200أخلاق المسلم الرحمة وقد قال �صلى الله عليه و�سلم\" :الراحمون يرحمهم الرحمــن ،ارحمــوا من في ل أار�ض يرحمكــم من في ال�سماء\" (الترمذي ،1924أ�بو داود .)4941 وتتمثل رحمة النبي �صلى الله عليه و�سلم في جوانب عديدة ،منها: رحمته با ألطفال: • جاء أ�عرابي �إلى النبي �صلى الله عليه و�سلم فقال متعج ًباُ :ت َق ِّبلون �صبيانكم؟! فما نقبلهم ،فرد عليه النبي �صلى الله عليه و�سلم قائلاً �\" :أ َو أ�ملك �أن نزع الله من قلبك الرحمة؟\" (البخاري ،5652م�سلم .)2317 ور�آه آ�خر يقبل الح�سن بن علي فقال :إ�ن لي ع�شرة من الولد ما قبلت واح ًدا منهم ،فقال النبي �صلى الله عليه و�سلم \" :إ�نه من لا يرحم لا ُيرحم\" (م�سلم .)2318 • �صلى عليه ال�صلاة وال�سلام م ّرة وهو حامل حفيدته �أمامة بنت زينب ،فكان إ�ذا �سجد و�ضعها ،و إ�ذا قام حملها( .البخاري ،494م�سلم .)543 • كان إ�ذا دخل في ال�صلاة ف�سمع بكاء ال�صب ّي� ،أ�سرع في �أدائها وخ ّففها ،فعن أ�بي قتادة عن النبي �صلى الله عليه و�سلم أ�نه قال�\" :إني لأقوم في ال�صلاة �أريد أ�ن �أطول فيها ،ف�أ�سمع بكاء ال�صبي ،ف أ�تجوز في �صلاتي ،كراهية أ�ن �أ�ش ّق على أ� ّمه\" (البخاري ،675م�سلم .)470 كان ر�س��ول الله �صلى الله عليه و�س��لم يتعج��ل في ال�ص�ل�اة إ�ذا �سمع بكاء طفل.
201 رحمته بالن�ساء: فقد ح ّث �صلى الله عليه و�سلم على رعاية البنات ول إاح�سان إ�ليه ّن ،وكان يقول\" :من يلي من هذه البنات �شي ًئا ف�أح�سن إ�ليهن كن له �ست ًرا من النار\" (البخاري ،5649م�سلم .)2629 بل �إنه �ش ّدد في الو�صية بحق الزوجة والاهتمام ب�ش�ؤونها ومراعاة ظروفها ،و�أمر الم�سلمين �أن يو�صي بع�ضهم بع ً�ضا في ذلك فقال\" :ا�ستو�صوا بالن�ساء خيرا\" (البخاري .)4890 و�ضرب�صلىاللهعليهو�سلم�أروعلاأمثلةفيالتل ّطفمع أ�هلبيته،حتى إ�نهكانيجل�سعندبعيرهفي�ضعركبتهوت�ضع �صفيةر�ضياللهعنهارجلهاعلىركبتهحتىتركبالبعير(البخاري،)2120وكانعندمات أ�تيهابنتهفاطمةر�ضياللهعنها ي أ�خذ بيدها ويقبلها ،ويجل�سها في مكانه الذي يجل�س فيه ( أ�بوداود.)5217 ال�ساعي على الأرملة والم�سكين كالمجاهد في �سبيل الله ،وكالذي ي�صوم النهار ويقوم الليل رحمته بال�ضعفاء: • ولهذا ح ّث النبي �صلى الله عليه و�سلم النا�س على كفالة اليتيم ،وكان يقول \" :أ�نا وكافل اليتيم في الجنة هكذا\" و�أ�شار بال�سبابة والو�سطى وفرج بينهما �شيئا( .البخاري .)4998 • جعل ال�ساعي على ل أارملة والم�سكين كالمجاهد في �سبيل الله ،وكالذي ي�صوم النهار ويقوم الليل. (البخاري ،5661م�سلم .)2982 • جعل العطف على ال�ضعفاء ،و إ�عطاءهم حقوقهم �سب ًبا للرزق والن�صـر على ل أاعداء ،فقال �صلى الله عليـه و�سلم \" :أ�بغوني ال�ضعفـاء؛ ف إ�نمـا تن�صرون و ُترزقون ب�ضعفائكم\" (�أبو دود .)2594
202أخلاق المسلم رحمته بالبهائم: • وكان يح ّث النا�س على الرفق بها ،وعدم تحميلها ما لا تطيق ،وعدم إ�يذائها ،وقال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم \" :إ�ن الله كتب ل إاح�سان على كل �شيء ،ف�إذا قتلتم ف�أح�سنوا القتلة، و إ�ذا ذبحتم ف أ�ح�سنوا الذبح، وليحد �أحدكم �شفرته ،فليرح ذبيحته\" (م�سلم .)1955 • قال �أحد ال�صحابة :ور أ�ى قرية نمل قد حرقناها فقال: \"من حرق هذه؟\" قلنا :نحن، قال \" :إ�نه لا ينبغي �أن يعذب بالنار �إلا رب النار\" (�أبو داود .)2675 العدل • وقد كان �صلى الله عليه و�سلم عادلاً يقيم �شرع الله تعالى ولو على �أقرب ِبا ْل ِق�ْس ِط ِا َوم َلت ْوثالاًَع َلىلأ�أَمْن ُرفه�ِس ُتكعْمال�َأ ِوى:ا ْل َوا} ِلَي َاد ْي َأ�ِ ُّني َهَوالْاأَا َّْلق َِذر ِيبيَن َن آ�{َم ُن(اولان�سُكاوء ُ:نو5اَ13ق)َّو.ا ِمي َن ل أاقربين �ُش َه َدا َء هلِ • قالعليهال�صلاةوال�سلامل َّما أ�تىبع�ضال�صحابةي�شفععندالنبي �صلى الله عليه و�سلم حتى لا تقام العقوبة على امر�أة لها مكانة في القبيلة قد �سرقت\" :والذي نف�س محمد بيده لو أ�ن فاطمة بنت محمد �سرقت لقطعت يدها\" (البخاري،4053م�سلم.)1688 • ل َّما حرم الربا على النا�س ،بد أ� ب أ�قرب النا�س �إليه ،فمنعه من الربا وهو عمه العبا�س ،فقال �صلى الله عليه و�سلم: \"و�أول ربا �أ�ضع ربانا ،ربا عبا�س بن عبد المطلب ،ف�إنه مو�ضوع كله\" (م�سلم .)1218 • جعل مقيا�س ح�ضارة ل أامم ورقيها �أن ي أ�خذ ال�ضعيف فيها حقه من القوي غير خائف ولا متردد ،فقال �صلى الله عليه و�سلم\" :لا قد�ست �أمة لا ي�أخذ ال�ضعيف فيها حقه غير متعتع\" (ابن ماجه .)2426
203 الإحسان والكرم • كان النبي �صلى الله عليه و�سلم �أجود النا�س بالخير وكان أ�جود ما يكون في رم�ضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه ال�سلام يلقاه كل ليلة في رم�ضان حتى ين�سلخ ،يعر�ض عليه النبي �صلى الله عليه و�سلم القر آ�ن ،ف إ�ذا لقيه جبريل عليه ال�سلام كان �أجود بالخير من الريح المر�سلة( .البخاري ،1803م�سلم .)2308 • ما �ُسئل �شي ًئا قط إ�لا أ�عطاه ،وجاءه رجل ف أ�عطاه غن ًما بين جبلين فرجع إ�لى قومه فقال :يا قوم أ��سلموا ف�إن محم ًدا يعطي عطاء لا يخ�شى الفاقة( .م�سلم.)2312 • و ُح ِمل إ�ليه ثمانون �ألف درهم فو�ضعها على ح�صير ،ثم مال �إليها فق�سمها ،فما رد �سائلاً حتى فرغ منها( .الحاكم .)5423 • وجاءه رجل ف�س�أله فقال\" :ما عندي �شيء ولكن ابتع علي ف إ�ذا جاءنا �شيء ق�ضيناه\"( أ�ي ا�شتر ما تريد ويكون ال�سداد علي) ،فقال عمر\" :يا ر�سول الله ما كلفك الله ما لا تقدر عليه\" فكره النبي �صلى الله عليه و�سلم ذلك ،فقال الرجل� \" :أنفق ولا تخ�ش من ذي العر�ش إ�قلالا \" .فتب�سم النبي �صلى الله عليه و�سلم وعرف ال�سرور في وجهه (ل أاحاديث المختارة .)88 • ل َّما رجع ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم من غزوة حنين ،جاء أ�هل البوادي وحديثو ل إا�سلام يطلبون منه أ�عطيات من الغنائم ،فزحموه حتى ا�ضطروه �إلى �شجرة فخطفت رداءه ،فوقف ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم وقال \" :أ�عطوني ردائي لو كان لي عدد هذه الع�ضاة (�أي ل أا�شجار) نع ًما لق�سمته بينكم ثم لا تجدوني بخيلاً ولا كذو ًبا ولا جبا ًنا\"(البخاري .)2979
204المعاملات المالية
205 المعاملات المالية 9 و�ض��ع الإ�س�ل�ام جميع ا ألحكام والت�ش��ريعات الت��ي تراعي ا إلن�س��ان وتحف��ظ حقوقه المالي��ة والمهنية �س��واء كان غن ًيا أ�و فقي ًرا ،وت�س��اهم في تما�س��ك المجتمع وتطوره ورقيه في جميع مجالات الحياة. الظل��م و�أخ��ذ أ�موال الأ�صل في المعاملات الحل المحرم لك�سبه النا�س بالباطل القمار والمي�سر الربـــــا المحرم لذاته الغرر والجهالة
206المعاملات المالية المعاملات المالية معاملاتك المالية كل المهن المباحة �أعمال م�شرفة ي ؤ�جر عليها الم�سلم �إذا أ�ح�سن النية. أ�مر الله بال�سعي في الأر�ض لطلب الرزق ور َّغب في ذلك .ويت�ضح ذلك في أ�مور: فقد نهى عن �س ؤ�ال النا�س المال ما دام الإن�سان قاد ًرا على العمل والك�سب بجهده وعمله ،و أ�خبر أ�ن من �س�أل النا�س المال وهو قادر على العمل والك�سب ف إ�نه يخ�سر مكانته عند الله وعند النا�س ،فقال �صلى الله عليه و�سلم: \"لا تزال الم�س�ألة ب أ�حدكم حتى يلقى الله تعالى ولي�س في وجهه مزعة لحم\" (البخاري ،1405م�سلم .)1040 وقال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم\" :من �أ�اصبته فاقة ف�أنزلها بالنا�س لم ت�سد فاقته ،ومن أ�نزلها بالله عز وجل أ�و�شك الله له بالغنى\" ( أ�حمد ،3869أ�بو داود .)1645 كل المهن ال�صناعية والخدمية والا�ستثمارية �أعمال م�شرفة لا عيب فيها ما دامت في نطاق المباحات ،وقد جاء في ال�شرع �أن الأنبياء كانوا يعملون في مهن �أقوامهم المباحة ،كما قال النبي �صلى الله عليه و�سلم\" :ما بعث الله نبيا إ�لا رعى الغنم\" (البخاري ،)2143وكان زكريا عليه ال�سلام نجا ًرا (م�سلم ،)2379وهكذا بقية ا ألنبياء كانوا يعملون في �أمثال تلك المهن. �أن من �أح�سن نيته في عمله يريد الإنفاق على نف�سه وعائلته ،وكفهم عن لااحتياج للنا�س ،ونفع المحتاجين ،كان م أ�جو ًرا على عمله واجتهاده ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم \" :إ�نك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله حتى اللقمة ت�ضعها في في امر�أتك ( \"...البخاري،56م�سلم.)1628
207 الأصل في المعاملات ا أل�صل في جميع التعاملات المالية من بيع و�شراء وا�ستئجار وغير ذلك مما يتعامل به النا�س ويحتاجون إ�ليه: ا إلباحة والجواز ،إ�لا ما ا�ستثني من المحرمات لذاته أ�و لطريقة ك�سبه. المحرم لذاته: وهي المحرمات التي نهى الله عنها لذاتها ،فلا يجوز لااتجار بها ولا بيعها ولا �شرا�ؤها ولا إ�يجارها �أو العمل في إ�نتاجها ون�شرها بين النا�س. �أمثلة لما حرمه ا إل�سلام لذاته: المخدرات وكل الكلب والخنزير ما ي�ضر بال�صحة �أدوات إ��شاعة الحيوانات الميتة الفاح�شة بين النا�س أ�و جزء منها كا أل�شرطة والمواقع والمجلات ا إلباحية ا أل�صنام وكل ما يعبد الخمور والم�شروبات من دون الله الكحولية المحرم لكسبه: وهو المال المباح في أ��صله ولكن التحريم دخل عليه ب�سبب طريقة ك�سبه التي ت�ضر بالفرد والمجتمع ،فحرمت لذلك ال�سبب ،و�أ�سباب التحريم في المعاملات هي: .1الربا .2الغرر والجهالة .3الظلم .4القمار والمي�سر و�سنقوم بتو�ضيحها كالتالي:
208المعاملات المالية 1الربــــــــــــا توعد الله المتعامل بالربا بحرب من الله ور�سوله. الربا هو الزيادة المحرمة �شر ًعا؛ لما فيها من الظلم وال�ضرر. وهو عدة �أنواع ،أ��شهرها و�أ�شدها تحري ًما :الربا في القرو�ض والديون ،وهي :الزيادة على أ��صل المال من غير بيع �أو �سلعة بين الطرفين ،وهو نوعان: ربا القـــرض: ربا الديــــــن: ومعناه أ�ن يقتر�ض من �شخ�ص أ�و من بنك قد ًرا وهو الزيادة على الدين عند حلول أ�جل ال�سداد من المال ب�شرط �أن ي�سدده بفائدة يتفقون على إ�ذا لم ي�ستطع المدين الوفاء. قدرها � %5سنو ًيا أ�و أ�قل أ�و �أكثر. مثاله :إ�ذا اقتر�ض (�سعيد) من (خالد) 1000 مثاله� :أن يريد �شراء منزل بقيمة (مائة �ألف) دولار لي�سددها بعد �شهر ،فلما انتهى ال�شهر وجاء ولي�س لديه المال الكافي ،فيذهب �إلى البنك ويقتر�ض وقت ال�سداد لم ي�ستطع (�سعيد) �أن يفي وي�سدد المال منه المال (مائة أ�لف) ل�شراء المنزل على أ�ن ي�سدده فا�شترط عليه الدائن (خالد) أ�ن ي�سددها ا آلن بدون للبنك مائة وخم�سين �أل ًفا على أ�ق�ساط �شهرية لمدة زيادة أ�و ي�سددها بعد �شهر 1100دولار ف�إن لم ي�ستطع خم�س �سنوات. فبعد �شهرين 1200دولار وهكذا.
209 والربا محرم من كبائر الذنوب ما دام القر�ض بفائدة� ،سواء كان القر�ض ا�ستثمار ًيا لتمويل تجارة أ�و �صناعة ،أ�و ل�شراء �أ�صول مهمة ك�شراء منزل وعقار أ�و كان ا�ستهلاك ًيا في كماليات. �أما �شراء ال�سلعة بالأق�ساط أ�على من �سعرها نق ًدا فلي�س من الربا. مثل من ي�شتري الجهاز ب أ�لف دولار نق ًدا أ�و ب�ألف ومائتين ب�أق�ساط �شهرية لمدة �سنة في كل �شهر مائة دولار يدفعها للمتجر المالك لل�سلعة. حكم الربا الربا محرم �أ�شد التحريم ب�صريح القر�آن و أ�حاديث النبي �صلى الله عليه و�سلم ،وهو من كبائر الذنوب ،ولم يتوعد الله �أح ًدا من الع�اصة بالحرب �إلا آ�كل الربا والمتعامل به ،وتحريم الربا جاء في ال�شرائع ال�سماوية ال�سابقة ولي�س في ا إل�سلام فقط ،ولكن ناله التحريف والع�صيان كما نال غيره من الأحكام ،قال تعالى مبي ًنا �سبب عذابه ومقته ألقوام من �أهل الكتابَ } :و َ�أ ْخ ِذ ِه ُم ال ِّر َبا َو َق ْد ُن ُهوا َع ْنه{ (الن�ساء.)161 : عقوبة الربا: � 3أن آ�كل الربا يبعث يوم القيامة على أ��شنع �صورة 1المتعامل بالربا يعر�ض نف�سه لحرب الله كالمترنح ب�سبب �صرع وجنون ،كما قال تعالى: ور�سوله ،في�صير عد ًوا لله و�سوله ،قال الله } ا َّل ِذي َن َي ْأ� ُك ُلو َن ال ِّر َبا َال َي ُقو ُمو َن إ�ِ َّال َك َما َي ُقو ُم تعالىَ } :ف�إِ ْن َل ْم َت ْف َع ُلوا َف أ�ْ َذ ُنوا ِب َح ْر ٍب ِم َن ا َّل ِذي َي َت َخ َّب ُط ُه ال�شَّ ْي َطا ُن ِم َن ا ْل َم� ّس{ (البقرة: الل ِه َو َر�ُسو ِل ِه َو ِإ� ْن ُت ْب ُت ْم َف َل ُك ْم ُر ُءو� ُس أ�َ ْم َوا ِل ُك ْم اَل َت ْظ ِل ُمو َن َو اَل ُت ْظ َل ُمون { (البقرة ،)279 :وهي .)275 حرب لها آ�ثارها النف�سية والج�سدية ،وما أ��اصب النا�س الآن من قلق واكتئاب وغم وحزن �إلا من 4أ�ن المال الربوي و إ�ن كثر فهو ممحوق البركة ،لا نتاج هذه الحرب المعلنة لكل من خالف أ�مر الله يجد فيه راحة ولا �سعادة ولا اطمئنا ًنا ،كما قال و أ�كل الربا أ�و �ساعد عليه ...فكيف ب�أثر الحرب تعالىَ }:ي ْم َح ُق الل ُه ال ِّر َبا َو ُي ْر ِبي ال َّص� َد َقات{ في الآخرة. (البقرة.)276 : 2آ�كل الربا المتعامل به ملعون ومطرود من رحمة الله ،هو ومن أ�عانه على ذلك ،عن جابر قال: \"لعن ر�سول الله �صلى الله عليه و �سلم آ�كل الربا وموكله وكاتبه و�اشهديه\" وقال\" :هم �سواء\"(م�سلم .)1598
210المعاملات المالية إ�ذا تاب من ي�أخذ الزيادة الربوية ف إ�نه ي أ�خذ أ��صل ماله ويترك الباقي. خطورة الربا على الفرد والمجتمع �شدد ا إل�سلام في �ش�أن الربا لما له من آ�ثار مدمرة على الفرد والمجتمع ،ومن ذلك: 3الربـــا �سبب إلحجـــام الأغنيـــــاء عـــن 1اختلال توزيع الثروة ون�شوء التفاوت الا�ستثمارات النافعة للبلاد: الكبير بين الأغنياء والفقراء: فيجد �اصحب المال في النظام الربوي فر�صة فالربا يركز المال في أ�يدي فئة قليلة من �أفراد للح�صول على ن�سبة معينة من الربا على ماله ،وهذا المجتمع الواحد ،ويحرم منه الجموع الكثيرة ،وهذا ي�صرفه عن ا�ستثمار ماله في م�شروعات �صناعية خلل في توزيع المال ،فيتحول المجتمع �إلى فئة قليلة وزراعية وتجارية مهما كانت مفيدة للمجتمع ،ألنها من ا ألثرياء ثراء فاح�ًشا ،وبقية من الكادحين والفقراء تحتوي على قدر من المخاطرة وبحاجة لنوع من الجهد �أو المعدمين ،وهذه هي البيئة الخ�صبة لانت�اشر ا ألحقاد والعمل. والجرائم في المجتمع. 4الربا �سبب لمحـــق بركـة المال وح�صـول 2اعتياد الإ�سراف وعدم الادخار: الانهيــارات الاقت�صادية: فت�سهيل القرو�ض بفائدة �شجع الكثيرين على ا إل�سراف وعدم لاادخار؛ ألنه يجد من يقر�ضه ك َّلما وكل لاانهيارات لااقت�اصدية والإفلا�س الكبير احتاج ،فلا يح�سب لحا�ضره وم�ستقبله وي�سرف في لم�ؤ�س�سات �أو أ��شخا�ص كان ب�سبب التمادي في الربا الكماليات حتى تجتمع عليه الديون وت�ضيق عليه الحياة، المحرم ،وهو أ�حد �آثار المحق الذي أ�خبر الله به، بخلاف ال�صدقة وا إلح�سان إ�لى النا�س فهي تبارك ويبقى طوال عمره مثقلاً بتلك الديون والقرو�ض. المال وتزيده ،كما قال تعالىَ } :ي ْم َح ُق الل ُه ال ِّر َبا َو ُي ْر ِبي ال َّص� َد َقات{ (البقرة.)276 :
211 هل �أنت الدائن ومن ي أ�خذ الزيادة ( آ�كل الربا)؟ كيفية التوبة من الربا؟ لا نعم من تاب �إلى الله و�سبق له لاالتزام بعقد ربوي فله يجب عليك �أخذ أ��صل مالك بدون زيادة. حالتان: إ�ذا كنت من يدفع الزيادة فهل ت�ستطيع ف�سخ العقد 1إ�ذا كان هو من ي�أخذ الزيادة والفائدة بدون �ضرر كبير؟ لا نعم (�آكل الربا) ف�إنه ي�أخذ أ��صل ماله ولا ي أ�خذ �شي ًئا من الزيادة بمجرد توبته ،كما قال تعالى: يجب عليك ف�سخ العقد إ�ن كنت قاد ًرا } َو ِإ� ْن ُت ْب ُت ْم َف َل ُك ْم ُر ُءو� ُس َ أ� ْم َوا ِل ُك ْم اَل َت ْظ ِل ُمو َن َو َال ولا �ضرر عليك في ذلك. ُت ْظ َل ُمون{ (البقرة.)279 : إ�ن كنت لا ت�ستطيع ف�سخ العقد �أو يح�صل لك ب�سبب الف�سخ �ضرر كبير ف�إنك تتم العقد و�أنت عازم على أ�ن لا 2إ�ذا كان هو من يدفع الزيادة فله حالتان: تعود لمثله في الم�ستقبل. • �إن ا�ستطاع �أن يف�سخ العقد ويخرج منه بدون �ضرر كبير فيجب عليه ذلك. • أ�ما �إن كان لا ي�ستطيع ف�سخ العقد إ�لا ب�ضرر بالغ ف إ�نه يتم العقد وهو عازم على أ�ن لا يعود لمثله ،كما قال َم ْو ِع َظ ٌة ِم ْن َر ِّب ِه َفا ْن َت َهى َف َل ُه َما ت�َسع َلال َفىَ:و َأ� ْم} َُرف ُهَم ِ�إَْلنىَجاال َءل ُِهه َو َم ْن َعا َد َف أ�ُو َل ِئ َك َأ� ْ�ص َحا ُب النَّا ِر ُه ْم ِفي َها َخا ِل ُدون{(البقرة.)275 : كما ح َّرم الله الربا فقد أ�باح لنا �أنوا ًعا من المعاملات تغني الم�سلم عن الوقوع في المحرم ،وقد تفننت كثير من الم�صارف والبنوك في تقديم �أنواع من المعاملات ال�شرعية.
212المعاملات المالية 2الغرر والجهالة والمراد :كل عقد فيه قدر مجهول وثغرة ربما تكون �سب ًبا للتنازع والخ�وصمة بين الطرفين �أو ظلم �أحدهما للآخر. وقد حرمه الإ�سلام �س ًدا لذريعة الخ�اصم �أو الظلم والغبن ،فيحرم حتى ولو ترا�ضى النا�س عليه ،فقد نهى النبي �صلى الله عليه و�سلم عن بيع الغرر (م�سلم.)1513 : يحرم كل عقد ت�ضمن قد ًرا مجهولاً قد يف�ضي للنزاع والخ�وصمة م�ستقبل أمثلة لبيع الغرر والجهالة: 1بيع الثمار قبل أ�ن يظهر �صلاحها وتكون جاهزة للقطف ،فقد نهى النبي �صلى الله عليه و�سلم عن ذلك لاحتمال ف�سادها قبل الن�ضج. � 2أن يدفع مبل ًغا من المال ل�شراء �صندوق لا ُيد َرى ما فيه ،فقد يكون �شي ًئا ثمي ًنا �أو �شي ًئا تاف ًها. متى تكون الجهالة مؤثرة؟ لا يكون الغرر والجهالة م ؤ�ثرة في تحريم العقد �إلا إ�ذا كانت كثيرة وكانت في �أ�صل العقد ولي�ست في توابعه. فيجوز للم�سلم أ�ن ي�شتري البيت مثلاً و�إن لم يعلم نوع المواد التي ا�ستخدمت في البناء والطلاء ونحو ذلك ،لأن هذه الجهالة ي�سيرة ،ثم هي في توابع العقد لا في �أ�صله.
213 3الظلم وأخذ أموال الناس بالباطل الظلم من أ��شنع ا ألفعال التي حذر منها الإ�سلام ،وقد قال �صلى الله عليه و�سلم\" :الظلم ظلمات يوم القيامة\" (البخاري ،2315م�سلم ،)2579و�أخذ �أموال النا�س بدون حق ولو كان قليلاً من �أعظم الآثام والجرائم التي توعد مرتكبها ب أ��شد العقوبات في ا آلخرة ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم\" :من ظلم قيد �شب ٍر من الأر�ض ُط ّوقه من �سبع �أر�ضين يوم القيامة\" (البخاري ،2321م�سلم .)1610 3الإكراه :فلا يجوز ا إلكراه على التعامل ب أ�ي من أمثلة الظلم في المعاملات: نوع من أ�نواع ا إلكراه والقهر ،ولا ت�صح العقود 1الغ�ش ومخادعة النا�س :لأكل أ�موالهم �إلا بالترا�ضي ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم: بالباطل ،وهي من ا آلثام العظيمة ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم\" :من غ�شنا فلي�س منا\" \" إ�نما البيع عن ترا�ض\" (ابن ماجه .)2185 (م�سلم ،)101و�سبب الحديث �أن ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم خرج إ�لى ال�سوق فوجد �صبرة 4الر�شــــوة :وهي أ�ن يدفع الإن�سان ما ًال �أو من طعام (�أي كومة من الحبوب) ف�أدخل يده خدمة ليح�صل على حق لي�س له ،وهي من في ال�صبرة فوجد فيها بللاً ،فقال للبائع\" :يا أ��شنع أ�نواع الظلم و أ��شد الذنوب ،فقد لعن �اصحب الطعام ما هذا؟\" قال :أ��اصبته ال�سماء ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم الرا�شي (�أي المطر) يا ر�سول الله ،فقال�\" :أفلا جعلته (وهو دافع الر�شوة) والمرت�شي (وهو فوق الطعام حتى يراه النا�س؟\" ثم قال\" :من آ�خذها)( .الترمذي )1337 غ�ش فلي�س منا\" (الترمذي .)1315 وما انت�شرت الر�شوة في مجتمع �إلا ف�سد وتفكك، 2التلاعب على القانون :ألخذ المال ظل ًما بغير حق ،وذلك أ�ن الإن�سان قد يكون لديه وتوقف ازدهاره ونموه. من الذكاء والفطنة ما يمكنه من أ�خذ مال لي�س له عن طريق القانون والمحاكم ،لكن ق�اضء القا�ضي لا يح ّول الباطل ح ًقا ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم�\" :إنما أ�نا ب�شر و إ�نكم تخت�صمون �إلي ،ولعل بع�ضكم أ�ن يكون �ألحن بحجته من بع�ض ف�أق�ضي له على نحو ما �أ�سمع، فمن ق�ضيت له بحق أ�خيه �شي ًئا فلا ي أ�خذه ف�إنما �أقطع له قطعة من النار\" (البخاري ،6748م�سلم .)1713
214المعاملات المالية 4القمار والميسر ما هو الميسر أو القمار؟ القمار يكون في ال�سباقات واللعب الذي ي�شترط فيه اللاعبان أ�و المت�سابقان أ�و المتراهنان �إن ربح أ�حدهما أ�ن يك�سب المال من الخا�سر ،فكل م�اشرك دائر بين أ�ن يك�سب المال من غيره �أو �أن يخ�سره ليك�سبه غي ُره. حكمه: القمار محرم ورد الت�شديد في أ�مره في القر آ�ن وال�سنة ،ومن ذلك: ُق ْل َوا ْل َم ْي�ِس ِر ا ْل َخ ْم ِر َع ِن } َي�ْس َ�أ ُلو َن َك ـه ومنفعتـه ،فقال تعالـى: أ�عظـم من فائـدت جعل الله إ�ثم المي�سر و�ضرره 1 َّن ْف ِع ِه َما{ (البقرة.)219 : َو ِ�إ ْث ُم ُه َما َأ� ْك َب ُر ِمن ِفي ِه َما ِإ� ْث ٌم َك ِبي ٌر َو َم َنا ِف ُع ِللنَّا�ِس َ 2ح َك َم الله على المي�سر والقمار بالنجا�سة المعنوية لأ�ضراره الخبيثة على الفرد والمجتمع ،و�أمر باجتنابه، وجعله �سب ًبا للفرقة والبغ�اضء ،و�سب ًبا لترك ال�صلاة والذكر ،فقال تعالى: َوا} َْلي َام ْي�ِ�أَسُّي َُرهاَوا َْاألَّلْن ِذ َي�صَان ُب آ� ََوماُنْولأَاْز اَلِ�إ َُّنم َمِرا ْجا� ٌْلس َخ ِمْم ُْنر َع َم ِل ال�شَّ ْي َطا ِن َفا ْج َت ِن ُبو ُه َل َع َّل ُك ْم ُت ْف ِل ُحو َن • ِإ� َّن َما ُي ِري ُد ال�شَّ ْي َطا ُن أَ� ْن ُيو ِق َع َب ْي َن ُك ُم ا ْل َع َدا َو َة َوا ْل َب ْغ َ�ضا َء ِفي ا ْل َخ ْم ِر َوا ْل َم ْي�ِس ِر ََوف َيَه ُْل�ص َ�أ َّْند ُتُك ْ ْمم ُم َْنع َت ْ ُنهو ِذن ْك ِ{ر(االلملا ِهئد َةوَ :عِ 0ن-9ا1ل)�9صَّ.لاَ ِة نهاية القمار وخيمة و�إن بدت لأول مرة غير ذلك
215 أضرار القمار والميسر على الفرد والمجتمع: أ��ضرار القمار عظيمة وكثيرة على الفرد والمجتمع، من أ�همها: 2المي�سر ممحق للأموال ومبدد للثروات. 1أ�نه يوقع العداوة والبغ�ضاء بين النا�س، 3ي�صيب ممار�سه با إلدمان فهو إ�ن ك�سب وفاز ف إ�ن اللاعبين يغلب عليهم أ�نهم �أ�صدقاء ازداد ج�ش ًعا وطم ًعا في المقامرة ،وا�ستر�سل و�أحباب ،فمتى فاز أ�حدهم و أ�خذ �أموالهم فلا في ك�سب المال الحرام ،و إ�ن خ�سر لازم القمار �شك �أنهم �سيبغ�ضونه ويحقدون عليه ،ويحملون لعله ي�سترد ما فقده ،وكلاهما عائق عن العمل في �أنف�سهم له العداوة والح�سد ،ويعملون الحيل ل إليقاع به و إ��ضراره جزاء ما أ�وقع ومف�ض إ�لى دمار المجتمع. بهم من الخ�سارة ،وهذا واقع م�اشهد يعلمه الجميع ،وهو م�صداق لقوله تعالىِ } :إ� َّن َما ُي ِري ُد ال�شَّ ْي َطا ُن َأ� ْن ُيو ِق َع َب ْي َن ُك ُم ا ْل َع َدا َو َة َوا ْل َب ْغ َ�ضا َء ِفي ا ْل َخ ْم ِر َوا ْل َم ْي�ِسر{ (المائدة ،)91 :ثم �إنه يلهي عن الفرائ�ض وال�صلوات وذكر الله ،كما قال جل وعلا في ذكر دوافع ال�شيطان في تزيين القمار والمي�سر ل إلن�سانَ } :و َي ُ�ص َّد ُك ْم َع ْن ِذ ْك ِر الل ِه َو َع ِن ال�صَّلاَ ة{ (المائدة.)91 : أنواع الميسر تتعدد �صور و أ�نواع المي�سر قدي ًما وحدي ًثا ،فمن أ�نواعه المعا�صرة: 1كل لعـــــب ي�شترط فيه الغالب على المغلوب أ�خذ �شيء من المال ،مثل �أن يلعب جماعة من النا�س بالورقة (الكوت�شينة) ،وي�ضع كل واحد منهم قد ًرا من المال ،فمن ك�سب منهم �أخذ جميع المال. 2المراهنات على فوز فريق �أو لاعب ونحو ذلك ،في�ضع المراهنون المال ،وكل واحد يراهن على فوز فريقه أ�و لاعبه ،ف إ�ن فاز فريقه ك�سب المال ،و�إن خ�سر الفريق خ�سر هو المال. 3اليان�صيب والحظ ،مثل �أن ي�شتري بطاقة بدولار لي�اشرك في احتمال فوزه ب�ألف دولار عند ال�سحب. 4جميع أ�لعاب القمار الحركية والكهربائية ولاالكترونية �أو عبر مواقع ا إلنترنت ،والتي يكون اللاعب فيها �أمام احتمالين :أ�ن يك�سب المال �أو يخ�سره.
216المعاملات المالية أخلاق أكد عليها الإسلام في التعاملات المالية كماو�ضحالإ�سلام�أحكامالمعاملاتالماليةفقد أ�كدعلىالمتعاملين عد ًدا من الأخلاق والآداب منها: الأمانة: الأمانة في التعاملات التجارية مع ا آلخرين� ،سواء كانوا م�سلمين أ�و كفا ًرا من �أهم �أخلاق الم�سلم المتبع ل�شرع الله ،ويظهر الت أ�كيد عليها فيما يلي: •قال تعالىِ } :إ� َّن الل َه َي�أْ ُم ُر ُك ْم َ�أ ْن ُت ؤَ� ُّدوا ا ْ ألَ َما َنا ِت ِإ� َلى أ�َ ْه ِل َها{ (الن�ساء.)58 : •عد ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم �ضياع ا ألمانة وخيانتها من علامات النفاق ،حيث قال \" :آ�ية المنافق ثلاث� :إذا حدث كذب و إ�ذا وعد �أخلف و�إذا ا ؤ�تمن خان\" (البخاري ،33م�سلم .)59 •الأمانة من أ�هم �صفات الم ؤ�منين ،كما قال تعالىَ } :ق ْد َ�أ ْف َل َح ا ْل ُم ْؤ� ِم ُنون{ إ�لى قولهَ } :وا َّل ِذي َن ُه ْم ِ ألَ َما َنا ِت ِه ْم َو َع ْه ِد ِه ْم َرا ُعون{ (الم�ؤمنون ،)8 ،1 :ولهذا نفى ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم ا إليمان عن من يخون الأمانة ،فقال �صلى الله عليه و�سلم\" :لا �إيمان لمن لا �أمانة له\" ( أ�حمد .)12567 •وقد كان ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم ملق ًبا في مكة قبل البعثة بال�اصدق ا ألمين؛ لأنه كان رم ًزا للأمانة في علاقاته وتعاملاته.
217 الصدق: وال�صدق والو�ضوح من أ�هم المزايا التي أ�كد عليها الإ�سلام: •قال �صلى الله عليه و�سلم عن البائع والم�شتري\" :ف�إن �صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ،و�إن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما\" (البخاري ،1973م�سلم .)1532 •قال النبي �صلى الله عليه و�سلم\" :عليكم بال�صدق ،ف�إن ال�صدق يهدي �إلى البر ،و�إن البر يهدي �إلى الجنة ،ولا يزال الرجل ي�صدق ويتحرى ال�صدق حتى يكتب عند الله �صديقا\"(م�سلم .)2607 •جعل ا إل�سلام من يحلف كذ ًبا في الثناء على �سلعته ليبيعها قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم: \"ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ،ولا ينظر إ�ليهم ،ولا يزكيهم، ولهم عذاب �أليم\" .وذكر منهم\" :والمنفق �سلعته بالحلف الكاذب\" (م�سلم .)106 فالله �سبحانه كتب الإح�سان على كل �شيء، الإتقان وإحسان العمل: و�أمر به في كل مناحي الحياة ،حتى في ا ألمور التي فيجب على كل �اصنع �أو عامل م�سلم �أن يجعل قد يظهر لأول وهلة تعذر الإح�سان وا إلتقان فيها، ا إلتقان و إ�تمام العمل على أ�ح�سن وجه مبد�أه ومزيته كال�صيد والذبح ،قال �صلى الله عليه و�سلم�\" :إن الله كتب ا إلح�سان على كل �شيء ،ف إ�ذا قتلتم ف أ�ح�سنوا التي لا يتنازل عنها. القتلة ،و إ�ذا ذبحتم ف�أح�سنوا الذبح ،وليحد �أحدكم �شفرته فليرح ذبيحته\" (م�سلم .)1955 ح�ضر النبي �صلى الله عليه و�سلم جنازة �أحد النا�س ،فكان يوجه ال�صحابة في ت�سوية اللحد و إ�ح�سان الدفن ،ثم التفت �إليهم ،وقال�\" :أما �إن هذا لا ينفع الميت ولا ي�ضره ،ولكن الله يحب من العامل إ�ذا عمل أ�ن يح�سن\" (البيهقي في �شعب الإيمان ،)5315 وفي لفظ�\" :إن الله يحب �إذا عمل أ�حدكم عملاً أ�ن يتقنه\" ( أ�بو يعلى � ،4386شعب الإيمان ( .)5312وانظر لبقية الأخلاق �ص.)191
218طعام المسلم
219 طعام المسلم 10 للطع��ام الح�ل�ال مكان��ة كب�ي�رة في الإ�س�ل�ام فه��و �س��بب إلجابة الدعاء والبركة في المال وا ألهل. وي��راد بالطع��ام الحلال م��ا كان طعا ًما مبا ًحا وتم ك�س��به بطريق��ة مباح��ة وبم��ال مباح بدون ظل��م ولا اعتداء على حقوق ا آلخرين. ال�صيد ال�شرعي المخــــدرات الأ�صل في الأطعمة المزروعات والثمار الم أ�كولات البحرية �آداب الطعام وال�شراب الخمور والكحول حيوانـات البـر
220طعام المسلم الأطعمة الأصل في الأطعمة الأ�صل في جميع المطعومات والم�شروبات ا إلباحة والحل �إلا ما ا�ستثني من المحرمات مما ي�ضر ا إلن�سان في �صحته وخلقه ودينه ،وقد امتن الله على النا�س ب أ�ن خلق لهم جميع ما في الأر�ض لينتفعوا به �إلا ما حرمه عليهم، فقالُ } :ه َو ا َّل ِذي َخ َل َق َل ُك ْم َما ِفي ا ْ َأل ْر�ِض َج ِمي ًعا{(البقرة.)29 : المزروعات والثمار جميع النباتات مما يزرعها النا�س أ�و ي�أخذونه من أ��شجار البراري والغابات والح�شائ�ش والفطر بجميع ا ألنواع مبا ٌح جائز الأكل ،إ�لا ما كان �ضا ًرا بالبدن وال�صحة� ،أو مغط ًيا للعقل كالخمور أ�و المخدرات ،ف إ�نها محرمة ب�سبب ال�ضرر و إ�زالة العقل.
221 المأكولات البحرية والمراد بالم�أكولات البحرية ما لا يعي�ش إ�لا في الماء ،وحياته في البر ا�ستثناء. والمراد بالبحر هنا الماء الكثير ،فيدخل في ذلك الأنهار والبحيرات وغيرها مما هو ماء كثير. وجميع تلك الم أ�كولات البحرية �سواء كانت حيوانية �أو نباتية تم �صيدها أ�م وجدت ميتة ،ف�إن أ�كلها جائز مباح ما لم تكن م�ضرة بال�صحة. قال تعالىُ } :أ� ِح َّل َل ُك ْم َ�ص ْي ُد ا ْل َب ْح ِر َو َط َعا ُمه{ (المائدة.)96 : وال�صيد هو ما �أخذ ح ًيا ،والطعام ما �ألقاه البحر بعد موته. }�أُ ِح َّل َل ُك ْم َ�ص ْي ُد ا ْل َب ْح ِر َو َط َعا ُمه{ حيوانات البر ي�شترطلجوازا ألكلمنحيواناتالبر�شرطان: � 1أن تكون حيوانات مباحة ا ألكل. � 2أن يتم ا�صطيادها أ�و ذبحها بالطريقة ال�شرعية.
222طعام المسلم ما هي الحيوانات المحرمة؟ ا أل�صل حل جميع الحيوانات إ�لا ما دل الدليل من القر�آن وال�سنة على تحريمه. والمحرمات من الحيوانات كالتالي: 1كل ذي ناب من السباع: والمراد بها جميع الحيوانات الآكلة للحوم� ،سواء كانت كبيرة كالأ�سد والنمر� ،أو �صغيرة كالقطة ونحوها ،ومن ذلك الكلب. 2كل ذي مخلب من الطيور: وهي جميع الطيور الآكلة للحوم ،كال�صقر ،والن�سر ،والبومة ،ونحو ذلك. 3الثعابين والفئران: فيحرم أ�كلها ،و�أمرنا بقتلها ،فقال �صلى الله عليه و�سلم\" :خم�س فوا�سق يقتلن في الحل والحرم: الحية ،والغراب ا ألبقع ،والف�أرة ،والكلب العقور ،وال ُح َد َّيا\" (البخاري ،3136م�سلم .)1198 على الم�سلم تحري الطعام الحلال عند �شرائه
223 4الحشرات: وجميع الح�شرات في البر لا يجوز �أكلها ألنه لا يمكن تذكيتها ،وي�ستثنى من ذلك الجراد ف إ�نه يجوز �أكله ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم�\" :أحلت لنا ميتتان :الحوت ،والجراد\" (ابن ماجه .)3218 5الخنزير: وهو حيوان محرم نج�س في الإ�سلام بكل �أجزائه و�أع�ضائه وما ي�ستخرج منه ،كما قال �سبحانه وتعالىُ } :ح ِّر َم ْت َعلَ ْي ُك ُم ا ْل َم ْي َت ُة َوال َّد ُم َو َل ْح ُم ا ْل ِخ ْن ِزي ِر{(�سورة المائدة ،)3:وقال تعالى } :أَ� ْو َل ْح َم ِخ ْن ِزي ٍر َف ِ�إ َّن ُه ِر ْج�س{(ا ألنعام )145 :والرج�س يعني النج�س. 6الحمار الأهلي: وهو الحمار الذي ي�ستخدم في القرى للركوب وحمل الأغرا�ض عليه. أنواع الحيوانات المباحة: ما �أحله الله من هذه الحيوانات على ق�سمين: 21 نوع م�ست أ�ن�س يمكن ا إلم�ساك به :فلا يحل إ�لا نوع يعي�ش في البراري ويهرب من الإن�سان ولا بالذكاة ال�شرعية. يمكن الإم�ساك به لتذكيته :فيحل لنا عن طريق �صيده بالطريقة ال�شرعية.
224طعام المسلم الذكاة الشرعية الذكاة ال�شرعية هي الذبح �أو النحر الم�ستوفي لل�شروط التالية: 1أ�ن يكون الذابح م�سل ًما �أو يهود ًيا �أو ن�صران ًيا يميز ويق�صد الذكاة. 2أ�ن تكون ا آللة �صالحة للذبح و ُتجري الدم وتقطع بحدها كال�سكين ،ويحرم ا�ستخدام ما يقتلها بثقله وا�صطدامه بر أ��س الحيوان ،أ�و بحرقه كال�صعق الكهربائي. � 3أن يذكر ا�سم الله فيقول( :ب�سم الله) عند تحريك يده للذبح. 4قطع ما يجب قطعه في الذكاة ،وهو :المريء ،والحلقوم ،والودجان وهما العرقان الكبيران في الرقبة� ،أو قطع ثلاثة من هذه الأربعة. أنواع اللحوم في المطاعم والمحلات 1ما ذبحه غير الم�سلم والكتابي كالبوذيين والهندو�س واللادينيين فهذا محرم ،ويدخل فيه ما يوجد في مطاعم ومحلات البلاد التي غالب أ�هلها من غير الم�سلمين و�أهل الكتاب ،فحكمه التحريم حتى يثبت خلاف ذلك. 2ما ذبحه الم�سلم �أو الكتابي بالطريقة ال�شرعية فهذا جائز بن�ص القر�آن. 3ما ذبحه الم�سلم أ�و الكتابي بطريقة غير �شرعية كال�صعق والإغراق :فهذا محرم قط ًعا. 4ما ذبحه الكتابي ولم يعلم حال الذبح وكذلك ما يوجد في مطاعمهم ومحلاتهم ،فالأ�صل� :أنه من ذبائحهم ،ويجوز ا ألكل منها مع الحر�ص على الت�سمية عند ا ألكل ،و إ�ن كان الأولى البحث عن اللحوم الحلال وا�ضحة ا إلباحة. �أب��اح الله لن��ا ذبائ��ح اليه��ود والن�ص��ارى م��ا ل��م نعل��م أ�ن��ه مذب��وح بطريق��ة غي��ر �ش��رعية كال�صعق وا إلغراق
225 الصيد الشرعي ال�صيد مباح للحيوانات والطيور التي يباح أ�كلها ولا يمكن ال�سيطرة عليها لتذكيتها وذبحها ،مثل �أنواع الطيور في الأرياف والبراري من غير �آكلات اللحوم ،وكذلك الغزلان وا ألرانب البرية ونحو ذلك. يحرم ال�صيد إ�ذا كان لمجرد الت�سلية بدون ق�صد الأكل وي�شترط لل�صيد �شروط منها: 1أ�ن يكون ال�صائد عاقل قا�ص ًدا لل�صيد م�سل ًما �أو كتاب ًيا ،فلا يحل �صيد الوثني ولا المجنون. 2أ�ن يكون الحيوان غير مقدور على تذكيته لنفرته وابتعاده ،ف�إن كان مقدو ًرا على تذكيته كالدجاج والغنم والبقر فلا يحل �صيده. � 3أن تكون ا آللة تقتل بحدها كال�سهم والر�صا�صة ونحو ذلك� ،أما ما يقتل بثقله كالح�صى ونحوه فلا يجوز �أكله إ�لا إ�ن أ�دركه قبل موته وذكاه وذبحه. � 4أن يذكر ا�سم الله عليه فيقول( :ب�سم الله) قبل إ�ر�سال الآلة. 5إ�ذا �أدرك الحيوان �أو الطير بعد �صيده ووجده ح ًيا لم يمت وجب عليه تذكيته بذبحه. 6يحرم �صيد الحيوان لغير ق�صد ا ألكل ،كمن ي�صيد الحيوان للت�سلية والمتعة ثم لا ي�أكل ما �صاده.
226طعام المسلم الخمر والكحول هو كل ما خامر العقل �أي خالطه وغالبه �أو غطاه و�أثر فيه ،كما قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم\" :كل م�سكر خمر وكل خمر حرام\" (م�سلم � ،)2003سواء كان م�صنو ًعا من الفواكه كالعنب والرطب والتين والزبيب ،أ�و من الحبوب كالحنطة �أو ال�شعير �أو الذرة �أو الأرز� ،أو من الحلويات كالع�سل ،فكل ما غطى العقل فهو خمر محرم ب�أي ا�سم �أو �شكل ،حتى ولو كان م�ضا ًفا على الع�صير الطبيعي أ�و في الحلويات وال�شوكولاته. حكم الخمر: الخمر من كبائر الذنوب و أ�عظمها وقد ثبت تحريم الخمر والت�شديد في أ�مرها في الكتاب وال�سنة ،ومن ذلك: • قال تعالىَ } :يا َأ� ُّي َها ا َّل ِذي َن آ� َم ُنو ْا ِ�إ َّن َما ا ْل َخ ْم ُر َوا ْل َم ْي�ِس ُر َوا ألَن َ�صا ُب َوالأَ ْزل َا ُم ِر ْج� ٌس ِّم ْن َع َم ِل ال�َّش ْي َطا ِن َفا ْج َت ِن ُبو ُه َل َع َّل ُك ْم ُت ْف ِل ُحون{ (المائدة )90 :فو�صفها بالنجا�سة و أ�نها من �أعمال ال�شيطان و أ�مرنا باجتنابها إ�ن �أردنا النجاة والفلاح. • قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم: \"كل م�سكر خمر ،وكل م�سكر حرام ،ومن �شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم ي�شربها في الآخرة\" (م�سلم.)2003 حفظ العقل: لقد أ�تى هذا الدين العظيم لتحقيق م�صالح العباد في دنياهم و أ�خراهم ،وعلى ر أ��س ذلك حفظ ال�ضروريات الخم�س :الدين ،والنف�س، والعقل ،والمال ،والن�سل. فالعقل هو مناط التكليف ،ومحور التكريم والا�صطفاء الرباني للإن�سان ،فحفظه ال�شرع و�صانه من كل ما من �ش أ�نه �إذهابه �أو �إ�ضعافه.
227 • قال �صلى الله عليه و�سلم في معار�ضة �شرب الخمر للإيمان و�إنقا�صه له\" :ولا ي�شرب الخمر حين ي�شربها وهو م�ؤمن\" (البخاري ،5256م�سلم .)57 • أ�وجب الإ�سلام على �شاربها العقوبة ،فتمتهن كرامته ،وت�سقط في مجتمعه عدالته. • توعد من تمادى في تعاطي الخمر وما في حكمها حتى مات ولم يتب بالعذاب الأليم ،يقول ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم \" :إ�ن على الله عز وجل عه ًدا لمن ي�شرب الم�سكر �أن ي�سقيه من طينة الخبال\"(م�سلم )2002وهي ع�صارة �أهل النار ،وقذارتهم ،وقيحهم ،و�صديدهم. • وكل من �شارك أ�و �أعان على �شرب الخمر من قريب �أو بعيد داخل في الوعيد ،فقد \"لعن ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم في الخمر ع�شرة :عا�صرها ومعت�صرها و�شاربها وحاملها والمحمولة إ�ليه و�ساقيها وبائعها و�آكل ثمنها والم�شتري لها والم�شتراة له\" (الترمذي .)1295 المخدرات تناول المخدرات �-سواء كان �أ�صلها نباتيا أ�و �صناع ًيا، و�سواء كان تناولها بالا�ستن�شاق �أو البلع �أو الحقن -من أ�عظم الذنوب والمعا�صي. فهي مع كونها تخامر العقل فهي تدمر الجهاز الع�صبي للإن�سان ،وت�صيب المتناول ب�شتى الأمرا�ض الع�صبية والنف�سية ،وربما �أدت إ�لى وفاته ،والله تعالى يقول وهو الرحيم بعبادهَ } :ولاَ َت ْق ُت ُلوا َأ� ْن ُف�َس ُك ْم �إِ َّن الل َه َكا َن ِب ُك ْم َر ِحي ًما{ (الن�ساء.)29 : كل ما ثبت �ضرره ال�صحي فهو محرم �شر ًعا
228طعام المسلم آداب الطعام والشراب �شــرع الله عـــد ًدا مــن ا آلداب في الطعام وال�شراب تحقق مقا�صد وحكم ربانية كالتذكير بنعمـة الله على ا إلن�سان ،والوقايـة من الأمرا�ض ،وعدم الإ�سراف والغرور. ومن هذه الآداب: 1النهي عن الأكل وال�شرب في �آنية الذهب والف�ضة أ�و المطلي بهما ،لما في ذلك من ا إل�سراف والتعدي، وك�سر قلوب الفقراء ،قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم\" :لا ت�شربوا في �آنية الذهب والف�ضة ولا ت أ�كلوا في �صحافها ،ف إ�نها لهم في الدنيا ولنا في ا آلخرة\" (البخاري ،5110م�سلم .)2067 2غ�سل اليدين قبل الطعام وبعده ،ويت�أكد ذلك إ�ن كان فيهما قذر �أو بقايا من الطعام. 3قول (ب�سم الله) قبــل البدء بالطعام �أو ال�شراب ،ومعناها :أ�تبرك و�أ�ستعين با�سم الله ،ف�إن ن�سي وتذكر �أثناء أ�كله فيقول\" :ب�سم الله أ�َ َّو ِل ِه َو آ� ِخ ِره\". وقد ر�أى النبي �صلى الله عليه و�سلم غلا ًما �صغي ًرا لا يح�سن �آداب ا ألكل ،فقال له معل ًما\" :يا غلام �سم الله ،وكل بيمينك ،وكل مما يليك\" (البخاري ،5061م�سلم .)2022 يعلمنا ا إل�سلام أ�ن نكون غاية في الأدب واحترام النعمة عند الأكل، والحر�ص على النظافة.
229 4الأكل وال�شرب باليد اليمنى ،قال �صلى الله عليه و�سلم\" :لا ت�أكلوا بال�شمال ف إ�ن ال�شيطان ي�أكل بال�شمال\" (م�سلم .)2019 5ي�ستحب له أ�ن لا ي�شرب أ�و ي أ�كل واق ًفا. 6الأكل من الطعام القريب منه ولا ي�أكل من مو�ضع الآخرين؛ ألن الأكل من مو�ضع ا آلخرين فيه �سوء أ�دب ،وقد قال النبي �صلى الله عليه و�سلم للغلام\" :وكل مما يليك\" (البخاري .)5061 7ي�ستحب رفع اللقمة إ�ذا �سقطت وم�سح ما علق بها و أ�كلها ،متى ما أ�مكن رفع ا ألذى عنها ،وفي ذلك محافظة على النعمة والطعام. 8عدم عيب الطعام وذمه واحتقاره ،ف إ�ما أ�ن يثني عليه أ�و يدعه وي�سكت ،ور�سولنا �صلى الله عليه و�سلم ما عاب طعا ًما قط �إن ا�شتهاه أ�كله ،و إ�ن كرهه تركه (البخاري ،5093م�سلم .)2064 9عـدم ا إلكثـار من الطعــام والتخمة منه ،فذلك هو طريق المر�ض والك�سل ،والتو�سط هو خير ا ألمور ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم\" :ما م أل �آدمي وعاء �ش ًرا من بطن ،بح�سب ابن آ�دم لقيمات يقمن �صلبه ،ف إ�ن كان لا محالة :فثلث لطعامه ،وثلث ل�شرابه ،وثلث ل َن َف�ِسه\"(الترمذي ،2380ابن ماجه .)3349 10يقول إ�ذا انتهى( :الحمد لله) ،فيحمد الله على هذه النعمة التي أ�نعم بها عليه وحرم كثي ًرا من النا�س منها ،ويمكن �أن يزيد فيقول: (الحمد لله الذي �أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة).
230لباس المسلم
231 لباس المسلم 11 اللبا�س نعمة من نعم الله على النا�س ،كما قال الله تعالى: } َي��ا َب ِن��ي آ� َد َم َق�� ْد �أَن َز ْل َن��ا َعلَ ْي ُك�� ْم ِل َبا�ًس��ا ُي�� َوا ِري �َس�� ْو َءا ِت ُك ْم َو ِري�ًش��ا َو ِل َبا� ُس ال َّت ْق َو َى َذ ِل َك َخ ْر ٌي َذ ِل َك ِم ْن آ� َيا ِت الل ِه َل َع َّل ُه ْم َي َّذ َّك ُرون{ (الأعراف.)26 : الألب�سة المحرمة اللبا�س في ا إل�سلام
232لباس المسلم لباس المسلم اللباس في الإسلام لبا�س الم ؤ�من ينبغـي �أن يكون جميلاً ونظي ًفا ،خا�صة في علاقته مع النا�س و�أدائه لل�صلاة ،كما قال الله تعالى: } َيا َب ِني آ� َد َم ُخ ُذو ْا ِزي َن َت ُك ْم ِعن َد ُك ِّل َم�ْس ِجد{(ا ألعراف.)31 : } ُق ْل َم ْن َح َّر َم ا ْل ِق َيا َم ِة َك َذ ِل َك وقد �شرع الله ل إلن�سان أ�ن يتجمل في لبا�سه ومظهره؛ ألن ذلك من التحديث بنعم الله ،قال تعالى: ِزي َن َة الل ِه ا َّل ِت َي َأ� ْخ َر َج ِل ِع َبا ِد ِه َوا ْل َّط ِّي َبا ِت ِم َن ال ِّر ْز ِق ُق ْل ِهي ِل َّل ِذي َن �آ َم ُنو ْا ِفي ا ْل َح َيا ِة ال ُّد ْن َيا َخا ِل َ�ص ًة َي ْو َم ُن َف ِّ�ص ُل ا آل َيا ِت ِل َق ْو ٍم َي ْع َل ُمو َن{ (الأعراف.)32 : يحقق اللباس عددا من الحاجات: 1ي�ستر عن ا ألنظار أ�ع�ضاء مخ�صو�صة في ج�سم ا إلن�سان بمقت�ضى عاطفة الحياء الفطرية عند النا�س ،كما قال تعالىَ } :يا َب ِني �آ َد َم َق ْد َ أ�ن َز ْل َنا َع َل ْي ُك ْم ِل َبا�ًسا ُي َوا ِري �َس ْو َءا ِت ُك ْم{ (ا ألعراف.)26 :
233 2يحفظ ج�سم الإن�سان من الحر والبرد وال�ضرر ،فالبرد والحر من تقلبات الجو ،وال�ضرر من الاعتداء على ج�سم الإن�سان ،قال تعالى في �صفة اللبا�س: َت ِ}ق َوي َُكج َمع ََلب ْ�أ َل�َُسك ُْكم ْم�َسَك َرَذاِلِبيَكَل ُيَتِت ِقُّمي ُِنك ْعُم َم َات ْلُه َحَعَّرَل ْي َوُك�َْسم َرَلاَعِبَّليُكَلْم ُت�ْس ِل ُمون{(النحل.)81 : 3التجمل به و�إظهار نعمة الله على الإن�سان ،قال �صلى الله عليه و�سلم ( :إ�ن الله جميل يحب الجمال ) الأصل في اللباس لم يحدد الإ�سلام نو ًعا خا ً�صا من اللبا�س ،وا ألولى موافقة لبا�س �أهل البلد في لبا�سهم المباح. ا إل�سلام دين الفطرة ،ولم ي�شرع للنا�س في �ش�ؤون حياتهم �إلا ما يتفق مع الفطرة ال�سليمة و�صريح المعقول والمنطق العام. والأصل في لباس المسلم وزينته الإباحة: فالإ�سلام لم يقرر للنا�س نو ًعا خا ً�صا من اللبا�س ،بل أ�قر �شرعية كل لبا�س ما دام ي�ؤدي الدور المطلوب منه بدون اعتداء ولا تجاوز. ور�سول الله �صلى الله عليه و�سلم لب�س الألب�سة التي كانت موجودة في زمانه ،و لم ي أ�مر بلبا�س محدد ولم ينه عن لبا�س محدد ،و إ�نما نهى عن �صفات محددة في اللبا�س ،فا أل�صل في المعاملات ومنها اللبا�س هو الإباحة فلا تحريم إ�لا بدليل ،وهذا بعك�س العبادات التي ا أل�صل فيها هو التوقيف فلا �شرع �إلا بن�ص. قال النبي �صلى الله عليه و�سلم\" :كلوا وت�صدقوا والب�سوا في غير إ��سراف ولا مخيلة\" (الن�سائي .)2559
234لباس المسلم الألبسة المحرمة ما يك�شف العورة :فيجب على الم�سلم �ستر عورته باللبا�س ،كما قال تعالىَ } :ق ْد أ�َن َز ْل َنا َع َل ْي ُك ْم ِل َبا�ًسا ُي َوا ِري �َس ْو َءا ِت ُك ْم{ (الأعراف.)26 : وقرر الإ�سلام حدود �ستر ا لعورة بالن�سبة للرجال والن�ساء ،فعورة الرجل من �سرته �إلى ركبته ،وعورة المر�أة �أمام الرجال ا ألجانب كل ج�سمها عدا الوجه والكفين. 1 ولا يجوز ال�ستر باللبا�س ال�ضيق المحدد لأع�ضاء الج�سم ،ولا ال�شفاف الذي يظهر البدن تحته ،ولهذا توعد الله من يلب�س من اللبا�س ما ي�شف عورته فقال �صلى الله عليه و�سلم�\" :صنفان من أ�هل النار\" وذكر\" :ون�ساء كا�سيات عاريات\" (م�سلم .)2128 ما يكون فيه ت�شبه بين الجن�سين� :أي ت�شبه الرجال بالن�ساء بلب�س ما يخت�ص بالن�ساء من الألب�سة ،ومثله ت�شبه الن�ساء بالرجال ،فهذا محرم من كبائر الذنوب ،ويدخل فيه م�شابهتهم في طريقة الكلام والم�شي والحركة، فقد لعن ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم الرجل يلب�س لب�سة المر أ�ة2 ، والمر�أة تلب�س لب�سة الرجل (�أبو داود ،)4098وكذلك لعن ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم المت�شبهين من الرجال بالن�ساء ،والمت�شبهات من الن�ساء بالرجال (البخاري ( ،)5546ومعنى اللعن :الطرد وا إلبعاد عن رحمة الله) .ف�أراد الإ�سلام أ�ن تكون طبيعة الرجل ومظهره متمي ًزا، وكذلك �أراد للمر�أة ،فذلك هو مقت�ضى الفطرة ال�سليمة والمنطق ال�صحيح. �إذا كان فيه حرير أ�و ذهب للرجال ،ف إ�ن ا إل�سلام حرمهما على الرجال ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم في الذهب والحرير \" :إ�ن هذين حرام على 3 ذكور أ�متي ،حل لإناثهم\" (ابن ماجه � ،3595أبو داود .)4057 والمراد بالحرير المحرم على الرجال :الحرير الطبيعي الذي تنتجه دودة القز.
235 ما فيه ت�شبه بالكفار مما هو من خ�صائ�صهم في اللبا�س ،كلبا�س الرهبان والكهنة ولب�س ال�صليب وما كان علامة خا�صة على دين ما، فيحرم لب�سه ،حيث قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم\" :من ت�شبه بقوم فهو منهم\" ( أ�بو داود ،)4031ويدخل في الم�شابهة اللبا�س المحتوي على رموز خا�صة بديانة ومذاهب �ضالة ،فهذا الت�شبه دليل على 4 �ضعف ال�سلوك وعدم الثقة بالنف�س بما لدى الإن�سان من الحق. ولي�س من الت�شبه �أن يلب�س الم�سلم اللبا�س المنت�شر في بلده ولو كان غالب لاب�سيه من غير الم�سلمين؛ ف�إن النبي �صلى الله عليه و�سلم كان يلب�س كما يلب�س م�شركو قري�ش ،إ�لا ما ورد فيه نهي خا�ص. ما ي�صاحبه كبر وخيلاء ،وقد قال �صلى الله عليه و�سلم\" :لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر\" (م�سلم .)91 ولهذا نهى الإ�سلام عن جر الثياب و�إ�سبالها تحت الكعبين للرجال �إذا كان ذلك ي�سبب الكبر والخيلاء، فقال �صلى الله عليه و�سلم\" :من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إ�ليه يوم القيامة\" (البخاري ،3465 5 م�سلم .)2085 ونهى عن ثوب ال�شهرة ،وهو اللبا�س الذي �إذا لب�سه الإن�سان ا�ستغربه النا�س وتحدثوا عنه فا�شتهر به �صاحبه؛ وذلك لغرابته� ،أو لا�شمئزاز النا�س منه ب�سبب �شكله أ�و لونه الن�شاز ،أ�و لما ي�صاحب لاب�سه من الغرور والكبر ،قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم\" :من لب�س ثوب �شهرة في الدنيا �ألب�سه الله ثوب مذلة يوم القيامة\" (�أحمد ، 5664ابن ماجه .)3607 ما فيه إ��سراف وتبذير ،قال �صلى الله عليه و�سلم\" :كلوا وت�صدقوا والب�سوا في غير إ��سراف ولا مخيلة\" (الن�سائي .)2559 وهذا يختلف باختلاف الحال ،فمن كان غن ًيا فله �أن ي�شتري 6 من الثياب ما لا ينا�سب �أن ي�شتريه الفقير مقارنة بماله ودخله ال�شهري وو�ضعه الاقت�صادي وحقوقه ا ألخرى التي عليه مراعاتها ،فالثوب الواحد قد يكون �سر ًفا في حق الفقير ولي�س �سر ًفا في حق الغني.
236الأسرة المسلمة
237 الأسرة المسلمة 12 حر���ص الإ�س�ل�ام كل الحر���ص عل��ى إ�ر�س��اء وتثبي��ت ا أل�س��رة ،والمحافظة عليها مما ي ؤ�ذيها ويهدد بنيانها، ألنه ب�لاصح ا أل�سرة واجتماعها ن�ضمن �لاصح ا ألفراد والمجتمع ب�شكل عام. حقوق الوالدين تعدد الزوجات الزواج في الإ�سلام حقوق ا ألبناء الطــــــــــــــلاق حقوق الزوج والزوجة
238الأسرة المسلمة الأسرة المسلمة مكانة الأسرة المسلمة تظهر عناية ا إل�سلام با أل�سرة فيما يلي: 1أ�كد الإ�سلام على مبدء الزواج وتكوين الأ�سرة ،وجعلها من أ�جل ا ألعمال ومن �سنن المر�سلين، كما قال �صلى الله عليه و�سلم\" :لكني �أ�صوم و�أفطر ،و�أ�صلي و�أرقد ،و أ�تزوج الن�ساء ،فمن رغب عن �سنتي فلي�س مني\" (البخاري ،4776م�سلم .)1401 •عد القر�آن من بين الرجل ال}مَونِمنْنو آ�ا َياآلِتيِها َ�أت ْنما َخ َلخَقلقَلهُك ْاملل ِهم ْنم َ�أنْن ُافل�ِس� ُسككْمنَأ� ْزو َاوال ًمـجـاو ِلد َتة�ْسو ُاك ُلنوراحِ�إ َلم ْيةَهاوا َولأَجن َع� َلس �أعظم وزوجته ،فقال َب ْي َن ُك ْم َم َو َّد ًة تعالى: َو َر ْح َم ًة{ (الروم)21 : •و�أمر بتي�سير الزواج و إ�عانة من يريد النكاح ليعف نف�سه ،كما قال �صلى الله عليه و�سلم\" :ثلاثة حق على الله عونهم\" وذكر منهم\" :والناكح الذي يريد العفاف\" (الترمذي .)1655 •�أمر ال�شباب في �شدة عنفوانهم وقوتهم بالزواج ،لما فيه من ال�سكن والاطمئنان لهم ،و إ�يجاد الحل ال�شرعي لقوة �شهوتهم ورغبتهم. عد ا إل�سلام الزواج وتكوين ا أل�سرة من �سنن المر�سلين و�أمر بتي�سيره و إ�عانة ال�شباب عليه
239 � 2أعطى ا إل�سلام كل فرد من �أفراد الأ�سرة كامل الاحترام� ،سواء �أكان ذك ًرا �أم �أنثى: فجعل الإ�سلام على الأب وا ألم م�س ؤ�ولية عظيمة في تربية أ�بنائهم ،فعن عبد الله بن عمر ر�ضي الله تعالى عنهما �أنه �سمع ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم يقول\" :كلكم را ٍع وم�س�ؤول عن رعيته :فا إلمام را ٍع وهو م�س�ؤول عن رعيته ،والرجل في أ�هله را ٍع وهو م�س ؤ�ول عن رعيته ،والمر أ�ة في بيت زوجها راعي ٌة وهي م�س ؤ�ولة عن رعيتها ،والخادم في مال �سيده را ٍع وهو م�س ؤ�ول عن رعيته\" (البخاري ،853م�سلم .)1829 3فر�ض على الم�سلم �صلة الرحم ،ومعنى ذلك :توا�صل الم�سلم و�إح�سانه إ�لى أ�قاربه من جهة �أبيه و أ�مه: ك�إخوانه و أ�خواته و�أعمامه وعماته و أ�بنائهم ،و أ�خواله وخالاته و�أبنائهم ،وع َّد ذلك من �أعظم القربات والطاعات، وحذر من قطيعتهم أ�و الإ�ساءة �إليهم ،وع َّد ذلك من الكبائر ،قال �صلى الله عليه و�سلم\" :لا يدخل الجنة قاطع رحم\" (البخاري ،5638م�سلم .)2556 4حر�ص الإ�سـلام على غر�س مبد�أ التقدير والاحترام ل آلباء والأمهات ،والقيام برعايتهم وطاعة �أمرهم إ�لى الممات: فمهما كبر الابن �أو البنت فيجب عليهم طاعة والديهم والإح�سان �إليهم ،وقد قرن ذلك بعبادته �سبحانه ،ونهى عن التجاوز في اللفظ والفعل معهما حتى ولو كان ذلك ب�إظهار كلمة �أو �صوت يدل على الت�ضجر منهما ،قال الله �سبحانه وتعالىَ } :و َق َ�ضى َر ُّب َك َ�أ اَّل َت ْع ُب ُدوا ِ�إ َّال ِإ� َّيا ُه َو ِبا ْل َوا ِل َد ْي ِن ِإ� ْح�َسا ًنا ِإ� َّما َي ْب ُل َغ َّن ِع ْن َد َك ا ْل ِك َب َر أ�َ َح ُد ُه َما َ�أ ْو ِكلاَ ُه َما َفلاَ َت ُق ْل َل ُه َما ُ�أ ٍّف َو َال َت ْن َه ْر ُه َما َو ُق ْل َل ُه َما َق ْو ًال َك ِري ًما{ (الإ�سراء.)23 : 5العدل بين الأبناء �أمر الإ�سلام بحفظ حقوق الأبناء والبنات ووجوب العدل بينهم في النفقة والأمور الظاهرة .قال �صلى الله عليه و�سلم\" :اتقوا الله واعدلوا بين �أولادكم\" (البخاري.)2650:
240الأسرة المسلمة مكانة المرأة في الإسلام �أكرم الإ�سلام المر أ�ة وحررها من العبودية للرجل ،وحررها كذلك من أ�ن تكون �سلعة رخي�صة لا �شرف لها ولا احترام ،ومن �أمثلة الأحكام المتعلقة باحترام المر أ�ة: �أعطى الإ�سلام المر�أة حقها من الميراث في ق�سمة عادلة كريمة ،ت�ساوي الرجل بالمر أ�ة في موا�ضع، ويختلف ن�صيبها عنه في موا�ضع ،بح�سب قرابتها وتكاليف النفقة المناطة بها. �ساوى بين الرجل والمر�أة في �ش�ؤون كثيرة مختلفة ومن ذلك جميع التعاملات المالية ،حتى قال عليه ال�صلاة وال�سلام\" :الن�ساء �شقائق الرجال\" (�أبو داود .)236 أ�عطـــى المر�أة حريــــة اختيـــــار الزوج ،وجعل عليها جز ًءا كبي ًرا من الم�س ؤ�ولية في تربية الأبناء ،قال �صلى الله عليه و�سلم\" :والمر أ�ة راعية في بيت زوجها وم�س�ؤولة عن رعيتها\" (البخاري ،853م�سلم .)1829 �أبقـــى لها ا�سمهــا و�شـرف انت�سابها ألبيها ،فلا تتغير ن�سبتها بعد الزواج ،بل تبقى منت�سبة لأبيها وعائلتها. �أوجب على الرجــــل رعايتهـــا وا إلنفاق عليها بدون م ّنة إ�ن كانت ممن تجب نفقته كالزوجة وا ألم والبنت. أ�كد على �شرف وف�ضل خدمـة المر�أة ال�ضعيفة التي لي�س لها �أحد ،ولو لم تكن من الأقارب ،ورغب في ال�سعي لخدمتها وجعل ذلك من أ�ف�ضل ا ألعمال عند الله، فقال �صلى الله عليه و�سلم\" :ال�ساعي على الأرملة والم�سكين كالمجاهد في �سبيل الله ،وكالقائم لا يفتر ،وكال�صائم لا يفطر\" (البخاري ،5661م�سلم .)2982 كرم الله المر�أة ف أ�وجب على الرجل الإنفاق على الزوجة والأم والبنت بدون منة �أو تف�ضل
241 نساء أكد الإسلام العناية بهن ا ألم :فعن أ�بي هريرة ر�ضي الله تعالى عنه قال :جاء رجل �إلى ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم فقال :يا ر�سول الله من أ�حق النا�س بح�سن �صحابتي؟ قال \" :أ�مك\" ،قال :ثم من؟ قال\" :ثم �أمك\" ،قال :ثم من؟ قال\" :ثم أ�مك\"، قال :ثم من؟ قال\" :ثم �أبوك\" (البخاري ،5626م�سلم .)2548 الزوجة :فعن عائ�شة ر�ضي الله عنها، البنت :فعن عقبة بن عامر ر�ضي الله عنه قالت :قال ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم: قال� :سمعت ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم \"خيركم خيركم لأهله ،و�أنا خيركم لأهلي\" يقول\" :من كان له ثلاث بنات ف�صبر عليهن و أ�طعمهن و�سقاهن وك�ساهن من جدته (الترمذي .)3895 (ماله) كن له حجا ًبا من النار يوم القيامة\" (ابن ماجه .)3669
242الأسرة المسلمة لا مكان للصراع بين الجنسين العلاقة بين الرجل والمر أ�ة في ال�شرع علاقة تكاملية ،ي�سد كل فكرة ال�صراع بين الرجل والمر أ�ة واحد منهما نق�ص الآخر في بناء المجتمع الم�سلم انتهت بت�سلط الرجل على المر أ�ة كما في بع�ض المجتمعات الجاهلية ،أ�و بتمرد المر�أة وخروجها عن �سجيتها وطبيعتها التي خلقت من أ�جلها كما في مجتمعات أ�خرى بعيدة عن �شرع الله. ولم يكن ذلك ليح�صل لولا البعد عن �شرع الله الحكيم ،حيث يقول الله تبارك وتعالىَ } :و اَل َت َت َم َّن ْوا َما َف َّ�ض َل الل ُه ِب ِه َب ْع َ�ض ُك ْم َع َلى َب ْع�ٍض ِلل ِّر َجا ِل َن ِ�صي ٌب ِم َّما ا ْك َت�َس ُبوا َو ِلل ِّن�َسا ِء َن ِ�صي ٌب ِم َّما ا ْك َت�َس ْب َن َوا�ْس َ�أ ُلوا الل َه ِم ْن َف ْ�ض ِل ِه{(�سورة الن�ساء ،)32 :فلكل خ�صائ�صه ووظائفه وتكريمه ،والكل ي�سعى لف�ضل الله ور�ضوانه ،فال�شرع لم ي أ�ت لح�ساب الرجال، ولا لح�ساب الن�ساء ،ولكن لح�ساب الإن�سان ولح�ساب المجتمع الم�سلم. ففي المنهج الإ�سلامي لا مكان لمعركة و�صراع بين الجن�سين ،ولا معنى للتناف�س على �أعرا�ض الدنيا ،ولا طعم للحملة على المر أ�ة �أو الحملة على الرجل؛ ومحاولة النيل من �أحدهما ،وثلبه ،وتتبع نقائ�صه! فكل ذلك عبث من ناحية ،و�سوء فهم للإ�سلام ولحقيقة وظيفة الجن�سين من ناحية �أخرى ،وعلى الجميع أ�ن ي�س�ألوا الله من ف�ضله.
243 أقسام المرأة بالنسبة للرجل المر�أة بالن�سبة للرجل تنق�سم إ�لى �أق�سام: � 1أن تكون المر أ�ة هي زوجته: ويجوز للرجل النظر والا�ستمتاع بزوجته كما �أراد ،ويجوز ذلك للمر أ�ة مع زوجها ،وقد �س ّمى الله الزوج لبا�ًسا للزوجة والزوجة لبا�ًسا للزوج ،ك�صورة رائعة من الات�صال النف�سي والعاطفي والج�سدي بينهما ،فقالُ } :ه َّن ِل َبا� ٌس َل ُك ْم َو َ�أ ْن ُت ْم ِل َبا� ٌس َل ُه َّن{ (البقرة)187 : (انظر �ص)248 � 2أن تكون المر أ�ة �أجنبية عنه: المر أ�ة ا ألجنبية هي كل امر�أة لي�ست من محارمه� ،سواء كانت من �أقاربه كبنت عمه وبنت عمته� ،أو بنت خاله وبنت خالته ،وزوجة �أخيه وقريبات العائلة� ،أو كانت من غير �أقاربه ولا تربطه بها علاقة قرابة أ�و م�صاهرة عائلية. وقد و�ضع ا إل�سلام ال�ضوابط والقوانين التي تحكم علاقة الم�سلم بالمر أ�ة ا ألجنبية عنه ،حماي ًة ل ألعرا�ض و�س ًدا ألبواب ال�شيطان على الإن�سان ،فمن خلق الإن�سان �أعلم بما ي�صلح له ،كما قال تعالىَ } :أ� َال َي ْع َل ُم َم ْن َخ َل َق َو ُه َو ال َّل ِطي ُف ا ْل َخ ِبي ُر{ (الملك.)14 : و�ضع ا إل�سلام عد ًدا من ال�ضوابط التي تحكم علاقة الرجل بالمر أ�ة ا ألجنبية عنه
244الأسرة المسلمة 3أ�ن تكون من محارمه: الن�سب ال�صهر الر�ضاع والمق�صود بالمحارم كل من يحرم على الرجل الزواج بها تحري ًما م�ؤب ًدا ،والمحارم كالتالي: 1ا ألم المبا�شرة �أو الجدة من قبل ا ألب �أو الأم ،ك أ�م ا ألم و أ�م ا ألب و�إن علت. 2البنت المبا�شرة أ�و بنت الابن �أو بنت البنت و�إن نزلت. 3الأخت ال�شقيقة أ�و ا ألخت لأب �أو ا ألخت ألم. 4العمة المبا�شرة وهي أ�خت الأب ال�شقيقة �أو لأب أ�و لأم ،ويدخل فيها عمة الأب وعمة الأم و�إن علت. الخال��ة المبا�ش��رة وهي أ�خت الأم ال�ش��قيقة أ�و أ�خته��ا ألب �أو لأم ،ويدخل فيها خال��ة الأب وخالة الأم 5 و�إن علت. 6بنت الأخ ال�شقيق أ�و لأب �أو ألم ،و إ�ن نزلت كبنت ابن ا ألخ. 7بنت الأخت ال�شقيقة أ�و لأب أ�و ألم ،و�إن نزلت كبنت بنت الأخت. 8أ�م الزوجة �سواء كانت الزوجة معه �أو طلقها ،ف أ�مها من المحارم مطل ًقا ،وكذلك أ�م �أم الزوجة. 9بنت الزوجة التي لي�ست من �صلبه �إذا دخل ب�أمها. 10زوجة الابن و إ�ن نزل كزوجة ابن الابن ،وابن البنت. 11زوجة الأب و إ�ن علا كزوجة �أب ا ألب و أ�ب ا ألم. ا ألم من الر�ضاعة ،وهي المر أ�ة التي أ�ر�ضعته في ال�سنتين الأوليين من ولادته خم�س مرات م�شبعات ،فقد 12 جعل لها الإ�سلام ح ًقا ب�سبب إ�ر�ضاعها له. الأخت من الر�ض��اعة ،وهي بنت المر�أة التي أ�ر�ض��عته �أثناء �ص��غره كما �س��بق ،وكذلك كل القرابات من 13 الر�ضاع يحرمن كحرمة القرابات من الن�سب ،كالعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت من الر�ضاعة.
245 عمة الأب أ�م ا ألب خالة الأب خالة ا ألم أ�م ا ألم عمة ا ألم الخالة ا ألم زوجة ا ألب ا ألب العمة الرجـــــــــــل الأخ ا ألخت أ�م الزوجة الزوجة ابن ا ألخت بنت الأخت ابن ا ألخ بنت الأخ بنت ابن ا ألخ بنت الزوجة بنت ابن الأخت مفاتيح ال�شكل البنت زوجة الابن الابن بنت البنت ابن البنت و�إن علا بنت الابن ابن الابن زوجته و�إن نزل بنت ابن البنت محرم للرجل فه ؤ�لاء المحارم يجوز �أن يخرجن أ�مامه بما جرت العادة بظهوره أ�مام ا ألقارب ،كالذراعين والرقبة وال�شعر ونحو ذلك ،بدون �إ�سفاف أ�و تجاوز في الحد.
246الأسرة المسلمة ضوابط العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية الم�سلمات وهن ي ؤ�دين �صلاة العيد في �أثيوبيا 2التعامل ب أ�دب وخلق: 1غ�ض الب�صر: فيجب على الم�سلم أ�ن لا ينظر إ�لى العورات ،ولا فيكلم المر أ�ة ا ألجنبية وتكلمه ويتعاملان ب أ�دب ينظر �إلى ما يهيج ال�شهوة في النف�س ،ولا يطيل النظر وخلق مع البعد عن كل ما فيه تحريك للغرائز ب�أي إ�لى المر�أة من غير حاجة. طريقة كانت ،ولهذا: وقد أ�مر الله الجن�سين جمي ًعا بغ�ض الب�صر؛ ألنه •نهى الله الن�ساء عن الخ�ضوع بالقول طريق للعفاف وحفظ ا ألعرا�ض ،كما �أن �إطلاق الب�صر والتك�سر فيه مع الرجــال ا ألجانب و�أمــر بلا حدود طريق الآثام والفواح�ش ،فقال تعالىُ } :ق ْل بالقــول الوا�ضح ،فقال تعالــىَ } :فلاَ َت ْخ َ�ض ْع َن َِ�أل ْلْز ُمَك ؤْ� ِىم ِنَليُه َ ْنم َي إ�ُِغ َّن�ُّضالوال َه ِم َْخن ِب َأ�يْب ٌر َ�ِبص َام ِار َِيه ْ ْم�صَوَنَي ُع ْوح ََفن ُظ•و ا َو ُفُق ُرْلو َِلجْل ُُهم ْؤ�ْم ِمَ َذن ِلا َِتك ِبا ْل َق ْو ِل َف َي ْط َم َع ا َّل ِذي ِفي َق ْل ِب ِه َم َر�ٌض َو ُق ْل َن َق ْو ًال َي ْغ ُ�ض ْ�ض َن ِم ْن �أَ ْب َ�صا ِر ِه َّن َو َي ْح َف ْظ َن ُف ُرو َج ُه ّن{ (النور: َم ْع ُرو ًفا{ (ا ألحزاب.)32 : .)31-30 •نهى عن الحركات المثيرة في الم�شي و�إذا ح�صل ونظر الم�سلم م�صادفة فيجب عليه والحركة و إ�ظهار بع�ض �أنواع الزينة ،فقال �صرف نظره عن الحرام ،وغ�ض الب�صر ي�شمل جميع تعالىَ } :و اَل َي ْ�ض ِر ْب َن ِب َ�أ ْر ُج ِل ِه َّن ِل ُي ْع َل َم َما ُي ْخ ِفي َن و�سائل الإعلام والإنترنت ،فيحرم النظر �إلى ما يثير ِم ْن ِزي َن ِت ِه ّن{ (النور.)31 : ال�شهوات ويهيج الغرائز فيها.
247 3تحريم الخلوة: ومعنى الخلوة �أن ينفرد الرجل بالمر�أة ا ألجنبيةفيمكانلايراهمافيه�أحد،وقدحرم الإ�سلام الخلوة ألنها من مداخل ال�شيطان للفاح�شة ،فقال �صلى الله عليه و�سلم�\" :ألا لا يخلون رجل بامر أ�ة إ�لا كان ال�شيطان ثالثهما\" (الترمذي .)2165 4الحجاب: فر�ض الله الحجاب على المر�أة دون الرجل لما أ�ودع فيها من مظاهر الجمال وعوامل ا إلغراء ،مما يجعلها فتنة للرجل �أكثر (لا يخلون رجل ب�إمر أ�ة إ�لا كان ال�شيطان ثالثهما) من �أن يكون الرجل فتنة لها. حدود الحجاب: وقد �شرع الله الحجاب لعدد من الحكم فر�ض الله على المر أ�ة �أمام الرجال ا ألجانب تغطية منها: جميع بدنها إ�لا وجهها وكفيها ،كما قال تعالىَ } :و َال ُي ْب ِدي َن ِزي َن َت ُه َّن ِ�إ َّال َما َظ َه َر ِم ْن َها{ (النور ،)31 :وما ظهر •حتى تتمكن المر أ�ة من أ�داء ر�سالتها في الحياة منها :هو الوجه والكفان ،ومتى ما وجدت فتنة بظهور والمجتمع في المجالات العلمية والعملية على الوجه والكفين فيجب حينئ ٍذ تغطيتهما. خير وجه مع الحفاظ على كرامتها وعفتها. •تقليل وتخفيف فر�ص الغواية والإثارة ل�ضمان طهارة المجتمع من جهة ،ولحفظ كرامة ضوابط الحجاب الساتر: المر�أة من جهة ثانية. يجوز للمر�أة �أن تلب�س ما �شاءت من الأ�شكال •�إعانة الرجال الناظرين إ�لى المر أ�ة على العفة والألوان في الحجاب بال�شروط التالية: والان�ضباط ،فيتعاملون معها ك إ�ن�سان يتمتع 1أ�ن يكون الحجاب �سات ًرا لما يجب تغطيته. بمثل ما يتمتعون به من المقومات الثقافية والعلمية ،لا على أ�نها كتلة من المهيجات � 2أن يكون ف�ضفا ً�ضا وا�س ًعا ولي�س �ضي ًقا يحدد �أع�ضاء الج�سم. الغريزية و�أداة للهو والمتعة فح�سب. 3أ�ن لا يكون �شفا ًفا يظهر �أع�ضاء البدن تحته.
248الأسرة المسلمة الزواج في الإسلام الزواج من �أعظم العلاقات التي أ�كد عليها الإ�سلام ورغب فيها وجعلها �سنة المر�سلين (انظر �ص .)240 وقد اعتنى الإ�سلام بتف�صيل �أحكام الزواج و آ�دابه وحقوق الزوجين بما يحفظ لهذه العلاقة الا�ستمرار والا�ستقرار وتكوين الأ�سرة الناجحة التي ين�ش أ� فيها ا ألطفال با�ستقرار نف�سي وا�ستقامة على الدين وتفوق في جميع مجالات الحياة. ومن تلك ا ألحكام ما يلي: ال ِخطبة كما ينبغي لأهل المر�أة قبول الرجل �إن كان من ينبغي للم�سلم الحر�ص على اختيار المر�أة �أهل الدين والخلق ،وتي�سير زواجه قدر الم�ستطاع، ال�صالحة الخلوقة ذات الدين مع حر�صه على كما قال �صلى الله عليه و�سلم \" :إ�ذا جاءكم من الموا�صفات ا ألخرى؛ ألن المر أ�ة �ستكون أ� ًما لأولاده تر�ضون دينه وخلقه فزوجوه ،إ�لا تفعلوا تكن فتنة في و�شري ًكا في بناء ا أل�سرة ،وقد قال النبي �صلى الله ا ألر�ض وف�ساد كبير\" ( الترمذي ،1084ابن ماجه .)1967 عليه و�سلم حا ًثا على الزواج بالمر أ�ة ال�صالحة والخطبة هي أ�ن يتقدم الرجل لأهل المر�أة م�شي ًرا إ�لى العاقبة الح�سنة لهذا الاختيار\" :تنكح ويطلب الزواج منها ،فهي اتفاق مبدئي عليه ،ووعد المر�أة لأربع :لمالها ،ولح�سبها ،ولجمالها ،ولدينها، بالزواج ،وتعتبر الخطبة �أولى خطوات الزواج. فاظفر بذات الدين تربت يداك\" (البخاري )4802
249 ف�إذا وافق �أهل المر أ�ة ووعدوا الرجل بتزويجه ابنتهم م�ستقب اًل فقد تمت الخطوبة ،وترتب على ذلك عدد من الأحكام: وقد �أ�شار النبي �صلى الله عليه و�سلم إ�لى •ال ِخطبة مرحلة ت�سبق الزواج وتمهد له، ال�سبب في م�شروعية الر ؤ�ية ب�أنه إ�ذا ر آ�ها على وتبقى المر�أة في فترة الخطبة أ�جنبية على طبيعتها ف�أعجبته كان ذلك أ�وثق لا�ستمرار العلاقة الرجل ،فيحرم عليه الخلوة بها وم�سها ،ونحو بينهما بعد الزواج ،ول َّما �س أ�ل النبي �صلى الله عليه ذلك مما يحرم فعله بين الرجل والمر�أة و�سلم �أحد ال�صحابة بعد خطبته�\" :أنظرت �إلى المخطوبة؟ قال :لا ،فقال :انظر �إليها ف�إنه أ�حرى الأجنبية. •ي�شرع للخاطب أ�ن ينظر �إلى مخطوبته كما أ�ن ُي ؤ� َد َم بينكما\" ( الترمذي .)1087 تظهر هي في العادة بين محارمها ،ف ُتظ ِهر: •يحرم على من علم ب�أن امر أ�ة ما مخطوبة الوجه وال�شعر والكفين والذراعين والقدمين أ�ن يتقدم لخطبتها حتى يعلم �أنهم قد ردوا و أ�طراف ال�ساقين وما �أ�شبه ذلك ،ويكون الخاطب ولم يوافقوا عليه �أو تم ف�سخ الخطبة، النظر بق�صد التعرف على طبيعتها وجمالها لقول النبي �صلى الله عليه و�سلم\" :لا يخطب قبل عقد الزواج ،فلا يتكرر ولا يكون معه الرجل على خطبة أ�خيه\" (البخاري.)4848 خلوة بالمخطوبة ،ولا م� ٌّس لبدنها. هدايا الرجل للمر�أة زمن الخطبة لا تعتبر جز ًءا من المهر �إلا إ�ذا اتفقوا على ذلك ،ف إ�ذا ف�سخت الخطبة ألي �سبب فلا ترجع تلك الهدايا
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290