سجيل تيڠڬي اڬام مليسيا َتا ِري ُخ الأَ َد ِب ال َع َربِ ّي َو ُن ُصو ُص ُه لِل َّص ِّف ال َّثالِ ِث ال َّثا َن ِو ِّي لجنة إعداد وتطوير المناهج بالأزهر ال ّشريف 2019 تلاڬ بيرو سنديرين برحد 1 1
الفهرس الصفحة الموضوعات و مقدمة ح الأهداف العامة للكتاب 2 5 الوحدة الأولى 9 10 الوحدة الأولى :النّهضة الأدب ّية في العصر الحديث 12 14 تـمهيد 16 ال ّدرس الأ ّول :عوامل النّهضة الأدب ّية الحديثة 18 20 ال ّطباعة 20 ال ّصحافة 22 البعثات وال ّترجـمة 26 ا ّتساع نطاق ال ّتعليم 33 ال ّدرس ال ّثاني :الأزهر ال ّشريف من أعلام الأزهر ُر ّواد النّهضة الحديثة جت ال ّشيخ حسن الع ّطار ِرفاعة ال ّطهطاو ّي ت ال ّشيخ محمد عب ُده ال ّتدريبات
KEMENTERIAN PENDIDIKAN MALAYSIA ڤڠهرڬاءن NO. SIRI BUKU: 0218 ڤنربيتن بوكو تيک س اين مليبتكن KPM2019 ISBN 978-967-388-500-8 كرجاسام باپق ڤيهق .سكالوڠ بوكو تاريخ الأدب العربي ونصوصه اين اياله تربيتن سمولا يڠ صح ڤڠهرڬاءن دان تريما كاسيه دتوجوكن درڤد تاريخ الأدب العربي ونصوصه للصف الثالث الثانوي اوليه كڤد سموا ڤيهق يڠ ترليبت: لجنة إعداد وتطوير المناهج بالأزهر الشريف يڠ دتربيتكن اوليه قطاع المعاهد الأزهرية دان ڤيهق الأزهر ال ّشريف يڠ ممبنركن كمنترين * جاوتنكواس ڤنمبهباءيقن ڤروف موک سورت ،بهاڬين سومبر دان ڤنديديقن مليسيا سچارا وقف اونتوق توجوان ڤنديديقن دمليسيا. تيكنولوجي ڤنديديقن ،كمنترين © 2017 - 2016م اوليه الأزهر ال ّشريف. ڤنديديقن مليسيا. چيتقن ڤرتام 2019 * جاوتنكواس ڤپيمقن نسخة سديا © كمنترين ڤنديديقن مليسيا كاميرا ،بهاڬين سومبر دان تيكنولوجي ڤنديديقن ،كمنترين ڤنديديقن مليسيا. حق چيڤتا ترڤليهارا .مان ٢باهن دالم بوكو اين تيدق دبنركن دتربيتكن سمولا ،دسيمڤن دالم چارا يڠ بوليه دڤرڬوناكن لاڬي اتاوڤون دڤيندهكن * فڬاواي2بهاڬين سومبر دان دالم سبارڠ بنتوق اتاو چارا ،باءيق دڠن چارا ايليكترونيک ،ميكانيكل، تيكنولوجي ڤنديديقن ،كمنترين ڤڠڬمبرن سمولا ماهوڤون دڠن چارا ڤراقمن تنڤا كبنرن ترلبيه دهولو درڤد كتوا ڤڠاره ڤلاجرن مليسيا ،كمنترين ڤنديديقن مليسيا .ڤرونديڠن ڤنديديقن مليسيا. ترتعلوق كڤد ڤركيراءن رويلتي اتاو هونوراريوم. * سموا ڤيهق يڠ ترليبت سچارا لڠسوڠ اتاو تيدق لڠسوڠ دالم دتربيتكن اونتوق كمنترين ڤنديديقن مليسيا اوليه: منجاياكن بوكو اين. تلاڬ بيرو سنديرين برحد، نومبور ،28جالن تمباڬ ،س د 2/5أ، سري دامنسارا ايندستريال ڤارك، 52200كوالا لومڤور. تيليفون03-62754070 : فكس03-62754110 : لامن ويبtelagabiru.com.my : موک تاءيڤ تيک س :لوتوس لينوتاءيڤ. ساءيز موک تاءيڤ تيک س16:ڤوءينت. دچيتق اوليه: تيهاني چيتق سنديرين برحد، نومبور ،1جالن س ب جاي ،15 تامن ايندوستري س ب جاي ، 47000سوڠاي بولوه، سلاڠور دار الإحسان.
138 ال ّتدريبات 139 ال ّدرس ال ّسابع :قصيدة (أنا) لإيليا أبى ماضي 150 ال ّتدريبات 152 ال ّدرس ال ّثامن :من قصيدة صخرة الـملتقى لل ّشاعر 166 إبراهيم ناجي ال ّتدريبات 169 171 الوحدة ال ّثالثة 172 173 الوحدة ال ّثالثة :فنون النّثر في العصر الحديث 178 181 ال ّدرس الأول :النّثر وفنونه 184 تمهيد 192 199 الـخطابة 203 الكتابة 216 الـمقالة 218 الف ّن القصصي الـمسرحية 228 ال ّتدريبات هجـ ال ّدرس ال ّثاني :من خطبة ال ّشيخ محمد مصطفي المراغي ال ّتدريبات ج ال ّدرس ال ّثالث :مقال يا هادي الطريق جرت!! لأحمد حسن ال ّزيات ال ّتدريبات
الوحدة ال ّثانية الوحدة ال ّثانية :مدارس الـ ّشعر وا ّتـجاهـاته في العصر الحديث 38 ال ّدرس الأ ّول :مدارس ال ّشعر في العصر الحديث 40 مدرسة الإحياء والبعث 41 مدرسة الـمحافظين 44 مدرسة ال ّديوان 46 ال ّتجديد قبل مدرسة ال ّديوان 48 مدرسة شعراء المهجر 50 جماعة أبو ُّللو 52 ال ّتدريبات 55 ال ّدرس ال ّثاني :طيف سـميرة 58 ال ّتدريبات 73 ال ّدرس ال ّثالث :رحلة عابسة لل ّشاعر أحمد محرم 74 ال ّتدريبات 88 ال ّدرس ال ّرابع :من قصيدة نهج البردة لل ّشاعر أحمد شوقي 90 ال ّتدريبات 105 ال ّدرس الخامس :من مسرح ّية ك ّليوباترا لأمير ال ّشعراء 107 أحمد شوقي ال ّتدريبات 122 124 ال ّدرس ال ّسـادس :من قصيدة رثاء مي زيادة لل ّشـاعر :ع ّباس محمود الع ّقاد دث
وقد تناول الكتاب أبرز جوانب الأدب شعره ونثره في العصر الحديث بداية ِمن واقع الأدب قبل عصر النّهضة (العصر العثمان ّي) ،ث ّم عوامل النّهضة الأدب ّية الحديثة، ودورالأزهر وشيوخه في إحداث تلك النّهضة ،ودفعها إلى الأمام ،كما تناول أه ّم مدارس ال ّشعر بال ّدراسة ،وعالج فنون النّثر المختلفة ِمن خطابة ومقالة وق ّصة ومسرح ّية، واختار الكتاب عددا ِمن النّصوص ال ّشعر ّية والنّثر ّية ا ّلتي تم ّثل مختلف الا ّتجاهات والمدارس الأدب ّية ،لتكون موض ًعا لل ّدراسة كي تكشف لل ّطالب أبرز معالم أدب هذا العصر ،وتج ّلى أمام ناظريه قر ًنا ِمن الإبداع ،وعصرا ِمن ال ّتاريخ الأدب ّي ،وقد اشتمل الكتاب على عدد ِمن ال ّتدريبات المتن ّوعة راعت الأهداف ال ّتربو ّية العا ّمة ا ّلتي وضعها وأشرف عليها نخبة ِمن أساتذة ال ّترب ّية. ز1 1
مقدمة الحمد لله حم ًدا يوافي مزيد آلائه ،ويكافئ وافر نعمائه ،وال ّصلاة وال ّسلام على أفصح من نطق بلسان عربي مبين محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه ومن سلك مسلكه ،ونهج منهجه ،واقتفي أثره إلى يوم ال ّدين ،وبعد... فإن دراسة الأدب ليست تقويما للسان ،وتهذيبا للجنان فحسب ،بل إ ّنها مطية المسلم إلى فهم قرآنه ،ولغة نبيه وما انطوت عليه من صور أدب ّية عميقة ،دفعت العرب ّي المشرك -لسلامة لغته -إلى أن يق ّر بنصاعة بيان القرآن وإعجاز لغته. ومتى ابتعدنا عن دراسة آدابنا فقد تم ّكنت منا ال ُعجمة ،وصار بيننا وبين القرآن الكريم حاجز ،نقرأه فلا ندرك مواطن الجمال ولا أسرار الإعجاز فيه ،بل صار أكثرنا لا يدرك ح ّتى معانيه. ِمن هنا كانت دراسة ال ّلغة واجبا شرع ّيا ليتح ّقق معنى الإيمان بإعجاز لغة القرآن ،فكيف يؤمن بإعجاز ال ّلغة َمن َج ِهلها ،وضرورة حضار ّية إذ لا حضارة بلا هو ّية، ولا هو ّية بلا عرب ّية ،وإذا كانت المعرفة هي ا ّلتي تش ّكل عقولنا ،فالف ّن لاسيما الأدب ِمنه هو ا ّلذي يش ّكل وجداننا ،وما أحوجنا إلى وجدان نابض ُيعلى اله ّمة لتنهض الأ ّمة. و ِمن بين عصور تاريخ الأدب يأتي العصر الحديث كإحدى حلقات سلسلة العصور الأدب ّية المتتابعة وفق ال ّتقسيم البحث ّي لتاريخ الأدب إلى ع ّدة عصور تبدأ بالعصر الجاهل ّي وصولا لأدب العصر الحديث. و
ال َمنْ َه ُج ال َو ْح َد ُة الأُ ْو َلى النَّ ْه َضـ ُة الأَ َدبِ َّيـ ُة فِي ال َع ْص ِرال َح ِدي ِث ال َو ْح َد ُة ال َّثانِ َي ُة َمــ َدا ِر ُس ال ِّشــ ْع ِر َوا ِّت َجا َها ُتــه فِـي ال َع ْصـ ِر ال َح ِديـ ِث ال َو ْح َد ُة ال َّثالِ َث ُة ُفنُــو ُن النَّ ْثــ ِر فِــي ال َع ْصــ ِر ال َح ِديــ ِث 1 1
الأهداف العا ّمة للكتاب 1إدراك ال ّط ّلب العوامل ال ّرئيسة في نهضة الأدب العرب ّي الحديث (شعره ونثره). 2تعريف ال ّط ّلب بأشهر ُر ّواد النّهضة الأدب ّية الحديثة. 3تعريف ال ّط ّلب بدور الأزهر في الحياة الأدب ّية. 4فهم ال ّط ّلب لأه ّم ا ّتجاهات الأدب العرب ّي الحديث (شعره ونثره). وقوف ال ّط ّلب على ال ّسمات العا ّمة المم ّيزة للأدب العرب ّي الحديث (شعره ونثره). 5 تعريف ال ّط ّلب بالفنون والمدارس الأدب ّية الحديثة ،ومكانة الأدب العرب ّي ِمنها. 6 7 لجنة تطوير المناهج بالأزهر ال ّشريف 8 عقد موازنة بين مدارس ال ّشعر في العصر الحديث. وقوف ال ّط ّلب على ألوان الأدب المختلفة ِمن ق ّصة ومقالة ومسرح ّية...إلخ، وذلك عن طريق فهم خصائص ك ّل لون ِمن هذه الألوان وإدراك ما فيها ِمن جمال. 9حفظ وتذ ّوق ال ّط ّلب لبعض النّصوص ال ّشعر ّية والنّثر ّية. أح
بعد الانتهاء ِمن هذه الوحدة ينبغي أن يكون ال ّطالب قاد ًرا على أ ْن: 1يح ّدد الخصائص العامة للأدب في العصر الحديث. ُ 2يع ّد جدولا يب ّين أثر ك ّل ِمن :ال ّطباعة ،ال ّصحافة ،ال ّترجمة ،ا ّتساع نطاق ال ّتعليم. 3يشرح دو َر الأزه ِر ال ّشريف في النّهضة الأدب ّية في العصر الحديث. 4يتع ّرف ال ّط ّلب على أشهر ُر ّواد النّهضة الأدب ّية الحديثة. 5يح ّدد عوامل النّهضة الأدب ّية الحديثة. 3 3
الوحدة الأولى النّهضة الأدب ّية في العصر الحديث 2
تمهيد يؤ ّرخ ُنقاد العصر الحديث للأدب العرب ّي مع ميلاد النّهضة الحديثة ا ّلتي أخذت تتد ّرج ِمن أواخر القرن ال ّثامن عشر وبدايات القرن ال ّتاسع عشر عبر ثلاث مح ّطات بارزة: الم ح ّطة ا لأولى الحملة الفرنس ّية على مصر سنة ١٧٩٨م ،ول ْم يط ْل مكثها في مصر أكثر ِمن ثلاث سنوات ،فكان الجلاء عن مصر عام ١٨٠١م ،وكانت الحملة الفرنس ّية بقيادة نابليون بونابرت أ ّول لقاء بين المصر ّيين والفر ْنجة منذ عصر صلاح ال ّدين الأ ّيوب ِّي، وشتان ما بين العهدين ففي أوائل العهد الأ ّيوب ِّي كانت مصر مهد العروبة وحاضرة الإسلام، ورمز الحضارة ،وعلى نقيض ذلك كان حالها حين طرق الاحتلال الفرنس ّي بابها ،وهي ضعيفة هاوية في خضم الجهل والغفلة والفقر ،وفي الوقت ا ّلذي واجه فيه المصر ّيون الحملة الفرنس ّية بوصفها عد ّوا غاز ًيا ،أثار انتباههم وح ّرك تفكيرهم ما رأوه مع تلك الحملة ِمن مظاهر حضار ّية لم يعهدوها ِمن قبل ،فكانت دهشة المصر ّيين ج ّد عظيمة م ّما رأوا ِمن مظاهر هذه ال َم َدن ّية الجديدة ،إذ أنشأ نابليون مسرحا لل ّتمثيل كانوا يم ّثلون فيه رواية فرنس ّية ك ّل عشر ليال، وأنشأوا مدرستين لأولاد الفرنس ّيين ،وأصدروا جريدتين بالعرب ّية والفرنس ّية ،وأ ّسسوا مكتبة عا ّمة ،ومعملا للورق ،وأ ّسسوا مراصد فلك ّية ،وأماكن للأبحاث ال ّرياض ّية ،والنّقش وال ّتصوير في حارة النّاصر ّية ،وأقاموا المجمع العلم ّي المصر ّي على نظام المجمع العلم ّي الفرنس ّي في أغسطس سنة ١٧٩٨م ،أ ّلفه نابليون بونابرت ِمن ثمانية وأربعين عضوا يم ّثلون فروع العلم والمعرفة ،كما أنشأوا ال ّدواوين في مصر وال ُمدن الكبرى ،لكنّهم ظ ّلوا المحت ّل الغازي ا ّلذي يفرض ال ّضرائب ،ويغتصب الخيرات ،ويستب ّد بمقدرات البلاد ،فثار عليهم المصر ّيون في أكتوبر سنة ١٧٩٨م ،فأخمدوا ثورتهم في قسوة عارمة ،وانتهكوا حرمات المساجد بخيلهم، وعبثا حاول نابليون استمالتهم إ ّل أ ّنه فشل هو ومن تبعه ِمن قيادات للحملة ،واضط ّرت للج ّلء عن مصر. 5 5 تمهيد
موضوعات الوحدة الأولى ال ّدرس الأ ّول عوامل النّهضة الأدب ّية الحديثة: ال ّطباعة ال ّصحافة البعثات وال ّترجمة ا ّتساع نطاق ال ّتعليم ال ّدرس ال ّثاني أثر الأزهر ال ّشريف في النّهضة الحديثة، ودور أعلامه ُر ّواد النّهضة الأدب ّية الحديثة: ال ّشيخ حسن الع ّطار ِرفاعة ال ّطهطاو ّي محمد عب ُده 4 الوحدة الأولى
ال مح ّط ة ال ّثالث ة وتتم ّثل في حكم ال ُخديو ّي إسماعيل ا ّلذي استجاب لل ّروح المصر ّية ،فظهرت النّزعة القوم ّية المصر ّية لأ ّول م ّرة ،وأصبح العلم للعلم ،وليس لتأسيس الجيش وخدمته كما كان الأمر في عهد محمد عل ّي ،فأنشأ المكتبة ال ُخديو ّية ،ودار الأوبرا، وأكثر ِمن المدارس الابتدائ ّية وال ّثانو ّية ،وأقام أول مدرسة للبنات ،وافتتحت قناة ال ُّسويس في عهده ا ّلتي ق ّربت المسافات الما ّد ّية والمعنو ّية بين ال ّشعوب ال ّشرق ّية والغرب ّية ،وكان لها أكبر الأثر في تشكيل مستقبل مصر الحديث ،وتوجيه نظر المستعمر الغرب ّي إليها ،فكانت إحدى أسباب تض ُّخم ال ّدين الخارج ّي والامتيازات الأجنب ّية وال ّتد ُّخل الغرب ّي وصولا إلى الاحتلال الإنجليز ّي لمصر ،ونِضال المصر ّيين من أجل الاستقلال ،فثورة ١٩٥٢م وما تبعها ِمن تأميم لقناة ال ُّسويس ث َّم النّكسة ث َّم حرب العاشر ِمن رمضان ،فأبرز الأحداث في تاريخ مصر الحديثة ارتبطت بقناة ال ُّسويس مشروع إسماعيل للنّهضة بمصر. *** الأعلام المفردات الكلمة تضخم ال ُخ َد ْي ِو ّي إسماعيل المعنى الاحتلال 7 نضال ع ُظمت وا َّتسعت 7 ُد ُخوأ َرلاا ِلبضيل ََاهاِد َقوْهالر ًاا َْوستِ َغي ْلز َاًو ُءا َع َل الاستقلال تمهيد ال ِّد َفا َع َق ْولاً َوفِ ْعل ًا استكمال الدولة سيادتها وانفرادها بتدبير شؤونها الداخلية والخارجية بنفسها لا تخضع في ذلك لوصاية أو رقابة دولة أخرى عليها
كانت الحملة الفرنس ّية هزة عنيفة لمصر ،أيقظتها ِمن سباتها ال ّطويل العميق ليروا ما آلت إليه الأمم ِمن تق ّدم فكر ّي ونهضة علم ّية ،واستحداث لنظم إدار ّية ،وأدركوا أ ّنهم يعيشون في عزلة الجهل وال ّظلام ،م ّما كان دافعا إلى ال ّتفكير في إحداث نهضة شاملة ،انعكست على الحياة الأدب ّية. وتش ّكلت فيها الكثير ِمن معالم النّهضة ومظاهرها ،وت ّوفر الم ح ّطة ا ل ّثانية في تلك المح ّطة الكثير ِمن العوامل الباعثة على ال ّتم ُّدن وال ّتطوير ،وتتم ّثل في حكم محمد عل ّي لمصر ،فبعد أن استولى على عرش مصر ،ونجح في الانفراد به بال ّتخلص ِمن الخصوم وال ّشركاء سعى جاهدا لإقامة دولة قو ّية خالصة لنفسه وذ ّريته ِمن بعده ،وقد استفادت مصر فترة حكمه ِمن مجهوداته في ش ّتى المجالات ،وإن حكمها حكما فرد ّيا ملك ّيا. ا ّتخذ محمد عل ّي ِمن ال ّدولة الغرب ّية نموذجا يحت َذى ،وأخذ يؤ ّسس لدولة مصر الحديثة على أسس ال ّدول الأورب ّية ،فأنشأ الجيش ،واهت ّم بال ّصناعة وال ّزراعة فش ّق لها ال ّترع والمصارف، ون ّظم أعمال ال ّري ،واستحدث نظاما إدار ّيا يربط ال ُمدن وال ُقرى ،ورأى أ ّن أه ّم وسائل تحقيق النّهضة هو ال ّتعليم ،فكانت البعثات في عهده لأ ّول م ّرة ،وفتحت المدارس ،وتأ ّسست المطبعة وال ّصحافة ،و ُت ْر ِج َمت العلوم والآداب. الأعلام المفردات محمد علي باشا المسعود بن إبراهيم المعنى الكلمة آغا القوللي هزة ال َّت َأ ُّث ُر بِ َت َح ُّر ِك النَّ ْف ِس العميق َث ِقي ٌل النّهضة الوثب ُة في سبيل التق ّدم الاجتماعي َأو غيره ال ّتمدن ُدخو ُل ُه في َم ْرو َاحل َل ُعِة ْمالرُّار ِقِن ِّي والحَضا َر ِة ال ّتطوير َت ْع ِدي ُل َها َو َ ْت ِسينُ َها إِ َل َما ُه َو َأ ْف َض ُل 6 الوحدة الأولى
ال ّدرس الأ ّول عوامل ال ّنهضة الأدب ّية الحديثة أهداف ال ّدرس: بنهاية ال ّدرس يتوقع أن يكون ال ّطالب قاد ًرا على أ ْن: 1يب ّين أثر ال ّطباعة في الحياة الأدب ّية في مصر. 2يوازن ب ْين أثر ك ّل ِمن ال ّترجمة وال ّصحافة في النّهضة الأدب ّية الحديثة. 3يو ّضح الآثار المتر ّتبة على انتشار ال ّتعليم في زيادة الوعي بالأدب وفنونه. 4يشرح دور الأزهر في الحياة المصر ّية بصفة عا ّمة ،والحياة الأدب ّية بصفة خا ّصة. 9 9
الخريطة ال ّذهن ّية يؤ ّرخ نقاد العصر الحديث للأدب العرب ّي مع ميلاد النّهضة الحديثة ا ّلتي أخذت تتد ّرج ِمن أواخر القرن ال ّثامن عشر وبدايات القرن ال ّتاسع عشر عبر ثلاث مح ّطات بارزة: المح ّطة ال ّثالثة المح ّطة ال ّثانية المح ّطة الأولى تتم ّثل في حكم تتم ّثل في حكم محمد تتم ّثل في الحملة الفرنس ّية ال ُخديو ّي إسماعيل. عل ّي لمصر. على مصر سنة ١٧٩٨م. أه ّم الإنجازات ا ّلتي العوامل الباعثة على 1 تحق ّقت في عهده التمدن والتطوير الم ّدة ا ّلتي مكثتها فيها. 2 الجلاء عنها. 3 حال مصر في تلك الفترة. 4 مظاهر حضارة تلك الحملة لم يعهدوها من قبل. 5 الظروف ا ّلتي ت ّم فيها الجلاء الحملة الفرنس ّية عن مصر. 8 الوحدة الأولى
ول ْم تقف المطابع العرب ّية عند الكتب القديمة وال ّدواوين بل أخذت تنشر بين النّاس الكتب الغرب ّية ا ّلتي ترجمها أعلام المصر ّيين ِم َّمن حذقوا ال ّلغات الأجنب ّية ،وكان أكثرها في النّصف الأ ّول ِمن القرن ال ّتاسع عشر كتبا علم ّية ،ولم تلبث أن زاحمتها في النّصف ال ّثاني ال ّروايات والكتب الأدب ّية. فكانت المطبعة عام ًل عظي ًما في إيقاظ العقل المصر ّي ،وتوجيهه إلى مثل جديدة في ال ّلغة والأدب والفكر ،ولا نستطيع أن نقف وقو ًفا بينًا على خطر هذا العامل إ ّل إذا و ّجهنا النّظر إلى ال ّطريقة ا ّلتي كان ينشر بها الأدب قبل ظهور المطبعة ،فقد كان الأدباء يعتمدون في ذلك على النَّسخ باليد ،وكان النّسخ يك ّلف أثمانا باهظة ،ويستغرق وقتا طويلا ،وكان َمن يحصل على النّسخ المخطوطة ق ّلة محدودة تكاد تحتكر الحياة الأدب ّية والفكر ّية ،فل ّما ظهرت المطابع عملت على نشر الكتاب الواحد مئات النّسخ بل آلاف النّسخ ،فأتيح لجمهور كبير ِمن ال ّشعب أن يطلع عليه ويفيد منه ،وفتحت المكتبات في ك ّل مكان لبيع الكتب ونشرها ،كما ُأنشئت دور الكتب العا ّمة أمام المتع ّلمين؛ ليقرأوا فيها ما لا يقدرون على شرائه .فأقام عل ّي مبارك سنة ١٨٧٠م دار الكتب المصر ّية ،وز ّودها بالكتب في مختلف الآداب والعلوم والفنون ،ولم يكت ِف بالكتب العرب ّية ،بل ض ّم إليها طائفة كبيرة ِمن كتب ال ّلغات الغرب ّية ،وم ّما زاد ِمن أهم ّية ال ّطباعة في تثقيف ال ّشعب ا ّتساع دائرة ال ّتعليم منذ عصر إسماعيل ،فك ُثر الجمهور القارئ ا ّلذي تخاطبه ،واستطاع أن ُيفيد منها و ِمن آثارها ،فكان ل ّما نشرته ال ّطباعة ِمن أدبنا القديم، والمترجمات عن الآداب الغرب ّية أثر كبير في نهضة الحياة الأدب ّية. المفردات الكلمة المعنى تحتكر تثقيف ال ّشعب جمعها لينفرد بال َّتص ّرف فيها تعليم ال ّشعب 11 ال ّدرس الأ ّول 11
ال ّطباعة ُعرفت المطبعة في أوربا منذ القرن الخامس عشر ،وطبع الأورب ّيون بها الكتب العرب ّية أو أخذوا يطبعونها بها منذ القرن ال ّسادس عشر ،وعنهم نقلتها تركيا في القرن ال ّسابع عشر، فطبعت عددا محدودا ِمن الكتب العرب ّية لا تزيد على أربعين كتابا منها :القاموس ال ُمحيط، وكافية ابن الحاجب ،كما نقلتها ُسوريا في القرن ال ّثامن عشر ،أ ّما مصر فظ ّل ْت لا تعرفها، ح ّتى كانت الحملة الفرنس ّية في أواخر القرن ال ّثامن عشر ،وأوائل القرن ال ّتاسع عشر ،فنقلت ال ّطباعة إلى مصر ،واستخدمتها في منشوراتها. غادرت المطبعة العرب ّية مصر مع جلاء الحملة الفرنس ّية ،ح ّتى إذا كان عهد محمد عل ّي ُأنشئت أ ّول مطبعة مصر ّيةُ ،عرفت بمطبعة بولاق ،قام المشرفون عليها بطبع الكتب العرب ّية وال ّترك ّية ،وصحيفة الوقائع المصر ّية النّاطقة بمراسيم ال ّدولة متم ّثلة في شخص محمد عل ّي، و َل ْم َي ُكن ا ّتجاه ال ّطباعة في عهد محمد عل ّي أدب ّيا ،إذ كان اهتمامه بالعلوم والجيش والإدارة؛ لذا كان نتاج مطبعة بولاق أول الأمر علميا بحتا ،ح ّتى كان عهد إسماعيل فأخذت مطبعة بولاق في طباعة الكتب الأدب ّية القديمة مشاركة في نهضة أدب ّية بدأت تتنامى ،وتشت ّد في المجتمع المصر ّي. ولا نتق ّدم في النّصف ال ّثاني من القرن ال ّتاسع عشر ح ّتى تكثر المطابع ،ويكثر طبع الكتب العرب ّية القديمة ودواوين ال ّشعر العباس ّية وغيرها ،فطبعت رسائل الجاحظ ،وكليلة و ِدمنة ،وكتابات ابن خلدون ،م ّما كان له تأثير بالغ في الحياة الأدب ّية ،فا ّطلع الأدباء في هذه الكتب والآثار القديمة ا ّلتي طبعت على نماذج وأعمال أدب ّية لم يكونوا يعرفونها ،ورأوا أساليب مرسلة جديدة عليهم غير ا ّلتي أ ّلفوها في عصرهم ِمن الكتابات المتك ّلفة المملوءة بال ّسجع وألوان البديع. 10 الوحدة الأولى
سرعان ما استعادت نشاطها وقوتها ،فأنشأ ال ّشيخ عل ّي يوسف صحيفة المؤ ّيد ،وأنشأ الأفغان ّي ومحمد عب ُده ال ُعروة الوثقى ،ث ّم كان لنشأة الحياة البرلمان ّية وظهور الأحزاب السياس ّية أثر كبير في إثراء ال ّصحافة ،فتع ّددت ال ّصحف بتع ّدد الأحزاب ،فأصدر مصطفى كامل جريدة ال ّلواء، وأصدر حزب الأمة جريدة \"الجريدة\" ،ومصر الفتاة ،ث ّم توالى إصدار المجلات المتن ّوعة منها الأسبوع ّي والشهر ّي ،و ِمن أه ّمها المقتطف ،والهلال ،والسياسة الأسبوع ّية ،والبلاغ الأسبوع ّي ،والكاتب المصر ّي ،والكتاب ،وال ّرسالة ،وال ّثقافة. وقد نجحت ال ّصحافة في إحداث تح ّول واسع نحو النّهضة الأدب ّية الحديثة ،فعالج الأدب موضوعات سياس ّية واجتماع ّية واقتصاد ّية لا عهد لأدبنا القديم بها ،واستحدثت ال ّصحافة فنونا أدب ّية لم يكن لنا عهد بها من المقالة ،والق ّصة ،والأقصوصة ،والخاطرة ،كما نما في ظ ّلها عدد كبير ِمن الك ّتاب وال ّشعراء نهلوا منها ،واستفادوا ِمن لغتها ،وظهر الأسلوب المرسل في الكتاب ا ّلذي يهت ّم بالمعنى بعيدا عن ال ّتق ّيد بال ّسجع والبديع وغيره ِمن الحلى ال ّلفظ ّية والمعنو ّية المتك ّلفة ،وانحسرت ال ّلغة العا ّمية في الكتابة ،وعادت ال ّلغة الفصحى على نِطاق واسع ،وأصبح الأدب -بفضل ال ّصحافة -تعبيرا عن الوجدان الجماع ّي ،والأفكار المشتركة ،أكثر ِمن كونه فرد ّيا ذات ّيا كما كان في الأدب القديم ،كما خ ّلفت ال ّصحافة كثيرا ِمن الكتب الأدب ّية ا ّلتي كانت مقالات ث ّم جمعت في كتب ،منها :وحي القلم لمصطفى صادق ال ّرافعي ،وحديث الأربعاء لطه حسين ،وفيض الخاطر لأحمد أمين. كتاب وحي القلم لمصطفى صادق ال ّرافعي 13 ال ّدرس الأ ّول 13
ال ّصحافة عرف المصر ّيون ال ّصحافة لأ ّول مرة مع مجيء الحملة الفرنس ّية ا ّلتي أصدرت صحيفتي العشار المصر ّي ،وبريد مصر ،وقد صدرتا بال ّلغة الفرنس ّية؛ لذا ل ْم َي ُك ْن لهما أثر في ال ّشعب المصر ّي ،ا ّلذي رأى في ال ّلغة الفرنس ّية لغة المحت ّل الأعجم ّية ا ّلتي يجهلها. فل ّما جاء محمد عل ّي أصدر أ ّول صحيفة عرب ّية سنة ١٨٢٢م باسم جورنال ال ُخديو ّي، ث ّم تغ ّير اسمها إلى الوقائع المصر ّية ،وكانت تصدر أول الأمر بالعرب ّية وال ّترك ّية ،ث ّم قصرها ِرفاعة ال ّطهطاو ّي حين أسندت إليه على ال ّلسان العرب ّي ،وكانت تشتمل بجانب الأخبار الحكوم ّية على بعض ال ّطرائف الأدب ّية ،وكانت صحيفة رسم ّية ناطقة باسم ال ّدولة متم ّثلة في شخص محمد عل ّي ،ول ْم يك ْن قد تك ّون بعد ال ّرأي العام المصر ّي. ث ّم تو ّقفت جريدة الوقائع المصر ّية ،وتج ّمدت ال ّصحافة في عهدي ع ّباس وسعيد (١٨٦٣ -١٨٤٩م) لعزوفهما عن النّهضة ووسائلها ،ح ّتى استأنفت نشاطها في عهد إسماعيل، فتضافرت عوامل عديدة على نهضتها منها اهتمام نظارة المعارف في عهد عل ّي مبارك بإخراج جريدة روضة المدارس ا ّلتي اهتمت بإحياء الآداب العرب ّية ،ونشر المعارف والأفكار ،وأشرف عليها ِرفاعة ال ّطهطاو ّي ،وتبع ذلك صدور َم َج َّلة ال َي ْع ُسوب أ ّول مج ّلة علم ّية تهت ّم بال ّطب والعلوم ،أصدرها ال ّطبيبان محمد عل ّي البقلي وإبراهيم الدسوقي عام ١٨٦٥م ،ث ّم عرفت مصر لأ ّول م ّرة ال ّصحافة السياس ّية عقب نمو الحركة القوم ّية ا ّلتي أغضبتها سياسة ال ُخديو ّي إسماعيل المتو ّسعة في الاقتراض ِمن الغرب ،فأصدرت جريدة وادي النيل لعبد الله أبي ال ّسعود ،ونزهة الأفكار لمحمد عثمان وإبراهيم المويلح ّي ،وال ّتنكيت وال ّتبكيت لعبد الله النّديم. وم ّما أسهم أيضا في نشاط حركة ال ّصحافة طوائف ال ّسور ّيين واللبنان ّيين ا ّلذين نزحوا إلى مصر ،وأسهموا في مسيرة الإصلاح بأقلامهم ال ّصحف ّية ،فأصدر أديب إسحاق وسليم نقاش جريدة المحروسة ،وأصدر بشارة تقلا وسليم تقلا جريدة الأهرام والمقطم ،ومع بداية الاحتلال الإنجليز ّي لمصر أغلقت أكثر ال ّصحف وخمد صوت المصر ّيين الوطن ّي إ ّل أ ّنه 12 الوحدة الأولى
البعثات وال ّترجمة لم يحدث ا ّتصال ثقاف ّي بين مصر وأوربا طِوال حكم الأتراك ح ّتى كانت الحملة الفرنس ّية على مصر ،فتع ّرف المصر ّيون على الفرنس ّيين وثقافتهم لكن على نحو محدودَ ،ف ُه ْم الغزاة ا ّلذين واجههم المصر ّيون ،وثاروا على ظ ّلمهم خلال ثلاث سنوات أقامتها الحملة الفرنس ّية في مصر. أ ّما الا ّتصال الحقيق ّي فكان عن طريق البعثات وال ّترجمة في عهد محمد عل ّي ا ّلذي أراد أن يقيم دولة قوية قوامها الجيش ،ورأى أ ّن ِمن أقوى العوامل ا ّلتي تساعده على تحقيق ذلك أن يأخذ عن الغرب علومه وفنونه ،فأنشأ محمد عل ّي مدرسة لتعليم المبعوثين ال ّلغة الفرنس ّية في باريس ،ظ ّلت تعمل ح ّتى ُأغلقت سنة ١٨٤٨م. وأوفد أول بعثة إلى باريس ،وكان أكثرها ِمن غير المصر ّيين إ ّل ق ّلة ِمن طلبة الأزهر، وقد سافرت هذه البعثة وعددها أربعة وأربعون طالبا سنة ١٨٢٧م ،وكان إمامها طالبا أزهر ّيا، كان له أثره بعد ذلك في النّهضة الحديثة بتأسيسه لحركة ال ّترجمة ،وهو ِرفاعة ال ّطهطاو ّي، وقد عاد أفراد البعثة مز َّودين بثقافة واسعة في مختلف الفنون ِمن ط ّب وهندسة وفلك وغيرها ِمن علوم ،ث ّم توال ْت البعثات ِمن ال ّط ّلب المصر ّيين إلى فرنسا وغيرها ِمن البلاد الأورب ّية، وتخ ّصص المبعوثون في فروع العلم والأدب ،وكان لهم آثار جليلة في النّهضة الحديثة بما أ ّلفوا ِمن كتب ،وما نقلوا ِمن آثار الغرب ِمن العلم والأدب. و ِمن أه ّم أسباب النّهضة الأدب ّية ال ّتبادل ال ّثقاف ّي وتلاقح الأفكار ا ّلذي وفر ْته حركة ال ّترجمة ا ّلتي نشطت نشاطا ملحوظا في العصر الحديث ،وكان الغرض منها في بداية الأمر نقل العلوم ال ّتطبيق ّية ِمن ال ّط ّب وال ّطبيعة وال ّرياض ّيات والهندسة إلى المدارس ا ّلتي أنشأها محمد عل ّي ،ث ّم تو ّسعت حركة ال ّترجمة لتشمل الآداب والفنون في عهد إسماعيل ،ف ُأنشئت عدة مدارس ومعاهد ومكاتب متخ ّصصة في ف ّن ال ّترجمة وتعليم ال ّلغات الأجنب ّية ،كمدرسة الألسن 14 الوحدة الأولى 14
عام ١٨٣٦م ،ومدرسة دار العلوم ال ّتوفيق ّية ا ّلتي أنشأت سنة ١٨٨٠م ،وأقيم سنة ١٨٨١م مكتب لل ّترجمة وال ّتحرير برئاسة أديب إسحاق تح ّول فيما بعد إلى مدرسة المع ّلمين ال ُخديو ّية؛ لتخرج نخبة ِمن المدرسين المتخ ّصصين في ال ّلغات الأجنب ّية ١٨٨٩م. وم ّما ساعد على ازدهار حركة ال ّترجمة اللبنان ّيون والسور ّيون ا ّلذين نزحوا إلى مصر، وكان ا ّتصال هؤلاء بالآداب الغرب ّية أقوى ِمن المصر ّيين ،فل ْم يهتم ال ّشوام في ا ّتصالهم بالغرب بنقل العلوم كما حدث من المصر ّيين في عهد محمد عل ّي ،فكان اهتمامهم منص ًّبا على الآداب والفنون ،فنقلوا للأدب العرب ّي مئات المسرح ّيات والقصص الغرب ّية المترجمة ،و ِمن هؤلاء نجيب ح ّداد ،وخليل مطران ،ويعقوب صنوع ،وطانيوس عبده ،فأصدروا مج ّلت اهت َّمت بترجمة ونشر ال ّروايات الغرب ّية ال ّشهيرة ِمن أمثال :مج ّلة مسامرات ال ّشعب ،والراوي. وقد تركت ال ّترجمة أثرا عظيما في الأدب العرب ّي الحديث ،فأخذ تيار الفكر الغرب ّي يسرى في تضاعيف شعره ونثره ،وظهرت المدارس النّقد ّية تبعا لذلك ،وازدهرت فنون النّثر الحديث محاكية نظائرها في الغرب ،فكانت الأجناس الأدب ّية الجديدة الق ّصة والمسرح ّية والمقالة. المفردات الكلمة اتصال المعنى الأتراك الا ْلتِ َقا َء الغزاة جمع ُّت ْرك ُّي تلا ُقح الأفكار جمع غازي :فاتح ،محتاج نخبة نزحوا تبادل استفادة الأفكار بعضها من بعض أو اجتماعها محاكية لتوليد أفكار أسمى مسرحية المختا ُر من كل شيء ال ّدرس الأ ّول اِ ْن َت َق ُلوا مشا ِ َبة قصة ُم َع َّدة للتمثيل على المسرح 15
الحكومة عدة مدارس ثانو ّية منها مدرسة رأس ال ّتين ،والمدرسة ال ُخديو ّية ،وأعادت ديوان المدارس نواة وزارة المعارف (ال ّتربية وال ّتعليم) بعد أن ألغاه ال ُخديو ّي سعيد ،ليشرف على ال ّتعليم ويرعاه. ونمضي في القرن العشرين فإذا بالاحتلال الإنجليز ّي جاثم على قلب مصر لعقود ِمن ال ّزمن ،لكن إرادة المصر ّيين في المعرفة وال ّتعلم ل ْم تضعف ،فاستجاب المصر ّيون لل ّدعوة ا ّلتي أطلقها سعد زغلول ومصطفى كامل بضرورة أن يكون هناك جامعة أهل ّية ،وجمعت تب ّرعات ضخمة لتأسيس الجامعة المصر ّية ،وفتحت الجامعة أبوابها لتد ّرس ال ّتاريخ والفلسفة والأدب، وانتقلت مصر بها في حياتها العقل ّية نقلة كبيرة ،فهي لا تدرس العلم والأدب لإنشاء جيش أو طبقة من مو ّظفي ال ّدواوين أو معلمي ال ّلغات في المدارس كما كان الأمر في أ ّول عهد النّهضة زمن محمد عل ّي ،وإ ّنما تدرس العلم والأدب طلبا للمعرفة وحرصا على ال ّدخول إلى آفاق جديدة ِمن ال ّرق ّي وال ّتم ّدن ،وبدأ يتش ّكل من المتع ِّلمين ق ّوة دافعة لإحداث نهضة في مختلف مناحي الحياة. الخريطة ال ّذهن ّية عوامل النّهضة الأدب ّية الحديثة ا ّتساع نِطاق ال ّتعليم البعثات وال ّترجمة ال ّصحافة ال ّطباعة الا ّتصال ال ّثقاف ّي بين حال ال ّتعليم في القرن ال ّتاسع نشأة ال ّصحافة في مصر تاريخ نشأة ال ّطباعة مصر وأوروبا عشر وأثره على النّهضة الأدبية أثر ال ّطباعة في النهضة العوامل ا ّلتي ساعدت على الأدبية الحديثة في مصر نهضة ال ّصحافة في مصر النّهوض بال ّثقافة عن التعليم في القرن العشرين طريق البعثات وال ّترجمة أثر ال ّصحافة في النهضة الأدبية الحديثة في مصر 17 ال ّدرس ال ّثاني 17
ا ّتساع نطاق ال ّتعليم أقبل القرن ال ّتاسع عشر ولا يزال ال ّتعليم في مصر مقصو ًرا على الكتاتيب ا ّلتي تعلم النّاشئة القرآن الكريم ،ور ّبما جاوز بعضها ذلك إلى تحفيظ بعض المتون العلم ّية ،بجوار الأزهر ال ّشريف يرسل بصيصا من نور يضيء جوانب الحياة العلمية إضاءة ضعيفة شاحبة ،ولم يكن لذاك ال ّتعليم أن يحدث النّهضة العلم ّية والأدب ّية ،ح ّتى كان عهد محمد عل ّي ا ّلذي ما إن استق َّر ْت له الأمور ح ّتى أخذ في إنشاء المدارس وبدأ بال ّدراسة العسكر ّية ،ث ّم بدراسة ال ّطب، وهذه ال ّدراسة وإن كانت علم ّية فقد كان لها أثر في النّهضة الأدب ّية من ناحيتين: الاتصال بال ّثقافة الغرب ّية عن طريق الأساتذة ا ّلذين استقدمهم محمد عل ّي الأولى لل ّتدريس ،وعن طريق الكتب ا ّلتي ُترجم ْت. تطويع ال ّلغة العرب ّية لترجمة تلك الكتب العلم ّية ا ّلتي أريد نقلها إلى العرب ّية. ال ّثانية تو ّلى إسماعيل حكم مصر سنة ١٨٦٣م ،وما بها إلا مدرسة ابتدائ ّية واحدة ،وقد أوقفت البعثات ،وأغلق الواليان ع ّباس وسعيد المدارس العالية ا ّلتي فتحها محمد عل ّي باستثناء الحرب ّية ،وكادت مصر أن تعود م ّرة أخرى إلى الخلف لولا طموح ال ُخديو ّي إسماعيل لإحداث نهضة شاملة دعامتها ال ّتعليم ،فعلى الرغم من المساوئ السياس ّية والاجتماع ّية لعصره إ ّل أ ّنه أعاد للبعثات سيرتها الأولى ح ّتى بلغ عدد أعضائها في عصره اثنين وسبعين ومائة ،وأعيدت المدارس العالية كالهندسة والط ّب و ِز ْي َد عليها مدرسة الحقوق ،وكانت تس ّمى مدرسة الإدارة والألسن ،وكان لها بجانب مدرسة دار العلوم ا ّلتي افتتحها علي مبارك ١٨٧١م إسهام كبير في النّهضة ال ّلغو ّية والأدب ّية ،و ُأنشئت في عهد إسماعيل أ ّول مدرسة للبنات ١٨٧٣م ُعرفت بالمدرسة ال ّسيوف ّية ،وظهر عدد كبير ِمن المدارس ال ّصناع ّية كمدرسة المساحة والمحاسبة وال ّزراعة ،وال ُعميان وال ُبكم ،وزاد عدد المدارس الابتدائ ّية ح ّتى بلغ أربعين مدرسة ،وأنشأت 16 الوحدة الأولى ال ّدرس الأ ّول
حافظ الأزهر على ال ّتراث العرب ّي والإسلام ّي زمن محنة الحكم العثمان ّي ،ففي الوقت ا ّلذي أغلقت المدارس المختلفة ا ّلتي أنشأها الأ ّيوب ّيون والمماليك ،لم يكن هناك بصيص ِمن نور إ ّل في هذه المصابيح الضئيلة في حلقات العلم وال ّدرس بالجامع الأزهر ،ولم تكن تلك المصابيح تقتصر على علوم ال ّدين فحسب بل شملت العلوم ال ّلغو ّية والفلسف ّية وال ّطب ّية ،وإن كانت العلوم الأخيرة ضعيفة تحت تأثير ال ّظلم ا ّلذي أرهق به العثمان ُّيون أهل مصر. ارتبطتعواملالنّهضةوأسبابهابالأزهرال ّشريف ،فل ّمااقتضتالنّهضةنقلكنوزالغرب إلى ال ّلغة العرب ّية ،وتأ ّسست أول مدرسة لل ّترجمة مدرسة الإدارة والألسن ُعهد بالإشراف عليها إلى أحد علماء الأزهر وهو ِرفاعة ال ّطهطاو ّي ا ّلذي ارتبط تاريخ ال ّترجمة في عهد محمد عل ّي وخلفائه بج ّده وك ّده. ول ّما أراد محمد عل ّي إصدار جريدته \"جورنال ال ُخديو ّي\" لجأ إلى الأزهر ،فأشرف عليها ال ّشيخ حسن الع ّطار شيخ الأزهر حينها ،يعاونه نخبة ِمن علماء الأزهر ،وفي مراحل تط ّور ال ّصحافة كان لشيوخه وط ّلبه أثر كبير في ذلك ،فأ ّول تح ّول إلى المج ّلت المتخ ّصصة متم ّثلا في مج ّلة اليع ُسوب أحدثه أحد أبناء الأزهر وأدبائه ،فهم أوائل من ح ّرروا ال ّصحف والمج ّلت. فعلماء الأزهر هم ُر ّواد النّهضة ،والباعثون لها ،بعضهم كان داعية إلى ال ّتجديد ِمن أمثال شيخ الأزهر حسن الع ّطار ا ّلذي وقف يدافع عن علم ال ّتشريح في أ ّول مدرسة لل ّطب في العصر الحديث في مصر ،وعمل بعض علماء الأزهر مد ِّرسين بالمدارس ا ّلتي أنشأها محمد عل ّي ،وعندما ُأنشئت مدرسة دار العلوم كان ِمن الأزهر ِّيين طلبتها وأساتذتها ،وهم ا ّلذين شغلوا المناصب في ال ّدواوين والنّظارات ا ّلتي خ ّطط بها محمد عل ّي نظام الحكم في مصر ،والأزهر ّيون هم ط ّلب البعثات ِمن المصر ّيين ا ّلذين أوفدهم محمد عل ّي وإسماعيل لل ّدراسة بالخارج ،فنقلوا العلم والخبرة الأورب ّية إلى مصر فل ّما عادوا كانوا بناة النّهضة ،وطلائع الإصلاح ِمن أمثال ِرفاعة ال ّطهطاو ّي ،ومحمد عل ّي البقل ّي ،ومحمد عب ُده. 19 ال ّدرس ال ّثاني 19
ال ّدرس ال ّثاني الأزهر ال ّشريف أهداف ال ّدرس: بنهاية ال ّدرس يتو ّقع أن يكون ال ّطالب قاد ًرا على أ ْن: 1يتع ّرف على أه ّم أعلام الأزهر ُر ّواد النّهضة الأدب ّية الحديثة. 2يتع ّرف نشأة ال ّشيخ حسن الع ّطار. 3يذكر موقفا ِمن المواقف ا ّلتي تحسب لل ّشيخ حسن الع ّطار. 4يذكر نبذة عن نشأة ِرفاعة ال ّطهطاو ّي وتاريخه. 5يع ّدد إسهامات ِرفاعة ال ّطهطاو ّي في الحياة المصر ّية. 6يتع ّرف نشأة ال ّشيخ محمد عب ُده وتاريخه. 7يع ّدد إسهامات ال ّشيخ محمد عب ُده في الحياة المصر ّية. 18
بأن يفتح عينيه وعقله ،وأن ُيد ّون يوميات عن رحلته ،وهذه اليوميات هي ا ّلتي نشرها ال ّطهطاو ّي بعد ذلك في كتاب\" :تخليص الإبريز في تلخيص باريز\". شارك ال ّشيخ حسن الع ّطار محمد عل ّي مراحل تطوير وبناء نهضة مصر الحديثة، فأشرف على إنشاء أ ّول مدارس عرفتها مصر في العصر الحديث مثل :مدرسة الألسن، وال ّط ّب ،والهندسة ،وال ّصيدلة ،وأسند مهمة إدارتها إلى َمن قام على إعدادهم ِمن تلاميذه من أمثالِ :رفاعة ال ّطهطاو ّي ،ومحمد عياد ال ّطنطاو ّي ،وا ْختي َر الع ّطار رئيسا لتحرير أ ّول جريدة عرب ّية مصر ّية هي الوقائع ال ّرسمية ا ّلتي أنشأها محمد عل ّي سنة ١٨٢٨م ،وجعلها لسان حال الحكومة ،والجريدة ال ّرسم ّية لل ّدولة ،ولع ّل س ّر اختياره كأ ّول مح ّرر للوقائع المصر ّية يكمن وراء جمال أسلوبه في الكتابة. أصبح الع ّطار شي ًخا للأزهر وهو في ال ّرابعة والخمسين ِمن عمره ،وذلك سنة ١٨٣٠م الموافق ١٢٤٦هـ وظل ِ -من موقعه الجديد -يواصل دفاعه عن علوم النّهضة وضرورة الأخذ بها ِمن النّاحية ال ّشرعية ،فواجه ال ّشيخ حسن الع ّطار رافضي العلم الحديث م َّمن رأوا دراسة ال ّط ّب بتشريح جسد الإنسان حرام ،وحين حاول أحد ال ّط ّلب قتل ال ّطبيب كلوت بك أثناء تشريحه ج ّثة في مشرحة مدرسة ال ّط ّب بأبي زعبل ،ظنّا منه أ ّنه يدافع عن الإسلام ،وتص َّدى له ال ّط ّلب وحموا الأستاذ من أن يصاب بسوء ،وقف شيخ الأزهر حسن الع ّطار في امتحان مدرسة ال ّط ّب يصدع برأي ال ّدين في تعليم ال ّط ّب ،ويشيد بفائدته في تق ّدم الإنسان َّية ،فكانت هذه ال ّشجاعة في إحقاق الح ّق بمثابة الفتوى ا ّلتي اعتبرت نقطة انطلاق لل َّتعليم ال ّط ّب ّي قال عنه المفردات المؤ ّرخ عبد ال ّرحمن ال ّرافع ّي\" :كان ال ّشيخ حسن الع ّطار ِمن علماء مصر الأعلام، امتاز بال ّتض ُّلع في الأدب وفنونه ،وال ّتق ُّدم المعنى الكلمة في العلوم العصر ّية\" .وافته المنية عام امتاز 12٥٠هـ الموافق سنة ١٨٣٥م. َت َف َّو َق فِي َها تحرير راجع ٌة نقد َّية لن ٍّص بما في ذلك دمج عناصر موثوق ّية من مصادر مختلفة 21 ال ّدرس ال ّثاني 21
ِمن أعلام الأزهر ُر ّواد النّهضة الحديثة ال ّشيخ حسن الع ّطار ال ّشيخ حسن بن محمد بن محمود الع ّطار ،ونسبته إلى الع ّطار؛ لأ ّن والده كانت مهنته بيع العطور ،تنحدر أصوله إلى بلاد المغرب العرب ّي ،ولد بالقاهرة ١١٩٠هـ الموافق ١٧٧٦م، وتل َّقى تعليمه في الأزهر منذ صغره على يد عدد ِمن شيوخه ِمنهم :ال ّشيخ محمد مرتضى ال ّزبي ِد ّي صاحب تاج العروس في شرح القاموس ،وال ّشيخ محمد الأمير ،وال ّشيخ محمد ال ّصبان ،وال ّشيخ عبد الله ال ّشرقاو ّي ،وال ّشيخ البيلي وغيرهم ،كما َت َت ْل َم َذ على يد ال ّشيخ حسن الجبرت ّي والد صديقه المؤ ّرخ عبد ال ّرحمن الجبرت ّي ،وكان الجبرت ّي الوالد عالما بال ّرياض ّيات والفلك وبكيفية صنع المزاول. لم يكت ِف ال ّشيخ الع ّطار بقراءة الحواشي بل رجع إلى المصادر الأصل ّية يتع ّلم ِمنها، ويدرسها لتلاميذه بالأزهر ،ويدعو إلى تواصل خلاق معها ،ليحد َث ال ّتواصل الحضار ّي الحقيق ّي ا ّلذي كان ينشده ،فجمع في تكوينه العلمي بين الأصالة الفكر ّية بدراسة ال ّتراث والنّزوع إلى إعمال العقل بتت ّبع ما استحدث ِمن علوم في عصره ،كما لم يكت ِف الع ّطار بالكتب العرب ّية ،بل ا ّتجه إلى الكتب ا ّلتي ُترجمت في أوائل عصر النّهضة في القرن ال ّتاسع عشر ،إبان الحملة الفرنس ّية على مصر ،فقرأها وأفاد ِمن تجاربها ومعارفها ،وجمع بها بين ثقافة ال ّشرق وثقافة الغرب ،مستفيدا ِمن الالتقاء الحضار ّي. ارتحل إلى أوربا وال ّشام والحجاز عقب جلاء الحملة الفرنس ّية عن مصر ،فأقام زمنا ببلاد ال ّشام وألبان ّيا حيث عمل بال ّتدريس ،ث ّم عاد إلى مصر ١٨١٥م في عهد محمد عل ّي ا ّلذي عرف فضله وعلمه ،استغل ال ّشيخ الع ّطار قربه ِمن محمد عل ّي والي مصر ،وثقة الوالى به ،فأوعز إليه بضرورة إرسال البعثات إلى أوروبا ،لتحصيل علمها ،فكان المو ِّجه الأ ّول لحركة الأخذ بالعلوم الحديثة والابتعاث لأوروبا والاستفادة من ك ّل ما وصل إليه العلم ،وأوصى بتعيين تلميذه ِرفاعة ال ّطهطاو ّي إما ًما لأعضاء البعثة العلم ّية الأولى إلى باريس ،وأوصى ال ّطهطاو ّي 20 الوحدة الأولى
وكانت أولى الوظائف ا ّلتي تو ّلها ِرفاعة بعد عودته العمل متر ِجما في مدرسة ال ّط ّب، فهو أ ّول مصر ّي يشغل هذه الوظيفة ،ومكث بها عامين ،ترجم خلالهما بعض ال ّرسائل ال ّط ّبية ال ّصغيرة ،وراجع ترجمة بعض الكتب ،ث ّم نقل سنة ١٣٤٩هـ الموافق ١٨٣٣م إلى مدرسة ال ّطوبج ّية (المدفع ّية) لكي يعمل مترج ًما للعلوم الهندس ّية والفنون العسكر ّية. نجح ِرفاعة ال ّطهطاو ّي في إقناع محمد عل ّي بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن ،مدة ال ّدراسة بها خمس سنوات ،قد تزاد إلى ست .وافتتحت المدرسة بالقاهرة سنة ١٢٥١هـ الموافق ١٨٣٥م ،وتو ّلى ِرفاعة ال ّطهطاو ّي نظارتها ،وكانت تض ّم في أ ّول أمرها فصولا لتدريس ال ّلغة الفرنس ّية والإنجليز ّية والإيطال ّية وال ّترك ّية والفارس ّية ،ث ّم ا ّتسعت المدرسة لتض ّم قس ًما لدراسة الإدارة الملك ّية العموم ّية؛ لإعداد المو ّظفين ال ّلزمين للعمل بالإدارة الحكوم ّية ،وقس ًما آخر لدراسة الإدارة ال ّزراع ّية الخصوص ّية بعد ذلك بعامين ،وأصبحت بذلك مدرسة الألسن أشبه ما تكون بجامعة تض ُّم ك ّليات الآداب والحقوق وال ّتجارة. وكان ِرفاعة ال ّطهطاو ّي يقوم إلى جانب إدارته الفنّ ّية للمدرسة باختيار الكتب ا ّلتي يترجمها تلاميذ المدرسة ،ومراجعتها وإصلاح ترجمتها .ظ ّلت المدرسة خمسة عشر عا ًما، كانت خلالها مشع ًل للعلم ،ومنارة للمعرفة ،ومكا ًنا لالتقاء ال ّثقافتين العرب ّية والغرب ّية ،إلى أن عصفت بها يد الحاكم الجديد ع ّباس الأ ّول ،فقام بإغلاقها ،وأمر بإرسال ِرفاعة إلى ال ّسودان بحجة توليه نظارة أ ّول مدرسة ابتدائ ّية بها ،ظ ّل ِرفاعة هناك فترة ترجم خلالها رواية فرنس ّية شهيرة بعنوان \"مغامرات تليماك\". وبعد وفاة ع ّباس الأ ّول سنة ١٢٧٠هـ الموافق ١٨٥٤م ،عاد ال ّطهطاو ّي إلى القاهرة، وأسندت إليه في عهد الوالي الجديد \"سعيد باشا\" عدة مناصب تربو ّية ،فتو ّلى نظارة المدرسة الحرب ّية ا ّلتي أنشأها سعيد لتخريج ضباط أركان حرب الجيش سنة ١٢٧٧هـ الموافق ١٨٥٦م، وقد عنى بها ال ّطهطاو ّي عناية خا ّصة ،وجعل دراسة ال ّلغة العرب ّية بها إجبار ّية على جميع ال ّطلبة، وأعطى لهم ح ّرية اختيار إحدى ال ّلغتين ال ّشرق ّيتين :ال ّترك ّية أو الفارس ّية ،وإحدى ال ّلغات 23 ال ّدرس ال ّثاني 23
ِرفاعة ال ّطهطاو ّي ُولِ َد ِرفاعة ال ّطهطاو ّي عام ١٨٠١م في طهطا بصعيد مصر ،حفظ القرآن الكريم في صغره ،وجد من أسرة أخواله اهتماما كبيرا بعد وفاة والده ،حيث كانت زاخرة بال ّشيوخ والعلماء ،فحفظ على أيديهم المتون ا ّلتي كانت متداولة في هذا العصر ،وقرأ عليهم شيئا ِمن الفقه والنّحو. ول ّما بلغ ِرفاعة ال ّسادسة عشرة ِمن عمره ال َت َح َق بالأزهر وذلك في سنة ١٢٣٢هـ الموافق ١٨١٧م ،وشملت دراسته في الأزهر :الحديث والفقه وال ّتص ّوف وال ّتفسير والنّحو وال ّصرف، و َت َت ْل َم َذ على يد عدد ِمن علماء الأزهر ِمنهم َمن تو ّلى مشيخة الجامع الأزهر ،مثل ال ّشيخ حسن القويسن ّي ،وإبراهيم ال َب ْيجور ّي ،وحسن الع ّطار ،وقد تأ ّثر ال ّطهطاو ّي بال ّشيخ حسن الع ّطار فقويت صلته به ،وأطال ملازمته. ختم ال ّطهطاو ّي دروسه في الأزهر وهو في الحادية والعشرين ِمن عمره ،وان ّضم إلى ُم َد ِّر ِسي ِه ،فعمل بال ّتدريس إلى جوار إمامته في ال ّصلاة لِ ِف َرق الجيش العلو ّي الجديد ،ح ّتى ا ْختي َر إماما للبعثة العلم ّية في فرنسا ،وهناك عكف ال ّطهطاو ّي على تع ُّلم الفرنس ّية وقراءة الأعلام ال ُك ُتب ،وترجمة ما ا ْستطاع إلى ترجمته سبي ًل ،فحمل معه من باريس ،بالإضافة إلى مخطوط رحلته ،اثني عشر كتا ًبا نقلها عن الفرنس ّية في موضوعات مختلفة ِمن الأدب وال ّتاريخ والجغراف ّيا وال ّرياض ّيات والبحوث العسكر ّية، وترجمة لل ّدستور الفرنس ّي ،عاد -بعدها ِ -رفاعة ال ّطهطاو ّي إلى القاهرة سنة ١٨٣١م ،بعد غياب سنوا ٍت خمس كاملة ،ليقضى ما تب ّقى ِمن عمره في مصر باستثناء ِرفاعة ال ّطهطاو ّي سنوات ثلاث قضاها في الخرطوم. 22 الوحدة الأولى
تو ّلى ِرفاعة في آخر حياته تحرير مج ّلة ال ّروضة ا ّلتي اعتادت أن تلحق بأعدادها كتبا أ ّلفت لها على أجزاء توزع مع ك ّل عدد ِمن أعدادها بحيث تكون في النّهاية كتابا مستق ّل، فنشرت كتاب \"آثار الأفكار ومنثور الأزهار\" لعبد الله فكر ّي ،و\"حقائق الأخبار في أوصاف البحار\" لعل ّي مبارك ،و\"ال ّصحة ال ّتامة والمنحة العا ّمة\" للدكتور محمد بدر ،و\"القول ال ّسديد في الاجتهاد وال ّتجديد\" لل ّطهطاو ّي. ِمن أه ّم كتب ِرفاعة ال ّطهطاو ّي :مناهج الألباب المصر ّية في مباهج الآداب العصر ّية، المرشد الأمين في ترب ّية البنات والبنين ،أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل ،نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز ،وهو آخر كتاب أ ّلفه ال ّطهطاو ّي ،وسلك فيه مسلكا جديدا في تأليف ال ّسيرة النّبوية تبعه فيه المحد ّثون. وترجم ما يزيد عن خمسة وعشرين كتا ًبا ،وذلك غير ما أشرف عليه ِمن ال ّترجمات وما راجعه ،وص ّححه ،وه ّذبه ،و ِمن أعظم ما ق ّدمه ال ّرجل تلاميذه النّوابغ ا ّلذين حملوا مصر في نهضتها الحديثة ،وق ّدموا للأ ّمة أكثر ِمن أل َف ْي كتاب خلال أق ّل من أربعين عا ًما ،ما بين مؤ ّلف ومترجم. وافته المنية في الأ ّول ِمن ربيع الآخر ١٢٩٠هـ الموافق ِ ٢٧من مايو ١٨٧٣م. رثاه أمير الشعراء أحمد شوقي بأبيات منها: أ ُبو َك َكا َن لأبنَاء البلاد أ ًبا يا اب َن ا ّل ِذي َأ ْيقظ ْت ِمص َر َم َعار ُف ه *** ِمن أه ّم كتب ِرفاعة ال ّطهطاوي 25 ال ّدرس ال ّثاني 25
الأورب ّية :الإنجليز ّية أو الفرنس ّية أو الألمان ّية ،ث ّم أنشأ بها فرقة خا ّصة لدراسة المحاسبة ،وقل ًما لل ّترجمة ،وأصبحت المدرسة الحرب ّية قريبة ال ّشبه بما كانت عليه مدرسة الألسن. ول ْم يكت ِف ِرفاعة بهذه الأعمال بل سعى إلى إنجاز أ ّول مشروع لإحياء ال ّتراث العرب ّي الإسلام ّي ،فنجح في إقناع الحكومة بطبع عدة كتب من عيون ال ّتراث العرب ّي على نفقتها ،مثل: تفسير القرآن لفخر ال ّدين ال ّراز ّي المعروف بمفاتيح الغيب ،ومعاهد ال ّتنصيص على شواهد ال ّتلخيص في البلاغة ،وخزانة الأدب للبغداد ّي ،ومقامات الحرير ّي ،وغير ذلك ِمن الكتب ا ّلتي كانت نادرة الوجود في ذلك الوقت. تو َّقف هذا النّشاط مرة أخرى ح ّتى تو ّلى ال ُخديو ّي إسماعيل الحكم ،فعاد ِرفاعة إلى ما كان عليه ِمن عمل ونشاط على ال ّرغم من تق ّدمه في ال ّسن ،فأشرف على تدريس ال ّلغة العرب ّية بالمدارس ،واختيار مدرسيها وتوجيههم ،والكتب الدراس ّية المق ّررة ،ورئاسة كثير ِمن لجان امتحانات المدارس الأجنب ّية والمصر ّية. و ِمن أبرز الأعمال ا ّلتي قام بها ِرفاعة في عهد ال ُخديو ّي إسماعيل نظارته لقلم ال ّترجمة ا ّلذي أنشئ سنة ١٢٨٠هـ الموافق ١٨٦٣م لترجمة القوانين الفرنس ّية ،ولم يكن هناك ِمن أساطين المترجمين سوى تلاميذ ال ّطهطاو ّي ِمن خريجي مدرسة الألسن ،فاستعان بهم في قلم ال ّترجمة ،و ِمن هؤلاء :عبد الله ال ّسيد وصالح مجدي ومحمد قدري ،فترجموا القانون الفرنس ّي في ع ّدة مج ّلدات وطبع في مطبعة بولاق ،ولم تكن هذه المه ّمة يسيرة ،إذ كانت تتط ّلب إلماما واسعا بالقوانين الفرنس ّية وبأحكام ال ّشريعة الإسلام ّية ،لاختيار المصطلحات الفقه ّية المطابقة لمثيلاتها في القانون الفرنس ّي. المفردات كتاب خزانة المعنى الكلمة الأدب للبغداد ّي إِ ْتما ِمها ،إِ ْكمالِها إنجاز َم ْع ِر َف ُت ُه َ ،و َف ْه ُم ُه إلماما 24 الوحدة الأولى
عاد محمد عب ُده إلى مصر في سنة ١٨٨٩م الموافق ١٣٠٦هـ بعفو ِمن ال ُخ َد ْي ِو ّي توفيق، ووساطة تلميذه سعد زغلول وإلحاح نازل ّي فاضل على اللورد كرومر ،كي يعفو عنه ،فاشترط عليه كرومر أ ّل يعمل بال ّسياسة فقبل ،اشتغل محمد عبده بال َّتدريس ح ّتى ت َّم اختياره لمنصب المفتي في ال ّثالث ِمن يونيو عام ١٨٩٩م الموافق ٢٤محرم ١٣١٧هـ ،وتبعا لذلك أصبح عضوا في مجلس الأوقاف الأعلى. الأعلام و ُع ّين عض ًوا في مجلس شورى القوانين في الخامس والعشرين ِمن يونيو عام ١٨٩٠م .وأ ّسس جمع ّية إحياء العلوم العرب ّية لنشر المخطوطات سنة ١٩٠٠م ،زار العديد ِمن ال ُّدول الأوروب ّية والعرب ّية. شغل ال ّشيخ محمد عبده منصب المفتى عقب صدور قرار ِمن ال ُخديو ّي ع ّباس حلمي بفصل الإفتاء عن مشيخة الأزهر ،فكان أ ّول مف ٍت لل ّديار المصر ّية. ُيع ّد الإمام محمد عبده واحدا ِمن أبرز المج ّددين سعد زغلول في الفقه الإسلام ّي في العصر الحديث وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النّهضة العرب ّية الإسلام ّية الحديثة ،فقد أسهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العرب ّي ِمن الجمود ا ّلذي أصابه لع ّدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأ ّمة نحو ال ّتحرر ،وبعث الوطن ّية ،وإحياء الاجتهاد الفقه ّي لمواكبة ال ّتطورات ال ّسريعة في العلم ،ومسايرة حركة المجتمع وتط ّوره في مختلف النّواحى ال ّسياس ّية والاقتصاد ّية وال ّثقاف ّية. و ِمن جهوده في الإصلاح دعوته إلى نشر ال ّتعليم ال ّصحيح بين أفراد ال ّشعب واستخدام ال ّصحافة في محاربة الفساد ،وتنبيه الوعي القوم ّي ،وال ّتدرج في الحكم النياب ّي بال ّتوسع في سلطة مجالس المديريات ،ناهض الاحتلال الأجنب ّي بجميع أشكاله في كتاباته ،وح ّث على 27 ال ّدرس ال ّثاني 27
ال ّشيخ محمد عب ُده يع ّد ال ّشيخ محمد عب ُده أحد أه ّم رموز ال ّتجديد في الفقه الإسلام ّي ،ومن دعاة النّهضة والإصلاح في العالم العرب ّي والإسلام ّي ،أسهم بعد التقائه بأستاذه جمال ال ّدين الأفغاني في إنشاء حركة فكر ّية تجديد ّية إسلام ّية في أواخر القرن ال ّتاسع عشر ،وبدايات القرن العشرين استهدفت القضاء على الجمود الفكر ّي وإعادة إحياء الأ ّمة الإسلام ّية لتواكب والحضار ُمتط ّلبات العصر. ُولِ َد محمد بن عب ُده بن حسن خير الله سنة ١٢٦٦هـ الموافق ١٨٤٩م في قرية محلة نصر بِ َم ْركز شبراخيت في محافظة البحيرة لأب ُت ْر ُك َمان ّي وأم مصر ّية تنتمي إلى قبيلة بنى عدى العرب ّية ،التحق بالجامع الأزهر في سنة ١٨٦٦م ،و َت َت ْل َم َذ على يد شيوخه ،وكان ِمن أعظمهم أثرا فيه ال ّشيخ حسن ال ّطويل ،وال ّشيخ درويش ال ّصوف ّي .حصل على ال ّشهادة العالم ّية في سنة ١٨٧٧م ،ث ّم عمل ُم َد ِّر ًسا لل ّتاريخ في مدرسة دار العلوم سنة ١٨٧٩م ،واشترك في ثورة أحمد عراب ّي ضد الإنجليز سنة ١٨٨٢م على ال ّرغم ِمن موقفه المتش ّكك منها في البداية ،لأ ّنه كان صاحب تو ّجه إصلاح ّي يرفض ال ّتصادم إ ّل أ ّنه شارك الأعلام فيها في نهاية الأمر ،وبعد فشل ال ّثورة حكم عليه بال ّسجن ،ث ّم بالنّفي إلى بيروت لم ّدة ثلاث سنوات، ومنها سافر بدعوة ِمن أستاذه جمال ال ّدين الأفغان ّي إلى باريس سنة ١٨٨٤م ،وأسس بها صحيفة \"ال ُعروة ال ُوثقى\" ،وفي سنة ١٨٨٥م غادر باريس إلى بيروت حيث أ ّسس جمع ّية ال ُعروة ال ُوثقى ،واشتغل بال ّتدريس في المدرسة ال ّسلطان ّية في بيروت سنة ١٨٨٦م. ال ّشيخ محمد عب ُده 26 الوحدة الأولى
و ِمن تلامذته :محمد رشيد رضا ،وشاعر النّيل حافظ إبراهيم ،وشيخ الأزهر محمد مصطفى المراغ ّي ،وشيخ الأزهر مصطفى عبد ال ّرازق ،وشيخ العروبة محمد محي ال ّدين عبد الحميد ،وسعد زغلول ،وقاسم أمين. توفي ال ّشيخ محمد عب ُده مساء الحادي عشر ِمن يوليو عام ١٩٠٥م ال ّسابع ِمن جمادى الأولى ١٣٢٣هـ بِالإسكندر ّية بعد معاناة ِمن مرض ال ّسرطان عن سبع وخمسين سنة ،ودفن بالقاهرة ،ورثاه العديد من ال ّشعراء. ومن قصيدة حافظ ابراهيم في رثائه *** و َضاق ْت ُعيو ُن ال َكو ِن با ْل َع َبرا ِت َبكى ال ّش ْر ُق فار َّتج ْت لـه الأر ُض رج ًة *** وفي مص َر َبا ٍك دائم ا ْل َح َســ َرا ِت َف ِفي الهن ِد َم ْح ُزو ٌن َوفِى اليـم ِن جـَاز ٌع *** وفي ُتون َس مـا ِشئ َت من ز َف َرات وفي الشا ِم مفجو ٌع وفي الفر ِس َنا ِد ٌب *** ِسرا ُج الدياجي هــادم ال ُّش ُب َها ِت بـكى عـال ُم الإسـلا ِم عـالـ َم عـصـ ِر ِه المفردات الكلمة المعنى مفجو ٌع ِسرا ُج ُم َصا ٌب بِ َفا ِج َع ٍة ُم ْؤ َلِ ٍة مصباح زاهر 29 ال ّدرس ال ّثاني 29
الإصلاح الاجتماع ّي ،وتوثيق ال ّروابط بين ال ّشعوب الإسلام ّية. حاول إصلاح أساليب ال ُك َّتاب بما كان يق ّدمه ِمن نماذج ،وبما كان يلفت إليه نظر ال ّصحف ِمن رداءة أسلوبها ،وإلزام أصحابها أن يختاروا ِمن ال ُك َّتاب َمن يرفع مستوى الكتابة ،وقد تأ ّثر به العديد ِمن ُر ّواد النّهضة مثل عبد الحميد بن باديس ورشيد رضا وعبد الرحمن الكواكب ّي. ِمن أه ّم مؤلفاته :رسالة ال ّتوحيد ،تحقيق وشرح \"البصائر القصير ّية للطوسي\" ،تحقيق وشرح\"دلائل الإعجاز\" و\"أسرار البلاغة\" لل ُج ْرجان ّي ،ال ّرد على هانوتو الفرنس ّي، الإسلام والنّصران ّية بين العلم والمدنية ر ّد به على إرنست رينان سنة ١٩٠٢م ،تقرير إصلاح المحاكم ال ّشرع ّية سنة كتاب رسالة ال ّتوحيد ١٨٩٩م ،شرح نهج البلاغة للإمام عل ّي بن أبي طالب ،ال ُعروة ال ُوثقى مع مع ّلمه جمال ال ّدين الأفغان ّي. المفردات المعنى الكلمة ال َقضا ُء على الفساد محاربة الفساد َحا َر َب َ ،قا َو َم َ ،وا َج َه ناهض توثيق مصدر و َّث َق حاول أراد إدرا َكه وإنجا َزه نماذج المِثا ُل الذي ُيعمل عليه الشي ُء كالنَّموذج فرع من فروع البحث العلم ّي يراد به ال َّتث ُّب ُت تحقيق (الكتب والمخطوطات والنُّصوص) من سلامة النَّ ّص عن طريق جمع النُّسخ ومقابلة بعضها ببعض وذكر الخلاف ال ّرد ما َي ُر ُّد 28 الوحدة الأولى
الخريطة ال ّذهن ّية الأزهر ال ّشريف من أعلام الأزهر ورواد النهضة الأدبية الحديثة ثالثا :ال ّشيخ محمد ثانيا :ال ّشيخ رفاعة أ ّولا :ال ّشيخ حسن عب ُده ال ّطهطاو ّي الع ّطار مولده ،ونشأته العلمية ،ودراسته نسبه ومولده ،و ُشيوخه ،وتكوينه مولده ،ونشأته العلمية ،ودراسته في الأزهر ووفاته. في الأزهر ووفاته. العلم ّي ،ورحلاته ووفاته. دور ال ّشيخ محمد عب ُده في ثورة دور ال ّشيخ حسن الع ّطار في بناء دور ال ّشيخ رفاعة ال ّطهطاو ّي في عرابي ونفيه إلى بيروت بناء نهضة مصر الحديثة نهضة مصر الحديثة أه ّم أعماله ووظائفه تولية ال ّشيخ حسن الع ّطار منصب ما ق ّدمه ال ّشيخ رفاعة ال ّطهطاو ّي وإصلاحاته ِمن كتب ،وتلاميذ شيخ الأزهر ِمن أه ّم مؤلفاته ِمن تلاميذه و ِمن مقالته في العلم 31 الخريطة الذهنية 31
و ِمن مقالات ال ّشيخ محمد عب ُده في العلم ((إ ّن مطلوبكم المحبوب هو العلم ،كان العلم فيكم وكان الح ّق معه، وكان الح ّق فيكم وكان المجد معه ك ّل مفقود ُيفقد بف ْقد العلم ،وك ّل موجود يوجد بوجود العلم ،أ ّما العلم ا ّلذي نح ّس بحاجتنا إليه ،فيظ ّن قوم أ ّنه علم ال ّصناعة ،وما به إصلاح مادة العمل في ال ّزراعة وال ّتجارة مثلا ،وهذا ظ ّن باطل، فإ ّنا لو رجعنا إلى ما يشكوه ك ّل منَّا ،نجد أم ًرا وراء الجهل بال ّصناعات وما يتبعها. إ ّن ال ّصناعة لو ُوجدت بأيدينا ،نجد فينا عجزا عن حفظها ،وإ ّن المنفع َة قد تتهيأ لنا ث ّم تنفلت ِمنَّا لشيء في نفوسنا ،فنحن نشكو ضعف الهمم ،وتخاذل الأيدى وتف ُّرق الأهواء ،والغفلة عن المصلحة ال ّثابتة ،وعلوم ال ّصناعات لا تفيدنا دفعا لما نشتكيه ،فمطلوبنا هو علم وراء هذه العلوم ،ألا هو العلم ا ّلذي يم ّس النّفس ،وهو علم الحياة البشر ّية ،العلم المحيي للنّفوس هو علم أدب النّفس، وك ّل أدب لها هو في ال ّدين ،فما فق ْدناه هو ال ّتب ّحر في آداب ال ّدين ،وما َن ُح ّس ِمن أنفسنا طلبه هو ال ّتف ُّقه في ال ِّدين ،ولا أريد أن نط ُل َب علما محفوظا ،يا ملحوظا، فإذا استكملت النّفس بآدابها ،عرفت مقامها ِمن الوجود ،وأدركت منزلة الح ّق في صلاح العالم ،فانتصبت لنصره ،وأيقنت بحاجتها إلى مشاركيها في الوطن وال ّدولة وال ِم َّلة ،وإ َّننَا في تحصيل هذا العلم الحيو ّي لا نحتاج إلى الاستفادة ِمن البعداء عنا ،بل يكفينا فيه ال ّرجوع ل ّما تركنا ،وتخليص ما خلطنا ،فهذه كتبنا ال ِّدين ّية والأدب ّية حاوية لما فوق الكفاية ِم َّما نطلب)). 30 الوحدة الأولى
ال ّتدريبات ال ّتدريب الأول س َ ١ض ْع علامة صواب أمام العبارة ال ّصحيحة ) ، (وعلامة خطأ أمام العبارة الخاطئة ) (مع ال ّتصويب. أ ظهرت الفنون النّثر ّية الحديثة المقالة والق ّصة والمسرح ّية ثمرة لازدهار حركة ال ّترجمة في العصر الحديث . ب اهت ّم محمد عل ّي بدراسة الآداب والفنون ث ّم جاء بعد ذلك الاهتمام بال ّدراسة العسكر ّية . ج ا ّتسع نطاق ال ّتعليم في عهد الخديوي عباس حلمي الأول . د اهت ّم ال ّشوام بال ّترجمة العلم ّية على خلاف المصر ّيين ا ّلذين اهتموا بال ّترجمة الأدب ّية . ه مطبعة بولاق أول مطبعة مصر ّية تركتها الحملة الفرنس ّية قبل خروجها ِمن مصر . 33 ال ّتدريبات 33
أعلام الأعلام ال ّشيخ حسن بن محمد بن محمود الاسم الع ّطار مولده 1776م بالقاهرة وفاته 1835م ال ّشيخ حسن الع ّطار الأعلام الاسم ال ّشيخ ِرفاعة ال ّطهطاو ّي مولده 1801م في طهطا بصعيد مصر وفاته 1873م الأعلام ال ّشيخ ِرفاعة ال ّطهطاو ّي ال ّشيخ محمد عب ُده بن حسن الاسم خير الله مولده 1849م في محافظة البحيرة وفاته 1905م ال ّشيخ محمد عب ُده 32 الوحدة الأولى
س َ 3أ ْك ِم ْل َما يلى: مدرسة دار العلوم في عهد الخديو ّي إسماعيل. أ افتتح عرفتمصرال ّصحافةال ّسياس ّيةمتم ّثلةفيجريدة ،وال ّصحافة ب العلم ّية متم ّثلة في جريدة . ج على أ ّول جريدة مصر ّية جورنال ال ُخديو ّي. أشرف ، ، د ارتبطت النّهضة الأدب ّية الحديثة بثلاث مح ّطات هي . ِمن أبرز المجددين في الفقه الإسلام ّي في العصر الحديث ،وأحد هـ دعاة لإصلاح وأعلام النّهضة العرب ّية الإسلام ّية الحديثة. و ِمن تلاميذ ال ّشيخ حسن الـع ّطار ا ّلذين أسهموا في النّهضة الأدب ّية الـحديثة . 35 ال ّتدريبات 35
س َ 2ت َخ َّي ِر ال ّصواب م ّما بين القوسين. أ ارتبط اسم ِرفاعة ال ّطهطاوي بـ (ال ّصحافة -ال ّطباعة -ال ّترجمة) كإحدى عوامل النّهضة الأدب ّية الحديثة. ب أ ّولالبعثاتالمصر ّيةكانتفيعهد(الحملةالفرنس ّية-محمدعل ّي-الخديوي إسماعيل) ،سافرت إلى (بريطانيا -فرنسا -تركيا). ج نجح ِرفاعة ال ّطهطاو ّي في إقناع محمد عل ّي بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة (الألسن -دار العلوم -ال ّترجمة). د أصدر على مبارك جريدة ( الوقائع المصر ّية -روضة المدارس -اليعسوب) وأشرف عليها ال ّشيخ (حسن الع ّطار ِ -رفاعة ال ّطهطاو ّي -محمد عب ُده) وكان له دور في نشر ( ال ّتراث -المعارف ال ّطب ّية -العلوم). 34 الوحدة الأولى
ال ّتدريب ال ّثاني س ١النّهضة الأدب ّية في العصر الحديث لم تكن من فراغ ،بل تشابكت عوامل عدة أسهمت فيها. َب ِّي ْن ذلك بإيجاز. س 2كانت المطبعة عاملا عظي ًما في إيقاظ العقل المصر ّي وتوجيهه إلى مثل جديدة في ال ّلغة والأدب والفكر. َب ِّي ْن َأ َث َر ال ّطباعة في الحياة الأدب ّية في مصر. س 3تركت ال ّترجمة أث ًرا عظي ًما في الأدب العربي الحديث. اِ ْش َر ْح هذه العبارة بإيجاز. س 4ارتبطت عوامل النّهضة الأدب ّية في العصر الحديث بالأزهر ال ّشريف. اِ ْش َر ْح هذ ه العبارة بإيجاز. س َ 5وا ِز ْن بين أثر ك ّل ِمن ال ّترجمة ،و ال ّصحافة في النّهضة الأدب ّية في العصر الحديث. 36 الوحدة الأولى 36
أنشطة إِثرائ ّية 1نشاط ِمن خلال تعاملك مع شبكة المعلومات ال ّدولية (الإنترنت) ُق ْم بإعداد بحث عن ال ّصحافة وأثرها في النّهضة الأدب ّية في العصر الحديث. 2نشاط كان الأزهر وما زال عاملا رئيسا في بعث نهضة مصر والأمة العرب ّية والإسلام ّية ،بل العالم بأسرهَ ،ع ِّد ْد الأدلة ا ّلتي تؤ ّكد صدق هذه المقولة ِمن خلال دراستك لتاريخ الأزهر. 37 أنشطة إِثرائ ّية 37
بعد الانتهاء ِمن هذه الوحدة ينبغي أن يكون ال ّطالب قاد ًرا على أ ْن: 1يوازن بين مدارس ال ّشعر في العصر الحديث (مدرسة الإحياء والبعث ،مدرسة ال ّديوان ،مدرسة المهجر ،مدرسة أبوللو) 2يذكر أه ّم ُر ّواد مدارس ال ّشعر في العصر الحديث. 3يع ّدد خصائص مدارس ال ّشعر في العصر الحديث. 39 39
الوحدة ال ّثانية مدارس ال ّشعر وا ّتجاهاته في العصر الحديث 38
مدرسة الإحياء والبعث م ّر ال ّشعر منذ أواخر القرن ال ّتاسع عشر الميلادي ح ّتى منتصف القرن العشرين بمرحلتين الأولى مرحلة الإحياء ا ّلتي اصطلح النّقاد على تسميتها بالمدرسة الكلاسيك ّية أو المحافظة ،والمرحلة ال ّثانية مرحلة ال ّتجديد وتشمل مدارس ال ّتجديد ال ّرومانس ّي المتم ّثلة في مدرسة ال ّديوان ،ومدرسة ال َم ْه َجر ،ومدرسة أبوللو. وكان ال ّشعر قبل مدرسة الإحياء يميل إلى ال ّصنعة والإغراق في الحلية ال ّلفظ ّية والمعنو ّية ،بينما يظهر فيه ضوء خافت ِمن ال ّتجديد ،ح ّتى جاء الفارس ال ّشاعر رائد مدرسة الإحياء والبعث ،محمود سامي ال َبا ُرو ِدي (١٨٣٨م ١٩٠٤-م) ليعيد إلى ال ّشعر حياته ،ويوقظه من طول سباته ،متو ّجها إلى تراث ال ّشعراء القدامى قبيل عصور ال ّتخلف والجمود تحت وطأة المماليك والعثمان ّيين ينفض عنه تراب ال ّسنين ،ويعيده إلى ال ّذاكرة من جديد. وارتفع صوت ال َبا ُرو ِدي -منفردا بين ال ّشعراء -في النّصف ال ّثاني ِمن القرن ال ّتاسع عشر ،رصينا قو ًّيا في عباراته وألفاظه ،متينا في أساليبه ،صاف ًيا في أخيلته ،شريفا في معانيه، مشرقا في ديباجته ،جزلا في تراكيبه ،لقد كان صنيع ال َبا ُرو ِدي مع ال ّشعر صنيع من أعاد الحياة لمن سلبها ،ور ّد النّبض لمن فقده ،ذلك أ ّنه ارتقى بال ّشعر ،وصعد به من قاع منحدر إلى أعلاه. المفردات الكلمة تراث المعنى ك ّل ما خ ّلفه ال َّسلف من آثار علم ّية وفنية وأدب ّية ،سواء ما ِّد َّية كالكتب والآثار وغيرها ،أم معنوية كالآراء والأنماط والعادات الحضار ّية المنتقلة جيل ًا بعد جيل 41 ال ّدرس الأ ّول 41
ال ّدرس الأ ّول مدارس ال ّشعر في العصر الحديث أهداف ال ّدرس: بنهاية ال ّدرس يتو ّقع أن يكون ال ّطالب قاد ًرا على أ ْن: 1يح ّدد المدارس ال ّشعر ّية في العصر الحديث ،وأشهر ُر ّواد ك ّل مدرسة. 2يذكر الخصائص الفنّ ّية لمدرسة الإحياء والبعث. 3يوازن بين المدارس الأدبية في عصر الحديث. 4يذكر أه ّم خصائص أدب المهجر. 5يختار المدرسة ال ّشعر ّية ا ّلتي يميل إليها ،ولماذا؟ 40
خياله إلى جانب ارتفاعه بالكلمة والعبارة ،وارتقائه بالموضوع انتقل ال َبا ُرو ِد ّي بالخيال ِمن ال ّضيق وال ّسطحية إلى ال ّتحليق في سماوات ال ّشعر ،وأجنحة ال ّتصوير ،فأدار عدسته ال ّشعرية في الآفاق ،مركزا على ال ّصورة الح ّس ّية ،فجعل من ال ّتشبيهات والاستعارات والكنايات لوحات متح ّركة مرئ ّية مسموعة وملموسة. وانتقل بالعاطفة ِمن البرود والجفاف إلى الحيو ّية والحركة وال ّذات ّية ،وحافظت الموسيق ّي عنده على وحدة الوزن والقافية ذات ال ّرنين القو ّي الأخاذ. وال َبا ُرو ِد ّي -في ذلك ك ّله -يجاري فحول ال ّشعراء في العصور العرب ّية الزاه ّية ،منذ العصر الجاهل ّي ،ومرورا بالعصر الإسلام ّي ،والأمو ّي ،ث ّم العباس ّي ،ولا يحاكي ضعاف ال ّشعراء في العصرين :المملوك ّي والعثمان ّي ،وهو يجاري القدماء لكنّه لا يق ّلدهم ،كأ ّنه يتنافس معهم حول المعاني والأخيلة ،و ِمن هنا جارى وحاكى وعارض شعر القدامى ِمن أمثال :امرئ القيس ،والنّابغة ،وعنترة ،وأبي ت ّمام ،والمتنبي ،والبحتري ،وال ّشريف ال ّرضي ،وابن زيدون، وابن خفاجة ُم ْع َت ِم ًدا على نقاء ذهنه ،وفطرته ال ّسليمة ،وقراءته وحفظه جيد الأشعار ،وتتل َم َذه على يد ال ّشيخ حسين المرصفي ،مث ّبتا أ ّن ال ّضعف ا ّلذي طرأ على شعرنا العرب ّي عبر القرون ال ّسابقة لم يكن لعيب ولا نقص في موهبة ال ّشعراء ،أو لضعف أو قصور في ال ّلغة العرب ّية. ُسميت المدرسة ا ّلتي أ ّسسها ال َبا ُرو ِد ّي باسم مدرسة الإحياء والبعث؛ لأ ّنها أعادت ال ّروح لجسد ال ّشعر الم ّيت ا ّلذي استسلم إلى حالة ِمن الجمود ،أخذ على إثرها في ال ّضعف والاضمحلال منذ سقوط بغداد سنة ١٢٥٨م في أيدي ال ّتتار وصولا إلى العصر الحديث، وقد رأت تلك المدرسة أن التزام ال ّشعراء بنظم ال ّشعر العرب ّي على النّهج ا ّلذي كان عليه في عصور ازدهاره منذ العصر الجاهل ّي ح ّتى العصر العباس ّي في نظمه ومعانيه وألفاظه يمثل بعثا وإحياء لل ّشعر العرب ّي ِمن جديد. 43 ال ّدرس الأ ّول 43
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240