ي ُسيء إليه ولا ُيْ ِسن ،فلا يُ ْؤثِر الإحسا َن إلى المسيء إلا من خالفه وآثر الله تعالى وما عنده على َح ّظه العاجل. فكان المقام مقام تأكيد وتحريض ،فقال فيه :ﭽﮩﮪﮫﮬﮭ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﭼ (فصلت) ،وأما في سورة الأعراف فإنه أمره أن يُع ِرض عن الجاهلين ،وليس فيها الأمر ب ُم َقابَلة إساءتهم بالإحسان ،بل بالإعراض ،وهذا َس ْهل على النفوس غير ُم ْس َت ْعص عليها ،فليس ِح ْرص الشيطان و َسعيه في َدفْع هذا ك ِح ْر ِصه على َدفْع ال ُمقابَلة بالإحسان ،فقال :ﭽﭽﭾ ﭿ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﭼ (الأعراف)»(.)1 وقال في موضع آخر« :وقال هاهنا :ﭽﮱﯓﯔﯕﭼ (فصلت،)٣٦: فأكد بـ(إن) ،وبضمير الفصل ،وأتى باللام في :ﭽﯔﯕﭼ .وقال في الأعراف :ﭽﮱﮆﮇﭼ (الأعراف.)200 : ُ يُؤكده ولم الاسم ُمرد على اقتصر حيث أنه أعلم- -والله ذلك وسر أريد إثبات ُمرد الوصف الكافي في الاستعاذة والإخبار بأنه سبحانه يسمع ويعلم ،فيسمع استعاذتك فيجيبك ،ويعلم ما تستعيذ منه فيدفعه عنك؛ فالسمع لكلام ال ُمستعيذ، والعلم بالفعل ال ُمستعاذ منه ،وبذلك يحصل مقصود الاستعاذة ،وهذا المعنى شامل للموضعين ،وامتاز المذكور في سورة فصلت بمزيد التأكيد والتعريف والتخصيص؛ لأن سياق ذلك بعد إنكاره سبحانه على الذين شكوا في سمعه لقولهم وعلمهم به، كما جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال« :اجتمع عند البيت ثلاثة نفر: قرشيان وثقفي ،أو ثقفيان وقرشي ،كثي ٌر َش ْحم بطونهم ،قلي ٌل ِف ْقه قلوبهم ،فقالوا: )1السابق (.)268 - 267/2 151
أترون الله يسمع ما نقول؟ فقال أحدهم :يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفينا ،فقال الآخر :إن سمع بعضه سمع كله .فأنزل الله :bﭐﱫﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭷﭸ ﭹﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﱪ (فصلت)»()1؛ فجاء التوكيد في قوله :ﭽﮱﯓﯔﯕﭼ .في سياق هذا الإنكار؛ أي :هو وحده الذي له كمال قوة السمع وإحاطة العلم ،لا كما يظن به أعداؤه الجاهلون :أنه لا يسمع إن أخفوا ،وأنه لا يعلم كثي ًرا مما يعملون .و َح َّسن ذلك أي ًضا :أن المأمور به في سورة فصلت َدفْع إساءتهم إليه بإحسانه إليهم ،وذلك أشق على النفوس من ُمرد الإعراض عنهم؛ ولهذا َع َّقبه بقوله :ﭐﱫﮝﮞ ﮟ ﮠﮡﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧﮨﱪ (فصلت) ،ف َح ُسن التأكيد لحاجة ال ُمستعيذ. وأي ًضا ،فإن السياق هاهنا لإثبات صفات كماله ،وأدلة ثبوتها ،وآيات ربوبيته ،وشواهد توحيده؛ ولهذا َع َّقب ذلك بقوله :ﱫﯗﯘ ﯙﯚﱪ (فصلت ،)37:وبقوله :ﱫﭑﭒﭓﭔﭕﭖﱪ (فصلت.)2(»)39 : -9قال تعالى عن إبراهيم :nﭽﭱﭲﭼ (النحل ،)121:وقال: ﭽﭝﭞﭟﭠﭡﭼ (لقمان« ،)20 :ف َج َمع النعمة في آية النحل َجْع وشكرها، بعضها معرفة الإنسان يستطيع وإنما ُ لا الله نعم لأن (أنعم)؛ قِلَّة تصى، )1أخرجه البخاري ( ،)7521 ،4817ومسلم (.)2775 )2إغاثة اللهفان (.)97 -96/1 152
وهو ما كان من إبراهيم ،nفَ َذ َكر َجْع ال ِقلَّة في هذا المقام ،أما آية لقمان فجمعها َ ْجع َك ْثة (نِ َع َمه)؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جمي ًعا»(.)1 -10في سورة الكهف قال الخضر « :rفي الأولى :ﭽﮚﮛﮜﭼ (الكهف ،)79:وفي الثانية :ﱫﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚﱪ (الكهف) ،وفي الثالثة :ﱫ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱﯲﱪ (الكهف )82 :فما وجه كل واحدة من هذه الألفاظ؟ قلت :إنه لما ذكر العيب أضافه إلى نفسه على سبيل الأدب مع الله تعالى، فقال :ﭽﮚﮛﮜﭼ ،ولما ذكر رعاية المصالح في مال اليتيمين لأجل صلاح أبيهما أضافه إلى الله c؛ لأن حفظ الأبناء وصلاح أحوالهم لرعاية حق الآباء ليس إلا لله c؛ فلأجل ذلك أضافه إلى الله تعالى»(.)2 -11قال تعالى :ﭽﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤﭼ (الأنبياء). وقال تعالى :ﭽﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟﯠ ﯡﯢﯣﯤ ﯥ ﯦﯧﭼ (الصافات). )1أسرار البيان في التعبير القرآني (باب :البنية في التعبير القرآني). )2تفسير الخازن (.)228/4 153
قال الإسكافي « :)1(rللسائل أن يسأل فيقول :هذا في قصة واحدة ،فجاء في موضع :ﭽﯣﭼ (الأنبياء،)70:وفيموضع:ﭽﯦﭼ(الصافات،)98: فهل في ك ٍّل من المكانين ما يختص باللفظ الذي خ ّص به؟ والجواب أن يقال :أ ّما في سورة الأنبياء فإن الله تعالى أخبر فيها عن إبراهيم nأنه قال :ﭽﯹﯺﯻﭼ (الأنبياء ،)75:ثم أخبر عن الكفار ل ّما ألقوه في النار وأرادوا به كي ًدا :ﭽﯢﯣﭼ (الأنبياء ،)70:والكيد: سعي في مضرة ِ ُلو َرد على غفلة ،فذكر ُم َكيَ َدة بينهم وبين إبراهيم ،nفكادهم ولم يكيدوه فخسرت تجارتهم وعادت عليهم ُم َكيَ َدتُهم؛ لأنه ك ّس أصنامهم ولم يبلغوا من إحراقه مرادهم ،فذكر الأخسرين؛ لأنهم خسروا فيما عاملهم به ُ إليهما. أضيفت التي ال ُم َكيَدة من وعاملوه وأما الآية التي في سورة الصافات فإن الله تعالى أخبر عن الكفار فيها بما اقتضى من الأسفلين ،وهو أنه قال :ﭽﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﭼ ،فبنوا له بناء عال ًيا ورفعوه فوقه ليرموا به من هناك إلى النار التي أَ َّج ُجوها ،فلما َعلَوا ذلك لأنهم أُه ِل ُكوا في الدنيا و َس ُفل عليهم ،فانقلب عالي أمرهم في عادوا هم الأسفلين؛ إلى أسفل، البنا َء وح ّطوه منه ن ّج نب ّيه nوأعلاه والله تعالى أمرهم في ال ُأ ْخرى، صعود البناء وسافل أمر إبراهيم .n فل ّما ُح ّط إلى النار ،صار ذلك َسافِ ًل ،وأمر النبي nعال ًيا؛ فلذلك اختصت هذه الآية بقوله :ﭽﯥﯦﯧﭼ (الصافات)»(.)2 )1هو :محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي ،أبو عبد الله ،عالم بالأدب واللغة ،من أهل أصبهان .كان إسكافًا -يُقال لل َخ َّراز أو الصانع -ثم خطي ًبا بالر ّي .توفي سنة420 :هـ .انظر :الوافي بالوفيات (،)271 /3 والأعلام للزركلي (.)228-227 /6 )2درة التنزيل (.)906 -905 /1 154
-12قال تعالى :ﭽﭿﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﭼ (القصص). وقال :ﭽﯙﯚﯛﯜﯝﯞﭼ (الفرقان). قال ابن القيم « :rوكان َرفْع السلام ُمتعينًا؛ لأنه حكاية ما قد وقع ،ونَ ْصب السلام في آية الفرقان ُمتعي ًنا؛ لأنه تعليم وإرشاد لما هو الأكمل والأولى للمؤمن أن َي ْع َت ِم َده إذا خاطبه الجاهل»(.)1 -13قال تعالى :ﭽﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭿﭼ (سبأ). وقال :ﭽﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷﭼ (يونس). قال ابن القيم « :rهل يظهر فرق بين قوله تعالى في سورة يونس :ﭽﯚﯛ ﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (يونس ،)٣١:وبين قوله في سورة سبأ :ﭽﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭼ (سبأ)24:؟ قيل :هذا من أدق هذه المواضع وأغمضها وألطفها فَ ْر ًقاَ ،فتَ َدبَّر السياق تجده نَ ِقي ًضا لما وقع ،فإن الآيات التي في يونس ِسي َقت َم َساق الاحتجاج عليهم بما أقروا به ولم يمكنهم إنكاره ،من كون الرب تعالى هو رازقهم ومالك أسماعهم وأبصارهم و ُم َدبِّر أمورهم وغيرها ،و ُمْ ِرج الحي من الميت والميت من الحي ،فلما كانوا ُم ِق ِّرين بهذا كلهَ ،ح ُسن الاحتجاج به عليهم ،أن فاعل هذا هو الله الذي لا إله غيره، )1بدائع الفوائد (.)160 /2 155
فكيف يعبدون معه غيره ويجعلون له شركاء لا يملكون شيئًا من هذا ولا يستطيعون ِف ْعل شيء منه؟! ولهذا قال بعد أن َذ َكر ذلك من شأنه تعالى :ﭽﯱ ﯲﭼ؛ أي :لا بُد أنهم يُ ِق ُّرون بذلك ولا يجحدونه ،فلا بُد أن يكون المذكور مما يُ ِق ُّرون به ،وال ُم َخا َطبون ال ُم ْح َتج عليهم بهذه الآية إنما كانوا ُم ِق ِّرين بنزول الرزق إبلايلهحم،سو،لومليَم ِيصلكعونلوماه ُمم ِقإ ِّرليىنهوذال،افعأُافلمريدنتبنلزفوظل يشاهدونها من قِبَل هذه السماء التي حتى تنتهي الرزق من سماء إلى سماء السماء هنا ،فإنه لا يمكنهم إنكار مجيء الرزق منها ،لا سيما والرزق هاهنا إن كان هو المطر فمجيئه من السماء التي هي السحاب ،فإنه ي ُ َس َّم سماء؛ ِل ُعلُ ِّوه ،وقد أخبر سبحانه أنه ب َ َسط السحاب في السماء بقوله :ﭽﮱﯓﯔﯕﯖﯗ ﯘ ﯙﯚﯛ ﯜﭼ (الروم ،)48 :والسحاب إنما هو مبسوط في جهة العلو لا في نفس الفلك ،وهذا معلوم بالحس فلا يُلتفت إلى غيره. فلما انتظم هذا ب ِذ ْكر الاحتجاج عليهم ،لم يصلح فيه إلا إفراد السماء؛ لأنهم لا يُ ِق ُّرون بما ينزل من فوق ذلك من الأرزاق العظيمة للقلوب والأرواح ،ولا بد من الوحي الذي به الحياة الحقيقية الأبدية ،وهو أولى باسم الرزق من المطر الذي به الحياة الفانية ال ُمنْ َق ِضية ،فما ينزل من فوق ذلك من الوحي والرحمة والألطاف والموارد الربانية وال َّت َ ُّنلات الإلهية وما به قِ َوام العالَم ال ُعلوي وال ُّس ْفلي من أعظم أنواع الرزق ،ولكن القوم لم يكونوا ُمقرين به ،ف ُخو ِطبوا بما هو أقرب الأشياء إليهم بحيث لا يمكنهم إنكاره. ِذكر إقرارهم بما ينزل من السموات؛ْ الآية التي في سورة سبأ ،فلم ينتظم بها ولهذا أَوأَممرا عنهم أنهم ال ُمجيبون ال ُم ِق ُّرون ،فقال: رسوله بأن يتولى الجواب فيها ،ولم يذكر ﭽﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭼ ،ولم َي ُقل :ﭽفسيقولون اللهﭼ ،فأمر 156
تعالى نبيه gأن ُييب بأن ذلك هو الله وحده الذي ينزل رزقه على اختلاف أنواعه ومنافعه من السموات السبع .وأما الأرض فلم يَ ْد ُع السياق إلى جمعها في واحدة من الاثنين؛ إذ يُقر به كل أحد مؤمن وكافر و َبر وفاجر»(.)1 - 14قال تعالى :ﭽﮡﮢﮣﮤﮥ ﮦﮧﭼ (الواقعة). وقوله سبحانه :ﭽﯝﯞﯟﯠﯣﭼ (الواقعة). قال ابن هبيرة « :rتأملت دخول اللام وخروجها ،فرأيت المعنى :أن اللام تقع للاستقبال؛ تقول :ل َأ ْ ِض َب َّنك؛ أي :فيما َب ْعد لا في الحال .والمعنى :ﭽﮗﮘ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﭼ (الواقعة)؛ أي :في ُم ْس َت ْقبَل الزمان إذا تم فاستحصد ،وذلك أشد العذاب؛ لأنها حالة انتهاء تعب الزارع واجتماع ال َّديْن عليه؛ لرجاء القضاء بعد الحصاد ،مع فراغ البيوت من الأقوات. وأما في الماء ،فقال :ﭽﯝﯞﯟﯠﭼ (الواقعة)70 :؛ أي :الآن؛ لأنا لو أَ َّخرنا ذلك ،لشرب العطشان وادخر الإنسان»(.)2 -15قال تعالى :ﭽﮯﮰﮱﯓ ﯔﯕﯖﯗﭼ (المجادلة)، وقال :ﭽﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯦﯧﯨ ﯩ ﯪﯫﯬﭼ (المجادلة). قال الإسكافي « :rللسائل أن يسأل عن خاتمتي الآيتين ،وهما :ﭽﯕﯖﭼ وﭽﯪﯫﭼ وعما أوجب اختصاص كل واحدة منهما بما ُذ ِكر فيها؟ )1السابق (.)118-117 /1 )2ذيل طبقات الحنابلة (.)151-150/2 157
يُبين أي: ﮬﮭﭼ؛ ﭽﮪﮫ ُ في قال لَ َّما يُقال: أن والجواب الأولى: لكم ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ،و َذ َكر الحدود التي َح َّدها ِل ِعبَا ِده ،ثُم َس َّم َمن لم يُؤ ِمن كاف ًرا باسمه وتَ َو َّع َده بالعذاب ال ُمو ِجع ال ُمبَالغ فيه ،وهو ما ُي ّوف الله تعالى به عباده ،نعوذ بالله منه. وأما قوله :ﭽ ﯪﯫﭼ فلأن قبله :ﭽﯘﯙ ﯚﯛﯜﯝﭼ؛ َف ُض ِّمن معنى الفعلين الشرط والجزاء ،فجعل ال َكبْت جزاء َمن آثر ِح ْز ًبا غير ِح ْزب الله ورسوله ،و َح ًّدا غير َح ّدهما ،وال َكبْت :الإذلال ،وقيل :ال َغلْ ُب وال َق ْهر وال َّت ْخ ِييب؛ وكل ذلك ُمتَ َقا ِرب»(.)1 -16قال تعالى :ﭽﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ (الذاريات) ،وفي سورة المعارج :ﭽﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﭼ (المعارج). قال الغرناطي « :rي ُسأل عن وجه زيادة الصفة في سورة المعارج من قوله: ﭽﮗﭼ وسقوط ذلك في الذاريات؟ وهل كان ُي َنا ِسب عكس الوارد؟ والجواب ،والله أعلم :أن آية المعارج قد َت َق َّدمها ُم َّت ِص ًل بها قوله تعالى :ﭽﮊ ﮋﮌﭼ (المعارج) ،وال ُمراد بالصلاة هنا :المكتوبة ،وأي ًضا ُي ْق َرن بها في آي الكتاب الزكاة المفروضة ،وبها فَ َّس ال ُمف ِّسون الحق المعلوم في آية المعارج. قال الزمخشري :لأنها ُم َق َّدرة معلومة. ُ فلما غيرها، ووجو ًبا ونِ َصابًا قلت :وليس في المال حق ُم َق َّدر معلوم وق ًتا أ ِريد ُ ُيْ ِرز أتبع المقصود»(.)2 بوصف الزكاة هنا بالحق )1درة التنزيل (.)1258-1257/1 )2ملاك التأويل (.)450/2 158
-17قال تعالى :ﭽﭑﭒﭓ ﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭡﭼ (المعارج). وقال تعالى :ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭼ (الرحمن). وقال تعالى :ﭽﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ (الشعراء). وقال تعالى :ﭽﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌﭼ (المزمل). قال ابن القيم َ « :rمجيء ال َم ْ ِشق وال َم ْغ ِرب في القرآن تارة مجموعين ،وتارة ُم َثنَّيين ،وتارة ُم ْف َردين؛ لاختصاص كل محل بما يقتضيه من ذلك؛ فالأول كقوله: ﭽﭑﭒﭓ ﭔﭕﭼ (المعارج ،)40 :والثاني كقوله :ﭽﭑﭒﭓﭔ ﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭼ(الرحمن) ،والثالث كقوله :ﭽﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈ ﮉﮊﮋﮌ ﭼ (المزمل). َف َتأَ ُّم ُل هذه الحكمة البالغة في َت َغايُر هذه المواضع في الإفراد والجمع والتثنية بحسب َم َوا ِّدهاُ ،ي ْط ِلعك على عظمة القرآن الكريم وجلالته ،وأنه تنزيل من حكيم حميد. فحيث ُ ِج َعت ،كان ال ُمراد بها َم َشا ِرق الشمس و َم َغا ِربها في أيام السنة؛ وهي ُمتعددة. وال َم ْغ ِرب. ال َم ْ ِشق أُ ُف َق ال ُمراد كان ُ وحيث أفردت أَ َم ْو ْ ِج ِشهاَقوا ُرصتعفاودعههاا،وف ُههبوذاط َهما ْ ِوش َمق ْغ ِر ُبصي ُعهومِدا،ها،فإنوهيان تَشبأتمدنهئ وحيث ثُنّيا كان ال ُمراد صاعدة حتى تنتهي إلى غاية فصلا الخريف والشتاء .فجعل َم ْ ِشق ُصعودها ب ُجملته َم ْ ِشقًا واح ًدا ،و َم ْ ِشق 159
ُهبوطها ب ُجملته َم ْ ِش ًقا واح ًدا ،و ُيقابِلها َم ْغ ِرباها؛ فهذا وجه اختلاف هذه في الإفراد والتثنية والجمع. وأما وجه اختصاص كل موضع بما وقع فيه ،فلم أَ َر أح ًدا تعرض له ولا فتح بابه ،وهو بحمد الله َب ِّي من ال ِّس َياق ،فتأمل ُو ُروده ُم َث ًّن في سورة الرحمن؛ لما كان الخلق وهما الإيجاد: نوعي ً َف َذ َكر ال ُم ْز َد َو َجات، المثاني َم َساق السورة َم َساق أول والتعليم ،ثم َذ َكر ِ َسا َج العالم و َم ْظ َهري نوره :وهما الشمس والقمر ،ثم َذ َكر نَ ْو َع النبات ،ما قام منه على ساق وما انبسط منه على وجه الأرض :وهما النجم والشجر ،ثم َذ َكر نَو َع السماء المرفوعة والأرض الموضوعة ،وأخبر أنه رفع هذه فأمر الميزان، في والظلم العدل َذ َكر ثم الميزان، ْ بينهما وو َّس َط هذه ووضع ِذكر بالعدل ونهى عن الظلم ،ثم َذ َكر نَو َع الخارج من الأرض :وهما الحبوب والثمار، ثم ذكر َخلْق نوعي المكلفين :وهما نوع الإنسان ونوع الجان ،ثم َذ َكر نوعي ال َمش ِر َقين ونَو َع ال َم ْغ ِربين ،ثم ذكر بعد ذلك البحرين :الملح والعذب. فتأمل ُح ْسن تثنية ال َم ْ ِشق وال َم ْغ ِرب في هذه السورة وجلالة و ُرودهما لذلك ،وق ِّدر موضعهما اللفظ ُم ْف َر ًدا ومجمو ًع ،تجد السمع يَنْ ُبو عنه ،ويشهد العقل ب ُمنَافَ َرته لل َّن ْظم. والنهار، الليل ْ تقدمهما ل َّما ال ُم َّز ِّمل؛ سورة في ُم ْف َردين و ُرودهما تأمل ثم فأَ َمر ِذكر َ ْ تقدم فلما طوي ًل، َسبْ ًحا النهار في له أن أخبره ثم الليل، بقيام g رسول ِذكر ُ أ ِمر ال َم ْ ِشق ْ ذلك َع َّقب فيه، منه يكون وما النهار ْ فيه، به وما الليل ب ِذكر و ِذكر وال َم ْغ ِرب اللذين هما َم ْظ َهر الليل والنهار ،فكان و ُرو ُدهما ُم َفردين في هذا السياق أحسن من التثنية والجمع؛ لأن ظهور الليل والنهار هما واحد ،فالنهار أب ًدا يظهر 160
من ال َم ْ ِشق ،والليل أب ًدا يظهر من ال َم ْغ ِرب(.)1 ثم تأمل مجيئهما مجموعين في سورة المعارج في قوله :ﭽﭑﭒﭓ ﭔﭕ ﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭼ (المعارج) ،لما كان هذا ال َق َسم في سياق َس َعة ربوبيته وإحاطة قُدرته ،وال ُمق َسم عليه أرباب هؤلاء ،والإتيان بخير منهم؛ َذ َكر ال َم َشا ِرق وال َم َغا ِرب؛ ل َت َض ُّم ِنهما انتقال الشمس التي هي أحد آياته العظيمة الكبيرة و َن ْقله سبحانه لها وتصريفها كل يوم في َم ْ ِشق و َم ْغ ِرب ،ف َمن فعل هذا كيف يُع ِجزه أن يُب ِّدل هؤلاء وينقل إلى أمكنتهم خ ًيا منهم ،وأي ًضا فإن تأثير َم َشا ِرق الشمس و َم َغا ِربها في اختلاف أحوال النبات والحيوان أمر مشهور، وقد جعل الله تعالى ذلك بحكمته سببًا ِ َل َب ُّدل أجسام النبات وأحوال الحيوانات وانتقالها من حال إلى غيره ،ويبدل الحر بالبرد والبرد بالحر ،والصيف بالشتاء والشتاء بالصيف ،إلى سائر َت َب ُّدل أحوال الحيوان والنبات والرياح والأمطار والثلوج وغير ذلك من ال َّت َب ُّدلات وال َّتغيرات الواقعة في العالم بسبب اختلاف َم َشا ِرق الشمس و َم َغا ِربها ،كان ذلك تقدير العزيز العليم ،فكيف لا َي ْق ِدر مع ما ي َ ْش َه ُدونه من ذلك على أن يُب ِّدل خي ًرا منهم ،وأكد هذا المعنى بقوله :ﭽﭞﭟﭠﭼ ،فلا يليق بهذا الموضع سوى لفظة الجمع. 1رواب)لوتبوويقكتالهلوعأيولي ًحضهاد:اون«يحتودأهه،م،اوففلكييما أسسنولهرلةَتَم َفا ْلَّر ُمِدش َّزبقِّمربولاولب َفَمي َْغذة ِرَكالر َبما ْلر َمِشبْق ِشسواوقلاهَم،و ْغالفِر َمكْغب ِذرلوبحكبديلهن،بفغفظيكأاذلللاإف ُيكرَّتا ُدَخِ؛يذلمبإالأهكانوليناتافلومركقدي بلصالودرسبواِوذهبْ.كيرة وكذلك قال موسى لفرعون حين سأله :ﭽﭯﭰﭱﭲﭼ (الشعراء) ،فقال :ﭽﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﭼ (الشعراء) ،وفي ربوبيته سبحانه للمشارق وال َم َغا ِرب تنبيه على ربوبيته السموات وما حوته من الشمس والقمر والنجوم ،وربوبيته ما بين الجهتين ،وربوبيته الليل والنهار وما تضمناه »...اهـ .التبيان في أقسام القرآن (ص .)196 -195 161
ثم تأمل كيف جاءت أي ًضا في سورة الصافات مجموعة في قوله :ﭽﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭼ (الصافات) ،لَ َّما جاءت مع جملة المربوبات ال ُمتعددة وهي السموات والأرض وما بينهما ،كان الأحسن مجيئها مجموعة؛ لينتظم مع ما تقدم من الجمع وال َّت َع ُّدد. ثم تأمل كيف اقتصر على ال َم َشارِق دون ال َم َغا ِرب؛ لاقتضاء الحال لذلك، فوإاننب الساَمطَشهاِ ،رفقهوَم ْإظن َهشرا اءلأَمن ْوشا ُهرودوأ،سَفب َقا َّدبم اهنتبيشناري ادلحييواالرندوعحليىات ُمهنْوِكتَر َيُّصفالهبعو َم َثع،ا ِثشهم َذ َكر تَع ُّجب نَ ِب ّيه من تكذيبهم واستبعادهم البعث بعد الموت ،ثم قرر البعث وحالهم فيه ،وكان الاقتصار على ذكر المشارق هاهنا في غاية ال ُمنا َسبة للغرض المطلوب والله أعلم»(.)1 -18قال شيخ الإسلام « :rال َّش لم يُضف إلى الله في الكتاب وال ُّس َّنة إلا على أحد وجوه ثلاثة :إ َّما بطريق العموم؛ كقوله :ﭽﮏﮐﮑﮒﭼ (الزمر،)62: وإ َّما بطريقة إضافته إلى ال َّسبب؛ كقوله :ﭽﭩﭪﭫﭬﭭﭼ (الفلق ،)2:وإ َّما أن ُيذف فاعله؛ كقول الجن :ﭽﯖﯗﯘﯙ ﯚﯛ ﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢ ﯣﭼ (الجن) ،وقد جمع في الفاتحة (الأصناف الثلاثة) فقال :ﭽﭖﭗﭘ ﭙﭚﭼ وهذا عام ،وقَال :ﭽﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭴﭼ فح َذف فاعل الغضب .وقال :ﭽﭲﭳﭼ فأضاف الضلال إلى المخلوق. ومن هذا قول الخليل :ﭽﯰﯱﯲﯳﭼ (الشعراء ،)80:وقول الخضر: ﭽﮚﮛﮜﭼ (الكهف ،)79:ﭽﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﭼ (الكهف ،)81:ﭽﯩﯪﯫﯬﯭﭼ (الكهف.)2(»)82: )1بدائع الفوائد ( .)123-121 /1وانظر :التبيان في أقسام القرآن (ص .)196 -194 )2مجموع الفتاوى ( .)512-511/8وانظر :منهاج السنة (.)410/5( ،)143/3 162
-7دلالات الجملة (الاسمية والفعلية): التطبيق: -1قال تعالى :ﭽﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﭼ (البقرة). قال الأصفهاني « :)1(rإن قيل :لم ذكر ﭽﭿﭼ بلفظ المستقبل، وﭽﭺﭼ بلفظ الماضي؟ قيل :تنبي ًها على ما قال النبي « :gمن س ّن ُس ّنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها ،و َمن س ّن ُسنة سيئة ،فعليه وِ ْز ُرها و ِو ْز ُر من عمل بها إلى يوم القيامة»(َ ،)2ف َن َّبه بالآية أن ما أضلّوه وأثبتوه من التأويلات الفاسدة ً ً فحال»(.)3 حال يكتسبونه ِو ْزر اكتساب هو الجهلة يعتمدها التي -2قال تعالى :ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮬﮭﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡﯢ ﯣﯤﯥﭼ (البقرة). قال ابن كثير « :rقال الزمخشري في قوله :ﭽﯡﯢﯣﯤﭼ: إنما لم يقل( :وفري ًقا قتلتم)؛ لأنه أراد بذلك َو ْص َفهم في المستقبل أي ًضا؛ لأنهم )1هو :الحسين بن محمد بن ال ُم َف َّضل ،أبو القاسم الأصفهاني (أو الأصبهاني) المعروف بالراغب ،أديب، من الحكماء العلماء .من أهل (أصبهان) سكن بغداد ،واشتهر ،حتى كان ُي ْق َرن بالغزالي ،توفي سنة: 502هـ .انظر :سير أعلام النبلاء ( ،)120 /18الأعلام للزركلي (.)255 /2 )2رواه مسلم ( .)1017مع اختلاف يسير في اللفظ. )3تفسير الراغب (.)241/1 163
ََْ زالت «ما موته: مرض في n قال وقد والسحر، بالسم g النبي قتل حاولوا أكلة خيبر ُت َعاوِ ُدني؛ فهذا أوان انقطاع َأ ْب َه ِري»(.)2(»)1 قال ابن القيم « :rفلما أراد الله إكرامه بالشهادة ،ظهر تأثير ذلك الأثر الكامن من ال ُّسم؛ ليقضي الله أم ًرا كان مفعو ًل ،وظهر ِ ّس قوله تعالى لأعدائه من اليهود :ﭽﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤﭼ ،فجاء بلفظ ﭽﯢﭼ بالماضي الذي قد وقع منه وتحقق ،وجاء بلفظ ﭽﯤﭼ بالمستقبل الذي يتوقعونه ،وينتظرونه ،والله أعلم»(.)3 -3قال تعالى :ﭽﯫﯬﯭﯮ ﯯﯰﯱﯲﯳ ﯴﯵ ﯶﯷﯸﭼ (الأنفال). «فقد جاء في صدر الآية بالفعل :ﭽﯮ ﭼ ،وجاء بعده بالاسم: ﭽﯵﭼ؛ وذلك أنه جعل الاستغفار مان ًعا ثابتًا من العذاب ،بخلاف بقاء الرسول بينهم فإنه -أي العذابَ -م ْو ُقوت ببقائه بينهم؛ فذكر الحالة الثابتة بالصيغة اا1لل) ََأأ ْبأْك َهخَرحرَ ِعلج ْرهن اقاللبلَمذنْاخاَشنر ُؤهفييمبانلنذاحرلاورهأعفييسن.وويصقميحتيلد:حإلههىو(الِ8عقْ2رد4قمُ)،4م.و ْلسوهتاَبْل َأشِطْبرٌَهانيرا:يلنق ِعلت ْتربقص ،فلفإيبذأاالكاثنظرقه ارط،لأعولطهمرامتابفأَقْبوَهام َلرعابهدن.نح،وياقفةيا.للذ:وقييهفملي:ا الرأس منه ي ُ َس َّم ال َّنأ َمة ،ومنه قولهم :أسك َت الله نَأ َمته؛ أي :أماته ،ويمتد إلى الحَلْق فيسمى فيه الوريد، ويمتد إلى الصدر فيسمى ال َأبْهر ،ويمتد إلى الظهر فيسمى ال َو ِتين ،والفؤاد ُم َع َّلق به ،ويمتد إلى ال َف ِخذ فيسمى النَّ َسا ،ويمتد إلى الساق فيسمى ال َّصافِن .النهاية لابن الأثير ( ،)18/1م( :أبهر). )2تفسير ابن كثير ( ،)323/1مع ُم َغايَرة في عبارة الزمخشري في الكشاف (.)163 /1 )3زاد المعاد (.)113/4 164
الاسمية ،والحالة ال َم ْوقُوتة بالصيغة الفعلية ،وهو نظير قوله تعالى :ﭽﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﭼ (القصص)؛ فالظلم من الأسباب الثابتة في إهلاك الأمم ،فجاء بالصيغة الاسمية للدلالة على الثبات ،ثم انظر كيف جاءنا بالظلم بالصيغة الاسمية أي ًضا دون الفعلية ،فقال :ﭽﰁﰂﭼ، ولم يقل( :يظلمون)؛ وذلك معناه :أن الظلم كان وص ًفا ثابتًا لهمُ ،م ْس َتق ًّرا فيهم ،غير طارئ عليهم ،فاستحقوا الهلاك بهذا الوصف ال َّسيِّئ. فانظر كيف ذكر أنه يرفع العذاب عنهم باستغفارهم ،ولو لم يكن وص ًفا ثابتًا فيهم ،وأنه لا يهلكهم إلا إذا كان الظلم وص ًفا ثاب ًتا فيهم ،فإنه جاء بالاستغفار بالصيغة الفعلية :ﭽﯷﭼ ،وجاء بالظلم بالصيغة الاسمية :ﭽﰂﭼ، فانظر إلى رحمة الله cبخلقه»(.)1 -4قال تعالى :ﭽﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯡﯢﯣﯤ ﯥﯦﭼ (هود). قال ابن القيم « :rأما السؤال العاشر -وهو ال ِّس في نَ ْصب َسلا ِم َضي ِف إبراهيم الملائكة ،و َرفْ ِع َسلا ِمه :-فالجواب :أنك قد َعرف َت قول ال ُّن َحاة فيه ،أن َس َلم الملائكة تَ َض َّمن ُجلة فعلية؛ لأن نَ ْصب ال َّس َلم يدل علىَ ( :س َّل ْمنا عليك سلا ًما)، وسلام إبراهيم تَ َض َّمن ُجلة اسمية؛ لأن َر ْف َعه يدل على أن المعنىَ ( :سلا ٌم عليكم). والجملة الاسمية تدل على الثبوت وال َّت َق ُّرر ،والفعلية تدل على الحُ ُدوث وال ُّت َج ُّدد ،فكان َسلامه عليهم أكمل من سلامهم عليه ،وكان له من مقامات الرد ما يليق بمنصبه ،gوهو مقام الفضل؛ إذ َح َّياهم بأحسن من تحيتهم .هذا تقرير ما قالوه.»... )1التعبير القرآني (ص.)26 165
إلى أن قال « :rفحصل من الفرق بين الكلامين في حكاية َس َلم إبراهيم و َرفْ ِعه ونَ ْصب ذلك إشارة إلى معنى لطيف ج ًّدا ،وهو أن قولهَ ( :سلا ٌم عليكم) من دين الإسلام ،ال ُمتَلَ َّق عن إمام الحنفاء وأبي الأنبياء ،وأنه من ِم ّلَة إبراهيم التي أمر الله بها وباتِّبا ِعها ،فحكى لنا قوله؛ ليحصل الاقتداء به والاتباع له ،ولم َيْ ِك قول أضيافه ،وإنما أخبر به على الجملة دون التفصيل ،والله أعلم»(.)1 -8ما يرجع إلى تصريف اللفظ: التطبيق: قال تعالى :ﭽﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱﯓ ﯔﭼ (البقرة). قال ابن عاشور « :rمن لطائف اللغة العربية :أن مادة الاتصاف بال ِك ْب لم تجئ منها إلا بصيغة (الاستفعال) أو (ال َّت َف ُّعل)؛ إشارة إلى أن صاحب صفة ال ِك ْب لا يكون إلا ُمتَ َطلِّ ًبا ال ِك ْب ،أو ُمتَ َكِّ ًفا له ،وما هو بكبير ح ًّقا»(.)2 )1بدائع الفوائد (.)158-157/2 )2التحرير والتنوير (.)425/1 وهذا إنما يَ ْص ُدق في حق المخلوق .لكن ي ُ ْش ِك عليه ما يُ َضاف إلى الله تعالى ،فمن أسمائه (ال ُمتَ َك ِّب)، وهو ُمتَ َض ِّمن لصفة ال َّت َك ُّب .وليس ذلك مما له اتصال بال َّت َكُّف. مع أن ابن عاشور نفسه قال في هذا الموضع من كتابه« :الاستكبار :يعني التزايد في ال ِك ْب؛ لأن السين والتاء في قوله( :استكبر) للمبالغة لا للطلب» اهـ. 166
-9ما يرجع إلى معاني الحروف ،ودلالاتها ،والتضمين(( )1تضمين الحرف معنى الحرف ،وتضمين الفعل -أو ما في معناه -معنى فعل آخر أو ما في معناه): التطبيق: -1قال تعالى :ﭽﭧ ﭨﭩﭪﭼ (الفاتحة). قال ابن القيم « :rفِ ْعل الهداية متى ُع ِّدي بـ(إلى) ،تَ َض َّمن الإيصال إلى الغاية المطلوبة؛ فأتى بحرف الغاية ،ومتى ُع ِّدي بـ(اللام) ،تَ َض َّمن التخصيص بالشيء المطلوب ،فأتى بـ(اللام) الدالة على الاختصاص والتعيين ،فإذا قلتَ :هدي ُته لكذا، فُ ِه َم معنى :ذكرته له ،وجعلته له ،وهيأته ،ونحو هذا ،وإذا تعدى بنفسه ،تَ َض َّمن المعنى الجامع لذلك كله ،وهو ال َّت َع ُّرف والبيان والإلهام؛ فالقائل إذا قال :ﭽﭧ ﭨ ﭩﭪﭼ ،هو طالب من الله أن ُي َع ِّرفَ ُه إياه ،و ُيبينه له ،و ُيلهمه إياه ،و ُيقدره عليه ،فيجعل في قلبه ِعلْمه وإرادته والقدرة عليهَ ،فجرد الفعل من الحرف ،وأتى به ُمر ًدا ُمعدى بنفسه؛ ليَ َت َض َّمن هذه المراتب كلها ،ولو ُع ِّدي بحرفَ ،ت َع َّي معناه و َ َت َّصص بحسب معنى الحرف ،فتأمله؛ فإنه من دقائق اللغة وأسرارها»(.)2 )1هو :إشراب اللفظ معنى لفظ آخر وإعطاؤه حكمه؛ لتصير الكلمة تُ َؤ ِّدي ُم َؤ َّدى كلمتين .انظر :شرح الأشموني لألفية ابن مالك ( .)446 /1أو أن يُ َؤ ِّدي فعل -أو ما في معناهُ -م َؤ َّدى فعل آخر -أو ما في معناهَ -فيُ ْعطى حكمه في التعدية واللزوم .انظر النحو الوافي ( .)170-169 /2وهذا التعريف هو الذي ارتضاه المجمع اللغوي في القاهرة .وللتوسع :ينظر :النحو الوافي (.)564/2 )2بدائع الفوائد (.)21-20/2 167
-2قال تعالى :ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑ ﭼ (المائدة). فقوله تعالى :ﭽﭝﭞﭟﭼ ،نَظي ُر قوله :ﭽﯭ ﯮ ﯯﮀﭼ. قال ابن تيمية « :rفإذا قيل :فامسحوا برؤوسكم وبوجوهكمُ ،ض ِّم َن المسح معنى الإلصاق ،فأفاد أنَّكم تُل ِص ُقون برؤوسكم وبوجوهكم شيئًا بهذا المسح. وهذا يُفيد في آية التيمم :أنَّه لا بد أن يَلتص َق ال َّصعيد بالوجه واليد؛ ولهذا قال :ﭽﯭﯮﯯﮀﭼ»(.)1 -3قال تعالى :ﭽﯦﯧﯨﯩﯪﯲﭼ (الأنبياء). «لم َي ُقل :ي ُسا ِر ُعون إلى الخيرات؛ لأن عملهم الآن خير ،وهم َسيُ َسا ِرعون فيه؛ إألييه،:سويلزيدكوننه َ؛ساإ َرذ ْعنَ :إت ْفني اسالخريعرَ ،تفإلكأىنشكيفءي اكلأنخيهرل أموي ًل ثكمنتفزييبدالفيك،فعوللكانلخيكر َ»س(تِ ْ.)ُ2سع )1مجموع الفتاوى (.)124 /21( ،)277 /1 )2تفسير الشعراوي (.)5163/9 168
-4قوله تعالى :ﭽﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳﭴﭵ ﭼ (الحج). قال ابن القيم « :rفتأمل كيف َع َّدى فِ ْعل الإرادة هاهنا بالباء ،ولا يُقال: أردت بكذا إلا لما ُض ِّمن معنى ِف ْعل « َه َّم» فإنه ُي َقالَ :هممت بكذا ،فتوعد َمن َه َّم بأن يظلم فيه بأن يُ ِذيقه العذاب الأليم»(.)1 -4قال تعالى :ﭽﭶ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﭼ (سبأ). قال الزركشي « :rفاس ُتع ِملَت ﭽﭹﭼ في جانب الح ِّق ،وﭽﭼﭼ في جانب الباطل؛ لأ َّن صاح َب الح ِّق كأنَّه ُمستَ ْع ٍل يَر ُق ُب َن َظ ُره كيف شاء ،ظاه َر ٌة له الأشياء، وصاح ُب الباط ِل كأنَّه ُمنغ ِم ٌس في ظلا ٍم ولا يَدري أين تَو َّجه!»(.)2 -5قال تعالى :ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭘﭼ (الإنسان). قال ابن تيمية « :rفإنَّه لو قيل :ي َشرب منها لم تَدل على ال ِّري ،فَ ُض ِّم َن (يشرب) معنى (يَروى) ،فقيل :ﭽﭒ ﭓﭼ ،فأفاد ذلك أنَّه ُش ٌب َيص ُل مع ُه ال ِّر ُّي»(.)3 )1زاد المعاد (.)52 -51 /1 )2البرهان (.)175/4 )3مجموع الفتاوى (.)123 /21 169
-10التقدير والحذف والزيادة ،والتكرار ،والتقديم والتأخير ،والترتيب بين الأمور المذكورة في الآية: (التقدير والحذف والزيادة) (:)1 التطبيق: -1قال تعالى :ﭽﭰﭱﭲ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭻﭼﭼ (البقرة). قال الشنقيطي « :rالآية ونحوها من جميع آيات اتخاذهم ال ِع ْجل إل ًها فإن المفعول الثاني محذوف في جميعها ،وتقديره :اتخذتم ال ِع ْجل إل ًها ،ونكتة حذفه دائ ًما :التنبيه على أنه لاينبغي أن يُتلفظ بأن ِع ْج ًل ُم ْص َطن ًعا إله ،وقد أشار إلى هذا المفعول في طه بقوله :ﭽﰄﰅﰆﰇﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭗﭘﭙ ﭚﭛﭜﭝﭼ (طه)»(.)2 )1التقدير :ال ُمشار إليه في هذا المبحث :هو ما ينويه المتكلم من الألفاظ في كلامه مما لم يُ َ ِّصح به. والحذف :يطلق في اصطلاح العلوم العربية على إسقاط خاص ...والأنسب باصطلاح النحاة وأهل المعاني والبيان :أنه إسقاط حركة ،أو كلمة ،أو أكثر ،أو أقل ،وقد يَصير به الكلام المساوي ُمو َج ًزا. كشاف اصطلاحات الفنون (.)632 - 631 /1 وقد َع َّرفه بعضهم بقوله« :هو إسقاط ُج ْزء الكلام ،أو كله لدليل» .البرهان للزركشي (.)102/3 والزيادة :تطلق على الكلمة التي وجودها وعدمها لا يخل بالمعنى الأصلي ،وإن كان لها فائدة أخرى؛ومنه ما يسمى بـ(حروف الزيادة) .انظر :كشاف اصطلاحات الفنون (.)902 /1 )2انظر :العذب النمير ( ،)92 -91 /1وانظر أي ًضا.)167 -166 /4( : 170
-2قال تعالى :ﭽﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯽﯾﯿﰀ ﰁ ﰂﰃﰄﰅ ﰆﰇﰈﰉ ﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ ﰒﰓﭼ (النساء). قال ابن القيم « :rفتأمل كيف اقتضت إعادة هذا المعنى قَو َل تعالى :ﭽﰄ ﰅ ﰆﭼ ولم يقل( :وإلى الرسول)؟ فإن الرد إلى القرآن رد إلى الله والرسول ،فما َح َكم به الله تعالى هو بعينه ُح ْكم رسوله ،gوما يحكم به الرسول gهو بعينه ُح ْكم الله ،فإذا رددتم إلى الله ما تنازعتم فيه يعني كتابه فقد رددتموه إلى رسوله، وكذلك إذا رددتموه إلى رسوله ،فقد رددتموه إلى الله؛ وهذا من أسرار القرآن»(.)1 -3قال تعالى :ﭽﭑﭒﭓﭔﭕ ﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭼ (التوبة.)112: قال ابن القيم :rفي بيان َو ْجه َمجيء الواو بعد استيفاء الأوصاف السبعة المذكورة في الآية: «وأحسن ما ُي َقال فيها :إن الصفات إذا ُذ ِكرت في مقام التعداد ،فتارة ْ كل ِذكر ال ُمراد بأن وللإيذان نفسها، في ِ َل َغايُرها العطف؛ حرف بينها َي َتو َّسط صفة بِ ُم ْف َردها ،وتارة لا يتوسطها ال َعا ِطف؛ لاتحاد موصوفها وتَ َل ُزمها في نفسها، وللإيذان بأنها في تَلا ُز ِمها كالصفة الواحدة ،وتارة يتوسط العاطف بين بعضها و ُيذف مع بعض بحسب هذين المقامين ،فإذا كان المقام مقام تعداد الصفات من ُ بين الجمع أ ِريد وإن العطف، حرف إسقاط َح ُسن انفراد، أو جمع إلى نظر غير الصفات أوالتنبيه على َت َغايُرهاَ ،ح ُسن إدخال حرف العطف. )1الرسالة التبوكية (ص.)41 171
فمثال الأول :ﭽﭑﭒﭓﭼ (التوبة ،)112:وقوله: ﭽﮱﯓﯔﯕﭼ (التحريم.)5: ومثال الثاني :قوله تعالى :ﭽﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﯾ ﭼ (الحديد.)3: وتأمل كيف اجتمع النوعان في قوله تعالى :ﭽﭤﭥﭦﭧﭨ ﭩﭪﭫ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭼ (غافر) ،فأتى بالواو في الوصفين الأولين ،وحذفها في الوصفين الآخرين؛ لأن غفران الذنب وقبول التوب قد ُي َظن أنهما يجريان مجرى الوصف الواحد لتلازمهما ،فمن غفر الذنب قَ ِب َل التوب ،فكان في عطف أحدهما على الآخر ما يدل على أنهما صفتان وفعلان ُمتغايران ،ومفهومان مختلفان لكل منهما ُح ْك ُمه ،أحدهما :يتعلق بالإساءة والإعراض؛ وهو المغفرة ،والثاني :يتعلق بالإحسان والإقبال على الله تعالى والرجوع إليه ،وهو التوبة ،فتُقبل هذه الحسنة ،وتُغفر تلك السيئة ،و َح َّسن العطف ههنا هذا التغاير الظاهر. وكلما كان التغاير أبين كان العطف أحسن؛ ولهذا جاء العطف في قوله: ﭽﯴﯵﯶﯷﯸﭼ (الحديد ،)3 :وتُرك في قوله :ﭽﯕﯖ ﯗﯘﭼ (الحشر ،)23 :وقوله :ﭽﯥﯦﯧﭼ (الحشر.)24 : وأما :ﭽﭱﭲﭳﭴﭼ (غافرَ ،)3 :ف ُ ِتك العطف بينهما ِلُكتة بديعة :وهي الدلالة على اجتماع هذين الأمرين في ذاته سبحانه ،وأنه حال كونه شديد العقاب فهو ذو ال َّطول ،و َطو ُل لا ينافي شدة عقابه ،بل هما مجتمعان له، 172
بقوله: g النبي فَ َّسها ولهذا الآ ِخرية؛ ُ لا الأولية فإن والآ ِخر، الأول بخلاف تا ِمع «أنت الأول فليس قبلك شيء ،وأنت الآخر فليس بعدك شيء»( .)1فأَ َّوليته أزليته، وآخريته أبديته. فإن قلت :فما تصنع بقوله :ﭽﯷﯸﭼ فإن ُظهوره تعالى ثابت مع ُب ُطونه ،فيجتمع في حقه ال ُّظهور وال ُب ُطون ،والنبي gفَ َّس الظاهر :بأنه الذي ليس فوقه شيء ،والباطن :بأنه الذي ليس دونه شيء ،وهذا العلو والفوقية ُما ِمع لهذا القرب والدنو والإحاطة؟ قلت :هذا سؤال حسن ،والذي َح َّسن دخول الواو ههنا :أن هذه الصفات والصفتان ا ُملت ُأقاخبرلياة ُنمتكالضاُأدوةل،ييونق فدي ُعال ِطُمقافبلالةث،انونيِ مسنبهةاالعبلاىطالنأإوللى؛الللظماقهابرلةكانلتسبيةبيانلآه ِمخار، إلى الأول، ُ ُ الأخريين. الأوليين، بين َح ُسن بين العطف َح ُسن فكما فإذا ُع ِرف هذا فالآية التي نحن فيها يتضح بما ذكرناه معنى العطف وتركه فيها؛ لأن كل صفة لم تُعطف على ما قبلها فيها ،كان فيه تنبيه على أنها في اجتماعها كالوصف الواحد لموصوف واحد فلم يحتج إلى عطف ،فلما ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -وهما ُمتلا ِزمان ُم ْس َت َم َّدان من مادة واحدة َ -ح ُسن العطف؛ ليتبين أن كل وصف منهما قائم على ِح َدتِه ،مطلوب تعيينه ،لا يكتفي فيه بحصول الوصف الآخر ،بل لا بد أن يظهر أمره بالمعروف بصريحه ،ونهيه عن المنكر بصريحه. وأيضا فَ َح َّسن العطف ههنا ما تقدم من التضاد ،فلما كان الأمر بالمعروف والنهي )1أخرجه مسلم (.)2713 173
عن المنكر ضدين -أحدهما َطلَب الإيجاد ،والآخر َطلَب الإعدام -كانا كالنوعين ال ُمتغايرين ال ُمتضادين ،فَ َح ُسن لذلك العطف»(.)1 -4قال تعالى :ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮭﮮﮯﭼ (طه). قال ابن ُهبيرة « :rقرأ َ َ َّع قارئ :ﭽﮦﮧﮨﮩﮪﮯﭼ (طه)، ففكرت في معنى إسقاط (ها)( )2فنظرت فإذا َو ْضعها للتنبيه ،والله لا يجوز أن ُيا َطب بهذا ،ولم أر أح ًدا خاطب الله bبحرف التنبيه إلا الكفار ،كما قال :bﭽﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﭼ (النحل ،)٨٦:ﭽﭭ ﭮﭯﭼ (الأعراف ،)٣٨:وما رأيت أح ًدا من الأنبياء خاطب ربه بحرف التنبيه ،والله أعلم. فأما قوله :ﭽﯺﯻﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﭼ (الزخرف) ،فإنه قد تقدم الخطاب بقوله :ﭽﯻﭼ ،فبقيت (ها) للتمكين»(.)3 قال« :ولما خاطب الله bالمنافقين قال :ﭽﮁﮂﮃ ﮄﮅ ﮆﮇﭼ (النساء ،)109:وكرم المؤمنين بإسقاط (ها) ،فقال :ﭽﮠﮡ ﮢﭼ (آل عمران ،)119 :وكان التنبيه للمؤمنين أخف»(.)4 )1بدائع الفوائد (.)54-52/3 )2في الأصل« :فأفكرت في معنى اشتقاقها» ،والمثبت أعلاه من ترجمة ابن هبيرة في مقدمة الإفصاح .وهو أوضح في المعنى. )3ذيل طبقات الحنابلة (.)144/2 )4السابق. 174
(التكرار) (:)1 التطبيق: -1قال تعالى :ﭽﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﰈ ﰉﭼ (البقرة.)141 ،134 : قال السعدي َ « :rك َّر َرها -أي الآية-؛ ِل َق ْطع ال َّت َع ُلّق بالمخلوقين ،وأن ال ُمع َّول عليه ما اتصف به الإنسان ،لا عمل أسلافه وآبائه ،فالنفع الحقيقي بالأعمال ،لا بالانتساب ال ُم َج َّرد للرجال»(.)2 -2قال تعالى :ﭽﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﭼ (النحل). قال ابن القيم « :rفقد تَك َّرر هذا المعنى في هذه ال ُّسورة دون غيرها في َ الَّتي أربعة ال ِّنعم أصول فيها ُسبحانه الله ع َّدد ال ِنّعم ُسورة فإنَّها بديع؛ لِس ٍّر مواضع وفروعها ،ف َع َّرف ِعباده أ َّن لهم عنده في الآخرة من ال ِّنعم أضعاف هذه بما لا يُدرك تفاوته ،وأ َّن هذه م ْن بَعض نِع ِمه العاجلة عليهمَ ،وأنَّهم إ ْن أطاعوه زادهم إلى هذه ال ِنّعم نِع ًما أخرى ،ث َّم في الآخرة يُوفِّيهم أجور أعمالهم تمام ال َّتو ِف َية»(.)3 )1التكرار :إعادة اللفظ أو ُمرا ِدفه لتقرير معنى .البرهان للزركشي (.)10/3 وقيل :هو ِذ ْكر الشيء مرتين فصاع ًدا .انظر :الإكسير (ص.)245 وقيل :دلالة اللفظ على المعنى ُم َر َّد ًدا .انظر :التقرير في التكرير (ص.)4-3 )2تفسير السعدي (ص.)70 )3إعلام الموقعين (.)126/2 175
(التقديم والتأخير ،والترتيب) (:)1 التطبيق: -1قال تعالى :ﭽﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭨﭩﭼ (الفاتحة). قال ابن القيم « :rوتقديم «العبادة» على «الاستعانة» في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل؛ إذ «العبادة» غاية العباد التي ُخ ِل ُقوا لها ،و«الاستعانة» وسيلة إليها؛ ولأنﭽﭢﭣﭼُ ،متَ َعلِّق بألوهيته واسمه «الله» ،ﭽﭤﭥﭼ، ُم َت َعلِّق بربوبيَّته واسمه «الرب»َ ،ف َق َّدم ﭽﭢ ﭣﭼ ،على ﭽﭤ ﭥﭼ؛ كما قَدم اسم «الله» على «الرب» في أول السورة؛ ولأن ﭽﭢﭣﭼ ق ْس ُم «الرب»، فكان من ال َّش ْطر الأول ،الذي هو ثناء على الله تعالى؛ لكونه أولى به ،وﭽﭤ ﭥﭼ ق ْس ُم العبد ،فكان من ال َّش ْطر الذي له ،وهو ﭽﭧ ﭨﭩﭼ إلى آخر السورة»(.)2 -2قال تعالى :ﭽﭾ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮈﮉ ﭼ (البقرة). قال السعدي « :rلعل من فوائد تأخير ذلك القتيل عن ِذ ْكر الأمر بذبح البقرة في قصة موسى مع بني إسرائيل؛ لأن السياق سياق ذم لبني إسرائيل ،وتعداد )1التقديم والتأخير :هو جعل اللفظ في ُر ْتبَة قبل ُرتْبَ ِته الأصلية ،أو بعدها لعارض اختصاص ،أو أهمية ،أو ضرورة؛ وعكسه الترتيب .انظر :الإكسير (ص.)145 ونعني به هنا ما هو أوسع من ذلك ،فلا نقصره على ما قُ ِّدم أو أُ ِّخر عن ُرتْبَ ِته ،بل نذكر أي ًضا توجيه ما ُذ ِكر قبل غيره ،أو بعده ،وكذلك توجيه ترتيب المذكورات على وفق ما جاء في الآية. )2مدارج السالكين (.)97/1 176
ما جرى لهم مما ُي َق ِّرر ذلك ،فلو قدم ذكر القتيل على الأمر بذبح البقرة ،لصارت قصة واحدة»(.)1 - 3قال تعالى :ﭽﯝﯞﯟﯠﯡ ﯢﯣﯤﯥﯦ ﯧﯨ ﯩﯪﯫ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﯳﯴﭼ (البقرة). قال ابن القيم « :rفإنه ذكر أخص هذه الثلاثة وهو الطواف الذي لا ي ُشرع إلا بالبيت خاصة ،ثم انتقل منه إلى الاعتكاف وهو القيام المذكور في الحج( ،)2وهو أعم من الطواف؛ لأنه يكون في كل مسجد ويختص بالمساجد لا يتعداها ،ثم ذكر الصلاة التي تعم سائر بقاع الأرض سوى ما َمنَع منه مانع أو ا ْستُثْني شر ًع»(.)3 -4قال تعالى :ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﮗﮘﮙﮚ ﮛ ﮜﮝ ﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﭼ (البقرة). «قيل في سبب تقديم الغفور على الرحيم :أن المغفرة سلامة ،والرحمة غنيمة، والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة»(.)4 )1المواهب الربانية (ص .)21 )2يعني :قوله تعالى :ﭽﮀﮁﮂﮃﮄ ﮅﮆﭼ (الحج). )3بدائع الفوائد (.)81/1 )4التعبير القرآني (ص .)33 177
-5قال تعالى :ﭐﱫﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀقال الرﮁاغبﮂ« :إن قﮃﮄيل :كيﮅف َقﮆ َّدم هاهﮇنا ِذﮈْكرﱪال(اآلبخقرةرةو)أََّ .خره في قوله :ﱫﮌ ﮍ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﱪ (النساء)١٣٦ :؟ قيل :يجوز أن يكون ذاك مع الواو لا يقتضي الترتيب من أجل أن الكافر لا يعرف الآخرة ،ولا ُي ْع َن بها ،وهو( )1أبعد الأشياء عن الحقائق عنده؛ أَ َّخر ِذ ْكره في قوله :ﱫﮌﮍﱪ. ولما ذكر حال المؤمنين ،والمؤمن أقرب الأشياء إليه أمر الآخرة ،وكل ما يفعله ويتحراه َي ْق ِصد به وجه الله ثم أمر الآخرة؛ َق َّدم ِذ ْكرها؛ تنبي ًها أن ُمراعاة الله ،b و ُمراعاة الآخرة ،ثم ُمراعاة غيرهما. إن قيل :كيف اختير الترتيب المذكور في قوله :ﱫﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭪ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﱪ (البقرة)١٧٧ :؟ قيل :لما كان أولى من يتفقده الإنسان بمعروفه أقاربه ...كان تقديمها أولى، ثم أعقبه باليتامى ،فالناس في المكاسب ثلاثةُ :م ِعيل وغير َم ُعول ،و َم ُعول ُم ِعيل، و َم ُعول غير ُم ِعيل ،واليتيم َم ُعول غير ُم ِعيل ،فمواساته بعد الأقارب أولى ،ثم َذ َكر المساكين؛ وهم الذين لا مال لهم حاض ًرا ولا غائبًا ،ثم ذكر ابن السبيل الذي قد )1أي :اليوم الآخر. 178
يكون له مال غائب ،ثم ذكر السائلين الذين منهم صادق وكاذب ،ثم ذكر الرقاب أُ ِّخر اهـ(.)1 عليه» قُ ِّدم ممن فق ًرا أقل ْ ممن واحد فكل يعولونهم، أرباب لهم الذين ِذكره -5قال تعالى :ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗﮘ ﮙ ﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕﭼ (النساء). قال السعدي « :rوقَ َّدم الوصية مع أنها ُم َؤ َّخرة عن ال َّديْن للاهتمام بشأنها؛ لكون إخراجها شا ًّقا على الورثة ،وإلا فالديون ُم َق َّدمة عليها ،وتكون من رأس المال»(.)2 -6قال تعالى :ﭽﮤﮥﮦ ﮧﮨﮩ ﮪﮫﮬﮭ ﮮ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﭼ (يونس). قال البيضاوي « :)3( rفي تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على أن الداعي ينبغي ً دعوته»(.)4 ل ُتجاب أول؛ يتوكل أن له )1تفسير الراغب (ص.)379 )2تفسير السعدي (ص .)66 )3هو :عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي ،أبو سعيد ،أو أبو الخير ،ناصر الدين البيضاوي ،قا ٍض، مفسر ،علامةُ ،و ِل في المدينة البيضاء (بفارس -قرب شيراز) وولي قضاء شيراز مدة ،ثم ُ ِصف عن القضاء، فرحل إلى تبريز فتوفي فيها سنة685 :هـ .انظر :طبقات الشافعية للسبكي ( ،)157 /8الأعلام للزركلي ()111 ،110 /4 )4تفسير البيضاوي (.)122/3 179
-7قوله تعالى :ﭽﭢﭣﭤ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭫﭬﭭ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﭵﭶﭷ ﭸﭹﭺﭼ (النحل). ْ َ لا إذ ْ على ال َأم َن «وقَ َّدم :r عاشور ابن قال الطمأنينة تصل الطمأنينة؛ بدونه ،كما أن الخوف ي ُس ّبب الان ِزعاج والقلق»(.)1 -8قال تعالى :ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭟﭼ (الكهف). قال ابن عاشور « :rتقديم المال على البنين في ال ِّذ ْكر؛ لأنه أسبق ُخ ُطو ًرا لأذهان الناس؛ لأنه ير َغب فيه الصغير والكبير ،والشاب والشيخ ،ومن له من الأولاد ما قد كفاه»(.)2 -9قال تعالى :ﭽﭾﭿ ﮀﮁ ﮂﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮕﮖﮗ ﮘ ﮙﮚﮛﭼ (الكهف). قال عون بن عبد الله :)3( rضج -والله -القوم من الصغار قبل الكبار(.)4 )1التحرير والتنوير (.)305/14 )2السابق (.)333/15 )3هو :عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي ،خطيب ،راوية ،ناسب ،شاعر ،كان من آدب أهل المدينة ،وسكن الكوفة فاشتهر فيها بالعبادة والقراءة .،وكان يقول بالإرجاء ،ثم رجع ،وخرج مع ابن الأشعث ثم هرب ،وصحب عمر بن عبد العزيز في خلافته ،توفي سنة115 :هـ .انظر :سير أعلام النبلاء ( ،)105-103 /5الأعلام للزركلي ()98 /5 )4التمهيد (.)84/2 180
-10قال تعالى :ﭽﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮃﮄﮅﮆ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮎﮏﮐﮑ ﮒﮓﮔ ﮕﭼ (الكهف). قال ابن عثيمين « :rتأمل في حال المشرك بدأ بتعذيبه ثم َث َّن بتعذيب الله، ً مقصود لأن ظاهر؛ والفرق ثان ًيا، باليُ ْس بالمعاملة ثم أول الله بثواب بدأ والمؤمن المؤمن الوصول إلى الجنة ،والوصول إلى الجنة لا شك أنه أفضل وأحب إليه من أن يُقال له قول ي ُسر ،وأما الكافر فعذاب الدنيا سابق على عذاب الآخرة وأيسر منه ،فبدأ به، وأي ًضا فالكافر يخاف من عذاب الدنيا أكثر من عذاب الآخرة؛ لأنه لا يؤمن بالثاني»(.)1 -11قال تعالى :ﭽﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑﮒ ﮓﮔﮕﭼ (الحج). قال ابن القيم « :rأما تقديم الرجال( )2على ال ُّر ْكبَان ففيه فائدة جليلة :وهي أن الله تعالى شرط في الحج الاستطاعة ،ولا بد من السفر إليه لغالب الناس، فذكر نوعي الحجاج؛ لقطع تَ َو ّهم من يظن أنه لا يجب إلا على راكب ،و َق َّدم الرجال اهتما ًما بهذا المعنى وتأكي ًدا ،ومن الناس من يقول :قَ َّد َمهم َجب ًرا لهم؛ لأن نفوس ال ُّر ْكبَان تزدريهم»(.)3 -12قال تعالى :ﭽﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧﭼ (يس) .وفي الآية الأخرى :ﭽﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯼﯽﯾ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﭼ(القصص). )1تفسير سورة الكهف لابن عثيمين (ص .)129 )2والمقصود بـ(الرجال) :جمع َرا ِجل ،وهم ال ُم َشاة. )3بدائع الفوائد (.)69/1 181
قال ابن هبيرة « :rفرأي ُت الفائدة في تقديم ِذ ْكر الرجل وتأخيره :أن ِذ ْكر من تقديم ِذ ْك ِره على وصفه ،فإن ايلقأوولوصان :الفرقئبيل ِذس ْاكلر َأا َلجمول فصلوافن،أبفلنغظفري اتلمفإدذاح الناس الذي ِزيد في مدحه هو صاحب (ي ٓس) أمر بالمعروف ،وأعان الرسل ،وصبر على القتل ،والآخر إنما حذر موسى من القتل، فَ َس ِلم موسى بقبوله مشورته ،فالأول هو الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والثاني هو ناصح الآمر بالمعروف ،فاستحق الأول الزيادة. بالمعروف، الأمر في ُب ْعد من جاءا الرجلان فإذا المدينة أقصى ْ تأملت ثم ِذكر ولم يتقاعدا ل ُب ْعد الطريق»(.)1 -13قال تعالى :ﭽﯘ ﯙ ﯚ ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧﯨﯩﭼ (الشورى). من الجاهلية تُ َؤ ِّخره كانت ما َف َق َّدم الإناث، ْ «بدأ :r القيم ابن قال ب ِذكر أمر البنات؛ حتى كانوا يَ ِئ ُدو ُهن؛ أي :هذا النوع ال ُمؤ َّخر عندكمُ ،م َق َّدم عندي في ال ِّذكر ،وتأمل كيف نَ َّكر سبحانه الإناث ،و َع َّرف الذكور؛ فَ َج َب َن ْقص الأنوثة بالتقديم ،و َج َب َن ْق َص التأخير بالتعريف؛ فإن التعريف تنويه»(.)2 -14قال تعالى :ﭽﯰﯱﯲ ﯳﯴ ﯵﭼ (الواقعة). « َق َّدم كونها تذكرة على كونها متا ًع؛ ليعلم العبد أن الفائدة الأخروية أتم وبالذكر أهم»(.)3 )1ذيل طبقات الحنابلة (.)149-148 /2 )2تحفة المودود بأحكام المولود (ص .)21 -20 )3مفاتيح الغيب (.)423/29 182
-15قال تعالى :ﮋﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﮊ (عبس). َ يُبدأَ َ َ ابتَدأَ بِالأهم؟ أن العرب عادة ومن بالأخ، «لِ َم :r الإسلام شيخ قال فلما ُسئِلْ ُت عن هذا قلت :إن الابتداء يكون في كل مقام بما يناسبه ،فتارة يقتضي الابتداء بالأعلى ،وتارة بالأدنى .وهنا المناسبة تقتضي الابتداء بالأدنى؛ لأن ً َذ َكر ُم َف َّص ًل لم أول الأقرب فلو شيء، بعد شيئًا أقاربه عن فراره بيان المقصود ْ الأبعد»(.)1 من فَ َّر الأقرب من فَ َّر إذا أنه يعلم فإنه طائلة، فائد ٌة الأبعد ِذكر في يكن -11الإيجاز والبسط والاستطراد(:)2 التطبيق: -1قال تعالى :ﭽﭒﭓﭔﭕﭖﭗ ﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞ ﭟﭠﭡﭢﭼ (الأعراف). قال ابن القيم rعن هذه الآية« :جمعت أصول أحكام الشريعة كلها ،فجمع الأمر والنهي والإباحة والخبر»(.)3 )1مجموع الفتاوى (.)74 /16 )2الإيجاز :هو في علم المعاني :تقليل اللفظ ،وتكثير المعنى ،بشرط أن يكون اللفظ على قلته واف ًيا بالغرض. الإطناب :هو في علم المعاني :التعبير عن المعاني القليلة بالكثير من الألفاظ. الاستطراد :قوامه الانتقال من معنى إلى معنى آخر لمناسبة بينهما على قصد العودة إلى الأول. انظر :جواهر البلاغة (ص.)207 ،201 ،197 )3بدائع الفوائد (.)7 /4 183
-2قال تعالى :ﭽﮍﮎ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮙ ﮚ ﮛﮜ ﮝﮞﮟﭼ (النجم). قال ابن القيم « :rولما َذ َكر رؤيته لجبريل عند ِس ْد َرة ال ُمنْتَ َه ،استطرد منها، وذكر أن جنة المأوى عندها ،وأنه يغشاها من أَ ْم ِره و َخلْ ِقه ما يغشى ،وهذا من أحسن الاستطراد ،وهو أسلو ٌب لطي ٌف ج ًّدا في القرآن؛ وهو نوعان: ﭽﯖ قوله: ومثل هذا، مثل َ إلى الشيء من ي َ ْستَ ْط ِرد أن أحدهما: ل ِزمه، ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯟﯠ ﭼ (الزخرف)، ثم استطرد من جوابهم إلى قوله :ﭽﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯩﯪﯫﯬﭑﭒﭓﭔﭕﭖ ﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭪﭫﭬﭭﭼ (الزخرف) ،وهذا ليس من جوابهم ،ولكن تقرير له وإقامة الحجة عليهم. ومثله قوله تعالى :ﭽﰉﰊﰋﰌ ﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛ ﰜﰝﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭜﭝﭼ (طه) ،فهذا جواب موسى ،ثم استطرد سبحانه منه إلى قوله :ﭽﭞ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭭﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﭼ (طه) ،ثم عاد إلى الكلام الذي استطرد منه. 184
والنوع الثاني :أن ي َ ْستَ ْط ِرد من الشخص إلى النوع؛ كقوله :ﭽﮕﮖ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﭼ (المؤمنون) ،إلى آخره؛ فالأول :آدم ،والثانيَ :ب ُنوه. ومثله قوله :ﭽ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘﮙ ﮚﮛﮜﮝﮞﭼ ( ...الأعراف) إلى آخر الآيات .فاستطرد من ِذ ْكر ْ الأبوين إلى ِذكر المشركين من أولادهما .والله أعلم»(.)1 -12الأمثال والتشبيهات: التطبيق: -1قال تعالى :ﱫﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡﱪ (البقرة.)74: من قسوة أشد هي التي ﭽﮞﭼ بأنها قسوتها «وصف :r السعدي قال ُ الحديد؛ لأن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار ذاب ،بخلاف الأحجار»(.)2 -2قال تعالى :ﭽﮩ ﮪ ﮫ ﮬﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷ ﯸﯹﯺ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﭼ (النور). )1التبيان في أقسام القرآن (.)264 -262/1 )2تفسير السعدي (ص .)55 185
قال البغوي َ « :rش َّب َهه بالكواكب ،ولم ي ُ َشبِّهه بالشمس والقمر؛ لأن الشمس والقمر يلحقهما الخسوف ،والكواكب لا يلحقها الخسوف»(.)1 -3قال تعالى :ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ (الإنسان). قال الثعالبي(« :)2قال بعضهم :هذا من التشبيه العجيب؛ لأن اللؤلؤ إذا كان متفر ًقا ،كان أحسن في المنظر؛ لوقوع شعاع بعضه على بعض»(.)3 )1تفسير البغوي (.)416/3 )2هو :عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي الجزائري ،أبو زيد ،مفسر ،من أعيان الجزائر ،زار تونس والمشرق ،توفي سنة875 :هـ .انظر :الضوء اللامع ( ،)152 /4والأعلام للزركلي (.)331 /3 )3تفسير الثعالبي (.)532/5 186
الباب الخامس ما لا يدخل في شيء مما سبق 187
ما لا يدخل في شيء مما سبق؛ وهو نوعان: الأول :صور من التدبُّر لا تدخل تحت أحد الأنواع المذكورة: التطبيق: -1قال تعالى عن المنافقين :ﭽﯛﯜ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯤﯥﯦ ﯧﯨﯩﯪﯫﭼ (البقرة). قال ابن عاشور « :rقَوله :ﭽﯦﯧﭼ مع أن مقتضى الظاهر أن يكون كلامهم بعكس ذلك؛ لأن المؤمنين ي َ ُش ُّكون في إيمان المنافقين ،وقومهم لا ي َ ُش ُّكون في بقائهم على دينهم ،فجاءت حكاية كلامهم الموافقة لمدلولاته على خلاف مقتضى الظاهر لمراعاة ما هو أجدر بعناية البليغ من ُم ْق َت َض الظاهرَ .ف ُخلُ ّو خطابهم مع الوممذلؤنمَينكتَيَطمن َّرنعقإتماقساايفنحيتنهدفااتلقأهشكمي؛كدعافلليىخأبِنصر؛هْد ِقلقأهند؛هيلمأنلهكاوميإنرذياالمدَفؤوَعملُننوواأننذلأَ َي ْْعكخ ِِلرفيَ ُاقضءدوااأليأ ِّذنق ْفهظنوسههمممنإفلايلى اَمشل ْعشِرك فك،يض المنافقين لعدم َت َع ُّي ِنهم عندهم ،فيكون تجريد الخبر من ال ُم َؤ ِّكدات ُم ْقتَ َض الظاهر. وأما قولُ ُهم لقو ِمهم :ﭽﯦﯧﭼ بالتأكيد فذلك؛ لأنه لَا بدا من إبداعهم في النفاق عند لقاء المسلمين ما يُو ِجب شك كبرائهم في البقاء على الكفر ،و َت ْط ُرق به ال ُّت ْهمة أبواب قلوبهم ،احتاجوا إلى تأكيد ما يدل على أنهم باقون ع َل دين ِهم»(.)1 -2قال تعالى :ﭽﭑﭒ ﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚﭛ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭼ (البقرة). )1التحرير والتنوير (.)292-291/1 189
قال ابن القيم « :rتأمل قوله تعالى :ﭽﭗﭘﭙﭼ كيف جعل ضوءها خار ًجا عنه ُمنفص ًل ،ولو اتصل َض ْوءها به ولاب َسه لم يذهب ،ولكنه كان َضوء ُماورة ،لا ُملاب َسة و ُمالَطة ،وكان ال َضوء عار ًضا وال ُّظلمة أصلية ،فرجع الضوء إلى معدنه وبقيت الظلمة في معدنها ،فرجع كل منهما إلى أصله اللائق به»(.)1 -3قال تعالى :ﭽﯔﯕ ﯖ ﯗﯘﯙ ﯚﯛ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (البقرة). قال ابن القيم « :rفال َملَك والشيطان يتعاقبان على القلب َت َعا ُقب الليل والنهار؛ فمن الناس من يكون ليله أطول من نهاره ،وآخر بضده ،ومنهم من يكون زمنه نها ًرا كله ،وآخر بضده ،نستعيذ بالله تعالى من شر الشيطان»(.)2 -4قال تعالى :ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂﮃ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﮌﮍﮎﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣﮤﭼ (آل عمران). قال ابن القيم « :rفمن ظن بأنه لاينصر رسوله ،ولا يُ ِتم أمره ،ولا يُؤيده و ُيؤيد حزبه ،و ُيعليهم و ُيظ ِفرهم بأعدائه ،و ُيظهرهم عليهم ،وأنه لاينصر دينه وكتابه ،وأنه يديل الشرك على التوحيد ،والباطل على الحق ِإ َدالَة ُم ْستَ ِق َّرة يَ ْض َم ِحل معها التوحيد )1اجتماع الجيوش الإسلامية (.)64 /2 )2إغاثة اللهفان (.)108 /1 190
والحق ا ْض ِم ْح َل ًل لايقوم بعده أب ًدا؛ فقد ظن بالله ظن السوء ،ون َ َسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله ،وصفاته ونعوته ،فإن َحْ َده و ِع َّزته و ِحكمته وإلهيته تأبى ذلك ،وتأبى أن يذل حزبه وجنده ،وأن تكون ال ُّن ْ َصة ال ُمستقرة وال َّظ َفر الدائم لأعدائه المشركين به ،العادلين به ،فمن ظن به ذلك فما عرفه ،ولا عرف أسماءه، ذلك بقضائه وقَ َد ِره فما من أنكر أن يكون وكماله ،وكذلك ولا عرف صفاته أنكر أن يكون قَ َّدر وعظمته ،وكذلك من ربوبيته و ُملْ َكه عرفه ،ولا عرف ما َق َّد َره من ذلك وغيره ل ِح ْك َمة بالغة ،وغاية محمودة يستحق الحمد عليها ،وأن ذلك إنما صدر عن مشيئة ُمَ َّر َدة عن ِح ْكمة ،وغاية مطلوبة هي أحب إليه من فَ ْوتِها ،وأن تلك الأسباب المكروهة ال ُم ْف ِضية إليها لايخرج تقديرها عن ال ِح ْكمة؛ لإفضائها إلى ما يحب ،وإن كانت مكروهة له ،فما قَ َّد َرها ُس ًدى ،ولا أنشأها عب ًثا، ولا خلقها باط ًل؛ ﭽﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭡﭢﭣﭼ ( ٓص) ،وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق َظ َّن ال َّسوء فيما يختص بهم ،وفيما يفعله بغيرهم ،ولا َ ْح ِده وعرف ُمو ِج َب ذلك إلا من عرف الله ،وعرف أسماءه وصفاته، يسلم من ظن السوء»(.)1 فمن َق َن َط من رحمته ،وأَيِ َس من َر ْوحه ،فقد ظن به وحكمته، -5قال تعالى :ﭽﭘ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭢ ﭣﭤﭥﭼ (آل عمران). قال السعدي « :rوكلما عظم المطلوب عظمت وسيلته والعمل ال ُمو ِصل إليه، فلا يُو َصل إلى الراحة إلا بترك الراحة ،ولا يُد َرك النعيم إلا بترك النعيم ،ولكن َم َك ِره الدنيا التي تُصيب العبد في سبيل الله عند تَو ِطين النفس لها ،و َت ْم ِرينها )1زاد المعاد (.)230-229 /3 191
عليها ومعرفة ما تَ ُؤول إليه َتنْ َق ِلب عند أرباب البصائر ِم َن ًحا ي ُ َ ُّسون بها ،ولا يُبالون بها ،وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء»(.)1 -6هل سمعت بطفل يتدبر القرآن؟ قال أحدهم :كنت مع ابنتي ( 7سنوات)، يفت َلسأَو:لَ ْتﭽببراﭑءة :إﭒذاﭓكانﭔالله فقيﭕ ًرا وﭖهمﭗ أغﭘنياء،ﭙ فمنﭚ َف َس ِم َعت قارئًا َع ْب الإذاعة ﭛﭜ ﭨﭼ (آل عمران)، الذي أغناهم؟!(.)2 -7قال تعالى :ﭽﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭼ (النساء). قال السعدي « :rثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يُو َع ُظون به؛ أي :ما ُو ِّظف عليهم في كل وقت بحسبه ،فبذلوا ِه َم َمهم ،و َو َّفروا نفوسهم للقيام به وتكميله ،ولم َت ْط َمح نفوسهم لِ َما لم يَ ِصلوا إليه ،ولم يكونوا ب َص َد ِده ،وهذا هو الذي ينبغي للعبد؛ أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها ،ثم يتدرج شيئًا فشي ًئا ،حتى يصل إلى ما قُ ِّدر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا ،وهذا بخلاف من َط َم َحت نفسه إلى أمر لم يَ ِصل إليه ،ولم يُؤمر به بعد ،فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق ال ِه َّمة ،وحصول الكسل وعدم النشاط»(.)3 -8قال تعالى :ﭽﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﭼ (النساء). )1تفسير السعدي (ص .)150 )2ليدبروا آياته (.)48-47 /2 )3تفسير السعدي (ص .)185 192
قال ابن القيم « :rفمن َت َع َّبد الله بِ ُم َرا َغ َمة عدوه ،فقد أخذ من ال ِّص ِّديقية بسهم وافر ،وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه ،يكون نصيبه من هذه ال ُمرا َغمة. ولأجل هذه ال ُمرا َغمة ُ ِح َد ال َّتبَ ْخ ُت بين ال َّص َّف ْي ،والخيلاء وال َّتبَ ْخ ُت عند َص َد َقة السر ،حيث لا يراه إلا الله؛ لما في ذلك من إرغام العدو ،و َب ْذل محبوبه من نفسه وماله لله ،bوهذا باب من العبودية لايعرفه إلا القليل من الناس ،ومن ذاق طعمه و َ َّلته ،بكى على أيامه ال ُأ َو ِل... وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان ،و َل َح َظه في الذنبَ ،را َغ َمه بالتوبة النصوح ،فأحدثت له هذه ال ُمرا َغمة عبودية أخرى»(.)1 -9قال تعالى :ﭽﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮊﮋﮌ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﭼ (النساء). قال السعدي « :rوفي هذه الآية إرشاد إلى المقابلة بين ما يُت َو َّهم من مصالح الدنيا ال ُم َ َتتِّبة على ترك أوامر الله ،أو فعل مناهيه ،وبين ما يفوت من ثواب الآخرة، أو يحصل من عقوباتها. فيقول من أَ َم َرتْه نف ُسه بترك أمر الله :ها أن ِت ترك ِت أمره كس ًل وتفري ًطا ،فما النفع الذي انتفع ِت به؟! وماذا فات ِك من ثواب الآخرة؟! وماذا ترتب على هذا الترك من الشقاء والحرمان والخيبة والخسران؟! )1مدارج السالكين (.)242-241 /1 193
وكذلك إذا دعتُه نفسه إلى ما تشتهيه من الشهوات ال ُم َح َّرمة ،وقال لهاَ :هبْ ِك فعل ِت ما اشتهي ِت ،فإن لذته تنقضي ،ويعقبها من الهموم والغموم والحسرات، وفوات الثواب وحصول العقاب ما بعضه يكفي العاقل في الإحجام عنها. وهذا من أعظم ما ينفع العبد تَ َدبُّره ،وهو َخا َّصة العقل الحقيقي؛ بخلاف الذي يَ َّدعي العقل وليس كذلك ،فإنه بجهله و ُظلْمه يُ ْؤثِر اللذة الحاضرة والراحة الراهنة ،ولو ترتب عليها ما ترتب .والله المستعان»(.)1 -10قال تعالى :ﭽﭳ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭺﭻﭼ ﭽﭾﭿ ﮀ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﭼ (الأنعام). قال ابن القيم « :rمنهم من يكون على أخلاق ال ِّس َباع العادية ،ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب ،وأخلاق الخنازير ،وأخلاق الحمير ،ومنهم من َيتَ َط َّوس بثيابه ،كما َيتَ َط َّوس الطاوس في ريشه ،ومنهم من يكون بلي ًدا كالحمار، ومنهم من يُ ْؤثِر على نفسه كالديك ،ومنهم من يألف و ُي ْؤلَف كالحمام ،ومنهم الحقود كالجمل ،ومنهم الذي هو خير كله كالغنم ،ومنهم أشباه الثعالب تروغ كروغانها. وقد َش َّبه الله تعالى أهل الجحيم وال َغ :بالحُمر تارة ،وبالكلب تارة ،وبالأنعام تارة ،وتقوى هذه المشابهة باط ًنا ،حتى تظهر في الصورة الظاهرة ظهو ًرا خف ًّيا ،يراه ال ُمت َف ِّر ُسون ،وتظهر في الأعمال ظهو ًرا يراه كل أحد»(.)2 )1تفسير السعدي (ص .)200 )2الجواب الكافي (ص .)119-118 194
-11قال تعالى :ﭽ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪﭫ ﭬ ﭭ ﭮﭯﭼ (الأنعام). قال السعدي « :rومن لُ ْط ِفه أنه يسوق عبده إلى مصالح دينه ،و ُيو ِصلها إليه بال ُّط ُرق التي لا ي َ ْش ُعر بها العبد ،ولا يسعى فيها ،ويوصله إلى السعادة الأبدية، والفلاح ال َّ ْس َمدي ،من حيث لا يحتسب ،حتى إنه ُي َق ِّدر عليه الأمور التي يكرهها العبد ،ويتألم منها ،ويدعو الله أن يُ ِزيلَها؛ لعلمه أن دينه أصلح ،وأن كماله ُم َت َوقِّف عليها ،فسبحان اللطيف لما يشاء ،الرحيم بالمؤمنين»(.)1 -12قال تعالى :ﭽﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘ ﯙﯚﯛﯜﯝ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﭼ (الأعراف). قال ابن القيم « :rومن تدبر أحوال العالم ،وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله ،gوكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك ،فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله .g ومن تدبر هذا حق التدبر ،وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن ،وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين؛ وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه ،وفي حق غيره عمو ًما وخصو ًصا ،ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»(.)2 )1تفسير السعدي (ص .)268 )2بدائع الفوائد (.)15 /3 195
-14قال تعالى :ﭽﯙﯚﯛﯜﯣﭼ (الأعراف). قال ابن القيم « :rوذكر الطمع -الذي هو الرجاء -في آية الدعاء؛ لأن الدعاء مبني عليه ،فإن الداعي ما لم يطمع في سؤاله ومطلوبه لم تتحرك نفسه لطلبه؛ إذ طلب ما لا طمع فيه ممتنع»(.)1 -15قال تعالى :ﭽ ﭸ ﭹ ﭺﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃﭼ (الأعراف). قال السعدي « :rوهذه الآية الكريمة فيها من التخويف البليغ على أن العبد لاينبغي له أن يكون آم ًنا على ما معه من الإيمان ،بل لايزال خائ ًفا َو ِج ًل أن يُبتلى ببلية تسلب ما معه من الإيمان ،وألا يزال داعيًا بقوله« :يا مقلب القلوب َث ِّبت قلبي على دينك» ،وأن يعمل ويسعى ،في كل سبب ُ َيلِّصه من الشر عند وقوع الفتن ،فإن العبد -ولو بلغت به الحال ما بلغت -فليس على يقين من السلامة»(.)2 -16قال تعالى :ﱹﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯝﯞﱸ (الأعراف ،)١١٦-١١٥ :وقال تعالى :ﮋﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﮊ (طه.)66-65 : فما وجه طلب موسى nأن تكون ال َب َدا َءة منهم؟ قال ابن كثير « :rلأن موسى أراد أن تكون ال َب َدا َءة منهم؛ ليرى الناس ما صنعوا ،ثم يأتي بالحق بعده ،فيدمغ باطلهم»(.)3 )1السابق (.)12 / 3 )2تفسير السعدي (ص .)298 )3تفسير ابن كثير (.)286 /4 196
-17قال تعالى :ﭽﮯﮰﮱﯓﯔ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺﯻﯼ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭙﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭼ (الأعراف). قال السعدي « :rينبغي لمن َط َم َحت نفسه لما لا قدرة له عليه ،أو غير ممكن في حقه ،و َح ِزنَت لعدم حصوله أن ي ُسليها بما أنعم الله به عليه مما حصل له من الخير الإلهي الذي لم يحصل لغيره؛ ولهذا لما َط َم َحت نفس موسى nإلى رؤية الله تعالى وطلب ذلك من الله ،فأعلمه الله أن ذلك غير حاصل له في الدنيا وغير ممكنَ ،س َّله بما آتاه فقال :ﭽﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭚ ﭛﭜﭝﭞﭟﭼ (الأعراف) ،وكذلك نبه الله رسوله وعباده المؤمنين على هذا المعنى بقوله :ﭽﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﭼ (النساء)»(.)1 -18قال تعالى :ﭽﯩﯪﯫﯬ ﯭﯮ ﯯﯰﯱ ﯲﯳﯴﯵﭼ (الأنفال). قال الشنقيطي « :rوال ُم ِحب الصادق في ُح ّبه لا ينسى محبوبه عند نزول الشدائد»(.)2 )1المواهب الربانية (ص .)40 )2أضواء البيان (.)486 /2 197
-19قال تعالى :ﭽ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﭼ (التوبة) ،وقال: ﭽﮑﮒﮓ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮨﮩﮪﮫﮬ ﭼ (التوبة). قال شيخ الإسلام « :rقوله :ﭽﭛﭜﭝﭼ إشارة إلى ما هو لازم لهم ً فإن وجهل، قلب و ُظلمة وقسوة وحزنًا، غ ًّما النفسية: الآلام من والآخرة الدنيا في للكفر والمعاصي من الآلام العاجلة الدائمة ما الله به عليم؛ ولهذا تجد غالب هؤلاء لا يُط ّيبون عيشهم إلا بما يُزيل العقل ،و ُيلهي القلب ومن تناول مسكر ،أو رؤية ُملْ ٍه ،أو سماع ُم ْطرب ،ونحو ذلك. وفي ُم َقابِل ما حكاه الله عن الكافرين ،قوله في المؤمنين :ﭽﮤﮥ ﮦﮧﮬﭼ (التوبة) ،فإن الله ُي َع ِّجل للمؤمنين من الرحمة في قلوبهم ،وغيرها بما يجدونه من حلاوة الإيمان ويذوقونه من طعمه ،وانشراح صدورهم للإسلام ،إلى غير ذلك من السرور بالإيمان ،والعلم ،والعمل الصالح ،بما لا يمكن وصفه»(.)1 -20قال تعالى :ﭽﯧﯨﯩﯪ ﯫﯬ ﯭﯮﯯﯰ ﯱﯲ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﭼ (التوبة). قال السعدي « :rوفي هذه الآية أي ًضا دليل وإرشاد وتنبيه لطيف لفائدة مهمة ،وهي أن المسلمين ينبغي لهم أن يُ ِع ُّدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها و ُيوفر وقته عليها ،ويجتهد فيها ولا يلتفت إلى غيرها؛ لتقوم مصالحهم )1اقتضاء الصراط المستقيم (.)111-110/1 198
وتتم منافعهم؛ ولتكون ِو ْج َهة جميعهم ،ونهاية ما يقصدون َق ْص ًدا واح ًدا وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم ،ولو َت َف َّرقت الطرق وتعددت ال َم َشا ِرب ،فالأعمال ُمتباينة والقصد واحد؛ وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور»(.)1 -21قال تعالى :ﱫﭩﭪﭫ ﭬﭭﭮ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭶﭷﭸ ﭹﭺﭻﭼ ﭽﱪ (يونس). قال ابن حزم « :rإذا َح َّق ْقت مدة الدنيا لم تجدها إلا (الآن) الذي هو فَ ْصل الزمانين فقط»(.)2 -22قال تعالى :ﭽﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞﮟ ﮠ ﮡ ﮢﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﭼ (يوسف). قال ابن القيم « :rوفي ذلك تنبيه على أن العلم الدقيق بلطيف الحيل ال ُموصلة إلى المقصود الشرعي الذي ُيبه الله تعالى ورسوله ...gصفة مدح يرفع الله تعالى بها درجة العبد»(.)3 -23قال تعالى :ﭽﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂ ﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭼ (النحل). )1تفسير السعدي (ص .)355 )2الأخلاق والسير (ص .)20 )3إغاثة اللهفان (.)119 /2 199
قال السعدي « :rفما فات أح ًدا شيء من الخير إلا لعدم صبره و َب ْذل ُجهده ُ فيما أريد منه ،أو لعدم توكله واعتماده على الله»(.)1 -24قال تعالى :ﭽﮔﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮞﮟﮠ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪ ﮫﮬﭼ (الإسراء). قال ابن كثير « :rو َقد أخذ الإمام الحَ ْب ابن عباس kمن عموم هذه الآية الكريمة ولاية معاوية ال َّسلْ َطنة ،وأنه سيملك؛ لأنه كان ولي عثْمان ،و َقد قُ ِتل عثْمان مظلو ًما .)2(»h -25قال تعالى :ﭽﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮙ ﮚﮛﮜﮝﮞﭼ (الكهف). قال السعدي « :rوفي هذه القصة دليل على أن من فَ َّر بدينه من الفتن َس َّل َمه الله منها ،وأن من حرص على العافية عافاه الله ،ومن أوى إلى الله آواه الله ،وجعله هداية لغيره ،ومن َت َّمل ال ُّذل في سبيله وابتغاء مرضاته ،كان آخر أمره وعاقبته العز العظيم من حيث لا يحتسب؛ ﭽﮢﮣﮤﮥﮦﭼ (آل عمران)»(.)3 -26قال تعالى :ﭽﮌ ﮍ ﮎ ﮏﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕﮖﮗ ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮡﮢ ﮣﮤﮥﭼ (الكهف). )1تفسير السعدي (ص .)440 )2تفسير ابن كثير (.)73/5 )3تفسير السعدي (ص .)473 200
Search
Read the Text Version
- 1
- 2
- 3
- 4
- 5
- 6
- 7
- 8
- 9
- 10
- 11
- 12
- 13
- 14
- 15
- 16
- 17
- 18
- 19
- 20
- 21
- 22
- 23
- 24
- 25
- 26
- 27
- 28
- 29
- 30
- 31
- 32
- 33
- 34
- 35
- 36
- 37
- 38
- 39
- 40
- 41
- 42
- 43
- 44
- 45
- 46
- 47
- 48
- 49
- 50
- 51
- 52
- 53
- 54
- 55
- 56
- 57
- 58
- 59
- 60
- 61
- 62
- 63
- 64
- 65
- 66
- 67
- 68
- 69
- 70
- 71
- 72
- 73
- 74
- 75
- 76
- 77
- 78
- 79
- 80
- 81
- 82
- 83
- 84
- 85
- 86
- 87
- 88
- 89
- 90
- 91
- 92
- 93
- 94
- 95
- 96
- 97
- 98
- 99
- 100
- 101
- 102
- 103
- 104
- 105
- 106
- 107
- 108
- 109
- 110
- 111
- 112
- 113
- 114
- 115
- 116
- 117
- 118
- 119
- 120
- 121
- 122
- 123
- 124
- 125
- 126
- 127
- 128
- 129
- 130
- 131
- 132
- 133
- 134
- 135
- 136
- 137
- 138
- 139
- 140
- 141
- 142
- 143
- 144
- 145
- 146
- 147
- 148
- 149
- 150
- 151
- 152
- 153
- 154
- 155
- 156
- 157
- 158
- 159
- 160
- 161
- 162
- 163
- 164
- 165
- 166
- 167
- 168
- 169
- 170
- 171
- 172
- 173
- 174
- 175
- 176
- 177
- 178
- 179
- 180
- 181
- 182
- 183
- 184
- 185
- 186
- 187
- 188
- 189
- 190
- 191
- 192
- 193
- 194
- 195
- 196
- 197
- 198
- 199
- 200
- 201
- 202
- 203
- 204
- 205
- 206
- 207
- 208
- 209
- 210
- 211
- 212
- 213
- 214
- 215
- 216
- 217
- 218
- 219
- 220
- 221
- 222
- 223
- 224
- 225
- 226
- 227
- 228
- 229
- 230
- 231
- 232
- 233
- 234
- 235
- 236
- 237
- 238
- 239
- 240
- 241
- 242
- 243
- 244
- 245
- 246
- 247
- 248
- 249
- 250
- 251
- 252
- 253
- 254
- 255
- 256
- 257
- 258
- 259
- 260
- 261
- 262
- 263
- 264
- 265
- 266