر�ض ال�سماء ول أار�ض‪:‬‬ ‫الخلائق على أ�عمالهم التي عملوها في الحياة‬ ‫َع ْر ُ�ض َها‬ ‫َو َج َّن ٍة‬ ‫ُ�أ َِمعْغَّدِف َْرت ٍةِل ْل ُمِ َّمت ِْقنين َر ِّب{ ُك( آ� ْمل‬ ‫ال}‪َ َّ� ‬سو َ�َمسَواا ِر ُ ُتع َووالْ َأا ِْ�إر َل�ُىض‬ ‫الدنيا‪ ،‬فمن كان من �أهل التوحيد ومطيعا لله‬ ‫‪.)133‬‬ ‫ور�سوله ف�إن ح�سابه ي�سير‪ ،‬ومن كان من �أهل‬ ‫عمران‪:‬‬ ‫ال�شرك والع�صيان فح�سابه ع�سير‪.‬‬ ‫و أ�ما النار فهي دار العذاب المقيم‪ ،‬أ�عدها الله‬ ‫وتوزن لاأعمال في ميزان عظيم‪ ،‬فتو�ضع الح�سنات‬ ‫للكافرين الذين كفروا بالله و َع َ�صوا ُر�سله‪ ،‬فيها من‬ ‫في كفة‪ ،‬وال�سيئات في الكفة لاأخرى‪ ،‬فمن رجحت‬ ‫ح�سناته ب�سيئاته فهو من �أهل الجنة‪ ،‬ومن رجحت �سيئاته‬ ‫أ�نواع العذاب ولاآلام والنكال ما لا يخطر على البال‪.‬‬ ‫بح�سناته فهو من أ�هل النار‪ ،‬ولا يظلم ربك �أح ًدا‪.‬‬ ‫قال �سبحانه محذ ًرا عباده من النار التي أ�عدها‬ ‫أ�ََفلَتاَ ْي َناقُت ِاب َْظهلَلا ُتمَوع َكاَنلَفْفى�ىٌ‪:‬سِب َن}�اَ َشو َْينَحًئاَ�اض�ِ ُسَعو ِِب�إايْْلن َنم ََكو{اا َِز(نيل َاأِنمن ْثبايَقْلااِءق‪َ:‬ل�ْس‪َ4َ 7‬حط)َّب‪ٍِ.‬لة َي ْوِمِمْنا ْل َِقخ َيْرا ََدم ٍِةل‬ ‫ُأ�للِعك َّادفْتر ِيل ْلنَك‪:‬ا ِف ِ}ر َفيا َّتن ُق{وا(الابل َّقنار َةر‪:‬ا‪َّ4‬ل ِت‪)2‬ي‪َ .‬و ُقو ُد َها ال َّنا� ُس َوا ْل ِح َجا َر ُة‬ ‫‪ 3‬أ�العدجهنـاةالولاهللنـلامر�ؤ‪:‬مانليجنناةلمهتيقيدانر‪،‬الالنعميطمياعليمنقيللهّم‪،‬‬ ‫اللهم إ�نا ن�س أ�لك الجنة وما ق ّرب �إليها من قول‬ ‫ور�سوله‪ ،‬فيها جميع أ�نواع النعيم الدائم مما‬ ‫وعمل‪ ،‬ونعوذ بك من النار وما ق ّرب إ�ليها من قول‬ ‫ت�شتهيه النفو�س وتقر به العيون من جميع �أنواع‬ ‫وعمل‪.‬‬ ‫المحبوبات‪.‬‬ ‫‪ 4‬عذاب القبر ونعيمه‪ :‬ن ؤ�من ب�أن الموت حق‪،‬‬ ‫قال تعالى‪ُ } :‬ق ْل َي َت َو َّفا ُك ْم َم َل ُك ا ْل َم ْو ِت ا َّل ِذي ُو ِّك َل‬ ‫ِب ُك ْم ُث َّم إِ� َلى َر ِّب ُك ْم ُت ْر َج ُعون{(ال�سجدة‪.)11 :‬‬

‫‪ 80‬إيمان المسلم‬ ‫ • كما �أن �أحوال القبر من �أمور الغيب التي لا‬ ‫وهو �أمر م�شاهد لا �شك فيه‪ ،‬ون ؤ�من �أن كل من‬ ‫يدركها الح�س‪ ،‬ولو كانت تدرك بالح�س لفاتت‬ ‫مات �أو قتل ب�أي �سبب كان حتفه‪� ،‬أ ّن ذلك ب أ�جله لم‬ ‫فائدة لاإيمان بالغيب‪ ،‬وزالت حكمة التكليف‪ ،‬ولما‬ ‫لاَ‬ ‫} َف�إِ َذا َجا َء أَ� َج ُل ُه ْم‬ ‫ينق�ص منه �شيئا‪ ،‬قال الله تعالى‪:‬‬ ‫َتدافن النا�س‪ ،‬كما قال �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬لولا‬ ‫(لاأعراف‪.)34 :‬‬ ‫َي�ْس َت ْأ� ِخ ُرو َن �َسا َع ًة َولاَ َي�ْس َت ْق ِد ُمون{‬ ‫�أن لا َتدا َفنوا لدعوت الله أ�ن ي�سمعكم من عذاب‬ ‫القبر ما �أ�سمع\" (م�سلم ‪ ،2868‬الن�سائي ‪ .)2058‬ول َّما‬ ‫• و�أن من مات فقد قامت قيامته وانتقل �إلى الدار‬ ‫كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم �سمعته‬ ‫لاآخرة‪.‬‬ ‫و�أدركته‪.‬‬ ‫ • وقد ثبتت أ�حاديث كثيرة عن ر�سول الله �صلى‬ ‫الله عليه و�سلم في ثبوت عذاب القبر للكفار‬ ‫والع�صاة ونعيمه للم�ؤمنين و أ�هل ال�صلاح فن ؤ�من‬ ‫به ولا نخو�ض في كيفيته‪� ،‬إذ لي�س للعقل قدرة على‬ ‫معرفة كيفيته وحقيقته‪ ،‬لكونه من عالم الغيب مثل‬ ‫الجنة والنار لا من عالم ال�شهادة‪ ،‬وقدرة العقل على‬ ‫القيا�س والا�ستنتاج والحكم تكون فيما يعرف نظيره‬ ‫وقانونه في عالم الدنيا الم�شاهد‪.‬‬ ‫الموت لي�س النهاية ولكنه بداية لمرحلة جديدة‬

‫‪81‬‬ ‫ثمرات الإيمان باليوم الآخر‪:‬‬ ‫‪ 1‬الإيم��ان بالي��وم ا آلخ��ر ل��ه أ��شد ا ألثر ف��ي توجيه الم�سل��م وان�ضباط��ه والتزامه بالعم��ل ال�صالح‬ ‫وتقوى الله عز وجل وبعده عن الأنانية والرياء‪.‬‬ ‫وله��ذا يت��م الربط بين ا إليمان باليوم ا آلخر والعمل ال�صال��ح في كثير من ا ألحيان‪ ،‬كقوله تعالى‪:‬‬ ‫}‪� ‬إِ َّن َم��ا َي ْع ُم�� ُر َم�َسا ِج َد الل ِه َم ْن آ�َ َم َن ِبالل ِه َوا ْل َي�� ْو ِم ا ْ َآل ِخر{(التوبة‪ ،)18:‬وقوله‪َ } :‬وا َّل ِذي َن ُي ْؤ� ِم ُنو َن ِبا ْ َلآ ِخ َر ِة‬ ‫ُي ْ�ؤ ِم ُنو َن ِب ِه َو ُه ْم َعلَى َ�صلاَ ِت ِه ْم ُي َحا ِف ُظون{(لاأنعام‪.)92 :‬‬ ‫‪ 2‬تنبي��ه الغافلي��ن المن�شغلي��ن ب�أم��ور الحي��اة ومتاعها ع��ن التناف�س ف��ي الطاعات واغتن��ام الوقت‬ ‫للتقرب إ�لى الله بالطاعات �إلى حقيقة الحياة وق�صرها و�أن الآخرة هي دار القرار والخلد‪.‬‬ ‫ولم��ا أ�ثن��ى الله عل��ى الر�سل ف��ي القر آ�ن وذك��ر أ�عمالهم مدحه��م بال�سبب ال��ذي كان يدفعهم لتلك‬ ‫ا ألعمال والف�ضائل فقال‪ِ�} :‬إ َّنا أَ� ْخلَ ْ�ص َنا ُه ْم ِب َخا ِل�َص ٍة ِذ ْك َرى ال َّدار{(�ص‪.)46 :‬‬ ‫�أي �إن �سبب تلك ا ألعمال الفا�ضلة �أنهم تميزوا بتذكر الدار ا آلخرة فدفعهم هذا التذكر لتلك ا ألعمال‬ ‫والمواقف‪.‬‬ ‫ولم��ا تثاق��ل بع���ض الم�سلمين ع��ن الامتثال لأم��ر الله ور�سوله قال تعال��ى تنبيها له��م‪�} :‬أَ َر ِ�ضي ُت ْم‬ ‫ِبا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا ِم َن ا ْلَآ ِخ َر ِة َف َما َم َتا ُع ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا ِفي ا ْ َآل ِخ َر ِة ِإ� َّال َق ِليل{(التوبة‪.)38 :‬‬ ‫فحين ي�ؤمن ا إلن�سان باليوم الآخر‪ ،‬ف�إنه �سيوقن ب�أن كل نعيم في الدنيا لا يقا�س إ�لى نعيم الآخرة‪،‬‬ ‫ولا ي�س��اوي م��ن جهة �أخرى غم�سة واحدة من �أجله في العذاب‪ ،‬وكل عذاب في الدنيا ‪-‬في �سبيل الله‪-‬‬ ‫لا يقا�س إ�لى عذاب الآخرة‪ ،‬ولا يوازي من جهة أ�خرى غم�سة واحدة من �أجله في النعيم‪.‬‬ ‫‪ 3‬الطم�أنين��ة ب���أن الإن�س��ان ملاق ن�صيبه‪ ،‬ف���إذا فاته �شيء من متاع الحياة الدني��ا فلا يي أ��س ويقتل‬ ‫نف�س��ه حز ًن��ا‪ ،‬ب��ل عليه أ�ن يجتهد ويوقن ب�أن الله لا ي�ضيع أ�جر م��ن أ�ح�سن العمل‪ ،‬و إ�ن كان قد ُأ� ِخ َذ‬ ‫منه مثقال ذرة بظلم �أو غ�ش ح َّ�صلَها يوم القيامة في �أحوج ما يكون إ�ليها‪ ،‬فكيف يغتم من علم �أن‬ ‫ن�صيب��ه �سي أ�تي��ه لا محالة في أ�هم اللحظ��ات و أ�خطرها؟ وكيف يحزن من يعلم أ�ن من يق�ضي بينه‬ ‫وبين خ�صومه هو أ�حكم الأحكمين �سبحانه وتعالى؟‬

‫‪ 82‬إيمان المسلم‬ ‫الإيمان بالقدر‬ ‫معنى الإيمان بالقدر‪:‬‬ ‫هو الت�صديق الجازم ب�أن كل خير و�شر فهو بق�ضاء الله وقدره‪ ،‬و�أنه الف ّعال لما يريد‪ ،‬لا يكون �شيء �إلا ب إ�رادته‪،‬‬ ‫ولا يخرج �شيء عن م�شيئته‪ ،‬ولي�س في العالم �شيء يخرج عن تقديره‪ ،‬ولا ي�صدر �إلا عن تدبيره‪ ،‬ومع ذلك فقد �أمر‬ ‫العباد ونهاهم‪ ،‬وجعلهم مختارين لأفعالهم‪ ،‬غير مجبورين عليها‪ ،‬بل هي واقعة بح�سب قدرتهم و�إرادتهم‪ ،‬والله‬ ‫خالقهم وخالق قدرتهم‪ ،‬يهدي من ي�شاء برحمته‪ ،‬وي�ضل من ي�شاء بحكمته‪ ،‬لا ُي�س�أل عما يفعل وهم ي�س أ�لون‪.‬‬ ‫ولاإيمان بقدر الله تعالى �أحد أ�ركان لاإيمان‪ ،‬كما في جواب الر�سول �صلى الله عليه و�سلم حين �س�أله جبريل عليه‬ ‫ال�سلام عن لاإيمان فقال‪�\" :‬أن ت ؤ�من بالله وملائكته وكتبه ور�سله واليوم لاآخر وت ؤ�من بالقدر خيره و�شره\" (م�سلم ‪.)8‬‬ ‫مع أ�ن الله ق َّدر جميع ما يح�صل في هذا الكون �إلا أ�نه �أبقى لنا حرية الاختيار بين الهداية وال�ضلال }�إِ َّنا َه َد ْي َنا ُه‬ ‫ال�َّس ِبي َل �ِإ َّما �َشا ِك ًرا َو ِإ� َّما َك ُفو ًرا{ (الإن�سان‪.)3 :‬‬

‫‪83‬‬ ‫ماذا يتضمن الإيمان بالقدر‪:‬‬ ‫ا إليمان بالقدر يت�ضمن �أربعة �أمور‪:‬‬ ‫العلم‪:‬‬ ‫• لاإيمان ب�أن الله تعالى َع ِلم بكل ب�شيء جمل ًة وتف�ص َيلاً ‪ ،‬و�أنه تعالى قد َع ِلم‬ ‫جميع خلقه قبل أ�ن يخلقهم وعلم �أرزاقهم و�آجالهم و�أقوالهم و أ�عمالهم‪ ،‬وجميع‬ ‫حركاتهم و�سكناتهم‪ ،‬و أ��سرارهم وعلان َّياتهم‪ ،‬ومن هو منهم من �أهل الجنة‪ ،‬ومن‬ ‫هو منهم من �أهل النار‪ .‬قال الله تعالى‪ُ } :‬ه َو الل ُه ا َّل ِذي لاَ ِ�إ َل َه �ِإلاَّ ُه َو َعا ِل ُم ا ْل َغ ْي ِب‬ ‫َوال�َّش َها َدة{(الح�شر‪.)22 :‬‬ ‫الكتابة‪:‬‬ ‫ • َنتل ْبعاإ َايرلأ�َم َاىه‪:‬ان{ب}أ�‪( ‬انَلمهاح�َأ�دسي َ�بدص‪:‬احا‪َ3‬نب‪2‬ه)ِم‪.‬ق ْوندق ُمكوتلِ�صبايل َبنجٍبةم ِييفعي�صمللْا أاَى�ْرساب�لِلقضهبَولاَهعل ِيعِفْله ُميو َه��أ ْسنفلُفمي�ِ‪:‬سا ُلك\"ل ْموكت�إِحلاَّابلاِفملليحه ِفكومَتاقاٍظب‪.‬ديوِمرد ْلانيل ُلَقهخْبلِقلاوَئأ�ل ْنهق‬ ‫قبل أ�ن يخلق ال�سماوات ول أار�ض بخم�سين أ�لف �سنة\"(م�سلم‪.)2653‬‬ ‫الم�شيئة‪:‬‬ ‫ • لاإيمان بم�شيئة الله النافذة التي لا ير ُّدها �شيء‪ ،‬وقدرته التي لا يعجزها �شيء‪،‬‬ ‫فجميع الحوادث وقعت بم�شيئة الله وقدرته‪ ،‬ما �شاء كان‪ ،‬وما لم ي�ش�أ لم يكن‪ .‬قال‬ ‫تعالى‪َ } :‬و َما َت�َشا ُءو َن ِ�إلاَّ �أَ ْن َي�َشا َء الل ُه{(التكوير‪.)29 :‬‬ ‫الخلق‪:‬‬ ‫ • ل إايمان ب أ�نه �سبحانه هو الموجد ل أل�شياء كلها‪ ،‬و�أنه الخالق وحده‪ ،‬وكل ما‬ ‫�سواه مخلوق له‪ ،‬و أ�نه على كل �شيء قدير‪ .‬قال �سبحانه وتعالى‪َ } :‬و َخ َل َق ُك َّل‬ ‫�َش ْي ٍء َف َق َّد َر ُه َت ْق ِدي ًرا{(الفرقان‪.)2 :‬‬

‫‪ 84‬إيمان المسلم‬ ‫للإنسان اختيار وقدرة وإرادة‪:‬‬ ‫الإيمان بالقدر لا ينافي �أن يكون للعبد م�شيئة في أ�فعاله الاختيارية‪ ،‬وقدرة عليها؛ لأن ال�شرع والواقع‬ ‫دالان على إ�ثبات ذلك له‪.‬‬ ‫أ�ما ال�شرع‪ ،‬فقد قال الله تعالى في الم�شيئة‪َ } :‬ذ ِل َك ا ْل َي ْو ُم ا ْل َح ُّق َف َم ْن �َشا َء ا َّت َخ َذ ِ�إ َلى َر ِّب ِه َم آَ� ًبا{ (النب�أ‪.)39 :‬‬ ‫وقال تعالى في القدرة‪} :‬لاَ ُي َك ِّل ُف الل ُه َن ْف�ًسا �ِإلاَّ ُو�ْس َع َها َل َها َما َك�َس َب ْت َو َع َل ْي َها َما ا ْك َت�َس َب ْت{ (البقرة‪ )286 :‬والو�سع‬ ‫بمعنى القدرة‪.‬‬ ‫و أ�ما الواقع ف�إن كل �إن�سان يعلم �أن له م�شيئة وقدرة بهما يفعل‪ ،‬وبهما يترك‪ ،‬ويف ِّرق بين ما يقع ب إ�رادته‬ ‫كالم�شي وبين ما يقع بغير إ�رادته كالارتعا�ش وال�سقوط المفاجئ‪ ،‬لكن م�شيئة العبد وقدرته واقعتان بم�شيئة الله‬ ‫تعالى وقدرته‪ ،‬كما قال تعالى‪ِ  } :‬ل َم ْن �َشا َء ِم ْن ُك ْم �أَ ْن َي�ْس َت ِقي َم • َو َما َت�َشا ُءو َن إِ�لاَّ أَ� ْن َي�َشا َء الله َر ُّب ا ْل َعا َل ِمي َن{(التكوير‪:‬‬ ‫‪ .)29-28‬ف أ�ثبت الم�شيئة ل إلن�سان ثم �أكد على �أنها داخلة في م�شيئته �سبحانه وتعالى؛ ولأن الكون كله ُملك لله تعالى‬ ‫فلا يكون في ملكه �شيء بدون علمه وم�شيئته‪.‬‬ ‫الاعتذار بالقدر‪:‬‬ ‫قدرة ل إان�سان واختياره هي التي يتعلق بها التكليف‬ ‫ول أامر والنهي‪ ،‬فيثاب المح�سن لاختياره طريق الهداية‬ ‫ويعاقب الم�سيء لاختياره طريق ال�ضلال‪.‬‬ ‫فالله �سبحانه لم يكلفنا �إلا بما نطيق ولا يقبل من‬ ‫�أحد ترك عبادته بحجة القدر‪.‬‬ ‫ثم �إن ا إلن�سان قبل المع�صية لا يدري ما علم الله‬ ‫تعالى وقدره؟ والله قد أ�عطاه قدرة واختيا ًرا‪ ،‬وو�ضح‬ ‫له ُط ُرق الخير وال�شر‪ ،‬ف�إذا ع�صى حينئذ فهو المختار‬ ‫للمع�صية‪ ،‬المف�ضل لها على الطاعة‪ ،‬فيتحمل عقوبة‬ ‫مع�صيته‪.‬‬ ‫لو اعتدى عليك �إن�سان و أ�خذ مالك و آ�ذاك واعتذر بحجة‬ ‫أ�ن ذلك مقدر عليه‪ ،‬لما قبلت منه عذره التافه‪ ،‬ولعاقبته‬ ‫و�أخذت حقك منه؛ ألنه فعل ذلك باختياره و إ�رادته‪..‬‬

‫‪85‬‬ ‫ثمرات الإيمان بالقدر‪:‬‬ ‫ثمرات ا إليمان بالق�ضاء والقدر عظيمة في حياة الم�سلم ومن ذلك‪:‬‬ ‫‪ 1‬القدر من �أكبر الحوافز للعمل والن�شاط وال�سعي بما ير�ضي الله في هذه الحياة‪.‬‬ ‫فالم ؤ�من��ون م�أم��ورون با ألخ��ذ بالأ�سباب مع الت��وكل على الله تعالى‪ ،‬وا إليمان ب�� أ�ن الأ�سباب لا‬ ‫تعطي النتائج إ�لا ب إ�ذن الله‪ ،‬لأن الله هو الذي خلق الأ�سباب‪ ،‬وهو الذي خلق النتائج‪.‬‬ ‫قال النبي �صلى الله عليه و�سلم‪\" :‬احر�ص على ما ينفعك‪ ،‬وا�ستعن بالله‪ ،‬ولا تعجز‪ ،‬و�إن �أ�صابك‬ ‫�ش��يء ف�ل�ا تق��ل لو �أني فعل��ت كان كذا وكذا‪ ،‬ولكن ق��ل‪ :‬قدر الله وما �شاء فعل‪ ،‬ف�� إ�ن لو تفتح عمل‬ ‫ال�شيطان\" (م�سلم ‪.)2664‬‬ ‫‪ 2‬أ�ن َي ْع ِرف ا إلن�سان َق ْدر نف�سه‪ ،‬فلا يتكبر ولا َي ْب ُطر؛ ألنه عاجز عن معرفة المقدو ِر‪ ،‬وم�ستقبل ما‬ ‫هو حادث‪ ،‬ومن ثم يق ّر الإن�سان بعجزه وحاجته �إلى ربه تعالى دائما‪.‬‬ ‫فا إلن�س��ان إ�ذا أ��صاب��ه الخير َب َط��ر واغتر به‪ ،‬و إ�ذا �أ�صابه ال�شر والم�صيبة جزع وحزن‪ ،‬ولا يع�صم‬ ‫الإن�س��ان م��ن البطر والطغيان إ�ذا �أ�صابه الخير‪ ،‬والحزن �إذا �أ�صابه ال�شر‪� ،‬إلا الإيمان بالقدر‪ ،‬و أ�ن‬ ‫ما وقع فقد جرت به المقادير‪ ،‬و�سبق به علم الله‪.‬‬ ‫‪ 3‬أ�نه يق�ضي على رذيلة الح�سد‪ ،‬فالم ؤ�من لا يح�سد النا�س على ما �آتاهم الله من ف�ضله؛ ألن الله هو‬ ‫الذي رزقهم وق ّدر لهم ذلك‪ ،‬وهو يعلم أ�نه حين يح�سد غيره �إنما يعتر�ض على قدر الله وق�ضائه‪.‬‬ ‫‪ 4‬الإيم��ان بالق��در يبع��ث في القلوب ال�شجاعة عل��ى مواجهة ال�شدائد‪ ،‬ويقوي فيه��ا العزائم‪ ،‬ألنها‬ ‫توقن أ�ن ا آلجال وا ألرزاق مقدرة و أ�نه لن ي�صيب الإن�سان إ�لا ما كتب له‪.‬‬ ‫‪ 5‬ا إليم��ان بالق��در يغر���س في نف���س الم ؤ�من حقائ��ق الإيمان المتع��ددة‪ ،‬فهو دائ��م الا�ستعانة بالله‪،‬‬ ‫يعتم��د عل��ى الله ويت��وكل عليه مع فعل الأ�سباب‪ ،‬وه��و �أي�ضا دائم الافتقار إ�لى رب��ه تعالى ي�ستمد‬ ‫منه العون على الثبات‪.‬‬ ‫‪ 6‬الإيم��ان بالق��در يبع��ث الاطمئنان في النف�س‪ ،‬فيعل��م الم ؤ�من �أن ما �أ�صابه ل��م يكن ليخطئه وما‬ ‫�أخط أ�ه لم يكن لي�صيبه‪.‬‬

‫‪ 86‬إيمان المسلم‬ ‫الإسلام والفرق الضالة‬ ‫الإ�سلام مثل غيره من المبادئ والطرق التي ي�سلكها النا�س ي�ضل عنها بع�ضهم بق�صد �أو بدون‬ ‫ق�صد‪ ،‬ويزداد الأمر خطورة بقدر ابتعاد ا إلن�سان عن حقيقة الإ�سلام ومخالفته لعقائده وثوابته‪.‬‬ ‫خ��ط ر�س��ول الله �صل��ى الله علي��ه‬ ‫و�سل��م خ ًط��ا وق��ال‪ :‬ه��ذا �سبي��ل‬ ‫الله‪ ،‬ث��م خ��ط خطو ًطا ع��ن يمينه‬ ‫و�شماله‪ ،‬وقال هذه ال�سبل‪ ،‬على كل‬ ‫�سبيل منها �شيطان يدعو إ�ليه‪ ،‬ثم‬ ‫قر أ�‪َ } :‬و َ�أ َّن َه َذا ِ�ص َرا ِطي ُم�ْس َت ِقي ًما‬ ‫َفا َّت ِب ُع��و ُه َو َال َت َّت ِب ُع��وا ال�ُّس ُب َل َف َت َف َّر َق‬ ‫ِب ُك�� ْم َع�� ْن �َس ِبي ِل ِه{(الأنع��ام‪)153 :‬‬ ‫(الحاكم ‪.)3241‬‬ ‫ومن تلك العقائد ال�ضالة الت�شيع‪ :‬وال�شيعة‬ ‫وغالبية النا�س بحمد الله ت�أخذ بحقيقة ل إا�سلام‬ ‫فرقة �ضالة لا يمثلون إ�لا أ�قل من ‪ %9‬من الم�سلمين‬ ‫ال�صافية التي نزلت على محمد �صلى الله عليه و�سلم‪,‬‬ ‫اليوم‪ ,‬وتعمل بع�ض الجهات الم�شبوهة على ن�شر‬ ‫وربما وقعوا مع ذلك في بع�ض الانحرافات الي�سيرة‪ ..‬ومع‬ ‫عقائدهم بين النا�س بعدد من الو�سائل والطرق‪ ،‬ومن‬ ‫هذا فيوجد ق�سم آ�خر ي�ضل ويزيغ في اعتقاداته لابتداعه‬ ‫ما لم ي�أت به الله �أو تع�صبه لطريقته أ�و قومه في أ�تي بما‬ ‫عقائدهم ال�ضالة‪:‬‬ ‫ •اعتقاد �أن أ�ح ًدا يعلم الغيب غير الله‪,‬‬ ‫يخالف وربما يناق�ض حقيقة لاإ�سلام ال�صافية‪.‬‬ ‫�أو القول بجواز �صرف �شيء من �أنواع العبادة‬ ‫ومع إ�يماننا ب�أن كل ما خالف عقيدة ر�سول الله �صلى‬ ‫لغير الله‪ ,‬كالطواف والا�ستغاثة بقبور ل أاولياء‬ ‫الله عليه و�سلم و�أ�صحابه �ضلالة يجب الرجوع عنها‪ ,‬إ�لا‬ ‫وال�صالحين‪� ،‬أو �أن قو ًما ب�أعيانهم غير ر�سول‬ ‫�أن تلك ال�ضلالات في الاعتقاد ول إايمان لي�ست بدرجة‬ ‫الله �صلى الله عليه و�سلم يجب طاعتهم‬ ‫واحدة في الخطورة وال�ضلال‪ ,‬فمنها ما هو خط�أ وبدعة‬ ‫والولاء لهم وهم مع�صومون ‪-‬في اعتقادهم‪-‬‬ ‫يجب الرجوع عنه ويبقى �صاحبه م�سلما‪ ،‬ومنها ما هو‬ ‫مناق�ض أل�صل لاإيمان ومخرج من �أ�صل لاإ�سلام و�إن‬ ‫عن الوقوع في الخط أ� والزلل‪.‬‬ ‫ •القدح في ال�صحابة الكرام الذين‬ ‫انت�سب �صاحبه له‪..‬‬ ‫حملوا لنا هذا الدين‪ ,‬وعلى ر�أ�سهم �أبو‬ ‫ونجد اليوم عددا من الفرق التي تنت�سب �إلى‬ ‫بكر �أف�ضل ال�صحابة وعمر وعثمان و أ�مهات‬ ‫ل إا�سلام وهي ت�ؤمن بعقائد و أ�فكار تخالف العقيدة‬ ‫الم ؤ�منين ر�ضي الله عنهم‪ ,‬واتهامهم بما لي�س‬ ‫ال�صحيحة ال�صافية كما جاء بها ر�سول الله �صلى الله‬ ‫فيهم‪ ,‬مع أ�ن الله قد ر�ضي عنهم و أ�ثنى عليهم‬ ‫عليه و�سلم وكان عليها �صحابته الكرام‪.‬‬

‫‪87‬‬ ‫في كتابه‪ ،‬وربما تجر�أ بع�ضهم على القول ب أ�ن القر آ�ن الذي بين �أيدينا محرف وناق�ص ‪-‬عياذا بالله‪,-‬‬ ‫مناق�ضا لقول الله تعالى‪ِ } :‬إ� َّنا َن ْح ُن َن َّز ْل َنا ال ِّذ ْك َر َو ِإ� َّنا َل ُه َل َحا ِف ُظو َن{ (الحجر‪.)9 :‬‬ ‫ومما ينبغي للم�سلم التنبه له أ�نهم قد لا يظهرون في بداية دعوتهم غير محبة آ�ل البيت وتقديرهم ‪-‬وهو ما‬ ‫ي ؤ�من به جميع الم�سلمين‪ -‬ويخفون بقية عقائدهم الباطلة‪ ,‬حتى يتعاطف معهم الم�سلم‪ ,‬وتنطلي عليه أ�فكارهم بعد‬ ‫ذلك �شيئا ف�شيئا‪.‬‬ ‫وعلى الم�سلم الحر�ص على دينه و إ�يمانه‪ ,‬بالرجوع لكتاب الله و�سنة ر�سوله الكريم‪ ,‬ومتابعة �أهل العلم‬ ‫الموثوقين‪ ,‬والبعد عن جميع الدعوات الم�شبوهة وال�ضالة‪ ,‬و�إذا عر�ضت عليه �شبهة في دينه لا يعرف جوابها فليرجع‬ ‫إ�لى �أهل العلم المعتبرين‪ ,‬وليطمئن بدينه و�إيمانه وما لديه من الحق‪ ،‬ويرد الم�شكوك فيه إ�لى ما هو متيقن منه من‬ ‫حقائق الدين‪..‬‬ ‫والخير والهدى فيما كان عليه ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم و�صحابته الكرام الذين اختارهم الله ل�صحبة‬ ‫نبيه‪ ,‬وكانوا خير من حمل هذا الدين �صافيا نقيا من الخرافة وال�ضلال‪.‬‬ ‫لقطة من ( آ�يا�صوفيا) في إ��سطنبول‬ ‫الهدى في اتباع ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم و�صحابته الكرام‬

‫‪ 88‬طهارة المسلم‬

‫طهارة المسلم‬ ‫‪2‬‬ ‫أ�مر الله الم�سلم بتطهير باطنه وقلبه من ال�شرك و�أمرا�ض‬ ‫القل��وب كالح�س��د والك�ب�ر والحق��د‪ ،‬وتطه�ي�ر ظاهره من‬ ‫النجا�س��ات والق��اذورات‪ ،‬ف�� إ�ذا فع��ل ذل��ك ا�ستح��ق محب��ة‬ ‫الله كم��ا ق��ال تع��الى‪�ِ } :‬إ َّن الل َه ُي ِح�� ُّب ال َّت َّوا ِب�ي� َن َو ُي ِح�� ُّب‬ ‫ا مْلُ َت َط ِّه ِرين{ (البقرة‪.)222 :‬‬ ‫الحـــــدث‬ ‫معنى الطهارة‬ ‫الطهارة من النجا�سة كيف أ�تو�ضا؟‬

‫‪ 90‬طهارة المسلم‬ ‫طهارة المسلم‬ ‫معنى الطهارة‬ ‫�أ�صل معنى الطهارة النزاهة والنظافة والنقاء‪.‬‬ ‫وقد أ�مراللهعزوجلالم�سلمبتطهيرظاهرهوباطنه‪،‬فـيطهرظاهرهمنالمحرماتالظاهرةوالخبائثوالقاذورات‪،‬‬ ‫ويطهر باطنه بتنقية قلبه من ال�شرك و أ�مرا�ض القلوب كالح�سد والكبر والغل‪ ،‬ف�إذا فعل ذلك ا�ستحق محبة الله كما‬ ‫قال تعال��ى‪�ِ } :‬إ َّن الل َه ُي ِح�� ُّب ال َّت َّوا ِبي َن‬ ‫َو ُي ِح ُّب ا ْل ُم َت َط ِّه ِرين{ (البقرة‪.)222 :‬‬ ‫و�أمر الله بالطه��ارة لل�لاصة؛ لأنها‬ ‫ملاقاة ومناجاة ل��ه �سبحانه‪ ،‬ومعلوم‬ ‫أ�ن ا إلن�سان يتنظف ويلب�س أ�جمل ثيابه‬ ‫�إذا كان �سيلقى مل�� ًكا أ�و رئي�ًسا فكيف‬ ‫بم��ن يلاق��ي مل��ك المل��وك �سبحانه‬ ‫وتعالى‪.‬‬ ‫فـيلزم الم�سلم �إذا �أراد ال�لاصة التطهر من أ�مرين‪:‬‬ ‫ما الطهارة المطلوبة للصلاة؟‬ ‫�أمر الله الم�سلم بالطهارة ال�شرعية بمعنى خا�ص �أم ًرا‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫واج ًب��ا إ�ذا أ�راد ال�ص�ل�اة أ�و م�س الم�صح��ف �أو الطواف‬ ‫الحـــــــــدث‬ ‫النجاســــة‬ ‫بالكعب��ة الم�شرفة‪ ،‬ورغ��ب فـيها ا�ستحبا ًب��ا فـي موا�ضع‬ ‫كثي��رة‪ ،‬منه��ا‪ :‬ق��راءة الق��ر آ�ن ب��دون م���س الم�صحف‪،‬‬ ‫والدعاء‪ ،‬والنوم‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫‪91‬‬ ‫الطهارة من النجاسة‬ ‫ •النجا�س��ة‪ :‬هي ا أل�شياء الح�سية التي حكم عليها‬ ‫ال�شرع بالقذارة و أ�مرنا بالتطهر منها ألداء العبادة‪.‬‬ ‫ •وا أل�ص��ل فـي كل ا أل�شياء ا إلباحة والطهارة‪,‬‬ ‫والنجا�سة طارئة‪ ,‬ف�إذا �شككنا فـي طهارة ثوب مثلاً‬ ‫ولم نت�أكد من وجود النجا�سة فالأ�صل أ�نه طاهر‪.‬‬ ‫ •و إ�ذا �أردن��ا ال�ص�لاة فـيج��ب علين��ا التطه��ر من‬ ‫النجا�س��ات فـ��ي الب��دن والملاب���س والبقع��ة التي‬ ‫ن�صلي عليها‪.‬‬ ‫التطهر من النجاسة‪:‬‬ ‫والأشياء النجسة‪:‬‬ ‫يكفـ��ي فـي غ�س��ل النجا�س��ات ‪-‬على الب��دن‪� ,‬أو‬ ‫الث��وب‪ ,‬أ�و البقع��ة‪ ,‬أ�و غيره��ا‪ -‬أ�ن ت��زول عينه��ا‬ ‫بول الإن�سان وغائطه‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫وحقيقتها عن المو�ض��ع المتنج�س؛ ب أ�ي و�سيلة كان‬ ‫الدم ويعفى عن الدم الي�سير‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ذل��ك با�ستخ��دام الم��اء �أو غيره‪ ,‬لأن ال�ش��ارع �أمر‬ ‫بـــول وروث كل حيـوان محــرم �أكله (انظر �ص ‪.)222‬‬ ‫‪3‬‬ ‫ب�إزالتها ولم ي�شترط فـي غ�سل النجا�سة عددا معي ًنا‬ ‫‪4‬‬ ‫إ�لا فـ��ي نجا�سة الكلب (وهي لعابه وبوله وغائطه)‪,‬‬ ‫الكلب و الخنزير‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫فا�شترط فـيها �سب��ع غ�لاست �إحداها بالتراب‪ ,‬أ�ما‬ ‫بقي��ة النجا�سات فـيكفـ��ي زوال عينها وحقيقتها ولا‬ ‫الميتات من الحيوانات (والمراد كل الحيوانات الميتة‬ ‫ي�ضر بق��اء الل��ون والرائحة‪ ,‬كما ق��ال النبي �صلى‬ ‫�إلا ما يجوز �أكله إ�ذا ذبح بالطريقة ال�شرعية‪ ،‬انظر‬ ‫الله علي��ه و�سلم إلح��دى ال�صحابيات فـي غ�سل دم‬ ‫�ص ‪� ,)158‬أما ميتة ا آلدمي والأ�سماك والح�شرات‬ ‫الحي�ض‪\":‬يكفـي��ك غ�سل الدم ولا ي�ضرك أ�ثره\" ( أ�بو‬ ‫ف إ�نها طاهرة‪.‬‬ ‫داود ‪.)365‬‬

‫‪ 92‬طهارة المسلم‬ ‫آداب الاستنجاء وقضاء الحاجة‬ ‫• ي�ستحب إ�ذا دخل الحمام أ�ن يقدم رجله الي�سرى‪ ،‬ويقول‪\" :‬ب�سم الله‪ ،‬اللهم إ�ني أ�عوذ بك من الخبث والخبائث\"‪.‬‬ ‫• و إ�ذا خرج منه قدم رجله اليمنى‪ ،‬وقال‪\" :‬غفرانك\"‪.‬‬ ‫• يجب عليه �ستر عورته عن نظر النا�س حال ق�ضاء حاجته‪.‬‬ ‫• ويحرم عليه �أن يق�ضي حاجته في محل ي ؤ�ذي به النا�س‪.‬‬ ‫• يح��رم علي��ه �إن كان ف��ي البري��ة �أن يق�ضي حاجته في جح��ر ب�سبب ما قد يكون فيه م��ن الدواب التي قد‬ ‫ي�ؤذيها وت�ؤذيه‪.‬‬ ‫• ينبغ��ي ل��ه �أن لا ي�ستقب��ل القبل��ة ولا ي�ستدبرها حال ق�ضاء حاجته‪� ،‬أم��ا �إن كان في البرية ولا جدار ي�ستره‬ ‫فيج��ب علي��ه ذلك‪ ،‬لقوله �صلى الله علي��ه و�سلم‪�\" :‬إذا �أتيتم الغائ��ط فلا ت�ستقبلوا القبل��ة ولا ت�ستدبروها ببول‬ ‫ولا غائط\" (البخاري ‪ ،386‬م�سلم ‪.)264‬‬ ‫• يج��ب علي��ه الاحت��راز من أ�ن ي�صيب ملاب�سه وبدنه �شيء من النجا�س��ات المتطايرة وعليه غ�سل ما �أ�صابه‬ ‫من ذلك‪.‬‬ ‫• ف إ�ذا ق�ـــضى حاجتــه كان عليـه أ�حــد �أمرين‪:‬‬ ‫أو‬ ‫إما‬ ‫أن ينظفه بثلاثة أو أكثر من‬ ‫أن ينظف محل البول والغائط من‬ ‫المناديل أو الأحجار ونحوها‬ ‫مما يطهر البدن وينظفه من‬ ‫بدنه بالماء (الاستنجاء)‪.‬‬ ‫النجاسة (الاستجمار)‪.‬‬

‫‪93‬‬ ‫الحدث‬ ‫• الحدث‪ :‬و�صف معنوي في الإن�سان يمنعه من أ�داء ال�لاصة‬ ‫قبل أ�ن يتطهر‪ ،‬ولي�س �شي ًئا مح�سو�ًسا كالنجا�سة‪.‬‬ ‫• ويرتف��ع الح��دث عن الم�سلم إ�ذا تو�ض���أ أ�و اغت�سل بالماء‬ ‫الطهور‪ ،‬والماء الطهور‪ :‬هو الماء الذي لم تخالطه النجا�سة‬ ‫فت ؤ�ثر في لونه أ�و طعمه �أو ريحه‪.‬‬ ‫وينق�سم الحدث �إلى ق�سمين‪:‬‬ ‫حدث يلزم المسلم أن يتوضأ‬ ‫‪ 1‬ليرفعه عن نفسه‪ ،‬ونسميه‬ ‫(الحدث الأصغر)‪.‬‬ ‫حدث يلزم المسلم أن يغتسل‬ ‫‪ 2‬ويعمم بدنه بالماء ليرفعه عن‬ ‫نفسه‪ ،‬ونسميه (الحدث الأكبر)‪.‬‬ ‫‪ 3‬أ�كل لح��م الجم��ل‪ ،‬وقد �سئل النب��ي �صلى الله‬ ‫الحدث الأصغر والوضوء منه‪:‬‬ ‫علي��ه و�سل��م‪� :‬أنتو�ض�أ م��ن لحوم ا إلب��ل؟ فقال‪:‬‬ ‫تنتق�ض طه��ارة الم�سلم ويلزمه الو�ض��وء لل�لاصة إ�ذا‬ ‫\"نعم\" (م�سلم ‪.)360‬‬ ‫ح�صل له أ�حد النواق�ض التالية‪:‬‬ ‫‪ 4‬زوال العقل بنوم أ�و جنون �أو إ�غماء �أو �ُس ْكر‪.‬‬ ‫‪ 1‬الب��ول والغائ��ط وكل ما خرج م��ن مخرجهما‬ ‫كالريح‪ ،‬قال الله تعالى في ذكر نواق�ض الطهارة‪:‬‬ ‫} َأ� ْو َجا َء َأ� َح ٌد ِم ْن ُك ْم ِم َن ا ْل َغا ِئ ِط{(الن�ساء‪.)43 :‬‬ ‫وق��ال �صل��ى الله عليه و�سلم فيم��ن ي�شك أ�نه قد‬ ‫�أحدث ف��ي ال�ص�ل�اة‪\" :‬لا ين�صرف حت��ى ي�سمع‬ ‫�صو ًتا �أو يجد ري ًحا\" (البخاري ‪ ،175‬م�سلم ‪.)361‬‬ ‫‪ 2‬م�س الفرج ب�ش��هوة بدون حائل‪ ،‬وقد قال �صلى‬ ‫الله علي��ه و�سلم‪\" :‬من م�� ّ�س ذكره فليتو�ض�أ\" ( أ�بو‬ ‫داود ‪.)181‬‬

‫‪ 94‬طهارة المسلم‬ ‫الوضوء‬ ‫الو�ضوء والطهارة من أ�ف�ضل الأعمال و أ�جلها‪ ,‬فالله يكفر به الذنوب والخطايا متى ما أ�خل�ص العبد النية ابتغاء‬ ‫الأجر من الله‪ ,‬وقد قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم‪�\" :‬إذا تو�ض�أ العبد الم�سلم فغ�سل وجهه خرج من وجهه كل‬ ‫خطيئة نظر إ�ليها بعينيه مع الماء‪ ,‬ف إ�ذا غ�سل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بط�شتها يداه مع الماء‪ ,‬ف�إذا غ�سل‬ ‫رجليه خرجت كل خطيئة م�شتها رجلاه مع الماء‪ ,‬حتى يخرج نقيا من الذنوب\" (م�سلم ‪.)244‬‬ ‫كيف أتوضأ وأرفع الحدث الأصغر؟‬ ‫�إذا �أراد الم�سل��م �أن يتو�ض�� أ� فعليه �أن ين��وي ذلك‪ ،‬بمعنى �أن يق�صد ق�ص ًدا قلب ًيا ذهن ًي��ا بفعله رفع الحدث‪ ،‬والنية‬ ‫�ش��رط ف��ي جميع الأعمال‪ ،‬كما قال النبي �صلى الله عليه و�سلم‪ \" :‬إ�نما ا ألعم��ال بالنيات\" (البخاري ‪ ،1‬م�سلم ‪ ،)1907‬ثم‬ ‫يبد أ� في الو�ضوء بالترتيب التالي متوال ًيا بدون ف�صل طويل بين الأفعال‪:‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫يغ�سل كفيه بالماء ثلاث‬ ‫مرات ا�ستحبا ًبا‪.‬‬ ‫يقول (ب�سم الله)‪.‬‬ ‫يتم�ضم�ض بالماء‪ ،‬بمعنى �أن يدخل‬ ‫‪3‬‬ ‫الم�اء في فمه ويحركــه بالداخـل ثم‬ ‫يخرجه‪ ،‬وي�ستحب ل�ه �أن يفعل ذلك‬ ‫ث�لاث م��رات‪ ،‬وال�واج�ب م�رة واح��دة‪4 .‬‬ ‫ي�ستن�شق‪ ،‬بمعنى أ�ن يجذب الماء ب أ�نفه ثم يخرجه بالا�ستنثار‪ ،‬أ�ي‪ :‬دفع الماء إ�لى‬ ‫الخارج بفعل الهواء الخارج من الأنف‪ ،‬وي�ستحب له المبالغة إ�لا �إن كان ذلك ي�سبب‬ ‫ال�ضرر له �أو كان �صائ ًما‪ ،‬وي�ستحب له تكرار ذلك ثلاث مرات‪ ،‬والواجب مرة واحدة‪.‬‬

‫‪95‬‬ ‫‪5‬‬ ‫يغ�سل وجهه‪ ،‬وهو من أ�على الجبهة من منابت‬ ‫ال�شعر إ�لى �أ�سفل الذقن ومن ا ألذن �إلى الأذن‪،‬‬ ‫وا ألذن�ان لي�ستا داخلتين في الوجه‪ ،‬وي�ستحب له‬ ‫�أن يفعل ذلك ثلاث مرات‪ ،‬والواجب مرة واحدة‪.‬‬ ‫‪6‬‬ ‫يغ�سل ي�دي�ه م�ن �أط��راف �أ��ص�اب�ع�ـ�ه �إلى‬ ‫المرفقـين‪ ،‬والم�رف�ق�ان داخ�ل�ان في الغ�سل‪،‬‬ ‫وي�ستحــــب له البدء باليمين وتكرار الغ�سل‬ ‫ثلاثــًا‪ ،‬والواجـــب مـرة واحدة‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫يم�سح ر�أ�سه ب أ�ن يبلل يديه بالماء ثم يم�سح على ر�أ�سه من‬ ‫مقدمة الر أ��س �إلى �آخر الر أ��س مما يلي الرقبة‪ ،‬وي�سن‬ ‫له أ�ن يعيد يديه ما�س ًحا �إلى مقدمة الر�أ�س مرة �أخرى‪،‬‬ ‫ولا ي�ستحب تكرار ذلك ثلا ًثا كما في ا ألع�ضاء الأخرى‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫يم�سح أ�ذنيه ب���أن يدخل بعد م�سح ر�أ�سه‬ ‫أ���ص�ب�ع�ي�ه ال���س�ب�اب�ت�ين في أ�ذن��ي��ه ويم���س�ح‬ ‫بالإبهامين ظاهر ا ألذنين‪9 .‬‬ ‫يغ�سل قدميه من الكعبين وي�ستحب البدء باليمين‬ ‫وتكرارالغ�سلثلاثمرات‪،‬والواجبمرةواحدة‪.‬و إ�نكان‬ ‫يلب�سجور ًبافيجوزلهالم�سحعليهب�شروط(انظر�ص‪.)97‬‬

‫‪ 96‬طهارة المسلم‬ ‫الحدث الأكبر والغسل‬ ‫موجبات الغسل‪:‬‬ ‫وه��ي الأم��ور التي �إذا حدثت للم�سلم لزمه ال ُغ�ْسل قبل أ�داء ال�ص�ل�اة والطواف‪ ،‬ويو�صف قبل ُغ�ْسله ب أ�ن عليه حد ًثا‬ ‫�أكبر‪.‬‬ ‫وهذه ا ألمور كالتالي‪:‬‬ ‫‪ 1‬نزول المني دف ًقا بلذة ب أ�ي و�سيلة كانت‪ ,‬وفي كل الأحوال م�ستيق ًظا أ�و نائ ًما‪.‬‬ ‫والمني هو ال�سائل ا ألبي�ض الثخين الذي يخرج عند ذروة ال�شهوة واللذة‪.‬‬ ‫‪ 2‬الجم��اع والم��راد إ�يلاج الذكر في فرج المر�أة‪ ,‬ولو كان ب��دون �إنزال وقذف للمني‪ ،‬ويكفي في وجوب الغ�سل‬ ‫إ�يلاج ر أ��س الذكر‪ ،‬قال الله تعالى‪}:‬و ِ�إ ْن ُك ْن ُت ْم ُج ُن ًبا َفا َّط َّه ُروا{ (المائدة‪.)6 :‬‬ ‫‪ 3‬خروج دم الحي�ض والنفا�س‪:‬‬ ‫والحي�ض هو ال��دم الطبيعي الذي يخرج من المر أ�ة‬ ‫�شهر ًي��ا‪ ,‬وي�ستمر �سبعة أ�يام تزي��د أ�و تنق�ص باختلاف‬ ‫طبيعة الن�ساء‪.‬‬ ‫والنفا���س هو الدم الخارج من المر�أة ب�سبب ولادتها‬ ‫وي�ستمر عد ًدا من الأيام‪.‬‬ ‫ويخف��ف عن الحائ�ض والنف�س��اء فترة خروج الدم‪,‬‬ ‫فت�سقط عنه��ن ال�ص�ل�اة وال�صيام‪ ,‬وتق�ض��ي ال�صيام‬ ‫ولا تق�ض��ي ال�ص�ل�اة بع��د طهره��ا‪ ،‬ولا يجوز ل�ل� أ�زواج‬ ‫جماعه��ن في تلك الفترة‪ ,‬ولكن يج��وز الا�ستمتاع ب أ�قل‬ ‫من ذلك‪ ,‬ويلزمهن ال ُغ�ْسل عند انقطاع الدم‪.‬‬ ‫َأَ�ت َْقم ََرقر�ُبُ�ك�وا� ُلُهم َّتناعلاَللح�ُهَّت�{ىى‪َ:‬ي(اْلط}ب َُهفق�اْ�ر ْرَعنةَت‪َِ :‬زف�ُ‪2‬ل��‪�2‬إِ�و‪َ2‬ذا)اا َتول ِّنَمط�َعَّسه�ن�ْ�ر�ا ََنءى َِففت�ْأ�� ُتطويه�ُاه�ْل َّرَنمنِِحم أ�يْن�يِ‪َ:‬ضح�إْيَو َاذُثلا‬ ‫اغت�سلن‪.‬‬ ‫يلزم الم�سلم إ�ذا أ��صابه حدث أ�كبر أ�ن يغت�سل‪ ،‬وذلك‬ ‫ب�أن يعمم ج�سده بالماء الطهور ب أ�ي طريقة كانت‪.‬‬

‫كيف يتطهر المسلم من الجنابة أو الحدث الأكبر؟‬ ‫ •يكفي الم�سلم أ�ن يق�صد التطهر ويغ�سل جميع بدنه بالماء‪.‬‬ ‫ •ولكن الأكمل أ�ن ي�ستنجي كما يفعل بعد ق�ضاء الحاجة ثم يتو�ض�أ ثم يفي�ض الماء على بقية بدنه فذلك‬ ‫أ�عظم ألجره؛ لموافقته ل�سنة النبي �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫ •و إ�ذا اغت�س��ل الم�سل��م م��ن الجناب��ة ف��إن ذل��ك يكفيه ع��ن الو�ض��وء‪ ,‬ولا يلزم��ه الو�ضوء مع الغ�س��ل‪ ،‬ولكن‬ ‫الأف�ضل هو الاغت�سال الم�شتمل على الو�ضوء كما هي �سنة النبي �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫حالات خاصة في الطهارة‬ ‫المسح على الجوارب‪:‬‬ ‫م��ن �سماح��ة الإ�س�ل�ام �أن با�ستطاع��ة الم�سلم �أن‬ ‫يم�س��ح بيده المبتلة بالماء على أ�على جوربه �أو حذائه‬ ‫المغط��ي لجميع القدم بدل غ�س��ل رجله في الو�ضوء‪،‬‬ ‫ب�ش��رط أ�ن يكون قد لب�سها وهو متو�ضئ‪ ،‬وذلك لفترة‬ ‫لا تزيد عن ‪� 24‬ساعة للمقيم‪ ،‬و‪� 72‬ساعة للم�سافر‪.‬‬ ‫أ�ما ف��ي الغ�سل من الجنابة فيج��ب غ�سل القدمين‬ ‫على كل حال‪.‬‬ ‫ي�شرع الم�سح على الخفين والجوربين عند الو�ضوء‬ ‫المسح على الجبيرة ‪:‬‬ ‫�إذا لب�سهما الم�سلم على طهارة‪.‬‬ ‫وه��ي ما يو�ضع على �أع�ض��اء الو�ضوء عند الإ�صابة‬ ‫• ي�ستمر في الم�سح على الجبيرة ولو طالت المدة‬ ‫بك�س��ر أ�و ج��رح لي�ساعد في �سرع��ة ال�شفاء وتخفيف‬ ‫م��ا دام محتا ًج��ا لها‪ ،‬ويج��ب عليه �إزال��ة الجبيرة‬ ‫ا آللام‪ ،‬وي ؤ�كد فيها على �أمور‪:‬‬ ‫وغ�سل الع�ضو متى ما انتهت الحاجة‪.‬‬ ‫• يج��زئ الم�سح باليد المبتلة على الجبيرة‬ ‫عن��د الحاج��ة إ�ليه��ا �س��واء كان ذل��ك في‬ ‫الو�ضوء أ�و الغ�سل من الجنابة‪.‬‬ ‫ • علي��ه �أن يغ�س��ل م��ا يظه��ر م��ن الع�ضو‬ ‫ويم�س��ح بيده المبتلة بالم��اء على ما تغطيه‬ ‫الجبيرة‪.‬‬

‫من عجز عن استعمال الماء‪:‬‬ ‫و إ�ذا عج��ز الم�سل��م ع��ن ا�ستعم��ال الم��اء ف��ي الو�ض��وء �أو الغ�س��ل‬ ‫ب�سبب المر�ض �أو انعدام الماء أ�و أ�نه لا يوجد من الماء إ�لا ما يكفي‬ ‫لل�ش��رب فق��ط‪ :‬في�شرع له التيمم بالتراب إ�ل��ى �أن يتمكن من �إيجاد‬ ‫الماء ويتمكن من ا�ستخدامه‪.‬‬ ‫صفة التيمم‪:‬‬ ‫ي�ضرب الم�سلم بيديه التراب �ضربة واحدة‪.‬‬ ‫يم�سح بما علق من التراب في يديه على وجهه‪.‬‬ ‫يم�سح ظاهر كفه ا أليمن بكفه الأي�سر والعك�س‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪99‬‬ ‫سنن الفطرة‬ ‫ما المقصود ب ُسنن الفطرة ؟‬ ‫�سنن الفطرة هي الخ�صال التي فطر الله النا�س عليها‪ ،‬والتي يك ُمل الم�سلم بفعلها‪ ،‬فيكون على �أف�ضل ال�صفات‬ ‫و أ�جمل الهيئات‪ ،‬ذلك أ�ن الإ�لاسم راعى الجوانب الجمالية والتكميلية للم�سلم حتى يجتمع له �لاصح الظاهر والباطن‪.‬‬ ‫قــ��ال �صلى الله علي��ه و�سلم‪\" :‬الفطــرة خـم���ٌس‪ :‬الختا ُن‪ ،‬والا�ستحـــ��دا ُد‪ ،‬وقـ�ُّص ال�شــارب‪ ،‬وتقلي��م الأظفــار‪،‬‬ ‫ونت ـ ـف ا آلبا ِط\" (البخاري ‪ ،5552‬م�سلم ‪.)257‬‬ ‫والختان‪ :‬هو إ�زالة جلد مقدمة الق�ضيب (القلفة)‪ ،‬وعادة ما يكون ذلك في ا أليام ا ألولى من الولادة‪.‬‬ ‫وهو من الم�ستحبات المت�أكدة و�سنن الفطرة للرجل‪ ،‬وله العديد من الفوائد ال�صحية‪.‬‬ ‫الا�ستحداد‪ :‬وهو �إزالة ال�شعر الخ�شن في العانة بحلقه أ�و ب�أي طريقة أ�خرى‪.‬‬ ‫ق���ص ال�ش��ارب‪ :‬و إ�بقاء ال�شــ��ارب من المباحــ��ات ولي�س م�ستح ًبا‪ ،‬و لك��ن الم�سلم إ�ن أ�بقاه فعلي��ه عدم �إطالته‬ ‫بطريقة زائدة ومعاهدته بالق�ص والتق�صير‪.‬‬ ‫توفير اللحية‪ :‬يحث الإ�لاسم على توفير اللحية وهي ال�شعر النابت على اللحيين والذقن‪.‬‬ ‫ومعنى توفيرها �إبقا ؤ�ها وعدم حلقها اقتدا ًء ب�سنة النبي �صلى الله عليه و�سلم‪.‬‬ ‫تقلي��م الأظافر‪ :‬فينبغ��ي للم�سلم متابعــة �أظفــ��اره بالتق�صير حتى لا تكون‬ ‫محلاً للأو�ساخ والقاذورات‪.‬‬ ‫نت��ف الإب��ط‪ :‬وينبغي للم�سلم �إزالة �شعر الإب��ط بنتفه �أو ب�أي مزيل آ�خر‬ ‫للحر�ص على عدم خروج رائحة كريهة منه‪.‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook