2 -الفهرس - المقدمة 4 ................................................................................................................ الحديث الأول6 .......................................................................................................... الحديث الثاني 11 ....................................................................................................... الحديث الثالث 18 ....................................................................................................... الحديث الرابع 20 ....................................................................................................... الحديث الخامس 25 .................................................................................................... الحديث السادس 31 .................................................................................................... الحديث السابع 36 ...................................................................................................... الحديث الثامن41 ....................................................................................................... الحديث التاسع 45 ...................................................................................................... الحديث العاشر 50 ...................................................................................................... الحديث الحادي عشر57 ............................................................................................... الحديث الثاني عشر 62 ................................................................................................ الحديث الثالث عشر66 ................................................................................................ الرابع عشر الحديث 71 ................................................................................................ الحديث الخامس عشر 75 ............................................................................................. الحديث السادس عشر 80 ............................................................................................. الحديث السابع عشر 85 ............................................................................................... الحديث الثامن عشر89 ................................................................................................ الحديث التاسع عشر 95 ............................................................................................... الحديث العشرون 108................................................................................................. الحديث الحادي والعشرون111...................................................................................... الحديث الثاني والعشرون 116....................................................................................... الحديث الثالث والعشرون 121....................................................................................... الحديث الرابع والعشرون 128....................................................................................... الحديث الخامس والعشرون141..................................................................................... الحديث السادس والعشرون145.................................................................................... الحديث السابع والعشرون 154...................................................................................... الحديث الثامن والعشرون 160....................................................................................... شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
3 الحديث التاسع والعشرون 166...................................................................................... الحديث الثلاثون 174.................................................................................................. الحديث الحادي والثلاثون 180....................................................................................... الحديث الثاني والثلاثون185......................................................................................... الحديث الثالث والثلاثون 189........................................................................................ الحديث الرابع والثلاثون 192........................................................................................ الحديث الخامس والثلاثون197...................................................................................... الحديث السادس والثلاثون203...................................................................................... الحديث السابع والثلاثين 210........................................................................................ الحديث الثامن والثلاثون 218........................................................................................ الحديث التاسع والثلاثون223........................................................................................ الحديث الأربعون 226................................................................................................. الحديث الحادي والأربعون 231...................................................................................... الحديث الثاني والأربعون234........................................................................................ مشروع النور المبين هو مشروع عالمي ومجاني للنساء فقط لنشر العلم من الكتاب والسنة المطهرة والشمائل المحمدية من مصادر موثوقة وصحيحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للانضمام أو الاستفسار عن أي دورات يرجى التواصل +201016687056 https://t.me/dwaratwartel شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
4 المقدمة الأربعين النووية ماهي الأربعين النووية هي تسمية مؤلفة من كلمتين وهي: -1الأربعين :وتعني العدد ( )40هي عدد الأحاديث ،وهي ليست أربعين ،بل هي اثنان وأربعون حديثا ،لكن العرب يحذفون الكسر في الأعداد فيقولون :أربعون .وإن زاد واحدا أو اثنين ،أو نقص واحدا أو اثنين -2النووية :نسبة إلى جامع الأربعين النووية (الإمام محي الدين يحيى بن شرف بن مري النووي) رحمه الله فسميّت باسمه. أهميتها كتاب \" الأربعين النووية \" للإمام النووي ،اشتمل على ()42 حديثا نبويا ،من الأحاديث الجوامع المشتملة على كثير من القواعد العظام ،وعليها مدار كثير من أحكام الإسلام. وقد قال النووي في مقدمته لهذا الكتاب \" :وألتزم في هذه الأربعين أن تكون صحيحة ،ومعظمها في صحيح البخاري ومسلم \" .انتهى. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
5 أهميتها تكمن بأن الامام /النووي جمع أربعين حديثا صحيحا جامعا ،كل حديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين ،وكذلك تعتبر من الأحاديث الصحيحة والتي من أسس العقيدة. من هو الإمام النووي هو الإمام الحافظ محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مـ ِّري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام النووي الشافعي الدمشقي المشهور بـ \"النووي\" (المحرم 676 - 631هـ \\ 1233 1277 -م) ,أحد أشهر فقهاء السنة ومح ّدثيهم هو صاحب أشهر ثلاثة كتب يكاد لا يخلو منها بيت مسلم وهي: \"الأربعين النووية \" و\"الأذكار\" و \"رياض الصالحين\" وبالرغم من قلة صفحات هذه الكتب إلا أنها لاقت هذا الانتشار والقبول الكبيرين بين الناس ،وقد عزى كثير من العلماء ذلك ،إلى إخلاص النووي رحمه الله ،فرب عمل صغير تكبره النية. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
6 الحديث الأول عن أَ ِمي ِر ال ُمؤ ِمنِي َن أَبي َح ْفص ُع َم َر ب ِن الخطَّا ِب َر ِض َي اللُ َع ْنهُ قَا َل َس ِم ْع ُت َر ُسو َل اللِ صلى الل عليه وسلم يَقُو ُل: \"إِنَّما الأَ ْع َمال بالنِّيَّا ِت وإنَّما لك ِّل ا ْم ِرىء ما نَ َوى ،فَ َم ْن كانَ ْت ِه ْج َرته إلى اللهِ و َرسولِ ِه فَ ِه ْج َرته إلى اللهِ و َرسولِ ِه ،و َم ْن كانَ ْت ِه ْج َرته لِد ْنيا ي ِصيبها أو ا ْمرأة يَ ْن ِكحها فَ ِه ْج َرته إلى ما َها َج َر إليه\". (رواه البخاري ومسلم) شرح الحديث هذا الحديث أصل عظيم في أعمال القلوب ،لأن النيات من أعمال القلوب والنية في كلام العلماء تقع بمعنيين: أحدهما :تمييز العبادات بعضها عن بعض كتمييز صلاة الظهر من صلاة العصر مثلا وتمييز رمضان من صيام غيره أو تمييز العبادات من العادات كتمييز الغسل من الجنابة من غسل التبرد والتنظيف ونحو ذلك والمعنى الثاني :بمعنى تمييز المقصود بالعمل وهل هو لله وحده لا شريك له أم لله وغيره ،وهو الإخلاص شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
7 قال العلماء ( :وهذا الحديث هو نصف الدين ) لأنه ميزان الأعمال الباطنة وحديث عائشة رضي الله عنها { :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد } وفي لفظ آخر { :من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } هو النصف الآخر ؛ لأنه ميزان الأعمال الظاهرة فالدين :باطن وظاهر ،أعمال باطنة تتعلق بالقلوب ،وأعمال ظاهرة تتعلق بالجوارح ،فهذا الحديث يتعلق بالقلوب ،وحديث عائشة رضي الله عنها يتعلق بالجوارح فالعمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا وصوابا ،والخالص إذا كان لله عز وجل والصواب إذا كان على السنة فشروط قبول العمل :الإخلاص والمتابعة ويستفاد من قول النبي { :إنما الأعمال بالنيات } أنه ما من عمل إلا وله نية؛ لأن كل إنسان عاقل مختار لا يمكن أن يعمل عملا بلا نية ،حتى قال بعض العلماء ( :لو كلفنا الله عملا بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق ) ،ويتفرع على هذه الفائدة: الرد على الموسوسين الذين يعملون الأعمال عدة مرات ،ثم يقول لهم الشيطان :إنكم لم تنووا. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
8 فإننا نقول لهم :لا ،لا يمكن أبدا أن تعملوا عملا إلا بنية فخففوا على أنفسكم ودعوا هذه الوساوس. فوائد الحديث ( وإنما لكل امرىء ما نوى ) إخبار أنه لا يحصل له من عمله إلا ما نواه به فإن نوى خيرا حصل له خير وإن نوى به شرا حصل له شر وليس هذا تكريرا محضا للجملة الأولى فإن الجملة الأولى دلت على أن صلاح العمل وفساده بحسب النية المقتضية لإيجاده والجملة الثانية دلت على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة وأن عقابه عليه بحسب نيته الفاسدة وقد تكون نيته مباحة فيكون العمل مباحا فلا يحصل له ثواب ولا عقاب فالعمل في نفسه صلاحه وفساده وإباحته بحسب النية الحاملة عليه المقتضية لوجوده وثواب العامل وعقابه وسلامته بحسب النية التي صار بها العمل صالحا أو فاسدا أو مباحا فالإنسان يؤجر أو يؤزر أو يحرم بحسب نيته. لقول النبي صلى الله عليه وسلم { :فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله } شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
9 ويستفاد من هذا الحديث أيضا: أن الشيء المباح في الأصل قد يكون طاعة إذا نوى به الإنسان خيرا ،مثل أن ينوي بالأكل والشرب التقوي على طاعة الله؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم { :تسحروا فإن في السحور بركة} ومن فوائد الحديث: أخبر صلى الله عليه وسلم أن الهجرة تختلف باختلاف المقاصد والنيات بها فمن هاجر إلى دار الإسلام حبا لله ورسوله وإظهار دينه حيث كان يعجز عنه في دار الشرك فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله حقا وكفاه شرفا وفخرا أن حصل له ما نواه من هجرته إلى الله ورسوله ولهذا المعنى اقتصر في جواب هذا الشرط على إعادته بلفظه لأن حصول ما نواه بهجرته نهاية المطلوب في الدنيا والآخرة ومن كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام ليطلب دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها في دار الإسلام فهجرته إلى ما هاجر إليه من ذلك فالأول تاجر والثاني خاطب وليس بواحد منهما مهاجر وفي قوله إلى ما هاجر إليه تحقير لما طلبه من أمر الدنيا واستهانة به حيث لم يذكر بلفظه شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
10 ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للمعلم أن يضرب الأمثال التي يتبين بها الحكم ،وقد ضرب النبي لهذا مثلا بالهجرة ،وهي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وبيّن أن الهجرة وهي عمل واحد تكون لإنسان أجرا وتكون لإنسان حرمانا ،فالمهاجر الذي يهاجر إلى الله ورسوله هذا يؤجر ويصل إلى مراده ،والمهاجر لـدنيا يصـيبها أو امرأة يتزوجها يحرم من هذا الأجر. وهذا الحديث يدخل في باب العبادات وفي باب المعاملات وفي باب الأنكحة وفي كل أبواب الفقه. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
11 الحديث الثاني عن عم َر رضي الل عنه أي ًضا ،قال: ب ْينَما نَ ْحن ِعنْ َد َرسو ِل اللهِ َصلَّى ال َّله عليه وسلَّ َم َذا َت يَ ْوم إ ْذ طَلَ َع عل ْينا َرجل َش ِديد بَيا ِض الثِّيا ِبَ ،ش ِديد َسوا ِد ال َّش َع ِر ،لا ي َرى عليه أثَر ال َّسفَ ِر ،ولا يَ ْع ِرفه ِمنَّا أ َحد ،حتَّى َجلَ َس إلى النب ِّي َصلَّى ال َّله عليه وسلَّ َم ،فأ ْسنَ َد ر ْكبَتَ ْي ِه إلى ر ْكبَتَيْ ِه ،و َو َض َع َكفَّ ْي ِه علَى فَ ِخ َذ ْي ِه. َوقا َل :يا م َح َّمد أ ْخبِ ْرنِي َع ِن الإ ْسلا ِم فقا َل َرسول اللهِ َصلَّى ال َّله عليه وسلَّ َم \" :الإ ْسلام أ ْن تَ ْش َه َد أ ْن لا إلَهَ إ َّلا ال َّله وأ َّن م َح َّمدا َرسول اللهِ ،وتقِي َم ال َّصلاةَ ،وت ْؤتِ َي ال َّزكاةَ، وتَصو َم َر َمضا َن ،وتَح َّج البَ ْي َت إ ِن ا ْستَطَ ْع َت إلَ ْي ِه سبيلا\" قا َلَ :ص َدقْ َت ،فَ َع ِج ْبنا له يَ ْسأَله ،وي َص ِّدقه قا َل :فأ ْخبِ ْرنِي َع ِن الإيما ِن ،قا َل \":أ ْن ت ْؤ ِم َن بال َّلهِ ،و َملائِ َكتِ ِه ،وكتبِ ِه، ورسلِ ِه ،وا ْليَو ِم الآ ِخ ِر ،وت ْؤ ِم َن بالقَ َد ِر َخ ْي ِر ِه و َش ِّر ِه \" ،قا َلَ :ص َد ْق َت قا َل :فأ ْخبِ ْرنِي َع ِن الإ ْحسا ِن ،قا َل \" :أ ْن تَ ْعب َد ال َّلهَ َكأنَّ َك تَراه ،فإ ْن لَ ْم تَك ْن تَراه فإنَّه يَرا َك\" قا َل :فأ ْخبِ ْرنِي َع ِن ال َّسا َع ِة ،قا َل \":ما ال َم ْسؤول َعنْها بأَ ْعلَ َم ِم َن ال َّسائِ ِل\" شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
12 قا َل :فأ ْخبِ ْرنِي عن أما َرتِها ،قا َل \" :أ ْن تَلِ َد الأ َمة َربَّتَها ،وأَ ْن تَ َرى الحفاةَ العراةَ العالَةَ ِرعا َء ال َّشا ِء يَتَطا َولو َن في الب ْنيا ِن\" ث َّم ا ْنطَلَ َق فَلَبِ ْثت َملِيّا ،ث َّم قا َل \":يا ع َمر أتَ ْد ِري َم ِن ال َّسائِل؟\" قلت :ال َّله و َرسوله أ ْعلَم ،قا َل \" :فإنَّه ِج ْب ِريل أتاك ْم ي َعلِّمك ْم ِدينَك ْم\". ]رواه مسلم[8: شرح الحديث هذا الحديث عظيم القدر ،كبير الشأن ،جامع لأبواب الدين كله ، بأبسط أسلوب ،وأوضح عبارة ،ولا نجد وصفا جامعا لهذا الحديث أفضل من قوله صلى الله عليه وسلم : (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ( وهذا الحديث يطلَق عليه أم السنَّة؛ لاشتماله على جميع مراتب الدين ،وهو من الأحاديث التي عليها مدار الدين وقد تناول الحديث حقائق الدين الثلاث :الإسلام والإيمان والإحسان ،وهذه المراتب الثلاث عظيمة جدا ؛ لأن الله سبحانه وتعالى علق عليها السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة وبين هذه المراتب ارتباط وثيق ،فدائرة الإسلام أوسع هذه الدوائر ،تليها دائرة الإيمان فالإحسان ،وبالتالي فإن كل محسن مؤمن ،وكل مؤمن مسلم شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
13 و الحديث ف ّسر الإسلام هنا بالأعمال الظاهرة ،وذلك لأن الإسلام والإيمان قد اجتمعا في سياق واحد ،وحينئذ يفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة ،ويفسر الإيمان بالأعمال الباطنة من الاعتقادات وأعمال القلوب. أما الإيمان فيتضمن أمورا ثلاثة :الإقرار بالقلب ،والنطق باللسان ،والعمل بالجوارح والأركان ثم تناول الحديث مرتبة الإحسان ،وهي أعلى مراتب الدين وأشرفها ،فقد اختص الله أهلها بالعناية ،وأيدهم بالنصر ،قال عزوجل { :إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون } ( النحل ( 128 : والمراد بالإحسان هنا قد بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( :أن تعبد الله كأنك تراه ،فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) ، وهذه درجة عالية ولا شك ،لأنها تدل على إخلاص صاحبها ، ودوام مراقبته لله عزوجل. ثم سأل جبريل عليه السلام عن الساعة وعلاماتها ،فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنها مما اختص الله بعلمه ،وهي من مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله ،لكنه بين شيئا من أماراتها ،فقال : شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
14 ( أن تلد الأمة ربتها ) ،يعني أن تكون المرأة أمة فتلد بنتا ،وهذه البنت تصبح سيدة تملك الإماء ،وهذا كناية عن كثرة الرقيق ، وقد حصل هذا في الصدر الأول من العهد الإسلامي. أما العلامة الثانية ( :وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء ، يتطاولون في البنيان) ،ومعناه أن ترى الفقراء الذين ليسوا بأهل للغنى ولا للتطاول ،قد فتح الله عليهم فيبنون البيوت الفارهة ، والقصور الباهرة الفوائد من الحديث منها أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مجالسة أصحابه وهذا الهدي يدل على حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم , ومنها أنه ينبغي للإنسان أن يكون ذا ِعشرة من الناس ومجالسة وأن لا ينزوي عنهم. ومن فوائد الحديث: أن الخلطة مع الناس أفضل من العزلة ما لم يخش الإنسان على دينه ,فإن خشي على دينه فالعزلة أفضل ,لقول النبي صلى الله عليه وسلم { :يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ،يفر بدينه من الفتن{ . شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
15 ومن فوائد هذا الحديث: أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام يمكن أن يظهروا للناس بأشكال البشر؛ لأن جبريل عليه الصلاة والسلام طلع على الصحابة على الوصف المذكور في الحديث رجل شديد سواد حسن أدب المتعلم أمام المعلم حيث جلس جبريل عليه الصلاة والسلام أمام النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجلسة الدالة على الأدب والإصغاء والاستعداد لما يلقى إليه فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ومنها : جواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم باسمه لقوله: ) يا محمد ) وهذا يحتمل أنه قبل النهي أي قبل نهي الله تعالى عن ذلك في قولهَ { :لا تَ ْج َعلوا د َعا َء ال َّرسو ِل بَ ْينَك ْم َكد َعا ِء بَ ْع ِضك ْم بعضا} [النور ]63:على أحد التفسيرين ويحتمل أن هذا جرى على عادة الأعراب الذين يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فينادونه باسمه يا محمد وهذا أقرب؛ لأن الأول يحتاج إلى التأريخ ومن فوائد هذا الحديث : جواز سؤال الإنسان عما يعلم من أجل تعليم من لا يعلم؛ لأن جبريل كان يعلم الجواب ،لقوله في الحديث { :صدقت { شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
16 ولكن إذا قصد السائل أن يتعلم من حول المجيب فإن ذلك يعتبر تعليما لهم. ومن فوائد هذا الحديث : أن المتسبب له حكم المباشر إذا كانت المباشرة مبنية على السبب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم { :هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم} مع أن المعلم هو الرسول صلى الله عليه وسلم ،لكن لما كان جبريل هو السبب لسؤاله جعله الرسول عليه الصلاة والسلام هو المعلم ومن فوائد هذا الحديث: بيان أن الإسلام له خمسة أركان؛ لأن النبي أجاب بذلك وقال: { الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،وتقيم الصلاة ،وتؤتي الزكاة ،وتصوم رمضان ،وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا{ . ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا بد أن يشهد الإنسان شهادة بلسانه موقنا بها بقلبه أن لا إله إلا الله شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
17 فمعنى ( لا إله إلا الله ) أي :لا معبود حق إلا الله ،فتشهد بلسانك موقنا بقلبك أنه لا معبود من الخلق من الأنبياء أو الأولياء أو الصالحين أو الشجر أو الحجر أو غير ذلك حق إلا الله وأن ما عبد من دون الله فهو باطل لقول الله تعالىَ \" :ذلِ َك بِأَ َّن ال َّلهَ ه َو ا ْل َحق َوأَ َّن َما يَ ْدعو َن ِم ْن دونِ ِه ه َو ا ْلبَا ِطل َوأَ َّن ال َّلهَ ه َو ا ْل َعلِي ا ْل َكبِير\" [الحج[62: شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
18 الحديث الثالث عن أبي عـب ِد الرحم ِن عب ِد الل ب ِن عـُم َر بـ ِن الخطَّا ِب رضي الل عـنهما ،قـال َ :س ِمع ُت رسو َل اللِ َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم يقـو ُل: \"بنِ َي الإ ْسلام علَى َخ ْمسَ ،شها َد ِة أ ْن لا إلَهَ إ َّلا ال َّله ،وأ َّن م َح َّمدا َع ْبده و َرسوله ،وإقا ِم ال َّصلا ِة ،وإيتا ِء ال َّزكا ِة ،و َح ِّج البَ ْي ِت ،و َص ْو ِم َر َمضا َن\" ]رواه البخاري ، 8:ومسلم[16: هذا الحديث بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الإسلام بمنزلة البناء الذي يظلل صاحبه ويحميه من الداخل والخارج ،وأنه بني على خمس أركان { :شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان } الفوائد التربوية الفائدة الأولى :أهمية هذه الأركان الخمسة حيث بني عليها دين الإسلام الفائدة الثانية :خطورة من فرط فيها الفائدة الثالثة :خصال الإسلام تختلف من حيث الأهمية الشرعية ،فبعضها أركان للبناء وهي الخمس وبعضها مستحبات تتم البناء وهكذا. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
19 الفائدة الرابعة :الشهادتان مرتبطتان مع بعضهما البعض لا تكفي إحداهما عن الأخرى فأصبحتا ركنا واحدا الفائدة الخامسة :الإسلام دين كامل لا يقبل الزيادة ولا النقصان لقوله \" بني الإسلام \" فقد بني واكتمل البناء . الفائدة السادسة :أمانة الصحابة ودقتهم في نقل الأحاديث ففي رواية أن رجلا قال \" صوم رمضان والحج \" فقال ابن عمر رضي الله عنه \" حج البيت وصوم رمضان هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم\" فمن لم يقدموا جملة قبل أخرى مع أن المعنى لا يتغير كيف يتصور أن يغيروا دين الله ويكتموه؟!! سؤال :ما فائدة إيراد هذا الحديث مرة أخرى مع أنه ذكر في سياق حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ) الحديث الثاني )؟ الجواب :الفائدة أنه لأهمية هذا الموضوع أراد أن يؤكده مرة ثانية هذا من جهة ومن جهة أخرى أن في حديث عبدالله بن عمر التصريح بأن الإسلام بني على هذه الأركان الخمسة ،أما حديث عمر بن الخطاب فليس بهذه الصيغة وإن كان ظاهره يفيد ذلك، لأنه قال( :الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ( شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
20 الحديث الرابع عن أَبِي عب ِد الرحم ِن عب ِد اللِ بن مسعـود رضي اللُ عنه ،قال: َح َّدثَنَا رسو ُل اللِ َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم وهُ َو ال َّصا ِد ُق ال َم ْص ُدوق-: \"إ َّن أ َح َدك ْم ي ْج َمع َخ ْلقه في بَ ْط ِن أ ِّمه أربعي َن يوما ،ث َّم يكون َعلَقَة ِمث َل ذل َك ،ث َّم يكون م ْض َغة مث َل ذل َك ،ث َّم ي ْر َسل ال َملَك ،فَيَ ْنفخ في ِه الرو َح ،وي ْؤ َمر بِأَ ْربَ ِع كلمات :بِ َكتْب ِر ْزقِ ِهَ ،وأَ َجلِ ِه ،و َع َملِ ِهَ ،و َشقِي أوسعيد؛ فَ َوال ِذي لا إلَهَ َغ ْيره إ َّن أَ َح َدك ْم لَيَعـ َمل بعم ِل أه ِل الجن ِة حتى ما يكون بَينَه وبينَها إلا ِذ َراع فَيَ ْسبِق علي ِه الكتاب فيَعـ َمل بعـم ِل أه ِل النا ِر فَيَدخل َها .وإ َّن أح َدكم ليَعمل بعم ِل أه ِل النَّا ِر حتَّى ما يَكون بَينَه وبَينَ َها إلا ِذ َراع فَـيَسبِق علي ِه الكتاب فيَ ْع َمل بِ َع َم ِل أه ِل ال َجنَّ ِة فَيَ ْدخل َها \" ]رواه البخاري ،3208:ومسلم[2643: معاني المفــــردات يجمع :يضم ويحفظ. خلقه :أى مادة خلقه وهو الماء الذى يخلق منه. في بطن أمه :أى في رحمها. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
21 علقة :قطعة دم لم تيبس وسميت علقة لعلوقها بيد الممسك بها وهو الرحم هنا. مضغة :قطعة لحم بقدر ما يمضغ. فيسبق عليه الكتاب :الذي سبق في علم الله أو في اللوح المحفوظ. شرح الحديث وفي رواية مسلم ) :إِ َّن أَ َح َدك ْم ي ْج َمع َخ ْلقه في بَ ْط ِن أ ِّم ِه أَ ْربَ ِعي َن يَ ْوما ث َّم يَكون في ذلك َعلَقَة ِم ْث َل ذلك ث َّم يَكون في ذلك م ْض َغة ِم ْث َل ذلك ( هذا الحديث فيه بيان تطور خلق الإنسان في بطن أمه وكتابة أجله ورزقه وغير ذلك. فيقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه( :حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق( الصادق في قوله المصدوق فيما أوحي إليه من ربه ،وإنما قال عبدالله بن مسعود هذه المقدمة ،لأن هذا من أمور الغيب التي لا تعلم إلا بوحي فقال \":إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما \" شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
22 الفوائد من الحديث بيان تطور خلق الإنسان في بطن أمه ،وأنه أربعة أطوار. الأول :طور النطفة أربعون يوما. والثاني :طور العلقة أربعون يوما. والثالث :طور المضغة أربعون يوما. والرابع :الطور الأخير بعد نفخ الروح فيه. فالجنين يتطور في بطن أمه إلى هذه الأطوار. وأن الجنين قبل أربعة أشهر لا يحكم بأنه إنسان حي ،وبناء على ذلك لو سقط قبل تمام أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ،لأنه لم يكن إنسانا بعد ،وأنه بعد أربعة أشهر تنفخ فيه الروح ويثبت له حكم الإنسان الحي ،فلو سقط بعد ذلك فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كما لو كان ذلك بعد تمام تسعة أشهر. وأن للأرحام ملكا موكلا بها لقوله { :ثم يرسل الملك } أي الملك الموكل بالأرحام .وأن أحوال الإنسان تكتب عليه وهو في بطن أمه :رزقه ،عمله ،أجله ،شقي أو سعيد. ومنها بيان حكمة الله عز وجل وأن كل شيء عنده بأجل مقدر وبكتاب لا يتقدم ولا يتأخر. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
23 وأن الإنسان يجب أن يكون على خوف ورهبة ،لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر {:إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها }. وأنه لا ينبغي لإنسان أن يقطع الرجاء فإن الإنسان قد يعمل بالمعاصي دهرا طويلا ثم يمن الله عليه بالهداية فيهتدي في آخر عمره. فإن قال قائل : ما الحكمة في أن الله يخذل هذا العامل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار؟ فالجواب: إن الحكمة في ذلك هو أن هذا الذي يعمل بعمل أهل الجنة إنما يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وإلا فهو في الحقيقة ذو نية فاسدة ،فتغلب هذه النية الفاسدة حتى يختم له بسوء الخاتمة نعوذ بالله من ذلك. ويبين ذلك الحديث في ال َّصحيحي ِن« :إ َّن ال َّرج َل لَيَع َمل َع َم َل أه ِل ال َجنَّ ِة فيما يَ ْبدو لِلنَّا ِس وهو ِمن أه ِل النَّا ِر ،وإ َّن ال َّرج َل لَيَع َمل َع َم َل شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
24 أه ِل النَّا ِر فيما يَ ْبدو لِلنَّا ِس وهو ِمن أه ِل ال َجنَّ ِة»؛ فالظَّاهر للنَّا ِس غير الباط ِن الذي يَعلَمه الله سبحانَه وعلى هذا فيكون المراد بقوله {:حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع } قرب أجله لا قربه من الجنة بعمله. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
25 الحديث الخامس َع ْن أم ال ُمؤ ِمني َن أم ع ْب ِد اللِ عائشةَ َر ِضي اللُ َع ْنهَا قالَ ْت: قا َل رسو ُل اللِ َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم: \" َم ْن أَ ْح َد َث فِي أَ ْم ِرنَا َه َذا َما لَ ْي َس ِم ْنه فَه َو َرد\" رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم َ \" :م ْن َع ِم َل َع َملا لَ ْي َس َعلَي ِه أَ ْمرنا فَه َو َرد\" المفردات أحدث :أنشأ واخترع . في أمرنا :في ديننا . ما ليس منه :من الدين ،بأن لا يشهد له شيء من أدلة الشرع و قواعده العامة . فهو :الأمر المحدث . رد :مردود غير مقبول شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
26 شرح الحديث البدعة شرعا :هي طريقة مخترعة في ال ّدين يقصد بها التعبّد والتقرب إلى الله تعالى. وهذا يعني أنّه لم يرد بها ال ّشرع ولا دليل عليها من الكتاب أو السنة ولا كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهي الإحداث فى الدين سواء : -فى إحداث عمل ليس له أصل فى الشريعة ( من أحدث في امرنا هذا ) وهذا مثل تخصيص صلوات معينة في نصف رجب أو المولد النبوي فهذا لا أصل له -أو فى إحداث طريقة جديدة لعمل شرعي على غير الوجه الذي أمر به ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا ) فهنا هناك أصل للعمل ولكن تم أداءه بطريقه غير التى أمر بها الشرع ،ومثاله التلفظ بالنية عند الصلاة وإطلاق البدعة على عمل معين يشترط فيه قيود ثلاثة: -1أن يكون العمل محدثا. -2أن ينسب ويضاف إلى الدين. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
27 -٣أن لا يكون له أصل في الشرع. هذا الحديث قال العلماء :إنه ميزان ظاهر الأعمال وحديث عمر رضي الله عنه الذي هو في أول الكتاب { إنما الأعمال بالنيات } ميزان باطن الأعمال لأن العمل له نية وله صورة فالصورة هي ظاهر العمل والنية باطن العمل. الفوائد من الحديث وفي هذا الحديث فوائد : أن من أحدث في هذا الأمر -أي الإسلام -ما ليس منه فهو مردود عليه ولو كان حسن النية ،وينبني على هذه الفائدة أن جميع البدع مردودة على صاحبها ولو حسنت نيته. ومن فوائد هذا الحديث: أن من عمل عملا ولو كان أصله مشروعا ولكن عمله على غير ذلك الوجه الذي أمر به فإنه يكون مردودا بناء على الرواية الثانية في مسلم. وعلى هذا فمن باع بيعا محرما فبيعه باطل ,ومن صلى صلاة تطوع لغير سبب في وقت النهي فصلاته باطلة ومن صام يوم شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
28 العيد فصومه باطل وهلم جرا ،لأن هذه كلها ليس عليها أمر الله ورسوله فتكون باطلة مردودة. ومن فوائد هذا الحديث: تجري البدعة في الأمور التعبدية التي يتقرب بها إلى الله ،أما العادات التي ليست عبادة والأمور الدنيوية فلا مدخل لها في باب البدعة ومن فوائد هذا الحديث: أن المتابعة لا تتحقق إلا إذا كان العمل موافقا للشريعة في أمور ستة :سببه ،وجنسه ،وقدره ،وكيفيته ،وزمانه ،ومكانه .فإذا لم توافق الشريعة في هذه الأمور الستة فهو باطل مردود ،لأنه احداث في دين الله ما ليس منه. أولا :أن يكون العمل موافقا للشريعة في سببه :وذلك بأن يفعل الإنسان عبادة لسبب لم يجعله الله تعالى سببا مثل :أن بعض الناس يحيى ليلة 27من رجب بحجة انها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم ،فالتهجد عبادة ولكن لما قرن بهذا السبب صارت مردودة ثانيا :أن يكون العمل موافقا للشريعة في الجنس ،فلو تعبّد لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة ،مثال ذلك :لو أن أحدا ضحى بفرس ،فإن ذلك مردود عليه ولا يقبل منه ،لأنه مخالف شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
29 للشريعة في الجنس ،إذ إن الأضاحي إنما تكون من بهيمة الأنعام وهي :الإبل ،والبقر ،والغنم. ثالثا :أن يكون العمل موافقا للشريعة في القدر :فلو تعبد شخص لله ع ّز وجل بقدر زائد على الشريعة لم يقبل منه ،ومثال ذلك :فلو أن الإنسان صلى الظهر مثلا خمسا .فإن صلاته لاتصح رابعا :أن يكون العمل موافقا للشريعة في الكيفية :فلو عمل شخص عملا ،يتعبد به لله وخالف الشريعة في كيفيته ،لم يقبل منه ،وعمله مردود عليه .ومثاله :لو أن رجلا صلى وسجد قبل أن يركع ،فصلاته باطلة مردودة ،لأنها لم توافق الشريعة في الكيفية خامسا :أن يكون العمل موافقا للشريعة في الزمان :فلو صلى الصلاة قبل دخول وقتها ،فالصلاة غير مقبولة لأنها في زمن غير ما حدده الشرع. سادسا :أن يكون العمل موافقا للشريعة في المكان :فلو أن أحدا اعتكف في غير المساجد بأن يكون قد اعتكف في المدرسة أو في البيت ،فإن اعتكافه لا يصح لأنه لم يوافق الشرع في مكان الاعتكاف ،فالاعتكاف محله المساجد شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
30 كيف نجمع بين حديث ( من س ّن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده )...وبين حديث ( من أحدث في أمرنا هذا)... الجواب (س ّن في الإسلام) يعني :أحيا سنة وأظهرها وأبرزها مما قد يخفى على الناس فيدعو إليها ويظهرها ويبرزها فيكون له من الأجر مثل أجور أتباعه فيها ،وليس معناه الابتداع ،ليس معناه أنه يبتدع في الإسلام بدعة حسنة ،لا ،كل بدعة ضلالة ،يقول ﷺ( :كل بدعة ضلالة) . لكن المقصود :إحياء السنة وإظهارها مثلا :يكون في بلاد ما عندهم تعليم للقرآن ،ما عندهم تعليم للسنة فيحيي هذه السنة ،يجلس للناس يعلمهم القرآن يعلمهم السنة ( ابن باز) شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
31 الحديث السادس عن أبي عب ِد اللِ النعما ِن ب ِن بَشير َر ِضي اللُ َع ْنهُما قا َل: َس ِم ْع ُت رسو َل اللِ َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم يقو ُل: \"إ َّن ال َحلا َل بَيِّن ،وإ َّن ال َحرا َم بَيِّن ،وب ْينَهما م ْشتَبِهات لا يَ ْعلَمه َّن َكثِير ِم َن النَّا ِس ،فَ َم ِن اتَّقَى الشب َها ِت ا ْستَ ْب َرأَ لِ ِدينِ ِه و ِع ْر ِض ِه ،و َم ْن َوقَ َع فِي الشب َها ِت َوقَ َع فِي ا ْل َح َرا ِمَ ،كال َّرا ِعي يَ ْر َعى َح ْو َل ا ْل ِح َمى يو ِشك أَ ْن يَ ْرتَ َع فِي ِه ،أَلاَ َوإِ َّن لِك ِّل َملِك ِحمى ،أَلاَ وإِ َّن ِح َمى اللهِ َم َحا ِرمـه ،أَلاَ َوإِ َّن فِي ا ْل َج َس ِد م ْض َغة إِ َذا َصلَ َح ْت َصلَ َح ا ْل َج َسد كله، َوإِ َذا فَ َس َد ْت فَ َس َد ا ْل َج َسد كله ،أَلاَ و ِه َي ا ْلقَ ْلب\" (رواه البخاري ومسلم) المفردات الحلال :وهو ما نص الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على تحليله .أو لم يعلم فيه منع. بين :ظاهر الحرام :وهو ما نص أو أجمع على تحريمه ،أو على أن فيه حدا أو تعزيرا ،أو وعيدا شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
32 مشتبهات :ليست بواضحة الحل ولا الحرمة لا يعلمهن كثير من الناس :في رواية الترمذي ،لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام . اتقى الشبهات :تركها وحذر منها استبرأ لدينه :طلب البراءة له من الذم الشرعي وحصلها له . وعرضه :يصونه عن كلام الناس فيه بما يشينه ويعيبه. والعرض :موضع المدح والذم من الإنسان . ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام :أي إذا اعتادها واستمر عليها .أدته إلى التجاسر إلى الوقوع في الحرام . حول الحمى :المحمي المحظور عن غير مالكه . يرتع فيه :بفتح التاء ،تأكل ماشيته منه فيعاقب . وأن لكل ملك :من ملوك العرب . ِحمى :موضعا يحميه عن الناس ،ويتوعد من دخل إليه أو قرب منه ،بالعقوبة الشديدة . محارمه :جمع محرم ،وهو فعل المنهي عنه ،أو ترك المأمور به الواجب . مضغة :قطعة لحم . شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
33 صلحت :بفتح اللام وضمها ،والفتح أشهر وقيد بعضهم الضم بالصلاح الذي صار عادة للإنسان وطبع من طباعه ق ّسم النبي صلى الله عليه وسلم الأمور إلى ثلاثة أقسام: قسم حلال بيّن لا اشتباه فيه وقسم حرام بيّن لا اشتباه فيه ، وهذان واضحان: أما الحلال فحلال ولا يأثم الإنسان به ،وأما الحرام فحرام ويأثم الإنسان به. مثل الأول :حل بهيمة الأنعام. ومثال الثاني :تحريم الخمر. أما القسم الثالث فهو الأمر المشتبه الذي يشتبه حكمه هل هو من الحلال أم من الحرام؟ ويخفى حكمه على كثير من الناس ،وإلا فهو معلوم عند آخرين. فهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أن الورع تركه وأن لا يقع فيه ولهذا قال {:فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه} استبرأ لدينه فيما بينه وبين الله ،واستبرأ لعرضه فيما بينه وبين الناس بحيث لا يقولون :فلان وقع في الحرام حيث إنهم يعلمونه وهو عندهم مشتبه. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
34 ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لذلك :بالراعي يرعى حول الحمى ،أي حول الأرض المحمية التي لا ترعاها البهائم فتكون خضراء ،لأنها لم ترعى فيها فإنها تجذب البهائم حتى تدب إليها وترعاها { كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه} ثم قال عليه الصلاة والسلام: { ألا و إن لكل ملك حمى } يعني :بأنه جرت العادة بأن الملوك يحمون شيئا من الرياض التي يكون فيها العشب الكثير والزرع الكثير { ألا وإن حمى الله محارمه } أي :ما حرمه على عباده فهو حماه لأنه منعهم أن يقعوا فيه ثم بين أن { في الجسد مضغة } يعني لحمة بقدر ما يمضغه الآكل إذا صلحت صلح الجسد كله ،ثم بينها بقوله {:ألا وهي القلب } وهو إشارة إلى أنه يجب على الإنسان أن يراعي ما في قلبه من الهوى الذي يعصف به حتى لا يقع في الحرام والأمور المشتبهات. الفوائد من الحديث -١أن الشريعة الإسلامية حلالها بيّن وحرامها بيّن والمشتبه منها يعلمه بعض الناس. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
35 -٢أنه ينبغي للإنسان إذا اشتبه عليه الأمر أحلال هو أم حرام أن يجتنبه حتى يتبيّن له أنه الشيء المشتبه فإن نفسه تدعوه إلى أن يفعل الشيء البين وحينئذ يهلك. -3جواز ضرب المثل من أجل أن يتبين الأمر المعنوي بضرب الحسي أي أن تشبيه المعقول بالمحسوس ليقرب فهمه. -4حسن تعليم الرسول عليه الصلاة والسلام بضربه للأمثال وتوضيحها. -5أن المدار في الصلاح والفساد على القلب وينبني على هذه الفائدة أنه يجب على الإنسان العناية بقلبه دائما وأبدا حتى يستقيم على ما ينبغي أن يكون عليه. -6أن فساد الظاهر دليل على فساد الباطن لقول النبي صلى الله عليه وسلم { :إذا صلحت صلح الجسد كله ،وإذا فسدت فسد الجسد كله } ففساد الظاهر عنوان فساد الباطن. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
36 الحديث السابع عن أبي ُرقَيَّةَ تَمي ِم ب ِن أ ْوس ال َّداري َر ِضي اللُ َع ْنهُ أ َّن النَّب َّي َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم قا َل: {ال ِّدين النَّ ِصي َحة} قُ ْلنَا :لِ َم ْن؟ قا َل{ :للهِ َولِ ِكتَابِ ِه َولِ َرسولِ ِه َول ِأئِ َّم ِة الْم ْسلِ ِمي َن َو َعا َّمتِ ِه ْم} رواه ومسلم شرح الحديث الدين :دين الإسلام . قوله :ال ِّد ْين يعني بذلك دين العمل ،لأن الدين ينقسم إلى قسمين: دين عمل ودين جزاء. فقوله تعالىَ ( :مالِ ِك يَ ْو ِم ال ِّدي ِن ) (الفاتحة)4: المراد به :دين الجزاء وقوله تعالىَ ( :و َر ِضيت لَكم ا ْل ِأ ْسلا َم دينا ) (المائدة :الآية)3 المراد به :دين العمل . وقوله هنا\" :ال ِّد ْين النَّ ِصي َحة\" المراد به دين العمل والنصيحة :هي تصفية النفس من الغش للمنصوح له . شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
37 فالنصيحة بمعنى إخلاص الشيء . والنصيحة لله تتضمن أمرين : الأول :إخلاص العبادة له . الثاني :الشهادة له بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته ،وأسمائه وصفاته . والنصيحة لكتابه تتضمن أمورا منها : الأول :الإيمان بأنه كلام الله وتنزيله ،وتلاوته حق تلاوته وتعظيمه ،والعمل بما فيه والدعاء إليه. الثاني :تصديق خبره تصديقا جازما لا شك فيه ،فلو كذب خبرا من أخبار الكتاب لم يكن ناصحا ،ومن شك فيه وتردد لم يكن ناصحا . الثالث :امتثال أوامره فما ورد في الكتاب من أمر فامتثله ،فإن لم تمتثل لم تكن ناصحا له . الرابع :اجتناب ما نهى عنه ،فإن لم تفعل لم تكن ناصحا .. الخامس :أن تؤمن بأن ما تضمنه من الأحكام هو خير الأحكام، وأنه لا حكم أحسن من أحكام القرآن الكريم شرح الأربعين النووية والنصيحة لرسوله تكون بأمور منها : الأول :المتابعة له ،وأن لا تتبع غيره مشروع النور المبين
38 لقول الله تعالى ( :لَقَ ْد َكا َن لَك ْم فِي َرسو ِل ال َّلهِ أ ْس َوة َح َسنَة لِ َم ْن َكا َن يَ ْرجو ال َّلهَ َوالْيَ ْو َم ا ْلآ ِخ َر َو َذ َك َر ال َّلهَ كثيرا ) (الأحزاب)21: الثاني :الإيمان بأنه رسول الله حقا الثالث :تصديق رسالته ،وأن تؤمن بكل ما أخبر به من الأخبار الماضية والحاضرة والمستقبلة . الرابع :أن تمتثل أمره . الخامس :أن تجتنب نهيه . السادس :إحياء سنته بتعلمها وتعليمها والاقتداء به في أقواله وأفعاله ومحبته ومحبة اتباعه السابع :أن تعتقد أن ما جاء عن رسول الله فهو كما جاء عن الله تعالى في لزوم العمل به ،لأن ما ثبت في السنة فهو كالذي جاء في القرآن. قال الله تعالى( :يَا أَي َها الَّ ِذي َن آ َمنوا أَ ِطيعوا ال َّلهَ َوأَ ِطيعوا ال َّرسو َل) (النساء :الآية)59 وقال تعالى ( َم ْن ي ِطعِ ال َّرسو َل فَقَ ْد أَطَا َع ال َّلهَ) (النساء :الآية)80 والنصيحة لأئمة المسلمين: مناصحتهم ببيان الحق وغير ذلك من حقوقهم المعروفة ومساعدتهم ومعاونتهم فيما يجب فيه المعونة كدفع الأعداء. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
39 وأما أئمة العلم فالنصيحة لهم ببث علومهم ونشر مناقبهم ، وتحسين الظن بهم . والنصيحة لعامة المسلمين: بالشفقة عليهم ،وإرشادهم إلى مصالحهم ،والسعي فيما يعود نفعه عليهم ،وكف الأذى عنهم ،وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ،و يكره لهم ما يكره لنفسه ،وبذل النصيحة لهم بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليمهم الخير ومن أجل ذلك صار الدين النصيحة وأول ما يدخل في عامة المسلمين نفس الإنسان أن ينصح الإنسان نفسه. الفوائد من الحديث -1انحصار الدين في النصيحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم { الدين النصيحة }. -2أن مواطن النصيحة خمسة : لله ،ولكتابه ،ولرسوله ،و لأئمة المسلمين ،وعامتهم. -3الحث على النصيحة في هذه المواطن الخمسة ،لأنها هي الدين وعلى الإنسان أن يحافظ على دينه ويتمسك به شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
40 -4تحريم الغش لأنه إذا كانت النصيحة هي الدين فالغش ضد النصيحة فيكون على خلاف الدين وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { :من غشنا فليس منا }. -5أن الدين يقع على العمل كما يقع على القول . -6أن للعالم أن يكل فهم ما يلقيه إلى السامع ،ولا يزيد له في البيان حتى يسأله السامع لتشوق نفسه حينئذ إليه ،فيكون أوقع في نفسه -7البداءة بالأهم فالأهم ،حيث بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالنصيحة لله ،ثم للكتاب ،ثم للرسول صلى الله عليه وسلم ثم لأئمة المسلمين ،ثم عامتهم . وإنما قدم الكتاب على الرسول لأن الكتاب يبقى ،والرسول صلى الله عليه وسلم يموت ،على أن النصيحة للكتاب وللرسول متلازمان ،فإذا نصح للكتاب نصح للرسول ،وإذا نصح للرسول نصح للكتاب. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
41 الحديث الثامن عن اب ِن ُع َم َر َر ِضي اللُ َع ْنهُما أ َّن رسو َل اللِ َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم قا َل: {أ ِم ْرت أَ ْن أقَاتِ َل النَّا َس َحتَّى يَ ْش َهدوا أَ ْن لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله َوأَ َّن م َح َّمدا َرسول اللهَِ ،ويقِيموا ال َّصلاَةََ ،وي ْؤتوا ال َّز َكاةَ ،فَإِ َذا فَ َعلوا َذلِ َك َع َصموا ِمنِّي ِد َما َءه ْم َوأَ ْم َوالَه ْم إِلاَّ بِ َح ِّق ال ِإ ْسلا ِمَ ،و ِح َسابه ْم َعلَى اللهِ تَ َعالَى} رواه البخاري ومسلم شرح الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (( أمرت : )) ...أي أمرني ربي ،لأنه لا آمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الله عز وجل .وصيغة الأمر تدل على الوجوب . (( أن أقاتل )) :أي بأن أقاتل (( الناس )) :أي المشركين ،لرواية النسائي ( أمرت أن أقاتل المشركين حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ) ،تبين معنى هذه الكلمة شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
42 ،و رواية مسلم ( :من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه ) وأما أهل الكتاب فيقاتلون إلى إحدى غايتين :الإسلام ،أو أداء الجزية ،للنصوص الدالة على ذلك (( ويقيموا الصلاة )) :يداوموا على الإتيان بها بشروطها. والمراد بالصلاة هنا الصلاة المفروضة (( ويؤتوا الزكاة )) :يعطوا الزكاة المفروضة لمستحقيها . فإن قيل :فالصوم من أركان الإسلام وكذلك الحج ولم يذكرهما فجوابه :أن الصوم لا يقاتل الإنسان عليه بل يحبس ويمنع الطعام والشراب ،والحج على التراخي ،فلايقاتل عليه ،وإنما ذكر رسول الله صلى عليه وسلم هذه الثلاثة لأنه يقاتل على تركها ولهذا لم يذكر الصوم والحج لمعاذ حين بعثه إلى اليمن ،بل ذكر هذه الثلاثة خاصة .. (( فإذا فعلوا ذلك )) :عبر بالفعل هنا عما بعضه قول على سبيل التغليب أو إرادة المعنى الأعم ،إذ القول فعل اللسان . (( عصموا )) :منعوا وحفظوا . (( إلا بحق الإسلام )) :بأن يصدر منهم ما يقتضي حكم الإسلام مؤاخذتهم به من قصاص أو حد أو نحو ذلك . شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
43 فمن حق الإسلام فعل الواجبات ،فمن ترك الواجبات جاز قتاله كالبغاة ،وقطاع الطريق ،ومانع الزكاة ،والزاني المحصن ، وتارك الجمعة والوضوء ،ففي تلك الأحوال يباح قتله وقتاله (( وحسابهم )) :في سرائرهم . (( على الله )) :إذ هو المطلع وحده على ما في القلوب من كفر ونفاق فمن أتى بالشهادتين وأقام الصلاة وآتى الزكاة عصم دمه وماله ، ثم إن كان فعل ذلك بنية خالصة صالحة فهو مؤمن وإن كان فعله تقية وخوفا كالمنافق فحسابه على الله ،وهو متولي السرائر وكذلك من صلى بغير وضوء أو غسل من الجنابة ،أو أكل في بيته وادعى أنه صائم ،يقبل منه وحسابه على الله عز وجل والله أعلم. الفوائد من الحديث -١اشتراط التلفظ بكلمتي الشهادة في الحكم بالإسلام . -2أنه لا يكف عن قتال المشركين إلا بالنطق بهما ,وأما أهل الكتاب فيقاتلون إلى إحدى غايتين :الإسلام ،أو أداء الجزية ، للنصوص الدالة على ذلك . شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
44 -3مقاتلة تاركي الصلاة والزكاة . -4أن الإسلام يعصم الدم والمال ،وكذلك العرض ،لحديث ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام )... -5أن الأحكام إنما تجري على الظواهر ،والله يتولى السرائر . -6مؤاخذة من أتى بالشهادتين وأقام الصلاة وآتى الزكاة بالحقوق الإسلامية ،من قصاص أو حد ونحو ذلك. -7إثبات الحساب أي أن الإنسان يحاسب على عمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر قال الله تعالى {:فَ َم ْن يَ ْع َم ْل ِم ْثقَا َل َذ َّرة َخيْرا يَ َره (َ )7و َم ْن يَ ْع َم ْل ِم ْثقَا َل َذ َّرة َش ّرا يَ َره} [الزلزلة]7،8: شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
45 الحديث التاسع َعن أبي هُريرةَ َعب ِد ال َّرحم ِن ب ِن َص ْخر َر ِضي اللُ َع ْنهُ قا َل: َس ِم ْع ُت َر ُسو َل اللِ َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم يقو ُل: \"ما نَ َه ْيتك ْم ع ْنه فا ْجتَنِبوه ،وما أ َم ْرتك ْم به فا ْف َعلوا ِم ْنه ما ا ْستَ َط ْعت ْم ،فإنَّما أ ْهلَ َك الَّ ِذي َن ِمن قَبْلِك ْمَ ،ك ْث َرة َمسائِلِ ِه ْم ،وا ْختِلافه ْم علَى أ ْنبِيائِ ِه ْم\" رواه البخاري ومسلم الشرح { ما } في قوله { :ما نهيتكم } وفي قوله { :ما امرتكم } شرطية يعني الشيء الذي أنهاكم عنه اجتنبوه كله ولا تفعلوا منه شيئا وباعدوا عنه ،لأن الاجتناب أسهل من الفعل ،كل يدركه. اجتنبوه جملة واحدة لا تفعلوه ولا شيئا منه ،وهذا محموله على نهي التحريم ،فأما نهي الكراهة فيجوز فعله. وأصل النهي في اللغة :المنع وأما المأمور فقال { :وما أمرتكم به فا ْف َعلوا منه ما استطعتم } لأن المأمور فعل وقد يشق على الإنسان شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
46 ولذلك قيده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : { فافعلوا منه ما استطعتم } فافعلوا منه ما أطقتم وفيه مسائل :منها إذا وجد ماء للوضوء لا يكفيه فالأظهر وجوب استعماله ثم يتيمم للباقي. وقوله صلى الله عليه وسلم: (( فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم )) اعلم أن السؤال على قسمين : القسم الأول ماكان على وجه التعلم -ومنه سؤال الجاهل عن فرائض الدين كالوضوء والصلاة والصوم ،وعن أحكام المعاملة ونحو ذلك . وهذا السؤال واجب وعليه حمل قوله صلى الله عليه وسلم : ))طلب العلم فريضة على كل مسلم )) ومسلمة ،ولا يسع الإنسان السكوت عن ذلك .قال تعالى { :فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } [النحل]43: شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
47 -ومنه السؤال للتفقه في الدين ،قال سبحانه وتعالى { :فلولا نفر ِم ْن ك َّل فرقة منهم طائفة ،ليتفقهوا في الدين ولِين ِذروا قو َمه ْم إذا َر َجعوا إليهم لعلهم يَح َذرون } [التوبة[122: وقال صلى الله عليه وسلم (( :ألا فليعلم الشاهد منكم الغائب (( القسم الثاني : أن يسأل عن شيء لم يوجبه الله عليه ،ولا على غيره أو ما يكون على وجه التعنت والتكلف وعلى هذا حمل الحديث لأنه قد يكون في السؤال ترتب مشقة بسبب تكليف يحصل .ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: )) وسكت عن أشياء رحمة لكم فلا تسألوا عنها(( و َع ْن أَبِي ه َريْ َرةَ ،قَا َل َ :خطَبَنَا َرسول ال َّلهِ َصلَّى ال َّله َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ، فَقَا َل \" :أَي َها النَّاس قَ ْد فَ َر َض ال َّله َعلَيْكم ا ْل َح َّج ،فَحجوا\" ،فَقَا َل َرجل :أَك َّل َعام يَا َرسو َل ال َّلهِ ؟ فَ َس َك َت َحتَّى قَالَ َها ثَ َلاثا ،فَقَا َل َرسول ال َّلهِ َصلَّى ال َّله َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم \":لَ ْو ق ْلت :نَ َع ْم لَ َو َجبَ ْتَ ،ولَ َما ا ْستَ َط ْعت ْم \" ،ث َّم قَا َل َ \":ذرونِي َما تَ َر ْكتك ْم ،فَإِنَّ َما َهلَ َك َم ْن َكا َن قَ ْبلَك ْم بِ َك ْث َر ِة س َؤالِ ِه ْم َوا ْختِ َلافِ ِه ْم َعلَى أَ ْنبِيَائِ ِه ْم ،فَإِ َذا أَ َم ْرتك ْم بِ َش ْيء فَأْتوا ِم ْنه َما ا ْستَ َط ْعت ْم َ ،وإِ َذا نَ َهيْتك ْم َع ْن َش ْيء فَ َدعوه \" وهذا النهي خاص بزمانه صلى الله عليه وسلم ،أما بعد أن استقرت الشريعة ،و أمن من الزيادة فيها زال النهي بزوال سببه شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
48 ))واختلافهم)) :بالرفع ،لأنه أبلغ في ذم الاختلاف ،ومعنى الاختلاف على الأنبياء مخالفتهم .وهي تستلزم اختلاف الأمة فيما بينها. الفوائد من الحديث -1الأمر بامتثال الأوامر ،واجتناب النواهي . -2أن النهي أشد من الأمر ،لأن النهي لم يرخص في ارتكاب شيء منه ،والأمر قيد بالاستطاعة. ولهذا قال بعض السلف :أعمال البر يعملها البار والفاجر ، والمعاصي لا يتركها إلا ِص ِّديق -3أن العجز عن الواجب أو عن بعضه مسقط للمعجوز عنه. لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ،إلا أن المعجوز عنه إن كان له بدل فأتى به فقد أتى بما عليه ،كمن عجز عن القيام في الصلاة فانتقل إلى الصلاة قاعدا ،أو على جنب ،وإن عجز عن أصل العبادة فلم يأت بها كالمريض يعجز عن الصيام سقطت عنه حالة العجز ،ووجب عليه القضاء بعده -٤النهي عن كثرة السؤال. وقد قسم العلماء السؤال إلى قسمين : أولا :ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين. شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
49 فهذا مأمور به لقوله تعالى ( :فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ثانيا :ما كان على وجه التعنت والتكلف وهذا هو المنهي عنه. -5سهولة هذا الدين الإسلامي حيث لم يجب على المرء إلا ما يستطيعه. -6أن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء من أسباب الهلاك كما هلك بذلك من كان قبلنا ،لأن ذلك أهلك من كان قبلنا ،فإذا فعلناه ،فإنه يوشك أن نهلك كما هلكوا شرح الأربعين النووية مشروع النور المبين
50 الحديث العاشر َع ْن أَبِي هُ َر ْي َرةَ َر ِضي اللُ َع ْنهُ قَا َل: قَا َل َر ُسو ُل الَّلِ َصلَّى اللُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم: \"إ َّن ال َّلهَ تَ َعالَى َطيِّب َلا يَ ْقبَل إ َّلا َطيِّباَ ،وإِ َّن ال َّلهَ أَ َم َر ا ْلم ْؤ ِمنِي َن بِ َما أَ َم َر بِ ِه ا ْلم ْر َسلِي َن فَقَا َل تَ َعالَى (:يَا أَي َها الرسل كلوا ِم َن الطَّيِّبَا ِت َوا ْع َملوا صالحا) [المؤمنون[51: َوقَا َل تَ َعالَى( :يَا أَي َها الَّ ِذي َن آ َمنوا كلوا ِم ْن طَيِّبَا ِت َما َر َز ْقنَاك ْم) [البقرة[172: ث َّم َذ َك َر ال َّرج َل ي ِطيل ال َّسفَ َر أ ْش َع َث أ ْغبَ َر ،يَمد يَ َد ْي ِه إلى ال َّسما ِء : يا رب! يا رب! ،و َم ْط َعمه َحرام ،و َم ْش َربه َحرام ،و َم ْلبَسه َحرام، وغ ِذ َي بال َحرا ِم ،فأنَّى ي ْستَجاب لذل َك؟\" َر َواهُ ُم ْسلِم [رقم.]1015: شرح الأربعين النووية المفردات أشعث :جعد الرأس أغبر :مغبر اللون لطول سفره في الطاعات يمد يديه :يرفعها بالدعاء إلى الله تعالى مشروع النور المبين
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238