- - • وما الذي يجعل البعض يتحولون إلى \"قطيع\" بدافع اقتصادي؟ لست مقتنعا بأن المتكلمين باسم الظاهرة الأولى يصفون حقيقة في الشعب التونسي -شعب جاهل لا يعرف ما يريد -بل هي حقيقة أصحاب هذا الرأي حقيقتهم هم كأفراد يتصورون أنفسهم ممثلين لطبقة ثقافية في الحالة الأولى التي يكون صاحبها يعاني من مرض النخبوية الزائفة ثقافيا ولطبقة اقتصادية في الحالة الثانية التي يكون صاحبها يعاني من مرض الروحانية الزائفة ماديا. وقد غلبت الحالة الأولى على ظاهرة الاعلام والثقافة اللذين أصبحا أداتي المافية منذ عهد ابن علي .وغلبت الحالة الثانية على التواصل الاجتماعي ودعوى التأفف من الماديات بزعم الصمود أمام الظاهرة الأولى: فالمتكلمون باسم هذه الظاهرة الاولى كلامهم يخلط بين حداثة الثقافة والتبعية الثقافية أعني عين أخلاق القطيع التابع لراع هو المقيم العام الفرنسي الذي يحكم البلاد بالمافيات. ولست مقتنعا بأن المتكلمين باسم الظاهرة الثانية يصفون حقيقة في الجهات التي يتكلمون عليها -شمال غربي طماع -بل هي حقيقة أصحاب هذا الرأي حقيقتهم كأفراد يتصورون أنفسهم ممثلين لأخلاق القناعة المادية والخنوع للحرمان من الحقوق المادية فيكون القطيع هو من يرى هذا الرأي وليس أهل الشمال الغربي لانه تابع لراع النظام الذي استعمل ثروة البلاد لتنمية فترينة يسوق بها لنفسه وأهمل باقي الجهات. لذلك فالذين صوتوا للنهضة لم يتصرفوا مثل القطيع .فلا يمكن لمن يسعون إلى التحرر من التبعية الثقافية أن يكونوا من القطعان بل هم يقاومون من صاروا قطيعا لسيد يستعبد بهم وطنهم وإذن فدافعهم التحرر من الظاهرة الأولى :من استبعاد ثقافة المستعمر لهم لأن الاستقلال الثقافي شرط الحداثة غير التابعة في كل المجالات بما فيها الاقتصادي والسياسي. والذين صوتوا لقلب تونس لم يتصرفوا مثل القطيع .فلا يمكن لمن يسعون للتحرر من التبعية الاقتصادية التي جعلت أبناءهم عاطلين وبناتهم خدما لمن يكلمونهم عن القناعة وهم يعيشون في الترف والبذخ مثل الدعاة المنافقين ويسرقون رزقهم لكأن الجنوب لم يجد ابو يعرب المرزوقي 245 الأسماء والبيان
- - لنفسه حلولا يمكن أن يتهمهم غيرهم بأنها لا اخلاقية -وقد اتهمهم من يدعي الثورية بذلك .فمن جاءهم للمساعدة لم يقنعهم بما أعطاهم من \"مقرونة\" بل بما وعدهم به من عناية بهم وتنمية في مناطقهم إذا هم انتخبوه بعد أن رأوا كاذب الوعود طيلة ستة عقود. فإذا اغفلنا هذه الأبعاد صار من اليسير أن يتكلم بعض المتفلسفين في المقابلة الحمقاء بين الروحي والمادي واعتبار الثورة هي في العناية بالأول والتقليل من أهمية الثاني لكأن كيان الإنسان قابل للقسمة على ما هو عضوي وما هو روحي .فلا شيء يثبت أن العضوي ليس إلا ما يظهر من الروحي وأن الروحي ليس إلا ما يخفى من العضوي .وكل خلل بأي من الوجهين يؤدي إلى ما تعاني منه الأمة منذ قرون. لذلك فالحكمة الشعبية هي التي صوتت للنهضة .لكنها لم تصوت للحزب ولا لقادته بل لمشروع وعد به المصوتون ويأملون أن يكون أصحاب الوعد عند وعدهم وقادرين على تحقيقه .وهم بذلك أدرى بحقيقة الإنسان الحر من كل أدعياء الحداثة :فما يعني الناخبين هو شروط القيام الثقافي غير التابع .وما يقوله الإعلام المأجور من خدم المافيات من وصف للمصوتين للنهضة هو في الحقيقة اسقاط لصفاتهم باعتبارهم عبيد المافية التي هي بدورها أداة استعباد المقيم العام لهم جميعا ويظهر ذلك في الاحتقار الذي هو خلق الحقير عندما يصبح عين الاجير عند من يملك الإعلام فيصبح أمير. والحكمة الشعبية هي التي صوتت لقلب تونس .لكنها لم تصوت للحزب ولا لقادته بل لمشروع وعد به المصوتون ويأملون أن يكون أصحاب الوعد عند وعدهم وقادرين على تحقيقه .وهم بذلك أدرى بحقيقة الإنسان الحر من كل أدعياء الكرامة :فما يعني الناخبين هو شروط القيام الاقتصادي غير التابع. ولا أعجب إذا للحمقى من الصحافيين الذين يعتبرون ناخبي النهضة قطيعا اسقاطا لصفتهم القطيعية برعاية المقيم العام ومافيات أصحاب مؤسسات الأعلام ألا يفهموا هذه المعاني .لكني أعجب ممن يفاخرون الشمال بالجنوب على المستوى الخلقي في العلاقة بالمساعدات ولم يروا ما وراءها من وعود لعل صاحبها كان مخادعا .لكن خداعه ما كان ابو يعرب المرزوقي 246 الأسماء والبيان
- - لينطلي لو لم يقع إهمالهم إلى حد اليأس من الطبقة السياسية الموجودة وخاصة فشل الثورة في الاستجابة لأدنى شروط التنمية وخداع الباجي الذي يدين لهم بنجاحه سنة .2014 وأختم هذه المحاولة بإشارتين: • القوى السياسية قبل ابن على كانت مقصورة على قوتين كبريين البورقيبيين والإسلاميين مع مناوشات هامشية لليسار والقوميين الذي كانوا يعارضون بورقيبة ليس بسبب الاستبداد إذ لا يوجد يسار وقوميون ديموقراطيين في العالم ولكن لأنه كما قال محمد الشرفي في كتابه الإسلام والحرية لم يكن علمانيا بأتم معنى الكلمة أي لأن حربه على الاسلام لم تكن تشفي غليلهم .ولما أتى ابن على وحقق لهم هذه الرغبة صاروا زبانيته ليس الثقافية فحسب بل والمخابراتية والأمنية. • مزية هذه الانتخابات أنها أزالت الشق اليساري من الوجود السياسي وأبقت على الشق القومي الذي يدعي الثورية في تونس ويتحالف مع محاربيها في باقي بلاد العرب كما في سوريا ومصر وليبيا ولذلك فالموقف الثاني يكذب الأول وهم إذن لم يتغيروا فبقوا كما كانوا في عهد بورقيبة وابن علي .لكن النوعين بقي لهما دور في الاتحاد .وقد يتحالفون مع كل الذين يريدون إلحاق تونس ببقية بلاد الربيع. لذلك أعيد مرة أخرى بأن أمل تونس في الاستقرار يقتضي بناء حلف صريح على مشروع يعيد بناء الدولة التونسية ويصلح الدستور ويجذر الثقافة الديموقراطية مع التركيز على البعد الاجتماعي والتنموي وإصلاح خدمات الدولة وهي عشرة :خمسة للحماية (القضاء والامن والدبلوماسية والدفاع والاستعلام والاعلام) وخمسة للرعاية (التربية النظامية والتربية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والتنمية الثقافية والبحث والاعلام العلميين). وهذا يقتضي خطة متوسطة المدى لدورتين انتخابيتين تمكنان من الشروع في التداول .لكن قبل ذلك لا بد من العمل الجبهوي لحماية تونس بوصفها قائدة إخراج الأمة من الاستثناء التاريخي الحديث حتى تصبح ذات ثقافة ديموقراطية. ابو يعرب المرزوقي 247 الأسماء والبيان
- - وبسقوط المنظومة القديمة التي تضع الثورة في لحظة أشبه بلحظة نهاية 2011مع تجربة السنوات الثمانية التي مضت يمكن أن نستفيد من الحالة الاقليمية المستجدة في الجزائر ومصر والعراق وصمود الثورة في ليبيا وفي سوريا وتهلهل دول الثورة المضادة في الخليج وفي إيران وفي إسرائيل والانطواء الأمريكي بسبب الانتخابات التي قربت لنبني دولة الجمهورية الثانية بناء عقلانيا يتحرر من الدستور الحالي بإصلاحه ومن قانون الانتخابات الذي يحول دون قيادة الحكم الراشد وتنظيف الإعلام .وهو سينظف نفسه بنفسه لأن أصحاب مؤسسات الاعلام بدأوا يدركون أنهم فقدوا كل مصداقية ومن ثم فلن يمولوا نفس \"الشلايك\" وسيضطرون لإعلام أقل تفاهة وأقرب لمهام الإعلام ذي المهنية التي تعيد إليه الاحترام .حدث للإعلام نفس ما حدث للنظام القديم :هدم نفسه بنفسه لأنه بلغ ذروة التمفيز فكانت نهايته ظاهرة القروي أو المافية الجلية وسعيد أو المافية الخفية. ابو يعرب المرزوقي 248 الأسماء والبيان
- - ترددت كثيرا قبل الاقدام على الكتابة في هذه القضية الحساسة والدقيقة لعلتين: • الاعتراض الأول المنتظر :ما دخل الفلسفة في هذه المسائل إذا كنت تزعم الكلام باسم الفلسفة؟ • الاعتراض الثاني المنتظر :ما دخلك في السياسة وأنت عديم التجربة أو على الأقل مجرد هاو لا قول لك مع \"الكبارات\" فيها؟ وقد أقدمت رغم أني لا أدعي الكلام باسم الفلسفة وأسلم بأني لست من \"الكبارات\" في فن \"الميديسيس\" أو مناورات شيوخ روما التي تمثل نموذج فاعلية السياسي وخصاله وصفاته المقومة .وقد سبق أن تكلمت على معايير تكون القوى السياسية بمعيار مضامين دوريها الاقتصادي والاجتماعي .وكان ينبغي أن أحدد معايير الاصطفاف في حالة التأليف بين قوى سياسية متقاربة .لكن ذلك مستحيل الآن لأن معايير تكون القوى السياسية التي حددتها معطلة حاليا لعدم إيلائها العناية في أجندات الأحزاب وبسبب دوران الأحلاف بين القوى حول موضوعين ظرفيين يسيطران على الاهتمام في غياب العناية بالسياسي في وظيفته العادية: • الموضوع الاول هو الموقف من الثورة إذ حينها لا يمكن الحلف بين القوميين والإسلاميين لأن الأولين يعتبرون الربيع عبريا بسب تبعيتهم للقوميين في المشرق التابعين لنظام الملالي. ومثلهم حزب الحيزبونة التي تعتبر الربيع انقلابا على شرعية ابن علي (عبير موسي). • الموضوع الثاني هو الموقف من الإسلام وحق الإسلاميين في المشاركة في الحياة السياسية وأحيانا حتى في مجرد الحياة إذ حينها لان يمكن الحلف بينهم وبين الاستئصاليين وهم ابو يعرب المرزوقي 249 الأسماء والبيان
- - موجودون في الاحزاب التي تسمي نفسها طيفا ديموقراطيا وحداثيا رغم أن جلهم من مرتادي المقاهي والحانات ومن خدم المافيات (جلهم في حزب المقرونة). لذلك اكتفي اليوم بقضية المعايير التي نعير بها السياسي .ولست مؤهلا لتعيين من ينبغي أن تتحالف النهضة معه لأن قياداتها ميالون للحكم بأي ثمن وهو ما أخشاه إذ قد يكون تكرارا لتجربة 2011وهم يطالبونها بتكرار 2014ولكن مع \"أدعياء الثورة\" .يعني يحكمون هم بشعبها هي. وأعلم أن تونس مليئة بمن يدعون أنهم من \"الكبارات\" في الفهم السياسي إذا رضينا بـ\"التفييش والتدايك لدى من ولدوا ليكونوا زعماء ورؤساء\" بالفطرة من المتصايحين في المنابر بدليل عددهم الذي تجاوز عدد ما بقي من شعر رأس المقيم العام في تونس حبيبهم جميعا تقريبا -إذ هو يعمدهم بزيارته أو باستفزارته لهم -وخاصة من يدعون أنهم ليسوا من \"قطيع\" النهضة لأنهم من قطيعه. أحاول إذن وأجري على الله لأن رضا الناس من طلب الممتنع .وسأكتفي بما يقره العقل السليم أو \"البون سونس\" فأحاول تحديد ما اراه ضروريا لتقييم \"السياسي\" عامة .وسأكون حذرا فلا أذكر أفلاطون ولا أرسطو ولا ماكيافال ولا حتى ابن خلدون ناهيك عن ابن تيمية .وقد اذكر الغزالي تماشيا مع \"جو\" التصوف والكلام على أهمية الروحانيات عند من يخادع الشعب أكثر من المافيوزي الذي لا يخفي لعبته وعند من يتصورون الثورة روحية لا تعنيها حاجة الأبدان الثانوية في رأيهم عند الإنسان. وسأقتصر على خمسة معايير اعتبرها كافية لتحديد السياسي الصالح ومعلوم أن نقيضها يحدد الطالح .واعتذر فعدد خمسة قد يكون تحكميا لأن ما صار يعتبر طبيعيا هو عدد ثلاثة تبعا لمنطق الجدل وربما للثالوث الربوبي من ورائه. وسأتكلم على السياسي سواء كان في الحكم أو في المعارضة إذا تكلمنا عليه في النظام الديموقراطي الذي يعتبر الشرعية مستمدة من إرادة الجماعة وليس من إرادته هو ابو يعرب المرزوقي 250 الأسماء والبيان
- - بوصفه وصيا عليها .فأول خاصية للديموقراطية هي أن هذين الظرفين يتبادلان الدور في رؤيتهما السياسية شرطا في سلميتها بفضلها آلية للتداول .فالحاكم يمكن أن يصبح معارضا. والمعارض يمكن أن يصبح حاكما .ومن هذه الخاصية ينبع المعيار الأول وبيت القصيد في تعيير أهلية السياسي في الحكم والمعارضة .ويمكن من ثم تعريف السياسي تعريفا جامعا مانعا بكونه الشخص الذي يعلم العلاقة بين الظرفين ظرف الحكم وظرف المعارضة ولا يتجاهلها بحيث لا يتجاوز فعله الكلامي الذي يكون عادة قريبا من الأحلام أو من النظر المجرد في المعارضة ما لا يمكن فعله في الحكم وخاصة تحقيقه في ممارسته الفعلية الناجعة إذا كان ينوي الوصول يوما ما إلى الحكم والنجاح فيه. انطلق من هذه القاعدة الذهبية التي هي قاعدة خلقية أولا وحتى دينية إذا كنا صارمين في تطبيقها وتتمثل في الا يقول الإنسان الحر والكريم ما لا يفعل أو ما يعلم أنه لا يستطيع فعله .لكنها في السياسة أقل صرامة ويكفي تطبيقها باحترام قواعد العقل السليم التي تجعل شروط الممارسة الديموقراطية سامحة بمسافة بين القول والفعل من جنس طبيعة الانشغال السياسي في الظرفيتين بشرط المحافظة على شروط العلاقة السلمية كما يحدث في البلاد التي تجذرت فيها الثقافة الديموقراطية الناضجة والمتحررة من سلطان الديماغوجيا والشعبوية. لكن ما نراه اليوم في تونس رهيب لأن المسافة بين التسيب الخرافي في الأقوال والممكن في الأفعال قد تأذن بنهاية التجربة التي يتمناها الكثير في المحل وفي الاقليم وفي العالم المسيطر على المعمورة لئلا يخرج أهل الإقليم من الاستثناء الذي جعل الرأي العام النخبوي في المحل وفي الإقليم فضلا عنه في العالم يعتبر شعوبنا غير أهل للحرية والكرامة التي طالب بها الشباب ذات يوم ولا يزال. وهذا هو دافعي الحقيقي لكتابة هذا النص. ابو يعرب المرزوقي 251 الأسماء والبيان
- - وكمثال اعتمده لتحديد المعيار الثاني سأتكلم على تجربة الترويكا .فهذه الظاهرة عايشتها في المجلس التأسيسي وفي الحكومة في آن .وما أوردت هذه الحالة لأتكلم على نفسي بل بوصفي شاهد عيان لفهم ما يشبهها في الكلام الدائر على تكوين الحكومة حاليا وموقف أحد \"الكبارات\" في السياسة منها ووضع شروط للمشاركة أو التهديد بالبقاء في المعارضة - عبو .-لكن هذا المثال لم يكن فريدا لأنه حصل في الحكومة حينها ويناظره مثال حصل في المجلس ويمثله أحد \"الكبارات\" -الشابي -وحزبه ومن فتاته بعض المنتسبين لحزب الأول - التيار -الذي كان من الحكومة -المؤتمر -وليس من المعارضة مثل الثاني -الجمهوري .-وما قاله هذا حينها في معارضة الحكم يقوله ذاك الآن في معارضته حتى قبل أن يبدأ. تلك هي الظاهرة التي أريد علاجها بتعريف المعيار الثاني لتقدير الأهلية السياسية في الحكم وفي المعارضة إذا كنا نريد للديموقراطية أن تتطور وأن يبقى الخلاف السياسي في إطار العلاج السلمي فلا ينقلب إلى مشروع حرب أهلية يكون فيها أحد الطرفين داعيا لما يعتبره حلولا جذرية لا يمكن تصورها ممكنة من دون استعمال عنف الدولة إن كانت قادرة عليه وعنف الشارع إما لها أو عليها. فهذه الظاهرة تحدد القاعدة الثانية أو معيار التقييم الثاني بعد الأول الذي هو معيار المسافة بين الأقوال والأفعال .فالمعيار الثاني هو المسافة بين الأهداف والوسائل .فإذا سمعت سياسيا يسمي برنامجا سياسا الكلام على الأهداف من دون تعيين وسائل البلوغ إليها وخاصة مناهج استعمالها لتحقيقها فاعلم أنه لا علاقة له بالسياسة بل هو دجال. لا يوجد في البلاد ذات العراقة الديموقراطية من يسمع لمن يتكلم على برنامج مقصور على الكلام في الأهداف .ذلك أن الصحافة قبل الأحزاب المنافسة تسأله مباشرة عن بماذا وكيف .وغالبا ما يكون بماذا متعلقا بالكلفة المادية وكيف بطريقة التنفيذ وآجاله .وبهذا ابو يعرب المرزوقي 252 الأسماء والبيان
- - المعنى فإني لم أسمع سياسيا تونسيا واحدا عنده وعي بهذه القاعدة الثانية ناهيك عن تلك القاعدة الأولى لأن العرب عامة وليس التونسيين وحدهم لا يميزون بين الاقوال والأفعال. ثم أصل إلى القاعدة الثالثة والمعيار الذي تعتمد عليه وهو أبعد غورا وسره في طبيعة الظاهرة السياسية وليس خصائص السياسي فحسب ومنها تستنتج الأهلية السياسية .وهذه القاعدة حددها الغزالي في كتاب فضائح الباطنية :وهي التلازم بين الشوكة والشرعية في الظاهرة السياسية .ومعنى ذلك أن الانتخابات يمكن أن تعطيك شرعية الصندوق لكنك لا تملك القوة السياسية الكافية لجعلها تصبح بالفعل فتبقى شرعية رمزية لا تستطيع نقلها إلى شرعية فعلية. والشوكة أو العصبية هي القوة السياسية التي تحمي الشرعية أو ما بمقتضاه صرت ممثلا للإرادة الجماعية حتى وإن لم تكن بعد القدرة على تنفيذها .وهذا ما حصل للترويكا. كانت حاصلة على الشرعية الانتخابية لكن الشارع كان ضدها فأسقطها في الغاية ومعها اقتصاد البلاد وهيبة الدولة وكان العامل النقابي من المجتمع المدني واليسار وبقايا النظام القديم من المجتمع السياسي (مشروع السبسي) أداة الفعل في غياب شوكة الدولة التي تستطيع تطبيق القانون وسيطرة التسيب العام باسم الفوضى التي ظنت من شروط الثورة. وظل الأمر على تلك الحال حتى لما سقطت الترويكا وجاء السبسي الذي أصبح ضحية ما استعمله للصعود باعتماد الكوكتال مولوتوف وسماه جبهة الانقاذ .فكانت حماقته السياسية -بخلاف ما يزعمون له من حكمة ودهاء -هي التي أنهت مشروعه إلى الأبد. ولا أخفي أني كنت أنتظر ذلك وتلك علة تشجيعي لوصوله السريع وموقفي من المرزوقي .فنجاحه لو حصل لكان نهاية التجربة الديموقراطية كما حصل في مصر وهو ما كان ينبغي تجنبه .وجعل السبسي ينتحر بما سعى إليه حتى لا تتحمل الثورة ما يراد أن ابو يعرب المرزوقي 253 الأسماء والبيان
- - ينسب إليها من نكبات ستين سنة قبلها .ولهذه العلة كذلك كنت ضد تحالف النهضة مع الشاهد لأن السبسي كان في أرذل العمر وكان أضعف من أن يهزم النهضة فينهي الثورة: لكن الشاهد كان شابا يمكن أن يناور كما فعل ابن علي فينهي وعد الثورة الذي يدعي تبنيه مخاتلا .وكنت أعلم أن الكثير كان يتصورني مع السبسي في هذا المسعى ولم يفهم أني -رغم أني لست من الكبارات في السياسة كنت أفضل توريطه في ما سيكون النهاية الفعلية للنظام القديم لأنه جمع توليفة ابن علي ولا علاقة له بالبورقيبية إذ إن اليسار والقوميين والاتحاد كانوا ألد خصوم بورقيبة وأقرب المقربين من ابن علي بل كانوا زبانيته ضد الإسلاميين وضد الديموقراطية وأصحاب تجفيف المنابع -كنت أعلم أن سر القوة السياسية اللطيفة هو سر الجودو فدعوت لاستعمالها :جعل قوة الخصم ضده. كل المزايدين على النهضة حاليا يحملون الترويكا ما يسمونه نتيجة الأيدي المرتعشة ويزعمون أنهم سيغيرون كل شيء بعصا سحرية يواصلون تجاهل هذه القاعدة :شرعية الصندوق التي حصلوا عليها في الانتخابات الأخيرة ليست شرطا كافيا لتحقيق أوهامهم التي دجلوا بها لأقناع الرأي العام الشعبي بأنهم \"سيفتحون مكة\" :لما أسمع عنتريات بعضهم أعلم أنهم نكبة على تونس وليسوا من السياسة في شيء. فكل من يعلم الوضع في تونس وفي الإقليم وفي العالم يعلم أن كلامهم أضغاث أحلام ودليل سذاجة لا حد لها .ولا أقول ذلك للتثبيط أو للتخويف ولا لأني أسلم بان الإكراهات السياسية لا علاج لها بل لأني أعتقد أن علاجها الأنجع ليس بمثل العنتريات التي اسمعها من \"زعمائهم\" الحمقى .والاحلام مفيدة إذا كانت في المعارضة ولم تتجاوز الحد المعقول. لأنها تمكن من هو في الحكم من الصمود أمام الضغط الخارجي في مبادراته لتحقيق بعضها. لكن لو أصبحوا في الحكم وحافظوا على نفس الآراء فإنهم ينذرون بانتهاء التجربة بل وبنكبة لا مثيل لها قد يكون ما كان يهدد الترويكا أمامها لعب أطفال. ابو يعرب المرزوقي 254 الأسماء والبيان
- - أصل إلى المعيار الرابع وهو ما يمكن أن يسمى بلغة شعبية تونسية خطة \"الحاذق والسفيه\" مع كامل الاحترام للمعارضة .وهذا السر هو علة رفض الاستعمار الديموقراطية في العالم الثالث عامة وعند المسلمين خاصة .فعندما يكون الحاكم مستبدا وليس لشعبه رأي معارض يسهل تطويعه لأنه لا يستطيع أن يقول لمحاوريه في المفاوضات الدولية خاصة: هذا أمر لا أستطيع تمريره لأن الشعب لن يقبله. ولذلك فالأنظمة الديموقراطية التي تبدو ضعيفة أمام الـأنظمة المستبدة هي في الحقيقة أقوى منها ألف مرة لأن ما يبدو ترددا في مواقفها هو عين القوة إذ هو تردد الحوار الداخلي خلال البحث عما يقرب من الاجماع في رعاية المصلحة العامة للوطن وللمواطن. تلك هي لعبة \"الحاذق والسفيه\" بلغة شعبية أي إن الحاكم يتحجج بموقف المعارض وبينهما اتفاق ضمني بأن يزايد الثاني على الأول لحماية الصالح العام وهما متفقان على الحد الذي يعتبر معقولا في التفاوض مع الخصوم .القاعدة الرابعة هي الاستراتيجيا الوطنية المشتركة بين الحكم والمعارضة إزاء العالم الخارجي. وأصل إلى القاعدة التي هي أصل كل القواعد :وهي أن قوة الجبهة الداخلية أساسها العلم بأن السياسة كانت ولا تزال دائما ذات وجهين مثل جانوس: فوجهها الأول هو الجبهة الداخلية وفيه ينبغي ألا تتجاوز الخلافات ما يحدده الصالح العام للجماعة .لكن إذا استحال ذلك فليس ضروريا أن تشكل النهضة حكومة مثلا بل يمكن أن تتخلى عن ذلك وتترك الامر للمزايدين عليها حتى يتبين أن \"المتفرج فارس\" .كل المشكل هو هل قيادات النهضة قادرون على الصبر عن الكرسي ولو لمدة وجيزة؟ ووجهها الثاني هو الجبهة الخارجية وفيه ينبغي أن تزول كل الخلافات أمام العدوان الممكن بالقوة ناهيك عن الحاصل بالفعل .لكن ذلك شبه منعدم في النخبة العربية عامة ابو يعرب المرزوقي 255 الأسماء والبيان
- - والتونسية خاصة بدليل انقسامهم إلى أنظمة تابعة لإيران وأنظمة تابعة لإسرائيل .وما ذلك إلا لعدم وجود مشروع واستراتيجية مجمع عليهما بوصفهما أساس المصلحة العليا للأمة. فيكون الأصل إذن هو الاستراتيجيا الوطنية المتعالية على الخلافات الحزبية والمصالح الفئوية .وهذا لعمري أكبر دليل على الأهلية السياسية التي أكاد أجزم أنها أندر من الكبريت الأحمر عند العرب عامة وفي تونس خاصة .ودليلي الكافي وبه أختم هو دلالة كيف الحزبية وكمها في تونس بعد الثورة :فلا يمكن أن توجد أكثر من مائتي حزب من دون أن يكون وراء أغلبها مافية وتدخل أجنبي لا يخدم مصلحة تونس والتونسيين بجنسيهم. وختاما فينبغي ألا ننسى أن المزايدات هي التي أفشلت الترويكا مع شيء من الحمق السياسي المتمثل في توهم الشرعية الانتخابية كافية للحكم في بلد لم يتعود على ثقافة الديموقراطية. فمن فرض هذا الدستور الدال على الغباء السياسي؟ ومن منع تغيير قانون الانتخاب الذي عمل حتى لا يستقر أي حكم ممكن؟ ومن جعل المزايدات في الديموقراطية العرجاء تخلق مؤسسة موازية لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة؟ ومن أخيرا جعل السبسي يصبح قادرا على تكوين الكوكتال مولوتوف ليس ضد النهضة ولا بغاية التوازن السياسي بل لتمكين النظام القديم من الخروج مرة ثانية من سباته؟ ومن يستطيع أن يقنعني أن كل ذلك ليس هو الآن بصدد التكرار من قبل أكثر الناس رفعا لشعارات الثورة في الأقوال وهم في الحقيقة أكبر أعدائها بالأفعال؟ والعلامة بينة :فمن يؤيد ما يجري في الأنظمة العربية المجرمة أو من تموله الأنظمة العربية المضادة للثورة أو من يحالف من يدعون الممانعة أو من يزعم محاربة الفساد وإصلاح الدولة وهو لا يملك من وسائل ذلك غير الكلام هل يمكن اعتبارهم مختلفين عمن حاربوا الثورة باسمها منذ بدايتها إلى الآن؟ ابو يعرب المرزوقي 256 الأسماء والبيان
- - والله أعلم. ابو يعرب المرزوقي 257 الأسماء والبيان
- - ما لا يطيقه أعداء القوى السياسية ذات المرجعية المنتسبة إلى حضارة البلد الإسلامية هو انتقالها مما حاولوا وصمها به ،أعني من مواقف رد الفعل في فكرهم أوفي سلوكهم أو فيهما معها وما يترتب عليها أو ما ترتبت عليه من رؤية لخياراتهم السياسية وأسسها في مرجعيتهم إلى المواقف المتحررة من هذه العقد والتعامل مع الفعل السياسي بثقة في النفس خلقيا والقدرة عليه بكفاءة. والأمر لم يعد مقصورا على كل تضحياتهم التي امتدت لأكثر من قرن حتى يجمعوا بين ثقافتهم الأصيلة وثقافة العصر وخاصة بسبب عدم انحصار صلتهم بالغرب على نوفيذة الثقافة الفرنسية التي تزداد ضيقا وهامشية يوما بعد يوم في العالم كله .لذلك فقد صارت هذه القوى السياسية أصعب أرقام الوضعية الجيوسياسية في الإقليم بل وفي العالم .وقد تجاوزت في تونس مثلا حدودها لأن دورها في حماية الثورة مما حيك لها من أعدائها في المحل والإقليم والعالم الثورة التي فجرها الشعب التونسي كله دون تمييز بين القوى السياسية. لكن انتكاس بعض هذه القوى بسبب تبعية قياداتها إما للمافيات المحلية أو لقوى الثورة المضادة ومن يسندها في الإقليم وفي العالم خوفا من عودة الوعي للأمة ودورها في التاريخ الكوني. تجاوزت الحركات السياسية ذات المرجعية المنتسبة إلى تاريخنا وثقافتنا ما أريد لها أن تستبطنه من أحكام أعدائها المسبقة حولها وحول دورها في التاريخ سواء كان هؤلاء الاعدام من المحل أو الإقليم وحتى من العالم الذي لم يتحرر بعد من خلافات الماضي بين الحضارتين المحيطتين بالأبيض المتوسط .لكن شعوبنا تحررت من الموقف الدفاعي. ابو يعرب المرزوقي 258 الأسماء والبيان
- - وإذن فما يجري في هذه النزعة العدوانية تثبت عكس ما يقال عن العلاقة الراهنة بين الحضارتين أيتهما التي صارت دفاعية ومقعدة إزاء الثانية .وذلك ما يعلل ظاهرتين لم يعد أحد يستطيع نكرانهما: • الاستقواء بالثورة المضادة التي تعتمد هي بدورها إما على إسرائيل أو على إيران دليل ضعف الأعداء. • الاحتماء بالمستعمر السابق كلما خسروا المعركة في مجراها السلمي ولجأوا إلى الإرهاب والاغتيال المخابراتيين. لأن أعداءهم هم الذين يوجدون في وضعية تجعلهم هم الذين صاروا أصحاب الموقف الدفاعي وعقد النقص. ويمكن تحديد مستويات هذه المعادلة التي تثبت تجاوز الأمة والشعوب التي أثارت موقف الدفاع وأعتقد النقص في المجالات التالية: .1فالأجيال الأخيرة من هذه القوى السياسية جمعوا بين الثقافتين الأصيلة والحديثة باقتدار. .2وموقف الأمة الحضاري المستقل ازداد قوة وقدرة على تحقيق السيادة الثقافية دون عدوانية. .3وشروط التنمية المستقلة باتت في المتناول لأن فك الارتباط بالمستعمر لم يعد أمرا مستحيلا ومن ثم فقد أصبح الانفتاح على العالم كله علاجا سويا لشروط التنمية المتكاملة بين شعوبه عربية كانت أو أمازيغية أو تركية أو كردية. .4والشعوب صارت مدركة لهذه التحولات ومؤمنة بالمصير المشترك والدليل أنها أصبحت تعطي تفويضها لقيادة أمورها لهذه القوى دون أن يقتصر دافعها على العلل الدينية بل صارت العلل متعلقة أساسا بالمسألتين الاقتصادية والثقافية التي يعتبر الدين أحد عناصرها وبالعزة والسادة الوطنية. ابو يعرب المرزوقي 259 الأسماء والبيان
- - .5وأخيرا فإن ما أصاب الثورة المضادة من وهن بعد أن خسرت كل رهاناتها فلم يعد بالوسع الاستفادة من إيران وإسرائيل ذراعين لروسيا وأمريكا حاميين للثورة المضادة وبعد تمكن الثورة من الصمود حتى حيث تجري حرب أهلية ومن الشروع في الموجة الثانية في مصر والعراق والسودان والجزائر أعني في أهم أقطار الاقليم الذي كان تابعا. لكن الانتخابات الأخيرة في تونس قد تضعنا أمام مرحلة حاسمة في نضوج قوى الثورة السياسية وخاصة في تثبيت الثقافة الديموقراطية لأن هذا التعافي في مستوى الوعي المعرفي والوعي القيمي رغم كونه التوجه السوي في العلاج السياسي لقضايا الأمة ما يزال هشا ويبقى بحاجة إلى استراتيجية تحول دون نوعي المؤامرات التي يمكن أن تفسد السعي السلمي لإخراج أوطاننا من التهديد بالحرب الأهلية ومما يشبه صراع الحضارات الداخلي بين التأصيل المستقل والملتفت إلى المستقبل والتحديث المتحرر من التبعية الثقافية للاستعمار وأذياله في بلداننا. • المؤامرات التي يقودها الذراعان إيران وإسرائيل وعملاؤهم من الأنظمة العربية سعيا للاستعادة خارطة ما قبل إسلامية في الإقليم. • المؤامرات التي يقودها حماة الذراعين والأنظمة العميلة لفرض سايكس بيكو ثانية بعد أن بين التعافي فقدان سايكس بيكو الأولى قدرتها على تغيير وعي الأمة رغم تغييرها للخارطة. ولحسن الحظ فإن نخب الصف الثاني الذي يستعمله الأعداء ليست كلها فاقده لهذا الوعي بضرورة اعادة بناء الإقليم بناء يضاهي أوروبا المتحدة دون معاداة لها بل وفيهم الكثير ممن يريدون فعلا تحقيق الصلح بين أبناء الوطن الواحد وبين شعوب اقطار الإقليم لتجاوز الصراع الحضاري في الداخل وبيننا وبين الغرب لأن رفض التبعية الثقافية والسعي إلى فك الارتباط مع القوة الاستعمارية ليس عدوانا على أحد بل حق الندية الذي ترفضه أنظمة الثورة المضادة العربية الاستبدادية وحماتهم من ذيلي الاستعمار الروسي ابو يعرب المرزوقي 260 الأسماء والبيان
- - والأمريكي أي إيران وإسرائيل .ولا بد من العمل مع هذه النخب الواعية بشروط التحرر والكرامة وهم موجودون في تونس. وإذا ما استثنينا اليسار المحتضر في العالم كله وليس عندنا وحدنا والقوميين التابعين للأنظمة العربية التابعة للملالي والسلفيين التابعين للأنظمة التابعة للحاخامات -وهم الذين يستثنون أنفسهم لأنهم لا يعترفون بحق الشعوب في إدارة شأنها بذاتها وحكم نفسها بنفسها بل يعتبرون أنفسهم أوصياء عليهم -فإن القوى السياسية التونسية يمكن أن تحقق جبهة متينة للخروج من الوضعية الصعبة اقتصاديا وثقافيا لتأسيس شروط الديموقراطية وتطويرها بنسق معقول دون تعجل لتجنب النكوص. ابو يعرب المرزوقي 261 الأسماء والبيان
\"- - هذا مثل شعبي تونسي ناطق باسم \"اضحية العيد\" بسبب معركة بين ابناء أسرة على كيفية ذبحها .وهو مناسب جدا لمن يتصورون \"شعب النهضة\" قطيعا يمكن أن يستعملوه جيشا عديم القيادة ليكونوا هم قادته لأنهم قيادة بلا جيش :كلهم عسكر مكسيكي جنرالته أكثر من جنوده. ما أراه في الساحة بعد الانتخابات النيابية يمكن وصفه بعبارة شعبية أخرى هو أجماع كل النخبة السياسية أيا كان توجهها على \"نصب منداف= فخ\" يراد به في النهاية إيصال البلاد إلى وضع يسهل عليهم اصطياد النهضة واخراجها من اللعبة بمجرد الإيهام بأنها حازت على أقطاب السلطة الثلاثة في النظام الدستوري الحالي فتغولت وفشلت ومن ثم فهي مسؤولة على نتائج ستين سنة من الاستبداد والفساد التي تمسح فيها: .1سلطة المجلس لأن لها الكتلة الأكبر. .2رئاسة الحكومة تعود إليها دستوريا. .3دعوى إسلامية الرئيس الذي يريدونها تأييده. .4النتيجة النهضة تغولت واستولت على السلطة كلها. .5وهذا هو \"المنداف\" البين لكل ذي عقل وعلة التأفف من المشاركة في الحكم معها. فمن الذين ينصبونه؟ ولماذا يستهدف النهضة؟ ابو يعرب المرزوقي أبدأ فأقول: • لست ناطقا باسم النهضة .ولست حتى عضوا في الحزب. الأسماء والبيان 262
\"- - لكني مع ذلك أعتقد أنه من دونها ستصبح تونس كمصر رغم أن النهضة أقرب إلى مفهوم الحزب السياسي الحديث من الاخوان أعني أن هؤلاء ما زالوا بعيدين جدا عما وصلت إليه في عدم الخلط بين اعتماد قيم الإسلام مرجعية وتحويلها إلى برنامج سياسي في حزب ديني. • وأثني فأقول إني لا اعتبر قيس سعيد إسلاميا بالمعنى النضالي من أجل استعادة الأمة دورها في التاريخ الكوني ولا يعنيني الكلام على إسلامه والتزامه بالعبادات .فذلك أمر شخصي ولا علاقة له بالدور السياسي. • وما أظن أحدا على الأقل في تونس يجهل أني لا أعتبره أهلا لرئاسة تونس لعدم الخبرة ولعدم وضوح البرنامج الذي يقدمه. • وإذا فهمت بعض الشذرات من برنامجه فهو يشبه \"قذفنة\" تونس و\"سفوتتها\" كما فهمت ما ظهر من البرنامج الذي عبر عنه هو وصاحبه. • وكل من يفهم أبعاد البرنامج يستنتج أنه لا ينوي العمل بالمؤسسات الشرعية بل بالعمل الشارعي إذ إن شرطه الانتقال من \"الشعب يريد إسقاط النظام\" إلى \"الشعب يريد إسقاط الدولة الديموقراطية الحديثة\" بخرافة الديموقراطية المباشرة. وأبدأ الآن الجواب عن سؤالي: من ينصب الفخ أو المنداف؟ ولماذا الصيد هو النهضة؟ بين أن هذا البرنامج لا يطابق برنامج النهضة كما يتضح مما عرضه مرشحها للرئاسة الأستاذ مورو وحتى مرشحوها للنيابيات .فقد تم في الحالتين عرض برنامج مختلف تماما لأنه يريد تحقيق ما يقتضيه الدستور الحالي بمنطق عمل المؤسسات الشرعية والتقدم في بناء الديموقراطية وتحقيق أهداف الثورة تحقيقا سلميا دون اللجوء إلى عنف الشارع. ابو يعرب المرزوقي 263 الأسماء والبيان
\"- - صحيح أنها وعدت خلال الحملة النيابية بمساندة سعيد كمرشح لما \"اضاف بعض الماء لطاحونته\" وصحيح أني عبرت عن تأييدي لهذا الوعد .فقد كان ضروريا لأن وزن النهضة يحول دونها والحياد والمفاضلة تقتضي اختيار الأقل سوءا خاصة بعد أن غير لهجته إزاء المؤسسات الدستورية .لكنه عاد ثانية إلى خرافة \"القذفنة والسفوتة\" وادعاء أنه غني عن سند أي كان لكأنه نزل من السماء رسولا للإنسانية كلها حسب تصريحه الأخير. التعبير عن التأييد المبدئي لسعيد لأنه أقل السوءين لا يقتضي الالتزام ببرنامجه ولا حتى القيام بديلا منه بحملته للدفاع عنه رغم مناقضة برنامجه تمام المناقضة لبرنامجها كما قدمه الأستاذ مورو ونوابها في حملتهم. أين المنداف إذن؟ اضع الأسئلة التالية وفيها قرائن الفخ البين لكل ذي بصيرة: .1لماذا لا ينزل للقيام بحملة سعيد المزايدون على النهضة في مسألة الحرب على الفساد والذين يضعون شروطا للمشاركة في الحكم معها مفادها نحكم بـ\"شعبكم\" لتحقيق برنامجنا وإلغاء برنامجكم .فهل اتهمهم أحد بالحلف مع الفساد حتى لو أسهم ذلك في سقوط سعيد وصعود القروي؟ .2لما لا ينزل القوميون الذي يزعمون أنهم مستعدون للمشاركة في الحكم مع النهضة مع كونهم حلفاء لكل أعداء الثورة وأعداء الأحزاب الإسلامية في الإقليم ويزعمون مع ذلك الانتساب إلى الثورة في تونس لأنها تمكنهم من الحصول على قاعدة من الشباب المغرر به وعلى اساس شبه قبلي بمنطق الجهات؟ .3لماذا لا ينزل المزايدون على النهضة في حماية الإسلام والسيادة والثروات الوطنية للقيام بحملة سعيد ويعتبرونه فرضا على النهضة أن تفعل وإلا فهي متحالفة خفية مع القروي ومطبعة مع الفساد حتى وإن كانوا أقل اشتراطا على المشاركة في الحكم مع النهضة؟ ألا يسهمون في نفس الامكانية أعني سقوط سعيد وصعود القروي؟ ابو يعرب المرزوقي 264 الأسماء والبيان
\"- - .4لماذا يسكت الشاهد على نفس الإمكانية بل ويذهب إلى المقابلة بين الأسرتين الديموقراطية والإسلامية ويختار المعارضة من الآن وهو يدين بوجوده ذاته في السياسة للمشاركة في الحكم مع الإسلاميين أولا ويعلم أن موقفه هذا يعني مساندة قمة الفساد للوصول إلى الحكم وإذا لم ينجح توريط النهضة بالإيهام أن سعيد مرشحها وينسى أنها رشحت مورو؟ .5لماذا تبقى بقية القوى متفرجة رغم أنها تدعي محاربة الفساد مثل \"دونكيشوت\" البسكلات ومع ذلك لا تفعل شيئا لمنع نجاح القروي بل وتفعل علنا ما يساعده على النجاح مع الإيهام بأنهم بذلك يحاربون سعيد بوصفه ممثلا للإسلاميين؟ لم يبق إلا عبير موسي لأن بعض الأفراد المستقلين يمكن قسمتهم على هذه المواقف الخمسة .وعبير موسي هي الوحيدة الصريحة في الاعلان على ما هو مضمر في مواقفهم جميعا .فهي تعتبر الإسلاميين مجرمين ينبغي محاسبتهم على مؤامرة الإطاحة بابن علي وتسعى لاسترجاع نظامه الذي لا أحد من الأربعة ليس صنيعته بصورة أو بأخرى؟ وإذن فجميع من ذكرت يشاركون في \"نصب منداف=الفخ\" للإسلاميين البعض بوعي وخطة مدروسة والبعض بمنطق \"فخار يكسر فخار ونحن المستفيدون\" ولا يدرون أن نهاية النهضة هي نهاية التجربة الديموقراطية والعودة الأكيدة للنظام القديم وليس سياسة المقرونة التي هي ليست جديدة وقد كان عنوانها .26-26المنداف هو إذن تبرير العودة إلى اقصاء الإسلاميين بعلة واحدة ذات وجهين: • الوجه الاول صريح هو الدفاع عن النمط التونسي الذي يزعمون تمثيله ويعتبرون الإسلاميين أعداء له. • الوجه الثاني التخلص من منافس وازن والحاجة إلى شغل موقعه بتغييبه من خلال توريطه في تهمة التغول. ابو يعرب المرزوقي 265 الأسماء والبيان
\"- - لكن برنامج النهضة على ما فهمت من برنامج مرشحها الأستاذ مورو ومرشحيها في النياببات غير ما يراد فرضه عليها من أفكار سعيد أو من برامج الذين يريدون ان يبقوا متفرجين أو أن يفرضوا على النهضة برامجهم .ثم هم يريدون قاعدتها أي مجرد قوة يرونها من جنس القطيع أو بلغة المرزوقي \"شعب النهضة\" يستعملونه لتحقيق برامجهم التي ليس لهم عليها أدنى قدرة ثم التضحية بهم في الوقت المناسب دخولا في الربح وخروجا من الخسارة. أي رجولة في دفع الإسلاميين إلى دور الانتحاريين ليفاخروا هم ببطولة الأقوال في الحالتين لأنهم يخلطون بين التدبير والتنبير؟ هدفهم أن يضربوا أكثر من عصفور بحجر واحد :لهم بطولة الأقوال وعلى النهضة كلفة الافعال ثم بعد ذلك يزايدون عليها بخرافة الأيدي المرتشعة .يا سيدي \"ولو صيودة وكولونا\" .لذلك فموقفي الشخصي -ومرة أخرى ليست ناطقا باسم النهضة -هو أنه على النهضة كما أسلفت من ثاني يوم بعد وفاة السبسي أن تختار هي بدروها المعارضة ورفض الحكم مع أي من المرشحين للرئاسة إلا إذا حصل توافق على جبهة وحدة وطنية للخروج من المآزق التي يعاني منها الشعب التونسي. ثم لا ننسى أن الشعب فضل برنامج سيعد وبرنامج القروي على برنامج مرشحها في الرئاسية ومن ثم فهي في حل من مساندة أي منهما ومن المفروض أن تبقى على الحياد وألا تشارك في حكم يكون عليها تحمل عبء مسؤولية تحقيق برامج أخرى غير برنامجها. فليجرب من يدعي محاربة الفساد محاربته من دونها ومن يزايد عليها في الرجولة والسيادة الوطنية وقيم الإسلام أن يقوم بذلك بدونها ومن يريد الفصل بين الاسر السياسية أن يحكم بأسرته التي لا نعلم هل هي ما يطابق جنسية التونسية أم الفرنسية .كل هؤلاء سيرون أنهم من دون العمود الفقري التونسي هباء منثور بل أشبه بالعدم الذي لا يتجاوز الأقوال إلى الافعال. لذلك فإذا لم يحصل شرط حكومة الوحدة الوطنية دون مزايدات على الممكن في ظرف تونس الحالي فلتترك من ينجح من المرشحين للرئاسة يختار من يريد من القوى السياسية ابو يعرب المرزوقي 266 الأسماء والبيان
\"- - الاخرى يعتبرها مجانسة لبرنامجه في إدارة دفة البلاد لأن كل مآزقها تنتسب إلى مجاله باعتبار أمن البلاد ممتنع من دون إخراجها منها .والمعركة التي علينا خوضها قد تتطلب دروتين انتخابيتين ولا يمكن لشعب يدخل حربا ضد عدم التوازن بين الجهات والبطالة وتعطل مكينة الإنتاج الاقتصادي والعدالة الاجتماعية أن يدخلها بصفوف متصارعة لأنها حرب أخطر من الحرب بالمعنى العسكري للكملة .أما إذا أرادوها حربا بصفوف متصارعة فالأولى تجنب النهضة الوقوع فيها. ولنر حينها ماذا سيفعل دونكيشوات الثورية والأسر الديموقراطية كيف ستسير البلاد وكيف خاصة ستقاوم الفساد الذي صار شعار من اعتبرهم بهذا الاختيار يعبرون على ما في اعماقهم من توق إلى الفساد فذلك بغير وعي منهم سعي للتبرؤ بالأقوال مما يتمنون بالأفعال. فالنهضة يكفيها ما قدمت وضحت من أجل نخبة سياسية أكبر خصالها الدناءة ونكران الجميل .فهم لا يعترفون بما يدينون به لصبرها على ابتزاز الباجي مدة خمس سنوات فاعتبروا صبرها لحماية الثورة خيانة لها ويبرئون من كانوا مستعدين للتضحية بـ 20ألف تونسي من أجل ما يسعون هم الآن إلى تحقيقه بدفعها دفعا إلى حكم هو \"منداف\" غايته أنهاء وجودها. اللهم إني بلغت: فلا يمكن للحمقى من السياسيين أن يتذاكوا متصورين أن الإسلاميين قطيع كما قالت رمزهم أغبى صحفية على وجه الأرض. ابو يعرب المرزوقي 267 الأسماء والبيان
- - لن أطيل هذه المرة. سمعت البارحة حوار القروي .وهي أول مرة أسمعه. وسمعت قبله حوار سعيد وسبق أن تحاورنا مباشرة بمناسبة لقاءات حول الثورة أو بمناسبة ندوات. ما يميز أحدهما عن الثاني ليس صفات خلقية لأني لا ادعي علم السرائر بل أكتفي بالظاهر والله يتولى السرائر. ما يميز احدهما عن الآخر هو تغليب أحد بعدي العجل في القصة القرآنية المعلومة. فالقروي يعتبر الإنسان تابعا لمعدن العجل وقيس يعتبره تابعا لخواره .لكن الإنسان في الحقيقة يتنازعه بعدا العجل ولا يمكن أن يتبع أحدهما دون الثاني .والمشكل ليس ذلك بل أي البعدين تابع وأي البعدين متبوع في القانون العام الذي لا يستنثي الشذود المثبت للقاعدة .لكن الإنسان يتلاعب به من يوهمونه أن الحكم يمكن أن يكون بصدق متمحضا باسم الله -ثيوقراطي -أو متمحضا باسم الشعب -ديموقراطي. وما ذلك في الحقيقة إلا سطح الحكم ورداء نفاقه ليعلل ما يعتدي على الأخلاق بمسحة خلقية كاذبة. أما بنيته العميقة فهي كونه دائما حكما ببعدي العجل :بالذهب وبالخوار معا ودائما. ولما كان أصحاب الخوار في الغالب خدما لأصحاب الدينار لتقدم العاجل على الآجل في سد حاجات الإنسان فإن المعركة كانت ولا تزال دائما لصالح أصحاب الدينار على أصحاب الخوار. فأصحاب الدينار يجمعون العامة بالحاجة النباتية (المائدة والسرير أو الغذاء والجنس) ويجمعون النخب بما يتجاوز الحاجة المباشرة إلى الجشع الذي يطلب ما فوق الحاجة وهو ابو يعرب المرزوقي 268 الأسماء والبيان
- - نوع من اللامتناهي الزائف بلغة هيجل .وعادة ما يكون ذلك متعلقا بالفنون التي تصحب المائدة والسرير أي زينة الغذاء وعبث الجنس. استغلال الفقراء والأغنياء هو أهم أدوات مافية المال .وما مافية الاقوال إلا لاقناع هؤلاء بأن أولئك هم الانفع :وتلك هي وظيفة من يسميهم الفارابي بأصحاب الأقوال ومنهم الصحفي و\"المثقف\" والفنان وكل الطبالين في المهرجانات الانتخابية. لست غرا فأصدق أن من يعارض القروي باسم القيم السماوية (وهو معنى ديني) ليس من جنس الملالي والحاخامات الذين يدعون أن الحكم هو باسم الله .وقد يكون في خدمتهم بوعي أو بغير وعي .لكن الملالي والحاخامات ليسوا أقل جشعا ممن يدعون مقاومتهم باسم القيم الدنيوية أي الحكم باسم الإنسان (وهو معنى علماني) فيتساوى الصفان في الخوار التابع للدينار في كل الأمصار وجميع الأدهار. لذلك فإني أكتفي بالفرجة على مسرح الدمى التي تدعي رفض السلوك المافياوي عند من هم من جنس القروي باسم نفس السلوك المافياوي عند من هم من جنس قيس :الفرق هو صراحة الصف الأول إلى حد النزعة الكلبية ونفاق الصف الثاني إلى حد النزعة الملالية والحاخامية .فالبنية العميقة واحدة :هي بنية الحكم باسم العجل أحدهما اختار معدنه والثاني خواره .والثاني لا يتجاوز دوره خدمة الاول إما حالا أو استقبالا. صحيح أن كلامي يبدو يأسا من الإنسان ويعتبر البنية العميقة هي المحددة للحكم من حيث هو حكم والسطح لإخفاء سلطان العجل على الإنسان .لكنه اعتراف بأن الإنسان بطبعه منافق وأن المصرح بأولوية معدن العجل أقل نفاقا من مدعي أولوية خواره لأنه في النهاية خادم عند الأول. ولا يمكن لي أن أدعي أني مستثنى من هذا القانون .وحتى لا أصبح ضمنه قلوت مجال سلطانه :السياسة. لذلك فضلت أن أغادرها بعد تجربة سنة وأن أبقى مجرد معلق على أحداثها لفهم ما يسمى سياسة بوصفه مسرحية تخفي بعدي العجل برداء الثيوقراطيا أي باسم الله أو برداء ابو يعرب المرزوقي 269 الأسماء والبيان
- - الديموقراطيا أي باسم الانسان .الحكم لا يمكن ألا يكون باسم دين العجل ببعديه الذهب سيدا والخوار مسودا لأنه خادم للأول وقناع يخفي عواره .وأفضل ألا أصوت لا لمافية معدنه ولا لمافية خواره .وأن أبقى متفرجا فالفرجة تفريج عن النفس المكلومة من حياة الإنسان الذي ترده الحاجة إلى عبد معدن العجل ويقنعه بذلك عبد خواره. ابو يعرب المرزوقي 270 الأسماء والبيان
- - بعد أقل من ثلث المناظرة أي بعد ما هو من مهام الرئيس دستوريا فضلت العودة إلى عملي في مكتبي .عشت في فرنسا وعشت في ماليزيا وترجمت كتاب الأمريكيين الجوامح Unruly Americansالمتعلق بالدستور الأمريكي والرجالات الذين بنوا أمريكا وما مرت بي مهزلة كالتي رأيتها البارحة لا في معنى المناظرة بين الزعماء ولا في معنى الدراية بطبيعة المهام التي يقال إنها مهام الرئيس خاصة والأمر يتعلق بدستور عجيب وغريب لم أر مثله بعدا عن معنى الدستور الذي يمكن من الحكم الرشيد والحد من المتشابه البليد في العبارة والإشارة. لن أحكم على الرجلين بل على الحد الأدنى لرئاسة بلد صغير ليس له شروط القيام المستقل وخاصة شروط الصمود لاتمام شروط السيادة حتى في حدها الأدنى الذي يعود إلى الرعاية والحماية يتقدم لرئاستها شخصان كلاهما يتكلم في كل شيء إلا في ما ينتظر منه الشعب بوعي أو بغير وعي وما يحتاج إليه البلد خاصة وهو يخوض معركة الانتقال الديموقراطي مع ما يلازمه من هشاشة كلنا يراها بالعين المجردة. وسأكتفي بأهم قضيتين تعودان إلى الرئيس بمقتضى ما يسنده إليه الدستور من مهام لأن المسائل الأخرى من زخرف القول ومن عدم حياد واضعي الاسئلة كالسؤال المتعلق باعتبار اتهام النهضة بالجهاز السري حقيقة وليس مجرد تهمة معروضة على القضاء علما وأن أيا منهما حتى المفاخر بمعرفة القانون لم يعترض على جعل التهمة حقيقة فصار الغباء الصحفي بديلا من القضاء. وإليكم المسألتان الخاصتان بالرئيس حصرا: .1أمن الوطن .2الدبلوماسية. ابو يعرب المرزوقي 271 الأسماء والبيان
- - ولكن قبل ذلك لم أسمع في حياتي أن رئيسا يعمل بمفرده فيقيم وكأنه شمشون الجبار بل هو يعمل بفريق وراءه ينبغي ان يكون شبه خلفية أو أرضية تبرز عليها شخصيته القيادية .وهذا الأمر غائب في الحالتين ليس في المناظرة بل في مسار الرجلين خلال الحملة إذا ما استثنينا الظهور الأول الذي سرعان ما اختفى لمرشد الأستاذ سعيد المترمكس والمتفلسف في بناء الدول وهندسة الشعوب .وهو ما يعني أن أيا منهما ما أن ينجح حتى يفرض أو يُفرض عليه -من ماورائه الخفي -بطانة لا نعلم من هي ولا ما هي توجهاتها - إذ ليس لأي منهما حزب أو قاعدة معلومة قبل أو حتى خلال الحملة -ولا كيف ستدير ديوان الرئيس .ولا ننس أننا نعلم كيف كان المرحوم الباجي قائد السبسي الذي هو داهية وصاحب تجربة على الأقل في نظام بورقيبة وفي نظام ابن علي وفي محاولة بناء صف الثورة المضادة في تونس كانت البطانة التي فرضت عليه قاتلة لمشروعه وله ذاتيا إذ موته كان \"حمصة\" بالتونسي .ولا شك أن علة فشله الأولى والأساسية كانت الفريق الذي من حوله. أمر الآن إلى المسألة الأولى: أليس من السذاجة أن يتكلم كلا الرجلين على أدواته التي لا يجهلها أدنى إنسان مهما كان أميا -رجال الشرطة والجيش ثم بعض التلميحات لأدواته الاقتصادية والتقنية لكأن تونس تعيش في جزيرة نائية ليس عندها إلا قضية أمن ظرفية -هي الإرهاب -والباقي لا يتجاوز جرائم الحق العام أو ما شابه .لكن الأمر أعقد ألف مرة مما تداوله الرجلان: .1فالأمن القومي يحمى أولا وقبل كل شيء باللحمة الداخلية للجماعة أو ما يسمى بالجبهة الداخلية .وكلاهما في كلامه وفي رؤيته مشروع حرب أهلية في تونس. فأحدهما محسوب على الإسلاميين .والثاني على العلمانيين .ولا أحد منهما عالج كيفية استعادة لحمة الشعب التونسي التي يمزقها هذا الصراع فتجاوز ما يجعله أميرحرب أهلية باردة -أحدهما يمثل صفا يدافع عن حقه في الوجود في تونس ابو يعرب المرزوقي 272 الأسماء والبيان
- - والثاني يمثل صفا يدافع عن استفراده بها -لم تكف السنوات الثمانية لتجاوزها بل عمقتها إذ يبدو وكأننا عدنا إلى ما بين 11و 13بدليل عودة الرباعي المشؤوم. .2حتى الدول العظمى لم تعد تتصور الأمن القومي يقتصر على دفاع منحصر في القوة الذاتية بل هي تعتمد سياسة الأحلاف في نظام عالمي لا بقاء فيه للأقزام والدول الوهمية مثل التي خط الاستعمار حدودها لأنها في الحقيقة محميات وليست دولا .ولا أحد منهما تكلم على حلف معين يمكن أن يكون جزءا من استراتيجية الأمن الوطني كما كان الأمر مثلا مع المرحوم بورقيبة الذي كان صريحا في أنه ينتسب إلى الحلف الأطلسي ولو بصورة غير رسمية. .3والأمن الوطني يحتاج تبعا لذلك إلى تعيين ولو تلميحا إلى الأخطار المتعلقة باختراقه المحتمل من \"أعداء\" محددين يستشفون عادة من نوع الحلف المشار إليه في .2وطبعا يمكن أن يوجد غيرهم خاصة وأحد المرشحين متهم بالانتساب إلى المافيا والثاني ربما يكون منتسبا إلى مافية أخطر لأنها خفية .ولا يكفي أن يقول المرء بالنأي بالنفس .فقد رأينا دلالة ذلك في لبنان وسوريا. .4الأمن الوطني يحتاج طبعا إلى تحديد عقيدة دفاعية ولا يُكتفى فيه بالأدوات أو بالإغراءات المادية للرجال والنساء الذين سيسهرون عليه .فهذه العناية لا ينبغي في الأمن الوطني حصرها في شروط انجاز مهمته المباشرة بل الأهم منها شروطه غير المباشرة :وخاصة البحث العلمي الذي ينتج وسائل الدفاع ويتصور استراتيجياته لأن الاستيراد تبعية تخل بالأمن الوطني والتفكير الاستراتيجي لا يكلف به الحمقى من جنس من كلفهم المرزوقي أو السبسي. .5وأخيرا فالأمن الوطني مسؤوليته ليست مقصورة على قرطاج بل إن لباردو والقصبة دورا أهم من قرطاج لأنهما هما من يحدد الشروط الأربعة السابقة على المسؤولية المباشرة ويقدمون لها حلولا فعلية فتكون مسألة العمل المشترك بينهما وبين قرطاج أول الشروط. ابو يعرب المرزوقي 273 الأسماء والبيان
- - كل ذلك لم يرد ذكره واكتفى أحد المرشحين باستعراض عضلات سطحية في اختصاصه الذي لم ينجز منه شيئا لما كان مطالبا بإنجازه إذ لا نعلم له بحثا علميا يعتد به ولا حتى رسالة أكاديمية تخول له ا ستعمار عنوان أستاذ في القانون الدستوري وهو يفاخر بفضله على وضع القوانين .واكتفى الثاني بالعامل المادي وذلك حد فكره. أمر الآن إلى المسألة الثانية: وهي أخطر فضلا عن كونها لم تنل حضها إلا بما يفيد أمية وغباوة سياسية لا تقدر عند المرشحين .فمن يزبد ويرغد وكأنه يهذي في الكلام على أعقد قضية في الأقليم أعني قضية التطبيع والحرب مع إسرائيل والخيانة لكأننا نسمع بوقا من أبواق \"المومانعة\" التي نعلم ما لديها من عنتريات ورأينا مآلها في سوريا والعراق واليمن لا يمكن أن يعتد برأيه في أي أزمة قد تطرأ في الأقليم. أما الثاني فاكتفى بترديد الموقف البورقيبي الذي تبنته كل الأنظمة العربية المطبعة أعني تبني ما يرضى عنه الفلسطينيون لكأن الأقليم والعالم لم يتغير بعد بورقيبة أولكأن الدبلوماسية ليست استراتيجية التكيف مع تغيره. .1فهل لتونس ما يكفي من السيادة لتختار توجيه دبلوماسيتها؟ سأذكر مثالا أولا .لما حاول المرحوم محمد مزالي توجيه ديبلوماسية تونس إلى جنوب جنوب وتعاون مع العالم الثالث والصين ماذا حدث؟ كلنا يعلم أنه أطيح به من قبل ليبيا وفرنسا وعملائهما في تونس ومنهم المرحومة وسيلة والمرحوم الحبيب عاشور. .2وأضيف مثالا ثانيا .لما كان بورقيبة في عز قوته هل كان يستطيع أن يصوت في الامم المتحدة بما يخالف فرنسا وأمريكا؟ ألم يؤجل الاعتراف بالصين الشعبية حتى اعترف بها دوجول؟ ابو يعرب المرزوقي 274 الأسماء والبيان
- - ولا بأس من مثال ثالث .فلما أمضى بورقيبة اتفاقية الوحدة مع القذافي من منعه من اتمامها؟ أليس الهادي نويرة بأمر فرنسي ووسيلة وخاصة بومدين الذي قال إنه لا يركب القطار وقد تحرك؟ فأي دبلوماسية يتكلمون عليها وكأن تونس صارت قطبا عالميا؟ .3هل يمكن الآن لسعيد أو للقروي أن يتخذ خطوة في الدبلوماسية المستقلة عمن يمسكون بخناق تونس دبلوماسية ذات دلالة تعتبرها أمريكا أو فرنسا أو حتى دول الخليج ذات الدور في اقتصاد تونس من دون أن يكون في ذلك كارثة عاجلة وليست آجلة قد توقف دفع أجور كلها تدفع من القروض لآلاف العاطلين فعليا والموظفين رسميا في الدولة لحلب ضرعها حتى جف بطالة مقنعة هي عسكر الإدارة والاتحاد والشركات المفلسة؟ .4ألم يصبح شرط الدبلوماسية القادرة على الفعل المؤثر والمعتبر أساسه إصلاح النظام الاقتصادي ونظام الحكم لترشيده لئلا تكون كلفة الدولة تتجاوز مدخولها بحيث إن الجماعة صار دورها ليس إنتاج ما يسد حاجتها بل تسمين مافيات المستحوذين على البقرة الحلوب أي الدولة لخدمة من المفروض أن يكونوا في خدمة الشعب لا في استخدامه وأكل عرق جبينه؟ فمن دون ذلك يمكن لإيقاف القروض مثلا أن يسقط ما يسمونه دولة في تونس في لمح البصر لأنها لا تستطيع الصمود شهرا أو شهرين .وكل الصناديق التي خربها توظيف العاطلين من النقابيين والحزب الحاكم وأبنائهم وهم في الاغلب جيش الإدرايين في الدولة وشركاتها ستنهار فيصبح الشعب في حرب أهلية من أجل خبزهم اليومي. .5وأخيرا إذا كان كلا الرجلين لم يريا العلاقة بين الدبلوماسية والأمن وبينهما وبين شروط السيادة والقدرة على القرار المستقل والحكم الرشيد فهما لا يفهمان في وظائف الرئيس شيئا ويريدان أن يتعلما الحجامة في رؤوس اليتامى خاصة ونحن لا نعلم من سيكون معاونين لهم في مهامهم وقد يعينهم \"المسؤول الكبير\" بمصطلح المرحوم السبسي. ابو يعرب المرزوقي 275 الأسماء والبيان
- - اللهم إني بلغت. وإني فعلا لأكثر انزعاجا من المصفقين لأي منهما أكثر من انزعاجي من قصورهما البين لكل من يحاول أن يحكم بموضوعية فلا تغره الخطابة السمجة ولا التلعثم الخجول .فالكثير من التعليقات التي قرأتها بسرعة تفيد أن التقييم كان متعلقا بخطابة الثرثار وهي من أردإ ما سمعت وبتلعثم الربراب وتلك علة تردده لأنه كان يخاف أن يربرب. إن تونس مثلها مثل غيرها من بلاد الإقليم ما زالت بعيدة عن الديموقراطية بعد السماء عن الارض خاصة والذين يصفقون لقيس هدفهم توريط الإسلاميين بعد أن حسبوه عليهم وهو لا صلة له بهم لأن كونه متعبدا لا يعني أن برنامجه مثل برنامجهم. لكن الإسلاميين بغباء لا نظير له وقعوا في الفخ فعادوا إلى دروشة \"الغفاصة\" في أبجديات السياسة قصيرة النظر: لذلك كتبت \"حزوهم راهم يتعاركوا على راسي\". برنامج الأستاذ مورو في حملته هو البرنامج الوحيد الذي يفكر في ما يتجاوز أنف القاصرين عن الفكر الاستراتيجي. لكن الحمقى من النهضة هم من أسقطه. وقد ينجح قيس فيكونوا براقش التي تجني على نفسها. ابو يعرب المرزوقي 276 الأسماء والبيان
- - عندما اكتشفت في بحوثي السابقة في الفلسفة السياسية دلالة دين العجل أو دور معدنه (الذهب) ومنطقه (الخوار) بنية لنوعي الأنظمة السياسية الأقصيين الثيوقراطية (باسم الله) والانثربو قراطية (باسم الإنسان) فهمت لماذا تصل الشعوب إلى ما عليه الوضع الحالي في تونس .فالانتخابات الحالية وضعتنا أمام معركة بين أصحاب معدن العجل وأصحاب خواره. وقد أصدق أن يسيطر أصحاب المعدن .أما أن يسيطر أصحاب الخوار بالحد المزعوم حاليا هو المحير .ذلك أني مهما آمنت بالمثاليات لا يمكن أن أصدق حزب من يدعون الفضيلة يمكن أن يبلغ في تونس إلى الحد الذي يجعل الغالبية أفلاطونية. فهذا يخالف قوانين الاجتماع المعهودة وسنن التاريخ المعلومة خاصة وأن ما يلاحظه أي إنسان صادق في الممارسات الفعلية التي تجعل الغالبية في تونس وفي كل بلاد العرب إذا تجاوزنا الاقوال ونظرنا في الأفعال هي اشبه بما عليه القروي منهم بما يبديه سعيد من تظاهر بالطهرية. ولم يكن بوسعي إلا أن افترض أن ما يبديه هو ومن يزعمون الدفاع عنه بمعيار الطهرية نقيض ما يخفيه ويخفونه .لذلك فالمشكل بالنسبة إلي ليس الحيرة الانتخابية :من سأختار. الاختيار الذي هو فرض عين لا يخضع لمنطق الثالث المرفوع .خياري هو رفض المترشحين ومخاطبة الشباب بأنه العودة إلى نتائج من جنس ما يقرب من المائة في المائة لا يمكن أن يعبر عن حقيقة خلقية في الجماعة .لا أصدق أن الغالبية فاضلة. فأن تتساوى الفضيلة والرذيلة في المجتمعات البشرية أو تتقارب في النسب ذلك هو ما يعتبر أمرا معقولا رغم أن أصحاب الرذيلة عادة هم الأكثر في جميع المجتمعات البشرية وتلك هي حقيقة البشر .وكما قال عبد الرحمن ابن خلدون لو كانت المدن الفاضلة ممكنة ابو يعرب المرزوقي 277 الأسماء والبيان
- - لاستغنينا عن الحاجة إلى الدول التي هي بالأساس الشوكة التي تجعل الشرعية قابلة لأن تكون حكما بين الفضلاء والرذلاء إذا كانت شرعية. يوجد شيء غير طبيعي في ما يجري. فإذا فرضنا أن القروي لا يمثل المافية فحسب-وهذا أمر شبه ثابت-بل وكذلك يد إسرائيل وغلبه سعيد فلا يمكن أن اعتبر ذلك بسبب حب الشعب لفلسطين أو أنه صار كله من الفضلاء لأن الغالبية على أخلاق القروي بل لأن من تمكن من السيطرة في الهلال له دور في هذه الهزيمة. لذلك افترضت أن سعيد وراءه \"مكنة\" تمكنت من التخطيط الهادئ بحيث حققت في تونس ما حققته في العراق وفي الشام في اليمن .وأعتقد أن الأمن التونسي نائم أو مخترق لأنه لا يمكن حتى بالعين المجردة أن يكون ما يجري أمرا طبيعيا بحيث يجمع اليساري والقومي والنهضوي وحتى بعض من ينتسب إلى النظام السابق. صحيح أني لا أملك الدليل .وصحيح كذلك أني لا يمكن أن أصدق ما يبدو معجزات أو سحرا .فالإجماع على شخص ليس له أدنى تاريخ نضالي في تونس أو علمي أو ما يثبت أنه من ذوي الفضل في شيء ذي قيمة من دون ما ورائه أشبه بما كان وراء ترومب الذي نجح بتدخل بات الآن شبه ثابت لخدمات مافية روسيا البينة .وهي مستعدة لخدمة من يدفع والثورة المضادة مستعدة للدفع. وقد سبق أن اكتشفت مصالح المخابرات التونسية عملا له علاقة بذلك في ولاية بنزرت التي أنا منها إذ اكتشفت أن فريقا روسيا كان يبحث في سجلات الحالة المدنية .كما أني على علم بأن \"مؤمنون بلا حدود\" كان أول ملف اهتمت به في تونس الحالة الدينية ليس بدافع علمي بل لإحياء الطائفيات والمذهبيات .والثورة المضادة عربية وإيرانية وإسرائيلية لأن خطر الديموقراطية يهدد أنظمة الأولين وهيمنة الثالثة. ولا يخفى على أي ملاحظ النشاط المريب لما يسمى ملحقيات ثقافية لإيران في كل بلاد العالم وخاصة في البلاد العربية واستقطاب الكثير من \"النخب\" التي يمكن شراء ضمائرها ابو يعرب المرزوقي 278 الأسماء والبيان
- - بزواج متعة لليلة أو بإقامة في فندق لأسبوع أو لأدنى ما يرمى في الجيوب الخاوية .فصار لها مليشيات قلم أكثر من مليشيات السيف. ولا أتهم شخصا بعينه بمن في ذلك سعيد نفسه إذ قد يكون دمية لا واعية لأن من يعتبره قائدة الفكري شيوعي مر بمرحلة تكوين ورسكلة في البحرين ولا يمكن أن يكون قد عاد قبل نهاية العقد من دون أن يكون قد حصل على ما يكفي لمهمة تدرب عليها مع \"الديموقراطيين\" فيها. وأتمنى أن أكون مخطئا .لكني شديد الحذر في التعامل مع ما هو من جنس المعجزات. فحتى رسولنا الخاتم لم يحقق واحد في المائة من المعجزة الجارية في تونس :بقي عشر سنوات في مكة ولم يتبعه إلا قلة قليلة لا تتجاوز المائة .وهذا في شهر صار أتباعه بالملايين فمن يصدق ذلك فهو يصدق بالمهدي المنتظر وهو عندي كذبة باطنية. فضلت إذن أن أرفض كلا الصفين خاصة وقد بينت في نظرية العجل وبعديه الذهب والخوار أن هذه القصة القرآنية تحدد بنية عميقة توحد بين النظامين السياسيين الحاكم باسم الله والحاكم باسم الشعب .فنحن أمام ذيلين يدنسان الإقليم أحدهما يدعي الحكم باسم الله (إيران) والثاني باسم الشعب (إسرائيل). والذيلان يشتركان في تأسيس وجودهما على نفس الخرافة :إيران على أسطورة الأسرة المختارة (آل البيت) والثانية على أسطورة الشعب المختار (إسرائيل) .وكلتاهما لها ثأر مع الإسلام :الأولى لاسترداد دولة فارس المزعومة والثانية لاسترداد الأرض الموعودة المزعومة .وبين أن العدو عندهما هو الإسلام عامة والعرب خاصة. ومن يجهل هذه الحقيقة أو يتجاهلها لا يمكن أن يدعو إلى الحذر وخاصة بعدما رأينا صعود ترومب باستراتيجية هي التي أنسب إليها صعود قيس الذي هو رجل شديد البساطة والمحدودية الذهنية -إذ من يقضي حياته الجامعية ولم يكتب حرفا في اختصاصه -لا يمكن أن يكون جديا ناهيك عن أن يكون عالما أو خبيرا. ابو يعرب المرزوقي 279 الأسماء والبيان
- - وهذا من شروط نجاح هذه الخطط :فلا ترومب ذكي ولا السيسي ذكي ولا صاحب المنشار ذكي ولا أي دكتاتور عربي ذكي .وكل من تختارهم القوى التي تخترق مجتمعاتنا ونخبنا هي من هذا الجنس .لا تنسوا لعبة السيسي مع الاخوان الذين ظنوه منهم لأنه يحسن لعبة \"خوار\" العجل و لا يعبد الله بل \"معدن العجل\". قصة العجل هي بنية نظامي الثيوقراطيا والديموقراطيا العميقة .وهي إذن \"أبيسيوقراطيا=نظام العجل باليونانية قياسا عليهما\") أي نظام العجل بنية عميقة لنظام الحكم باسم الله لنظام الحكم باسم الشعب .فكلاهما لا بد فيه من المال القذر والخوار الغادر .وهذا حتى في دول أوروبا وخاصة في أمريكا صاحبة هذين الفنين بلا منازع أي المال والاعلام والملاهي. ولست بحاجة لبيان دور المال والخوار في إيران وخاصة عند ما يسمى بالمرجعيات التي تعيش على حلب المواطن واستخلال ماله وعرضه وتكذب كما تتنفس حتى صاروا يتكلمون مع المهدي بالهاتف وجعلوا عليا يأمر الله وينهاه وهلم جرا من الخوار الذي ينتهي إلى جعل الشعوب أقرب إلى أدنى أنواع الحيوان. وطبعا لست بحاجة إلى نفس الأمر في إسرائيل .وإذا كان ما يحصل في المال والخوار في اقليميا ففيها عالمي .وهو أمر لا ينكره أحد بل هو عين النظام الرأسمالي وخاصة في مرحلته المتوحشة التي تتحكم في الإنسان بالتحكم في شرطي حياته أي غذائه وجنسه وهما ما أمرز إليه بالمائدة والسرير في تحليلاتي. تلك هي القصة التي تحيرني .وتلك هي علة رفضي أن أصوت لأي منهما .ولست وصيا على أحد .لكني أومن بأن واجبي الا أخفي ما دار بخلدي وما أعتقد أنه التفسير المعقول لما يجري .وهما كنت مؤمنا بأن المعجزات ممكنة للرسل فإني اعتقد بعد الخاتم أنها مستحيلة .الله غالب لن اتخلى عن عقلي لأرضي الشعب. ابو يعرب المرزوقي 280 الأسماء والبيان
-- لو نجح القروي لسهل افتراض التزييف لأن فشله كان متوقعا ليس لأن الشعب التونسي غالبيته فاضلة بل لأن عيوب الرجل بينة للجميع .أما وقد نجح سعيد فمن العسير اتهام الانتخابات بانها زيفت لعكس المتوقع في الحالة الأولى .لكن النتيجة مع ذلك تمثل لغزا محيرا. ذلك أنه بعملية حسابية بسيطة يتبين أن مجموع ما حصل عليه سعيد في الانتخابات (ما يفوق الثلاثة ملايين ناخب) يساوي ما يقرب من ضعف ما حصلت عليه كل القوى السياسية مجتمعة في الانتخابات النيابية .وهو كذلك ما حصل عليه السبسي والمرزوقي مجتمعين في رئاسيات .2014 وهذا لغز يعسر فهمه او قبوله أو تبرير بصحوة ضمير ثوري لدى الشباب مهما نسبنا إليهم من مثالية .وإذا كان يوجد من يعتبر ذلك طبيعيا ومعقولا فينبغي أن يكون مجنونا أو يؤمن بالسحر والمعجزات .والحمد لله أني لم أصل إلى هذا المستوى من جنون العبقرية فأتوهم \"الشباب\" مطلق العلم بالحقيقة وممثلا للحكمة الربانية بخلاف طبائع الأمور في كل الأمصار والعصور. وقبل بيان ما يجعلني شديد التشاؤم أعتقد أن الله قد ابتلى المسلمين في عصرنا بما يزايد عليهم تارة يسارا وطورا يمينا .وقد عشنا في تونس منذ الثورة مع المزايد على يسارهم (المرزوقي) وسنعيش مستقبلا من يزايد على يمينهم (سعيد) :أحدهما علماني مثالي والثاني أصلاني مثالي .هذا في الظاهر .لكن الحقيقة هي أنهما كلاهما خارج الواقع والتاريخ وجاهل بحاجات الجماعة وإمكانات تونس المحدودة في سعيها إلى تحقيق شروط الحرية والكرامة فعليا وليس شعاريا .وقد يمكن لمن يفكر مثلهما أن يكون روائيا ساذج الخيال وفقيره ولا علاقة له بالسياسة التي تعنى باستراتيجيات رعاية الشعوب وحمايتها بجعلها راشدة تحكم نفسها بنفسها وتحقق شروط الاكتفاء الذي يحررها من مد اليد فيهما تسولا كالحال الآن. ابو يعرب المرزوقي 281 الأسماء والبيان
-- وواضح أن المعركة بدأت مساء الأمس ولم تنته بحسم الانتخابات كما قد يظن أصحاب الفكر السطحي من اصحاب العنتريات والمؤمنين بالمعجزات وبعودة ثورة .14-17كما ظاهرة الشباب حتى لو صدقناها لا تكفي لتفسيرها لأنها هي بدورها ليست عادية .فليس في فكر الرجل وشعارات حملته ما هو من هموم شباب عصرنا بل هو يخاطبهم بما يشبه تخريف صوت العرب في الستينات قبيل النكبة وبما فيه بعض شعارات \"المقاومة والممانعة\" وقد تسعمون قريبا يا لثارات الحسين .السلوك هو سلوك التربية المليشاوية في بلدان الممانعة المزعومة والفاشية بصورة عامة سواء في أوروبا أو في الأنظمة القومية التي يعلمها الجميع. ورغم أن النتيجة ليست بعد نهائية إذ قد يقدح الطرف الثاني ومساندوه فإن محاولة فهم اللغز واجبة .وقد يكون من علامات القدح المتوقع عدم حصول ما هو معتاد في مثل هذه الحالات: • لم يهنئ المنهزم المنتصر بالنتيجة. • ولم نسمع تسليما بقبول النتيجة في القوى الدولية. لكن ما يشير إلى المسار الذي يمكن أن يساعد في الوصول إلى افتراض حل مقبول عقلا لهذا اللغز هو أن المرشح الذي نجح كان سينجح حتى لو لم يصوت له كل من صوت لكل القوى السياسية في النيابيات الأخيرة أعني أنه كان يمكن أن ينجح بأكثر من الخمسين في المائة حتى لو نصحت كل الاحزاب كل منخرطيها ومحبيها بعدم التصويت له .فهل معنى ذلك أن كل القوى السياسية على خطأ وليس فها من يمثل إرادة الشعب التونسي إلى حد امكانية الاستغناء عنها في تقرير مصيرها السياسي؟ يصعب أن يكون الجميع على خطأ ويعسر أن يكون المصيب والمعبر عن إرادة الشعب شخص ليس له أدنى تاريخ نضالي وأدنى خبرة في السياسة وأدنى انجاز في مجال آخر يثبت أنه عبقرية زمانه ووحيد عصره وفي مرتبة لم يصلها في التاريخ أي رسول أو فلتة حتى بما ينسب إلى بعضهم من معجزات. ابو يعرب المرزوقي 282 الأسماء والبيان
-- قد يصدق ذلك من يفهم في معارك الكرامة مستغنيا عن النجاح في ما عداها من الامتحانات حتى في الاستعداد للحياة الفكرية والسياسية .لكن حتى لو لم أكن ممن يفهمون في معارك الكرامة وفي السياسة فإني ما زلت لم أصبح \"أبا سعدية\" أو \"أمك سيسي\" .ما زلت أومن بالعقل السليم ولا أصدق مثل هذه المهزلة. وهو ما يوجب ان نفترض أن ما حدث لسعيد قابل للتفسير بالتناسب مع ما حصل للقروي وبالقياس إلى ما حصل للقوة الضديدة للقوة التي تساند .فهما قوتان تسعيان إلى الهيمنة على الاقليم كله بأساليب الحرب الحديثة التي تفسر الظاهرة فلا تبقيها لغزا .ولا يمكن أن يكون ما تفعله إسرائيل وإيران مما يمكن أن يعتبر استعماله في فهم الاحداث مستندا إلى ما يسخر منه عادة بالقول إنه شماعة نظرية المؤامرة فالأمر بين للجميع وهو استراتيجية صريحة وليس مؤامرة خفية نرى نتائجه في جل بلاد المشرق بدءا بالعراق وسوريا واليمن والبحرين وخاصة في لبنان التي هي بؤرته وقاعدة كل عملياته. وكلنا يعلم أن إسرائيل لم تخف شيئا في مساندتها للقروي بأدواتها المباشرة وغير المباشرة والقروي لم يبذل جهدا كبير لإخفاء هويته المشبوهة .فالقوة التي حاولت تمريرة لم تخف دورها بل شاركت صراحة في محاولة تسويقه .ومن ثم فينبغي أن تكون إيران هي الضديد الذي يناظرها في المعركة وهي معروفة بألا تظهر عملها إلا بعد أن يصل إلى عدم الرجع أي النجاح الثابت لمركوبها حتى تبقي المصالح المختصة بحماية أمن الوطن في غيبوبة أو تجعلها متواطئة بأساليب كلنا يعلم طبيعتها. فإذا لم ننس: • الفريق الروسي الذي كان يفحص السجلات المدنية في تونس وأمسكت به الاستعلامات في بنزرت بالذات. • وإذا لم ننس أبواق الملالي وخلاياها في تونس واختراقاتها. • وإذا لم ننس حملة التسجيلات الأخيرة في قوائم الناخبين التي بلغت مليونا ونصفا. ابو يعرب المرزوقي 283 الأسماء والبيان
-- • وإذا لم نغفل عن كون نتائج سعيد يساوي ما تتجاوز به كل القوى السياسية مجتمعة لهذا الرقم تقريبا • وإذا لم ننس ما حصل في انتخابات أمريكا ونجاح ترومب رغم أنف حزبه وعكس كل التوقعات وبتدخل بين من نفس المافيا الروسية فإن اللغز يمكن ألا يبقى لغزا. وليس في هذه الفرضية تحقير للشعب التونسي أو تشكيك في ذكائه أو اخلاصه للوطن لأن ما حصل في أمريكا وهي أعرق ديموقراطية لا يمكن أن يكون مثيله فيه شيء من الاحتقار للناخب التونسي .فهذا من فنيات الحروب الحديثة التي تعمل على اللاوعي في التوجيه الذي يشبه التنويم المغناطيسي الذي يجعل الخاضع له يفعل ما يؤمر عن بعد أو خلال التنويم. لكن ليس هذا هو المهم :المهم هو معرفة من المستهدف ومن المستفيد؟ والمستهدف خصمان لهذين القوتين المتصارعتين على احتلال الإقليم: .1مباشر هو آخر حركات الإسلام السياسي في الإقليم وآخر بلد ما زالت الثورة فيه لم تسقط .وهو امر يتعلق برهان كبير وكبير جدا إذ هو رمز محاولة شعوب الإقليم الخروج من الاستثناء التاريخي .وما حصل في الانتخابات ضربة قاضية لهما معا وليس نجاحا كما يتوهم بعض \"الأذكياء\" الذين يفهمون في معارك الكرامة. .2وغير المباشرة هو تحقيق شروط نجاح الحرب الحديثة أي استهداف النسيج واللحمة في المجتمع والدولة كما حدث في سوريا والعراق واليمن والبحرين وبقية دول المشرق. والآن من المستفيد؟ واضح أن الذيلين ومن وراؤهما كلهم مستفيدون ومجمعون على هذين الهدفين-1 : القضاء على الإسلام السياسي حتى ما كان منه يحاول التحول إلى حزب مدني يفصل بين الديني والسياسي. القضاء على الثورة وخاصة في تونس حيث تبدو قد نجحت نسبيا وما تزال تمثل نموذجا في الإقليم. ابو يعرب المرزوقي 284 الأسماء والبيان
-- ومن ثم فالتعاون بين إيران وإسرائيل رغم التنافس بين تماما كما حدث في المشرق. والسؤال هو :ما الهدف؟ وهل هو مشترك بين هذه القوى التي تريد منع الإقليم من الخروج من الاستثناء لئلا يعود إلى دور تاريخي كوني كما كان في الماضي؟ وما الذي يثبت هذه الوحدة في الاستهداف؟ ينبغي أن يكون ما يخطط له في المغرب من جنس ما حصل في المشرق وأتى اكله فيه .لا بد من جعل \"تونس\" قاعدة لهما في المغرب كما فعلا في المشرق أي لا بد لهما \"لبنان\" جديدة لتكون وساحة معركة في التسابق المجانس للتسابق الذي حصل فيها وفيه تكب \"نقطة الزيت\" أو الفتنة التي ستسيح وتتمدد على المغرب الكبير مثلها فعلت في المشرق الكبير. لو كان في تونس مصالح استعلاماتية تعمل بمعايير عليمة فتبحث في الأمور بمنطق يقبله العقل لكان هذا هو المسار الذي ينبغي اتباعه في فك شيفرة اللغز الذي لا يقبله عقل من دون تفسير بسنن التاريخ وقوانين الاجتماع. فما يحدث في تونس لا يختلف عما حدث في لبنان فمهد لما حدث في العراق وفي سوريا وفي اليمن وكله بالانطلاق من موطئ قدم هو الفتنة والحرب الاهلية في لبنان حيث مركز نوعي المليشيات الطائفية :ففيها نشأت أهم مليشيات إسرائيل وإيران في حرب بالقلم وبالسيف. تونس في نفس السكة :يريدونها قاعدة لنفس العملية .الهدف هو حرب أهلية في تونس تنتهي إلى قطعة جبن مخترقة هي \"مزبلة\" الاستعلامات والمؤامرات على المغرب الكبير كله مثلها مثل لبنان في المشرق الكبير. كان يمكن أن أرقص مع الراقصين فأنال اعجاب من يتصورون أنفسهم مؤمنين بالثورة وهم بصدد الامضاء على شهادة اغتيالها .لا شيء سيفسد مسارها نحو تأسيس ديموقراطية أول شروط تحقيق المصالحة بين أبناء تونس للتفرغ إلى العمل واستعادة شروط السيادة أعني الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتي في الرعاية وفي الحماية. ابو يعرب المرزوقي 285 الأسماء والبيان
-- فمن دون هذين الوظيفتين لأي دولة ممثلة لإرادة شعبها لا معنى للسياسة التي هي فن تنظيم العيش السلمي المشترك .أما العودة إلى القذافيات والعنتريات فستؤجج الحرب الأهلية الباردة التي تمثلها معركة نمط المجتمع والهوية وقد تنقلها إلى مرحلة من السخونة تنتهي بتونس إلى ما نراه في كل بلاد الربيع .ذلك ما يدفعني إلى ما يظنه ذوو الحماسة الهوجاء ابتعادا عن حس الشارع .الحكمة ليست ديماغوجية اتباع الشارع بل محاولة ترشيده ما أمكن الترشيد .ولا بأس إذا تبين أن مخاوفي ليست في محلها فلن نخسر شيئا بمزيد الحذر لتجنب النكبات .ولكني أشك أن تكون قوانين الاجتماع وسنن التاريخ \"بنت حلال\" فتمنع تونس حق الاستثناء من أثرها عليها حتى \"يرقص\" أبناؤها على عزف يشبه عزف \"صوت العرب\". والله أعلم. ابو يعرب المرزوقي 286 الأسماء والبيان
-- لهذا العنوان علاقة بما فاخر به بعض قيادات مليشيات الملالي في سوريا مدعيا أن إيران تسيطر على أربع عواصم عربية مستردة ما كان جزءا من امبراطوريتها التي أزالها الفتح الإسلامي .وتحليلي لما جرى في الانتخابات أوصلني إلى أن هذا المشروع يتمدد الآن إلى المغرب الكبير ويريد أن يجعل تونس لبنان ثانية حتى يكون لهم فيه ما كان لهم منطلقا في المشرق الكبير. اليوم عيد الجلاء وهو عيد تونس عامة وعيد المدينة التي أنا منها بنزرت خاصة لأنها تعد رمزه .فقد كانت أكبر قاعدة للحلف الاطلسي ولفرنسا موجودة فيها ( .)1961وأكبر عدد من الشهداء التونسيين في حرب التحرير سقطوا في معركة الجلاء .وهم ليسوا من مدينة بنزرت وحدها (وكان من اسرتي بعض الشهداء) بل من كل أبناء تونس الذين أتوا لتحقيق هذا الهدف. وأعتقد جازما أن تونس صارت مستهدفة استهداف العراق وسوريا واليمن والبحرين وكل محميات الخليج وقبلها منطلقا لهذا الاستهداف لبنان وخاصة بعد الحرب الأهلية التي جرت فيها .والاستهداف بدأت علاماته تبرز لذوي البصيرة ولعل فقدانها مع محاولة التغطية يفيدان أن البعض على علم بالاستهداف بل لعلهم من أدواته على الأقل بالانتساب إلى من سميتهم بمليشيات القلم مقارنة بمليشيات السيف من جنس حزب الله. والعلامات عند من يحسن تأويلها حتى لو اقتصر على البصر دون البصيرة بارزة في الأحداث التي تجري في الإقليم وكلها من جنس التطابق الموقفي مع أصحاب لعان أمريكا وإسرائيل بالأقوال والقيام بما تأمران به بالأفعال لأن إيران تتصور أنهما يريدان منها المساعدة في القضاء على القوة الوحيدة التي يحاربانها لأنها هي التي قام عليها كل تاريخ الأمة :سنة الاقليم من الماء إلى الماء بل وفي العالم كله. وقد ظهرت هذه العلامات إما في مواقف دونكيشوت الذي حقق \"المعجزة\" المزعومة في الانتخابات بحجة أن الشباب عاد إلى الفاعلية السياسية بعصا موسى أو في مواقف المصفقين ابو يعرب المرزوقي 287 الأسماء والبيان
-- لهذه المغامرة التي ستنهي الثورة والتجربة الديموقراطية وتعيدنا إلى لجان القذافي الشعبية أو إلى سوفيات روسيا أو إلى الكتبة والمتفلسفين بأفكار هي من سقط متاع الفلسفة الوجودية: .1العلامة الأولى هي المطابقة التامة في الموقف العنتري من فلسطين وتحريرها بأقوال من جنس أقوال فيلق القدس الذي ليس لقائده من عمل إلا احتلال بلاد العرب مثله مثل عميله حسن نصر الله .فأول شيء استعمله زعيم الدراويش -قيس سعيد -هو الكلام على فلسطين بنفس لغة أذيال إيران من العرب .وقد يعجب الكثير من وصفي إياه بزعيم الدراويش .والعجب علته نسيان القراء أن السيسي لما أسقط الثورة في مصر كان سر نجاحه أنه كان زعيم الدراويش لأننا لو حسبنا من كان معه حينها لكان عددهم أكثر من 75في المائة من الشعب المصري: • أتباع التصوف وهم الاكثرية في مصر • ثم السلفية عامة والمدخلية منها خاصة • ثم المسيحيين • ثم العلمانيين. ونفس هذا الامر تكرر في تونس .فلا أحد ينكر أن حركات التصوف عادت من جديد وأن \"أعراس\" من يسمونهم الأولياء الصالحين وهم عندي طالحون قد عادت من جديد وأن جل زعماء تونس صاروا يتبركون بهم وحتى بالغريبة (كنيس يهودي في جربة). وعندي أن كل مزايد على الموقف الذي يحقق مصلحة فلسطين وأجمع عليه أهل الدار قبل الجار أي العرب هو الموقف السليم .وكل ما عداه مزايدة هدفها إلهاء العرب بعنتريات لا تقدم القضية بل تؤخرها .وهو ما قلته لقياداتها الأعلى في كل مناسبة لقيتهم -في تونس وطهران وقطر وحتى في سوريا قبل الثورة -وخاصة بعد الانتخابات التي أوصلتهم إلى الحكم فنصحتهم بترك السلطة التنفيذية والاكتفاء بالتشريعية. ابو يعرب المرزوقي 288 الأسماء والبيان
-- .2العلامة الثانية هي المطابقة مع أذيال القومية ممن صاروا يتفاحلون بنواب لا واحد منهم نجح بغير الاسعاف ممن يعتبرون الثورة عبرية وليست عربية ويحالفون الأسد عميل إيران وزعيم الطائفية ودمية اسرائيل التي لولاها لما صمد ساعة أمام ثورة الشعب السوري. .3العلامة الثالثة هي بداية الدعوة من بعض الشباب الذي \"دروشوه\" لتكوين ما يشبه مليشيات إيران في العراق بدعوى مساعدة الدرويش في تحقيق برنامجه الذي هو الاطاحة بمؤسسات الدولة والعمل خارجها بالشارع .وهي نفس التقنية التي استعملها الخميني لما أطاح بجيش إيران وعوضه بحرس الثورة. .4العلامة الرابعة هي حماقة القيادة العليا الحالية لحركة النهضة التي لا تختلف عن حماقة حماس لما فرحت بالحكم ونسيت شروطه -وقد حذرت منها قياداتها الأعلى -هي الرغبة في الحكم مهما كانت الظروف ولو أدى ذلك في النهاية إلى القضاء على ما لأجله وجد الإسلام السياسي الذي هدفه تحقيق التحرر والتحرير مرحلة تؤدي إلى شروط القيام المستقل بما يفرضه العصر من حجم جعل الأمم لا تكون حرة إلا بحجم العماليق. .5والعلامة الأخيرة هي \"تفاقه\" بعض الكتبة والمتفلسفة حول الإيمان الحقيقي والروحانيات لكأن دونكيشوت صار من حجم الرسل بأفكار هي من سقط المتاع وهي في الحقيقة عين المعاني التي تتأسس عليها الفاشيات :مثل الإيمان الحق والروحانية الحقة والرجولة الحقة إلخ ...وغالبا ما كانت هذه المعاني من الدلائل على نقيضها عند المتغنين بها .فالإيمان الحق من السرائر والروحانية الحقة مثلها والرجولة ايضا لا يعلمها إلا صاحبها إذ إن الجسد ليس إلا ما يظهر من الروح مثلما أن الروح ليست إلا ما لا يظهر من الجسد .وكل من يتغنى بها يفيد أنه يجهل هذه الحقائق الذي يبني عليها أحكاما تدل على السذاجة وليس على الفكر. ولعل أهم العلامات هي هذه العلامة الأخيرة لأنها هي اساس الأربعة المتقدمة عليها ومبنية على فكرتين حمقاوين: ابو يعرب المرزوقي 289 الأسماء والبيان
-- أولاهما من تأثير مفهوم الصدق الأصيل التي كانت من ممضوغات الوجودية ذات الميول المسيحية التي يستحي أصحابها من الاعتراف بها فيزعمونها فلسفية وعميقة إذ إن مؤسسها ينتسب إلى الاكوينية المحدثة وإن زعم تنصله منها (هيدجر) والتي هي في الجوهر عين النفاق اللاواعي لأن أصحابها يزعمون أن ذروة الذاتية أو وهم المطابقة مع ما يعيه الإنسان من ذاته هو الحقيقة الفعلية لما هو عليه. وطبعا فمن يقول هذا الكلام لا يثبت إلا حمقه .فلا فرق بين من يعتبر الحواس الخارجية كافية لمعرفة الطبيعة فيظن الادراك الحسي الخارجي علما بالطبيعة وبين من يعتبر الحواس الداخلية كافية لمعرفة ذاته والإنسان فيظن الإدراك الحسي الداخلي علما بالسرائر. فالحواس الخارجية ليست مجرد حس بل هي مصحوبة بحكم معرفي لابد فيه من تأليف عقلي وهو العقل العامي في مقابل العقل العلمي والفلسفي من بعده. والحواس الباطنية مثلها ليست مجرد وعي بالذات بل هي مصحوبة بحكم معرفي لا بد فيه من تأليف عقلي وهو العقل المتعامق عند الوجوديين مثل هيدجر وسارتر متوهمين أن ذلك هو \" الأتونتسيتات \" Authenticitätوالصدق الأصيل. وبمثل هذا الوهم قبل هيدجار أن يصفق لهتلر متبعا الحس العامي بالصدق الأصيل. والكثير من الحمقى اليوم يصفقون لدرويش ظنوه يمثل الاتونتيسيتيت الروحية والدينية والصدق .وقد يكون لتصفيق هيدجر لهتلر مبرر تاريخي هو: • إذلال ألمانيا في شروط الصلح بعد الحرب الأولى وقدرة هتلر على إعادة بناء قوة ألمانيا التي دمرتها الحرب. • أزمة 29وما عاناه الشعب الألماني من الجوع والفقر والبطالة حتى صارت الخبرة الواحدة تشترى ببرويطة من عملة ألمانيا التي فقدت قيمتها. أما الفكرة الثانية فهي إعادة نظام العالم بمنطلقات التخريف حول أهمية ثورة تونس لإعادة النظر في مفهوم الدولة والديموقراطية .فاختير لها قيس سعيد الذي لا يمكن ابو يعرب المرزوقي 290 الأسماء والبيان
-- مقارنته بالبناة الكبار في التاريخ بل بدونكيشوت وليس بهتلر نظرا لعدم قابلية تونس للمقارنة مع ألمانيا رغم سخافات فيلسوفه في مشروعه الذي نشره في .2011 ثم إن ثورة تونس حتى لو بالغنا في تقديرها فينبغي ألا نقع في وهم أن تونس صارت بذلك قائدة للعالم :فما من ثورة قاد أصحابها العالم لم يكن لهم قبلها وزن يمكن من ذلك. ففرنسا مثلا كانت قبل ثورتها معلمة أوروبا كلها من ألمانيا إلى روسيا .وروسيا كانت قبل ثورتها على الاقل في الابداع الأدبي والعلمي والفلسفي في مقدمة العالم وحتى إيران فإن الخميني وجد دولة صاعدة بفضل ما تحقق خلال النظام السابق مع تغني الإيرانيين بمجدهم قبل الإسلام. أما ما يمكن أن يؤدي إليه دونكيشوتنا فهو سيجعل تونس قاعدة إيرانية مثل لبنان ليصبح التونسيون من جنس أصحاب يا لثارات الحسين في العراق وسوريا ولبنان واليمين أي الفوضى الخلاقة التي هي بالجوهر حرب أهلية ليعيدنا إلى الحرب بين من خانوا الحسين ويدعون الدفاع عنه في قتل من يسمونهم أحفاد يزيد :جعل تونس في وضعية العراق وسوريا ولبنان واليمن يكون أبناء البلد حمير لاستعادة إيران إمبراطوريتها التي سعت إليها منذ اغتيال الفاروق إلى اليوم. لكن حتى لو بقيت وحدي فلن أسمح بذلك وسأبذل كل جهدي لفضح المشروع الذي يهدف لجعل تونس لبنان ثانية .وإذا واصلت قيادات النهضة العليا في العمل مع دونكيشوت لتحقيق مشروعه وليس المشروع الذي من أجله حاولت العمل معهم دون أن أنضم إلى الحزب فإني سأعلن موقفي صراحة منهم وأدعو لتحرير الحركة منهم فضلا عن كوني على رأي الأستاذ جعيط بأن اسم النهضة أوسع من أن يحصر في حركة أو حزب. ولهذه العلة كانت كل كلماتي خلال الحملة التي شاركت فيها (انتخابات )2011هي تحقيق المصالحة بين بورقيبة و الثعالبي للشروع في تحقيق ثورة التحرر واستكمال التحرير جمعا بين الأصالة والحداثة المتعقلتين لأن الأصالة تحدثت (كما حدث في كل النخب الإسلامية) والحداثة تأصلت (كما حدث في تركيا أو حتى في الجزائر حاليا وفي ماليزيا ابو يعرب المرزوقي 291 الأسماء والبيان
-- واندونيسيا) ولم يبق مبرر للصراع بين البورقيبية والثعالبية مدافعا عن هذا المعنى لإنهاء الحرب الأهلية الباردة بين الإسلاميين وغيرهم ممن يخافون على نمط المجتمع في تونس وإليه كنت أحاول توجيه فكر شباب النهضة ومن يسمع لي من قياداتهم الكبرى والصغرى. لكن إذا مالت النهضة إلى غير هذا الموقف التصالحي وركبت موجة دونكيشوت فإني سأقاومها ما استطعت إلى ذلك سبيلا .واعتقد أن الكثير من قيادات النهضة الشابة لن تقبل بإضاعة جهاد نصف قرن من اجل كريسي يطمع فيه الطامعون .ذلك أني أعتبر أن عهد الكيانات الضعيفة التي فرضها الاستعمار بفرض حدود عندنا وإزالة الحدود عنده لا يمكن أن تكون خيارا استراتيجيا للتنمية الاقتصادية والثقافية ومن ثم فهي علة التبعية. ولا تحرر من دون الانتساب إلى مجموعة أقدر على الندية .والانتساب إلى امبراطورية إيرانية يعني القبول بالعبودية التي نراها في العراق وفي سوريا وفي لبنان إلخ.. تونس لن تكون العاصمة الخامسة التي تسيطر عليها إيران بل ستكون بداية تحرير العواصم الاربعة التي تسيطر عليها بإذن الله وعونه. المعركة كانت في تونس بين من يريدون تحرير تونس من الهيمنة الفرنسية وبين توابع فرنسا أو الحركيين كما هي حاليا في الجزائر .ولا تزال هذه المعركة جارية في تونس .لكن المعركة الأكثر إلحاحا كانت جارية في السر وها هي قد صارت علنية بقيادة دونكيشوت والشباب سواء كانوا على وعي أو بلا وعي بسبب حيل الملالي وعملائهم في تونس. والعلامات التي ذكرتها لا يجهلها متابع لما نتج عن الاختراقات التي كانت موجودة منذ عهد ابن علي لكنها ازدادت مع الثورة عندما فقدت الدولة سيطرتها على ما يجري في البلاد وخاصة ما يجري من تدخلات واختراقات جعلتها قطعة جبن. ابو يعرب المرزوقي 292 الأسماء والبيان
- - رد ابن خلدون على فلاسفة المدينة الفاضلة -وبالذات الفارابي وأفلاطون -فقال قولته الشهيرة :لو كان ما يتوهمه هؤلاء الفلاسفة ممكنا لاستغنينا عن وجود الدولة والحكم. وأضيف أنه لو كانت الدولة ظاهرة يمكن أن تكون كيفما اتفق من دون قوانين تحدد كيانها أيا كان شكل النظام الذي يريد أداء دورها عينا من الحلول الممكنة عقلا لتحقيقها في التاريخ الفعلي لأمكن أن نقبل كل الحلول التي ترد إلى قابلية وجود الجماعات من دونها أو بأحد أشكالها البدائية التي تجاوزتها الإنسانية إلى ما هو أفضل وقابل للتجويد في إطار يواصله ولا ينكص دونه لكأن ما حصل من تطور لم يكن ذا ضرورة ذاتية للسياسي من حيث هو سياسي وشروط تحقيقه. لا أنفي أن كلمات مثل الاناركيا وحرية المواطن والعدالة التامة والديموقراطية المباشرة كلها أفكار لذيذة عند المراهِقين من الشباب أو المر َهقين من الشيوخ عندما ينكصون إلى أحلام شبابهم فيختلط عندهم الأمر متصورين ترديد الشعارات نظرا والغفلة عما يترتب عليها عملا .وليس الأمر مقصورا على ما يجري حاليا في تونس من انجرار وراء تخريف الدناكش (جمع دونكيشوت) من الشيوخ والمغرر بهم من الشباب ومحاولة تطبيق كاريكاتور من الأوهام التي جربت فكان مآل مجربيها ليس التقدم بل العودة إلى عصور التخلف كما حدث عند الماركسيين ومن حاكاهم من المستبدين العرب. فحتى ما تلا الثورة الفرنسية لم يسلم من هذه التصورات الصبيانية التي لا تقرها فلسفة ولا علم عدا توهم السياسي تحكميا وليس ظاهرة ذات قوانين وسنن فلا يكون نظامها خاليا من محددات فيها من الثبات ما يناظر ثبات الظاهرات الطبيعية التي يعبر بها الخلقي الإنساني عن ذاته في مؤسسات لا تتخلف. ابو يعرب المرزوقي 293 الأسماء والبيان
- - فماركس بخلاف ما يظن من قرأوا رده الساخر من برودون بمجرد قلب العلاقة بين \"الفلسفة والمسكنة\" أقل فهما للإشكالية منه ودونه عمقا فلسفيا لأن برودون لم يتبن الجدلية التي تقابل بين المادي والروحي بل أدرك حقيقة ما بينهما من علاقة هي سر الوصل بين حرية الفرد وضرورة الدولة .فبرودون لم يكن يريد إلغاء الدولة بل كان يهدف إلى الحد من سلطانها لحماية سلطان الفرد والمحافظة على حرياته. وهو المعنى الموجب الوحيد لمفهوم الاناركيا لأنه يعني أن الفرد هو أصل كل سلطة خلقية ولا توجد فوقه سلطة .أما ماركس -وكل المتعلطين من فلاسفة \"زوز سوردي\" فمبشرون بفكره بغباء لا نظير له .واصلوا التبشير بوهم الاستغناء عن الدولة بسلطان أخطر على كيان الفرد وحرياته من الدولة أي الدكتاتورية التي تعتمد على سلطان الدهماء ومنطق ديناميك الجماعات التي تعود بالإنسان إلى ما يشبه الظاهرات الطبيعية الهوجاء والعمياء كما يحدث في تحركات الشارع وملاعب الكرة أو سلطة الفاشية على الدهماء بمغازلة الغرائز ولو بتوظيف المعاني السامية .وهذه هي العلة الرئيسية التي جعلت أفلاطون رغم قربه من الشيوعية يعتبر الديموقراطية أدنى أنظمة الحكم سلامة لأنها حكم الغرائز واللاعقل العامي. لم يتوهم برودون قابلية الجماعة أن توجد من دون دولة بخلاف ماركس الذي يعتقد أن ذلك ممكن بل وحتمي في غاية الشيوعية عندما تحقق \"البشرية\" اللاطبقية والمساوة لكأنها تصبح في جنة الخلد .لكن كل المتكلمين حاليا في هذه الشعارات من دناكشة الثورة في تونس لم يدركوا أن التجربة بينت أن هذه الأوهام لما يراد تفعيلها سرعان ما تصبح عين جنهم المفروشة بالورود إذ ينعكس الأمر فتصبح السلطة سرطانا في مرحلة الميتاستاز يلتهم المجتمع وبدلا من دوره المدني -وذلك هو مفهوم المجتمع المدني عند هيجل أي مجتمع التكوينات المدنية المنتجة بالمقابل مع السلطة السياسية التي هي ال َحكَم -يتحول إلى صراع من الأدنى ابو يعرب المرزوقي 294 الأسماء والبيان
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266
- 267
- 268
- 269
- 270
- 271
- 272
- 273
- 274
- 275
- 276
- 277
- 278
- 279
- 280
- 281
- 282
- 283
- 284
- 285
- 286
- 287
- 288
- 289
- 290
- 291
- 292
- 293
- 294
- 295
- 296
- 297
- 298
- 299
- 300
- 301
- 302
- 303
- 304
- 305
- 306
- 307
- 308
- 309
- 310
- 311
- 312
- 313
- 314
- 315
- 316
- 317
- 318
- 319
- 320
- 321
- 322
- 323
- 324
- 325
- 326
- 327
- 328
- 329
- 330
- 331
- 332
- 333
- 334
- 335
- 336
- 337
- 338
- 339
- 340
- 341
- 342
- 343
- 344