Important Announcement
PubHTML5 Scheduled Server Maintenance on (GMT) Sunday, June 26th, 2:00 am - 8:00 am.
PubHTML5 site will be inoperative during the times indicated!

Home Explore القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

القواعد والأصول وتطبيقات التدبر

Published by كتاب فلاش Flash Book, 2020-05-01 07:25:17

Description: لخالد السبت

Search

Read the Text Version

‫ي ُسيء إليه ولا ُيْ ِسن‪ ،‬فلا يُ ْؤثِر الإحسا َن إلى المسيء إلا من خالفه وآثر الله تعالى‬ ‫وما عنده على َح ّظه العاجل‪.‬‬ ‫فكان المقام مقام تأكيد وتحريض‪ ،‬فقال فيه‪ :‬ﭽﮩﮪﮫﮬﮭ‬ ‫ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﭼ (فصلت)‪ ،‬وأما في سورة الأعراف فإنه‬ ‫أمره أن يُع ِرض عن الجاهلين‪ ،‬وليس فيها الأمر ب ُم َقابَلة إساءتهم بالإحسان‪ ،‬بل‬ ‫بالإعراض‪ ،‬وهذا َس ْهل على النفوس غير ُم ْس َت ْعص عليها‪ ،‬فليس ِح ْرص الشيطان‬ ‫و َسعيه في َدفْع هذا ك ِح ْر ِصه على َدفْع ال ُمقابَلة بالإحسان‪ ،‬فقال‪ :‬ﭽﭽﭾ‬ ‫ﭿ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﭼ (الأعراف)»(‪.)1‬‬ ‫وقال في موضع آخر‪« :‬وقال هاهنا‪ :‬ﭽﮱﯓﯔﯕﭼ (فصلت‪،)٣٦:‬‬ ‫فأكد بـ(إن)‪ ،‬وبضمير الفصل‪ ،‬وأتى باللام في‪ :‬ﭽﯔﯕﭼ‪ .‬وقال في‬ ‫الأعراف‪ :‬ﭽﮱﮆﮇﭼ (الأعراف‪.)200 :‬‬ ‫ُ‬ ‫يُؤكده‬ ‫ولم‬ ‫الاسم‬ ‫ُمرد‬ ‫على‬ ‫اقتصر‬ ‫حيث‬ ‫أنه‬ ‫أعلم‪-‬‬ ‫‪-‬والله‬ ‫ذلك‬ ‫وسر‬ ‫أريد‬ ‫إثبات ُمرد الوصف الكافي في الاستعاذة والإخبار بأنه سبحانه يسمع ويعلم‪ ،‬فيسمع‬ ‫استعاذتك فيجيبك‪ ،‬ويعلم ما تستعيذ منه فيدفعه عنك؛ فالسمع لكلام ال ُمستعيذ‪،‬‬ ‫والعلم بالفعل ال ُمستعاذ منه‪ ،‬وبذلك يحصل مقصود الاستعاذة‪ ،‬وهذا المعنى شامل‬ ‫للموضعين‪ ،‬وامتاز المذكور في سورة فصلت بمزيد التأكيد والتعريف والتخصيص؛‬ ‫لأن سياق ذلك بعد إنكاره سبحانه على الذين شكوا في سمعه لقولهم وعلمهم به‪،‬‬ ‫كما جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال‪« :‬اجتمع عند البيت ثلاثة نفر‪:‬‬ ‫قرشيان وثقفي‪ ،‬أو ثقفيان وقرشي‪ ،‬كثي ٌر َش ْحم بطونهم‪ ،‬قلي ٌل ِف ْقه قلوبهم‪ ،‬فقالوا‪:‬‬ ‫‪ )1‬السابق (‪.)268 - 267/2‬‬ ‫‪151‬‬

‫أترون الله يسمع ما نقول؟ فقال أحدهم‪ :‬يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا‪ ،‬فقال‬ ‫الآخر‪ :‬إن سمع بعضه سمع كله‪ .‬فأنزل الله ‪ :b‬ﭐﱫﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬ ‫ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭷﭸ ﭹﭺ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﱪ (فصلت)»(‪)1‬؛ فجاء‬ ‫التوكيد في قوله‪ :‬ﭽﮱﯓﯔﯕﭼ‪ .‬في سياق هذا الإنكار؛ أي‪ :‬هو وحده‬ ‫الذي له كمال قوة السمع وإحاطة العلم‪ ،‬لا كما يظن به أعداؤه الجاهلون‪ :‬أنه لا‬ ‫يسمع إن أخفوا‪ ،‬وأنه لا يعلم كثي ًرا مما يعملون‪ .‬و َح َّسن ذلك أي ًضا‪ :‬أن المأمور به في‬ ‫سورة فصلت َدفْع إساءتهم إليه بإحسانه إليهم‪ ،‬وذلك أشق على النفوس من ُمرد‬ ‫الإعراض عنهم؛ ولهذا َع َّقبه بقوله‪ :‬ﭐﱫﮝﮞ ﮟ ﮠﮡﮢﮣ ﮤ ﮥ‬ ‫ﮦﮧﮨﱪ (فصلت)‪ ،‬ف َح ُسن التأكيد لحاجة ال ُمستعيذ‪.‬‬ ‫وأي ًضا‪ ،‬فإن السياق هاهنا لإثبات صفات كماله‪ ،‬وأدلة ثبوتها‪ ،‬وآيات‬ ‫ربوبيته‪ ،‬وشواهد توحيده؛ ولهذا َع َّقب ذلك بقوله‪ :‬ﱫﯗﯘ ﯙﯚﱪ‬ ‫(فصلت‪ ،)37:‬وبقوله‪ :‬ﱫﭑﭒﭓﭔﭕﭖﱪ (فصلت‪.)2(»)39 :‬‬ ‫‪ -9‬قال تعالى عن إبراهيم ‪ :n‬ﭽﭱﭲﭼ (النحل‪ ،)121:‬وقال‪:‬‬ ‫ﭽﭝﭞﭟﭠﭡﭼ (لقمان‪« ،)20 :‬ف َج َمع النعمة في آية النحل َجْع‬ ‫وشكرها‪،‬‬ ‫بعضها‬ ‫معرفة‬ ‫الإنسان‬ ‫يستطيع‬ ‫وإنما‬ ‫ُ‬ ‫لا‬ ‫الله‬ ‫نعم‬ ‫لأن‬ ‫(أنعم)؛‬ ‫قِلَّة‬ ‫تصى‪،‬‬ ‫‪ )1‬أخرجه البخاري (‪ ،)7521 ،4817‬ومسلم (‪.)2775‬‬ ‫‪ )2‬إغاثة اللهفان (‪.)97 -96/1‬‬ ‫‪152‬‬

‫وهو ما كان من إبراهيم ‪ ،n‬فَ َذ َكر َجْع ال ِقلَّة في هذا المقام‪ ،‬أما آية لقمان فجمعها‬ ‫َ ْجع َك ْثة (نِ َع َمه)؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جمي ًعا»(‪.)1‬‬ ‫‪ -10‬في سورة الكهف قال الخضر ‪« :r‬في الأولى‪ :‬ﭽﮚﮛﮜﭼ‬ ‫(الكهف‪ ،)79:‬وفي الثانية‪ :‬ﱫﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ‬ ‫ﯚﱪ (الكهف)‪ ،‬وفي الثالثة‪ :‬ﱫ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫ﯰﯱﯲﱪ (الكهف‪ )82 :‬فما وجه كل واحدة من هذه الألفاظ؟‬ ‫قلت‪ :‬إنه لما ذكر العيب أضافه إلى نفسه على سبيل الأدب مع الله تعالى‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬ﭽﮚﮛﮜﭼ‪ ،‬ولما ذكر رعاية المصالح في مال اليتيمين لأجل صلاح‬ ‫أبيهما أضافه إلى الله ‪c‬؛ لأن حفظ الأبناء وصلاح أحوالهم لرعاية حق الآباء‬ ‫ليس إلا لله ‪c‬؛ فلأجل ذلك أضافه إلى الله تعالى»(‪.)2‬‬ ‫‪ -11‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ‬ ‫ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤﭼ‬ ‫(الأنبياء)‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟﯠ ﯡﯢﯣﯤ ﯥ‬ ‫ﯦﯧﭼ (الصافات)‪.‬‬ ‫‪ )1‬أسرار البيان في التعبير القرآني (باب‪ :‬البنية في التعبير القرآني)‪.‬‬ ‫‪ )2‬تفسير الخازن (‪.)228/4‬‬ ‫‪153‬‬

‫قال الإسكافي ‪« :)1(r‬للسائل أن يسأل فيقول‪ :‬هذا في قصة واحدة‪ ،‬فجاء في‬ ‫موضع‪ :‬ﭽﯣﭼ (الأنبياء‪،)70:‬وفيموضع‪:‬ﭽﯦﭼ(الصافات‪،)98:‬‬ ‫فهل في ك ٍّل من المكانين ما يختص باللفظ الذي خ ّص به؟‬ ‫والجواب أن يقال‪ :‬أ ّما في سورة الأنبياء فإن الله تعالى أخبر فيها عن إبراهيم‬ ‫‪ n‬أنه قال‪ :‬ﭽﯹﯺﯻﭼ (الأنبياء‪ ،)75:‬ثم أخبر عن الكفار ل ّما‬ ‫ألقوه في النار وأرادوا به كي ًدا‪ :‬ﭽﯢﯣﭼ (الأنبياء‪ ،)70:‬والكيد‪:‬‬ ‫سعي في مضرة ِ ُلو َرد على غفلة‪ ،‬فذكر ُم َكيَ َدة بينهم وبين إبراهيم ‪ ،n‬فكادهم‬ ‫ولم يكيدوه فخسرت تجارتهم وعادت عليهم ُم َكيَ َدتُهم؛ لأنه ك ّس أصنامهم‬ ‫ولم يبلغوا من إحراقه مرادهم‪ ،‬فذكر الأخسرين؛ لأنهم خسروا فيما عاملهم به‬ ‫ُ‬ ‫إليهما‪.‬‬ ‫أضيفت‬ ‫التي‬ ‫ال ُم َكيَدة‬ ‫من‬ ‫وعاملوه‬ ‫وأما الآية التي في سورة الصافات فإن الله تعالى أخبر عن الكفار فيها بما‬ ‫اقتضى من الأسفلين‪ ،‬وهو أنه قال‪ :‬ﭽﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﭼ‪ ،‬فبنوا‬ ‫له بناء عال ًيا ورفعوه فوقه ليرموا به من هناك إلى النار التي أَ َّج ُجوها‪ ،‬فلما َعلَوا ذلك‬ ‫لأنهم أُه ِل ُكوا في الدنيا و َس ُفل‬ ‫عليهم‪ ،‬فانقلب عالي أمرهم في‬ ‫عادوا هم الأسفلين؛‬ ‫إلى أسفل‪،‬‬ ‫البنا َء وح ّطوه منه‬ ‫ن ّج نب ّيه ‪ n‬وأعلاه‬ ‫والله تعالى‬ ‫أمرهم في ال ُأ ْخرى‪،‬‬ ‫صعود البناء وسافل أمر إبراهيم ‪.n‬‬ ‫فل ّما ُح ّط إلى النار‪ ،‬صار ذلك َسافِ ًل‪ ،‬وأمر النبي ‪ n‬عال ًيا؛ فلذلك اختصت‬ ‫هذه الآية بقوله‪ :‬ﭽﯥﯦﯧﭼ (الصافات)»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬هو‪ :‬محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي‪ ،‬أبو عبد الله‪ ،‬عالم بالأدب واللغة‪ ،‬من أهل أصبهان‪ .‬كان‬ ‫إسكافًا ‪-‬يُقال لل َخ َّراز أو الصانع‪ -‬ثم خطي ًبا بالر ّي‪ .‬توفي سنة‪420 :‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الوافي بالوفيات (‪،)271 /3‬‬ ‫والأعلام للزركلي (‪.)228-227 /6‬‬ ‫‪ )2‬درة التنزيل (‪.)906 -905 /1‬‬ ‫‪154‬‬

‫‪ -12‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ‬ ‫ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﭼ (القصص)‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬ﭽﯙﯚﯛﯜﯝﯞﭼ (الفرقان)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬وكان َرفْع السلام ُمتعينًا؛ لأنه حكاية ما قد وقع‪ ،‬ونَ ْصب‬ ‫السلام في آية الفرقان ُمتعي ًنا؛ لأنه تعليم وإرشاد لما هو الأكمل والأولى للمؤمن‬ ‫أن َي ْع َت ِم َده إذا خاطبه الجاهل»(‪.)1‬‬ ‫‪ -13‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭿﭼ (سبأ)‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ‬ ‫ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ‬ ‫ﯶﯷﭼ (يونس)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬هل يظهر فرق بين قوله تعالى في سورة يونس‪ :‬ﭽﯚﯛ‬ ‫ﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (يونس‪ ،)٣١:‬وبين قوله في‬ ‫سورة سبأ‪ :‬ﭽﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭼ (سبأ‪)24:‬؟‬ ‫قيل‪ :‬هذا من أدق هذه المواضع وأغمضها وألطفها فَ ْر ًقا‪َ ،‬فتَ َدبَّر السياق تجده‬ ‫نَ ِقي ًضا لما وقع‪ ،‬فإن الآيات التي في يونس ِسي َقت َم َساق الاحتجاج عليهم بما أقروا‬ ‫به ولم يمكنهم إنكاره‪ ،‬من كون الرب تعالى هو رازقهم ومالك أسماعهم وأبصارهم‬ ‫و ُم َدبِّر أمورهم وغيرها‪ ،‬و ُمْ ِرج الحي من الميت والميت من الحي‪ ،‬فلما كانوا ُم ِق ِّرين‬ ‫بهذا كله‪َ ،‬ح ُسن الاحتجاج به عليهم‪ ،‬أن فاعل هذا هو الله الذي لا إله غيره‪،‬‬ ‫‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)160 /2‬‬ ‫‪155‬‬

‫فكيف يعبدون معه غيره ويجعلون له شركاء لا يملكون شيئًا من هذا ولا‬ ‫يستطيعون ِف ْعل شيء منه؟! ولهذا قال بعد أن َذ َكر ذلك من شأنه تعالى‪ :‬ﭽﯱ‬ ‫ﯲﭼ؛ أي‪ :‬لا بُد أنهم يُ ِق ُّرون بذلك ولا يجحدونه‪ ،‬فلا بُد أن يكون المذكور مما‬ ‫يُ ِق ُّرون به‪ ،‬وال ُم َخا َطبون ال ُم ْح َتج عليهم بهذه الآية إنما كانوا ُم ِق ِّرين بنزول الرزق‬ ‫إبلايلهحم‪،‬سو‪،‬لومليَم ِيصلكعونلوماه ُمم ِقإ ِّرليىنهوذال‪،‬افعأُافلمريدنتبنلزفوظل‬ ‫يشاهدونها‬ ‫من قِبَل هذه السماء التي‬ ‫حتى تنتهي‬ ‫الرزق من سماء إلى سماء‬ ‫السماء هنا‪ ،‬فإنه لا يمكنهم إنكار مجيء الرزق منها‪ ،‬لا سيما والرزق هاهنا إن‬ ‫كان هو المطر فمجيئه من السماء التي هي السحاب‪ ،‬فإنه ي ُ َس َّم سماء؛ ِل ُعلُ ِّوه‪ ،‬وقد‬ ‫أخبر سبحانه أنه ب َ َسط السحاب في السماء بقوله‪ :‬ﭽﮱﯓﯔﯕﯖﯗ‬ ‫ﯘ ﯙﯚﯛ ﯜﭼ (الروم‪ ،)48 :‬والسحاب إنما هو مبسوط في جهة‬ ‫العلو لا في نفس الفلك‪ ،‬وهذا معلوم بالحس فلا يُلتفت إلى غيره‪.‬‬ ‫فلما انتظم هذا ب ِذ ْكر الاحتجاج عليهم‪ ،‬لم يصلح فيه إلا إفراد السماء؛‬ ‫لأنهم لا يُ ِق ُّرون بما ينزل من فوق ذلك من الأرزاق العظيمة للقلوب والأرواح‪ ،‬ولا‬ ‫بد من الوحي الذي به الحياة الحقيقية الأبدية‪ ،‬وهو أولى باسم الرزق من المطر الذي‬ ‫به الحياة الفانية ال ُمنْ َق ِضية‪ ،‬فما ينزل من فوق ذلك من الوحي والرحمة والألطاف‬ ‫والموارد الربانية وال َّت َ ُّنلات الإلهية وما به قِ َوام العالَم ال ُعلوي وال ُّس ْفلي من أعظم‬ ‫أنواع الرزق‪ ،‬ولكن القوم لم يكونوا ُمقرين به‪ ،‬ف ُخو ِطبوا بما هو أقرب الأشياء‬ ‫إليهم بحيث لا يمكنهم إنكاره‪.‬‬ ‫ِذكر إقرارهم بما ينزل من السموات؛‬‫ْ‬ ‫الآية التي في سورة سبأ‪ ،‬فلم ينتظم بها‬ ‫ولهذا أَوأَممرا‬ ‫عنهم أنهم ال ُمجيبون ال ُم ِق ُّرون‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫رسوله بأن يتولى الجواب فيها‪ ،‬ولم يذكر‬ ‫ﭽﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭼ‪ ،‬ولم َي ُقل‪ :‬ﭽفسيقولون اللهﭼ‪ ،‬فأمر‬ ‫‪156‬‬

‫تعالى نبيه ‪ g‬أن ُييب بأن ذلك هو الله وحده الذي ينزل رزقه على اختلاف أنواعه‬ ‫ومنافعه من السموات السبع‪ .‬وأما الأرض فلم يَ ْد ُع السياق إلى جمعها في واحدة من‬ ‫الاثنين؛ إذ يُقر به كل أحد مؤمن وكافر و َبر وفاجر»(‪.)1‬‬ ‫‪ - 14‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮡﮢﮣﮤﮥ ﮦﮧﭼ (الواقعة)‪.‬‬ ‫وقوله سبحانه‪ :‬ﭽﯝﯞﯟﯠﯣﭼ (الواقعة)‪.‬‬ ‫قال ابن هبيرة ‪« :r‬تأملت ‪ ‬دخول اللام وخروجها‪ ،‬فرأيت المعنى‪ :‬أن اللام‬ ‫تقع للاستقبال؛ تقول‪ :‬ل َأ ْ ِض َب َّنك؛ أي‪ :‬فيما َب ْعد لا في الحال‪ .‬والمعنى‪ :‬ﭽﮗﮘ‬ ‫ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﭼ (الواقعة)؛ أي‪ :‬في‬ ‫ُم ْس َت ْقبَل الزمان إذا تم فاستحصد‪ ،‬وذلك أشد العذاب؛ لأنها حالة انتهاء تعب الزارع‬ ‫واجتماع ال َّديْن عليه؛ لرجاء القضاء بعد الحصاد‪ ،‬مع فراغ البيوت من الأقوات‪.‬‬ ‫وأما في الماء‪ ،‬فقال‪ :‬ﭽﯝﯞﯟﯠﭼ (الواقعة‪)70 :‬؛ أي‪ :‬الآن؛ لأنا لو‬ ‫أَ َّخرنا ذلك‪ ،‬لشرب العطشان وادخر الإنسان»(‪.)2‬‬ ‫‪ -15‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮯﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗﭼ (المجادلة)‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬ﭽﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯦﯧﯨ‬ ‫ﯩ ﯪﯫﯬﭼ (المجادلة)‪.‬‬ ‫قال الإسكافي ‪« :r‬للسائل أن يسأل عن خاتمتي الآيتين‪ ،‬وهما‪ :‬ﭽﯕﯖﭼ‬ ‫وﭽﯪﯫﭼ وعما أوجب اختصاص كل واحدة منهما بما ُذ ِكر فيها؟‬ ‫‪ )1‬السابق (‪.)118-117 /1‬‬ ‫‪ )2‬ذيل طبقات الحنابلة (‪.)151-150/2‬‬ ‫‪157‬‬

‫يُبين‬ ‫أي‪:‬‬ ‫ﮬﮭﭼ؛‬ ‫ﭽﮪﮫ‬ ‫ُ‬ ‫في‬ ‫قال‬ ‫لَ َّما‬ ‫يُقال‪:‬‬ ‫أن‬ ‫والجواب‬ ‫الأولى‪:‬‬ ‫لكم ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله‪ ،‬و َذ َكر الحدود التي َح َّدها ِل ِعبَا ِده‪ ،‬ثُم َس َّم َمن لم‬ ‫يُؤ ِمن كاف ًرا باسمه وتَ َو َّع َده بالعذاب ال ُمو ِجع ال ُمبَالغ فيه‪ ،‬وهو ما ُي ّوف الله تعالى به‬ ‫عباده‪ ،‬نعوذ بالله منه‪.‬‬ ‫وأما قوله‪ :‬ﭽ ﯪﯫﭼ فلأن قبله‪ :‬ﭽﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝﭼ؛‬ ‫َف ُض ِّمن معنى الفعلين الشرط والجزاء‪ ،‬فجعل ال َكبْت جزاء َمن آثر ِح ْز ًبا غير‬ ‫ِح ْزب الله ورسوله‪ ،‬و َح ًّدا غير َح ّدهما‪ ،‬وال َكبْت‪ :‬الإذلال‪ ،‬وقيل‪ :‬ال َغلْ ُب وال َق ْهر‬ ‫وال َّت ْخ ِييب؛ وكل ذلك ُمتَ َقا ِرب»(‪.)1‬‬ ‫‪ -16‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ (الذاريات)‪ ،‬وفي سورة‬ ‫المعارج‪ :‬ﭽﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﭼ (المعارج)‪.‬‬ ‫قال الغرناطي ‪« :r‬ي ُسأل عن وجه زيادة الصفة في سورة المعارج من قوله‪:‬‬ ‫ﭽﮗﭼ وسقوط ذلك في الذاريات؟ وهل كان ُي َنا ِسب عكس الوارد؟‬ ‫والجواب‪ ،‬والله أعلم‪ :‬أن آية المعارج قد َت َق َّدمها ُم َّت ِص ًل بها قوله تعالى‪ :‬ﭽﮊ‬ ‫ﮋﮌﭼ (المعارج)‪ ،‬وال ُمراد بالصلاة هنا‪ :‬المكتوبة‪ ،‬وأي ًضا ُي ْق َرن بها في آي‬ ‫الكتاب الزكاة المفروضة‪ ،‬وبها فَ َّس ال ُمف ِّسون الحق المعلوم في آية المعارج‪.‬‬ ‫قال الزمخشري‪ :‬لأنها ُم َق َّدرة معلومة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫فلما‬ ‫غيرها‪،‬‬ ‫ووجو ًبا‬ ‫ونِ َصابًا‬ ‫قلت‪ :‬وليس في المال حق ُم َق َّدر معلوم وق ًتا‬ ‫أ ِريد‬ ‫ُ‬ ‫ُيْ ِرز‬ ‫أتبع‬ ‫المقصود»(‪.)2‬‬ ‫بوصف‬ ‫الزكاة‬ ‫هنا‬ ‫بالحق‬ ‫‪ )1‬درة التنزيل (‪.)1258-1257/1‬‬ ‫‪ )2‬ملاك التأويل (‪.)450/2‬‬ ‫‪158‬‬

‫‪ -17‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ‬ ‫ﭟ ﭠﭡﭼ (المعارج)‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭼ (الرحمن)‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ (الشعراء)‪.‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬ﭽﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌﭼ (المزمل)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪َ « :r‬مجيء ال َم ْ ِشق وال َم ْغ ِرب في القرآن تارة مجموعين‪ ،‬وتارة‬ ‫ُم َثنَّيين‪ ،‬وتارة ُم ْف َردين؛ لاختصاص كل محل بما يقتضيه من ذلك؛ فالأول كقوله‪:‬‬ ‫ﭽﭑﭒﭓ ﭔﭕﭼ (المعارج‪ ،)40 :‬والثاني كقوله‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔ‬ ‫ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭼ(الرحمن)‪ ،‬والثالث كقوله‪ :‬ﭽﮃﮄﮅﮆ‬ ‫ﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌ ﭼ (المزمل)‪.‬‬ ‫َف َتأَ ُّم ُل هذه الحكمة البالغة في َت َغايُر هذه المواضع في الإفراد والجمع والتثنية‬ ‫بحسب َم َوا ِّدها‪ُ ،‬ي ْط ِلعك على عظمة القرآن الكريم وجلالته‪ ،‬وأنه تنزيل من‬ ‫حكيم حميد‪.‬‬ ‫فحيث ُ ِج َعت‪ ،‬كان ال ُمراد بها َم َشا ِرق الشمس و َم َغا ِربها في أيام السنة؛‬ ‫وهي ُمتعددة‪.‬‬ ‫وال َم ْغ ِرب‪.‬‬ ‫ال َم ْ ِشق‬ ‫أُ ُف َق‬ ‫ال ُمراد‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫وحيث‬ ‫أفردت‬ ‫أَ َم ْو ْ ِج ِشهاَقوا ُرصتعفاودعههاا‪،‬وف ُههبوذاط َهما ْ ِوش َمق ْغ ِر ُبصي ُعهومِدا‪،‬ها‪،‬فإنوهيان تَشبأتمدنهئ‬ ‫وحيث ثُنّيا كان ال ُمراد‬ ‫صاعدة حتى تنتهي إلى غاية‬ ‫فصلا الخريف والشتاء‪ .‬فجعل َم ْ ِشق ُصعودها ب ُجملته َم ْ ِشقًا واح ًدا‪ ،‬و َم ْ ِشق‬ ‫‪159‬‬

‫ُهبوطها ب ُجملته َم ْ ِش ًقا واح ًدا‪ ،‬و ُيقابِلها َم ْغ ِرباها؛ فهذا وجه اختلاف هذه في‬ ‫الإفراد والتثنية والجمع‪.‬‬ ‫وأما وجه اختصاص كل موضع بما وقع فيه‪ ،‬فلم أَ َر أح ًدا تعرض له ولا فتح‬ ‫بابه‪ ،‬وهو بحمد الله َب ِّي من ال ِّس َياق‪ ،‬فتأمل ُو ُروده ُم َث ًّن في سورة الرحمن؛ لما كان‬ ‫الخلق‬ ‫وهما‬ ‫الإيجاد‪:‬‬ ‫نوعي‬ ‫ً‬ ‫َف َذ َكر‬ ‫ال ُم ْز َد َو َجات‪،‬‬ ‫المثاني‬ ‫َم َساق‬ ‫السورة‬ ‫َم َساق‬ ‫أول‬ ‫والتعليم‪ ،‬ثم َذ َكر ِ َسا َج العالم و َم ْظ َهري نوره‪ :‬وهما الشمس والقمر‪ ،‬ثم َذ َكر‬ ‫نَ ْو َع النبات‪ ،‬ما قام منه على ساق وما انبسط منه على وجه الأرض‪ :‬وهما النجم‬ ‫والشجر‪ ،‬ثم َذ َكر نَو َع السماء المرفوعة والأرض الموضوعة‪ ،‬وأخبر أنه رفع هذه‬ ‫فأمر‬ ‫الميزان‪،‬‬ ‫في‬ ‫والظلم‬ ‫العدل‬ ‫َذ َكر‬ ‫ثم‬ ‫الميزان‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫بينهما‬ ‫وو َّس َط‬ ‫هذه‬ ‫ووضع‬ ‫ِذكر‬ ‫بالعدل ونهى عن الظلم‪ ،‬ثم َذ َكر نَو َع الخارج من الأرض‪ :‬وهما الحبوب والثمار‪،‬‬ ‫ثم ذكر َخلْق نوعي المكلفين‪ :‬وهما نوع الإنسان ونوع الجان‪ ،‬ثم َذ َكر نوعي ال َمش ِر َقين‬ ‫ونَو َع ال َم ْغ ِربين‪ ،‬ثم ذكر بعد ذلك البحرين‪ :‬الملح والعذب‪.‬‬ ‫فتأمل ُح ْسن تثنية ال َم ْ ِشق وال َم ْغ ِرب في هذه السورة وجلالة و ُرودهما لذلك‪ ،‬وق ِّدر‬ ‫موضعهما اللفظ ُم ْف َر ًدا ومجمو ًع‪ ،‬تجد السمع يَنْ ُبو عنه‪ ،‬ويشهد العقل ب ُمنَافَ َرته لل َّن ْظم‪.‬‬ ‫والنهار‪،‬‬ ‫الليل‬ ‫ْ‬ ‫تقدمهما‬ ‫ل َّما‬ ‫ال ُم َّز ِّمل؛‬ ‫سورة‬ ‫في‬ ‫ُم ْف َردين‬ ‫و ُرودهما‬ ‫تأمل‬ ‫ثم‬ ‫فأَ َمر‬ ‫ِذكر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫تقدم‬ ‫فلما‬ ‫طوي ًل‪،‬‬ ‫َسبْ ًحا‬ ‫النهار‬ ‫في‬ ‫له‬ ‫أن‬ ‫أخبره‬ ‫ثم‬ ‫الليل‪،‬‬ ‫بقيام‬ ‫‪g‬‬ ‫رسول‬ ‫ِذكر‬ ‫ُ‬ ‫أ ِمر‬ ‫ال َم ْ ِشق‬ ‫ْ‬ ‫ذلك‬ ‫َع َّقب‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫منه‬ ‫يكون‬ ‫وما‬ ‫النهار‬ ‫ْ‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫به‬ ‫وما‬ ‫الليل‬ ‫ب ِذكر‬ ‫و ِذكر‬ ‫وال َم ْغ ِرب اللذين هما َم ْظ َهر الليل والنهار‪ ،‬فكان و ُرو ُدهما ُم َفردين في هذا السياق‬ ‫أحسن من التثنية والجمع؛ لأن ظهور الليل والنهار هما واحد‪ ،‬فالنهار أب ًدا يظهر‬ ‫‪160‬‬

‫من ال َم ْ ِشق‪ ،‬والليل أب ًدا يظهر من ال َم ْغ ِرب(‪.)1‬‬ ‫ثم تأمل مجيئهما مجموعين في سورة المعارج في قوله‪ :‬ﭽﭑﭒﭓ ﭔﭕ‬ ‫ﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭼ (المعارج)‪ ،‬لما كان هذا ال َق َسم‬ ‫في سياق َس َعة ربوبيته وإحاطة قُدرته‪ ،‬وال ُمق َسم عليه أرباب هؤلاء‪ ،‬والإتيان بخير‬ ‫منهم؛ َذ َكر ال َم َشا ِرق وال َم َغا ِرب؛ ل َت َض ُّم ِنهما انتقال الشمس التي هي أحد آياته‬ ‫العظيمة الكبيرة و َن ْقله سبحانه لها وتصريفها كل يوم في َم ْ ِشق و َم ْغ ِرب‪ ،‬ف َمن‬ ‫فعل هذا كيف يُع ِجزه أن يُب ِّدل هؤلاء وينقل إلى أمكنتهم خ ًيا منهم‪ ،‬وأي ًضا فإن‬ ‫تأثير َم َشا ِرق الشمس و َم َغا ِربها في اختلاف أحوال النبات والحيوان أمر مشهور‪،‬‬ ‫وقد جعل الله تعالى ذلك بحكمته سببًا ِ َل َب ُّدل أجسام النبات وأحوال الحيوانات‬ ‫وانتقالها من حال إلى غيره‪ ،‬ويبدل الحر بالبرد والبرد بالحر‪ ،‬والصيف بالشتاء والشتاء‬ ‫بالصيف‪ ،‬إلى سائر َت َب ُّدل أحوال الحيوان والنبات والرياح والأمطار والثلوج وغير‬ ‫ذلك من ال َّت َب ُّدلات وال َّتغيرات الواقعة في العالم بسبب اختلاف َم َشا ِرق الشمس‬ ‫و َم َغا ِربها‪ ،‬كان ذلك تقدير العزيز العليم‪ ،‬فكيف لا َي ْق ِدر مع ما ي َ ْش َه ُدونه من ذلك‬ ‫على أن يُب ِّدل خي ًرا منهم‪ ،‬وأكد هذا المعنى بقوله‪ :‬ﭽﭞﭟﭠﭼ‪ ،‬فلا يليق‬ ‫بهذا الموضع سوى لفظة الجمع‪.‬‬ ‫‪1‬رواب)لوتبوويقكتالهلوعأيولي ًحضهاد‪:‬اون«يحتودأهه‪،‬م‪،‬اوففلكييما أسسنولهرلةَتَم َفا ْلَّر ُمِدش َّزبقِّمربولاولب َفَمي َْغذة ِرَكالر َبما ْلر َمِشبْق ِشسواوقلاهَم‪،‬و ْغالفِر َمكْغب ِذرلوبحكبديلهن‪،‬بفغفظيكأاذلللاإف ُيكرَّتا ُدَخِ؛يذلمبإالأهكانوليناتافلومركقدي بلصالودرسبواِوذهب‪ْ.‬كيرة‬ ‫وكذلك قال موسى لفرعون حين سأله‪ :‬ﭽﭯﭰﭱﭲﭼ (الشعراء)‪ ،‬فقال‪ :‬ﭽﮒﮓﮔ‬ ‫ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ (الشعراء)‪ ،‬وفي ربوبيته سبحانه للمشارق وال َم َغا ِرب تنبيه على‬ ‫ربوبيته السموات وما حوته من الشمس والقمر والنجوم‪ ،‬وربوبيته ما بين الجهتين‪ ،‬وربوبيته الليل‬ ‫والنهار وما تضمناه‪ »...‬اهـ‪ .‬التبيان في أقسام القرآن (ص ‪.)196 -195‬‬ ‫‪161‬‬

‫ثم تأمل كيف جاءت أي ًضا في سورة الصافات مجموعة في قوله‪ :‬ﭽﭞ‬ ‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭼ (الصافات)‪ ،‬لَ َّما جاءت مع جملة‬ ‫المربوبات ال ُمتعددة وهي السموات والأرض وما بينهما‪ ،‬كان الأحسن مجيئها‬ ‫مجموعة؛ لينتظم مع ما تقدم من الجمع وال َّت َع ُّدد‪.‬‬ ‫ثم تأمل كيف اقتصر على ال َم َشارِق دون ال َم َغا ِرب؛ لاقتضاء الحال لذلك‪،‬‬ ‫فوإاننب الساَمطَشها‪ِ ،‬رفقهوَم ْإظن َهشرا اءلأَمن ْوشا ُهرودوأ‪،‬سَفب َقا َّدبم اهنتبيشناري ادلحييواالرندوعحليىات ُمهنْوِكتَر َيُّصفالهبعو َم َثع‪،‬ا ِثشهم‬ ‫َذ َكر تَع ُّجب نَ ِب ّيه من تكذيبهم واستبعادهم البعث بعد الموت‪ ،‬ثم قرر البعث‬ ‫وحالهم فيه‪ ،‬وكان الاقتصار على ذكر المشارق هاهنا في غاية ال ُمنا َسبة للغرض‬ ‫المطلوب والله أعلم»(‪.)1‬‬ ‫‪ -18‬قال شيخ الإسلام ‪« :r‬ال َّش لم يُضف إلى الله في الكتاب وال ُّس َّنة إلا على‬ ‫أحد وجوه ثلاثة‪ :‬إ َّما بطريق العموم؛ كقوله‪ :‬ﭽﮏﮐﮑﮒﭼ (الزمر‪،)62:‬‬ ‫وإ َّما بطريقة إضافته إلى ال َّسبب؛ كقوله‪ :‬ﭽﭩﭪﭫﭬﭭﭼ (الفلق‪ ،)2:‬وإ َّما‬ ‫أن ُيذف فاعله؛ كقول الجن‪ :‬ﭽﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛ ﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢ‬ ‫ﯣﭼ (الجن)‪ ،‬وقد جمع في الفاتحة (الأصناف الثلاثة) فقال‪ :‬ﭽﭖﭗﭘ‬ ‫ﭙﭚﭼ وهذا عام‪ ،‬وقَال‪ :‬ﭽﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ‬ ‫ﭴﭼ فح َذف فاعل الغضب‪ .‬وقال‪ :‬ﭽﭲﭳﭼ فأضاف الضلال إلى المخلوق‪.‬‬ ‫ومن هذا قول الخليل‪ :‬ﭽﯰﯱﯲﯳﭼ (الشعراء‪ ،)80:‬وقول الخضر‪:‬‬ ‫ﭽﮚﮛﮜﭼ (الكهف‪ ،)79:‬ﭽﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﭼ‬ ‫(الكهف‪ ،)81:‬ﭽﯩﯪﯫﯬﯭﭼ (الكهف‪.)2(»)82:‬‬ ‫‪ )1‬بدائع الفوائد (‪ .)123-121 /1‬وانظر‪ :‬التبيان في أقسام القرآن (ص ‪.)196 -194‬‬ ‫‪ )2‬مجموع الفتاوى (‪ .)512-511/8‬وانظر‪ :‬منهاج السنة (‪.)410/5( ،)143/3‬‬ ‫‪162‬‬

‫‪ -7‬دلالات الجملة (الاسمية والفعلية)‪:‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ‬ ‫ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ﭿ ﮀﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال الأصفهاني ‪« :)1(r‬إن قيل‪ :‬لم ذكر ﭽﭿﭼ بلفظ المستقبل‪،‬‬ ‫وﭽﭺﭼ بلفظ الماضي؟ قيل‪ :‬تنبي ًها على ما قال النبي ‪« :g‬من س ّن ُس ّنة حسنة‪،‬‬ ‫فله أجرها وأجر من عمل بها‪ ،‬و َمن س ّن ُسنة سيئة‪ ،‬فعليه وِ ْز ُرها و ِو ْز ُر من عمل‬ ‫بها إلى يوم القيامة»(‪َ ،)2‬ف َن َّبه بالآية أن ما أضلّوه وأثبتوه من التأويلات الفاسدة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فحال»(‪.)3‬‬ ‫حال‬ ‫يكتسبونه‬ ‫ِو ْزر‬ ‫اكتساب‬ ‫هو‬ ‫الجهلة‬ ‫يعتمدها‬ ‫التي‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮬﮭﮮﮯ‬ ‫ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ‬ ‫ﯠﯡﯢ ﯣﯤﯥﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال ابن كثير ‪« :r‬قال الزمخشري في قوله‪ :‬ﭽﯡﯢﯣﯤﭼ‪:‬‬ ‫إنما لم يقل‪( :‬وفري ًقا قتلتم)؛ لأنه أراد بذلك َو ْص َفهم في المستقبل أي ًضا؛ لأنهم‬ ‫‪ )1‬هو‪ :‬الحسين بن محمد بن ال ُم َف َّضل‪ ،‬أبو القاسم الأصفهاني (أو الأصبهاني) المعروف بالراغب‪ ،‬أديب‪،‬‬ ‫من الحكماء العلماء‪ .‬من أهل (أصبهان) سكن بغداد‪ ،‬واشتهر‪ ،‬حتى كان ُي ْق َرن بالغزالي‪ ،‬توفي سنة‪:‬‬ ‫‪502‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلام النبلاء (‪ ،)120 /18‬الأعلام للزركلي (‪.)255 /2‬‬ ‫‪ )2‬رواه مسلم (‪ .)1017‬مع اختلاف يسير في اللفظ‪.‬‬ ‫‪ )3‬تفسير الراغب (‪.)241/1‬‬ ‫‪163‬‬

‫ََْ‬ ‫زالت‬ ‫«ما‬ ‫موته‪:‬‬ ‫مرض‬ ‫في‬ ‫‪n‬‬ ‫قال‬ ‫وقد‬ ‫والسحر‪،‬‬ ‫بالسم‬ ‫‪g‬‬ ‫النبي‬ ‫قتل‬ ‫حاولوا‬ ‫أكلة‬ ‫خيبر ُت َعاوِ ُدني؛ فهذا أوان انقطاع َأ ْب َه ِري»(‪.)2(»)1‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فلما أراد الله إكرامه بالشهادة‪ ،‬ظهر تأثير ذلك الأثر‬ ‫الكامن من ال ُّسم؛ ليقضي الله أم ًرا كان مفعو ًل‪ ،‬وظهر ِ ّس قوله تعالى لأعدائه‬ ‫من اليهود‪ :‬ﭽﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ‬ ‫ﯤﭼ‪ ،‬فجاء بلفظ ﭽﯢﭼ بالماضي الذي قد وقع منه وتحقق‪ ،‬وجاء بلفظ‬ ‫ﭽﯤﭼ بالمستقبل الذي يتوقعونه‪ ،‬وينتظرونه‪ ،‬والله أعلم»(‪.)3‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯫﯬﯭﯮ ﯯﯰﯱﯲﯳ ﯴﯵ‬ ‫ﯶﯷﯸﭼ (الأنفال)‪.‬‬ ‫«فقد جاء في صدر الآية بالفعل‪ :‬ﭽﯮ ﭼ‪ ،‬وجاء بعده بالاسم‪:‬‬ ‫ﭽﯵﭼ؛ وذلك أنه جعل الاستغفار مان ًعا ثابتًا من العذاب‪ ،‬بخلاف بقاء‬ ‫الرسول بينهم فإنه ‪-‬أي العذاب‪َ -‬م ْو ُقوت ببقائه بينهم؛ فذكر الحالة الثابتة بالصيغة‬ ‫اا‪1‬لل) ََأأ ْبأْك َهخَرحرَ ِعلج ْرهن اقاللبلَمذنْاخاَشنر ُؤهفييمبانلنذاحرلاورهأعفييسن‪.‬وويصقميحتيلد‪:‬حإلههىو(الِ‪8‬عق‪ْ2‬رد‪4‬قم‪ُ)،4‬م‪.‬و ْلسوهتاَبْل َأشِطْبرٌَهانيرا‪:‬يلنق ِعلت ْتربقص‪ ،‬فلفإيبذأاالكاثنظرقه ارط‪،‬لأعولطهمرامتابفأَقْبوَهام َلرعابهدن‪.‬نح‪،‬وياقفةيا‪.‬للذ‪:‬وقييهفملي‪:‬ا‬ ‫الرأس منه ي ُ َس َّم ال َّنأ َمة‪ ،‬ومنه قولهم‪ :‬أسك َت الله نَأ َمته؛ أي‪ :‬أماته‪ ،‬ويمتد إلى الحَلْق فيسمى فيه الوريد‪،‬‬ ‫ويمتد إلى الصدر فيسمى ال َأبْهر‪ ،‬ويمتد إلى الظهر فيسمى ال َو ِتين‪ ،‬والفؤاد ُم َع َّلق به‪ ،‬ويمتد إلى ال َف ِخذ‬ ‫فيسمى النَّ َسا‪ ،‬ويمتد إلى الساق فيسمى ال َّصافِن‪ .‬النهاية لابن الأثير (‪ ،)18/1‬م‪( :‬أبهر)‪.‬‬ ‫‪ )2‬تفسير ابن كثير (‪ ،)323/1‬مع ُم َغايَرة في عبارة الزمخشري في الكشاف (‪.)163 /1‬‬ ‫‪ )3‬زاد المعاد (‪.)113/4‬‬ ‫‪164‬‬

‫الاسمية‪ ،‬والحالة ال َم ْوقُوتة بالصيغة الفعلية‪ ،‬وهو نظير قوله تعالى‪ :‬ﭽﯼ ﯽ‬ ‫ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭼ (القصص)؛ فالظلم من الأسباب‬ ‫الثابتة في إهلاك الأمم‪ ،‬فجاء بالصيغة الاسمية للدلالة على الثبات‪ ،‬ثم انظر كيف‬ ‫جاءنا بالظلم بالصيغة الاسمية أي ًضا دون الفعلية‪ ،‬فقال‪ :‬ﭽﰁﰂﭼ‪،‬‬ ‫ولم يقل‪( :‬يظلمون)؛ وذلك معناه‪ :‬أن الظلم كان وص ًفا ثابتًا لهم‪ُ ،‬م ْس َتق ًّرا فيهم‪ ،‬غير‬ ‫طارئ عليهم‪ ،‬فاستحقوا الهلاك بهذا الوصف ال َّسيِّئ‪.‬‬ ‫فانظر كيف ذكر أنه يرفع العذاب عنهم باستغفارهم‪ ،‬ولو لم يكن وص ًفا‬ ‫ثابتًا فيهم‪ ،‬وأنه لا يهلكهم إلا إذا كان الظلم وص ًفا ثاب ًتا فيهم‪ ،‬فإنه جاء بالاستغفار‬ ‫بالصيغة الفعلية‪ :‬ﭽﯷﭼ‪ ،‬وجاء بالظلم بالصيغة الاسمية‪ :‬ﭽﰂﭼ‪،‬‬ ‫فانظر إلى رحمة الله ‪ c‬بخلقه»(‪.)1‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠ‬ ‫ﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦﭼ (هود)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬أما السؤال العاشر ‪-‬وهو ال ِّس في نَ ْصب َسلا ِم َضي ِف‬ ‫إبراهيم الملائكة‪ ،‬و َرفْ ِع َسلا ِمه‪ :-‬فالجواب‪ :‬أنك قد َعرف َت قول ال ُّن َحاة فيه‪ ،‬أن َس َلم‬ ‫الملائكة تَ َض َّمن ُجلة فعلية؛ لأن نَ ْصب ال َّس َلم يدل على‪َ ( :‬س َّل ْمنا عليك سلا ًما)‪،‬‬ ‫وسلام إبراهيم تَ َض َّمن ُجلة اسمية؛ لأن َر ْف َعه يدل على أن المعنى‪َ ( :‬سلا ٌم عليكم)‪.‬‬ ‫والجملة الاسمية تدل على الثبوت وال َّت َق ُّرر‪ ،‬والفعلية تدل على الحُ ُدوث وال ُّت َج ُّدد‪ ،‬فكان‬ ‫َسلامه عليهم أكمل من سلامهم عليه‪ ،‬وكان له من مقامات الرد ما يليق بمنصبه‬ ‫‪ ،g‬وهو مقام الفضل؛ إذ َح َّياهم بأحسن من تحيتهم‪ .‬هذا تقرير ما قالوه‪.»...‬‬ ‫‪ )1‬التعبير القرآني (ص‪.)26‬‬ ‫‪165‬‬

‫إلى أن قال ‪« :r‬فحصل من الفرق بين الكلامين في حكاية َس َلم إبراهيم‬ ‫و َرفْ ِعه ونَ ْصب ذلك إشارة إلى معنى لطيف ج ًّدا‪ ،‬وهو أن قوله‪َ ( :‬سلا ٌم عليكم)‬ ‫من دين الإسلام‪ ،‬ال ُمتَلَ َّق عن إمام الحنفاء وأبي الأنبياء‪ ،‬وأنه من ِم ّلَة إبراهيم التي‬ ‫أمر الله بها وباتِّبا ِعها‪ ،‬فحكى لنا قوله؛ ليحصل الاقتداء به والاتباع له‪ ،‬ولم َيْ ِك‬ ‫قول أضيافه‪ ،‬وإنما أخبر به على الجملة دون التفصيل‪ ،‬والله أعلم»(‪.)1‬‬ ‫‪ -8‬ما يرجع إلى تصريف اللفظ‪:‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫قال تعالى‪ :‬ﭽﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ‬ ‫ﮰﮱﯓ ﯔﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال ابن عاشور ‪« :r‬من لطائف اللغة العربية‪ :‬أن مادة الاتصاف بال ِك ْب لم‬ ‫تجئ منها إلا بصيغة (الاستفعال) أو (ال َّت َف ُّعل)؛ إشارة إلى أن صاحب صفة ال ِك ْب‬ ‫لا يكون إلا ُمتَ َطلِّ ًبا ال ِك ْب‪ ،‬أو ُمتَ َكِّ ًفا له‪ ،‬وما هو بكبير ح ًّقا»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)158-157/2‬‬ ‫‪ )2‬التحرير والتنوير (‪.)425/1‬‬ ‫وهذا إنما يَ ْص ُدق في حق المخلوق‪ .‬لكن ي ُ ْش ِك عليه ما يُ َضاف إلى الله تعالى‪ ،‬فمن أسمائه (ال ُمتَ َك ِّب)‪،‬‬ ‫وهو ُمتَ َض ِّمن لصفة ال َّت َك ُّب‪ .‬وليس ذلك مما له اتصال بال َّت َكُّف‪.‬‬ ‫مع أن ابن عاشور نفسه قال في هذا الموضع من كتابه‪« :‬الاستكبار‪ :‬يعني التزايد في ال ِك ْب؛ لأن السين‬ ‫والتاء في قوله‪( :‬استكبر) للمبالغة لا للطلب» اهـ‪.‬‬ ‫‪166‬‬

‫‪ -9‬ما يرجع إلى معاني الحروف‪ ،‬ودلالاتها‪ ،‬والتضمين(‪( )1‬تضمين الحرف معنى‬ ‫الحرف‪ ،‬وتضمين الفعل ‪-‬أو ما في معناه‪ -‬معنى فعل آخر أو ما في معناه)‪:‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭧ ﭨﭩﭪﭼ (الفاتحة)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فِ ْعل الهداية متى ُع ِّدي بـ(إلى)‪ ،‬تَ َض َّمن الإيصال إلى الغاية‬ ‫المطلوبة؛ فأتى بحرف الغاية‪ ،‬ومتى ُع ِّدي بـ(اللام)‪ ،‬تَ َض َّمن التخصيص بالشيء‬ ‫المطلوب‪ ،‬فأتى بـ(اللام) الدالة على الاختصاص والتعيين‪ ،‬فإذا قلت‪َ :‬هدي ُته لكذا‪،‬‬ ‫فُ ِه َم معنى‪ :‬ذكرته له‪ ،‬وجعلته له‪ ،‬وهيأته‪ ،‬ونحو هذا‪ ،‬وإذا تعدى بنفسه‪ ،‬تَ َض َّمن المعنى‬ ‫الجامع لذلك كله‪ ،‬وهو ال َّت َع ُّرف والبيان والإلهام؛ فالقائل إذا قال‪ :‬ﭽﭧ ﭨ‬ ‫ﭩﭪﭼ‪ ،‬هو طالب من الله أن ُي َع ِّرفَ ُه إياه‪ ،‬و ُيبينه له‪ ،‬و ُيلهمه إياه‪ ،‬و ُيقدره‬ ‫عليه‪ ،‬فيجعل في قلبه ِعلْمه وإرادته والقدرة عليه‪َ ،‬فجرد الفعل من الحرف‪ ،‬وأتى‬ ‫به ُمر ًدا ُمعدى بنفسه؛ ليَ َت َض َّمن هذه المراتب كلها‪ ،‬ولو ُع ِّدي بحرف‪َ ،‬ت َع َّي معناه‬ ‫و َ َت َّصص بحسب معنى الحرف‪ ،‬فتأمله؛ فإنه من دقائق اللغة وأسرارها»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬هو‪ :‬إشراب اللفظ معنى لفظ آخر وإعطاؤه حكمه؛ لتصير الكلمة تُ َؤ ِّدي ُم َؤ َّدى كلمتين‪ .‬انظر‪ :‬شرح‬ ‫الأشموني لألفية ابن مالك (‪ .)446 /1‬أو أن يُ َؤ ِّدي فعل ‪-‬أو ما في معناه‪ُ -‬م َؤ َّدى فعل آخر ‪-‬أو ما في‬ ‫معناه‪َ -‬فيُ ْعطى حكمه في التعدية واللزوم‪ .‬انظر النحو الوافي (‪ .)170-169 /2‬وهذا التعريف هو الذي‬ ‫ارتضاه المجمع اللغوي في القاهرة‪ .‬وللتوسع‪ :‬ينظر‪ :‬النحو الوافي (‪.)564/2‬‬ ‫‪ )2‬بدائع الفوائد (‪.)21-20/2‬‬ ‫‪167‬‬

‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬ ‫ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ‬ ‫ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ‬ ‫ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ‬ ‫ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌﮍ‬ ‫ﮎﮏﮐﮑ ﭼ (المائدة)‪.‬‬ ‫فقوله تعالى‪ :‬ﭽﭝﭞﭟﭼ‪ ،‬نَظي ُر قوله‪ :‬ﭽﯭ‬ ‫ﯮ ﯯﮀﭼ‪.‬‬ ‫قال ابن تيمية ‪« :r‬فإذا قيل‪ :‬فامسحوا برؤوسكم وبوجوهكم‪ُ ،‬ض ِّم َن‬ ‫المسح معنى الإلصاق‪ ،‬فأفاد أنَّكم تُل ِص ُقون برؤوسكم وبوجوهكم شيئًا‬ ‫بهذا المسح‪.‬‬ ‫وهذا يُفيد في آية التيمم‪ :‬أنَّه لا بد أن يَلتص َق ال َّصعيد بالوجه واليد؛ ولهذا‬ ‫قال‪ :‬ﭽﯭﯮﯯﮀﭼ»(‪.)1‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯦﯧﯨﯩﯪﯲﭼ (الأنبياء)‪.‬‬ ‫«لم َي ُقل‪ :‬ي ُسا ِر ُعون إلى الخيرات؛ لأن عملهم الآن خير‪ ،‬وهم َسيُ َسا ِرعون فيه؛‬ ‫إألييه‪،:‬سويلزيدكوننه َ؛ساإ َرذ ْعن‪َ :‬إت ْفني اسالخريعر‪َ ،‬تفإلكأىنشكيفءي اكلأنخيهرل أموي ًل ثكمنتفزييبدالفيك‪،‬فعوللكانلخيكر َ»س(ت‪ِ ْ.)ُ2‬سع‬ ‫‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)124 /21( ،)277 /1‬‬ ‫‪ )2‬تفسير الشعراوي (‪.)5163/9‬‬ ‫‪168‬‬

‫‪ -4‬قوله تعالى‪ :‬ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ‬ ‫ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ‬ ‫ﭳﭴﭵ ﭼ (الحج)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فتأمل كيف َع َّدى فِ ْعل الإرادة هاهنا بالباء‪ ،‬ولا يُقال‪:‬‬ ‫أردت بكذا إلا لما ُض ِّمن معنى ِف ْعل « َه َّم» فإنه ُي َقال‪َ :‬هممت بكذا‪ ،‬فتوعد َمن‬ ‫َه َّم بأن يظلم فيه بأن يُ ِذيقه العذاب الأليم»(‪.)1‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﭼ (سبأ)‪.‬‬ ‫قال الزركشي ‪« :r‬فاس ُتع ِملَت ﭽﭹﭼ في جانب الح ِّق‪ ،‬وﭽﭼﭼ في جانب‬ ‫الباطل؛ لأ َّن صاح َب الح ِّق كأنَّه ُمستَ ْع ٍل يَر ُق ُب َن َظ ُره كيف شاء‪ ،‬ظاه َر ٌة له الأشياء‪،‬‬ ‫وصاح ُب الباط ِل كأنَّه ُمنغ ِم ٌس في ظلا ٍم ولا يَدري أين تَو َّجه!»(‪.)2‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭘﭼ (الإنسان)‪.‬‬ ‫ قال ابن تيمية ‪« :r‬فإنَّه لو قيل‪ :‬ي َشرب منها لم تَدل على ال ِّري‪ ،‬فَ ُض ِّم َن‬ ‫(يشرب) معنى (يَروى)‪ ،‬فقيل‪ :‬ﭽﭒ ﭓﭼ‪ ،‬فأفاد ذلك أنَّه ُش ٌب َيص ُل‬ ‫مع ُه ال ِّر ُّي»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬زاد المعاد (‪.)52 -51 /1‬‬ ‫‪ )2‬البرهان (‪.)175/4‬‬ ‫‪ )3‬مجموع الفتاوى (‪.)123 /21‬‬ ‫‪169‬‬

‫‪ -10‬التقدير والحذف والزيادة‪ ،‬والتكرار‪ ،‬والتقديم والتأخير‪ ،‬والترتيب بين الأمور‬ ‫المذكورة في الآية‪:‬‬ ‫(التقدير والحذف والزيادة) (‪:)1‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭰﭱﭲ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ‬ ‫ﭻﭼﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال الشنقيطي ‪« :r‬الآية ونحوها من جميع آيات اتخاذهم ال ِع ْجل إل ًها فإن‬ ‫المفعول الثاني محذوف في جميعها‪ ،‬وتقديره‪ :‬اتخذتم ال ِع ْجل إل ًها‪ ،‬ونكتة حذفه‬ ‫دائ ًما‪ :‬التنبيه على أنه لاينبغي أن يُتلفظ بأن ِع ْج ًل ُم ْص َطن ًعا إله‪ ،‬وقد أشار إلى‬ ‫هذا المفعول في طه بقوله‪ :‬ﭽﰄﰅﰆﰇﭑﭒﭓﭔﭕﭖ‬ ‫ﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝﭼ (طه)»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬التقدير‪ :‬ال ُمشار إليه في هذا المبحث‪ :‬هو ما ينويه المتكلم من الألفاظ في كلامه مما لم يُ َ ِّصح به‪.‬‬ ‫والحذف‪ :‬يطلق في اصطلاح العلوم العربية على إسقاط خاص‪ ...‬والأنسب باصطلاح النحاة وأهل‬ ‫المعاني والبيان‪ :‬أنه إسقاط حركة‪ ،‬أو كلمة‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬أو أقل‪ ،‬وقد يَصير به الكلام المساوي ُمو َج ًزا‪.‬‬ ‫كشاف اصطلاحات الفنون (‪.)632 - 631 /1‬‬ ‫وقد َع َّرفه بعضهم بقوله‪« :‬هو إسقاط ُج ْزء الكلام‪ ،‬أو كله لدليل»‪ .‬البرهان للزركشي (‪.)102/3‬‬ ‫والزيادة‪ :‬تطلق على الكلمة التي وجودها وعدمها لا يخل بالمعنى الأصلي‪ ،‬وإن كان لها فائدة أخرى؛ومنه‬ ‫ما يسمى بـ(حروف الزيادة)‪ .‬انظر‪ :‬كشاف اصطلاحات الفنون (‪.)902 /1‬‬ ‫‪ )2‬انظر‪ :‬العذب النمير (‪ ،)92 -91 /1‬وانظر أي ًضا‪.)167 -166 /4( :‬‬ ‫‪170‬‬

‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯽﯾﯿﰀ‬ ‫ﰁ ﰂﰃﰄﰅ ﰆﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ‬ ‫ﰒﰓﭼ (النساء)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فتأمل كيف اقتضت إعادة هذا المعنى قَو َل تعالى‪ :‬ﭽﰄ‬ ‫ﰅ ﰆﭼ ولم يقل‪( :‬وإلى الرسول)؟ فإن الرد إلى القرآن رد إلى الله والرسول‪ ،‬فما‬ ‫َح َكم به الله تعالى هو بعينه ُح ْكم رسوله ‪ ،g‬وما يحكم به الرسول ‪ g‬هو بعينه‬ ‫ُح ْكم الله‪ ،‬فإذا رددتم إلى الله ما تنازعتم فيه يعني كتابه فقد رددتموه إلى رسوله‪،‬‬ ‫وكذلك إذا رددتموه إلى رسوله‪ ،‬فقد رددتموه إلى الله؛ وهذا من أسرار القرآن»(‪.)1‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕ‬ ‫ﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭼ (التوبة‪.)112:‬‬ ‫قال ابن القيم ‪ :r‬في بيان َو ْجه َمجيء الواو بعد استيفاء الأوصاف السبعة‬ ‫المذكورة في الآية‪:‬‬ ‫«وأحسن ما ُي َقال فيها‪ :‬إن الصفات إذا ُذ ِكرت في مقام التعداد‪ ،‬فتارة‬ ‫ْ‬ ‫كل‬ ‫ِذكر‬ ‫ال ُمراد‬ ‫بأن‬ ‫وللإيذان‬ ‫نفسها‪،‬‬ ‫في‬ ‫ِ َل َغايُرها‬ ‫العطف؛‬ ‫حرف‬ ‫بينها‬ ‫َي َتو َّسط‬ ‫صفة بِ ُم ْف َردها‪ ،‬وتارة لا يتوسطها ال َعا ِطف؛ لاتحاد موصوفها وتَ َل ُزمها في نفسها‪،‬‬ ‫وللإيذان بأنها في تَلا ُز ِمها كالصفة الواحدة‪ ،‬وتارة يتوسط العاطف بين بعضها‬ ‫و ُيذف مع بعض بحسب هذين المقامين‪ ،‬فإذا كان المقام مقام تعداد الصفات من‬ ‫ُ‬ ‫بين‬ ‫الجمع‬ ‫أ ِريد‬ ‫وإن‬ ‫العطف‪،‬‬ ‫حرف‬ ‫إسقاط‬ ‫َح ُسن‬ ‫انفراد‪،‬‬ ‫أو‬ ‫جمع‬ ‫إلى‬ ‫نظر‬ ‫غير‬ ‫الصفات أوالتنبيه على َت َغايُرها‪َ ،‬ح ُسن إدخال حرف العطف‪.‬‬ ‫‪ )1‬الرسالة التبوكية (ص‪.)41‬‬ ‫‪171‬‬

‫فمثال الأول‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭼ (التوبة‪ ،)112:‬وقوله‪:‬‬ ‫ﭽﮱﯓﯔﯕﭼ (التحريم‪.)5:‬‬ ‫ومثال الثاني‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﭽﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬ ‫ﯽﯾ ﭼ (الحديد‪.)3:‬‬ ‫وتأمل كيف اجتمع النوعان في قوله تعالى‪ :‬ﭽﭤﭥﭦﭧﭨ‬ ‫ﭩﭪﭫ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭼ (غافر)‪ ،‬فأتى‬ ‫بالواو في الوصفين الأولين‪ ،‬وحذفها في الوصفين الآخرين؛ لأن غفران الذنب‬ ‫وقبول التوب قد ُي َظن أنهما يجريان مجرى الوصف الواحد لتلازمهما‪ ،‬فمن غفر‬ ‫الذنب قَ ِب َل التوب‪ ،‬فكان في عطف أحدهما على الآخر ما يدل على أنهما صفتان‬ ‫وفعلان ُمتغايران‪ ،‬ومفهومان مختلفان لكل منهما ُح ْك ُمه‪ ،‬أحدهما‪ :‬يتعلق‬ ‫بالإساءة والإعراض؛ وهو المغفرة‪ ،‬والثاني‪ :‬يتعلق بالإحسان والإقبال على الله‬ ‫تعالى والرجوع إليه‪ ،‬وهو التوبة‪ ،‬فتُقبل هذه الحسنة‪ ،‬وتُغفر تلك السيئة‪ ،‬و َح َّسن‬ ‫العطف ههنا هذا التغاير الظاهر‪.‬‬ ‫وكلما كان التغاير أبين كان العطف أحسن؛ ولهذا جاء العطف في قوله‪:‬‬ ‫ﭽﯴﯵﯶﯷﯸﭼ (الحديد‪ ،)3 :‬وتُرك في قوله‪ :‬ﭽﯕﯖ‬ ‫ﯗﯘﭼ (الحشر‪ ،)23 :‬وقوله‪ :‬ﭽﯥﯦﯧﭼ (الحشر‪.)24 :‬‬ ‫وأما‪ :‬ﭽﭱﭲﭳﭴﭼ (غافر‪َ ،)3 :‬ف ُ ِتك العطف بينهما ِلُكتة‬ ‫بديعة‪ :‬وهي الدلالة على اجتماع هذين الأمرين في ذاته سبحانه‪ ،‬وأنه حال كونه‬ ‫شديد العقاب فهو ذو ال َّطول‪ ،‬و َطو ُل لا ينافي شدة عقابه‪ ،‬بل هما مجتمعان له‪،‬‬ ‫‪172‬‬

‫بقوله‪:‬‬ ‫‪g‬‬ ‫النبي‬ ‫فَ َّسها‬ ‫ولهذا‬ ‫الآ ِخرية؛‬ ‫ُ‬ ‫لا‬ ‫الأولية‬ ‫فإن‬ ‫والآ ِخر‪،‬‬ ‫الأول‬ ‫بخلاف‬ ‫تا ِمع‬ ‫«أنت الأول فليس قبلك شيء‪ ،‬وأنت الآخر فليس بعدك شيء»(‪ .)1‬فأَ َّوليته أزليته‪،‬‬ ‫وآخريته أبديته‪.‬‬ ‫فإن قلت‪ :‬فما تصنع بقوله‪ :‬ﭽﯷﯸﭼ فإن ُظهوره تعالى ثابت مع‬ ‫ُب ُطونه‪ ،‬فيجتمع في حقه ال ُّظهور وال ُب ُطون‪ ،‬والنبي ‪ g‬فَ َّس الظاهر‪ :‬بأنه الذي ليس‬ ‫فوقه شيء‪ ،‬والباطن‪ :‬بأنه الذي ليس دونه شيء‪ ،‬وهذا العلو والفوقية ُما ِمع لهذا‬ ‫القرب والدنو والإحاطة؟‬ ‫قلت‪ :‬هذا سؤال حسن‪ ،‬والذي َح َّسن دخول الواو ههنا‪ :‬أن هذه الصفات‬ ‫والصفتان‬ ‫ا ُملت ُأقاخبرلياة ُنمتكالضاُأدوةل‪،‬ييونق فدي ُعال ِطُمقافبلالةث‪،‬انونيِ مسنبهةاالعبلاىطالنأإوللى؛الللظماقهابرلةكانلتسبيةبيانلآه ِمخار‪،‬‬ ‫إلى الأول‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الأخريين‪.‬‬ ‫الأوليين‪،‬‬ ‫بين‬ ‫َح ُسن‬ ‫بين‬ ‫العطف‬ ‫َح ُسن‬ ‫فكما‬ ‫فإذا ُع ِرف هذا فالآية التي نحن فيها يتضح بما ذكرناه معنى العطف وتركه‬ ‫فيها؛ لأن كل صفة لم تُعطف على ما قبلها فيها‪ ،‬كان فيه تنبيه على أنها في اجتماعها‬ ‫كالوصف الواحد لموصوف واحد فلم يحتج إلى عطف‪ ،‬فلما ذكر الأمر بالمعروف‬ ‫والنهي عن المنكر‪ -‬وهما ُمتلا ِزمان ُم ْس َت َم َّدان من مادة واحدة ‪َ -‬ح ُسن العطف؛‬ ‫ليتبين أن كل وصف منهما قائم على ِح َدتِه‪ ،‬مطلوب تعيينه‪ ،‬لا يكتفي فيه بحصول‬ ‫الوصف الآخر‪ ،‬بل لا بد أن يظهر أمره بالمعروف بصريحه‪ ،‬ونهيه عن المنكر بصريحه‪.‬‬ ‫وأيضا فَ َح َّسن العطف ههنا ما تقدم من التضاد‪ ،‬فلما كان الأمر بالمعروف والنهي‬ ‫‪ )1‬أخرجه مسلم (‪.)2713‬‬ ‫‪173‬‬

‫عن المنكر ضدين ‪-‬أحدهما َطلَب الإيجاد‪ ،‬والآخر َطلَب الإعدام‪ -‬كانا كالنوعين‬ ‫ال ُمتغايرين ال ُمتضادين‪ ،‬فَ َح ُسن لذلك العطف»(‪.)1‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮭﮮﮯﭼ (طه)‪.‬‬ ‫قال ابن ُهبيرة ‪« :r‬قرأ َ َ َّع قارئ‪ :‬ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮯﭼ (طه)‪،‬‬ ‫ففكرت في معنى إسقاط (ها)(‪ )2‬فنظرت فإذا َو ْضعها للتنبيه‪ ،‬والله لا يجوز أن‬ ‫ُيا َطب بهذا‪ ،‬ولم أر أح ًدا خاطب الله ‪ b‬بحرف التنبيه إلا الكفار‪ ،‬كما قال‬ ‫‪ :b‬ﭽﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﭼ (النحل‪ ،)٨٦:‬ﭽﭭ‬ ‫ﭮﭯﭼ (الأعراف‪ ،)٣٨:‬وما رأيت أح ًدا من الأنبياء خاطب ربه بحرف‬ ‫التنبيه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫فأما قوله‪ :‬ﭽﯺﯻﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﭼ (الزخرف)‪ ،‬فإنه قد‬ ‫تقدم الخطاب بقوله‪ :‬ﭽﯻﭼ‪ ،‬فبقيت (ها) للتمكين»(‪.)3‬‬ ‫قال‪« :‬ولما خاطب الله ‪ b‬المنافقين قال‪ :‬ﭽﮁﮂﮃ ﮄﮅ‬ ‫ﮆﮇﭼ (النساء‪ ،)109:‬وكرم المؤمنين بإسقاط (ها)‪ ،‬فقال‪ :‬ﭽﮠﮡ‬ ‫ﮢﭼ (آل عمران‪ ،)119 :‬وكان التنبيه للمؤمنين أخف»(‪.)4‬‬ ‫‪ )1‬بدائع الفوائد (‪.)54-52/3‬‬ ‫‪ )2‬في الأصل‪« :‬فأفكرت في معنى اشتقاقها»‪ ،‬والمثبت أعلاه من ترجمة ابن هبيرة في مقدمة الإفصاح‪ .‬وهو‬ ‫أوضح في المعنى‪.‬‬ ‫‪ )3‬ذيل طبقات الحنابلة (‪.)144/2‬‬ ‫‪ )4‬السابق‪.‬‬ ‫‪174‬‬

‫(التكرار) (‪:)1‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ‬ ‫ﰈ ﰉﭼ (البقرة‪.)141 ،134 :‬‬ ‫قال السعدي ‪َ « :r‬ك َّر َرها ‪-‬أي الآية‪-‬؛ ِل َق ْطع ال َّت َع ُلّق بالمخلوقين‪ ،‬وأن ال ُمع َّول‬ ‫عليه ما اتصف به الإنسان‪ ،‬لا عمل أسلافه وآبائه‪ ،‬فالنفع الحقيقي بالأعمال‪ ،‬لا‬ ‫بالانتساب ال ُم َج َّرد للرجال»(‪.)2‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ‬ ‫ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﭼ (النحل)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فقد تَك َّرر هذا المعنى في هذه ال ُّسورة دون غيرها في‬ ‫َ‬ ‫الَّتي‬ ‫أربعة‬ ‫ال ِّنعم‬ ‫أصول‬ ‫فيها‬ ‫ُسبحانه‬ ‫الله‬ ‫ع َّدد‬ ‫ال ِنّعم‬ ‫ُسورة‬ ‫فإنَّها‬ ‫بديع؛‬ ‫لِس ٍّر‬ ‫مواضع‬ ‫وفروعها‪ ،‬ف َع َّرف ِعباده أ َّن لهم عنده في الآخرة من ال ِّنعم أضعاف هذه بما لا يُدرك‬ ‫تفاوته‪ ،‬وأ َّن هذه م ْن بَعض نِع ِمه العاجلة عليهم‪َ ،‬وأنَّهم إ ْن أطاعوه زادهم إلى هذه‬ ‫ال ِنّعم نِع ًما أخرى‪ ،‬ث َّم في الآخرة يُوفِّيهم أجور أعمالهم تمام ال َّتو ِف َية»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬التكرار‪ :‬إعادة اللفظ أو ُمرا ِدفه لتقرير معنى‪ .‬البرهان للزركشي (‪.)10/3‬‬ ‫وقيل‪ :‬هو ِذ ْكر الشيء مرتين فصاع ًدا‪ .‬انظر‪ :‬الإكسير (ص‪.)245‬‬ ‫وقيل‪ :‬دلالة اللفظ على المعنى ُم َر َّد ًدا‪ .‬انظر‪ :‬التقرير في التكرير (ص‪.)4-3‬‬ ‫‪ )2‬تفسير السعدي (ص‪.)70‬‬ ‫‪ )3‬إعلام الموقعين (‪.)126/2‬‬ ‫‪175‬‬

‫(التقديم والتأخير‪ ،‬والترتيب) (‪:)1‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭨﭩﭼ (الفاتحة)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬وتقديم «العبادة» على «الاستعانة» في الفاتحة من باب تقديم‬ ‫الغايات على الوسائل؛ إذ «العبادة» غاية العباد التي ُخ ِل ُقوا لها‪ ،‬و«الاستعانة» وسيلة‬ ‫إليها؛ ولأنﭽﭢﭣﭼ‪ُ ،‬متَ َعلِّق بألوهيته واسمه «الله»‪ ،‬ﭽﭤﭥﭼ‪،‬‬ ‫ُم َت َعلِّق بربوبيَّته واسمه «الرب»‪َ ،‬ف َق َّدم ﭽﭢ ﭣﭼ‪ ،‬على ﭽﭤ ﭥﭼ؛‬ ‫كما قَدم اسم «الله» على «الرب» في أول السورة؛ ولأن ﭽﭢﭣﭼ ق ْس ُم «الرب»‪،‬‬ ‫فكان من ال َّش ْطر الأول‪ ،‬الذي هو ثناء على الله تعالى؛ لكونه أولى به‪ ،‬وﭽﭤ‬ ‫ﭥﭼ ق ْس ُم العبد‪ ،‬فكان من ال َّش ْطر الذي له‪ ،‬وهو ﭽﭧ ﭨﭩﭼ‬ ‫إلى آخر السورة»(‪.)2‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮈﮉ ﭼ‬ ‫(البقرة)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬لعل من فوائد تأخير ذلك القتيل عن ِذ ْكر الأمر بذبح‬ ‫البقرة في قصة موسى مع بني إسرائيل؛ لأن السياق سياق ذم لبني إسرائيل‪ ،‬وتعداد‬ ‫‪ )1‬التقديم والتأخير‪ :‬هو جعل اللفظ في ُر ْتبَة قبل ُرتْبَ ِته الأصلية‪ ،‬أو بعدها لعارض اختصاص‪ ،‬أو‬ ‫أهمية‪ ،‬أو ضرورة؛ وعكسه الترتيب‪ .‬انظر‪ :‬الإكسير (ص‪.)145‬‬ ‫ونعني به هنا ما هو أوسع من ذلك‪ ،‬فلا نقصره على ما قُ ِّدم أو أُ ِّخر عن ُرتْبَ ِته‪ ،‬بل نذكر أي ًضا توجيه‬ ‫ما ُذ ِكر قبل غيره‪ ،‬أو بعده‪ ،‬وكذلك توجيه ترتيب المذكورات على وفق ما جاء في الآية‪.‬‬ ‫‪ )2‬مدارج السالكين (‪.)97/1‬‬ ‫‪176‬‬

‫ما جرى لهم مما ُي َق ِّرر ذلك‪ ،‬فلو قدم ذكر القتيل على الأمر بذبح البقرة‪ ،‬لصارت‬ ‫قصة واحدة»(‪.)1‬‬ ‫‪ - 3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯝﯞﯟﯠﯡ ﯢﯣﯤﯥﯦ ﯧﯨ‬ ‫ﯩﯪﯫ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳﯴﭼ‬ ‫(البقرة)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فإنه ذكر أخص هذه الثلاثة وهو الطواف الذي لا ي ُشرع‬ ‫إلا بالبيت خاصة‪ ،‬ثم انتقل منه إلى الاعتكاف وهو القيام المذكور في الحج(‪ ،)2‬وهو‬ ‫أعم من الطواف؛ لأنه يكون في كل مسجد ويختص بالمساجد لا يتعداها‪ ،‬ثم ذكر‬ ‫الصلاة التي تعم سائر بقاع الأرض سوى ما َمنَع منه مانع أو ا ْستُثْني شر ًع»(‪.)3‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ‬ ‫ﮖﮗﮘﮙﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫«قيل في سبب تقديم الغفور على الرحيم‪ :‬أن المغفرة سلامة‪ ،‬والرحمة غنيمة‪،‬‬ ‫والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة»(‪.)4‬‬ ‫‪ )1‬المواهب الربانية (ص ‪.)21‬‬ ‫‪ )2‬يعني‪ :‬قوله تعالى‪ :‬ﭽﮀﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﭼ (الحج)‪.‬‬ ‫‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)81/1‬‬ ‫‪ )4‬التعبير القرآني (ص ‪.)33‬‬ ‫‪177‬‬

‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭐﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ‬ ‫ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ‬ ‫ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭲ‬ ‫ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ‬ ‫ﭿﮀقال الرﮁاغبﮂ‪« :‬إن قﮃﮄيل‪ :‬كيﮅف َقﮆ َّدم هاهﮇنا ِذﮈْكرﱪال(اآلبخقرةرةو)أَ‪َّ .‬خره في قوله‪ :‬ﱫﮌ‬ ‫ﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﱪ (النساء‪)١٣٦ :‬؟‬ ‫قيل‪ :‬يجوز أن يكون ذاك مع الواو لا يقتضي الترتيب من أجل أن الكافر لا‬ ‫يعرف الآخرة‪ ،‬ولا ُي ْع َن بها‪ ،‬وهو(‪ )1‬أبعد الأشياء عن الحقائق عنده؛ أَ َّخر ِذ ْكره في‬ ‫قوله‪ :‬ﱫﮌﮍﱪ‪.‬‬ ‫ولما ذكر حال المؤمنين‪ ،‬والمؤمن أقرب الأشياء إليه أمر الآخرة‪ ،‬وكل ما يفعله‬ ‫ويتحراه َي ْق ِصد به وجه الله ثم أمر الآخرة؛ َق َّدم ِذ ْكرها؛ تنبي ًها أن ُمراعاة الله ‪،b‬‬ ‫و ُمراعاة الآخرة‪ ،‬ثم ُمراعاة غيرهما‪.‬‬ ‫إن قيل‪ :‬كيف اختير الترتيب المذكور في قوله‪ :‬ﱫﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ‬ ‫ﭩﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﱪ (البقرة‪)١٧٧ :‬؟‬ ‫قيل‪ :‬لما كان أولى من يتفقده الإنسان بمعروفه أقاربه‪ ...‬كان تقديمها أولى‪،‬‬ ‫ثم أعقبه باليتامى‪ ،‬فالناس في المكاسب ثلاثة‪ُ :‬م ِعيل وغير َم ُعول‪ ،‬و َم ُعول ُم ِعيل‪،‬‬ ‫و َم ُعول غير ُم ِعيل‪ ،‬واليتيم َم ُعول غير ُم ِعيل‪ ،‬فمواساته بعد الأقارب أولى‪ ،‬ثم َذ َكر‬ ‫المساكين؛ وهم الذين لا مال لهم حاض ًرا ولا غائبًا‪ ،‬ثم ذكر ابن السبيل الذي قد‬ ‫‪ )1‬أي‪ :‬اليوم الآخر‪.‬‬ ‫‪178‬‬

‫يكون له مال غائب‪ ،‬ثم ذكر السائلين الذين منهم صادق وكاذب‪ ،‬ثم ذكر الرقاب‬ ‫أُ ِّخر‬ ‫اهـ(‪.)1‬‬ ‫عليه»‬ ‫قُ ِّدم‬ ‫ممن‬ ‫فق ًرا‬ ‫أقل‬ ‫ْ‬ ‫ممن‬ ‫واحد‬ ‫فكل‬ ‫يعولونهم‪،‬‬ ‫أرباب‬ ‫لهم‬ ‫الذين‬ ‫ِذكره‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ‬ ‫ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ‬ ‫ﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨﮩ‬ ‫ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕﭼ (النساء)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬وقَ َّدم الوصية مع أنها ُم َؤ َّخرة عن ال َّديْن للاهتمام‬ ‫بشأنها؛ لكون إخراجها شا ًّقا على الورثة‪ ،‬وإلا فالديون ُم َق َّدمة عليها‪ ،‬وتكون‬ ‫من رأس المال»(‪.)2‬‬ ‫‪ -6‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮤﮥﮦ ﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭ ﮮ‬ ‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﭼ (يونس)‪.‬‬ ‫قال البيضاوي ‪« :)3( r‬في تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على أن الداعي ينبغي‬ ‫ً‬ ‫دعوته»(‪.)4‬‬ ‫ل ُتجاب‬ ‫أول؛‬ ‫يتوكل‬ ‫أن‬ ‫له‬ ‫‪ )1‬تفسير الراغب (ص‪.)379‬‬ ‫‪ )2‬تفسير السعدي (ص ‪.)66‬‬ ‫‪ )3‬هو‪ :‬عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي‪ ،‬أبو سعيد‪ ،‬أو أبو الخير‪ ،‬ناصر الدين البيضاوي‪ ،‬قا ٍض‪،‬‬ ‫مفسر‪ ،‬علامة‪ُ ،‬و ِل في المدينة البيضاء (بفارس ‪ -‬قرب شيراز) وولي قضاء شيراز مدة‪ ،‬ثم ُ ِصف عن القضاء‪،‬‬ ‫فرحل إلى تبريز فتوفي فيها سنة‪685 :‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬طبقات الشافعية للسبكي (‪ ،)157 /8‬الأعلام للزركلي (‪)111 ،110 /4‬‬ ‫‪ )4‬تفسير البيضاوي (‪.)122/3‬‬ ‫‪179‬‬

‫‪ -7‬قوله تعالى‪ :‬ﭽﭢﭣﭤ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪ‬ ‫ﭫﭬﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷ‬ ‫ﭸﭹﭺﭼ (النحل)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫لا‬ ‫إذ‬ ‫ْ‬ ‫على‬ ‫ال َأم َن‬ ‫«وقَ َّدم‬ ‫‪:r‬‬ ‫عاشور‬ ‫ابن‬ ‫قال‬ ‫الطمأنينة‬ ‫تصل‬ ‫الطمأنينة؛‬ ‫بدونه‪ ،‬كما أن الخوف ي ُس ّبب الان ِزعاج والقلق»(‪.)1‬‬ ‫‪ -8‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭟﭼ (الكهف)‪.‬‬ ‫قال ابن عاشور ‪« :r‬تقديم المال على البنين في ال ِّذ ْكر؛ لأنه أسبق ُخ ُطو ًرا‬ ‫لأذهان الناس؛ لأنه ير َغب فيه الصغير والكبير‪ ،‬والشاب والشيخ‪ ،‬ومن له من‬ ‫الأولاد ما قد كفاه»(‪.)2‬‬ ‫‪ -9‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭾﭿ ﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆ‬ ‫ﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗ‬ ‫ﮘ ﮙﮚﮛﭼ (الكهف)‪.‬‬ ‫قال عون بن عبد الله ‪ :)3( r‬ضج ‪-‬والله‪ -‬القوم من الصغار قبل الكبار(‪.)4‬‬ ‫‪ )1‬التحرير والتنوير (‪.)305/14‬‬ ‫‪ )2‬السابق (‪.)333/15‬‬ ‫‪ )3‬هو‪ :‬عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي‪ ،‬خطيب‪ ،‬راوية‪ ،‬ناسب‪ ،‬شاعر‪ ،‬كان من آدب أهل‬ ‫المدينة‪ ،‬وسكن الكوفة فاشتهر فيها بالعبادة والقراءة‪ .،‬وكان يقول بالإرجاء‪ ،‬ثم رجع‪ ،‬وخرج مع ابن‬ ‫الأشعث ثم هرب‪ ،‬وصحب عمر بن عبد العزيز في خلافته‪ ،‬توفي سنة‪115 :‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬سير أعلام النبلاء‬ ‫(‪ ،)105-103 /5‬الأعلام للزركلي (‪)98 /5‬‬ ‫‪ )4‬التمهيد (‪.)84/2‬‬ ‫‪180‬‬

‫‪ -10‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮃﮄﮅﮆ‬ ‫ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔ ﮕﭼ (الكهف)‪.‬‬ ‫قال ابن عثيمين ‪« :r‬تأمل في حال المشرك بدأ بتعذيبه ثم َث َّن بتعذيب الله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مقصود‬ ‫لأن‬ ‫ظاهر؛‬ ‫والفرق‬ ‫ثان ًيا‪،‬‬ ‫باليُ ْس‬ ‫بالمعاملة‬ ‫ثم‬ ‫أول‬ ‫الله‬ ‫بثواب‬ ‫بدأ‬ ‫والمؤمن‬ ‫المؤمن الوصول إلى الجنة‪ ،‬والوصول إلى الجنة لا شك أنه أفضل وأحب إليه من أن يُقال‬ ‫له قول ي ُسر‪ ،‬وأما الكافر فعذاب الدنيا سابق على عذاب الآخرة وأيسر منه‪ ،‬فبدأ به‪،‬‬ ‫وأي ًضا فالكافر يخاف من عذاب الدنيا أكثر من عذاب الآخرة؛ لأنه لا يؤمن بالثاني»(‪.)1‬‬ ‫‪ -11‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ‬ ‫ﮐ ﮑﮒ ﮓﮔﮕﭼ (الحج)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬أما تقديم الرجال(‪ )2‬على ال ُّر ْكبَان ففيه فائدة جليلة‪ :‬وهي‬ ‫أن الله تعالى شرط في الحج الاستطاعة‪ ،‬ولا بد من السفر إليه لغالب الناس‪،‬‬ ‫فذكر نوعي الحجاج؛ لقطع تَ َو ّهم من يظن أنه لا يجب إلا على راكب‪ ،‬و َق َّدم الرجال‬ ‫اهتما ًما بهذا المعنى وتأكي ًدا‪ ،‬ومن الناس من يقول‪ :‬قَ َّد َمهم َجب ًرا لهم؛ لأن نفوس‬ ‫ال ُّر ْكبَان تزدريهم»(‪.)3‬‬ ‫‪ -12‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ‬ ‫ﮦﮧﭼ (يس)‪ .‬وفي الآية الأخرى‪ :‬ﭽﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ‬ ‫ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﭼ(القصص)‪.‬‬ ‫‪ )1‬تفسير سورة الكهف لابن عثيمين (ص ‪.)129‬‬ ‫‪ )2‬والمقصود بـ(الرجال)‪ :‬جمع َرا ِجل‪ ،‬وهم ال ُم َشاة‪.‬‬ ‫‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)69/1‬‬ ‫‪181‬‬

‫قال ابن هبيرة ‪« :r‬فرأي ُت الفائدة في تقديم ِذ ْكر الرجل وتأخيره‪ :‬أن ِذ ْكر‬ ‫من تقديم ِذ ْك ِره على وصفه‪ ،‬فإن‬ ‫ايلقأوولوصان‪ :‬الفرقئبيل ِذس ْاكلر َأا َلجمول فصلوافن‪،‬أبفلنغظفري اتلمفإدذاح‬ ‫الناس‬ ‫الذي ِزيد في مدحه هو صاحب‬ ‫(ي ٓس)‬ ‫أمر بالمعروف‪ ،‬وأعان الرسل‪ ،‬وصبر على القتل‪ ،‬والآخر إنما حذر موسى من القتل‪،‬‬ ‫فَ َس ِلم موسى بقبوله مشورته‪ ،‬فالأول هو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر‪،‬‬ ‫والثاني هو ناصح الآمر بالمعروف‪ ،‬فاستحق الأول الزيادة‪.‬‬ ‫بالمعروف‪،‬‬ ‫الأمر‬ ‫في‬ ‫ُب ْعد‬ ‫من‬ ‫جاءا‬ ‫الرجلان‬ ‫فإذا‬ ‫المدينة‬ ‫أقصى‬ ‫ْ‬ ‫تأملت‬ ‫ثم‬ ‫ِذكر‬ ‫ولم يتقاعدا ل ُب ْعد الطريق»(‪.)1‬‬ ‫‪ -13‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﯤ ﯥﯦ ﯧﯨﯩﭼ (الشورى)‪.‬‬ ‫من‬ ‫الجاهلية‬ ‫تُ َؤ ِّخره‬ ‫كانت‬ ‫ما‬ ‫َف َق َّدم‬ ‫الإناث‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫«بدأ‬ ‫‪:r‬‬ ‫القيم‬ ‫ابن‬ ‫قال‬ ‫ب ِذكر‬ ‫أمر البنات؛ حتى كانوا يَ ِئ ُدو ُهن؛ أي‪ :‬هذا النوع ال ُمؤ َّخر عندكم‪ُ ،‬م َق َّدم عندي‬ ‫في ال ِّذكر‪ ،‬وتأمل كيف نَ َّكر سبحانه الإناث‪ ،‬و َع َّرف الذكور؛ فَ َج َب َن ْقص الأنوثة‬ ‫بالتقديم‪ ،‬و َج َب َن ْق َص التأخير بالتعريف؛ فإن التعريف تنويه»(‪.)2‬‬ ‫‪ -14‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯰﯱﯲ ﯳﯴ ﯵﭼ (الواقعة)‪.‬‬ ‫« َق َّدم كونها تذكرة على كونها متا ًع؛ ليعلم العبد أن الفائدة الأخروية أتم‬ ‫وبالذكر أهم»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬ذيل طبقات الحنابلة (‪.)149-148 /2‬‬ ‫‪ )2‬تحفة المودود بأحكام المولود (ص ‪.)21 -20‬‬ ‫‪ )3‬مفاتيح الغيب (‪.)423/29‬‬ ‫‪182‬‬

‫‪ -15‬قال تعالى‪ :‬ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﮊ (عبس)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يُبدأَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ابتَدأَ‬ ‫بِالأهم؟‬ ‫أن‬ ‫العرب‬ ‫عادة‬ ‫ومن‬ ‫بالأخ‪،‬‬ ‫«لِ َم‬ ‫‪:r‬‬ ‫الإسلام‬ ‫شيخ‬ ‫قال‬ ‫فلما ُسئِلْ ُت عن هذا قلت‪ :‬إن الابتداء يكون في كل مقام بما يناسبه‪ ،‬فتارة‬ ‫يقتضي الابتداء بالأعلى‪ ،‬وتارة بالأدنى‪ .‬وهنا المناسبة تقتضي الابتداء بالأدنى؛ لأن‬ ‫ً‬ ‫َذ َكر‬ ‫ُم َف َّص ًل‬ ‫لم‬ ‫أول‬ ‫الأقرب‬ ‫فلو‬ ‫شيء‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫شيئًا‬ ‫أقاربه‬ ‫عن‬ ‫فراره‬ ‫بيان‬ ‫المقصود‬ ‫ْ‬ ‫الأبعد»(‪.)1‬‬ ‫من‬ ‫فَ َّر‬ ‫الأقرب‬ ‫من‬ ‫فَ َّر‬ ‫إذا‬ ‫أنه‬ ‫يعلم‬ ‫فإنه‬ ‫طائلة‪،‬‬ ‫فائد ٌة‬ ‫الأبعد‬ ‫ِذكر‬ ‫في‬ ‫يكن‬ ‫‪ -11‬الإيجاز والبسط والاستطراد(‪:)2‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞ‬ ‫ﭟﭠﭡﭢﭼ (الأعراف)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪ r‬عن هذه الآية‪« :‬جمعت أصول أحكام الشريعة كلها‪ ،‬فجمع‬ ‫الأمر والنهي والإباحة والخبر»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬مجموع الفتاوى (‪.)74 /16‬‬ ‫‪ )2‬الإيجاز‪ :‬هو في علم المعاني‪ :‬تقليل اللفظ‪ ،‬وتكثير المعنى‪ ،‬بشرط أن يكون اللفظ على قلته واف ًيا بالغرض‪.‬‬ ‫الإطناب‪ :‬هو في علم المعاني‪ :‬التعبير عن المعاني القليلة بالكثير من الألفاظ‪.‬‬ ‫الاستطراد‪ :‬قوامه الانتقال من معنى إلى معنى آخر لمناسبة بينهما على قصد العودة إلى الأول‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬جواهر البلاغة (ص‪.)207 ،201 ،197‬‬ ‫‪ )3‬بدائع الفوائد (‪.)7 /4‬‬ ‫‪183‬‬

‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ‬ ‫ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝﮞﮟﭼ (النجم)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬ولما َذ َكر رؤيته لجبريل عند ِس ْد َرة ال ُمنْتَ َه‪ ،‬استطرد منها‪،‬‬ ‫وذكر أن جنة المأوى عندها‪ ،‬وأنه يغشاها من أَ ْم ِره و َخلْ ِقه ما يغشى‪ ،‬وهذا من‬ ‫أحسن الاستطراد‪ ،‬وهو أسلو ٌب لطي ٌف ج ًّدا في القرآن؛ وهو نوعان‪:‬‬ ‫ﭽﯖ‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫ومثل‬ ‫هذا‪،‬‬ ‫مثل‬ ‫َ‬ ‫إلى‬ ‫الشيء‬ ‫من‬ ‫ي َ ْستَ ْط ِرد‬ ‫أن‬ ‫أحدهما‪:‬‬ ‫ل ِزمه‪،‬‬ ‫ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟﯠ ﭼ (الزخرف)‪،‬‬ ‫ثم استطرد من جوابهم إلى قوله‪ :‬ﭽﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ‬ ‫ﯩﯪﯫﯬﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭗﭘﭙﭚﭛ‬ ‫ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ‬ ‫ﭪﭫﭬﭭﭼ (الزخرف)‪ ،‬وهذا ليس من جوابهم‪ ،‬ولكن تقرير له‬ ‫وإقامة الحجة عليهم‪.‬‬ ‫ومثله قوله تعالى‪ :‬ﭽﰉﰊﰋﰌ ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ‬ ‫ﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ ﰜﰝﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ‬ ‫ﭜﭝﭼ (طه)‪ ،‬فهذا جواب موسى‪ ،‬ثم استطرد سبحانه منه إلى قوله‪ :‬ﭽﭞ‬ ‫ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭭﭮ‬ ‫ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ‬ ‫ﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﭼ (طه)‪ ،‬ثم عاد إلى الكلام الذي استطرد منه‪.‬‬ ‫‪184‬‬

‫والنوع الثاني‪ :‬أن ي َ ْستَ ْط ِرد من الشخص إلى النوع؛ كقوله‪ :‬ﭽﮕﮖ‬ ‫ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﭼ (المؤمنون)‪ ،‬إلى‬ ‫آخره؛ فالأول‪ :‬آدم‪ ،‬والثاني‪َ :‬ب ُنوه‪.‬‬ ‫ومثله قوله‪ :‬ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ‬ ‫ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ‬ ‫ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ‬ ‫ﮚﮛﮜﮝﮞﭼ ‪( ...‬الأعراف) إلى آخر الآيات‪ .‬فاستطرد من ِذ ْكر‬ ‫ْ‬ ‫الأبوين إلى ِذكر المشركين من أولادهما‪ .‬والله أعلم»(‪.)1‬‬ ‫‪ -12‬الأمثال والتشبيهات‪:‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى‪ :‬ﱫﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡﱪ‬ ‫(البقرة‪.)74:‬‬ ‫من‬ ‫قسوة‬ ‫أشد‬ ‫هي‬ ‫التي‬ ‫ﭽﮞﭼ‬ ‫بأنها‬ ‫قسوتها‬ ‫«وصف‬ ‫‪:r‬‬ ‫السعدي‬ ‫قال‬ ‫ُ‬ ‫الحديد؛ لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار ذاب‪ ،‬بخلاف الأحجار»(‪.)2‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ‬ ‫ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ‬ ‫ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ‬ ‫ﯸﯹﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﭼ (النور)‪.‬‬ ‫‪ )1‬التبيان في أقسام القرآن (‪.)264 -262/1‬‬ ‫‪ )2‬تفسير السعدي (ص ‪.)55‬‬ ‫‪185‬‬

‫قال البغوي ‪َ « :r‬ش َّب َهه بالكواكب‪ ،‬ولم ي ُ َشبِّهه بالشمس والقمر؛ لأن الشمس‬ ‫والقمر يلحقهما الخسوف‪ ،‬والكواكب لا يلحقها الخسوف»(‪.)1‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ‬ ‫(الإنسان)‪.‬‬ ‫قال الثعالبي(‪« :)2‬قال بعضهم‪ :‬هذا من التشبيه العجيب؛ لأن اللؤلؤ إذا كان‬ ‫متفر ًقا‪ ،‬كان أحسن في المنظر؛ لوقوع شعاع بعضه على بعض»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬تفسير البغوي (‪.)416/3‬‬ ‫‪ )2‬هو‪ :‬عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري‪ ،‬أبو زيد‪ ،‬مفسر‪ ،‬من أعيان الجزائر‪ ،‬زار‬ ‫تونس والمشرق‪ ،‬توفي سنة‪875 :‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬الضوء اللامع (‪ ،)152 /4‬والأعلام للزركلي (‪.)331 /3‬‬ ‫‪ )3‬تفسير الثعالبي (‪.)532/5‬‬ ‫‪186‬‬

‫الباب الخامس‬ ‫ما لا يدخل في شيء مما سبق‬ ‫‪187‬‬



‫ما لا يدخل في شيء مما سبق؛ وهو نوعان‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬صور من التدبُّر لا تدخل تحت أحد الأنواع المذكورة‪:‬‬ ‫التطبيق‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال تعالى عن المنافقين‪ :‬ﭽﯛﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ‬ ‫ﯤﯥﯦ ﯧﯨﯩﯪﯫﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال ابن عاشور ‪« :r‬قَوله‪ :‬ﭽﯦﯧﭼ مع أن مقتضى الظاهر أن يكون‬ ‫كلامهم بعكس ذلك؛ لأن المؤمنين ي َ ُش ُّكون في إيمان المنافقين‪ ،‬وقومهم لا ي َ ُش ُّكون‬ ‫في بقائهم على دينهم‪ ،‬فجاءت حكاية كلامهم الموافقة لمدلولاته على خلاف مقتضى‬ ‫الظاهر لمراعاة ما هو أجدر بعناية البليغ من ُم ْق َت َض الظاهر‪َ .‬ف ُخلُ ّو خطابهم مع‬ ‫الوممذلؤنمَينكتَيَطمن َّرنعقإتماقساايفنحيتنهدفااتلقأهشكمي؛كدعافلليىخأبِنصر؛هْد ِقلقأهند؛هيلمأنلهكاوميإنرذياالمدَفؤوَعملُننوواأننذلأَ َي ْْعكخ ِِلرفيَ ُاقضءدوااأليأ ِّذنق ْفهظنوسههمممنإفلايلى اَمشل ْعشِرك فك‪،‬يض‬ ‫المنافقين لعدم َت َع ُّي ِنهم عندهم‪ ،‬فيكون تجريد الخبر من ال ُم َؤ ِّكدات ُم ْقتَ َض الظاهر‪.‬‬ ‫وأما قولُ ُهم لقو ِمهم‪ :‬ﭽﯦﯧﭼ بالتأكيد فذلك؛ لأنه لَا بدا من إبداعهم في‬ ‫النفاق عند لقاء المسلمين ما يُو ِجب شك كبرائهم في البقاء على الكفر‪ ،‬و َت ْط ُرق‬ ‫به ال ُّت ْهمة أبواب قلوبهم‪ ،‬احتاجوا إلى تأكيد ما يدل على أنهم باقون ع َل دين ِهم»(‪.)1‬‬ ‫‪ -2‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒ ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛ‬ ‫ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫‪ )1‬التحرير والتنوير (‪.)292-291/1‬‬ ‫‪189‬‬

‫قال ابن القيم ‪« :r‬تأمل قوله تعالى‪ :‬ﭽﭗﭘﭙﭼ كيف جعل‬ ‫ضوءها خار ًجا عنه ُمنفص ًل‪ ،‬ولو اتصل َض ْوءها به ولاب َسه لم يذهب‪ ،‬ولكنه كان‬ ‫َضوء ُماورة‪ ،‬لا ُملاب َسة و ُمالَطة‪ ،‬وكان ال َضوء عار ًضا وال ُّظلمة أصلية‪ ،‬فرجع الضوء‬ ‫إلى معدنه وبقيت الظلمة في معدنها‪ ،‬فرجع كل منهما إلى أصله اللائق به»(‪.)1‬‬ ‫‪ -3‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯔﯕ ﯖ ﯗﯘﯙ ﯚﯛ‬ ‫ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (البقرة)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فال َملَك والشيطان يتعاقبان على القلب َت َعا ُقب الليل‬ ‫والنهار؛ فمن الناس من يكون ليله أطول من نهاره‪ ،‬وآخر بضده‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يكون زمنه نها ًرا كله‪ ،‬وآخر بضده‪ ،‬نستعيذ بالله تعالى من شر الشيطان»(‪.)2‬‬ ‫‪ -4‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ‬ ‫ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ‬ ‫ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ‬ ‫ﮀ ﮁﮂﮃ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐ ﮑ‬ ‫ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ‬ ‫ﮢﮣﮤﭼ (آل عمران)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬فمن ظن بأنه لاينصر رسوله‪ ،‬ولا يُ ِتم أمره‪ ،‬ولا يُؤيده و ُيؤيد‬ ‫حزبه‪ ،‬و ُيعليهم و ُيظ ِفرهم بأعدائه‪ ،‬و ُيظهرهم عليهم‪ ،‬وأنه لاينصر دينه وكتابه‪ ،‬وأنه‬ ‫يديل الشرك على التوحيد‪ ،‬والباطل على الحق ِإ َدالَة ُم ْستَ ِق َّرة يَ ْض َم ِحل معها التوحيد‬ ‫‪ )1‬اجتماع الجيوش الإسلامية (‪.)64 /2‬‬ ‫‪ )2‬إغاثة اللهفان (‪.)108 /1‬‬ ‫‪190‬‬

‫والحق ا ْض ِم ْح َل ًل لايقوم بعده أب ًدا؛ فقد ظن بالله ظن السوء‪ ،‬ون َ َسبه إلى خلاف‬ ‫ما يليق بكماله وجلاله‪ ،‬وصفاته ونعوته‪ ،‬فإن َحْ َده و ِع َّزته و ِحكمته وإلهيته تأبى‬ ‫ذلك‪ ،‬وتأبى أن يذل حزبه وجنده‪ ،‬وأن تكون ال ُّن ْ َصة ال ُمستقرة وال َّظ َفر الدائم‬ ‫لأعدائه المشركين به‪ ،‬العادلين به‪ ،‬فمن ظن به ذلك فما عرفه‪ ،‬ولا عرف أسماءه‪،‬‬ ‫ذلك بقضائه وقَ َد ِره فما‬ ‫من أنكر أن يكون‬ ‫وكماله‪ ،‬وكذلك‬ ‫ولا عرف صفاته‬ ‫أنكر أن يكون قَ َّدر‬ ‫وعظمته‪ ،‬وكذلك من‬ ‫ربوبيته و ُملْ َكه‬ ‫عرفه‪ ،‬ولا عرف‬ ‫ما َق َّد َره من ذلك وغيره ل ِح ْك َمة بالغة‪ ،‬وغاية محمودة يستحق الحمد عليها‪ ،‬وأن‬ ‫ذلك إنما صدر عن مشيئة ُمَ َّر َدة عن ِح ْكمة‪ ،‬وغاية مطلوبة هي أحب إليه من‬ ‫فَ ْوتِها‪ ،‬وأن تلك الأسباب المكروهة ال ُم ْف ِضية إليها لايخرج تقديرها عن ال ِح ْكمة؛‬ ‫لإفضائها إلى ما يحب‪ ،‬وإن كانت مكروهة له‪ ،‬فما قَ َّد َرها ُس ًدى‪ ،‬ولا أنشأها عب ًثا‪،‬‬ ‫ولا خلقها باط ًل؛ ﭽﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭣﭼ ( ٓص)‪ ،‬وأكثر‬ ‫الناس يظنون بالله غير الحق َظ َّن ال َّسوء فيما يختص بهم‪ ،‬وفيما يفعله بغيرهم‪ ،‬ولا‬ ‫َ ْح ِده‬ ‫وعرف ُمو ِج َب‬ ‫ذلك إلا من عرف الله‪ ،‬وعرف أسماءه وصفاته‪،‬‬ ‫يسلم من‬ ‫ظن السوء»(‪.)1‬‬ ‫فمن َق َن َط من رحمته‪ ،‬وأَيِ َس من َر ْوحه‪ ،‬فقد ظن به‬ ‫وحكمته‪،‬‬ ‫‪ -5‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭘ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭢ‬ ‫ﭣﭤﭥﭼ (آل عمران)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬وكلما عظم المطلوب عظمت وسيلته والعمل ال ُمو ِصل إليه‪،‬‬ ‫فلا يُو َصل إلى الراحة إلا بترك الراحة‪ ،‬ولا يُد َرك النعيم إلا بترك النعيم‪ ،‬ولكن‬ ‫َم َك ِره الدنيا التي تُصيب العبد في سبيل الله عند تَو ِطين النفس لها‪ ،‬و َت ْم ِرينها‬ ‫‪ )1‬زاد المعاد (‪.)230-229 /3‬‬ ‫‪191‬‬

‫عليها ومعرفة ما تَ ُؤول إليه َتنْ َق ِلب عند أرباب البصائر ِم َن ًحا ي ُ َ ُّسون بها‪ ،‬ولا‬ ‫يُبالون بها‪ ،‬وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء»(‪.)1‬‬ ‫‪ -6‬هل سمعت بطفل يتدبر القرآن؟ قال أحدهم‪ :‬كنت مع ابنتي (‪ 7‬سنوات)‪،‬‬ ‫يفت َلسأَو‪:‬لَ ْتﭽببراﭑءة‪ :‬إﭒذاﭓكانﭔالله فقيﭕ ًرا وﭖهمﭗ أغﭘنياء‪،‬ﭙ فمنﭚ‬ ‫َف َس ِم َعت قارئًا َع ْب الإذاعة‬ ‫ﭛﭜ ﭨﭼ (آل عمران)‪،‬‬ ‫الذي أغناهم؟!(‪.)2‬‬ ‫‪ -7‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ‬ ‫ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭼ (النساء)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬ثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يُو َع ُظون به؛ أي‪ :‬ما ُو ِّظف عليهم‬ ‫في كل وقت بحسبه‪ ،‬فبذلوا ِه َم َمهم‪ ،‬و َو َّفروا نفوسهم للقيام به وتكميله‪ ،‬ولم َت ْط َمح‬ ‫نفوسهم لِ َما لم يَ ِصلوا إليه‪ ،‬ولم يكونوا ب َص َد ِده‪ ،‬وهذا هو الذي ينبغي للعبد؛ أن‬ ‫ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها‪ ،‬ثم يتدرج شيئًا فشي ًئا‪ ،‬حتى يصل‬ ‫إلى ما قُ ِّدر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا‪ ،‬وهذا بخلاف من َط َم َحت‬ ‫نفسه إلى أمر لم يَ ِصل إليه‪ ،‬ولم يُؤمر به بعد‪ ،‬فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب‬ ‫تفريق ال ِه َّمة‪ ،‬وحصول الكسل وعدم النشاط»(‪.)3‬‬ ‫‪ -8‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ‬ ‫ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﭼ‬ ‫(النساء)‪.‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص ‪.)150‬‬ ‫‪ )2‬ليدبروا آياته (‪.)48-47 /2‬‬ ‫‪ )3‬تفسير السعدي (ص ‪.)185‬‬ ‫‪192‬‬

‫قال ابن القيم ‪« :r‬فمن َت َع َّبد الله بِ ُم َرا َغ َمة عدوه‪ ،‬فقد أخذ من ال ِّص ِّديقية‬ ‫بسهم وافر‪ ،‬وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه‪ ،‬يكون نصيبه من‬ ‫هذه ال ُمرا َغمة‪.‬‬ ‫‪ ‬ولأجل هذه ال ُمرا َغمة ُ ِح َد ال َّتبَ ْخ ُت بين ال َّص َّف ْي‪ ،‬والخيلاء وال َّتبَ ْخ ُت عند‬ ‫َص َد َقة السر‪ ،‬حيث لا يراه إلا الله؛ لما في ذلك من إرغام العدو‪ ،‬و َب ْذل محبوبه من‬ ‫نفسه وماله لله ‪ ،b‬وهذا باب من العبودية لايعرفه إلا القليل من الناس‪ ،‬ومن‬ ‫ذاق طعمه و َ َّلته‪ ،‬بكى على أيامه ال ُأ َو ِل‪...‬‬ ‫‪ ‬وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان‪ ،‬و َل َح َظه في الذنب‪َ ،‬را َغ َمه بالتوبة‬ ‫النصوح‪ ،‬فأحدثت له هذه ال ُمرا َغمة عبودية أخرى»(‪.)1‬‬ ‫‪ -9‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ‬ ‫ﮊﮋﮌ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﭼ (النساء)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬وفي هذه الآية إرشاد إلى المقابلة بين ما يُت َو َّهم من مصالح‬ ‫الدنيا ال ُم َ َتتِّبة على ترك أوامر الله‪ ،‬أو فعل مناهيه‪ ،‬وبين ما يفوت من ثواب الآخرة‪،‬‬ ‫أو يحصل من عقوباتها‪.‬‬ ‫فيقول من أَ َم َرتْه نف ُسه بترك أمر الله‪ :‬ها أن ِت ترك ِت أمره كس ًل وتفري ًطا‪ ،‬فما‬ ‫النفع الذي انتفع ِت به؟! وماذا فات ِك من ثواب الآخرة؟! وماذا ترتب على هذا الترك‬ ‫من الشقاء والحرمان والخيبة والخسران؟!‬ ‫‪ )1‬مدارج السالكين (‪.)242-241 /1‬‬ ‫‪193‬‬

‫وكذلك إذا دعتُه نفسه إلى ما تشتهيه من الشهوات ال ُم َح َّرمة‪ ،‬وقال لها‪َ :‬هبْ ِك‬ ‫فعل ِت ما اشتهي ِت‪ ،‬فإن لذته تنقضي‪ ،‬ويعقبها من الهموم والغموم والحسرات‪،‬‬ ‫وفوات الثواب وحصول العقاب ما بعضه يكفي العاقل في الإحجام عنها‪.‬‬ ‫‪ ‬وهذا من أعظم ما ينفع العبد تَ َدبُّره‪ ،‬وهو َخا َّصة العقل الحقيقي؛ بخلاف‬ ‫الذي يَ َّدعي العقل وليس كذلك‪ ،‬فإنه بجهله و ُظلْمه يُ ْؤثِر اللذة الحاضرة والراحة‬ ‫الراهنة‪ ،‬ولو ترتب عليها ما ترتب‪ .‬والله المستعان»(‪.)1‬‬ ‫‪ -10‬قال تعالى‪ :‬ﭽﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿ ﮀ‬ ‫ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﭼ (الأنعام)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬منهم من يكون على أخلاق ال ِّس َباع العادية‪ ،‬ومنهم‬ ‫من يكون على أخلاق الكلاب‪ ،‬وأخلاق الخنازير‪ ،‬وأخلاق الحمير‪ ،‬ومنهم من‬ ‫َيتَ َط َّوس بثيابه‪ ،‬كما َيتَ َط َّوس الطاوس في ريشه‪ ،‬ومنهم من يكون بلي ًدا كالحمار‪،‬‬ ‫ومنهم من يُ ْؤثِر على نفسه كالديك‪ ،‬ومنهم من يألف و ُي ْؤلَف كالحمام‪ ،‬ومنهم الحقود‬ ‫كالجمل‪ ،‬ومنهم الذي هو خير كله كالغنم‪ ،‬ومنهم أشباه الثعالب تروغ كروغانها‪.‬‬ ‫‪ ‬وقد َش َّبه الله تعالى أهل الجحيم وال َغ‪ :‬بالحُمر تارة‪ ،‬وبالكلب تارة‪ ،‬وبالأنعام‬ ‫تارة‪ ،‬وتقوى هذه المشابهة باط ًنا‪ ،‬حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهو ًرا خف ًّيا‪ ،‬يراه‬ ‫ال ُمت َف ِّر ُسون‪ ،‬وتظهر في الأعمال ظهو ًرا يراه كل أحد»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص ‪.)200‬‬ ‫‪ )2‬الجواب الكافي (ص ‪.)119-118‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪ -11‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ‬ ‫ﭮﭯﭼ (الأنعام)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬ومن لُ ْط ِفه أنه يسوق عبده إلى مصالح دينه‪ ،‬و ُيو ِصلها‬ ‫إليه بال ُّط ُرق التي لا ي َ ْش ُعر بها العبد‪ ،‬ولا يسعى فيها‪ ،‬ويوصله إلى السعادة الأبدية‪،‬‬ ‫والفلاح ال َّ ْس َمدي‪ ،‬من حيث لا يحتسب‪ ،‬حتى إنه ُي َق ِّدر عليه الأمور التي‬ ‫يكرهها العبد‪ ،‬ويتألم منها‪ ،‬ويدعو الله أن يُ ِزيلَها؛ لعلمه أن دينه أصلح‪ ،‬وأن‬ ‫كماله ُم َت َوقِّف عليها‪ ،‬فسبحان اللطيف لما يشاء‪ ،‬الرحيم بالمؤمنين»(‪.)1‬‬ ‫‪ -12‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘ ﯙﯚﯛﯜﯝ‬ ‫ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (الأعراف)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬ومن تدبر أحوال العالم‪ ،‬وجد كل صلاح في الأرض‬ ‫فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله ‪ ،g‬وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط‬ ‫وتسليط عدو وغير ذلك‪ ،‬فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله ‪.g‬‬ ‫‪ ‬ومن تدبر هذا حق التدبر‪ ،‬وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن‪ ،‬وإلى أن‬ ‫يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين؛ وجد هذا الأمر كذلك في خاصة‬ ‫نفسه‪ ،‬وفي حق غيره عمو ًما وخصو ًصا‪ ،‬ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص ‪.)268‬‬ ‫‪ )2‬بدائع الفوائد (‪.)15 /3‬‬ ‫‪195‬‬

‫‪ -14‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯙﯚﯛﯜﯣﭼ (الأعراف)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬وذكر الطمع ‪ -‬الذي هو الرجاء‪ -‬في آية الدعاء؛ لأن الدعاء‬ ‫مبني عليه‪ ،‬فإن الداعي ما لم يطمع في سؤاله ومطلوبه لم تتحرك نفسه لطلبه؛ إذ‬ ‫طلب ما لا طمع فيه ممتنع»(‪.)1‬‬ ‫‪ -15‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ‬ ‫ﮂﮃﭼ (الأعراف)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬وهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن‬ ‫العبد لاينبغي له أن يكون آم ًنا على ما معه من الإيمان‪ ،‬بل لايزال خائ ًفا َو ِج ًل أن‬ ‫يُبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان‪ ،‬وألا يزال داعيًا بقوله‪« :‬يا مقلب القلوب‬ ‫َث ِّبت قلبي على دينك»‪ ،‬وأن يعمل ويسعى‪ ،‬في كل سبب ُ َيلِّصه من الشر عند وقوع‬ ‫الفتن‪ ،‬فإن العبد ‪-‬ولو بلغت به الحال ما بلغت‪ -‬فليس على يقين من السلامة»(‪.)2‬‬ ‫‪ -16‬قال تعالى‪ :‬ﱹﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ‬ ‫ﯝﯞﱸ (الأعراف‪ ،)١١٦-١١٥ :‬وقال تعالى‪ :‬ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ‬ ‫ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﮊ (طه‪.)66-65 :‬‬ ‫فما وجه طلب موسى ‪ n‬أن تكون ال َب َدا َءة منهم؟‬ ‫قال ابن كثير ‪« :r‬لأن موسى أراد أن تكون ال َب َدا َءة منهم؛ ليرى الناس ما‬ ‫صنعوا‪ ،‬ثم يأتي بالحق بعده‪ ،‬فيدمغ باطلهم»(‪.)3‬‬ ‫‪ )1‬السابق (‪.)12 / 3‬‬ ‫‪ )2‬تفسير السعدي (ص ‪.)298‬‬ ‫‪ )3‬تفسير ابن كثير (‪.)286 /4‬‬ ‫‪196‬‬

‫‪ -17‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ‬ ‫ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ‬ ‫ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ‬ ‫ﯺﯻﯼ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙﭚ‬ ‫ﭛﭜﭝﭞﭟﭼ (الأعراف)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬ينبغي لمن َط َم َحت نفسه لما لا قدرة له عليه‪ ،‬أو غير ممكن‬ ‫في حقه‪ ،‬و َح ِزنَت لعدم حصوله أن ي ُسليها بما أنعم الله به عليه مما حصل له من‬ ‫الخير الإلهي الذي لم يحصل لغيره؛ ولهذا لما َط َم َحت نفس موسى ‪ n‬إلى رؤية‬ ‫الله تعالى وطلب ذلك من الله‪ ،‬فأعلمه الله أن ذلك غير حاصل له في الدنيا وغير‬ ‫ممكن‪َ ،‬س َّله بما آتاه فقال‪ :‬ﭽﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ‬ ‫ﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭼ (الأعراف)‪ ،‬وكذلك نبه الله رسوله وعباده‬ ‫المؤمنين على هذا المعنى بقوله‪ :‬ﭽﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ‬ ‫ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﭼ (النساء)»(‪.)1‬‬ ‫‪ -18‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯩﯪﯫﯬ ﯭﯮ ﯯﯰﯱ‬ ‫ﯲﯳﯴﯵﭼ (الأنفال)‪.‬‬ ‫قال الشنقيطي ‪« :r‬وال ُم ِحب الصادق في ُح ّبه لا ينسى محبوبه عند نزول‬ ‫الشدائد»(‪.)2‬‬ ‫‪ )1‬المواهب الربانية (ص ‪.)40‬‬ ‫‪ )2‬أضواء البيان (‪.)486 /2‬‬ ‫‪197‬‬

‫‪ -19‬قال تعالى‪ :‬ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ‬ ‫ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﭼ (التوبة)‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫ﭽﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ‬ ‫ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ‬ ‫ﮨﮩﮪﮫﮬ ﭼ (التوبة)‪.‬‬ ‫قال شيخ الإسلام ‪« :r‬قوله‪ :‬ﭽﭛﭜﭝﭼ إشارة إلى ما هو لازم لهم‬ ‫ً‬ ‫فإن‬ ‫وجهل‪،‬‬ ‫قلب‬ ‫و ُظلمة‬ ‫وقسوة‬ ‫وحزنًا‪،‬‬ ‫غ ًّما‬ ‫النفسية‪:‬‬ ‫الآلام‬ ‫من‬ ‫والآخرة‬ ‫الدنيا‬ ‫في‬ ‫للكفر والمعاصي من الآلام العاجلة الدائمة ما الله به عليم؛ ولهذا تجد غالب‬ ‫هؤلاء لا يُط ّيبون عيشهم إلا بما يُزيل العقل‪ ،‬و ُيلهي القلب ومن تناول مسكر‪ ،‬أو‬ ‫رؤية ُملْ ٍه‪ ،‬أو سماع ُم ْطرب‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬ ‫وفي ُم َقابِل ما حكاه الله عن الكافرين‪ ،‬قوله في المؤمنين‪ :‬ﭽﮤﮥ‬ ‫ﮦﮧﮬﭼ (التوبة)‪ ،‬فإن الله ُي َع ِّجل للمؤمنين من الرحمة في قلوبهم‪ ،‬وغيرها بما‬ ‫يجدونه من حلاوة الإيمان ويذوقونه من طعمه‪ ،‬وانشراح صدورهم للإسلام‪ ،‬إلى‬ ‫غير ذلك من السرور بالإيمان‪ ،‬والعلم‪ ،‬والعمل الصالح‪ ،‬بما لا يمكن وصفه»(‪.)1‬‬ ‫‪ -20‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯧﯨﯩﯪ ﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰ ﯱﯲ‬ ‫ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﭼ (التوبة)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬وفي هذه الآية أي ًضا دليل وإرشاد وتنبيه لطيف لفائدة‬ ‫مهمة‪ ،‬وهي أن المسلمين ينبغي لهم أن يُ ِع ُّدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من‬ ‫يقوم بها و ُيوفر وقته عليها‪ ،‬ويجتهد فيها ولا يلتفت إلى غيرها؛ لتقوم مصالحهم‬ ‫‪ )1‬اقتضاء الصراط المستقيم (‪.)111-110/1‬‬ ‫‪198‬‬

‫وتتم منافعهم؛ ولتكون ِو ْج َهة جميعهم‪ ،‬ونهاية ما يقصدون َق ْص ًدا واح ًدا وهو قيام‬ ‫مصلحة دينهم ودنياهم‪ ،‬ولو َت َف َّرقت الطرق وتعددت ال َم َشا ِرب‪ ،‬فالأعمال ُمتباينة‬ ‫والقصد واحد؛ وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور»(‪.)1‬‬ ‫‪ -21‬قال تعالى‪ :‬ﱫﭩﭪﭫ ﭬﭭﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ‬ ‫ﭶﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼ ﭽﱪ (يونس)‪.‬‬ ‫قال ابن حزم ‪« :r‬إذا َح َّق ْقت مدة الدنيا لم تجدها إلا (الآن) الذي هو فَ ْصل‬ ‫الزمانين فقط»(‪.)2‬‬ ‫‪ -22‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ‬ ‫ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ‬ ‫ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﭼ (يوسف)‪.‬‬ ‫قال ابن القيم ‪« :r‬وفي ذلك تنبيه على أن العلم الدقيق بلطيف الحيل‬ ‫ال ُموصلة إلى المقصود الشرعي الذي ُيبه الله تعالى ورسوله ‪ ...g‬صفة مدح يرفع‬ ‫الله تعالى بها درجة العبد»(‪.)3‬‬ ‫‪ -23‬قال تعالى‪ :‬ﭽﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ‬ ‫ﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭼ‬ ‫(النحل)‪.‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص ‪.)355‬‬ ‫‪ )2‬الأخلاق والسير (ص ‪.)20‬‬ ‫‪ )3‬إغاثة اللهفان (‪.)119 /2‬‬ ‫‪199‬‬

‫قال السعدي ‪« :r‬فما فات أح ًدا شيء من الخير إلا لعدم صبره و َب ْذل ُجهده‬ ‫ُ‬ ‫فيما أريد منه‪ ،‬أو لعدم توكله واعتماده على الله»(‪.)1‬‬ ‫‪ -24‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮔﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠ‬ ‫ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﭼ (الإسراء)‪.‬‬ ‫قال ابن كثير ‪« :r‬و َقد أخذ الإمام الحَ ْب ابن عباس ‪ k‬من عموم هذه الآية‬ ‫الكريمة ولاية معاوية ال َّسلْ َطنة‪ ،‬وأنه سيملك؛ لأنه كان ولي عثْمان‪ ،‬و َقد قُ ِتل‬ ‫عثْمان مظلو ًما ‪.)2(»h‬‬ ‫‪ -25‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮙ‬ ‫ﮚﮛﮜﮝﮞﭼ (الكهف)‪.‬‬ ‫قال السعدي ‪« :r‬وفي هذه القصة دليل على أن من فَ َّر بدينه من الفتن َس َّل َمه‬ ‫الله منها‪ ،‬وأن من حرص على العافية عافاه الله‪ ،‬ومن أوى إلى الله آواه الله‪ ،‬وجعله‬ ‫هداية لغيره‪ ،‬ومن َت َّمل ال ُّذل في سبيله وابتغاء مرضاته‪ ،‬كان آخر أمره وعاقبته العز‬ ‫العظيم من حيث لا يحتسب؛ ﭽﮢﮣﮤﮥﮦﭼ (آل عمران)»(‪.)3‬‬ ‫‪ -26‬قال تعالى‪ :‬ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ‬ ‫ﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢ‬ ‫ﮣﮤﮥﭼ (الكهف)‪.‬‬ ‫‪ )1‬تفسير السعدي (ص ‪.)440‬‬ ‫‪ )2‬تفسير ابن كثير (‪.)73/5‬‬ ‫‪ )3‬تفسير السعدي (ص ‪.)473‬‬ ‫‪200‬‬


Like this book? You can publish your book online for free in a few minutes!
Create your own flipbook