المقدمة باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة وتأديبهم ،ومنعهم من ارتكاب َم ْن ِه ٍّي َع ْن ُه الحديث الثامن والتسعون بعد المائتين عن أَبي هريرة رضي الله عنه َقالَ :أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما َت ْم َر اة ِم ْن َت ْمر ال َّص َد َق ِة َف َج َع َل َها في ِفي ِهَ ،ف َقالَ َر ُسول الله صلى الله عليه وسلمَ (( :ك ْخ َك ْخ إ ْر ِم بِ َها ،أَ َما َعلِ ْم َت أ َّنا لاَ َنأ ُكلُ ال َّص َد َق َة))!؟ ُم َّت َف ٌق َع َلي ِه. وفي رواية(( :أ َّنا لا َت ِحلُّ لَ َنا ال َّص َد َق ُة)). شرح الحديث ذكر المؤلف في باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى ،ونهيهم عن المخالفة ،وتأديبهم ،ومنعهم من ارتكاب منهي عنه هذا الحديث ووجه المناسبة أن المؤلف رحمه الله ،لما ذكر ما يجب للأهل من غذاء الجسم؛ ذكر ما يجب لهم من غذاء الروح على أبيهم ومن له ولاية عليهم ُيحكي أبو ُه َرير َة رضي الله عنه أ َّن الح َس َن رضي الله عنه أ َخذ تمر اة ِمن تمو ِر ال َّزكاة فج َعلها في َف ِمه فقال له ال َّنب ُّي ص ّلَى الله عليه وس َّلمِ (( :كخ ِكخ)) لو اما له على ما ف َعل ،أي إنها لاتصلح لك ،وهي كلمة زجر للصبي عن المستقذرات ،فيقال له (كخ) اي اتركه أو ارم به ،وكان الحسن رضي الله عنه صبيا ،فأخرجها الح َس ُن ِمن ف ِمه
فقال(( :أ َما علِ ْم َت أنا لانأكل الصدقة ؟!)) تكري اما وتشري افا لهم؛ لأ َّنها ِمن أوسا ِخ ال َّنا ِس فالصدقة لا تحل لآل محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك لأنهم أشرف الناس، والصدقات والزكوات أوساخ الناس ،ولا يتناسب لأشراف الناس أن يأخذوا أوساخ الناس ،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه(( :إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة؛ إنما هي أوساخ الناس)) وقوله صلى الله عليه وسلم ( :أما علمت أنا لا نأكل الصدقة ) هذه اللفظة تقال في الشيء الواضح التحريم وإن لم يكن المخاطب عالما به ، وتقديره :عجب كيف خفي عليك هذا مع ظهور تحريمه ،وهذا أبلغ في الزجر من قول لا تفعل ففي هذا دليل على أن الإنسان بجب عليه أن يؤدب أولاده عن فعل المحرم، كما يجب عليه أن يؤدبهم على فعل الواجب وفيه :دليل على منع الصبي عما يحرم على المكلف.
الحديث التاسع والتسعون بعد المائتين عن أَبي حفص عمر بن أَبي سلمة عبد الله بن عبد الأس ِد ربي ِب رسول الله صلى الله عليه وسلم َقالَُ :ك ْن ُت غًلَ اما في حجر َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم َو َكا َن ْت َيدي َت ِطي ُش في ال َّص ْح َف ِةَ ،ف َقالَ لي َر ُسول الله صلى الله عليه وسلمَ (( :يا ُغًل ُم، َس ِّم الله َت َعالَىَ ،و ُكلْ ب َي ِمين َكَ ،و ُكلْ ِم َّما َيلِي َك)) َف َما َزالَ ْت تِ ْل َك ِط ْع َمتي َب ْع ُد ُم َّت َف ٌق َع َلي ِه. شرح الحديث ((تطيش)) تدور في نواحي ال َّصح َف ِة. عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه ،وكان ربيب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ابن زوجته أم سلمة رضي الله عنها ،أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في طعام يأكل فجعلت يده تطيش في الصحفة ،يعني تذهب يميناا وشمالاا ،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم(( :يا غًلم ،س ِّم الله ،وكل بيمينك، وكل مما يليك)) فهذه ثًلثة آداب علمها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الغًلم وهي: أولاا :قال(( :س ّم الله)) وهذا عند الأكل .فعند ابتداء الأكل يجب أن يقول الإنسان :بسم الله ،ولا يحل له أن يتركها؛ لأنه إذا تركها شاركه الشيطان في أكله ،ولو زاد :الرحمن الرحيم فًل بأس؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم(( :بسم الله)) :يعني أذكر اسم الله. والتسمية الكاملة هي أن يقول الإنسان :بسم الله الرحمن الرحيم كما ابتدأ الله بها كتابه ،فإن اقتصرت على قول بسم الله فًل حرج ،وإن زدت الرحمن الرحيم فًل حرج ،الأمر في هذا واسع.
الأدب الثاني :قوله(( :وكل بيمينك)) وهذا أمر على سبيل الوجوب ،فيجب على الإنسان أن يأكل بيمينه وأن يشرب بيمينه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الإنسان بشماله ،أو أن يشرب بشماله ،وقال(( :إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه ،وإذا شرب فليشرب بيمينه ،فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)) ولهذا كان القول الراجح وجوب الأكل باليمين ،ووجوب الشرب باليمين ،وأن الأكل بالشمال أو الشرب بالشمال حرام ،أما إذا كانت ضرورة؛ فًل بأس باليسار ،وإلا فًل يحل للمسلم أن يأكل باليسار ولا أن يشرب باليسار. الأدب الثالث :قوله ((وكل مما يليك)) يعني لا تأكل من حافة غيرك ،بل ُكلْ من الذي يليك؛ لأنك إذا اعتديت على حافة غيرك فهذا سوء أدب ،فكل من الذي يليك إلا إذا كان الطعام أنواعاا ،فًل بأس أن تأكل ،أو يكون هناك قرع ،أو ما أشبه ذلك مما يقصد ،فًل بأس أن تأكل من الذي لا يليك؛ لأن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ((فكان يتتبع الدباّء من حوالي القصعة)) الدباّء :القرع ،يتتبعه يعني يلقطه من على الصحفة ليأكله ،هذا لا بأس به. وفي الحدي ِث من الفوائد أن ينبغي على الإنسان أن يؤدب أولاده على كيفية الأكل والشرب ،وعلى ما ينبغي أن يقول في الأكل والشرب ،كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ربيبه وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه؛ لأنه لم يزجر هذا الغًلم حين جعلت يده في الصحفة ،ولكن علمه برفق ،وناداه برفق(( :يا غًلم؛ س ِّم الله ،وكل بيمينك)) .ومن اتقى الله في أولاده؛ اتقوا الله فيه ،ومن ضيع حق أولاده؛ ضيعوا حقه إذا احتاج إليهم
الحديث الثًلثمائة عن ابن عمر رضي الله عنهماَ ،قالَ :سمعت َر ُسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ (( :كلُّ ُك ْم َرا ٍعَ ،و ُكلُّ ُك ْم م ْس ُؤولٌ َع ْن َر ِع َّيت ِه :الإ َما ُم َرا ٍع َو َم ْسؤولٌ َع ْن َرا ِع َي ٌة في ب ْي ِت َر َِزع َّْيوتِ ِجِهَ،هاو َاول َمَّر ُْسج ُؤلُو ََلراٌة ٍع َعف ْني َرأ ِْهعلَِّيتِِه َه َاوَ ،م َ ْوسا ُلؤ َوخالٌِد ُم َع َ ْرنا ٍعَر ِفع َّييتِ ِه َم،ا َِلوال َسَم ِّي ْ ِردأ ِهةُ َو َمس ُؤولٌ َع ْن َر ِع َّي ِت ِهَ ،ف ُكلُّ ُك ْم َرا ٍع َو َم ْس ُؤولٌ َع ْن َر ِع َّي ِت ِه)) ُم َّت َف ٌق َعلَي ِه شرح الحديث ُي َب ِّي ُن َلنا َص ّلَى الله عليه وس َلّم أ َّن ُك َلّ ُكم را ٍع و ُكلَّ را ٍع َمسؤولٌ عن َرع َّيتِه، وال َّر ْعي هو ِح ْف ُظ ال َّش ْي ِء و ُحس ُن ال َّت َع ُّه ِد َله وال َّراعي هو الحافِ ُظ ال ُم ْؤ َت َم ُن ال ُم ْل َت ِز ُم َصًل َح ما قا َم عليهَ ،ف ُكلُّ َم ْن كا َن َت ْح َت وَحالقَصيالَ ِملَ ِبه َمالصَحالِ ُّظ ِحاهلأَفو َفي ُرديو ِناله َجوز ُاد ْن ُءيااهلأَك َب ُر، َش ْيء َفهو َم ْطلو ٌب با ْل َعد ِل في ِه َن َظ ِره َفإ ْن وفى ما عليه ِمن ال ِّرعاي ِة و ُم َت َعلِّقاتِه، وإ ْن كا َن َغ ْي َر َذلِ َك طالَ َبه ُكلُّ أ َح ٍد ِمن َرع َّيتِه بِ َح ِّق ِهُ ،ث َّم َف َّصلَ ما أ ْج َم َله فالإما ُم را ٍع فيما ا ْس َت ْرعاه اللهَُ ،فع َليه ِح ْف ُظ َرع َّيتِه فيما َت َع َّي َن عليه ِمن ِح ْف ِظ َشرائِ ِعهم وال َّذ ِّب عنها و َع َد ِم إ ْهما ِل ُحدو ِدهم و َت ْضيي ِع ُحقو ِقهم و َتر ِك ِحما َي ِتهم ِم َّم ْن جا َر عليهم ،و ُمجا َهد ُة َع ُد ِّوهم َفًل َيتص َّرف في ِهم إ َّلا ِبإ ْذ ِن اللهِ و َرسولِه ولا َيطلُ ُب أ ْج َره إ َّلا ِمن الل ِه ،وهو َمسؤول عن َرع َّيتِه وال َّر ُجلُ في أ ْه ِلهَ -زو َجته و َغ ْيرها -را ٍع با ْلقيا ِم عليهم بال َح ِّق في ال َّن َفق ِة و ُحس ِن ال ُمعا َشر ِة ،وهو َمسؤول عن َرع َّي ِته وال َم ْرأ ُة في َب ْي ِت َزو ِجها راعي ٌة ِب ُحس ِن ال َّتدبي ِر في أ ْم ِر َب ْيتِه وأولاده وهي َمسؤولة عن َرع َّي ِتها
والخا ِد ُم : ،في ما ِل َس ِّي ِده را ٍع با ْلقيا ِم بِ ِحف ِظ ما في َي ِده ِمنه و ِخدمتِه ،وهو َمسؤول عن َرع َّي ِته َف ُكلُّكم را ٍع و ُكلُّكم َمسؤول عن َرع َّيتِه وفي الحدي ِث :أ َّن ُكلَّ أ َح ٍد َمسؤولٌ َع َّمن َت ْح َت َي ِده ِمن آ َدم ٍّي و َغي ِره. َوفيهُ :وجو ُب القيا ِم بِ َح ِّق ال َّرع َّي ِة وإ ْرشا ِد ِهم لِ َمصا ِل ِحهم ال ِّدين َّي ِة وال ُّد ْن َيو َّي ِة، و َر ْد ِع ِهم ع َّما َي ُض ُّرهم في دي ِنهم و ُد ْنيا ُهم.
المراجع شرح رياض الصالحين – ابن عثيمين شرح رياض الصالحين – ابن باز شرح رياض الصالحين – خالد السبت الدرر السنية تطريز رياض الصالحين قسم السنة المطهرة مشروع النور المبين
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207